ثمرات التوحيد

[ 49 ]

س : ما هو توحيد الربوبية ؟

جـ : هو الإقرار الجازم بأن الله تعالى رب كل شيء ومليكه

وخالقه ومدبره والمتصرف فيه ،

لم يكن له شريك في الملك ،

ولم يكن له ولي من الذل ،

ولا راد لأمره ولا معقب لحكمه ،

ولا مضاد له ولا مماثل ،

ولا سمي له ولا منازع في شيء من معاني ربوبيته ،

ومقتضيات أسمائه وصفاته ،


قال الله تعالى :

{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ

وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ } . الآيات ،

بل السورة كلها ،

وقال تعالى :

{ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ،


وقال تعالى :

{ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ

قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم ْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ

لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا

قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ

أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ

أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ

خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ


قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ

وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ
} . الآيات ،



وقال تعالى :

{ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ

ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ


هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ

سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } ،

وقال تعالى :

{ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ

فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ } ،


وقال تعالى :

{ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ

أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ } .

الآيات ،



وقال تعالى :

{ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا

فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ

هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } ،

وقال تعالى :

{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } ،


وقال تعالى :


{ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا

وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ

وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ

وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا } ،


وقال تعالى :

{ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ

لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ

فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ


وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ

وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ

وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ

حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ

قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ


قَالُوا الْحَقَّ

وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } .
 
[ 50 ]


س : ما ضد توحيد الربوبية ؟

جـ : هو اعتقاد متصرف مع الله عز وجل

في أي شيء من تدبير الكون

من إيجاد أو إعدام أو إحياء أو إماتة
أو جلب خير أو دفع شر
أو غير ذلك من معاني الربوبية ،

أو اعتقاد منازع له في شيء من مقتضيات أسمائه وصفاته
كعلم الغيب والعظمة والكبرياء ونحو ذلك ،


وقال الله تعالى :

{ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ
فَلَا مُمْسِكَ لَهَا


وَمَا يُمْسِكْ
فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ
وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ

هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ
يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
} . الآيات ،


وقال تعالى :

{ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ
فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ


وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ
فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ
} . الآية ،


وقال تعالى :
{ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ

إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ

هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ

أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ

هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ
قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ
عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ
} ،


وقال تبارك وتعالى :

{ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ

لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ } . الآيات ،


وقال تعالى :

{ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ } ،

وقال تعالى :

{ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ } ،


وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

« يقول الله تعالى :

" العظمة إزاري ،
والكبرياء ردائي
،


فمن نازعني واحدا منهما

أسكنته ناري
»
(1) .


وهو في الصحيح .


==================
(1) ( صحيح ) ، رواه أحمد ( 2 / 248 ، 376 ، 414 ، 427 ، 442 ) ،
وأبو داود ( 4090 ) ، وابن ماجه ( 4174 ) ،
الحديث صححه الألباني وسكت عنه أبو داود ،
ورواه مسلم من حديث أبي سعيد وأبي هريرة
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه ( البر 2620 ) .
 
[ 51 ]


س : ما هو توحيد الأسماء والصفات ؟

جـ : هو الإيمان بما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه

ووصف به رسوله صلى الله عليه وسلم
من الأسماء الحسنى والصفات العلى ،

وإمرارها كما جاءت بلا كيف ،


كما جمع الله تعالى بين إثباتها ونفي التكييف عنها

في كتابه في غير موضع


كقوله تعالى :

{ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ
وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا
} ،


وقوله تعالى :


{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } ،

وقوله تعالى :

{ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ

وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } ، وغير ذلك ،


وفي الترمذي عن أبي بن كعب رضي الله عنه

« أن المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم

- يعنى لما ذكر آلهتهم - أنسب لنا ربك ،

فأنزل الله تعالى :

{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ }»

والصمد الذي { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } ؛

لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت ،

وليس شيء يموت إلا سيورث ،

وإن الله تعالى لا يموت ولا يورث


{ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } .

قال : لم يكن له شبيه ولا عديل ،

وليس كمثله شيء (1) .

==================
(1) ( حسن ) ، رواه أحمد ( 5 / 134 ) ، والترمذي ( 3364 ) ،
ورواه عن أبي العالية مرسلا ( 3365 ) ، والحاكم ( 2 / 540 ) ،
والبيهقي ( في الأسماء والصفات / 354 ) ، وابن أبي عاصم ( 1 / 298 ) ،

وفي سنده أبو بكر الرازي ،
قال عنه الحافظ في التقريب : صدوق سيئ الحفظ ،
وقد نوه الترمذي إلى أن المرسل أصح ،

قال الحافظ في الفتح ( 8 / 739 ) :
وصحح الموصول ابن خزيمة والحاكم ،
وله شاهد من حديث جابر عن أبي يعلى والطبري والطبراني في الأوسط ، ا هـ .

وقد حسن إسناده السيوطي في الدر المنثور ( 6 / 410 ) من حديث جابر ، ا هـ .
قال الهيثمي ( 7 / 146 ) : رواه الطبراني في الأوسط ، ا هـ .
 
[ 52 ]


س : ما دليل الأسماء الحسنى من الكتاب والسنة ؟

جـ : قال الله عز وجل :

{ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى

فَادْعُوهُ بِهَا


وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ } ،

وقال سبحانه :

{ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ

أَيًّا مَا تَدْعُوا

فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى
} ،


وقال عز وجل :

{ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ

لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى }


- وغيرها من الآيات ،


وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

« إن لله تسعة وتسعين اسما

من أحصاها دخل الجنة » (1) .
وهو في الصحيح ،


وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

« أسألك اللهم بكل اسم هو لك

سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ،

أو علمته أحدا من خلقك ،

أو استأثرت به في علم الغيب عندك ،

أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي » (2) . الحديث .

==================
(1) رواه البخاري ( 2736 ، 7392 ) .

(2) ( صحيح ) ، رواه أحمد ( 1 / 391 ، 452 ) ، وابن حبان ( 968 ) ،
والحاكم ( 1 / 509 ) ، وأبو يعلى ( 5297 ) ،

وقد عدد الشيخ الألباني طرقه في الصحيحة ( 199 )
وناقش ما دار حولها من خلاف ثم قال :
وجملة القول أن الحديث صحيح من رواية .
 
[ 53 ]


س : ما مثال الأسماء الحسنى من القرآن ؟


جـ : مثل قوله تعالى :

{ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا } -

{ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا } -

{ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا } -

{ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا } -

{ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا } -

{ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا } -

{ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } -

{ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ } -

{ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ } -

{ إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } -

{ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ } -

{ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } -

{ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا } -

{ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا } -

{ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا } -

{ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } -

{ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ } -

وقال تعالى :

{ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } ،

وقال تعالى :

{ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ
وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } ،


وقوله تعالى :

{ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ

هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ
الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ
سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ
هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ
لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى } ،

وغيرها من الآيات .
 
