سلسلة : إبطال دعاوى نسخ الكتاب الحكيم

السلام عليكم أخ عدنان الغامدي ..... أنا من طلاب العلم الذين يميلون إلى القول بعدم النسخ في القرآن الكريم وكل يوم يزداد اقتناعي بهذ الرأي وأن الآيات كلها محكمة وأقصد بمحكمة أي غير منسوخة وأنه يمكن الاستفادة من آيات الأحكام كلها وشكر الله جهدك وبارك في علمك ......... لكن للأسف بدايتك خطأ ... فلسنا في معركة فلوم العلماء السابقين الذين قالوا بالنسخ أوالعلماء المخالفين لنا في الرأي أمر غير مستحسن من طلاب العلم ... فبعض كلامك يشير من طرف خفي أن العلماء ابتدعوا أمر النسخ من عندهم ولم يكن موجودا في الأحكام على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أمر فيه نظر ... فقد جاءت أحاديث في دلالتها نسخ الأحكام منها اني كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها .. ومنها حديث النهي عن ادخار لحوم الأضاحي ثم السماح لهم بذلك ومنها زواج المتعة ... فمن الواجب عند عرض الآراء ألا نشن حربا على الرأي الآخر ..... وفقني الله وإياك للحق ولما يحبه ويرضاه
 
بسم1​
أخي الحبيب عبدالمنصف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اسعدني مروركم الكريم وأقدر لكم ما تفضلتم به ، ولكن لو قرأت رأس الموضوع وأولى المشاركات فيه فستجد أني قلت :

ولكل أخ كريم في هذا الملتقى وسواه يعشق النسخ ويبحث عما يثبته بأي طريقة أقول لهم ابحثوا عن الحق بتجرد ولا تميل إلى جانب دون الخروج من القناعات السابقة والنظر للمسألة من خارج المعترك ذاته لكي تستطيع أن تصل للحق ، وإن كنت تظن أنك على حق فاحمد الله وادع لسواك بالهداية لطريق الصواب سواء كنت ممن ينكر النسخ أو ممن يثبته ، فطالما سَلِمتِ عقيدة المرء فالاختلاف في سواها جائز لا ينبغي التعصب تجاهه أو الغضب في شأنه ، والله الهادي إلى سواء السبيل.

فأتقبل الاختلاف وأدرك أن طول الأمد وتوارث المسألة جيلاً بعد جيل واستقرارها في موروثنا يجعل من الصعوبة بمكان انكارها أو الحكم ببطلانها ، علماً بأني اتحدث عن دعاوى النسخ في القرآن الكريم ولم اتحدث عن بعض المسائل التي ورد فيها امر نبوي ثم نقضه أمر آخر ، ولست أتحدث عما شرع للناس في شرائع سالفة ثم جاء الاسلام بنقضه وانساءه واثبات سواه ، بل أعتقد أن هذا المراد بالنسخ في اصله .

اما سلف الأمة رحمهم الله وأحسن إليهم فمعاذ الله أن أُلحِق بهم السوء ولكني أنا وأنت وغيرنا يعلم أن بيننا وبنيهم اجيالا من الرواه والناقلين فهناك حلقات مفقودة وليس كل ما ينسب إليهم موثوق وعلى درجة صحة يؤخذ بها ، فالكثير من دعاوى النسخ تجد فيها بضع روايات منسوبة لصحابي واحد وكل واحد يناقض الآخر فكيف نقطع بوقوع النسخ ونحن نرى الاضطراب والخلل كالشمس في رابعة النهار ؟؟
وكيف لنا أن نحكم بوقوع النسخ إن وجدنا أن التناقض المزعوم لا أصل له (كمسألة عدة الأرملة وحقها في السكنى) ؟ وإن وجدنا أن المسألة لم تكن أبداً حكما نقضه حكما آخر فماذا نفعل بتلك الروايات ؟؟
بالتأكيد لن ننسب الجرم لصحابي لم نسمع منه ولا نثق بنسبة القول إليه اصلاً ولكن ننسب الخلل في السلسلة التي وصل إلينا هذا القول من خلالها .

أخي الحبيب ، لقد وصل النسخ إلى 220 آية ووصلت الأقوال إلى 13 قولاً مختلفاً في النسخ فمن يتحمل إبطال قول الله وحكمه ؟؟ ومن يجرؤ على تصويب احدها ؟؟ وإن صوبنا واحداً فلزم البقية القول بالبطلان قولا واحداً ، فلماذا ندس رؤوسنا في الرمال ونحن نرى صوراً شتى من العبث في كتاب الله بإبطال أحكامه وتعطيلها وترقيق تلك الاقوال الباطلة.

عرف عن علماء مصطلح الحديث قسوتهم في مسائل الجرح والتعديل ، فنجدهم يصمون الراوي بالمدلس والكذاب والمخلط برغم أن احاديث اولئك الرواه تصحح ويؤخذ بها لأسباب أخرى وتحت ظروف معينة ولم نلقي باللائمة عليهم ونقول اختاروا لفظاً أرق غير مدلس وكذاب ومخلط لأن المسألة علمية لا تخضع للعاطفة بل تتعلق بالتشريع وبنسبة حديث لنبي الله صلى الله عليه وسلم وقد يكون مكذوباً ، افلا يكون نقض احكام الله في ذات الدرجة من الأهمية إن لم تكن أولى واهم ؟؟.

كل ما أرجوه من إخوتي الفضلاء والسادة العلماء أن يفندوا ما يقرأون ويسعون في إثبات عكسه ونقضه من اساسه وسأقبل تقريرهم أو ارد عليه ، إلا أن المطلع للردود والمواضيع التي فتحت في مكان آخر غير هذا الموضوع تجد الوانا من التضليل والتفسيق والتبديع واسقاط كل نقيصة على من يقول بذلك القول وبالأصح على شخصي الضعيف وأنا لا أملك إلا أن اقول عفى الله عنهم وسامحهم وتجاوز عني وعنهم وغفر لي ولهم وارانا الحق حقاً والباطل باطلا وجعلنا ممن يستعمله للدفاع عن كتابه الكريم .
 
السلام عليكم ورحمة الله
يسر الله لك أخي عدنان وجعل الله عملك في ميزان حسناتك ... إنما آثرت التأخر في الرد حتى لا ينقطع تسلسل الموضوع ولا يتشتت القراء ... وكما ذكرت لك أنا من الذين يميلون إلى القول بعدم النسخ ... لكن لازلت أجد مشكلة في توجيه قول الله تعالى ...يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ ۚ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ ۚ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ .... ثم إني أحتاج بعض المراجع لما ذكرته من أقوال بعدم النسخ ربما أحتاجها في بحث علمي ......... جزاك الله خيرا
 
بارك الله بكم جميعا على الافادة
وأخص بالشكر الاخ عدنان الغامدي
 
أخي الفاضل عبدالمنصف وفقه الله ، بالنسبة لقوله تعالى :

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ ۚ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ ۚ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ

فقد تطرقنا أنا والاستاذ شايب لمسألة الصدقة والنجوى ، وقدم أخي الاستاذ شايب كلاماً وجيه هنا
https://vb.tafsir.net/forum2/thread54291-2.html#post279563

وقد عقبت عليه واحرر ما عقبت به على النحو التالي :

تأويل الآية الذي يذهبون إليه ويستنتجون منه النسخ منكر باطل من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول : قولهم بأن تلك الصدقة كانت فريضة - في حين لم تكن الصدقة قط فريضة- وهذا القول يستلزم الطاعة والإذعان من جميع صحابة رسول الله ولكنهم يصرحون باتهام كافة الصحابة (بقولهم هذا) أنهم خالفوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم وتوقفوا عن النجوى حتى لايتصدقون بشيء فيمتنعون بذلك عن النجوى ، ولم يأت أمر رسول الله إلا علي ابن أبي طالب الذي كان من الثابت أنه من فقراء الصحابة ، وهنا نشتم رائحة التدليس الرافضي والدس الصفوي الذي يطعن في صحابة رسول الله ولكن المبطلين لا يهمهم ذلك طالما ينتصر لقضية ابطال أحكام الله وإطلاق ايدي الخلق في كلام رب العالمين يعبثون به تحت اسم (السلف) والسلف من ذلك براء.
وفي ذات الوقت فقد اشتملت الآية التي يدعون ابطالها على قوله تعالى ( فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) فأين الوجوب هنا ؟؟ طالما أن من لم يجد فإن الله غفور رحيم ، فلو كانت واجبةً لجعل لها بديلا كمسألة الكفارات ونحوها.
قال في ذلك ابن جرير رحمه الله:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ) قال: نهوا عن مناجاة النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حتى يتصدقوا، فلم يناجه إلا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قدم دينارًا فتصدق به، ثم أنـزلت الرخصة في ذلك.انتهى كلامه

الوجه الثاني : اتهام الله باطلاً أنه أمر بذلك ليخفف عن نبيه مسائل المسلمين وفي ذلك يقول ابن جرير :
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً )، وذاك أن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، حتى شقوا عليه، فأراد الله أن يخفف عن نبيه؛ فلما قال ذلك صبر كثير من الناس، وكفوا عن المسألة، فأنـزل الله بعد هذا فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ، فوسع الله عليهم، ولم يضيق.انتهى كلامه

أي أن الله وضع شرعة تمنع الناس من إتيان رسول الله وسؤاله والاستفتاء عنده ، وكل ذلك من عند انفسهم بلا دليل ولا قول معصوم فكيف تريد أيها المبطل أن يقبل هذا ؟؟
إن هذا الفعل يتعارض مع كتاب الله نفسه ، فقد بعث الله نبيه ليبين للناس وفي ذلك يقول جل شأنه (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) ، بل كيف يكون هذا الفعل من الله تجاه عباده وهو يلوم نبيه صلى الله عليه وسلم عندما انشغل عن ابن أم مكتوم بدعوة كافر قرشي فأنزل سورة عبس :
عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَىٰ (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَىٰ (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَىٰ (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّىٰ (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَىٰ (8) وَهُوَ يَخْشَىٰ (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ (10) كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) عبس
فكيف يحجب الله خلقه عن الذكرى واستفتاء الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف نجيب الملحدين إذا قالوا ربكم لا يسمح بالسؤال إلا بثمن وماذا نقول إذا قيل أن النبي يتقاضى مالا مقابل الجلوس لحوائج أتباعه ؟؟
ألا ندرك بعقولنا التي وهبنا الله إياها سخافة هذه الرواية وتهافتها وبطلانها وطعنها في الله وفي رسوله وفي صحابة رسوله ؟؟

ولنقس على ذلك دعوى افتراض قيام الليل ثم التراجع عن الحكم ونسخه ، الذي ينطوي على اتهام للصحابة أنهم كانوا ينامون عنها وهي فريضة ماعدا طائفة من الذين آمنوا ، وأن الله بدا له أن الناس لا يطيقونها فعاد عن أمره ونسخ فريضته وابطل حكمه لما رأى من حال اصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم ولعمري أن هذا هو البداء الذي ينسبه اليهود لله تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً.
والحقيقة أنها فريضة مخصوصة للنبي صلى الله عليه وسلم لم تفترض على اتباعه اصلا وبقي صلى الله عليه وسلم يقوم الليل حتى قبض وكان ينهى الناس عن مجاراته في قيام الليل خوفا من ان تفترض عليهم فكيف يمنعهم من متابعته عليها إن كانت فرضت ونسخت ؟؟؟

وبالرغم من كل ذلك فأنا في طور إعداد بحث عن مفهوم النجوى والسر على ضوء آي القرآن الكريم وتطرقت بالتفصيل لدعوى الإبطال في مسألة النجوى ولعلي انشره قريباً والله الموفق
 
الفصل الثامن : آيةُ السّيف ودعوى أنّها نسخت قرآناً كثيراً
قال الحق تبارك وتعالى :
{ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [التوبة:5]
سيكون منهج العرض والاستدلال في هذا الموضع مغايراً لما درجنا عليه في الآيات والمواضع السابقة ، فبعد الانتهاء من هذا التقديم سننطلق لنأخذ المدعى نسخُهُ آيةً آية ونعرض أقوال العلماء الكرام فيها والقائلون بنسخها و نشهد بأعيننا التضارب في القول بالنسخ وعدمه وكأنه مما يسوغ فيه الخلاف، وليس كلام الله العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فيسوغ عند الكثير أن يقول : "قال جمع من المفسرين بنسخها" .. الخ هكذا بلا قول نبوي ثابت صحيح ولا دليل قرآني قاطع الدلالة ، بل مجرد آراء رجالٍ يدحض بعضها بعضا،فيثبت النسخ وينقض النسخ بدون أن تتحرك حاسة الخشية والرهبة من التأرجح في موضع لا يصح ولا يجوز فيه التأرجح.

ولأنَّ القول بالنسخ باطلٌ وفريةٌ ممجوجة فسوف ننظر كيف أنَّ القول بالنسخ هنا كمن أراد أن يشعل ناراً يتدفأ بها فإذا به يحرق منزله ومنازل جيرانه ، فمن أبطل بهواه إحدى الآيات بدون دليل فقد فتح الباب لعشرات أن يتوغلون في كتاب الله فيحرقون ويبطلون ما يشاءون ثم يقال ( قال فلان منسوخة ، وقال فلان ليست منسوخة ) بكل بساطة بلا دليل ثابت صحيح معتبر ولا حتى قرينة مقبولة.

ومن نتائج هذا القول وبالنظر للآيات التي ابطلتها آية السيف -زعما- منها ما يستشهد به على أحكام معاملة المخالف والعدل والإحسان إليه والبر تجاهه فكيف نجمع بين هذه القيم التي نرددها في المحاضرات والخطب وبين كونها منسوخة معطلة الحكم ؟؟.
أليس من التناقض أن نصنف المصنفات ونؤلف المؤلفات في الذب عن شريعتنا السمحاء و ندفع الشبهات التي نستعيب منها ونحن في مكان آخر نثبتها وندافع عنها كقواعد أصولية مقدسة ؟؟.
ألا ينبئ القول عن نفسه ويظهر الحق ذاته ويفضح الباطل سوأته حين يظهر التناقض بين مبدأ الإحسان والرحمة في موضع الرحمة ، والعفو والصفح في موضعه والقوة والحزم في موضعها - من جهة- ونقولنا التي نسخت كل تلك القيم وزعمت تعطيلها وإبطالها؟.
وفي هذا الموضع سنشهد إحدى منعطفات الفقه والفكر الاسلامي فالنسخ من إحدى الويلات والكوارث التي جرها على المسلمين هو إدعاء نسخ التالي من الآيات فالخوارج والدواعش والضُّلَّال من المنتسبين لأمة محمد أجروا دِماء الأبرياء أنهاراً تحت هذا العنوان وهو النَّسخ وسنثبت ذلك فيما يلي إن شاء الله، وأول ما نقرره هنا أن تسميتها بآية السيف لا يعرف له أصلاً فلم يسمها النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الإسم في حين أن تسمية السور والآيات تسمية توقيفية لا ينبغي أن يصار إليها من عند أنفسنا ، وهذه الآية الكريمة قد ذكر عنها السيوطي رحمه الله في الاتقان أنه قد أدعي نسخها لأكثر من مائة وأربع وعشرين آية ، ولنبدأ في استعراض فرية "نسخ قرآن كثير" بما يسمى آية السيف

يتبع

 
يُدَّعى أن آية السيف نسخت مَا يلي :
{ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:256]
جاء فيما ذكره ابن كثير رحمه الله:
وقد ذهب طائفة كثيرة من العلماء أن هذه محمولة على أهل الكتاب ومن دخل في دينهم قبل النسخ والتبديل إذا بذلوا الجزية . وقال آخرون : بل هي منسوخة بآية القتال وأنه يجب أن يدعى جميع الأمم إلى الدخول في الدين الحنيف دين الإسلام ، فإن أبى أحد منهم الدخول فيه ولم ينقد له أو يبذل الجزية ، قوتل حتى يقتل .

وهذا معنى الإكراه قال الله تعالى : (
ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون ) [ الفتح : 16 ] وقال تعالى : ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ) [ التحريم : 9 ] وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين ) [ التوبة : 123 ] وفي الصحيح : " عجب ربك من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل " يعني : الأسارى الذين يقدم بهم بلاد الإسلام في الوثائق والأغلال والقيود والأكبال ثم بعد ذلك يسلمون وتصلح أعمالهم وسرائرهم فيكونون من أهل الجنة .

أما القرطبي رحمه الله فمن بين ما عرضه من أقوال :
قيل إنها منسوخة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أكره العرب على دين الإسلام وقاتلهم ولم يرض منهم إلا بالإسلام ، قاله سليمان بن موسى ، قال : نسختها يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين .
وروي هذا عن ابن مسعود وكثير من المفسرين .

التعليق على الأقوال في هذا الموضع :

لا شك أن إبطال هذه الآية العظيمة يتبعه لوازم خطيرة :

أولاً : مشروعية ووجوب إجبار الكافر على اعتناق الإسلام رغماً عنه لأن الإكراه لم يعد منفياً بل يجب أن ترغم الكافر على الدخول في الإسلام بحد السيف فإن أبى فلك أن تضرب عنقه.

ثانيا :بذلك لم تعد الإرادة الحرة والأمانة التي حملها الإنسان والمشيئة التي يحاسب العبد بها ، لم تعد ذات أهمية ولم يعد لها هدف فالمهم أن نجمع أكبر عدد من المسلمين سواء كان إسلامهم إيماناً صادقاً بالله تعالى أو كان استسلاماً لواقع السيف ومنطق الجبر والتهديد.

ثالثاً :إن الله جل في علاه غني عنا وعن عبادتنا ، فإن كان المؤمن يشفق أن لا تقبل له طاعة إن شك في وجود دَخَلٍ من رياءٍ أو شرك ، ويرتعد من ضياع أجره وإحباط عمله بخلل في نية الإفضاء للعمل فكيف تصبح صلاة المكره بالسيف مقبولة ، و مالفائدة إن كان استسلامه باباً لدخول جهنم ؟؟.

رابعاً : أما توجيه قوله صلى الله عليه وسلم " عجب ربك من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل " فإن الإحسان للأسير والرفق به وإيثاره بالطعام والرعاية باباً عظيما من ابواب البرِّ يجعل من ذلك الأسير مأخوذاً بعطف المسلمين وحسن خلقهم فيقبل على الإيمان طائعاً مختاراً فكان ذلك مصدراً للعجب فعلاً ، أما إجبار الأسير على اعتناق الإسلام وقلبه ليس بمطمئنٍ لهذا الدين وهذه العقيدة فلا تقود صاحبها إلا للنار فإنه على أعظم شعب النفاق إن أسلم مكرهاً ، فمن أين لهم هذا القول وهو يعارض المعلوم من الدين بالضرورة؟ .

خامساً : أن اقرار هذا الإجبار يوجب أن نهب فوراً فنقاتل الناس بلا تردد لأن ترك ذلك يعني تعطيل لحكم الله وهذا ينافي موادعة النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين واليهود ومعاهدتهم.

‏لا شك أن القول بالإكراه في هذا الموضوع قول باطل ، فإن الله سبحانه وتعالى كان قد خلق الخلق وجعل الاختيار أمانة وجعل ‏العمل مناط ‏بذلك الاختيار، فلا قبول بلا نية ولا ثواب بلا رغبة وتوجه ، وكما رخّص تعالى للمكره على الكفر فقد أحبط في المقابل عمل المنافق لأن المكره قلبه مطمئن بالإيمان ، أما المرائي والمنافق فقلبه عامر بالكفر.

وهنا نجد التناقض واضحاً بيِّناً ، ولعلنا نستعرض أقوال العلماء رحمهم الله في أهمية النية وملازمتها للعمل الصالح وفساد العمل بدونها وأول قول يسبق اقول العلماء هو قوله صلى الله عليه وسلم : عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنما الأعمال بالنيّات ، وإنما لكل امريء مانوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ) رواه البخاري ومسلم في صحيحهما .

فحصر وقصر قبول العمل بالنية وهي لا تتوفر بكل تأكيد للمكره على الدين ، يقول ابن العربي: «لما سمح الله بالكفر به وهو أصل الشريعة عند الإكراه ولم يؤاخذ به حمل العلماء عليه فروع الشريعة كلها، فإذا وقع الإكراه عليها لم يؤاخذ به، ولا يترتب حكم عليه، وعليه جاء الأثر المشهور عند الفقهاء: « رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه »؛ ولا شك أن فروع الشريعة أقوال وأفعال.

فكيف يؤخذ العهد من المكره ويباح نقض العهد إكراها للمسلم ؟؟ ، يقول ابن قدامة : فرق الفقهاء في ذلك بين الرجل والمرأة، فإذا كان الإكراه واقعًا على المرأة، وذلك بأن أكرهت على الزنا ولم تستطع دفعه عنها فمكنت نفسها خشية وقوع الضرر بها، فالمشهور عند جماهير الفقهاء أنه لا يجب عليها بذلك الحد. واحتجوا على ذلك بقوله تعالى: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْـحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النور: ٣٣]؛ ووجه الاستدلال أن الآية تنفي الإثم على المستكرهة، وإذا انتفى الإثم تمام الانتفاء ارتفع الحد.(د.عبدالقادر أحنوت - مجلة البيان عدد 334)

قال ابن جزي رحمه الله في التسهيل :" (لا إكراه في الدين )
المعنى : أن دين الإسلام في غاية الوضوح وظهور البراهين على صحته ، بحيث لا يحتاج أن يكره أحد على الدخول فيه بل يدخل فيه كل ذي عقل سليم من تلقاء نفسه ، دون إكراه ويدل على ذلك قوله : (
قد تبين الرشد من الغي ) أي قد تبين أن الإسلام رشد وأن الكفر غي ، فلا يفتقر بعد بيانه إلى إكراه "(المصدر السابق) ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾ قال ابن عاشور: " وَنَفْيُ الْإِكْرَاهِ خَبَرٌ فِي مَعْنَى النَّهْيِ، وَالْمُرَادُ نَفْيُ أَسْبَابِ الْإِكْرَاهِ فِي حُكْمِ الْإِسْلَامِ، أَيْ لَا تُكْرِهُوا أَحَدًا عَلَى إتباع الْإِسْلَامِ قَسرا، وَجِيءَ بِنَفْيِ الْجِنْسِ لِقَصْدِ الْعُمُومِ نَصًّا، وهِيَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى إِبْطَالِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الدِّينِ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ". انتهىفالإسلام تحت الجبر والإكراه لا يتحقق والقلب متشرب للكفر كما أن الكفر تحت الجبر والإكراه لا يتحقق والقلب مطمئن بالإيمان.إن القول بمشروعية إكراه الناس على قبول الإسلام واعتناقه منافٍ ومناقض لقول الله في كتابه الكريم في غير موضع ، فنجد في كتابه تعالت ذاته تقرير لزوم المشيئة الحرة وأن الحساب على ذلك الاختيار إنما يكون في الآخرة فيقول تعالى :
{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا } [الكهف:29]
ولقد أعفى الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام من تحقيق نتيجة لدعوته أو ضمان حصول الهداية لمن أرسل إليهم وكان هذا الإعفاء بسؤال استنكاري في عدة مواضع فنجده تعالى يقول (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ) فما عليك يا محمد أن يستمعوا ويستجيبوا أو يعرضوا ويكفروا ، ويقول تعالى (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) فما عليك إلا البلاغ ! ، وكذلك قوله تعالى ( أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُون) وإنما في مسألة الهداية للدين فيقول تعالى (أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) فليس لك من الأمر شيء يا محمد (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) فالإكراه على الإيمان مستنكر كما هو الهدى والبصيرة .

