نفائسُ ودررٌ ، وطُرَفٌ ومُلَحٌ وفوائد

في وفيات الأعيان 1/285:
قال أبو القاسم الكوكني: حدثني العنزي قال: أنشد رجل أبا عثمان المازني شعراً له وقال: كيف تراه ؟ قال: أراك قد عملت عملاً بإخراج هذا من صدرك لأنك لو تركته لأورثك السل.
 
قال الإمام ابن رجب الحنبلي في [شرح حديث "ما ذئبان جائعان" ص88 مجموع رسائله]:
وها هنا نكتة دقيقة وهي : أن الإنسان قد يذم نفسه بين الناس يريد بذلك أن يري أنه متواضع عند نفسه ، فيرتفع بذلك عندهم ، ويمدحونه به ، وهذا من دقائق أبواب الرياء ، وقد نبه عليه السلف الصالح .
قال مطرف بن عبد الله بن الشخير : كفى بالنفس إطراء أن تذمها على الملأ ، كأنك تريد بذمها زينتها ، وذلك عند الله [شينها] .
 
في ترتيب المدارك للقاضي عياض 1/77 :
وسأله [الإمام مالك] رجل عمّن قال لآخر: يا حمار ؟
قال: يجلد.
قال: فإن قال له يا فرس ؟!
قال: تجلد أنت!
ثم قال: يا ضعيف ، وهل سمعت أحداً يقول لآخر يا فرس ؟!
 
جزاك الله خير يا شيخ عبد الرحمن .
وأرجو إفادتي هل هناك كتاب مخصص لهذا الأمر ويكون فيه أبواب كل باب موضوع ، مثل : كلمة ( فرس ) يأتي كل ما في هذه الكلمة من طرف وملح وفوائد .
 

قال الإمام الدارمي في سننه1/77:
أخبرنا الحسن بن بشر ثنا أبي عن إسماعيل عن عامر[الشعبي] أنه كان يقول: ما أبغض إلي أرأيت أرأيت ، يسأل الرجل صاحبه ، فيقول: أرأيت . وكان لا يقايس .
... أخبرنا صدقة بن الفضل أنا بن عيينة عن إسماعيل عن الشعبي قال: لو أن هؤلاء كانوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم = لنزل عامة القرآن يسألونك يسألونك !
 

قال العلامة ابن القيم في كتب الروح ص53 :
قال عبد الحق الأشبيلي حدثني الفقيه أبو الحكم برخان ـ وكان من أهل العلم والعمل ـ : أنهم دفنوا ميتا بقريتهم في شرف أشبيلية ، فلما فرغوا من دفنه قعدوا ناحية يتحدثون ، ودابة ترعى قريبا منهم ، فإذا بالدابة قد أقبلت مسرعة إلى القبر ، فجعلت أذنها عليه كأنها تسمع ، ثم ولت فارة ، ثم عادت إلى القبر ، فجعلت أذنها عليه كأنها تسمع ، ثم ولت فارة ، فعلت ذلك مرة بعد أخرى .
قال أبو الحكم : فذكرت عذاب القبر ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم " أنهم ليعذبون عذابا تسمعه البهائم ".
ذكر لنا هذه الحكاية ونحن نسمع عليه كتاب مسلم لما انتهى القارئ إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم : "أنهم يعذبون عذابا تسمعه البهائم ".

 
قال الإمام الدارمي في سننه 1/100: أخبرنا سعيد بن سليمان عن أبي أسامة عن مسعر قال: سمعت عبد الأعلى التيمي يقول: من أوتي من العلم مالا يبكيه = لخليق أن لا يكون أوتي علما ينفعه ؛ لأن الله تعالى نعت العلماء ثم قرأ القرآن { إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ ـ إلى قوله ـ يَبْكُونَ }.
 

قال الصفدي في الوافي 2/82:
أخبرني من لفظه الشيخ فتح الدين محمد ابن سيد الناس اليعمري قال : ترافق القرطبي المفسر ، والشيخ شهاب الدين القرافي في السفر إلى الفيوم ـ وكل منهما شيخ فنه في عصره القرطبي في التفسير والحديث ، والقرافي في المعقولات ـ فلما دخلاها أرتادا مكانا ينزلان فيه فدلا على مكان ، فلما أتياه قال لهما أنسان: يا مولانا بالله لا تدخلاه فإنه معمور بالجان !
فقال الشيخ شهاب الدين للغلمان : أدخلوا ودعونا من هذا الهذيان ، ثم أنهما توجها إلى جامع البلد إلى أن يفرش الغلمان المكان ، ثم عادا ، فلما استقرا بالمكان سمعا صوت تَيْسٍ من المعز يصيح من داخل الخرستان ! وكرر ذلك الصياح !!
فأمتقع لون القرافي وخارت قواه وبهت !
ثم أن الباب فتح !
وخرج منه رأس تيس !
وجعل يصيح !
فذاب القرافي خوفا ، وأما القرطبي فإنه قام إلى الرأس وأمسك بقرنيه ، وجعل يتعوذ ويبسمل ويقرأ {آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ} ، ولم يزل كذلك حتى دخل الغلام ومعه حبل وسكين ، وقال: يا سيدي تنح عنه ، وجاء إليه فأخرجه وانكاه وذبحه !
فقالا له: ما هذا ؟!
فقال: لما توجهتما رأيته مع واحد ، فاسترخصته ، واشتريته لنذبحه ، ونأكله وأودعته في هذا الخرستان !
فأفاق القرافي من حاله ، وقال: يا أخي لا جزاك الله خيرا ما كنتَ قلتَ لنا ، وإلا طارت عقولنا . أو كما قال .

 

قال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في صحيحه رقم (3849) : باب القسامة في الجاهلية
حدثنا نعيم بن حماد حدثنا هشيم عن حصين عن عمرو بن ميمون قال: رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة قد زنت فرجموها فرجمتها معهم.
قال ابن حجر 7/156 : .. ثبت عند أكثر الرواة عن الفربري هنا ترجمة "القسامة في الجاهلية" ولم يقع عند النسفي، وهو أوجه؛ لأن الجميع من ترجمة أيام الجاهلية، ويظهر ذلك من الأحاديث التي أوردها تلو هذا الحديث.
و قال ابن حجر 7/160 :
وقد ساق الإسماعيلي هذه القصة من وجه آخر مطولة من طريق عيسى بن حطان عن عمرو بن ميمون قال: " كنت في اليمن في غنم لأهلي ، وأنا على شرف فجاء قرد مع قردة فتوسد يدها فجاء قرد أصغر منه فغمزها فسلت يدها من تحت رأس القرد الأول سلا رقيقا ، وتبعته فوقع عليها وأنا أنظر ، ثم رجعت فجعلت تدخل يدها تحت خد الأول برفق ، فاستيقظ فزعا فشمها فصاح فاجتمعت القرود ، فجعل يصيح ويومئ إليها بيده ، فذهب القرود يمنة ويسرة فجاءوا بذلك القرد أعرفه ، فحفروا لهما حفرة فرجموهما ، فلقد رأيت الرجم في غير بني آدم.

وانظر القصة في : تاريخ دمشق 46 / 415 -416 وتهذيب الكمال 22/256 وسير أعلام النبلاء 4/159.

ويشبه هذه القصة ما حكاه الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى 15/147:

وَقَدْ حَدَّثَنِي بَعْضُ الشُّيُوخِ الصَّادِقِينَ أَنَّهُ رَأَى فِي جَامِعٍ نَوْعًا مِنْ الطَّيْرِ قَدْ بَاضَ فَأَخَذَ النَّاسُ بَيْضَةً وَجَاءَ بِبَيْضِ جِنْسٍ آخَرَ مِنْ الطَّيْرِ فَلَمَّا انْفَقَسَ الْبَيْضُ خَرَجَتْ الْفِرَاخُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَجَعَلَ الذَّكَرُ يَطْلُبُ جِنْسَهُ حَتَّى اجْتَمَعَ مِنْهُنَّ عَدَدٌ فَمَا زَالُوا بِالْأُنْثَى حَتَّى قَتَلُوهَا وَمِثْلُ هَذَا مَعْرُوفٌ فِي عَادَةِ الْبَهَائِمِ .

وأشار إليها في 11/545 .

ويصحح من الموضع الأول إسناده القصة لأبي رجاء العطاردي ، ومن الثاني لأبي عمران ، والصواب في الموضعين : عمرو بن ميمون .

