جواهر تاريخية وعلمية وأخلاقية في نقض كلام شيعة وعلمانية من منهاج بن تيمية-أ طارق منينة

:"والخوارج أكثر وأعقل وأدين من الذين ادعوا فيه الإلهية"
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج4 ص38
يقصد من ادعى لعلي رضي الله الالوهية فقتلهم رضي الله عنه
 
"وأما قوله وكان ولداه سبطا رسول الله صلى الله عليه و سلم سيدا شباب أهل الجنة إمامين بنص النبي صلى الله عليه و سلم
فيقال الذي ثبت بلا شك عن النبي صلى الله عليه و سلم في الصحيح أنه قال عن الحسن إن ابني هذا سيد وإن الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين وثبت عنه في الصحيح أنه كان يقعده وأسامه بن زيد على فخذه ويقول اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما وهذا يدل على أن ما فعله الحسن من ترك القتال على الإمامة وقصد الاصلاح بين المسلمين كان محبوبا يحبه الله ورسوله ولم يكن ذلك مصيبة بل كان ذلك أحب إلى الله ورسول من اقتتال المسلمين ولهذا أحبه وأحب أسامه بن زيد ودعا لهما فإن كلاهما كان يكره القتال في الفتنة فأما أسامة فلم يقاتل لا مع على ولا مع معاوية والحسن كان دائما يشير على علي بترك القتال وهذا نقيض ما عليه الرافضة من أن ذلك الصلح كان مصيبة وكان ذلا ...والنبي صلى الله عليه و سلم جعل الحسن في الصلح سيدا محمودا ولم يجعله عاجزا معذورا ولم يكن الحسن أعجز عن القتال من الحسين بل كان أقدر على القتال من الحسين والحسين قاتل حتى قتل فإن كان ما فعله الحسين هو الأفضل الواجب كان ما فعله الحسن تركا للواجب أو عجزا عنه وإن كان ما فعله الحسن هو الأفضل الأصلح جل على أن ترك القتال هو الأفضل الأصلح وأن الذي فعله الحسن أحب إلى الله ورسوله مما فعله غيره والله يرفع درجات المؤمنين المتقين بعضهم على بعض وكلهم في الجنة رضي الله عنهم أجمعين
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج4 ص38-41
 
قال ابن تيمية ردا على قول الرافضي
:"وأما قوله وجاهدوا في الله حق جهاده حتى قُتلا فهذا كذب عليهما فإن الحسن تخلى عن الأمر وسلمه إلى معاوية ومعه جيوش العراق وما كان يختار قتال المسلمين قط وهذا متواتر من سيرته
وأما موته فقد قيل إنه مات مسموما وهذا شهادة له وكرامة في حقه لكن لم يمت مقاتلا
والحسين رضي الله عنه ما خرج يريد القتال ولكن ظن أن الناس يطيعونه فلما رأى انصرافهم عنه كلب الرجوع إلى وطنه أو الذهاب إلى الثغر أو إتيان يزيد فلم يمكنه أولئك الظلمة لا من هذا ولا من هذا ولا من هذا وطلبوا أن يأخذوه أسيرا إلى يزيد فامتنع من ذلك وقاتل حتى قتل مظلوما شهيدا لم يكن قصده ابتداء أن يقاتل
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج4 ص41،42
 
والله تعالى لم يأمر العباد إلا بما هو له أطوع ولهم أنفع لم يأمرهم بتعذيب لا ينفعهم بل قال النبي صلى الله عليه و سلم إن الله لغنى عن تعذيب هذا نفسه
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج4 ص44
 
ومن المعلوم أن المنقولات لا يميز بين صدقها وكذبها إلا بالطرق الدالة على ذلك وإلا فدعوى النقل المجرد بمنزلة سائر الدعاوى
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج4 ص45
 
وأما على بن الحسين فمن كبار التابعين وساداتهم علما ودينا أخذ عن أبيه وابن عباس والمسور بن مخرمة أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه و سلم وعائشة وأم سلمة وصفية أمهات المؤمنين وعن مروان بن الحكم وسعيد بن المسيب وعبد الله بن عثمان بن عفان وذكوان مولى عائشة وغيرهم رضي الله عنهم وروى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن ويحيى بن سعيد الأنصاري والزهري وأبو الزناد وزيد بن أسلم وابنه أبو جعفر
قال يحيى بن سعيد هو أفضل هاشمي رأيته في المدينة وقال ممد بن سعد فيالطبقات كان ثقة مأمونا كثير الحديث عاليا رفيعا وروى عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد الأنصاري قال سمعت علي بن الحسين وكان أفضل هاشمي أدركته يقول يا أيها الناس أحبونا حب الإسلام فما برح بنا حبكم حتى صار عارا علينا وعن شيبة بن نعامة قال كان علي بن الحسين يبخل فلما مات وجدوه يقوت مائة أهل بيت بالمدينة في السر وله من الخشوع وصدقة السر وغير ذلك من الفصائل ما هو معروف حتى إنه كان من صلاحه ودينه يتخطى مجالس أكابر الناس ، ويجالس زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب، وكان من خيار أهل العلم والدين من التابعين فيقال له تدع مجالس قومك وتجالس هذا فيقول إنما يجلس الرجل حيث يجد صلاح قلبه
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج4 ص48،49
 
وكذلك أبو جعفر محمد بن علي من خيار أهل العلم والدين وقيل إنما سمى الباقر لأنه بقر العلم لا لأجل بقر السجود جبهته وأما كونه أعلم أهل زمانه فهذا يحتاج إلى دليل والزهري من أقرانه وهو عند الناس أعلم منه ونقل تسميته بالباقر عن النبي صلى الله عليه و سلم لا أصل له عند أهل العلم بل هو من الأحاديث الموضوعة وكذلك حديث تبليغ جابر له السلام هو من الموضوعات عند أهل العلم بالحديث لكن هو روى عن جابر بن عبد الله غير حديث مثل حديث الغسل والحج وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة عنه ودخل على جابر مع أبيه على بن الحسين بعد ما أضر جابر وكان جابر من المبين لهم رضي الله عنهم وأخذ العلم عن جابر وأنس بن مالك وروى أيضا عن ابن عباس وأبي سعيد وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة وعن سعيد بن المسيب ومحمد بن الحنفية وعبيد الله بن أبي رافع كاتب على وروى عنه أبو إسحاق الهنداني وعمرو بن دينار والزهري وعطاء بن أبي رباح وربيعة بن أبي عبد الرحمن والأعرج وهو أسن منه وابنه جعفر وابن جريج ويحيى بن أبي كثير الأوزاعي وغيرهم
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج4 ص50-52
 
وجعفر الصادق رضي الله عنه من خيار أهل العلم والدين أخذ العلم عن جده أبي أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وعن محمد بن المنكدر ونافع مولى ابن عمر والزهري وعطاء بن أبي رباح وغيرهم وروى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري ومالك بن أنس وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وابن جريج وشعبة ويحيى بن سعيد القطان وحاتم بن إسماعيل وحفص بن غياث ومحد بن إسحاق بن يسار
وقال عمرو بن أبي المقدام كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين
وأما قوله اشتغل بالعبادة عن الرياسة
فهذا تناقض من الإمامية لأن الإمامة عندهم واجب عليه أن يقوم بها وبأعبائها فإنه لا إمام في وقته إلا هو فالقيام بهذا الأمر العظيم لو كان واجبا لكان أولى من الاشتعال بنوافل العبادات
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج4 ص52،53
 
"بل كذب على جعفر الصادق أكثر مما كذب على من قبله فالآفة وقعت من الكذابين عليه لا منه ولهذا نسب إليه أنواع من الأكاذيب مثل كتاب البطاقة و الجفر والهفت والكلام في النجوم وفي تقدمة المعرفة من جهة الرعود والبروق واختلاج الأعضاء وغير ذلك حتى نقل عنه أبو عبد الرحمن في حقائق التفسير من الأكاذيب ما نزه الله جعفرا عنه وحتى أن كل من أراد أن ينفق أكاذيبه نسبها إلى جعفر حتى أن طائفة من الناس يظنون أن رسائل إخوان الصفا مأخوذه عنه وهذا من الكذب المعلوم فإن جعفرا توفي سنة ثمان وأربعين ومائة وهذه الرسائل وضعت بعد ذلك بنحو مائتي سنة وضعت لما ظهرت دولة الإسماعيلية الباطنية الذين بنوا القاهرة المعزية سنة بضع وخمسين وثلاثمائة وفي تلك الأوقات صنفت هذه الرسائل بسبب ظهور هذا المذهب الذي ظاهره الرفض وباطنه الكفر المحض فأظهروا اتباع الشريعة وأن لها باطنا مخالفا لظاهرها وباطن أمرهم مذهب الفلاسفة وعلى هذا الأمر وضعت هذه الرسائل وضعها طائفة من المتفلسفة معروفون وقد ذكروا في أثنائها ما استولى عليه النصارى من أرض الشام وكان أول ذلك بعد ثلثمائة سنة من الهجرة النبوية في أوائل المائة الرابعة
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج4 ص54،55
 
