نفائسُ ودررٌ ، وطُرَفٌ ومُلَحٌ وفوائد

في معرفة الثقات للعجلي ص201:
[الإمام عبد الرحمن بن مهدي] قال له رجل: يا أبا سعيد لو قيل لك: أدخل الجنة بلا حساب ، ولا يكون لك رياسة ؟ أو قيل لك: يكون لك رياسة الدنيا وأمرك إلى الله أيهما أحب إليك ؟ فقال له: بالله اسكت .
ما أجمل الجواب ! ، وما أكثر الأسئلة التي تحتاج لمثله.
 
في وفيات الأعيان 1/52:
في ترجمة : إبراهيم بن هلال الحراني الصابئ صاحب الرسائل المشهورة
قال ابن خلكان: .. وكان متشددا في دينه ، وجهد عليه عز الدولة أن يسلم ، فلم يفعل ، وكان يصوم شهر رمضان مع المسلمين ، ويحفظ القرآن الكريم أحسن حفظ . اهـ .
قلت: عجيب هذا ! صابئ كافر لا يرجو ثوابا ، ولا يخاف عقابا يحفظ القرآن !!
و يفرط كثير ـ لا أقول من عامة المسلمين ـ بل من طلبة العلم في حفظه .. مع أنهم أعرف الناس بفضله ، وأهميته ..
 
قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في تحفة المولود ص 242-243 :
وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله ، وترك تأديبه ، وإعانته له على شهواته ، ويزعم أنه يكرمه ، وقد أهانه ، وأنه يرحمه ، وقد ظلمه ، وحرمه ، ففاته انتفاعه بولده ، وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة .
وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء .
... فما أفسد الأبناء مثل تغفل الآباء ، وإهمالهم ، واستسهالهم شرر النار بين الثياب ، فأكثر الآباء يعتمدون مع أولادهم أعظم ما يعتمد العدو الشديد العداوة مع عدوه وهم لا يشعرون ! فكم من والد حرم والده خير الدنيا والآخرة ، وعرضه لهلاك الدنيا والآخرة ، وكل هذا عواقب تفريط الآباء في حقوق الله ، وإضاعتهم لها ، وإعراضهم عما أوجب الله عليهم من العلم النافع والعمل الصالح حرمهم الانتفاع بأولادهم ، وحرم الأولاد خيرهم ، ونفعهم لهم هو من عقوبة الآباء .
 

قال أبو سليمان الخطابي في كتاب العزلة ص90:
أخبرني محمد بن الحسين الآبري قال: أخبرنا الزبير بن عبد الواحد قال: قال علي بن يحيى الوراق: كان الشافعي ـ رحمة الله عليه ـ رجلا عطرا ، وكان يجيء غلامه كل غداة بغالية ، فيمسح بها الأسطوانة التي يجلس إليها ، وكان إلى جنبه إنسان من الصوفية ، وكان يسمى الشافعي البطال ! يقول: هذا البطال ، وهذا البطال .
قال: فلما كان ذات يوم عمد إلى شاربه ، فوضع فيه قذرا ! ، ثم جاء إلى حلقة الشافعي ، فلما شم الشافعي الرائحة أنكرها ، وقال: فتشوا نعالكم ، فقالوا: ما نرى شيئا يا أبا عبد الله ، قال : فليفتش بعضكم بعضا ، فوجدوا ذلك الرجل ، فقالوا : يا أبا عبد الله هذا ، فقال له: ما حملك على هذا ؟
قال: رأيت تجبرك ، فأردت أن أتواضع لله عز وجل !
قال: خذوه فاذهبوا به إلى عبد الواحد ـ وكان على الشرطة ـ ، فقولوا له: قال لك أبو عبد الله: اعتقل هذا إلى وقت ننصرف ، قال: فلما خرج الشافعي دخل إليه فدعا به فضربه ثلاثين دِرة ، أو أربعين دِرة قال: هذا إنما تخطيت المسجد بالقذرة ، وصليت على غير الطهارة .
 
قال أبو سليمان الخطابي في كتاب العزلة ص91:
أخبرني الحسن بن محمد بن عبدويه قال: أخبرني بعض أهل العلم قال: كان يختلف معنا رجل إلى أبي ثور ، وكان ذا سمت ، وخشوع ، فكان أبو ثور إذا رآه جمع نفسه ، وضم أطرافه ، وقيد كلامه ، فغاب عن مجلسه مدة ، فتعرف خبره ، فلم يوقف له على أثر ، ثم عاد إلى المجلس بعد مدة طويلة ، وقد نحل جسمه ، وشحب لونه ، وعلى إحدى عينيه قطعة شمع قد ألصقها بها فما كاد يتبينه أبو ثور ، ثم تأمله ، فقال له : ألست صاحبنا الذي كنت تأتينا ؟
قال: بلى.
قال: فما الذي قطعك عنا ؟
فقال: قد رزقني الله سبحانه الإنابة إليه ، وحبب إلى الخلوة ، وأنست بالوحدة ، واشتغلت بالعبادة .
قال له: فما بال عينك هذه ؟
قال: نظرت إلى الدنيا فإذا هي دار فتنة ، وبلاء قد ذمها الله تعالى إلينا ، وعابها ، وذم ما فيها ، فلم يمكني تغميض عيني كلتيهما عنها ، ورأيتني ، وأنا أبصر بإحداهما نحوا مما أبصر بهما جميعا ، فغمضت واحدة ، وتركت الأخرى .
فقال له أبو ثور: ومنذ كم هذه الشمعة على عينك ؟
قال: منذ شهرين ، أو نحوهما !
قال أبو ثور: يا هذا أما علمت أن لله عليك صلاة شهرين ، وطهارة شهرين !
انظروا إلى هذا البائس قد خدعه الشيطان ، فاختلسه من بين أهل العلم ، ثم وكل به من يحفظه ، ويتعهده ويلقنه العلم.

قال أبو سليمان : فالعزلة إنما تنفع العلماء العقلاء ، وهي من أضر شيء على الجهال ، وقد روينا عن عن إبراهيم أنه قال لمغيرة: تفقه ثم اعتزل .

 

قال ابن علان في دليل الفالحين 1/229: وقد تتبعت الذين أردفهم النبي صلى الله عليه وسلم معه على دابته فبلغت بهم فوق الأربعين ، وجمعتهم في جزء سميه " تحفة الأشراف بمعرفة الإرداف" وقد نظمت اسم جماعة منهم ، وأوردته آخر ذلك الجزء وها هو:
لقد أردف المختار طه (1) جماعة * فسن لنا الإرداف إن طاق مركب
أبو بكر عثمان علي أسامة * سهيل سويد جبرئيل المقرب
صفية والسبطان ثم ابن جعفر * معاذ وقيس والشريد المهذب
وآمنة مع خولة وابن أكوع * وزيد أبو ذر سما ذاك جندب
معاوية زيد وخوات ثابت * كذاك أبو الدرداء في العد يكتب
وأبناء عباس وابن أسامة * صدي بن عجلان حذيفة صاحب
كذلك جا فيهم أبو هر من روى * ألوفا من الأخبار تروى وتكتب
وعد من الإرداف يا ذا أسامة * هو ابن عمير ثم عقبه يحسب
وأردف غلمانا ثلاثا كذا أبو * إياس وأنثى من غفار تقرب
وأردف شخصا ثم أردف ثانيا * وما سميا فيما روى يا مهذب
أولئك أقوام بقرب نبيهم * لقد شرفوا طوبى لهم يا مقرب

-------------
(1) نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لم يصح أن من أسمائه طه أو يس ؛ بل هي من الحروف المقطعة في أوائل السور كـ "حم" ، و" ق" ألر ..
 

كان الوجيه [ هو : المبارك بن المبارك الضرير النحوي] قد التزم سماحة الأخلاق ، وسعة الصدر ، فكان لا يغضب من شيء ، ولم يره أحد قط حردان ، وشاع ذلك عنه ، وبلغ ذلك بعض الحرفاء ، فقال: ليس له من يغضبه ، ولو أغضب لما غضب ، وخاطروه على أن يغضبه ، فجاءه ، فسلم عليه ، ثم سأله عن مسألة نحوية ، فأجابه الشيخ بأحسن جواب ، ودله على محجة الصواب .
فقال له: أخطأت ، فأعاد الشيخ الجواب بألطف من ذلك الخطاب ، وسهل طريقته ، وبين له حقيقته .
فقال له: أخطأت أيها الشيخ ، والعجب ممن يزعم أنك تعرف النحو ، ويهتدي بك في العلوم ، وهذا مبلغ معرفتك ، فلاطفه ، وقال: له يا بني لعلك لم تفهم الجواب ، وإن أحببت أن أعيد القول عليك بأبين من الأول فعلت .
قال له:كذبت ! لقد فهمت ما قلت ، ولكن لجهلك تحسب أنني لم أفهم .
فقال له الشيخ: وهو يضحك قد عرفت مرادك ، ووقفت على مقصودك ، وما أراك إلا وقد غُلبت ، فأد ما بايعت عليه ، فلست بالذي تغضبني أبدا ،
وبعد يا بني : فقد قيل إن بقة جلست على ظهر فيل ، فلما أرادت أن تطير قالت له: استمسك فإني أريد الطيران ! فقال لها الفيل: والله يا هذه ما أحسست بك لما جلست ، فكيف أستمسك إذا أنت طرت !
والله يا ولدي ما تحسن أن تسأل ، ولا تفهم الجواب ، فكيف أستاء منك .
معجم الأدباء 5/44 .

