جواهر تاريخية وعلمية وأخلاقية في نقض كلام شيعة وعلمانية من منهاج بن تيمية-أ طارق منينة

ومن ظن من الجهال أنه إذا نزل إلى سماء الدنيا كما جاء الحديث يكون العرش فوقه ويكون محصورا بين طبقتين من العالم فقوله مخالف لإجماع السلف مخالف للكتاب والسنة كما قد بسط في موضعه وكذلك توقف من توقف في نفى ذلك من أهل الحديث فإنما ذلك لضعف علمه بمعانى الكتاب والسنة وأقوال السلف
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص323،324
تعليق
غرضي من هذا النص بسيط!
إذ أن شيخ الإسلام بكل بساطة، هنا، يتكلم عن أناس من " أهل الحديث" إلى عصره، عندهم ضعف في العلم بمعاني الكتاب والسنة وأقوال السلف.
وأترك التعليق ولخيالك التحليق.. مع العدل والنظر لبقية كلام ابن تيمية عن أن أهل الحديث هم أعلم الأمة، وهو كذلك لكن لايمنع ظهور جهل في أناس من"أهل الحديث فإنما ذلك لضعف علمه بمعانى الكتاب والسنة وأقوال السلف "
 
فقه المناظرة الذكية:"والله قد أمرنا ألا نقول عليه إلا الحق وألا نقول عليه إلا بعلم وأمرنا بالعدل والقسط فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني فضلا عن الرافضي قولا فيه حق أن نتركه أو نرده كله بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل دون ما فيه من الحق
ولهذا جعل هذا الكتاب منهاج أهل السنة النبوية في نقض كلام الشيع والقدرية فإن كثيرا من المنتسبين إلى السنة ردوا ما تقوله المعتزلة والرافضة وغيرهم من أهل البدع بكلام فيه أيضا بدعة وباطل وهذه طريقة يستجيزها كثير من أهل الكلام ويرون أنه يجوز مقابلة الفاسد بالفاسد لكن أئمة السنة والسلف على خلاف هذا وهم يذمون أهل الكلام المبتدع الذين يردون باطلا بباطل وبدعة ببدعة ويأمرون ألا يقول الإنسان إلا الحق لا يخرج عن السنة في حال من الأحوال وهذا هو الصواب الذي أمر الله تعالى به ورسوله ولهذا لم نرد ما تقوله المعتزلة والرافضة من حق بل قبلناه لكن بينا أن ما عابوا به مخالفيهم من الأقوال ففي أقوالهم من العيب ما هو أشد من ذلك
فالمنتسبون إلى إثبات خلافة الأربعة وتفضيل الشيخين وإن كان بعضهم يقول أقوالا فاسدة فأقوال الرافضة أفسد منها وكذلك المناظر للفلاسفة والمعتزلة من المنتسبين إلى السنة كالأشعري وأمثاله وإن كانوا قد يقولون أقوالا باطلة ففي أقوال المعتزلة والفلاسفة من الباطل ما هو أعظم منها فالواجب إذا اكان الكلام بين طائفتين من هذه الطوائف أن يبين رجحان قول الفريق الذي هو أقرب إلى السنة بالعقل والنقل ولا ننصر القول الباطل المخالف للشرع والعقل أبدا فإن هذا محرم ومذموم يذم به صاحبه ويتولد عنه من الشر ما لا يوصف كما تولد من الأقوال المبتدعة مثل ذلك ولبسط هذه الأمور مكان آخر والله أعلم
والمقصود هنا التنبيه على وجه المناظرة العادلة التي يتكلم فيها الإنسان بعلم وعدل لا بجهل وظلم وأما مناظرات الطوائف التي كل منها يخالف السنة ولو بقليل فأعظم ما يستفاد منها بيان إبطال بعضهم لمقالة بعض وأبو حامد الغزالي وغيره يعتقدون أن هذه الفائدة هي المقصودة بالكلام دون غيرها لكن يعتقد مع ذلك أن ما ذكره هو العقيدة التي تعبد الشارع الناس باعتقادها وأن لها باطنا يخالف ظاهرها في بعض الأمور وما ذكره من الإعتقاد يوافق الشرع من وجه دون وجه وما ثبت عن صاحب الشرع فلا يناقض باطنه ظاهره والمقصود هنا أن يكون المقصود بالمناظرة بيان رجحان بعض الأقوال على بعض ولهذا كان كثير من مناظرة أهل الكلام إنما هي في بيان فساد مذهب المخالفين وبيان تناقضهم لأنه يكون كل من القولين باطلا فما يمكن أحدهم نصر قوله مطلقا فيبين فساد قول خصمه وهذا يحتاج إليه إذا كان صاحب المذهب حسن الظن بمذهبه قد بناه على مقدمات يعتقدها صحيحة فإذا أخذ الإنسان معه في تقرير نقيض تلك المقدمات لم يقبل ولا يبين الحق ويطول الخصام كما طال بين أهل الكلام
فالوجه في ذلك أن يبين لذلك رجحان مذهب غيره عليه أو فساد مذهبه بتلك المقدمات وغيرها فإذا رأى تناقض قوله أو رجحان قول غيره على قوله اشتاق حينئذ إلى معرفة الصواب وبيان جهة الخطأ فيبين له فساد تلك المقدمات التي بنى عليها وصحة نقيضها ومن أي وجه وقع الغلط
وهكذا في مناظرة الدهرى واليهودي والنصراني والرافضي وغيرهم إذا سلك معهم هذا الطريق نفع في موارد النزاع فتبين لهم وما من طائفة إلا ومعها حق وباطل فإذا خوطبت بين لها أن الحق الذي ندعوكم إليه هو أولى بالقبول من الذي وافقناكم عليه ونبوة محمد صلى الله عليه و سلم أولى بالقبول من نبوة موسى وعيسى عليهما السلام وخلافة أبي بكر وعمر أولى بالصحة من خلافة علي فما ذكر من طريق صحيح يثبت بها نبوة هذا وهذا إلا وهي تثبت بها نبوة محمد صلى الله عليه و سلم بطريق الأولى وما من طريق صحيح يثبت بها خلافة علي إلا وهي تثبت خلافة هذين بطريق الأولى ويبين لهم أن ما يدفعون به هذا الحق يمكن أن يدفع به الحق الذي معهم فما يقدح شيء في موارد النزاع إلا كان قدحا في موارد الإجماع وما من شيء يثبت به موارد الإجماع إلا وهو يثبت به موارد النزاع وما من سؤال يرد على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وخلافة الشيخين إلا ويرد على نبوة غيره وخلافة غيرهما ما هو مثله أو أعظم منه وما من دليل يدل على نبوة غير محمد صلى الله عليه و سلم وخلافة غيرهما إلا والدليل على نبوة محمد صلى الله عليه و سلم وخلافتهما أقوى منه
وأما الباطل الذي بأيدي المنازعين فتبين أنه يمكن معارضته بباطل مثله وأن الطريق الذي يبطل به ذلك الباطل يبطل به باطلهم فمن ادعى الإلهية في المسيح أو علي أو غيرهما عورض بدعوى الإلهية في موسى وآدم وعمر بن الخطاب فلا يذكر شبهة يظن بها الإلهية إلا ويذكر في الآخر نظيرها وأعظم منها فإذا تبين له فساد أحد المثلين تبين له فساد الآخر فالحق يظهر صحته بالمثل المضروب له والباطل يظهر فساده بالمثل المضروب له لأن الإنسان قد لا يعلم ما في نفس محبوبه أو مكروهه من حمد وذم إلا بمثل يضرب له فإن حبك الشيء يعمى ويصم
والله سبحانه ضرب الأمثال للناس في كتابه لما في ذلك من البيان والإنسان لا يرى نفسه وأعماله إلا إذا مثلت له نفسه بأن يراها في مرآة وتمثل له أعماله بأعمال غيره ولهذا ضرب الملكان المثل لداود عليه السلام بقول أحدهما إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه سورة ص 23 24 الآية وضرب الأمثال مما يظهر به الحال وهو القياس العقلي الذي يهدي به الله من يشاء من عباده قال تعالى ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون سورة الروم 27 وقال تعالى وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون سورة العنكبوت 43
وهذا من الميزان الذي أنزله الله كما قال تعالى الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان سورة الشورى 17 وقال لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط سورة الحديد 25
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص342-347
 