 

قال ابن القيم في إعلام الموقعين 1/89:
وَقَدْ رَأَيْت فِي بَعْضِ التَّوَارِيخِ الْقَدِيمَةِ :
أَنَّ أَحَدَ قُضَاةِ الْعَدْلِ فِي بَنْيِ إسْرَائِيلَ أَوْصَاهُمْ إذَا دَفَنُوهُ أَنْ يَنْبُشُوا قَبْرَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ فَيَنْظُرُوا هَلْ تَغَيَّرَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لا !
وَقَالَ : « إنِّي لَمْ أجر قَطُّ فِي حُكْمٍ ، وَلَمْ أُحَابِ فِيهِ ، غَيْرَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيَّ خَصْمَانِ كَانَ أَحَدُهُمَا صِدِّيقًا لِي فَجَعَلْت أُصْغِي إلَيْهِ بِأُذُنِي أَكْثَرَ مِنْ إصْغَائِي إلَى الْآخَرِ ، فَفَعَلُوا مَا أَوْصَاهُمْ بِهِ ، فَرَأَوْا أُذُنَهُ قَدْ أَكَلَهَا التُّرَابُ ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ جَسَدُهُ » .
وَفِي تَخْصِيصِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ بِمَجْلِسٍ أَوْ إقْبَالٍ أَوْ إكْرَامٍ مَفْسَدَتَانِ :
إحْدَاهُمَا : طَمَعُهُ فِي أَنْ تَكُونَ الْحُكُومَةُ لَهُ = فَيَقْوَى قَلْبُهُ وَجِنَانُهُ .
وَالثَّانِيَةُ : أَنَّ الآخَرَ يَيْأَسُ مِنْ عَدْلِهِ ، وَيَضْعُفُ قَلْبُهُ ، وَتَنْكَسِرُ حُجَّتُهُ .
 
- قال ابن القيم في إعلام الموقعين 1/99:
وَقَدْ احْتَجَّ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَالْفُقَهَاءُ قَاطِبَةً بصْحِيفَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ، وَلَا يُعْرَفُ فِي أَئِمَّةِ الْفَتْوَى إلَّا مَنْ احْتَاجَ إلَيْهَا وَاحْتَجَّ بِهَا ، وَإِنَّمَا طَعَنَ فِيهَا مَنْ لَمْ يَتَحَمَّلْ أَعْبَاءَ الْفِقْهِ وَالْفَتْوَى كَأَبِي حَاتِمٍ الْبُسْتِيِّ وَابْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِمَا .


- في رحلة الحج إلى بيت الله الحرام للإمام محمد الأمين الشنقيطي ص69:
[عند ذكر مجلس لهم في قرية « النعمة » مع بعض الأدباء قال: ]
وربما حضر مذاكرتنا بعض العوام الذين لا يفهمون ، ومن جهلهم أن واحدا منهم قال لنا بكلامه الدارجي ما مضمونه : إنه يغبطنا ويغار منا بسبب أننا نمر بأرض السودان التي فيها موضع شريف ؟
قلنا له : وما ذاك الموضع الشريف ؟
قال : الخرطوم .
قلنا : وأي شرف للخرطوم ؟
قال : لأنه مذكور في القرآن ( سنسمه على الخرطوم ) فقلنا له : ذاك خرطوم آخر غير الخرطوم الذي تعني. فضحك من فهم من الحاضرين .
واستدل بعضهم بدليل هو عليه لا له ، فقال له الأديب العلوي [محمد المختار بن محمد فال بن بابه] : هذا مغني اللصوص ، فضحك من له خبرة بقصة مغني اللصوص ، وهي قصة مشهورة حاصلها :
أن بعض الأمراء أسر لصوصا كانوا يقطعون الطريق ، فقدهم للقتل واحدا بعد واحد حتى لم يبق منهم إلا واحدا ، فقال : لا تقتلوني ، فإني لست من اللصوص ، وإنما كنت مغنيا لهم أطربهم بالأناشيد والأغاريد .
فقالوا له : بم كنت تغنيهم ؟
فقال : بقول الشاعر :
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه * فكل قرينٍ بالمقارن يقتدي
فإن كان ذا شر فجانب بسرعة * وإن كان ذا خير فقارنه تهتدي .
[فقيل له: صدقت ! وأمر بقتله .]
ما بين القوسين تتمتها من محاضرات الأدباء 1/131 للراغب .
 
وبمناسبة ذكر الشيخ الشنقيطي رحمه الله فقد ذكر في أضواء البيان(6/339:الطبعة القديمة )أثناء حديثه عن قول الله تعالى " وهذا ملح أجاج " قال :"ولكن أخبرني بعض المرافقين الثقاة أنه جاء إلى محل اختلاطهما ،وأنه جلس يغرف بإحدى يديه عذباً فراتاً وبالأخرى ملحاً أجاجاً والجميع في مجرى واحد لا يختلط أحدهما بالآخر " 0
وقد مكثت زمناً أحاول أن أعرف من هو هذا الثقة ،وبعد زمن عرفت أنه الشيخ : أحمد بن محمد الأمين بن أحمد المختار ،وسألته شخصياً على الإبهام وكأني ما عرفته فأكد لي ذلك وأنه لا زال يذكر المكان الذي أخبر الشيخ فيه 0والشيخ أحمد حفظه الله معروف مشهور 0
 
الجكني قال:
وأنه لا زال يذكر المكان الذي أخبر الشيخ فيه .
بارك الله فيكم ، هلا سلألته عن المكان في أي بحر ؟
وسمعت قديما من أحد الإخوة من مدينة الجبيل ـ أظن ـ أن هناك عيونا حلوة تنبع في وسط البحر لا تختلط بالمالح وأمكانها معروفة عندهم .


قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوي 14/481:
[في ذكر معرض ذكره لفوائد من قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ }]
الرَّابِعُ : أَلَّا يعْتَدِى عَلَى أَهْلِ الْمَعَاصِي بِزِيَادَةِ عَلَى الْمَشْرُوعِ فِي بُغْضِهِمْ أَوْ ذَمِّهِمْ أَوْ نَهْيِهِمْ أَوْ هَجْرِهِمْ أَوْ عُقُوبَتِهِمْ ؛ بَلْ يُقَالُ لِمَنْ اعْتَدَى عَلَيْهِمْ : عَلَيْك نَفْسَك لَا يَضُرُّك مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْت كَمَا قَالَ : { وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ } الْآيَةَ . وَقَالَ : { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } وَقَالَ : { فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ } فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْآمِرِينَ النَّاهِينَ قَدْ يَعْتَدِي حُدُودَ اللَّهِ إمَّا بِجَهْلِ ، وَإِمَّا بِظُلْمِ ، وَهَذَا بَابٌ يَجِبُ التَّثَبُّتُ فِيهِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْإِنْكَارُ عَلَى الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ وَالْفَاسِقِينَ وَالْعَاصِينَ .
الْخَامِسُ : أَنْ يَقُومَ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ مِنْ الْعِلْمِ وَالرِّفْقِ وَالصَّبْرِ وَحُسْنِ الْقَصْدِ وَسُلُوكِ السَّبِيلِ الْقَصْدِ فَإِنَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ : { عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ } وَفِي قَوْلِهِ : { إذَا اهْتَدَيْتُمْ } .
فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ تُسْتَفَادُ مِنْ الْآيَةِ لِمَنْ هُوَ مَأْمُورٌ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَفِيهَا الْمَعْنَى الْآخَرُ . وَهُوَ إقْبَالُ الْمَرْءِ عَلَى مَصْلَحَةِ نَفْسِهِ عِلْمًا وَعَمَلًا وَإِعْرَاضُهُ عَمَّا لَا يَعْنِيهِ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الشَّرِيعَةِ : { مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ } وَلَا سِيَّمَا كَثْرَةُ الْفُضُولِ فِيمَا لَيْسَ بِالْمَرْءِ إلَيْهِ حَاجَةٌ مِنْ أَمْرِ دِينِ غَيْرِهِ وَدُنْيَاهُ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ التَّكَلُّمُ لِحَسَدِ أَوْ رِئَاسَةٍ .
وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ فَصَاحِبُهُ إمَّا مُعْتَدٍ ظَالِمٌ ، وَإِمَّا سَفِيهٌ عَابِثٌ ، وَمَا أَكْثَرُ مَا يُصَوِّرُ الشَّيْطَانُ ذَلِكَ بِصُورَةِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ ، وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَيَكُونُ مِنْ بَابِ الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ .
فَتَأَمَّلْ الْآيَةَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ مِنْ أَنْفَعِ الْأَشْيَاءِ لِلْمَرْءِ ، وَأَنْتَ إذَا تَأَمَّلْت مَا يَقَعُ مِنْ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ عُلَمَائِهَا وَعُبَّادِهَا وَأُمَرَائِهَا وَرُؤَسَائِهَا = وَجَدْت أَكْثَرَهُ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ الَّذِي هُوَ الْبَغْيُ بِتَأْوِيلِ أَوْ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ ، كَمَا بَغَتْ الجهمية عَلَى الْمُسْتَنَّةِ فِي مِحْنَةِ الصِّفَاتِ وَالْقُرْآنِ ؛ مِحْنَةِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ ، وَكَمَا بَغَتْ الرَّافِضَةُ عَلَى الْمُسْتَنَّةِ مَرَّاتٍ مُتَعَدِّدَةً ، وَكَمَا بَغَتْ النَّاصِبَةُ عَلَى عَلِيٍّ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، وَكَمَا قَدْ تَبْغِي الْمُشَبِّهَةُ عَلَى الْمُنَزِّهَةِ ، وَكَمَا قَدْ يَبْغِي بَعْضُ الْمُسْتَنَّةِ إمَّا عَلَى بَعْضِهِمْ ، وَإِمَّا عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ بِزِيَادَةِ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَهُوَ الْإِسْرَافُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِمْ : { رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا } .
وَبِإِزَاءِ هَذَا الْعُدْوَانِ تَقْصِيرُ آخَرِينَ فِيمَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ الْحَقِّ ، أَوْ فِيمَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ كُلِّهَا فَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : مَا أَمَرَ اللَّهُ بِأَمْرِ إلَّا اعْتَرَضَ الشَّيْطَانُ فِيهِ بِأَمْرَيْنِ - لَا يُبَالِي بِأَيِّهِمَا ظَفَرَ - غُلُوٍّ أَوْ تَقْصِيرٍ .
فَالْمُعِينُ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ بِإِزَائِهِ تَارِكُ الْإِعَانَةِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ، وَفَاعِلُ الْمَأْمُورِ بِهِ وَزِيَادَةٍ مَنْهِيٍّ عَنْهَا بِإِزَائِهِ تَارِكُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَبَعْضِ الْمَأْمُورِ بِهِ ، وَاَللَّهُ يَهْدِينَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ .

 

قال الخطيب البغدادي تاريخ بغداد 10/120:
أنبأنا أبو سعد الماليني أخبرنا يوسف بن عمر بن مسرور قال: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: تعرف من أقام أربعين سنة لم ينم الليل ، ويتقوت كل يوم بخمس حبات ، ويصلي صلاة الغداة على طهارة العشاء الآخرة ؟
ثم قال: أنا هو ، وهذا كله قبل أن أعرف أم عبد الرحمن ! أيش أقول لمن زوجني ؟!
ثم قال في أثر هذا : ما أريد إلا الخير.


* مستفاد من كتاب «الترف وأثره في الدعاة والمصلحين » للدكتور محمد موسى الشريف.
وهو كتاب لطيف صغير الحجم كبير النفع .
 
قال في السخاوي « الضوء اللامع » 4/18: [في ترجمة عبادة بن علي الزرزاري المالكي]
... ويقول ـ مشيراً لشدة أعباء التزويج على سبيل المماجنة ـ : لو كانت الشركة تصح في الزوجات لشاركت في جزء من أربعة وعشرين جزءاً !
وهو مسبوق بنحوه من الأوزاعي فإنه قال لصديق له : « إن استطعت أن تكتفي في هذا الزمان بنصف امرأة فافعل » . رويناه في « معاشرة الأهلين» لأبي عمر النوقاتي .اهـ
 

في بدائع الفوائد للعلامة ابن القيم 3/1060:

فائدة نافعة
كثير من الناس يطلب من صاحبه بعد نيله درجة الرياسة الأخلاق التي كان يعامله بها قبل الرياسة فلا يصادفها ، فينتقض ما بينهما من المودة ، وهذا من جهل الصاحب الطالب للعادة ، وهو بمنزلة من يطلب من صاحبه إذا سكر أخلاق الصاحي ، وذلك غلط فإن للرياسة سكرة كسكرة الخمر أو أشد ، ولو لم يكن للرياسة سكرة لما اختارها صاحبها على الآخرة الدائمة الباقية ، فسكرتها فوق سكرة القهوة [الخمر] بكثير ومحال أن يرى من السكران أخلاق الصاحي وطبعه ، ولهذا أمر الله تعالى أكرم خلقه عليه بمخاطبة رئيس القبط [فرعون] بالخطاب اللين فمخاطبة الرؤساء بالقول اللين أمر مطلوب شرعا وعقلا وعرفا ، ولذلك تجد الناس كالمفطورين عليه ، وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب رؤساء العشائر والقبائل. وتأمل امتثال موسى لما أمر به كيف قال لفرعون ( هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى ) فأخرج الكلام معه مخرج السؤال والعرض لا مخرج الأمر ، وقال ( إلى أن تزكى ) ولم يقل إلى أن أزكيك فنسب الفعل إليه هو ، وذكر لفظ التزكي دون غيره لما فيه من البركة والخير والنماء ، ثم قال ( وأهديك إلى ربك ) أكون كالدليل بين يديك الذي يسير أمامك ، وقال ( إلى ربك ) استدعاء لإيمانه بربه الذي خلقه ورزقه ورباه بنعمه صغيرا ويافعا وكبيرا.
وكذلك قول إبراهيم الخليل لأبيه ( يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا ) فابتدأ خطابه بذكر أبوته الدالة على توقيره ولم يسمه باسمه ، ثم اخرج الكلام معه مخرج السؤال فقال ( لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا ) ولم يقل: لا تعبد ، ثم قال ( يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك ) فلم يقل له: جاهل لا علم عندك ، بل عدل عن هذه العبارة إلى ألطف عبارة تدل على هذا المعنى فقال : (جاءني من العلم ما لم يأتك ) ثم قال : (فاتبعني أهدك صراطا سويا ) .
هذا مثل قول موسى لفرعون ( وأهديك إلى ربك ) ، ثم قال ( يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا ) فنسب الخوف إلى نفسه دون أبيه كما يفعل الشفيق الخائف على من يشفق عليه . وقال : ( يمسك ) فذكر لفظ المس الذي هو ألطف من غيره ، ثم نَكَّر العذاب ، ثم ذكَر الرحمن ولم يقل الجبار ولا القهار ، فأي خطاب ألطف وألين من هذا ؟
ونظير هذا خطاب صاحب يس لقومه حيث قال: ( يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون ) .
ونظير ذلك قول نوح لقومه : ( يا قوم إني لكم نذير مبين أن أعبدوا الله واتقوه وأطيعون يغفر لكم ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى ) .
وكذلك سائر خطاب الأنبياء لأممهم في القرآن إذا تأملته وجدته ألين خطاب وألطفه بل خطاب الله لعباده هوألطف خطاب وألينه كقوله تعالى ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم ) الآيات ، وقوله تعالى ( يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له ) وقوله ( يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ) وتأمل ما في قوله تعالى ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ) من اللطف الذي سلب العقول
وقوله تعالى ( أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين ) على أحد التأويلين أي : نترككم فلا ننصحكم ولا ندعوكم ونعرض عنكم إذ أعرضتم أنتم وأسرفتم.
وتأمل لطف خطاب نذر الجن لقومهم وقولهم ( يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ) .اهـ

وفي كتب الصديق والصداقة لأبي حيان التوحيدي ص47:
وقال المدائني : إذا ولي الصديق ، فأصبته على العشر من صداقته فليس بأخ سوء .

 
وفي كتب الصديق والصداقة
.[/color]

الصواب :
كتاب الصداقة والصديق ....

في بدائع الفوائد للعلامة ابن القيم 3/876:

... وينبغي أن يتفطن ههنا لأمر لا بد منه ، وهو أنه لا يجوز أن يحمل كلام الله عز وجل ويفسر بمجرد الاحتمال النحوي الإعرابي الذي يحتمله تركيب الكلام ويكون الكلام به له معنى ما ، فإن هذا مقام غلط فيه أكثر المعربين للقرآن ، فإنهم يفسرون الآية ويعربونها بما يحتمله تركيب تلك الجملة ، ويفهم من ذلك التركيب أي معنى اتفق ، وهذا غلط عظيم يقطع السامع بأن مراد القرآن غيره ، وإن احتمل ذلك التركيب هذا المعنى في سياق آخر وكلام آخر فإنه لا يلزم أن يحتمله القرآن مثل قول بعضهم في قراءة من قرأ ( والأرحامِ إن الله كان عليكم رقيبا ) بالجر أنه قسم .
ومثل قول بعضهم في قوله تعالى ( وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام ) إن المسجد مجرور بالعطف على الضمير المجرور في به .
ومثل قول بعضهم في قوله تعالى ( لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة ) إن ( المقيمين ) مجرور بواو القسم .
ونظائر ذلك أضعاف أضعاف ما ذكرنا وأوهى بكثير ، بل للقرآن عرف خاص ومعان معهودة لا يناسبه تفسيره بغيرها ، ولا يجوز تفسيره بغير عرفة والمعهود من معانية ، فإن نسبة معانية إلى المعاني كنسبة ألفاظه إلى الألفاظ ، بل أعظم ، فكما أن ألفاظه ملوك الألفاظ وأجلها وأفصحها ولها من الفصاحة أعلى مراتبها التي يعجز عنها قدر العالمين = فكذلك معانية أجل المعاني وأعظمها وأفخمها ، فلا يجوز تفسيره بغيرها من المعاني التي لا تليق به بل غيرها أعظم منها وأجل وأفخم ، فلا يجوز حمله على المعاني القاصرة بمجرد الاحتمال النحوي الإعرابي ، فتدبر هذه القاعدة ولتكن منك على بال فإنك تنتفع بها في معرفة ضعف كثير من أقوال المفسرين وزيفها ، وتقطع أنها ليست مراد المتكلم تعالى بكلامه ، وسنزيد هذا إن شاء الله تعالى بيانا وبسطا في الكلام على أصول التفسير ، فهذا أصل من أصوله بل هو أهم أصوله
.
 