:"وأما من بعد جعفر فموسى بن جعفر قال فيه أبو حاتم الرازي ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين قلت موسى ولد بالمدينة سنة بضع وعشرين ومائة وأقدمه المهدى إلى بغداد ثم رده إلى المدينة وأقام بها إلى أيام الرشيد فقدم هارون منصرفا من عمرة فحمل موسى معه إلى بغداد وحبسه بها إلى أن توفى في محبسه قال ابن سعد فتوفى سنة ثلاث وثمانين ومائة وليس له كثير رواية روى عن أبيه جعفر وروى عنه أخوه على وروى له الترمذي وابن ماجة
وأما من بعد موسى فلم يؤخذ عنهم من العلم ما يذكر به أخبارهم في كتب المشهورين بالعلم وتواريخهم فإن أولئك الثلاثة توجد أحاديثهم في الصحاح والسنن والمسانيد وتوجد فتاويهم في الكتب المصنفة في فتاوي السلف مثل كتب ابن المبارك وسعيد بن منصور وعبد الرزاق وأبي بكر بن أبي شيبة وغير هؤلاء وأما من بعدهم فليس لهم رواية في الكتب الأمهات من كتب الحديث ولا فتاوي في الكتب المعروفة التي نقل فيها فتاوي السلف ولا لهم في التفسير وغيره أقوال معروفة ولكن لهم من الفضائل والمحاسن ما هو له أهل رضي الله عنهم أجمعين وموسى بن جعفر مشهور بالعبادة والنسك
وأما الحكاية المذكورة عن شقيق البلخي فكذب فإن هذه الحكاية تخالف المعروف من حال موسى بن جعفر وموسى كان مقيما بالمدينة بعد موت أبيه جعفر وجعفر مات سنة ثمان وأربعين ولم يكن قد جاء إذ ذاك إلى العراق حتى يكون بالقادسية ولم يكن أيضا ممن يترك منفردا على هذه الحال لشهرته وكثرة غاشيته وإجلال الناس له وهو معروف ومتهم أيضا بالملك ولذلك أخذه المهدي ثم الرشيد إلى بغداد
أما قوله تاب على يده بشر الحافي فمن أكاذيب من لا يعرف حاله ولا حال بشر فإن موسى بن جعفر لما قدم به الرشيد إلى العراق حبسه فلم يكن ممن يجتاز على دار بشر وأمثاله من العامة
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج4 ص55-57
 
فتحرى تخفيف الصداق سنة ولهذا استحب العلماء أن لا يزاد على صداق رسول الله صلى الله عليه و سلم لنسائه وبناته
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج4 ص74،75
 
"أن قول القائل إن المواطن كانت سبعا وعشرين غزاة وستا وخمسين سرية ليس بصحيح فإن النبي صلى الله عليه و سلم لم يغز سبعا وعشرين غزاة باتفاق أهل العلم بالسير بل أقل من ذلك
الثاني أن هذه الاية نزلت يوم حنين والله قد أخبر بما كان قبل ذلك فيجب أن يكون ما تقدم قبل ذلك مواطن كثيرة وكان بعد يوم حنين غزوة الطائف وغزوة تبوك وكثير من السرايا كانت بعد يوم حنين كالسرايا التي كانت بعد فتح مكة مثل إرسال جرير بن عبد الله إلى ذي الخلصة وأمثال ذلك
وجرير إنما أسلم قبل موت النبي صلى الله عليه و سلم بنحو سنة وإذا كان كثير من الغزوات والسرايا كانت بعد نزول هذه الاية امتنع أن تكون هذه الاية المخبرة عن الماضي إخبارا بجميع المغازي والسرايا
الثالث أن الله لم ينصرهم في جميع المغازي بل يوم أحد تولوا وكان يوم بلاء وتحميص وكذلك يوم مؤتة وغيرها من السرايا لم يكونوا منصورين فيها فلو كان مجموع المغازي والسرايا ثلاثا وثمانين فإنهم لم ينصروا فيها كلها حتى يكون مجموع ما نصروا فيه ثلاثا وثمانين
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج4 ص81،82
 
فإن نوحا عليه السلام لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما وادم عليه السلام عاش ألف سنة كما ثبت ذلك في حديث صحيح رواه الترمذي وصححه فكان العمر في ذلك الزمان طويلا ثم أعمار هذه الأمة ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج4 ص92،93
 
فصل
وقوله روى ان الجوزي بإسناده إلى ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يخرج في اخر الزمان رجل من ولدي إسمه كاسمي وكنيته كنيتب يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا فذلك هو المهدي
فيقال الجواب من وجوه أحدها أنكم لا تحتجون بأحاديث أهل السنة فمثل هذا الحديث لا يفيدكم فائدة وإن قلتم هو حجة على أهل السنة فنذكر كلامهم فيه
الثاني إن هذا من أخبار الاحاد فكيف يثب به أصل الدين الذي لا يصح الإيمان إلا به
الثالث أن لفظ الحديث حجة عليكم لا لكم فإن لفظه يواطىء اسمهاسمى واسم أبيه اسم أبي فالمهدي الذي أخبر به النبي صلى الله عليه و سلم اسمه محمد بن عبد الله لا محمد بن الحسن وقد روى عن علي رضي الله عنه أنه قال هو من ولد الحسن بن على لا من ولد الحسين بن علي
وأحاديث المهدي معروفة رواها الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم كحديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمى واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا
الوجه الرابع أن الحديث الذي ذكره وقوله اسمه كامسى وكنيته كنيتي ولم يقل يواطىء اسمه اسمى واسم أبيه اسم أبي فلم يروه أحد من أهل العلم بالحديث في كتب الحديث المعروفة بهذا اللفظ فهذا الرافضي لم يذكر الحديث بلفظه المعروف في كتب الحديث مثل مسند أحمد وسنن أبي داود والترمذي وغير ذلك من الكتب وإنما ذكره بلفظ مكذوب لم يروه أحد منهم
وقوله إن ابن الجوزي رواه بإسناده أن أراد العالم المشهور صاحب المصنفات الكثيرة أبا الفرج فهو كذب عليه وإن أراد سبطه يوسف بن قز أو إلى صاحب التاريخ المسى بمراة
الزمان وصاحب الكتاب المصنف في الاثنى عشر الذي سماه إعلام الخواص فهذا الرجل يذكر في مصنفاته أنواعا من الغث والسمين ويحتج في أغراضه بأحاديث كثيرة ضعيفة وموضوعة وكان يصنف بحسب مقاصد الناس يصنف للشيعة ما يناسبهم ليعوضوه بذلك ويصنف على مذهب أبي حنيفة لبعض الملوك لينال أغراضه فكانت طريقته الواعظ الذي قيل له ما مذهبك قال في أي مدينة ولهذا يوجد في بعض كتبه ثلب الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم لأجل مداهنة من قصد بذلك من الشيعة ويوجد في بعضها تعظيم الخلفاء الراشدين وغيرهم
ولهذا لما كان الحديث المعروف عند السلف والخلف أن النبي صلى الله عليه و سلم قال في المهدي يواطىء اسمه اسمة واسم أبيه اسم أبي صار يطمع كثير من الناس في أن يكون هو المهدي حتى سمى المنصور ابنه محمدما ولقبه بالمهدي مواطأة لاسمه باسمه واسم أبيه باسم أبيه ولكن لم يكن هو الموعود به
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج4 ص94-98
 
