أسامة محمد خيري
New member
الجوهرة الواحدة والخمسون بعد الثلاثمائة
أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } * { حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ } * { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} * { كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ } * { لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ } * { ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ } * { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ }
قال ابن كثير فى تفسيره:
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا زكريا بن يحيى الوقار المصري، حدثني خالد بن عبد الدائم عن ابن زيد بن أسلم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألهاكم التكاثر ــــ عن الطاعة ــــ حتى زرتم المقابر ــــ حتى يأتيكم الموت " وقال الحسن البصري: { أَلْهَـٰكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } في الأموال والأولاد. وفي صحيح البخاري في الرقاق منه: وقال: أخبرنا أبو الوليد، حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك عن أبي بن كعب قال: كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت: { أَلْهَـٰكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } يعني: " لو كان لابن آدم واد من ذهب " وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، سمعت قتادة يحدث عن مطرف، يعني: ابن عبد الله بن الشخير، عن أبيه قال: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: " { أَلْهَـٰكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟ " ورواه مسلم والترمذي والنسائي من طريق شعبة به، وقال مسلم في صحيحه: حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا حفص بن ميسرة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول العبد: مالي مالي، وإنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو تصدق فأمضى، وما سوى ذلك فذاهب، وتاركه للناس " تفرد به مسلم.
وقال البخاري: حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، سمع أنس بن مالك يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يتبع الميت ثلاثة، فيرجع اثنان، ويبقى معه واحد: يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله " وكذا رواه مسلم والترمذي والنسائي من حديث سفيان بن عيينة به، وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى عن شعبة، حدثنا قتادة عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يهرم ابن آدم، ويبقى منه اثنتان: الحرص والأمل " أخرجاه في الصحيحين..
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا زكريا بن يحيى الخزاز المقري، حدثنا عبد الله بن عيسى أبو خالد الخزاز، حدثنا يونس بن عبيد عن عكرمة عن ابن عباس: أنه سمع عمر بن الخطاب يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الظهيرة، فوجد أبا بكر في المسجد، فقال: " ما أخرجك هذه الساعة؟ " فقال: أخرجني الذي أخرجك يا رسول الله قال: وجاء عمر بن الخطاب فقال: " ما أخرجك يابن الخطاب؟ " قال: أخرجني الذي أخرجكما، قال: فقعد عمر، وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثهما، ثم قال: " هل بكما من قوة تنطلقان إلى هذا النخل فتصيبان طعاماً وشراباً وظلاً؟ " قلنا: نعم. قال: " مروا بنا إلى منزل ابن التيهان أبي الهيثم الأنصاري " قال: فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيدينا، فسلم واستأذن ثلاث مرات، وأم الهيثم من وراء الباب تسمع الكلام، تريد أن يزيدها رسول الله صلى الله عليه وسلم من السلام، فلما أراد أن ينصرف، خرجت أم الهيثم تسعى خلفهم، فقالت: يا رسول الله قد والله سمعت تسليمك، ولكن أردت أن تزيدني من سلامك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خيراً " ثم قال: " أين أبو الهيثم لا أراه؟ " قالت: يا رسول الله هو قريب، ذهب يستعذب الماء، ادخلوا فإنه يأتي الساعة إن شاء الله، فبسطت بساطاً تحت شجرة، فجاء أبو الهيثم، ففرح بهم وقرّت عيناه بهم، فصعد على نخلة، فصرم لهم أعذاقاً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حسبك يا أبا الهيثم " فقال: يا رسول الله تأكلون من بسره ومن رطبه ومن تذنوبه، ثم أتاهم بماء فشربوا عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هذا من النعيم الذي تسألون عنه " ، هذا غريب من هذا الوجه.
