من درر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : عامة ما يعاب به على سائر الصحابة هو إما حسنة ، وإما معفو عنه ؛ وحينئذ فقول الرافضي : إن عثمان ولَّى من لا يصلح للولاية ؛ إما أن يكون هذا باطلا ، ولم يولِّ إلا من يصلح ، وإما أن يكون ولَّى من لا يصلح في نفس الأمر ، لكنه كان مجتهدًا في ذلك ، فظن أنه كان يصلح ، وأخطأ ظنه ؛ وهذا لا يقدح فيه ... ( منهاج السنة النبوية : 6 / 239 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : كل خير فيه المسلمون إلى يوم القيامة من الإيمان ، والإسلام ، والقرآن ، والعلم والمعارف ، والعبادات ، ودخول الجنة ، والنجاة من النار ، وانتصارهم على الكفار ، وعلو كلمة الله ؛ فإنما هو ببركة ما فعله الصحابة الذين بلَّغوا الدين وجاهدوا في سبيل الله .
وكل مؤمن آمن بالله ، فللصحابة y عليه فضل إلى يوم القيامة ، وكل خير فيه الشيعة وغيرهم فهو ببركة الصحابة ؛ وخير الصحابة تبع لخير الخلفاء الراشدين ، فهم كانوا أقوم بكل خير في الدين والدنيا من سائر الصحابة ؛ فكيف يكون هؤلاء منبع الشر ، ويكون أولئك الرافضة منبع الخير ؟!! ( منهاج السنة النبوية : 6 / 376 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : قَالَ تَعَالَى : ] ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ [ فَذَكَرَ سُبْحَانَهُ التواصي بِالصَّبْرِ وَالْمَرْحَمَةِ ؛ والنَّاسُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ : مِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ فِيهِ صَبْرٌ بِقَسْوَةِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ فِيهِ رَحْمَةٌ بِجَزَعِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ فِيهِ الْقَسْوَةُ وَالْجَزَعُ ؛ وَالْمُؤْمِنُ الْمَحْمُودُ الَّذِي يَصْبِرُ عَلَى مَا يُصِيبُهُ وَيَرْحَمُ النَّاسَ ... ( مجموع الفتاوى : 10 / 47 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : ] أَلَا إنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . )الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [ [ يونس : 62 ، 63 ] ؛ فَكُلُّ مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا تَقِيًّا كَانَ لِلَّهِ وَلِيًّا ؛ وَهُمْ عَلَى دَرَجَتَيْنِ : السَّابِقُونَ الْمُقَرَّبُونَ ، وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ الْمُقْتَصِدُونَ ، كَمَا قَسَّمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ فَاطِرٍ وَسُورَةِ الْوَاقِعَةِ وَالْإِنْسَانِ وَالْمُطَفِّفِينَ .... ( مجموع الفتاوى : 2 / 224 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : فَمَنْ أَحَبّ غَيْرَ اللَّهِ وَوَالَى غَيْرَهُ كَرِهَ مُحِبَّ اللَّهِ وَوَلِيَّهُ ، وَمَنْ أَحَبَّ أَحَدًا لِغَيْرِ اللَّهِ كَانَ ضَرَرُ أَصْدِقَائِهِ عَلَيْهِ أَعْظَمَ مِنْ ضَرَرِ أَعْدَائِهِ ؛ فَإِنَّ أَعْدَاءَهُ غَايَتُهُمْ أَنْ يَحُولُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا الْمَحْبُوبِ الدُّنْيَوِيِّ ، وَالْحَيْلُولَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ رَحْمَةٌ فِي حَقِّهِ ؛ وَأَصْدِقَاؤُهُ يُسَاعِدُونَهُ عَلَى نَفْيِ تِلْكَ الرَّحْمَةِ وَذَهَابِهَا عَنْهُ ، فَأَيُّ صَدَاقَةٍ هَذِهِ ؟! وَيُحِبُّونَ بَقَاءَ ذَلِكَ الْمَحْبُوبِ لِيَسْتَعْمِلُوهُ فِي أَغْرَاضِهِمْ وَفِيمَا يُحِبُّونَهُ ، وَكِلَاهُمَا ضَرَرٌ عَلَيْهِ ... ( مجموع الفتاوى : 10 / 605 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : نية المرء إنما تتعلق بفعله ، وما تعلق بفعل غيره فهو أمنية ... ( الفتاوى الكبرى : 6 / 297 – شاملة ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : قَالَ تَعَالَى : ] وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ [ ؛ فَمَتَى تَرَكَ النَّاسُ بَعْضَ مَا أَمَرَهُمْ اللَّهُ بِهِ وَقَعَتْ بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ ، وَإِذَا تَفَرَّقَ الْقَوْمُ فَسَدُوا وَهَلَكُوا ، وَإِذَا اجْتَمَعُوا صَلَحُوا وَمَلَكُوا ؛ فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ رَحْمَةٌ وَالْفُرْقَةَ عَذَابٌ ... ( مجموع الفتاوى : 3 / 421 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : لِأَنَّ النَّاسَ كَمَا قَدْ يُبْتَلَوْنَ بِمُطَاعِ يَظْلِمُهُمْ وَيَقْصِدُ ظُلْمَهُمْ ، يُبْتَلَوْنَ - أَيْضًا - بِمُطَاعِ يَجْهَلُ مَصْلَحَتَهُمْ الشَّرْعِيَّةَ وَالْكَوْنِيَّةَ ، فَيَكُونُ جَهْلُ هَذَا مِنْ أَسْبَابِ عُقُوبَتِهِمْ ، كَمَا أَنَّ ظُلْمَ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ مَضَرَّتِهِمْ ؛ فَهَؤُلَاءِ لَمْ تُرْفَعْ عَنْهُمْ الْآصَارُ وَالْأَغْلَالُ لِذُنُوبِهِمْ وَمَعَاصِيهِمْ ، وَإِنْ كَانَ الرَّسُولُ لَيْسَ فِي شَرْعِهِ آصَارٌ وَأَغْلَالٌ ؛ فَلِهَذَا تُسَلَّطُ عَلَيْهِمْ حُكَّامُ الْجَوْرِ وَالظُّلْمِ وَتُسَاقُ إلَيْهِمْ الْأَعْدَاءُ ، وَتُقَادُ بِسَلَاسِلِ الْقَهْرِ وَالْقَدَرِ ؛ وَذَلِكَ مِنْ الْآصَارِ وَالْأَغْلَالِ الَّتِي لَمْ تُرْفَعْ عَنْهُمْ ، مَعَ عُقُوبَاتٍ لَا تُحْصَى ؛ وَذَلِكَ لِضَعْفِ الطَّاعَةِ فِي قُلُوبِهِمْ ، وَتَمَكُّنِ الْمَعَاصِي وَحُبِّ الشَّهَوَاتِ فِيهَا ؛ فَإِذَا قَالُوا : ] رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا [ دَخَلَ فِيهِ هَذَا ... ( مجموع الفتاوى : 14 / 