 
قال الحافظ ابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة 1/443 (ط: العثيمين):
أنبئت عن يوسف بن خليل الحافظ قال: أخبرنا الشيخ الصالح أبو القاسم عبد اللّه بن أبي الفوارس محمد بن علي بن حسن الخزاز الصوفي البغدادي ببغداد قال: سمعتُ القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزاز الأنصاري يقول: كنتُ مجاورًا بمكة- حرسها الله تعالى- فأصابني يومًا من الأيام جوع شديد لم أجد شيئًا أدفع به عني الجوع ، فوجدتُ كيسًا من إبريسم مشدودًا بشرابة من إبريسم أيضًا ، فأَخذته وجئت به إلى بيتي ، فحللته فوجدتُ فيه عقدًا من لؤلؤ لم أرَ مثله ، فخرجتُ فإذا الشيخ ينادي عليه ، ومعَه خرقة فيها خمسمائة دينار وهو يقول: هذا لمن يَرد علينا الكيس الذي فيه اللؤلؤ، فقلت: أنا محتاج، وأنا جائع، فآخذ هذا الذهب فأنتفع به ، وأرد عليه الكيس ، فقُلت له: تعالى إليّ ، فأخذته ، وجئت به إلى بيتي ، فأعطاني علامة الكيس ، وعلامة الشرابة ، وعلامة اللؤلؤ وعَدَدَه ، والخيط الذي هو مَشدُود به ، فأخرجته ، ودَفعته إليه. فسلم إليّ خمسمائة دينار ، فما أخذتها ، وقلت: يجب عليّ أن أعيده إليك ، ولا آخذ له جزاء ، فقال لي: لا بد أن تأخذ ، وألح عليَّ كثيرًا ، فلم أقبل ذلك منه ، فتركني ومضى.
وأما ما كان مني: فإني خرجتُ من مكة وركبتُ البحر، فانكسر المركب وغرق الناس، وهلكت أموالهم ، وسلمتُ أنا على قطعة من المركب ، فبقيت مُدّةً في البحر لا أدري أين أذهب ، فوصَلت إلى جزيرة فيها قوم ، فقعَدتُ في بعض المساجد ، فسمعوني أقرأ، فلم يبق في تلك الجزيرة أحد إلا جاء إليّ ، وقال: علمني القرآن . فحصل لي من أولئك القوم شيء كثير من المال.
قال. ثم إني رأيتُ في ذلك المسجد أوراقًا من مصحف ، فأخذتها أقرأ فيها فقالوا لي: تحسن تكتب?. فقلت: نعم ، فقالوا: علمنا الخط ، فجاءوا بأولادهم من الصبيان ، والشباب، فكنتُ أعلمهم ، فحصل لي أيضًا من ذلك شيء كثير ، فقالوا لي بعد ذلك: عندنا صبيَّةً يتيمة ، ولها شيء من الدُنيا نريد أن تتزوج بها ، فامتنعتُ ، فقالوا: لا بد ، وألزموني، فأجبتهم إلى ذلك.
فلما زفوها إليَّ مددتُ عيني أنظر إليها ، فوجدت ذلك العقد بعينه معلقًا في عنقها ، فما كان لي حينئذ شغل إلا النظر إليه . فقالوا: يا شيخ ، كسرتَ قلب هذه اليتيمة من نظرك إلى هذا العقد ، ولم تنظر إليها ، فقصصتُ عليهم قصة العقد ، فصاحوا ، وصرخوا بالتهليل ، والتكبير، حتى بلغ إلى جميع أهل الجزيرة ، فقلتُ: ما بكم. فقالوا: ذلك الشيخ الذي أخذ منك العقد أبو هذه الصبية ، وكان يقول: ما وجدتُ في الدنيا مسلمًا إلا هذا الذي رد عليَّ هذا العقد ، وكان يدعو ويقول: اللهم اجمع بيني وبينه حتى أزوجه بابنتي ، والآن قد حصلت ، فبقيتُ معها مدة ورزقتُ منها بولدين.
ثم إنها ماتت فورثت العقد أنا وولداي ، ثم مات الولدان ، فحصل العقد لي فبعته بمائة ألف دينار. وهذا المال الذي ترون معي من بقايا ذلك المال. هكذا ساق هذه الحكاية يوسف بن خليل الحافظ في معجمه (1).
وساقها ابن النجار في تاريخه ، وقال: هي حكاية عجيبة ، وأظن القاضي حكاها عن غيره. وقد ذكرها أبو المظفر سبط بن الجوزي في تاريخه في ترجمة أبي الوفاء بن عقيل.
وذكر عن ابن عقيل: أنه حكى عن نفسه: أنه حج، فالتقط العقد ورده بالموسم ، ولم يأخذ ما بذل له من الدنانير، ثم قدم الشام ، وزار بيت المقدس ، ثم رجع إلى دمشق ، واجتاز بحلب في رجوعه إلى بغداد ، وأنَ تزوجه بالبنت كان بحلب.
ولكن أبا المظفر ليس بحجة فيما ينقله ، ولم يذكر للحكاية إسنادًا متصلاً إلى ابن عقيل، ولا عزاها إلى كتاب معروف ، ولا يعلم قدوم ابن عقيل إلى الشام ، فنِسبتُها إلى القاضي أبي بكر الأنصاري أنسب. والله أعلم.
--------------
(1) في معجمه الورقتان (164و175) ، ذكره الدكتور عبدالرحمن العثيمين.
 
في المزهر في علوم اللغة للحافظ السيوطي 1/87:
فائدة : قال أبو الحسن الشاري في فهرسته : كان شيخنا أبو ذر يقول: المختصرات التي فضلت على الأمهات أربعة : مختصر العين للزبيدي ، ومختصر الزاهر للزجاجي ، ومختصر سيرة ابن إسحاق لابن هشام ، ومختصر الواضحة للفضل بن سلمة . اهـ
 
