أكثر من خمسمائة جوهرة فی شرح السنة النبوية لكتاب رب البرية

الجوهرة الواحدة والخمسون بعد المائة

وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْمُبِينُ }

قال ابن كثير فى تفسيره:

وقوله تعالى: { وَوَرِثَ سُلَيْمَـٰنُ دَاوُدَ } أي: في الملك والنبوة، وليس المراد وراثة المال، إذ لو كان كذلك، لم يخص سليمان وحده من بين سائر أولاد داود، فإنه قد كان لداوُد مائة امرأة، ولكن المراد بذلك وراثة الملك والنبوة، فإن الأنبياء لا تورث أموالهم؛ كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: " نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه فهو صدقة "...

وقد ثبت في الصحيح عند مسلم من طريق عبد الرزاق، عن معمر عن همام عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " قرصت نبياً من الأنبياء نملة، فأمر بقرية النمل فأحرقت، فأوحى الله إليه: أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح؟ فهلا نملة واحدة؟ "
 
الجوهرة الثانية والخمسون بعد المائة

وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ ٱلْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ }

قال السيوطى فى الدر المنثور:

أخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال أهل اليمن: يا رسول الله أخبرنا عن أول هذا الأمر كيف كان؟ قال: " كان الله قبل كل شيء وكان عرشه على الماء، وكتب في اللوح المحفوظ ذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض " فنادى مناد: ذهبت ناقتك يا ابن الحصين، فانطلقت فإذا هي يقطع دونها السراب، فوالله لوددت أني كنت تركتها.

وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات " عن أبي رزين رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء، وخلق عرشه على الماء " قال الترمذي رضي الله عنه: العماء: أي ليس معه شيء.

وأخرج مسلم والترمذي والبيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء ".

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن حبان وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وابن مردويه عن بريدة رضي الله عنه قال: " دخل قوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: جئنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونتفقه في الدين ونسأله عن بدء هذا الأمر. فقال: " كان الله ولا شيء غيره وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء ثم خلق سبع سموات " ثم أتاني آت فقال: هذه ناقتك قد ذهبت. فخرجت والسراب ينقطع دونها، فلوددت أني كنت تركتها ".
 
الجوهرة الثالثة والخمسون بعد المائة

وَلَئِنْ أَذَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ } * { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ ٱلسَّيِّئَاتُ عَنِّيۤ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ }

قال ابن كثير فى تفسيره:

قال الله تعالى: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } أي: على الشدائد والمكاره { وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } أي: في الرخاء، والعافية { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ } أي: بما يصيبهم من الضراء { وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } بما أسلفوه في زمن الرخاء كما جاء في الحديث: " والذي نفسي بيده لا يصيب المؤمن هم ولا غم، ولا نصب ولا وصب ولا حزن، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله عنه بها من خطاياه " وفي الصحيحين: " والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيراً له، إن أصابته سراء فشكر كان خيراً له، وإن أصابته ضراء فصبر كان خيراً له، وليس ذلك لأحد غير المؤمن "
 
الجوهرة الرابعة والخمسون بعد المائة

ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ }

قال ابن كثير فى تفسيره:

وقد قال عبد الله بن وهب: حدثنا عمرو بن الحارث: أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، مرفوعاً: " طوبى شجرة في الجنة مسيرة مائة سنة، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها "

وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن موسى، سمعت عبد الله بن لهيعة، حدثنا دراج أبو السمح: أن أبا الهيثم حدثه عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلاً قال: يا رسول الله طوبى لمن رآك وآمن بك، قال: " طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى ثم طوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني " قال له رجل: وما طوبى؟ قال: " شجرة في الجنة مسيرتها مائة عام، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها "

وروى البخاري ومسلم جميعاً عن إسحاق بن راهويه، عن مغيرة المخزومي عن وهيب عن أبي حازم، عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " قال: فحدثت به النعمان بن أبي عياش الزرقي، فقال: حدثني أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام ما يقطعها " ...

وفي صحيح البخاري من حديث يزيد بن زريع عن سعيد، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى:
{ وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ }
[الواقعة: 30] قال: " في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها "

وقال الإمام أحمد: حدثنا سريج، حدثنا فليح عن هلال بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة اقرؤوا إن شئتم: { وَظِلٍّ مَّمْدُود } "أخرجاه في الصحيحين. وفي لفظ لأحمد أيضاً: حدثنا محمد بن جعفر وحجاج، قالا: حدثنا شعبة: سمعت أبا الضحاك يحدث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين - أو مائة سنة - هي شجرة الخلد "

وقال محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر سدرة المنتهى، فقال: " يسير في ظل الغصن منها الراكب مائة سنة - أو قال: يستظل في الفنن منها مائة راكب - فيها فراش الذهب كأن ثمرها القلال " رواه الترمذي.

وقال إسماعيل بن عياش عن سعيد بن يوسف، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام الأسود قال: سمعت أبا أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما منكم من أحد يدخل الجنة إلا انطلق به إلى طوبى، فتفتح له أكمامها، فيأخذ من أي ذلك شاء، إن شاء أبيض، وإن شاء أحمر، وإن شاء أصفر، وإن شاء أسود، مثل شقائق النعمان وأرق وأحسن "
 
الجوهرة الخامسة والخمسون بعد المائة

وَقَالَ ٱلشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ ٱلأَمْرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

قال السيوطى فى الدر المنثور:

أخرج ابن المبارك في الزهد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وابن عساكر بسند ضعيف، عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا جمع الله الأوّلين والآخرين وقضى بينهم وفرغ من القضاء، يقول المؤمنون: قد قضى بيننا ربنا وفرغ من القضاء، فمن يشفع لنا إلى ربنا؟ فيقولون: آدم، خلقه الله بيده وكلمه. فيأتونه فيقولون: قد قضى ربنا وفرغ من القضاء، قم أنت فاشفع إلى ربنا. فيقول: ائتوا نوحاً، فيأتون نوحاً عليه السلام فيدلهم على إبراهيم عليه السلام، فيأتون إبراهيم عليه السلام فيدلهم على موسى عليه السلام، فيأتون موسى عليه السلام فيدلهم على عيسى عليه السلام، فيأتون عيسى عليه السلام فيقول: أدلكم على العربي الأمي، فيأتوني، فيأذن الله لي أن أقوم إليه، فيثور مجلسي من أطيب ريح شمها أحد قط... حتى آتي ربي فيشفعني ويجعل لي نوراً من شعر رأسي إلى ظفر قدمي. ويقول الكافرون عند ذلك: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم، ما هو إلا إبليس... فهو الذي أضلنا. فيأتون إبليس فيقولون: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم، قم أنت فاشفع لنا فإنك أنت أضللتنا، فيقوم إبليس فيثور مجلسه من أنتن ريح شمها أحد قط، ثم يعظم لجهنم ويقول عند ذلك { إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم... } " الآية.
 
الجوهرة السادسة والخمسون بعد المائة

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ } * {تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ }

قال السيوطى فى الدر المنثور:

وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة - رضي الله عنه - " أن رجلاً قال: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور. فقال: أرأيت لو عمد إلى متاع الدنيا، فركب بعضها إلى بعض، أكان يبلغ السماء؟... أفلا أخبرك بعمل أصله في الأرض وفرعه في السماء؟ تقول: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله عشر مرات في دبر كل صلاة. فذلك أصله في الأرض وفرعه في السماء ".

وأخرج الترمذي النسائي والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه، وابن مردويه، عن أنس - رضي الله عنه - قال: " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقناع من بسر، فقال: " { مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة... } حتى بلغ { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } قال: هي النخلة { ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة... } حتى بلغ { ما لها من قرار } قال: هي الحنظلة ".

وأخرج أحمد وابن مردويه بسند جيد، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { كشجرة طيبة } قال: " هي التي لا ينقص ورقها. هي النخلة ".

وأخرج البخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، " عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " أخبروني بشجرة مثل الرجل المسلم، لا يتحات ورقها ولا ولا، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها. قال عبد الله - رضي الله عنه -: فوقع في نفسي أنها النخلة، فأردت أن أقول: هي النخلة، فإذا أنا أصغر القوم. وثم أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - فلما لم يتكلما بشيء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة "

وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: " لما نزلت هذه الآية { ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتدرون أي شجرة هذه؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: هي النخلة. قال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - فقلت: والذي أنزل عليك الكتاب بالحق لقد وقع في نفسي أنها النخلة، ولكني كنت أصغر القوم، لم أحب أن أتكلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك: ليس منا من لم يوقر الكبير ويرحم الصغير ".

وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " هل تدرون ما الشجرة الطيبة؟ قال ابن عمر - رضي الله عنهما -: فأردت أن أقول هي النخلة، فمنعني مكان عمر. فقالوا: الله ورسوله أعلم. فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة ".

ملحوظة

جاء فی الحديث

مثلُ المؤمنِ مثلُ النَّحلةِ لا تأكُلُ إلَّا طِيبًا ولا تضَعُ إلَّا طِيبًا

وفی رواية

...إن مَثل المؤمن لَكَمَثَل القطْعة من الذهب، نفخ عليها صاحبُها فلم تَغيَّرْ ولم تَنْقُصْ، وِاِلذي نفس محمَّد بيده، إن مَثلِ المؤمن لَكَمَثَلِ النَّحْلَة، أكَلَتْ طِيّباً، ووضعتْ طيّباً، ووقَعَتْ فلم تُكْسَرْ ولم تَفْسُدْ
 
الجوهرة السابعة والخمسون بعد المائة

{ وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }

بمناسبة ويخلق مالاتعلمون اورد القرطبي حديث

أذن لي أن أحدّث عن مَلَك من ملائكة الله من حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام» ".
 