155 ، 156 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : فَإِنَّ الْمَلِكَ الظَّالِمَ لَا بُدَّ أَنْ يَدْفَعَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الشَّرِّ أَكْثَرَ مِنْ ظُلْمِهِ ؛ وَقَدْ قِيلَ : سِتُّونَ سَنَةً بِإِمَامِ ظَالِمٍ ، خَيْرٌ مِنْ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَا إمَامٍ ... ( مجموع الفتاوى : 14 / 268 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : فَالشَّافِعُ يَنْتَفِعُ بِالشَّفَاعَةِ ، وَقَدْ يَكُونُ انْتِفَاعُهُ بِهَا أَعْظَمَ مِنْ انْتِفَاعِ الْمَشْفُوعِ لَهُ ؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ e فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : " اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا . وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَان نَبِيِّهِ مَا شَاءَ " ... ( مجموع الفتاوى : 14 / 394 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : يُذْكَرُ أَنّ بَعْضَ الْمَشَايِخِ أَرَادَ أَنْ يُؤَدِّبَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ لَهُمْ ذُنُوبٌ كَثِيرَةٌ فَقَالَ : يَا بُنَيَّ ، أَنَا آمُرُك بِخَصْلَةِ وَاحِدَةٍ فَاحْفَظْهَا لِي ؛ وَلَا آمُرُك السَّاعَةَ بِغَيْرِهَا : الْتَزِمْ الصِّدْقَ وَإِيَّاكَ وَالْكَذِبَ .. وَتَوَعَّدَهُ عَلَى الْكَذِبِ بِوَعِيدِ شَدِيدٍ ؛ فَلَمَّا الْتَزَمَ ذَلِكَ الصِّدْقَ دَعَاهُ إلَى بَقِيَّةِ الْخَيْرِ ، وَنَهَاهُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ .. فَإِنَّ الْفَاجِرَ لَا حَدَّ لَهُ فِي الْكَذِبِ ... ( مجموع الفتاوى : 15 / 246 ، 247 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلَيْنِ تَحَاكَمَا إلَى النَّبِيِّ e فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ : حَسْبِي اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ e : " إنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ ، وَلَكِنْ عَلَيْك بِالْكَيْسِ ، فَإِذَا غَلَبَك أَمْرٌ فَقُلْ : حَسْبِي اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ " ؛ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ e أَنَّهُ قَالَ : " الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ ؛ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُك ، وَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ ، وَإِنْ غَلَبَك أَمْرٌ فَلَا تَقُلْ : لَوْ أَنِّي فَعَلْت لَكَانَ كَذَا وَكَذَا ، وَلَكِنْ قُلْ : قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ " ؛ لَا تَعْجِزْ عَنْ مَأْمُورٍ ، وَلَا تَجْزَعْ مِنْ مَقْدُورٍ ؛ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَجْمَعُ كِلَا الشَّرَّيْنِ ؛ فَأَمَرَ النَّبِيُّ e بِالْحِرْصِ عَلَى النَّافِعِ ، وَالِاسْتِعَانَةِ بِاَللَّهِ ، وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَإِلَّا فَالِاسْتِحْبَابُ ؛ وَنَهَى عَنْ الْعَجْزِ وَقَالَ : " إنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ " وَالْعَاجِزُ ضِدُّ الَّذِينَ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ؛ وَالْأَمْرُ بِالصَّبْرِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْجَزَعِ مَعْلُومٌ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ : أَمْرٍ أُمِرَ بِفِعْلِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَهُ ، وَيَحْرِصَ عَلَيْهِ ، وَيَسْتَعِينَ اللَّهَ ، وَلَا يَعْجِزُ ؛ وَأَمْرٍ أُصِيبَ بِهِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَصْبِرَ عَلَيْهِ وَلَا يَجْزَعَ مِنْهُ .. ( مجموع الفتاوى : 16 / 38 ، 39 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : نَهَى النَّبِيُّ e عَنْ تَسْمِيَتِهِ ( أي : العنب ) بِالْكَرْمِ وَقَالَ : ] الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ [ ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا أَكْثَرُ وَلَا أَعْظَمُ خَيْرًا مِنْ قَلْبِ الْمُؤْمِنِ . وَالشَّيْءُ الْحَسَنُ الْمَحْمُودُ يُوصَفُ بِالْكَرْمِ ؛ قَالَ تَعَالَى : ] أَوَلَمْ يَرَوْا إلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ [ ؛ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ : مِنْ كُلِّ جِنْسٍ حَسَنٍ ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ : الزَّوْجُ النَّوْعُ ، وَالْكَرِيمُ الْمَحْمُودُ ؛ وَقَالَ غَيْرُهُمَا : ] مِنْ كُلِّ زَوْجٍ [ صِنْفٌ وَضَرْبٌ ، ] كَرِيمٌ [ حَسَنٌ مِنْ النَّبَاتِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ ؛ يُقَالُ : ( نَخْلَةٌ كَرِيمَةٌ ) إذَا طَابَ حَمْلُهَا ، و ( نَاقَةٌ كَرِيمَةٌ ) إذَا كَثُرَ لَبَنُهَا .... ( مجموع الفتاوى : 16 / 294 ) .
 
الدكتور الفاضل /أشكرك على هذه الاختيارات الموفقة،وكنت أود أن أشكرك على كل مختارة ولكن ما شاء الله اللحاق بك أمر عسير!وفقك الله وسدد خطاك وجعل الجنة مأوانا ومأواك.
أخوك :من مكة المكرمة حرسها الله.
 
شكر الله لك أخي الدكتور محمد الصاعدي ، وأقول : الشكر بعد شكر الله تعالى لك أخي الفاضل ، فلولا مشاركتك ، ما كان مني متابعة ، ولأني شغوف بشيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم تابعت بهذه المشاركات ، والفضل لله وحده ، وفقني الله وإياك .