:"فإنه من المعلوم أن الصحابة الذين آمنوا برسول الله صلى الله عليه و سلم بعد كفرهم وهداهم الله به بعد ضلالهم وتابوا إلى الله بعد ذنوبهم أفضل من أولادهم الذين ولدوا على الإسلام
وهل يشبه بني الأنصار بالأنصار أو بنى المهاجرين بالمهاجرين إلا من لا علم له وأين المنتقل بنفسه من السيئات إلى الحسنات بنظره واستدلاله وصبره واجتهاده ومفارقته عاداته ومعاداته لأوليائه وموالاته لأعدائه إلى آخر لم يحصل له مثل هذه الحال وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية
وقد قال تعالى والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعلم عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما سورة الفرقان 68 70 وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة وآخر أهل النار خروجا منها رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه وارفعوا عنه كبارها فتعرض عليه صغار ذنوبه فيقال عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا وعملت يوم كذا وكذا كذا وكذا فيقول نعم لا يستطيع أن ينكر وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه فيقال له فإن لك مكان كل سيئة حسنة فيقول يارب قد عملت أشياء لا أراها ههنا فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم ضحك حتى بدت نواجذه فأين من يبدل الله سيئاته حسنات إلى من لم تحصل له تلك الحسنات ولا ريب أن السيئات لا يؤمر بها وليس للعبد أن يفعلها ليقصد بذلك التوبة منها فإن هذا مثل من يريد أن يحرك العدو عليه ليغلبهم بالجهاد أو يثير الأسد عليه ليقتله ولعل العدو يغلبه والأسد يفترسه بل مثل من يريد أن يأكل السم ثم يشرب الترياق وهذا جهل بل إذا قدر من ابتلى بالعدو فغلبه كان أفضل ممن لم يكن كذلك وكذلك من صادفه الأسد وكذلك من اتفق أن شرب السم فسقى ترياقا فاروقا يمنع نفوذ سائر السموم فيه كان بدنه أصح من بدن من لم يشرب ذلك الترياق
والذنوب إنما تضر أصحابها إذا لم يتوبوا منها والجمهور الذين يقولون بجواز الصغائر عليهم يقولون إنهم معصومون من الإقرار عليها
وحينئذ فما وصفوهم إلا بما فيه كمالهم فإن الأعمال بالخواتيم
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص398-400
 
"أولا فلأن آدم تاب وغفر له ذنبه قبل أن يولد نوح وإبراهيم"
"وأما ثانيا فلأن الله يقول ولا تز وازرة وزر أخرى سورة الإسراء 15 فكيف يضاف ذنب أحد إلى غيره "
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص401
 
"ومن المعلوم أن ذنوبهم ليست كذنوب غيرهم بل كما يقال حسنات الأبرار سيئات المقربين لكن كل يخاطب على قدر مرتبته وقد قال صلى الله عليه و سلم كل بنى آدم خطاء وخير الخطائين التوابون
وما ذكره من عدم الوثوق والتنفير قد يحصل مع الإصرار والإكثار ونحو ذلك وأما اللمم الذي يقترن به التوبة والإستغفار أو ما يقع بنوع من
التأويل وما كان قبل النبوة فإنه مما يعظم به الإنسان عند أولى الأبصار
وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد علم تعظيم رعيته له وطاعتهم مع كونه دائما كان يعترف بما يرجع عنه من خطأ وكان إذا اعترف بذلك وعاد إلى الصواب زاد في أعينهم وازدادوا له محبة وتعظيما
ومن أعظم ما نقمه الخوارج على علي أنه لم يتب من تحكيم الحكمين وهم وإن كانوا جهالا في ذلك فهو يدل على أن التوبة لم تكن تنفرهم وإنما نفرهم الأصرار على ما ظنوه هم ذنبا
والخوارج من أشد الناس تعظيما للذنوب ونفورا عن أهلها حتى أنهم يكفرون بالذنب ولا يحتملون لمقدمهم ذنبا ومع هذا فكل مقدم لهم تاب عظموه وأطاعوه ومن لم يتب عادوه فيما يظنونه ذنبا وإن لم يكن ذنبا فعلم أن التوبة والإستغفار لا توجب تنفيرا ولا تزيل وثوقا بخلاف دعوى البراءة مما يتاب منه ويستغفر ودعوى السلامة مما يحوج الرجوع إلى الله واللجأ إليه فإنه هو الذي ينفر القلوب ويزيل الثفة فإن هذا لم يعلم أنه صدر إلا عن كذاب أو جاهل وأما الأول فإنه يصدر عن الصادقين العالمين
ومما يبين ذلك أنه لم يعلم أحد طعن في نبوة أحد من الأنبياء ولا قدح في الثقة به بما دلت عليه النصوص التي تيب منها ولا احتاج المسلمون إلى تأويل النصوص بما هو من جنس التحريف لها كما يفعله من يفعل ذلك والتوراة فيها قطعة من هذا وما أعلم أن بني إسرائيل قدحوا في نبي من الأنبياء بتوبته في أمر من الأمور وإنما كانوا يقدحون فيهم بالإفتراء عليهم كما كانوا يؤذن موسى عليه السلام وإلا فموسى قد قتل القبطي قبل النبوة وتاب من سؤال الرؤية وغير ذلك بعد النبوة وما أعلم أحدا من بنى إسرائيل قدح فيه بمثل هذا
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص407-409
 