"وأبو عبد الله محمد بن التومرت الملقب بالمهدي الذي ظهر بالمغرب ولقب طائفته بالموحدين وأحواله معروفة كان يقول إنه المهدي المبشربه وكان أصحابه يخطبون له على منابرهم فيقولون في خطبتهم الإمام المعصوم المهدي المعلوم الذي بشرت به في صريح وحيك الذي اكتنفته بالنور الواضح والعدل اللائح الذي ملأ البرية قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا
وهذا الملقب بالمهدي ظهر سنة بضع وخمسمائة وتوفى سنة أربع وعشرين وخمسمائة وكان ينتسب إلى أنه من ولد الحسن لأنه كان أعلم بالحديث فادعى أنه هو المبشر به ولم يكن الأمر كذلك ولا ملأ الأرض كلها قسطا ولا عدلا بل دخل في أمور منكرة وفعل أمورا حسنة
وقد ادعى قبله أنه المهدي عبيد الله بن ميمون القداح ولكن لم يوافق في الاسم ولا اسم الأب وهذا ادعى أنه من ولد محمد بن إسماعيل وأهل المعرفة بالنسب وغيرهم من علماء المسلمين يعلمون أنه كذب في دعوى نسبه وأن أباه كان يهوديا ربيب مجوسى فله نسبتان نسبة إلى اليهود ونسبة إلى المجوس
وهو وأهل بيته كانوا ملاحدة وهم أئمة الإسماعيلية الذين قال فيهم العلماء إن ظاهر مذهبهم الرفض وباطنه الكفر المحض وقد صنف العلماء كتبا في كشف أسرارهم وهتك أستارهم وبيان كذبهم في دعوى النسب ودعوى الإسلام وأنهم بريئون من النبي صلى الله عليه و سلم نسبا ودينا
وكان هذا المتلقب بالمهدي عبيد الله بن ميمون قد ظهر سنة تسع وتسعين ومائتين وتوفى سنة أربع وعشرين وثلاثمائة وانتقل الأمر إلى ولده القائم ثم ابنه المنصور ثم ابنه المعز الذي بنى القاهرة ثم العزيز ثم الحاكم ثم الظاهر ابنه ثم المستنصر ابنه وطالت مدته وفي زمنه كانت فتنة البساسيري وخطب له ببغداد عاما كاملا وابن الصباح الذي أحدث السكين للإسماعيلية هو من أتباع هؤلاء
وانقرض ملك هؤلاء في الديار المصرية سنة ثمان وستين وخمسمائة فملكوها أكثر من مائتي سنة وأخبارهم عن العلماء مشهورة بالإلحاد والمحادة لله ورسوله والردة والنفاق
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج4 ص98-101
 
"بل يقولون إنهم عاجزون ممنوعون مغلوبون مع الظالمين لم يتمكن أحد منهم من الإمامة إلا علي بن أبي طالب مع أن الأمور استصعبت عليه ونصف الأمة أو أقل أو أكثر لم يبايعوه بل كثير منهم قاتلوه وقاتلهم وكثير منهم لم يقاتلوه ولم يقاتلوا معه وفي هؤلاء من هو أفضل من الذين قاتلوه وقاتلوا معه وكان فيهم من فضلاء المسلمين من لم يكن مع علي مثلهم بل الذين تخلفوا عن القتال معه وله كانوا أفضل ممن قاتله وقاتل معه
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص104
شرح مفصل مبين ولو قاله سيد قطب لذبحته المداخلة!
 
"وقوله تعالى يا أيها الذين امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم قد فسر بالأمراء بذوي القدرة كأمراء الحرب وفسر بأهل العلم والدين وكلاهما حق وهذان الوصفان كانا كاملين في الخلفاء الراشدين فإنهم كانوا كاملين في العلم والعدل والسياسة والسلطان وإن كان بعضهم أكمل في ذلك من بعض فأبو بكر وعمر أكمل في ذلك من عثمان وعلي وبعدهم لم يكمل أحد في هذه الأمور إلا عمر بن عبد العزيز بل قد يكون الرجل أكمل في العلم والدين ممن يكون له سلطان وقد يكون أكمل في السلطان ممن هو أعلم منه وأدين
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص107
تعليق
السلطان والقوة والدين وليس السلطان مجردا
 
"وإما أن يقال إنهم أفضل الأمة في العلم والدين فعلى التقديرين فإمامتهم على هذا الاعتبار لا ينازع فيها أهل السنة فإنهم متفقون على أنه يؤتم بكل أحد فيما يأمر به من طاعة الله ويدعو إليه من دين الله ويفعله مما يحبه الله فما فعله هؤلاء من الخير ودعوا إليه من الخير فإنهم أئمة فيه يقتدى بهم في ذلك ...فلا يقول أهل السنة إن يحيى بن سعيد وهشام بن عروة وأبا الزناد أولى بالاتباع من جعفر بن محمد ولا يقولون إن الزهري ويحيى بن أبي كثير وحماد بن أبي سليمانومنصور بن المعتمر أولى بالاتباع من أبيه أبي جعفر الباقر ولا يقولون إن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير وسالم بن عبد الله أولى بالاتباع من على بن الحسين بل كل واحد من هؤلاء ثقة فيما ينقله مصدق في ذلك وما بينه من جلالة الكتاب والسنة على أمر من الأمور فهو من العلم الذي يستفاد منه فهو مصدق في الرواية والإسناد مقبول في الدلالة والإرشاد وإذا أفتى بفتيا وعارضه غيره رد ما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله كما أمر الله سبحانه بذلك وهذا حكم الله ورسوله بين هؤلاء جميعهم وهكذا كان المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم وعهد الخلفاء الراشدين
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص108-110
 
الميزان في الخلفاء بعد فترة الخلافة الراشدة
:"الوجه الثامن أن يقال دعوى كون جميع الخلفاء كانوا مشتغلين بما ذكره من الخمور والفجور كذب عليهم والحكايات المنقولة في ذلك فيها ما هو كذب وقد علم أن فيهم العدل الزاهد كعمر بن عبد العزيز والمهدي بالله وأكثرهم لم يكن مظهرا لهذه المنكرات من خلفاء بني أمية وبني العباس وإن كان أحدهم قد يبتلى ببعض الذنوب وقد يكون تاب منها وقد يكون له حسنات كثيرة تمحو تلك السيئات وقد يبتلى بمصائب تكفر عنه خطاياه ففي الجملة الملوك حسناتهم كبار وسيئاتهم كبار والواحد من هؤلاء وإن كان له ذنوب ومعاص لا تكون لاحاد المؤمنين فلهم من الحسنات ما ليس لاحاد المسلمين من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود وجهاد العدو وإيصال كثير من الحقوق إلى مستحقيها ومنع كثير من الظلم وإقامة كثير من العدل
ونحن لا نقول إنهم كانوا سالمين من الظالم والذنوب كما لا نقول إن أكثر المسلمين كانوا سالمين من ذلك لكن نقول وجود الظلم والمعاصي من بعض المسلمين وولاة أمورهم وعامهم لا يمنع أن يشارك فيما عمله من طاعة الله
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص112-114
 
فليس عند الشيعة خير إلا وأهل السنة يشركونهم فيه والخير الذي اختص به أهل السنة لا يشركهم فيه الشيعة
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص112-115
 
"التابعين وتابعيهم هؤلاء هم الأئمة فيما يمكن الأئتمام بهم فيه من الدين مع الائتمام بالملوك فيما يحتاج فيه إلى الائتمام بهم فيه من الدين وعلى بن الحسين وابنه وجعفر بن محمد وغيرهم هم أيضا من أئمة أهل السنة والجماعة بهذا الاعتبار فلم تأتم الشيعة بإمام ذي علم وزهد إلا وأهل السنة يأتمون به أيضا وبجماعات اخرين يشاركونهم في العلم والزهد بل هم أعلم منه وأزهد وما اخذ أهل السنة إماما من أهل المعاصى إلا وقد اتخذت الشيعة إماما من أهل المعاصي شرا منه فأهل السنة أولى بالائتمام بأئمة العدل فيما يمكن الائتمام بهم فيه وأبعد عن الائتمام بأئمة الظلم في غير ما هم ظالمون فيه فهم خير من الشيعة في الطرفين
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص116
 
كلام عن فترة حكم علي رضي الله عنه ولايقصد في النص ذما ولكن سرد للواقع مقارنة بغيره
:"ولم يظهر دين محمد صلى الله عليه و سلم قط غير غيره من الأديان إلا بأهل السنة كما ظهر في خلافه أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ظهورا لم يحصل لشيء من الأديان
وعلى رضي الله عنه مع أنه من الخلفاء الراشدين ومن سادات السابين الأولين فلم يزهر في خلافته دين الاسلام بل وقعت الفتنة بين أهله وطمع فيهم عدوهم من الكفار و النصاري والمجوس بالشام والمشرق وأما بعد على فلم يعرف أهل علم ودين ولا أهل يد وسيف نصر الله بهم الإسلام إلا على أهل السنة وأما الرافضة فإما أن تعاون أعداء الإسلام وإما أن تمسك عن نصر الطائفتين ولا ريب أن الله تعالى يحكم يوم القيامة بين السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وبين من عاداهم من الأولين والاخرين كما يحكم بين المسلمين والكفار
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص118
 