وأنوه بأني الآن في إجازة بمصر ، ولا يتهيأ لي الدخول على النت كثيرًا ، وبعد عودتي - إن شاء الله تعالى - أتابع ما بدأناه ، والله المستعان .
 
وليس من الأعضاء أشد ارتباطا بالقلب من العينين ؛ولهذا جمع بينهما في قوله:(ونقلب أفئدتهم وأبصارهم) (تتقلب فيه القلوب والأبصار) (وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر) (قلوب يومئذ واجفة .أبصارها خاشعة).مجموع الفتاوى 16/225.
 
وقرن بين "الرحمة والصبر" في مثل قوله تعالى:(وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة).......فإن القسمة أيضا رباعية ؛إذ من الناس من يصبر ولا يرحم كأهل القوة والقسوة،ومنهم من يرحم ولايصبر كأهل الضعف واللين مثل كثير من النساء ومن يشبههن ،ومنهم من لايصبر ولا يرحم كأهل القسوة والهلع،والمحمود هو الذي يصبر ويرحم.مجموع الفتاوى 16/677.
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : كُلُّ شَرٍّ فِي بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ فِي غَيْرِهِمْ أَكْثَرُ ، وَكُلُّ خَيْرٍ يَكُونُ فِي غَيْرِهِمْ فَهُوَ فِيهِمْ أَعْظَمُ ... ( مجموع الفتاوى : 18 / 52 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : قَالَ تَعَالَى : ] لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ [ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ أَرْسَلَ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِأَجْلِ قِيَامِ النَّاسِ بِالْقِسْطِ ؛ وَذَكَرَ أَنَّهُ أَنْزَلَ الْحَدِيدَ الَّذِي بِهِ يَنْصُرُ هَذَا الْحَقَّ ، فَالْكِتَابُ يَهْدِي ، وَالسَّيْفُ يَنْصُرُ ، وَكَفَى بِرَبِّك هَادِيًا وَنَصِيرًا ؛ وَلِهَذَا كَانَ قِوَامُ النَّاسِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ وَأَهْلِ الْحَدِيدِ ، كَمَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ : صِنْفَانِ إذَا صَلَحُوا صَلَحَ النَّاسُ : الْأُمَرَاءُ وَالْعُلَمَاءُ ؛ وَقَالُوا فِي قَوْله تَعَالَى : ] أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [ أَقْوَالًا تَجْمَعُ الْعُلَمَاءَ وَالْأُمَرَاءَ . ( مجموع الفتاوى : 18 / 157 ، 158 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : كُلُّ شَخْصٍ إنَّمَا يَسْتَحِبُّ لَهُ مِنْ الْأَعْمَالِ الَّتِي يَتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ فِيهَا : ( وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ) مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيَفْعَلُهُ وَيَنْتَفِعُ بِهِ ، وَالْأَفْضَلُ لَهُ مِنْ الْأَعْمَالِ مَا كَانَ أَنْفَعَ لَهُ ، وَهَذَا يَتَنَوَّعُ تَنَوُّعًا عَظِيمًا ، فَأَكْثَرُ الْخَلْقِ يَكُونُ الْمُسْتَحَبُّ لَهُمْ مَا لَيْسَ هُوَ الْأَفْضَلَ مُطْلَقًا ؛ إذْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْأَفْضَلِ ، وَلَا يَصْبِرُونَ عَلَيْهِ إذَا قَدَرُوا عَلَيْهِ ، وَقَدْ لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ ، بَلْ قَدْ يَتَضَرَّرُونَ إذَا طَلَبُوهُ ؛ مِثْلَ مَنْ لَا يُمْكِنُهُ فَهْمُ الْعِلْمِ الدَّقِيقِ إذَا طَلَبَ ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ قَدْ يُفْسِدُ عَقْلَهُ وَدِينَهُ ؛ أَوْ مَنْ لَا يُمْكِنُهُ الصَّبْرُ عَلَى مَرَارَةِ الْفَقْرِ ، وَلَا يُمْكِنُهُ الصَّبْرُ عَلَى حَلَاوَةِ الْغِنَى ، أَوْ لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ فِتْنَةِ الْوِلَايَةِ عَنْ نَفْسِهِ ، وَالصَّبْرِ عَلَى حُقُوقِهَا ؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عز وجل : " إنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ لَا يُصْلِحُهُ إلَّا الْفَقْرُ وَلَوْ أَغْنَيْته لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ لَا يُصْلِحُهُ إلَّا الْغِنَى ، وَلَوْ أَفْقَرْته لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ " ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي ذَرٍّ لَمَّا سَأَلَهُ الْإِمَارَةَ : " يَا أَبَا ذَرٍّ إنِّي أَرَاك ضَعِيفًا ، وَإِنِّي أُحِبُّ لَك مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي ، لَا تَأَمَّرَن عَلَى اثْنَيْنِ ، وَلَا تَوَلَّيَن مَالَ يَتِيمٍ " ؛ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِلْعَبَّاسِ عَمِّهِ : " نَفْسٌ تُنْجِيهَا خَيْرٌ مِنْ إمَارَةٍ لَا تُحْصِيهَا " وَلِهَذَا إذَا قُلْنَا : هَذَا الْعَمَلُ أَفْضَلُ ؛ فَهَذَا قَوْلٌ مُطْلَقٌ .... ( مجموع الفتاوى : 19 / 119 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : الْمَحْمُودُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إنَّمَا هُوَ إرَادَةُ الدَّارِ الْآخِرَةِ ، وَالْمَذْمُومُ إنَّمَا هُوَ مَنْ تَرَكَ إرَادَةَ الدَّارِ الْآخِرَةِ وَاشْتَغَلَ بِإِرَادَةِ الدُّنْيَا عَنْهَا ؛ فَأَمَّا مُجَرَّدُ مَدْحِ تَرْكِ الدُّنْيَا فَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ ، وَلَا تَنْظُرْ إلَى كَثْرَةِ ذَمِّ النَّاسِ الدُّنْيَا ذَمًّا غَيْرَ دِينِيٍّ ، فَإِنَّ أَكْثَرَ الْعَامَّةِ إنَّمَا يَذُمُّونَهَا لِعَدَمِ حُصُولِ أَغْرَاضِهِمْ مِنْهَا ، فَإِنَّهَا لَمْ تَصْفُ لِأَحَدِ قَطُّ ... ( مجموع الفتاوى : 20 / 147 ، 148 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : إذَا قُدِّرَ أَنَّ شَخْصَيْنِ أَحَدُهُمَا يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَيُرِيدُ الدُّنْيَا ، وَالْآخَرُ زَاهِدٌ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ؛ لَكَانَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا مُؤْمِنًا مَحْمُودًا ، وَالثَّانِي كَافِرًا مَلْعُونًا ؛ مَعَ أَنَّ الثَّانِيَ زَاهِدٌ فِي الدُّنْيَا ، وَالْأَوَّلَ طَالِبٌ لَهَا ، لَكِنْ امْتَازَ الْأَوَّلُ بِفِعْلِ مَأْمُورٍ مَعَ ارْتِكَابِ مَحْظُورٍ ، وَالثَّانِي لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ذَلِكَ الْمَأْمُورُ بِهِ ؛ فَثَبَتَ أَنَّ فِعْلَ الْمَأْمُورِ بِهِ مِنْ إرَادَةِ الْآخِرَةِ يَنْفَعُ ، وَالزُّهْدَ بِدُونِ فِعْلِ هَذَا الْمَأْمُورِ لَا يَنْفَعُ .... ( مجموع الفتاوى : 20 / 147 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : مَا تَوَفَّرَتْ هِمَمُ الْخَلْقِ وَدَوَاعِيهِمْ عَلَى نَقْلِهِ وَإِشَاعَتِهِ ، يَمْتَنِعُ فِي الْعَادَةِ كِتْمَانُهُ ، فَانْفِرَادُ الْعَدَدِ الْقَلِيلِ بِهِ يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِمْ ؛ كَمَا يُعْلَمُ كَذِبُ مَنْ خَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَخْبَرَ بِحَادِثَةٍ كَبِيرَةٍ فِي الْجَامِعِ مِثْلَ سُقُوطِ الْخَطِيبِ وَقَتْلِهِ ، وَإِمْسَاكِ أَقْوَامٍ فِي الْمَسْجِدِ ، إذَا لَمْ يُخْبِرْ بِذَلِكَ إلَّا الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ ؛ وَيُعْلَمُ كَذِبُ مَنْ أَخْبَرَ أَنَّ فِي الطُّرُقَاتِ بِلَادًا عَظِيمَةً ، وَأُمَمًا كَثِيرِينَ ، وَلَمْ يُخْبِرْ بِذَلِكَ السَّيَّارَةُ ، وَإِنَّمَا انْفَرَدَ بِهِ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ ، وَيُعْلَمُ كَذِبُ مَنْ أَخْبَرَ بِمَعَادِنِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ مُتَيَسِّرَةٍ لِمَنْ أَرَادَهَا بِمَكَانِ يَعْلَمُهُ النَّاسُ ، وَلَمْ يُخْبِرْ بِذَلِكَ إلَّا الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ ؛ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ .. فَبِاعْتِبَارِ الْعَقْلِ وَقِيَاسِهِ ، وَضَرْبِهِ الْأَمْثَالَ ، يُعْلَمُ كَذِبُ مَا يُنْقَلُ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي مَضَتْ سُنَّةُ اللَّهِ بِظُهُورِهَا وَانْتِشَارِهَا لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً ... ( مجموع الفتاوى : 22 / 363 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَانَ غَايَةُ كَيْدِ الشَّيْطَانِ الْوَسْوَسَةَ ؛ فَإِنَّ شَيْطَانَ الْجِنِّ إذَا غَلَبَ وَسْوَسَ ، وَشَيْطَانَ الْإِنْسِ إذَا غَلَبَ كَذَبَ ؛ وَالْوَسْوَاسُ يَعْرِضُ لِكُلِّ مَنْ تَوَجَّهَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِذِكْرِ أَوْ غَيْرِهِ ، لَا بُدَّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ ؛ فَيَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَثْبُتَ وَيَصْبِرَ وَيُلَازِمَ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ الذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ ، وَلَا يَضْجَرُ ، فَإِنَّهُ بِمُلَازَمَةِ ذَلِكَ يَنْصَرِفُ عَنْهُ كَيْدُ الشَّيْطَانِ ] إنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا [ ؛ وَكُلَّمَا أَرَادَ الْعَبْدُ تَوَجُّهًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِقَلْبِهِ جَاءَ مِنْ الْوَسْوَاسِ أُمُورٌ أُخْرَى ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ بِمَنْزِلَةِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ ، كُلَّمَا أَرَادَ الْعَبْدُ يَسِيرُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَرَادَ قَطْعَ الطَّرِيقِ عَلَيْهِ ؛ وَلِهَذَا قِيلَ لِبَعْضِ السَّلَفِ : إنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يَقُولُونَ : لَا نُوَسْوَسُ ، فَقَالَ : صَدَقُوا ، وَمَا يَصْنَعُ الشَّيْطَانُ بِالْبَيْتِ الْخَرَابِ ... ( مجموع الفتاوى : 22 / 608 ، 609 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحَدٍ فِي مَسَائِلِ النِّزَاعِ ، وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ ، وَدَلِيلٌ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ ذَلِكَ تُقَرَّرُ مُقَدِّمَاتُهُ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ ، لَا بِأَقْوَالِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ ؛ فَإِنَّ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ يُحْتَجُّ لَهَا بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ ، لَا يُحْتَجُّ بِهَا عَلَى الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ ... ( مجموع الفتاوى : 26 / 202 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : رَأَى الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَهْجُرُوا مَنْ ظَهَرَتْ عَلَيْهِ عَلَامَاتُ الزَّيْغِ ، مِنْ الْمُظْهِرِينَ لِلْبِدَعِ الدَّاعِينَ إلَيْهَا ، وَالْمُظْهِرِينَ لِلْكَبَائِرِ ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ مُسْتَتِرًا بِمَعْصِيَةٍ ، أَوْ مُسِرًّا لِبِدْعَةٍ غَيْرِ مُكَفِّرَةٍ ، فَإِنَّ هَذَا لَا يُهْجَرُ ، وَإِنَّمَا يُهْجَرُ الدَّاعِي إلَى الْبِدْعَةِ ؛ إذْ الْهَجْرُ نَوْعٌ مِنْ الْعُقُوبَةِ ، وَإِنَّمَا يُعَاقَبُ مَنْ أَظْهَرَ الْمَعْصِيَةَ قَوْلًا أَوْ عَمَلًا ؛ وَأَمَّا مَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا فَإِنَّا نَقْبَلُ عَلَانِيَتَهُ وَنَكِلُ سَرِيرَتَهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى . .. ( مجموع الفتاوى : 24 / 175 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : لَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْعَالِمَ الْكَثِيرَ الْفَتَاوَى أَخْطَأَ فِي مِائَةِ مَسْأَلَةٍ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَيْبًا ؛ وَكُلُّ مَنْ سِوَى الرَّسُولِ e يُصِيبُ وَيُخْطِئُ .... ( مجموع الفتاوى : 27 / 301 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : الْهَجْرَ مِنْ بَابِ الْعُقُوبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ ، فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؛ وَهَذَا يُفْعَلُ لِأَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ . وَالْمُؤْمِنُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَادِيَ فِي اللَّهِ ، وَيُوَالِيَ فِي اللَّهِ ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مُؤْمِنٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُوَالِيَهُ وَإِنْ ظَلَمَهُ ؛ فَإِنَّ الظُّلْمَ لَا يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ الْإِيمَانِيَّةَ ، قَالَ تَعَالَى : ] وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ . إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ [ فَجَعَلَهُمْ إخْوَةً مَعَ وُجُودِ الْقِتَالِ وَالْبَغْيِ وَالْأَمْرِ بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ ؛ فَلْيَتَدَبَّرْ الْمُؤْمِنُ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ ، فَمَا أَكْثَرَ مَا يَلْتَبِسُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ ، وَلْيَعْلَمْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ تَجِبُ مُوَالَاتُهُ وَإِنْ ظَلَمَك وَاعْتَدَى عَلَيْك ، وَالْكَافِرُ تَجِبُ مُعَادَاتُهُ وَإِنْ أَعْطَاك وَأَحْسَنَ إلَيْك ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ لِيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ، فَيَكُونُ الْحَبُّ لِأَوْلِيَائِهِ ، وَالْبُغْضُ لِأَعْدَائِهِ ، وَالْإِكْرَامُ لِأَوْلِيَائِهِ ، وَالْإِهَانَةُ لِأَعْدَائِهِ ، وَالثَّوَابُ لِأَوْلِيَائِهِ ، وَالْعِقَابُ لِأَعْدَائِهِ ؛ وَإِذَا اجْتَمَعَ فِي الرَّجُلِ الْوَاحِدِ خَيْرٌ وَشَرٌّ وَفُجُورٌ ، وَطَاعَةٌ وَمَعْصِيَةٌ وَسُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ ؛ اسْتَحَقَّ مِنْ الْمُوَالَاةِ وَالثَّوَابِ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْخَيْرِ ، وَاسْتَحَقَّ مِنْ الْمُعَادَاةِ وَالْعِقَابِ بِحَسَبِ مَا فِيهِ مِنْ الشَّرِّ ، فَيَجْتَمِعُ فِي الشَّخْصِ الْوَاحِدِ مُوجِبَاتُ الْإِكْرَامِ وَالْإِهَانَةِ ، فَيَجْتَمِعُ لَهُ مِنْ هَذَا وَهَذَا ، كَاللِّصِّ الْفَقِيرِ تُقْطَعُ يَدُهُ لِسَرِقَتِهِ ، وَيُعْطَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَا يَكْفِيهِ لِحَاجَتِهِ ؛ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ .... ( مجموع الفتاوى : 28 / 208 ، 209 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : وَإِذَا كَانَتْ الْحَاجَةُ فِي الْوِلَايَةِ إلَى الْأَمَانَةِ أَشَدَّ قُدِّمَ الْأَمِينُ ؛ مِثْلُ حِفْظِ الْأَمْوَالِ وَنَحْوِهَا ؛ فَأَمَّا اسْتِخْرَاجُهَا وَحِفْظُهَا فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قُوَّةٍ وَأَمَانَةٍ ، فَيُوَلَّى عَلَيْهَا شَادٌّ قَوِيٌّ ، يَسْتَخْرِجُهَا بِقُوَّتِهِ ، وَكَاتِبٌ أَمِينٌ يَحْفَظُهَا بِخِبْرَتِهِ وَأَمَانَتِهِ . وَكَذَلِكَ فِي إمَارَةِ الْحَرْبِ إذَا أَمَرَ الْأَمِيرُ بِمُشَاوَرَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ جَمَعَ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ ؛ وَهَكَذَا فِي سَائِرِ الْوِلَايَاتِ إذَا لَمْ تَتِمَّ الْمَصْلَحَةُ بِرَجُلِ وَاحِدٍ جَمَعَ بَيْنَ عَدَدٍ ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ تَرْجِيحِ الْأَصْلَحِ أَوْ تَعَدُّدِ الْمَوْلَى إذَا لَمْ تَقَعْ الْكِفَايَةُ بِوَاحِدِ تَامٍّ .... مجموع الفتاوى : 28 / 257 ، 258 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : قَوْله تَعَالَى : ] وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ . وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [ فَنَهَى سُبْحَانَهُ عَنْ الْقُعُودِ مَعَ الظَّالِمِينَ ؛ فَكَيْفَ بِمُعَاشَرَتِهِمْ ؟ أَمْ كَيْفَ بِمُخَادَنَتِهِمْ ؟ وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ تَرَكُوا الْمُقَامَرَةَ بِالْأَيْدِي وَعَجَزُوا عَنْهَا ، فَفَتَحُوا الْقِمَارَ بِالْأَلْسِنَةِ ؛ وَالْقِمَارُ بِالْأَلْسِنَةِ أَفْسَدُ لِلْعَقْلِ وَالدِّينِ مِنْ الْقِمَارِ بِالْأَيْدِي .... ( مجموع الفتاوى : 32 / 254 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : لَيْسَ فِي الْكَائِنَاتِ مَا يَسْكُنُ الْعَبْدُ إلَيْهِ وَيَطْمَئِنُّ بِهِ ، وَيَتَنَعَّمُ بِالتَّوَجُّهِ إلَيْهِ ، إلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ ؛ وَمَنْ عَبَدَ غَيْرَ اللَّهِ - وَإِنْ أَحَبَّهُ وَحَصَلَ لَهُ بِهِ مَوَدَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَنَوْعٌ مِنْ اللَّذَّةِ - فَهُوَ مَفْسَدَةٌ لِصَاحِبِهِ أَعْظَمُ مِنْ مَفْسَدَةِ الْتِذَاذِ أَكْلِ الطَعَامِ الْمَسْمُومِ ... ( مجموع الفتاوى : 1 / 24 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : إذَا كُنْتَ غَيْرَ عَالِمٍ بِمَصْلَحَتِكَ ، وَلَا قَادِرٍ عَلَيْهَا ، وَلَا مُرِيدٍ لَهَا كَمَا يَنْبَغِي ؛ فَغَيْرُكَ مِنْ النَّاسِ أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ عَالِمًا بِمَصْلَحَتِكَ ، وَلَا قَادِرًا عَلَيْهَا ، وَلَا مُرِيدًا لَهَا ؛ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ - هُوَ الَّذِي يَعْلَمُ وَلَا تَعْلَمُ ، وَيَقْدِرُ وَلَا تَقْدِرُ ، وَيُعْطِيكَ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ الِاسْتِخَارَةِ : " اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ " .... ( مجموع الفتاوى : 1 / 33 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : وَسَعَادَةُ الْعَبْدِ فِي كَمَالِ افْتِقَارِهِ إلَى اللَّهِ ، وَاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِ ، وَأَنْ يَشْهَدَ ذَلِكَ وَيَعْرِفَهُ ، وَيَتَّصِفَ مَعَهُ بِمُوجَبِهِ ، أَيْ : بِمُوجَبِ عِلْمِهِ ذَلِكَ ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَفْتَقِرُ وَلَا يَعْلَمُ ، مِثْلَ أَنْ يَذْهَبَ مَالُهُ وَلَا يَعْلَمُ ، بَلْ يَظُنُّهُ بَاقِيًا ، فَإِذَا عَلِمَ بِذَهَابِهِ صَارَ لَهُ حَالٌ آخَرُ ؛ فَكَذَلِكَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ فُقَرَاءُ إلَى اللَّهِ ، لَكِنَّ أَهْلَ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ فِي جَهْلٍ بِهَذَا ، وَغَفْلَةٍ عَنْهُ ، وَإِعْرَاضٍ عَنْ تَذَكُّرِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ ؛ وَالْمُؤْمِنُ يُقِرُّ بِذَلِكَ وَيَعْمَلُ بِمُوجَبِ إقْرَارِهِ ، وَهَؤُلَاءِ هُمْ عِبَادُ اللَّهِ ... ( مجموع الفتاوى : 1 / 41 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : الدُّعَاءُ لِلْغَيْرِ يَنْتَفِعُ بِهِ الدَّاعِي وَالْمَدْعُوُّ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ الدَّاعِي دُونَ الْمَدْعُوِّ لَهُ ؛ فَدُعَاءُ الْمُؤْمِنِ لِأَخِيهِ يَنْتَفِعُ بِهِ الدَّاعِي وَالْمَدْعُوُّ لَهُ . فَمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ : اُدْعُ لِي ، وَقَصَدَ انْتِفَاعَهُمَا جَمِيعًا بِذَلِكَ ، كَانَ هُوَ وَأَخُوهُ مُتَعَاوِنَيْنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ؛ فَهُوَ نَبَّهَ الْمَسْئُولَ وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِمَا يَنْفَعُهُمَا ، وَالْمَسْئُولُ فَعَلَ مَا يَنْفَعُهُمَا ، بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَأْمُرُ غَيْرَهُ بِبِرِّ وَتَقْوَى ؛ فَيُثَابُ الْمَأْمُورُ عَلَى فِعْلِهِ وَالْآمِرُ - أَيْضًا - يُثَابُ مِثْلَ ثَوَابِهِ ؛ لِكَوْنِهِ دَعَا إلَيْهِ ؛ لَا سِيَّمَا وَمِنْ الْأَدْعِيَةِ مَا يُؤْمَرُ بِهَا الْعَبْدُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : ] وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [ فَأَمَرَهُ بِالِاسْتِغْفَارِ ، ثُمَّ قَالَ : ] وَلَوْ أَنَّهُمْ إذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا [ ، فَذَكَرَ - سُبْحَانَهُ - اسْتِغْفَارَهُمْ ، وَاسْتِغْفَارَ الرَّسُولِ لَهُمْ إذْ ذَاكَ مِمَّا أُمِرَ بِهِ الرَّسُولُ ، حَيْثُ أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ .... ( مجموع الفتاوى : 1 / 133 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : قَدْ دَلَّ كِتَابُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْفِتْنَةِ لِكُلِّ مِنْ الدَّاعِي إلَى الْإِيمَانِ ، وَالْعُقُوبَةِ لِذَوِي السَّيِّئَاتِ وَالطُّغْيَانِ ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ] الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ . وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ . أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [ ، فَأَنْكَرَ سُبْحَانَهُ عَلَى مَنْ يَظُنُّ أَنَّ أَهْلَ السَّيِّئَاتِ يُفُوتُونَ الطَّالِبَ ، وَأَنَّ مُدَّعِي الْإِيمَانِ يُتْرَكُونَ بِلَا فِتْنَةٍ تُمَيِّزُ بَيْنَ الصَّادِقِ وَالْكَاذِبِ ... ( مجموع الفتاوى : 3 / 212 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : إنَّ فِي الْمُؤْمِنِينَ مَنْ يَسْمَعُ كَلَامَ الْمُنَافِقِينَ وَيُطِيعُهُمْ ؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنَافِقًا كَمَا قَالَ تَعَالَى : ] وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ [ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ e : ] وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ [ .... ( مجموع الفتاوى : 3 / 216 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : أَوَّلُ دَرَجَاتِ الْإِنْكَارِ أَنْ يَكُونَ الْمُنْكِرُ عَالِمًا بِمَا يُنْكِرُهُ ، وَمَا يَقْدِرُ النَّاسُ عَلَيْهِ ؛ فَلَيْسَ لِأَحَدِ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ كَائِنًا مَنْ كَانَ أَنْ يُبْطِلَ قَوْلًا ، أَوْ يُحَرِّمَ فِعْلًا ، إلَّا بِسُلْطَانِ الْحُجَّةِ ، وَإِلَّا كَانَ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ فِيهِ : ] إنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إنْ فِي صُدُورِهِمْ إلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ [ ، وَقَالَ فِيهِ : ] الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ [ .... ( مجموع الفتاوى : 3 / 245 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : اَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : ] وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [ ، فَمَتَى ظَلَمَ الْمُخَاطَبُ لَمْ نَكُنْ مَأْمُورِينَ أَنْ نُجِيبَهُ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ؛ بَلْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ t لِعُرْوَةِ بْنِ مَسْعُودٍ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ e - لَمَّا قَالَ : إنِّي لَأَرَى أَوْبَاشًا مِنْ النَّاسِ خَلِيقًا أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوك - اُمْصُصْ بَظْرَ اللَّاتِ ، أَنَحْنُ نَفِرُّ عَنْهُ وَنَدَعُهُ ؟ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ مَنْ كَانُوا .... ( مجموع الفتاوى : 3 / 252 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وهو يتكلم عن ِأَهْلِ الْحَدِيثِ : فَهُمْ أَكْمَلُ النَّاسِ عَقْلًا ، وَأَعْدَلُهُمْ قِيَاسًا ، وَأَصْوَبُهُمْ رَأْيًا ، وَأَسَدُّهُمْ كَلَامًا ، وَأَصَحُّهُمْ نَظَرًا ، وَأَهْدَاهُمْ اسْتِدْلَالًا ، وَأَقْوَمُهُمْ جَدَلًا ، وَأَتَمُّهُمْ فِرَاسَةً ، وَأَصْدَقُهُمْ إلْهَامًا ، وَأَحَدُّهُمْ بَصَرًا وَمُكَاشَفَةً ، وَأَصْوَبُهُمْ سَمْعًا وَمُخَاطَبَةً ، وَأَعْظَمُهُمْ وَأَحْسَنُهُمْ وَجْدًا وَذَوْقًا ؛ وَهَذَا هُوَ لِلْمُسْلِمِينَ بِالنِّسْبَةِ إلَى سَائِرِ الْأُمَمِ ، وَلِأَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ بِالنِّسْبَةِ إلَى سَائِرِ الْمِلَلِ ؛ فَكُلُّ مَنْ اسْتَقْرَأَ أَحْوَالَ الْعَالَمِ وَجَدَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدَّ وَأَسَدَّ عَقْلًا ، وَأَنَّهُمْ يَنَالُونَ فِي الْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ مِنْ حَقَائِقِ الْعُلُومِ وَالْأَعْمَالِ أَضْعَافَ مَا يَنَالُهُ غَيْرُهُمْ فِي قُرُونٍ وَأَجْيَالٍ ؛ وَكَذَلِكَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ تَجِدُهُمْ كَذَلِكَ مُتَمَتِّعِينَ . وَذَلِكَ لِأَنَّ اعْتِقَادَ الْحَقِّ الثَّابِتِ يُقَوِّي الْإِدْرَاكَ وَيُصَحِّحُهُ ، قَالَ تَعَالَى : ] وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى [ وَقَالَ : ] وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا . وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا . وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا [ ... ( مجموع الفتاوى : 4 / 9 ، 10 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْأَلْفَاظَ فِي الْمُخَاطَبَاتِ تَكُونُ بِحَسَبِ الْحَاجَاتِ ؛ كَالسِّلَاحِ فِي الْمُحَارَبَاتِ ؛ فَإِذَا كَانَ عَدُوُّ الْمُسْلِمِينَ - فِي تَحَصُّنِهِمْ وَتَسَلُّحِهِمْ - عَلَى صِفَةٍ غَيْرِ الصِّفَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فَارِسُ وَالرُّومُ : كَانَ جِهَادُهُمْ بِحَسَبِ مَا تُوجِبُهُ الشَّرِيعَةُ ، الَّتِي مَبْنَاهَا عَلَى تَحَرِّي مَا هُوَ لِلَّهِ أَطْوَعُ ، وَلِلْعَبْدِ أَنْفَعُ ، وَهُوَ الْأَصْلَحُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . وَقَدْ يَكُونُ الْخَبِيرُ بِحُرُوبِهِمْ أَقْدَرُ عَلَى حَرْبِهِمْ مِمَّنْ لَيْسَ كَذَلِكَ ، لَا لِفَضْلِ قُوَّتِهِ وَشَجَاعَتِهِ ، وَلَكِنْ لِمُجَانَسَتِهِ لَهُمْ ؛ كَمَا يَكُونُ الْأَعْجَمِيُّ الْمُتَشَبِّهُ بِالْعَرَبِ - وَهُمْ خِيَارُ الْعَجَمِ - أَعْلَمَ بِمُخَاطَبَةِ قَوْمِهِ الْأَعَاجِمِ مِنْ الْعَرَبِيِّ ، وَكَمَا يَكُونُ الْعَرَبِيُّ الْمُتَشَبِّهُ بِالْعَجَمِ - وَهُمْ أَدْنَى الْعَرَبِ - أَعْلَمَ بِمُخَاطَبَةِ الْعَرَبِ مِنْ الْعَجَمِيِّ ؛ فَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ : " خِيَارُ عَجَمِكُمْ : الْمُتَشَبِّهُونَ بِعَرِبِكُمْ . وَشِرَارُ عَرِبِكُمْ الْمُتَشَبِّهُونَ بِعَجَمِكُمْ " . وَلِهَذَا لَمَّا حَاصَرَ النَّبِيُّ e الطَّائِفَ رَمَاهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ ؛ وَقَاتَلَهُمْ قِتَالًا لَمْ يُقَاتِلْ غَيْرَهُمْ مِثْلَهُ فِي الْمُزَاحَفَةِ : كَيَوْمِ بَدْرٍ وَغَيْرِهِ ، وَكَذَلِكَ لَمَّا حُوصِرَ الْمُسْلِمُونَ عَامَ الْخَنْدَقِ ، اتَّخَذُوا مِنْ الْخَنْدَقِ مَا لَمْ يَحْتَاجُوا إلَيْهِ فِي غَيْرِ الْحِصَارِ ؛ وَقِيلَ : إنَّ سَلْمَانَ أَشَارَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ ، فَسَلَّمُوا ذَلِكَ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى فِعْلِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ .... ( مجموع الفتاوى : 4 / 107 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : قَوْله تَعَالَى : ] إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَخْشَاهُ إلَّا عَالِمٌ ؛ فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ خَشِيَ اللَّهَ فَهُوَ عَالِمٌ ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى : ] أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ [ ؛ وَالْخَشْيَةُ أَبَدًا مُتَضَمِّنَةٌ لِلرَّجَاءِ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَتْ قُنُوطًا ؛ كَمَا أَنَّ الرَّجَاءَ يَسْتَلْزِمُ الْخَوْفَ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ أَمْنًا ؛ فَأَهْلُ الْخَوْفِ لِلَّهِ وَالرَّجَاءِ لَهُ هُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ الَّذِينَ مَدَحَهُمْ اللَّهُ .... ( مجموع الفتاوى : 7 / 21 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : لَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَحْمِلَ كَلَامَ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ إلَّا عَلَى مَا عُرِفَ أَنَّهُ أَرَادَهُ ، لَا عَلَى مَا يَحْتَمِلُهُ ذَلِكَ اللَّفْظُ فِي كَلَامِ كُلِّ أَحَدٍ ؛ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَتَأَوَّلُ النُّصُوصَ الْمُخَالِفَةَ لِقَوْلِهِ ، يَسْلُكُ مَسْلَكَ مَنْ يَجْعَلُ ( التَّأْوِيلَ ) كَأَنَّهُ ذَكَرَ مَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ ، وَقَصْدُهُ بِهِ دَفْعُ ذَلِكَ الْمُحْتَجِّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ النَّصِّ وَهَذَا خَطَأٌ .... ( مجموع الفتاوى : 7 / 36 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : قَالَ تَعَالَى : ] إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [ ، فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ رَيْبٌ عِنْدَ الْمِحَنِ الَّتِي تُقَلْقِلُ الْإِيمَانَ فِي الْقُلُوبِ ؛ وَالرَّيْبُ يَكُونُ فِي عِلْمِ الْقَلْبِ ، وَفِي عَمَلِ الْقَلْبِ ؛ بِخِلَافِ الشَّكِّ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْعِلْمِ ؛ وَلِهَذَا لَا يُوصَفُ بِالْيَقِينِ إلَّا مَنْ اطْمَأَنَّ قَلْبُهُ عِلْمًا وَعَمَلًا ؛ وَإِلَّا فَإِذَا كَانَ عَالِمًا بِالْحَقِّ ، وَلَكِنَّ الْمُصِيبَةَ أَوْ الْخَوْفَ أَوْرَثَهُ جَزَعًا عَظِيمًا ، لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ يَقِينٍ .... ( مجموع الفتاوى : 7 / 281 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : قَالَ الشَّعْبِيُّ : كُلُّ أُمَّةٍ عُلَمَاؤُهَا شِرَارُهَا إلَّا الْمُسْلِمِينَ ، فَإِنَّ عُلَمَاءَهُمْ خِيَارُهُمْ ؛ وَأَهْلُ السُّنَّةِ فِي الْإِسْلَامِ ، كَأَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي الْمِلَلِ . وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ أُمَّةٍ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ فَهُمْ ضَالُّونَ ، وَإِنَّمَا يُضِلُّهُمْ عُلَمَاؤُهُمْ ، فَعُلَمَاؤُهُمْ شِرَارُهُمْ ؛ وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى هُدًى ، وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ الْهُدَى بِعُلَمَائِهِمْ ، فَعُلَمَاؤُهُمْ خِيَارُهُمْ ؛ وَكَذَلِكَ أَهْلُ السُّنَّةِ أَئِمَّتُهُمْ خِيَارُ الْأُمَّةِ ، وَأَئِمَّةُ أَهْلِ الْبِدَعِ أَضَرُّ عَلَى الْأُمَّةِ مِنْ أَهْلِ الذُّنُوبِ .... ( مجموع الفتاوى : 7 / 284 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : مَنْ قَالَ : الْحُبُّ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ ؛ كَانَ قَوْلُهُ مِنْ أَظْهَرِ الْأَقْوَالِ فَسَادًا ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّاسَ يَتَفَاضَلُونَ فِي حُبِّ اللَّهِ أَعْظَمَ مَنْ تَفَاضُلِهِمْ فِي حُبِّ كُلِّ مَحْبُوبٍ ... ( مجموع الفتاوى : 7 / 567 ) .
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : إِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ ؛ بَلْ أَكْثَرُهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَمْصَارِ لَا يَكُونُونَ مُحَافِظِينَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، وَلَا هُمْ تَارِكُوهَا بِالْجُمْلَةِ ، بَلْ يُصَلُّونَ أَحْيَانًا ، وَيَدَعُونَ أَحْيَانًا ؛ فَهَؤُلَاءِ فِيهِمْ إيمَانٌ وَنِفَاقٌ ، وَتَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةُ فِي الْمَوَارِيثِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ إذَا جَرَتْ عَلَى الْمُنَافِقِ الْمَحْضِ - كَابْنِ أبي وَأَمْثَالِهِ مِنْ الْمُنَافِقِينَ - فَلَأَنْ تَجْرِيَ عَلَى هَؤُلَاءِ أَوْلَى وَأَحْرَى ؛ وَبَيَانُ هَذَا الْمَوْضِعِ مِمَّا يُزِيلُ الشُّبْهَةَ : فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفُقَهَاءِ يَظُنُّ أَنَّ مَنْ قِيلَ : هُوَ كَافِرٌ ، فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَجْرِيَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّ رِدَّةً ظَاهِرَةً ، فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ ، وَلَا يُنَاكَحُ ، حَتَّى أَجْرَوْا هَذِهِ الْأَحْكَامَ عَلَى مَنْ كَفَّرُوهُ بِالتَّأْوِيلِ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ؛ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ : مُؤْمِنٌ ؛ وَكَافِرٌ مُظْهِرٌ لِلْكُفْرِ ، وَمُنَافِقٌ مُظْهِرٌ لِلْإِسْلَامِ مُبْطِنٌ لِلْكُفْرِ . وَكَانَ فِي الْمُنَافِقِينَ مَنْ يَعْلَمُهُ النَّاسُ بِعَلَامَاتِ وَدَلَالَاتٍ ، بَلْ مَنْ لَا يَشُكُّونَ فِي نِفَاقِهِ ، وَمَنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِبَيَانِ نِفَاقِهِ - كَابْنِ أبي وَأَمْثَالِهِ - وَمَعَ هَذَا فَلَمَّا مَاتَ هَؤُلَاءِ وَرِثَهُمْ وَرَثَتُهُمْ الْمُسْلِمُونَ ، وَكَانَ إذَا مَاتَ لَهُمْ مَيِّتٌ آتَوْهُمْ مِيرَاثَهُ ، وَكَانَتْ تُعْصَمُ دِمَاؤُهُمْ حَتَّى تَقُومَ السُّنَّةُ الشَّرْعِيَّةُ عَلَى أَحَدِهِمْ بِمَا يُوجِبُ عُقُوبَتَهُ .... ( مجموع الفتاوى : 7 / 617 ) .
 
عودة
أعلى