فوائد إضافية في آيات كريمة ورد ذكرها في البرامج الإعلامية

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع حمد
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
((ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله ، إنه لا يحب الكافرين))
لعل المناسبة بين الجملتين الكريمتين : بيان أنّ من فضل الله أن يجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات مقاعدَ الكفار الذين لم يؤمنوا ، وقد كانت مهيئة لهم لو آمنوا .
 
((خلق الله السماوات والأرض بالحق إن في ذلك لآية للمؤمنين * اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، ولذكر الله أكبر))
قال صلى الله عليه وسلم : (... والتسبيح والتكبير ملء السموات والأرض) .
وللفائدة : فإن التسبيح يشمل التهليل .
 
((... وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19) وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21))
قد حفظ الله الإيمان في أهل اليمن (سبأ) ، ولذلك أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْيَمَنِ وقَالَ : (الْإِيمَانُ يَمَانٍ هَا هُنَا) .
 
((يس * والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين * على صراط مستقيم * تنزيل العزيز الرحيم))
لعله يصح أن يُحمَل (تنزيل) على كون المراد به : يا محمد ، -حيث أُنزل عليه الصلاة والسلام بعد الإسراء- .
فيكون بمعنى: يا تنزيل العزيز الرحيم .
 
((ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ، ذلك هو الفضل الكبير * جناتُ عدن يدخلونها))
لعل سبب رفع (جنات) : أنها تعرب بدلاً عن الفضل الكبير ، ووجه كونها بدلاً : أن الفضل الكبير إنما كان كبيراً لأنه سبب لجنات عدن . أشار الزمخشري إلى هذا المعنى
 
(....، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَيايَةً ، تَحْتَ كُلِّ غَيايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا) .
بين قوله تعالى : ((وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولداً)) في سورة الكهف وقوله سبحانه : ((إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سبباً)) قريب من ثمانين آية ، ولعل ذكر ذي القرنين فيه إشارة إلى أصحاب الغيايات هم من بني الأصفر ، كما أن الشمس لونها أصفر .

((إيلافهم رحلة الشتاء والصيف))
من رحمة الله بقريش أن جعل الشتاء والصيف يرحلان عن مكة فلا تستمر شدة الحرارة وشدة البرودة .
 
((وقالوا ما لنا لا نرى رجالاً كنا نعدهم من الأشرار * أتخذناهم سخرياً أم زاغت عنهم الأبصار * إن ذلك لحق تخاصم أهل النار))
((وقالوا ..)) : تشير الآية الكريمة ، إلى أنه لا يخلد في النار إلا الكفار .
((الأشرار)) : أي : ممن فعلوا أعمال فساد وشر من المسلمين .
 
((ولله جنود السماوات والأرض ، وكان الله عزيزاً حكيماً))
قال صلى الله عليه وسلم : (...وَإِنَّ النَّارَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إِلَّا اللَّهُ) .
 
((فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108))
تدل الآية الكريمة على أن النار تفنى - إلا أن العذاب مستمر والعياذ بالله : ((إن عذابها كان غراماً))- .
أما الاستثناء في آية الذين سعدوا فقد بيّن سبحانه المشيئةَ التي فيها بقوله : ((عطاء غير مجذوذ))[1] . أشار إلى ذلك التابعيُّ ابن زيد رحمه الله .
أي : أن عطاءه سبحانه (الجنة وما فيها) لا يُجَذّ .

وقوله سبحانه في سورة الأحزاب : ((إن الله لعن الكافرين وأعدّ لهم سعيراً * خالدين فيها أبداً لا يجدون ولياً ولا نصيراً)) .
أي : أنهم خالدين في اللعنة ؛ جمعاً بين النصوص ، ولأن اللعنة : التأنيث فيها ظاهر ، والسعير : ليس بظاهر .
--------------------------------
(1) ولا يقال أن الاستثناء لا فائدة منه إذاً ؛ لأنه يفيد أن بعض الذين سعدوا لم يشأ الله أن يكون في الجنة من بداية دخولهم ، بل كان في النار ثم أُخرِج منها . فهو مستثنى
وأيضاً لبيان أن مشيئة الله مرتبطة بالجنة كما هي مرتبطة بالنار وبكل شيء .
 
((لا يسأم الإنسان من دعاء الخير))
لعل مناسبة الآية الكريمة لما قبلها : العجب من غفلة الإنسان عن الآخرة وتعلقه الشديد بالدنيا .
 