الجوهرة الثامنة والخمسون بعد المائة

ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ فَٱسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

قال ابن كثير فى تفسيره:

وقال مجاهد وابن جرير في قوله: { فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ } يعني: القرآن، وهذا قول صحيح في نفسه، ولكن ليس هو الظاهر ههنا من سياق الآية، فإن الآية إنما ذكر فيها العسل، ولم يتابع مجاهد على قوله ههنا، وإنما الذي قاله ذكروه في قوله تعالى:
{ وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ }
[الإسراء: 82] وقوله تعالى:
{ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مَّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِى ٱلصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ }
[يونس: 57]

والدليل على أن المراد بقوله تعالى: { فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ } هو العسل،

الحديث الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من رواية قتادة عن أبي المتوكل علي بن داود الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخي استطلق بطنه، فقال:
" اسقه عسلاً " فذهب فسقاه عسلاً، ثم جاء فقال: يارسول الله سقيته عسلاً، فما زاده إلا استطلاقاً، قال: " اذهب فاسقه عسلاً " فذهب فسقاه عسلاً، ثم جاء فقال: يارسول الله ما زاده إلا استطلاقاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صدق الله وكذب بطن أخيك، اذهب فاسقه عسلاً " فذهب فسقاه عسلاً، فبرىء. قال بعض العلماء بالطب: كان هذا الرجل عنده فضلات، فلما سقاه عسلاً، وهو حار، تحللت، فأسرعت في الاندفاع، فزاده إسهالاً، فاعتقد الأعرابي أن هذا يضره، وهو مصلحة لأخيه، ثم سقاه، فازداد التحليل والدفع، ثم سقاه فكذلك، فلما اندفعت الفضلات الفاسدة المضرة بالبدن، استمسك بطنه، وصلح مزاجه، واندفعت الأسقام والآلام ببركة إشارته، عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام.

وفي الصحيحين من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الحلواء والعسل، هذا لفظ البخاري وفي صحيح البخاري من حديث سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الشفاء في ثلاثة: في شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية بنار، وأنهى أمتي عن الكي " وقال البخاري: حدثنا أبو نعيم، حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل عن عاصم بن عمر بن قتادة، سمعت جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن كان في شيء من أدويتكم، أو يكون في شيء من أدويتكم خير: ففي شرطة محجم، أو شربة عسل، أو لذعة بنار توافق الداء، وما أحب أن أكتوي " ورواه مسلم من حديث عاصم بن عمر بن قتادة عن جابر به.

وقال الإمام أحمد: حدثنا علي بن إسحاق، أنبأنا عبد الله، أنبأنا سعيد بن أبي أيوب، حدثنا عبد الله بن الوليد عن أبي الخير عن عقبة بن عامر الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاث إن كان في شيء شفاء: فشرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية تصيب ألماً، وأنا أكره الكي ولا أحبه " ورواه الطبراني عن هارون بن سلول المصري عن أبي عبد الرحمن المقري، عن عبد الله بن الوليد به، ولفظه: " إن كان في شيء شفاء فشرطة محجم " وذكره، وهذا إسناد صحيح، ولم يخرجوه. وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن يزيد ابن ماجه القزويني في سننه: حدثنا علي بن سلمة، هو التغلبي، حدثنا زيد بن حباب، حدثنا سفيان عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص عن عبد الله، هو ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" عليكم بالشفاءين: العسل والقرآن " وهذا إسناد جيد تفرد بإخراجه ابن ماجه مرفوعاً، وقد رواه ابن جرير عن سفيان بن وكيع عن أبيه عن سفيان هو الثوري به موقوفاً، وله شبه.
 
الجوهرة التاسعة والخمسون بعد المائة

سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَا ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ }

الاحاديث الوارد فى الاسراء كثيرة جدا ومن اراد ان يطلع عليها فليرجع الى تفسير ابن كثير والدر المنثور للسيوطى

قال ابن كثير فى تفسيره:

قال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن موسى، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا ثابت البناني عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أتيت بالبراق، وهو دابة أبيض، فوق الحمار ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه، فركبت، فسار بي حتى أتيت بيت المقدس، فربطت الدابة بالحلقة التي يربط فيها الأنبياء، ثم دخلت فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت فأتاني جبريل بإناء من خمر، وإناء من لبن، فاخترت اللبن، فقال جبريل: أصبت الفطرة. قال: ثم عرج بي إلى السماء الدنيا، فاستفتح جبريل، فقيل له: من أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: قد أرسل إليه. ففتح لنا، فإذا أنا بآدم، فرحب بي ودعا لي بخير، ثم عرح بنا إلى السماء الثانية، فاستفتح جبريل فقيل له: من أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: قد أرسل إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى، فرحبا بي، ودعوا لي بخير، ثم عرج بي إلى السماء الثالثة، فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال: جبريل، فقيل: ومن معك؟ فقال: محمد، فقيل: وقد أرسل إليه؟ قال: قد أرسل إليه، ففتح لنا فإذا أنا بيوسف عليه السلام، وإذا هو قد أعطي شطر الحسن، فرحب بي ودعا لي بخير. ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. فقيل: ومن معك؟ قال: محمد، فقيل: وقد أرسل إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بإدريس، فرحب بي ودعا لي بخير، ثم (قال): يقول الله تعالى: { وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة، فاستفتح جبريل فقيل من أنت؟ قال جبريل، فقيل: ومن معك؟ قال: محمد. فقيل: قد أرسل إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بهارون، فرحب بي ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء السادسة، فاستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد. فقيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بموسى عليه السلام، فرحب بي ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء السادسة، فاستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد، فقيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام، وإذا هو مستند إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه، ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى، فإذا ورقها كآذان الفيلة، وإذا ثمرها كالقلال، فلما غشيها من أمر الله ما غشيها، تغيرت، فما أحد من خلق الله تعالى يستطيع أن يصفها من حسنها.

قال: «فأوحى الله إلي ما أوحى، وقد فرض علي في كل يوم وليلة خمسين صلاة فنزلت حتى انتهيت إلى موسى، قال: ما فرض ربك على أمتك؟ قلت: خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال: ارجع إلى ربك، فاسأله التخفيف لأمتك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، وإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم، قال: فرجعت إلى ربي، فقلت: أي رب خفف عن أمتي، فحط عني خمساً، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى، فقال: ما فعلت؟ فقلت: قد حط عني خمساً، فقال: إن أمتك لا تطيق ذلك، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، قال: فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى، ويحطّ عني خمساً خمساً حتى قال: يا محمد هن خمس صلوات في كل يوم وليلة، بكل صلاة عشر، فتلك خمسون صلاة، ومن همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت عشراً، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب، فإن عملها كتبت سيئة واحدة، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته، فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رجعت إلى ربي حتى استحييت "

وقال أحمد أيضاً: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، حدثني راشد بن سعيد وعبد الرحمن بن جبير عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما عرج بي إلى ربي عز وجل، مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدروهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم " وأخرجه أبو داود من حديث صفوان بن عمرو به، ومن وجه آخر ليس فيه أنس، فالله أعلم،

وقال أيضاً: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان عن سليمان التيمي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مررت ليلة أسري بي على موسى عليه السلام قائماً يصلي في قبره " ....
 
الجوهرة الستون بعد المائة

إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ }

لا حظ ما جاء فى الحديث الذى اوردته فى الجوهرة السابقة قول الحبيب صلى الله عليه وسلم:


ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى، فإذا ورقها كآذان الفيلة، وإذا ثمرها كالقلال، فلما غشيها من أمر الله ما غشيها، تغيرت، فما أحد من خلق الله تعالى يستطيع أن يصفها من حسنها.

وقال السيوطى فى الدر المنثور:

وأخرج أحمد وابن جرير عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " انتهيت إلى السدرة فإذا نبقها مثل الجراد وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تحولت ياقوتاً وزمرداً ونحو ذلك "...

وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه وابن مردويه عن أسماء بنت أبي بكر: " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يصف سدرة المنتهى، قال: " يسير الراكب في الفتن منها مائة سنة يستظل بالفتن منها مائة راكب فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال "
 
الجوهرة الواحدة والستون بعد المائة

ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً }

قال السيوطى فى الدر المنثور:

وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " " استكثروا من الباقيات الصالحات " قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: " التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ولا حول ولا قوة إلا بالله " ".

وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وابن مردويه، عن النعمان بن بشير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ألا وأن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر من الباقيات الصالحات ".

وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني في الصغير والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " " خذوا جنتكم " قيل: يا رسول الله أمن عدوّ قد حضر قال: لا. " بل جنتكم من النار قول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنهن يأتين يوم القيامة مقدمات معقبات محسنات وهن الباقيات الصالحات " ".

وأخرج الطبراني وابن شاهين في الترغيب في الذكر وابن مردويه، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله هن الباقيات الصالحات وهن يحططن الخطايا كما تحط الشجرة ورقها وهن من كنوز الجنة ".
 