[ 54 ]


س : ما مثال الأسماء الحسنى من السنة ؟

جـ : مثل قوله صلى الله عليه وسلم :

« لا إله إلا الله العظيم الحليم ،

لا إله إلا الله رب العرش العظيم ،

لا إله إلا الله رب السماوات
ورب الأرض
ورب العرش الكريم
» (1) ،


وقوله صلى الله عليه وسلم :

« يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام

يا بديع السماوات والأرض » (2) ،

وقوله صلى الله عليه وسلم :

« بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء

في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم » (3) ،

وقوله صلى الله عليه وسلم :

« اللهم عالم الغيب والشهادة ،

فاطر السماوات والأرض ،

رب كل شيء ومليكه » (4) . الحديث ،

وقوله صلى الله عليه وسلم :

« اللهم رب السماوات السبع ،

ورب العرش العظيم ،

ربنا ورب كل شيء ،


فالق الحب والنوى ، منزل التوراة والإنجيل والقرآن ،

أعوذ بك
من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته ،


أنت الأول فليس قبلك شيء ،

وأنت الآخر فليس بعدك شيء ،

وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ،

أنت الباطن فليس دونك شيء » (5) . الحديث ،

وقوله صلى الله عليه وسلم :

« اللهم لك الحمد ،

أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ،

ولك الحمد

أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن
» (6) . الحديث ،



وقوله صلى الله عليه وسلم :

« اللهم إني أسألك بأني أشهد

أنك أنت الله لا إله إلا أنت


الأحد الصمد

الذي لم يلد ولم يولد

ولم يكن له كفوا أحد
» (7) .


وقوله صلى الله عليه وسلم :

« يا مقلب القلوب » (8) . الحديث ،

وغير ذلك كثير .


==================
(1) رواه البخاري ( 7431 ، 7426 ) ، ومسلم ( الذكر / 83 ) .

(2) ( صحيح ) من حديث أنس ولفظه :
« . . بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا حي يا قيوم . . »

رواه أحمد ( 3 / 120 ، 158 ، 245 ) ، وأبو داود ( 1495 ) ،
والنسائي ( 3 / 52 ) ، وسكت عنه الإمام أبو داود ،
وقد صححه الشيخ الألباني ورواه الحاكم ( 1 / 504 )
وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ووافقه الذهبي .


(3) ( صحيح ) من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه ،
رواه أحمد ( 1 / 62 ، 66 ، 72 ) ، وأبو داود ( 5088 ) ، والترمذي ( 3388 ) ، وابن ماجه ( 3869 ) ،

قال الإمام الترمذي : حسن صحيح غريب وسكت عنه الإمام أبو داود ،
وقال الحافظ العراقي : رواه أصحاب السنن وابن حبان والحاكم وصححه من حديث عثمان ، ا هـ .

قال الزبيدي : وكذلك رواه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند وابن السني
وأبو نعيم في الحلية والضياء في المختارة ، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف بلفظ :
« من قال ذلك إذا أصبح وإذا أمسى ثلاث مرات . . » ( إتحاف 5 / 131 ، 132 ) ،
وقد صححه الشيخ الألباني .

(4) ( صحيح ) من حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمرو . رواه أحمد ( 1 / 9 ، 10 ، 14 ، 2 / 196 ، 297 ) ،
وأبو داود [ 5067 ] ، والترمذي [ 3529 ] ، والدارمي [ 6292 ] ، والحاكم [ 1 / 513 ] ،

وقد صححه الألباني وقال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي ،
قال الشيخ شاكر : إسناده صحيح ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه .

(5) رواه مسلم ( الذكر 61 ، 62 ، 63 ) ، وأحمد ( 2 / 381 ، 404 ، 536 ) .

(6) رواه البخاري ( 1120 ، 6317 ) ، ومسلم ( مسافرين / 199 ) .

(7) ( صحيح ) رواه ابن ماجه ( 3857 ) ، والترمذي ( 3475 ) ،
وأحمد ( 5 / 349 ، 350 ، 360 ) من حديث بريدة الأسلمي ،
ورواه الحاكم ( 1 / 267 ) ، والنسائي ( 1301 ) من حديث محجن بن الأدرع ،
قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ،
وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي ،
وقد صححه الألباني .

(8) ( صحيح ) ، رواه الترمذي ( 3522 ) ، وأحمد ( 6 / 294 ، 315 ) من حديث أم سلمة ،

ورواه أحمد ( 4 / 182 ) من حديث نواس بن سمعان ،
ورواه الحاكم ( 2 / 288 ) من حديث جابر بن عبد الله ،
ورواه أحمد أيضا ( 6 / 91 ، 251 ) من حديث عائشة رضي الله عنها ،
ورواه الترمذي أيضا ( 2140 ) من حديث أنس بن مالك ،
قال الإمام الترمذي : ( هذا حديث حسن ) قلت : قال ذلك الترمذي على حديث أم سلمة وحديث أنس ،
لكنه عقب على حديث أنس بقوله : وحديث أبي سفيان عن أنس أصح .

قال الألباني معقبا على تحسين الترمذي :

قلت : وهو على شرط مسلم ( مشكاة 102 ) ،

وقد صححه في تعليقه على كتاب السنة لابن أبي عاصم ( 1 / ح 225 ) .
 
[ 55 ]
س : على كم نوع دلالة الأسماء الحسنى ؟


جـ : هي على ثلاثة أنواع ،

دلالتها على الذات مطابقة ،

ودلالتها على الصفات المشتقة منها تضمنا ،

ودلالتها على الصفات التي ما اشتقت منها التزاما .

[ 56 ]


س : ما مثال ذلك ؟


جـ : مثال ذلك

اسمه تعالى الرحمن الرحيم يدل على ذات المسمى ،

وهو الله عز وجل مطابقة ،

وعلى الصفة المشتق منها وهي الرحمة تضمنا ،

وعلى غيرها من الصفات التي لم تشتق منها

كالحياة والقدرة التزاما ،

وهكذا سائر أسمائه ،

وذلك بخلاف المخلوق ،

فقد يسمى حكيما وهو جاهل ،

وحكما وهو ظالم ،

وعزيزا وهو ذليل ،

وشريفا وهو وضيع

وكريما وهو لئيم ،

وصالحا وهو طالح ،

وسعيدا وهو شقي ،

وأسدا وحنظلة وعلقمة وليس كذلك ،


فسبحان الله وبحمده
هو كما وصف نفسه ،

وفوق ما يصفه به خلقه .
 
[ 57 ]


س : على كم قسم دلالة الأسماء الحسنى من جهة التضمن ؟

جـ : هي على أربعة أقسام ،

الأول :

الاسم العلم المتضمن لجميع معاني الأسماء الحسنى
وهو الله ،


ولهذا تأتي الأسماء جميعها صفات له

كقوله تعالى :

{ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ } ، ونحو ذلك ،

ولم يأت هو قط تابعا لغيره من الأسماء .

الثاني :

ما يتضمن صفة ذات الله عز وجل


كاسمه تعالى السميع
المتضمن سمعه ، الواسع جميع الأصوات ،


سواء عنده سرها وعلانيتها ،

واسمه البصير المتضمن بصره النافذ

في جميع المبصرات سواء دقيقها وجليلها ،

واسمه العليم المتضمن علمه المحيط


الذي { لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ
فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ
وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ } .


واسمه القدير المتضمن قدرته على كل شيء إيجادا وإعداما ،

وغير ذلك .

الثالث :

ما يتضمن صفة فعل الله كالخالق الرازق البارئ المصور

وغير ذلك .

الرابع :

ما يتضمن تنزهه تعالى وتقدسه عن جميع النقائص

كالقدوس السلام .