وقال ابن جرير: حدثني الحسين بن علي الصدائي، حدثنا الوليد بن القاسم عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما أبو بكر وعمر جالسان، إذ جاءهما النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" ما أجلسكما ههنا؟ " قالا: والذي بعثك بالحق ما أخرجنا من بيوتنا إلا الجوع. قال: " والذي بعثني بالحق ما أخرجني غيره " فانطلقوا حتى أتوا بيت رجل من الأنصار، فاستقبلتهم المرأة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:" أين فلان؟ " فقالت: ذهب يستعذب لنا ماء، فجاء صاحبهم يحمل قربته فقال: مرحباً، ما زار العباد شيء أفضل من نبي زارني اليوم، فعلق قربته بقرب نخلة، وانطلق فجاءهم بعذق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ألا كنت اجتنيت؟ " فقال: أحببت أن تكونوا الذين تختارون على أعينكم، ثم أخذ الشفرة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " إياك والحلوب " فذبح لهم يومئذ، فأكلوا، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: " لتسألن عن هذا يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، فلم ترجعوا حتى أصبتم هذا، فهذا من النعيم " ورواه مسلم من حديث يزيد بن كيسان به، ورواه أبو يعلى وابن ماجه من حديث المحاربي عن يحيى بن عبيد الله عن أبيه عن أبي هريرة عن أبي بكر الصديق به، وقد رواه أهل السنن الأربعة من حديث عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه بنحو من هذا السياق وهذه القصة.
وقال الإمام أحمد: حدثنا سريج، حدثنا حشرج عن أبي نُصرة عن أبي عسيب، يعني: مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلاً، فمر بي فدعاني، فخرجت إليه، ثم مر بأبي بكر، فدعاه فخرج إليه، ثم مر بعمر، فدعاه فخرج إليه، فانطلق حتى دخل حائطاً لبعض الأنصار، فقال لصاحب الحائط: " أطعمنا بسراً " فجاء بعذق، فوضعه، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ثم دعا بماء بارد فشرب وقال: " لتسألن عن هذا يوم القيامة " قال: فأخذ عمر العذق، فضرب به الأرض حتى تناثر البسر قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا رسول الله إنا لمسؤولون عن هذا يوم القيامة؟ قال: " نعم إلا من ثلاثة: خرقة لف بها الرجل عورته، أو كسرة سد بها جوعته، أو جحر يدخل فيه من الحر والقر " تفرد به أحمد، وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد، حدثنا عمار، سمعت جابر بن عبد الله يقول: أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رطباً، وشربوا ماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هذا من النعيم الذي تسألون عنه "
ورواه النسائي من حديث حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن جابر به، وقال الإمام أحمد: حدثنا أحمد، حدثنا يزيد، حدثنا محمد بن عمرو عن صفوان بن سليم عن محمود بن الربيع قال: لما نزلت: { أَلْهَـٰكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } ، فقرأ حتى بلغ: { لَتُسْـئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } قالوا: يا رسول الله عن أي نعيم نسأل؟ وإنما هما الأسودان الماء والتمر، وسيوفنا على رقابنا، والعدو حاضر، فعن أي نعيم نسأل؟ قال: " أما إن ذلك سيكون ". وقال أحمد: حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو، حدثنا عبد الله بن سليمان، حدثنا معاذ بن عبد الله بن حبيب، عن أبيه عن عمه قال: كنا في مجلس، فطلع علينا النبي صلى الله عليه وسلم وعلى رأسه أثر ماء، فقلنا: يا رسول الله نراك طيب النفس، قال: " أجل " ثم خاض الناس في ذكر الغنى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لابأس بالغنى لمن اتقى الله، والصحة لمن اتقى الله خير من الغنى، وطيب النفس من النعيم " ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن خالد بن مخلد عن عبد الله بن سليمان به. وقال الترمذي: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا شبابة عن عبد الله بن العلاء عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عزرب الأشقري قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن أول ما يسأل عنه ــــ يعني يوم القيامة ــــ العبد من النعيم أن يقال له: ألم نصح لك بدنك؟ ونروك من الماء البارد؟ " تفرد به الترمذي، ورواه ابن حبان في صحيحه من طريق الوليد بن مسلم عن عبد الله بن العلاء بن زبر به.وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني عن ابن أبي ليلى، أظنه عن عامر، عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: { ثُمَّ لَتُسْـئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } قال: " الأمن والصحة " وقال زيد بن أسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " { ثُمَّ لَتُسْـئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } يعني: شبع البطون، وبارد الشراب، وظلال المساكن، واعتدال الخلق، ولذة النوم " ورواه ابن أبي حاتم بإسناده المتقدم عنه في أول السورة. وقال سعيد بن جبير: حتى عن شربة عسل. وقال مجاهد: عن كل لذة من لذات الدنيا، وقال الحسن البصري: من النعيم: الغداء والعشاء. وقال أبو قلابة. من النعيم: أكل السمن والعسل بالخبز النقي. وقول مجاهد أشمل هذه الأقوال. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: { ثُمَّ لَتُسْـئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } قال: النعيم: صحة الأبدان والأسماع والأبصار، يسأل الله العباد فيمَ استعملوها، وهو أعلم بذلك منهم، وهو قوله تعالى:
{ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }
[الإسراء: 36].
