ثمرات التوحيد

*******************
الأصول الستة

لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب
رحـمه الله تعالى
*******************
[FONT=&quot]
الأصل السادس

[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]رد الشبه التي وضعها الشيطان

في ترك القرآن والسنة

واتّباع الآراء
والأهواء المتفرقة المختلفة،

وهي أن القرآن والسنة لا يعرفهما إلا المجتهد المطلق،

والمجتهد هو الموصوف بكذا وكذا

أوصافا لعلها لا توجد تامة في أبي بكر وعمر،

فإن لم
يكن الإنسان كذلك

فليعرض عنهما فرضًا حتمًا

لا شك ولا إشكال فيه،

ومن طلب الهدى
منها فهو إما زنديق،

وإما مجنون

لأجل صعوبة فهمها

[FONT=&quot]
[/FONT]
 
*******************
الأصول الستة

لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب
رحـمه الله تعالى
*******************
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
فسبحان الله وبحمده

كم بيّن الله
سبحانه شرعًا وقدرًا،

خلقًا وأمرًا

في رد هذه الشبهة الملعونة

من وجوه شتى بلغت إلى
حد الضروريات العامة

ولكن أكثر الناس لا يعلمون

{
لقد حق القول على أكثرهم

فهم
لا يؤمنون

إنا جعلنا في أعناقهم أغلالًا

فهي إلى الأذقان فهم مقمحون

وجعلنا من بين
أيديهم سدًا

ومن خلفهم سدًا

فأغشيناهم فهم لا يبصرون

وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون

إنما تنذر من اتّبــع الذكر

وخشي الرحمن بالغيب

فبشّره بمغفرة وأجر
كريم }
‏‏.

‏ ‏[‏سورة يس، الآيات‏:‏ 7 ـ 11‏]‏ ‏.‏
آخره

والحمد لله رب العالمين

وصلى الله على سيدنا محمد

وعلى آله وصحبه

وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين‏.‏


 
w-aqeda0107.jpg
 
113177:

الفرق بين دعاء المسألة ودعاء العبادة

ما الفرق بين دعاء المسألة ودعاء العبادة ؟

الحمد لله

تستعمل كلمة "الدعاء" للدلالة على معنيين اثنين :

1- دعاء المسألة ، وهو طلب ما ينفع ، أو طلب دفع ما يضر ، بأن يسأل الله تعالى ما ينفعه في الدنيا والآخرة ، ودفع ما يضره في الدنيا والآخرة .

كالدعاء بالمغفرة والرحمة ، والهداية والتوفيق ، والفوز بالجنة ، والنجاة من النار، وأن يؤتيه الله حسنة في الدنيا ، وحسنة في الآخرة ... إلخ .

2- دعاء العبادة ، والمراد به أن يكون الإنسان عابداً لله تعالى ، بأي نوع من أنواع العبادات ، القلبية أو البدنية أو المالية ، كالخوف من الله ومحبة رجائه والتوكل عليه ، والصلاة والصيام والحج ، وقراءة القرآن والتسبيح والذكر ، والزكاة والصدقة والجهاد في سبيل الله ، والدعوة إلى الله ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..... إلخ .

فكل قائم بشيء من هذه العبادات فهو داعٍ لله تعالى .

انظر : "القول المفيد" (1/264) ،
"تصحيح الدعاء" (ص 15- 21) .

والغالب أن كلمة (الدعاء) الواردة في آيات القرآن الكريم يراد بها المعنيان معاً ؛ لأنهما متلازمان ، فكل سائل يسأل الله بلسانه فهو عابد له ، فإن الدعاء عبادة ، وكل عابد يصلي لله أو يصوم أو يحج فهو يفعل ذلك يرد من الله تعالى الثواب والفوز بالجنة والنجاة من العقاب .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :

"كل ما ورد في القرآن من الأمر بالدعاء ، والنهي عن دعاء غير الله ، والثناء على الداعين ، يتناول دعاء المسألة ، ودعاء العبادة" انتهى .

"القواعد الحسان" (رقم/51) .

وقد يكون أحد نوعي الدعاء أظهر قصدا من النوع الآخر في بعض الآيات .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
- في قول الله عزّ وجلّ : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) الأعراف/55-56- :

" هاتان الآيتان مشتملتان على آداب نوعَيِ الدُّعاء :
دعاء العبادة ، ودعاء المسألة :

فإنّ الدُّعاء في القرآن يراد به هذا تارةً وهذا تارةً ،
ويراد به مجموعهما ؛ وهما متلازمان ؛

فإنّ دعاء المسألة : هو طلب ما ينفع الدّاعي ، وطلب كشف ما يضره ودفعِه ،... فهو يدعو للنفع والضرِّ دعاءَ المسألة ، ويدعو خوفاً ورجاءً دعاءَ العبادة ؛

فعُلم أنَّ النَّوعين متلازمان ؛
فكل دعاءِ عبادةٍ مستلزمٌ لدعاءِ المسألة ،
وكل دعاءِ مسألةٍ متضمنٌ لدعاءِ العبادة .

وعلى هذا فقوله : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فإنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذَا دَعَانِ) يتناول نوعي الدُّعاء ... وبكل منهما فُسِّرت الآية .

قيل : أُعطيه إذا سألني ،
وقيل : أُثيبه إذا عبدني ،
والقولان متلازمان .

وليس هذا من استعمال اللفظ المشترك في معنييه كليهما ،
أو استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه ؛
بل هذا استعماله في حقيقته المتضمنة للأمرين جميعاً .

فتأمَّله ؛ فإنّه موضوعٌ عظيمُ النّفع ،
وقلَّ ما يُفطن له ،
وأكثر آيات القرآن دالَّةٌ على معنيين فصاعداً ،
فهي من هذا القبيل .

ومن ذلك قوله تعالى :
(قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ)
الفرقان/77
أي : دعاؤكم إياه ، وقيل : دعاؤه إياكم إلى عبادته ،
فيكون المصدر مضافاً إلى المفعول ،
ومحل الأول مضافاً إلى الفاعل ،
وهو الأرجح من القولين .

وعلى هذا ؛ فالمراد به نوعا الدُّعاء ؛
وهو في دعاء العبادة أَظهر ؛
أَي : ما يعبأُ بكم لولا أَنّكم تَرْجُونَه ،
وعبادته تستلزم مسأَلَته ؛ فالنّوعان داخلان فيه .

