نقد وخواطر وتعليقات على كتب وكتابات

:" كما أن العنف البنيوي كان صارخا، ويكشف عن فراغ موقف السادات الديني، حيث إنه خلق ظروفاً من عدم المساواة الواضحة التي يستنكرها القرآن. اكتشف السادات بأن اعتداء سياساته واقتصاده على المصريين قد تسبب في ولادة حركات إسلامية سياسية معادية بشكل خطير لنظام حكمه"
كارين آرمسترونج: حقول الدم ص 518.
 
" كانت الحرب البوسنية (1992-1995م) ، واحدة من آخر حروب الإبادة في القرن العشرين... ولكن بعيداً عن الافتراض الشائع في الغرب بأن الإنقسام في البلقان كان قديماً ومتجذراً وأن العنف كان متأصلاً بسبب عوامل " دينية" ، فإن مثل هذا التعصب وعدم التسامح الشعبي كان جديداً تماماً، فقد عاش اليهود والمسيحيون والمسلمون في سلام مشترك لخمسمئة عام تحت حكم الإمبراطورية العثمانية واستمر ذلك حتى سقوطها في عام 1918م"
كارين آرمسترونج: حقول الدم ص 556.
 
عن البوسنة
:" وقد أسهمت الصورة النمطية عن الإسلام والخوف من قيام دولة إسلامية على بوابة أوروبا في امتناع الغرب عن التدخل"
كارين آرمسترونج: حقول الدم ص 559.
 
ماهي الحالة العلمانية الحالية وتعاملها مع الواقع المادي والبشري؟
يقول المسيري عرضا لحالتها :" فالعلمانية الشاملة تحول العالم إلى مادة إستعمالية وترفض أية مرجعية متجاوزة للعالم المادي والحواس الخمس. ولكنها -بسبب إطارها المادي- تذهب إلى أن القيم التي تساعد على تحقيق القانون الطبيعي( المتعة- البقاء المادي- القوة- الانتصار في معركة البقاء) هي الخير، أما مايقف في طريق تحققه فهو الشر. ولكن لأن كل الأمور نسبية فإنه يحدث أن يظهر الفرد صاحب القوة ، (السوبرمان) ، الإمبريالي الذي يحسم المواقف النسبية ويخدم مصلحته بالقوة، فيفرض إرادته ويوظف الواقع لصالحه، ويحقق بقاءه ( ومنفعته ولذته) وعلى حساب الآخرين. وليس من قبيل الصدفة أن الصراع أصبح المفهوم الأساسي في حضارتنا، وأن الداروينية الاجتماعية أصبحت أهم الفلسفات وأكثرها إنتشاراً سواء بين الخاصة أو العامة، وأن الإمبريالية أهم ظاهرة في عصرنا الحديثة
المسيري: العلمانية الشاملة ج2 ص 248،249.
 
الظن العلماني التنويري المادي، والبحث عن السعادة بأدوات مادية وحصول الضلال المبين (مابعد الحداثة وعدميتها)
:" وكان الظن أن هذا البحث سيؤدي إلى مزيد من التحكم في الذات ، وان تراكم السلع سيؤدي إلى زيادة سعادة الإنسان. لكن الواضح أنه يؤدي إلى افتقار دائم للإتزان، وهو افتقار ذو تكلفة عالية إنسانياً. وقد أدى الإحساس بالإفتقار إلى الإتزان وفقدان التحكم واختفاء الحدود ، على المستوى الفلسفي، إلى ظهور مابعد الحداثة والعدمية الفلسفية"
المسيري: العلمانية الشاملة ج2 ص 249.
 
:" النموذج العلماني يبدأ بوضع الإنسان في المركز ، ثم يزيحه عن المركز، وينتهي بإلغائه كله"
المسيري: العلمانية الشاملة ج2 ص 250.
 
الإنسان العلماني وقع في حلقة مادية مظلمة ومغلقة (القفص الحديدي عند فيبر-السجن الحديدي عند زيميل- الإنسان ذو البعد الواحد عند ماركوز)
إنه عالم " تسيطر عليه حكومات مكحلية ومنظمات وشركات دولية عندها من السطوة والمقدرة مالم يمتلكه أي حاكم من قبل مهما بلغ من سطوة وجبروت، إذ توجد تحت تصرفها أجهزة وبيروقراطيات أخطبوطية واسعة الانتشار تتسم بمستوى عال من الكفاءة والشراسة ، تبذل قصارى جهدها من أجل تحويل العالم بأسره إلى سوق خاضعة تماماً للآليات الصارمة لقانون العرض والطلب... وتحاول أن تجعل الإنسان بسيطاً وأحادياً في بساطة القانون الطبيعي الذي يسري عليه، ... تتزايد توقعاته الاستهلاكية بشكل مستمر لضمان دوران حلقة الغنتاج والإستهلاك (القفص الحديدي عند فيبر-السجن الحديدي عند زيميل- الإنسان ذو البعد الواحد عند ماركوز)"
المسيري: العلمانية الشاملة ج2 ص 250،251.
 
ماهي ظروف الأدب الحداثي في عالم العلمانية؟
إنه الصرخة من الوعود الكاذبة للتنوير الحداثي العلماني
يقول المسيري عن شعور الإنسان الغربي بالإغتراب في العلمانية، وهو نتيجة مايسمى " التسلع والتشيؤ والتوثُن"-يقول المسيري-:" ومن هنا تظهر حركات الاحتجاج المختلفة مثل الأدب الحداثي الذي يشكل صرخة احتجاج يطلقها إنسان وعده الفكر الإنساني الهيوماني ( ومن بعده فكر الاستنارة العقلاني) بأنه سيكون في مركز الكون ، ,ان معرفته بقانون الضرورة والحركة سيتزايد ، وسيتزايد من ثم مقدار تحكمه في العالم، فوجد أنه أصبح في عالم مابعد الحداثة ذرة لامعنى لها، أو قطرة في السيولة المتدفقة ولايملك لنفسه حولاً ولاقوة"
المسيري: العلمانية الشاملة ج2 ص 251.
" الأدب الحداثي في الغرب(وهو الأدب الذي يعكس موقف الإنسان الغربي من التجربة التحديثية) يعكس الإحساس بالعجز عن التحكم ، وهذا يتضح بجلاء في أدب كافكا وبيكيت ويونسكو وأضرابهم"(ج2 ص255)
 
منحنى التقدم والوضع العلماني
:" أن منحنى التقدم المادي لايتفق بالضرورة ومنحنى التقدم الأخلاقي والمعنوي، فأغلب نسب الإنتحار توجد في أكصر الدول تقدماً، والشئ نفسه بنطبق على الإباحية"
المسيري: العلمانية الشاملة ج2 ص 255.
 
تداعيات التقدم بالعلمانية مع التكنولوجيا وصور التقدم المادي الأخرى
:" لاحظ الإنسان أن التقدم التكنولوجي لم ينجم عنه بالضرورة تحسن الأداء الإنساني... إذ نشبت حرب عالمية أولى ثم ثانية، وتسارع إيقاع المجتمع ، وتآكلت الأسرة ، وبدأ الإنسان يدرك أنه بلور مفهوم التقدم انطلاقاً من إدراكه عائد التقدم المحسوس والمباشر قصير المدى، وأنه لم يقدر ثمنه غير المحسوس غير المباشر بعيد المدى، وأن المؤشرات التقليدية لم تعد تجدي. ولاحظ الإنسان الغربي هذه الظواهر ذات التكلفة العالية: الإباحية(التكاليف المادية لإنتاجها والتكاليف المعنوية لاستهلاكها)- السلع التافهة التي لاتضيف نافعاً إلى معرفة الإنسان ولاتعمق إحساسه- تآكل الأسرة- طريقة التعامل مع المسنين -تناقص الوقت الذي يقضيه الإنسان مع أسرته- تراجع التواصل بين الناس بسبب الكمبيوتر- الأمراض النفسية(الاكتئاب وغياب التوازن والتوتر العصبي)-انتشار أدوات الحساسية وضيق النفس- تزايد العنف والجريمة في المجتمعات التي يقال لها متقدمة- انتشار الفلسفات العدمية وفلسفات العنف والقوة والصراع(الداروينية الاجتماعية والنيتشوية)-تزايد الاحساس بالعجز عن المقدرة على معرفة الواقع(مابعد الحداثة)- تزايد الاحساس بالإغتراب والوحدة-تزايد إنفاق الحكومات على التسلح وأدوات الفتك- ظهور إمكانية تدمير الكرة الأ{ضية إما فجأة (من خلال الأسلحة) أو بالتدريج( من خلال الكوارث) -تخريب البيئة( تقوب الأوزون، وتزايد سخونة الأ{ض، وتزايد سخونة الغلاف الجوي)- أثر السياحة وحركة التنقل في نسيج المجتمعات وتراثها"
العلمانية المباشرة للمسيري ج2 ص 256.
 