الجوهرة الثانية والستون بعد المائة

إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ }

قال ابن كثير فى تفسيره:

وقد قال الإمام أحمد: حدثنا سفيان عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله، أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: " المسجد الحرام " قلت: ثم أي؟ قال: " المسجد الأقصى " قلت: كم بينهما؟ قال: " أربعون سنة " قلت: ثم أي؟ قال: " ثم حيث أدركتَ الصلاة فصل، فكلها مسجد " وأخرجه البخاري ومسلم من حديث الأعمش به
 
الجوهرة الثالثة والستون بعد المائة

يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } * { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا } * { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ } * { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } * { وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }

قال السيوطى فى الدر المنثور:


وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي هريرة قال: " قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { يومئذ تحدث أخبارها } قال: " أتدرون ما أخبارها؟قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول: عمل كذا وكذا في يوم كذا وكذا فهذه أخبارها " ".

وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الأرض لتخبر يوم القيامة بكل ما عمل على ظهرها، وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: { إذا زلزلت الأرض زلزالها } حتى بلغ { يومئذ تحدث أخبارها } قال: أتدرون ما أخبارها جاءني جبريل قال: خبرها إذا كان يوم القيامة أخبرت بكل عمل عمل على ظهرها ".

وأخرج الطبراني عن ربيعة الجرشي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تحفظوا من الأرض فإنها أمكم، وإنه ليس من أحد عامل عليها خيراً أو شراً إلا وهي مخبرة به "...

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والحاكم في تاريخه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أنس رضي الله عنه قال: " بينما أبو بكر الصديق رضي الله عنه يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم: إذ نزلت عليه { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } فرفع أبو بكر رضي الله عنه يده وقال: يا رسول الله إني لراء ما عملت من مثقال ذرة من شر، فقال: " يا أبا بكر أرأيت ما ترى في الدنيا مما تكره فبمثاقيل ذر بشر ويدخر لك مثاقيل ذر الخير حتى توفاه يوم القيامة " ".

وأخرج إسحق بن راهويه وعبد بن حميد والحاكم وابن مردويه عن أسماء قالت: " بينما أبو بكر رضي الله عنه يتغدى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نزلت هذه الآية { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } فأمسك أبو بكر رضي الله عنه وقال: يا رسول الله أكل ما عملناه من سوء رأيناه؟ فقال: " ما ترون مما تكرهون فذاك مما تجزون به ويدخر الخير لأهله في الآخرة " ".

وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب البكاء وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: " أنزلت { إذا زلزلت الأرض زلزالها } وأبو بكر الصديق رضي الله عنه قاعد، فبكى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما يبكيك يا أبا بكر؟ " قال: تبكيني هذه السورة. فقال: " لولا أنكم تخطئون وتذنبون فيغفر لكم لخلق الله أمة يخطئون ويذنبون فيغفر لهم " ".

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اعلموا أن الجنة والنار أقرب إلى أحدكم من شراك نعله من يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ".

وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " اتقو النار ولو بشق تمرة " ثم قرأت { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره }
 
الجوهرة الرابعة والستون بعد المائة

{ وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا

قال ابن كثير

وقال مسلم في صحيحه: حدثنا واصل بن عبد الأعلى حدثنا محمد بن فضيل عن أبيه عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تلقي الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل فيقول: في هذا قتلت، ويجيء القاطع فيقول: في هذا قطعت رحمي، ويجيء السارق فيقول: في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئاً "
 
الجوهرة الخامسة والستون بعد المائة

{ وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ }

قال ابن كثير

قال ابن جرير: حدثنا ابن عبد الأعلى، حدثنا ابن ثور عن معمر عن الزهري، عن علي بن الحسين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان يوم القيامة، مد الله الأرض مد الأديم، حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه، فأكون أول من يدعى، وجبريل عن يمين الرحمن، والله ما رآه قبلها، فأقول: يا رب إن هذا أخبرني أنك أرسلته إلي، فيقول الله عز وجل: صدق، ثم أشفع، قأقول: يا رب عبادك عبدوك في أطراف الأرض ــــ قال ــــ وهو المقام المحمود "
 
الجوهرة السادسة والستون بعد المائة

فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ } * { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً }

قال ابن كثير

وقال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل، أخبرنا أيوب عن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من نوقش الحساب، عذب " قالت: فقلت: أفليس قال الله تعالى: { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً }؟ قال:

ليس ذاك بالحساب، ولكن ذلك العرض، من نوقش الحساب يوم القيامة، عذب " وهكذا رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير من حديث أيوب السختياني به.

وقال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا أبو عامر الخزاز عن ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنه ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا معذباً " فقلت: أليس الله يقول: { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً }؟ قال: " ذاك العرض، إنه من نوقش الحساب، عذب " وقال بيده على إصبعه كأن ينكت،....

وقال أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني عبد الواحد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير عن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته: " اللهم حاسبني حساباً يسيراً " فلما انصرف، قلت: يا رسول الله ما الحساب اليسير؟ قال: " أن ينظر في كتابه، فيتجاوز له عنه، إنه من نوقش الحساب يا عائشة يومئذ، هلك " صحيح على شرط مسلم.

وقوله تعالى: { وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُوراً } أي: ويرجع إلى أهله في الجنة، قاله قتادة والضحاك: مسروراً، أي: فرحاً مغتبطاً بما أعطاه الله عز وجل. وقد روى الطبراني عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إنكم تعملون أعمالاً لا تعرف، ويوشك الغائب أن يثوب إلى أهله، فمسرور أو مكظوم
 
الجوهرة السابعة والستون بعد المائة

{ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَٰمَىٰ ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً }

قال السيوطى فى الدر المنثور:

أخرج ابن أبي شيبة في مسنده وأبو يعلى والطبراني وابن حبان في صحيحه وابن أبي حاتم عن أبي برزة. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يبعث يوم القيامة قوم من قبورهم تأجج أفواههم ناراً. فقيل: يا رسول الله من هم؟ قال: ألم تر أن الله يقول { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً } ".

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم " عن أبي سعيد الخدري قال حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلة أسري به قال: نظرت فإذا أنا بقوم لهم مشافر كمشافر الإبل، وقد وكِّل بهم من يأخذ بمشافرهم، ثم يجعل في أفواههم صخراً من نار، فتقذف في في أحدهم حتى تخرج من أسافلهم ولهم خوار وصراخ فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء { الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً }
 
الجوهرة الثامنة والستون بعد المائة

وَأَمَّا ٱلْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً }

قال الطبري فى تفسيره:

حدثنا عمرو بن علـيّ، قال: ثنا أبو قتـيبة، قال: ثنا عبد الـجبـار بن عبـاس الهمْدانـي، عنا بن إسحاق، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس، عن أبـيّ بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الغُلامُ الَّذِي قَتَلَهُ الـخَضِرُ طُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كافِراً "

كان لنا نقاش رائع مع إخوة أفاضل حول هذا الموضوع هنا

http://vb.tafsir.net/tafsir45261/#.VlGqksmEbqA
 
الجوهرة التاسعة والستون بعد المائة

وَٱللاَّتِي يَأْتِينَ ٱلْفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي ٱلْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ ٱلْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً }

قال السيوطى فى الدر المنثور:

وأخرج أحمد عن سلمة بن المحبق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ".

وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال " لما نزلت الفرائض في سورة النساء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا حبس بعد سورة النساء " "
 
الجوهرة السبعون بعد المائة

إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً }

قال السيوطى فى الدر المنثور:

وأخرج الطيالسي وأحمد ومسلم وابن جرير عن أنس. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بها في الدنيا فإذا كان يوم القيامة لم تكن له حسنة ".

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن ماجة وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري. أي النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان " قال أبو سعيد: فمن شك فليقرأ { إن الله لا يظلم مثقال ذرة }.

وقال ابن كثير

ورواه ابن أبي حاتم من طريق أخرى فقال: حدثنا بشر بن مسلم، حدثنا الربيع بن روح، حدثنا محمد بن خالد الذهبي، عن زياد الجصاص، عن أبي عثمان قال: قلت: يا أبا هريرة سمعت إخواني بالبصرة يزعمون أنك تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله يجزي بالحسنة ألف ألف حسنة " فقال أبو هريرة: والله بل سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله يجزي بالحسنة ألفي ألف حسنة " ثم تلا هذه الآية: { فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا فِى ٱلآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ }.
 
