أخونا الفاضل الغامدي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد شعرت أني لو نقلت لك عشرات التفاسير للآيات التي نحن بصددها ، فلن تلتفت لها ، لذلك آثرت مناقشة ما تدّعيه .
قال الله تعالى :
" وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " البقرة:240
وقال تعالى :
" وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ " البقرة:234
اولا : التعقيب على ما تفضلت به:
- قولك ( فآية متاع الأرملة حولاً تلت آية العدة فكيف ينزل الناسخ بعد المنسوخ - تقصد قبل المنسوخ- ؟؟ ) قول غير صحيح !!
- دندنتك حول تفسير الايتين للحفاظ على نساء المسلمين وصيانة حقوقهن وكرامتهن لا حاجة له في النقاش اذا كان موقفك الشرعي قوي . !!
- قولك (( إن هذا الحديث الشريف من أدل الدلائل على أن العدة لم تكن يوماً في الاسلام حولا كاملاً وإنما كانت في الجاهلية كذلك فأتى الإسلام فأبطل ذلك وجعل العدة اربعة أشهر وعشراً ، فلو كان حكما منسوخاً لما احال النبي صلى الله عليه وسلم للجاهلية وترك التاريخ والحكم الأقرب ، ولقال أن الله كان قد افترض عليكن العدة حولاً ثم نسخ ذلك فصارت اربعة أشهر وعشراً ، ولكنه صلى الله عليه وسلم أحال للجاهلية وهي أقرب عهد بالحكم عندهنَّ مما يدل على أن أول حكم بعد حكم الجاهلية في العدة هو الاربعة أشهر وليس الحول.
أما تأول بعض التابعين والرواه والمفسرين رحمهم الله وغفر لهم فهم بشر يجوز عليهم الخطأ ، ولم يرد نص من النبي صلى الله عليه وسلم (صاحب الأمر) بشيء اسمه النسخ لا في هذا الموضع ولا في غيره ، وقد خالفهم في ذلك جمع من أهل العلم فدائما تعودنا أن النسخ محل خلاف لا تجد عليه إجماع كما لا تجد عليه دليل نبوي لأنه باطل كما سنرى فيما يلي .))
فهذا الكلام فيه أغلاط بيّنة ، ولكن يبدو أنك أُشرِبت بلا نسخ !!
- نقلك عن جمال القراء فيه : ( ركز في احتجاجه – في ان الاية غير منسوخة – بقوله بل التلاوة على ترتيب التنزيل ) وهو غير وجيه !!
- لا أرى فيما كتبته انت او نقلته إلا إعمال العقل والقول بالرأي وليس النقل او الاتباع !!
ثانيا : التوضيح للتعقيب :
- قال الواحدي في أسباب النزول ، وذكره السيوطي في لباب النقول :
قَوْلُهُ تَعَالَى:{
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ} الْآيَةَ [234]:
أخبرنا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَدَّادِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُ أَوْلَادٌ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ، وَمَعَهُ أَبَوَاهُ وَامْرَأَتُهُ، فَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَعْطَى الْوَالِدَيْنِ وَأَعْطَى أَوْلَادَهُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ يُعْطِ امْرَأَتَهُ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ أَنْ يُنْفِقُوا عَلَيْهَا مِنْ تَرِكَةِ زَوْجِهَا إِلَى الْحَوْلِ. اهـ
- وقال ابن حجر العسقلاني في كتابه العجاب في بيان الأسباب :
قوله تعالى "والذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج "الآية 240 البقرة
أخرج إسحاق بن راهويه في تفسيره من طريق مقاتل بن حيان في قوله تعالى "والذين يتوفون منكم" الآية إن رجلا من أهل الطائف قدم المدينة و له أولاد رجال و نساء و معه أبوان و امرأته فمات بالمدينة فرفع ذلك إلى النبي فأعطى الوالدين و أعطى أولاده بالمعروف و لم يعط امرأته شيئا غير أنهم أمروا أن ينفقوا عليها من تركة زوجها إلى الحول .
وقال مقاتل بن سليمان في تفسيره عن حكيم بن الأشرف فذكر نحوه وزاد في آخره و ذلك قبل أن تنزل آية المواريث ثم نزلت "والذين يتوفون منكم يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا" و نزلت آية المواريث فجعل للمرأة الثمن أو الربع و كان ميراثها قبل ذلك نفقة سنة .
و قد تقدم في قوله تعالى "والذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا " نحو هذا عن ابن عباس.
و هذه الآية التي هنا سابقة في النزول و التي هناك سابقة في رسم المصحف و قد قال عثمان لعبد االله بن الزبير لما سأله عن ذلك يا ابن أخي لا أغير شيئا منه مكانه يعني بقاء رسمها بعد التي نسختها . انتهى كلام ابن حجر.
- وقال البغوي في معالم التنزيل :
نزلت هذه الآية في رجل من أهل الطائف يقال له حكيم بن الحارث .... وذكر الحديث.