((أم يقولون افترى على الله كذباً ، فإن يشإ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته))
لعل معنى الجملة الكريمة : إن يشإ الله حدوث هذا الافتراء .
 
((هذا هدى ، والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم * الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ...))
القرآن أنزله الله مثاني ، فهنا قد يسأل شخص : أين الوعد مع الوعيد الذي في الآيات الكريمة ؟
الجواب يتبيّن في الحديث الشريف :
قال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا) . قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فِيهِمْ ؟ قَالَ : (أَنْتِ فِيهِمْ) .
 
((ألـم)) سورة البقرة ، ((ألـم)) سورة آل عمران
لعل من التناسب بين هاتين السورتين المبتدأتين بهذه الحروف -دون وجود ذلك في السورتين اللتين بعدهما- : للإشارة إلى أنهما تَقدُمان الإمامة في القرآن . -كما أنهما في أوائل المصحف- بدلالة (ألـم) التي تحمل لفظ : الإمام .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ ». رواه مسلم

((هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق))
النطق يصح تأويله على ظاهره ؛ إذ الكتاب يحتمل أن يراد به : الكتاب المنزَّل من عند الله كالقرآن .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : (اقرءُوا القرآن ؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا ) .

وفي هذا شاهد على نطق الكتاب .
 
((وإذا حُشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين))
لعل في الآية الكريمة دلالة على أن الأحجار في الدنيا تحس بحشر الناس إليها وبوجود محشورين حولها ، فيحسّون بتعظيم هؤلاء الناس لهم ، فيكونون لهم أعداء .
ويشكّون بعبادة هؤلاء لهم ، فيكونون كافرين بعبادتهم .
ومن الشواهد على هذا المعنى : جبل أحد ، حين اهتزّ فرحاً بصعود رسول الله وكبار الصحابة عليه .. وأيضاً قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم : (هذا جبل يحبنا ونحبه) .
 
((النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ، وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا ..))
الذي يظهر أن مناسبة بداية الآية الكريمة لما قبلها وما بعدها : يفيد بأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يورث ، ما تركه : صدقة .

وجه الدلالة : أن كون النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فهذا يشير -بمناسبة ذكر الإرث في الآية الكريمة- إلى أن إرثه صدقة لهم ، وإلا لو كان يورَث صلى الله عليه وسلم لما كان حينئذٍ أولى بالمؤمنين أهل الصدقة .
*وأزواجه أمهات المؤمنين هن أمهات الذين يأتيهم مال رسول الله بعد وفاته ، فينبغي أن يصلوهن به وبغيره .

وهذا هو الأظهر في وجه الدلالة ، والمذكور في المشاركة 68 غير سليم .

((واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه))
لعله يصح أن تكون النذارة بالأحقاف ، أي : بتضمين معنى : خوّفهم بالأحقاف .
وهي نيران ؛ بدلالة الآية السابقة .
قال صلى الله عليه وسلم : (أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنْ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ) .
 
((وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن ءانستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم))
لعل في الآية الكريمة دلالة على أن التكليف الشرعي للعبد يكون بالبلوغ .
فإنها تشير إلى أنّ سن ما قبل البلوغ ليس مظنة لتحمّل المسؤولية ، ولا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها .

((إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109))
لعل في تكرار ذكر الأذقان في الآيات الكريمة : إشارة إلى أن المشروع أن ينزل الساجد على ركبتيه قبل يديه ، ليكون نزول الأذقان قبل أعضاء الوجه الأخرى .
 
((لتؤمنوا بالله ورسوله تعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلاً))
في الآية إشارة إلى استحباب الموعظة والذكر -كقراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم- في هذين الوقتين .
 
((إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ، يد الله فوق أيديهم))
لا مانع من حمل اللفظ على ظاهره ؛ كما أنه لا مانع من اقتراب الله سبحانه إلى السماء الدنيا كل ليلة .

((ولو قاتلكم الذين كفروا لولّوا الأدبار ثم لا يجدون ولياً ولا نصيراً * سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً))
قال صلى الله عليه وسلم : (يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ فَيَقُولُونَ : فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ ، ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ فَيُقَالُ : هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ ، ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ فَيُقَالُ : هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ) .
 
((إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون))
كالذين ينادونه صلى الله عليه وسلم حين زيارة قبره .

((وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا))
اختلاف انتماءات البشر يجعلهم يقبلون على التعارف بينهم -مما يكون سبباً قوياً للتعلم- .
إذْ من طبيعة الإنسان حُبّ التعرف إلى ما لا يعلمه ، بخلاف ما لو كانوا جماعة واحدة .. فإن ذلك لن يشد بعضهم إلى بعض .
 