الجوهرة الواحدة والسبعون بعد المائة

{ وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }

قال القرطبي فى تفسيره:

والهجرة أنواع: منها الهجرة إلى المدينة لنُصرة النبيّ صلى الله عليه وسلم، وكانت هذه واجبة أوّل الإسلام حتى قال: " لا هجرة بعد الفتح " وكذلك هجرة المنافقين مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في الغزوات، وهجرة من أسلم في دار الحرب فإنها واجبة. وهجرة المسلم ما حرّم الله عليه؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: " والمهاجر من هجر ما حرم الله عليه " وهاتان الهجرتان ثابتتان الآن

ملحوظة

جاء فی الحديث

قال رجلٌ : يا رسولَ اللهِ ! أيُّ الهجرةِ أفضلُ ؟ قال : أن تهجر ما كرهَ ربُّك عز وجل وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الهجرةُ هجرتانِ، هجرةُ الحاضرِ، وهجرةُ البادي، فأما البادي فيجيب إذا دُعِيَ، ويطيع إذا أُمرَ، وأما الحاضرُ فهو أعظمُهما بليَّةً، وأعظمُهما أجرًا
 
الجوهرة الثانية والسبعون بعد المائة

وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً }

قال ابن كثير فى تفسيره:

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا شعبة عن عثمان بن المغيرة، قال: سمعت علي بن ربيعة من بني أسد يحدث عن أسماء، أو ابن أسماء من بني فزارة، قال: قال علي رضي الله عنه: كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً، نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه. وحدثني أبو بكر ـ وصدق أبو بكر ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مسلم يذنب ذنباً، ثم يتوضأ، ثم يصلي ركعتين، ثم يستغفر الله لذلك الذنب، إلا غفر له "وقرأ هاتين الآيتين: { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ } الآية،
{ وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ }
[آل عمران: 135]، الآية.
 
الجوهرة الثالثة والسبعون بعد المائة

بَلَىۤ إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مِّن فَوْرِهِمْ هَـٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُسَوِّمِينَ }

قال السيوطى فى الدر المنثور:

وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { مسوّمين } قال: معلمين، وكانت سيما الملائكة يوم بدر عمائمَ سوداً، ويوم أحد عمائمَ حمراً ". ...
 
الجوهرة الرابعة والسبعون بعد المائة

لَّيْسَ بِأَمَـٰنِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }

قال السيوطى فى الدر المنثور:

وأخرج أحمد وهناد وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن جرير وأبو يعلى وابن المنذر وابن حبان وابن السني في عمل اليوم والليلة والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان والضياء في المختارة " عن أبي بكر الصديق. أنه قال " يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية { ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به } فكل سوء جزينا به؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: غفر الله لك يا أبا بكر، ألست تنصب، ألست تمرض، ألست تحزن، ألست تصيبك اللأواء؟ قال: بلى. قال: فهو ما تجزون به ".

وأخرج أحمد والبزار وابن جرير وابن مردويه والخطيب في المتفق والمفترق عن ابن عمر قال: سمعت أبا بكر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا ".

وأخرج ابن سعيد والترمذي الحكيم والبزار وابن المنذر والحاكم عن ابن عمر. أنه مر بعبدالله بن الزبير وهو مصلوب فقال: رحمك الله يا أبا خبيب، سمعت أباك الزبير يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا ".

وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن المنذر " عن أبي بكر الصديق قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية { من يعمل سوءاً يجز به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا بكر ألا أقرئك آية نزلت عليّ؟ قلت: بلى يا رسول الله، فاقرأنيها فلا أعلم إلا أني وجدت انفصاماً في ظهري حتى تمطيت لها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مالك يا أبا بكر؟ قلت: بأبي وأمي يا رسول الله، وأينا لم يعمل السوء وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنت وأصحابك يا أبا بكر المؤمنون فتجزون بذلك في الدنيا حتى تلقوا الله ليس لكم ذنوب، وأما الآخرون فيجمع لهم ذلك حتى يجزوا به يوم القيامة " ".

وأخرج ابن جرير عن عائشة " عن أبي بكر قال: لما نزلت { من يعمل سوءاً يجز به } قال أبو بكر: يا رسول الله كل ما نعمل نؤاخذ به؟ فقال: " يا أبا بكر أليس يصيبك كذا وكذا... فهو كفارة " ".

وأخرج سعيد بن منصور وهناد وابن جرير وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه عن مسروق قال: " قال أبو بكر: يا رسول الله ما أشد هذه الآية { من يعمل سوءاً يجز به } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المصائب والأمراض والأحزان في الدنيا جزاء " ".

وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في تاريخه وأبو يعلى وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح عن عائشة. " أن رجلاً تلا هذه الآية { من يعمل سوءاً يجز به } قال: إنا لنجزى بكل ما عملناه هلكنا إذن، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: " نعم، يجزى به المؤمن في الدنيا في نفسه، في جسده، فيما يؤذيه " ".

وأخرج أبو داود وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي " عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله إني لأعلم أشد آية في القرآن قال " ما هي يا عائشة؟ قلت: { من يعمل سوءاً يجز به } فقال: هو ما يصيب العبد من السوء حتى النكبة ينكبها، يا عائشة من نوقش هلك، ومن حوسب عذب. فقلت: يا رسول الله أليس الله يقول { فسوف يحاسب حساباً يسيراً } قال: ذاك العرض، يا عائشة من نوقش الحساب عن هذه الآية { من يعمل سوءاً يجز به } قال: " إن المؤمن يؤجر في كل شيء حتى في الغط عند الموت " ".

وأخرج أحمد عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها ابتلاه الله بالحزن ليكفرها ".

وأخرج ابن راهويه في مسنده وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه عن أبي المهلب قال: رحلت إلى عائشة في هذه الآية { من يعمل سوءاً يجز به } قالت: هو ما يصيبكم في الدنيا.

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي هريرة قال: " لما نزلت { من يعمل سوءاً يجز به } شق ذلك على المسلمين، وبلغت منهم ، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " سددوا وقاربوا، فإن في كل ما أصاب المسلم كفارة، حتى الشوكة يُشَاكَهَا، والنكبة ينكبها " وفي لفظ عند ابن مردويه: بكينا وحزنا وقلنا: يا رسول الله ما أبقت هذه الآية من شيء! قال: " أما والذي نفسي بيده إنها لكما نزلت، ولكن أبشروا وقاربوا وسددوا، إنه لا يصيب أحد منكم مصيبة في الدنيا إلا كفر الله بها خطيئته، حتى الشوكة يشاكها أحدكم في قدمه ".

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما يصيب المؤمن من وصب، ولا نصب، ولا سقم، ولا حزن، حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته
 
الجوهرة الخامسة والسبعون بعد المائة

يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ }

قال الرازى فى تفسيره:

العاشر: نزلت الآية في فضل علي بن أبي طالب عليه السلام، ولما نزلت هذه الآية أخذ بيده وقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه الّلهم وال من والاه وعاد من عاداه " فلقيه عمر رضي الله عنه فقال: هنيئاً لك يا ابن طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، وهو قول ابن عباس والبراء بن عازب ومحمد بن علي.

ملحوظة

الشيخ الالوسي ناقش حديث الغدير فى تفسيره ورد علي الشيعة فليراجع هناك
 
الجوهرة السادسة والسبعون بعد المائة

فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

قال القرطبي فى تفسيره:

قلت: وهذه الكرامة إنما هي لأعلى أهل الجنة منزلاً؛

كما جاء مبيَّناً في صحيح مسلم عن المغيرة بن شُعبة يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " سأل موسى عليه السلام ربّه فقال: يا ربِّ ما أدنى أهل الجنة منزلةً قال: هو رجل يأتي بعدما يدخل أهل الجنة الجنة فيقال له ادخل الجنة فيقول أيْ ربّ كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أَخَذَاتهم فيقال له أترضى أن يكون لك مثلُ مُلْك مَلِك من ملوك الدنيا فيقول رضيتُ ربِّ فيقول لك ذلك ومثله ومثله معه ومثله ومثله ومثله ومثله فقال في الخامسة رضيت رَبّ فيقال هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذّت عينك فيقول رضيتُ رَبّ قال رَبِّ فأعلاهم منزلةً قال أولئك الذين أردتُ غَرَسْتُ كرامتهم بيدي وخَتمتُ عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يَخْطر على قلب بشر ـ قال ـ ومصْداقُه من كتاب الله قوله تعالى: { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } "

وقد روي عن المغيرة موقوفاً قوله. وخرّج مسلم أيضاً عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله تبارك وتعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذُخْراً بَلْهَ ما أَطْلَعَكُمْ عليه ـ ثم قرأ ـ { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } " وقال ابن سيرين: المراد به النظر إلى الله تعالى. وقال الحسن: أخفى القوم أعمالاً فأخفى الله تعالى لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.
 
الجوهرة السابعة والسبعون بعد المائة

يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }

قال السيوطى فى الدر المنثور:

وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن جابر بن عبد الله قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط أيام التشريق خطبة الوداع فقال: " يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، ألا إن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأسود على أحمر، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ألا هل بلغت؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: فليبلغ الشاهد الغائب ".

وأخرج البيهقي عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله أذهب نخوة الجاهلية وتكبرها بآبائها، كلكم لآدم وحواء كطف الصاع بالصاع، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم، فمن أتاكم ترضون دينه وأمانته فزوجوه ".

وأخرج أحمد وابن جرير وابن مردويه والبيهقي عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أنسابكم هذه ليست بمسيئة على أحد، كلكم بنو آدم طف الصاع لم تملأوه، ليس لأحد على أحد فضل إلا بدين وتقوى إن الله لا يسألكم عن أحسابكم ولا عن أنسابكم يوم القيامة، أكرمكم عند الله أتقاكم ".

وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله يقول يوم القيامة أمرتكم فضيعتم ما عهدت إليكم ورفعتم أنسابكم فاليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم، أين المتقون؟ أين المتقون؟ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ".

وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله يوم القيامة: أيها الناس إني جعلت نسباً وجعلتم نسباً فجعلت أكرمكم عند الله أتقاكم فأبيتم إلا أن تقولوا فلان أكرم من فلان وفلان أكرم من فلان، وإني اليوم أرفع نسبي وأضع نسبكم، ألا أن أوليائي المتقون ".