جزاك الله خيرا ياشيخ عبدالرحمن

في موضوع " أرأيت " ثمة مجموعة آثار في ذلك لعل منها ماروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : " أيها الناس اتهموا الرأي على الدين فلقد رأيتني أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أبي جندل والكتاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أكتبوا من محمد رسول الله ، قالوا : وهل ترانا صدقناك بما تقول ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( أكتبوا من محمد بن عبدالله فأبا عمر رضي الله عنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أتراني أرضى ياعمر وتأبى ...... " أو نحوه

الحديث ذكرته بالمعنى وأظنه عند الطبراني في الأوسط ، إلم أكن واهم

وكذا ما روي عن بن مسعود بلفظ : " دع أرأيت عند أمك في اليمن "
 
بارك الله فيك
الخبر الذي ذكرته عند البخاري عن سهل بن حنيف :
قال أبو وائل
لما قدم سهل بن حنيف من صفين أتيناه نستخبره فقال اتهموا الرأي فلقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره لرددت والله ورسوله أعلم...

والثاني عن ابن عمر في البخاري أيضا عندما سأله رجل عن تقبيل الحجر وقوله أرايت إن زحمت أرأيت ...
 
في بدائع الفوائد للعلامة ابن القيم 3/877:​
... فإن قلتَ: هذا خلاف مذهب سيبويه !
قلتُ: فهل يرتضي محصل برد موجب الدليل الصحيح لكونه خلاف قول عالم معين ؟!
هذه طريقة الخفافيش ، فأما أهل البصائر فإنهم لا يردون الدليل وموجبه بقول معين أبدا ، وقليل ما هم
، ولا ريب أن أبا بشر [سيبويه] رحمه الله ضرب في هذا العلم بالقدح المعلى وأحرز من قصبات سبقه واستولى من أمده على ما لم يستول عليه غيره ، فهو المصلي في هذا المضمار ، ولكن لا يوجب ذلك أن يعتقد أنه أحاط بجميع كلام العرب ، وإن لا حق إلا ما قاله وكم لسيبويه من نص قد خالفه جمهور أصحابه فيه والمبرزون منهم ، ولو ذهبنا نذكر ذلك لطال الكلام به .
 
جزاك الله خيرا شيخ عبدالرحمن على التوضيح


بالنسبة للماء العذب في البحر

أخبرني أحد سكان السفانية " تقع في شرق المملكة بين الخفجي والجبيل على طريق بو حدرية "

أن هناك موقع ف البحر كان البحارة يأخذون منه ماء ويشربون وسط البحر

قال والأمر مشهور في السفانية ومعروف للجميع
 


في بدائع الفوائد للعلامة ابن القيم 3/1119:

فائدة

تأمل سر ( الم ) كيف اشتملت على هذه الحروف الثلاثة فالألف إذا بدىء بها أولا كانت همزة ، وهي أول المخارج من أقصى الصدر ، واللام من وسط مخارج الرحوف ، وهي أشد الحروف اعتمادا على اللسان ، والميم آخر الحروف ومخرجها من الفم ، وهذه الثلاثة هي أصول مخارج الحروف أعني: الحلق واللسان والشفتين ، وترتبت في التنزيل من البداية إلى الوسط إلى النهاية .
فهذه الحروف تعتمد المخارج الثلاثة التي تتفرع منها ستة عشر مخرجا ، فيصير منها تسعة وعشرون حرفا عليها مدار كلام الأمم الأولين والآخرين مع تضمنها سرا عجيبا
وهو :
أن الألف البداية ، واللام التوسط ، والميم النهاية ، فاشتملت الأحرف الثلاثة على البداية والنهاية والواسطة بينهما ، وكل سورة استفتحت بهذه الأحرف الثلاثة ، فهي مشتملة على بدء الخلق ونهايته وتوسطه ، فمشتملة على تخليق العالم وغايته ، وعلى التوسط بين البداية والنهاية من التشريع والأوامر ، فتأمل ذلك في البقرة وآل عمران وتنزيل السجدة وسورة الروم.

وتأمل اقتران الطاء بالسين والهاء في القرآن ، فإن الطاء جمعت من صفات الحروف خمس صفات لم يجمعها غيرها وهي : الجهر والشدة والاستعلاء والإطباق ، والسين مهموس رخو مستفل صفيري منفتح فلا يمكن أن يجمع إلى الطاء حرف يقابلها كالسين والهاء فذكر الحرفين اللذين جمعا صفات الحروف ، وتأمل السور التي اشتملت على الحروف المفردة كيف تجد السورة مبنية على كلمة ذلك الحرف ،
فمن ذلك ق والسورة مبنية على الكلمات القافية من ذكر القرآن ، وذكر الخلق ، وتكرير القول، ومراجعته مرارا ، والقرب من ابن آدم ، وتلقي الملكين ، وقول العبد ، وذكر الرقيب ، وذكر السائق ، والقرين ، والإلقاء في جهنم ، والتقدم بالوعيد ، وذكر المتقين ، وذكر القلب، والقرون ، والتنقيب في البلاد، وذكر القبل مرتين ، وتشقق الأرض ، وإلقاء الرواسي فيها ، وبسوق النخل ، والرزق ، وذكر القوم ، وحقوق الوعيد ، ولو لم يكن إلا تكرار القول والمحاورة ،
وسر آخر وهو : أن كل معاني هذه السورة مناسبة لما في حرف القاف من الشدة والجهر والعلو والانفتاح .

وإذا أردت زيادة إيضاح هذا فتأمل ما اشتملت عليه سورة ص من الخصومات المتعددة ، فأولها خصومة الكفار مع النبي صلى الله عليه وسلم وقولهم : أجعل الآلهة لها واحد إلى أخر كلامهم ، ثم اختصام الخصمين عند داود ، ثم تخاصم أهل النار ، ثم اختصم الملأ الأعلى في العلم ، وهو: الدرجات والكفارات ، ثم مخاصمة إبليس واعتراضه على ربه في أمره بالسجود لآدم ، ثم خصامه ثانيا في شأن بنيه وحلفه ليغوينهم أجمعين إلا أهل الإخلاص منهم ، فليتأمل اللبيب الفطن : هل يليق بهذه السورة غير ص ؟ وسورة ق غير حرفها ؟
وهذه قطرة من بحر من بعض أسرار هذه الحروف ، والله أعلم .


.
 
قال الصفدي في الغيث المسجم 1/36:
ويقال : إن الحسين بن السمّاك كان يتكلم على رؤوس الناس بجامع المدينة ، وكان لا يحسن شيئا من العلوم إلا ما شاء الله ، وكان مطبوعا بالتكلم على مذاهب الصوفية ، فرفعت إليه رقعة فيها :
ما تقول السادة الفقهاء في رجل مات وخلف كذا وكذا ؟
فلما فتحتها ورأى ما فيها من الفرائض رماها من يده ، وقال: أنا أتكلم على مذاهب أقوام إذا ماتوا لم يخلفوا شيئا !
فعجب الحاضرون من سرعة جوابه .
 
في معجم الأدباء لياقوت 2/335:
وحدث أبو أحمد الحسين بن عبد الله العسكري في كتاب التصحيف له عن أبيه عن عسل بن ذكوان عن الرياشي قال: توفي ابن لبعض المهالبة ، فأتاه شبيب بن شيبة المنقري يعزيه ، وعنده بكر بن حبيب السهمي ، فقال شبيب: بلغنا أن الطفل لا يزال محبنطئا على باب الجنة يشفع لأبويه .
فقال بكر بن حبيب: إنما هو محبنطيا غير مهموز .
فقال له شبيب: أتقول لي هذا وما بين لابتيها أفصح مني !
فقال بكر: وهذا خطأ ثان ما للبصرة وللوب ؟! لعلك غرك قولهم: ما بين لابتي المدينة ، يريدون الحرة .
قال أبو أحمد: والحرة أرض تركبها حجارة سود ، وهي اللابة ، وجمعها لابات ، فإذا كسرت فهي اللوب واللاب ، وللمدينة لابتان من جانبيها ، وليس للبصرة لابة ولا حرة.
قال أبو عبيدة: المحبنطي بغير همزة هو: المنتصب المستبطىء للشيء ، والمحبنطيء بالهمز : العظيم البطن المنتفخ .
 