والله تعالى وهو بجلاله وقدرته لم يحقق الهداية لأهل الضلال وهو على ذلك قدير ، ونهى نبيه صلى الله عليه وسلم عن إكراه الناس هدايتهم وتجاوز مهمته التي أرسل من أجلها وهي البلاغ ، وأن هدايتهم إنما تكون بملء إرادتهم الحرة بلا إجبار ولا عسف ، فكيف بنا نحن العباد ؟ { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ }وبالتالي فالقول بنسخ هذه الآية باطل وحكمها باقٍ مستقر لم يبطله شيء وهو كغيره من الأحكام التي قيل بنسخها وهي لم تنسخ ، ويخشى على القائلين بالنسخ في هذا الموضع والقائلين به جملة بالافتئات على الله وتحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله إن هم أصروا على هذا القول والله الهادي على سواء السبيل.


دعوى نسخ آية السيف لقوله تعالى:
{ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنفال:61]
سنختار ما جاء عند شيخ المفسرين رحمه الله تعالى في هذه الآية لأنه يحيط بأكثر وأوثق ما قيل فيها.
وقبل عرض تفسير ابن جرير رحمه الله فسوف نقسم قوله إلى قسمين ، الأول ما نقله من القول بالنسخ ، والقسم الثاني ما نقله من القول بنفي النسخ عن الآية.


  • الأقوال المثبتة للنسخ:
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: (وإن جنحوا للسلم) قال: للصلح، ونسخها قوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [سورة التوبة: 5]
حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: (وإن جنحوا للسلم)، إلى الصلح=(فاجنح لها)، قال: وكانت هذه قبل " براءة ", وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم يوادع القوم إلى أجل, فإما أن يسلموا، وإما أن يقاتلهم, ثم نسخ ذلك بعد في " براءة " فقال: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ، وقال: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً ، [سورة التوبة: 36]، ونبذ إلى كل ذي عهد عهده, وأمره بقتالهم حتى يقولوا " لا إله إلا الله " ويسلموا, وأن لا يقبلَ منهم إلا ذلك. وكلُّ عهد كان في هذه السورة وفي غيرها, وكل صلح يصالح به المسلمون المشركين يتوادعون به، فإن " براءة " جاءت بنسخ ذلك, فأمر بقتالهم على كل حال حتى يقولوا: " لا إله إلا الله ".

حدثنا ابن حميد قال: حدثنا يحيى بن واضح, عن الحسين, عن يزيد, عن عكرمة والحسن البصري قالا ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لهانسختها الآية التي في " براءة "قوله: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ ، إلى قوله: وَهُمْ صَاغِرُونَ [سورة التوبة: 29]

ونقل ابن جرير رحمه الله من سيرة ابن هشام جاء : حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق,(وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)، أي: إن دعوك إلى السلم =إلى الإسلام= فصالحهم عليه.

حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)، قال: فصالحهم. قال: وهذا قد نسخه الجهاد.


  • الأقوال النافية للنسخ:
حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط, عن السدي: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)، يقول: وإن أرادوا الصلح فأرده.
قال أبو جعفر: فأما ما قاله قتادة ومن قال مثل قوله، من أن هذه الآية منسوخة, فقولٌ لا دلالة عليه من كتاب ولا سنة ولا فطرة عقل.
وقد دللنا في غير موضع من كتابنا هذا وغيره على أن الناسخ لا يكون إلا ما نفى حكم المنسوخ من كل وجه.
فأما ما كان بخلاف ذلك، فغير كائنٍ ناسخا.
انتهى كلامه.

وقول الله في براءة: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ، غير نافٍ حكمُه حكمَ قوله.(وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)، لأن قوله: (وإن جنحوا للسلم)، إنما عني به بنو قريظة, وكانوا يهودًا أهلَ كتاب, وقد أذن الله جل ثناؤه للمؤمنين بصلح أهل الكتاب ومتاركتهم الحربَ على أخذ الجزية منهم.

وأما قوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ فإنما عُني به مشركو العرب من عبدة الأوثان، الذين لا يجوز قبول الجزية منهم. فليس في إحدى الآيتين نفي حكم الأخرى, بل كل واحدة منهما محكمة فيما أنـزلت فيه.

حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (وإن جنحوا للسلم)، قال: قريظة.

بين الإثبات والإبطال:
أوردنا بعض صور التعارض المتوافرة عند مفسر واحد ، للاستزادة يمكن الرجوع لِحُجَّة ابن عاشور رحمه الله بنفي النسخ ،أو قول البغوي بإثبات النسخ ما يعكس الخلاف بين المبطلين والمثبتين.
وهذا المثال يكرس المفهوم الذي سبق أن قدمنا له بأن النسخ بلغ حداً من البطلان أن الفقهاء والأئمة المؤمنين به يبطلونه في موضع ويثبتونه في آخر ، ولكن أبسط قواعد العدل في التعامل مع كتاب الله أن نقدم نفي النسخ عندما يحصل الخلاف فعلى أقل تقدير فإننا بحاجة رفع كلام الله وتنزيهه عن هذه الخلافات فالأصل في قول الله الثبات ونفيه وإبطاله بدون دليل افتئات على الله واعتداء على كلامه وكتابه الكريم.
والقول بإبطال الآية يعني بكل بساطة أن الكافر المحارب تنبغي مقاتلته و إن سالم واستسلم ولا يجوز للمسلمين أن يوقفوا قتاله بل عليهم قتله أينما ثقفوه ، ولو توسل وتراجع ، ونستطيع اليوم أن نشهد نموذجاً عملياً لتطبيق النسخ في هذه الآية حيث لا ينفع المستسلمين استسلاماً ولا شهادة بدعوى نسخ المسالمة والموادعة والصفح والبر في حق المخالف فضلا عن المحارب.


يتبع
 
دعوى نسخ آية السيف لقوله تعالى :
{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة:190]
الأقوال المبطلة للآية :
يقول ابن جرير رحمه الله : حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد، وابن أبي جعفر، عن أبي جعفر، عن الربيع في قوله: " وقاتلُوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم ولا تَعتدوا إن الله لا يحبّ المعتدين " قال: هذه أوّل آية نـزلت في القتال بالمدينة، فلما نـزلت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل من يقاتله، ويكفُّ عمن كفّ عنه، حتى نـزلت " براءة "- ولم يذكر عبد الرحمن: " المدينة "..حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: " وقاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم " إلى آخر الآية، قال: قد نسخ هذا! وقرأ قول الله: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً [سورة التوبة: 36]، وهذه الناسخة، وقرأ: بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ حتى بلغ: فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ إلى: إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [سورة التوبة: 1-5].

القائلون بدرء النسخ والإبطال:
وقال آخرون: بل ذلك أمر من الله تعالى ذكره للمسلمين بقتال الكفار، لم ينسخ.
وإنما الاعتداءُ الذي نهاهم الله عنه، هو نهيه عن قتل النساء والذَّراريّ.
قالوا: والنهي عن قتلهم ثابتٌ حُكمه اليوم.
قالوا:
فلا شيء نُسخ من حكم هذه الآية.
* ذكر من قال ذلك:3091 - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن صَدقة الدمشقي، عن يحيى بن يحيى الغساني، قال: كتبتُ إلى عمر بن عبد العزيز أسألهُ عن قوله: " وقاتلوا في سَبيل الله الذين يُقاتلونكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يُحب المعتدين "، قال: فكتب إليّ: " إنّ ذلك في النساء والذريّة ومن لم يَنصِبْ لك الحرَب منهم ".3092 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: " وقاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم " لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أمروا بقتال الكفار.

- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.

-حدثني علي بن داود قال، حدثنا أبو صالح، قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: " وقاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يحب المعتدين " يقول: لا تقتلوا النساء ولا الصِّبيان ولا الشيخ الكبير وَلا منْ ألقى إليكم السَّلَمَ وكفَّ يَده، فإن فَعلتم هذا فقد اعتديتم.

- حدثني ابن البرقي قال، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد بن عبد العزيز، قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عديِّ بن أرطاة: " إني وَجَدتُ آية في كتاب الله: " وقاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يحب المعتدين " أي: لا تقاتل من لا يقاتلك، يعني: النساء والصبيان والرُّهبان ".

قال أبو جعفر: وأولى هذين القولين بالصواب، القولُ الذي قاله عمر بن عبد العزيز.
لأن دعوى المدَّعي نَسْخَ آية يحتمل أن تكون غيرَ منسوخة، بغير دلالة على صحة دعواه، تحكُّم.
والتحكم لا يعجِز عنه أحد.
وقد دَللنا على معنى " النسخ "، والمعنى الذي من قبَله يَثبت صحة النسخ، بما قد أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
فتأويل الآية - إذا كان الأمر على ما وصفنا - : وقاتلوا أيها المؤمنون في سبيل الله = وسبيلُه: طريقه الذي أوضحه، ودينه الذي شرعه لعباده = يقول لهم تعالى ذكره: قاتلوا في طاعتي وَعلى ما شرعت لكم من ديني، وادعوا إليه من وَلَّى عنه واستكبر بالأيدي والألسن، حتى يُنيبوا إلى طاعتي، أو يعطوكم الجزية صَغارًا إن كانوا أهل كتاب.
وأمرهم تعالى ذكره بقتال مَنْ كان منه قتال من مُقاتِلة أهل الكفر دون من لم يكن منه قتال من نسائهم وذراريهم، فإنهم أموال وخَوَلٌ لهم إذا غُلب المقاتلون منهم فقُهروا، فذلك معنى قوله: " قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم " لأنه أباح الكف عمّن كف، فلم يُقاتل من مشركي أهل الأوثان والكافِّين عن قتال المسلمين من كفار أهل الكتاب على إعطاء الجزية صَغارا.
فمعنى قوله: " ولا تعتدوا ": لا تقتلوا وليدًا ولا امرأةً، ولا من أعطاكم الجزية من أهل الكتابَين والمجوس،" إنّ الله لا يُحب المعتدين " الذين يجاوزون حدوده، فيستحلُّون ما حرَّمه الله عليهم من قتل هؤلاء الذين حَرَّم قتلهم من نساء المشركين وذراريهم .ما يلزم الخلاف هنا :لا يمكن قبول الخلاف في هذا الموضع لأنه ليس خلافاً سائغا ذلك أن مؤداه إتيان جرم عظيم في موضعين أولهما الولوغ في دماء محرمة لمن قال بالنسخ ، والثاني وهو الأهم : إبطال آية من كلام الله بغير حق فتعساً لمن اقترف أحدهما فكيف بالاثنين ؟.

ومن تبعات القول بالإبطال هو نسخ تحريم الاعتداء ، فيجوز للقائلين بالنسخ الاعتداء بالمثلة للقتلى واستحلال الفروج والدماء للمحاربين وغيرهم من النساء والأطفال والعجائز والحرث والنسل لأن النهي عن الاعتداء هنا منسوخ فجاز لهم إتيانه بعد إبطال النهي عنه.

وهذا عين الظلم والانحراف عن شريعة الله وعدله ورحمته ،
ثم أن الله وصف هذا الفعل بالاعتداء ، وذيل الآية بقوله (إن الله لا يحب المعتدين) ، والقول بالنسخ يعني تجويز العدوان وإضفاء محبة الله لمرتكبيه لأنه يعاكس مقتضى الآية بدعوى نسخها ، وكذلك بقاء نص معطل نستخدمه للدفاع عن سماحة الإسلام وبيان عدله ونهيه عن العدوان على المخالف حتى لو كان مقاتلا ، ونحن في الحقيقة نعتقد بأننا مأمورون بالعدوان ومرخص لنا في إتيانه لأن الأمر بخلافه معطل بسبب أبطاله ونسخه.

وبرغم أن هذا كاف لإبطال دعوى النسخ في هذا الموضع إلا أننا لو تتبعنا من لا يحبهم الله لوجدناه تعالى لا يحب المعتدين في موضوعين وكذلك فهو لا يحب الظالمين والمفسدين والمختال الفخور ، والخوان الأثيم والكافرين والفرحين والمستكبرين والمسرفين ، وكلها صفات ذميمة وبغض الله تعالى لها ثابت لم يتحول فكيف نجيز لأنفسنا تحريف كتاب الله وتحول البغيض من الأفعال إلى فعل مستحب عنده تعالت ذاته؟

إن الخلاف ومساحته متسعة في فهم النصوص والشرائع ولكن الى حد يتوقف المؤمن عنده ويتحرز من الخوض فيه كثوابت الاعتقاد وكهذا الموضع الذي لا مساحة فيه للاختلاف ، بل إن من يعتقد ببطلان الآية وعكس حكمها فقد حرف وغيَّروبدَّل في كتاب الله بغير وجه حق.

وهذه الحالة مجرد نموذج لما مر معنا من الكوارث التي أدى إليها الافتراء بالنسخ ، فلنتأمل كيف أن أظهر علامات بطلانه أنه ما دخل على أمر حتى أفسد وأبطل وعبث في قول الله وأحكامه وجعله معتركاً للقاصي والداني يتشتت حوله المسلمين طرائق قدداً ، وما سيأتي أظهر وأقوى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

يتبع
 
دعوى نسخ آية السيف لقوله تعالى :
{ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [المائدة:13]
القائلون بالنسخ والإبطال:
وكان قتادة يقول: هذه منسوخة. ويقول: نسختها آية " براءة ": قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ الآية [سورة التوبة: 29].
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " فاعف عنهم واصفح "، قال: نسختها: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ .
حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج بن المنهال قال، حدثنا همام، عن قتادة: " فاعف عنهم واصفح إنّ الله يحب المحسنين "، ولم يؤمر يومئذ بقتالهم ، فأمره الله عز ذكره أن يعفو عنهم ويصفح.
ثم نسخ ذلك في" براءة " فقال: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [سورة التوبة: 29]، وهم أهل الكتاب، فأمر الله جل ثناؤه نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يقاتلهم حتى يسلموا أو يقرُّوا بالجزية.

مثبتي الآية القائلون بعدم النسخ:
قال أبو جعفر: والذي قاله قتادة غير مدفوع إمكانهُ، غير أن الناسخ الذي لا شك فيه من الأمر، هو ما كان نافيًا كلَّ معاني خلافهِ الذي كان قبله، فأمَّا ما كان غير نافٍ جميعَه، فلا سبيل إلى العلم بأنه ناسخ إلا بخبر من الله جل وعز أو من رسوله صلى الله عليه وسلم.
وليس في قوله: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ دلالةٌ على الأمر بنفي معاني الصَّفح والعفو عن اليهود.
انتهى كلامه.

الخلاف يحسم القول
:
إن الخلاف يصيِّرُ القول إلى جانب إثبات قول الله وحكمه ونفي ما ناله من محاولة لإبطاله ، بل إن صورة التضارب والخلاف هذه تضيف مسماراً لنعش النسخ والإبطال برمته.
لقد فات على القائلين بالنسخ بأن المسالمة والعفو والصفح كانت من مقتضيات المرحلة وكان أمراً متعلق بموقف القوم من النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، فكان الأمر بعد ذلك بالقتال لمّا ظهرت الخيانة والتآمر منهم ونقض العهود ، فالحكم الذي تنتجه الآيتين مقيد بما يكون من القوم وليس مطلقاً البتة ، ونقض الآية نسخ لكل ما فيها فقوله تعالى (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) فالنسخ نقض العفو والصفح ومبادلة المسالمة التي هم عليها بقتلهم ولو لم يقاتلوا وهو مناقض لسنة الله القائمة على الجزاء من جنس العمل فيُقاتَلُ المقاتل ويسالَمُ المسالم فالقتال ليس غرضاً يتخذ ولكنه وسيلة لها شروطها ، لذلك فنواسخ العفو والصفح التي تحيل حياة المسلم حياة قتال لكل من خالف فأحالت مصالح الأمة المرعية التي تقود للمسالمة والمعاهدة باباً لتكفير الحكام متأولين بهذه النصوص المدعى نسخها لأحكام متبوعة وشرائع مسموعة.

ومن اللوازم الخطيرة التي يقتضيها القول بنسخ هذه الآية هو الاعتداء على من لا يجوز الاعتداء عليه ، والعمل بعكس العفو والصفح والاحسان ، فيحتل مكانها الإيذاء والإساءة والجور ، وهذه المعاملة لم يأمر بها ربنا جل جلاله في كل موضع بل قال (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) فتكون هذه منسوخة بمقتضى قول الناسخين ، وإن عمل المسلم بمقتضى هذا القول فسوف ينسخ هذا قوله تعالى (فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به).

والقرآن مجموعة من القيم السامية العظيمة المترابطة التي أنزلها الله في كتابه على خلقه وما أن يفتئت عليها أحد ويعبث بحقيقتها ويتأولها على غير وجهها حتى يظهر عوار قوله وتناقض فهمه مع بقية الأحكام المتعلقة بها مما يشرح بعضها بعضها وما هذه الآية وما يليها ويسبقها إلا مثال على ذلك وقد رأينا كيف كان النسخ قولاً مجرداً من الدليل فكيف لنا أن نقبل ابطال حكم الله بقول قائل لا يحيل لقول النبي صلى الله عليه وسلم وهو المبلغ ؟.

يتبع
 
ملاحظة لافتة :
القاسم المشترك بين كل الأقوال هو الإرسال ، فلن تجد قولا محالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن العجيب الغير مفهوم أن ينسب القول للعالم بأن هذه منسوخة ، هكذا بدون دليل ولا مرجع ، والمسلم الحق الذي يستبرئ لدينه لن يقبل قولا كهذا يعطل حكم الله بلا دليل من صاحب الوحي صلى الله عليه وسلم.
 
قال محمد بن كثيرٍ العَبْدي (ت:223هـ) عن همّام بن يحيى البصري قال:(وعن قوله عز وجل: {ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح} حتى يأتي الله بأمره عز وجل فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعفو عنهم ويصفح ولم يؤمر يومئذ بقتالهم ثم نسخ ذلك بعد في براءة فقال: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر إلى قوله وهم صاغرون} فأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقاتلهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية ) . [الناسخ والمنسوخ لقتادة: 1/40-42]
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (الآية الثانية: قوله تعالى: {فاعف عنهم} [159 / آل عمران 13 / المائدة] نزلت في اليهود ثم نسخت بقوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنونبالله ولا باليوم الآخر} الآية [92 / التوبة / 9].).[الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 35-37]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (باب ذكر الآية الرّابعة قال اللّه جلّ وعزّ: {فاعف عنهم واصفح} [المائدة: 13] من العلماء من قال إنّما كان العفو والصّفح قبل الأمر بالقتال ثمّ نسخ ذلك بالأمر بالقتال
كما حدّثنا أحمد بن محمّد بن نافعٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قول اللّه تعالى {ولا تزال تطّلع على خائنةٍ منهم إلّا قليلًا منهم فاعف عنهم واصفح} [المائدة: 13]، قال: " نسخها {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر} [التوبة: 29] الآية "
وقال غيره: ليست بمنسوخةٍ لأنّها نزلت في يهود غدروا برسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم غدرةً وأرادوا قتله فأمره اللّه جلّ وعزّ بالصّفح عنهم قال أبو جعفرٍ: وهذا لا يمتنع أن يكون أمر بالصّفح عنهم بعد أن لحقتهم الذّلّة والصّغار فصفّح عنهم في شيءٍ بعينه
واختلفوا أيضًا في الآية الخامسة فقال بعضهم هي ناسخةٌ وقال بعضهم هي محكمةٌ غير ناسخةٍ ).[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/232-315]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية الثّانية قوله تعالى {فاعف عنهم واصفح}
نزلت في اليهود ثمّ نسخ العفو والصفح بقوله تعالى {قاتلوا الّذين لا يؤمنون بالله} إلى قوله {وهم صاغرون}). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 79-84]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) :(قوله تعالى: {فاعف عنهم واصفح}:
قال قتادة: هي منسوخةٌ بقوله: {قاتلوا الّذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} [التوبة: 29] الآية.
وقيل بقوله: {وإمّا تخافنّ من قومٍ خيانةً} [الأنفال: 58] الآية.
وقال ابن عباس: هي منسوخةٌ بقوله: {اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5].
وهذا كله يدلّ على أن براءة نزلت بعد المائدة.
فأما من قال: المائدة نزلت بعد براءة فالآية عنده محكمةٌ غير منسوخة، لكنها مخصوصة نزلت في قوم من اليهود أرادوا الغدر بالنبي عليه السلام فنجّاه الله منهم، وأمره بالعفو عنهم ما داموا على الذمة، وهو الصواب إن شاء الله، لأن القصة من أول العشر إلى آخره، وما بعده كله نزلت في أهل الكتاب والإخبار عن حالهم وعهدهم وخيانتهم وغير ذلك.
وقد قيل: هي محكمةٌ مخصوصة في زمان دون زمان، فالمعنى: فاعف عنهم واصفح ما دام بينك وبينهم عهد وذمّة.). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 255-279]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (ذكر الآية الرّابعة: قوله تعالى: {فاعف عنهم واصفح}.
اختلف العلماء هل هذا منسوخٌ أم محكم؟ على قولين،:
أحدهما: أنّه منسوخٌ، قاله الأكثرون، ولهم في ناسخه ثلاثة أقوال:
أحدهما: آية السّيف.
أخبرنا ابن ناصرٍ قال: أبنا ابن أيّوب، قال: أبنا أبو عليّ بن شاذان، قال: بنا أبو بكر النجاد، قال: بنا أبو داود السجستاني، قال: بنا أحمد بن محمّدٍ، قال: حدّثت عن معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما {فاعف عنهم} {وإن تعفوا وتصفحوا} ونحو هذا من القرآن نسخ (كلّه) بقوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.
والثّاني: {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه}.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد اللّه، قال: أبنا ابن بشران، قال: أبنا إسحاق بن أحمد، قال: أبنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، قال: حدّثني أبي، قال بنا عبد الرزاق، قال: بنا معمرٌ عن قتادة {فاعف عنهم واصفح} قال: نسختها قوله تعالى: {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر}.
والثّالث: {وإمّا تخافنّ من قومٍ خيانةً}.
والقول الثّاني: أنّه محكمٌ، قال بعض المفسّرين: نزلت في قومٍ كان بينهم وبين النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عهدٌ، فغدروا وأرادوا قتل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وأظهره اللّه عليهم، ثمّ أنزل هذه الآية، ولم تنسخ.
قال ابن جريرٍ: يجوز أن يعفي عنهم في غدرةٍ فعلوها ما لم ينصبوا حربًا، ولم يمتنعوا من أداء الجزية، والإقرار بالصّغار فلا يتوجه النسخ.). [نواسخ القرآن: 297-322]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (الثالثة: {فاعف عنهم واصفح} الأكثرون على نسخها بآية السيف وقال ابن جرير يجوز أن يعفو عنهم في غدرة فعلوها ما لم يصيبوا حربا ولم يمتنعوا من أداء الجزية فلا يتوجه النسخ.). [المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ: 26-30]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (الخامس: قوله عز وجل: {فاعف عنهم واصفح}الآية [المائدة: 13] قال قتادة: نسخها قوله عز وجل: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر}الآية [التوبة: 29]، وقال ابن عباس: (نسخها قوله عز وجل: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} الآية [التوبة: 5])، وقيل: بقوله عز وجل: {وإما تخافن من قوم خيانة}الآية [الأنفال: 58]، والصحيح: أنها محكمة، لا سيما على قول من قال: إن المائدة بعد براءة، وإنما نزلت في قوم من اليهود أرادوا الغدر بالنبي صلى الله عليه وسلم فحماه الله عز وجل وأمره بالعفو والصفح ما داموا في الذمة، والسياق يدل على ذلك.). [جمال القراء: 1/295-302]
 
دعوى نسخ آية السيف لقوله تعالى:
{إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} [النساء:90]

القائلون بالنسخ والابطال
:

  • حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح، عن الحسين، عن يزيد، عن عكرمة والحسن قالا قال: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا * إِلا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ إلى قوله: وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا وقال في" الممتحنة ": لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ، وقال فيها: إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ إلى فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [سورة الممتحنة: 8 ، 9]. فنسخ هؤلاء الآيات الأربعة في شأن المشركين فقال: بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ [سورة التوبة: 1، 2]. فجعل لهم أربعة أشهر يسيحون في الأرض، وأبطل ما كان قبل ذلك. وقال في التي تليها: فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ، ثم نسخ واستثنى فقال: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ إلى قوله: ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ [سورة التوبة: 5 ، 6].
  • حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " فإن اعتزلوكم "، قال: نسختها: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ .
  • حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا همام بن يحيى قال، سمعت قتادة: يقول في قوله: إِلا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ إلى قوله: " فما جعل الله لكم عليهم سبيلا "، ثم نسخ ذلك بعد في براءة، وأمر نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يقاتل المشركين بقوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ .
  • حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال، قال ابن زيد في قوله: إِلا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ ، الآية، قال: نسخ هذا كله أجمع، نسخه الجهاد، ضرب لهم أجل أربعة أشهر: إما أن يسلموا، وإما أن يكون الجهاد.