وأخرج الخطيب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إذا كان يوم القيامة أوقف العباد بين يدي الله تعالى غرلاً بهماً فيقول الله: عبادي أمرتكم فضيعتم أمري، ورفعتم أنسابكم فتفاخرتم بها اليوم أضع أنسابكم، أنا الملك الديّان أين المتقون؟ أين المتقون؟ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ".

وأخرج ابن مردويه عن سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الناس كلهم بنو آدم، وآدم خلق من التراب، ولا فضل لعربي على عجمي ولا عجمي على عربي ولا أحمر على أبيض ولا أبيض على أحمر إلا بالتقوى ".

وأخرج الطبراني عن حبيب بن خراش القصري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " المسلمون إخوة لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى ".

وأخرج أحمد عن رجل من بني سليط قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله، التقوى ههنا، وقال بيده إلى صدره، وما توادَّ رجلان في الله فيفرق بينهما إلا حدث يحدث أحدهما والمحدث شر والمحدث شر ".

وأخرج البخاري والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أكرم؟ قال: " أكرمهم عند الله أتقاهم، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله، قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: فعن معادن العرب تسألوني؟ قالوا: نعم. قال: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإِسلام إذا فقهوا " ".

وأخرج أحمد عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " أنظر فإنك لست بخير من أحمر ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى ".
 
الجوهرة الثامنة والسبعون بعد المائة

لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ }

قال ابن كثير فى تفسيره:


وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة الدمشقي، حدثنا العباس بن الوليد بن صبيح الدمشقي، حدثنا زيد بن يحيى، حدثنا علي بن حوشب: سمعت مكحولاً يقول: لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم: { وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَٰعِيَةٌ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سألت ربي أن يجعلها أذن علي " قال مكحول: فكان علي يقول: ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط فنسيته، وهكذا رواه ابن جرير عن علي بن سهل عن الوليد بن مسلم عن علي بن حوشب عن مكحول به، وهو حديث مرسل.

وقال السيوطى فى الدر المنثور:

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن مكحول قال: " لما نزلت { وتعيها أذن واعية } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سألت ربي أن يجعلها أذن عليَّ " قال مكحول: فكان عليّ يقول: ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً فنسيته.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والواحدي وابن مردويه وابن عساكر والبخاري عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليّ: " إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك، وأن أعلمك، وأن تعي، وحق لك أن تعي " فنزلت هذه الآية { وتعيها أذن واعية }.

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عليّ قال: قال رسو ل الله صلى الله عليه وسلم: " " يا عليّ إن الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي " فأنزل هذه الآية { وتعيها أذن واعية } " فأنت أذن واعية لعلمي "
 
الجوهرة التاسعة والسبعون بعد المائة

أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ }

قال ابن كثير فى تفسيره:


{ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ }
[الأنعام: 19] وقال تعالى:
{ قُلْ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا }
[الأعراف: 58] وقال تعالى: { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ }.

وفي صحيح مسلم من حديث شعبة: عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة؛ يهودي أو نصراني، ثم لا يؤمن بي، إلا دخل النار " وقال أيوب السختياني عن سعيد بن جبير قال: كنت لا أسمع بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم على وجهه، إلا وجدت مصداقه - أو قال: تصديقه - في القرآن، فبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يسمع بي أحد من هذه الأمة؛ يهودي ولا نصراني، فلا يؤمن بي، إلا دخل النار " فجعلت أقول: أين مصداقه في كتاب الله؟ قال: وقلما سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلمإلا وجدت له تصديقاً في القرآن، حتى وجدت هذه الآية { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلاَْحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ } قال: من الملل كلها.
 
الجوهرة الثمانون بعد المائة

وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ }

قال ابن كثير فى تفسيره:

وقوله تعالى: { وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ } أي: جمع كل شكل إلى نظيره؛ كقوله تعالى:
{ ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَٰجَهُمْ }
[الصافات: 22] وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن الصباح البزار، حدثنا الوليد بن أبي ثور عن سماك عن النعمان بن بشير: أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " { وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ } ــــ قال ــــ الضرباء، كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون عمله " وذلك بأن الله عز وجل يقول:
{ وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلَـٰثَةً فَأَصْحَـٰبُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَـٰبُ ٱلْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَـٰبُ ٱلْمَشْـئَمَةِ مَآ أَصْحَـٰبُ ٱلْمَشْـئَمَةِ وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلسَّـٰبِقُونَ }
[الواقعة: 7 ــــ 10] قال: هم الضرباء
 
الجوهرة الواحدة والثمانون بعد المائة

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً }

قال ابن كثير فى تفسيره:

قال البخاري عند تفسير هذه الآية: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا عوف عن الحسن ومحمد وخلاس عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن موسى كان رجلاً حيياً " ، وذلك قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً } هكذا أورد هذا الحديث ههنا مختصراً جداً، وقد رواه في أحاديث الأنبياء بهذا السند بعينه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن موسى عليه السلام كان رجلاً حيياً ستيراً، لا يرى من جلده شيء استحياء منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل، فقالوا: ما يتستر هذ التستر إلا من عيب في جلده، إما برص، وإما أدرة، وإما آفة. وإن الله عز وجل أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى عليه السلام، فخلا يوماً وحده، فخلع ثيابه على حجر، ثم اغتسل، فلما فرغ، أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وإن الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه، وطلب الحجر، فجعل يقول: ثوبي حجر ثوبي حجر حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل، فرأوه عرياناً أحسن ما خلق الله عز وجل، وأبرأه مما يقولون. وقام الحجر، فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضرباً بعصاه، فوالله إن بالحجر لندباً من أثر ضربه ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً ــــ قال ــــ فذلك قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً } " وهذا سياق حسن مطول، وهذا الحديث من إفراد البخاري دون مسلم...

وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا روح بن حاتم وأحمد بن المعلى الآدمي قالا: حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كان موسى عليه السلام رجلاً حيياً، وإنه أتى ــــ أحسبه قال: الماء ــــ ليغتسل، فوضع ثيابه على صخرة، وكان لا يكاد تبدو عورته، فقال بنو إسرائيل: إن موسى آدر أو به آفة ــــ يعنون: أنه لا يضع ثيابه ــــ فاحتملت الصخرة ثيابه حتى صارت بحذاء مجالس بني إسرائيل، فنظروا إلى موسى كأحسن الرجال ــــ أو كما قال ــــ فذلك قوله: { فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً } "...

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم قسماً، فقال رجل من الأنصار: إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله قال: فقلت: ياعدو الله أما لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قلت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فاحمر وجهه ثم قال: " رحمة الله على موسى، لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر " أخرجاه في " الصحيحين " من حديث سليمان بن مهران الأعمش به.
 
الجوهرة الثانية والثمانون بعد المائة

{ فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ }

قال ابن كثير


وقد قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: " أما إنكم ستعرضون على ربكم، فترونه كما ترون هذا القمر، لا تضامون فيه، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا " ثم قرأ: { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ } ورواه البخاري ومسلم وبقية الجماعة من حديث إسماعيل به.
 
الجوهرة الثالثة والثمانون بعد المائة

{ وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ ٱلسُّجُودِ }

قال ابن كثير

وَأَدْبَـٰرَ ٱلسُّجُودِ } قال ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما: هو التسبيح بعد الصلاة. ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: جاء فقراء المهاجرين فقالوا: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " وما ذاك؟ " قالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق. قال صلى الله عليه وسلم: " أفلا أعلمكم شيئاً إذا فعلتموه سبقتم من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من فعل مثل ما فعلتم؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين " قال: فقالوا: يا رسول الله سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا، ففعلوا مثله، فقال صلى الله عليه وسلم: " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء "

والقول الثاني: أن المراد بقوله تعالى: { وَأَدْبَـٰرَ ٱلسُّجُودِ } هما الركعتان بعد المغرب، وروي ذلك عن عمر وعلي وابنه الحسن وابن عباس وأبي هريرة وأبي أمامة رضي الله عنهم، وبه يقول مجاهد وعكرمة والشعبي والنخعي والحسن وقتادة وغيرهم.

قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع وعبد الرحمن عن سفيان عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على أثر كل صلاة مكتوبة ركعتين، إلا الفجر والعصر، وقال عبد الرحمن: دبر كل صلاة. ورواه أبو داود والنسائي من حديث سفيان الثوري به، زاد النسائي ومطرف عن أبي إسحاق به. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني، حدثنا ابن فضيل عن رشدين بن كريب عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بت ليلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين خفيفتين اللتين قبل الفجر، ثم خرج إلى الصلاة، فقال: " يا ابن عباس ركعتين قبل صلاة الفجر إدبار النجوم، وركعتين بعد المغرب إدبار السجود " ورواه الترمذي عن أبي هشام الرفاعي عن محمد بن فضيل به. وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وحديث ابن عباس رضي الله عنهما، وأنه بات في بيت خالته ميمونة رضي الله عنها، وصلى تلك الليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة، ثابت في الصحيحين وغيرهما. فأما هذه الزيادة، فغريبة لا تعرف إلا من هذا الوجه، ورشدين بن كريب ضعيف، ولعله من كلام ابن عباس رضي الله عنهما موقوفاً عليه، والله أعلم.
 
