عبدالرحمن السديس
New member
أحسن الله إليك ونفع بك.
قال العلامة ابن القيم في إعلام الموقعين 4/200 : ـ في شرحه لكلمة الإمام أحمد في الخصال التي ينبغي توفرها في المفتي ـ :
وأما قوله: "أن يكون له حلم ووقار وسكينة" فليس صاحب العلم والفتيا إلى شيء أحوج منه إلى الحلم والسكينة والوقار؛ فإنها كسوة علمه وجماله، وإذا فقدها كان علمه كالبدن العاري من اللباس.
وقال بعض السلف: ما قرن شيء إلى شيء أحسن من علم إلى حلم.
والناس ههنا أربعة أقسام:
فخيارهم: من أوتي الحلم والعلم، وشرارهم: من عدمهما، الثالث: من أوتي علما بلا حلم، الرابع: عكسه.
فالحلم زينة العلم وبهاؤه وجماله، وضده الطيش والعجلة والحدة والتسرع وعدم الثبات، فالحليم لا يستفزه البدوات، ولا يستخفه الذين لا يعلمون، ولا يقلقه أهل الطيش والخفة والجهل؛ بل هو وقور ثابت ذو أناة يملك نفسه عند ورود أوائل الأمور عليه، ولا تملكه أوائلها، وملاحظته للعواقب تمنعه من أن تستخفه دواعي الغضب والشهوة، فبالعلم تنكشف له مواقع الخير والشر والصلاح والفساد، وبالحلم يتمكن من تثبيت نفسه عند الخير فيؤثره ويصبر عليه، وعند الشر فيصبر عنه، فالعلم يعرفه رشده، والحلم يثبته عليه، وإذا شئت أن ترى بصيرا بالخير والشر لا صبر له على هذا ولا عن هذا = رأيته، وإذا شئت أن ترى صابرا على المشاق لا بصيرة له = رأيته، وإذا شئت أن ترى من لا صبر له ولابصيره = رأيته، وإذا شئت أن ترى بصيرا صابرا = لم تكد؛ فإذا رأيته فقد رأيت إمام هدى حقا = فاستمسك بغرزه.
قال لي الشيخ عبد الرحمن البراك ـ حفظه الله ـ بعد المقطع الأخير ـ وهو يضحك ـ: والله إنه وَجَدَ!
ثم أنشدني قوله من النونية:
[align=center][align=center]جَرَّبتُ هَذَا كُلَّهُ وَوَقَعت فِي * تِلكَ الشِّبًَاكِ وَكُنتُ ذَا طَيَرَانِ
حَتَّى أتاحَ لِيَ الإِلهُ بِفَضلِهِ * مَن لَيسَ تَجزِيهِ يَدِي وَلِسَانِي
حَبرٌ أتَى مِن أرضِ حَرَّانٍ فَيَا * أهلاً بِمَن قَد جَاءَ مِن حَرَّانِ
فَالله يَجزِيهِ الذِي أهلُه * مِن جَنَّةِ الماوَى مَعَ الرِّضوَانِ
وقوله:
هَذَا وَلَو حَدَّثتُ نَفسِي أنَّهُ * قَبلِي يَمُوتُ لَكَانَ غيرَ الشَّانِ[/align][/align]
قال العلامة ابن القيم في إعلام الموقعين 4/200 : ـ في شرحه لكلمة الإمام أحمد في الخصال التي ينبغي توفرها في المفتي ـ :
وأما قوله: "أن يكون له حلم ووقار وسكينة" فليس صاحب العلم والفتيا إلى شيء أحوج منه إلى الحلم والسكينة والوقار؛ فإنها كسوة علمه وجماله، وإذا فقدها كان علمه كالبدن العاري من اللباس.
وقال بعض السلف: ما قرن شيء إلى شيء أحسن من علم إلى حلم.
والناس ههنا أربعة أقسام:
فخيارهم: من أوتي الحلم والعلم، وشرارهم: من عدمهما، الثالث: من أوتي علما بلا حلم، الرابع: عكسه.
فالحلم زينة العلم وبهاؤه وجماله، وضده الطيش والعجلة والحدة والتسرع وعدم الثبات، فالحليم لا يستفزه البدوات، ولا يستخفه الذين لا يعلمون، ولا يقلقه أهل الطيش والخفة والجهل؛ بل هو وقور ثابت ذو أناة يملك نفسه عند ورود أوائل الأمور عليه، ولا تملكه أوائلها، وملاحظته للعواقب تمنعه من أن تستخفه دواعي الغضب والشهوة، فبالعلم تنكشف له مواقع الخير والشر والصلاح والفساد، وبالحلم يتمكن من تثبيت نفسه عند الخير فيؤثره ويصبر عليه، وعند الشر فيصبر عنه، فالعلم يعرفه رشده، والحلم يثبته عليه، وإذا شئت أن ترى بصيرا بالخير والشر لا صبر له على هذا ولا عن هذا = رأيته، وإذا شئت أن ترى صابرا على المشاق لا بصيرة له = رأيته، وإذا شئت أن ترى من لا صبر له ولابصيره = رأيته، وإذا شئت أن ترى بصيرا صابرا = لم تكد؛ فإذا رأيته فقد رأيت إمام هدى حقا = فاستمسك بغرزه.
قال لي الشيخ عبد الرحمن البراك ـ حفظه الله ـ بعد المقطع الأخير ـ وهو يضحك ـ: والله إنه وَجَدَ!
ثم أنشدني قوله من النونية:
[align=center][align=center]جَرَّبتُ هَذَا كُلَّهُ وَوَقَعت فِي * تِلكَ الشِّبًَاكِ وَكُنتُ ذَا طَيَرَانِ
حَتَّى أتاحَ لِيَ الإِلهُ بِفَضلِهِ * مَن لَيسَ تَجزِيهِ يَدِي وَلِسَانِي
حَبرٌ أتَى مِن أرضِ حَرَّانٍ فَيَا * أهلاً بِمَن قَد جَاءَ مِن حَرَّانِ
فَالله يَجزِيهِ الذِي أهلُه * مِن جَنَّةِ الماوَى مَعَ الرِّضوَانِ
وقوله:
هَذَا وَلَو حَدَّثتُ نَفسِي أنَّهُ * قَبلِي يَمُوتُ لَكَانَ غيرَ الشَّانِ[/align][/align]