القائلين بالإحكام ونفي النسخ:

جاء في كتاب الناسخ والمنسوخ لابي منصور عبدالقاهر البغدادي رحمه الله ص 201 بعد أن نسب القول بالنسخ لابن عباس رضي الله عنهما :"وقال غيره محكمة وإنما نزلت في قوم مخصوصين وهم بنو خزيمة وبنو مدلج عاقدوا حلفاء المسلمين من خزاعة فنهى عن فتلهم ونزلت آية السيف بعد إسلام الذين ذكرناهم" وقال في هامش الصفحة "والقول بإحكام الآية أولى من القول بنسخها لأن لا تعارض بينها وبين آية السيف ، إذ هي تقرر أن من دخل في ميثاق قوم بينهم وبين المسلمين عهد فأراد أن يوادع المسلمين مع هؤلاء فله ذلك ، وذلك أن دخوله في مثل هذا الميثاق يعني انه جنح للسلم ورغب عن حرب المسلمين ، والله سبحانه وتعالى يقول (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله) الانفال : 61".

درء الإبطال عن الحكم أولى
:

وهكذا كأي موضع من مواضع النسخ لا نجد إجماعاً على وقوع النسخ بين أهل العلم بل ينقسمون إلى مثبتين ومبطلين ، ولا شك أن تنزيه كتاب الله ودرء القول بإبطال احكامه أولى من السعي في نقضها وادعاء بطلانها.
والمنطق السليم المتسق مع حكم الله تعالى يدرأ القتل عمن القى السلم ووادع فكيف يهوي المسلم بسيفه على مسالم مهادن مستسلم ؟؟ ، والقول بنسخ هذه الآية بآية السيف من اعظم اسباب تغول الخوارج في الدماء ، فلا يرعون عهداً ولا يرحمون مستغيثاً ولا ينتهون عن معتزل موادع ، فباسم النسخ أبادوا الأسرى والمسالمين والمعاهدين ، فانظر رعاك الله ثمار هذه الفرية الخبيثة وما آلت بمتبعيها.



 
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم أخي الكريم عدنان الغامدي لا أدخل معك في نقاش لانك مصر على رأيك الخاطىء ولكني أسألك سؤالا واحدا هل ان علمك وصل إلى درجة أنك تخطأ الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأغلب علماء الامة هل انت أعلم من الخلفاء الأربعة ومن الائمة الاربعة كفى تعاند وتزين الباطل ..
واني أنصح جميع اعضاء الملتقى لا تصدقوه في فرية عدم وقوع النسخ فهذا امر شهد له القرآن والسنة الصحيحة وعلماء الامة اللهم أصلح حالنا وحال عدنان الغامدي ورده الى الحق المبين.
 
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم أخي الكريم عدنان الغامدي لا أدخل معك في نقاش لانك مصر على رأيك الخاطىء ولكني أسألك سؤالا واحدا هل ان علمك وصل إلى درجة أنك تخطأ الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأغلب علماء الامة هل انت أعلم من الخلفاء الأربعة ومن الائمة الاربعة كفى تعاند وتزين الباطل ..
واني أنصح جميع اعضاء الملتقى لا تصدقوه في فرية عدم وقوع النسخ فهذا امر شهد له القرآن والسنة الصحيحة وعلماء الامة اللهم أصلح حالنا وحال عدنان الغامدي ورده الى الحق المبين.

السلام عليكم،
أين ومتى شهدت السنة الصحيحة بالنسخ؟!
الكثيرون من علماء الأمة أيضا يقولون بعدم وقوع النسخ،
وجئت بأسمائهم فى موضوع آخر بالملتقى.
 
ولكني أسألك سؤالا واحدا هل ان علمك وصل إلى درجة أنك تخطأ الصحابة الكرام
رضي الله عنهم
وأغلب علماء الامة هل انت أعلم من الخلفاء الأربعة ومن الائمة الاربعة كفى تعاند وتزين الباطل ..

حقيقة لم اكن اود اجابة سؤالك لأنه اسلوب انتقاصي وليس من الحوار العلمي في شيء ، ولكن عزائي انك مررت على الحجج مرور السحاب وكأنك لا تراها ، فأتيت تعرض بشخصي وأنا اقول اترك شخصي واعتبر انك تقرأ قصاصة كتبها مجهول وركز في المحتوى واجب على اسئلتي العلمية التي لا علاقة لها بشخصك الكريم ولكن بصلب القضية التي نتحدث عنها وهي ابطال احكام الله عدوانا باسم النسخ وابدأ في اجابة سؤالك فأقول :
يقول الحق تبارك تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [الحجرات:1]
فأنا ألتزم بأمر الله تعالى ولا أقدم بين يدي الله ورسوله والله تعالى نزه كتابه عن البطلان والنبي صلى الله عليه وسلم الذي علم اصحابه حتى قضاء الحاجة وكيفية الاستنجاء والاستجمار لم يذكر النسخ ولم يقر به فكيف يعلم ويبلغ في الاستنجاء والاستجمار ويترك ابطال احكام الله في نحو ٣٠٠ آية ؟؟.

باقعة النسخ وخراب العقيدة لم يبدأ الا بعد فتح العراق وما يليها من بلاد العجم الذين لا يفهمون اللغة العربية وفتحت علينا ابواب الفتن كلها منذ ان فتحت ابواب تلك الديار ، أما نحن فقد نزل القرآن بلغتنا وبين ظهرانينا ولم تداخلنا العجمة ولا المعتقدات الفاسدة كا الزرادشتية والصابئة واليهودية والايزيدية فكنا بفضل الله ونعمته نعيش في بيئة صافية لغة وعقيدة فنحن أعلم بلغتنا من الأعاجم ، مع حفظ الكثير من الجهود التأصيلية الخيرة سواء منها من اراد الخير فأصابه أو من أراد الخير فلم يصبه وتسبب في مأساة فكرية ، ومع ذلك فمن العرب عتاة من اهل الكفر ومن العجم من قدم للاسلام خدمات جليلة لم يكن سواه ليقوم بها ، وتوضيحا للمراد فالسياق التاريخي مهم لتتبع نشوء النسخ وهوية مروجيه والداعين للتوسع فيه ، وهذا مما يدعو للشك والريبة في نواياهم.

فانسى شخصي الضعيف وحاكم النص الذي تقرأه يا أخي الحبيب ولعلي آتيك بإحدى فوائد النسخ لأهل الضلال :
قال ابي الحسن الكرخي : الأصل أن كل آية تخالف قول أصحابنا فإنها تحمل على النسخ أو على الترجيح و الأولى أن تحمل على التأويل من جهة التوفيق. انتهى.

فتم توظيف النص القرآني لخدمة المذهب والتعصب له لدرجة ادعاء النسخ حتى يواطئ قول الله قول فلان فجعلوا كلام الرجال حاكما وقاضيا على كلام الله وقدموا بين يدي الله ورسوله وهو بالضبط ما تفعله أنت أخي البهيجي وما يفعله كل من يسلم زمام أمره لغيره وهو لا يدرك أن الحساب عليه ولن يحاسب بالنيابة عنه أحد.
ولعلك لو استعرضت احد كتب الناسخ والمنسوخ رأيت كيف يتم الابطال بالجملة ، فكلما جاء على آية قال منسوخة بكذا وكذا ، وكأنه هو منزلها وهو مبطلها ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

مثلا دعوى نسخ قيام الليل فنعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بالحديث الصحيح أن الله افترض خمس صلوات لم يكن قيام الليل من بينها : عن أنس بن مالك أنَّ رجُلًا قال: يا رسولَ اللهِ كم افترَض اللهُ على عبادِه مِن الصَّلاةِ؟ قال: (خمسَ صلواتٍ) قال: هل قبْلَهنَّ أو بعدَهنَّ شيءٌ؟ قال: (افترَض اللهُ على عبادِه خمسَ صلواتٍ) فقال: هل قبْلَهنَّ أو بعدَهنَّ شيءٌ؟ قال: (افترَض اللهُ على عبادِه خمسَ صلواتٍ) قال: فحلَف الرَّجلُ باللهِ لا يزيدُ عليهنَّ ولا ينقُصُ منهنَّ فقال النَّبيُّ ﷺ: (إنْ صدَق دخَل الجنَّةَ)
شعيب الأرناؤوط (١٤٣٨ هـ)، تخريج صحيح ابن حبان ١٤٤٧ • إسناده صحيح على شرط مسلم


وفي الحديث الصحيح عن مالك ابن صعصعة الانصاري رضي الله عنه الذي يبين فرض الصلاة وهو حديث الاسراء و المعراح المشهور الطويل الذي في آخره يقول صلى الله عليه وسلم:
(... فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يومَ، فرجعت إلى موسى، فقال : بما أمرت ؟ قُلْت : أمرت بخمس صلوات كل يومَ، قال : إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يومَ، وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، قال : سألت ربي حتى استحييت، ولكن أرضى وأسلم، قال : فلما جاوزت نادى مناد : أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي ) .
البخاري (٢٥٦ هـ)، صحيح البخاري ٣٨٨٧ • [صحيح]

فأين الفريضة السادسة المدعى نسخها ؟ ، ولكن تأولوا سورة المزمل على غير حقيقتها فظنوا أن القيام كان فريضة فهل اقبل كلام قتادة او غيره واقدمه على قول الله ورسوله ؟

وقس عليها بقية الطوام الأخرى

ولي عودة بأسئلة أخرى...
 
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم
الاستاذ الكريم عدنان الغامدي ليس من خلق الاسلام الاعتزاز والتفاخر في النسب واتهام العراق وبلاد العجم بالكذب وتشويه الاسلام كلام باطل لا صحة له والا ارجع الى كتب الحديث فمن كتبها أليس هم العجم البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم ...هذا الكلام ارجو ان تراجعه وتعتذر عنه لانه لا يليق بك!!!
أما أنك تسألني لم لا تناقشني كيف أناقش من يرد أحاديث البخاري ومسلم ويصفها بالملفقة !!! افتح البخاري ومسلم وانظر كم فيهما من الروايات عن الصحابة يؤكدون وقوع النسخ ...ما هو ردك عليها؟
عجبتك نفسك كثيرا اللهم أصلح حالنا ياكريم .
 
أخي جناب الاستاذ البهيجي :
ما حديثي عن العراق وبلاد فارس الا في سياق محدد وهو ظهور الفتن والاختلال في الدين وهذا واقع وصحيح وفيه احاديث صحيحة وليس الكذب كما تفضلت ، فلا شك بأن اليهود والنصارى والملل المختلفة خاصة ما كان منهم في العراق ساهموا في الترجمة وكافة العلوم ومنهم من اسلم وحسن اسلامه ولكن تأثير عقيدته ولغته وثقافته السابقة انعكس على إنتاجه الفكري وتأصيلاته المختلفة ، وهذا حق وفيه دراسات موثقة ، والواقع الاسلامي شاهد علي وعليك ، وانت حفظك الله اعلم مني بذلك حاضرا وماضيا.

أما الفخر بالانساب فلم يحصل مني ذلك ولم آت على ذكر النسب أبدا بل أتيت على ذكر البيئة العربية التي خلت من اختلاط الاعاجم ولا يخفى عليك أن قريشا كانت ترسل غلمانها ليتعلموا اللغة في ضواحي مكة والطائف والمسألة هنا متعلقة بفهم اللغة وفهم القرآن كما أنزل وليست كما تتصور ، فيستحيل على شيخ من قم او خراسان أو تلك النواحي أن يفقه القرآن كطفل من اطفال هذيل مثلا .
اما النسخ فأتيتك بقضية ناصعة فاقعة كالشمس بادلتها واحاديثها الصحيحة ، ولكن يبدو انك من قوم الكرخي الذي قال (ما خالف قول شيخنا من اية أو حديث فمنسوخ أو مؤول) فليس لديك استعداد للتفكير والرد بل تكتفي بما تخفظ من متون ، وهذا حقك بلا شك اخي ولكن لا تحجر حقنا في التفكير والاستدلال ، ونحن نستدل ايضا من البخاري ومسلم على بطلان النسخ كما تقدم في ردي على دعوى نسخ القيام ، فكيف ترد انت البخاري ومسلم ؟؟

وإن وجدت فيك القدرة على رد ما أوردت فافعل وسأكون لكم من الشاكرين
حفظكم البارئ
 
دعوى نسخ آية السيف لقوله تعالى:
{ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } [الزخرف:89]

القائلون بنسخ الآية
:
جاء في كتاب "الناسخ والمنسوخ" لابن حزم (سورة الزخرف: مكية، وجميعها محكم غير آيتين:أولاهما قوله تعالى: (فذرهم يخوضوا ويلعبوا ) الآية (83) نسخت بآية السيف.الآية الثانية: قوله تعالى: (فاصفح عنهم وقل سلام) الآية (89)نسخت بآية السيف). انتهى كلامه رحمه الله.
وكذلك قرر ابن الجوزي في كتابيه نواسخ القرآن و المصفى بأهل الرسوخ من علم الناسخ والمنسوخ بأن الأولى غير منسوخة أما الثانية "موضع البحث" فهي منسوخة بآية السيف -حسب قوله- ويقول في ذلك :" قوله تعالى: فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الزخرف: 89] يروي الضحاك عن ابن عباس، قال: نسخ هذا بآية السيف.
وأخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: ابنا عمر بن عبيد الله، قال: ابنا ابن بشران، قال: ابنا إسحاق بن أحمد، قال: ابنا عبد الله بن أحمد، قال:حدثني أبي، وابنا المبارك بن علي، قال: ابنا أحمد بن الحسين، قال: ابنا البرمكي، قال: ابنا محمد بن إسماعيل، قال: بنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا أحمد بن يحيى بن مالك، قال: بنا عبد الوهاب، عن سعيد، قال: قال قتادة: في قوله: فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ قال قتادة: نسختها براءة فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة: 5].
هذا مذهب قتادة ومقاتل بن سليمان." انتهى كلامه رحمه الله.

موضع خلاف :

وقرر الشوكاني رحمه الله أن الآية موضع اختلاف بين القائلين بالنسخ والقائلين بالإحكام فقال في تفسيره :"وقالَ قَتادَةُ: أمَرَهُ بِالصَّفْحِ عَنْهم ثُمَّ أمَرَهُ بِقِتالِهِمْ فَصارَ الصَّفْحُ مَنسُوخًا بِالسَّيْفِ، وقِيلَ: هي مُحْكَمَةٌ لَمْ تُنْسَخْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ فِيهِ تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ، ووَعِيدٌ عَظِيمٌ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ " انتهى كلامه رحمه الله.

وصاحب أضواء البيان أفاد بالاختلاف وعرّض بالإحكام وانتفاء التعارض فقال:"وَكَثِيرٌ مِن أهْلِ العِلْمِ يَقُولُ: إنَّ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿فاصْفَحْ عَنْهُمْ﴾ وما في مَعْناهُ - مَنسُوخٌ بِآياتِ السَّيْفِ، وجَماعاتٌ مِنَ المُحَقِّقِينَ يَقُولُونَ: هو لَيْسَ بِمَنسُوخٍ.والقِتالُ في المَحَلِّ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ القِتالُ والصَّفْحُ عَنِ الجَهَلَةِ والإعْراضُ عَنْهم - وصْفٌ كَرِيمٌ، وأدَبٌ سَماوِيٌّ، لا يَتَعارَضُ مَعَ ذَلِكَ، والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى ." انتهى كلامه رحمه الله.

وهكذا فلا إجماع على نسخ الآية ، ولا نص مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالابطال والنسخ ولا قرينة أصلا على وجود نسخ في هذا الموضع كغيره من المواضع التي أُدعي نسخها وابطالها ، وبالتالي فإن الإحكام أولى من الإبطال والنسخ .

يتبع بإذن الله تعالى ..
 
أخونا الفاضل

قوله تعالى " فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ".
وقوله تعالى " فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ "

ما قولك إذا قيل أن هناك تعارض بين الآيتين !!؟؟
 
أخي جناب الاستاذ احمد صبري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن عبدالله بن عمرو ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أمَا إنَّهُ لَمْ تَهْلَكِ الأُمَمُ قَبلَكُمْ حتى وقَعُوا في مِثلِ هذا، يَضْرِبُونَ القُرآنَ بَعضَهُ بِبَعضٍ، ما كان حَلالٌ فأَحِلُّوهُ، وما كان من حَرامٍ فَحَرِّمُوهُ، وما كان من مَتشابِهٍ فآمِنوا بِهِ)
الألباني (١٤٢٠ هـ)، صحيح الجامع ١٣٢٢ • صحيح • أخرجه الطبراني في «الكبير» (١٣/ ٣٦١) باختلاف يسير، والمستغفري في «فضائل القرآن» (١/ ٢٦٨) بنحوه. • شرح الحديث

من قال ذلك قلت له : أنت زنديق تريد العبث بكتاب الله أو جاهل بحقيقة كلام الله ولا تفهمه.
من ضرب القرآن بعضه ببعض وادعى التعارض بين آياته فهو زنديق ، فكلام الناس يضرب بعضه بعض أما كلام الله فلا يتعارض ولا يتضاد البتة ، وهذا الموضع المدعى نسخه وإبطاله موضع محكم ككل كتاب الله ولتستعرض معي بعض الدلائل العقلية لذلك حفظك الله، سوى ما تقدم من كلام أهل العلم الذين أنكروا القول بنسخه ولعلي أنقل جواب مؤصل من موقع الاسلام سؤال وجواب :
ذكر بعض أهل العلم أن آية السيف ليست ناسخة ولكن الأحوال تختلف ، وهكذا قوله جل وعلا: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) الآية ، وقوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) ، وهكذا قوله سبحانه: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) .
فهذه الآيات وما في معناها : قال بعض أهل العلم ليست ناسخة لآيات الكف عمن كف عنا وقتال من قاتلنا ، وليست ناسخة لقوله: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) ، ولكن الأحوال تختلف فإذا قوي المسلمون وصارت لهم السلطة والقوة والهيبة استعملوا آية السيف وما جاء في معناها ، وعملوا بها ، وقاتلوا جميع الكفار حتى يدخلوا في دين الله ، أو يؤدوا الجزية .
وإذا ضعف المسلمون ولم يقووا على قتال الجميع : فلا بأس أن يقاتلوا بحسب قدرتهم ، ويكفوا عمن كف عنهم ، إذا لم يستطيعوا ذلك ، فيكون الأمر إلى ولي الأمر ، إن شاء قاتل وإن شاء كف ، وإن شاء قاتل قوما دون قوم على حسب القوة والقدرة والمصلحة للمسلمين ، لا على حسب هواه وشهوته ، ولكن ينظر للمسلمين وينظر لحالهم وقوتهم ...
وهذا القول ذكره أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - واختاره ...
وهذا القول اختاره جمع من أهل العلم ، واختاره الحافظ ابن كثير - رحمه الله –
وهذا القول أظهر وأبين في الدليل ؛ لأن القاعدة الأصولية أنه لا يصار إلى النسخ إلا عند تعذر الجمع بين الأدلة ، والجمع هنا غير متعذر ، كما تقدم بيانه " انتهى باختصار من "مجموع فتاوى ابن باز" (3/ 189-194) .انتهى

(مع تحفظي على ما جاء من قول بأن المسلمين يجب عليهم القتال إن وجدوا في أنفسهم القوة لذلك ، وكان الأحرى أن يقول يجب عليهم دعوة الناس إلى الله في الضعف والسلم كما هو في القوة والمنعة نزولاً عند أمر الله ونبيه صلى الله عليه وسلم : (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) أم تراها منسوخة مبطلة ؟؟)

ومن أظهر الدلائل العقلية :
أولاً :والقائلين بإبطال هذه الآية وسائر آيات الاعراض والصفح والمسالمة يقتضي القول بابطال الآية أن لا يتوقف قتال المشركين منذ نزول آية السيف أبداً تحت أي ظرف من الظروف ، ولكن واقع الأمة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم انه جرت مسالمة وموادعة للكفار حسب مصلحة الأمة ولم تكن مقاتلة دائمة بين المسلمين والكفار بإطلاق وبدون توقف ، فهل القائلين يخطئون النبي صلى الله عليه وسلم حين أبقى المعاهدين على عهدهم ؟؟ ولم يعتبر الآية التالية منسوخة كما يظنون ؟.

ثانياً: أن القوم الذين نزلت فيهم المهادنة والموادعة ليسوا ذات القوم الذين نزلت فيهم آية القتال ، فأولئك منهم من أسلم ومنهم من مات ومنهم كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهد آخر لا يحده أربعة أشهر ، وما كان قتال من بقي من أولئك المسالمين إلا لمن نقضوا العهد أو لمن انقضى أمد عهدهم وليس نقضاً له من جانب النبي صلى الله عليه وسلم ، فتغيرت الجماعات وصار تصنيفهم ليس لكفرهم ولكن لنقض العهد أو لتدنيس البيت الحرام .

ثالثاً : القول بإطلاق الأمر بقتل كل كافر ومخالف قول باطل ولا يتفق مع واقع فتح مكة ، فلنا في رسول الله اسوة حسنة ، فما كان منه إلا أن قال لهم (اذهبوا فأنتم الطلقاء) وهم كفار لم يسلموا بعد ، ولو كانت الآية مطلقة ناسخة لكل آيات العفو والصفح لما عفى النبي عنهم بل جز رؤوسهم حتى تسيل دمائهم تحت استار الكعبة وتختلط ببقايا اصنامهم .

رابعاً : أن الله تعالى شرع لاهل الإسلام المسالمة والموادعة وشرع لهم القتال والمقاومة وإنما كان ذلك تبعاً لما يراه إمام المسلمين فلا يصح منه أن يرى الكفر يدحر الإيمان والمسلمين يخرجون عنوة من ديارهم وهو قادر على القتال ويهادن ، ويجوز له إن علم بأن المصلحة للحفاظ على بيضة المسلمين أن يتجنب القتال لقلة أو لضعف أو لتفوق العدو فهو يحقن دماء الناس والأمر متعلق بمصلحة الأمة.

وعليه فإن القول بإبطال كتاب الله جملة قول باطل لم يجتمع دليل واحد ولم تجمع الأمة على آية واحدة أنها منسوخة من كتاب الله ولم تجتمع الأمة على أثر واحد عن صاحب العصمة وباب الوحي صلى الله عليه وسلم يقرر شيء أسمه "نسخ" بل اخترعه قوم لما اغلق عليهم فهم كلام الله فأبطلوا نحو ثلاثمائة آية ظلما وعدواناً على كتاب الله ، وهذا هو رفع القرآن آخر الزمان وليس اختفاءه من الصدور بل العبث الذي أوصلنا لهذه الحالة.