الجوهرة الرابعة والثمانون بعد المائة

وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ } * { وَٱصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ }

قال ابن كثير فى تفسيره:

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: { وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ } قال: يعني: الصبح والمغرب، وكذا قال الحسن وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقال الحسن في رواية، وقتادة والضحاك وغيرهم: هي الصبح والعصر. وقال مجاهد: هي الصبح في أول النهار، والظهر والعصر من آخره وكذا قال محمد بن كعب القرظي والضحاك في رواية عنهـ قوله: { وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ } قال ابن عباس ومجاهد والحسن وغيرهم: يعني: صلاة العشاء. وقال الحسن في رواية ابن المبارك: عن مبارك بن فضالة عنه: { وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ } يعني: المغرب والعشاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هما زلفتا الليل: المغرب والعشاء " وكذا قال مجاهد ومحمد بن كعب وقتادة والضحاك: إنها صلاة المغرب والعشاء، وقد يحتمل أن تكون هذه الآية نزلت قبل فرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء، فإنه إنما كان يجب من الصلاة صلاتان: صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها، وفي أثناء الليل قيام عليه وعلى الأمة، ثم نسخ في حق الأمة، وثبت وجوبه عليه، ثم نسخ عنه أيضاً في قول، والله أعلم.

وقوله: { إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَـٰتِ } يقول: إن فعل الخيرات يكفر الذنوب السالفة؛ كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: كنت إذا سمعت من رسول الله حديثاً، نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه، وإذا حدثني عنه أحد، استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من مسلم يذنب ذنباً، فيتوضأ ويصلي ركعتين، إلا غفر له "

وفي الصحيحين عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان أنه توضأ لهم كوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ، وقال: " من توضأ وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه " وروى الإمام أحمد وأبو جعفر بن جرير من حديث أبي عقيل زهرة بن معبد: أنه سمع الحارث مولى عثمان يقول: جلس عثمان يوماً، وجلسنا معه، فجاءه المؤذن، فدعا عثمان بماء في إِناء، أظنه سيكون فيه قدر مد، فتوضأ ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وضوئي هذا، ثم قال: " من توضأ وضوئي هذا، ثم قام فصلى صلاة الظهر، غفر له ما بينه وبين صلاة الصبح، ثم صلى العصر، غفر له ما بينه وبين صلاة الظهر، ثم صلى المغرب، غفر له ما بينه وبين صلاة العصر، ثم صلى العشاء، غفر له ما بينه وبين صلاة المغرب، ثم لعله يبيت يتمرغ ليلته، ثم إِن قام فتوضأ، وصلى الصبح، غفر له ما بينها وبين صلاة العشاء، وهن الحسنات يذهبن السيئات "

وفي الصحيح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أرأيتم لو أن بباب أحدكم نهراً غمراً يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء " ؟ قالوا: لا يا رسول الله قال: " كذلك الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الذنوب والخطايا "

وقال مسلم في صحيحه: حدثنا أبو الطاهر وهارون ابن سعيد قالا: حدثنا ابن وهب عن أبي صخر: أن عمر بن إسحاق مولى زائدة حدثه عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " الصلوات الخمس، والجمعة إِلى الجمعة، ورمضان إِلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر " وقال الإمام أحمد: حدثنا الحكم بن نافع، حدثنا إِسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد: أن أبا رُهْم السمعي كان يحدث: أن أبا أيوب الأنصاري حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " إِن كل صلاة تحط ما بين يديهامن خطيئة " وقال أبو جعفر بن جرير: حدثنا محمد بن عوف حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا أبي عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " جعلت الصلوات كفارات لما بينهن " فإِن الله قال: { إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَـٰتِ }.

ملحوظة

هذه الاوقات فى الاية جاءت فى حديث

( إن الدين يسر ، ولن يشاد الدين إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا ابشروا ، استعينوا بالغدوة والروحة وشيءٍ من الدلجة )
 
الجوهرة الخامسة والثمانون بعد المائة

{ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ }

قال ابن كثير فى تفسيره:

{ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } قال بعضهم: معنى وتجعلون رزقكم: بمعنى: شكركم، أنكم تكذبون، أي: تكذبون بدل الشكر، وقد روي عن علي وابن عباس أنهما قرآها: (وتجعلون شكركم أنكم تكذبون) كما سيأتي. وقال ابن جرير: وقد ذكر عن الهيثم بن عدي أن من لغة أزدشنوءة: ما رزق فلان، بمعنى: ما شكر فلان.

وقال الإمام أحمد: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا إسرائيل عن عبد الأعلى عن أبي عبد الرحمن عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وتجعلون رزقكم، يقول: شكركم أنكم تكذبون، وتقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، بنجم كذا وكذا "...

وقال مالك في الموطأ: عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن زيد بن خالد الجهني: أنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في أثر سماء كانت في الليل، فلما انصرف، أقبل على الناس، فقال: " هل تدرون ماذا قال ربكم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي، ومؤمن بالكوكب " أخرجاه في الصحيحين، وأبو داود والنسائي، كلهم من حديث مالك به.

وقال مسلم: حدثنا محمد بن سلمة المرادي وعمرو بن سواد، حدثنا عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث: أن أبا يونس حدثه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما أنزل الله من السماء من بركة، إلا أصبح فريق من الناس بها كافرين، ينزل الغيث، فيقولون: بكوكب كذا وكذا " انفرد به مسلم من هذا الوجه. وقال ابن جرير: حدثني يونس، أخبرنا سفيان عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله ليصبح القوم بالنعمة، أو يمسيهم بها، فيصبح بها قوم كافرين، يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا "

وقال ابن جرير: حدثني يونس، أخبرنا سفيان عن إسماعيل بن أمية فيما أحسبه، أو غيره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً، ومطروا، يقول: مطرنا ببعض عثانين الأسد، فقال: " كذبت، بل هو رزق الله " ثم قال ابن جرير: حدثني أبو صالح الصراري، حدثنا أبو جابر محمد بن عبد الملك الأزدي، حدثنا جعفر بن الزبير عن القاسم، عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما مطر قوم من ليلة، إلا أصبح قوم بها كافرين ــــ ثم قال: ــــ { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } يقول قائل: مطرنا بنجم كذا وكذا " وفي حديث عن أبي سعيد مرفوعاً: " لو قحط الناس سبع سنين، ثم أمطروا، لقالوا: مطرنا بنوء المجدع " وقال مجاهد { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } قال: قولهم في الأنواء: مطرنا بنوء كذا، وبنوء كذا، يقول: قولوا: هو من عند الله، وهو رزقه، وهكذا قال الضحاك وغير واحد، وقال قتادة: أما الحسن، فكان يقول: بئس ما أخذ قوم لأنفسهم لم يرزقوا من كتاب الله إلا التكذيب، فمعنى قول الحسن هذا: وتجعلون حظكم من كتاب الله أنكم تكذبون به، ولهذا قال قبله: { أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ }.
 
الجوهرة السادسة والثمانون بعد المائة

فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ } * { وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } * { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ }

قال ابن كثير فى تفسيره:

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا صفوان بن صالح الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا زهير بن محمد، حدثني من سمع أبا العالية الرياحي يحدث عن أبي بن كعب قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسنى قال:" الحسنى: الجنة "...

قال البخاري: حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بقيع الغرقد في جنازة فقال: " ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة، ومقعده من النار " فقالوا: يا رسول الله أفلا نتكل؟ فقال: " اعملوا، فكل ميسر لما خلق له "ثم قرأ: { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ ــــ إلى قوله ــــ لِلْعُسْرَىٰ }

(حديث آخر) قال ابن جرير: حدثني الحسن بن سلمة بن أبي كبشة، حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا عباد بن راشد عن قتادة، حدثني خليد العصري عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من يوم غربت فيه شمسه، إلا وبجنبتيها ملكان يناديان، يسمعهما خلق الله كلهم إلا الثقلين: اللهم أعط منفقاً خلفاً، وأعط ممسكاً تلفاً "وأنزل الله في ذلك القرآن: { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَٱسْتَغْنَىٰ وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ } ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن ابن أبي كبشة بإسناده مثله.
 
الجوهرة السابعة والثمانون بعد المائة

{ وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ }

قال ابن كثير فى تفسيره:

{ وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ } أي: جمع المال بعضه على بعض فأوعاه، أي: أوكاه، ومنع حق الله منه؛ من الواجب عليه في النفقات ومن إخراج الزكاة،

وقد ورد في الحديث:" لا توعى فيوعى الله عليك " وكان عبد الله بن عكيم لا يربط له كيساً، ويقول: سمعت الله يقول: { وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ } وقال الحسن البصري: يابن آدم سمعت وعيد الله، ثم أوعيت الدنيا. وقال قتادة في قوله: { وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ } قال: كان جموعاً قموماً للخبيث.

{ ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ }

جاء فی الحديث

مَهلًا يا عائشةُ لا تُحصي فيُحصيَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ عليكِ
 
الجوهرة الثامنة والثمانون بعد المائة

{ يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ }

قال ابن كثير فى تفسيره:

وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا عيينة عن يزيد بن الصرم قال: سمعت علياً رضي الله عنه يقول: مات رجل من أهل الصفة، وترك دينارين أو درهمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كيتان، صلوا على صاحبكم " وقد روي هذا من طرق أخر، وقال قتادة: عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة صدي بن عجلان قال: مات رجل من أهل الصفة، فوجد في مئزره دينار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كية " ، ثم توفي رجل في مئزره ديناران، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كيتان "

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو النضر إسحاق بن إبراهيم الفراديسي، حدثنا معاوية بن يحيى الاطرابلسي، حدثني أرطاة، حدثني أبو عامر الهوزني، سمعت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما من رجل يموت وعنده أحمر أو أبيض، إلا جعل الله بكل قيراط صفحة من نار يكوى بها من قدمه إلى ذقنه "
 
الجوهرة التاسعة والثمانون بعد المائة

وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ }

قال ابن كثير فى تفسيره:

(الحديث الأول) قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا عبد الله بن نمير، عن الأعمش عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما أنزل الله عز وجل: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } أتى النبي صلى الله عليه وسلم الصفا، فصعد عليه ثم نادى: " يا صباحاه " فاجتمع الناس إليه، بين رجل يجيء إليه، وبين رجل يبعث رسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا بني عبد المطلب، يا بني فهر، يا بني لؤي، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح هذا الجبل، تريد أن تغير عليكم، صدقتموني؟ " قالوا: نعم. قال: " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " فقال أبو لهب: تباً لك سائر اليوم، أما دعوتنا إلا لهذا؟ وأنزل الله:
{ تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ }
[المسد: 1]، ورواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي من طرق عن الأعمش به.

(الحديث الثاني) قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة قالت: لما نزلت: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " يا فاطمة بنة محمد، يا صفية بنة عبد المطلب، يا بني عبد المطلب، لا أملك لكم من الله شيئاً، سلوني من مالي ما شئتم " انفرد بإخراجه مسلم.

(الحديث الثالث) قال الإمام أحمد: حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، حدثنا عبد الملك بن عمير عن موسى بن طلحة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً، فعم وخص، فقال:" يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر بني كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر بني مناف أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار، فإني والله لا أملك لكم من الله شيئاً، إلا أن لكم رحماً سأبلها ببلالها "...

وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الواحد الدمشقي من طريق عمرو بن سمرة، عن محمد بن سوقة عن عبد الواحد الدمشقي قال: رأيت أبا الدرداء رضي الله عنه يحدث الناس ويفتيهم، وولده إلى جنبه، وأهل بيته جلوس في جانب المسجد يتحدثون، فقيل له: ما بال الناس يرغبون فيما عندك من العلم، وأهل بيتك جلوس لاهين؟ فقال: لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أزهد الناس في الدنيا الأنبياء، وأشدهم عليهم الأقربون " وذلك فيما أنزل الله عز وجل، قال تعالى: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } ــــ إلى قوله ــــ { فَإِن ْعَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّى بَرِىۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ }.
 
الجوهرة التسعون بعد المائة

{ لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ ٱللَّهِ وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ }

قال ابن كثير فى تفسيره:

وقوله: { وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ ٱللَّهِ } قال الحسن البصري: نفقة المؤمن لنفسه، ولا ينفق المؤمن إذا أنفق إلا ابتغاء وجه الله. وقال عطاء الخراساني: يعني: إذا أعطيت لوجه الله فلا عليك ما كان عمله. وهذا معنى حسن، وحاصله أن المتصدق إذا تصدق ابتغاء وجه الله، فقد وقع أجره على الله، ولا عليه في نفس الأمر لمن أصاب؛ ألبرّ أو فاجر، أو مستحق أو غيره، وهو مثاب على قصده، ومستند هذا تمام الآية: { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } والحديث المخرج في الصحيحين من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال رجل: لأتصدقنَّ الليلة بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد زانية، فأصبح الناس يتحدثون: تصدق على زانية، فقال: اللهم لك الحمد، على زانية؟ لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على غني، قال: اللهم لك الحمد، على غني؟ لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على سارق، فقال: اللهم لك الحمد، على زانية، وعلى غني، وعلى سارق؟ فأتي فقيل له: أما صدقتك، فقد قبلت، وأما الزانية، فلعلها أن تستعف بها عن زناها، ولعل الغني يعتبر فينفق مما أعطاه الله، ولعل السارق أن يستعف بها عن سرقته ".

{ لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي ٱلأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ }

قال ابن كثير فى تفسيره:

وقوله: { يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ } أي: الجاهل بأمرهم وحالهم يحسبهم أغنياء من تعففهم في لباسهم وحالهم ومقالهم، وفي هذا المعنى الحديث المتفق على صحته عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس المسكين بهذا الطواف الذي ترده التمرة والتمرتان، واللقمة واللقمتان، والأكلة والأكلتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنىً يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يسأل الناس شيئاً " رواه أحمد من حديث ابن مسعود أيضاً.


قال البخاري: حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شريك بن أبي نمر: أن عطاء بن يسار وعبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري، قالا: سمعنا أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان، ولا اللقمة واللقمتان، إنما المسكين الذي يتعفف، اقرؤوا إن شئتم، يعني: قوله: { لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافًا } " وقد رواه مسلم من حديث إسماعيل بن جعفر المديني، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار وحده، عن أبي هريرة به، وقال أبو عبد الرحمن النسائي: أخبرنا علي بن حجر، حدثنا إسماعيل، أخبرنا شريك، وهو ابن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة به، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان، واللقمة واللقمتان، إنما المسكين المتعفف، اقرؤوا إن شئتم { لاَ يَسْـأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافًا }

وقال أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن رجل من بني أسد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سأل وله أوقية أو عدلها، فقد سأل إلحافاً "

وقال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان عن حكيم بن جبير، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من سأل، وله ما يغنيه، جاءت مسألته يوم القيامة خدوشاً أو كدوحاً في وجهه

{ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

وقوله: { ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَٰلَهُمْ بِٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُم عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } هذا مدح منه تعالى للمنفقين في سبيله وابتغاء مرضاته في جميع الأوقات؛ من ليل ونهار، والأحوال؛ من سر وجهر، حتى أن النفقة على الأهل تدخل في ذلك أيضاً، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسعد بن أبي وقاص حين عاده مريضاً عام الفتح، وفي رواية: عام حجة الوداع: " وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا ازددت بها درجة ورفعة، حتى ما تجعل في في امرأتك " وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر وبهز، قال: حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت، قال: سمعت عبد الله بن يزيد الأنصاري يحدث عن أبي مسعود رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن المسلم إذا أنفق على أهله نفقة يحتسبها كانت له صدقة "
 
الجوهرة الواحدة والتسعون بعد المائة

خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَٰوتَك سَكَنٌ لَّهُمْ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

قال ابن كثير فى تفسيره:

وقوله: { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ } أي: ادع لهم، واستغفر لهم؛ كما رواه مسلم في صحيحه: عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتي بصدقة قوم، صلى عليهم، فأتاه أبي بصدقته، فقال: " اللهم صل على آل أبي أوفى " وفي الحديث الآخر: أن امرأة قالت: يا رسول الله صل عليّ وعلى زوجي، فقال: " صلى الله عليك وعلى زوجك "
 
الجوهرة الثانية والتسعون بعد المائة

ٱلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي ٱلْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُونِ يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ }

قال ابن كثير فى تفسيره:

وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي حازم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حج هذا البيت، فلم يرفث ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه "

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا عبدان، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا مروان بن معاوية عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من يتزود في الدنيا ينفعه في الآخرة " وقال مقاتل بن حيان: لما نزلت هذه الآية: { وَتَزَوَّدُواْ } ، قام رجل من فقراء المسلمين فقال: يا رسول الله ما نجد ما نتزوده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تزود ما تكفّ به وجهك عن الناس، وخير ما تزودتم التقوى " رواه ابن أبي حاتم،
 
الحوهرة الثالثة والتسعون بعد المائة

{ وَٱلْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ ٱللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَانِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ كَذٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

قال ابن كثير فى تفسيره:

وقوله: { لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ } أي: ثواب في الدار الآخرة، وعن سليمان بن يزيد الكعبي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إهراق دم. وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفساً " رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه، وقال سفيان الثوري: كان أبو حاتم يستدين ويسوق البدن، فقيل له: تستدين وتسوق البدن؟ فقال: إني سمعت الله يقول لكم: { لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ }. وعن ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أنفقت الورق في شيء أفضل من نحيرة في يوم عيد " رواه الدارقطني في " سننه ". وقال مجاهد: { لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ } قال: أجر ومنافع، وقال إبراهيم النخعي: يركبها ويحلبها إذا احتاج إليها.

