نفائسُ ودررٌ ، وطُرَفٌ ومُلَحٌ وفوائد

في« منهاج القاصدين» 2/584: متى رأيت مشغولا بأمور الدنيا يجحد شيئا من علوم الدين = فأعلم أنه لبعده عنه، فمن أين يظفر سالك الشرق بما في الغرب ؟!
 
قال شيخ الإسلام: «الورع المشروع؛ هو: أداء الواجب وترك المحرم؛ ليس هو ترك المحرم فقط».
«مجموع الفتاوى» 29/279.
وقال: يقع الغلط في الورع من جهة: اعتقاد كثير من الناس أنه من باب الترك؛ فلا يرون الورع إلا في ترك الحرام لا في أداء الواجب، وهذا يبتلى به كثير من المتدينة المتورعة، ترى أحدهم يتورع عن الكلمة الكاذبة وعن الدرهم فيه شبهة، ويتورع عن الركون إلى الظلمة، وذوي الفجور في الدنيا، ومع هذا يترك أمورا واجبة عليه؛ إما عينا وإما كفاية، وقد تعينت عليه من: صلة رحم ؛ وحق جار ومسكين وصاحب ويتيم وابن سبيل، وحق مسلم، وذي سلطان، وذي علم، وعن أمر بمعروف ونهي عن منكر، وعن الجهاد في سبيل الله؛ إلى غير ذلك مما فيه نفع للخلق في دينهم ودنياهم مما وجب عليه.
أو يفعل ذلك لا على وجه العبادة لله تعالى بل من جهة التكليف ونحو ذلك.
ولهذا يحتاج المتدين المتورع إلى علم كثير بالكتاب والسنة والفقه في الدين؛ وإلا فقد يفسد تورعه الفاسد أكثر مما يصلحه.
ومن جهة: المعارض الراجح؛ فإن الشيء قد يكون جهة فساده يقتضي تركه = فيلحظه المتورع؛ ولا لحظ ما يعارضه من الصلاح الراجح.
وقد تبين أن من جعل الورع الترك فقط ؛ وأدخل في هذا الورع أفعال قوم ذوي مقاصد صالحة بلا بصيرة من دينهم وأعرض عما فوتوه بورعهم من الحسنات الراجحة فإن الذي فاته من دين الإسلام أعظم مما أدركه فإنه قد يعيب أقواما هم إلى النجاة والسعادة أقرب، وهذه القاعدة منفعتها لهذا الضرب وأمثاله كثيرة؛ فإنه ينتفع بها أهل الورع الناقص أو الفاسد وكذلك أهل الزهد الناقص أو الفاسد.
انتهى من 20/139 بتصرف واختصار.
 
لطيفة:
لحفص عن عاصم السكت في مواضع، والسكت: هو قطع الصوت زمنا يسيرا من غير تنفس.
وهذه المواضع هي :
(عوجا)[1: الكهف]، و (مرقدنا) [52:يس] ، و(من راق) [27:القيامة]، و (بل ران) [14: المطففين].
فيسكت القاري على الألف في (عوجا) ثم يقول: (قيما)، وكذلك على الألف من (مرقدنا) ثم يقول: (هذا ما وعد الرحمن)، وكذلك على النون من (مَن) ثم يقول: (راق)، وكذلك على اللام مِن (بل) ثم يقول: (ران على قلوبهم).
وهذا السكت في هذه المواضع لحفص وحده من بين القراء العشرة، وقد صح عنه ـ أيضا ـ الوصل كبقية القراء.
ويلاحظ أن ما في الكهف رأس آية، والسنة الوقف على رؤوس الآي، وإن وقف القاري= فالوقف يسقط هذا الحكم.
ووجه السكت في (عوجا) = قصد بيان أن (قيما) بعده ليس متصلا بما قبله في الإعراب؛ فيكون منصوبا بفعل مضمر تقديره: أنزله قيما؛ فيكون حالا من الهاء في أنزله (1).
وفي (مرقدنا) بيان أن كلام الكفار قد انقضى، وأن قوله: (هذا ما وعد الرحمن) ليس من كلامهم؛ فهو إما من كلام الملائكة، أو من كلام المؤمنين.
وفي: (من راق)، و(بل ران) قصد بيان اللفظ = ليظهر أنهما كلمتان.