:"وهو سبحانه وله الحمد لم يذكر عن نبي من الأنبياء ذنبا إلا ذكر معه توبته لينزهه عن النقص والعيب ويبين أنه ارتفعت منزلته وعظمت درجته وعظمت حسناته وقربه إليه بما أنعم الله عليه من التوبة والإستغفار والأعمال الصالحة التي فعلها بعد ذلك وليكون ذلك أسوة لمن يتبع الأنبياء ويقتدي بهم إلى يوم القيامة
ولهذا لما لم يذكر عن يوسف توبة في قصة امرأة العزيز دل على أن يوسف لم يذنب أصلا في تلك القصة كما يذكر من يذكر أشياء نزهه الله منها بقول تعالى كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين سورة يوسف 24 وقد قال تعالى ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه سورة يوسف 24
والهم كما قال الإمام أحمد رضي الله عنه همان هم خطرات وهم إصرار وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال إن الله تعالى يقول إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها له حسنة كاملة فإن عملها فاكتبوها عشرا إلى سبعمائة ضعف وإذا هم بسيئة فلا تكتبوها عليه فإن تركها فاكتبوها له حسنة فإنما تركها من جراي
فيوسف عليه الصلاة و السلام لما هم ترك همه لله فكتب الله به حسنة كاملة ولم يكتب عليه سيئة قط بخلاف امرأة العزيز فإنها همت وقالت وفعلت فراودته بفعلها وكذبت عليه عند سيدها واستعانت بالنسوة وحبسته لما اعتصم وامتنع عن الموافقة على الذنب ولهذا قالت وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم سورة يوسف 53 وهذا من قولها كما دل عليه القرآن ليس من كلام يوسف عليه السلام بل لما قالت هذا كان يوسف غائبا في السجن لم يحضر عند الملك بل لما برأته هي والنسوة استدعاه الملك بعد هذا وقال ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين سورة يوسف 54
وأما من ذكر الله تعالى وتبارك عنه ذنبا كآدم عليه السلام فإنه لما قال وعصى آدم ربه فغوى ثم أجتباه ربه فتاب عليه وهدى سورة طه 121 122
وقال فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم سورة البقرة 37
(2/412)وقال تعالى عن داود عليه السلام وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب سورة ص 24 25
وقال لموسى عليه السلام والصلاة إنى لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإنى غفور رحيم سورة النمل 10 11
ومن احتج على امتناع ذلك بأن الإقتداء بهم مشروع والإقتداء بالذنب لا يجوز قيل له إنما يقتدى بهم فيما أقروا عليه لا فيما نهوا عنه كما أنه إنما يقتدى بهم فيما أقروا عليه ولم ينسخ ولم ينسه فيما نسخ وحينئذ فيكون التأسى بهم مشروعا مأمورا به لا يمنع وقوع ما ينهون عنه ولا يقرون عليه لا من هذا ولا من هذا وإن كان اتباعهم في المنسوخ لا يجوز بالإتفاق
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص411-413
 
قال ابن تيمية
"وأما الجمهور الذين يثبتون الحكمة والأسباب فيقولون نحن نعلم بما علمناه من حكمة الله أنه لا يبعث نبيا فاجرا وأن ما ينزل على البر الصادق لا يكون إلا ملائكة لا تكون شياطين كما قال تعالى وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين إلى قوله هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون سورة الشعراء 192 226
فهذا مما بين الله به الفرق بين الكاهن والنبي وبين الشاعر والنبي لما زعم المفترون أن محمدا صلى الله عليه و سلم شاعر وكاهن وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم لما أتاه الوحي في أول الأمر وخاف على نفسه قبل أن يستيقن أنه ملك قال لخديجة لقد خشيت على نفسي قالت كلا والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق
فاستدلت رضي الله عنها بحسن عقلها على أن من يكون الله قد خلقه بهذه الأخلاق الكريمة التي هي من أعظم صفات الأبرار الممدوحين أنه لا يجزيه فيفسد الشيطان عقله ودينه ولم يكن معها قبل ذلك وحي تعلم به انتفاء ذلك بل علمته بمجرد عقلها الراجح

منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص419

 
انتبه جيداً لما سأسطره هنا!
فلابد أنك قرأت كلام خديجة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم ، مواساة له ، بعد أن رآى جبريل لأول مرة وأبلغه بالرسالة ورجع إليها يرتجف من الموقف المدهش"والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث...."، ولاشك أنك فكرت في أمانة النبي وصدقه عند أقرب الناس إليه، لكن هل تظن أن العلمانيين العرب يفكرون مثلك في الأمر؟أم انهم يحاولون نسف كل جزئية من الحقيقة والتاريخ والوثيقة، بحيث لايبقى منها شئ كما لم يبقى من دينهم شئ في نفوسهم إلا الحقد الأسود والكراهية العنيفة؟
إنهم بالفعل،يحاولون تلفيق وإصطناع خرافات ومسارات تاريخية للتشويه على الوحي ومانزل به من عند الله خالق الإنسان،
يحاولون أن يزوروا الحقيقة الساطعة بقولهم أو بعضهم (خليل عبد الكريم والطيب تيزيني نموذجاً أو نموذجين!) ، أن هذا القول المتقدم، من خديجة رضي الله عنها للنبي، كان تزييفاً للحقيقة ، وتغطية على المصادر!، وأنها، أي خديجة رضي الله عنها، ومعها تنظيم إقليمي(عند خليل عبد الكريم) أو دولي(عند طيب تيزيني تبعا لرواية " على هامش السيرة" لطه حسين!!) هم من صنعوا فيه النبوة وهيأوه لها ودرسوها له وزرعوها فيه وأن خيالهم نجح في تشكيل خياله فنتجت النبوة من ذلك الأمر !، فخديجة رضى الله عنها في زعمهم فرحت بنتائج عملها (الذي رسموه في خيالهم العلماني، وليس عليه أي دليل إطلاقاً) ، لا بالحقيقة الخارجية عنه صلى الله عليه وسلم وعنها رضي الله عنها، وهذا من أشنع الباطل وأبطل الأساطير التي ظهرت في الحرب على الإسلام (وهنا نقابل لأول مرة الأساطير العلمنانية مابعد الإستشراقية ضد النبوة لخلخلة النبوة والوقوع في براثن المادية وأوحالها )، وقد رسموا تلك الأساطير ، في محاولات مضنية لحرف النبوة عن مصدرها الرباني، فمنهم من جعل مصدرها أسواق العرب، ومنهم من جعل المصدر كنائس الشام(كنيسة إفرائيم عند العلماني التونسي هشام جعيط) أو المصدر مجموعة من الناس(خديجة، ورقة ابن نوفل، عداس، غلمان أجانب أعاجم في مكة، بحيرى الراهب) وهكذا، وكثير منهم أضاف ، تبعا للرؤية الإستشراقية والبيزنطية ديان كمصادر للتأثير(يهودية-مسيحية، هندوسية بل يونانية ) وهؤلاء وأولئك زادوا(مصادر شعرية وعربية) ثم مصادر جغرافية ومعرفية في منطقة الشرق القديم، ثم ألحق بعضهم بذلك كله(التفسير الجغرافي للتاريخ أي أن الصحراء هي من ولدت الفكرة زائد التراكم المعرفي الأسطوري في مناطق الشرق الأدنة(وهنا يظهر الجابري كواحد من الحواة والهواة في العلمانية!!)!!
كل ذلك فليصيبوا أمانة الرسول وصدقه وسلامة ضميره وعقله، في الصميم!!، ويتوسلون بذلك إلى القدح فيه ، وفي النبوة، ومن ثم في القرآن والتنزيل، والوحي، والمقدس الإسلامي!(إن ذلك هو موضوع كتابي الجديد(مخطوط ) وهو أقطاب العلمانية ج3) لكن تعال معي نرى العدل في النظر والتقييم بعيدا عن التزوير المبيت لإسقاط النبوة وكل من عاش لأجلها بريئا من تلك الإتهامات الجاحدة للحق المبين
قال شيخ الإسلام ابن تيمية

:"قال تعالى وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين إلى قوله هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون سورة الشعراء 192 226
فهذا مما بين الله به الفرق بين الكاهن والنبي وبين الشاعر والنبي لما زعم المفترون أن محمدا صلى الله عليه و سلم شاعر وكاهن وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم لما أتاه الوحي في أول الأمر وخاف على نفسه قبل أن يستيقن أنه ملك قال لخديجة لقد خشيت على نفسي قالت كلا والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق
فاستدلت رضي الله عنها بحسن عقلها على أن من يكون الله قد خلقه بهذه الأخلاق الكريمة التي هي من أعظم صفات الأبرار الممدوحين أنه لا يجزيه فيفسد الشيطان عقله ودينه ولم يكن معها قبل ذلك وحي تعلم به انتفاء ذلك بل علمته بمجرد عقلها الراجح
منهاج السنة النبوية ج2 ص419،420
وقال عن مسيلمة والعنسي:"
فكان ما يبلغ العقلاء وما يرونه من سيرتهم والكذب الفاحش والظلم ونحو ذلك يبين لهم أنه ليس بنبي إذ قد علموا أن النبي لا يكون كاذبا ولا فاجرا"(ص420)


 
"وقد ذم الله تعالى وتبارك فرعون بكونه رفع نبوة موسى بما تقدم من قتله نفسا بغير حق فقال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين سورة الشعراء 18 21 وكان موسى صلى الله عليه و سلم قد تاب من ذلك كما أخبر الله تعالى عنه وغفر له بقوله فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم سورة القصص 15 16
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص423
 
معاريض إبراهيم الخليل وفي النص رد على كثير ممن رد الحديث على أساس أن النبي إبراهيم لايليق به هذا القول، ومنهم إسلاميون وعلماء!
:"وأما قوله صلى الله وسلم لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات كلهن في ذات الله فتلك كانت معاريض فكان مأمورا بها وكانت منه طاعة لله والمعاريض قد تسمى كذبا لكونه أفهم خلاف ما في نفسه
وفي الصحيحين عن أم كلثوم قالت لم أسمع النبي صلى الله عليه و سلم يرخص فيما يقول الناس إنه كذب إلا في ثلاث حديث الرجل لامرأته وإصلاحه بين الناس وفي الحرب قالت فيما يقول الناس إنه كذب وهو المعاريض
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص427

"والخليل يذكر تعريضاته الثلاث التي سماها كذبا وكانت تعريضا وموسى يذكر قتل النفس قيل
هذا من كمال فضلهم وخوفهم وعبوديتهم وتواضعهم فإن من فوائد ما يتاب منه أنه يكمل عبودية العبد ويزيده خوفا وخضوعا فيرفع الله بذلك درجته وهذا الإمتناع مما يرفع الله به درجاتهم وحكمة الله تعالى في ذلك أن تصير الشفاعة لمن غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص424
 
"أما المقدمة الأولى فليس من تاب إلى الله تعالى وأناب إليه بحيث صار بعد التوبة أعلى درجة مما كان قبلها منقوصا ولا مغضوضا منه بل هذا مفضل عظيم مكرم...وإذا عرف أن أولياء الله يكون الرجل منهم قد أسلم بعد كفره وآمن بعد نفاقه وأطاع بعد معصيته كما كان أفضل أولياء الله من هذه الأمة وهم السابقون الأولون يبين صحة هذا
الأصل . والإنسان ينتقل من نقص إلى كمال فلا ينظر إلى نقص البداية ولكن ينظر إلى كمال النهاية فلا يعاب الإنسان بكونه كان نطفة ثم صار علقة ثم صار مضغة إذا كان الله
بعد ذلك خلقه في أحسن تقويم ومن نظر إلى ما كان فهو من جنس إبليس الذي قال أنا خير منه خلقني من نار وخلقته من طين سورة ص 76 وقد قال تعالى إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين سورة ص 71 72 فأمرهم بالسجود له إكراما لما شرفه الله بنفخ الروح فيه وإن كان مخلوقا من طين والملائكة مخلوقون من نور وإبليس مخلوق من نار كما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه و سلم قال خلق الله الملائكة من نور وخلق إبليس من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم
وكذلك التوبة بعد السيئات قال تعالى إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين سورة البقرة 222 وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه و سلم من غير وجه أنه قال لله أشد فرحا بتوبة عبده من رجل أضل راحلته بأرض دوية مهلكة عليها طعامه وشرابه فقال تحت شجرة ينتظر الموت فلما استيقظ إذا بدابته عليها طعامه وشرابه فكيف تجدون فرحه بها قالوا عظيما يا رسول الله قال لله أشد فرحا بتوبة عبده من هذا براحلته
"
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص429،430
 