"وبنو هاشم قد جرى بينهم نوع من الحروب وقد جرى بين بني حسن وبني حسين من الحروب ما يجري بين أمثالهم في هذه الأزمان والحروب وفي الأزمان المتأخرة بين بعض بني هاشم وبين غيرهم من الطوائف أكثر من الحروب التي كانت في أول الزمان بين بعض بني أمية وبعض بني هاشم لا لشرف نسب أولئك إذ نسب بني هاشم أشرف لكن لأن خير القرون هو القرن الذي بعث فيه النبي صلى الله عليه و سلم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم بالخير في تلك القرون أكثر والشر فيما بعدها أكثر
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص119
 
"فما من طائفة من طوائف أهل السنة على تنوعهم إلا إذا اعتبرتها وجدتها أعلم وأعدل وأبعد عن الجهل والظلم من طائفة الرافضة فلا يوجد في أحد منهم معاونة ظالم إلا وهو في الرافضة أكثر ولا يوجد في الشيعة بعد ما عن ظلم ظالم إلا وهو في هؤلاء أكثر
وهذا أمر يشهد به العيان والسماع لمن له اعتبار ونظر
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص121
 
"والناس لم يأخذوا قول مالك والشافعي وأحمد وغيرهم إلا لكونهم يسندون أقوالهم إلى ما جاء به النبي صلى الله عليه و سلم فإن هؤلاء من أعلم الناس بما جاء به وأتبعهم لذلك وأشدهم اجتهادا في معرفة ذلك وابتاعه وإلا فأي غرض للناس في تعظيم مثل هؤلاء وعامة الأحاديث التي يرويها هؤلاء يرويها أمثالهم وكذلك عامة ما يجيبون به في المسائل يقوله أمثالهم ولا يجعل أهل السنة قول واحد من هؤلاء وحده معصوما يجب اتباعه بل إذا تنازعوا في شيء ردوه إلى الله والرسول
واعتبر ذلك بما تشاهده في زمانك من علم أهل العلم بالقران والحديث والفقه فيهما وأنت تجد كثيرا من بني هاشم لا يحفظ القران ولا يعرف من حيث النبي صلى الله عليه و سلم إلا ما شاء اله ولا يفقه معاني ذلك
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص121
 
"ونفس بني هاشم كانوا يستفيدون علم الرسول من مالك بن أنس أكثر مما يستفيدونه من ابن عمهم موسى بن جعفر ثم الشافعي جاء بعد مالك وقد خالفه في أشياء وردها عليه حتى وقع بينه وبين أصحاب مالك ما وقع وهو أقرب نسبا ببنى هاشم من مالك ومن أحرص الناس على ما يستفيده من علم الرسول من بني عمه وغير بني عمه فلو وجد عند أحد من بني هاشم أعظم من العلم الذي وجده عند مالك لكان أشد الناس مسارعة إلى ذلك فلما كان يعترف بأنه لم يأخذ العلم عن أحد أعلم من مالك وسفيان بن عيينة وكانت كتبه مشحونة بالأخذ عن هذين الاثنين وعن غيرهما وليس فيها شيء عن موسى بن جعفر وأمثاله من بني هاشم عُلم أن مطلوبه من علم الرسول صلى الله عليه و سلم كان عند مالك أكثر مما هو عند هؤلاء
وكذلك أحمد بن حنبل قد علم كمال محبته لرسول الله صلى الله عليه و سلم ولحديثه ومعرفته بأقواله وأفعاله وموالاته لمن يوافقه ومعاداته لمن يخالفه ومحبته لبني هاشم وتصنيفه في فضائلهم حتى صنف فضائل على والحسن والحسين كما صنف فضائل الصحابة ومع هذا فكتبه مملوءة بعلم مثل مالك والثوري والأوزاعي والليث بن سعد ووكيع بن الجراج ويحيى بن سعيد القطان وهشيم بن بشير وعبد الرحمن بن مهدي وأمثالهم دون موسى بن جعفر وعلى بن موسى ومحمد بن علي وأمثالهم فلو وجد مطلوبه عند مثل هؤلاء لكان أشد الناس رغبة في ذلك
فإن زعم زاعم أنه كان عندهم من العلم المخزون ما ليس عن أولئك لكن كانوا يكتمونه فأي فائدة للناس في علم يكتمونه فعلم لا يقال به ككنز لا ينفق منه وكيف يأتم اناس
بمن لا يبين لهم العلم المكتوم كالإمام المعدوم وكلاهما لا ينتفع به ولا يحصل به لكف ولا مصلحة
وإن قالوا بل كانوا يبينون ذلك لخواصهم دون هؤلاء الأئمة قيل أولا هذا كذب عليهم فإن جعفر بن محمد لم يجيء بعد مثله وقد أخذ العلم عنه هؤلاء الأئمة كما لك وابن عيينة وشعبة والثوري وابن جريج ويحيى بن سعيد وأمثالهم من العلماء المشاعير الأعيان
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص124-126
 
"وأما الأبيات التي أنشدها(يقصد الرافضي) فقد قيل في معارضتها ... إذا شئت أن ترضى لنفسك مذهبا ... تنال به الزلفي وتنجو من النار ... فدن بكتاب الله والسنة التي ... أتت عن رسول الله من نقل أخيار ... ودع عنك دين الرفض والبدع التي ... يقودك داعيها إلى النار والعار ... وسر خلف أصحاب الرسول فإنهم ... نجوم هدى في ضوئها يهتدي الساري ... وعج عن طريق الرفض فهو مؤسس ... على الكفر تأسيسا على جرف هار ... هما خطتا إما هدى وسعادة ... وإما شقاء مع ضلالة كفار ... فأي فريقينا أحق بأمنه ... وأهدى سبيلا عند ما يحكم الباري ... أمن سب اصحاب الرسول وخالف ال ... كتاب ولم يعبا بثابت أخبار ... أم المفتدى بالوحي يسلك منهج ال ... صحابة مع حب القرابة الاطهار
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص128
 
الدولة العباسية
:"ثم السنة كانت قبل دولة بني العباس أظهر منها وأقوى في دولة بني العباس فإن بني العباس دخل في دولتهم كثير من الشيعة وغيرهم من أهل البدع ثم إن أهل السنة متفقون على أن الخلافة لا تختص ببني العباس وإنه لو تولاها بعض العلويين أو الأمويين أو غيرهم من بطون قريش جاز ثم من المعلوم أن علماء السنة كمالك وأحمد وغيرهما من أبعد الناس عن مداهنة الملوك أو مقاربته ثم إن أهل السنة إنما يعظمون الخلفاء الراشدين وليس فيهم أحد من بني العباس
ثم من المعلوم لكل عاقل أنه ليس في علماء المسلمين المشهورين أحد رافضي بل كلهم متفقون على تجهيل الرافضة وتضليلهم وكتبهم كلها
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص130
 
قال شيخ الاسلام عن نفسه
:"والله يعلم أني مع كثرة بحثي وتطلعي إلى معرفة أقوال الناس ومذاهبهم ما علمت رجلا له في الأمة لسان صدق يتهم بمذهب الإمامية فضلا عن أن يقال إنه يعتقده في الباطن
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص131
 
ولم يتهم أحد من الشيعة الأولى بتفضيل علي على أبي بكر وعمر بل كانت عامة الشيعة الأولى الذين يحبون عليا يفضلون عليه أبا بكر وعمر لكن كان فيهم طائفة ترجحه على عثمان وكان الناس في الفتنة صاروا شيعتين شيعة عثمانية وشيعة علوية وليس كل من قاتل مع على كان يفضله على عثمان بل كان كثير منهم يفضل عثمان عليه كما هو قول سائر أهل السنة
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص132
 
مدح بن تيمية للمعتزلة!
:"وقد أتهم طائفة من أتباع الأئمة بالميل إلى نوع من الاعتزال ولم يعلم عن أحد منهم أنه اتهم بالرفض لبعد الرفض عن طريقة أهل العلم فإن المعتزلة وإن كانت أقوالهم متضمنة لبدع منكرة فإن فيهم من العلم والدين والاستدلال بالأدلة الشرعية والعقلية والرد على ما هو أبعد عن الإسلام منهم من أهل الملل والملاحدة بل ومن الرد على الرافضة ما أوجب أن يدخل فيهم جماعات من أهل العلم والدين وإن انتسبوا إلى مذهب بعض الأئمة الأربعة كأبي حنيفة وغيره بخلاف الرافضة فإنهم من أجهل الطوائف بالمنقول والمعقول ومن دخل فيهم من المظهرين للعلم والدين باطنا فلا يكون إلا من أجهل الناس أو زنديقا ملحدا
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص135،136
تعليق
نرى اليوم اتهامات جزافية لمشروع الدكتور محمد عمارة بأنه معتزلي مع أن كثير من كلامه الأخير هو موافق لكلام أهل السنة، بل وتجده يتكلم عن شيخ الإسلام كلاماً طيبا
فإن كان في كلامه شئ مما ينكر فقد يكون كلاماً قديماً له، أو مدح عام ل عقل المعتزلة مما ردوا به، غالبا على اليهود والنصارى كمثال. كما قال ذلك ابن تيمية مدحا فيهم،فإن تجاوز عمارة فالنقد يكون بقدره لا برميه في العلمانية مرة وفي الإعتزال مرة!
وليس هذا دفاعا عن عمارة أو المسيري مثلا ولكن يجب مراعاة تطور الفكر عند شخص ما لاخلط الحابل بالنابل بالهوى!
 
وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في قنوته إذا قنت اللهم انج الوليد بن الوليد وانج سلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين
وهذا الوليد مؤمن تقى وأبوه الوليد كافر شقى وكذلك عقبة بن أبي معيط من كفار قريش وقد قال النبي صلى الله عليه و سلم رأيت كأني في دار عقبة بن رافع وأتينا برطب ابن طاب فأولت الرفعة لنا في الدنيا والعاقبة لنا في الاخرة وأن ديننا قد طاب
وقد كان النبي صلى الله عليه و سلم يدعو علي بن أبي طالب وفي الكفار على بن
أمية بن خلف قتل هو وأبوه يوم بدر كافرين
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص140،141
 
ففي الجملة أسماء الأعلام يشترك فيها المسلم والكافر كما تسمى اليهود والنصارى إبراهيم وموسى وإسحاق ويعقوب والمسلمون يسمون بذلك أيضا فليس في تسمية الكافر باسم ما يوجب هجران ذلك الاسم فلو فرض والعياذ بالله أن هؤلاء كفار كما يقول المفترون لعنهم الله لم يكن في ذلك ما يوجب هجران هذه الأسماء وإنما ذلك مبالغة في التعصب والجهل
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص143
 
وقد كان في بني أمية قوم صالحون ماتوا قبل الفتنة وكان بنو أمية أكثر القبائل عمالا للنبي صلى الله عليه و سلم فإنه لما فتح مكة استعمل عليها عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية واستعمل خالد بن سعيد بن العاص بن أمية وأخويه أبان بن سعيد وسعيد بن سعيد على أعمال أخر واستعمل أبا سفيان بن حرب بن أمية على نجران أو ابنه يزيد ومات وهو عليها وصاهر نبي الله صلى الله عليه و سلم ببناته الثلاثة لبني أمية فزوج أكبر بناته زينب بأبي العاص بن الربيع بن أمية بن عبد شمس وحمد صهره لما أراد علي أن يتزوج ببنت أبي جهل فذكر صهرا له من بني أمية بن عبد شمس فأثنى عليه في مصاهرته وقال حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي وزوج ابنتيه لعثمان بن عفان واحدة بعد واحدة وقال لو كانت عندنا ثالثة لزوجناها عثمانمنهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص145،146
قلت: ولو كان النبي ملكاً أو يريد الملك ويكره بني أمية بإعتباره من بني هاشم، لما قربهم إليه بهذه الصورة المدهشة، وهو رد مفحم على العلمانيين
 
"ومن المعلوم أن النبي صلى الله علين وسلم كان يصلي إلى الكعبة التي بناها المشركون وكان يسكن في المساكن التي بنوها وكان يشرب من ماء الابار التي حفروها ويلبس من الثياب التي نسجوها ويعامل بالدراهم التي ضربوها فإذا كان ينتفع بمساكنهم وملابسهم والمياه التي أنبطوها والمساجد التي بنوها فكيف بأهل القبلة
فلو فرض أن يزيد كان كافرا وحفر نهرا لم يكره الشرب منه بإجماع المسلمين ولكن لفرط تعصبهم كرهوا ما يضاف إلى من يبغضونه
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص147
 
"والنبي صلى الله عليه و سلم يسمى أصحابه بأسماء قد تسمى بها قوم من أهل النار الذين ذكرهم الله في القران كالوحيد الذي ذكره الله في القران في قوله ذرني ومن خلقت وحيدا واسمه الوليد بن المغيرة وكان النبي صلى الله عليه و سلم يدعو لابن هذا واسمه أيضا الوليد ويسمى الابن والأب في الصلاة ويقول اللهم انج الوليد بن الوليد كما ثبت ذلك في الصحيح
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص148
 
"فنقول الذي عليه أئمة الإسلام أن ما كان مشروعا لم يترك لمجرد فعل أهل البدع لا الرافضة ولا غيرهم وأصول الأئمة كلهم توافق هذا منها مسألة التسطيح الذي ذكرها فإن مذهب أبي حنيفة واحمد أن تسنيم القبور أفضل كما ثبت في الصحيح أن قبر النبي صلى الله عليه و سلم كان مسنما ولأن ذلك أبعد عن مشابهة أبنية الدنيا وأمنع عن القعود على القبور والشافعي يستحب التسطيح لما روى من الأمر بتسوية القبور فرأى أن التسوية هي التسطيح ثم إن بعض أصحابه قال إن هذا اشعار الرافضة فيكره ذلك فخالفه جمهور الأصحاب وقالوا بل هو المستحب وإن فعلته الرافضة
وكذلك الجهر بالبسملة هو مذهب الرافضة وبعض الناس تكلم في الشافعي بسببها وبسبب القنوت ونسبه إلى قول الرافضة والقدرية لأن المعروف في العراق أن الجهر كان من شعار الرافضة وأن القنوت في الفجر كان من شعار القدرية الرافضة حتى أن سفيان الثوري وغيره من الأئمة يذكرون في عقائدهم ترك الجهر بالبسملة لأنه كان عندهم من شعار الرافضة كما يذكرون المسح على الخفين لأن تركه كان من شعار الرافضة ومع هذا فالشافعي لما رأى أن هذا هو السنة كان ذلك مذهبه وإن وافق قول الرافضة
وكذلك إحرام أهل العراق من العقيق يستحب عنده وإن كان ذلك مذهب الرافضة ونظائر هذا كثيرة
وكذلك مالك يضعف أمر المسح على الخفين حتى أنه في المشهور عنه لا يمسح في الحضر وإن وافق ذلك قول الرافضة وكذلك مذهبه ومذهب أحمد المشهور عنه أن المحرم لا يستظل بالمحمل وإن كان ذلك قول الرافضة وكذلك قال مالك إن السجود يكره على غير جنس الأرض والرافضة يمنعون من السجود على غير الأرض وكذلك أحمد بن حنبل يستحب المتعة متعة الحج ويأمر بها حتى يستحب هو وغيره من الأئمة أئمة أهل الحديث لم أحرم مفردا أو قارنا أن يفسح ذلك إلى العمرة ويصير متمتعا لأن الأحاديث الصحيحة جاءت بذكل حتى قال سلمة بن شبيب للإمام أحمد يا أبا عبد الله قويت قلوب الرافضة لما أفتيت أهل خراسات بالمتعة فقال يا سلمة كان يبلغن عنك أنك أحمق وكنت أدفع عنك والان فقد ثبت عندي أنك أحمق عندي أحد عشر حديثا صحاحا عن النبي صلى الله عليه و سلم أتركها لقولك
وكذلك أبو حنيفة مذهبه أنه يجوز الصلاة على غير النبي صلى الله عليه و سلم كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وهذا هو المنصوص عن أحمد في رواية غير واحد من أصحابه واستدل بما نقله عن علي رضي الله عنه أنه قال لعمر رضي الله عنه صلى الله عليك وهو اختيار أكثر أصحابه كالقاضي أبي يعلى وابن عقيل وأبي محمد عبد القادر الجيلي وغيرهم ولكن نقل عن مالك والشافعي اختيار بعض أصحاب أحمد لما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لا تصلح الصلاة من أحد على أحد على غير النبي صلى الله عليه و سلم وهذا الذي قاله ابن عباس رضي الله عنه قال والله أعلم لما صارت الشيعة تخص بالصلاة عليا دون غيره ويجعلون ذلك كأنه مأمور به في حقه بخصوصمه دون غيره وهذا خطأ بالاتفاق فإن الله تعالى أمر بالصلاة على نبيه صلى الله عليه و سلم وقد فسر النبي صلى الله عليه و سلم ذلك بالصلاة عليه وعلى اله فيصلي على جميع اله تبعا له وال محمد صلى الله عليه و سلم عند الشافعي وأحمد هم الذين حرمت عليهم الصدقة وذهبت طائفة من أصحاب مالك وأحمد وغيرهما إلى أنهم أمة محمد صلى الله عليه و سلم وقالت طائفة من الصوفية إنهم الأولياء من أمته وهم المؤمنون المتقون وروي في ذلك حديث ضعيف لا يثبت فالذي قالته الحنفية وغيرهم أنه إذا كان عند قوم لا يصلون إلا على على دون الصحابة فإذا صلى على علي ظن أنه منهم فيكره لئلا يظن به أنا رافضي فأما إذا علم أنه صلى على علي وعلى سائر الصحابة لم يكره ذلك
وهذا القول يقوله سائر الأئمة فإنه اذا كان في فعل مستحب مفسدة راجحة لم يصر مستحبا ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات إذا صارت شعارا لهم فلا يتميز السنى من الرافضي ومصلحة التميز عنهم لأجل هجراتهم ومخالفتهم أعظم من مصلحة هذا المستحب وهذا الذي ذهب إليه يحتاج إليه في بعض المواضع إذا كان في الاختلاط والاشتباه مفسدة راجحة على مصلحة فعل ذلك المستحب لكن هذا أمر عارض لا يقتضي أن يجعل المشروع ليس بمشروع دائما بل هذا مثل لباس شعار الكفار وإن كان مباحا إذا لم يكن شعارا لهم كلبس العمامة الصفراء فإنه جائز إذا لم يكن شعارا لليهود فإذا صار شعارا لهم نهى عن ذلك
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج4 ص149-155
 