وهناك موضع آخر وهو: (ماليه * هلك) [28-29:الحاقة] ، ولحفص فيه السكت إن أراد الوصل، وله الإدغام. وللقراء خلاف في إثبات الهاء وصلا، وفي السكت، والإدغام.

مستفاد من «النشر في القراءات العشر» وعدد من كتب التجويد.
________
(1) وفيه وجوه أخر في الإعراب.
 
إذا أشكل عليك شيء:هل هو حلال أو حرام؛ إما مأمور به أو منهي عنه فـ = انظر إلى أسبابه الموجبة وآثاره ونتائجه الحاصلة؛ فإذا كانت منافع ومصالح وخيرات وثمرات طيبة =كان من قسم المباح أو المأمور به، وأذا كان بالعكس = كانت بعكس ذلك.
«مجموع الفوائد واقتناص الأوابد» ص83. لابن سعدي حكاه عن ابن تيمية وابن القيم.
طبعا هذا الكلام موجه لأهل العلم وطلابه، وإلا فالعامي فرضه أن يسأل أهل الذكر، إلا أن يكون في موقف لا يتيسر فيه السؤال.
 
غلَّط الأصمعيُّ المفضلَ في كلمة من بيت من الشعر، فجعل المفضل يشغب، فقال له: «تكلم بكلام النمل وأصِب، لو نفخت في شبور يهودي ما نفعك»! «مجالس العلماء» للزجاجي ص14.
وصدق والله، فالصواب ولو قيل بأهدى صوت = فله سلطان على القلوب والعقول السليمة، وهو الذي سيبقى، والصراخ والشغب وتكثير الكلام = قد يغطي سوءة المخطي عند من يؤثر فيه الضجيج فقط.
ومن طريف ما يقال: أن هذا الموقف حصل ما يشبهه، للأصمعي مع أبي عمرو الشيباني، لكن كان الأصمعي فيها في مكان المفضل!
«مجالس العلماء» للزجاجي ص18.
 
«كان الإمام أحمد وغيره من الأئمة إذا خشوا فتنة بعض المستمعين بسماع الحديث = لم يحدثوه به. وهذا الأدب مما يتنازع فيه العلماء؛ فإن كثيرا من العلم = يضر أكثر الخلق، ولا ينتفعون به؛ فمخاطبتهم به مضرة بلا منفعة».
قاله الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية في"جواب الاعتراضات المصرية" ص159.

ومن ذلك أحاديث الوعد فكثير من الناس لم يحسن فهمها، فحملتهم على التهاون في الواجبات والتقصير فيها.
وكذلك نصوص الوعيد إذا حدث به بعض الناس قنطوا من رحمة الله وتركوا التوبة.
ومما عمت به البلوى اليوم تعليم الناس خلاف العلماء في أكثر المسائل من غير زرع لتعظيم الشريعة في قلوبهم، وأهمية البحث عن مراد الله = فحملت جملة من الناس على التهاون بأمر الله اتكالا على الخلاف من غير أن يكون هناك ضابط يضبط به أمر ما يأخذون وما يذرون؛ بل اتباعا للهوى، لا بحثا عن مراد الله وشرعه.
 
قال الإمام الخطابي في «العزلة»: «فما حاجتك إلى عَنَاء لا غَنَاء له، وتعب لا نجح فيه، وما أَرَبك بصحبة قوم لا تستفيد بلقيهم علما، ولا بمشهدهم جمالا، ولا بمعونتهم مالا، إذا تأملتهم حقا = وجدتهم إخوان العلانية، أعداء السريرة، إذا لقوك تملقوك، وإذا غبت عنهم سَبَعُوك، من أتاك منهم =كان عليك رقيبا، ومن خرج قام بك خطيبا».
 