والله العلي الأعلم
 
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته

من ادّعى التعارض او التضاد في كلام الله عز وجل او في كلام رسوله صلى الله عليه وسلم فهو زنديق.
ومن وجد اختلاف في كلام الله عز وجل او في كلام رسوله صلى الله عليه وسلم وجب عليه سؤال اهل العلم.
ولنركز في المحتوى وصلب القضية: ولعلي أنقل كلامك باختصار :
دعوى نسخ آية السيف لقوله تعالى: " فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ" الزخرف:89
القائلون بنسخ الآية :
ابن حزم : (فاصفح عنهم وقل سلام) نُسخت بآية السيف.
ابن الجوزي : نقل عن ابن عباس، قال: نُسخ هذا بآية السيف.
وقال قتادة : نسختها براءة " فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ " التوبة: وقال هذا مذهب قتادة ومقاتل بن سليمان.
القائلون بالإحكام
نقل الشوكاني أن الآية موضع اختلاف بين القائلين بالنسخ والقائلين بالإحكام وقِيلَ: هي مُحْكَمَةٌ لَمْ تُنْسَخْ ، فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ فِيهِ تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ، ووَعِيدٌ عَظِيمٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ.
صاحب أضواء البيان أفاد بأن جَماعاتٌ مِنَ المُحَقِّقِينَ يَقُولُونَ: هو لَيْسَ بِمَنسُوخٍ.والقِتالُ في المَحَلِّ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ القِتالُ والصَّفْحُ عَنِ الجَهَلَةِ والإعْراضُ عَنْهم - وصْفٌ كَرِيمٌ، وأدَبٌ سَماوِيٌّ، لا يَتَعارَضُ مَعَ ذَلِكَ، والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى.
ترجيح الاخ الغامدي:
وهكذا فلا إجماع على نسخ الآية ، ولا نص مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالإبطال والنسخ ولا قرينة أصلا على وجود نسخ في هذا الموضع كغيره من المواضع التي أُدعي نسخها وابطالها ، وبالتالي فإن الإحكام أولى من الإبطال والنسخ .
موقع الاسلام سؤال وجواب :
ذكر بعض أهل العلم أن آية السيف ليست ناسخة ولكن الأحوال تختلف ، فإذا قوي المسلمون وصارت لهم السلطة والقوة والهيبة استعملوا آية السيف وما جاء في معناها ، وعملوا بها ، وقاتلوا جميع الكفار حتى يدخلوا في دين الله ، أو يؤدوا الجزية.
وإذا ضعف المسلمون ولم يقووا على قتال الجميع : فلا بأس أن يقاتلوا بحسب قدرتهم ، ويكفوا عمن كف عنهم ، إذا لم يستطيعوا ذلك ، فيكون الأمر إلى ولي الأمر ، إن شاء قاتل وإن شاء كف ، وإن شاء قاتل قوما دون قوم على حسب القوة والقدرة والمصلحة للمسلمين ، لا على حسب هواه وشهوته ، ولكن ينظر للمسلمين وينظر لحالهم وقوتهم ...
فأما تحفظك بحجة الاية " أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة " فله موضعه بالبحث.
اما ما ذكرتَ من الدلائل العقلية ( اولا وثانيا وثالثا ) فلا أراها تفيد او تؤيد لا القائلين بالنسخ ولا بالإحكام ، لأن أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم من موادعة او مهادنة او مقاتلة هي الاصل الذي يُقاس عليه الحكم سواء بالنسخ او بالإحكام !
اما ( رابعا ) ففحواها : تفيد بالعمل بآية السيف عند قوة المسلمين ، والعمل بآيات الصفح عند ضعفهم.
يتبع
 
التعقيب والايضاح :
أولا : لعلنا نتفق على التالي:

  • أن نعرف مصطلح كلِّ قوم ، وألا نحمل كلامهم على مصطلح غيرهم ، فنقع في الخطأ .
  • إنه من المهم العناية بمعرفة مصطلحات السلف رحمهم الله ، ليكون طالب العلم عارفاً بمقصودهم وحتى لا يقع في محاكمة كلامهم على اصطلاح حادث بعدهم .
  • ومن المُسلَّم به أن كون الآية ناسخةً أو منسوخةً أمرٌ توقيفي لا يعلم إلا من طريق الشارع ، فالذي شرع هو الذي يملك النسخ ورفع الحكم الذي أنزله.
  • يجب أن يُتأول للعلماء ولا يُتأول عليهم الخطأ العظيم إذا كان لما قالوه وجه.
ثانيا : موضوع النسخ من موضوعات علوم القرآن الكريم التي كُتبت فيها مؤلفات كثيرة جداً في القديم والحديث ، لأهميتها ، ولما يترتب على معرفتها من الفهم الصحيح لكلام الله عز وجل وخطابه. كذلك إن النسخ من مباحث علم أصول الفقه المهمة، ويكفي من أهميته أنهم عَدُّوا معرفة الناسخ والمنسوخ من شروط الاجتهاد.
والمتأمل في كتب الناسخ والمنسوخ يجدها بين إفراط وتفريط ، فكثير منهم عدَّ من النسخ ما ليس بنسخ كالتقييد والتخصيص والإجمال ، فلذلك جعلوا آية السيف بمفردها ناسخة لأكثر من مائة آية. وهناك قلة من العلماء منعوا القول بالنسخ في القرآن الكريم وأغلبهم من المعاصرين . وعلى هذا فإن للنسخ مصطلحين أو مفهومين:
الأول: مفهوم السلف المتقدمين وهم الصحابة والتابعون.
والثاني: مفهوم الخلف المتأخرين.
وبين المفهومين قليل من الاشتراك والوفاق وكثير من الخلاف والفراق.
والصعيد المشترك بين المفهومين هو أن: النسخ يشبه تخصيص الحكم ببعض الأزمان، والتخصيص يشبه النسخ في رفع الحكم عن بعض الأفراد. ولكن مساحة الخلاف أوسع وأكبر، فكل منهما إزالة حكم بآخر جزئياً أو كلياً، والفرق الكبير بينهما هو أن النسخ بمفهوم المتأخرين لا يكون إلا في حكم تقرر حكمه من قبل، ثم تقرر إزالة ذلك الحكم من بعد.
والحق ليس مع المكثرين الذين يذهبون إلى النسخ اعتماداً على مجرد الرواية دون اهتمام يذكر بصحة المتن والسند، أو يذهبون للنسخ اعتمادا على تصور عقلي واجتهاد ظني لمجرد تعارض ظاهري .
والحق ليس كذلك مع من ينكر النسخ ويتأول الآيات الصريحة الشاهدة، ويدفع الوقائع الكثيرة الثابتة.
وهناك عدد من العلماء توسطوا وقبلوا النسخ بشروطه ، وميزوا بينه وبين غيره من أساليب الخطاب وعلى رأس هؤلاء الإمام الشافعي رحمه الله تعالى ، و الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره ، و الإمام ابن عبدالبر رحمه الله تعالى .

ثالثا : السبب في الخلاف في النسخ والآيات المنسوخة عدم الاتفاق على مدلول النسخ بين المؤلفين في الناسخ والمنسوخ من المتقدمين والمتأخرين :
يقول الإمام الشاطبي في الموافقات: المسألة الثالثة: معاني النسخ عند المتقدمين :
وذلك أن الذي يظهر من كلام المتقدمين أن النسخ عندهم في الإطلاق أعم منه في كلام الأصوليين ، فقد يطلقون على تقييد المطلق نسخا ، وعلى تخصيص العموم بدليل متصل أو منفصل نسخا ، وعلى بيان المبهم والمجمل نسخا كما يطلقون على رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر نسخا ; لأن جميع ذلك مشترك في معنى واحد ، وهو أن النسخ في الاصطلاح المتأخر اقتضى أن الأمر المتقدم غير مراد في التكليف ، وإنما المراد ما جيء به آخرا ؛ فالأول غير معمول به ؛ والثاني : هو المعمول به .
وهذا المعنى جار في تقييد المطلق ، فإن المطلق متروك الظاهر مع مقيده ، فلا إعمال له في إطلاقه ، بل المعمل هو المقيد ، فكأن المطلق لم يفد مع مقيده شيئا فصار مثل الناسخ والمنسوخ ، وكذلك العام مع الخاص ; إذ كان ظاهر العام يقتضي شمول الحكم لجميع ما يتناوله اللفظ فلما جاء الخاص أخرج حكم ظاهر العام عن الاعتبار فأشبه الناسخ المنسوخ إلا أن اللفظ العام لم يهمل مدلوله جملة ، وإنما أهمل منه ما دل عليه الخاص ، وبقي السائر على الحكم الأول والمبين مع المبهم كالمقيد مع المطلق فلما كان كذلك استسهل إطلاق لفظ النسخ في جملة هذه المعاني لرجوعها إلى شيء واحد . اهـ

وقال ابن القيم: ومراد عامة السلف بالناسخ والمنسوخ: رفع الحكم بجملته تارة ـ وهو اصطلاح المتأخرين ـ ورفع دلالة العام والمطلق والظاهر وغيرها تارة، إما بتخصيص أو تقييد، أو حمل مطلق على مقيد، وتفسيره وتبيينه، حتى إنهم يسمون الاستثناء والشرط والصفة نسخاً لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر وبيان المراد.
فالنسخ عندهم وفي لسانهم هو: بيان المراد بغير ذلك اللفظ بل بأمر خارجٍ عنه ومن تأمل كلامهم رأى من ذلك فيه ما لا يُحصى، وزال عنه به إشكالات أوجبها حمل كلامهم على الاصطلاح الحادث المتأخر. اهـ

وقال السخاوي: فإن قولنا: نسخٌ وتخصيصٌ واستثناءٌ؛ اصطلاحٌ وقع بعد ابن عباس، وكان ابن عباس يسمي ذلك نسخاً.
وقال: وإنما وقع الغلط للمتأخرين من قبل عدم المعرفة بمراد المتقدمين، فإنهم كانوا يطلقون على الأحوال المتنقلة النسخ، والمتأخرون يريدون بالنسخ نزول النص ثانياً رافعاً لحكم النص الأول .
وقال: وهذا مما يوضح ما قلته من أنهم كانوا يُطلقون النسخ على غير ما نطلقه نحن عليه... فلا تغتر بقولهم: منسوخ؛ فإنهم لا يريدون به ما تريد أنت بالنسخ . اهـ
وقال القرطبي : والمتقدمون يطلقون على التخصيص نسخاً توسعاً وتجوزاً.
وأجمع العلماء على وقوع النسخ في الشريعة ، وخالفهم أبو مسلم الأصفهاني.
قال الزرقاني: " النقل عن أبي مسلم مضطرب " ، ورجح أنه ينكر وقوعه في القرآن خاصة .
وقد فسر بعض العلماء خلافه مع الجمهور بأنه يرى أن النسخ تخصيص بالزمان لا رفع.
قال السبكي : " إن أبا مسلم لا ينكر وقوع المعنى الذي نسميه نحن نسخاً، ولكنه يتحاشى أن يسميه باسمه، ويسميه تخصيصاً".
وقال الشنقيطي: " وإنكار أبي مسلم الأصفهاني له معناه أنه يميل إلى أنه تخصيص في الزمن ، لا رافع للحكم ".



رابعا : ولا بد من أمثلة تبين المراد ، مما ذكرها الشاطبي :

  • فقد روي عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى : والشعراء يتبعهم الغاوون إلى قوله : وأنهم يقولون ما لا يفعلون [ الشعراء : 224 - 226 ] : هو منسوخ بقوله : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا [ الشعراء : 227 ] الآية .
قال مكي : وقد ذكر عن ابن عباس في أشياء كثيرة في القرآن فيها حرف الاستثناء أنه قال : منسوخ .
قال : وهو مجاز لا حقيقة ; لأن المستثنى مرتبط بالمستثنى منه بينه حرف الاستثناء أنه في بعض الأعيان الذين
عمهم اللفظ الأول ، والناسخ منفصل عن المنسوخ رافع لحكمه ، وهو بغير حرف .
هذا ما قال ، ومعنى ذلك أنه تخصيص للعموم قبله ولكنه أطلق عليه لفظ النسخ ، إذ لم يعتبر فيه الاصطلاح الخاص .

  • وقال ابن عباس في قوله : انفروا خفافا وثقالا [ التوبة : 41 ] إنه منسوخ بقوله : وما كان المؤمنون لينفروا كافة [ التوبة : 122 ] والآيتان في معنيين ولكنه نبه على أن الحكم بعد غزوة تبوك أن لا يجب النفير على الجميع .
  • وقال في قوله تعالى : قل الأنفال لله والرسول [ الأنفال : 1 ] منسوخ بقوله : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه الآية [ الأنفال : 41 ] ، وإنما ذلك بيان لمبهم في قوله : لله والرسول
  • وقال ابن عباس في قوله : وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه [ النساء : 8 ] الآية : إنه منسوخ بآية المواريث .
وقال مثله الضحاك والسدي ، وعكرمة ، وقال الحسن منسوخ بالزكاة ، وقال ابن المسيب نسخه الميراث والوصية .
والجمع بين الآيتين ممكن لاحتمال [ حمل ] الآية على الندب والمراد بأولي القربى من لا يرث بدليل قوله : وإذا
حضر فقيد كما ترى الرزق بالحضور ، [ فدل أن ] المراد غير الوارثين ، وبيّن الحسن أن المراد الندب أيضا
بدليل آية الوصية والميراث فهو من بيان المجمل والمبهم .

  • وقال هو وابن مسعود في قوله : وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء [ البقرة : 284 ] : إنه منسوخ بقوله : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [ البقرة : 286 ] ، مع أن الأخبار لا تنسخ ، وإنما المراد - والله أعلم - ما انطوت عليه النفوس من الأمور الكسبية التي هي في وسع الإنسان ، وبين ذلك قوله : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها بدليل أن ابن عباس فسر الآية بكتمان الشهادة ; إذ تقدم قوله : ولا تكتموا الشهادة [ البقرة : 283 ] ثم قال : وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله الآية ، فحصل أن ذلك من باب تخصيص العموم ، أو بيان المجمل .
  • وقال ابن عباس في قوله : ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها [ النور : 31 ] : إنه منسوخ بقوله : والقواعد من النساء الآية [ النور : 60 ] وليس بنسخ إنما هو تخصيص لما تقدم من العموم .
  • وعن أبي الدرداء ، وعبادة بن الصامت في قوله تعالى : وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم [ المائدة : 5 ] أنه ناسخ لقوله : ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه [ الأنعام : 121 ] ، فإن كان المراد أن طعام أهل الكتاب حلال ، وإن لم يذكر اسم الله عليه فهو تخصيص للعموم ، وإن كان المراد أن طعامهم حلال بشرط التسمية فهو أيضا من باب التخصيص ، لكن آية الأنعام هي آية العموم المخصوص في الوجه الأول ، وفي الثاني بالعكس .
  • وقال عطاء في قوله تعالى : ومن يولهم يومئذ دبره [ الأنفال : 16 ] : إنه منسوخ بقوله : إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين [ الأنفال : 65 ] إلى آخر الآيتين ، وإنما هو تخصيص ، وبيان لقوله : ومن يولهم فكأنه على معنى : ومن يولهم وكانوا مثلي عدد المؤمنين ، فلا تعارض ولا نسخ بالإطلاق الأخير .
قال : " وكذا يجب أن يتأول للعلماء ولا يتأول عليهم الخطأ العظيم إذا كان لما قالوه وجه " .

  • قال عراك بن مالك وعمر بن عبد العزيز وابن شهاب أن قوله : والذين يكنزون الذهب والفضة الآية [ التوبة : 34 ] منسوخ بقوله : خذ من أموالهم صدقة [ التوبة : 103 ] ، وإنما هو بيان لما يسمى كنزا ، وأن المال إذا أديت زكاته لا يسمى كنزا ، وبقي ما لم يزك داخلا تحت التسمية ، فليس من النسخ في شيء .
  • وقال قتادة في قوله : اتقوا الله حق تقاته [ آل عمران : 102 ] : إنه منسوخ بقوله : فاتقوا الله ما استطعتم [ التغابن : 16 ] ، وقاله الربيع بن أنس والسدي وابن زيد ، وهذا من الطراز المذكور ; لأن الآيتين مدنيتان ولم تنزلا إلا بعد تقرير أن الدين لا حرج فيه ، وأن التكليف بما لا يستطاع مرفوع فصار معنى قوله : اتقوا الله حق تقاته فيما استطعتم ، وهو معنى قوله : فاتقوا الله ما استطعتم فإنما أرادوا بالنسخ أن إطلاق سورة آل عمران مقيد بسورة التغابن .
  • وقال قتادة أيضا في قوله : والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء [ البقرة : 228 ] : إنه نسخ من ذلك التي لم يدخل بها بقوله : فما لكم عليهن من عدة تعتدونها [ الأحزاب : 49 ] والتي يئست من المحيض والتي لم تحض بعد والحامل بقوله : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر إلى قوله : أن يضعن حملهن [ الطلاق : 4 ] .
  • وقيل في قوله : إن الله يغفر الذنوب جميعا [ الزمر : 53 ] منسوخ بقوله : إن الله لا يغفر أن يشرك به الآية [ النساء : 48 ] ، وقوله : ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم الآية [ النساء : 93 ] ، وهذا من باب تخصيص العموم لا من باب النسخ .

والأمثلة هنا كثيرة توضح لك أن مقصود المتقدمين بإطلاق لفظ النسخ بيان ما في تلقي الأحكام من مجرد ظاهره إشكال وإيهام لمعنى غير مقصود للشارع فهو أعم من إطلاق الأصوليين فليفهم هذا ، وبالله التوفيق .اهـ من الموافقات.

يتبع
 
خامسا : كيفية إدراك أن السلف أرادوا بلفظ النسخ غير النسخ الاصطلاحي ؟

إن كان النص الذي ورد عليه لفظ النسخ حُكمًا شرعيًا ، فإنه لا يُصار إلى الحكم بمراد الواحد منهم أنه أراد النسخ الكلي في اصطلاح المتأخرين إلا إذا دلت عبارته على ذلك ، أما إذا كانت عبارةً مطلقة فالأولى حملها على المناسب لها من تقسيمات المتأخرين من تقييد مطلق ، أو بيان مجمل ، أو تخصيص عامٍّ ، أو استثناءً من مستثنى منه .

أما إذا كان النص مما ثبت فيه النسخ بلا إشكال ، فالصحيح أن تُحمل عبارتهم على النسخ الاصطلاحي الكلي .
ومن حرَّر النسخ على هذا السبيل بان له أنَّ النسخ الاصطلاحي الكلي لم يكن كثيرًا عند السلف ، خلافًا لما توهمه بعض المعاصرين من كثرته عنهم ، وراح يردُّ أقوالهم ، ويخطِّئ أفهامهم .

إن علم السلف نُقل إلينا وفي جملته الناسخ والمنسوخ بمفهومهم، فحكمنا عليه بمفهوم الخلف قبولاً ورداً، أي إننا رددنا وخطأنا بسبب اختلاف المصطلح. وفي ذلك تحكم وتجاوز في حق من نقلوا إلينا الدين، وفيهم كبار الصحابة والتابعين.
فلو أن المتأخرين تركوا تسمية النسخ على فهم السلف ومرادهم، فهم أولى به لسبقهم – وللسابق الأولوية والأحقية - وعند المتأخرين سعة في الأسماء ليسموا مفهومهم باسم آخر يناسبهم. وليتركوا سعة المفهوم السلفي على سعته.
والسبيل في التعامل مع أقوال السلف أن تبحث العلل والأسباب الموجبة لهم بهذا القول أو ذاك ، وعدم الردِّ لها إلا بعد أن تنفذ السبل في قبول رأيهم أو توجيهه ، ذلك أنَّ هؤلاء أعلم منا بكتاب الله ، وأتقى منا لله ، فلا يُشنَّع عليهم بسبب أقوالٍ لم نفهم نحن مرادهم بها ، ولا أدركنا فقههم فيها ، والاعتذار لهم في أقوالهم ، وتخريجها على المخرج الحسن هو السبيل الأمثل الأقوم ، والله الموفق.
Bottom of Form
سادسا : مقولة (لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم او لا نص مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ) :
قال تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)، الأمر بالاقتداء بما آتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير، أمرا أو نهيا، فمن أين جاء الترك حجة من حجج الشرع، خصوصا وأن الترك عدم، ولا حجة في العدم.
وعرَّف أهل الحديث " السنة " بأنها ما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير أو صفه، ولم يجعلوا الترك في التعريف على أنه سنة من سننه صلى الله عليه وسلم ، فلم يجمعوا تروك النبي صلى الله عليه وسلم إحياءاً لسنته !!! بل جمعوا لنا أفعاله وأقواله وإقراراته في أدق تفاصيلها.
كذلك لم يضع الأصوليون الترك النبوي أنه من مصادر الشرع، و لم يجعلوه جزءا من السنة ، ولم يضعوا الترك أصلا من أصول الشريعة .

سابعا : قولك : (وعليه فإن القول بإبطال كتاب الله جملة قول باطل لم يجتمع دليل واحد ولم تجمع الأمة على آية واحدة أنها منسوخة من كتاب الله ولم تجتمع الأمة على أثر واحد عن صاحب العصمة وباب الوحي يقرر شيء أسمه "نسخ" بل اخترعه قوم لما اغلق عليهم فهم كلام الله فأبطلوا نحو ثلاثمائة آية ظلما وعدواناً على كتاب الله ، وهذا هو رفع القرآن آخر الزمان وليس اختفاءه من الصدور بل العبث الذي أوصلنا لهذه الحالة.)

فلا أدري عن أي إبطال لكتاب الله يتحدثون او عن أي اختراع اسمه نسخ يتسائلون ، وإني لأشم رائحة المستشرقين في هذا الكلام وغيرهم من المثقفين الدارسين في جامعات الفرنجة !!
ان آية السيف ظلت عالية خفاقة أكثر من عشرة قرون عندما كانت القوة العظمى هي للخلافة الاسلامية التى غزت العالم وفرضت الجزية بل وانتصرت بالرعب ، فكان العلماء في تلك الازمنة يقولون بقوة واعتزاز بنسخ أية السيف لآيات الصفح والاعراض عن المشركين ، او بالأحرى لم يتتطرقوا لتخصيص أية السيف وربطها بقوة المسلمين او ضعفهم ، وآيات الصفح والموعظة قائمة معمول بها تحت عزة الاسلام وشوكته ، وترك لنا هؤلاء العلماء ألاف ألاف الكتب في جميع العلوم ، وعرّفونا بأحكام الجهاد والقتال وأحكام أهل الذمة وأحكام الديار من دار حرب او دار اسلام وأحكام الجزية وأحكام الإماء والعبيد .. و...و.... مما صار الان حبر على ورق ، وما تبقى من الدين صار العلماء الاحياء فيه عيال على هؤلاء العلماء الاموات ولكن تفذلك من تفذلك الا ما رحم رب العزة والجلال.
ولما سقطت الخلافة وصارت القوة العظمى لأمريكا او روسيا او الصين ( زعموا )
صار الدعاة و علماء العصر ينادون بدين المحبة ودين السماحة ، وكل واحد له دينه براحته ، ولا تدرسوا كتب العقيدة للعامة او للخاصة لأنها معقدة ، وادعوا بالحكمة والموعظة الحسنة ، وتقريب المذاهب ، وحوار الديانات ، وهم رجال ونحن رجال ، وظهر علماء السلاطين ، وتم النسخ الحقيقي فرفعت آيات السيف والقتال واليهود والنصارى من كتب الدين في عامة المدارس ، وهكذا حتى يرفع الله عز وجل القرآن من الصدور ( حقيقة لا مجازا ) ولا يبقى الا أهل العبث والجهل ، والى الله الملجأ والمشتكى.
ولا أقول العلماء المجتهدين فهم من يذودون عن الدين وعرينه .