وثبت في صحيح البخاري وسنن الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ " ومعنى هذا أنهم مقصرون في شكر هاتين النعمتين، لا يقومون بواجبهما، ومن لا يقوم بحق ما وجب عليه، فهو مغبون. وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا القاسم بن محمد بن يحيى المروزي، حدثنا علي بن الحسين بن شقيق، حدثنا أبو حمزة عن ليث عن أبي فزارة، عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما فوق الإزار وظل الحائط والخبز، يحاسب به العبد يوم القيامة، أو يسأل عنه " ثم قال: لا نعرفه إلا بهذا الإسناد. وقال الإمام أحمد: حدثنا بهز وعفان قالا: حدثنا حماد، قال عفان في حديثه: قال إسحاق بن عبد الله عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله عز وجل ــــ قال عفان: يوم القيامة ــــ يابن آدم حملتك على الخيل والإبل، وزوجتك النساء، وجعلتك تربع وترأس، فأين شكر ذلك؟ " تفرد به من هذا الوجه. آخر تفسير سورة التكاثر، ولله الحمد والمنة.
وقال السيوطى فى الدر المنثور:
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أخشى عليكم الفقر، ولكن أخشى عليكم التكاثر، وما أخشى عليكم الخطأ ولكن أخشى عليكم التعمد ".
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: " قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { ألهاكم التكاثر } قال: يعني عن الطاعة { حتى زرتم المقابر } قال: يقول: حتى يأتيكم الموت { كلا سوف تعلمون } يعني لو قد دخلتم قبوركم { ثم كلا سوف تعلمون } يقول: لو قد خرجتم من قبوركم إلى محشركم { كلا لو تعلمون علم اليقين } قال: لو قد وقفتم على أعمالكم بين يدي ربكم { لترون الجحيم } وذلك أن الصراط يوضع وسط جهنم، فناج مسلم ومخدوش مسلم، ومكدوش في نار جهنم { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } يعني شبع البطون وبارد الشراب وظلال المساكن واعتدال الخلق ولذة النوم ".
وأخرج ابن مردويه عن عياض بن غنم " أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قوله: { ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون } يقول: " لو دخلتم القبور " { ثم كلا سوف تعلمون } ، " وقد خرجتم من قبوركم " ، { كلا لو تعلمون علم اليقين } في يوم محشركم إلى ربكم { لترون الجحيم } أي في الآخرة حق اليقين كرأي العين { ثم لترونها عين اليقين } يوم القيامة { ثم لتسألنّ يومئذ عن النعيم } بين يدي ربكم عن بارد الشراب وظلال المساكن وشبع البطون واعتدال الخلق ولذاذة النوم حتى خطبة أحدكم المرأة مع خطاب سواه فزوجها ومنعها غيره ".
وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } قال: ناس من أمتي يعقدون السمن والعسل بالنقى فيأكلونه ".
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وأحمد وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن محمود بن لبيد قال: " لما أنزلت { ألهاكم التكاثر } فقرأ حتى بلغ ثم { لتسألن يومئذ عن النعيم } قالوا يا رسول الله: عن أي نعيم نسأل؟ وإنما هما الأسودان الماء والتمر وسيوفنا على رقابنا والعدوّ حاضر فعن أي نعيم نسأل؟ قال: " أما إن ذلك سيكون " ".
وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن مردويه عن أبي هريرة قال: " لما نزلت هذه الآية { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } قال الناس: يا رسول الله عن أي النعيم نسأل وإنما هما الأسودان والعدوّ حاضر وسيوفنا على عواتقنا؟ قال: " أما إن ذلك سيكون " ".
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن المنذر وابن مردويه عن الزبير بن العوام قال: " لما نزلت { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } قالوا يا رسول الله: وأي نعيم نسأل عنه وإنما هما الأسودان التمر والماء؟ قال: " إن ذلك سيكون " ".
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن الزبير قال: " لما نزلت { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } قال الزبير بن العوّام: يا رسول الله أي نعيم نسأل عنه؟ وإنما هما الأسودان الماء والتمر. قال: " أما إن ذلك سيكون ". وأخرج عبد بن حميد عن صفوان بن سليم قال: " لما نزلت { ألهاكم التكاثر } إلى آخرها { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: عن أي نعيم نسأل؟ إنما هما الأسودان الماء والتمر وسيوفنا على عواتقنا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنه سيكون " ".
وأخرج أبو يعلى عن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية { لتسألن يومئذ عن النعيم } قالوا يا رسول الله: أي نعيم نسأل عنه وسيوفنا على عواتقنا؟ وذكر الحديث.
وأخرج أحمد في زوائد الزهد وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن حبان وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أول ما يسأل العبد عنه يوم القيامة من النعيم أن يقال له: ألم نصح لك جسمك ونروك من الماء البارد ".
وأخرج هناد وعبد بن حميد والبخاري وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ".
وأخرج ابن جرير عن ثابت البناني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " النعيم المسؤول عنه يوم القيامة كسرة تقوته وماء يرويه وثوب يواريه "
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن مردويه عن أبي هريرة قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فإذا هو بأبي بكر وعمر فقال: ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ قالا: الجوع يا رسول الله. قال: والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما، فقوموا، فقاما معه فأتى رجلاً من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأة قالت: مرحباً وأهلاً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين فلان؟ قالت: انطلق يستعذب لنا الماء إذ جاء الأنصاري فنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فقال: الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافاً مني، فانطلق فجاء بعذق فيه بسر وتمر فقال: كلوا من هذا، وأخذ المدية، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياك والحلوب فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا. فلما شبعوا ورووا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: " والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة " ".
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم على جدول فأتي برطب وماء بارد فأكل من الرطب وشرب من الماء، ثم قال: هذا من النعيم الذي تسألون عنه ".
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه عن أبي بكر الصديق قال: " انطلقت مع النبي صلى الله عليه وسلم ومعنا عمر إلى رجل يقال له الواقفي، فذبح لنا شاة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إياك وذات الدر، فأكلنا ثريداً ولحماً وشربنا ماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا من النعيم الذي تسألون عنه "
وأخرج أحمد في الزهد عن عامر قال: " أكل النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر لحماً وخبزاً وشعيراً ورطباً وماء بارداً فقال: " هذا وربكما من النعيم " ".
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: " لما نزلت هذه الآية { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } قالوا يا رسول الله: أي نعيم نسأل عنه سيوفنا على عواتقنا والأرض كلها لنا حرب، يصبح أحدنا بغير غداء ويمسي بغير عشاء؟ قال: عني بذلك قوم يكونون من بعدكم أنتم خير منهم يغدي عليهم بجفنة ويراح عليهم بجفنة ويغدو في حلة ويروح في حلة، ويسترون بيوتهم كما تستر الكعبة ويفشى فيهم السمن ".
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال: " لما نزلت { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } قام رجل محتاج فقال يا رسول الله: هل عليّ من النعمة شيء؟ قال: " نعم الظل والنعلان والماء البارد " ".
وأخرج الخطيب وابن عساكر عن ابن عباس في قوله: " { لتسألن يومئذ عن النعيم } قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الخصاف والماء والبارد وفلق الكسر " قال العباس: الخصاف خصف النعلين.
وأخرج البزار عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما فوق الإِزار وظل الحائط وخبز يحاسب به العبد يوم القيامة ويسأل عنه ".
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاث لا يحاسب بهن العبد: ظل خص يستظل به وكسرة يشد بها صلبه وثوب يواري به عورته ".
أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } * { حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ } * { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} * { كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ } * { لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ } * { ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ } * { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ }
قال ابن كثير فى تفسيره:
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا زكريا بن يحيى الوقار المصري، حدثني خالد بن عبد الدائم عن ابن زيد بن أسلم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألهاكم التكاثر ــــ عن الطاعة ــــ حتى زرتم المقابر ــــ حتى يأتيكم الموت " وقال الحسن البصري: { أَلْهَـٰكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } في الأموال والأولاد. وفي صحيح البخاري في الرقاق منه: وقال: أخبرنا أبو الوليد، حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك عن أبي بن كعب قال: كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت: { أَلْهَـٰكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } يعني: " لو كان لابن آدم واد من ذهب " وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، سمعت قتادة يحدث عن مطرف، يعني: ابن عبد الله بن الشخير، عن أبيه قال: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: " { أَلْهَـٰكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟ " ورواه مسلم والترمذي والنسائي من طريق شعبة به، وقال مسلم في صحيحه: حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا حفص بن ميسرة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول العبد: مالي مالي، وإنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو تصدق فأمضى، وما سوى ذلك فذاهب، وتاركه للناس " تفرد به مسلم.
وقال البخاري: حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، سمع أنس بن مالك يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يتبع الميت ثلاثة، فيرجع اثنان، ويبقى معه واحد: يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله " وكذا رواه مسلم والترمذي والنسائي من حديث سفيان بن عيينة به، وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى عن شعبة، حدثنا قتادة عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يهرم ابن آدم، ويبقى منه اثنتان: الحرص والأمل " أخرجاه في الصحيحين..
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا زكريا بن يحيى الخزاز المقري، حدثنا عبد الله بن عيسى أبو خالد الخزاز، حدثنا يونس بن عبيد عن عكرمة عن ابن عباس: أنه سمع عمر بن الخطاب يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الظهيرة، فوجد أبا بكر في المسجد، فقال: " ما أخرجك هذه الساعة؟ " فقال: أخرجني الذي أخرجك يا رسول الله قال: وجاء عمر بن الخطاب فقال: " ما أخرجك يابن الخطاب؟ " قال: أخرجني الذي أخرجكما، قال: فقعد عمر، وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثهما، ثم قال: " هل بكما من قوة تنطلقان إلى هذا النخل فتصيبان طعاماً وشراباً وظلاً؟ " قلنا: نعم. قال: " مروا بنا إلى منزل ابن التيهان أبي الهيثم الأنصاري " قال: فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيدينا، فسلم واستأذن ثلاث مرات، وأم الهيثم من وراء الباب تسمع الكلام، تريد أن يزيدها رسول الله صلى الله عليه وسلم من السلام، فلما أراد أن ينصرف، خرجت أم الهيثم تسعى خلفهم، فقالت: يا رسول الله قد والله سمعت تسليمك، ولكن أردت أن تزيدني من سلامك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خيراً " ثم قال: " أين أبو الهيثم لا أراه؟ " قالت: يا رسول الله هو قريب، ذهب يستعذب الماء، ادخلوا فإنه يأتي الساعة إن شاء الله، فبسطت بساطاً تحت شجرة، فجاء أبو الهيثم، ففرح بهم وقرّت عيناه بهم، فصعد على نخلة، فصرم لهم أعذاقاً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حسبك يا أبا الهيثم " فقال: يا رسول الله تأكلون من بسره ومن رطبه ومن تذنوبه، ثم أتاهم بماء فشربوا عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هذا من النعيم الذي تسألون عنه " ، هذا غريب من هذا الوجه.