 
[ 58 ]


س : كم أقسام الأسماء الحسنى
من جهة إطلاقها على الله عز وجل ؟


جـ : منها ما يطلق على الله مفردا أو مع غيره ،

وهو ما تضمن صفة الكمال بأي إطلاق ،

كالحي القيوم الأحد الصمد ونحو ذلك ،


ومنها
ما لا يطلق على الله إلا مع مقابله ،

وهو ما إذا أفرد أوهم نقصا

كالضار النافع ، والخافض الرافع ،

والمعطي المانع ، والمعز المذل ،
ونحو ذلك ،


فلا يجوز إطلاق الضار ولا الخافض
ولا المانع ولا المذل على انفراده ،


ولم يطلق قط شيء منها في الوحي كذلك

لا في الكتاب ولا في السنة ،

ومن ذلك اسمه تعالى المنتقم ،

لم يطلق في القرآن إلا مع متعلقه


كقوله تعالى :

{ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ } ،

أو بإضافة ذو إلى الصفة المشتق منها

كقوله تعالى :

{
وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ } .

 
[ 58 ]


س : تقدم أن صفات الله تعالى منها ذاتية وفعلية ،
فما مثال صفات الذات من الكتاب ؟


جـ : مثل قوله تعالى :

{ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ } ،

{ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ } ،

{ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } ،

{ وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي } ،

{ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ } ،

{ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى } ،

{ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ
وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا
} ،


{ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا } ،

{ وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } ،

{ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ } ،

{ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ } ،

وغير ذلك .
 
[ 59 ]


س : ما مثال صفات الذات من السنة ؟


جـ : كقوله صلى الله عليه وسلم :

« حجابه النور لو كشفه
لأحرقت سبحات
وجهه ،


ما انتهى إليه بصره من خلقه » (1) .

وقوله صلى الله عليه وسلم :

« يمين الله ملأى لا تغيضها نفقة ،

سحاء الليل والنهار ،

أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض ،

فإنه لم يغض ما في يمينه ،

وعرشه على الماء ،

وبيده الأخرى الفيض أو القبض ،

يرفع ويخفض » (2) ،

وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الدجال :

« إن الله لا يخفى عليكم
إن الله ليس بأعور » (3) ،


وأشار بيده إلى عينه . الحديث ،

وفي حديث الاستخارة :

« اللهم إني أستخيرك بعلمك ،

وأستقدرك
بقدرتك ،


وأسألك من فضلك العظيم ،

فإنك
تقدر ولا أقدر ،


وتعلم ولا أعلم ،

وأنت
علام الغيوب » (4) .


الحديث ،

وقوله صلى الله عليه وسلم :

« إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ،

تدعون سميعا بصيرا قريبا » (5) .

وقوله صلى الله عليه وسلم :

« إذا أراد الله أن يوحي بالأمر تكلَّم بالوحي » (6).
الحديث ،


وفي حديث البعث :

« يقول الله تعالى :
يا آدم ،
فيقول : لبيك
»
(7) . الحديث ،


وأحاديث كلام الله لعباده في الموقف ،
وكلامه لأهل الجنة
وغير ذلك ما لا يحصى .


==================
(1) رواه مسلم ( الإيمان / 293 ) .
(2) رواه البخاري ( 4684 ، 7411 ) ، ومسلم ( الزكاة / 993 ) .
(3) رواه البخاري ( 3057 ، 3337 ) ، ومسلم ( الفتن / 95 ، 100 ) .
(4) رواه البخاري ( 1162 ) ، وأبو داود ( 1538 ) ، والترمذي ( 480 ) .
(5) رواه البخاري ( 2992 ، 4205 ) ، ومسلم ( الذكر / 44 ، 45 ) .

(6) ( إسناده فيه ضعف ) ،
رواه ابن أبي عاصم في السنة ( 515 ) ، والآجري في الشريعة ( 126 ) ،
وفي سنده نعيم بن حماد ، وقد مضى القول فيه قريبا ،
وفي سند الحديث الوليد بن مسلم وهو يدلس تدليس تسوية ،
وقد عنعن الحديث عن شيخ شيخه .

(7) رواه البخاري ( 4741 ) ، ومسلم ( الإيمان / 379 ) .
 
[ 60 ]


س : ما مثال صفات الأفعال من الكتاب ؟

جـ : مثل قوله تعالى :

{ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ } ،

وقوله :

{ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ } . الآية ،

وقوله تعالى :

{ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ

وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } ،

وقوله تعالى :

{ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } ،

وقوله تعالى :

{ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ } ،

وقوله تعالى :

{ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا } ،

وقوله تعالى :

{ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ } ،

وغيرها من الآيات .
 
[ 61 ]


س : ما مثال صفات الأفعال من السنة ؟


جـ : مثل قوله صلى الله عليه وسلم :

« ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا

حين يبقى ثلث الليل الآخر » (1) . الحديث ،

وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة :

« فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون فيقول :

أنا ربكم ، فيقولون : أنت ربنا » (2) . الحديث ،

ونعني بصفة الفعل هنا الإتيان
لا الصورة فافهم ،


وقوله صلى الله عليه وسلم :

« إن الله
يقبض يوم القيامة الأرض ،

وتكون السماوات
بيمينه ،
ثم يقول أنا الملك
» (3) . الحديث ،


وقوله صلى الله عليه وسلم :

« لما خلق الله الخلق
كتب بيده على نفسه

إن رحمتي تغلب غضبي » (4) ،

وفي حديث احتجاج آدم وموسى :

« فقال آدم : يا موسى ،

اصطفاك الله
بكلامه
وخط لك التوراة بيده » (5) ،

فكلامه تعالى ويده صفتا ذات ،

وتكلمه صفة ذات وفعل معا ،

وخطه التوراة صفة فعل .

وقوله صلى الله عليه وسلم :

« إن الله تعالى
يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار

ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل » (6) . الحديث ،


وغيرها كثير .

==================
(1) رواه البخاري ( 1145 ، 6321 ) ، ومسلم ( مسافرين / 168 ، 169 ، 170 ) .
(2) رواه البخاري ( 6573 ، 7437 ) ، ومسلم ( الإيمان / 299 ) .
(3) رواه البخاري ( 4812 ، 6519 ، 7382 ) ، ومسلم ( صفة الجنة والنار / 23 ) .
(4) رواه البخاري ( 3194 ، 7422 ) ، ومسلم ( التوبة / 14 ، 15 ، 16 ) .
(5) رواه البخاري ( 6614 ، 3409 ، 4736 ) ، ومسلم ( القدر / 13 ) .
(6) رواه مسلم ( التوبة / 31 ) .
 
[ 62 ]

س : هل يشتق من كل صفات الأفعال أسماء

أم أسماء الله كلها توقيفية ؟


جـ : لا بل أسماء الله تعالى كلها توقيفية ،

لا يسمى إلا بما سمى به نفسه في كتابه

أو أطلقه عليه رسوله صلى الله عليه وسلم ،

وكل فعل أطلقه الله تعالى على نفسه

فهو فيما أطلق فيه مدح وكمال ،


ولكن ليس كلها وصف الله به نفسه مطلقا

ولا كلها يشتق منها أسماء ،

بل منها ما وصف به نفسه مطلقا

كقوله تعالى :

{ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ
ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ
} ،


وسمى نفسه الخالق الرازق
المحيي المميت المدبر،


ومنها أفعال أطلقها الله تعالى على نفسه

على سبيل الجزاء والمقابلة ،

وهي فيما سيقت له مدح وكمال


كقوله تعالى :

{ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ } ،

{ وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ } ،

{ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ } ،

ولكن لا يجوز إطلاقها على الله في غير ما سيقت فيه من الآيات ،

فلا يقال أنه تعالى يمكر ويخادع ويستهزئ ونحو ذلك ،

وكذلك لا يقال ماكر مخادع مستهزئ ،

ولا يقوله مسلم ولا عاقل ،

فإن الله عز وجل لم يصف نفسه بالمكر والكيد والخداع

إلا على وجه الجزاء لمن فعل ذلك بغير حق ،


وقد عُلم أن المجازاة على ذلك بالعدل حسنة من المخلوق ،

فكيف
من الخلاق العليم
العدل الحكيم
.
 