الرواية التي وعدت!
قال شيخ الإسلام
:"أن ذكر الخلفاء على المنبر كان على عهد عمر بن عبد العزيز بل قد روى أنه كان على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحديث ضبة بن محصن من أشهر الأحاديث فروى الطلمنكي من حديث ميمون بن مهران قال كان أبو موسى الاشعري رضي الله عنه إذا خطب بالبصرة يوم الجمعة وكان واليها صلى على النبي صلى الله عليه و سلم ثم ثنى بعمر بن الخطاب يدعو له فيقوم ضبة بن محصن العنزي فيقول فأين أنت عن ذكر صاحبه قبله يفضله يعني أبا بكر رضي اللهعنهما ثم قعد فلما فعل ذلك مرارا أمحكه أبو موسى فكتب أبو موسى إلى عمر رضي الله عنه أن ضبة يطعن علينا ويفعل فكتب عمر إلى ضبة يأمره أن يخرج إليه فبعث به أبو موسى فلما قدم ضبة المدينة على عمر رضي الله عنه قال له الحاجب ضبة العنزي بالباب فأذن له فلما دخل عليه قال لا مرحبا بضبة ولا أهلا قال ضبة أما المرحب فمن الله وأما الأهل فلا أهل ولا مال فبم استحللت إشخاصي من مصري بلا ذنب أذنبت ولا شيء أتيت قال ما الذي شجر بينك وبين عاملك؟
قلت الان أخبرك يا أمير المؤمنين إنه كان إذا خطب فحمد الله فأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه و سلم ثم ثنى يدعو لك فغاظني ذلك منه وقلت أين أنت عن صاحبه تفضله عليه فكتب إليك يشكوني قال فاندفع عمر رضي الله عنه باكيا وهو يقول أنت والله أوفق منه وأرشد منه فهل أنت غافر لي ذنبي يغفر الله لك قلت غفر الله لك يا أمير المؤمنين ثم اندفع باكيا وهو يقول والله لليلة من أبي بكر ويوم خير من عمر وال عمر فهل لك أن أحدثك بليلته ويومه قلت نعم يا أمير المؤمنين
قال أما الليلة فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما خرج من مكة هاربا من المشركين خرج ليلا فتبعه أبو بكر فجعل يمشي مرة أمامه ومرة خلفه ومرة عن يمينه ومرة عن يساره فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم ما هذا يا أبا بكر ما أعرف هذا من فعلك فقال يا رسول الله أذكر الرصد فأكون أمامك وأذكر الطلب فأكون خلفك ومرة عن يمينك ومرة عن يسارك لا آمن عليك فمضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على أطراف أصابعه حتى حفيت فلما رأى أبو بكر أنها قد حفيت حمله على عاتقه حتى أتى به فم الغار فأنزله ثم قال والذي بعثك بالحق لا تدخله حتى أدخله فإن كان فيه شيء فيبدأ بي قبلك فلم ير شيئا يستريبه فحمله فأدخله وكان في الغار خرق فيه حيات فلما رأ ى ذلك أبو بكر ألقمه عقبه فجعلن يلسعنه أو يربنه وجعلت دموعه تتجادر على خده من ألم ما يجد ورسول الله صلى الله عليه و سلم يقول لا تحزن يا أبا بكر إن الله معنا فأنزل الله سكينته وطمأنينته لأبي بكر فهذه ليلته
وأما يومه فلما توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم ارتدت العرب فال بعضهم نصلي ولا نزكي وقال بعضهم نزكي ولا نصلي فأتيته لا آلوه نصحا فقلت يا خليفة رسول الله تألف الناس وارفق بهم فقال لي أجبار في الجاهلية وخوار في الإسلام قبض رسول الله عليه وسلم وارتفع الوحي والله لو منعوني عقالا كانوا يعطونه رسول الله صلى الله عليه و سلم لقاتلتهم عليه فقاتلنا معه فكان والله رشيد الأمر فهذا يومه ثم كتب إلى أبي موسى يلومه" فإن قيل ذاك فيه ذكر عمر لأنه كان هو السلطان الحي قيل فأبو بكر كان قد مات فعلم أنهم ذكروا الميت أيضا
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ج4 ص159
 
"الوجه الثاني أنه قد قيل إن عمر بن عبد العزيز ذكر الخلفاء الأربعة لما كان بعض بني أمية يسبون عليا فعوض عن ذلك بذكر الخلفاء والترضي عنهم ليمحو تلك السنة الفاسدة
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ج4 ص160
 
الوجه الرابع أن أهل السنة لا يقولون إن ذكر الخلفاء الأربعة في الخطبة فرض بل يقولون إن الاقتصار على علي وحده أو ذكر الاثنى عشر هو البدعة المنكرة التي لم يفعلها أحد لا من الصحابة ولا من التابعين ولا من بني أمية ولا من بني العباس كما يقولون إن سب علي أو غيره من السلف بدعه منكرة فإن كان ذكر الخلفاء الأربعة بدعة مع أن كثيرا من الخلفاء فعلوا ذلك فالاقتصار على علي مع أنه لم يسبق إليه أحد من الأمة أولى أن يكون بدعة وإن كان ذكر على لكونه أمير المؤمنين مستحبا فذكر الأربعة الذين هم الخلفاء الراشدون أولى بالاستحباب ولكن الرافضة من المطففين يرى أحدهم القذاة في عيون أهل السنة ولا يرى الجذع المعترض في عينه
ومن المعلوم أن الخلفاء الثلاثة اتفقت عليهم المسلمون وكان السيف في زمانهم مسلولا على الكفار مكفوفا عن أهل الإسلام وأما علي فلم يتفق المسلمون على مبايعته بل وقعت الفتنة تلك المدة وكان السيف في تلك المدة مكفوفا عن الكفار مسلولا على أهل الإسلام فاقتصار المقتصر على ذكر علي وحده دون من سبقه ، هو ترك لذكر الأئمة وقت اجتماع المسلمين وانتصارهم على عدوهم واقتصار على ذكر الإمام الذي كان إماما وقت افتراق المسلمين وطلب عدوهم لبلادهم
فإن الكفار بالشام وخراسان طمعوا وقت الفتنة في بلاد المسلمين لاشتغال المسلمين بعضهم ببعض وهو ترك لذكر أئمة الخلافة التامة الكاملة واقتصار على ذكر الخلافة التي لم تتم ولم يحصل مقصودها
وهذا كان من حجة من كان يربع بذكر معاوية رضي الله عنه ولا يذكر عليا رضي عنه كما كان يفعل ذلك من كان يفعله بالأندلس وغيرها قالوا لأن معاوية رضي الله عنه اتفق المسلمون عليه بخلاف علي رضي الله عنه ولا ريب أن قول هؤلاء وإن كان خطأ فقول الذين يذكرون عليا وحده أعظم خطأ من هؤلاء وأعظم من ذلك كله ذكر الاثنى عشر في خطبه أو غيرها أو نقشهم على حائط أو تلقينهم لميت فهذا هو البدعة المنكرة التي يعلم بالاضطرار من دين الإسلام أنها من أطم الأمور المبتدعة في دين الإسلام ولو ترك الخطيب ذكر الأربعة جميعا لم ينكر عليه وإنما المنكر الاقتصار على واحد دون الثلاثة السابقين الذين كانت خلافتهم أكمل وسيرتهم أفضل كما أنكر على أبي موسى ذكره لعمر دون أبي بكر مع أن عمر كان هو الحي خليفة الوقت
منهاج السنة النبوية لإبن تيمية رحمه الله ج4 ص160-162
 