في آخر كتاب الأشباه والنظائر للحافظ السيوطي ص541:
هَذِهِ مَسَائِلُ فِيمَا لَا يُعْذَرُ فِيهَا بِالْجَهْلِ وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ :
[align=center]ثَلَاثُونَ لَا عُذْرَ بِجَهْلٍ يُرَى بِهَا * وَزِدْهَا مِنْ الْأَعْدَادِ عَشْرًا لِتَكْمُلَا
فَأَوَّلُهَا بِكْرٌ تَقُولُ لِعَاقِدٍ : * جَهِلْت بِأَنَّ الصَّمْتَ كَالنُّطْقِ مِقْوَلَا
كَمَنْ سَكَتَتْ حِينَ الزَّوَاجِ فَجُومِعَتْ * فَقَالَتْ : أَنَا لَمْ أَرْض بِالْعَقْدِ أَوَّلَا
كَذَا شَاهِدٌ فِي الْمَالِ وَالْحَدِّ مُخْطِئًا * شَهَادَةَ صِدْقٍ ضَامِنٌ حِينَ بَدَّلَا
وَآكِلُ مَالٍ لِلْيَتِيمِ وَوَاطِئٌ * رَهِينَ اعْتِكَافٍ بِالشَّرِيعَةِ جَاهِلَا
كَذَا قَاذِفٌ شَخْصًا يَظُنُّ بِأَنَّهُ * رَقِيقٌ فَبَانَ الشَّخْصُ حُرًّا مُكَمَّلَا
وَمَنْ قَامَ بَعْدَ الْعَامِ يَشْفَعُ خَاطِرًا * مَعَ الْعِلْمِ بِالْمُبْتَاعِ وَالْبَيْعِ أَوَّلَا
وَمَنْ مُلِّكَتْ أَوْ خُيِّرَتْ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ * لِتَقْضِيَ حَتَّى فَارَقَتْ وَتَفَاصَلَا
كَذَاك طَبِيبٌ قَائِلٌ بِعِلَاجِهِ * بِلَا عِلْمٍ أَوْ مُفْتٍ تَعَدَّى تَجَاهُلَا
وَبَائِعُ عَبْدٍ بِالْخِيَارِ يَرُومُ أَنْ * يَرُدَّ وَقَدْ وَلَّى الزَّمَانُ مُهَرْوِلَا
وَمَنْ أَثْبَتَتْ إضْرَارَ زَوْجٍ فَأُمْهِلَتْ * فَجَامَعَهَا قَبْلَ الْقَضَاءِ مُعَاجِلَا
وَعَبْدٌ زَنَى أَوْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ جَاهِلًا * بِعِتْقٍ فَحَدُّ الْحُرِّ يَجْرِي مُفَصَّلَا
وَيُفْسَخُ بَيْعٌ فَاسِدٌ مُطْلَقًا وَلَا * يُسَامَحُ فِيهِ مَنْ عَنْ الْحَقِّ حُوِّلَا
وَكُلُّ زَكَاةٍ مِنْ دَفْعِهَا لِكَافِرٍ * وَغَيْرِ فَقِيرٍ ضَامِنٌ تِلْكَ مُسَجَّلَا
وَمَنْ يُعْتِقُ الشَّخْصَ الْكَفُورَ لِجَهْلِهِ * فَلَا يُجْزِي فِي كَفَّارَةٍ وَتَبَتُّلَا
كَذَا مُشْتَرِي مَنْ أَوْجَبَ الشَّرْعُ عِتْقَهُ * عَلَيْهِ وَلَا رَدَّ لَهُ وَلَهُ الْوِلَا
وَآخِذُ حَدٍّ مِنْ أَبِيهِ مُسْتَوٍ * كَتَحْلِيفِهِ إذْ بِالْعُقُوقِ تَزَيَّلَا
وَمَنْ يَقْطَعُ الْمَسْلُوكُ جَهْلًا فَلَا نَرَى * شَهَادَتَهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ تُقْبَلَا
كَمَنْ يُرِيَا عَدْلَيْنِ فَرْجًا وَمَحْرَمًا * يُبَاحُ وَحُرًّا يُسْتَرَقُّ فَأَهْمِلَا
وَسَارِقُ مَا فِيهِ النِّصَابُ مُؤَاخَذٌ * وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظَرْفُ النِّصَابِ مُعَادِلَا
وَوَاطِئُ مَنْ قَدْ أُرْهِنَتْ عِنْدَهُ فَمَا * يَكُونُ لَهُ عَنْ حَدِّ ذَلِكَ مَعْزِلَا
كَذَلِكَ مَنْ يَزْنِي وَيَشْرَبُ جَاهِلًا * مِنْ أَهْلِ الْبَوَادِي حَدُّهُ لَيْسَ مُهْمَلَا
وَمَنْ رَدَّ رَهْنًا بَعْدَ حَوْزٍ لِرَبِّهِ * فَلَا شَكَّ أَنَّ الْحَوْزَ صَارَ مُعَطَّلَا
وَتَخْيِيرُ مَنْ قَدْ أُعْتِقَتْ ثُمَّ جُومِعَتْ * تَفُوتُ بِجَهْلِ الْحُكْمِ وَالْعِتْقَ أَهْمِلَا
وَلَا يَنْفِ حَمْلَ الْعُرْسِ زَوْجٌ لَهَا * إذَا رَآهُ وَلَمْ يَنْهَضْ بِذَلِكَ مَعْدِلَا
وَمَنْ أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِ زَوْجٍ لِغَيْبَةٍ * فَجَا نَعْيُهُ رَدَّتْ مِنْ الْوِدِّ فَاضِلَا
وَمَنْ سَكَنَتْ حِينَ ارْتِجَاعٍ وَجُومِعَتْ * فَقَالَتْ : لَقَدْ كَانَ اعْتِقَادِي كَامِلَا
وَلَيْسَ لِمَنْ قَدْ حِيزَ عَنْهُ مَتَاعُهُ * مَقَالٌ إذَا مَا الْحَوْزُ كَانَ مُطَوَّلَا
وَقَدْ قَامَ بَعْدَ الْحَوْزِ يَطْلُبُ مِلْكَهُ * وَقِيلَ لَهُ : قَدْ بِعْت ذَلِكَ أَوَّلَا
وَمَنْ هُوَ فِي صَوْمِ الظِّهَارِ مُجَامِعٌ * لِزَوْجَتِهِ يَسْتَأْنِفُ الصَّوْمَ مُكْمِلَا
وَلَيْسَ لِذِي مَالٍ يُبَاعُ بِعِلْمِهِ * وَيَشْهَدُ قَبْضًا بَعْدَهُ أَنْ يُبَدَّلَا
وَمَنْ زَوْجُهَا قَدْ مَلَّكَ الْغَيْرَ أَمْرَهَا * فَلَمْ يَقْضِ حَتَّى جُومِعَتْ صَارَ مَعْزِلَا
وَإِنْ مَلَكَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ تَصَالَحَا * عَقِيبَ قَبُولٍ كَانَ لَيْسَ مُفَصَّلَا
وَمَا سُئِلَتْ عَنْهُ فَلَيْسَ لَهَا إذَنْ * تَقُولُ ثَلَاثًا كَانَ قَصْدِي أَوَّلَا
وَإِنْ بَعْدَ تَمْلِيكٍ قَضَتْ بِبَيَانِهَا * فَقَالَتْ جَهِلْت الْحُكْمَ فِيهِ مُعَاجِلَا
فَلَيْسَ لَهُ عُذْرٌ إذَا قَالَ : لَمْ أُرِدْ * سِوَى طَلْقَةٍ وَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا خَلَا
وَإِنْ أَمَةٌ قَالَتْ وَبَائِعُهَا : لَقَدْ * تَزَوَّجَهَا شَخْصٌ فَفَارَقَ وَانْجَلَا
فَلَيْسَ لِمَنْ يَبْتَاعُهَا بَعْدَ عِلْمِهِ * بِذَلِكَ عُذْرٌ إنْ يَرِدْ إذْنٌ بِلَا
وَلَا يَطَأَنَّهَا أَوْ يُزَوِّجَهَا إلَى * ثُبُوتِ خُلُوٍّ مِنْ زَوَاجٍ تَحَوَّلَا
وَمَنْ قَبْلَ تَكْفِيرِ الظِّهَارِ مُجَامِعٌ * يَذُوقُ عِقَابًا بِاَلَّذِي قَدْ تَحَمَّلَا
وَحَقُّ الَّذِي قَدْ خُيِّرَتْ سَاقِطٌ إذَا * بِوَاحِدَةٍ قَالَتْ : قَضَيْت تَجَاهُلَا
وَلَيْسَ لَهَا عُذْرٌ بِدَعْوَى جَهَالَةٍ * وَذَاكَ الَّذِي قَدْ أَوْقَعَتْ عَادَ بَاطِلَا
وَمَنْ قَالَ : إنْ شَهْرَيْنِ غِبْتُ وَلَمْ أَعُدْ * فَأَمْرُك قَدْ صَيَّرْتُ عِنْدَكِ جَاعِلَا
فَمَرَّ وَلَمْ تُوقِعْ وَمَا أَشْهَدْت عَلَى * بَقَاهَا وَطَالَتْ صَارَ عَنْهَا مُحَوَّلَا
وَذَاكَ كَثِيرٌ فِي الْوُضُوءِ وَمِثْلُهَا * بِفَرْضِ صَلَاةٍ ثُمَّ حَجٍّ تَحَصَّلَا . اهـ [/align]


قلت: قد يظن أن هذه المنظومة في فروع الشافعية ، وليس كذلك ، بل هي للشيخ بهرام بن عبد الله المالكي المتوفى عام 805هـ ، وقد طبعت مع شرح الشيخ الأمير محمد بن محمد الأزهري المالكي في دار الغرب الإسلامي.
وينظر في الأشباه والنظائر ص199 : صورا لم يعذر فيها بالجهل .
 
قال الحافظ السيوطي في الأشباه والنظائر ص386:
في معرض كلامه عن ضابط الْكَبَائِرِ ، وعدها: ..وأما حصر الكبائر بالعد فلا يمكن استيفاؤه .. ، وأكثر من رأيته عدها عدها .. السبكي في "جمع الجوامع" فأورد منها خمسة وثلاثين كبيرة ، أكثر ها في الروضة ، و أصلها ، وَقَدْ أَوْرَدْتُهَا نَظْمًا فِي ثَمَانِيَةِ أَبْيَاتٍ لَا حَشْوَ فِيهَا فَقُلْت :
[align=center]كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ * وَمُطْلَقِ الْمُسْكِرِ ثُمَّ السِّحْرِ
وَالْقَذْفِ وَاللِّوَاطِ ثُمَّ الْفِطْرِ * وَيَأْسِ رَحْمَةٍ وَأَمْنِ الْمَكْرِ
وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَالشَّهَادَهْ * بِالزُّورِ وَالرِّشْوَةِ وَالْقِيَادَهْ
مَنْعُ زَكَاةٍ وَدِيَاثَةٌ فِرَارْ * خِيَانَةٌ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ ظِهَارْ
نَمِيمَةٌ كَتْمُ شَهَادَةِ يَمِيَنْ * فَاجِرَةٍ عَلَى نَبِيِّنَا يَمِيَنْ
وَسَبُّ صَحْبِهِ وَضَرْبُ الْمُسْلِمِ * سِعَايَةٌ عَقٌّ وَقَطْعُ الرَّحِمِ
حِرَابَةٌ تَقْدِيمُهُ الصَّلَاةَ أَوْ * تَأْخِيرُهَا وَمَالُ أَيْتَامٍ رَأَوْا
وَأَكْلُ خِنْزِيرٍ وَمَيْتٍ وَالرِّبَا * وَالْغُلِّ أَوْ صَغِيرَةٌ قَدْ وَاظَبَا
. اهـ[/align]

قلت: انظر في عد الكبائر (نظما) بأكثر مما ذكر السيوطي ، وأعذب لفظا ، وأجمل نظما ؛ المنظومة الألفية في الآداب الشرعية ص68-71 ، للعلامة الأديب الفقيه ابن عبد القوي المرداوي الحنبلي.
 