ومن ذلك قوله تعالى :
(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)
غافر/60 ،
فالدُّعاء يتضمن النّوعين ، وهو في دعاء العبادة أظهر ؛

ولهذا أعقبه (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي) الآية ،
ويفسَّر الدُّعاء في الآية بهذا وهذا .

وروى الترمذي عن النّعمان بن بشير رضي الله عنه قال :
سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول على المنبر :
إنَّ الدُّعاء هو العبادة ،
ثمّ قرأ قوله تعالى :
(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) الآية ،

قال الترمذي : حديث حسنٌ صحيحٌ .
وأمَّا قوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) الآية ، الحج/73 ،

وقوله : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا) الآية ،
النّساء/117 ،

وقوله : (وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ) الآية ،
فصلت/48 ،

وكل موضعٍ ذكر فيه دعاءُ المشركين لأوثانهم ،
فالمراد به دعاءُ العبادة المتضمن دعاءَ المسألة ،
فهو في دعاء العبادة أظهر ...

وقوله تعالى : (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ)
غافر/65 ،
هو دعاء العبادة ،
والمعنى :
اعبدوه وحده وأخلصوا عبادته لا تعبدوا معه غيره .

وأمَّا قول إبراهيم عليه السّلام :
(إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاء)
إبراهيم/39 ،

فالمراد بالسمع هنا السمع الخاص وهو سمع الإجابة والقبول
لا السمع العام لأنه سميع لكل مسموع

وإذا كان كذلك فالدعاء هنا يتناول دعاء الثناء ودعاء الطلب
وسمع الرب تبارك وتعالى له إثابته على الثناء وإجابته للطلب
فهو سميع لهذا وهذا. .

وأمَّا قولُ زكريا عليه السّلام :
( ولم أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا )
مريم/4 ،

فقد قيل : إنَّه دعاءُ لسّمع الخاص ،
وهو سمعُ الإجابة والقبول ، لا السّمع العام ؛
لأنَّه سميعٌ لكل مسموعٍ ،
وإذا كان كذلك ؛

فالدُّعاء : دعاء العبادة ودعاء المسألة ،
والمعنى : أنَّك عودتَّني إجابتَك ،
ولم تشقني بالرد والحرمان ،

فهو توسلٌ إليه سبحانه وتعالى بما سلف من إجابته وإحسانه ،
وهذا ظاهرٌ ههنا .

وأمَّا قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ) الآية ،
الإسراء/110 ؛

فهذا الدُّعاء : المشهور أنَّه دعاءُ المسألة ،

وهو سببُ النّزول ،
قالوا : كان النّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يدعو ربه فيقول مرَّةً :
يا الله . ومرَّةً : يا رحمن .
فظنَّ المشركون أنَّه يدعو إلهين ،
فأنزل اللهُ هذه الآيةَ .

وأمَّا قوله : ( إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ )
الطّور/28 ،
فهذا دعاءُ العبادة المتضمن للسؤال رغبةً ورهبةً ،

والمعنى: إنَّا كنَّا نخلص له العبادة؛
وبهذا استحقُّوا أنْ وقاهم الله عذابَ السّموم ،

لا بمجرد السّؤال المشترك بين النّاجي وغيره :
فإنّه سبحانه يسأله من في السّموات والأرض ،

(لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا)
الكهف/14 ،
أي : لن نعبد غيره ،

وكذا قوله : (أَتَدْعُونَ بَعْلاً) الآية ،
الصّافات/125 .

وأمَّا قوله :
(وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ)
القصص/64 ،

فهذا دعاءُ المسألة ،
يبكتهم الله ويخزيهم يوم القيامة بآرائهم ؛
أنَّ شركاءَهم لا يستجيبون لهم دعوتَهم ،

وليس المراد : اعبدوهم ،

وهو نظير قوله تعالى :

(وَيَوْمَ يَقولُ نَادُوا شُرَكائِي الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فلمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ)
الكهف/52 "
انتهى .

"مجموع فتاوى ابن تيمية" (15/10-14) باختصار .
وانظر أمثلة أخرى في "بدائع الفوائد" لابن القيم (3/513-527) .

والله أعلم .


الإسلام سؤال وجواب


الفرق بين دعاء المسألة ودعاء العبادة - islamqa.info
 
أعلام السُنة المنشورة

لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة


المؤلف :

حافظ بن أحمد الحكمي
رحمه الله تعالى


(المتوفى : 1377هـ)


تحقيق :

حازم القاضي



الطبعة : الثانية


الناشر :

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

- المملكة العربية السعودية



================

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض
وجعل الظلمات والنور
ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ،
هو الذي خلقكم من طين
ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده
ثم أنتم تمترون ،

وهو الله في السماوات وفي الأرض
يعلم سركم وجهركم
ويعلم ما تكسبون .



وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
أحد صمد ،
لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفوا أحد ،

بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون ،
بديع السماوات والأرض
وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ،
وربك يخلق ما يشاء ويختار ،
ما كان لهم الخيرة
سبحان الله وتعالى عما يشركون ،
لا يسئل عما يفعل وهم يسألون .



وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله ،
أرسله بالهدى ودين الحق
ليظهره على الدين كله
ولو كره المشركون ،

صلى الله عليه وسلم
وعلى آله وصحبه الذين قضوا بالحق
وبه كانوا يعدلون ،

وعلى التابعين لهم بإحسان ،
الذين لا ينحرفون عن السنة
ولا يعدلون ،

بل إياها يقتفون
وبها يتمسكون
وعليها يوالون ويعادون ،
وعندها يقفون ،
وعنها يذبون ويناضلون ،
وعلى جميع من سلك سبيلهم
وقفا أثرهم إلى يوم يبعثون .


