هم قد اطّلعوا على صحف موسى ، فرأوا فيها بينة على صدق القرآن .. هذا معنى . وتناسبه قراءة : (أولم تأتهم) بالتاء .
والمعنى الآخر -الذي تناسبه قراءة : (أولم يأتهم) بالياء أي : بيان- :
البحر المديد ـ موافق للمطبوع - (4 / 475) :
أي : أوَ لَمْ يأتهم القرآن الذي فيه بيان ما في الصحف الأولى ؛ التوراة والإنجيل والزبور ، وسائر الكتب السماوية لاشتماله على ما فيها ، وزيادة علوم وأسرار. وهذا رد من جهته تعالى لمقالتهم ، وتكذيب لهم فيها دسوا تحتها ، من إنكار إتيان الآية ، بإتيان القرآن الكريم ، الذي هو أبهر الآيات ، وأسنى المعجزات ، وأعظمها ، وأبقاها ؛ لأن حقيقة المعجزة : اختصاص مدّعي النبوة بنوع من الأمور الخارقة للعادة ، أيّ أمر كان ،
ولا ريب في أن العلم أجلْ الأمور وأعلاها ؛ إذ هو أصل الأعمال ، ولقد ظهر ، مع حيازته لعلوم الأولين والآخرين ، على يد أمي ، لم يمارس شيئًا من العلوم ، ولم يدارس أحدًا من أهلها أصلاً ، فأيّ معجزة تراد بعد وروده ؟ وأيّ آية ترام مع وجوده ؟ ! وفي إيراده بعنوان كونه بينة لما في الصحف الأولى ، أي : شاهدًا بحقية ما فيها من العقائد والأحكام ، التي أجمعت عليها كافة الرسل ، ما لا يخفى من تنويه شأنه وإنارة برهانه ، ومزيد تقرير وتحقيق لإتيانه.