إن الحضارة التي نجحت في أن ترسل إنساناً إلى القمر، وأن تحافظ على نظافة شوارعها، لم تنجح في أن تُبقي الإنسان بين أعضاء أسرته، وأن تكافح التلوث البيئي والخلقي"
المسيري: العلمانية الشاملة ج2 ص257.
 
ماهو إنسان العلمانية الحديثة؟
إنه الإنسان الوثني الحديث، الذي لم يتبق له سوى المؤسسات الرشيدة-الترشيدية المادية، الإختزالية، التي تُرشد حياته وتنمطها، ولكنها، كما يقول المسيري، " تنويعات رياضية" فارغة من المعنى، فهي مؤسسات التشطي غير القادرة على تزويد الإنسان بإجابة عن الأسئلة الكبرى، " ولذا، -يقول المسيري-، يظل عالم المعنى فارغاً، وكذلك يكون عالم الأخلاق. فمع غياب المعنى، ونسبية المعرفة، تسيطر النسبية الأخلاقية والنفعية المادية التي لاتختلف كثيراً عن أخلاقيات الوثني البدائي النسبية النفعية"
المسيري : العلمانية الشاملة ج2 ص 262، و263.
المسيري لايؤمن بإيحاءات ومجالات الفلسفة الغربية عن إنسان بدائي لكنه لايجد بد من استخدام مصطلحاتهم مع الإشارة أحياناً إلى الأمر، فتراه يقول:" فلنستبدل كلمة " وثني" بكلمة " بدائي" لنحاول فهم أطروحة فيبر(يقصد ماكس فيبر)، كما يجب أن ندرك أن كلمة " إنسان حديث" تعني في واقع الأمر الإنسان الذي يدور في إطار العلمانية الشاملة" (ص2 ص 261)
 
" وقد عبرت النزعة الحلولية الكمونية الواحدية عن نفسها في الفكر الغربي ابتداء من عصر النهضة في الغرب. فجوهر المشروع التحديثي الغربي ( العلماني الشامل) إلفاء أية مرجعية متجاوزة والإيمان بالمرجعية المادية الكامنة التي تدور حول فكرة الإنسان الطبيعي ، الذي لايتحرك في حيز إنساني مستقل وإنما يتحرك في الحيز الطبيعي/المادي، عالم الصيرورة الدائمة ، الذي لايعرف الكليات أو المطلقات أو الثوابت أو الحدود"
المسيري: العلمانية الشاملة ج2 ص 260.
ومعنى الكمون أي أنه وإن دعت العلمانية إلى التنوير الإنساني في بداياتها إلا أن الدعوة نفسها كانت تحمل في مركزيتها وأحشاءها ماديتها ويكمن فيها فكر واحدي أحادي المادية.
يشرحه النص التالي.
 
:" إن الحضارة الغربية الحديثة ( في عصرها البطولي) كانت لها نظريتها العامة وتفسيرها للكون والتاريخ بأسره، وقد تبدى هذا في فكر عصر الإستنارة والمشروع الإمبريالي الغربي والهيمنة الإمبريالية العالمية عليه. اما الآن ، فهي لم تعد حضارة تبحث عن الحقيقة الكلية والقصة العظمى، وإنما أصبحت قانعة راضية بالنسبية والقصص الصغرى المتناثرة، التي لا رابط بينها. وهي حضارة كانت تنتج أشكالاً فنية متماسكة ذات معنى...إذا بها تنكر هذا الآن. أي أن هذه الحضارة العقلانية المادية أصبحت حضارة لاعقلانية مادية... فرغم أن السيولة الفلسفية كانت كامنة في المشروع التحديثي في ماديته وتفكيكيته، إلا أنها كانت في حالة كمون وحسب، ولم تبدأ في التحقق إلا مع نهايات القرن التاسع عشر، ثم اكتسحت أوروبا مع منتصف القرن العشرين ، وهاهي ذي تكتسح العالم بأسره على هيئة فكر مابعد الحداثة والنظام العالمي الجديد"
المسيري: العلمانية الشاملة ج2 ص 264.
 
:" إن النزعة الواحدية المادية بدأت تكتسح الجميع، لتسقط كل الحدود، بحيث يتحول العالم إلى كيان ذي بُعد واحد يتحرك فيه البشر في إطار حتميات مادية، تعفيهم من مسؤولية الإختيار، وحيث الأمل أن تقوم الهندسة الوراثية الداروينية بتحسين النسل وأخلاقيات الإنسان من خلال تغيير الجينات والتحكم فيها، ومن خلال عمليات الإستنساخ النظيفة المعقمة... والقضية الآن هي: كيف يمكن أن نستمر في هذا العالم الحديث دون أن نسقط في العالم الجنيي، ودون أن ننسى أن نزعات التجاوز الربانية داخلنا هي، في واقع الأمر ، مصدر إنسانيتنا؟! وكيف يمكن أن نؤسس حضارة إنسانية حديثة لاتؤدي بالضرورة إلى تقويض الإنسان؟!"
المسيري : العلمانية الشاملة ج2 ص265.
 
الحل الإسلامي أمام الغول العلماني
" أما نحن، فإننا ندفع ثمن التقدم غالياً وكاملاً.. بلانقصان ولامهادنة. ولذا، فقد يكون من الضروري الوصول إلأى مفهوم مركب لعلاقة الإنسان بالكون وبنفسه، مفهوم يؤكد حرية الإنسان ومقدرته على إعادة صياغة ذاته وواقعه، دون أن يستبعد سعادة الإنسان وطمأنينته أو قيمه وهويته، أو حدوده وإنسانيته أو إتزانه مع نفسه ومع من حوله ومع بيئته، باعتباره كائناً مكرماً مستخلفاً من الله-سبحانه وتعالى- في الأرض لإعمارها لا لتخريبها. أي أن الإطار المعرفي الذي نتحرك داخله وتغيير أسسه الأخلاقية والإنسانية أمر ضروري للإنسانية كلها"
المسيري : العلمانية الشاملة ج2 ص 265،266.
 
الحل الإسلامي أمام الغول العلماني(2)
:" حداثة إنسانية، تنطلق من إنسانيتنا المشتركة، حداثة تدير المجتمع بطريقة مختلفة، فهي لاتدور في الإطار العلماني المادي الشامل، ولاترى الإنسان مادة محضا، ولاتنفصل عن القيمة.. وإنما تدور في إطار منظومة قيمية ترى أن تحقيق السعادة لايكون بالضرورة عن طريق زيادة الثروة ونهب الطبيعة واستغلال الإنسان، وإنما عن طريق تبني قيم إنسانية ربانية مثل العدل والتكافل والتراحم والتوازن( مع الذات والطبيعة) .. وفي ذلك خيرنا .. وخير الإنسانية كلها"
المسيري : العلمانية الشاملة ج2 ص266.
 
أظن كثير منكم انتظر مني هذا المنشور!
لاشك أن المسيري تأثر بمؤتمرات الحوار مع العلمانيين والقوميين ، الداعية إلى العمل على المشترك، وكان من المشاركين في تلك المؤتمرات فهمي هويدي والمستشار طارق البشري وغيرهما، وعلى الرغم من إلمام المسيري بتنظير غالبية العلمانيين العرب المشهورين، إلا أنه ولسبب هجوم العلمانية الشاملة، دعاهم للمواجهة معا كما في النص التالي،:"فقد يكون من الأجدى أن يوحد الجميع قواهم وأن يتعاونوا على توليد المشروع الحداثي العربي والإسلامي كجزء من المحاولة الإنسانية العامة التي تحاول تجاوز الحداثة الداروينية ، المنفصلة عن القيمة، المبنية على الصراع والتنافس والتقاتل والإستهلاك المتصاعد وصولا إلى حداثة إنسانية، تنطلق من إنسانيتنا المشتركة، حداثة تدير المجتمع بطريقة مختلفة، فهي لاتدور في الإطار العلماني المادي الشامل، ولاترى الإنسان مادة محضا، ولاتنفصل عن القيمة.. وإنما تدور في إطار منظومة قيمية ترى أن تحقيق السعادة لايكون بالضرورة عن طريق زيادة الثروة ونهب الطبيعة واستغلال الإنسان، وإنما عن طريق تبني قيم إنسانية ربانية مثل العدل والتكافل والتراحم والتوازن( مع الذات والطبيعة) .. وفي ذلك خيرنا .. وخير الإنسانية كلها"
المسيري : العلمانية الشاملة ج2 ص266
لكن السؤال الآن هل يتجاوبون، وهم أصلا ينطلقون من الفكر المادي ونظرياته التي يهاجمها المسيري نفسه؟
إنهم تماما مثل منظمات المسيحية الغربية الكبرى، ومنها الباباوية، التي دعت للحوار وصدقها القرضاوي والغزالي ثم لما بدا لهم مكرهم قاطعوها، وأعلنوا ذلك في كتبهم، وكشفوا استغلالها، وعلى الرغم من تأثر المسيري بهذا الخط الذي طرقه القرضاوي والغزالي إلا أنه لم يكتب جديدا له إنطلاقاً من تراجع عملية الحوار لمكر الطرف الآخر كما بينه الغزالي والقرضاوي وكثير من المشاركين في عملية الحوار.
وبظهور المكر وبسقوط أهداف تلك المؤتمرات وتعرف المتحاور الإسلامي على الأجندات الخبيثة من وراء الحوار، تسقط فكرة المسيري ، وتسقط أيضا عمليته التقسيمية لما سماه ب " العلمانية الشاملة" ، و" العلمانية الجزئية"، ذلك أن المنطلقين من الثانية هم أصلا مدفوعون بالرؤية الكمونية الشاملة لها!
مهما بدا للمسيري أنهم مازالوا يحافظون على منطلقات إنسانية أو ربما يعيشون حياتهم خلافا لدعوتهم العلمانية (فهم محافظون في الواقع ، وهم مرتهون بالتركيبة المجتمعية) ، ف
هم ماديون عقليا ومنهجيا حتى الثمالة و المناخ الذي يريدونه لم يتوفر لهم، ولا المحيط تغير ليناسب سمومهم .

 
ماهي العلمانية، أو علمنتها ، وماهي عملية الترشيد أو النمذجة التي تقوم بها؟
يقول المسيري:" العلمنة والترشيد هما عملية فرض الواحدية المادية على المجتمع والفرد"
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص274.
وللمسيري مصطلحات مثل (الحلولية العلمانية) ويقصد بها أن يكون الإنسان مرجعية ذاته مكتفيا بنفسه، وكذلك الواحدية ، أي الإنطلاق من المفهوم المادي الكلي الواحد، الذي يفرز التصورات المادية التنظير، وقد تتناقض داخليا أو ينقض بعضها ظواهر بعض لكن هدفها ومركزها واحد.
 
:" وقد عُرفت الحداثة بأنها انفصال الإنسان عن العلاقات الكونية(يقصد الإنسانية والأسرية والتراحمية والصداقة )، على أن يُخضع كل علاقاته مع البشر للتفاوض ولعمليات الترشيد الواحدي المادي"
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 275.
ويضرب المسيري على ذلك أمثله كثيرة منها مثال " البغايا" فعملهن يقع خارج نطاق المطلقات الإخلاقية ومعرفة الخير والشر، فهو إنسان وظيفي علماني، لايتخلل عملن حب أو كره(فهو نشاط اقتصادي عضلي مادي محض):" فتتحول الأنثى إلى بغي(إنسان وظيفي اقتصادي وجسماني) ، والذكر إلى عميل( إنسان وظيفي جسماني واقتصادي)، ويحوسل كل واحد منهما الآخر، ويحاول أن يعظم منفعته أو لذته، أو كليتيهما"(المسيري: العلمانية الشاملة ج2 ص 273)
 
محمد علي باشا-اتاتورك-
قال المسيري:"... شخصية محمد علي ، فقد قدم إلى مصر ضمن جماعة وظيفية قتالية( الألبان أو الأرناءوط)، ونظر إلى مصر نظرة محايدة، فلم يكن يعرف لغة أهلها ولا تقاليدهم، ولكنه، مع هذا، أدرك إمكانات مصر ومدى نفعها، فاستولى على الحكم وبدأ واحدة من أسرع عمليات التحديث والعلمنة في العصر الحديث. كما أن كمال أتاتورك كان شخصية هامشية في مجتمعه، فقد جاء- هو وكثير ممن قاموا بثورة تركيا الفتاة- من سالونيكا، وهي بلدة كانت تُعد عاصمة ليهود الدونمة. ولا يهم ما إذا كان أتاتورك يهودياً باطنياً أم لا، ولكن المهم أنه، شأنه شأن محمد علي، شخصية هامشية تنظر إلى المجتمع نظرة موضوعية محايدة بإعتباره مادة تُوظف. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن الثورات التحديثية تقوم بها قطاعات من النخبة العسكرية والفنية أعيد إنتاجها على هيئة جماعات وظيفية"
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 276.
 
ماهو شكل المجتمع العلماني؟
:" ونحن نذهب إلأى أن المجتمع العلماني الحديث يستند إلى فكرة القانون الطبيعي /المادي والتعاقد ومبدأ المنفعة ( واللذة)... ولعل هذا هو مصير الإنسان العلماني الذي يُعمل عقله في كل شئ وينزع القداسة عن كل شئ(وضمن ذلك ظاهرة الإنسان ذاته)، فيرد كل الظواهر والأشياء إلى المبدأ المادي الواحد، ويحطم كل العلاقات الكونية ويخصعها للتفاوض والترشيد المادي المتزايد، فتختفي كل الأسرار، ويصبح العالم عارياً تماماً، ونصبح كلنا غرباء متعاقدين: نتوهم أننا نعرف كل شئ نتحكم في كل شئ، فتزداد غربتنا وتعاقديتنا بسبب ازدياد تحكمنا-أو بالأحرى: توهم مثل هذا التحكم- . وحين يزداد تحكمنا في الواقع ، سنحاول ‘ادة إنتاجه كله مستخدمين عقولنا المحايدة(يقصد المسيري التي لاتتمامل مع رؤية خير-شر-(... بحيث لايصبح الحب شيئاً آخر غير الجنس، والترابط شيئاً آخر سوى الدوافع الاقتصادية، والمشاعر السامية ليست إلا تفاعلات كيمياوية معروفة ومفهومة ومحسوبة-ستكون في المستقبل مضبوطة ومحكومة تماماً مع تقدم العلم، ولذا نواجه عالمنا إما كغابة من الدوافع الدنيئة الواضحة، أو كعدد هائل من المعادلات الرياضية الأكثر وضوحاً-. وعلى كل، فإن هذا هو ميراث عصر الإستنارة: أن يكون هناك قانون واحد للإنسان والطبيعة(يقصد نزع الإنسان عن الخضوع لقوانين غير القوانين التي تعامل بها المادة أو المواد(مثل الدين والأخلاق والشرائع الدينية والتصورات المنبثقة منها، أي أن يكون الإنسان غير خاضع للعلوم الطبيعية ونتائجها أو فرضياتها، ومن ثم غير خاضع لنتائجها في العلوم الإنسانية والإجتماعية الغربية التي نزعت الإنسان من تركيبيته ودينه وأخلاقه!). "
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 278،279.
 
ماذا تريد العلمانية المتزايدة؟
إنها تريد المضي في عملية تجفيف ينابيع الروح البشري أو بلغة المسيري ترشيد الإنسان، وتصعيد توقعاته وتطلعاته ، ليفصح عنها، من خلال قنوات مادية:" حتى لايتطلع إلى الآخرة، أو الروحانيات، أو أية أمور مركبة أخرى غير خاضعة للقياس أو التحكم، ويظل تطلعه متجهاً دائما إلى تعظيم المنفعة واللذة... أي أنه لابد أن يحوسل نفس(يقصد المسيري: يتحول إلى وسيلة أو مادة إستعمالية)، أي يتحول إلى إنسان وظيفي حركي غير منتج (مجرد)...،لذا، يصبح التحوسل حالة نهائية ورؤية للكون... ويساعد على هذا أن ثورة التطلعات ذاتها -من خلال آليات مختلفة، لاسيما استخدام الدافع الجنسي-تحطم كل المؤسسات الوسيطة(يقصد المسيري بالمؤسسات الوسيطة: المسجد، الأسرة ، وفي الغرب الكنيسة)"
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 279،280.
 