وكانت عدة الوفاة في ابتداء الإِسلام حولاً وكان يحرم على الوارث إخراجها من البيت قبل تمام الحول، وكانت نفقتها وسكنها واجبة في مال زوجها تلك السنة ما لم تخرج، ولم يكن لها الميراث، فإن خرجت من بيت زوجها سقطت نفقتها، وكان على الرجل أن يوصي بها فكان كذلك حتى نزلت آية الميراث، فنسخ الله تعالىٰ نفقة الحول بالربع والثمن، ونسخ عدة الحول بأربعة أشهر وعشراً. اهـ
- وقال ابن الجوزي في زاد المسير:
قال المفسرون: كان أهل الجاهلية إذا مات أحدهم مكثت زوجته في بيته حولا ينفق عليها من ميراثه فإذا تم الحول خرجت إلى باب بيتها ومعها بعرة فرمت بها كلبا، وخرجت بذلك من عدتها وكان معنى رميها بالبعرة: أنها تقول مكثي بعد وفاة زوجي أهون عندي من هذه البعرة .
ثم جاء الإسلام فأقرهم على ما كانوا عليه من مكث الحول بهذه الآية "
وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ " ثم نسخ ذلك بالآية المتقدمة في نظم القرآن على هذه الآية وهي قوله تعالى: {
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } ونسخ الأمر بالوصية لها بما فرض لها من ميراثه . اهـ
- وقال ابو حيان في البحر المحيط :
ونقل القاضي أبو الفضل عياض بن موسى اليحصبي، وأبو محمد بن عطية الإجماع على نسخ الحول بالآية التي قبل هذه.
وروى البخاري عن ابن الزبير، قال: قلت لعثمان: هذه الآية في البقرة {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً} إلى قوله: {غير إخراج} قد نسخت الأخرى فَلِمَ تكتبها. قال: ندعُها يا ابن أخي، لا أغير شيئاً من مكانه.
ويعني عثمان: من مكانه الذي رتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، لأن ترتيب الآية من فعله صلى الله عليه وسلم لا من اجتهاد الصحابة.اهـ
- وقال الرازي في تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير:
المسألة السابعة: أجمع الفقهاء على أن هذه الآية ناسخة لما بعدها من الاعتداد بالحول وإن كانت متقدمة في التلاوة غير أبـي مسلم الأصفهاني فإنه أبـى نسخها، وسنذكر كلامه من بعد إن شاء الله تعالى، والتقدم في التلاوة لا يمنع التأخر في النزول، إذ ليس ترتيب المصحف على ترتيب النزول، وإنما ترتيب التلاوة في المصاحف هو ترتيب جبريل بأمر الله تعالى. اهـ
- وقال القاسمي في تفسير محاسن التأويل :
الثالثة: أكثر الفقهاء على أنّ هذه الآية ناسخة لما بعدها من الاعتداد بالحول وإن كانت متقدمة في التلاوة، فإن ترتيب المصحف ليس على ترتيب النزول بل هو توقيفيّ. اهـ
- وقال ابن عاشور في تفسير التحرير والتنوير:
موقع هذه الآية هنا بعد قوله
{ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن } البقرة 243 إلى آخرها في غاية الإشكال فإن حكمها يخالف في الظاهر حكم نظيرتها التي تقدمت، وعلى قول الجمهور هاته الآية سابقة في النزول على آية { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن } يزداد موقعها غرابة إذ هي سابقة في النزول متأخرة في الوضع.
والجمهور على أن هذه الآية شرعت حكم تربص المتوفى عنها حولاً في بيت زوجها وذلك في أول الإسلام، ثم نسخ ذلك بعدة الوفاة وبالميراث، روي هذا عن ابن عباس، وقتادة والربيع وجابر بن زيد. وفي البخاري في كتاب التفسير عن عبد الله بن الزبير قال «قلت لعثمان هذه الآية، { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم } قد نسختها الآية الآخرى فلم تكتبها، قال لا أغير شيئاً منه عن مكانه يابن أخي»
فاقتضى أن هذا هو موضع هذه الآية، وأن الآية التي قبلها ناسخة لها، وعليه فيكون وضعها هنا بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم لقول عثمان «لا أغير شيئاً منه عن مكانه» ويحتمل أن ابن الزبير أراد بالآية الأخرى آية سورة النساء في الميراث. اهـ
ثالثا : التلاوة ليست على ترتيب التنزيل :
- قال الله تعالى : ( وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلا ) الإسراء/106 .
قال السعدي رحمه الله : أي : وأنزلنا هذا القرآن مفرقًا، فارقًا بين الهدى والضلال، والحق والباطل .
( لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ) أي : على مهل ، ليتدبروه ويتفكروا في معانيه، ويستخرجوا علومه .
( وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلا ) أي : شيئًا فشيئًا ، مفرقًا في ثلاث وعشرين سنة اهـ تفسير السعدي
- توجيه النبي صلى الله عليه وسلم للكُتَّاب بأن يضعوا الآية أو الآيات التي تنزل في مواضعها من سورها :
ويدل على ذلك الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد والترمذي وأبو داود والحاكم من حديث عبد الله بن عباس عن عثمان بن عفان رضي الله عنهم قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان، ينزل عليه من السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده فيقول: "ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا. وينزل عليه الآية فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وينزل عليه الآيات فيقول: ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا"
الحديث أخرجه أحمد في مسنده ج1 – ص57،69، والترمذي في كتاب التفسير، تفسير سورة التوبة. سنن الترمذي ج5 – ص272، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء من جهر بها. سنن أبي داود ج1 – ص268. والحاكم في المستدرك ج2 – ص221، 330 وصححه ووافقه الذهبي.