بارك الله فيكم يا شيخ عبدالرحمن على هذه الفوائد والفرائد ...
البحر الذي سألت عنه أخانا الجكني ،هو نهر السنغال ،وقد صرّح به الشيخ ـ رحمه الله ـ في نفس الموضع الذي تفضل بذكره أخونا الجكني ،وهذا نص كلام الشيخ هناك :
(
وقوله : { وهذا مِلْحٌ أُجَاجٌ } أي البحر الملح ، كالبحر المحيط ، وغيره من البحار التي هي ملح أجاج ، وعلى هذا التفسير فلا إشكال .
وأما على القول الثاني بأن مرج بمعنى خلط ، فالمعنى : أنه يوجد في بعض المواضع اختلاط الماء الملح والماء العذب في مجرى واحد ، ولا يختلط أحدهما بالآخر ، بل يكون بينهما حاجز من قدرة الله تعالى ، وهذا محقق الوجود في بعض البلاد ، ومن المواضع التي هو واقع فيها المحل الذي يختلط فيه نهر السنغال بالمحيط الأطلسي بجنب مدينة سانلويس ، وقد زرت مدينة سانلويس عام ست وستين وثلاثمائة وألف هجرية ، واغتسلت مرة في نهر السنغال ، ومرة في المحيط ، ولم آت محل اختلاطهما ، ولكن أخبرني بعض المرافقين الثقاة أنه جاء إلى محل اختلاطهما ، وأنه جالس يغرف بإحدى يديه عذباً فراتاً ، وبالأخرى ملحاً أجاجاً ، والجمع في مجرى واحد ، لا يختلط أحدهما بالآخر . فسبحانه جل وعلا ما أعظمه ، وما أكمل قدرته).
 
بارك الله فيكم يا شيخ عمر وجزاك خيرا .
الأخ القعقاع وجزاك الله خيرا .

قال الشيخ علي الطنطاوي :
ومما حدث لي أنني :
لما كنت أعمل في العراق سنة 1936 نقلت مرة من بغداد إلى البصرة أثر خصومة بيني وبين مفتش دخل الصف فسمع الدرس .
فلما خرج (نافق) لي فقال: إنه معجب بكتاباتي وفضلي، و(نافقت) له فقلت: إني مكبر فضله وأدبه، وأنا لم أسمع اسمه من قبل، ثم شرع ينتقد درسي فقلت: ومن أنت يا هذا ؟ وقال لي وقلت له ...
وكان مشهدا طريفا أمام التلاميذ ... رأوا فيه مثلا أعلى من (تفاهم) أخوين ، وصورة من تهذيب الأخلاق .
ثم كتبت عنه مقالة كسرت بها ظهره ، فاستقال و(طار) إلى بلده، ونقلت أنا عقوبة إلى البصرة.
وصلت البصرة فدخلت المدرسة ، فسألت عن صف (البكالوريا) بعد أن نظرت إلى لوحة البرنامج، ورأيت أن الساعة لدرس الأدب، وتوجهت إلى الصف من غير أن أكلم أحدا أو أعرفه بنفسي .
فلما دنوت من بابا الصف وجدت المدرس ، وهو كهل بغدادي على أبواب التقاعد ، يخطب التلاميذ يودعهم وسمعته يوصيهم (كرما منه) بخلفه الأستاذ الطنطاوي ، ويقول هذا وهذا ويمدحني ...
فقلت : إنها مناسبة طيبة لأمدحه أنا أيضا وأثني عليه ، ونسيت أني حاسر الرأس ، وأني من الحر أحمل معطفي على ساعدي ، وأمشي بالقميص وبالأكمام القصار، فقرعت الباب قرعا خفيفا ، وجئت ادخل؛ فالتفت إلي وصاح: إيه زمال وين فايت ؟ (والزمال الحمار في لغة البغداديين) فنظرت لنفسي هل أذني طويلتان؟ هل لي ذيل ؟ ... فقال: شنو ما تفتهم (تفهم) أما زمال صحيح .
وانطلق بـ (منولوج) طويل فيه من ألوان الشتائم ما لا أعرفه ، وأنا أسمع مبتسما .
ثم قال: تعال نشوف تلاميذ آخر زمان، وقف احك شو تعرف عن البحتري ، حتى تعرف أنك زمال ولاّ لأ ؟
فوقفت وتكلمت كلاما هادئا متسلسلا ، بلهجة حلوة ، ولغة فصيحة . وبحثت وحللت وسردت الشواهد وشرحتها ، وقابلت بينه وبين أبي تمام ، وبالاختصار ألقيت درسا يلقيه مثلي...
والطلاب ينظرون مشدودين ، ممتدة أعناقهم ، محبوسة أنفاسهم، والمدرس المسكين قد نزل عن كرسيه، وانتصب أمامي، وعيناه تكادان تخرجان من محجريهما من الدهشة، ولا يملك أن ينطق ، ولا أنظر إليه كأني لا أراه حتى قرع الجرس ... قال: من أنت ؟ ما اسمك ؟ قلت : علي الطنطاوي!
وأدع للسامعين الكرام أن يتصوروا موقفه !
روائع الطنطاوي ص167 نقله من كتابه « من حديث النفس» ص118 .

 
في سير أعلام النبلاء 8/289:
قال إبراهيم الحربي: كان والد هشيم (1) صاحب صحناء (2) وكامخ، فكان يمنع هشيما من الطلب، فكتب العلم حتى ناظر أبا شيبة القاضي، وجالسه، في الفقه.
قال: فمرض هشيم، فجاء أبو شيبة يعوده، فمضى رجل إلى بشير، فقال: الحق ابنك، فقد جاء القاضي يعوده!
فجاء، فوجد القاضي في داره، فقال: متى أملت أنا هذا ؟!
قد كنت يا بني أمنعك، أما اليوم فلا بقيت أمنعك.اهـ

كم في أبناء المسلمين اليوم من حاله نحو حال هشيم ، وهم بحاجة إلى من يكلفهم وينشئوهم على العلم .


--------------
(1) هشيم بن بشير الواسطي، قال عنه الذهبي في السير 8/287: الإمام شيخ الإسلام محدث بغداد وحافظها .
(2) الصحناء: بكسر الصاد: إدام يتخذ من السمك يمد ويقصر، والكامخ، ما يؤتدم به، أو المخللات المشهية، والكلمتان معربتان.
 
قال الحافظ ابن رجب في فتح الباري 6/156:
وهذه قاعدة مطردة وهي : أنا إذا وجدنا حديثاً صحيحاً صريحاً فِي حكم من الأحكام ، فإنه لا يرد باستنباط من نَصَّ آخر لَمْ يسق لذلك المعنى بالكلية ، فلا ترد أحاديث تحريم صيد المدينة بما يستنبط من حَدِيْث النغير ، ولا أحاديث توقيت صلاة العصر الصريحة بحديث : « مثلكم فيما خلا قبلكم من الأمم كمثل رَجُل استأجر أجراء » - الحَدِيْث ، ولا أحاديث: « ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة » بقوله: « فيما سقت السماء العشر » .
وقد ذكر الشَّافِعِيّ أن هَذَا لَمْ يسق لبيان قدر مَا يجب مِنْهُ الزَّكَاةِ ، بل لبيان قدر الزَّكَاةِ ، وما أشبه هَذَا .
 
في معجم الأدباء 2/32
في ترجمة أحمد بن محمد بن جعفر بن مختار الواسطي أبو علي النحوي ...
قال ياقوت : حدثني أبو عبد الله محمد بن سعد بن الحجاج الدبيثي قال حدثني عبد الوهاب بن غالب عن الشريف أبي العلاء ابن التقي قال قدم إلى واسط في بعض الأعوام عسكر الأعاجم فنهبوا قطعة من البلد، و نهبوا دكان الشيخ أبي علي بن مختار و نزلوا بداره.
قال الشريف: فدخلت معه إليهم نستعطفهم أن يردوا عليه بعض ما أخذوه منه، فلم نر لذلك وجها، و خرجنا و هو يقول :
تذكرت ما بين العذيب و بارق * مـجرَّ عوالينا و مجرى السوابق
ثم التفت إلي فقال: ما العامل في الظرف في هذا البيت ؟
فقلت له: يا سيدي ما أشغلك ما أنت فيه عن النحو والنظر فيه ؟!
فقال: يا بني و ما يفيدني إذا حزنت؟!
 