[ 63 ]

س : ماذا يتضمن اسمه العلي الأعلى
وما في معناه كالظاهر والقاهر والمتعال ؟


جـ : يتضمن اسمه الأعلى الصفة المشتق منها ،

وهو ثبوت العلو له عز وجل بجميع معانيه ،

علو فوقيته

تعالى على عرشه عال على جميع خلقه ،

بائن منهم ، رقيب عليهم ، يعلم ما هم عليه ،

قد أحاط بكل شيء علما ، لا تخفى عليه منهم خافية .

وعلو قهره

فلا مغالب له ولا منازع ولا مضاد ولا ممانع ،

بل كل شيء خاضع لعظمته ،

ذليل لعزته ،


مستكين لكبريائه ، تحت تصرفه وقهره ،

لا خروج له من قبضته .

وعلو شأنه ،

فجميع صفات الكمال له ثابتة ،

وجميع النقائص عنه منتفية ،

عز وجل وتبارك وتعالى ،

وجميع هذه المعاني للعلو متلازمة

لا ينفك معنى منها عن الآخر .
 
[ 64 ]


س : ما دليل علو الفوقية من الكتاب ؟


جـ : الأدلة الصريحة عليه لا تعد ولا تحصى ،

فمنها هذه الأسماء وما في معناها ،

ومنها قوله :


{ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }

في سبعة مواضع من القرآن ،

ومنها قوله تعالى :


{ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ } ،

ومنها قوله تعالى :

{ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ } ،

ومنها قوله تعالى :

{ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ

وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ
} ،


وقوله تعالى :

{ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ } ،

وقوله :

{ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ } ،

وقوله تعالى :

{ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ

وَرَافِعُكَ إِلَيَّ
} ،


وغير ذلك كثير .
 
[ 65 ]


س : ما دليل ذلك من السنة ؟


جـ : أدلته من السنة كثيرة لا تحصى ،

منها قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال :


« والعرش فوق ذلك ، والله فوق العرش ،

وهو يعلم ما أنتم عليه » (1) ،

وقوله لسعد في قصة قريظة :

« لقد حكمت فيهم بحكم الملك
من فوق سبعة أرقعة
» ،


وقوله صلى الله عليه وسلم للجارية :

« أين الله ؟ قالت في السماء .

قال : " اعتقها فإنها مؤمنة » (2) ،

وأحاديث معراج النبي صلى الله عليه وسلم ،

وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث تعاقب الملائكة :

« ثم يعرج الذين باتوا فيكم
فيسألهم وهو أعلم بهم
» (3) . الحديث ،


وقوله صلى الله عليه وسلم :

« من تصدق بعدل ثمرة من كسب طيب

ولا يصعد إلى الله إلا الطيب » (4) . الحديث ،

وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الوحي :

« إذا قضى الله الأمر في السماء
ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله
كأنه سلسلة على صفوان » (5) . الحديث ،

وغير ذلك كثير ،

وقد أقر بذلك جميع المخلوقات إلا الجهمية .
==================
(1) ( ضعيف جدا ) ، رواه ابن أبي عاصم في السنة ( 577 ) ، وأبو داود ( 2724 ) ،
والترمذي ( 3320 ) ، وابن خزيمة في التوحيد ( 68 )

من طرق عن عبد الرحمن بن عبد الله الرازي ، ثنا عمرو بن أبي قيس ، عن سماك ،
عن عبد الله بن عميرة ، عن الأحنف بن قيس عن العباس مرفوعا . . ) ،


وفيه عبد الله بن عميرة ، قال الذهبي : فيه جهالة ،
وقال البخاري : لا يعرف له سماع من الأحنف بن قيس .

والحديث أخرجه أبو داود أيضا وابن ماجه ( 193 ) ،
والآجري في الشريعة ص ( 292 )

من طريق أخرى عن عمرو بن أبي محسن ،
وعمرو هذا صدوق له أوهام وله بعض المتابعات الأخرى وهي واهية ،


ومنها ما أخرجه أحمد ( 1 / 206 ، 207 ) في سنده يحيى بن العلاء متهم بالوضع .

(2) رواه مسلم ( مساجد 33 ).

(3) رواه البخاري ( 555 ، 3223 ) ، ومسلم ( مساجد / 210 ) .

(4) رواه البخاري ( 7430 ، 1410 ) ، ومسلم ( الزكاة / 63 ) .

(5) رواه البخاري ( 4701 ، 4800 ) .
 
[ 66 ]

س : ماذا قال أئمة الدين من السلف الصالح
في مسألة الاستواء ؟


جـ : قولهم بأجمعهم رحمهم الله تعالى :

الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ،

والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ،

ومن الله الرسالة ، وعلى الرسول البلاغ ،

وعلينا التصديق والتسليم ،


وهكذا قولهم

في جميع آيات الأسماء والصفات وأحاديثها :


{ آمَنَّا بِهِ
كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا
} ،

{ آمَنَّا بِاللَّهِ
وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
} .

 
[ 67 ]


س : ما دليل علو القهر من الكتاب ؟


جـ : أدلته كثيرة ،

منها قوله تعالى :

{ وَهُوَ
الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } ،


وهو متضمن لعلو القهر والفوقية ،


وقوله تعالى :

{ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ
الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } ،


وقوله تعالى :

{ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ
لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } ،


وقوله تعالى :

{ قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ
وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ
الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ
} ،


وقوله تعالى :

{ مَا مِنْ دَابَّةٍ
إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا } ،


وقوله تعالى :

{ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ
إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ } ،


وغير ذلك من الآيات .
 
[ 68 ]


س : ما دليل ذلك من السنة ؟


جـ : أدلته من السنة كثيرة ،

منها قوله صلى الله عليه وسلم :

« أعوذ بك من شر كل دابة
أنت آخذ بناصيتها
» (1) ،


وقوله صلى الله عليه وسلم :

« اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ،

ناصيتي بيدك ،

ماض في حكمك
،


عدل في قضاؤك » (2) . الحديث ،


وقوله صلى الله عليه وسلم :

« إنك تقضي ولا يقضى عليك ،

إنه لا يذلّ من واليت

ولا يعز من عاديت
» (3) ،


وغير ذلك كثير .


==================
(1) رواه مسلم ( الذكر / 61 ، 62 ، 63 ) .

(2) رواه أحمد ( 1 / 391 ، 452 ) ، تقدم هامش 3 س 52 .