أما بعد :



فهذا مختصر جليل نافع ،
عظيم الفائدة جم المنافع ،
يشتمل على قواعد الدين ،
ويتضمن أصول التوحيد
الذي دعت إليه الرسل
وأنزلت به الكتب ،
ولا نجاة لمن بغيره يدين ،
ويدل ويرشد إلى سلوك المحجة البيضاء
ومنهج الحق المستبين ،


شرحت فيه أمور الإيمان وخصاله ،
وما يزيل جميعه أو ينافي كماله ،
وذكرت فيه كل مسألة مصحوبة بدليلها ،
ليتضح أمرها
وتتجلى حقيقتها ويبين سبيلها ،



واقتصرت فيه على مذهب
أهل السنة والاتباع ،

وأهملت أقوال
أهل الأهواء والابتداع ؛


إذ هي لا تذكر إلا للرد عليها ،
وإرسال سهام السنة عليها ،

وقد تصدى لكشف عوارها الأئمة الأجلة ،
وصنفوا في ردها وإبعادها المصنفات المستقلة ،

مع أن الضد يعرف بضده
ويخرج بتعريف ضابطه وحده ،


فإذا طلعت الشمس

لم يفتقر النهار إلى استدلال ،

وإذا استبان الحق واتضح

فما بعده إلا الضلال ،


ورتبته على طريقة السؤال ليستيقظ الطالب وينتبه ،

ثم أردفه بالجواب الذي يتضح الأمر به ولا يشتبه ،



وسميته

( أعلام السنة المنشورة ،

لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة )


والله أسأل أن يجعله ابتغاء وجهه الأعلى ،
وأن ينفعنا بما علمنا ،
ويعلمنا ما ينفعنا ،
نعمة منه وفضلا ،
إنه على كل شيء قدير


وبعباده لطيف خبير ،
وإليه المرجع والمصير ،

وهو مولانا
فنعم المولى ونعم النصير .




 
[ 1 ]

س : ما أول ما يجب على العباد ؟


جـ : أول ما يجب على العباد

معرفة الأمر الذي خلقهم الله له ،


وأخذ عليهم الميثاق به ،

وأرسل به رسله إليهم وأنزل به كتبه عليهم ،


ولأجله خلقت الدنيا والآخرة والجنة والنار ،

وبه حقت الحاقة ووقعت الواقعة ،

وفي شأنه تنصب الموازين وتتطاير الصحف ،


وفيه تكون الشقاوة والسعادة ،

وعلى حسبه تقسم الأنوار ،

ومن لم يجعل الله له نورا

فما له من نور
.
 
[ 2 ]


س : ما هو ذلك الأمر
الذي خلق الله الخلق لأجله ؟



جـ : قال الله تعالى :

{ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ

مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ


وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } ،


وقال تعالى

{ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا

ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا
} ،


وقال تعالى :

{ وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ

وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ

وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
} ،


وقال تعالى :

{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ

إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } ، الآيات .

 
[ 3 ]


س : ما معنى العبد ؟


جـ : العبد إن أريد به المعبد أي المذلل المسخر ،

فهو بهذا المعنى شامل لجميع المخلوقات

من العوالم العلوية والسفلية :


من عاقل وغيره ، ورطب ويابس ، ومتحرك وساكن ،

وظاهر وكامن ،
ومؤمن وكافر ،
وبر وفاجر ،

وغير ذلك .


الكل مخلوق لله عز وجل ،

مربوب له
،


مسخر بتسخيره ،

مدَّبر بتدبيره ،


ولكل منها رسم يقف عليه ، وحد ينتهي إليه ،


كل يجري لأجل مسمى لا يتجاوزه مثقال ذرة


{ ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } ،

وتدبير العدل الحكيم .



وإن أريد به العابد المحب المتذلل

خُصَّ ذلك بالمؤمنين


الذي هم عباده المكرمون وأولياؤه المتقون

الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .

 
[ 4 ]


س : ما هي العبادة ؟


جـ : العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه

من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة

والبراءة مما ينافي ذلك ويضاده .



[ 5 ]


س : متى يكون العمل عبادة ؟


جـ : إذا أكمل فيه شيئان

وهما كمال الحب
مع كمال الذل
،


قال تعالى :

{ وَالَّذِينَ آمَنُوا

أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ } ،

وقال تعالى :

{ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ

رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ } ،

وقد جمع الله تعالى بين ذلك
في قوله :


{ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ

وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا
وَكَانُوا
لَنَا خَاشِعِينَ } .

 
[ 6 ]


س : ما علامة محبة العبد ربه عز وجل ؟


جـ : علامة ذلك ،

أن يحب ما يحبه الله تعالى ويبغض ما يسخطه ،

فيمتثل أوامره ويجتنب مناهيه ،

ويوالي أولياءه ويعادي أعداءه ،


ولذا كان أوثق عرى الإيمان

الحب في الله والبغض فيه .

 
[ 7 ]


س : بماذا عرف العباد ما يحبه الله ويرضاه ؟


جـ : عرفوه بإرسال الله تعالى الرسل وإنزاله الكتب ،

آمرا بما يحبه الله ويرضاه ، ناهيا عما يكرهه ويأباه ،

وبذلك قامت عليهم حجته الدامغة ،

وظهرت حكمته البالغة ،


قال الله تعالى :

{ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ

لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } ،


وقال تعالى :

{ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ

فَاتَّبِعُونِي


يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ

وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ

وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
} .
 
[ 8 ]



س : كم شروط العبادة ؟


جـ : ثلاثة :

الأول

صدق العزيمة
وهو شرط في وجودها ،


والثاني

إخلاص النية ،


والثالث

موافقة الشرع

الذي أمر الله تعالى أن لا يدان إلا به ،


وهما شرطان في قبولها .
 
[ 9 ]


س : ما هو صدق العزيمة ؟


جـ : هو ترك التكاسل والتواني

وبذل الجهد في أن يصدق قوله بفعله ،


قال الله تعالى :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ

كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } .
 
[ 10 ]


س : ما معنى إخلاص النية ؟


جـ : هو أن يكون مراد العبد بجميع أقواله وأعماله

الظاهرة والباطنة ابتغاء وجه الله تعالى ،

قال الله عز وجل :

{ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ
مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ } ،


وقال تعالى :

{ وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى

إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى } ،

وقال تعالى :
{ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ

لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا } ،


وقال تعالى :

{ مَنْ كَانَ

يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ

وَمَنْ كَانَ

يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا

وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ } ،


وغيرها من الآيات .
 