قال ابن الجوزي في المنتظم 10/215:
وكان يُقرأ عنده [الوزير ابن هبيرة] الحديث في كل يوم بعد العصر، فحضر فقيه مالكي، فذكرت مسألة، فخالف فيها ذلك الفقيه فاتفق الوزير وجميع العلماء على شيء ، وذلك الفقيه يخالف، فبدر من الوزير أن قال له: أحمار أنت! أما ترى الكل يخالفونك وأنت مصر.
فلما كان في اليوم الثاني قال الوزير للجماعة: جرى مني بالأمس ما لا يليق بالأدب حتى قلت له تلك الكلمة، فليقل لي كما قلت له، فما أنا إلا كأحدكم، فضج المجلس بالبكاء، وأخذ ذلك الفقيه يعتذر، ويقول: أنا أولى بالاعتذار، والوزير يقول: القصاص القصاص .
فقال يوسف الدمشقي: يا مولانا إذا أبى القصاص فالفداء.
فقال الوزير: له حكمه .
فقال الرجل: نعمك علي كثيرة فأي حكم بقي لي ؟!
قال: لا بد .
قال: علي بقية دين مائة دينار .
فقال: يعطى مائة دينار لإبراء ذمته ، ومائة لإبراء ذمتي ، فأحضرت في الحال ، فلما أخذها قال الوزير: عفا الله عنك وعني وغفر لك ولي.
 
قال السخاوي في الغاية ص:142
ويموت هو: ابن المـزرع بن يموت البغدادي ، كان يقول فيما رويناه عنه: بليت بالاسم الذي سماني به أهلي، فإني إذا عدت فاستأذنت عليه ، فقيل: من ذا ؟ أسقط اسمي، فأقول : ابن المـزرع .
 
بارك الله فيك

في تَارِيخِ بَغْدَادَ لِابْنِ النَّجَّارِ : أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ أَرَادَ الْخُرُوجَ مَرَّةً مِنْ بَغْدَادَ ، فَاجْتَازَ بَعْضَ الطَّرِيقِ ، وَإِذَا بِرَجُلٍ عَلَى رَأْسِهِ سَلَّةٌ فِيهَا بَقْلٌ ، وَهُوَ يَقُولُ لِآخَرَ : مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَرَاخِي الِاسْتِثْنَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ .
وَلَوْ صَحَّ لَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِأَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ { وَخُذْ بِيَدِك ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ } بَلْ كَانَ يَقُولُ لَهُ : اسْتَثْنِ ، وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّوَسُّلِ إلَى الْبِرِّ بِذَلِكَ ، فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ : بَلْدَةٌ فِيهَا رَجُلٌ يَحْمِلُ الْبَقْلَ يَرُدُّ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ : لَا تَسْتَحِقُّ أَنْ يُخْرَجُ مِنْهَا .
بواسطة شرح الكوكب المنير 3/302
 
قال ابن القيم في زاد المعاد 3/235:
أَكْثَرُ الْخَلْقِ بَلْ كُلّهُمْ إلّا مَنْ شَاءَ اللّهُ يَظُنّونَ بِاَللّهِ غَيْرَ الْحَقّ ظَنّ السّوْءِ؛ فَإِنّ غَالِبَ بَنِي آدَمَ يَعْتَقِدُ أَنّهُ مَبْخُوسُ الْحَقّ نَاقِصُ الْحَظّ، وَأَنّهُ يَسْتَحِقّ فَوْقَ مَا أَعْطَاهُ اللّهُ ، وَلِسَانُ حَالِهِ يَقُولُ: ظَلَمَنِي رَبّي وَمَنَعَنِي مَا أَسْتَحِقّهُ، وَنَفْسُهُ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَهُوَ بِلِسَانِهِ يُنْكِرُهُ وَلَا يَتَجَاسَرُ عَلَى التّصْرِيحِ بِهِ، وَمَنْ فَتّشَ نَفْسَهُ وَتَغَلْغَلَ فِي مَعْرِفَةِ دَفَائِنِهَا وَطَوَايَاهَا = رَأَى ذَلِكَ فِيهَا كَامِنًا كُمُونَ النّارِ فِي الزّنَادِ؛ فَاقْدَحْ زِنَادَ مَنْ شِئْت يُنْبِئْك شَرَارُهُ عَمّا فِي زِنَادِهِ، وَلَوْ فَتّشْت مَنْ فَتّشْته = لَرَأَيْت عِنْدَهُ تَعَتّبًا عَلَى الْقَدَرِ، وَمَلَامَةً لَهُ، وَاقْتِرَاحًا عَلَيْهِ خِلَافَ مَا جَرَى بِهِ، وَأَنّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَا وَكَذَا، فَمُسْتَقِلّ وَمُسْتَكْثِرٌ، وَفَتّشْ نَفْسَك هَلْ أَنْتَ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ؟
[align=center]فَإِنْ تَنْجُ مِنْهَا تَنْجُ مِنْ ذِي عَظِيمَةٍ ** وَإِلّا فَإِنّي لَا إِخَالُك نَاجِيًا[/align]
فَلْيَعْتَنِ اللّبِيبُ النّاصِحُ لِنَفْسِهِ بِهَذَا الْمَوْضِعِ، وَلْيَتُبْ إلَى اللّهِ تَعَالَى، وَلِيَسْتَغْفِرْهُ كُلّ وَقْتٍ مِنْ ظَنّهِ بِرَبّهِ ظَنّ السّوْءِ، وَلْيَظُنّ السّوءَ بِنَفْسِهِ الّتِي هِيَ مَأْوَى كُلّ سُوءٍ وَمَنْبَعُ كُلّ شَرّ ، الْمُرَكّبَةُ عَلَى الْجَهْلِ وَالظّلْمِ، فَهِيَ أَوْلَى بِظَنّ السّوءِ مِنْ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ، وَأَعْدَلِ الْعَادِلِينَ، وَأَرْحَمِ الرّاحِمِينَ، الْغَنِيّ الْحَمِيدِ، الّذِي لَهُ الْغِنَى التّامّ، وَالْحَمْدُ التّامّ، وَالْحِكْمَةُ التّامّةُ، الْمُنَزّهُ عَنْ كُلّ سُوءٍ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَسْمَائِهِ، فَذَاتُهُ لَهَا الْكَمَالُ الْمُطْلَقُ مِنْ كُلّ وَجْهٍ ، وَصِفَاتُهُ كَذَلِكَ ، وَأَفْعَالُهُ كَذَلِكَ كُلّهَا حِكْمَةٌ وَمَصْلَحَةٌ وَرَحْمَةٌ وَعَدْلٌ وَأَسْمَاؤُهُ كُلّهَا حُسْنَى .
 
السلام عليكم
جهد جبار تشكر عليه ,وسلمت أناملك أخي الكريم ,وجعل الله في كل حرف أضعاف مضاعفة من الأجر
في نفسي سؤال وتقبله بصدر رحب ,هل أنت من قام بجمع هذا من بطون الكتب ,أما نقلته من بعض المنتديات,للأمانة العلمية
 
جزاك الله خيرا وتقبل دعاءك
كل ما ذكرته هنا إنما نقلته واستفدته من كتب العلماء، وكل معلومة ذكرت مصدرها بجوارها.
 
قال الحافظ أبو زرعة الدمشقي: حدثنا عبيد بن حبان عن مالك قال : بلغني عن القاسم بن محمد كلمة أعجبتني ، وذاك أنه قال: من الرجال رجال لا تذكر عيوبهم . تاريخه ص193.
وفي سير أعلام النبلاء 8/398: روى عبدان بن عثمان عن عبدالله [بن المبارك الإمام]قال: إذا غلبت محاسن الرجل على مساوئه = لم تذكر المساوئ ، وإذا غلبت المساوئ عن المحاسن = لم تذكر المحاسن.


وروى الخطيب البغدادي في الكفاية ص138: من طريق مالك بن أنس قال : سمعت الزهري يقول : سمعت سعيد بن المسيب يقول: « ليس من شريف ولا عالم ولا ذي سلطان إلا وفيه عيب، لا بد، ولكن من الناس من لا تذكر عيوبه، من كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله ».

وقال العلامة ابن القيم في مفتاح دار السعادة ص176:
«من قواعد الشرع والحكمة أيضا: أن من كثرت حسناته وعظمت، وكان له في الإسلام تأثير ظاهر؛ فإنه يحتمل له مالا يحتمل لغيره، ويعفي عنه مالا يعفي عن غيره؛ فإن المعصية خبث، والماء إذا بلغ قلتين = لم يحمل الخبث، بخلاف الماء القليل؛ فإنه يحمل أدنى خبث».
 
أقول : ماشاء الله عليك , لا تلومني اذا أتاني شك من هذا التدوين العظيم أهو من جهدك أو جهد أناس غيرك
فنحن في زمن قلت فيه الهمم وكثرت المغريات ,وقل من سلك الطريق الذي سلكته ,وإن شاء الله الطريق منتهاه جنات النعيم ,وجعلنا الله وإياكم منها .
 