- ليس لأحد التألي على الله عز وجل بأن يجعل لنفسه تصورا ثم يحاجج به مناظره !!!
مثل من يظن ان التلاوة على ترتيب التنزيل تلغي النسخ فيبالغ ويضرب المثل لله او يتغافل عن أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم او يُجوِز الخطأ على أحد من السلف، فإنه اذا لم يستطع ان يغوص في الادلة ليستدل بها على الناسخ من المنسوخ فلا يتألى على الله ولا على رسوله ولا على المؤمنين ... !!!
قال الماوردي في شرح مختصر المزني :
دلائل النسخ عند تنافي الحكمان :
الاول : أن يتقدم أحدهما ويتأخر الاخر فيعلم أن المتأخر ناسخ للمتقدم ، فإن قيل فقوله تعالى في العدة
" وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا " البقرة 234 ناسخ لقوله تعالى "
مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ " البقرة 240 وهو غير متقدم عليه.
قيل هو متقدم عليه في التلاوة ومتأخر عنه في التنزيل ، وقد عدل بترتيب التلاوة عن ترتيب التنزيل بحسب ما أمر الله تعالى به للمصلحة التي استأثر الله تعالى بعلمها .
فقد قيل ان أخر اية نزلت في القران قوله تعالى " واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله " البقرة 281 وهي متقدمة في سورة البقرة ، وأول ما نزل من القرآن سورة " اقرأ باسم ربك الذي خلق " وهي متأخرة في المفصل .
والنسخ انما يتأخر ويختص في التنزيل دون التلاوة .و ان أشكل المتقدم والمتأخر وجاز ان يكون كل واحد متقدما او متأخرا عدل الى الدليل الثاني ،
الثاني : وهو بيان الرسول صلى الله عليه وسلم : فإن ثبت عنه بيان الناسخ من المنسوخ عمل عليه وكانت السنة مبينة له ولم تكن ناسخة . و إن عدم بيان الرسول صلى الله عليه وسلم عدل الى الدليل الثالث ،
الثالث : وهو الاجماع فإن انعقد الاجماع على تعيين الناسخ و المنسوخ عمل عليه وكان الاجماع مبينا ولم يكن ناسخا . وإن عدم الاجماع عدل الى الدليل الرابع ،
الرابع : وهو الاستعمال فإن كان احدهما مستعملا والاخر متروكا كان المستعمل ناسخا والمتروك منسوخا . فإن لم يوجد في الاستعمال بيان إما لاشتباهه او لاشتراكه عدل الى الدليل الخامس ،
الخامس : وهو الترجيح بشواهد الاصول وتطلب الادلة وكانت غاية العمل به . انتهى
رابعا : الترجيح :
الأية المنسوخة :
قال الله تعالى :
" وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " البقرة:240
الأية الناسخة :
قال تعالى :
" وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ " البقرة:234
الحكم بالنسخ :
وجه النسخ أن الآية الأولى في المتوفى عنها زوجها يجعل لها النفقة والسكنى مدة سنة بشرط عدم خروجها فإن خرجت سقط حقها ولكن تبقى على عدتها الحول بدون نكاح.
والآية الثانية ناسخة لأنها في ذات الحالة لكنها أفادت وجوب الانتظار أربعة أشهر وعشرة أيام ومنعت الخروج.
السبب :
- نقل غير واحد الاجماع على النسخ .
- جمهور المفسرين وأكثر العلماء على النسخ .
- ليس في هذا نسخ ، غلط بيّن ؛ لأنه إذا كان حكمها أن تعتد سنة إذا لم تخرج، فإن خرجت لم تمنع، ثم أزيل هذا ولزمتها العدة أربعة أشهر وعشرا، وهذا هو النسخ .
- اذا كنت قاضيا وترى بإحكام الأيتين فيجوز لك الحكم بأي من الايتين على انفصال ،
بمعنى إذا كنت قاضيا وعُرضت عليك قضية ( مات عنها زوجها ) ودرست ملابسات القضية وظروف الرعية ، وحيث ترى الإحكام في الايتين فيجوز لك أن تحكم في هذه القضية بمقتضى الاية المنسوخة بدون استخدام الاية
الناسخة في حكمك .
- حيث انه اذا كنت قاضيا يحكم بما أنزل الله عز وجل ( وهم قليل ) فلا يمكن الحكم بمقتضى الاية المنسوخة ويكون الحكم بمقتضى الاية الناسخة مع ما يحق للأرملة من حق او متاع .
فإن يك صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان.
أخيرا : أرجو الله تبارك وتعالى أن يشرح صدرك لقبول هذا الحكم ، لنمضي قدما الى غيره من قضايا .