ولا بد أن أشير إلى أن كثيراً من الخلاف بين المثبتين والمنكرين هو صوري أي في الاسم وليس في المسمى.
فالذي نسميه نسخاً يسميه ابن بحر وأبو زهرة والغزالي والخضري والجبري: تدرجاً في التشريع ولا يعدم أحدهم تبريراً وتخريجاً لتوجيه الإحكام!
وأستغفر الله العلي الاعلى.


وللاستزادة

https://vb.tafsir.net/tags/الناسخ والمنسوخ/

https://www.alukah.net/sharia/0/71717/#ixzz5cBVhgXj6

http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=99&ID=266
 
أخي الفاضل أحمد صبري:
مازادني ردك الا يقينا بأن النسخ قول باطل فكان ردك عرض لمجمل الاختلافات في مسألة تطور مفهوم النسخ مما يدل على بدعيته وأنه من محدثات الامور التي نهى نبينا صلى الله عليه وسلم عنها.

ثم أني رأيتك حفظك الله تجاهلت واغفلت مواطن الاحتجاج التي قد سُقتُها على مثبتي النسخ.

وأغفلت الرد والاحتجاج على الالتباس الذي أدى للقول بالابطال في مفهوم ما ننسخ من آية ، وغيرها .

واغفلت الرد على تناقض القول بالنسخ والاحكام للموضع الواحد من العالم الواحد كنسبة القول لابن عباس رضي الله عنهما لثلاثة آراء متناقضة لموضع واحد.

واغفلت الحديث عن سلطة القول بالنسخ وان صاحبها هو النبي صلى الله عليه وسلم دون سواه وهو الذي لم يقل كلمة واحدة تفيد بوجود شيء اسمه النسخ.

واغفلت الرد على تنامي النسخ وتزايد الايات المدعى بطلانها على مدى قرون بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .

ولكنك اثبتَّ بأن النسخ مفعم بالخلاف والاختلاف بين السلف والخلف والسلف انفسهم والخلف انفسهم ومأنك قد سوغت الاختلاف في هذا الموضع 'كما فهمتُ- حتى لو أدى ذلك لإبطال حكم ثابت كاجتهاد يحوز صاحبه اجراً على المصيبة التي اتى بها.

وناقضت نفسك حين قلت:
ومن المُسلَّم به أن كون الآية ناسخةً أو منسوخةً أمرٌ توقيفي لا يعلم إلا من طريق الشارع ، فالذي شرع هو الذي يملك النسخ ورفع الحكم الذي أنزله.

ولكنك لم تلتزم بهذه القاعدة فجعلت من قتادة والسيوطي مثلا قائمين مقام الله تعالى وقولهم في النسخ ماض ولن تجد في الحقيقة آية واحدة قال النبي صلى الله عليه وسلم انها منسوخة ، ولكنك تجاهلت ذلك.
وختمت بالقول :
فلا أدري عن أي إبطال لكتاب الله يتحدثون او عن أي اختراع اسمه نسخ يتسائلون ، وإني لأشم رائحة المستشرقين في هذا الكلام وغيرهم من المثقفين الدارسين في جامعات الفرنجة !!

فلم اجد الا ردا على السؤال بسؤال والرأي باستنكار مجرد من الرد والدليل والحجة ماعدا التخوين ونظرية المؤامرة التي لو طبقت بحق لقيل ان القول بالنسخ اقرب ما يكون انه مؤامرة على كتاب الله
وفقني الله واياك للحق وفتح علينا إنه هو الفتاح العليم.
 
ومضة :

سبحان الله العظيم ، طرأت في ذهني صورة عجيبة للشباب المسلم وهم يناظرون النصارى فيسألونهم ، أين قال عيسى عليه السلام أنا إله أو اعبدوني ؟؟ ونشعر بالفرح عندما نراهم يحوصون يمنة ويسرة ونقول في انفسنا سبحان الله انظر للباطل كيف يعجز وينكفئ على نفسه أمام هذه الحجة الداحضة ، فالله تعالى يستفهم ويسأل عبده عيسى فيقول تقدس اسمه:

{ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ } [المائدة:116

وسيقف كل من يدعي إبطال أحكام الله ليُسأل :

هل أبطلت أحكامي وشريعتي بقول بلغك من نبيك ؟

(؟)كيف حرمن ملايين الأرامل من حق السكنى في بيت زوجها المتوفى حولاً بعد موته بتأويلٍ فاسد اسمه النسخ خلط بين العدة والمتاع ؟

(؟)كيف نسخت حرمة وجريمة التولي يوم الزحف بادعاء النسخ في آية المصابرة ؟

(؟)كيف ادعي بأن قيام الليل كان فريضة ثم نسخ بعد أن علم الله بظروف الناس ، بينما نزل نبينا صلى الله عليه وسلم من المعراج بخمس فروض لم يزد عليهن ولم ينقص.

(؟)كيف جُعل من قول العالم أو طالب العلم المعدود ظني الدلالة ظني الثبوت حاكماً قاطعاً ومبطلاً لقول الله قطعي الدلالة وقطعي الثبوت؟؟

وغيرها من الدعاوى الباطلة ، فمن سيقوى على الوقوف متحملاً وزراً كهذا يوم القيامة ، وكيف نحتج على النصارى بحجة وعندما يحتج بذات الحجة علينا نروغ منها كما يروغون ونتجاهلها كما يتجاهلون ، أوليس صاحب العصمة الذي يبطل الاحكام بنص قطعي هو النبي صلى الله عليه وسلم ؟ أتراه وكل فلاناً وفلاناً بالبلاغ وترك الامة لم يذكر عن النسخ شيئاً؟

على الأقل لدى النصارى حجةٌ باطلة وهي أن القديسين وآباء الكنيسة معصومون ويتلقون الوحي من الرب ، ولكن ماذا ستقولون لله يا مبطلي كتابه وأحكامه عندما يسأل نبيه أأنت قلت للناس أن كلامي وحكمي أبطل منه شيء ؟ فيقول سبحانك ما قلت لهم إلا ما أمرتني.

هل من مجيب ؟؟


يتبع بمشيئة الله تعالى ...
 
أخي الكريم الغامدي:

ما شاء الله ، أخشى ان تكون وقعت فيما تحذرنا منه ، ألا وهو الغلو !

أعتذر منك لو أجبتني على هذا السؤال:
هل مر في قراآتك ان ابن عباس رضي الله عنهما قال في مسئلة ما ، هذا مطلق وهذا مقيد ؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم
الاستاذ الكريم عدنان الغامدي حفظكم الله تعالى لا تخلط الامور هكذا فإن ما تناقشه شيء وعرصات يوم القيامة شيء آخر
وابسط جواب هو ان من يرى النسخ يجيب انه قرأ رواية عن احد الصحابة قال ان تلك الآية منسوخة بآية كذا ...أخي العزيز ليس الامر بهذه الشدة فأربع على نفسك
حياكم الله تعالى.
 
أخونا الغامدي:

أولا : انقطع الوحي ونُسِخ ما نُسِخ وبُدِّل ما بُدِّل:


  • أقبلَتْ فاطمةُ تَمشِي كأنَّ مِشْيَتَها مَشْيُ النبيِّ- صلى الله عليه وسلم، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- : مرحبًا بابنتي ! ثم أَجلَسَها عن يمينِه أو عن شمالِه ، ثم أسرَّ إليها حديثًا فبَكَتْ ، فقلتُ لها : لِمَ تَبكين ؟ ثم أسرَّ إليها حديثًا فضَحِكَت ، فقلت : ما رأيتُ كاليومِ فرحًا أقربَ مِن حزنٍ ، فسألتُها عما قال ، فقالت : ما كنتُ لِأُفْشِيَ سرَّ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، حتى قُبِضَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فسأَلْتُها ، فقالت : أسرَّ إليَّ : إن جبريلَ كان يُعارِضَني القرآنَ كلَّ سنةٍ مرةَ ، وإنه عارَضَني العامَ مرتين ، ولا أراه إلا حضرَ أجلي ، وإنك أُوَّلُ أهلِ بيتي لَحَاقًا بي . فبكيتُ ! فقال : أما تَرْضَيْنَ أن تكوني سيدةَ أهلِ الجنةِ ، أو نساءَ المؤمنين . فضَحِكْتُ لذلك .
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري


  • عن ابنِ عباسٍ قال : أَيُّ القِراءتينِ تَعُدُّونَ أَوَّلَ قالوا : قراءةُ عبدِ اللهِ قال : لا بل هي الآخرةُ كان يُعرَضُ القرآنُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في كلِّ عامٍ مرةً فلمَّا كان العامُ الذي قُبِضَ فيه عُرِضَ عليه مرتينِ فشهدَ عبدُ اللهِ فَعَلِمَ ما نُسِخَ منه وما بُدِّلَ.
الراوي : أبو ظبيان الجنبي | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : مسند أحمد
الصفحة أو الرقم: 5/141 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح



  • {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238]"
عن البراءِ بنِ عازبٍ ؛ قال : نزلت هذه الآيةُ : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَصَلاَةِ الْعَصْرِ } . فقرأناها ما شاء اللهُ . ثم نسخها اللهُ . فنزلت : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى } . فقال رجلٌ كان جالسًا عند شقيقٍ له : هي إذنْ صلاةُ العصرِ . فقال البراءُ : قد أخبرتُك كيف نزلتْ . وكيف نسخها اللهُ . واللهُ أعلمُ .
الراوي : البراء بن عازب | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم


  • بعث النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أقوامًا من بني سليمٍ إلى بني عامرٍ في سبعينَ ، فلما قَدِمُوا : قال لهم خالي (خال أنس بن مالك) : أتقدَّمكم ، فإن أَمَّنُونِي حتى أُبَلِّغُهُمْ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وإلا كنتم مِنِّي قريبًا ، فتقدَّمَ فأمَّنُوهُ ، فبينما يُحدِّثهم عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذ أومؤوا إلى رجلٍ منهم فطعنَهُ فأنفذَهُ ، فقال : اللهُ أكبرُ ، فزتُ وربِّ الكعبةِ ، ثم مالوا على بقيةِ أصحابِهِ فقتلوهم إلا رجلًا أعرجَ صعِدَ الجبلَ - قال همامٌ : فَأُرَاهُ آخرُ معَهُ - فأخبرَ جبريلُ عليهِ السلامُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : أنهم قد لقوا ربهم ، فرضيَ عنهم وأرضاهم ، فكُنَّا نقرأُ : أن بِلِّغُوا قومنا ، أن لقينا ربنا ، فرضيَ عنَّا وأرضانا . ثم نُسِخَ بعدُ ، فدعا عليهم أربعينَ صباحًا ، على رعلٍ ، وذكوانَ ، وبني لحيانَ ، وبني عُصَيَّةَ ، الذين عَصُوا اللهَ تعالى ورسولُهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ .
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2801 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح


  • لو أنَّ لابنِ آدمَ واديًا من ذهبٍ أحبَّ أن يكونَ له واديان ، ولن يملأَ فاه إلَّا التُّرابُ ، ويتوبُ اللهُ على من تاب . وقال لنا أبو الوليدِ : حدَّثنا حمادُ بنُ سلمةَ ، عن ثابتٍ ، عن أنسٍ ، عن أُبيٍّ قال : كنَّا نرَى هذا من القرآنِ ، حتَّى نزلت : أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ .
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
التخريج : أخرجه البخاري (6439) واللفظ له، ومسلم (1048)
بعث أبو موسى الأشعريُّ إلى قُرَّاءِ أهلِ البصرةِ . فدخل عليه ثلاثُمائةِ رجلٍ قد قرءُوا القرآنَ . فقال : أنتم خيارُ أهلِ البصرةِ وقُرَّاؤُهم . فاتلُوهُ . ولا يطولنَّ عليكمُ الأمَدُ فتقسُوَ قلوبُكم . كما قستْ قلوبُ مَن كان قبلَكم . وإنا كنا نقرأ سورةً . كنا نُشبِّهُها في الطولِ والشِّدَّةِ ببراءةَ . فأُنسيتُها . غير أني قد حفظتُ منها : لو كان لابنِ آدمَ واديانِ من مالٍ لابتغى واديًا ثالثًا . ولا يملأُ جوفَ ابنِ آدمَ إلا الترابُ . كنا نقرأُ سورةً كنا نُشبِهُها بإحدى المُسبِّحاتِ . فأُنسيتُها . غير أني حفظتُ منها : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ . فتُكتبُ شهادةً في أعناقِكم . فتُسألون عنها يومَ القيامةِ .
الراوي : أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم


  • قولُه تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93]
سعيد بن جُبَيرٍ قال : آيةٌ اختَلَف فيها أهلُ الكوفَةِ ، فرحَلتُ فيها إلى ابنِ عباسٍ فسأَلتُه عنها ، فقال : نزَلَتْ هذه الآيةُ : { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ } . هي آخِرُ ما نزَل ، وما نسَخها شيءٌ .
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
وعن ابن عباس : أنَّ رجلًا أتاهُ فقال : أرأيتَ رجلًا قتلَ رجلًا مُتعمدًا قال : جزاؤهُ جهنمُ خالدًا فيها وغضبَ اللهُ عليهِ ولعنَه وأعدَّ له عذابًا عظيمًا قال : لقد أُنزلتْ في آخرِ ما نزل ما نَسَخَها شيءٌ حتى قُبِضَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وما نزل وحيٌ بعدَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال : أرأيتَ إنْ تاب وآمنَ وعمل صالحًا ثم اهتدَى قال : وأنَّى له بالتوبةِ وقد سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ : ثَكِلَتْهُ أمُّه رجلٌ قتلَ رجلًا متعمدًا يَجىءُ يومَ القيامةِ آخذًا قاتلَه بيمينِه أو بيسارِه وآخذًا رأسَهُ بيمينِهِ أو شمالِهِ تَشْخُبُ أوْداجُهُ دمًا في قبلِ العرشِ يقولُ : يا ربِّ سَلْ عبدَكَ فيمَ قتَلَني.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : مسند أحمد
الصفحة أو الرقم: 4/14 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
التخريج : أخرجه أحمد في ((المسند)) (1/420) واللفظ له، وسعيد بن منصور في ((السنن)) (4/1318) مختصراً، والطبري في ((التفسير)) (9/63) باختلاف يسير.


ثانيا : لم يقل احد او لم يدعى أحد انه نسخ او بدل حرف في كتاب الله عز وجل :

عن عبد الله بن الزبير : قُلْتُ لعثمانَ هذه الآيةُ التي في البقرةِ : { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا - إلى قوله - غَيْرَ إِخْرَاجٍ } . قد نسخَتْها الآيةُ الأخرَى، فلِمَ تَكتُبُها ؟ قال : تَدَعُها يا ابنَ أخي، لا أُغَيِّرُ شيئًا منه من مكانِه .
الراوي : عبدالله بن الزبير | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 4530 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

في هذا الحَديثِ يَقولُ ابنُ الزُّبَيرِ لِعُثمانَ هذه الآيَةَ الَّتي في سورةِ البَقرةِ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ}؛ أي: يَموتونَ، {مِنْكُمْ وَيَذَرونَ...} إلى تَمامِ قَولِه تَعالى: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240]، يَعني: يَترُكونَ أزواجًا قَدْ نَسختْهَا الآيَةُ الأُخرى؛ فَلِمَ تَكتُبُها؟ لِماذا تَكتُبُ هَذهِ الآيَةَ وقَدْ نُسِخَت، يَعني: رَفَعتِ العَملَ بِحُكمِها الآيَةُ الأُخرى، وهيَ: {وَالَّذينَ يُتَوفَّونَ مِنكُمْ وَيذَرُونَ أزوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]، قالَ عُثمانُ رَضِي اللهُ عنه: تَدعُها، أي: تَترُكُها مَوجودَةً في المُصحَفِ يا ابنَ أخي، لا أُغيُّر شَيئًا منه، أي: مِنَ القُرآنِ مِن مَكانِهِ، وكَأنَّ عَبدَ اللهِ يَظُنُّ أنَّ ما نُسِخَ مِنَ القُرآنِ لا يُكتَبُ في المُصحَفِ ولَيْسَ ذَلكَ كَذلكَ؛ بل هذا مِن قَبيلِ نَسْخِ الحُكمِ وبقاءِ التِّلاوةِ.



فأنظر ماذا فهم ابن الزبير حيث في روعه ( او مبلغ علمه ) ان هذه الاية منسوخة فتسائل لما نكتبها ؟ ولكن عثمان لفقهه وفهمه رضي الله عنه لم يغير شيئا من مكانه ،
فإن كنت تقصد من كلامك : ) يا أيها السلف والخلف لا تغيروا شيئا من مكانه( فجزاك الله كل خير.
ولكنك هداك الله غفلت عن ان الذي لم يفعله عثمان رضي الله عنه (( لم يغير شيئا من مكانه )) قد اتهمت به السلف والخلف !
وكذلك غفلت عن ان ما فهمه الزبير او ذكره من نسخ هذه الاية كان أمرا موجودا او مفهوما بين الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كما تبين من الاحاديث عاليه.

وأما أن حكم هذه الاية منسوخ او مقيد او مخصص او مستثنى ..... فهذا أمر أخر يتباحثه اهل العلم والاجتهاد فيكون مستوى النقاش فيه ما بين مخطئ ومصيب ، ولا ولم ولن يكون بمستوى الاله حتى يغيروا شيئا من مكانه فيناديهم يوم القيامة لم غيرتم آياتي !!!

و لا أقول بين الفهمين شعرة ، ولكن بين الفهمين كما بين السماء والارض.

وأما المسائل التي ذكرتها فلا مانع من مناقشتها مسئلة مسئلة ، في مستوى طلبة العلم او المجتهد في مسئلة ، وليس مستوى أهل الاجتهاد المطلق فضلا عن أن يكون بمستوى الالوهية.
هدانا الله لما أختلف فيه من الحق بإذنه.
 
أخي الأستاذ أحمد صبري وفقه الله ، تفضلت بالقول :

أخي الكريم الغامدي:

ما شاء الله ، أخشى ان تكون وقعت فيما تحذرنا منه ، ألا وهو الغلو !

أعتذر منك لو أجبتني على هذا السؤال:
هل مر في قراآتك ان ابن عباس
رضي الله عنهما
قال في مسئلة ما ، هذا مطلق وهذا مقيد ؟

حذرت من التفريط بكتاب الله تعالى من خلال الإفراط في النسخ الذي هو في أصله لم يقل به صلى الله عليه وسلم ولم يبلغنا بشيء إسمه النسخ ، واسمح لي واعتذر منك فلن أجيبك فهذا ديدنكم ، تستعملون سياسة المرآة ، فكل ما واجهتكم الأسئلة العويصة اتجهتهم لمعالجتها بأسئلة أخرى لتشتيت المسائل الرئيسية ، فأنظر ماذا فعلت اخي أحمد صبري ، نسخت ولصقت حتى تعبت يداك بمالا يرد ما أقول وختمت بقولك أي ابطال وأي نسخ وأي قول.
اقترح عليك اقتراح ، اختر مسألة نسخ عدة المتوفى عنها زوجها ولنتناقش فيها واثبت أن العدة كانت حولا ونسخت ولكن إن كنت عادلاً ذا أمانة وأنت بلا شك كذلك فقل لي هل كانت العدة حولا وصارت ثلاثة اشهر وعشراً ؟؟ وبإمكانك مراجعة قولي والرد عليه بدون تشتيت ، خذ كلامي فقرة فقرة وانقضه إن أردت ، واترك عنك الحوصات يمنة ويسرة حتى نصل لنتيجة ، ولا تكررون أفعال النصارى في منتديات الحوار اذا اغلق عليهم رقصوا بعيدا ليشتتوا الانتباه.
حفظك الله وفتح عليك من علم كتابه إنه هو الفتاح العليم.

أخي العزيز البهيجي وفقه الله وسدد رميه يقول :

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم الاستاذ الكريم عدنان الغامدي حفظكم الله تعالى لا تخلط الامور هكذا فإن ما تناقشه شيء وعرصات يوم القيامة شيء آخر .

ابطال كلام الله شيء وعرصات القيامة شيء آخر ؟؟
هذه استطيع تسميتها بالعلمانية الدينية ، فصل الدين وتفريقه وأخذ ما يناسب وتعطيل مالا يناسب ، وكأننا لا نتدارس كتاب الله باحثين عن رضاه هاربين من سخطه ، فلنترك عرصات القيامة لخطب الترغيب والترهيب ونفصل بين الجزاء والعمل ، لن افعل ذلك رعاك الله.

وابسط جواب هو ان من يرى النسخ يجيب انه قرأ رواية عن احد الصحابة قال ان تلك الآية منسوخة بآية كذا ...

يرد عليك أحمد صبري فيقول :
ومن المُسلَّم به أن كون الآية ناسخةً أو منسوخةً أمرٌ توقيفي لا يعلم إلا من طريق الشارع ، فالذي شرع هو الذي يملك النسخ ورفع الحكم الذي أنزله.

والمبلغ عن الشارع هو النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز لأحد أن يحتل مكانه في الابطال والإحكام ، فأتني بقول النبي صلى الله عليه وسلم لأقول لك سمعاً وطاعة ، فإن قلت الصحابي اقول على رأسي ولكن ليس هو المكلف بالبلاغ في أمر كهذا بل هو من اختصاص المعصوم إلا في حالة أن الرواية متصلة الى النبي صلى الله عليه وسلم أو محالة إليه مباشرة ، والدليل أنهم اختلفوا في النسخ ولم يتفقون في آية واحدة وهذا مظنة البطلان.


أخي العزيز ليس الامر بهذه الشدة فأربع على نفسك

النسخ فرية وإفك باطل والله تعالى يقول راداً عليك وعلى كل من هوَّن الافتراء والإفك :
{ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ } [النور:15]
فأنت أخي البهيجي تراه هيناً وليس بهذه الشدة ، وأسلافك في هذا استهانوا به كما تستهين به وأوضعوا في كتاب الله ونسخوا منه قرآن كثير بدون حجة ولا قول معصوم ويرون الامر هيناً ، ولا تعلم أنت وإياهم بأن ما أيدتم نسخه ستسألون عنه إذ يضيع بهذا القول حقوق خلق كثير سيسألونكم وتحاسبون به ، ذلك غير حق الله العظيم الذي حاول كثيرون تضييعه بالفلسفات الفارغة التي ورثوها عن أصحاب العقائد الفاسدة.

فاحزم أمرك ، واستبرئ لدينك ، واقعد لكتاب الله وتحقق من أقوالٍ خلت لا يعلم صحة نسبتها لقائلها ولن تنجو يابهيجي ورب الكعبة إذا قلدت واتبعت باطلاً ولم تستبرئ لدينك بنفسك ، ولو تعلقت غداً في رقبة ابن الجوزي أو قتادة فسيلقي بك بعيداً ويقول اليك عني نفسي نفسي .

حفظك الله وأصلحنا وإياك.
 
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم
لا حول ولا قوة إلا بالله الاستاذ الفاضل عدنان الغامدي لا أدري هل توافق ام لا على القاعدة الاصولية التي أثبتها اهل العلم بقولهم : ان قول الصحابي في ما يكون من الغيب او مما لا يعرف الا من الوحي يعتبر بمثابة مرفوع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم...فإن القول على الآية انها نسخت بكذا من الصحابي هو من المرفوع فلابد انه سمعه من الرسول ...وارجو من حضرتكم ان تترك النقاش فقد كتبت ونازعت بما يكفي هدانا الله واياكم.
 
