عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
New member
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*
قوله تعالى
﴿وَإِذا تُتلى عَلَيهِم آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذينَ لا يَرجونَ لِقاءَنَا ائتِ بِقُرآنٍ غَيرِ هذا أَو بَدِّلهُ قُل ما يَكونُ لي أَن أُبَدِّلَهُ مِن تِلقاءِ نَفسي إِن أَتَّبِعُ إِلّا ما يوحى إِلَيَّ إِنّي أَخافُ إِن عَصَيتُ رَبّي عَذابَ يَومٍ عَظيمٍ﴾ [يونس: 15].
*قوله {وَإِذا}:* واذكر إذا.
*قوله {تُتلى}:* أي تقرأ.
قاله السمرقندي في بحر العوم، والقرطبي في تفسيره، ومكي في الهداية إلى بلوغ النهاية، والبقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، والخطيب الشربيني في السراج المنير، وغيرهم.
إلا أن مكي قال: "أي وإذا تقرأ على هؤلاء الكفار آيات القرآن...".
قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: وإذا قرئ على هؤلاء المشركين آيات كتاب الله الذي أنـزلنَاه إليك ، يا محمد.
قال أبو حيان في البحر المحيط: ومعنى التلاوة: القراءة شيئا بعد شيء.
قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى {تُتلى}: أي تقرأ. والتلاوة: القراءة.
ومنه قوله تعالى (قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ): قال الواحدي في الوجيز: ماقرأت عليكم القرآن.
ومنه (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ): قال البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: والتلاوةُ: القراءة، وسُمّي بذلك لأن القارئ يتلو الحروف المنتظمة في الكلام، أي: يَتْبعُهَا.
ومنه (مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ): قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: التلاوة القراءة وأصل الكلمة من الاتباع فكأن التلاوة هي اتباع اللفظ اللفظ.
ومنه (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ): قال القرطبي في تفسيره: وقوله تعالى: (يتلوا عليهم) " يتلوا" في موضع نصب نعت لرسول، ومعناه يقرأ. والتلاوة القراءة.
ومنه (وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ): قال ابن عطية في المحرر الوجيز: و «اتل» معناه تابع بقراءتك بين آياته واسرده وتلاوةالقرآنسبب الاهتداء إلى خير كثير.
ومنه (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ): قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وأتل جواب تعالوا، والتلاوة القراءة، والسرد وحكاية اللفظ.
قال الراغب الاصفهاني في المفردات في غريب القران: والتلاوة تختص باتباع كتب الله المنزلة، تارة بالقراءة، وتارة بالارتسام لما فيها من أمر ونهي، وترغيب وترهيب. أو ما يتوهم فيه ذلك، وهو أخصّ من القراءة، فكل تلاوة قراءة، وليس كل قراءة تلاوة، لا يقال: تلوت رقعتك، وإنما يقال في القرآن في شيء إذا قرأته وجب عليك اتباعه.
*قوله {عَلَيهِم}:* كفار قريش.
*قوله {آياتُنا}:* يعني آيات القرآن.
قال ابن الجوزي في زاد المسير: والمراد «بالآيات» : القرآن.
قلت (عبدالرحيم): وتأتي "الآيات" في التنزيل على عدة معان:
منها: آيات القرآن؛ وهي كلام الله غير مخلوق؛ منه بدأ وإليه يعود. ومنه قوله تعالى (تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ).
ومنه (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ).
ومنه (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ).
ومنه (تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ).
ومنها: آيات الحج والبراهين؛ وهي ما يخلقه الله على الكيفية التي تدل على عليه - تبارك وتعالى -، وعلى صدق الرسل. ومنه قوله تعالى (وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ).
ومنه (وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
ومنه (إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ).
ومنه (وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
*قوله {بَيِّناتٍ}:* أي واضحات.
قاله الطبري في تفسيره، والقرطبي في تفسيره.
زاد الطبري: على الحق دالاتٍ.
وزاد القرطبي: لا لبس فيها ولا إشكال.
قال الطاهر بن عاشور نقيب والتنوير: ووصف الآيات ب{ بينات }لزيادة التعجيب من طلبهم تبديلها لا بطلب تبديله إذ لا طمع في خير منه.
*قوله {قالَ الَّذينَ لا يَرجونَ}:* لا يرجون: أي لا يخافون.
والرجاء هنا: بمعنى الخوف. ونظيرتها قوله تعالى (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ): قال عبدالله بن حسنون السامري في اللغات: يعيني لا يخافون بلغة هذيل. انتهى
وقد سبق ذكر نظائرها - بحمد الله -.
*قوله {لِقاءَنَا}:* يريد البعث.
*قوله {ائتِ}:* من عند نفسك.
*قوله {بِقُرآنٍ غَيرِ هذا}:* الذي يأمر بالتوحيد، وينهى عن الشرك.
قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: أي إيت بقرآن ليس فيه ذكر البعت والنشور وليس فيه عيب آلهتنا.
قال النسفي في مدارك التنزيل: لما غاظهم ما في القرآن من ذم عبادة الأوثان والوعيد لأهل الطغيان {ائت بقرآن غَيْرِ هذا} ليس فيه ما يغيظنا من ذلك نتبعك
*قوله {أَو بَدِّلهُ}:*يقول: أو غيِّره.
قاله الطبري في تفسيره.
قال الطاهر بن عاشور في التحرير: والتبديل : التغيير.
*قوله {قُل}:*لهم ، يا محمد.
قاله الطبري في تفسيره.
*قوله {ما}:* نافية.
قاله الدعاس فظ إعراب القرآن.
*قوله {يَكونُ لي}:* أي ما يحل لي، وما يحق، وما يصح، وما ينبغي، وما يجوز لي.
ونظيرتها قوله تعالى {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}: قال الطبري في تفسيره: ما يحلّ لنا أن نتكلم بهذا، وما ينبغي لنا أن نتفوّه به.
قال ابن كثير في تفسيره: أي : ما ينبغي لنا أن نتفوه بهذا الكلام ولا نذكره لأحد.
قال النسفي في مدارك التنزيل: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي} ما يحل لي.
وقال السمرقندي في البحر: قل: ما يجوز لي.
*قوله {أَن أُبَدِّلَهُ}:* أغيره، ولا أقدر أن آتي بقرآن غيره؛ فلو اجتمع الإنس و الجن وكان بعضهم لبعض معينا لا يأتون بمثله، كما في قوله تعالى (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا).
*قوله {مِن تِلقاءِ نَفسي}:* من عندي نفسي؛ لأنه من عند الله وحده.
وليس لي أن أزيد فيما أوحي إلي أو أنقص؛ ولو فعلته لقطع مني الوتين ولن يحجز أحد منكم عني العذاب إذا نزل بي؛ وقد توعد الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - بقوله (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ . لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ . فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ): وهذا من اعظم الأدلة والبراهين ان هذا القران غير مفترى؛ لما في الآية من بيان سلطان الخالق المهيمن على المخلوق المبلغ عن الله العظيم؛ فالرب رب والعبد عبد؛ مهما كانت منزلته عند ربه.
انتهى
قال السمرقندي في بحر العلوم، والبغوي في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل: (أن أبدله من تلقاء نفسي) من قبل نفسي.
قال الزجاج في معاني القرآن: تأويله: إن الذي أتيت به من عند الله لا من عندي فأبدله.
قال الطبري في تفسيره: والتبديل الذي سألوه ، فيما ذكر، أن يحوّل آية الوعيد آية وعد ، وآية الوعد وعيدًا والحرامَ حلالا والحلال حرامًا، فأمر الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يخبرهم أن ذلك ليس إليه، وأن ذلك إلى من لا يردّ حكمه ، ولا يُتَعَقَّب قضاؤه، وإنما هو رسول مبلّغ ومأمور مُتّبع.
قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وهو جواب عن صريح اقتراحهم.
قلت (عبدالرحيم): وينبغي على المسلم إذا طلب منه أن يغير شيئا من دينه، أو يعطي الدنية فيه أن يصرح بجوابه، ولا يقع في الجبن الذي يضيع به دينه.
*قوله {إِن أَتَّبِعُ}:* أي ما أتبع.
ونظيرتها قوله تعالى (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ): قال السمرقندي في بحر العلوم: (إِنْأَتَّبِعُ)يعني:ماأتبع.
*قوله {إِلّا ما يوحى إِلَيَّ}:* أي ما أتبع إلا ما يوحى إلي فيما آمركم به وأنهاكم عنه.
قاله البغوي في تفسيره.
قال السمرقندي في البحر: يعني: لا أعمل إلا ما أومر به وأنزل علي من القرآن.
*قوله {إِنّي أَخافُ إِن عَصَيتُ رَبّي}:* في عدم تبليغ القرآن كما أنزل.
قال النسفي في المدارك: بالتبدليل من عند نفسي.
*قوله {عَذابَ يَومٍ عَظيمٍ}:*أي هوله عظيم؛ يعني ساعة القيامة؛ فهي شيء عظيم؛ كما قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ).
قال ابن كثير في تفسيره: ( إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم )، وهو يوم القيامة . وهذا شرط ، ومعناه التعريض بغيره بطريق الأولى والأحرى.
قال الطبري في تفسيره: ( إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ) ، يقول: إني أخشى من الله إن خالفت أمره ، وغيَّرت أحكام كتابه ، وبدّلت وَحيه، فعصيته بذلك، عذابَ يوم عظيمٍ هَوْلُه، وذلك: يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتَضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى.