:"وإذا ابتلى(يقصد الله) العبد بالذنب وقد علم (يقصد الله) أنه سيتوب منه ويتجنبه ففي ذلك من حكمة الله ورحمته بعبده أن ذلك يزيده عبودية وتواضعا وخشوعا وذلا ورغبة في كثرة الأعمال الصالحة ونفرة قوية عن السيئات فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين
وذلك أيضا يدفع عنه العجب والخيلاء ونحو ذلك مما يعرض للإنسان وهو أيضا يوجب الرحمة لخلق الله ورجاء التوبة والرحمة لهم إذا أذنبوا وترغيبهم في التوبة
وهو أيضا يبين من فضل الله وإحسانه وكرمه ما لا يحصل بدون ذلك كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر لهم وهو أيضا يبين قوة حاجة العبد إلى الإستعانة بالله والتوكل عليه واللجأ إليه في أن يستعمله في طاعته ويجنبه معصيته وأنه لا يملك ذلك إلا بفضل الله عليه وإعانته له فإن من ذاق مرارة الإبتلاء وعجزه عن دفعه إلا بفضل الله ورحمته كان شهود قلبه وفقره إلى ربه واحتياجه إليه في أن يعينه على طاعته ويجنبه معصيته أعظم ممن لم يكن كذلك ولهذا قال بعضهم كان داود صلى الله عليه و سلم بعد التوبة خيرا منه قبل الخطيئة وقال بعضهم لو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه
ولهذا تجد التائب الصادق أثبت على الطاعة وأرغب فيها وأشد حذرا من الذنب من كثير من الذين لم يبتلوا بذنب كما في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد فإنه لما قتل رجلا بعد أن قال لا إله إلا الله فقال النبي صلى الله عليه و سلم أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله أثر هذا فيه حتى كان يمتنع أن يقتل أحدا يقول لا إله إلا الله وكان هذا مما أوجب امتناعه من القتال في الفتنة
وقد تكون التوبة موجبة له من الحسنات ما لا يحصل لمن يكن مثله تائبا من الذنب كما في الصحيحين من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه وهو أحد الثلاثة الذين أنزل الله فيهم لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاذ يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم ليتوبوا إنه بهم رءوف رحيم سورة التوبة 117 ثم قال وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا صاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم سورة التوبة 118
وإذا ذكر حديث كعب في قضية تبين أن الله رفع درجته بالتوبة ولهذا قال فوالله ما أعلم أحدا ابتلاه الله بصدق الحديث أعظم مما ابتلاني
وكذلك قال بعض من كان من أشد الناس عدواة لرسول الله صلى الله عليه و سلم كسهيل بن عمرو والحارث بن هشام وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي كان من أشد الكفار هجاء وإيذاء للنبي صلى الله عليه و سلم فلما تاب وأسلم كان من أحسن الناس إسلاما وأشدهم حياء وتعظيما للنبي صلى الله عليه و سلم وكذلك الحارث بن هشام قال الحارث ما نطقت بخطيئة منذ أسلمت ومثل هذا كثير في أخبار التوابين فمن يجعل التائب الذي اجتباها الله وهداه منقوصا بما كان من الذنب الذي تاب منه وقد صار بعد التوبة خيرا مما كان قبل التوبة فهو جاهل بدين الله تعالى وما بعث الله به رسوله وإذا لم يكن في ذلك نفص مع وجود ما ذكر فجميع ما يذكرونه هو مبنى على أن ذلك نقص وهو نقص إذا لم يتب منه أو هو نقص عمن ساواه إذا لم يصر بعد التوبة مثله فأما إذا تاب توبة محت أثره بالكلية وبدلت سيئاته حسنات فلا نقص فيه بالنسبة إلى حاله وإذا صار بعد التوبة أفضل ممن يساويه أو مثله لم يكن ناقصا عنه
ولسنا نقول إن كل من أذنب وتاب فهو أفضل ممن لم يذنب ذلك الذنب بل هذا يختلف باختلاف أحوال الناس فمن الناس من يكون بعد التوبة أفضل ومنهم من يعود إلى ما كان ومنهم من لا يعود إلى مثل حاله والأصناف الثلاثة فيهم من هو أفضل ممن لم يذنب ويتب وفيهم من هو مثله وفيهم من هو دونه
وهذا الباب فيه مسائل كثيرة ليس هذا موضع تفصيلها ولبسطها موضع آخر
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص431-434
 
عن الشيعة
:"وهم قصدوا تعظيم الأنبياء بجهل كما قصدت النصارى تعظيم المسيح وأحبارهم ورهبانهم بجهل فأشركوا بهم واتخذوهم أربابا من دون الله وأعرضوا عن اتباعهم فيما أمروهم به ونهوهم عنه
وكذلك الغلاة في العصمة يعرضون عما أمروا به من طاعة أمرهم والإقتداء بأفعالهم إلى ما نهوا عنه من الغلو والإشراك بهم فيتخذونهم أربابا من دون الله يستغيثون بهم في مغيبهم وبعد مماتهم وعند قبورهم ويدخلون فيما حرمه الله تعالى ورسوله من العبادات الشركية التي ضاهوا بها النصارى
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال عند موته لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوه قالت عائشة رضي الله عنها ولولا ذلك لأبرز قبره ...
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص435
 
:"الشياطين تضل أهلها كما تضل عباد الأصنام فتارة تكلمهم وتارة تتراءى لهم وتارة تقضى بعض حوائجهم وتارة تصيح وتحرك السلاسل التي فيها القناديل وتطفئ القناديل وتارة تفعل أمورا أخر كما تفعل عبادة الأوثان التي كانت للعرب وهي اليوم تفعل مثل ذلك في أوثان الترك والصين والسودان وغيرهم فيظنون أن ذلك هو الميت أو ملك صور على صورته وإنما هو شيطان أضلهم بالشرك كما يجرى ذلك لعباد الأصنام المصورة على صورة الآدميين وهذا باب واسع ليس هذا موضع استقصائه
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص451
 
ابن تيمية لايكفر عوام الشيعة ولا أنا
قال
:"وأما قوله
وأن الأئمة معصومون كالأنبياء في ذلك
فهذه خاصة الرافضة الإمامية التي لم يشركهم فيها أحد لا الزيدية الشيعة ولا سائر طوائف المسلمين إلا من هو شر منهم كالإسماعيلية الذين يقولون بعصمة بني عبيد المنتسبين إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر القائلين بأن الإمامة بعد جعفر في محمد بن إسماعيل دون موسى بن جعفر وأولئك ملاحدة منافقون
والإمامية الاثنا عشرية خير منهم بكثير فإن الإمامية مع فرط جهلهم وضلالهم فيهم خلق مسلمون باطنا وظاهرا ليسوا زنادقة منافقين لكنهم جهلوا وضلوا واتبعوا أهواءهم وأما أولئك فأئمتهم الكبار العارفون بحقيقة دعوتهم الباطنية زنادقة منافقون وأما عوامهم الذين لم يعرفوا باطن أمرهم فقد يكونون مسلمين"
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص452،453
 