ماهو إنسان العلمانية؟
إنه الإنسان الذي يتم الترويج له اليوم، وهو صور من النماذج البشرية المختلفة التي :" يكمن وراءها نموذج الإنسان الوظيفي: أحاداي البُعد ، الذي تم اختزاله إلى مبدأ واحد، وتم تجريده من كل خصائصه الإنسانية المركبة المتعينة"
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 280.
 
ماهي صرامة التعامل العلماني ، إعرض نماذج؟
في العلمانية يتم تجريد الإنسان تماماً من إنسانيته، ويُعامل كمجرد رقم، مادة، شئ من الطبيعة، بأدوات المناهج الطبيعية أو بالأحرى المناهج التي تدعي الإلتزام بمناهج الطبيعي، أو هي تلتزم بها فعلا بصورة رياضية بحيث لايعمل فيها أي حساب لأي قيمة إنسانية متجاوزة أو هي من كيان الإنسان البشري، كما عرضه الأستاذ محمد قطب في كتابه المهيب (دراسات في النفس الإنسانية) أو كتابه (التطور والبشرية) ، فالعلمانية تريد تحقيق معدلات في الكفاءة والأداء غير إنسانية، فالعاهرة مثلا تقوم بإداء وظيفي، كما ذكرنا من قبل، بكفاءة وظيفية، بعد أن محت إنسانيتها، وخضعت كمادة لاروح فيها، ولا قيمة.
وكذلك فعلت العلمانية وهي تقوم بإلقاء اليهود وغيرهم في محارق النازية، بكفاءة عالية، وعملية رياضية، تطبق بعض النظريات العرقية ونتائجها، للتخلص من العضو غير النافع، بزعمها، فهي علمانية عمياء لاضمير فيها ولارحمة ولا إخاء.
وكما يقوم المسيري فإنها تحدد النشاطات على أساس رياضي محض لاعلاقة له بأية إنسانية متعينة ، ويضيف المسيري:" ويمكن أن نقول الشئ نفسه بشأن ملكات الإغراء الجنسيي(بالإنجليزية: سكس كوينز...) ، إذ يتم تجريدهن تماماً من إنسانيتهن ليصبحن جسداً محضاً (واحدية وظيفية)"
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 281.
وكذلك التعامل مع السكان الأصليين في أمريكا فإما العبودية وإما الإبادة ، وكذلك نقل ملايين العبيد من إفريقيا إليها للإستغلال المادي، داخل عنصرية الرجل الأبيض الذي أعلن عنها بصراحة.
 
كيف تفككت الأسرة داخل العلمانية؟
يقول المسيري إن المجتمعات العلمانية" تضرب كل المؤسسات الوسيطة (وأهملها الأسرة)، وتفككها"، ويضيف:" أصبحت الأسرة ترتيباً مؤقتاً ، فحين يصل الأطفال إلى سن السادسة عشر ، فإنهم يتركون المنزل ، وحينما يصل الآباء إلى سن التقاعد فإنهم ينتقلون إلأى بيوت المسنين... ويمكن أيضاً أن نشير إلى ظهور علاقات تعاقدية بين الذكر والأنثى تحل محل علاقة الزواج. فالزوجة في الإطار التقليدي شريكة جوانية في السراء والضراء، ولكنها في الغطار العلماني الوظيفي الرشيد(يقصد المرشد مادياً في الإطار المادي الإختزالي) تصبح رفيقة برانية توجد مادامت تؤدي وظيفة: تحقيق اللذة والمنفعة وحسب( تماماً مثل السكرتيرة أو العشيقة أو المضيفة) . ومن هنا، بدأت ظاهرة التعايش(بالإنجليزية: كوهابيتيشان...) تتزايد، أي يتعايش شخصان معاً فترة من الزمان(تتراوح طولاً أو قصراً حسب الظروف) دون أن يتزوجا ، فالتعايش يعني الحركية (يقصد كحركة المهاجر ، إقامة مؤقتة، علاقة واهية بالزمان والمكان)، والتعاقدية والنفعية( ومن ثم العزلة والغربة)، بحيث يمكن لأي طرف في العلاقة أن يفضها بشكل هادئ ومحايد(يقصد بدون مشاعر، او سبب إنساني مركب)،إن ثبت له أنها لم تعد تأتيه بالمنفعة أو اللذة(على عكس العلاقة الزوجية التي يجب أن تستمر في السراء والضراء)، أي أن كل طرف في العلاقة يُحوسل الطرف الآخر(يقصد أن يحوله إلأى وسيلة أو مادة إستعمالية كأي شئ في الطبيعة لاروح فيه على مايبدو للعلمانية)، ويعرفه في ضوء وظيفته ونفعه وكأنه عضو في جماعة وظيفية"
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 284،285.
 
ماهي العلمانية ، وكيف تنظر أخيراً إلى الإنسان بل كيف تعامله من مستوى نظرها؟
إنها بإختصار تفكيك وإعادة تركيب شيطانية
أي أنها تفكك الإنسان فتنزع منه ماهو فيه لتعطيع أو تلصق به ماليس منه لاقدراً ولا مكانة ولا حساً ولاشعوراً ولا كياناً.
كذلك تفكك الواقع وتعيد تفسيره (الماركسية لها تفسير- الرأسمالية لها تفسير- الداروينية لها تفسير- الفلسفة الوضعية لها تفسير- وفرويد له تفسير نفسي )
يقول المسيري في سياقنا هذا :" عملية الترشيد المادية. ويقصد بها إعادة صياغة المجتمع والإنسان عن طريق تفكيك الواقع الإنساني والمادي، وإعادة تركيبه، حتى يتم استبعاد كل العناصر المركبة فيه، ومن ثم يتوافق هذا الواقع الأساسيي والاجتماعي والقوانين العلمية الواحدية الصارمة، بحيث يتحول الإنساني الرباني متعدد الأبعاد ، الذي لايرد في كليته إلأى الطبيعة -إلى إنسان طبيعي، جزء لايتجزأ منها، إنسان ذي بُعد واحد. لكل ماتقدم، تحول الإنسان في المجتمعات العلمانية إلأى مايشبه عضو الجماعة الوظيفية: إنسان متحوسل حركي(يقصد :أي لاقرار له)، منعزل، مغترب لاوطن له، ...متكيف مع الواقع، تسيطر عليه شبكة من العلاقات التعاقدية الصارمة التي تحوله إلى مادة متسلعة مُتحوسلة(يقصد يعامل على أنه وسيلة مادية المرأة في عالم البغاء الغربي) ، ظاهره مثل باطنه(يقصد سطحي مسطح على مستوى بسيط لا شفافية فيه ولاروح ولا تطلعات إيمانية أو إنسانية تتجاوز الواقع المادي)"
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 285،286.
 
ماذا فعلت النسبية المعرفية والأخلاقية في الإنسان العلماني الفاقد للدين القيم الرباني؟
أولاً إن تزايد معدلات تلك النسبية ، هو من أهم آليات تحويل الإنسان إلى عامل لاضمير له وإن حركته التنظيمية البيرقراطية الصارمة، أو بتعبير المسيري، :" من أهم تحويل الإنسان الرباني إلى إنسان وظيفي تعاقدي"، ويضيف:" فمع اختفاء القيم الأخلاقية المتجاوزة لذات الإنسان ، يتمركز الإنسان حول ذاته ويصبح هو المعيار... ومع ظهور فكرة القانون الطبيعي/ المادي الذي يتجاوز كل الغائيات الإنسانية ولايمكن تجاوزه-ينتهي به إلأى أن يفقد ذاته ويتمركز حول الموضوع(يقصد الفعل المجرد بدون أي مشاعر مركبة كما فعل الجندي النازي في المحارق النازية أو كما تفعل عارضة الأزياء)، ويقع ضحية لأية منظومة أخلاقية قوية سائدة، فيُذعن لكل مايصدر إلأيه من أوامر ، الأمر الذي يؤدي إلى ظهور أخلاقيات التكيف البرجماتي ، والإنسان البيرقراطي، والجبرية الكاملة، وهذا هو الاستقطاب بين التمركز حول الذات والتمركز حول الموضوع الذي يسم المنظومات الحلولية الكمونية ، وضمن ذلك العلمانية "
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 285،286.
 