قال سليمان التيمي رحمه الله : «ما أغضبتَ أحدا = فسمع منك».
قلت: وهذه قاعدة عظيمة في النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فاللين مع المنصوح والمأمور = يفتح قلبه لقبول ما عندك، وعكسه بعكسه.
 
قال عبد الله بن الإمام أحمد: «ما رأيت أبي يبكي قط إلا في حديث توبة كعب».
كثير من الناس يظن أن سرعة الدمعة = دليل على عظيم الصلاح، ولا يدري أنها قد تكون من خشوع النفاق، الذي استعاذ منه الأئمة.
قال المروذي: «رأيت الإمام أحمد إذا كان في البيت كان عامة جلوسه متربعا خاشعا، فإذا كان برا = لم يكن يتبين منه شدة خشوع كما كان داخلا».
 
أكثر الناس لهم نصيب من هذه الآية (وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا) دليله:
(وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون) (كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى) (وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض).
وانظر ماذا قال الله عز وجل لهؤلاء الكفار:
(أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا * أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا)
أفنأمن أن يصنع بنا من جنس هذا إن نكصنا كما نكصوا؟!
 
قال الإمام المروذي: قلت لأبي عبد الله [الإمام أحمد] ما أكثر الداعين لك =
فتغرغرت عينه، وقال: أخاف أن يكون هذا استدراجا.
"الورع" ص163.
ليتنا نفقه مثل هذا الفقه.
 
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "تفضيل الأشخاص بعضهم على بعض في كثير من المواضع = لا يسلم صاحبه عن قول بلا علم واتباع لهواه، فللشيطان فيه مجال رحب".
"الرد على الإخنائي" ص441
فالحذر الحذر .
 
من وصايا أئمة السلف
قال أبو قلابة لأيوب: «إذا أحدث الله لك علما = فأحدث لله عبادة، ولا تكونن إنما همك أن تحدث به الناس»
المعرفة والتاريخ 2/66
 
قال سفيان: «الإلحاح لا يصلح ولا يجمل إلا على الله عز وجل». الآداب الشرعية لابن مفلح2/170
 
قال بعض الحكماء: ينبغي للعاقل أن ينظر كل يوم إلى وجهه في المرآة ؛ فإن كان حسنا = لم يشنه بفعل قبيح ، وإن كان قبيحا = لم يجمع بين قبيحين !
"الجامع لأخلاق الراوي والسامع" 1/613.
 
مرحبا بعودتك يا شيخ عبد الرحمن .
وأشكرك كل الشكر على هذه المختارات التي تنير العقل وتزكي النفس.
 
قال الإمام التابعي سليمان التيمي رحمه الله : «ما أغضبتَ أحدا = فسمع منك».
قلت: وهذه قاعدة عظيمة في النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فاللين مع المنصوح والمأمور = يفتح قلبه لقبول ما عندك، وعكسه بعكسه.
 
قال الإمام الخطابي في «العزلة»: «فما حاجتك إلى عَنَاء لا غَنَاء له، وتعب لا نجح فيه، وما أَرَبك بصحبة قوم لا تستفيد بلقيهم علما، ولا بمشهدهم جمالا، ولا بمعونتهم مالا، إذا تأملتهم حقا = وجدتهم إخوان العلانية، أعداء السريرة، إذا لقوك تملقوك، وإذا غبت عنهم سَبَعُوك، من أتاك منهم =كان عليك رقيبا، ومن خرج قام بك خطيبا».
قلت: ما أكثر من ينطبق عليه هذا اليوم ؟!
لكن يحسن أن تصبر وتحتسب فتثاب على إفادتهم.
 
الإنسان إذا أصابته المصائب بذنوبه وخطاياه = كان هو الظالم لنفسه،
فإذا تاب واستغفر = جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب.
والذنوب مثل أكل السم؛ فهو إذا أكل السم = مرض أو مات .. فإن شرب الترياق النافع = عافاه الله، فالذنوب كأكل السم، والترياق النافع كالتوبة النافعة،
والعبد فقير إلى الله تعالى في كل حال، فهو بفضله ورحمته = يلهمه التوبة، فإذا تاب = تاب عليه، فإذا سأله العبد ودعاه = استجاب دعاءه، كما قال : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون }.
قاله شيخ الإسلام مجموع الفتاوى 8/240.
 