أخي الأستاذ أحمد صبري وفقه الله ، تفضلت بالقول :




حذرت من التفريط بكتاب الله تعالى من خلال الإفراط في النسخ الذي هو في أصله لم يقل به صلى الله عليه وسلم ولم يبلغنا بشيء إسمه النسخ ، واسمح لي واعتذر منك فلن أجيبك فهذا ديدنكم ، تستعملون سياسة المرآة ، فكل ما واجهتكم الأسئلة العويصة اتجهتهم لمعالجتها بأسئلة أخرى لتشتيت المسائل الرئيسية ، فأنظر ماذا فعلت اخي أحمد صبري ، نسخت ولصقت حتى تعبت يداك بمالا يرد ما أقول وختمت بقولك أي ابطال وأي نسخ وأي قول.
اقترح عليك اقتراح ، اختر مسألة نسخ عدة المتوفى عنها زوجها ولنتناقش فيها واثبت أن العدة كانت حولا ونسخت ولكن إن كنت عادلاً ذا أمانة وأنت بلا شك كذلك فقل لي هل كانت العدة حولا وصارت ثلاثة اشهر وعشراً ؟؟ وبإمكانك مراجعة قولي والرد عليه بدون تشتيت ، خذ كلامي فقرة فقرة وانقضه إن أردت ، واترك عنك الحوصات يمنة ويسرة حتى نصل لنتيجة ، ولا تكررون أفعال النصارى في منتديات الحوار اذا اغلق عليهم رقصوا بعيدا ليشتتوا الانتباه.
حفظك الله وفتح عليك من علم كتابه إنه هو الفتاح العليم.

أخي العزيز البهيجي وفقه الله وسدد رميه يقول :

[/RIGHT]

ابطال كلام الله شيء وعرصات القيامة شيء آخر ؟؟
هذه استطيع تسميتها بالعلمانية الدينية ، فصل الدين وتفريقه وأخذ ما يناسب وتعطيل مالا يناسب ، وكأننا لا نتدارس كتاب الله باحثين عن رضاه هاربين من سخطه ، فلنترك عرصات القيامة لخطب الترغيب والترهيب ونفصل بين الجزاء والعمل ، لن افعل ذلك رعاك الله.

[/RIGHT]

يرد عليك أحمد صبري فيقول :


والمبلغ عن الشارع هو النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز لأحد أن يحتل مكانه في الابطال والإحكام ، فأتني بقول النبي صلى الله عليه وسلم لأقول لك سمعاً وطاعة ، فإن قلت الصحابي اقول على رأسي ولكن ليس هو المكلف بالبلاغ في أمر كهذا بل هو من اختصاص المعصوم إلا في حالة أن الرواية متصلة الى النبي صلى الله عليه وسلم أو محالة إليه مباشرة ، والدليل أنهم اختلفوا في النسخ ولم يتفقون في آية واحدة وهذا مظنة البطلان.




النسخ فرية وإفك باطل والله تعالى يقول راداً عليك وعلى كل من هوَّن الافتراء والإفك :
{ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ } [النور:15]
فأنت أخي البهيجي تراه هيناً وليس بهذه الشدة ، وأسلافك في هذا استهانوا به كما تستهين به وأوضعوا في كتاب الله ونسخوا منه قرآن كثير بدون حجة ولا قول معصوم ويرون الامر هيناً ، ولا تعلم أنت وإياهم بأن ما أيدتم نسخه ستسألون عنه إذ يضيع بهذا القول حقوق خلق كثير سيسألونكم وتحاسبون به ، ذلك غير حق الله العظيم الذي حاول كثيرون تضييعه بالفلسفات الفارغة التي ورثوها عن أصحاب العقائد الفاسدة.

فاحزم أمرك ، واستبرئ لدينك ، واقعد لكتاب الله وتحقق من أقوالٍ خلت لا يعلم صحة نسبتها لقائلها ولن تنجو يابهيجي ورب الكعبة إذا قلدت واتبعت باطلاً ولم تستبرئ لدينك بنفسك ، ولو تعلقت غداً في رقبة ابن الجوزي أو قتادة فسيلقي بك بعيداً ويقول اليك عني نفسي نفسي .

حفظك الله وأصلحنا وإياك.


للأسف،
كل من تيسرت له الظروف فى القرون الماضية لكتابة كتاب ، إذا به يوضع فى مقام الأنبياء والرسل، بل وله الحق أن يعارض كلام الله تعالى،
ولا حول ولاقوة إلا بالله العلى العظيم،

واصل أخي الغامدى فى جهادك فى تلك السلسلة،
والله لشئ محزن أن يلحق بالكتاب العظيم هذا الفكر الغريب، أن يعتقد البعض أن هناك آيات نقرأها ولكنها لا تعنى شيئا لا معنا ولا فعلا..
 
أحسنت
يبدو أنك تكثر حوار النصارى في منتداياتهم ويستخدموا معك نفس سياسة المرآة والقص واللصق والرقص التي نفعلها نحن (زعمت ) ...!!!

المسئلة كما اقترحت أنت ، ولكني أنقل لك قول الله عز وجل وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قول أهل العلم فيها ، كما تعلمنا.

عدة المتوفى عنها زوجها :

قال الله تعالى : " وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " البقرة:240

وقال تعالى : " وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ " البقرة:234

وفي صحيح البخاري : جاءتِ امرأةٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقالتْ : يا رسولَ اللهِ إن ابنتي تُوفي عنها زوجُها، وقد اشتكت عينَها، أفتكحُلها ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : لا – مرتين أو ثلاثًا كل ذلك يقول : لا – ثم قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : إنما هي أربعةُ أشهرٍ وعشرٌ ؛ وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرةِ على رأسِ الحولِ.
الراوي : أم سلمة هند بنت أبي أمية | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 5336 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح

وفي صحيح النسائي : أنَّ امرَأةً مِن قُريشٍ جاءَت إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ ، فقَالَت : إنَّ ابنَتي توفِّيَ عنْها زوجُها ، وقد خِفتُ على عينِها ، وَهيَ تريدُ الْكُحلَ ؟ فقالَ : قد كانَت إحداكنَّ تَرمي بالبَعرةِ على رأسِ الحولِ ، وإنَّما هيَ أربعةُ أشْهرٍ وعشرًا . فقُلتُ : ما رأسُ الحولِ ؟ قالت : كانتِ المرأةُ في الجاهليَّةِ ، إذا هلَكَ زوجُها ، عمَدت إلى شرِّ بيتٍ لَها ، فجلَسَت فيهِ ، حتَّى إذا مرَّت بِها سنةٌ ، خرجَت فرمَت وراءَها ببَعرَةٍ .
الراوي : أم سلمة هند بنت أبي أمية | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم: 3542 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

قال حُمَيدُ بنُ نافعٍ مِن التَّابعينَ: "فقُلْتُ لزينَبَ"، وهي: بنتُ أبي سلَمةَ، رَاويةُ الحديثِ عن أمِّها: "ما رأسُ الحَوْلِ؟"، أي: ما معناه والمرادُ به؟ فقالَتْ زينبُ رَضِي اللهُ عَنها: "كانَتِ المرأةُ في الجاهليَّةِ، إذا هلَك زَوجُها"، أي: ماتَ عنها، "عمَدَتْ إلى شرِّ بيتٍ لها"، أي: أحقَرِه، "فجلَسَتْ فيه"، أي: عامَ عدَّتِها، "حتَّى إذا مَرَّتْ بها سَنَةٌ، خرَجَتْ فرَمَتْ وراءَها ببَعْرةٍ"، قيل: كان مِن عادتِهم في الجاهليَّةِ أنَّ المرأةَ إذا تُوفِّيَ عنها زَوجُها دخلَتْ بيتًا ضيِّقًا ولبِسَتْ شَرَّ ثِيابِها، ولم تمَسَّ طِيبًا، ولا شَيئًا فيه زِينةٌ، حتَّى تمُرَّ بها سنَةٌ، ثمَّ تَخرُجُ مِن البيتِ فتُعطَى بَعرةً فتَرْمي بها وتنقطِعُ بذلكَ عدَّتُها .

وقال القرطبي في الجامع لاحكام القرآن :
قوله تعالى: " وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً "
ذهب جماعة من المفسرين في تأويل هذه الآية أنّ المتوفّى عنها زوجها كانت تجلس في بيت المتوفَّى عنها حولاً، ويُنفق عليها من ماله ما لم تخرج من المنزل؛ فإن خرجت لم يكن على الورثة جُناح في قطع النفقة عنها؛ ثم نُسخ الحولُ بالأربعة الأشهر والعشر، ونُسخت النفقةُ بالرُّبُع والثُّمن في سورة «النساء» قاله ٱبن عباس وقتادة والضحاك وٱبن زيد والربيع.
وفي السكنى خلاف للعلماء، روى البخاري عن ٱبن الزبير قال: قلت لعثمان هذه الآية التي في «البقرة»: {وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً} ـ إلى قوله ـ {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} قد نسختها الآية الأُخرى فلم تكتبها أو تَدَعُها؟ قال: يٱبن أخي لا أُغير شيئاً منه من مكانه.
وقال الطبري عن مجاهد: إن هذه الآية محكمة لا نسخ فيها، والعدّة كانت قد ثبتت أربعة أشهر وعشراً، ثم جعل الله لهن وصِيَّةً منه سُكْنَى سبعة أشهر وعشرين ليلة، فإن شاءت المرأة سكنت في وصيتها، وإن شاءت خرجت، وهو قول الله عز وجل: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}.
قال ٱبن عطية: وهذا كله قد زال حكمه بالنسخ المتّفق عليه إلا ما قوّله الطبري مجاهداً رحمهما الله تعالى، وفي ذلك نظر على الطبري.
وقال القاضي عِياض: والإجماع منعقد على أن الحول منسوخ وأن عِدّتها أربعةُ أشهر وعشرٌ. قال غيره: معنى قوله «وَصِيَّةً» أي من الله تعالى تجب على النساء بعد وفاة الزوج بلزوم البيوت سنَةً ثم نُسخ.
قلت: ما ذكره الطبري عن مجاهد صحيح ثابت، خرّج البخاريّ قال: حدّثنا إسحاق قال حدّثنا روح قال حدّثنا شِبْل عن ٱبن أبي نجِيح عن مجاهد {وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً} قال: كانت هذه العدّة تعتدّ عند أهل زوجها واجبة فأنزل الله تعالى: {وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً ـ إلى قوله ـ مِن مَّعْرُوفٍ} قال: جعل الله لها تمام السَّنَة سبعةَ أشهر وعشرين ليلةً وصِيَّةً، إن شاءت سكنت في وصيتها وإن شاءت خرجت، وهو قول الله تعالى: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} إلا أن القول الأوّل أظهر لقوله عليه السلام: "إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة عند رأس الحول" الحديث.
وهذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم عن حالة المتوفَّى عنهنّ أزواجهنّ قبل ورود الشرع، فلما جاء الإسلام أمرهنّ الله تعالى بملازمة البيوت حولا ثم نسخ بالأربعة الأشهر والعشر، هذا ـ مع وضوحه في السُّنة الثابتة المنقولة بأخبار الآحاد ـ إجماعٌ من علماء المسلمين لا خلاف فيه؛ قاله أبو عمر، قال: وكذلك سائر الآية.
فقوله عز وجل: {وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَّتَاعاً إِلَى ٱلْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} منسوخٌ كله عند جمهور العلماء، ثم نسخ الوصية بالسكنى للزوجات في الحول، إلا رواية شاذّة مهجورة جاءت عن ٱبن أبي نَجِيح عن مجاهد لم يُتابع عليها، ولا قال بها فيما زاد على الأربعة الأشهر والعشر أحدٌ من علماء المسلمين من الصحابة والتابعين ومَن بعدهم فيما علمتُ. وقد رَوى ٱبن جُرَيْج عن مجاهد مثل ما عليه الناس، فٱنعقد الإجماع وٱرتفع الخلاف، وبالله التوفيق . اهـ.

فمما تقدم يتبين أن حكم الاربعة أشهر وعشرا ينسخ حكم الحول .
فما قولك في هذا التوضيح حفظك الله ؟
 
بسم1​
الحمدلله وحده وبعد :
دعوى نسخ عدة المتوفى عنها زوجها
قال الحق جل شأنه في تبيان حق الأرملة في السكنى بمنزل من توفي عنها حولاً لا تُخَرج منه إلا إن هي خرجت بنفسها :
{ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [البقرة:240]
يُدَّعَى نسخها بقوله تعالى:
{ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة:234]

متاع الأرملة حق لها
:
وهذه الدعوى مردودة جملة وتفصيلاً وهي شديدة الوضوح والبيان ، فآية متاع الأرملة حولاً تلت آية العدة فكيف ينزل الناسخ بعد المنسوخ ؟؟ ، وفي الأصل فلا علاقة بين الآيتين فالآية الأولى واجب على الأرملة والثانية حق ومتاعٌ لها فكيف يكون ذلك والنسخ لا يكون إلا حكماً بحكم؟؟ .
يقول تعالى (وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ) فجعل للرجل المتوفى أن تبقى أرملته في بيته بعد وفاته حولاً كاملاً لا يخرجها أحد عنوة إلا إن خرجت بإرادتها ، فلو كان عدة لما كانت مخيرة في الخروج ، فكانت تلك الوصية حق من حقوق الأرملة في حين أن العدة فريضة عليها ، وهذا من مقاصد الشرع الحنيف فالنساء اللائي لهنَّ ذرية صغاراً أو لا أهل لهن ولا منزل سوى منزل الزوج فقد أعطاهن الله فسحة من الأمر حولاً كاملاً يحق لهن البقاء في منزل الزوج المتوفى (غير إخراج) أي لا يجوز لأحد إن يخرجهن ، حتى يجدن سبيلاً إما بزواج أو بشراء منزل ونحوه ، وهذا في سبيل الحفاظ على نساء المسلمين وصيانة حقوقهن وكرامتهن.
ولكن إن أرادت الأرملة غير ذلك وخرجت قبل تمام الحول فلا جناح عليها ولا على أولياء الزوج المتوفى فيما تفعل في نفسها فعل معروف سواء بزواج أو باستقلال في منزل تملكه.

عدة الأرملة فريضة عليها:
بينما نجد في آية العدة أمراً آخر تماما لا علاقة له بالمتاع فهو فرض على كل من توفى عنها زوجها والخطاب موجه للنساء وليس لأولياء المتوفى كما في الآية الأولى ذلك أن الخطاب يشتمل على فريضة عليهن ،و لا خيار لهن في ترك العدة ، يقول تعالى (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) فهنا يجب عليهن فريضة من الله فإن انقضى الأجل فلها حق استمرار المتاع في منزل المتوفى ولها أن تنزل منزلا غيره ، فنلاحظ التقييد هنا بقوله (فإذا بلغن أجلهن) وليس لهن خيار بالخروج قبل انقضاءه.
فلو انقضت عدتها وكان المنزل الذي تسكنه معروضاً للبيع ولها فيه ميراث ولها منزل لأهلها أو ملكاً لها فآثرت بعد العدة أن تنتقل لمنزلها او منزل أهلها حتى يتحقق تقسم الميراث فلها ذلك ولكن بعد انقضاء عدتها.
ولو انقضت عدتها (أربعة أشهر وعشراً) وأرادت أن تمكث في منزل الزوج ما يكمل الحول فلا يجوز إخراجها منه لقوله تعالى (مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ) غير إخراج ولم يقل غير خروج أي لا يجوز (إخراجها) من منزل الزوج ، ولو كانت عدة مفروضة لخاطب المرأة وليس أولياء المتوفي وهم ليسوا أولياء عليها فوليها مات وانتقلت ولايتها إلى غيره.
ولو توفي رجل عن امرأة حامل فيقول تعالى { وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا } [الطلاق:4]
فتنتهي عدة الحامل بوضعها ولكن يبقى لها إن كان توفي عنها زوجها بقية الحول ، وهذا من المقاصد العظيمة للشرع الحنيف فلولا أن لها التمتع في بيت المتوفى عنها حولاً كاملاً لا يجوز إخراجها لحق لأهل المتوفى اخراجها بعد الوضع مباشرة وهذا فيه إرهاق وجور على الوالدة وولدها ، فكان حول السكنى حق يمكّن الأرملة والوالدة من المكوث في راحة وأمن حتى يحصل لهن سبيل يخرجن به من منزل المتوفى.
وهنا فقبل القول بالنسخ ينبغي أن نفقه المواضع الثلاثة ونميز بين (الحق) و(الفريضة) فلا ينبغي أن نخلط الشرائع والأوامر بلا تمييز وننسخ واحدة بما لا ينبغي أن ينسخها.وهنا فالقول بالتناسخ بين هاتين الآيتين باطل غير متحقق لعدم التجانس بين الآيتين.

فساد الاستدلال :
إن ما يرد من استدلال قرآني على أن العدة كانت حولاً وصارت أربعة اشهر وعشراً اتضح لنا فيما تقدم بطلانه وأنه لا علاقة بين الآيتين حتى تنسخ إحداهما الأخرى ، ولو رجعنا للاستدلال بالسنة النبوية من الاحاديث فهي بلا شك لا تنفع من استدل بها بل تثبت الاحكام ، فلو عدنا للأدلة المدعى اسنادها لهذا القول وهو حديث واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أورد بعدة طرق سنورد إحداها:
: جاءتِ امرأةٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقالتْ : يا رسولَ اللهِ إن ابنتي تُوفي عنها زوجُها، وقد اشتكت عينَها، أفتكحُلها ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : لا – مرتين أو ثلاثًا كل ذلك يقول : لا – ثم قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : إنما هي أربعةُ أشهرٍ وعشرٌ ؛ وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرةِ على رأسِ الحولِ.الراوي : أم سلمة هند بنت أبي أمية | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
فهل كان الحكم المدعى ابطاله ونسخه بالعدة حولاً حكم جاهلية ؟؟
إن هذا الحديث الشريف من أدل الدلائل على أن العدة لم تكن يوماً في الاسلام حولا كاملاً وإنما كانت في الجاهلية كذلك فأتى الإسلام فأبطل ذلك وجعل العدة اربعة أشهر وعشراً ، فلو كان حكما منسوخاً لما احال النبي صلى الله عليه وسلم للجاهلية وترك التاريخ والحكم الأقرب ، ولقال أن الله كان قد افترض عليكن العدة حولاً ثم نسخ ذلك فصارت اربعة أشهر وعشراً ، ولكنه صلى الله عليه وسلم أحال للجاهلية وهي أقرب عهد بالحكم عندهنَّ مما يدل على أن أول حكم بعد حكم الجاهلية في العدة هو الاربعة أشهر وليس الحول.
أما تأول بعض التابعين والرواه والمفسرين رحمهم الله وغفر لهم فهم بشر يجوز عليهم الخطأ ، ولم يرد نص من النبي صلى الله عليه وسلم (صاحب الأمر) بشيء اسمه النسخ لا في هذا الموضع ولا في غيره ، وقد خالفهم في ذلك جمع من أهل العلم فدائما تعودنا أن النسخ محل خلاف لا تجد عليه إجماع كما لا تجد عليه دليل نبوي لأنه باطل كما سنرى فيما يلي .

- وقد اختلف فوق ذلك كله أهل العلم ولم يجري بينهم اتفاق على وقوع النسخ ، فجاء عن
عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ) في [جمال القراء: 1/249-271] :
وقال الربيع: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها أقامت إن شاءت حولا ولها السكنى والنفقة، فنسخ ذلك آية الميراث.
وقال عبد الملك بن حبيب: كانت الحرة المتوفى عنها زوجها تخير بين أن تقيم في بيته وينفق عليها من ماله سنة وبين أن تخرج فلا يكون لها شيء من ماله، فنسخ ذلك بآية الميراث.
وليست هذه الآية بمنسوخة بالتي قبلها؛ لأن الناسخ يتأخر نزوله عن المنسوخ، فكيف يكون نزولها متأخرا ثم توضع في التأليف قبل ما نزلت بعده، ناسخة له من غير فائدة في لفظ ولا معنى!، واحتجوا لذلك بأن المكي قد يؤخر عن المدني في السور، وليس هذا مثل ذلك، وليس في تقديم السورة وتأخيرها شيء من الإلباس بخلاف الآيات.
وقال الزمخشري: فإن قلت: كيف نسخت الآية المتقدمة المتأخرة؟ قلت: قد تكون الآية متقدمة في التلاوة وهي متأخرة في التنزيل، كقوله تعالى: {سيقول السفهاء} الآية [البقرة: 142] مع قوله: {قد نرى تقلب وجهك في السماء} الآية [البقرة: 144].
والذي قال: غير صحيح، بل التلاوة على ترتيب التنزيل، وقد تقدم أن قوله عز وجل: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} الآية [البقرة: 144] نزل بعد قولهم: {ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} الآية [البقرة: 142] أي: دم على ذلك {وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} الآية [البقرة: 144]، وقد قيل: إن أول ما نزل في ذلك قوله عز وجل: {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله} الآية [البقرة: 142]، قيل: أعلم الله نبيه ما هم قائلون، فقال: إذا قالوا ذلك فقل لهم: {ولله المشرق والمغرب} الآية [البقرة: 142].
وقد تقدم أيضا قوله: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} الآية [البقرة: 125] فهذا يدل على ما قلناه من أن قوله عز وجل: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} الآية [البقرة: 144] أمر بالدوام على ما كان أمره به من اتخاذ المقام مصلى، ثم إن هذه الآيات كلها في قصة بخلاف الناسخ والمنسوخ، ولم يقل أحد من المفسرين إن قوله عز وجل: {سيقول السفهاء} الآية [البقرة: 142] أنزل بعد قوله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فول وجهك} الآية [البقرة: 144]، وإنما وهم الزمخشري فظن أن الإخبار بما يكون بعد الشيء قبل وقوعه هو الواقع بعده، وهذا غلط بين، وإنما مثال هذا أن يقول الملك لمن يريد أن يوليه ناحية: سيطعن السفهاء في ولايتك، ثم يقول له بعد ذلك: تول ناحية كذا كذلك.
قال الله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} الآية [البقرة: 142]، إخبارا بما سيكون بعد التولية، ثم قال سبحانه بعد ذلك: {قد نرى تقلب وجهك في السماء} الآية [البقرة: 144]، وهذا واضح جدا، وقد خفي عليه فصار إلى ما صار إليه من تقدم الآية في التلاوة وتأخرها في الإنزال، وليس بهين أن تجعل كلام الله عز وجل بهذه المثابة.
بل أقول: إن الآية غير منسوخة بالتي تقدمت، بل معناها إن المتوفى عنها زوجها كانت لها متعة كما أن للمطلقة متعة، وكانت متعة المتوفى عنها زوجها أن تخير بعد انقضاء العدة بين أن تقيم إلى تمام الحول ولها السكنى والنفقة، وبين أن تخرج، يدل على صحة ذلك قوله سبحانه وتعالى: {متاعا إلى الحول غير إخراج} الآية [البقرة: 240] أي: لا تخرج إذا لم ترد، ثم قال تعالى: {فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف} الآية [البقرة: 234]،

لها أن تخرج، ولو كانت العدة حولا لم يبح لها ذلك، ولم تكن مخيرة فيه، ومن لم يفرق بين هذا وبين قوله عز وجل:
{يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم} الآية [البقرة: 234]، ويميز بين المكث الواجب كيف جاء بهذا اللفظ، وبين المكث الراجع إلى الاختيار كيف جاء باللفظ الآخر، فقد سلب آلة التمييز، بل الآية المتأخرة دالة على تقدم الأولى بقوله عز وجل: {فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف} الآية [البقرة: 234] أي: فإن اخترن الخروج بعد بلوغ الأجل المذكور في الآية المتقدمة فلا حرج. " انتهى كلامه رحمه الله


وتذكيراً للإخوة الأعزاء وحتى لا يتم نسيان الأمر بسرعة فائقة والتحول عن موضوعنا هذا نلخص الأمر بما يلي:

  • الآيتان لا علاقة لهما ببعض وليس بينهما نسخ ولا ابطال ، فالأولى متاع للأرملة وحق لها بالسكنى حولاً من يوم وفاة زوجها والخطاب فيها موجه لأولياء الميت لئلا يجورون عليها وتذكيراً لهم بحقها ، أما إن رغبت في الخروج فقد جوَّز لها الشارع ذلك ، ولوكانت عدة ما جاز لها الخروج ، أما الثانية فهي تبين فريضة العدة وخطابها موجه للارملة ، والخروج من المنزل مقيد بانقضاء الأجل وليس برغبة الأرملة كمتاع السكنى ، ومن أدل الحقائق على انتفاء النسخ أن الآية المدعى نسخها نزلت بعد نزول الناسخة ، فانظر رعاك الله تهافت فرية النسخ وتخبطها فكيف ينزل الله حكما ناسخاً ثم ينزل بعده حكما منسوخاً ، فإن كان منسوخاً فلم أنزله ؟؟ ، وهذا من نافلة ابطال الدعوى وإلا فإنها بطلت بما دون ذلك.