يقول المسيري:" ويمكن القول بأن القطاعات العسكرية في كثير من دول العالم الثالث يُعاد إنتاجها على هيئة جماعات وظيفية جُند أعضاؤها من داخل المجتمع. ويتم عزل هذه الجماعات عن طريق المزايا والرموز المختلفة، بل ويتم أحيانا عزل هذه الجماعات داخل أحياء سكندي متميزة تتمتع بعدد من الخدمات، وقد تُخصص مستشفيات ومدارس مقصورة على أعضاءها وعلى أولادهم. وبعد إنجاز عملية العزل ، تصبح للقطاع العسكري" مصالح" مختلفة عن مصالح المجتمع(أفتح انا بين قوسين واضع كلمة السيسي لما قال ومصالح الجيش أدمره يعني أو كما قال السفاح!) ، ومن ثم يكون بوسع هذه الجماعات أ، تنظر إلأى هذا القطاع بشكل مايد(يقصد لاعواطف ولارحمة ولاثنائية الخير والشر)، ويكون بوسع القوى الأجنبية أو النخب الحاكمة أن تُوظف هذه الجماعات لصالحها، كما أن هذه الجماعات قد يمكنها أن تسيطر على المجتمع وتديره لصالحها، وتصبح مثل المرتزقة والمعتاقدين الغرباء، رغم خطابها السياسي قد يكون قومياً وثورياً واشتراكياً"
العلمانية الشاملة والعلمانية الجزئية للمسيري ج2 ص 290،291.
 
" فالعلمانية ليست مجرد مؤامرة أو حركة منظمة أو فكرة أو أقوال، وإنما هي ظاهرة اجتماعية وحقيقة تاريخية ذات تاريخ طويل ومركب، تعود نشأتها... إلى عناصر اقتصادية وفكرية وحضارية عديدة، وإلى دوافع واعية وغير واعية أدت جميعها إلى انقلابات بنيوية في رؤية الإنسان لنفسه وللطبيعة وللإله، وفي بنية المجتمع نفسه"
العلمانية الشاملة ج2 ص 295.
 
وماذا عن المذاهب المثالية أو الروحية في العلمانية أو في المسيحية واليهودية؟
يقول المسيري:" لايوجد فرق جوهري بين الحلولية الكمونية الروحية والحلولية الكمونية المادية ، وأن وحدة الوجود الروحية هي في أساسها وحدة الوجود المادية، أي العلمانية الشاملة":
الميري : العلمانية الشاملة ج2 ص 297.
ففي الفكر البروتستانتي ححق الواحدية من خلال حلول اللإله في الإنسان والطبيعة أو من خلال مفارقته إياهما حتى حد التعطيل،:" أي أن واحدية الفكر الهيوماني تعبير عن حلولية كمونية مادية، بينما واحدية الفكر البروتستانتي تعبير عن حلولية كمونية روحية، ويشكل إسبينوزا نقطة تحول مهمة إذ إنه عبر عن توازي هذين الضربين من الحلولية الكمونية في عبارته " الإله، أي الطبيعة" . ومن تحت عباءة إسبينوزا خرجت المنظومات العلمانية الفلسفية الغربية، فيأتي هيجل ، وهو صاحب نظام حلولي كموني واحدي شامل، يتسم بتعددية ظاهرة وواحدية صلبة كامنة، تتحد في نهايته الروح والطبيعة والفكر والمادة والكل والجزء والمقدس والزمني، ثم يأتي نيتشه ، وهو فيلسوف حلولي كوني آخر، ليشكل القمة( أو الهوة) الثانية في الفلسفة العلمانية ، فهو يلغي الثنائية الظاهرة تماماً ويصل بالنسق إلأى الواحدية الكاملة ، فيعلن أنه لايوجد فكر أو روح أو اسم لإله، وإنما هناك نقاط مادة محض، وهي مادة سائلة لاقانون لها سوى قانون الغاب ، ولا إرادة لها سوى إ{ادة القوة، ولاتوجد أجزاء متناثرة ، فيموت الإله وتسقط فكرة الكل نفسها"(العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 309).
وفي تعليق لاحد الاخوة قال:
قرأت عن الكمونية الماديةفي كتاب الدكتور المسيري عن الفلسفة المادية لكن أول مره أسمع عن الكمونية الروحية ، ما الفرق وما المقصود منها يا ترى ؟؟؟؟؟
فأجبته بالتالي:
هي حلول الإله في الطبيعة أي قلب العالم الروحاني والمفارق، والذي يمنح الأخلاق والقيم إلى عالم حال في الطبيعة، وهو ماينفي الروح منه ويلقيه في المادة، ويعني هذا أن المركز أو نقطة البداية كانت كامنة في الفكر المادي، ويمكن أن تقول عن فكر ابن عربي أنه، وعلىالرغم من روحانيته إلا أنه يؤدي إلى المادة، ولذلك يحتفي به العلمانيون، وقد صنع نصر أبو زيد عنه أكثر من كتاب، ولو لاحظت فإن اسبينوزا اليهودي جعل الطبيعة هي الإلأه كما تقدم من كلام المسيري ثم تبعه غيره فزاد الطين بله حتى صرنا في عصر مابعد الحداثة بعد اسقاطها للثنائيات من الخالق والمخلوق حتى الخير والشر بل الرجل والأنثى
" ونحن نرى أن الحلولية، حينما تصل إلأى مرحلة وحدة الوجود الروحية، تتحول عادة إلى حلولية بدون أله أو وحدة وجود مادية. وحركة شبتاي تسفي هي مرحلة الوجود الروحية...يصبح مافي العالم تجلياً للإله . وتعقب هذه المرحلة مرحلة تغيير التسمية، إ يسقط اسم الإله ويُسمى بعد ذلك " قوانين الحركة" أو " روح العصر" وما إلى ذلك. وهذه هي مرحلة موت الإله"

العلمانية الشاملة ج2 ص 327.
" ولعل اليهودية الإصلاحية تعبير عن مرحلة انتقالية بين الشبتانية وبين لاهوت موت الإله في الستينات
ومرحلة وحدة الوجود الروحية، هذه المرحلة الانتقالية نسميها مرحلة شحوب الإلأه " فهو موجود اسماً، ولكنه يتبدى من خلال عدد كبير من المطلقات الدنيوية(مثل" روح العصر"). ولذا، نجد أن اليهودية الإصلاحية قد تحولت إلى مايشبه دين العقل الطبيعي(الربوبية) ، فهي تؤمن بوجود قوة عظمى تعبر عن شئ باهت شاحب غير شخصي تطلق عليه كلمة " الرب"، كما أ،ها تنكر سلطة التلمود، بل وتنكر التوراة نفسها..."
العلمانية الشاملة ج2 ص 327.
" ويُلاحظ أن الإله عادة مايلتحم بمخلوقاته في النسق الحلولي، ويتوحد معها، ويذوب فيها، فيشحب ثم يختفي تماماً إلا اسماً، ويظهر الإنسان متميزاً، إلى أن يحل محل الإله تماماً. وهكذا تتحول الحلولية من مرحلة وحدة الوجود الروحية إلى مرحلة وحدة الوجود المادية"

العلمانية الشاملة ج 2 ص 334.

 
ماهو معنى مصطلح الترشيد العلماني ، وماهي العلمنة داخل هذه عملية الترشيد هذه؟
يقول المسيري إنه " إعادة صياغة البشر والمجتمع حسب مواصفات هذا القانون-العلمنة الشاملة" (العلمانية الشاملة ج2 ص 306)، ويقول شارحا :" أن الترشيد العلماني هو ترشيد مادي وعملية تجريد للعالم في إطار النموذج الواحدي الكموني المادي، بحيث يُستبعد كل مالايتطابق وهذا النموذج، أي كل ماهو متجاوز لعالم الطبيعة/المادة. والعلمنة أيضاً عملية تطبيع، أي إدراك الإنسان بإعتباره ظاهرة طبيعية، وجزء عضوي لايتجزأ من الطبيعة/المادة، وعلى أساس أن مايسري عليه يسري عليها، أي أن العلمنة هي عملية نزع القداسة عن الكون، ورؤيته في إطار قانون مادي واحد كامن فيه"
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 297.
 