في دليل الفالحين 1/ 254: نظم بعض المتأخرين آخر من مات من الصحابة في البلدان المتفرقة فقال:
[align=center]آخر من مات من الصحابة * أبو الطفيل موته بمكة
سهل بن عبد الله بالمدينة * وأنس بن مالك بالبصرة
ومات بالشام أبو قرصافه * وابن أبي أوفى الحمام وافه
بالكوفة ، واليمن اذكر أبيضا * وبخرسان بريدة قضى
ولم تتم مائة إلا وقد * ماتو ولم يبق على الرض أحد
رأى بعينيه النبي المصطفى * فاحفظ لنظمي ذا تنال الشرفا
قلت: ويزاد عليه :
آخر الصحب بحمص ماتا * أبو أمامة وذا قد فاتا اهـ .[/align]
 
في المزهر في علوم اللغة للحافظ السيوطي 2/319:
فصل : ومن بركة العلم وشكره عزوه إلى قائله .
قال الحافظ أبو الطاهر السلفي سمعت أبو الحسن الصيرفي يقول: سمعت أبا العباس الصوري يقول: قال لي عبد الغني بن سعيد: لما وصل كتابي إلى أبي عبد الله الحاكم أجابني بالشكر عليه ، وذكر أنه أملاه على الناس ، وضمّن كتابه إلي الاعتراف بالفائدة ، وأنه لا يذكرها إلا عني ، وأن أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم حدثهم قال: حدثنا العباس بن محمد الدروي قال: سمعت أبا عبيد يقول: من شكر العلم أن تستفيد الشيء ، فإذا ذكر لك قلت: خفي علي كذا وكذا ، ولم يكن لي به علم حتى أفادني فلان فيه كذا وكذا ؛ فهذا شكر العلم . انتهى .
 
قال عبد العزيز بن محمد: وكان أبو جعفر[الطبري].. وكان إذا أهدى إليه مهد هدية مما يمكنه المكافأة عليه قبلها ، وكافأه ، وإن كانت مما لا يمكنه المكافأة عليه ردها ، واعتذر إلى مهديها ، ووجه إليه أبو الهيجاء بن حمدان ثلاثة آلاف دينار ، فلما نظر إليها عجب منها ، ثم قال: لا أقبل ما لا أقدر على المكافأة عنه ، ومن أين لي ما أكافىء عن هذا ؟!
فقيل: ما لهذا مكافأة إنما أراد التقرب إلى الله ـ عز وجل ـ فأبى أن يقبله ورده إليه .
معجم الأدباء 5/270.
 
ذكرني فوكِ حماري أهلي !

زعموا أن رجلاً شاباً غزلاً خرج يطلب حمارين لأهله ، فمر على امرأة منتقبة جميلة في النقاب ، فقعد بحذائها وترك طلب الحمارين ، وشغله ما سمع من حسن حديثها ، وما رأى من جمالها في النقاب ، فلما سفرت عن وجهها إذا لها أسنان مكفهرة منكرة مختلفة ، فلما رآها ذكر حماريه فقال: " ذكرني فوكِ حماري أهلي" = فذهب
قوله مثلاً. الأمثال للضبي ص126.
قال أبو هلال العسكري : يضرب مثلاً للرجل يبصر الشيء ، فيذكر به حاجةً كان قد نسيها، وأصله أن رجلاً خرج .. [ ذكر نحوه] . جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري 1/390.
 
قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 5/205: أخبرنا القاضيان أبو عبد الله الصيمري ، وأبو القاسم التنوخي قالا: أخبرنا أبو الحسن منصور بن محمد بن منصور الحربي ، أخبرنا أبو محمد الزهري ، وفي حديث التنوخي قال: سمعت أبا محمد الزهري يقول: كان لثعلب عزاء ببعض أهله ، فتأخرت عنه ؛ لأنه خفي عني ، ثم قصدته معتذرا ، فقال لي: يا أبا محمد ما بك حاجة إلى أن تتكلف عذرا ، فإن الصديق لا يحاسب ، والعدو لا يحتسب له . واللفظ للتنوخي.
 
قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 5/211: حدثني محمد بن علي الصوري ـ حفظا ـ قال: سمعت أبا القاسم عبد الله بن أحمد بن سختويه ، والحسين بن سليمان بن بدر الصوريين يقولان: سمعنا أبا عبد الله أحمد بن عطاء الروذباري يقول: سمعت أبا بكر بن مجاهد يقول: كنت عند أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب فقال لي: يا أبا بكر اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن = ففازوا ، واشتغل أهل الفقه بالفقه = ففازوا ، واشتغل أصحاب الحديث بالحديث = ففازوا ، واشتغلت أنا بزيد وعمرو ، فليت شعري ماذا يكون حالي في الآخرة ؟
فانصرفت من عنده فرأيت تلك الليلة النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: "أقريء أبا العباس مني السلام وقل له: إنك صاحب العلم المستطيل" .
قال ابن سختويه قال لنا أبو عبد الله الروذباري: أراد الكلام به يكمل ، والخطاب به يجمل ، وقال ابن بدر قال لنا الروذباري: أراد أن جميع العلوم مفتقرة إليه.
 
في ترجمة الشيخ نجم الدين القحفازي النحوي الحنفي علي بن داود في الوافي للصفدي 21/58:
وحكى لي نور الدين علي بن إسماعيل الصفدي قال: أنشد الشيخ نجم الدين يوما لغزا للجماعة وهم بين يديه في الحلقة يشتغلون وهو في مجزوء الكامل :
يا أيها الحبر الذي * علم العروض به امتزج
ابن لنا دائرة * فيها بسيط وهزج

ففكر الجماعة فيها زمانا ، فقال واحد منهم: هذه الساقية ، فقال له: دورت فيها زمانا حتى ظهرت لك.
يريد أنه ثور يدور في الساقية . اهـ .
 
وفي ترجمته قال الصفدي :
وكتبتُ..سؤالا يتعلق بالمعاني في قوله تعالى (حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها) وهو من الطويل:
ألا إنما القرآن أكبر معجز * لأفضل من يهدى به الثقلان
ومن جملة الإعجاز كون اختصاره * بإيجاز ألفاظ وبسط معان
ولكنني في الكهف أبصرت آية * بها الفكر في طول الزمان عناني
وما ذاك إلا استطعما أهلها فقد * نرى استطعما هم مثله ببيان
فما الحكمة الغراء في وضع ظاهر * مكان ضمير إن ذلك لشان ؟
وأما الجواب عن إعادة لفظه الأهل في قوله تعالى حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها ولم يقل استطعماهم والمحل محل الإضمار وفيه الإيجاز فقد علم أن البلاغة لا تختص بالإيجاز وإنما هو نوع من أنواعها وأن مدار حسن الكلام وارتفاع شأنه في القبول بإيراده مطابقا لمقتضى الحال فإن كان مقتضى الحال خليقا ببسط الكلام تعلقت البلاغة ببسطه وإن كان حقيقا بالإيجاز كانت البلاغة في إيراده كذلك ثم قد يعرض للبليغ أمور يحسن معها إيراد الكلام على خلاف مقتضى الظاهر فينزل غير السائل منزلة من يسأل إذا كان قد لوح له بما يقتضي السؤال وينزل غير المنكر منزلة المنكر إذا ظهرت عليه مخايل الإنكار ، ويوقع المضمر في موضع الظاهر والظاهر في موضع المضمر إلى غير ذلك من الأمور المذكورة في علم البلاغة والذي حسن إيقاع الظاهر موقع المضمر في الآية الكريمة أن الظاهر أدل على المعنى الذي وضع اللفظ له من المضمر لأنه يدل عليه بنفسه والمضمر يدل عليه بواسطة ما يفسره وقصد المتكلم هنا الإخبار عن الذين طلب منهم الإطعام أنهم أهل القرية لأن من غشية الضيف في منزله ولم يعتذر بعذر عن إكرامه بل قابله بالمنع مع ظهور حاجته التي أوجبت له أن يسأل منه ذلك لأن المسألة آخر أسباب الكسب يعلم بذلك أن الحامل له على الامتناع من إضافته لؤم الطبع واتباع مذموم البخل والشح المطاع كما قال الشاعر من الطويل:
حريص على الدنيا مضيع لدينه * وليس لما في بيته بمضيع
حتى روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كانوا أهل قرية لئاما " .
ومن كانت هذه سجيته وهذا حاله كان حريا بالإعراض عنه وعدم مقابلته بالإحسان إليه ، فلما رأى موسى صلوات الله عليه إصلاح الخضر عليه السلام لجدار مشرف على السقوط في القرية التي هؤلاء أهلها من غير طلب أجر على ذلك منهم مع الحاجة إلى ذلك عجب من ذلك وأنكره حتى كأنه نسي ما قدمه من وعده إياه بالصبر وبعدم المصاحبة إن سأله عن شيء بعد ذلك مع حرصه على صحبته والتعلم منه ، وكان في إعادة لفظه الأهل في الآية الكريمة إقامة لعذر موسى عليه السلام في الاعتراض في هذه الحالة ؛ لأنها حالة لا يصبر عن الاعتراض فيها ؛ لأن حالهم يقتضي بذل الأجرة في إصلاح أمر دنياوي لحرصهم وشحهم ، فترك طلب الأجرة على إصلاح ذلك مع الضرورة والحاجة وقع إحسانا إلى أهلها الذين قابلوهما بالمنع عن الضيافة ، وكانت البلاغة متعلقة بلفظه الأهل التي هي الحاملة على الإعراض ظاهرا ، فأطلعه الخضر عليه السلام بأن الجدار إنما كان ليتيمين من أهلها واليتيم محل الرحمة ، وليس محلا لأن يطلب منه أجرة إما لعجزه لفقره ، وهو الظاهر ، أو لأنه لا يجوز تصرفه في ماله ، ولهذا قال: رحمة من ربك ، ولم يكن لأهلها الذين أبوا أن يضيفونا .
والله سبحانه وتعالى أعلم.
قلت [الصفدي]جواب الشيخ نجم الدين ـ رحمه الله تعالى ـ في غاية الحسن ، وهو كلام عارف بهذا الفن جار على القواعد .اهـ.
قلت: وأعقبه بجواب لابن الجاجب ، وأشار لجواب للسبكي .
 