ولم يتعمد أحد الكذب على النبي صلى الله عليه و سلم إلا هتك الله ستره وكشف أمره ولهذا كان يقال لو هم رجل بالسحر أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصبح والناس يقولون فلان كذابمنهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص458
 
كما يوجد في كل عصر كثير من غير بني هاشم أعلم بالسنة من أكثر بني هاشم فالزهري أعلم بأحاديث النبي صلى الله عليه و سلم وأحواله وأقواله وأفعاله باتفاق أهل العلم من أبي جعفر محمد بن علي وكان معاصرا له
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص460
 
تشهد الآثار بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان أعظم فتوحا وجهادا بالمؤمنين وأقدر على قمع الكفار والمنافقين من غيره مثل عثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص462





 
الرجل الغريب إذا دخل بلدا نصف أهله كذابون خوانون فإنه يحترس منهم حتى يعرف الصدوق الثقة وبمنزلة الدراهم التي كثر فيها الغش فإنه يحترس عن المعاملة بها من لا يكون نقادا ولهذا كره لمن لا يكون له نقد وتمييز النظر في الكتب التي يكثر فيها الكذب في الرواية والضلال في الآراء ككتب أهل البدع وكره تلقى العلم من القصاص وأمثالهم الذين يكثر الكذب في كلامهم وإن كانوا يقولون صدقا كثيرا فالرافضة أكذب من كل طائفة باتفاق أهل المعرفة بأحوال الرجال
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص468
 
ومن المعلوم أن علي بن الحسين وأبا جعفر محمد بن علي وابنه جعفر بن محمد كانوا هم العلماء الفضلاء وأن من بعدهم من الإثنى عشر لم يعرف عنه من العلم ما عرف من هؤلاء ومع هذا فكانوا يتعلمون من علماء زمانهم ويرجعون إليهم
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص473
 
نص مهم
هو نص مهم في الرد على العلمانيين الذين ينسبون للأمة كلها مالم تنتسب اليه وإن قاله بعض الناس
"وأما غالية الشاميين أتباع بني أمية فكانوا يقولون إن الله إذا استخلف خليفة تقبل منه الحسنات وتجاوز له عن السيئات وربما قالوا إنه لا يحاسبه ولهذا سأل الوليد بن عبدالملك عن ذلك بعض العلماء فقالوا له يا أمير المؤمنين أنت أكرم على الله أم داود وقد قال له يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب سورة ص 26
وكذلك سؤال سليمان بن عبدالملك عن ذلك لأبي حازم المدني في موعظته المشهورة له فذكر له هذه الآية ومع خطأ هؤلاء وضلالهم فكانوا يقولون ذلك في طاعة إمام منصوب قد أوجب الله طاعته في موارد الإجتهاد كما يجب طاعة والي الحرب وقاضي الحكم لا يجعلون أقواله شرعا عاما يجب على كل أحد ولا يجعلونه معصوما من الخطأ ولا يقولون إنه يعرف جميع الدين لكن غلط من غلط منهم من جهتين من جهة أنهم كانوا يطيعون الولاة طاعة مطلقة ويقولون إن الله أمرنا بطاعتهم الثانية قول من قال منهم إن الله إذا استخلف خليفة تقبل منه الحسنات وتجاوز له عن السيئات وأين خطأ هؤلاء من ضلال الرافضة القائلين بعصمة الأئمة
ثم قد تبين مع ذلك أن ما نفردوا به عن جمهور أهل السنة كله خطأ وما كان معهم من صواب فهو قول جمهور أهل السنة أو بعضهم ونحن لسنا نقول إن جميع طوائف أهل السنة مصيبون بل فيهم المصيب والمخطئ لكن صواب كل طائفة منهم أكثر من صواب الشيعة وخطأ الشيعة أكثر
وأما ما انفردت به الشيعة عن جميع طوائف السنة فكله خطأ وليس معهم صواب إلا وقد قاله بعض أهل السنة
فهذا القدر في هذا المقام يبطل به ما ادعاه من رجحان قول الإمامية فإنه بهذا القدر يتبين أن مذهب أهل السنة أرجح ولكل مقام مقال
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص477-479
 
ابن تيمية يدافع عن الاشعرية!!!
:"ثم قال هذا الإمامي
أما باقي المسلمين فقد ذهبوا كل مذهب فقال بعضهم وهم جماعة الأشاعرة إن القدماء كثيرون مع الله تعالى هي المعاني يثبتونها موجودة في الخارج كالقدرة والعلم وغير ذلك فجعلوه تعالى مفتقرا في كونه عالما إلى ثبوت معنى هو العلم وفي كونه قادرا إلى ثبوت معنى هو القدرة وغير ذلك ولم يجعلوه قادرا لذاته ولا عالما لذاته ولا حيا لذاته بل لمعان قديمة يفتقر في هذه الصفات إليها فجعلوه محتاجا ناقصا في ذاته كاملا بغيره تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ولا يقولون هذه الصفات ذاتية واعترض شيخهم فخر الدين الرازي عليهم بأن قال إن النصارى كفروا بأن قالوا القدماء ثلاثة والأشاعرة أثبتوا قدماء تسعة
فيقال
الكلام على هذا من وجوه
أحدها أن هذا كذب على الأشعرية ليس فيهم من يقول إن الله ناقص بذاته كامل بغيره ولا قال الرازي ما ذكرته من الإعتراض عليهم بل هذا الإعتراض ذكره الرازي عمن اعترض به واستهجن الرازي ذكره
وهو اعتراض قديم من اعتراضات نفاة الصفات حتى ذكره الإمام أحمد في الرد على الجهمية فقال قالت الجهمية لما وصفنا الله بهذه الصفات إن زعمتم أن الله لم يزل ونوره والله وقدرته والله وعظمته فقد قلتم بقول النصارى حين زعمتم أن الله لم يزل ونوره ولم يزل وقدرته
قلنا لا نقول إن الله لم يزل وقدرته ولم يزل ونوره ولكن نقول لم يزل الله بقدرته ونوره لا متى قدر ولا كيف قدر
فقالوا لا تكونون موحدين أبدا حتى تقولوا كان الله ولا شيء
فقلنا نحن نقول قد كان ولا شيء ولكن إذا قلنا إن الله لم يزل بصفاته كلها أليس إنما نصف إلها واحدا بجميع صفاته
وضربنا لهم في ذلك مثلا فقلنا أخبرونا عن هذه النخلة أليس لها جذع وكرب وليف وسعف وخوص وجمارا واسمها اسم واحد وسميت نخلة بجميع صفاتها فكذلك الله وله المثل الأعلى بجميع صفاته إله واحد لانقول إنه كان في وقت من الأوقات ولا
يقدر حتى خلق قدرة والذي ليس له قدرة هو عاجز ولا نقول قد كان في وقت من الأوقات ولا يعلم حتى خلق لنفسه علما والذي لا يعلم هو جاهل ولكن نقول لم يزل الله عالما قادرا مالكا لا متى ولا كيف وقد سمى الله رجلا كافرا اسمه الوليد بن المغيرة المخزومي فقال ذرني ومن خلقت وحيدا سورة المدثر 11 وقد كان هذا الذي سماه وحيدا له عينان وأذنان ولسان وشفتان ويدان ورجلان وجوارح كثيرة فقد سماه الله وحيدا بجميع صفاته فكذلك الله وله المثل الأعلى هو بجميع صفاته إله واحد
وهذا الذي ذكره الإمام أحمد يتضمن أسرار هذه المسائل ...الثاني أن يقال هذا القول المذكور ليس هو قول الأشعري ولا جمهور موافقيه إنما هو قول مثبتى الحال منهم الذين يقولون إن العالمية حال معللة بالعلم فيجعلون العلم يوجبه حال آخر ليس هو العلم بل هو كونه عالما وهذا قول القاضي أبي بكر بن الطيب والقاضي أبي يعلى وأول قول أبي المعالي
وأما جمهور مثبتة الصفات فيقولون إن العلم هو كونه عالما ويقولون لا يكون عالما إلا بعلم ولا قادرا إلا بقدرة أي يمتنع أن يكون عالما من لا علم له وأن يكون قادرا من لا قدرة له وأن يكون حيا من لا حياة له وعندهم علمه هو كونه عالما وقدرته هو كونه قادرا وحياته هو كونه حيا وهذا في الحقيقة قول أبي الحسين البصري وغيره من حذاق المعتزلة
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص382-486
 