(3) ( صحيح ) ، رواه أحمد ( 1 / 199 ، 200 ) ، وأبو داود ( 1425 ، 1426 ) ، والترمذي ( 464 ) ،
وابن ماجه ( 1178 ) ، والحاكم ( 3 / 172 ) ، والنسائي ( 1746 ، 1178 ) ،

قال الإمام الترمذي : هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه . وسكت عنه الإمام أبو داود مشيرا إلى قبوله ،

وقال الشيخ شاكر رحمه الله : إسناده صحيح .
قال الشيخ الألباني : زاد النسائي في آخر القنوت ( وصلى الله على النبي الأمي ) وإسنادها ضعيف ،
وقد ضعفها الحافظ بن حجر العسقلاني والزرقاني وغيرهم ، ا هـ . ( صفة صلاة النبي 160 ) ،

وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين إلا أن محمد بن جعفر بن أبي كثير
قد خالف إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة في إسناده ،
وقد صححه ابن خزيمة ( 1095 ) والألباني .
 
[ 69 ]

س : ما دليل علو الشأن

وما الذي يجب نفيه عن الله عز وجل ؟


جـ : اعلم أن علو الشأن هو ما تضمنه اسمه


القدوس السلام

الكبير المتعال


وما في معناها ،


واستلزمته جميع صفات كماله ونعوت جلاله ،


فتعالى في أحديته أن يكون لغيره ملك أو قسط منه ،
أو يكون عونا له ،
أو ظهيرا أو شفيعا عنده بدون إذنه أو عليه يجير ،


وتعالى في عظمته وكبريائه وملكوته وجبروته
عن أن يكون له منازع أو مغالب
أو ولي من الذل أو نصير ،


وتعالى في صمديته عن الصاحبة والولد
والوالد والكفؤ والنظير ،


وتعالى في كمال حياته وقيوميته وقدرته
عن الموت والسنة والنوم والتعب والإعياء ،


وتعالى في كمال علمه عن الغفلة والنسيان
وعن عزوب مثقال ذرة عن علمه
في الأرض أو في السماء ،


وتعالى في كمال حكمته وحمده عن خلق شيء عبثا
وعن ترك الخلق سدى
بلا أمر ولا نهي ولا بعث ولا جزاء ،


وتعالى في كمال عدله عن أن يظلم أحدا مثقال ذرة
أو أن يهضمه شيئا من حسناته ،


وتعالى في كمال غناه عن أن يُطعَم أو يُرزَق
أو يفتقر إلى غيره في شيء ،


وتعالى في جميع ما وصف به نفسه
ووصفه به رسوله عن التعطيل والتمثيل ،

وسبحانه وبحمده
وعز وجل وتبارك وتعالى
وتنزه وتقدس


عن كل ما ينافي إلهيته وربوبيته
وأسماءه الحسنى وصفاته العلى


: { وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى

فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ


وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ،


ونصوص الوحي من الكتاب والسنة

في هذا الباب معلومة مفهومة

مع كثرتها وشهرتها .

 
[ 70 ]


س : ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الأسماء الحسنى
« من أحصاها دخل الجنة » ؟


جـ : قد فُسِّر ذلك بمعاني

منها :


حفظها ودعاء الله بها والثناء عليه بجميعها ،

ومنها

أن ما كان يسوغ الاقتداء به كالرحيم والكريم


فيمرن العبد نفسه
على أن يصح له الاتصاف بها فيما يليق به


وما كان يختص به نفسه تعالى
كالجبار والعظيم والمتكبر ،


فعلى العبد الإقرار بها
والخضوع لها وعدم التحلي بصفة منها ،


وما كان فيه معنى الوعد كالغفور الشكور

العفو الرؤوف الحليم الجواد الكريم ،

فليقف منه عند الطمع والرغبة ،

وما كان فيه معنى الوعيد كعزيز ذي انتقام

شديد العقاب سريع الحساب ،

فليقف منه عند الخشية والرهبة .

ومنها

شهود العبد إياها وإعطاؤها حقها معرفة وعبودية ،


مثاله

من شهد علو الله تعالى على خلقه وفوقيته عليهم


واستواءه على عرشه بائنا من خلقه مع إحاطته بهم

علما وقدرة وغير ذلك ،


وتعبد بمقتضى هذه الصفة بحيث يصير لقلبه صمدا

يعرج إليه مناجيا له مطرقا واقفا بين يديه

وقوف العبد الذليل بين يدي الملك العزيز ،

فيشعر بأن كلمه وعمله صاعد إليه معروض عليه

فيستحي أن يصعد إليه من كلمه وعمله

ما يخزيه ويفضحه هنالك ،


ويشهد نزول الأمر والمراسيم الإلهية

إلى أقطار العوالم كل وقت بأنواع التدبير والتصرف

من الإماتة والإحياء والإعزاز والإذلال ،

والخفض والرفع والعطاء والمنع

وكشف البلاء وإرساله ومداولة الأيام بين الناس

إلى غير ذلك من التصرفات في المملكة

التي لا يتصرف فيها سواه ،


فمراسيمه نافذة فيها كما يشاء

{ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ

ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ


فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ

أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ
} ،



فمن وفى هذا المشهد حقه معرفة وعبودية
فقد استغنى بربه وكفاه ،

وكذلك من شهد علمه المحيط وسمعه وبصره
وحياته وقيوميته وغيرها

ولا يُرزق هذا المشهد
إلا السابقون المقربون .
 
[ 71 ]


س : ما ضد توحيد الأسماء والصفات ؟


جـ : ضده الإلحاد في أسماء الله وصفاته وآياته ،
وهو ثلاثة أنواع :

الأول :

إلحاد المشركين

الذين عدلوا بأسماء الله تعالى عما هي عليه
وسموا بها أوثانهم ،
فزادوا ونقصوا فاشتقوا اللات من الإله
والعزى من العزيز
ومناة من المنان .

الثاني :

إلحاد المشبهة

الذين يكيفون صفات الله تعالى ،
ويشبهونها بصفات خلقه
وهو مقابل لإلحاد المشركين ،

فأولئك سووا المخلوق برب العالمين ،

وهؤلاء جعلوه بمنزلة الأجسام المخلوقة وشبهوه بها
تعالى وتقدس .

الثالث :

إلحاد النفاة المعطلة ،

وهم قسمان :

قسم أثبتوا ألفاظ أسمائه تعالى
ونفوا عنه ما تضمنته من صفات الكمال فقالوا :

رحمن رحيم بلا رحمة ، عليم بلا علم ،
سميع بلا سمع ، بصير بلا بصر ،
قدير بلا قدرة ،
وأطردوا بقيتها كذلك .

وقسم صرحوا بنفي الأسماء ومتضمناتها بالكلية ،
ووصفوه بالعدم المحض الذي لا اسم له ولا صفة ،

سبحان الله وتعالى
عما يقول الظالمون الجاحدون الملحدون علوا كبيرا

{ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا

فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } ،

{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ

وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } ،


{ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ

وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا } .

 
[ 72 ]

س : هل جميع أنواع التوحيد متلازمة

فينافيها كلها ما ينافي نوعا منها ؟

جـ : نعم هي متلازمة ،

فمن
أشرك في نوع منها فهو مشرك في البقية ،

مثال ذلك دعاء غير الله وسؤاله

ما لا يقدر عليه إلا الله ،

فدعاؤه إياه عبادة بل مخ العبادة ،

صرفها لغير الله من دون الله ،

فهذا
شرك في الإلهية ،


وسؤاله إياه تلك الحاجة من جلب خير أو دفع شر

معتقدا أنه قادر على قضاء ذلك ،

هذا شرك في الربوبية

حيث اعتقد أنه متصرف مع الله في ملكوته ،


ثم إنه لم يدعه هذا الدعاء من دون الله

إلا مع اعتقاده أنه يسمعه على البعد والقرب

في أي وقت كان وفي أي مكان ويصرحون بذلك ،

وهو
شرك في الأسماء والصفات

حيث أثبت له سمعا محيطا بجميع المسموعات ،

لا يحجبه قرب ولا بعد ،


فاستلزم هذا الشرك في الإلهية


الشرك في الربوبية والأسماء والصفات .
 
[ 73 ]


س : ما الدليل على الإيمان بالملائكة من الكتاب والسنة ؟

جـ : أدلة ذلك من الكتاب كثيرة ،

منها قوله تعالى :

{ وَالْمَلَائِكَة ُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ

وَيَسْتَغْفِرُو نَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ
} ،


وقوله تعالى :

{ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ

وَيُسَبِّحُونَه ُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ } ،

وقوله تعالى :

{ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ

فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ } ،

وتقدم الإيمان بهم من السنة في حديث جبريل وغيره ،

وفي صحيح مسلم
أن الله تعالى خلقهم من نور (1) ،


والأحاديث في شأنهم كثيرة .



==================
(1) رواه مسلم ( الزهد / 60 ) ، وأحمد ( 6 / 153 ، 168 ) .
 
[ 74 ]


س : ما معنى الإيمان بالملائكة ؟


جـ : هو الإقرار الجازم بوجودهم

وأنهم خلق من خلق الله مربوبون مسخرون

و { عِبَادٌ مُكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ
وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } ،

{ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } ،

{ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ }

{ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ } ،

ولا يسأمون ولا يستحسرون .

 
[ 75 ]


س : اذكر بعض أنواعهم
باعتبار ما هيأهم الله له ووكلهم به ؟


جـ : هم باعتبار ذلك أقسام كثيرة ،

فمنهم
الموكل بأداء الوحي إلى الرسل وهو

الروح الأمين جبريل عليه السلام ،

ومنهم
الموكل بالقطر وهو ميكائيل عليه السلام ،


ومنهم
الموكل بالصور وهو إسرافيل عليه السلام ،


ومنهم
الموكل بقبض الأرواح وهو ملك الموت وأعوانه ،


ومنهم
الموكل بأعمال العباد وهم الكرام الكاتبون ،


ومنهم
الموكل بحفظ العبد من بين يديه ومن خلفه وهم المعقبات ،


ومنهم
الموكل بالجنة ونعيمها وهم رضوان ومن معه ،


ومنهم
الموكل بالنار وعذابها وهم مالك ومن معه من الزبانية ،


ورؤساؤهم تسعة عشر ،

ومنهم
الموكل بفتنة القبر وهم منكر ونكير ،


ومنهم حملة العرش ،

ومنهم الكروبيون ،

ومنهم
الموكل بالنطف في الأرحام من تخليقها وكتابة ما يراد بها ،


ومنهم
الملائكة يدخلون البيت المعمور


يدخله كل يوم سبعون ألف ملك
ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم ،


ومنهم
ملائكة سياحون يتبعون مجالس الذكر ،


ومنهم
صفوف قيام لا يفترون ،


منهم
ركع سجد لا يرفعون ،


ومنهم غير من ذكر


{ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ
وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ } ،


ونصوص هذه الأقسام من الكتاب والسنة لا تخفى .
 
[ 76 ]


س : ما دليل الإيمان بالكتب ؟

جـ : أدلته كثيرة منها قوله تعالى :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ

وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ

وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ } ،

وقوله تعالى :

{ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا

وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ

وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ

لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ } . الآيات ،


وغيرها كثير ،

ويكفي في ذلك قوله تعالى :

{ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ } .
 


[ 77 ]

س : هل سميت جميع الكتب في القرآن ؟



جـ : سمى الله منها في القرآن :

هو ، والتوراة ، والإنجيل ، والزبور ،

وصحف إبراهيم وموسى ، وذكر الباقي جملة


فقال تعالى :

{ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ

نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ

وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ } ،

وقال تعالى :

{ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا } ،

وقال تعالى :

{ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى

وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى } ،

وقال تعالى :

{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ

وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ } ،

فما ذكر الله منها تفصيلا

وجب علينا الإيمان به تفصيلا ،


وما ذكر منها إجمالا

وجب علينا الإيمان به إجمالا ،


فنقول فيه ما أمر الله به رسوله :

{ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ } .
 
[ 78 ]


س : ما معنى الإيمان بكتب الله عز وجل ؟


جـ : معناه التصديق الجازم

بأن جميعها منزل من عند الله عز وجل ،


وأن الله تكلم بها حقيقة ،

فمنها

المسموع منه تعالى من وراء حجاب بدون واسطة الرسول الملكي ،


ومنها

ما بلغه الرسول الملكي إلى الرسول البشري ،


ومنها

ما كتبه الله تعالى بيده


كما قال تعالى :

{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا
أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ


أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا
فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ
} ،


وقال تعالى لموسى :

{ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي } ،

{ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا } ،

وقال تعالى في شأن التوراة :

{ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ
مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ
} ،


وقال في عيسى :

{ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ } ،

وقال تعالى :

{ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا } ،

وتقدم ذكرها بلفظ التنزيل ،

وقال تعالى في شأن القرآن :

{ لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ

وَالْمَلَائِكَة ُ يَشْهَدُونَ
وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا
} ،


وقال تعالى فيه :

{ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى

النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ

وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا } ،

وقال تعالى :

{ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ

نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ

عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ

بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ } . الآيات ،

وقال تعالى فيه :

{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ

وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ

تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } . الآيات ،

وغيرها كثير .
 
[ 79 ]


س : ما منزلة القرآن من الكتب المتقدمة ؟


جـ : قال الله تعالى فيه :

{ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ

مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ } ،

وقال تعالى :


{ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ

وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ

وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ،

وقال تعالى :


{ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ

وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } ،


قال أهل التفسير :

مهيمنا مؤتمنا وشاهدا على ما قبله من الكتب ومصدقا لها ،

يعني يصدق : ما فيها من الصحيح ،

وينفي ما وقع فيها من تحريف وتبديل وتغيير ،

ويحكم عليها بالنسخ أو التقرير ،

ولهذا يخضع له كل متمسك بالكتب المتقدمة

ممن لم ينقلب على عقبيه ،

كما قال تبارك وتعالى :

{ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ

وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا

إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ } ،


وغير ذلك .
 
[ 80 ]

س : ما الذي يجب التزامه في حق القرآن

على جميع الأمة ؟


جـ : هو اتباعه ظاهرا وباطنا والتمسك به والقيام بحقه ،

قال الله تعالى :

{ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا } ،


وقال تعالى :


{ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ

وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ } ،


وقال تعالى :


{ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ

إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ } ،


وهي عامة في كل كتاب والآيات في ذلك كثيرة ،

وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب الله فقال :


« فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به » (1) ،

وفي حديث علي مرفوعا :

« إنها ستكون فتن » (2) .

« قلت : ما المخرج منها يا رسول الله ؟

قال : " كتاب الله » . وذكر الحديث .


==================
(1) رواه مسلم ( فضائل الصحابة / 36 ) ، وأحمد ( 4 / 366 ، 367 ) .