[ 11 ]


س : ما هو الشرع الذي أمر الله تعالى أن لا يدان إلا به ؟

جــــ :

هي الحنيفية ملة إبراهيم عليه السلام ،

قال تبارك وتعالى :

{ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ

الْإِسْلَامُ } ،

وقال تعالى :

{ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ

وَلَهُ أَسْلَمَ
مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا
} ،



وقال تعالى :

{ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ
إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ } ،



وقال تعالى :

{ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا
فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ


وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ،


وقال تعالى :

{ أَمْ لَهُمْ

شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ

مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } ،


وغيرها من الآيات .
 
[ 12 ]


س : كم مراتب دين الإسلام ؟


جـ : هو ثلاث مراتب :

الإسلام والإيمان والإحسان ،


وكل واحد منها إذا أطلق شمل الدين كله .



[ 13 ]

س : ما معنى الإسلام ؟


جـ : معناه

الاستسلام لله بالتوحيد ،


والانقياد له بالطاعة ،


والخلوص من الشرك ،


قال الله تعالى :


{ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ

أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ } ،


وقال تعالى :


{ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ

فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى
} ،



وقال تعالى :


{ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ

فَلَهُ أَسْلِمُوا

وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ
} .

 
[ 14 ]


س : ما الدليل على شموله الدين كله عند الإطلاق ؟


جـ : قال الله تعالى :

{ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ } ،


وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

« بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ » (1) ،


وقال صلى الله عليه وسلم :

« أفضل الإسلام إيمان بالله » (2) .


وغير ذلك كثير .


==================

(1) رواه مسلم ( الإيمان / 232 ) ، والترمذي ( 2629 ) ،


وابن ماجه ( 3986 ، 3987 ) ، وغيرهم .


(2) رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ،
قال : « سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل ؟
قال : إيمان بالله . . » . ( الإيمان 135 ) ،

ورواه أحمد ( 4 / 114 ) ،
وعبد الرزاق ( 11 / 127 ) من حديث عمرو بن عتبة .

 
[ 15 ]


س : ما الدليل على تعريفه بالأركان الخمسة
عند التفصيل ؟


جـ : قوله صلى الله عليه وسلم

في حديث سؤال جبريل إياه عن الدين :


« الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ،

وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ،

وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا » (1)،

وقوله صلى الله عليه وسلم :

« بني الإسلام على خمس » (2) ،


فذكر هذه غير أنه قدم الحج على صوم رمضان

وكلاهما في الصحيحين .


==================
(1) رواه البخاري ( 50 ، 4777 ) ،
ومسلم ( الإيمان / 1 ، 5 ) ، وغيرهما .

(2) رواه البخاري ( 4514 ) ،
ومسلم ( الإيمان / 19 ) ، وغيرهما .

 
[ 16 ]


س : ما محل الشهادتين من الدين ؟

جـ : لا يدخل العبد في الدين إلا بهما ،

قال الله تعالى :

{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ } ،

وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

« أُمرت أن أقاتل الناس

حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله

وأنَّ محمدا عبده ورسوله » " (1) . الحديث ،


وغير ذلك كثير .


==================
(1) رواه البخاري ( 25 ، 1399 ) ،
ومسلم ( الإيمان / 32 ، 33 ، 34 ، 35 ، 37 ) ، وغيرهما .
 
[ 17 ]


س : ما دليل شهادة أن لا إله إلا الله ؟


جـ : قول الله تعالى :

{ شَهِدَ اللَّهُ

أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ

وَالْمَلَائِكَة ُ وَأُولُو الْعِلْمِ


قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ،

وقوله تعالى :

{ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ } ،

وقوله تعالى :

{ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ } ،

وقوله تعالى :

{ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ
وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ
} . الآيات ،


وقوله تعالى :

{ قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ

إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا } . الآيات ،

وغيرها .
 
[ 18 ]


س : ما معنى شهادة أن لا إله إلا الله ؟


جـ : معناها نفي استحقاق العبادة
عن كل ما سوى الله تعالى


وإثباتها لله عز وجل وحده

لا شريك له في عبادته
،

كما أنه ليس له شريك في ملكه ،


قال الله تعالى :

{ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ

وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ

وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } .

 
[ 19 ]



س : ما هي شروط شهادة أن لا إله إلا الله


التي لا تنفع قائلها - إلا باجتماعها فيه ؟


جـ : شروطها سبعة :


الأول :

العلم بمعناها نفيا وإثباتا .


الثاني :

استيقان القلب بها .


الثالث :

الانقياد لها ظاهرا وباطنا .


الرابع :

القبول لها
فلا يرد شيئا من لوازمها ومقتضياتها .


الخامس :

الإخلاص فيها .


السادس :

الصدق من صميم القلب
لا باللسان فقط .


السابع :

المحبة لها ولأهلها ،
والموالاة والمعاداة لأجلها .

 
[ 20 ]

س : ما دليل اشتراط العلم من الكتاب والسنة ؟


جـ : قول الله تعالى :

{ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ } ،

أي بلا إله إلا الله ،

{ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }

بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم ،

وقول النبي صلى الله عليه وسلم :

« من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله
دخل الجنة
» "
(1) .


==================
(1) رواه مسلم ( الإيمان / 43 ) .
 
[ 21 ]


س : ما دليل اشتراط اليقين من الكتاب والسنة ؟


جـ : قول الله عز وجل :

{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ

ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا
}


إلى قوله {
أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } ،


وقول النبي صلى الله عليه وسلم :

«
أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ،

لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما

إلا دخل الجنة
» (1) ،


وقال صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة :

«
من لقيت وراء هذا الحائط
يشهد أن لا إله إلا الله

مستيقنا بها قلبه
فبشره بالجنة
» (2) .


كلاهما في الصحيح .



==================
(1) رواه مسلم ( الإيمان / 44 ، 45 ).

(2) رواه مسلم ( الإيمان / 52 ) .



 
[ 22 ]

س : ما دليل اشتراط الانقياد من الكتاب والسنة ؟


جـ : قال الله تعالى :

{ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ

فَقَدِ
اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى } ،


وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

« لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به » " (1) .


==================
(1) ( إسناده حسن إن شاء الله ) ، رواه الحسن بن سفيان في الأربعين له ،
ورواه الإمام البغوي في شرح السنة ( 1 / 213 ) ،


وتاريخ بغداد ( 4 / 369 ) من حديث عبد الله بن عمرو ، وإسناده ضعيف لضعف نعيم بن حماد ،
وقال ابن عساكر : وهو حديث غريب ، قال الألباني : يعني ضعيف ، اهـ .
( تعليقه على السنة لابن أبي عاصم 15 )

وقد صحح إسناده الإمام النووي ( ونعيم بن حماد يخطى كثيرا ، فقيه عارف بالفرائض ) ،

قال الحافظ : وقد تتبع ابن عدي ما أخطأ فيه وقال : باقي حديثه مستقيم .