هذه الطريقة تغيظ الشيطان وتصرفه عنك
إذا خطر في بالك خاطرة سوء على أخيك = فزد في مراعاته ؛ فادع له بالخير وأكثر ؛ فإن ذلك يغيط الشيطان ، وسيدفع عنك هذا الخاطر السيء = لئلا تدعو له.
بمعناه من "منهاج القاصدين" لابن الجوزي.
 
لو كان هذا التصرف معك ماذا ستفعل ؟
دعاه إلى بيته ليكرمه ويقربه = فلم يحضر ، مع أنه لم يكن له عذر!، دعاه مرة أخرى وكذلك لم يحضر، وثالثة ؛ فحضر متأخرا مع آخر الحضور ، وانصرف سريعا ، ودعاه رابعة وخامسة ووو، وهذا ديدنه: إما ألا يحضر، وإما أن يحضر متأخرا، مشغول البال، ويبادر بالانصراف مع أول من ينصرف.
مع أن من دعاه ليس له أي مصلحة في حضوره ، بل المصلحة والفائدة له هو ، ومن دعاه قد أحسن إليه من قبل وله عليه أفضال كثيرة.
هذا الرجل هو المتخلف عن الجماعة والمتأخر عن الحضور لها، قد دعاه الله لها ليكرمه ويعلي درجته.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة». متفق عليه.
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من صلى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة، فكأنما صلى الليل كله». رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا». متفق عليه.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به، يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف». رواه مسلم.
 
علو همة أهل القرآن:
قال محمد السُّلمي: قمتُ ليلة سَحَراً لآخذ النوبة على ابن الأخرم ،فوجدتُ قد سبقني ثلاثون قارئاً،ولم تدركني النوبة إلى العصر. انظر:تاريخ دمشق لابن عساكر وسير أعلام النبلاء للذهبي،و غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري [email protected]
 
قال ابن القيم رحمه الله في نونيته:
فتدبر القرآن إن رمت الهدى فالعلم تحت تدبر القرآن
وقال :فتلاوة القرآن تتناول تلاوة لفظه ومعناه وتلاوة المعنى اشرف من مجرد تلاوة اللفظ وأهلها هم اهل القرآن الذين لهم الثناء في الدنيا والاخرة.
مفتاح دار السعادة
 