" فالمسيحية الغربية تعيش في تربة علمانية كمونية، ولذان اختفى الإله المفارق حتى حد التعطيل في القانون الطبيعي، ولم يتبق منه سوى ذرات وترسبات كامنة في نفوس وقلوب بعض من لايمكنهم قبول وحشية النظام العلماني الواحدي المادي"
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 307.
 
علاقة أعضاء الجماعات اليهودية بظهور العلمانية
تحت هذا العنوان قال المسيري:ط ساهم أعضاء الجماعات اليهودية في حمل الأفكار العلمانية ونشرها. ويجب أن نؤكد أنهم لم يفعلوا ذلك رغبة منهم في تدمير العالم وإيذاء العباد- كما هو شائع كثيراً-، بل تحركوا كجماعة في إطار منظومة اجتماعية غربية تتجاوز إرادتهم ورغباتهم وأهواءهم. لكن هذا لايعني إعفاء الإنسان من المسؤولية الخلقية عن ألإعاله، إذ يظل مسئولا، على المستوى الفردي، عما يقترفه من ذنوب وحسنات، لكن المسؤولية الخلقية الفردية تختلف عن التفسير السوسيولوجي للظواهر. وهناك كثير من أعضاء الجماعات اليهودية ممن تصدوا للعلمانية وحاولوا وقف زحفها"
العلمانية الشاملة للمسيري ج 2 ص309.
 
" والعلمنة ، في جانب من جوانبها، تطبيق القيم العلمية والكمية الواحدية على مجالات الحياة كافة، وضمن ذلك الإنسان، حتى ينتهي الأمر بتحييد العالم تماماً وترشيده وتحويله إلى حالة السوق والمصنع" العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 310.
ونعيد معنى الترشيد العلماني مع الاشارة الى أن الإنسان مركب متجاوز وليس مادة صماء كما تعامله العلمنة وتطبق عليه معايير مادية علمية صرفة بصورة خاطئة وهو ماادى للنازية وغيرها.
ماهو معنى مصطلح الترشيد العلماني ، وماهي العلمنة داخل هذه عملية الترشيد هذه؟
يقول المسيري إنه " إعادة صياغة البشر والمجتمع حسب مواصفات هذا القانون-العلمنة الشاملة" (العلمانية الشاملة ج2 ص 306)، ويقول شارحا :" أن الترشيد العلماني هو ترشيد مادي وعملية تجريد للعالم في إطار النموذج الواحدي الكموني المادي، بحيث يُستبعد كل مالايتطابق وهذا النموذج، أي كل ماهو متجاوز لعالم الطبيعة/المادة. والعلمنة أيضاً عملية تطبيع، أي إدراك الإنسان بإعتباره ظاهرة طبيعية، وجزء عضوي لايتجزأ من الطبيعة/المادة، وعلى أساس أن مايسري عليه يسري عليها، أي أن العلمنة هي عملية نزع القداسة عن الكون، ورؤيته في إطار قانون مادي واحد كامن فيه"
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 297.
 
كيف ساعد اليهودي في توسيع فكرة وعالم العلمنة؟
يقول المسيري:" وقد لعب اليهود، كجماعة وظيفية، دوراً مهماً في علمنة المجتمع... وكانوا دائمي البحث عن زبائن جدد وسلع جديدة وأسواق جديدة، وكان لايمهم الإخلال بتوازن المجتمع أو بقيمه ، فهم يقفون خارج نطاق العقيدة المسيحية وقيمها، لايكنون لها أي احترام ولايشعرون نحوها بأي ولاء، وينظرون إلأى أعضاء المجتمع المضيف باعتباره شيئاً مباحاً. فلم يكن التاجر اليهودي، على سبيل المثال، يلتزم بفكرة الثمن العادل أو الأجر الكافي، وإنما يحمل رؤية صراعية تنافسية تناحرية غير تراحمية"
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 310.
 
ماهو الإنسان العلماني؟
إنه بارد برانيا وجوانيا، يحكمه الإطار الماديي ، والمنفعة واللذة، لا العواطف ولا الأخلاق ولا الإلتزام الداخلي الجواني أو التآلف والتراحم كما يقول المسيري :" الإنسان العلماني النموذجي... موضوعياً محايداً مجرداً مباحاً ولايتمتع بأية قداسة"
العلمانية الشاملة ج2 ص 311.
 
:" أصبح أعضاء الجماعات اليهودية من أهم القطاعات البشرية في أوروبا التي كانت لديها قابلية للعلمنة، وكانت مؤهلة للتحرك داخل المجتمع التعاقدي التناحري، إذ كانوا مسلحين بالكفاءات اللازمة للتعامل مع عالم تسود فيه العلاقات الموضوعية ولايقبل إلا المنفعة قيمة وحيدة مطلقة. وفي القرن السابع عشر، تزايد دور اليهود في عملية العلمنة مع ظهور الدولة المطلقة، التي اعتمدت عليهم في عملية عملنة القطاع الاقتصادي والسياسي في المجتمع. ومافعله الأمراء المطلقون في وسط أوروبا(في ألمانيا) يصلح مثلا على ذلك. فقد استخدموا أعضاء الجماعة اليهودية ككل، وكبار المملوين اليهود(يهود البلاط على وجه التحديد) في النشاطات الاقتصادية، مثل: التجارة الدولية، وتمويل الجيوش، وعقد القروض والصفقات. وقد كان لانتشار يهود المارانو في أرجاء أوروبا دور مهم في عملية العلمنة، إذ كانوا هامشيين لايؤمنون باليهودية أو المسيحية، فإيمانهم بكلتيهما كان سطحياً جداً. وقد لعب المارانو دوراً مهماً في التجربة الاستيطانية الغربية كممولين للشركات الاستيطانية وكمادة استيطانية، ونحن نرى أن الاستعمار الاستيطاني من أهم التجارب المؤثرة في إنشاء مجتمعات علمانية رشيدة(يقصد معاد صياغتها ماديا مع نزع الدين منها)، خاضعة للنماذج المادية الهندسية في الإدارة"
العلمانية الشاملة ج2 ص 311، 312.
 
اسبينوزا
:" ويمكننا أن نرى في إسبينوزا تعبيراً عن العناصر السابقة كلها، فهو من يهود المارانو، وفلسفته واحدية حلولية كمونية، كما أنه ينتمي إلأى الجماعة اليهودية في امستردام التي كانت تضم أنشط الجماعات اليهودية الوظيفية الوسيطة في العالم آنذاك، ولعبت دوراً مهماً في الاستعمار الاستيطاني، وكان بينهم كثير من يهود البلاط. وكانت أمستردام نفسها مركزاً تجارياً تخلخلت فيه قبضة السلطة الدينية. وقد تمرد إسبينوزا على اليهودية الحاخامية، فطُرد من حظيرة الدين اليهودي، ولكنه لم ينتم لدين آخر، ولذا، فإن البعض يرون أنه أول إنسان علماني حقيقي في التاريخ"
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 312.
لكن!
:" يلاحظ أنه بعد أن فرضت الدولة المطلقة العلمنة قسراً على أعضاء الجماعات اليهودية، استبطنوا هم أنفسهم الرؤية العلمانية وحققوا درجة عالية من الاندماج وأصبحوا أهم رواد العلمانية ومن أكثر دعاتها حماسة وتطرفاً"
العلمانية الشاملة ج2 ص313.