بارك الله فيك ووفقك في كلامك مبالغة كبيرة، وليس هذا تدوينا عظيما؛ بل هذه فوائد مبعثرة أكثر طلبة العلم قد سجلوا أكثر وأنفع منها.
 
قال الحافظ ابن أبي الدنيا في كتابه مدارة الناس ص114- 115:
حدثنا أحمد بن جميل المروزي حدثنا عبد الله بن المبارك أخبرنا إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عباس قال : " إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك فاذكر عيوب نفسك " .
حدثنا الحسن بن منصور حدثنا حجاج بن محمد عن المسعودي عن عون بن عبد الله قال : " ما أحسب أحدا تفرغ لعيوب الناس إلا من غفلة غفلها عن نفسه " .
حدثنا محمد بن بشير حدثنا جميع بن عبد الله الهجيمي عن عبد الله بن بكر بن عبد الله المزني عن أبيه قال : " إذا رأيتم الرجل موكلا بذنوب الناسِ ناسٍ لذنوبه = فاعلموا أنه قد مكر به " .
وروى البيهقي في الزهد الكبير: عن ذي النون المصري أنه قال: « من نظر في عيوب الناس، عمي عن عيوب نفسه ... »
روى أبو الشيخ بن حيان في كتاب «النكت والنوادر» عن عبد الله بن وهب قال: قال مالك بن أنس رضي الله عنه: «كان عندنا بالمدينة قوم لا عيوب لهم تكلموا في عيوب الناس = فصارت لهم عيوب، وكان عندنا قوم لهم عيوب سكتوا عن عيوب الناس = فنسيت عيوبهم».
قلت:
عائب الناس وإن كا * ن سليما يستعاب
والذي يمسك عن عيـ * ـب الورى سوف يهاب
ما دخول المرء فيما * ليس يعنيه صواب.​
انتهى من خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، للمحبي.

وقال السري السقطي: « ما رأيت شيئا أحبط للأعمال، ولا أفسد للقلوب، ولا أسرع في هلاك العبد، ولا أدوم للأحزان، ولا أقرب للمقت، ولا ألزم لمحبة الرياء والعجب والرياسة؛ من قلة معرفة العبد نفسه، ونظره في عيوب الناس؛ لاسيما إن كان مشهورا معروفا بالعبادة، وامتد له الصيت حتى بلغ من الثناء ما لم يكن يؤمله، وتربص في الأماكن الخفية بنفسه، وسراديب الهوى، وفي تجريحه في الناس ومدحه فيهم». الطبقات الكبرى للشعراني! ص73.
 

قال أبو نعيم في الحلية 7/41:
حدثنا محمد بن علي ثنا عبدالله بن أحمد بن عيسى ثنا الحسين بن معاذ الحجبي ثنا أبو هشام ثنا داود عن أبيه قال: كنت مع سفيان الثوري فمررنا بشرطي نائم ، وقد حان وقت الصلاة ، فذهبت أحركه ، فصاح سفيان: مه !
فقلت: يا أبا عبدالله يصلي ، فقال: دعه لا صلى الله عليه ، فما استراح الناس حتى نام هذا .
نحوه :
قال ابن القيم في إعلام الموقعين 3/16:
وسمعت شيخ الإسلام ـ قدّس الله روحه، ونوَّر ضريحه ـ يقول: مررت أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر، فأنكر عليهم من كان معي ؛ فأنكرتُ عليه ، وقلت له: إنما حرم الله الخمر ؛ لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة ، وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس ، وسبي الذرية ، وأخذ الأموال ، فدعهم .

وذكر شيخ الإسلام معناه في الاستقامة ص426:
وأما الكفار فزوال عقل الكافر خير له وللمسلمين. أما له؛ فلأنه لا يصده عن ذكر الله وعن الصلاة بل يصده عن الكفر والفسق، وأما للمسلمين؛ فلأن السكر يوقع بينهم العداوة والبغضاء فيكون ذلك خيرا للمؤمنين، وليس هذا إباحة للخمر والسكر، ولكنه دفع لشر الشرين بأدناهما.ولهذا كنت آمر أصحابنا أن لا يمنعوا الخمر عن أعداء المسلمين من التتار والكرج ونحوهم، وأقول إذا شربوا لم يصدهم ذلك عن ذكر الله وعن الصلاة بل عن الكفر والفساد في الأرض، ثم إنه يوقع بينهم العداوة والبغضاء، وذلك مصلحة للمسلمين، فصحوهم شر من سكرهم، فلا خير في إعانتهم على الصحو، بل قد يستحب أو يجب دفع شر هؤلاء بما يمكن من سكر وغيره، فهذا في حق الكفار.
ومن الفساق الظلمة من إذا صحا كان في صحوه من ترك الواجبات وإعطاء الناس حقوقهم ومن فعل المحرمات والاعتداء في النفوس والأموال ما هو أعظم من سكره؛ فإنه إذا كان يترك ذكر الله والصلاة في حال سكره، ويفعل ما ذكرته في حال صحوه، وإذا كان في حال صحوه يفعل حروبا وفتنا لم يكن في شربه ما هو أكثر من ذلك، ثم إذا كان في سكره يمتنع عن ظلم الخلق في النفوس والأموال والحريم ويسمح ببذل أموال تؤخذ على وجه فيه نوع من التحريم ينتفع بها الناس = كان ذلك أقل عذابا ممن يصحو فيعتدى على الناس في النفوس والأموال والحريم، ويمنع الناس الحقوق التي يجب أداؤها.
فالحاصل أنه تجب الموازنة بين الحسنات والسيئات التي تجتمع في هذا الباب وأمثاله وجودا وعدما كما قررت مثل ذلك في قاعدة تعارض السيئات والحسنات.
 
قال العلامة ابن الجوزي في صيد الخاطر ص724:
وقد روينا أن رجلاً استأذن على قاضي القضاة ابن أبي داؤد و قال: قولوا : أبو جعفر بالباب ! فلما سمع؛ هش لذلك وقال: ائذنوا له !
فدخل، فقام ، و تلقاه و أكرمه وأعطاه خمسة آلاف، و ودعه .
فقيل له: رجل من العوام فعلت به هذا ؟!
قال: إني كنت فقيراً ، و كان هذا صديقاً ، فجئته يوماً فقلت له : أنا جائع .
فقال: اجلس ، و خرج ، فجاء بشواء و حلوى و خبز فقال : كل .
فقلت: كل معي .
قال : لا.
قلت : و الله لا آكل حتى تأكل معي ، فأكل فجعل الدم يجري من فمه .
فقلت: ما هذا ؟!
فقال : مرض .
فقلت: و الله؛ لا بد أن تخبرني .
فقال: إنك لما جئتني لم أكن أملك شيئاً ، و كانت أسناني مضببة بشريط من ذهب ، فنزعنه و اشتريت به !
فهلا أكافئ مثل هذا ؟!
 
قال العلامة المعلمي ـ رحمه الله ـ في كتابه التنكيل 1/57: كان في اليمن في قضاء الحجرية قاض كان يجتمع إليه أهل العلم ويتذاكرون وكنت أحضر مع أخي فلاحظت أن ذلك القاضي مع أنه أعلم الجماعة فيما أرى لا يكاد يجزم في مسألة ، وإنما يقول : " في حفظي كذا ، في ذهني كذا " ونحو ذلك فعلمت أنه ألزم نفسه تلك العادة حتى فيما يجزم به ، حتى إذا اتفق أن أخطأ كان عذره بغاية الوضوح.
وفي ثقات المحدثين من هو أبلغ تحرياً من هذا، ولكنهم يعلمون أن الحجة إنما تقوم بالجزم ، فكانوا يجزمون فيما لا يرون للشك فيه مدخلاً ، ويقفون عن الجزم لأدنى احتمال ، روي أن شعبة سأل أيوب السختياني عن حديث فقال : أشك فيه ، فقال شعبة : شكك أحب إلي من يقين غيرك . وقال النضر بن شميل عن شعبة لأن أسمع من ابن عون حديثاً يقول فيه "أظن أني سمعته" أحب إليَّ من أن أسمع من ثقة غيره يقول : قد سمعت . وعن شعبة قال : " شك ابن عون وسليمان التيمي يقين " .
وذكر يعقوبُ بن سفيان حمادَ بن زيد فقال : معروف بأنه يقصر في الأسانيد ويوقف المرفوع كثير الشك بتوقيه ، وكان جليلاً ، لم يكن له كتاب يرجع إليه فكان أحياناً يذكر فيرفع الحديث وأحياناً يهاب الحديث ولا يرفعه .
وبالغ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب فكان إذا سئل عن شيء لا يجيب حتى يرجع إلى الكتاب .
قال أبو طاهر السلفي : سألت أبا الغنائم النرسي عن الخطيب فقال : " جبل لا يسأل عن مثله ما رأينا مثله ، وما سألته عن شيء فأجاب في الحال إلا يرجع إلى كتابه " .
 