(2) ( ضعيف ) ، رواه أحمد ( 1 / 91 ) ، والترمذي ( 2906 ) ، والدارمي ( 3334 ) ،
قال الإمام الترمذي : هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه ،
وإسناده مجهول وفي الحارث مقال .
وقال الشيخ أحمد شاكر : إسناده ضعيف جدا من أجل الحارث الأعور .
 
[ 81 ]



س : ما معنى التمسك بالكتاب والقيام بحقه ؟

جـ : حفظه وتلاوته
والقيام به آناء الليل والنهار



وتدبر آياته
وإحلال حلاله
وتحريم حرامه
والانقياد لأوامره ،

والانزجار بزواجره
والاعتبار بأمثاله
والاتعاظ بقصصه


والعمل بمحكمه
والتسليم لمتشابهه
والوقوف عند حدوده ،


وينفون عنه تحريف الغالين
وانتحال المبطلين ،


والنصيحة له بكل معانيها
والدعوة إلى ذلك على بصيرة .

 
[ 82 ]


س : ما حكم من قال بخلق القرآن ؟

جـ : القرآن كلام الله عز وجل حقيقة حروفه ومعانيه ،

ليس كلامه الحروف دون المعاني ،
ولا المعاني دون الحروف ،


تكلم الله به قولا وأنزله على نبيه وحيا ،

وآمن به المؤمنون حقا ،

فهو وإن خط بالبنان وتلي باللسان وحفظ بالجنان

وسمع بالآذان وأبصرته العينان
لا يخرجه ذلك عن كونه كلام الرحمن ،


فالأنامل والمداد والأقلام والأوراق مخلوقة ،

والمكتوب بها غير مخلوق والألسن والأصوات مخلوقة ،

والمتلو بها على اختلافها غير مخلوق ،

والصدور مخلوقة والمحفوظ فيها غير مخلوق ،

والأسماع مخلوقة والمسموع غير مخلوق ،

قال الله تعالى :

{ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ } ،


وقال تعالى :
{ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ
وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ } ،

وقال تعالى :
{ وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ } ،

وقال تعالى :

{ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ
فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ
} ،


وقال ابن مسعود رضي الله عنه :
" أديموا النظر في المصحف " .

والنصوص في ذلك لا تحصى ،

ومن قال القرآن أو شيء من القرآن مخلوق
فهو كافر كفرا أكبر يخرجه من الإسلام بالكلية ؛

لأن القرآن كلام الله تعالى
منه بدأ وإليه يعود ، وكلامه صفته ،


ومن قال شيء من صفات الله مخلوق فهو كافر مرتد

يعرض عليه الرجوع إلى الإسلام
فإن رجع وإلا قتل كفرا

ليس له شيء من أحكام المسلمين .
 
[ 83 ]


س : هل صفة الكلام ذاتية أو فعلية ؟


جـ : أما باعتبار تعلق صفة الكلام بذات الله عز وجل

واتصافه تعالى بها ،


فمن صفات ذاته كعلمه تعالى بل هو من علمه ،

وأنزله بعلمه ، وهو أعلم بما ينزل ،

وأما باعتبار تكلمه بمشيئته وإرادته فصفة فعل ،

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :

« إذا أراد الله أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي » (1) . الحديث -

ولهذا قال السلف الصالح رحمهم الله في صفة الكلام :

إنها صفة ذات وفعل معا ،
فالله سبحانه وتعالى لم يزل ولا يزال متصفا بالكلام أزلا وأبدا
وتكلمه وتكليمه بمشيئته وإرادته ،

فيتكلم إذا شاء متى شاء وكيف شاء
بكلام يسمعه من يشاء وكلامه صفته لا غاية له ولا انتهاء

{ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ
قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا } ،

{ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ
وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ
مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ } ،

{ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا
لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } .

==================
(1) تقدم وهو ضعيف .
 
[ 84 ]



س : من هم الواقفة وما حكمهم ؟


جـ : الواقفة هم الذين يقولون في القرآن :

لا نقول هو كلام الله ولا نقول مخلوق .


قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى :

( من كان منهم يحسن الكلام فهو جهمي ،

ومن كان لا يحسنه بل كان جاهلا جهلا بسيطا

فهو تقام عليه الحجة بالبيان والبرهان ،

فإن تاب وآمن بأنه كلام الله تعالى غير مخلوق ،

وإلا فهو شر من الجهمية ) (1) .

==================
(1) انظر كتاب السنة لعبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله ( 1 / 179 ) .
 
[ 85 ]


س : ما حكم من قال لفظي بالقرآن مخلوق ؟


جـ : هذه العبارة لا يجوز إطلاقها نفيا ولا إثباتا ؛

لأن اللفظ معنى مشترك بين التلفظ الذي هو فعل العبد ،

وبين الملفوظ به الذي هو القرآن ،

فإذا أطلق القول بخلقه شمل المعنى الثاني ،

ورجع إلى قول الجهمية ،

وإذا قيل :


غير مخلوق شمل المعنى الأول الذي هو فعل العبد ،

وهذا من بدع الاتحادية ،

ولهذا قال السلف الصالح رحمهم الله تعالى :


من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي ،

ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع (1) .

==================
(1) انظر كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل ( 1 / 164 ، 165 ) .
 
[ 86 ]



س : ما دليل الإيمان بالرسل ؟

جـ : أدلته كثيرة من الكتاب والسنة ،

منها قوله تعالى :

{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ

وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ

وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ

وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا

أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا

وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا

وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ

وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ

أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ } ،


وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

« آمنت بالله ورسله » (1) .

================
(1) رواه البخاري ( 1354 ، 6173 ) ، ومسلم ( الفتن95 ) .
 
[ 87 ]


س : ما معنى الإيمان بالرسل ؟

جـ : هو التصديق الجازم

بأن الله تعالى بعث في كل أمة رسولا منهم

يدعوهم إلى
عبادة الله وحده
والكفر بما يُعبد من دونه
،

وأن جميعهم صادقون مصدقون بارون
راشدون

كرام بررة أتقياء أمناء هداة
مهتدون ،

وبالبراهين الظاهرة والآيات الباهرة من ربهم
مؤيدون ،

وأنهم بلغوا جميع ما أرسلهم الله به ،

لم يكتموا ، ولم يغيروا ،

ولم يزيدوا فيه من عند أنفسهم حرفا ولم ينقصوه ،

{ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } ،

وأنهم كلهم على الحق المبين ،

وأن الله تعالى اتخذ
إبراهيم خليلا ،

واتخذ
محمدا صلى الله عليه وسلم خليلا

وكلَّم
موسى تكليما ،

ورفع
إدريس مكانا عليا ،

وأن
عيسى عبد الله ورسوله

وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه


وأن الله فضل بعضهم على بعض

ورفع بعضهم درجات .
 
[ 88 ]


س : هل اتفقت دعوة الرسل


فيما يأمرون به وينهون عنه ؟


جـ : اتفقت دعوتهم من أولهم إلى آخرهم

على أصل العبادة وأساسها ،

وهو التوحيد

بأن يُفرَد الله تعالى بجميع أنواع العبادة


اعتقادا وقولا وعملا ،

ويُكفَر بكل ما يُعبَد من دونه ،


وأما الفروض المتعبد بها فقد يفرض على هؤلاء

من الصلاة والصوم ونحوها مالا يفرض على الآخرين ،

ويحرم على هؤلاء ما يحل للآخرين ،

امتحانا من الله تعالى

{ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } .
 