وقال ابن جرير: حدثني الحسين بن علي الصدائي، حدثنا الوليد بن القاسم عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما أبو بكر وعمر جالسان، إذ جاءهما النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" ما أجلسكما ههنا؟ " قالا: والذي بعثك بالحق ما أخرجنا من بيوتنا إلا الجوع. قال: " والذي بعثني بالحق ما أخرجني غيره " فانطلقوا حتى أتوا بيت رجل من الأنصار، فاستقبلتهم المرأة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:" أين فلان؟ " فقالت: ذهب يستعذب لنا ماء، فجاء صاحبهم يحمل قربته فقال: مرحباً، ما زار العباد شيء أفضل من نبي زارني اليوم، فعلق قربته بقرب نخلة، وانطلق فجاءهم بعذق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ألا كنت اجتنيت؟ " فقال: أحببت أن تكونوا الذين تختارون على أعينكم، ثم أخذ الشفرة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " إياك والحلوب " فذبح لهم يومئذ، فأكلوا، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: " لتسألن عن هذا يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، فلم ترجعوا حتى أصبتم هذا، فهذا من النعيم " ورواه مسلم من حديث يزيد بن كيسان به، ورواه أبو يعلى وابن ماجه من حديث المحاربي عن يحيى بن عبيد الله عن أبيه عن أبي هريرة عن أبي بكر الصديق به، وقد رواه أهل السنن الأربعة من حديث عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه بنحو من هذا السياق وهذه القصة.
وقال الإمام أحمد: حدثنا سريج، حدثنا حشرج عن أبي نُصرة عن أبي عسيب، يعني: مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلاً، فمر بي فدعاني، فخرجت إليه، ثم مر بأبي بكر، فدعاه فخرج إليه، ثم مر بعمر، فدعاه فخرج إليه، فانطلق حتى دخل حائطاً لبعض الأنصار، فقال لصاحب الحائط: " أطعمنا بسراً " فجاء بعذق، فوضعه، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ثم دعا بماء بارد فشرب وقال: " لتسألن عن هذا يوم القيامة " قال: فأخذ عمر العذق، فضرب به الأرض حتى تناثر البسر قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا رسول الله إنا لمسؤولون عن هذا يوم القيامة؟ قال: " نعم إلا من ثلاثة: خرقة لف بها الرجل عورته، أو كسرة سد بها جوعته، أو جحر يدخل فيه من الحر والقر " تفرد به أحمد، وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد، حدثنا عمار، سمعت جابر بن عبد الله يقول: أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رطباً، وشربوا ماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هذا من النعيم الذي تسألون عنه "
ورواه النسائي من حديث حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن جابر به، وقال الإمام أحمد: حدثنا أحمد، حدثنا يزيد، حدثنا محمد بن عمرو عن صفوان بن سليم عن محمود بن الربيع قال: لما نزلت: { أَلْهَـٰكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } ، فقرأ حتى بلغ: { لَتُسْـئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } قالوا: يا رسول الله عن أي نعيم نسأل؟ وإنما هما الأسودان الماء والتمر، وسيوفنا على رقابنا، والعدو حاضر، فعن أي نعيم نسأل؟ قال: " أما إن ذلك سيكون ". وقال أحمد: حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو، حدثنا عبد الله بن سليمان، حدثنا معاذ بن عبد الله بن حبيب، عن أبيه عن عمه قال: كنا في مجلس، فطلع علينا النبي صلى الله عليه وسلم وعلى رأسه أثر ماء، فقلنا: يا رسول الله نراك طيب النفس، قال: " أجل " ثم خاض الناس في ذكر الغنى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لابأس بالغنى لمن اتقى الله، والصحة لمن اتقى الله خير من الغنى، وطيب النفس من النعيم " ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن خالد بن مخلد عن عبد الله بن سليمان به. وقال الترمذي: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا شبابة عن عبد الله بن العلاء عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عزرب الأشقري قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن أول ما يسأل عنه ــــ يعني يوم القيامة ــــ العبد من النعيم أن يقال له: ألم نصح لك بدنك؟ ونروك من الماء البارد؟ " تفرد به الترمذي، ورواه ابن حبان في صحيحه من طريق الوليد بن مسلم عن عبد الله بن العلاء بن زبر به.وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني عن ابن أبي ليلى، أظنه عن عامر، عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: { ثُمَّ لَتُسْـئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } قال: " الأمن والصحة " وقال زيد بن أسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " { ثُمَّ لَتُسْـئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } يعني: شبع البطون، وبارد الشراب، وظلال المساكن، واعتدال الخلق، ولذة النوم " ورواه ابن أبي حاتم بإسناده المتقدم عنه في أول السورة. وقال سعيد بن جبير: حتى عن شربة عسل. وقال مجاهد: عن كل لذة من لذات الدنيا، وقال الحسن البصري: من النعيم: الغداء والعشاء. وقال أبو قلابة. من النعيم: أكل السمن والعسل بالخبز النقي. وقول مجاهد أشمل هذه الأقوال. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: { ثُمَّ لَتُسْـئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } قال: النعيم: صحة الأبدان والأسماع والأبصار، يسأل الله العباد فيمَ استعملوها، وهو أعلم بذلك منهم، وهو قوله تعالى:
{ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }
[الإسراء: 36].