قال الشيخ أحمد بن محمد الأمين بن أحمد الجكني حدثني شيخي ـ أي: الإمام المفسر محمد الأمين ـ قال: بينا أنا في أحد الفصول أثناء درس إذ ناولني ساعي البريد برقية من أحد إخوتي عزيز عليَّ، يقول فيها: لقد تقرر تسفيري أنا ومن أعول، ولقد خرجت في كفالة أحد الإخوان على أن يحضرني للسفر يوم الأربعاء المقبل، أي: بعد أسبوع واحد.
ولما أنتهت الحصة وجدت سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم في غرفة استراحة المدرسين، فأخبرته بالبرقية، وما تفيده، فما الذي ترى يا سماحة الشيخ؟
فقال: هذه أمور لا نتدخل فيها بتاتا، فقلت له: ابعثوا إذاً من يقطع لي تذكرتَ سفرٍ إلى جدة ليحجز لي مقعدا في أول طائرة إليها.
فقال سماحته: أثناء السنة الدراسية! ومَن لجدولك ؟
فقلت: أمر عجيب منك هذا يا سماحة الشيخ محمد ! أخبرك أن ولدي في السجن يراد تسفيره، وتفيدني بعدم اهتمامك بذلك، وتريد مني أن أجلس أعلم أولادك !
فقال سماحته: وماذا تريد بجدة ؟
قال قلت: لا أكتمك، بأني أريد أن آتي ذاك الكافر "قنصل فرنسا" أدفع له رشوة، وأريد منه أن يتوسط لدى هذه الحكومة المسلمة لتترك هؤلاء المسلمين يصلون ركعتين بأحد الحرمين من غير إزعاج.
قال شيخنا: وعند ذلك قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم: يعلم الله أنه ما سبق أن تدخلنا في موضوع كهذا، ولكن فضيلتكم ليس عندنا مثل الناس، وعندي اقتراح على فضيلتكم: أن تكتب إلى الإمام كتابا توضح فيه وضع هؤلاء الإخوان، وترجو منه بموجبه أن ينظر إليهم بعين الرحمة، قال: وأنا رسولك إليه أضعه بيده بإذن الله، وعسى أن يكون الخير.
قال شيخنا ـ عليه رحمة الله ـ : فكتبت إلى جلالة الملك عبد العزيز كتابا مضمونه: أن هؤلاء إنما أتوا من استعمار غاشم همه القضاء على تقاليد الشعوب الدينية، وعلى لغاتهم وحيث إ نه لم يسبق لأحد من هؤلاء التدخل في سياسة ولم يسبق لأحدهم إصابة حد من حدود الله؛ فإني أسترحم لهم عطف جلالتكم الكريم بأمركم بعدم تسفير أحد منهم، قال : فذهب سماحته بالخطاب وسلمه لجلالة الملك وكلمه مشافهة في الموضوع، فأستدعى جلالته أحد أفراد مكتبه، قال: اذهب إلى القائمة بهذا المعروض، ثم ائتني حالا بالجواب، وقد كتب عليه: هل يوجد شنقيطي متدخل في سياسة ؟ أو أصاب أحد منهم حدا من حدود الله؟
فجاء الرد: لا يوجد . فأرسل جلالته ـ عليه رحمة الله وأسكنه فسيح جناته ـ برقية تعميمية إلى مدير الأمن العام مفادها: الشناقطة إخوان الشيخ محمد الأمين لا تتعرضوا لهم ومن رغب منهم في الرعوية السعودية أعطوه بدون قيد ولا شرط .
مجالس مع فضيلة الشيخ محمد الأمين الجكني الشنقيطي ص75.
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «جواب الاعتراضات المصرية على الفتيا الحموية» ص44: ـ في كلامه على خبر الواحد الذي تلقته الأمة بالقبول وكونه يفيد العلم اليقيني عند جماهير العلماء ـ وقد ذكره أبو عمرو بن الصلاح وصححه ولكنه لم يعرف مذاهب الناس فيه فيتقوى بها، وإنما قاله بموجب الحجة. وظن من اعترضه من المشايخ الذين فيهم علم ودين وليس لهم بهذا الباب خبرة تامة، لكنهم يرجعون إلى ما يجدونه في مختصر أبي عمرو بن الحاجب ونحوه من مختصر أبي الحسن الآمدي والمحصل ونحوه من كلام أبي عبد الله الرازي وأمثاله، وظنوا أن الذي قاله أبو عمرو في جمهور أحاديث الصحيحين قول انفرد به عن الجمهور، وليس كذلك، وبل عامة أئمة الفقهاء وكثير م المتكلمين أو أكثرهم وجميع علماء الحديث على ما ذكره الشيخ أبو عمرو.
وليس كل من وجد العلم قدر على التعبير عنه والاحتجاج له ، فالعلم شيء، وبيانه شيء آخر، والمناظرة عنه وإقامة دليله شيء ثالث، والجواب عن حجة مخالفه شيء رابع. اهـ

كنت أقرأ الكتاب على الشيخ البراك ـ حفظه الله ـ فلما بلغت هذا أعجبه واستحسنه وأمرني بإعادته، وقال: «ضعه بين قوسين» ثم قال بعد سكتة وتأمل: لا يكاد يوجد من يجمع هذا على العموم !
 
فضيلة الشيخ / عبد الرحمن السديس - حفظه الله - جزاك الله خيرا على هذا الجهد المبارك ، والفوائد القيمة

اقتراح يسير /
لا شك أن كل مقالة تعنى وقفة ومغزى ، وفائدة ترغبون في غرسها ، وإفادة الناس بها فهلا ذكرتم في بداية المقالة متكرمًا (عنوانا لها) ، أو عبارة لطيفة يستفيد القارئ ، وهي تفيد كذلك الباحث في موضوع معين بسرعة الوصول للفائدة .

أسأل الله عز وجل أن يسد قلمك ولسانك لما يحبه ويرضاه
 
الأخ الشيخ الفاضل جمال وفقه الله لكل خير
بارك الله فيكم على كلماتكم ودعواتكم الطيبة، وأشكركم على هذا الاقتراح الذي لا شك في حسنه وفائدته، وقد سبق إلى نحوه الشيخ مساعد في بداية الموضوع، ولا شك أن انتقاء عنوان يدل على مضمون المشاركة التي قد تحمل عدة معان وصياغته = يحتاج إلى إعمال فكر وتأمل، وهذا قد يسبب لي فتورا في نقل ما عندي مما أتثاقل أحيانا عن نقله مجردا، وأسأل الله أن ييسر ذلك إن نشطت لجمعها وطباعتها.
 
قيل لأبي الرقيش الكلابي الأعرابي: لم تسمون أبناءكم بشر الأسماء، نحو: كلب وذئب، وعبيدكم بأحسن الأسماء، نحو: مرزوق ورباح ؟
فقال: إنما نسمي أبناءنا لأعدائنا، وعبيدنا لأنفسنا .
يريد أن الأبناء عدة الأعداء وسهام في نحورهم فاختاروا لهم هذه الأسماء .اهـ
من الروض الأنف للسهيلي 1/49
 
إن أذنتم لي - فضيلة الشيخ - أن أضع مسمى أو عنوانًا لعله يفي بالمقصود من المقالات التي ذكرتموها وفقكم الباري .

عنوان المقالة : (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) ، أو ( من جاء بالحسنة فله خير منها)

قال العلامة ابن الجوزي في صيد الخاطر ص724:
وقد روينا أن رجلاً استأذن على قاضي القضاة ابن أبي داؤد و قال: قولوا : أبو جعفر بالباب ! فلما سمع؛ هش لذلك وقال: ائذنوا له !
فدخل، فقام ، و تلقاه و أكرمه وأعطاه خمسة آلاف، و ودعه .
فقيل له: رجل من العوام فعلت به هذا ؟!
قال: إني كنت فقيراً ، و كان هذا صديقاً ، فجئته يوماً فقلت له : أنا جائع .
فقال: اجلس ، و خرج ، فجاء بشواء و حلوى و خبز فقال : كل .
فقلت: كل معي .
قال : لا.
قلت : و الله لا آكل حتى تأكل معي ، فأكل فجعل الدم يجري من فمه .
فقلت: ما هذا ؟!
فقال : مرض .
فقلت: و الله؛ لا بد أن تخبرني .
فقال: إنك لما جئتني لم أكن أملك شيئاً ، و كانت أسناني مضببة بشريط من ذهب ، فنزعنه و اشتريت به !
فهلا أكافئ مثل هذا ؟!


لكم خالص تقديري
 
عودة
أعلى