وانظر ترجمة نعيم بن حماد في كتاب التنكيل جـ 1 ص 507 ،

وقال الحافظ أيضا : وقال أبو أحمد الحاكم : ربما يخالف في بعض حديثه ،

وقد مضى أن ابن عدي يتتبع ما وهم فيه فهذا أفضل القول فيه .

وقد ذكر الذهبي في الميزان ثمانية أحاديث
وكأنها أشد ما انتقد على نعيم ، وليس هذا الحديث منها .

 
[ 23 ]


س : ما دليل اشتراط القبول من الكتاب والسنة ؟


جـ : قال الله تعالى في شأن من لم يقبلها :


{ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ

وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ }


إلى قوله :
{ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ

لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
يَسْتَكْبِرُونَ }


{ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ } . الآيات ،

وقال النبي صلى الله عليه وسلم :


« مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم

كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا

فكان منها نقية قبلت الماء

فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ،

وكان منها أجادب أمسكت الماء

فنفع الله به الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ،

وأصاب منها طائفة أخرى

إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ ،

فذلك مثل من فقه في دين الله

ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ،

ومثل من لم يرفع بذلك رأسا

ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به » . (1) .


==================
(1) رواه البخاري ( 79 ) ، ومسلم ( الفضائل / 15 ) ،
وأحمد ( 4 / 399 ) .
 
[ 24 ]


س ما دليل اشتراط الإخلاص من الكتاب والسنة ؟


جـ : قال الله تعالى :

{ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } ،

وقال تعالى :

{ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ } .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

« أسعد الناس بشفاعتي

من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه » (1) ،

وقال النبي صلى الله عليه وسلم :


«إن الله تعالى حرم على النار

من قال لا إله إلا الله

يبتغي بذلك وجه الله » " (2) .



==================
(1) رواه البخاري ( 99 ) ، وأحمد ( 2 / 373 ).

(2) رواه البخاري ( 425 ) ، ومسلم ( مساجد / 263 ) .
 
[ 25 ]


س : ما دليل الصدق من الكتاب والسنة ؟


جـ : قال الله تعالى :

{ الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا
وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ


وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ

فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا

وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ }

إلى آخر الآيات ،


وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

« ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله

وأن محمدا رسول الله

صدقًا من قلبه
إلا حرَّمه الله على النار » (1) ،



وقال للإعرابي الذي علمه شرائع الإسلام

إلى أن قال :


« والله لا أزيد عليها ولا أنقص منها ،

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" أفلح إن صدق » " (2) .


==================
(1) رواه البخاري ( 128 ) ، ومسلم ( الإيمان / 53 ).

(2) رواه البخاري ( 46 ، 1891 ) ، ومسلم ( الإيمان / 8 ، 9 ،
وأحمد ( 1 / 162 ) ، وأبو داود ( 391 ) .
 
[ 26 ]


س : ما دليل اشتراط المحبة من الكتاب والسنة ؟

جـ : قال الله تعالى :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ

فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } ،


وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

« ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان :

أن يكون الله ورسوله
أحبَّ إليه مما سواهما ،

وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ،

وأن يكره أن يعود في الكفر
بعد إذ أنقذه الله منه

كما يكره أن يقذف في النار » " (1) .


==================
(1) رواه البخاري ( 16 ، 21 ، 6941 ) ،
ومسلم ( الإيمان / 67 ، 68 ) .
 
[ 27 ]


س : ما دليل الموالاة لله والمعاداة لأجله ؟


جـ : قال الله عز وجل

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ


بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ

وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ
}


إلى قوله :

{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا }

إلى آخر الآيات ،


وقوله تعالى :


{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ


إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ } الآيتين ،

وقال تعالى :

{ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ

يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } الآية ،

وقال تعالى :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ }

إلى آخر السورة
،


وغير ذلك من الآيات .

 
[ 28 ]


س : ما دليل شهادة أن محمدا رسول الله
صلى الله عليه وسلم ؟


جـ : قول الله تعالى :

{ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ

إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ

يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ

وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } الآية ،

وقوله تعالى :


{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ

عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ

حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ

بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } ،


وقوله تعالى :

{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ } ،

وغيرها من الآيات .
 
[ 29 ]

س : ما معنى شهادة أن محمدا رسول الله
صلى الله عليه وسلم
؟


جـ : هو التصديق الجازم من صميم القلب
المواطئ لقول اللسان


بأن محمدا عبده ورسوله
إلى كافة الناس إنسهم وجنهم


{ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا }

{ وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا }

فيجب تصديقه في جميع ما أخبر به

من أنباء ما قد سبق وأخبار ما سيأتي ،


وفيما أحل من حلال وحرم من حرام ،

والامتثال والانقياد لما أمر به ،

والكف والانتهاء عما نهى عنه ،

واتباع شريعته والتزام سنته في السر والجهر

مع الرضا بما قضاه والتسليم له ،

وأن طاعته هي طاعة الله ومعصيته معصية الله ؛

لأنه مبلغ عن الله رسالته

ولم يتوفه الله حتى أكمل به الدين وبلغ البلاغ المبين

وترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها

لا يزيغ عنها بعده إلا هالك ،



وفي هذا الباب مسائل ستأتي إن شاء الله .
 
[ 30 ]


س : ما شروط شهادة أن محمدا رسول الله
صلى الله عليه وسلم
،

وهل تقبل الشهادة الأولى بدونها ؟


جـ : قد قدمنا لك أن العبد
لا يدخل في الدين إلا بهاتين الشهادتين

وأنهما متلازمتان ،

فشروط الشهادة الأولى
هي شروط في الثانية ،


كما أنها هي شروط في الأولى .

 
[ 31 ]


س : ما دليل الصلاة والزكاة ؟


جـ : قال الله تعالى :

{ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ
فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ } ،

وقال تعالى :

{ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ
فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ } ،

وقال تعالى :

{ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ
مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ
وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ
وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ } الآية ،

وغيرهما .
 