ملحوظة

جاء فى صحيح البخارى

باب ركوب البدن لقوله والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين قال مجاهد سميت البدن لبدنها والقانع السائل والمعتر الذي يعتر بالبدن من غني أو فقير وشعائر استعظام البدن واستحسانها والعتيق عتقه من الجبابرة ويقال وجبت سقطت إلى الأرض ومنه وجبت الشمس

حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة فقال اركبها فقال إنها بدنة فقال اركبها قال إنها بدنة قال اركبها ويلك في الثالثة أو في الثانية

ملحوظة

جاء فی الحديث

فِي بُدْنِ التَّطَوُّعِ‏:‏ إِذَا عطب قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْحَرَمَ فَانْحَرْهَا، ثُمَّ اغْمِسْ يَدَكَ فِي دمها، ثُمَّ اضْرِبْ صَفْحَتَهَا، وَلا تَأْكُلْ مِنْهَا، فَإِنْ أَكَلْتَ مِنْهَا غُرِّمْتَهَا‏.‏
 
الجوهرة الرابعة والتسعون بعد المائة

وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ ٱلْحَوَايَآ أَوْ مَا ٱخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذٰلِكَ جَزَيْنَٰهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَٰدِقُونَ }

جاء فى الحديث الصحيح

قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم عليهم شحومها، جملوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه
 
الجوهرة الخامسة والتسعون بعد المائة

{ وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ للَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجِّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

قال ابن كثير فى تفسيره:

قال البخاري: حدثنا آدم، حدثنا شعبة عن عبد الرحمن بن الأصبهاني، سمعت عبد الله بن معقل قال: قعدت إلى كعب ابن عجرة في هذا المسجد ـ يعني مسجد الكوفة ـ فسألته عن فدية من صيام، فقال: حملت إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي، فقال: " ما كنت أرى أن الجهد بلغ بك هذا، أما تجد شاة " ؟ قلت: لا، قال: " صم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من طعام، واحلق رأسك " فنزلت فيّ خاصة، وهي لكم عامة
 
الجوهرة السادسة والتسعون بعد المائة

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـٰئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

وقال ابن كثير فى تفسيره:


وقد وردت أحاديث تتعلق بهذه الآية الكريمة، فلنذكر منها ما تيسر:

(الحديث الأول) قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا شعبة، قال: علي بن مدرك: أخبرني، قال: سمعت أبا زرعة عن خرشة بن الحر، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم " قلت: يا رسول الله، من هم؟ خسروا وخابوا. قال: وأعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، قال: " المسبل، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب، والمنان " ، ورواه مسلم وأهل السنن من حديث شعبة به.

(طريق أخرى) قال أحمد: حدثنا إسماعيل عن الجريري، عن أبي العلاء بن الشخير، عن أبي الأحمس، قال: لقيت أباذر، فقلت له: بلغني عنك أنك تحدث حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أما إنه لا يخالني أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعدما سمعته منه، فما الذي بلغك عني؟ قلت: بلغني أنك تقول: ثلاثة يحبهم الله، وثلاثة يشنؤهم الله. قال: قلته وسمعته، قلت: فمن هؤلاء الذين يحبهم الله؟ قال: " الرجل يلقى العدو في فئة، فينصب لهم نحره حتى يقتل أو يفتح لأصحابه، والقوم يسافرون فيطول سراهم حتى يحنُّوا أن يمسوا الأرض، فينزلون، فيتنحى أحدهم يصلي حتى يوقظهم لرحيلهم، والرجل يكون له الجار يؤذيه، فيصبر على أذاه حتى يفرق بينهما موت أو ظعن " قلت: من هؤلاء الذين يشنؤهم الله؟ قال: " التاجر الحلاف، أو قال: البائع الحلاف، والفقير المحتال، والبخيل المنان " غريب من هذا الوجه.

(الحديث الثاني) قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، عن جربر بن حازم، حدثنا عدي بن عدي، أخبرني رجاء بن حيوة والعرس بن عميرة، عن أبيه عدي، هو ابن عميرة الكندي، قال: خاصم رجل من كندة، يقال له: امرؤ القيس بن عابس، رجلاً من حضرموت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض، فقضى على الحضرمي بالبينة، فلم يكن له بينة، فقضى على امرىء القيس باليمين، فقال الحضرمي: إن أمكنته من اليمين يا رسول الله ذهبت ورب الكعبة أرضي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين كاذبة؛ ليقتطع بها مال أحد، لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان " قال رجاء: وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَـٰنِهِمْ ثَمَنًا قَلِيًلا } فقال امرؤ القيس: ماذا لمن تركها يا رسول الله؟ فقال: " الجنة " قال: فاشهد أني قد تركتها له كلها، ورواه النسائي من حديث عدي بن عدي به.

(الحديث الثالث) قال أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من حلف على يمين هو فيها فاجر، ليقتطع بها مالَ امرىء مسلم، لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان " فقال الأشعث: فيَّ والله كان ذلك؛ كان بيني وبين رجل من اليهود أرض، فجحدني أرضي، فقدمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألك بينة؟ " قلت: لا. فقال لليهودي: " احلف " فقلت: يا رسول الله، إذاً يحلف فيذهب مالي. فأنزل الله عز وجل: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَـٰنِهِمْ ثَمَنًا قَلِيًلا } الآية، أخرجاه من حديث الأعمش.

(طريق أخرى) قال أحمد: حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود، عن شقيق بن سلمة، حدثنا عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من اقتطع مال امرىء مسلم بغير حق، لقي الله وهو عليه غضبان " قال: فجاء الأشعث بن قيس، فقال: ما يحدثكم أبو عبد الرحمن؟ فحدثناه، فقال: فيَّ كان هذا الحديث، خاصمت ابن عم لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بئر كانت لي في يده، فجحدني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بينتك أنها بئرك وإلا فيمينه " قال: قلت: يا رسول الله، ما لي بينة، وإن تجعلها بيمينه تذهب بئري، إن خصمي امرؤ فاجر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من اقتطع مال امرىء مسلم بغير حق، لقي الله وهو عليه غضبان " قال: وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَـٰنِهِمْ ثَمَنًا قَلِيًلا } الآية.

(الحديث الرابع) قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن غيلان، قال: حدثنا رِشْدين، عن زَبَّان، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:" إن لله تعالى عباداً لا يكلمهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم " قيل: ومن أولئك يا رسول الله؟ قال: " متبرىء من والديه راغب عنهما، ومتبرىء من ولده، ورجل أنعم عليه قوم، فكفر نعمتهم، وتبرأ منهم ".

(الحديث الخامس) قال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا هشيم، أنبأنا العوام، يعني: ابن حوشب، عن إبراهيم بن عبد الرحمن، يعني: السكسكي، عن عبد الله بن أبي أوفى، أن رجلاً أقام سلعة له في السوق، فحلف بالله لقد أعطي بها ما لم يعطه ليوقع فيها رجلاً من المسلمين، فنزلت هذه الآية: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَـٰنِهِمْ ثَمَنًا قَلِيًلا } الآية، ورواه البخاري من غير وجه عن العوام.

(الحديث السادس) قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: رجل منع ابن السبيل فضل ماء عنده، ورجل حلف على سلعة بعد العصر، يعني: كاذباً، ورجل بايع إماماً، فإن أعطاه وفى له، وإن لم يعطه لم يف له " ورواه أبو داود والترمذي من حديث وكيع، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
 
الجوهرة السابعة والتسعون بعد المائة

ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوۤاْ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً }

قال ابن كثير فى تفسيره:

وفي الصحيح: " والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إِليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين " وفي الصحيح أيضاً: أن عمر رضي الله عنه قال: يا رسول الله والله لأنت أحب إِلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال صلى الله عليه وسلم " لا يا عمر حتى أكون أحب إِليك من نفسك " فقال: يا رسول الله والله لأنت أحب إِلي من كل شيء حتى من نفسي، فقال صلى الله عليه وسلم " الآن ياعمر " ولهذا قال تعالى في هذه الآية: { ٱلنَّبِىُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ }.

وقال البخاري عند هذه الآية الكريمة: حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا محمد بن فليح، حدثنا أبي عن هلال بن علي عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من مؤمن إِلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة، اقرؤوا إِن شئتم: { ٱلنَّبِىُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } ، فأيما مؤمن ترك مالاً، فليرثه عصبته من كانوا، وإِن ترك ديناً أو ضياعاً، فليأتني، فأنا مولاه " تفرد به البخاري، ورواه أيضاً في الاستقراض، وابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن فليح به مثله، ورواه أحمد من حديث أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في قوله: { ٱلنَّبِىُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: " أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، فأيما رجل مات وترك ديناً، فإِليّ، ومن ترك مالاً، فهو لورثته " ورواه أبو داود عن أحمد بن حنبل به نحوه.
 
الجوهرة الثامنة والتسعون بعد المائة

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أُوْلَـٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ ٱلأَشْهَادُ هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ }

قال ابن كثير فى تفسيره:

قال الإمام أحمد: حدثنا بهز وعفان، أخبرنا همام، حدثنا قتادة عن صفوان بن محرز قال: كنت آخذاً بيد ابن عمر، إذ عرض له رجل قال: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى يوم القيامة؟ قال: سمعته يقول: " إن الله عز وجل يدني المؤمن، فيضع عليه كنفه، ويستره من الناس، ويقرره بذنوبه، ويقول له: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ حتى إذا قرره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه قد هلك، قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا، وإني أغفرها لك اليوم " ثم يعطى كتاب حسناته، وأما الكفار والمنافقون، فيقول: { ٱلأَشْهَادُ هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ } الآية، أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث قتادة به
 
الجوهرة التاسعة والتسعون بعد المائة

وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ }

جاء فى الحديث
" إن أبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخصم "
 
الجوهرة المائتان

وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يٰأَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بَيۤ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجْنِ وَجَآءَ بِكُمْ مِّنَ ٱلْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِيۤ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ }

قيل ابوية ابوه وخالته جاء فى الحديث الصحيح

الخالة بمنزلة الام

والله اعلم
 
عودة
أعلى