[ 89 ]



س : ما الدليل على اتفاقهم في أصل العبادة المذكورة ؟


جـ : الدليل على ذلك من الكتاب على نوعين

مجمل ومفصل .

أما المجمل فمثل قوله تعالى :


{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا

أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ
وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } ،


وقوله تعالى :

{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ

إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ

أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا

فَاعْبُدُونِ } ،


وقوله تعالى :

{ وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا

أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } . الآيات ،


وأما المفصل فمثل قوله تعالى :


{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ

فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } ،


{ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ
صَالِحًا


قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } ،


{ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ
هُودًا


قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } ،


{ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ
شُعَيْبًا


قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } ،


{ وَإِذْ قَالَ
إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ


إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي } ،


وقال
موسى :


{ إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ

وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا } ،


{ وَقَالَ
الْمَسِيحُ
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ


اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ

إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ

فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ
وَمَأْوَاهُ النَّارُ
} ،



{
قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ


وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } .

وغيرها من الآيات .
 
[ 90 ]


س : ما دليل اختلاف شرائعهم

في فروعها من الحلال والحرام ؟


جـ : قول الله عز وجل :

{ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا

وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً

وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ

فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ
} .


قال ابن عباس رضي الله عنهما :

( شرعة ومنهاجا ) : سبيلا وسنة .

ومثله قال مجاهد وعكرمة والحسن البصري

وقتادة والضحاك والسدي وأبو إسحاق السبيعي ،

وفي صحيح البخاري :

قال النبي صلى الله عليه وسلم :

« نحن معاشر الأنبياء إخوة لعلات ، ديننا واحد » (1) .
يعني بذلك التوحيد
الذي بعث الله به كل رسول أرسله

وضمنه كل كتاب أنزله ،

وأما الشرائع

فمختلفة في الأوامر والنواهي والحلال والحرام


{ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } .

==================
(1) رواه البخاري ( 3443 ) ، ومسلم ( الفضائل / 143 ، 144 ، 145 ) .
 
[ 91 ]


س : هل قص الله جميع الرسل في القرآن ؟


جـ : قد قص الله علينا من أنبائهم ما فيه كفاية وموعظة وعبرة ،

ثم قال تعالى :

{ وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ

وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ } .


فنؤمن بجميعهم تفصيلا فيما فصل ،

وإجمالا فيما أجمل .
 
[ 92 ]


س : كم سمى منهم في القرآن ؟


جـ : سمى منهم فيه آدم ونوح وإدريس

وهود وصالح وإبراهيم وإسماعيل

وإسحاق ويعقوب ويوسف ولوط

وشعيب ويونس وموسى وهارون

وإلياس وزكريا ويحيى واليسع

وذا الكفل وداود وسليمان وأيوب ،

وذكر الأسباط جملة ،

وعيسى ومحمد
صلى الله عليه وسلم

وعليهم أجمعين .
 
[ 93 ]


س : من هم أولو العزم من الرسل ؟


جـ : هم خمسة ذكرهم الله عز وجل على انفرادهم

في موضعين من كتابه :

الموضع الأول :

في سورة الأحزاب - وهو قوله تعالى :

{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ

وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ } . الآية ،


الموضع الثاني :

في سورة الشورى وهو قوله تعالى :


{ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ

مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ

وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى

أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ } . الآية .
 
[ 94 ]


س : من أول الرسل ؟


جـ : أولهم بعد الاختلاف نوح عليه السلام ،

كما قال تعالى :


{ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ

كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ
} ،


وقال تعالى :

{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ

وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ
} .
 
[ 95 ]


س : متى كان الاختلاف ؟


جـ : قال ابن عباس رضي الله عنهما :

كان بين نوح وآدم عشرة قرون

كلهم على شريعة من الحق فاختلفوا ،

" فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين " (1) .

==================
(1) ( صحيح ) ، رواه الحاكم ( 2 / 546 ، 547 ) ،
وقال : هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ،
والألباني في كتابه « تحذير الساجد ».
 
[ 96 ]


س : من هو خاتم النبيين ؟


جـ : خاتم النبيين
محمد
صـلى الله عليه وسلم
.

 
[ 97 ]


س : ما الدليل على ذلك ؟


جـ : قال الله تعالى :

{ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ

وَلَكِنْ
رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ
} ،


وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

« إنه سيكون بعدي كذابون ثلاثون

كلهم يدعي أنه نبي

وأنا خاتم النبيين

ولا نبي بعدي
» (1) .


وفي الصحيح قوله لعلي رضي الله عنه :

« ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى

إلا أنه لا نبي بعدي » (2) .

وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الدجال :

« وأنا خاتم النبيين

ولا نبي بعدي
» (3) .


وغير ذلك كثير .

==================
(1) ( صحيح ) ، رواه أحمد ( 5 / 278 ) ، وأبو داود ( 4252 ) ،
والترمذي ( 2219 ) قال الإمام الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ،
وقد صححه الألباني وسكت عنه الإمام أبو داود ،

وفي مسلم : « لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون
قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله ) . ( الفتن / 84 ) .

(2) رواه البخاري ( 3706 ، 4416 ) ،
ومسلم ( فضائل الصحابة / 31 ) ،
وأحمد ( 1 / 182 ، 184 ، 3 / 32 ) ،
والترمذي ( 3724 ، 3731 ) .

(3) رواه البخاري ( 3535 ) ، ومسلم ( الفضائل / 22 ) ،
وأحمد ( 2 / 398 ) .
 
[ 98 ]


س : بماذا اختص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

عن غيره من الأنبياء ؟


جـ : له صلى الله عليه وسلم خصائص كثيرة

قد أُفردت بالتصنيف

منها
:

كونه خاتم النبيين كما ذكرنا ،

ومنها :

كونه صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم


كما فسر به قوله تعالى :

{ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ

مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ } ،


وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

« أنا سيد ولد آدم ولا فخر » (1) ،

ومنها :

بعثته صلى الله عليه وسلم إلى الناس عامة جنهم وإنسهم


كما قال تعالى :


{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا } . الآية ،

وقال تعالى :

{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا } ،


وقال صلى الله عليه وسلم :

« أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي :
نصرت بالرعب مسيرة شهر ،

وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ،

فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ،

وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ،

وأعطيت الشفاعة ،

وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة ،

وبعثت إلى الناس عامة » (2) ،

وقال صلى الله عليه وسلم :

« والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة

يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به

إلا كان من أصحاب النار » (3) .


وله صلى الله عليه وسلم من الخصائص

غير ما ذكرنا فتتبعها من النصوص .


==================
(1) ( صحيح ) ، رواه أحمد ( 1 / 281 ، 282 ، 295 ) ،
والترمذي ( 3615 ) ، وابن ماجه ( 4308 ) ،
وأبو يعلى ( 7 / 4305 ) ، وابن حبان ( 2127 ) ،
قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وقد صححه الشيخ الألباني ،
وفي مسلم : ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة « ( الفضائل / 2278 ) .

(2) رواه البخاري ( 438 ، 3122 ) ، ومسلم ( مساجد / 3 ) .
(3) رواه مسلم ( الإيمان / 240 ) .
 
عودة
أعلى