وبين التشهد : التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين(1) ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
((دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين)) .
بعد السجود الذي فيه تسبيح ودعاء ، يُعقِبه بحمد الله : إما بالفاتحة ، وإما بنسبة(والطيبات) إليه سبحانه .
 
الأخ حمد وفقك الله : قرأت بعض مشاركاتك هنا فإذا بك تناقش آيات كثيرة متفرقة لا أدري أين وردت في أي برنامج ، وكيف يمكن للقارئ أن ينتفع بما تكتبه مفصولا عن موضعه .
ثم رأيتك تكثر من (لعل) .. في توجيه آيات قرآنية كثيرة بعضها محل اجتهاد ونقاش ، وبعضها ليس كذلك . فلستُ أدري عن مرادك من هذا الموضوع ، هل تريد به إكمال نقص في برنامج ، أم تريد به التعلم والتدرب لنفسك . أم تريد نفع القارئ فقد أوقعته في الحيرة ولا سيما مع جهل القارئ بشخصك الكريم ، وهل اجتهادك في توجيه الآيات مبني على علم أم تنقله من مصدر لم تذكره .
 
((وفي أموالهم حق للسائل والمحروم))
الحقّ حقّان : حق شرعي ، وحقّ يجعله الشخص نفسه يتقرب به إلى الله-يومياً أو أسبوعياً وهكذا- .
 
((إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (35))
((نعمة من عندنا ، كذلك نجزي من شكر)) : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لم يبق من النبوة إلا المبشرات) قالوا : وما المبشرات ؟ قال : (الرؤيا الصالحة) .
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (أصدق الرؤيا بالأسحار) .
فقد ينجي الله عبداً -بعد عهد النبوة- برؤيا صالحة .
 
((ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله))
لعله البحر المسجور العلوي ،
وسبعة الأبحر : التي في الأرضين السبع المذكورة في قوله تعالى : ((الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن)) .
 
((ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر))
((والسقف المرفوع * والبحر المسجور)) .
((وهو الذي مرج البحرين)) ، ((وما يستوي البحران)) ، ((مرج البحرين يلتقيان))
الذي يظهر أن البحر العذب في الآيات الكريمة ينطبق على : البحر المسجور .
فيكون قوله سبحانه في سورة فاطر : ((ومن كلٍّ تأكلون لحماً طرياً وتستخرجون حلية تلبسونها)) يراد باللحم الطري : المحار وما شابهه .
والحلية : اللؤلؤ ؛ إذْ إنه يخرج بقطر بحر السماء .
فيكون الضمير -على هذا التأويل- في قوله تعالى : ((وترى الفلك فيه مواخر)) ؛ يرجع إلى البحر المالح الأجاج .

((الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (24) لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25))
لعل المناسبة بين الآيتين تظهر في الحديث النبوي : (وجُعل رزقي تحت ظل رمحي) .
 
فائدة : القدَر في اللغة يعني أيضاً : ما يكون بقدْر الشيء لا ينقص عنه .. وقد يزيد عنه .
أما القدْر : فهو ما يكون بقدْر الشيء لا يزيد ولا ينقص .
((وأنزلنا من السماء ماء بقدَر)) ، ((والذي نزّل من السماء ماء بقدَر)) . ((إنا كل شيء خلقناه بقدَر))

((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ))
كأنّ في الآية الكريمة إشارة إلى أن هناك ماء ينزل من السماء من فوق السحاب ؛ إذْ فرّقت الآية الكريمة بين السماء والسحاب . وقد ذكر بعض المفسرين أن بحر السماء يلتقي ببحر الأرض ــ فلعل ذلك يكون في السحاب .

((يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور))
اليأس على ظاهره ؛ إذْ إنهم من كُبْر خطاياهم وكثرتها وصلوا إلى اليأس من الآخرة والعياذ بالله .
ولعل وجه التشبيه في الآية الكريمة : أن يأس الذين وقع غضب الله عليهم يشبه يأس الكفار أصحاب القبور ، من حيث أنهم يئسوا من الرجوع إلى الحياة والهداية استعداداً للآخرة .
وأيضاً يقال : كما يئس الكفار الأحياء من أصحاب القبور ، فهؤلاء يتخيلون أنفسهم أنهم مثل أصحاب القبور . ميؤوسٌ تغييرهم !
 
((فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا ..))
صحيح مسلم - (3 / 17) :
فإنّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَنَا بِذَلِكَ أَنْ لاَ تُوصَلَ صَلاَةٌ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ.
 