الزوجة الثانية

الزوجة الثانية

أتاني بالنصائح بعض نــــاس *** وقالوا أنت مقدام سياسي
أترضى أن تعيش وأنت شهم *** مع امرأة تقاسي ما تقاسي
إذا حاضت فأنت تحيض معها *** وإن نفست فأنت أخو نفاس
وتقضى الأربعين بشر حال *** كدابر رأسه هشمت بفاس
وإن غضبت عليك تنام فردا *** ومحروما وتمعن في التناسي
تزوج حرمة أخرى لتحيا *** سعيدا سالما من كل باس
فقلت لهم معاذ الله إني *** أخاف من اعتلالي وارتكاسي
لي امرأة وشاب الرأس منها *** فكيف أزيد حظي بانتكاسي
وها أنا ذا بدأت تروق حالى *** قعودها بعد اليباس
ولن أرضى بمشغلة وهم *** ومشغلة يكون بها انغماسى
فصاحوا سنة المختار تنسى *** وتمحى أين أرباب الحماس
فقلت أضعتم سننا عظاما *** وبعض الواجبات بلا احتراس
لماذا سنة التعداد كنتم *** لها تسعون في عزم وباس
وشرع الله في قلبي وروحي *** وسنة سيدي منها اقتباسي
إذا احتاج الفتى لزواج أخرى *** فذاك له بلا أدنى التباس
ولكن الزواج له شروط *** وعدل الزوج مشروط أساسي
وإن معاشر النسوان بحر*** عظيم الموج ليس له مراسى
ويكفى ما حملت من المعاصى*** وآثام تنوء بها الرواسى
فقالوا أنت خواف جبان *** فشبوا النار في قلبي وراسي
فخضت غمار تجربة ضروس *** بها كان افتتاني وابتئاسي
يحز لهيبها في القلب حزا *** أشد علي من حز المواسي
رأيت عجائبا ورأيت أمرا *** غريبا في الوجود بلا قياس
وقلت أظنني عاشرت جنا *** واحسب أنني بين الأناسي
لأتفه تافه وأقل أمر *** تبادر حربهن بالانبجاس
فكم كنت الضحية فى مرار*** وأجزم بانعدام وانطماس
فإحداهن شدت شعر رأسي *** وأخراهن تسحب من أساسي
وإن عثر اللسان بذكر هذي *** لهذي شب مثل الالتماس
وكم من ليلة أمسي حزينا *** أنام على السطوح بلا لباس
وكنت أنام محترما عزيزا*** فصرت أنام ما بين البساس
أرضع نابس الجيران دمى*** وأسقى كل برغوت بكاس
ويوم أدعي أني مريض *** مصاب بالزكام وبالعطاس
فإن لم تنفع الأعذار شيئا *** لجئت إلى التثاؤب والنعاس
وإن فرطت في التحضير يوما *** عن الوقت المحدد يا تعاس
وإن لم أرض إحداهن ليلا *** فيا ويلي ويا سود المآسي
يطير النوم من عيني وأصحو *** لقعقعة النوافذ والكراسي
يجيء الأكل لا ملح عليه *** ولا أسقى ولا يكوى لباسي
وإن غلط العيال تعيث حذفا *** بأحذية تمر بقرب رأسي
وتصرخ ما اشتريت لي احتياجي *** وذا الفستان ليس على مقاسي
ولو أنى أبوح بربع حرف *** سأحذف بالقدور وبالتباسى
وإن أشري لأحداهن فجلا *** بكت هاتيك يا ظالم وقاسي
رأيتك حاملا كيسا عظيما *** فماذا فيه من ذهب وماسي
تقول تحبني وأرى الهدايا *** لغيري تشتريها والمكاسي
واحلف صادقا فتقول أنتم *** رجال خادعون وشر ناس
فصرت لحالة تدمي وتبكي *** قلوب المخلصين لما أقاسي
وحار الناس فى أمرى لأنى*** إذا سألوا عن اسمى قلت ناسى
وضاع النحو والإعراب منى*** ولخبطت الرباعى بالخماسى
أروح لأشتري كتبا فأنسى *** وأشري الزيت أو سلك النحاس
أسير أدور من حى لحى*** كأنى بعض أصحاب التكاسى
وما نفعت سياسة بوش يوما*** ولا ما كان منه لا ثلاثى
ومن حلم ابن قوس أخذت حلمى*** ومكرم منذ حوى أبو نواس
ولا أدري عن الأيام شيئا *** ولا كيف انتهى العام الدراسي
فيوم في مخاصمة ويوم *** ندواي ما اجترحنا أو نواسي
فلما أن عجزت وضاق صدري *** وباءت أمنياتي بالإياسي
دعوت بعيشة العزاب أحلى *** من الأنكاد في ظل المآسي
وجاء الناصحون إلي أخرى *** وقالوا نحن أرباب الميراث
ولا تحزن ولا تبقى كئيبا *** فقد جئنا بحل دبلوماسي
تزوج حرمة أخرى لتحيا *** سليما خاليا من كل باس
فصحت بهم لئن لم تتركوني *** لانقضن ضربا بالمداس
الشاعر ناصر الزهراني
 