  • حتى في هذا الموضع فأهل العلم قد اختلفوا ولم يجمعوا على القول بالنسخ ، والقاعدة تقول انه لا يصار الى النسخ اذا تم الجمع بين المدعى نسخه ولكن الهوى إن دخل في الأمر فلا قيمة للحجج ولو كانت كفلق الصبح.



  • أن الحديث المستدل به يحمل دليلاً قاطعاً على أن العدة في الاسلام لم تكن يوماً حولاً كاملاً بل اربعة أشهر وعشراً والحديث النبوي الشريف يذكر السائلة بأن العدة في الجاهلية كانت حولاً ، فأتى الاسلام فجعلها اربعة أشهر وعشراً ، فكانت مساهمة جميلة في اثبات حاكمية كتاب الله ونفي الابطال عن آياته وأنه لا تبديل لقضاءه ولا راد لحكمه.

هذا والله تعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد.​
 
لا أملك إلا أن أقول لك أخي عدنان:

الحمد لله الذي عفاني مما ابتليت به.

نسأل الله لك الهداية وأن تزيل عنك وسواس إنكار النسخ.

ولن أرد عليك ولو بكلمة في هذا الموضوع الذي تصدعت رؤوسنا به.
 
بل أقول: إن الآية غير منسوخة بالتي تقدمت، بل معناها إن المتوفى عنها زوجها كانت لها متعة كما أن للمطلقة متعة، وكانت متعة المتوفى عنها زوجها أن تخير بعد انقضاء العدة بين أن تقيم إلى تمام الحول ولها السكنى والنفقة، وبين أن تخرج، يدل على صحة ذلك قوله سبحانه وتعالى: {متاعا إلى الحول غير إخراج} الآية [البقرة: 240] أي: لا تخرج إذا لم ترد، ثم قال تعالى: {فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف} الآية [البقرة: 234]،

لها أن تخرج، ولو كانت العدة حولا لم يبح لها ذلك، ولم تكن مخيرة فيه، ومن لم يفرق بين هذا وبين قوله عز وجل:
{يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم} الآية [البقرة: 234]، ويميز بين المكث الواجب كيف جاء بهذا اللفظ، وبين المكث الراجع إلى الاختيار كيف جاء باللفظ الآخر، فقد سلب آلة التمييز، بل الآية المتأخرة دالة على تقدم الأولى بقوله عز وجل: {فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف} الآية [البقرة: 234] أي: فإن اخترن الخروج بعد بلوغ الأجل المذكور في الآية المتقدمة فلا حرج. " انتهى كلامه رحمه الله

يعلم الله أني لم أقع على قول السخاوي رحمه الله إلا أثناء كتابتي للرد على الأخ أحمد صبري وكلام السخاوي هو ما وصلت إليه منذ بدأت البحث في المسألة ، ,وقد تواطأ القول لأن الفطرة والفهم السليم لمنطوق الآيتين يبين بما لا يدع مجالا للشك ولا للالتباس أن الموضعين لا علاقة لهما ببعضهما البعض فهذا حق وذلك واجب .

وأقول للأخ ناصر وفقه الله:
يقول الله تعالى في الآية الثابتة المحكمة غير المبطلة باسم النسخ :
{لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [البقرة:284]

والله يعلم ما في نفسي ومافي نفسك ، ويعلم تعالى من ابتلي بالتقليد واتباع البشر ومن اتبع قول ربه وقول نبيه وحمل مسئولية فهم كلام الله ولم يعزوه لأحد ، لأن الله سيحاسبك أنت بذاتك ولن ينفعك من تقلده ، وأحتسب على الله أني آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأي منكر أعظم من إبطال أحكام الله تعالى.

أنظر كم من النساء الأرامل اخرجن من ديارهن وحرمن من حقهن في السكنى بسبب تأول باطل سوغته فرية النسخ والله تعالى لم يأمر به ولم يقل ذلك نبيه صلى الله عليه وسلم ، وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم.
إن من أعظم الجرم إخراج الأنفس من الديار وقد بين الله عظم هذا الأمر في أكثر من موضع وقرنها بسفك الدماء ، وشرع بسببها ابتداء العدو بالقتال ، فكيف بالأرملة يؤتى بها فتخرج من دار زوجها قبل أن تكمل الحول بحكم يدعى أنه شرعي وهو مناقض للشريعة ؟؟
وهذه إحدى ثمرات ابطال احكام الله باسم النسخ.

إن فهم قوله تعالى : ما ننسخ من آية .. الآية ، على أنه ابطال لأحكام الله فهم بشري ظني وليس قطعي ترتب عليه القول بإبطال أحكام القرآن إبطالاً ظنياً أيضاً بدليل اختلاف العلماء في كل موضع من مواضع الابطال ، فكان ظنٌّ مترتبٌ على ظن ، ظلمات بعضها فوق بعض فكيف يحكم البشري الظني على قول الله الالهي القطعي ؟؟


أما من هو مقتنع بالنسخ ولم تهزه هذه الحجة ولا تنبهه من غفلته فهو يضع اصبعه في اذنه ويستغشي ثوبه ويصر ولا يريد ان يسمع ولا يفهم ولا يعقل ، وحسابه وحسابنا على الله.
نسأل الله أن لا يجعل القرآن خصيمنا يوم القيامة إذ حذر نبينا صلى الله عليه وسلم من ذلك فعن عبد الله بن عمرو ، قال :

كان قوم على باب رسول الله يوما يتنازعون في القرآن ، فخرج النبي متغيرا وجهه ، فقال : " يا قوم بهذا هلكت الأمم ، إن القرآن يصدق بعضه بعضا ، فلا تكذبوا بعضه ببعض " .
وفرية القول بالنسخ ضرب لكتاب الله بعضه ببعض والله المستعان.
لنا عودة بإذن الله تعالى
 
اقترح عليك اقتراح ، اختر مسألة نسخ عدة المتوفى عنها زوجها ولنتناقش فيها واثبت أن العدة كانت حولا ونسخت ولكن إن كنت عادلاً ذا أمانة وأنت بلا شك كذلك فقل لي هل كانت العدة حولا وصارت ثلاثة اشهر وعشراً ؟؟ وبإمكانك مراجعة قولي والرد عليه بدون تشتيت ، خذ كلامي فقرة فقرة وانقضه إن أردت
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين اما بعد الاستاذ عدنان المحترم
لقد أوضحت وبينت بما يكفي ...فكفى ياأخي لتكتب في أمور أخرى وفقنا الله تعالى واياكم.
 
أخونا الفاضل الغامدي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد شعرت أني لو نقلت لك عشرات التفاسير للآيات التي نحن بصددها ، فلن تلتفت لها ، لذلك آثرت مناقشة ما تدّعيه .
قال الله تعالى : " وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " البقرة:240
وقال تعالى : " وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ " البقرة:234

اولا : التعقيب على ما تفضلت به:

  • قولك ( فآية متاع الأرملة حولاً تلت آية العدة فكيف ينزل الناسخ بعد المنسوخ - تقصد قبل المنسوخ- ؟؟ ) قول غير صحيح !!
  • دندنتك حول تفسير الايتين للحفاظ على نساء المسلمين وصيانة حقوقهن وكرامتهن لا حاجة له في النقاش اذا كان موقفك الشرعي قوي . !!
  • قولك (( إن هذا الحديث الشريف من أدل الدلائل على أن العدة لم تكن يوماً في الاسلام حولا كاملاً وإنما كانت في الجاهلية كذلك فأتى الإسلام فأبطل ذلك وجعل العدة اربعة أشهر وعشراً ، فلو كان حكما منسوخاً لما احال النبي صلى الله عليه وسلم للجاهلية وترك التاريخ والحكم الأقرب ، ولقال أن الله كان قد افترض عليكن العدة حولاً ثم نسخ ذلك فصارت اربعة أشهر وعشراً ، ولكنه صلى الله عليه وسلم أحال للجاهلية وهي أقرب عهد بالحكم عندهنَّ مما يدل على أن أول حكم بعد حكم الجاهلية في العدة هو الاربعة أشهر وليس الحول.
    أما تأول بعض التابعين والرواه والمفسرين رحمهم الله وغفر لهم فهم بشر يجوز عليهم الخطأ ، ولم يرد نص من النبي صلى الله عليه وسلم (صاحب الأمر) بشيء اسمه النسخ لا في هذا الموضع ولا في غيره ، وقد خالفهم في ذلك جمع من أهل العلم فدائما تعودنا أن النسخ محل خلاف لا تجد عليه إجماع كما لا تجد عليه دليل نبوي لأنه باطل كما سنرى فيما يلي .))
فهذا الكلام فيه أغلاط بيّنة ، ولكن يبدو أنك أُشرِبت بلا نسخ !!

  • نقلك عن جمال القراء فيه : ( ركز في احتجاجه – في ان الاية غير منسوخة – بقوله بل التلاوة على ترتيب التنزيل ) وهو غير وجيه !!
  • لا أرى فيما كتبته انت او نقلته إلا إعمال العقل والقول بالرأي وليس النقل او الاتباع !!

ثانيا : التوضيح للتعقيب :

  • قال الواحدي في أسباب النزول ، وذكره السيوطي في لباب النقول :
قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ} الْآيَةَ [234]:
أخبرنا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَدَّادِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُ أَوْلَادٌ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ، وَمَعَهُ أَبَوَاهُ وَامْرَأَتُهُ، فَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَعْطَى الْوَالِدَيْنِ وَأَعْطَى أَوْلَادَهُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ يُعْطِ امْرَأَتَهُ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ أَنْ يُنْفِقُوا عَلَيْهَا مِنْ تَرِكَةِ زَوْجِهَا إِلَى الْحَوْلِ. اهـ

  • وقال ابن حجر العسقلاني في كتابه العجاب في بيان الأسباب :
قوله تعالى "والذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج "الآية 240 البقرة
أخرج إسحاق بن راهويه في تفسيره من طريق مقاتل بن حيان في قوله تعالى "والذين يتوفون منكم" الآية إن رجلا من أهل الطائف قدم المدينة و له أولاد رجال و نساء و معه أبوان و امرأته فمات بالمدينة فرفع ذلك إلى النبي فأعطى الوالدين و أعطى أولاده بالمعروف و لم يعط امرأته شيئا غير أنهم أمروا أن ينفقوا عليها من تركة زوجها إلى الحول .
وقال مقاتل بن سليمان في تفسيره عن حكيم بن الأشرف فذكر نحوه وزاد في آخره و ذلك قبل أن تنزل آية المواريث ثم نزلت "والذين يتوفون منكم يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا" و نزلت آية المواريث فجعل للمرأة الثمن أو الربع و كان ميراثها قبل ذلك نفقة سنة .
و قد تقدم في قوله تعالى "والذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا " نحو هذا عن ابن عباس.
و هذه الآية التي هنا سابقة في النزول و التي هناك سابقة في رسم المصحف و قد قال عثمان لعبد االله بن الزبير لما سأله عن ذلك يا ابن أخي لا أغير شيئا منه مكانه يعني بقاء رسمها بعد التي نسختها . انتهى كلام ابن حجر.

  • وقال البغوي في معالم التنزيل :
نزلت هذه الآية في رجل من أهل الطائف يقال له حكيم بن الحارث .... وذكر الحديث.
وكانت عدة الوفاة في ابتداء الإِسلام حولاً وكان يحرم على الوارث إخراجها من البيت قبل تمام الحول، وكانت نفقتها وسكنها واجبة في مال زوجها تلك السنة ما لم تخرج، ولم يكن لها الميراث، فإن خرجت من بيت زوجها سقطت نفقتها، وكان على الرجل أن يوصي بها فكان كذلك حتى نزلت آية الميراث، فنسخ الله تعالىٰ نفقة الحول بالربع والثمن، ونسخ عدة الحول بأربعة أشهر وعشراً. اهـ

  • وقال ابن الجوزي في زاد المسير:
قال المفسرون: كان أهل الجاهلية إذا مات أحدهم مكثت زوجته في بيته حولا ينفق عليها من ميراثه فإذا تم الحول خرجت إلى باب بيتها ومعها بعرة فرمت بها كلبا، وخرجت بذلك من عدتها وكان معنى رميها بالبعرة: أنها تقول مكثي بعد وفاة زوجي أهون عندي من هذه البعرة .
ثم جاء الإسلام فأقرهم على ما كانوا عليه من مكث الحول بهذه الآية " وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ " ثم نسخ ذلك بالآية المتقدمة في نظم القرآن على هذه الآية وهي قوله تعالى: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } ونسخ الأمر بالوصية لها بما فرض لها من ميراثه . اهـ

  • وقال ابو حيان في البحر المحيط :
ونقل القاضي أبو الفضل عياض بن موسى اليحصبي، وأبو محمد بن عطية الإجماع على نسخ الحول بالآية التي قبل هذه.
وروى البخاري عن ابن الزبير، قال: قلت لعثمان: هذه الآية في البقرة {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً} إلى قوله: {غير إخراج} قد نسخت الأخرى فَلِمَ تكتبها. قال: ندعُها يا ابن أخي، لا أغير شيئاً من مكانه.
ويعني عثمان: من مكانه الذي رتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، لأن ترتيب الآية من فعله صلى الله عليه وسلم لا من اجتهاد الصحابة.اهـ

  • وقال الرازي في تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير:
المسألة السابعة: أجمع الفقهاء على أن هذه الآية ناسخة لما بعدها من الاعتداد بالحول وإن كانت متقدمة في التلاوة غير أبـي مسلم الأصفهاني فإنه أبـى نسخها، وسنذكر كلامه من بعد إن شاء الله تعالى، والتقدم في التلاوة لا يمنع التأخر في النزول، إذ ليس ترتيب المصحف على ترتيب النزول، وإنما ترتيب التلاوة في المصاحف هو ترتيب جبريل بأمر الله تعالى. اهـ

  • وقال القاسمي في تفسير محاسن التأويل :
    الثالثة: أكثر الفقهاء على أنّ هذه الآية ناسخة لما بعدها من الاعتداد بالحول وإن كانت متقدمة في التلاوة، فإن ترتيب المصحف ليس على ترتيب النزول بل هو توقيفيّ. اهـ


  • وقال ابن عاشور في تفسير التحرير والتنوير:
موقع هذه الآية هنا بعد قوله { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن } البقرة 243 إلى آخرها في غاية الإشكال فإن حكمها يخالف في الظاهر حكم نظيرتها التي تقدمت، وعلى قول الجمهور هاته الآية سابقة في النزول على آية { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن } يزداد موقعها غرابة إذ هي سابقة في النزول متأخرة في الوضع.
والجمهور على أن هذه الآية شرعت حكم تربص المتوفى عنها حولاً في بيت زوجها وذلك في أول الإسلام، ثم نسخ ذلك بعدة الوفاة وبالميراث، روي هذا عن ابن عباس، وقتادة والربيع وجابر بن زيد. وفي البخاري في كتاب التفسير عن عبد الله بن الزبير قال «قلت لعثمان هذه الآية، { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم } قد نسختها الآية الآخرى فلم تكتبها، قال لا أغير شيئاً منه عن مكانه يابن أخي»
فاقتضى أن هذا هو موضع هذه الآية، وأن الآية التي قبلها ناسخة لها، وعليه فيكون وضعها هنا بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم لقول عثمان «لا أغير شيئاً منه عن مكانه» ويحتمل أن ابن الزبير أراد بالآية الأخرى آية سورة النساء في الميراث. اهـ

ثالثا : التلاوة ليست على ترتيب التنزيل :

  • قال الله تعالى : ( وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلا ) الإسراء/106 .
قال السعدي رحمه الله : أي : وأنزلنا هذا القرآن مفرقًا، فارقًا بين الهدى والضلال، والحق والباطل .
( لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ) أي : على مهل ، ليتدبروه ويتفكروا في معانيه، ويستخرجوا علومه .
( وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلا ) أي : شيئًا فشيئًا ، مفرقًا في ثلاث وعشرين سنة اهـ تفسير السعدي


  • توجيه النبي صلى الله عليه وسلم للكُتَّاب بأن يضعوا الآية أو الآيات التي تنزل في مواضعها من سورها :
ويدل على ذلك الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد والترمذي وأبو داود والحاكم من حديث عبد الله بن عباس عن عثمان بن عفان رضي الله عنهم قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان، ينزل عليه من السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده فيقول: "ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا. وينزل عليه الآية فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وينزل عليه الآيات فيقول: ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا"

الحديث أخرجه أحمد في مسنده ج1 – ص57،69، والترمذي في كتاب التفسير، تفسير سورة التوبة. سنن الترمذي ج5 – ص272، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء من جهر بها. سنن أبي داود ج1 – ص268. والحاكم في المستدرك ج2 – ص221، 330 وصححه ووافقه الذهبي.


  • ليس لأحد التألي على الله عز وجل بأن يجعل لنفسه تصورا ثم يحاجج به مناظره !!!
مثل من يظن ان التلاوة على ترتيب التنزيل تلغي النسخ فيبالغ ويضرب المثل لله او يتغافل عن أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم او يُجوِز الخطأ على أحد من السلف، فإنه اذا لم يستطع ان يغوص في الادلة ليستدل بها على الناسخ من المنسوخ فلا يتألى على الله ولا على رسوله ولا على المؤمنين ... !!!
قال الماوردي في شرح مختصر المزني :
دلائل النسخ عند تنافي الحكمان :
الاول : أن يتقدم أحدهما ويتأخر الاخر فيعلم أن المتأخر ناسخ للمتقدم ، فإن قيل فقوله تعالى في العدة " وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا " البقرة 234 ناسخ لقوله تعالى " مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ " البقرة 240 وهو غير متقدم عليه.
قيل هو متقدم عليه في التلاوة ومتأخر عنه في التنزيل ، وقد عدل بترتيب التلاوة عن ترتيب التنزيل بحسب ما أمر الله تعالى به للمصلحة التي استأثر الله تعالى بعلمها .
فقد قيل ان أخر اية نزلت في القران قوله تعالى " واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله " البقرة 281 وهي متقدمة في سورة البقرة ، وأول ما نزل من القرآن سورة " اقرأ باسم ربك الذي خلق " وهي متأخرة في المفصل .
والنسخ انما يتأخر ويختص في التنزيل دون التلاوة .و ان أشكل المتقدم والمتأخر وجاز ان يكون كل واحد متقدما او متأخرا عدل الى الدليل الثاني ،
الثاني : وهو بيان الرسول صلى الله عليه وسلم : فإن ثبت عنه بيان الناسخ من المنسوخ عمل عليه وكانت السنة مبينة له ولم تكن ناسخة . و إن عدم بيان الرسول صلى الله عليه وسلم عدل الى الدليل الثالث ،
الثالث : وهو الاجماع فإن انعقد الاجماع على تعيين الناسخ و المنسوخ عمل عليه وكان الاجماع مبينا ولم يكن ناسخا . وإن عدم الاجماع عدل الى الدليل الرابع ،
الرابع : وهو الاستعمال فإن كان احدهما مستعملا والاخر متروكا كان المستعمل ناسخا والمتروك منسوخا . فإن لم يوجد في الاستعمال بيان إما لاشتباهه او لاشتراكه عدل الى الدليل الخامس ،
الخامس : وهو الترجيح بشواهد الاصول وتطلب الادلة وكانت غاية العمل به . انتهى

رابعا : الترجيح :
الأية المنسوخة :
قال الله تعالى : " وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " البقرة:240
الأية الناسخة :
قال تعالى : " وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ " البقرة:234
الحكم بالنسخ :
وجه النسخ أن الآية الأولى في المتوفى عنها زوجها يجعل لها النفقة والسكنى مدة سنة بشرط عدم خروجها فإن خرجت سقط حقها ولكن تبقى على عدتها الحول بدون نكاح.
والآية الثانية ناسخة لأنها في ذات الحالة لكنها أفادت وجوب الانتظار أربعة أشهر وعشرة أيام ومنعت الخروج.
السبب :

  1. نقل غير واحد الاجماع على النسخ .
  2. جمهور المفسرين وأكثر العلماء على النسخ .
  3. ليس في هذا نسخ ، غلط بيّن ؛ لأنه إذا كان حكمها أن تعتد سنة إذا لم تخرج، فإن خرجت لم تمنع، ثم أزيل هذا ولزمتها العدة أربعة أشهر وعشرا، وهذا هو النسخ .
  4. اذا كنت قاضيا وترى بإحكام الأيتين فيجوز لك الحكم بأي من الايتين على انفصال ،
بمعنى إذا كنت قاضيا وعُرضت عليك قضية ( مات عنها زوجها ) ودرست ملابسات القضية وظروف الرعية ، وحيث ترى الإحكام في الايتين فيجوز لك أن تحكم في هذه القضية بمقتضى الاية المنسوخة بدون استخدام الاية
الناسخة في حكمك .

  1. حيث انه اذا كنت قاضيا يحكم بما أنزل الله عز وجل ( وهم قليل ) فلا يمكن الحكم بمقتضى الاية المنسوخة ويكون الحكم بمقتضى الاية الناسخة مع ما يحق للأرملة من حق او متاع .
فإن يك صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان.

أخيرا : أرجو الله تبارك وتعالى أن يشرح صدرك لقبول هذا الحكم ، لنمضي قدما الى غيره من قضايا .
 
صدقني أخي صبري أنك لن تصل إلى ما تصبو إليه مع الأخ عدنان فهو ممن لبس عليه ولن يتنازل عن عقيدته الباطلة في موضوع النسخ ولو أتيت له بأقوال كل الصحابة والتابعين في باب النسخ.
لذا أنصحك أخي ألا تضيع جهدك ووقتك في أمر نتيجته معلومة مسبقا.
فكم حاورت وحاورت الأخ في غير ما أمر لكن بدون جدوى والله المستعان.
 
أخي ناصر ،قولك
ولو أتيت له بأقوال كل الصحابة والتابعين في باب النسخ.

أرى والله أعلم أن نعمل بالقاعدة الاصولية التي تقول (لامشاحة في الاصطلاح) ، بمعنى أن تعريفهم ليس بالضرورة هو نفس ما ذهب إليه المتاخرين في تعريف مفهوم النسخ وهو أزالة الحكم التام من الاية (وتبقى كالمعطله ).

ثانيا :الاحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه ، حديث عائشة رضى الله عنها في الرضعات ، وحديث بئر معونة ، واية الرجم ، مثل هذه الاحاديث كانت ايات تتلى وموجودة في القران ولكنها رفعت من المصحف بأمر الله سبحانه وتعالى .
ففهم البعض من هذه الاحاديث تعريف معين اصطلاحى وهو صحيح ، ولكن الخطا في نظري هو إسقاطه على كلام الصحابة والتابعين كما في اية السكنى والنفقة.

ثالثا : تسمية الصحابة والتابعين لبعض الايات (نسخا)، حقيقته في نظري هيمنة الجزء المتاخر للاية على المتقدم بغيرتعطيل للمتقدمة، وهناك الان إصطلاحات في علوم القران كالعام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين.