تتمة لما سبق قبل مشاركتين :
قَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه : أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَطَرٌ قَالَ : فَحَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ. فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا ؟ قَالَ « لأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى ».

((والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا))
دلت الآية الكريمة على أن إحصان الفرج سبب لكون الروح مزكّاة .
والعكس بالعكس ، كما قال صلى الله عليه وسلم عن ولد الزنا : (هو شر الثلاثة) .

(( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19))
لعل في الآيات الكريمة إشارة إلى الطائرات التي تحصب بالقنابل والصواريخ .

((قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم * قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين * قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين))
((وعليه توكلنا)) : النجاة في ذلك اليوم بيد الله .
ولعل مناسبة الآية الأخيرة لما قبلها : لإفادة أنهم سيعطشون يوم القيامة .
 
((لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة))
هؤلاء يؤمنون بالمقيمين الصلاة ، كما قال تعالى -واصفاً إقامة نجوم أمّتنا للصلاة- في التوراة : ((والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ، ذلك مثلهم في التوراة)) .

((وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة)) سورة الحاقة
((كلا ، إذا دكت الأرض دكاً دكاً)) سورة الفجر
لعل الدك للأرضين السبع يكون ببعضها .

((سأل سائل بعذاب واقع))
سأل -والعياذ بالله- بسبب علمه بعذاب واقع .

((وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودّاً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً))
يظهر أن هذه التسميات -في نظرهم- على مسمّاها . سبحان الله وتعالى عما أشركوا
 
((والحب ذو العصف والريحانِ))
بقراءة الخفض في (الريحان) استفدنا أن الحبة السوداء شفاء من كل داء . كما أخبر صلى الله عليه وآله وسلم .
لأنّ الريحان من معانيه : الارتياح .

والحبة السوداء : حب ذو عصْف . فهو أبيض في كبسولته ، فإذا أخرجناه إلى هواء يعصف به ، تحول إلى حب أسود .
الحبة السوداء

والله أعلم

وأيضاً لعل مما يدخل في الحب ذي العصف والريحان : ما ورد في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ) .
التلبينة : طعام رقيق يصنع من لبن ودقيق أو نخالة ، وربما جعل فيه عسل . سميت بذلك ؛ تشبيهاً باللبن لبياضها ورقتها .

وكذلك اللبان العماني واليمني (الأصفر) يدخل في الآية الكريمة .
إذْ رأيت في مقطع باليوتيوب أن الجذع يقشَّر بآلة حتى يصل إلى خروج سائل يجف بعد 14 يوماً ويصير لباناً .

((ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذاباً صعداً * وأن المساجد لله))
لعل المناسبة بين الآيتين الكريمتين تتبين من هذا الحديث النبوي الشريف :
(وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ ، فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ) .

((ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً * حتى إذا رأوا ما يوعدون ..))
لعل تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم هو مثل ظاهر هذه الآيات .
قال صلى الله عليه وسلم : (مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا) .
 
((إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك ، والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرؤوا ما تيسر من القرآن))
تدل الآية الكريمة على الكراهة الشديدة لعدم قيام شيء من الليل لقراءة ما تيسر من القرآن .
ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ نَامَ لَيْلَهُ حَتَّى أَصْبَحَ قَالَ : (ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ) . متفق عليه
 
((قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم))
كونها ليست سلاماً في الأصل -مع مخاطبتها- يدل على أنها عدوّ لنا ، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم .

((وثيابك فطهر))
يؤخذ منه كراهة إسبال الثوب ؛ لئلا يتسخ .

((فإذا نقر في الناقور))
قيل : هو القلب ، لأنه يُنقَر فيه أكثر من مرة .. البعث - الحشر - تطاير الصحف - بداية الحساب - الصراط ...
 
بكاء العبد من خشية الله حتى يشرب من فيض عينيه المفجَّر ، سبب لتكفير السيئات وسبب للشرب مما ذكر الله سبحانه : ((إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً * عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً))
 
((إن جهنم كانت مرصاداً * للطاغين مآباً * لابثين فيها أحقاباً * لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً * إلا حميماً وغساقاً * جزاءً وفاقاً * إنهم كانوا لا يرجون حساباً))
الرجاء هنا على بابه في اللغة ، ولعل معناه : أنهم كانوا لا يرجون رحمة ربهم في أنه سيحاسبهم فقط على قدر عمرهم .. فلما تركوا عبادة الرجاء -مع كونهم مكذِّبين- عوقبوا بهذا الجزاء الوفاق : ((لابثين فيها أحقاباً))

((وأغطش ليلها وأخرج ضحاها))
قال الله تعالى : ((ومن كل شيء خلقنا زوجين)) ، فلعل الضحى خُلق مع الليل .. ولكن إغطاش الليل أخفاه ، فأخرجه الله سبحانه منه .