في ترجمة أحمد بن محمد بن عثمان : أنه دخل إلى المدرسة فرأى الشيخ نجم الدين القحفازي خارجا من الطهارة ، فقال: يا مولانا آنستم محلكم !
فقال له الشيخ نجم الدين: قبحك الله . الدرر الكامنة 1/332.
 
قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 5/209: أخبرني أحمد بن علي بن الحسين المحتسب ، أخبرنا أبو عمر أحمد بن محمد بن موسى ـ المعروف بابن العلاف ـ ، حدثنا أبو عمر الزاهد قال: كنت في مجلس أبي العباس ثعلب ، فسأله سائل عن شيء ؟
فقال: لا أدري .
فقال له: أتقول لا أدري ، وإليك تضرب أكباد الإبل ، وإليك الرحلة من كل بلد ؟!
فقال له ثعلب: لو كان لأمك بعدد ما لا أدري بعر لاستغنت.
 
قال الحافظ أبو زرعة الدمشقي: حدثنا عبيد بن حبان عن مالك قال : بلغني عن القاسم بن محمد كلمة أعجبتني ، وذاك أنه قال: من الرجال رجال لا تذكر عيوبهم . تاريخه ص193.
 
وفي سير أعلام النبلاء 8/398: روى عبدان بن عثمان عن عبدالله [بن المبارك الإمام]قال: إذا غلبت محاسن الرجل على مساوئه = لم تذكر المساوئ ، وإذا غلبت المساوئ عن المحاسن = لم تذكر المحاسن.
 
قال ابن الرصّاع (1) في كتاب تذكرة المحبين في شرح أسماء سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم : قال بعض العارفين عند هذا الحديث [أتدرون من المفلس] : إنه فيه تشديد ، وفيه للعقلاء غاية الوعيد فإن الإنسان قل أن تسلم أفعاله ، وأقواله من الرياء ، ومكايد الشيطان ، وإن سلمت له خصلة فقل أن يسلم من أذية الخلق ، فإذا كان يوم القيامة ، وقد سلمت له خصلة مع قلة سلامتها طلب خصمك تلك الحسنة ، وأخذها منك بحكم مولاك عليك ، فإنه لا مال يوم القيامة تؤدي منه ما عليك ، بل من حسناتك يا مغبون إن كنت صائما بالنهار قائما بالليل جادا في طاعة الرحمن ، وقل أن تسلم من غيبة المسلمين ، وأذيتهم ، وأخذ ما لهم ، هذا حال من كان جادا في الطاعات ، فكيف من كان مثلنا جادا في جمع السيئات من أكل الحرام ، والشبهات ، والتقصير في الطاعات ، والإسراع إلى المخالفات .
اهـ من دليل الفالحين 1/541.

------------
(1)محمد بن قاسم الأنصاري المالكي مترجم في الضوء اللامع 8/287
 
عبدالرحمن السديس قال:
في الوافي للصفدي 7/13: [عن شيخ الإسلام ابن تيمية]
وسمعته يقول عن نجم الدين الكاتبي المعروف بدَبيران بفتح الدال المهملة وكسر الباء الموحدة وهو الكاتبي صاحب التواليف البديعة في المنطق ، فإذا ذكره لا يقول إلا : دُبيران بضم الدال وفتح الباء ،
وسمعته يقول: ابن المنجس يريد ابن المطهر الحلي .

[align=center]ونحوه[/align]

وكذلك وزيرهم السفيه الملقب بالرشيد يحكم على هذه الأصناف ، ويقدم شرار المسلمين كالرافضة ، والملاحدة على خيار المسلمين أهل العلم والإيمان .. مجموع الفتاوي 28 /525 .
وقال رحمه الله 2/471:
.. ولهذا كان الفاجر التلمساني الملقب بالعفيف ..
ونحوها في 2/201و259و268و273 .

ومن كلام تلميذه الإمام ابن القيم في الخبيث الملقب بنصير الدين الطوسي:
.. كما قاله أفضل متأخريهم عندهم وأجهلهم بالله وأكفرهم نصير الكفر والشرك الطوسي.. الصواعق المرسلة 3/991
وفي 3/1077:
وكان مشار هذه الفرقة وعالمها الذي يرجعون إليه زعيمها الذي يعولون عليه شيخ شيوخ المعارضين بين الوحي والعقل وإمامهم في وقته نصير الكفر والشرك الطوسي فلم يعلم في عصره أحد عارض بين العقل والنقل معارضته فرام إبطال السمع بالكلية وإقامة الدعوة الفلسفية وجعل الإشارات بدلا عن السور والآيات وقال هذه عقليات قطعية برهانية قد عارضت تلك النقليات الخطابية واستعرض علماء الإسلام وأهل القرآن والسنة على السيف فلم يبق منهم إلا من أعجزه قصدا لإبطال الدعوة الإسلامية وجعل مدارس المسلمين وأوقافهم للنجسة السحرة والمنجمين والفلاسفة ..
وفي 3/1122:
.. ثم إمامهم في زمانه نصير الكفر والشرك الطوسي وما جرى على المسلمين منه من قتل خليفتهم وعلمائهم وعبادهم ، وإذا اعتبرت أحوال القوم رأيت عوام اليهود والنصارى أقل فسادا في الدين والدنيا من أئمة هؤلاء المعارضين لنصوص الأنبياء بعقولهم..
 
قال ابن الجوزي في المدهش 1/104: فصل تصرف العرب في اللفظ بالحركات والإعجام والقلب
واعلم أن لغة العرب واسعة ، ولهم التصرف الكثير ، فتراهم يتصرفون في اللفظة الواحدة ...

وتارة يقلبون حرفا من كلمة ولا يتغير عندهم معناه كقولهم : صاعقة وصاقعة ، وجبذ ، وجذب ، .. وأسير مكلب ومكبل ، وقفا الأثر وقاف الأثر ..
 
قال ابن الجوزي في المدهش 1/273:

ما حظي الدينار بنقش اسم الملك حتى صبرت سبيكته على التردد إلى النار فنفت عنه كل كدر ، ثم صبرت على تقطيعها دنانير ، ثم صبرت على ضربها على السكة ، فحينئذ ظهر عليها رقم النقش {كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ } .
 
قال ابن الجوزي في المدهش 1/278:
الدنيا والشيطان خارجيان خارجان عليك ، خارجان عنك ، والنفس عدو مباطن ، ومن آداب الجهاد { قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم } ليس من بارز بالمحاربة كمَن كمِن ، ما دامت النفس حيةً تسعى = فهي حيةٌ تسعى ، أقل فعل لها تمزيق العمر بكف التبذير كالخرقاء وجدت صوفا .
 
قال ابن الجوزي في المدهش 1/279:
يا هذا دبر دينك كما تدبر دنياك لو علق بثوبك مسمار رجعت إلى وراء لتخلصه ، هذا مسمار الإصرار قد نشب بقلبك ، فلو عدت إلى الندم خطوتين تخلصت .
 