[ 32 ]

س : ما دليل الصوم ؟


جـ : قال الله تعالى :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ

كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ } ،


وقال تعالى :

{ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } الآيات ،


وفي حديث الأعرابي :

أخبرني ما فرض الله عليّ من الصيام .

فقال :
« شهر رمضان إلا أن تطوع شيئا » . الحديث .
 
[ 33 ]

س : ما دليل الحج ؟

جـ : قال الله تعالى :

{ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ } ،

وقال تعالى :

{ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ
مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا
} ،


وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

« إن الله تعالى كتب عليكم الحج » (1) .

الحديث في الصحيحين ،

وتقدم حديث جبريل وحديث :

«
بني الإسلام على خمس »
(2) ،

وغيرها كثير .
==================

(1) رواه مسلم ( الحج / 412 ) ،
وأحمد ( 1 / 371 ، 2 / 508 ) .
(2) تقدم تخريجه .


 
[ 34 ]
س : ما حكم من جحد واحدا منها
أو أقر به واستكبر عنه ؟


جـ : يقتل كفرا كغيره من المكذبين والمستكبرين

مثل إبليس وفرعون .



[ 35 ]



س : ما حكم من أقر بقواعد الإسلام الخمس
ثم تركها لنوع تكاسل أو تأويل ؟


جـ : أما الصلاة
فمن أخرها عن وقتها بهذه الصفة فإنه يستتاب ،


فإن تاب وإلا قتل حدا


لقوله تعالى :

{ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ } ،


وحديث :

« أمرت أن أقاتل الناس » (1) . الحديث وغيره ،


وأما الزكاة
فإن كان مانعها ممن لا شوكة له


أخذها الإمام منه قهرا ونكله بأخذ شيء من ماله ؛

لقوله صلى الله عليه وسلم :


« ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله معها » (2) . الحديث ،

وإن كانوا جماعة ولهم شوكة وجب على الإمام قتالهم حتى يؤدوها

للآيات والأحاديث السابقة وغيرها ،

وفعله أبو بكر والصحابة رضي الله عنهم أجمعين .

وأما الصوم

فلم يرد فيه شيء ولكن يؤدبه الإمام أو نائبه

بما يكون زجرا له ولأمثاله .


وأما الحج

فكل عمر العبد وقت له لا يفوت إلا بالموت ،


والواجب فيه المبادرة ،

وقد جاء الوعيد الأخروي في التهاون فيه ،


ولم ترد فيه عقوبة خاصة في الدنيا .


==================
(1) رواه البخاري ( 25 ، 1399 ) ، ومسلم ( الإيمان / 32 ، 37 ) .

(2) ( حسن ) رواه أبو داود ( 1575 ) ، والنسائي ( 2292 ) أ ، ( 2297 ) أ ،
وابن الجارود ( 174 ) ، والحاكم ( 1 / 398 ) ، والبيهقي ( 4 / 105 ) ،
وأحمد ( 4 / 2 ، 4 ) من طرق عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده ،

وقد قال الحاكم : صحيح الإسناد . ووافقه الذهبي ،

وقد حسن الحديث الشيخ الألباني للخلاف المعروف على بهز بن حكيم ،

وقال الشافعي : ليس بحجة ، وهذا الحديث لا يثبته أهل العلم بالحديث ولو ثبت لقلنا به ،

وكان الشافعي قد قال به في مذهبه القديم ثم رجع عن ذلك في الجديد ،

أما عن شرح مسألة « أخذ نصف ماله معه » فقد تقرر عن كثير من علماء الأمة

أن الغلول في الصدقة والغنيمة لا يوجب غرامة في المال .

ولذلك فإنهم اتجهوا إلى تأويل هذا الحديث بما يلي :

( 1 ) أن الحديث منسوخ ،
ورد ذلك بأن دعوى النسخ غير مقبولة إلا مع وجود الدليل على ذلك
مع العلم بتاريخ الأسبق ، وهذا غير محقق في مسألتنا .

( 2 ) أن الحديث فيه وهم قد وقع في سياق متنه

وأن الصحيح « فإنا آخذوها من شطر ماله » أي يجعل ماله شطرين فيتخير عليه المصدق
ويأخذ الصدقة من خير الشطرين عقوبة لمنعه الزكاة ، فأما ما لا يلزمه فلا .

( 3 ) أن الحديث صحيح ويجب أن يؤخذ به على ظاهره ،

وأنه قد ثبت عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في شرعية العقوبات المالية لم يثبت نسخها بحجة .

( 4 ) أن الحديث ضعيف باعتبار أن بهزا لا يحتج به ،

وقد ذهب إلى ذلك بعض العلماء وخالفهم آخرون ،

والقول الثاني هو الأقرب عندنا ،


والله تعالى أعلم .
 
[ 36 ]


س : ما هو الإيمان ؟

جـ : الإيمان قول وعمل :

قول القلب واللسان ،

وعمل القلب واللسان والجوارح ،

ويزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ،

ويتفاضل أهله فيه .

 
[ 37 ]

س : ما الدليل على أنه قول وعمل ؟


جـ : قال الله تعالى :

{
وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ } . الآية ،

وقال تعالى :

{
فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ } .

وهذا معنى الشهادتين

اللتين لا يدخل العبد في الدين إلا بهما ،


وهي من عمل القلب اعتقادا

ومن عمل اللسان نطقا لا تنفع إلا بتواطئهما ،

وقال تعالى :

{
وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ }

يعني صلاتكم إلى بيت المقدس قبل تحويل القبلة ،
سمى الصلاة كلها إيمانا ،

وهي جامعة لعمل القلب واللسان والجوارح ،

وجعل النبي صلى الله عليه وسلم الجهاد وقيام ليلة القدر

وصيام رمضان وقيامه وأداء الخمس وغيرها من الإيمان ،

وسئل النبي صلى الله عليه وسلم

« أي الأعمال أفضل ؟

قال : " إيمان بالله ورسوله » " (1) .


==================
(1) رواه البخاري ( 26 ، 1519 ) ،
ومسلم ( الإيمان / 135 ) .
 
[ 38 ]


س : ما الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه ؟

جـ : قوله تعالى :
{ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ } -

{ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } -

{ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى } -

{ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى } -

{ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا } -

{ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا } -

{ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا } -

{ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا } ،


وغير ذلك من الآيات ،


وقال صلى الله عليه وسلم :

« لو أنكم تكونون في كل حالة كحالتكم عندي
لصافحتكم الملائكة » (1) ،

أو كما قال


==================
(1) رواه مسلم ( التوبة / 12 )
وابن ماجه ( 4239 ) واللفظ له .