(أوفوا بعهدي ..)​
قال الإمام فخر الدين الرازي : اعلم أنه سبحانه بين أن له معك عهداً ولك معه عهداً وبين أنك متى تفي بعهدك فإنه سبحانه يفي أيضاً بعهده فقال وَأَوْفُواْ بِعَهْدِى أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ( البقرة 40 ) ثم في سائر الآيات فإنه أفرد عهدك بالذكر وأفرد عهد نفسه أيضاً بالذكر أما عهدك فقال فيه وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ ( البقرة 177 ) وقال وَالَّذِينَ هُمْ لاِمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ ( المؤمنون 8 ) وقال عَلِيمٌ يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ( المائدة 1 ) وقال لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ ( الصف 32 ) وأما عهده سبحانه وتعالى فقال فيه وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ( التوبة 111 ) م بين كيفية عهده إلى أبينا آدم فقال وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدم من قَبْلُ فَنَسِى َ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ( طه 115 ) ثم بين كيفية عهده إلينا فقال أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يبَنِى وَإِذْ أَخَذَ
ثم بين كيفية عهده مع بني إسرائيل فقال إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ ( آل عمران 183 )
ثم بين كيفية عهده مع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فقال وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْراهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ( البقرة 125 ) ثم بين في هذه الآية أن عهده لا يصل إلى الظالمين فقال لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ
فهذه المبالغة الشديدة في هذه المعاهدة تقتضي
البحث عن حقيقة هذه المعاهدة​
فنقول :
العهد المأخوذ عليك ليس إلا عهد الخدمة والعبودية والعهد الذي التزمه الله تعالى من جهته ليس إلا عهد الرحمة والربوبية
ثم إن العاقل إذا تأمل في حال هذه المعاهدة لم يجد من نفسه إلا نقض هذا العهد ومن ربه إلا الوفاء بالعهد
فلنشرع في معاقد هذا الباب فنقول :
أول إنعامه عليك إنعام الخلق والإيجاد والإحياء وإعطاء العقل والآلة والمقصود من كل ذلك اشتغالك بالطاعة والخدمة والعبودية على ما قال وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ( الذاريات 56 )
ونزه نفسه عن أن يكون هذا الخلق والإيجاد منه على سبيل العبث فقال وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالاْرْضَ وَمَا بَيْنَهَا لاَعِبِينَ ( الأنبياء 16 ) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَقّ ( الدخان 39 ) وقال أيضاً وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالاْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذالِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ ( ص 27 ) وقال أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ( المؤمنون 115 )
ثم بين على سبيل التفصيل ما هو الحكمة في الخلق والإيجاد فقال وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ فهو سبحانه وفى بعهد الربوبية حيث خلقك وأحياك وأنعم عليك بوجوه النعم وجعلك عاقلاً مميزاً فإذا لم تشتغل بخدمته وطاعته وعبوديته فقد نقضت عهد عبوديتك مع أن الله تعالى وفى بعهد ربوبيته
وثانيها أن عهد الربوبية يقتضي إعطاء التوفيق والهداية وعهد العبودية منك يقتضي الجد والاجتهاد في العمل ثم إنه وفى بعهد الربوبية فإنه ما ترك ذرة من الذرات إلا وجعلها هادية لك إلى سبيل الحق وَإِن مّن شَى ْء إِلاَّ يُسَبّحُ بِحَمْدَهِ ( الإسراء 44 ) وأنت ما وفيت البتة بعهد الطاعة والعبودية
وثالثها أن نعمة الله بالإيمان أعظم النعم والدليل عليه أن هذه النعمة لو فاتتك لكنت أشقى الأشقياء أبد الآبدين ودهر الداهرين ثم هذه النعمة من الله تعالى لقوله وَمَا بِكُم مّن نّعْمَة ٍ فَمِنَ اللَّهِ ( النحل 53 ) ثم مع أن هذه النعمة منه فإنه يشكرك عليها وقال فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا ( الإسراء 19 ) فإذا كان الله تعالى يشكرك على هذه النعمة فبأن تشكره على ما أعطى من التوفيق والهداية كان أولى ثم إنك ما أتيت إلا بالكفران على ما قال قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ( عبس 17 ) فهو تعالى وفى بعهده وأنت نقضت عهدك
ورابعها أن تنفق نعمه في سيبل مرضاته فعهده معك أن يعطيك أصناف النعم وقد فعل وعهدك معه أن تصرف نعمه في سبيل مرضاته وأنت ما فعلت ذلك كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّءاهُ اسْتَغْنَى ( العلق 6 7 )
وخامسها أنعم عليك بأنواع النعم لتكون محسناً إلى الفقراء وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ثم إنك توسلت به إلى إيذاء الناس وإيحاشهم الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ( الحديد 24 ) ( النساء 37 )
وسادسها أعطاك النعم العظيمة لتكون مقبلاً على حمده وأنت تحمد غيره فانظر إلى السلطان العظيم لو أنعم عليك بخلعة نفيسة ثم إنك في حضرته تعرض عنه وتبقى مشغولاً بخدمة بعض الأسقاط كيف تستوجب الأدب والمقت فكذا ههنا
واعلم أنا لو اشتغلنا بشرح كيفية وفائه سبحانه بعهد الإحسان والربوبية وكيفية نقضنا لعهد الإخلاص والعبودية لما قدرنا على ذلك فإنا من أول الحياة إلى آخرها ما صرنا منفكين لحظة واحدة من أنواع نعمه على ظاهرنا وباطننا وكل واحدة من تلك النعم تستدعي شكراً على حدة وخدمة على حدة ثم أنا ما أتينا بها بل ما تنبهنا لها وما عرفنا كيفيتها وكميتها ثم إنه سبحانه على تزايد غفلتنا وتقصيرنا يزيد في أنواع النعم والرحمة والكرم فكنا من أول عمرنا إلى آخره لا نزال نتزايد في درجات النقصان والتقصير واستحقاق الذم وهو سبحانه لا يزال يزيد في الإحسان واللطف والكرم واستحقاق الحمد والثناء
فإنه كلما كان تقصيرنا أشد كان إنعامه علينا بعد ذلك أعظم وقعاً وكلما كان إنعامه علينا أكثر وقعاً كان تقصيرنا في شكره أقبح وأسوأ
فلا تزال أفعالنا تزداد قبائح ومحاسن أفعاله على سبيل الدوام بحيث لا تفضي إلى الانقطاع
ثم إنه قال في هذه الآية لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ وهذا تخويف شديد لكنا نقول
إلهنا صدر منك ما يليق بك من الكرم والعفو والرحمة والإحسان وصدر منا ما يليق بنا من الجهل والغدر والتقصير والكسل فنسألك بك وبفضلك العميم أن تتجاوز عنا يا أرحم الراحمين التفسير الكبير لفخر الدين الرازي (4/ 40)
 