في المغني لأبي محمد الموفق 9/114: [تحت مسألة ميراث الخنثى المشكل]
فصل: وقد وجدنا في عصرنا شيئا شبيها بهذا ، لم يذكره الفرضيون ولم يسمعوا به ، فإنا وجدنا شخصين ليس لهما في قبلهما مخرج لا ذكر ، ولا فرج ، أما أحدهما:
فذكروا أنه ليس له في قبله إلا لحمة ناتئة كالربوة يرشح البول منها رشحا على الدوام ، وأرسل إلينا يسألنا عن حكمه في الصلاة والتحرز من النجاسة في هذه السنة وهي سنة عشر وستمائة .
والثاني: شخص ليس له إلا مخرج واحد فيما بين المخرجين منه يتغوط ، ومنه يبول ، وسألت من أخبرني عنه عن زِيِّه ؟ فأخبرني أنه إنما يلبس لباس النساء ، ويخالطهن ، ويغزل معهن ، ويعد نفسه امرأة .
وحدثت أن في بعض بلاد العجم شخصا ليس له مخرج أصلا لا قبل ولا دبر! وإنما يتقايأ ما يأكله ، وما يشربه. فهذا ، وما أشبهه في معنى الخنثى إلا أنه لا يمكن اعتباره بمباله ، فإن لم يكن له علامة أخرى ، فهو مشكل ينبغي أن يثبت له حكم الخنثى المشكل في ميراثه ، وأحكامه كلها ، والله تعالى أعلم.

نظم العلامة أبو عبد الله بن أبي الفتح البعلي أسماء عمات النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:
أميمة أروى برة وصفية * وأم حكيم واختمن بعاتكة .
المطلع للعلامة ص512 ، وتجد هناك نظما لأسماء أعمامه صلى الله عليه وسلم.
 
أين العمل بالعلم ؟!
قال أبو علي بن شهاب: سمعت أبا عبدالله بن بطة يقول: أستعمل عند منامي أربعين حديثا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . طبقات الحنابلة 3/261.

قال الخطيب البغدادي في كتابه اقتضاء العلم العمل: وهل أدرك من أدرك من السلف الماضين الدرجات العلى إلا بإخلاص المعتقد ، والعمل الصالح ، والزهد الغالب في كل ما راق من الدنيا ، وهل وصل الحكماء إلى السعادة العظمى إلا بالتشمير في السعي ، والرضى الميسور ، وبذل ما فضل عن الحاجة للسائل ، والمحروم ، وهل جامع كتب العلم إلا كجامع الفضة والذهب ؟!
وهل المنهوم بها إلا كالحريص الجشع عليهما ؟!
وهل المغرم بحبها إلا ككانزها
وكما لا تنفع الأموال إلا بإنفاقها =كذلك لا تنفع العلوم إلا لمن عمل بها ، وراعى واجباتها ، فلينظر امرؤ لنفسه ، وليغتنم وقته فإن الثواء قليل ، والرحيل قريب ، والطريق مخوف ، والاغترار غالب ، والخطر عظيم ، والناقد بصير ، والله تعالى بالمرصاد ، وإليه المرجع والمعاد (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره).
ص15-16.
قال سهل بن عبد الله : العلم كله دنيا والآخرة منه العمل به .
وقال : الدنيا جهل وموات إلا العلم ، والعلم كله حجة إلا العمل به ، والعمل كله هباء إلا الإخلاص ، والإخلاص على خطر عظيم حتى يختم به. ص28-29.

قال مالك بن دينار : إن العبد إذا طلب العلم للعمل كسره علمه ، وإذا طلبه لغير ذلك ازداد به فجورا ، أو فخرا . ص32
قال حفص بن حميد : دخلت على داود الطائي أسأله عن مسألة ـ وكان كريما ـ فقال: أرأيت المحارب إذا أراد أن يلقى الحرب أليس يجمع آلته ؟ فإذا أفنى عمره في الآلة فمتى يحارب ؟
إن العلم آلة العمل ، فإذا أفنى عمره في جمعه فمتى يعمل؟!
ص44-45.

فائدة : صدر حديثا شريط (مجدد) للدكتور عبد الرحمن العايد عنوانه "الإلتزام الأجوف" ينبغي سماعه .
 
قال الإمام الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار 4/123:
والمتحري لدينه في اشتغاله بعيوب نفسه ما يشغله عن نشر مثالب الأموات ، وسب من لا يدري كيف حاله عند بارىء البريات ، ولا ريب أن تمزيق عرض من قدم على من قدم ، وجثا بين يدي من هو بما تكنه الضمائر أعلم ـ مع عدم ما يحمل على ذلك : من جرح ، أو نحوه ـ أحموقة لا تقع لمتيقظ ، ولا يصاب بمثلها متدين بمذهب ، ونسأل الله السلامة بالحسنات ، ويتضاعف عند وبيل عقابها الحسرات ، اللهم اغفر لنا تفلتات اللسان ، والقلم في هذه الشعاب ، والهضاب وجنبنا عن سلوك هذه المسالك التي هي في الحقيقة مهالك ذوي الألباب.
 
في شرح مختصر التحرير للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عند قول المؤلف:

في الفصل اللغوي : (ولا ترادف في حد غير لفظي و محدود ، ولا شذر مذر.. )
قال الشيخ للطلاب : شذر مذر ! وشي [ما معناها ] ؟
[ثم وجه الكلام لأحدهم مداعبا] : يمكن محمد يعرف !
فقال محمد : مذر يعني أم ! أم بالإنكليزي
الشيخ : أم !!
قال الطلاب وهو يضحكون : أم بالإنكليزي ! أم !!
قال الشيخ وهو يضحك : وشذر بالإنكليزي ؟!
ثم قال الشيخ : شذر مذر يعني شتاتا ، ومذر جاءت للتوكيد التفرق ، ولو تسال العربي ما معنى مذر ؟
لقال ما قلتها إلا من باب التوكيد ، وإلا ما لها معنى ، لكن معنى الكلمتين مجتمعتين التفرق والشتات ..
ثم بعدها قال : وهذا كما تشاهدون الآن بحث لغوي محظ قليل الفائدة حتى إن بعض الإخوان يريد نقل اللغة العربية إلى اللغة الإنكليزية (الشيخ والطلاب يضحكون) هذا يدل على أن الفائدة ما هي إلى ذاك.
نقلته بالمعنى ، وبتصرف يسير شريط رقم (4)
 
[align=center]قال العلامة الشاطبي في الإفادات والإنشادات ص98:
لما توفي شيخنا الأستاذ الكبير العلم الخطير أبو عبد الله محمد بن الفخار، سألت الله عزوجل أن يرينيه في النوم ؛ فيوصيني بوصية أنتفع بها في الحالة التي أنا عليها من طلب العلم ، فلما نمت تلك الليلة رأيت كأني داخل عليه في داره التي كان يسكن بها، فقلت له يا سيدي
أوصني، فقال لي: لا تعترض على أحد..[/align]
 
قال العلامة الشاطبي في الإفادات والإنشادات ص100:

حدثني الأستاذ أبو علي الزواوي عن شيخه الأستاذ الشهير أبي عبد الله المسفر أنه قال:
إن تفسير ابن الخطيب [الفخر الرازي "مفاتيح الغيب"] احتوى على أربعة علوم نقلها من أربعة كتب، مؤلفوها كلهم معتزلة ؛ فأصول الدين نقلها من كتاب الدلائل لأبي الحسين.
وأصول الفقه نقلها من كتاب المعتمد لأبي الحسين أيضاً، وهو أحد نظار المعتزلة ...
قال: والتفسير من كتاب القاضي عبد الجبار.
والعربية والبيان من الكشاف للزمخشري.
 
قال العلامة الشاطبي في الإفادات والإنشادات ص153:

كنت يوماً سائراً مع بعض الأصحاب إذ لقينا شيخنا الأستاذ المشاور أبا سعيد بن لب أكرمه الله بقرب المدرسة، فسرنا معه إلى بابها ، ثم أردنا الانصراف، فدعانا إلى الدخول معه إلى المدرسة، وقال: أردت أن أطلعكم على بعض مستنداتي في الفتوى الفلانية ، وما شاكلها وأبين لكم وجه قصدي إلى التخفيف فيها ـ وكان قد أطلعنا على مكتوب بخطه جواباً عن سؤال في يمين أفتى فيها بمراعاة اللفظ والميل إلى جانبه، فنازعناه فيه في ذلك اليوم، وانفصل المجلس على منازعته ـ ، فأرانا مسائل في "النهاية" و"أحكام ابن الفرس" وغيرهما ، وبسط لنا فيها بما يقتضي: الاعتماد على لفظ الحالف ، وإن كان فيه خلاف مالِنيته بناء على قول من قال بذلك من أهل المذهب ، وغيرهم.
وقال: أردت أن أنبهكم على قاعدة في الفتوى وهي نافعة جداً ، ومعلومة من سنن العملاء ، وهي أنهم ما كانوا يشددون على السائل في الواقع إذا جاء مستفتياً.وكنت قبل هذا المجلس تترادف علي وجوه الإشكالات في أقوال مالك ، وأصحابه، فلما كان بعد ذلك المجلس شرح الله بنور ذلك الكلام صدري فارتفعت ظلمات تلك الإشكالات دفعة واحدة، فلله الحمد على ذلك ونسأله تعالى أن يجزيه عنا خيراً ، وجميع معلمينا بفضله
.​
 