نص فيه فقه جليل-فقه بن تيمية وعمر ابن عبد العزيز
:"
الوجه السادس أنه يقال إن الذين اختاروا ذكر الخلفاء الراشدين على المنبر يوم الجمعة إنما فعلوه تعويضا عمن يسبهم ويقدح فيهم وكان ذلك فيه من الفساد في الإسلام ما لا يخفى فأعلنوا بذكرهم والثناء عليهم والدعاء لهم ليكون ذلك حفظا للإسلام بإظهار موالاتهم والثناء عليهم ومنعا ممن يريد عوراتهم والطعن عليهم فإنه قد صح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة
والأحاديث في ذكر خلافتهم كثيرة فلما كان في بني أمية من يسب علي رضي الله عنه ويذمه ويقول إنه ليس من الخلفاء الراشدين وتولى عمر بن عبد العزيز بعد أولئك فقيل إنه أول من ذكر الخلفاء الراشدين الأربعة على المنبر فأظهر ذكر علي والثناء عليه وذكر فضائله بعد أن كان طائفة ممن يبغض عليا لا تختار ذلك والخوارج تبغض عليا وعثمان وتكفرهما فكان في ذكرهما مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهم رد على الخوارج الذين أمر النبي صلى الله عليه و سلم بقتالهم والرافضة شر من هؤلاء وهؤلاء يبغضون أبا بكر وعمر وعثمان ويسبونهم بل قد يكفرونهم فكان قد ذكر هؤلاء وفضائلهم رد على الرافضة ولما قاموا في دولة خُدابَندَه الذي صنف له هذا الرافضي هذا الكتاب فأرادوا إظهار مذهب الرافضة وإظفاء مذهب أهل السنة الكتاب وعقدوا ألوية الفتنة وأطلقوا عنان البدعة وأظهروا من الشر والفساد ما لا يعمله إلا رب العباد كان مما احتالوا به أن استفتوا بعض المنتسبين إلى السنة في ذكر الخلفاء في الخطبة هل يجب فأفتى من أفتى بأنه لا يجب إما جهلا بمقصودهم وإما خوفا منهم وتقية لهم
وهؤلاء إنما كان مقصودهم منع ذكر الخلفاء ثم عوضوا عن ذلك بذكر علي والاحدى عشر الذين يزعمون أنهم المعصومون فالمفتي إذا علم أن مقصود المستفتي له أن يترك ذكر الخلفاء وأن يذكر الاثنى عشر وينادي بحي على خير العمل ليبطل الأذان المنقول بالتواتر من عهد النبي صلى الله عليه و سلم ويمنع قراءة الأحاديث الثابته الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ويعوض عنها بالأحاديث التي افتراها المفترون ويبطل الشرائع المعلومة من دين الإسلام ويعوض عنها بالبدع المضلة ويتوسل بذلك من يتوسل إلى إظهار دين الملاحدة الذين يبطنون مذهب الفلاسفة ويتظاهرون بدين الإسلام وهم أكفر من اليهود والنصارى إلى غير ذلك من مقاصد أهل الجهل والظلم الكائدين للإسلام وأهله لم يحل للمفتي أن يفتي بما يجر إلى هذه المفاسد
وإذا كان ذكر الخلفاء الراشدين هو الذي يحصل به المقاصد المأمور بها عند مثل هذه الأحوال كان هذا مما يؤمر به في مثل هذه الأحوال وان لم يكن من الواجبات التي يجب مطلقا ولا من السنن التي يحافز عليها في كل زمان ومكان كما أن عسكر المسلمين والكفار إذا كان لهؤلاء شعار ولهؤلاء شعار وجب إظهار شعار الإسلام دون شعار الكفر في مثل تلك الحال لأن هذا واجب في كل زمان ومكان فإذا قدر أن الواجبات الشرعية لا تقوم إلا بإظهار ذكر الخلفاء وإنه إذا ترك ذلك ظهر شعار أهل البدع والضلال صار مأمورا به في مثل هذه الأحوال والأمور المأمور بها منها ما هو واجب أو مسنون دائما كالصلوات الخمس والوتر وركعتي الفجر ومنها ما يؤمر به في بعض الأحوال إذا لم تحصل الواجبات إلا به ولم تندفع المحرمات إلا به
منهاج السنة النبوية لإبن تيمية رحمه الله ج4 ص163-167
 
"الوجه السابع أن يقال الكلام في ذكر الخلفاء الراشدين على المنبر وفي الدعاء لسلطان الوقت ونحو ذلك إذا تكلم في ذلك العلماء أهل العلم والدين الذين يتكلمون بموجب الأدلة الشرعية كان كلامهم في ذلك مقبولا وكان للمصيب منهم أجران وللمخطىء أجر على ما فعله من الخير وخطؤه مغفور له
منهاج السنة النبوية لإبن تيمية رحمه الله ج4 ص167
 
عن ابن التومرت يقول شيخ الإسلام
:"كطائفة ابن التومرت الذي كان يُدعى فيه أنه المهدي المعلوم والإمام المعصوم إذا ذكروه باسمه على المنبر ووصفوه بالصفات التي تُعلم أنها باطلة وجعلوا حزبه هم خواص أمة محمد صلى الله عليه وسلم وتركوا مع ذلك ذكر أبي بكر وعمر وعثمان وعلي الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين الذين ثبت بالكتاب والسنة وإجماع السابقين الأولين والتابعين لهم بإحسان أنهم خير هذه الأمة وأفضلها وهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون في زمن أفضل القرون ثم أخذ هؤلاء التومرتية ينتصرون لذلك بأن ذكر الخلفاء الأربعة ليس سنة بل بدعة كان هذا القول مردودا عليهم غاية الرد مع ذكرهم لإمامهم ابن التومرت بعد موته فإنه لا يشك من يؤمن بالله واليوم الاخر أن أبا بكر وعمر وعثمان وعليا رضي الله عنهم خير منه وأفضل منه وأن اتباعهم للنبي صلى الله عليه و سلم وقيامهم بأمره أكمل بل ذكر غير واحد من خلفاء بني أمية وبني العباس أولى من ذكر هذا الملقب بالمهدي فإن خلافة أولئك خير من خلافته وقيامهم بالإسلام خير من قيامه وظهورهم بمشارق الأرض ومغفاربها أعظم من ظهوره وما فعلوه من الخير أعظم مما فعله هو وفعل هو من الكذب والظلم والجهل والشر ما لم يفعله أولئك فكيف يكون هو المهدي دونهم أم كيف يكون ذكره والثناء عليه في الخطبة مشروعا دون ذكرهم فكيف ينكر ذكر أولئك من يذكر مثل هذا
منهاج السنة النبوية لإبن تيمية رحمه الله ج4 ص167،168
 
فلو قدر أن السنة أوجبت قدرا زائدا على ما أوجبه القران لم يكن في هذا رفعا لموجب القران فكيف إذا فسرته وبينت معناه
منهاج السنة النبوية لإبن تيمية رحمه الله ج4 ص176
 
والفرق بين الأنبياء وغيرهم أن الله تعالى صان الأنبياء عن أن يورثوا دنيا لئلا يكون ذلك شبهة لمن يقدح في نبوتهم بأنهم طلبوا الدنيا وخلفوها لورثتهم وأما أبو الصديق وأمثاله فلا نبوة لهم يقدح فيها بمثل ذلك كما صان الله تعالى نبينا عن الخط والشعر صيانة لنبوته عن الشبهة وإن كان غيره لم يحتج إلى هذه الصيانة
منهاج السنة النبوية لإبن تيمية رحمه الله ج4 ص195
وفي هذا الكلام رد على العلمانيين
 
أن الله تعالى قدر فرائض محدوده ومنع من تعدي حدوده فإذا أعطى الميت لوارثه أكثر مما حده الله له فقد تعدى حد الله فكان ذلك محرما فإن ما زاد على الحدود يستحقه غيره من الورثة أو العصبة فإذا أخذ حق العاصب فأعطاه لهذا كان ظالما له
منهاج السنة النبوية لإبن تيمية رحمه الله ج4 ص304
 