 
[ 39 ]

س : ما الدليل على تفاضل أهل الإيمان فيه ؟


جـ : قال تعالى :

{ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ } -

إلى : { وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ } ،

وقال تعالى :

{ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ
فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ


وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ
فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ
} ،



وقال تعالى :

{ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ
وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ } . الآيات ،

وفي حديث الشفاعة :

«أن الله يخرج من النار
من كان في قلبه وزن دينار من إيمان ،


ثم من كان في قلبه
نصف دينار من إيمان
» .


وفي رواية :

« يخرج من النار من قال لا إله إلا الله

وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ،

ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله

وكان في قلبه من الخير ما يزن برة ،

ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله

وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة » " (1) .

==================
(1) رواه البخاري ( 44 ، 7410 ) ،
ومسلم ( الإيمان / 325 ) .

 
[ 40 ]


س : ما الدليل على أن الإيمان
يشمل الدين كله عند الإطلاق
؟


جـ : قال النبي صلى الله عليه وسلم

في حديث وفد عبد القيس :


« آمركم بالإيمان بالله وحده " ،

قال : " أتدرون ما الإيمان بالله وحده " .

قالوا : الله ورسوله أعلم .


قال : " شهادة أن لا إله إلا الله

وأن محمدا رسول الله ،


وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ،

وأن تؤدوا من المغنم الخمس
»
" (1) .



==================
(1) رواه البخاري ( 53 ، 87 ، 523 ) ،
ومسلم ( الإيمان / 23 ) .
 
[ 41 ]


س : ما الدليل على تعريف الإيمان بالأركان الستة
عند التفصيل ؟


جـ : قول النبي صلى الله عليه وسلم
لما قال له جبريل عليه السلام :


« أخبرني عن الإيمان قال :

" أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ،

وتؤمن بالقدر خيره وشره » " (1) .


[ 42 ]


س : ما دليلها من الكتاب جملة ؟


جـ : قال الله تعالى :

{ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ

وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ

وَالْمَلَائِكَة ِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ
} ،


وقوله تعالى :

{ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } ،


وسنذكر إن شاء الله دليل كل على انفراده .

==================
(1) رواه البخاري ( 50 / 4777 ) ،
ومسلم ( الإيمان / 1 ، 5 ) .

 
[ 43 ]


س : ما معنى الإيمان بالله عز وجل ؟


جـ : هو التصديق الجازم من صميم القلب

بوجود ذاته تعالى الذي لم يسبق بضد ولم يعقب به ،

هو الأول فليس قبله شيء ،

والآخر فليس بعده شيء ،

والظاهر فليس فوقه شيء ،

والباطن فليس دونه شيء ،

حي قيوم ، أحد صمد


{ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } ،

وتوحيده بإلهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته .

 
[ 44 ]

س : ما هو
توحيد الإلهية ؟



جـ : هو إفراد الله عز وجل بجميع أنواع العبادة

الظاهرة والباطنة قولا وعملا ،

ونفي العبادة عن كل ما سوى الله تعالى كائنا من كان ،

كما قال تعالى :

{ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ } ،

وقال تعالى :

{ وَاعْبُدُوا اللَّهَ

وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا } ،


وقال تعالى :

{ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا

فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي } ،

وغير ذلك من الآيات ،


وهذا قد وفت به
شهادة أن لا إله إلا الله .



[ 45 ]

س : ما هو ضد توحيد الإلهية ؟

جـ : ضده
الشرك ، وهو نوعان :

شرك أكبر ينافيه بالكلية ،

وشرك أصغر ينافي كماله .

 
[ 46 ]


س : ما هو الشرك الأكبر ؟

جـ : هو اتخاذ العبد من دون الله
ندًا يسويه برب العالمين

يحبه كحب الله
ويخشاه كخشية
الله

ويلتجئ إليه
ويدعوه ويخافه ويرجوه


ويرغب إليه ويتوكل عليه ،

أو يطيعه في معصية الله ،
أو يتبعه على غير مرضاة
الله ،
وغير ذلك ،



قال تعالى :

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ

وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ

وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ

فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا
} ،


وقال تعالى :

{ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ

فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا
} ،


وقال تعالى :

{ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ

فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ } ،


وقال تعالى :

{ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ
فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ

فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ
أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ
سَحِيقٍ } ،


وغير ذلك من الآيات ،

وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

« حق الله على العباد
أن يعبدوه
ولا يشركوا به شيئا ،


وحق العباد على الله
أن لا يعذب
من لا يشرك به شيئا » (1) ،


وهو في الصحيحين .


ويستوي في الخروج بهذا الشرك عن الدين

المجاهر به ككفار قريش وغيرهم ،


والمبطن له
كالمنافقين المخادعين


الذين يظهرون الإسلام

ويبطنون الكفر ،


قال الله تعالى :

{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ

وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا

إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا
وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ

وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ
فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ
}
.


وغير ذلك من الآيات .


==================
(1) رواه البخاري ( 2856 ، 5967 ، 6267 ، 6500 ) ،
ومسلم ( الإيمان / 48 ، 51 ) ،
وأحمد ( 3 / 260 ، 261 ) ،
والترمذي ( 2643 ) ،
وابن ماجه ( 4269 ) .
 
[ 47 ]

س : ما هو الشرك الأصغر ؟


جـ : هو يسير الرياء الداخل في تحسين العمل
المراد به الله تعالى ،


قال الله تعالى :


{ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا
وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } ،



وقال النبي صلى الله عليه وسلم :


« أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر » (1) ،



فسئل عنه فقال : ( الرياء ) ،


ثم فسره بقوله صلى الله عليه وسلم :



« يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته


لما يرى من نظر رجل إليه » (2) .



ومن ذلك الحلف بغير الله


كالحلف بالآباء والأنداد والكعبة والأمانة وغيرها ،


قال صلى الله عليه وسلم :


« لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد » (3) ،



وقال صلى الله عليه وسلم :


« لا تقولوا والكعبة ، ولكن قولوا ورب الكعبة » (4) .