قال الزجاجي في مجالس العلماء ص187:

حدثني بعض إخواني قال حدثني أحمد بن محمد بن رستم الطبري قال:
جاء رجل معتوه إلى مجلس أبي حاتم فوقف يسمع كلام أبي حاتم فقال له رجل: يا أبا حاتم لم نصبوا ما لا ينصرف من الأسماء في موضع الجر ؟
فقال: شبهوه بالفعل ، والفعل لا يدخله الجر .
فقال المعتوه : يا أبا حاتم القياس على ما يرى أسهل ام على ما يسمع ؟
فقال أبو حاتم : على ما يرى أسهل .
قال المعتوه : ما يشبه هذا ؟ وأخرج يده وقد ضم أنامله .
فقال أبو حاتم : لا أدري .
قال : فأنت لا تحسن أن تشبه هذا الذي تراه بشيء فكيف تشبه ما لا ترى بما لا ترى ؟!
وأخرج يده الأخرى مضمومة الأنامل كما فعله بالأخرى فقال: يا غليظ الفطنة بعيد الذهن ، هذا يشبه هذا .
فخجل أبو حاتم ، وبقي أصحابه متعجبين .
فقال أبو حاتم : لا تعجبون من هذا ، أخبرني الأصمعي أن معتوها جاء إلى أبي عمرو بن العلا ، فقال : يا أبا عمرو لم سميت الخيل خيلا ؟
فبقي أبو عمرو ليس عنده جواب ، فقال : لا أدري.
فقال: لكني أدري .
فقال : علمنا نعلم .
قال : لاختيالها في المشي .
فقال أبو عمرو لأصحابه بعدما ولّى المجنون : اكتبوا الحكمة ، وارووها ، ولو عن معتوه .
 
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في المنتقى من فرائد الفوائد ص 82:
فائدة
الأنبياء المذكورون في القرآن الكريم هم المذكورون في الأبيات ، وهم خمسة وعشرون نبيا :

حتما على كل ذي التكليف معرفة ** بأنبياء على التفصيل قد علموا
في تلك حجتنا (1) منهم ثمانية ** من بعد عشر ويبقى سبعو وهم
إدريس هود شعيب صالح وكذا ** ذو الكفل آدم بالمختار قد ختموا


وعدُّ ذا الكفل منهم فيه خلاف مشهور بين العلماء فقيل : رجل صالح ، وقيل: نبي ، وتوقف ابن جرير في ذلك ، والله أعلم .​

--------------
(1) يقصد هذه الآيات :
{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} (86) سورة الأنعام
 
في طبقات الحنابلة في ترجمة عبد الله بن الإمام 2/14:
قال عبدالله: قال أبي: حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :" إذا دخل رمضان فتحت أبواب الرحمة وسلسلت فيه الشياطين ، وغلقت أبواب جهنم ".
قلت لأبي: قد نرى المجنون يصرع في رمضان ؟
فقال: هكذا الحديث ، ولا تكلم في هذا. اهـ

رحمه الله مثال على تعظيم السنة ، وأين هذا مما يفعله كثير من المتأخرين من تكلف الاعتراضات على الحديث ، ثم تكلف الإجابة ؟!
 
قال الْمَقَّرِيُّ في نفح الطيب 5/216:
وكان [شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية] شديدَ الإنكارِ على الإمامِ فخرِ الدينِ حدثني شيخي العلامة أبو عبد الله الآبلي أن عبد الله بن إبراهيم الزموري أخبره أنه سمع ابن تيمية ينشد لنفسه:
[align=center]محصل في أصول الدين حاصله * من بعد تحصيله علم بلا دين
أصل الضلالة والإفك المبين فما * فيه فأكثره وحي الشياطين
[/align]
قال: وكان في يده قضيب ، فقال: والله لو رأيته لضربته بهذا القضيب هكذا ، ثم رفعه ووضعه .اهـ

قلت: لن تعدو قدرك ! ، ولو رأيته لسقط قضيبك من يدك !
وسياق صاحب نفح الطيب للخبر غريب ! ففي "منهاج السنة" لشيخ الإسلام 5/433:
.. ولهذا لا تجد في كلام من لم يتبع الكتاب والسنة بيان الحق علما ، وعملا أبدا ؛ لكثرة ما في كلامه من وساوس الشياطين .
وحدثني غير مرة رجل ـ وكان من أهل الفضل والذكاء والمعرفة والدين ـ : أنه كان قد قرأ على شخص سماه لي ـ وهو من أكابر أهل الكلام والنظر ـ دروسا من "المحصل" لابن الخطيب ، وأشياء من " إشارات" ابن سينا ، قال: فرأيت حالي قد تغير ـ وكان له نور وهدى ـ ورؤيت له منامات سيئة ، فرآه صاحب النسخة بحال سيئة ، فقص عليه الرؤيا ، فقال: هي من كتابك.
و" إشاراتُ" ابن سينا يعرف جمهور المسلمين الذين يعرفون دين الإسلام أن فيها إلحادا كثيرا بخلاف "المحصل" يظن كثير من الناس أن فيه بحوثا تحصل المقصود .
قال: فكتبت عليه :
[align=center]محصل في أصول الدين حاصله * من بعد تحصيله أصل بلا دين
أصل الضلالات والشك المبين فما * فيه فأكثره وحي الشياطين .
[/align]
وينظر للفائدة "موقف خليل بن أيبك الصفدي من شيخ الإسلام ابن تيمية" للشيخ أبي الفضل القونوي ص77
 
في كتاب المصفى في أصول الفقه للشيخ أحمد بن محمد الوزير ص 37 و67 : ‏

[align=center]فائدة
(ليس من دأب التحصيل المناقشة في التمثيل) ‏[/align]

ومقصوده من هذا عدم الاعتراض على الأمثلة المذكورة المراد منها تفهيم الطالبِ القاعدةَ الأصوليةَ ، ‏فالاعتراض يشتت ذهن الطالب عن فهم المقصود ، وتحقيق الفروع له مكان آخر .‏
وما أجمل هذا الكلام ، و أحسنه .‏
وقد سمعت بعض الفضلاء يشرح بعض الكتب ، ويكثر من الاعتراض على الأمثلة التي ذكرها المؤلف فشتت ‏الطلاب .. ، وكان يمكنه الخروج من ذلك بقوله: في هذه الأمثلة ما لا يوافق المؤلف عليه ، لكن الغرض هو فهم ‏القاعدة ، والمسألة . ‏
 

في فتاوى مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله 2/119:

.. العلماء ـ رحمهم الله ـ صرحوا أَنه إِذا نزِّل إِنسان تنزيلا ‏شرعيًا في وظيفة من الوظائف لم يجز عزله منها إِلا بمسوغ شرعي .‏
 
[align=center]جواب عجيب [/align]

قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي التياح قال: سمعت مُطَرِّفاً(1) ‏يحدث أنه كانت له امرأتان ، قال: فجاء إلى إحداهما ، قال: فجعلت تنزع عمامته ، وقالت: جئت ‏من عند امرأتك ؟! ‏
قال: جئت من عند عمران بن حصين ، فحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" أن أقل ‏ساكني الجنة النساء" .
المسند: 33/72 رقم (19837) والحاكم ، من طريق روح بن عبادة عن شعبة بمثله . وقال: ‏صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه بهذه السياقة. ‏
قلت : رواه مسلم في صحيحه (2738) من طريق معاذ بن معاذ عن شعبة بسياق قريب جدا . ‏
ورواه البخاري في مواضع لكن من طريق أبي رجاء عن عمران بن حصين .
‏---------------------------‏
‏(1) مطرف بن عبد الله بن الشخير من كبار التابعين العلماء العاملين . ‏
 
جزاك الله خيرا

وبارك في علمكم ونفع بكم
 
أخي الكريم الفاضل الراية شكر الله لك هذه الكلمات الطيبة ، وجزاك عني خيرا .