رابعا : قوله تعالى { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (سورة البقرة 106).
الإستدلال بهذه الاية على وقوع النسخ في القران لايصح في نظري ..لقرينتين :

الاولي : الاضطراد في مفردة(اية) ، كلها في القران الكريم بمعني (العلامة والبرهان) ،إلا في موضع واحد وهي قوله تعالى ( وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (سورة النحل 101) .
الثانية : السياق التي وردت فيه اية (ما ننسخ من اية ) جاء بعدها قوله تعالى{ أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى } (سورة البقرة 108) ، وبنو اسرائيل سألوا موسى عليه السلام البراهين والادلة التعجيزية.

ختاما :
وأخونا عدنان في رايي أصاب وأخطا ...

أصاب حين قال أنه لاتوجد أية واحدة الان في المصحف معطلة أو منسوخة ، لانه لا يصح الاستنباط أو الاجتهاد في مثل هذه المسائل فقد بينها رسول الله عليه الصلاة والسلام وحيا، بأمره سبحانه وتعالى.
وأخطا في رده للنسخ جملة وتفصيلا ، بل وقع النسخ وانتهى زمنه بوفاة رسول الله عليه الصلاة والسلام ، فنسخت التلاوة وبقى الحكم ،كما دل على ذلك الاحاديث الصحيحة الثابتة .

والله أعلم
 
وأخطا في رده للنسخ جملة وتفصيلا ، بل وقع النسخ وانتهى زمنه بوفاة رسول الله عليه الصلاة والسلام ، فنسخت التلاوة وبقى الحكم ،كما دل على ذلك الاحاديث الصحيحة الثابتة .

والله أعلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه عين الصواب لكن ما حدث بعد جمع سيدنا أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وإحراقه المصاحف هنا حدث خلل هل فعله نسخ الآيات التي في مصحف أبيِّ بن كعب وبن مسعود والأشعري وأم المؤمنين حفصة عليها السلام رضي الله عنهم أجمعين أم لم تنسخ
والله تعالى أعلى وأعلم وأجل وأحكم وأعظم
دمتم سالمين
 
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم أخي الكريم حسن لا شك أنه رفع كل الآيات المنسوخة المرفوعة تلاوتها لكنه أبقى بعض الآيات المنسوخة حكما لكنها باقية تلاوة لحكمة يعلمها الله تعالى فالقول ان القرآن لا يحتوي على آيات منسوخة خطأ واضح ...بل يحتوي عليها لحكمة أرادها الله...وان القول أن النسخ لا يليق بحكمة الله وعظمته قول مردود لكونه سبحانه أراده لحكم معينة عرفنا بعضها ولم نعرف أخرى وهذا القول يشبه قول المعتزلة عن القرآن بكونه مخلوق لان عدم القول بذلك يستدعي ان يكون له لسان وهم ينزهونه عن اللسان ومشابهة المخلوقين !!!
ولكن هل كل متكلم له لسان فالله سبحانه وتعالى انطق كل شيء وهو القادر على كل شيء ....والله تعالى أعلم.
 
الحمدلله وحده والصلاة والسلام من لا نبي بعده:
أخي المكرم المهندس احمد صبري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعتذر منك ومن الأحبة الكرام عن الغياب لدواعي السفر خلال الفترة المنقضية مما صعَّب علي الدخول والرد على ما سبق وأرجو من الله الإعانة و التوفيق للجميع .
أخي .. موضوع النقاش هو عدة الأرملة ، ودعوى أنه كان حولاً ثم نسخ وأبطل الحكم فأصبح أربعة أشهر وعشراً ، ,انت تحولت (بقدرة قادر) من الحديث حول عدة الأرملة إلى الحديث في المواريث وهو أمر خارج عن حديثنا ولكنك أحسنت لأنك اثبتَّ من حيث لا تعلم بطلان النسخ وسيأتي معنا كيف كان ذلك ، ولكن دعني أتتبع ردك فقرة بفقرة ، ولست مثلك اقفز فوق الحجج واتجاهلها بقول ((لا أرى فيما كتبته انت او نقلته إلا إعمال العقل والقول بالرأي وليس النقل او الاتباع !!)).


أولاً: أقدر صعوبة الأمر وأن إيجاد حديث واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم يثبت مسألة النسخ هو أمنية المتمني ولكن لا يقبل أن يعسف النص ويطوع بغير ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، واستدلالك بحديث فاطمة رضي الله عنها وأرضاها لا يغني ولا يبطل من كلام الله شيئاً ، ذلك أن الله تعالى أنزل آيات وأمر نبيه أن يضعها في مكان معين لم تكن فيه وكان ترتيب الآيات متغير حتى العرضة الأخيرة حيث استقر ترتيب الآيات على الوجه الذي نقرأه اليوم ولا يفيد ذلك إبطال شيء من كتاب الله البتة، وقد أنزل الله ما يخبرنا عن ذلك فقال جل شأنه :
{ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } [النحل:101]​
والمبطلون يستدلون بهذه الآية على جواز النسخ وهذا استدلال فاسد ، فالآية لا تدل على نسخ القرآن أبداً بمعنى إبطاله ابداً ، بل تدل على احتمالين الأول هو تبديل أماكن الآيات ، فبعد أن تكون الآية في موضع يبدل الله موضعها بآية أخرى وليس فيها إزالة للآية ولكن تغيير في مكانها وترتيبها في السورة الواحدة ، فكانت الآيات تنزل على النبي صلى الله عليه وسلم فيأمر كتبة الوحي بوضعها في موضع كذا فتحتل مكان آية أخرى وهذا ليس من النسخ في شيء.
والاحتمال الثاني هو تبديل الشريعة النازلة على موسى عليه السلام بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم فأصبحت الشريعة المحمدية مهيمنة على الشريعة السابقة فأخذت مكانها ، لذا فإن أهل الكتاب يحتجون على تقديم شرع الله النازل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم تقديمه على شريعة موسى ويتهمونه صلى الله عليه وسلم بالافتراء .
ولكن مفهوم الآية لا يخرج هن هذين الاحتمالين ولا يصار للقول بالابطال في القرآن ذاته لأن المسألة تبديل أماكن وليس الغاء وابطال.

والنبي صلى الله عليه وسلم عندما بُعث ، وقبل أن ينزل عليه شيء من الشرائع كانت شريعة موسى عليه السلام هي الشريعة المهيمنة وكان صلى الله عليه وسلم وسلم متبعاً لها في بعض العبادات، حتى ينزل من القرآن ما (ينسخ الحكم)أي يثبته ويكرره في شرع الله الجديد كالقصاص ، إذ يقول تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَىٰ بِالْأُنْثَىٰ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [البقرة:178]
أي أن الله كرر الحكم الذي سبق في شريعة موسى عليه السلام حين قال :

{ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } [المائدة:45]​
ومن الأحكام ما (ينسيه الله ويمحوه) فيأتي بحكم جديد يهيمن على سابقه فيصبح الحكم الجديد مبطلا وماحياً للحكم السابق في التوراة كقوله تعالى :
{ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } [الأنعام:146]​
ثم أتى الحكم الماحي للشريعة السابقة لتضع هذا ويحل محله شرع جديد لا يحرم ما كان حراماً فيقول تعالى:
{ قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [الأنعام:145]

وكذلك القبلة ، فالمبطلون ادعوا بأنها منسوخة أي مبطلة ولا يوجد في القرآن الكريم ما يأمر النبي بالتوجه لبيت المقدس ثم أنزل آية تبطل ذلك حتى يدعى بالنسخ في هذا الموضع بمعنى الابطال ، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يستقبل بيت المقدس ويجعل الكعبة بينه وبين قبلته حين كان في مكة ، فلما هاجر للمدينة اصبح يستدبر الكعبة ويستقبل بيت المقدس فأنزل الله في مسجد القبلتين حكم القبلة الجديدة فكان حكما ماحياً منسياً لما قبله فتحولت القبلة وكانت اصلا آية النسخ في سياق تلك الواقعة رداً على اليهود الذي كبر عليهم أن تمحا شريعتهم فاتهموا النبي صلى الله عليه وسلم بالافتراء.

وقد تفضلت استاذ احمد صبري بتجاهل مسألة العدة وأنها تغيرت من حول كامل إلى اربعة أشهر وعشراً وركزت على مسألة الميراث ، ففي حين كنت تريد ان تكرس مفهوم ابطال احكام القرآن تحت ذريعة النسخ فقد أثبت ما أقوله اعلاه وإليك الدليل :

قوله تعالى "والذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج "الآية 240 البقرة
أخرج إسحاق بن راهويه في تفسيره من طريق مقاتل بن حيان في قوله تعالى "والذين يتوفون منكم" الآية إن رجلا من أهل الطائف قدم المدينة و له أولاد رجال و نساء و معه أبوان و امرأته فمات بالمدينة فرفع ذلك إلى النبي فأعطى الوالدين و أعطى أولاده بالمعروف و لم يعط امرأته شيئا غير أنهم أمروا أن ينفقوا عليها من تركة زوجها إلى الحول .
وقال مقاتل بن سليمان في تفسيره عن حكيم بن الأشرف فذكر نحوه وزاد في آخره و ذلك قبل أن تنزل آية المواريث ثم نزلت "والذين يتوفون منكم يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا" و نزلت آية المواريث فجعل للمرأة الثمن أو الربع و كان ميراثها قبل ذلك نفقة سنة .
و قد تقدم في قوله تعالى "والذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا " نحو هذا عن ابن عباس.
و هذه الآية التي هنا سابقة في النزول و التي هناك سابقة في رسم المصحف و قد قال عثمان لعبد االله بن الزبير لما سأله عن ذلك يا ابن أخي لا أغير شيئا منه مكانه يعني بقاء رسمها بعد التي نسختها . انتهى كلام ابن حجر.

ذلك أن المرأة في شريعة موسى لم تكن ترث اصلاً ، لذلك لم يعطها النبي صلى الله عليه وسلم اتباعاً للشريعة المهيمنة حتى نزلت آية الميراث الماحية لما سبق من شريعة موسى فاصبح للمرأة ميراث الربع والثمن فصارت مسالة الميراث محسومة وفيها قرآن يتلى أما العدة فنزولها منذ نزلت آية العدة أربعة أشهر وعشراً ولم تكن حولاً لاختلاف زمن النزول فآية متاع الحول نزلت بعد آية العدة لأن كلا منهما له علاقة بأمر مختلف عن سابقه.

أما ردك لما جاء في جمال القراء فليس به حجة :
  • قلك عن جمال القراء فيه : ( ركز في احتجاجه – في ان الاية غير منسوخة – بقوله بل التلاوة على ترتيب التنزيل ) وهو غير وجيه !!
  • لا أرى فيما كتبته انت او نقلته إلا إعمال العقل والقول بالرأي وليس النقل او الاتباع !!

فاستدليت بقول الماوردي ، وبدلا من السعي في درء القول بابطال احكام الله سعيت أنت والمبطلين في البحث عن حجة ولو كانت باطلة لتحقيق الابطال :
قال الماوردي في شرح مختصر المزني :
دلائل النسخ عند تنافي الحكمان :
الاول : أن يتقدم أحدهما ويتأخر الاخر فيعلم أن المتأخر ناسخ للمتقدم ، فإن قيل فقوله تعالى في العدة " وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا "البقرة 234 ناسخ لقوله تعالى " مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ " البقرة 240 وهو غير متقدم عليه.
قيل هو متقدم عليه في التلاوة ومتأخر عنه في التنزيل ، وقد عدل بترتيب التلاوة عن ترتيب التنزيل بحسب ما أمر الله تعالى به للمصلحة التي استأثر الله تعالى بعلمها .
فقد قيل ان أخر اية نزلت في القران قوله تعالى " واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله " البقرة 281 وهي متقدمة في سورة البقرة ، وأول ما نزل من القرآن سورة " اقرأ باسم ربك الذي خلق " وهي متأخرة في المفصل .
فلم يستدل بدليل على أن التقديم والتأخير هنا لا تاثير له الا قوله "للمصلحة التي استأثر الله تعالى بعلمها" هكذا قال ، ألم يكن من تبيان من حديث نبوي يثبت النسخ ؟؟ ، أم يترك هذا الامر الجلل للعابثين ينسخون ويبطلون ما يشاءون ويبحثون عن المخارج حتى لو كانت لا تستقيم عقلا ولا شرعاً.
وانظر للاستدلال الفاسد ، حيث استدل بأن قوله تعالى (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله) آخر ما نزل ولكن ترتيبه غير نزوله ، وقوله تعالى (اقرأ باسم ربك الذي خلق) أنه أول ما نزل ولكن ترتيبه غير نزوله .
وأرد على هذا القول أن دعواه باطلة فالآيتين المذكورتين لم تشتملان على حكم شرعي فلم يؤثر تقديمها أو تاخيرها ولم يعارض ابسط القواعد الشرعية بينما في موضع بحثنا فإن الله أنزل أن العدة أربعة أشهر وعشراً ، وبقيت ما شاء الله تعالى تتلى وتتبع من المؤمنين ثم أنزل آية المتاع الى الحول غير إخراج فكيف تساوي بين هذه الحالة والمثال الذي ساقه الماوردي ، وكان الأولى والأصوب أن يأتي بحديث شريف يثبت النسخ وان كتاب الله يجوز فيه الابطال ، وأن يتبع القاعدة التي تقول إن امكن الجمع بين الحكمين انتفى الحكم (على اقل تقدير) اذا كان مصراً على صواب مبدأ النسخ.

والنسخ انما يتأخر ويختص في التنزيل دون التلاوة .و ان أشكل المتقدم والمتأخر وجاز ان يكون كل واحد متقدما او متأخرا عدل الى الدليل الثاني ،
الثاني : وهو بيان الرسول
صلى الله عليه وسلم
: فإن ثبت عنه بيان الناسخ من المنسوخ عمل عليه وكانت السنة مبينة له ولم تكن ناسخة . و إن عدم بيان الرسول
صلى الله عليه وسلم
عدل الى الدليل الثالث ،
الثالث : وهو الاجماع فإن انعقد الاجماع على تعيين الناسخ و المنسوخ عمل عليه وكان الاجماع مبينا ولم يكن ناسخا . وإن عدم الاجماع عدل الى الدليل الرابع ،
الرابع : وهو الاستعمال فإن كان احدهما مستعملا والاخر متروكا كان المستعمل ناسخا والمتروك منسوخا . فإن لم يوجد في الاستعمال بيان إما لاشتباهه او لاشتراكه عدل الى الدليل الخامس ،
الخامس : وهو الترجيح بشواهد الاصول وتطلب الادلة وكانت غاية العمل به . انتهى
وفي قوله الثاني " وإن عدم بيان الرسول صلى الله عليه وسلم عدل إلى الدليل الثالث"
في حين كان المفترض أن يعلق المسألة بصاحب الوحي ولكنه جعل من الاجماع حاكما على كلام الله يبطله بدون وحي ، وبرغم ذلك فلم يتحقق الاجماع ، وإن اجمع عدد من العلماء على نسخ آية فستجد من يخالفهم في ذلك وهذا يدل على بطلان مبدأ النسخ.
وتجده مصراً للذهاب الى الابطال بأي وسيلة تتوفر لديه بدلا من تنزيه كتاب الله عن البطلان والتناقض وضرب كتاب الله بعضه ببعض ، والحقيقة ان المسألة كلها والدعوى برمتها (النسخ) مسألة باطلة ظنية ليس فيها وحي ولا قول نبوي وهذا كافٍ لرميها عرض الحائط.

أرجو مشاهدة الصورة المرفقة ولي بإذن الله عودة

مشاهدة المرفق 12385
 
حمدا لله على سلامتك.

أراك قد شعبت المواضيع ، وقد اتفقنا لننتهي من مسئلة ثم نناقش مسئلة أخرى.

وسؤالي اليك باختصار : عدة الارملة كان سنة ثم تغير الى أربعة أشهر وعشرة ايام ، صحيح ام خطأ ؟
 
هذه الاية في وجوب النفقة والمسكن لحول (سنة) ولاذكر فيها للعدة ، قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (سورة البقرة 240).
 
أخي أحمد صبري :
سلمك الله وبارك فيك ، نحن نتحدث عن العدة وأنت شعبت الموضوع ودخلت في المواريث ، عموماً اجابة على سؤالك أقول:
خطأ : العدة التي افترضها الله على الأرملة أربعة أشهر وعشراً ولم تكن حولا إلا في الجاهلية أي قبل الاسلام وهذا لم يكن حكماً شرعياً وأنت أثبتَّ ذلك في الحديث .
أما الآية الخاصة بمتاع الأرملة حولاً فلا علاقة لها بالعدة فهي تعطي متاعاً وحقاً للارملة لها أن تأخذه وتسكن في بيت المتوفى عنها حولاً ، ولها أن تتركه وتخرج من عند نفسها متى ما شاءت فإن خرجت من تلقاء نفسها فلا جناح على أهل المتوفى فيما فعلت في نفسها لأنه حقها وليس واجباً عليها.
والله يا أخوان كأني اتكلم صيني فلا اعرف هل فشلت في توضيح المسألة ؟؟ أم أن هناك من لا يريد أن يفقه ما أقول ؟؟؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين أما بعد ....الاستاذ عمر احمد حفظكم الله تعالى ارجو ان توضح ما يلي: (
[FONT=&quot]أصاب حين قال [/FONT][FONT=&quot]أنه لاتوجد أية واحدة [/FONT]الان [FONT=&quot]في المصحف معطلة أو منسوخة ، [/FONT][FONT=&quot]لانه لا يصح [/FONT][FONT=&quot]الاستنباط أو الاجتهاد في مثل هذه المسائل فقد بينها رسول الله عليه الصلاة والسلام وحيا، بأمره [/FONT]سبحانه وتعالى[FONT=&quot].)
[/FONT]
ولا اريد ان أخمن ما تقصده فكلامك فيه إيهام وفقنا الله تعالى واياكم .
 
أخي أحمد صبري :
سلمك الله وبارك فيك ، نحن نتحدث عن العدة وأنت شعبت الموضوع ودخلت في المواريث ، عموماً اجابة على سؤالك أقول:
خطأ : العدة التي افترضها الله على الأرملة أربعة أشهر وعشراً ولم تكن حولا إلا في الجاهلية أي قبل الاسلام وهذا لم يكن حكماً شرعياً وأنت أثبتَّ ذلك في الحديث .
أما الآية الخاصة بمتاع الأرملة حولاً فلا علاقة لها بالعدة فهي تعطي متاعاً وحقاً للارملة لها أن تأخذه وتسكن في بيت المتوفى عنها حولاً ، ولها أن تتركه وتخرج من عند نفسها متى ما شاءت فإن خرجت من تلقاء نفسها فلا جناح على أهل المتوفى فيما فعلت في نفسها لأنه حقها وليس واجباً عليها.
والله يا أخوان كأني اتكلم صيني فلا اعرف هل فشلت في توضيح المسألة ؟؟ أم أن هناك من لا يريد أن يفقه ما أقول ؟؟؟



بارك الله فيك الأخ الغامدى،

ليتك ولدت قبل ثمانمائة عام أو ألف عام إذا لإقتنع الجميع بما كتبته من حجج قوية ،
أو لدى إقتراح آخر،
أن تطبع كل حججك فى هذه السلسلة من إبطال دعاوى النسخ فى كتاب، وتكتب على غلاف الكتاب
عدنان الغامدى ( 550هـ -620هـ)
حينها ستجد من يقدّس كتاباتك وبراهينك وحججك ولا ينكرها البتة إن شاءالله ..

فتاريخ ميلاد الكاتب هو الأهم فى فهم وتفسير القرآن الكريم عند الكثيرين، من التفكير وإعمال العقل والمنطق.
:)




 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين أما بعد ....الاستاذ عمر احمد حفظكم الله تعالى ارجو ان توضح ما يلي: (
أصاب حين قال أنه لاتوجد أية واحدة الان في المصحف معطلة أو منسوخة ، لانه لا يصح الاستنباط أو الاجتهاد في مثل هذه المسائل فقد بينها رسول الله عليه الصلاة والسلام وحيا، بأمره سبحانه وتعالى.)
ولا اريد ان أخمن ما تقصده فكلامك فيه إيهام وفقنا الله تعالى واياكم .
أخي البهيجي..
ترى معي كثرة المشاراكات والنقاش في مسألة (الناسخ والمنسوخ) ، وسببه أزمة إصطلاحية لمفهوم ومعني كلمة (النسخ) راجع رقم 140 .
للتوضيح أكتر ..
ماهو النسخ ومدلوله في القران ..

الكتابة :
دل على ذلك قوله تعالى { هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )(سورة الجاثية 29).

الازالة (إِبطال الشيء وإِقامة آخر مقامه ) : دلنا عليه قوله تعالى { فَيَنْسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آيَاتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } (سورة الحج 52).


مايهمنا الان هذا المعنى الاخير للنسخ وهو الابطال والازالة ، حكى أبن فارس رحمه الله في مقاييس اللغة الاختلاف في اصل الكلمة ، بقوله
إلاّ أنّه مختلفٌ في قياسِه. قال قوم: قياسُه رفْعُ شيءٍ وإثباتُ غيرِهِ مكانَه. وقال آخرون: قياسُه تحويلُ شيءٍ إلى شيءٍ.

الاصل الاول في تعريف ابن فارس : وهوالابطال وإزالة آية من القران وإثباتها في السنة (جائز) ، وهذا النوع من النسخ ، وقف على رسول الله عليه الصلاة والسلام ، فليس لإحد بعده ، أن يدعيه أو يقول به ، وهذا ماقصدته (إجابة لسؤالك اخي البهيجي).

الاصل الثاني في تعريف ابن فارس للنسخ : وهو الصيرورة ، وهذا مايعنيه (في نظري)، سلفنا الصالح عند إطلاقهم وقولهم (هذا نسخ ، وهذه منسوخه) يعني هذا ، أن هناك آية إرتبطت بآية أخرى وصيرت لها مفهوم (مبين أو خاص ، أو مقيد ).

والتخليط في ظني وعدم التفريق بين الأصلين سبب الكثير من الأذي والإختلاف.

والله أعلم
 
جزاكم الله كل خير ، أرجو التركيز في المسئلة المطروحة وتجنب فضل الكلام .

سؤالي : عدة الارملة كان سنة ثم تغير الى أربعة أشهر وعشرة ايام ، صحيح ام خطأ ؟

جواب الاخ الغامدي : خطأ : العدة التي افترضها الله على الأرملة أربعة أشهر وعشراً ولم تكن حولا إلا في الجاهلية أي قبل الاسلام وهذا لم يكن حكماً شرعياً وأنت أثبتَّ ذلك في الحديث .
أما الآية الخاصة بمتاع الأرملة حولاً فلا علاقة لها بالعدة فهي تعطي متاعاً وحقاً للارملة لها أن تأخذه وتسكن في بيت المتوفى عنها حولاً ، ولها أن تتركه وتخرج من عند نفسها متى ما شاءت فإن خرجت من تلقاء نفسها فلا جناح على أهل المتوفى فيما فعلت في نفسها لأنه حقها وليس واجباً عليها.


أقول : عدة الارملة في الجاهلية حولا محبوسة في بيتها السيئ
وفي أول الاسلام ( صارت براحتها ) فكانت عدة الوفاة حولاً وكان يحرم على الوارث إخراجها من البيت قبل تمام الحول، وكانت نفقتها وسكنها واجبة في مال زوجها تلك السنة ما لم تخرج، فإن خرجت من بيت زوجها سقطت نفقتها.

وسؤالي هنا للأخ الغامدي والاخ عمر والاخت الزيتونة : فإن خرجت من بيت زوجها بعد شهر من وفاة زوجها فستسقط نفقتها ، ولكن اذا راق لها ان تتزوج فهل لها ذلك ؟
 
عودة
أعلى