:"بل إذا قال القائل آمنت بالله أو دعوت الله كانت صفاته داخلة في مسمى اسمه
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص496
 
لله در شيخ الإسلام ما أحلى العدل والتوثيق المفتقد في أيامنا هذه مثل مازعمه أبو بصير الطرطوسي السوري من ادلة تكفيره للشيخ القرضاوي بأمور أغلبها كذب وبعضها لايكفر
:"ومما افترته الجهمية على المثبتة أن ابن كلاب لما كان من المثبتين للصفات وصنف الكتب في الرد على النفاة وضعوا على أخته حكاية أنها كانت نصرانية وأنه لما أسلم هجرته فقال لها يا أختي إني أريد أن أفسد دين المسلمين فرضيت عنه لذلك
ومقصود المفترى بهذه الحكاية أن يجعل قوله بإثبات الصفات هو قول النصارى وأخذ هذه الحكاية بعض السالمية و بعض أهل الحديث والسنة يذم بها ابن كلاب لما أحدثه من القول في مسألة القرآن ولم يعلم أن الذين عابوه بها هم أبعد عن الحق في مسألة القرآن وغيرها منه وأنهم عابوه بما تمدح أنت قائله وعيب ابن كلاب عندك كونه لم يكمل القول به بل بقيت عليه بقية من كلامهم
وهذا نظير ما عمله ابن عقيل في مسألة القرآن فإنه أخذ كلام المعتزلة الذي طعنوا به على الأشعرية في كونهم يقولون هذا القرآن ليس كلام الله بل عبارة عنه فطعن به هو على الأشعرية ومقصود المعتزلة بذلك إثبات أن القرآن مخلوق والأشعرية خير منهم في نفى الخلق عن القرآن ولكن عيبهم في تقصيرهم في إكمال السنة
وكذلك بعض أهل الحديث السالمية المصنفين في مثالب ابن كلاب والأشعري وابن كرام ذكروا حكايات بعضها كذب قطعا وهي مما وضعته المعتزلة أعداء هؤلاء عليهم لكونهم يثبتون الصفات والقدر فجاء هؤلاء فذكروا تلك الحكايات ومقصودهم التنفير عما اعتقدوا في أقوالهم من الخطاء وتلك الحكايات وضعها من هو أبعد عن السنة منهم وكذلك السالمية أتباع الشيخ أبي الحسن بن سالم هم في غالب أصولهم على قول أهل السنة والجماعة لكن لما وقع في بعض أقوالهم من الخطاء زاد في الرد عليهم من صنف في الرد عليهم حتى رد عليهم قطعة مما قالوه من الحق
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص498،499
 
فالملاحدة علم على الإسماعيلية والغالية علم على القائلين بالإلهية في البشر كالنصيرية والمشهور بالغلو وادعاء الإلهية في البشر هم النصارى والغالية من الشيعة وقد يوجد بعض الإلحاد والغلو في غيرهم من النساك وغيرهم لكن الذي فيهم أكثر وأقبح
وإذا كان الأمر كذلك كان الذي يطعن على أهل السنة والجماعة بأن فيهم تجسيما وحلولا ويثنى على طائفة الإمامية إما من أجهل الناس بمقالات شيعته وإما من أعظم الناس ظلما وعدوانا وعدولا عن العدل والإنصاف في المقابلة والموازنة
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص513،514
 
ومن أراد أن ينقل مقالة عن طائفة فليسم القائل والناقل وإلا فكل أحد يقدر على الكذب
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص518
 
فإن السفسطة ثلاثة أنواع نوع هو جحد الحقائق والعلم بها
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص525
 
كلام عن بعض مواضع نزول الملائكة
:"
والملائكة تنزل إلى الأرض ثم تصعد إلى السماء كما تواترت بذلك النصوص وقد أنزلها الله يوم بدر ويوم حنين ويوم الخندق لنصر رسوله والمؤمنين كما قال تعالى إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أنى ممدكم بألف من الملائكة مردفين سورة الأنفال 9 وقال ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها سورة التوبة 26 وقال فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا ا لم تروها سورة الأحزاب 9 وقال أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون سورة الزخرف 80 وقال حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون سورة الأنعام 61...
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص536
 
العلماني اليوم يحاول أن ينقل الوحي إلى صناعة المخيلة!
يقول ابن تيمية عن بعض من حاول في الماضي أن يحرف الحقائق:"
وهؤلاء يقولون إن جبريل هو العقل الفعال أو هو ما يتخيل في نفس النبي صلى الله عليه و سلم من الصور الخيالية وكلام الله ما يوجد في نفسه كما يوجد في نفس النائم وهذا مما يعلم كل من له علم بما جاء به الرسول أنه من أعظم الأمور تكذيبا للرسول ويعلم أن هؤلاء أبعد عن متابعة رسول الله صلى الله عليه و سلم من كفار اليهود والنصارى
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص537،538
 