[align=center]قال شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى في درء تعارض العقل والنقل 6/243: [/align]
.. ولهذا كان جميع العقلاء السالمي الفطرة يحكمون بموجب هده القضية ‏الضرورية [العلو] قبل أن يعلموا أن في الوجود من ينكرها ، ويخالفها وأكثر الفطر السليمة إذا ذكر لهم قول النفاة ‏بادروا إلى تجهيلهم ، وتكفيرهم ، ومنهم من لا يصدق أن عاقلا يقول ذلك = لظهور هذه القضية عندهم ، ‏واستقرارها في أنفسهم ، فينسبون من خالفها إلى الجنون ، حتى يروا ذلك في كتبهم أو يسمعوه من أحدهم ، ولهذا ‏تجد المنكر لهذه القضية يقر بها عند الضرورة ، ولا يلتفت إلى ما اعتقده من المعارض لها ، فالنفاة لعلو الله إذا حزب ‏أحدهم شدة وجه قلبه إلى العلو يدعو الله ، ولقد كان عندي من هؤلاء النافين لهذا من هو من مشايخهم ، وهو ‏يطلب مني حاجة ، وأنا أخاطبه في هذا المذهب ، كأني غير منكر له ، وأخرت قضاء حاجته حتى ضاق صدره ، ‏فرفع طرفه ورأسه إلى السماء ، وقال: يا الله ، فقلت له: أنت محقق لمن ترفع طرفك ورأسك ؟ وهل فوق عندك ‏أحد ؟!‏
فقال: استغفر الله ، ورجع عن ذلك لما تبين له أن اعتقاده يخالف فطرته ، ثم بينت له فساد هذا القول ، فتاب من ‏ذلك ، ورجع إلى قول المسلمين المستقر في فطرهم. ‏
 

قال العلامة ابن المنير: كل من أخذ مالا من بيت المال على عمل إذا أهمل العمل = يرد ما أخذ ، وكذا الأخذ على ‏عمل لا يتأهل له .اهـ من فتح الباري6/124. ‏

قلت: ما أكثر الآخذين ـ اليوم ـ على ما لم يتأهلوا له . ‏
 
[align=center]قاعدة مهمة [/align]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والفقيه قد يفعل شيئا على العادة ، و إذا قيل له: هذا من الدين ؟ لم يمكنه أن ‏يقول ذلك ، ولهذا قال ‏بعض السلف: لا تنظر إلى عمل الفقيه ، ولكن سله يصدقك .‏
الاستغاثة في الرد على البكري ص335‏

‏.. ولا يجوز أن يقال: (فزيد بن أرقم) قد فعل هذا ؛ لأنه لم يقل: إن هذا حلال ، بل يجوز أن يكون فعله ‏جريا على العادة من غير تأمل فيه ، ولا نظر ، ولا اعتقاد ، ولهذا قال بعض السلف: ( أضعف العلم ‏الرؤية) يعني: أن يقول: رأيت فلانا يفعل كذا . ولعله قد فعله ساهيا ، وقال إياس بن معاوية: (لا تنظر ‏إلى عمل الفقيه ، ولكن سله يصدقك). ‏
ولهذا لم يذكر عنه أنه أصر على ذلك بعد إنكار عائشة ، وكثيرا ما قد يفعل الرجل النبيل الشيء مع ذهوله ‏عما في ضمنه من مفسدة ، فإذا نبه انتبه ، وإذا كان الفعل محتملا لهذا ، ولما هو أكثر منه = لم يجز أن ينسب ‏لأجله اعتقاد حل هذا إلى زيد بن أرقم رضي الله عنه..‏
‏ بيان الدليل على بطلان التحليل ص79.‏

قال العلامة الشاطبي: وأن الإنسان لا ينبغي له أن يعتمد على عمل أحد البتة حتى يتثبت فيه ، ويسأل ‏عن حكمه إذ لعل المُعْتَمَد على عمله يعمل على خلاف السنة ، ولذلك قيل :لا تنظر إلى عمل العالم ، ‏ولكن سله يصدقك . ‏
وقال أيضا: العالم قد يعمل ، وينص على قبح عمله ! ، ولذلك قالوا : لا تنظر إلى عمل العالم ولكن سله ‏يصدقك. .
وقال الخليل بن أحمد ..:‏
اعمل بعلمي ولا تنظر إلى عملي * ينفعك علمي ولا يضررك تقصيري‏
الاعتصام 3/109و4/181.‏
وذكر رحمه الله أيضا : فيما يتعلق بأعمال قول المجتهد المقتدى به ، وحكم الاقتداء به ، ـ في المسألة الخامسة ‏ـ :الاقتداء بالأفعال الصادرة من أهل الاقتداء يقع على وجهين:.. ثم ذكر القسم الثاني:‏
إن كان مما تعين فيه قصد العالم إلى التعبد بالفعل ، أو الترك بالقرائن الدالة على ذلك = فهو موضع احتمال ‏، فللمانع أن يقول:إنه إذا لم يكن معصوما = تطرق إلى أفعاله الخطأ والنسيان ، والمعصية قصدا ، وإذا لم ‏يتعين وجه فعله ؛ فكيف يصح الاقتداء به فيه قصدا في العبادات أو في العادات ؟!‏
ولذلك حكي عن بعض السلف أنه قال: (أضعف العلم الرؤية)يعنى أن يقول : رأيت فلانا يعمل كذا ، ‏ولعله فعله ساهيا .‏
وعن إياس ابن معاوية : (لا تنظر إلى عمل الفقيه ، ولكن سله يصدقك) .اهـ الموافقات 4/281‏
فكيف إذا لم يكن قرائن؟!‏
وقال العلامة المعلمي : ‏
وقد يتسمح العالم فيما يحكيه على غير جهة الحكم فيستند إلى ما لو أراد الحكم لم يستند إليه كحكاية ‏منقطعة وخبر من لا يعد خبره حجة ، وقرينة لا تكفي لبناء الحكم ونحو ذلك . وقد جاء عن إياس بن ‏معاوية ـ التابعي المشهور بالعقل ، والذكاء ، والفضل ـ أنه قال: ( لا تنظر إلى عمل العالم ولكن سله ‏يصدقك) .‏
وكلام العالم إذا لم يكن بقصد الرواية ، أو الفتوى ، أو الحكم داخل في جملة عمله الذي ينبغي أن لا ينظر ‏إليه ، وليس معنى ذلك أنه قد يعمل ما ينافي العدالة ، ولكن قد يكون له عذر خفي ، وقد يترخص فيما لا ‏ينافي العدالة ، وقد لا يتحفظ ، ويتثبت كما يتحفظ ، ويثبت في الرواية ، والفتوى ، والحكم .‏
هذا والعارف المتثبت المتحري للحق = لا يخفى عليه ـ إن شاء الله تعالى ـ ما حقه أن يعد من هذا الضرب ‏‏.. ، وأن ما كان من هذا الضرب ؛ فحقه أن لا يعتد به على المتكلم فيه ، ولا على المتكلم . والله الموفق .‏
التنكيل ص56 في: (قاعدة قدح الساخط ومدح المحب). ‏
قلت: هذه قاعدة مهمة ، وقد حدث قبل مدة أن احتج (بعض الناس) على تجويز فعلة منكرة أنها فعلت ‏بحضور عالم فحل ، ونسبوه إلى تجويزها ! ، مع أنه قد علم رأيه فيها بالمنع ، ثم بين تلاميذه خطأ هذا ‏الفهم ، وأن للعالم عذرا ، وسببا أبقاه مع أنه يرى حرمة ذلك
.
 
[align=center]شيخ عبدالرحمن
زادك الله علماً وتوفيقاً
دررك هذه من النفائس ، وجعلُها من ملح العلم وطرائفه هضم لها .

فهل تأن لي بإضافة كلمة نفائس ودرر إلى عنوان هذه المشاركات ليكون :
( نفائس ودرر ، وطرف وملح وفوائد )
وإن شئت اخترت أنت عنواناً يدل على ما ذكرت ، والأمر إليك .

وأعجبني الخط الذي اخترته للفائدة الأخيرة ؛ فجمعت فيها بين حسن المظهر والمخبر
[/align]
 
أخي الشيخ أبا مجاهد وفقه المولى سبحانه‏
‏ أشكرك لك هذا الاقتراح الذي لا أشك أنه من تواضعك ، ورد طلبك ثقيل علي ، ‏
مع أني أظنها لا تحتمل هذا الوصف .. ، وافعل ما تراه مناسبا . ‏
وأرجو منك فضلا تصحيح ضبط هذه الكلمة في السطر (15) بفتح الميم . ‏
‏ (إذ لعل المُعْتَمَد)
 

قال العلامة الذهبي : .. وإنما شأن المحدث اليوم الاعتناء بالدواوين الستة ، ومسند أحمد بن حنبل ، ‏وسنن البيهقي ، وضبط متونها ، وأسانيدها ، ثم لا ينتفع بذلك ؛ حتى يتقي ربه ويدين بالحديث ، فعلى ‏علم الحديث ، وعلمائه ليبك من كان باكيا ، فقد عاد الإسلام المحض غريبا كما بدأ ، فليسع امرؤ في فكاك ‏رقبته من النار ، فلا حول ولا قوة إلا بالله .
ثم العلم ليس هو بكثرة الرواية ، ولكنه نور يقذفه الله في القلب ، وشرطه الإتباع ، والفرار من الهوى ، ‏والابتداع ، وفقنا الله وإياكم لطاعته .
اهـ . سير أعلام النبلاء 13/323.
قلت : اليوم أكثر ما يقال المحدِث ، والمسندِ لمن همه جمع الإجازات من فلان ، وعلان من العوام ، ‏والعجائز ، والمبتدعة من غير ضبط ، ولا فقه ! والله المستعان‏
 
عودة
أعلى