((ذي قوة عند ذي العرش مكين))
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) .
 
((يخرج من بين الصلب والترائب * إنه على رجعه لقادر * يوم تبلى السرائر * فما له من قوة ولا ناصر * والسماء ذات الرجع * والأرض ذات الصدع))
يحتمل رجوع الضمير في (رجعه) إلى الماء الدافق ، والسماء ترجع بمثل هذا الماء يوم القيامة إلى داخل الأرض ، وترجع في الدنيا بماء البحر -المتبخر- مطراً .
((والأرض ذات الصدع)) : كما يصدع فرج المرأة حين الولادة .
 
((والتين والزيتون * وطور سينين * وهذا البلد الأمين * لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم))
الآية الأولى فيها صحة لباطن الجسم ، والآية الثانية تحمل صحة للجلد -((تنبت بالدهن ...)) ، والآية الثالثة فيها عافية للمجتمع .
فتتبين إذاً مناسبة المقسَم بالمقسَم عليه .

((والعاديات ضبحاً * فالموريات قدحاً * فالمغيرات صبحاً * فأثرن به نقعاً * فوسطن به جمعاً * إن الإنسان لربه لكنود))
لعل في الآية الأخيرة -مع ما قبلها- إشارة إلى أن الفتوحات الإسلامية ليست سبباً رئيسياً للصلاح الفردي لأهل البلدان المفتوحة -فثمرة الجهاد الأولى هي أن يكون الدين لله . والصلاح الفردي لا بد فيه من التربية الإيمانية - .

وهذا ما ظهر في الفتح المبين للنبي صلى الله عليه وسلم ، حيث آمن أكثر العرب بغير قتال .

فنستفيد إذاً من القسم في الآيات الكريمة : فضل الجهاد في سبيل الله ، لأنه سبب لإعلاء كلمة الله في الأرض .
 
((يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ))
لعل قوله سبحانه : ((كانتا رتقاً)) في نفس السورة ، يبين أن طوْيها يوم القيامة يرجعها إلى تلك الحالة : ((كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ)) .
 
((وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين))
كان النبي صلى الله عليه وسلم إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ .
 
((وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم))
لما نُسب البلاء إلى ربهم سبحانه ، دل ذلك على أنّ أحلك الظروف التي قد تمر على المؤمنين . فإن فيها بلاء عظيماً يكون ذا خير لهم . إما يصبحوا أئمة لغيرهم ، أو أنه تمحيص لما في قلوبهم ، أو غير ذلك .

((يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا))
الأظهر في حكم الآية ، أنه عام للمؤمنين جميعهم ومستمر .
إذْ إن قول (راعنا) ، يجعل نفْس المتكلم تتكاسل وتفشل عن الامتثال ؛ لأن المراعاة فيها معنى : الترك لوجود الظروف المعطِّلة .
بخلاف قول (انظرنا) .
 
((وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188) يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ))
لعل من المناسبات بين الآيتين الكريمتين : الإشارة إلى أن العبد لا يلزمه العمل برؤية من يثق به للهلال ، بل لا بد من حُكم الحاكم للناس .
 
((وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا ، إن الله يحب المحسنين * وأتموا الحج والعمرة لله ، فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي))
قوله تعالى : ((فإن أحصرتم)) المخاطَب به من نوى إتمام الحج والعمرة .
أما من خاف عدم الإتمام لمرضه مثلاً ، فإنه لا مانع من أن يشترط حين إحرامه بـ : ومحلّي حيث حبستني .
قال تعالى : ((ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)) .

((والتين والزيتون * وطور سينين * وهذا البلد الأمين * لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم))
الآية الأولى فيها صحة لباطن الجسم ، والآية الثانية تحمل صحة للجلد -((تنبت بالدهن ...)) ، والآية الثالثة فيها عافية للمجتمع . قال تعالى : ((وتزودوا فإن خير الزاد التقوى)) أي : تزودوا من الإيمان والعمل في البلد الأمين أيضاً . فإن فيها تقويماً للإنسان .
فتتبين إذاً مناسبة المقسَم بالمقسَم عليه .

((وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ))
من معاني (النفاثات) : الجِنة .
قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ : عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ ، فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ) .
 
((فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم ، وإن كنتم من قبله لمن الضالين))
تحتمل جملة (وإن كنتم من قبله) أن تكون مستأنفة ، أي : وإن كنتم من قبله لمن الضالين للطريق فالحكم كذلك . فيجوز حينئذ أن تقفوا في عرفات بالليل ثم تذهبوا إلى المشعر الحرام .
 
((هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر ، وإلى الله ترجع الأمور))
التوحيد لابن خزيمة - (1 / 231) :
قال صلى الله عليه وسلم : (... وَبَقِينَا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ فَيَأْتِينَا رَبُّنَا فَيَقُولُ : عَلَى مَا هَؤُلاءِ ؟ فَنَقُولُ : نَحْنُ عِبَادُ اللَّهِ الْمُؤْمِنُونَ آمَنَّا بِرَبِّنَا وَلَمْ نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا -وَهُوَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَهُوَ يَأْتِينَا وَهُوَ يَثَبِّتْنَا- وَهَذَا مُقَامُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا ، فَيَقُولُ : أَنَا رَبُّكُمْ فَانْطَلِقُوا ، فَنَنْطَلِقُ حَتَّى نَأْتِيَ الْجِسْرَ ...) .

((فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه))
بعض البيئات تلتزم بمذهب واحد منحرف ظاهر فيهم .. فلا يعلم الذين آمنوا فيهم بما سواه ، فهداهم الله لما اختلفوا فيه من الحق .
 
((ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا))
تفيد الآية الكريمة بأن النكاح بيد الولي .
((وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف))
لعله يصح أن يُحمل الخطاب هنا للمطلِّقين ، فيصير معنى الآية الكريمة : فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن الذين كنّ عندهم قبلُ ، بسبب أنهم تراضوا بينهم بالمعروف وهم في عصمتكم فغضبتم لذلك .

((وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، لا تكلف نفس إلا وسعها ، لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده))
الاستعمال الكريم للفظ : ((المولود له)) يشير إلى أن الأب أحق بالولد بعد الطلاق -طبعاً إن وصل سن التمييز ؛ لأنه لا يرفق أحد بالولد قبلها كما الوالدة - .
لكن إن عرف القاضي شدة تعلق الأم بالولد في سن التمييز -ولم يكن هناك مصلحة راجحة في حضانة الأب- فإن له أن يُسهِم بينهما ، قال تعالى : ((لا تضار والدة بولدها)) فراعت الآية الكريمة عدم الإضرار بالأم .

((فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف))
لعل في الآية الكريمة إشارة إلى وجوب الإحداد في العدة .
 
((ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت))
لعل من مناسبة الآية الكريمة لما قبلها : الإشارة إلى أن هذا الخروج هو من صفات النساء لا الرجال .
 
((الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ، ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا))
ظاهر الآية الكريمة يفيد بأن الذين يأكلون الربا باستمرار ولا يتوقفون عنه أو يتورعون ، يفيد ظاهرها بأنهم يقولون : إنما البيع مثل الربا -والعياذ بالله- .

((آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286))
ما أجمل الأدعية الشاملة الواردة في الآيات الكريمة ، والتي يسبقها التوسل الذي في آية : ((آمن الرسول)) .
ولعله لذلك قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ) .
أي : استمر يقرأ ويدعو بها في ليلة .
 
فائدة متممة لمشاركة 247 : إنما جُعل الولي في نكاح المرأة ؛ حماية لها من أن يتركها ناكحها متى أراد .
ولعل هذا يزيل الإشكال الوارد في حديث سبرة الجهني حين تمتع بامرأة ، ولم يذكر في ذلك ولياً لها .
فلما انتفى المحذور انتفى اشتراط ذلك .-عندما كانت المتعة معروفة- .

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29))
لما كان المال سبباً لقتل النفس عُطف عليه .
((يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (42) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا))
من المناسبات بين الآيتين الكريمتين : الإشارة إلى أن الإنسان في صلاته إنما هو يتحدث إلى الله تعالى .

((ليلة القدر خير من ألف شهر))
لما كان نزول القرآن ورسول الله سبباً في جعل هذه الليلة خيراً من ألف شهر ، فكذلك الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم : هي خير من ألف صلاة فيما سواه -إلا المسجد الحرام- ؛ لأن مسجده كان نزول القرآن فيه كثيراً وكذلك جلوسه صلى الله عليه وسلم فيه .
 
عودة
أعلى