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من صلى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة، فكأنما صلى الليل كله». رواه مسلم.
لعل دليل ذلك من كتاب الله ، هو قوله سبحانه : ((ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها)) .
فلما نُسخ وجوب قيام الليل ، أتى الله بواجبٍ فضلُه هو مثل فضل ما نُسخ .
 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة». متفق عليه.
هذه رواية ابن عمر .
وفي رواية أبي هريرة -كما رواها أكثر الثقات- وفي رواية ابن مسعود رضي الله عنه : (تَفْضُلُ صَّلَاةُ الْجَمِيعِ عَلَى صَلَاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ : خَمْسًا وَعِشْرِينَ) .
والتعبير بـصلاة الجماعة يفيد أنّ الجمْع كثير ، بخلاف (الجميع) كما هو في حديث الخمس والعشرين .

والله أعلم
 
والتعبير بـصلاة الجماعة يفيد أنّ الجمْع كثير ،
أي : يحافظ على الذهاب لبيوت الله ، لا كمن صلاها مع الجماعة في بعض المرات .

والله أعلم
ومن اللطائف : أن بين قوله سبحانه في سورة النور : ((ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم (10)) و ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ)) .
بينهما : 25 آية !

وبين الآية (10) وقوله سبحانه : ((ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله ...))
بينهما : 27 آية !
وهذا بعد وصفهم بأنهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة .
 
عودة
أعلى