كنز!!!
"قد جرت العادة بأن الظلمة من الملوك أذا تولوا بعد غيرهم من الملوك الذين أحسنوا إليهم أو ربوهم وقد انتزعوا الملك من بيت ذلك الملك استعطفوهم وأعطوهم ليكفوا عنهم منازعتهم فلو قدر والعياذ بالله أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما متغلبان متوثبان لكانت العادة تقضي بأن لايزاحما الورثة المستحقين للولاية والتركة في المال بل يعطيانهم ذلك وأضعافه ليكفوا عن المنازعة في الولاية وأما منع الولاية والميراث بالكلية فهذا لا يُعلم أنه فعله أحد من الملوك وإن كان من أظلم الناس وأفجرهم فعلم أن الذي فعلوه مع النبي صلى الله عليه و سلم أمر خارج عن العادة الطبيعية في الملوك كما هو خارد عن العادات الشرعية في المؤمنين وذلك لاختصاصه صلى الله عليه و سلم بما لم يخص الله به غيره من ولاة الأمور وهو النبوة إذ الأنبياء لا يورثون
منهاج السنة النبوية لإبن تيمية رحمه الله ج4 ص221
 
وهكذا لفظ الخلافة ولهذا يقال الوارث خليفة الميت أي خلفه فيما تركه والخلافة قد تكون في المال وقد تكون في الملك وقد تكون في العلم وغير ذلك
منهاج السنة النبوية لإبن تيمية رحمه الله ج4 ص223
 
فقوله تعالى وورث سليمان داود ...الوجه الثالث عشر أن يقال المراد بهذا الإرث إرث العلم والنبوة ونحو ذلك لا إرث المال وذلك لأنه قال وورث سليمان داود ومعلوم أن داود كان له أولاد كثيرون غير سليمان فلا يختص سليمان بماله
وأيضا فليس في كونه ورث ماله صفة مدح لا لداود ولا لسليمان فإن اليهودي والنصراني يرث أباه ماله والاية سيقت في بيان المدح لسليمان وما خصه الله به من النعمة
منهاج السنة النبوية لإبن تيمية رحمه الله ج4 ص224
 
"أن ما ذكر من ادعاء فاطمة رضي الله عنها فدك فإن هذا يناقض كونها ميراثا لها فإ كان طلبها بطريق الإرث امتنع أن يكون بطريق الهبة وإن كان بطريق الهبة امتنع أن يكون بطريق الإرث ثم إن كانت هذه هبة في مرض الموت فرسول الله صلى الله عليه و سلم منزه إن كان يورث كما يورث غيره أن يوصى لوارث أو يخصه في مرض موته بأكثر من حقه وإن كان في صحته فلا بد أن تكون هذه هبة مقبوضة وإلا فإذا وهب الواهب بكلامه ولم يقبض الموهوب شيئا حتى مات الواهب كان ذلك باطلا عند جماهير العلماء فكيف يهب النبي صلى الله عليه و سلم فدك لفاطمة ولا يكون هذا أمرا معروفا عند أهل بيته والمسلمين حتى تخص بمعرفته أم أيمن أو على رضي الله عنهما
الوجه الثاني أن ادعاء فاطمة ذلك كذب على فاطمة وقد قال الإمام أبو العباس بن سريج في الكتاب الذي صنف في الرد على عيسى ابن أبان لما تكلم معه في باب اليمين والشاهد واحتج بما احتج وأجاب عما عارض به عيسى بن أبان قال وأما حديث البحتري بن حسان عن زيد بن علي أن فاطمة ذكرت لأبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أعطاها فدك وأنها جاءت برجل وامرأة فقال رجل مع رجل وامرأة مع امرأة فسبحان الله ما أعجب هذا قد سألت فاطمة أبا بكر ميراثها وأخبرها عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال لا نورث وما حكى في شيء من الأحاديث أن فاطمة ادعتها بغير الميراث ولا أن احدا شهد بذلك
ولقد روى جرير عن مغيرة عن عمر بن عبد العزيز أنه قال في فدك إن فاطمة سألت النبي صلى الله عليه و سلم أن يجعلها لها فأبى وأن النبي صلى الله عليه و سلم كان ينفق منها ويعود على ضَعفَة بني هاشم ويزوج منه أيمهم وكانت كذلك حياة رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر صدقة وقبلت فاطمة الحق وإني أشهدكم أني رددتها إلى ما كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم
ولم يسمع أن فاطمة رضي الله عنها ادعت أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاها إياها في حديث ثابت متصل ولا أن شاهدا شهد لها ولو كان ذلك لحكى لأنها خصومة وأمر ظاهر تنازعت فيه الأمة وتحادثت فيه فلم يقل أحد من المسلمين شهدت النبي صلى الله عليه و سلم أعطاها فاطمة ولا سمعت فاطمة تدعيها حتى جاء البحتري بن حسان يحكى عن زيد شيئا لا ندري ما أصله ولا من جاء به وليس من أحاديث أهل العلم فضل بن مرزوق عن البحتاري عن زيد وقد كان ينبغي لصاحب الكتاب أن يكف عن بعض هذا الذي لا معنى له وكان الحديث قد حسن بقول زيد لو كنت أنا لقضيت بما قضى به أبو بكر وهذا مما لا يثبت على أبي بكر ولا على فاطمة لو لم يخالفه أحد ولو لو تجر فيه المناظرة ويأتي فيها الرواية فكيف وقد جاءت وأصل المذهب أن الحديث إذا ثبت عن رسول اله صلى الله عليه و سلم قم قال أبو بكر بخلافه إن هذا من أبي بكر رحمه الله كنحو ما كان منه في الجدة وأنه متى بلغه الخبر رجع إليه
ولو ثبت هذا الحديث لم يكن فيه حجة لأن فاطمة لم تقل إني أحلف مع شاهدي فمنعت ولم يقل أبو بكر إني لا أرى اليمين مع الشاهد قالوا وهذا الحديث غلط لأن أسامة بن زيد يروي عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان قال كان مما احتج بن عمر أن قال كانت لرسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاث صفايا بنو النضير وخيبر وفدك فأما بنو النضير فكانت حبسا لنوائبه وأما فدك فكانت حبسا لأبناء السبيل وأما خيبر فجزأها رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاثة أجزاء جزئتين بين المسلمين وجزءا نفقة لأهله فما فضل عن نفقة أهله جهله بين فقراء المهاجرين جزئين
وروى الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنها أخبرته أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم أرسلت إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه و سلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقى من خمس خيبر فقال أبو بكر إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لا نورث ما تركنا صجقة رسول الله صلى الله عليه و سلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأعملن فيها بمل عمل به رسول الله صلى الله عليه و سلم فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا
ورواه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال حدثني عروة أن عائشة أخبرته بهذا الحديث قال وفاطمة رضي الله عنها حينئذ تطلب صدقة رسول الله التي بالمدينة وفدك وما بقى من خمس خيبر قالت عائشة فقال أبو بكر إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لا نورث ما تركنا صدقة وإنما يأكل ال محمد في هذا المال يعني مال الله عز و جل ليس لهم أن يزيدوا على المال
ورواه صالح عن ابن شهاب عن عروة أن عائشة قالت فيه فأبى أبو بكر عليها ذلك وقال لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعمل به إلا عملت به إني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى على وعباس فغلب علي عليها وأما خيبر وفدك فأمسكها عمر وقال هما صدقة رسول الله صلى الله عليه و سلم كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه وأمرها إلى من ولي الأمر قال فهما على ذلك إلى اليوم
فهذه الأحاديث الثابته المعروفة عند أهل العلم وفيها ما يبين أن فاطمة رضي الله عنها طلبت ميراثها من رسول الله صلى الله عليه و سلم على ما كانت تعرف من المواريث فأخبرت بما كان من رسول الله فسلمت ورجعت فكيف تطلبها ميراثا وهي تدعيها ملكا بالعطية هذا ما لا معنى فيه وقد كان ينبغي لصاحب الكتاب أن يتدبر ولا نحتج بما يوجد في الأحاديث الثابته لرده وإبانة الغلط فيه ولكن حبك الشيء يعمى ويصم
وقد روى عن أنس أن أبا بكر قال لفاطمة وقد قرأت عليه إني أقرأ مثل ما قرأت ولا يبلغن علمي أن يكون قاله كله قالت فاطمة هو لك ولقرابتك قال لا وأنت عندي مصدقة أمينة فإن كان رسول الله صلى الله عليه و سلم عهد إليك في هذا أو وعدك فيه موعدا أو أوجبه لكم حقا صدقتك فقالت لا غير أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال حين أنزل عليه أبشروا يا ال محمد وقد جاءكم الله عز و جل بالغنى قال
أبو بكر صدق الله ورسوله وصدقت فلكم الفىء ولم يبلغ علمي بتأويل هذه أن استلم هذا السهم كله كاملا إليكم ولكن الفىء الذي يسعكم وهذا يبين أن أبا بكر كان يقبل قولها فكيف يرده ومعه شاهد وامرأة ولكنه يتعلق بكل شيء يجده
منهاج السنة النبوية لإبن تيمية رحمه الله ج4 ص228-235
 
عودة
أعلى