وقال صلى الله عليه وسلم :


" « لا تحلفوا إلا بالله » (5) ،



وقال صلى الله عليه وسلم :


« من حلف بالأمانة فليس منا » (6) ،



وقال صلى الله عليه وسلم :


« من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك » (7) ،



وفي رواية : ( وأشرك ) .


ومنه قوله : ما شاء الله وشئت .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي قال ذلك :


« أجعلتني لله ندا بل ما شاء الله وحده » (8) .



ومنه قول : لولا الله وأنت ،



وما لي إلا الله وأنت ،


وأنا داخل على الله وعليك ، ونحو ذلك .


قال صلى الله عليه وسلم :


« لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ،


ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان » (9) .



قال أهل العلم :


ويجوز لولا الله ثم فلان ،



ولا يجوز لولا الله وفلان .


==================
1) ( صحيح ) ، رواه أحمد ( 5 / 428 ، 429 ) ،
والبغوي في شرح السنة ( 14 / 324 ) عن عمرو بن أبي عمرو ،
وعن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث ،
وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات ،
رجال الشيخين غير محمود بن لبيد فإنه من رجال مسلم وحده .
قال الحافظ : وهو صحابي صغير وجُلّ روايته عن الصحابة
( أفاده الشيخ الألباني في الصحيحة 951 ) .


(2) ( حديث حسن . والجزء الذي احتج به الحافظ الحكمي « صحيح لغيره » أو نقول صحيح المتن ) ،
رواه ابن ماجه ( 4204 ) بسند حسن على الراجح ،

وقد قال الإمام البوصيري عن سند ابن ماجه :
« هذا إسناد حسن . كثير بن زيد وربيع بن عبد الرحمن مختلف فيهما » ،
رواه الإمام أحمد من حديث أبي سعيد أيضا والبيهقي ،
ورواه أحمد بن منيع ثنا كثير ،
فذكره بزيادة في أوله كما أوردته في زوائد المسانيد العشرة . ا هـ .

قلت : وكثير بن زيد صدوق يخطئ ،
وربيع مقبول كما قال الحافظ ، يعني عند المتابعة ،
وقد توبع خاصة في الجزء المحتج به في الحديث
لما رواه ابن خزيمة ( 937 ) ، وصححه بإيراده أيضا محتجا به ،
وقد احتج به أيضا الحافظ المنذري في الترغيب بتصديره بـ « عن » ،
وهو من حديث محمود بن لبيد قال :
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
« أيها الناس ، إياكم وشرك السرائر ،
قالوا : يا رسول الله ، وما شرك السرائر ؟
قال : يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته جاهدا
لما يرى من نظر الناس إليه ، فذلك شرك السرائر » .


(3) ( صحيح ) ، رواه أبو داود ( 3248 ) ، والنسائي ( 7 / 5 ) ،
وسكت عنه الإمام أبو داود ، وصححه الألباني .


(4) ( صحيح ) ، رواه النسائي ( 3773 ) ،
قال الحافظ في الإصابة ( 4 / 329 ) : أخرجه النسائي وسنده صحيح ،
وقد رواه النسائي في الكبرى ( 3 / 329 ) . أخرجه النسائي وسنده صحيح ،
وقد رواه النسائي في الكبرى ( 3 / 124 )
وفيه « . . فأمرهم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا ورب الكعبة . . » .
ولم نره واللفظ الذي أورده المؤلف .


(5) تقدم رقم ( 3 ) .

(6) ( صحيح ) ، رواه أبو داود ( 3253 ) حدثنا أحمد بن يونس ، ثنا زهير ،
ثنا الوليد بن بن ثعلبة الطائي ، عن أبي بريدة ، عن أبيه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الحديث .
وقد قال الشيخ الألباني : وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات ا هـ .


(7) ( صحيح ) رواه أحمد ( 2 / 34 ، 67 ، 69 ، 86 ، 125 ) ،
ورواه أبو داود ( 3251 ) ، والترمذي ( 1535 ) ،
والحاكم ( 4 / 297 ) ، والبيهقي ( 10 / 29 ) ،
وقد سكت عنه الإمام أبو داود ،
وقال الإمام الترمذي : هذا حديث حسن ،
وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي ،
وقد صححه أيضا الألباني .


(8) ( سنده حسن وهو صحيح لغيره ) ،
رواه أحمد ( 1 / 214 ، 224 ، 283 ، 347 ) ، وابن ماجه ( 2117 ) ،
والنسائي ( في الكبرى ) ، والطحاوي ( 1 / 90 ) ،
وأبو نعيم ( 4 / 99 ) ، ورواه أيضا البخاري في الأدب ( 783 ) ،

قال الحافظ العراقي : رواه النسائي في الكبرى وابن ماجه بإسناد حسن ، ا هـ . ( إتحاف 7 / 574 )
وقد جاء الحديث عن طرق عن الأجلح عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس
إلا أن ابن عساكر قال : « الأعمش » بدل « الأجلح » ،
والأجلح هذا هو ابن عبد الله أبو حجية الكنزي ،
وهو صدوق شيعي كما في التقريب ،
وبقية رجاله ثقات ، رجال الشيخين ،
فالإسناد حسن وله شواهد تصححه .


(9) ( صحيح ) من حديث حذيفة . رواه أحمد ( 5 / 384 ، 394 ، 398 ) ،
وأبو داود ( 4980 ) ، والبيهقي ( 3 / 216 ) ،
والطحاوي ( 1 / 90 ) من طرق عن شعبة عن منصور بن المعتمر سمعت عبد الله بن يسار عن حذيفة به ،
وهذا سنده صحيح ، رجاله كلهم ثقات ،
رجال الشيخين ، غير عبد الله بن يسار وهو الجهني وهو ثقة ،
وثقه النسائي وابن حبان .
 
[ 48 ]


س : ما الفرق بين الواو وثم

في هذه الألفاظ ؟


جـ : لأن العطف بالواو يقتضي المقارنة والتسوية ،

فيكون من قال : ما شاء الله وشئت ،

قارنًا مشيئة العبد بمشيئة الله مسويا بها ،

بخلاف العطف بثم المقتضية للتبعية ،

فمن قال : ما شاء الله ثم شئت ،

فقد أقر بأن مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله تعالى،

لا تكون إلا بعدها ،


كما قال تعالى :

{ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ } ،


وكذلك البقية .
 
عودة
أعلى