والأسباب كثيرة نذكر منها أنه :" تمت علمنة أعضاء الجماعات اليهودية بسرعة وفجاجةى غير عادية( على عكس الأغلبية في المجتمع) ، إذ قُذفوا في عالم العلمانية... ولذا سارع أعضاء الجماعات اليهودية الراغبون في الاندماج إلأى ترشيد حياتهم وذواتهم من الداخل والخارج حتى يبينوا نفعهم لأعضاء الأغلبية ومقدرتهم على الإنتماء"العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 313.
هناك " سمات مشتركة بين النظام الرأسمالي والرؤية العلمانية الشاملة"(ج2 ص 314)
 
مايفعله العلمانيون العرب فعله العلمانيون اليهود والمسيحيون من قبل
:" وقد قام بعض المفكرين اليهود العلمانيين وشبه العلمانيين بإعادة صياغة النسق الديني اليهودي بهدف" إصلاحه" حتى تتكيف اليهودية مع المجتمع الغربي الحديق فأسقطوا كثيراً من المعتقدات الدينية اليهودية المحورية الاساسية ، التي تؤكد ثنائية الواقع ووجود المطلقات المتجاوزة ، لتحل محلها عقائد حلولية جديدة تنكر الثنائية والتجاوز وتؤكد الواحدية الكونية(الصلبة أو السائلة) ، بحيث لاتختلف اليهودية في بنيتها عن أية عقيدة علمانية(بحيث تصبح كل منطلقاتها الدينية والفلسفية ذات طابع نسبي تاريخاني)"
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 321،322.
 
تغيير اليهودية في العلمانية

عن الإصلاح الديني كما يطلقون عليه، داخل اليهودية، يقول المسيري بعد سرده عدم تغيرات في معدلات العلمنة على مستوى الشعائر، :" ثم تصاعدت وتيرة الإصلاح إلأى أن أصبحت علمانية صريحة... وقد بدأ مؤخراً قبول الشذاذ جنسياً في الأبرشيات اليهودية المختلفة، بل بدأت تظهر أبرشيات مقصورة عليهم ، كما قُبل ترسيم الشذاذ جنسياً كحاخامات، وأُنشئت المدارس التلمودية العليا(يشيفا) المقصورة على الشذاذ. ولكن أهم أشكال علمنة اليهود ظهور عقائد علمانية قلباً وقالباً، ومع ذلك تسمي نفسها " يهودية"

العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 322،323.
" نجد أن اليهودية الإصلاحية قبلت الشواذ جنسياً كيهود، ثم رسمت بعض الشواذ جنسياً حاخامات ، ,اسست للشواذ جنسياً معابد إصلاحية معترفاً بها من قبل المؤسسة الإصلاحية. ولعل هذا تعبير عن حلولية موت الإله، أو حلولية بدون إلأه، وحلولية مابعد الحداثة.. حيث تتساوى الأمور وتصبح نسبية"
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 329.​
 
" فإذا كان النص المقدس نصاً زمنياً تاريخياً وإذا كانت العقائد مسائل اجتماعية اتفاقية، وإذا كانت الشعائر تدور داخل نطاق كل هذا- فما الفرق بين النص المقدس ومجلة نيوزويك مثلاً"
المسيري: العلمانية الشامة ج2 ص 346.
 
عالم مابعد الحداثة الغربي
هو عند المسيري(الذي عاش في أمريكا عشرات السنين وقام بالتدريس هناك) عالم حلولي وثني دائري عبثي :" ويعيش فيه بشر لايمكن الحكم عليهم من منظور أية منظومة قيمية، فهم خليط من الذئاب والأفاعى والأمبيا"
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 346.
 
" ومعظم يهود العالم في الوقت الحالي يهود إثنيون، أي أن يهوديتهم لاتنبع من الإيمان بالعقيدة الدينية وإنما من لإثنيتهم اليهودية، "
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 356.
والوحدة على الأساس الإثني فتعني وحدة التاريخ والثقافة أما على الأساس العرقي فوحدة الدم والعرق.
 
" وقد بلغت معدلات العلمنة بين يهود الغرب مقدراً مرتفعاً جدا"
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 359.
" أصبح من الممكن الحديث عن حاخام ملحد، أي أنه حاخام وُلد لأم يهودية ولكنه لايؤمن باليهودية إلأا بإعتبارها " فلكلور"، وفي آخر الإحصايئات بلغ عدد الحاخامات الإصلاحيين الملحدين حوالي النصف. ويقال إن نصف يهود العالم الغربي من اليهود الملحدين"(المسيري: ج2 ص354)، من العلمانية الشاملة.
 
" وظهر من بين صفوف أعضاء الجماعات اليهودية في الغرب كثير من المفكرين الإنسانيين الذين يدافعون عن الإنسان منفصلاً عن الإلأه ، مثل ماركس وتشومسكي. كما ظهر من بينهم مفكرون مثل فرويد جعلوا همهم نزع القداسة عن الإنسان والواقع والنظر إلأيهما بمنظار علمي مجرد، وكأن الإنسان مجرد ظاهرة طبيعية، يرقة أو قرد أو حجر، لاسر فيه، ولاغاية خاصة لوجوده"
العلمانية الشاملة للمسيري ج2 ص 360.
ومعلوم أن كثير من العلمانيين العرب هم ماركسيون تبنوها فلسفة حياة وسياسة، ودخلت الماركسية في حرب مع الإسلام في اليمن وسوريا بل في مصر الإشتراكية الناصرية، وأيضا تببوا نظريات فلسفية في علم النفس واجتماعية ايضاً ، تبنى كامل أو به كامل، وقد عرضت في كتابي أقطاب العلمانية ج2 ، حقيقة أن سيد القمني تأثر في كثير من تصوراته عن تاريخ النبي موسى عليه السلام، ونزع صفة الوحي عنه، وعن النبوة بصفة عامة، مع تغيير في أحداث نبوة موسى عليه السلام، تأثر القمني في ذلك كله برجلين يهوديين هما سيجموند فرويد و ايمانويل فليكوفسكي
ساحاول أن أعرض لكم نصوصا من كتابي أقطاب العلمانية ج2 عن هذا الأمر(بعد قليل)
 
من كتابي أقطاب العلمانية ج2
:"إنَّ مصدر العلمانية العربية هو خرافات وأساطير وخيال العقل الغربي الشائة الذي كونته ظروف صراع مرير ضد الكنيسة الغربية، هذا هو ما أردت تقديمه بين يدي أساطير فرويد وفليكوفسكي والعشماوي والقمني وغيرهم ليضع القارئ يده على ظروفها وآلياتها وأهدافها وغاياتها وأيديولوجياتها الكامنة خلفها والمستترة وراء مزاعمها العلمية والموضوعية!"
"فرويد الطاغوت الذي يعبده باحثون عرب :
«سيجموند فرويد» اليهودي المولد، عالم التحليل النفسي الغربي الطبيب النمساوي هو صاحب فلسفة تكمن خلف أبحاثه السيكولوجية وخلف نظرته عن الإنسان وعن الدين وعن الحياة الاجتماعية البشرية قدمناها في الفصل الأول، وفي هذا الفصل نريد إظهار موقفه من موسى عليه السلام ومن مفهوم الدين".
 
النصوص التي نقلتها هنا من اقطاب العلمانية لم انقلها من الكتاب مصححة ولكن من نسخة كتبها لي صديق على ملف ورد فهي لم تصحح بعد لكن الكتاب صحح عام 2003م
 