..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. +966509006424
قوله تعالى
﴿وَإِذا تُتلى عَلَيهِم آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذينَ لا يَرجونَ لِقاءَنَا ائتِ بِقُرآنٍ غَيرِ هذا أَو بَدِّلهُ قُل ما يَكونُ لي أَن أُبَدِّلَهُ مِن تِلقاءِ نَفسي إِن أَتَّبِعُ إِلّا ما يوحى إِلَيَّ إِنّي أَخافُ إِن عَصَيتُ رَبّي عَذابَ يَومٍ عَظيمٍ﴾ [يونس: 15].
*قوله {وَإِذا}:* واذكر إذا.
*قوله {تُتلى}:* أي تقرأ.
قاله السمرقندي في بحر العوم، والقرطبي في تفسيره، ومكي في الهداية إلى بلوغ النهاية، والبقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، والخطيب الشربيني في السراج المنير، وغيرهم.
إلا أن مكي قال: "أي وإذا تقرأ على هؤلاء الكفار آيات القرآن...".
قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: وإذا قرئ على هؤلاء المشركين آيات كتاب الله الذي أنـزلنَاه إليك ، يا محمد.
قال أبو حيان في البحر المحيط: ومعنى التلاوة: القراءة شيئا بعد شيء.
قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى {تُتلى}: أي تقرأ. والتلاوة: القراءة.
ومنه قوله تعالى (قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ): قال الواحدي في الوجيز: ماقرأت عليكم القرآن.
ومنه (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ): قال البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: والتلاوةُ: القراءة، وسُمّي بذلك لأن القارئ يتلو الحروف المنتظمة في الكلام، أي: يَتْبعُهَا.
ومنه (مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ): قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: التلاوة القراءة وأصل الكلمة من الاتباع فكأن التلاوة هي اتباع اللفظ اللفظ.
ومنه (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ): قال القرطبي في تفسيره: وقوله تعالى: (يتلوا عليهم) " يتلوا" في موضع نصب نعت لرسول، ومعناه يقرأ. والتلاوة القراءة.
ومنه (وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ): قال ابن عطية في المحرر الوجيز: و «اتل» معناه تابع بقراءتك بين آياته واسرده وتلاوةالقرآنسبب الاهتداء إلى خير كثير.
ومنه (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ): قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وأتل جواب تعالوا، والتلاوة القراءة، والسرد وحكاية اللفظ.
قال الراغب الاصفهاني في المفردات في غريب القران: والتلاوة تختص باتباع كتب الله المنزلة، تارة بالقراءة، وتارة بالارتسام لما فيها من أمر ونهي، وترغيب وترهيب. أو ما يتوهم فيه ذلك، وهو أخصّ من القراءة، فكل تلاوة قراءة، وليس كل قراءة تلاوة، لا يقال: تلوت رقعتك، وإنما يقال في القرآن في شيء إذا قرأته وجب عليك اتباعه.
*قوله {عَلَيهِم}:* كفار قريش.
*قوله {آياتُنا}:* يعني آيات القرآن.
قال ابن الجوزي في زاد المسير: والمراد «بالآيات» : القرآن.
قلت (عبدالرحيم): وتأتي "الآيات" في التنزيل على عدة معان:
منها: آيات القرآن؛ وهي كلام الله غير مخلوق؛ منه بدأ وإليه يعود. ومنه قوله تعالى (تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ).
ومنه (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ).
ومنه (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ).
ومنه (تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ).
ومنها: آيات الحج والبراهين؛ وهي ما يخلقه الله على الكيفية التي تدل على عليه - تبارك وتعالى -، وعلى صدق الرسل. ومنه قوله تعالى (وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ).
ومنه (وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
ومنه (إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ).
ومنه (وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
*قوله {بَيِّناتٍ}:* أي واضحات.
قاله الطبري في تفسيره، والقرطبي في تفسيره.
زاد الطبري: على الحق دالاتٍ.
وزاد القرطبي: لا لبس فيها ولا إشكال.
قال الطاهر بن عاشور نقيب والتنوير: ووصف الآيات ب{ بينات }لزيادة التعجيب من طلبهم تبديلها لا بطلب تبديله إذ لا طمع في خير منه.
*قوله {قالَ الَّذينَ لا يَرجونَ}:* لا يرجون: أي لا يخافون.
والرجاء هنا: بمعنى الخوف. ونظيرتها قوله تعالى (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ): قال عبدالله بن حسنون السامري في اللغات: يعيني لا يخافون بلغة هذيل. انتهى
وقد سبق ذكر نظائرها - بحمد الله -.
*قوله {لِقاءَنَا}:* يريد البعث.
*قوله {ائتِ}:* من عند نفسك.
*قوله {بِقُرآنٍ غَيرِ هذا}:* الذي يأمر بالتوحيد، وينهى عن الشرك.
قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: أي إيت بقرآن ليس فيه ذكر البعت والنشور وليس فيه عيب آلهتنا.
قال النسفي في مدارك التنزيل: لما غاظهم ما في القرآن من ذم عبادة الأوثان والوعيد لأهل الطغيان {ائت بقرآن غَيْرِ هذا} ليس فيه ما يغيظنا من ذلك نتبعك
*قوله {أَو بَدِّلهُ}:*يقول: أو غيِّره.
قاله الطبري في تفسيره.
قال الطاهر بن عاشور في التحرير: والتبديل : التغيير.
*قوله {قُل}:*لهم ، يا محمد.
قاله الطبري في تفسيره.
*قوله {ما}:* نافية.
قاله الدعاس فظ إعراب القرآن.
*قوله {يَكونُ لي}:* أي ما يحل لي، وما يحق، وما يصح، وما ينبغي، وما يجوز لي.
ونظيرتها قوله تعالى {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}: قال الطبري في تفسيره: ما يحلّ لنا أن نتكلم بهذا، وما ينبغي لنا أن نتفوّه به.
قال ابن كثير في تفسيره: أي : ما ينبغي لنا أن نتفوه بهذا الكلام ولا نذكره لأحد.
قال النسفي في مدارك التنزيل: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي} ما يحل لي.
وقال السمرقندي في البحر: قل: ما يجوز لي.
*قوله {أَن أُبَدِّلَهُ}:* أغيره، ولا أقدر أن آتي بقرآن غيره؛ فلو اجتمع الإنس و الجن وكان بعضهم لبعض معينا لا يأتون بمثله، كما في قوله تعالى (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا).
*قوله {مِن تِلقاءِ نَفسي}:* من عندي نفسي؛ لأنه من عند الله وحده.
وليس لي أن أزيد فيما أوحي إلي أو أنقص؛ ولو فعلته لقطع مني الوتين ولن يحجز أحد منكم عني العذاب إذا نزل بي؛ وقد توعد الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - بقوله (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ . لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ . فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ): وهذا من اعظم الأدلة والبراهين ان هذا القران غير مفترى؛ لما في الآية من بيان سلطان الخالق المهيمن على المخلوق المبلغ عن الله العظيم؛ فالرب رب والعبد عبد؛ مهما كانت منزلته عند ربه.
انتهى
قال السمرقندي في بحر العلوم، والبغوي في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل: (أن أبدله من تلقاء نفسي) من قبل نفسي.
قال الزجاج في معاني القرآن: تأويله: إن الذي أتيت به من عند الله لا من عندي فأبدله.
قال الطبري في تفسيره: والتبديل الذي سألوه ، فيما ذكر، أن يحوّل آية الوعيد آية وعد ، وآية الوعد وعيدًا والحرامَ حلالا والحلال حرامًا، فأمر الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يخبرهم أن ذلك ليس إليه، وأن ذلك إلى من لا يردّ حكمه ، ولا يُتَعَقَّب قضاؤه، وإنما هو رسول مبلّغ ومأمور مُتّبع.
قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وهو جواب عن صريح اقتراحهم.
قلت (عبدالرحيم): وينبغي على المسلم إذا طلب منه أن يغير شيئا من دينه، أو يعطي الدنية فيه أن يصرح بجوابه، ولا يقع في الجبن الذي يضيع به دينه.
*قوله {إِن أَتَّبِعُ}:* أي ما أتبع.
ونظيرتها قوله تعالى (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ): قال السمرقندي في بحر العلوم: (إِنْأَتَّبِعُ)يعني:ماأتبع.
*قوله {إِلّا ما يوحى إِلَيَّ}:* أي ما أتبع إلا ما يوحى إلي فيما آمركم به وأنهاكم عنه.
قاله البغوي في تفسيره.
قال السمرقندي في البحر: يعني: لا أعمل إلا ما أومر به وأنزل علي من القرآن.
*قوله {إِنّي أَخافُ إِن عَصَيتُ رَبّي}:* في عدم تبليغ القرآن كما أنزل.
قال النسفي في المدارك: بالتبدليل من عند نفسي.
*قوله {عَذابَ يَومٍ عَظيمٍ}:*أي هوله عظيم؛ يعني ساعة القيامة؛ فهي شيء عظيم؛ كما قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ).
قال ابن كثير في تفسيره: ( إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم )، وهو يوم القيامة . وهذا شرط ، ومعناه التعريض بغيره بطريق الأولى والأحرى.
قال الطبري في تفسيره: ( إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ) ، يقول: إني أخشى من الله إن خالفت أمره ، وغيَّرت أحكام كتابه ، وبدّلت وَحيه، فعصيته بذلك، عذابَ يوم عظيمٍ هَوْلُه، وذلك: يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتَضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى.
..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. +966509006424