وثبت في صحيح البخاري وسنن الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ " ومعنى هذا أنهم مقصرون في شكر هاتين النعمتين، لا يقومون بواجبهما، ومن لا يقوم بحق ما وجب عليه، فهو مغبون. وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا القاسم بن محمد بن يحيى المروزي، حدثنا علي بن الحسين بن شقيق، حدثنا أبو حمزة عن ليث عن أبي فزارة، عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما فوق الإزار وظل الحائط والخبز، يحاسب به العبد يوم القيامة، أو يسأل عنه " ثم قال: لا نعرفه إلا بهذا الإسناد. وقال الإمام أحمد: حدثنا بهز وعفان قالا: حدثنا حماد، قال عفان في حديثه: قال إسحاق بن عبد الله عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله عز وجل ــــ قال عفان: يوم القيامة ــــ يابن آدم حملتك على الخيل والإبل، وزوجتك النساء، وجعلتك تربع وترأس، فأين شكر ذلك؟ " تفرد به من هذا الوجه. آخر تفسير سورة التكاثر، ولله الحمد والمنة.
وقال السيوطى فى الدر المنثور:
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أخشى عليكم الفقر، ولكن أخشى عليكم التكاثر، وما أخشى عليكم الخطأ ولكن أخشى عليكم التعمد ".
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: " قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { ألهاكم التكاثر } قال: يعني عن الطاعة { حتى زرتم المقابر } قال: يقول: حتى يأتيكم الموت { كلا سوف تعلمون } يعني لو قد دخلتم قبوركم { ثم كلا سوف تعلمون } يقول: لو قد خرجتم من قبوركم إلى محشركم { كلا لو تعلمون علم اليقين } قال: لو قد وقفتم على أعمالكم بين يدي ربكم { لترون الجحيم } وذلك أن الصراط يوضع وسط جهنم، فناج مسلم ومخدوش مسلم، ومكدوش في نار جهنم { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } يعني شبع البطون وبارد الشراب وظلال المساكن واعتدال الخلق ولذة النوم ".
وأخرج ابن مردويه عن عياض بن غنم " أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قوله: { ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون } يقول: " لو دخلتم القبور " { ثم كلا سوف تعلمون } ، " وقد خرجتم من قبوركم " ، { كلا لو تعلمون علم اليقين } في يوم محشركم إلى ربكم { لترون الجحيم } أي في الآخرة حق اليقين كرأي العين { ثم لترونها عين اليقين } يوم القيامة { ثم لتسألنّ يومئذ عن النعيم } بين يدي ربكم عن بارد الشراب وظلال المساكن وشبع البطون واعتدال الخلق ولذاذة النوم حتى خطبة أحدكم المرأة مع خطاب سواه فزوجها ومنعها غيره ".
وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } قال: ناس من أمتي يعقدون السمن والعسل بالنقى فيأكلونه ".
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وأحمد وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن محمود بن لبيد قال: " لما أنزلت { ألهاكم التكاثر } فقرأ حتى بلغ ثم { لتسألن يومئذ عن النعيم } قالوا يا رسول الله: عن أي نعيم نسأل؟ وإنما هما الأسودان الماء والتمر وسيوفنا على رقابنا والعدوّ حاضر فعن أي نعيم نسأل؟ قال: " أما إن ذلك سيكون " ".
وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن مردويه عن أبي هريرة قال: " لما نزلت هذه الآية { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } قال الناس: يا رسول الله عن أي النعيم نسأل وإنما هما الأسودان والعدوّ حاضر وسيوفنا على عواتقنا؟ قال: " أما إن ذلك سيكون " ".
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن المنذر وابن مردويه عن الزبير بن العوام قال: " لما نزلت { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } قالوا يا رسول الله: وأي نعيم نسأل عنه وإنما هما الأسودان التمر والماء؟ قال: " إن ذلك سيكون " ".
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن الزبير قال: " لما نزلت { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } قال الزبير بن العوّام: يا رسول الله أي نعيم نسأل عنه؟ وإنما هما الأسودان الماء والتمر. قال: " أما إن ذلك سيكون ". وأخرج عبد بن حميد عن صفوان بن سليم قال: " لما نزلت { ألهاكم التكاثر } إلى آخرها { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: عن أي نعيم نسأل؟ إنما هما الأسودان الماء والتمر وسيوفنا على عواتقنا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنه سيكون " ".
وأخرج أبو يعلى عن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية { لتسألن يومئذ عن النعيم } قالوا يا رسول الله: أي نعيم نسأل عنه وسيوفنا على عواتقنا؟ وذكر الحديث.
وأخرج أحمد في زوائد الزهد وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن حبان وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أول ما يسأل العبد عنه يوم القيامة من النعيم أن يقال له: ألم نصح لك جسمك ونروك من الماء البارد ".
وأخرج هناد وعبد بن حميد والبخاري وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ".
وأخرج ابن جرير عن ثابت البناني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " النعيم المسؤول عنه يوم القيامة كسرة تقوته وماء يرويه وثوب يواريه "
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن مردويه عن أبي هريرة قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فإذا هو بأبي بكر وعمر فقال: ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ قالا: الجوع يا رسول الله. قال: والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما، فقوموا، فقاما معه فأتى رجلاً من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأة قالت: مرحباً وأهلاً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين فلان؟ قالت: انطلق يستعذب لنا الماء إذ جاء الأنصاري فنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فقال: الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافاً مني، فانطلق فجاء بعذق فيه بسر وتمر فقال: كلوا من هذا، وأخذ المدية، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياك والحلوب فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا. فلما شبعوا ورووا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: " والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة " ".
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم على جدول فأتي برطب وماء بارد فأكل من الرطب وشرب من الماء، ثم قال: هذا من النعيم الذي تسألون عنه ".
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه عن أبي بكر الصديق قال: " انطلقت مع النبي صلى الله عليه وسلم ومعنا عمر إلى رجل يقال له الواقفي، فذبح لنا شاة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إياك وذات الدر، فأكلنا ثريداً ولحماً وشربنا ماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا من النعيم الذي تسألون عنه "
وأخرج أحمد في الزهد عن عامر قال: " أكل النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر لحماً وخبزاً وشعيراً ورطباً وماء بارداً فقال: " هذا وربكما من النعيم " ".
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: " لما نزلت هذه الآية { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } قالوا يا رسول الله: أي نعيم نسأل عنه سيوفنا على عواتقنا والأرض كلها لنا حرب، يصبح أحدنا بغير غداء ويمسي بغير عشاء؟ قال: عني بذلك قوم يكونون من بعدكم أنتم خير منهم يغدي عليهم بجفنة ويراح عليهم بجفنة ويغدو في حلة ويروح في حلة، ويسترون بيوتهم كما تستر الكعبة ويفشى فيهم السمن ".
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال: " لما نزلت { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } قام رجل محتاج فقال يا رسول الله: هل عليّ من النعمة شيء؟ قال: " نعم الظل والنعلان والماء البارد " ".
وأخرج الخطيب وابن عساكر عن ابن عباس في قوله: " { لتسألن يومئذ عن النعيم } قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الخصاف والماء والبارد وفلق الكسر " قال العباس: الخصاف خصف النعلين.
وأخرج البزار عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما فوق الإِزار وظل الحائط وخبز يحاسب به العبد يوم القيامة ويسأل عنه ".
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاث لا يحاسب بهن العبد: ظل خص يستظل به وكسرة يشد بها صلبه وثوب يواري به عورته ".