من كتابي أقطاب العلمانية ج2
ا"لدكتور سيد القمني
وعلمانية تقلب الحقائق ببشاعة وحقد أعمى
ككل العلمانيين الذين يفرضون أفكارهم ونظرياتهم على العالم يؤكد الدكتور سيد القمني أنه يقوم بالبحث المدقق( ) كما أنه يدعو القارئ إلى مشاركته «مُتعة البحث والاستقصاء، ومتعة الفرح بالكشف العلمي»( )! «هو خلاصة جهد استمر عشر سنوات أو يزيد»( ) قال ذلك في مقدمة مشروعه الممتد على 1162 صفحة في أربعة أجزاء()، والذي غيَّر فيه حقيقة موسى عليه السلام، وحقيقة النبوة، وحقيقة الدين، وغيَّر المفاهيم القرآنية والمعالم التاريخية التي أكدتها النصوص القرآنية، وقام وهو يقوم بعمله الغير العلمي والسيئ القصد إنه يهدف إلى «إعادة قراءة لوضع الأمور في تصحيح نصابها تمهيداً لطرح رؤيتنا في علاقة الموسوية بالأنونية وموسى بإخناتون (!»)( )
إنه يخدع قراءه دائماً بجرعة التهدئة المُركَّزة «أول شروط العلم هو الأمانة فيما نعلم»( ) هكذا يقول!
فالكشف العلمي والرؤية الأمنية وإعادة الأمور إلى نصابها تتمثل عند الدكتور القمني في نظريته - أو بالأحرى فريته! - عن موسى  أعظم تمثيل! يقول متحمساً لعرض خياله الخصيب المليء بالأوهام «لقد كان قائد الخروج من مصر هو الفرعون (إخناتون) بذاته وكان هو من عرفت اليونان قصته باسم (أوديب) وهو ذاته ما دونت التوراة قصتها الكبرى اسمه (موسى) وهذا ما سنحاول أن نقيم عليه الأدلة من الآن حتى نهاية البحث»( ) البحث الممتد على مساحة 1162صفحة كما قدمت!
ويبدو أنه من صناع الأساطير لتدمير حقائق التاريخ، فمهمته كما عبَّر عن ذلك بنفسه هي «تضفير النسيج بين إخناتون وأوديب وموسى»( )! ومفاجأة التضفير القمنية هي بحسب لفظه «أوديب هو إخناتون وهو موسى النبي، شخص واحد في ثلاث روايات مختلفة، شخص مصري معلوم الشأن هو إخناتون، وشخص يوناني هو أوديب في تراجيديا اليونان، وشخص إسرائيلي هو موسى في رواية عبرانية مقدسة»( )."
 
من كتابي أقطاب العلمانية ج2
"وكمثال نُبرزه عند هذه النقطة وستأتي الأمثلة كثيرة، نعرض قول القمني في حكمه على بعض قراءات «إيمانويل فليكوفسكي» اليهودي للتوراة والتاريخ، يقول «يمكن لباحث مغرض أن يقرأه قراءة أخرى بأغراض بعينها، وفق أيديولوجيا خاصة، فينطق بأمور أبعد ما تكون عن الصدق والموضوعية العلمية وهو ما سنجد له نموذجاً مثالياً في الباب الثالث من هذا الكتاب»( ) الذي سماه «التضليل»() ويسمى بعض فروضاته «الفضائح»( ).
ويقول عنه «أي مهتم بالتاريخ الديني لمصر القديمة، سيعرف كم كان
(فليكوفسكي) ملفقاً؟ وكم كان بارعاً»( ).
وقال عنه أيضاً «بأنه أبرع رجل علم، تمكن من استخدام أدوات البحث العلمي لإجراء أروع بل وأمتع عملية تزييف وتلفيق وتزوير في تاريخ العلم والعالم»( ).
وقال «للكاتب مقاصد غير أمينة، وأنه قد عمد إلى الإسقاط والحذف لأن المحذوف كان ممكناً أن يتعارض مع فروض الكاتب وما يريد الوصول إليه، باختصار هي انتقائية وعدم أمانة واضحة»( ).
لكن المدهش في الأمر أن سيد القمني على الرغم من أنه نقد القومية الصهيونية التي كان فليكوفسكي يسعى لتدشينها بالدعم التاريخي!، إلا أنه تأثر بفليكوفسكي تأثراً عجيباً في أجزاء خطيرة من نظريته المهزوزة، فقد ألف فليكوفسكي كتاباً سماه «أوديب وإخناتون» فقال بأن أوديب هو إخناتون فأخذها القمني خبرة تاريخية لإعادة بناء التاريخ النبوي بالطريقة العلمانية العوراء التي لا ترى من العالم إلا ماديته فقال القمني (بإضافته المدهشة) إن إخناتون هو أوديب هو موسى شخص واحد في روايات ثلاثة والأصل هو إخناتون، أما موسى وأوديب فاقتباسات عن الأصل! ولقد صنع لذلك عنواناً سماه «الثلاثة في واحد»( ) ومع أن القمني استفاد استفادة كبيرة جداً من خرافات سيجموند فرويد الذي زعم أن موسى مصري الولادة والجنس وأنه كان أميراً وأنه خرج بأتباعه الذين يتكونون من المصريين والهكسوس والإسرائيليين من مصر مطرودون وليسوا مطاردين() إلا أنه خالفه في جزئية إخناتون ففرويد قال إن موسى المصري كان كاهناً من رجال إخناتون فقال القمني : إنَّ موسى هو إخناتون نفسه وليس كاهناً عند إخناتون!
وهكذا استفاد القمني من فليكوفسكي فكرة (أوديب هو إخناتون) ومن فرويد مصرية موسى بالولادة والجنس لكنه نحيّ فكرة فرويد التي تقول بأن موسى عليه السلام من أتباع إخناتون وقال انه إخناتون نفسه وليس من أتباعه ثم جمع خلاصات فليكوفسكي وفرويد بعد أن عزل بعض العناصر المتعارضة مع خياله الخاص وبعد إضافات عجيبة كإضافة أن إخناتون هو (موسى قبل اقتباس التوراة وتعديلها للنسخة الأصلية) فكانت خلاصته وفرديته ونظريته هي : إخناتون هو أوديب هو موسى، ثلاثة في واحد! ومع أن فليكوفسكي وفرويد يهوديان وينتميان للفكر العلماني الأحادي النظرة إلا أن فليكوفسكي هاجم فرويد لكون فرويد قد زعم أن موسى لم يكن من بني إسرائيل بزعم أنه كان مصرياً من أتباع الفرعون إخناتون!
يقول أحمد عثمان - وسيأتي عرض أكاذيبه - «وكان إيمانويل فليكوفسكي أحد علماء النفس اليهود، الذي هاجر من روسيا إلى الولايات المتحدة هو الذي بدأ في سبعينيات القرن العشرين بمعارضة فرويد والهجوم على إخناتون، وكرَّس فليكوفسكي حياته في محاولة لإثبات أخطاء ما ذهب إليه فرويد بخصوص الملك المصري عن طريق إثبات سبق موسى لعصر إخناتون»( ).
يقول القمني في ذلك «ولا ينسى فليكوفسكي أن يحط من قدر فرويد لتجرؤه (!) على شخص موسى وعلى شعب الله المختار وتبجيله إخناتون تبجيلاً عظيماً، ليقول بالنص عن كتاب فرويد : هذا الكتاب ليس سوى إنقاص لقدر موسى والحط من شأنه، فقد حط فرويد من شأن موسى عندما أنكر أصالته وحرمه إياها، كما هاجم شعب اليهود عندما حرمهم زعيماً يقود جنسهم، إذ جعل موسى مصرياً... على حين يمجد مرتداً مصرياً() معتبراً إياه مؤسساً لدين عظيم الشأن، هذا بينما يرى فليكوفسكي وهو يقلب التاريخ رأساً على عقب (!) في بقية أعماله (!) أن موسى كان سابقاً على إخناتون بزمن طويل أما إخناتون نفسه فليس بمستحق لكل ما لاقاه من احترام، عندما ارتكب جريمته وهو يعلم ماذا يفعل»( ).
وقد قدمنا في الهامش مدى توافق أفكار فليكوفسكي والقمني عن أفعاله!! والفرق أن فليكوفسكي يجعل إخناتون متقدماً على موسى في الزمان أما القمني
فيجعلهما شخصاً واحداً (موسى بحسبانه إخناتون) فالزمن واحد!
وفي تعليق القمني على عبقرية فرويد الفذة!، يمدح فليكوفسكي، فيقول عن فرويد «ومع ذلك أبداً - رغم عبقريته الفذة - لم يربط بين الشخصيتين : أوديب، إخناتون، وهو الدرس الذي وعاه (!) فليكوفسكي بقدرة عالية الجودة (!»)( )
ولا أعرف كيف تكون القدرة عالية الجودة تلك التي تقلب التاريخ رأساً على عقب.. وبلا أمانة!
فخيال فليكوفسكي جمع إخناتون وأوديب في شخص واحد، وخيال الباحث أحمد عثمان.. وسيأتي التفصيل - جمع بين موسى وإخناتون في شخص واحد()، فجاء القمني واستفاد من فليكوفسكي وأحمد عثمان فجعل أن إخناتون وأوديب أو موسى وإخناتون شخصاً واحد ثلاثياً: إخناتون/أوديب/موسى، إنَّ ذلك - بتعبير القمني - «صار شيئاً مؤكداً»( ) مع أنه ليس هناك من دليل على ذلك واحد يتيم عليه!
 
عودة
أعلى