مهم
تحديد المصطلحات أولاً أو السؤال عن المعنى عند الخصم مع تتبع مفهومه عنده فربما هو يتلاعب في الحوار وله معنى مستتر ، فمعرفة كل أقواله وأحواله من الأهمية بمكان، خصوصا في عصرنا، حيث العلمانيين كثر ومتسترون ويلاعبون بالمعاني
وإذا اتفق شخصان على معنى وتنازعا هل يدل ذلك اللفظ عليه أم لا
:"فالواجب أن ينظر في هذا الباب فما أثبته الله ورسوله أثبتناه وما نفاه الله ورسوله نفيناه والألفاظ التي ورد بها النص يعتصم بها في الإثبات والنفى فنثبت ما أثبتته النصوص من الألفاظ والمعاني وننفى ما نفته النصوص من الألفاظ والمعاني وأما الألفاظ التي تنازع فيها من ابتدعها من المتأخرين مثل لفظ الجسم والجوهر والمتحيز والجهة ونحو ذلك فلا تطلق نفيا ولا إثباتا حتى ينظر في مقصود قائلها فإن كان قد أراد بالنفى والإثبات معنى صحيحا موافقا لما أخبر به الرسول صوب المعنى الذي قصده بلفظه ولكن ينبغي أن يعبر عنه بألفاظ النصوص لا يعدل إلى هذه الألفاظ المبتدعة المجملة إلا عند الحاجة مع قرائن تبين المراد بها والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها وأما إن أريد بها معنى باطل نفى ذلك المعنى وإن جمع بين حق وباطل أثبت الحق وأبطل الباطل
وإذا اتفق شخصان على معنى وتنازعا هل يدل ذلك اللفظ عليه أم لا عبر عنه بعبارة يتفقان على المراد بها وكان أقربهما إلى الصواب من وافق اللغة المعروفة كتنازعهم في لفظ المركب هل يدخل فيه الموصوف بصفات تقوم به وفي لفظ الجسم هل مدلوله في اللغة المركب أو الجسد أو نحو ذلك
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص554،555
 
إمكانية إستعمال الألفاظ المبتدعة عند الحاجة في الحوار أو المناظرة أو الجدال مع قرائن تبين المراد منها اذا كان الخصم يستعملها وتحتها معان حق ومعان باطلة ولاتريد ان تنفي الباطل الا باظهار الحق الذي عند الخصم اولا او بالاحرى فانك ان نفيت الحق الذي عنده سيظن انك لاتؤمن به وانه ليس من دينك!!
:"لا يعدل إلى هذه الألفاظ المبتدعة المجملة إلا عند الحاجة مع قرائن تبين المراد بها والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها وأما إن أريد بها معنى باطل نفى ذلك المعنى"
وإن جمع بين حق وباطل أثبت الحق وأبطل الباطل
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ،555
 
النص التالي في المنشور التالي يبين مدى إنصاف ابن تيمية حتى مع الملاحدة العرب لكن الذين اشتغلوا على العلم الاسلامي في الطبيعة والكون والانسان في زمن عز حضارتنا، فهو يبين أنهم اهتموا بما كان موجودا في حضارتنا وهذا لاينكر منهم، بل يمدحون به، على الرغم مما كانوا عليه في بعض المعتقدات
وهو نص نافع جدا في الإجابة على سؤال لماذا الدفاع عن ابن سينا من ناحية علمه بالطب وكذلك حذقه فيه وحذق ابن رشد والرازي وغيرهم
فإبن تيمية يحاول في النص أن يزيح أولا الأخطاء التي قيلت عن المخالفين له، ويقولو هم أعقل من أن يقولوا ذلك، فهو يعرف عقل مخالفة، ولايجره المخالفة لهم لقبول أي قول عنهم، فالتثبت في عباد الله من الدين، وأيضاً حتى تكون حجة الحوار لاخيال باطل عن الخصم فيها، هذا لو كان خصما أصلاً
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
:"وقد حكى عن طائفة من النظار كعبدالرحمن بن كيسان الأصم وغيره أنهم أنكروا وجود الأعراض في الخارج حتى أنكروا وجود الحركة والأشبه والله أعلم أنه لم ينقل قولهم على وجهه فإن هؤلاء أعقل من أن يقولوا ذلك وعبدالرحمن الأصم وإن كان معتزليا فإنه من فضلاء الناس وعلمائهم وله تفسير ومن تلاميذه إبراهيم بن إسماعيل بن علية ولإبراهيم مناظرات في الفقه وأصوله مع الشافعي وغيره
وفي الجملة فهؤلاء من أذكياء الناس وأحدهم أذهانا وإذا ضلوا في مسألة لم يلزم أن يضلوا في الأمورالظاهرة التي لا تخفى على الصبيان
وهذا كما أن الأطباء وأهل الهندسة من أذكياء الناس ولهم علوم صحيحة طبية وحسابية وإن كان ضل منهم طوائف في الأمور الإلهية فذلك لا يستلزم أن يضلوا في الأمور الواضحة في الطب والحساب
فمن حكى عن مثل أرسطو أو جالينوس أو غيرهما قولا في الطبيعيات ظاهر البطلان علم أنه غلط في النقل عليه وإن لم يكن تعمد الكذب عليه
بل محمد بن زكريا الرازي مع إلحاده في الإلهيات والنبوات ونصرته لقول ديمقراطيس والحرنانيين القائلين بالقدماء الخمسة مع أنه من أضعف أقوال العالم وفيه من التناقض والفساد ما هو مذكور في موضع آخر كشرح الأصبهانية والكلام على معجزات الأنبياء والرد على من قال إنها قوى نفسانية المسماة بالصفدية وغير ذلك فالرجل من أعلم الناس بالطب حتى قيل له جالينوس الإسلام فمن ذكر عنه في الطب قولا يظهر فساده لمبتدئ الأطباء كان غالطا عليه وكذلك عبدالرحمن بن كيسان وأمثاله لا ينكر أن يكون للثمرة طعما ولونا وريحا وهذا من المراد بالأعراض في اصطلاح النظار فكيف يقال إنهم أنكروا الأعراض
بل إذا قالوا إن الأعراض ليست صفات زائدة على الجسم بمعنى أن الجسم اسم للذات التي قامت بها الأعراض فالعرض داخل في مسمى الجسم وهذا مما يمكن أن يقوله هؤلاء وأمثالهم
ثم رأيت أبا الحسين البصري وهو أحذق متأخري المعتزلة قد ذكر في تصفيح الأدلة والأجوبة هذا المعنى وذكر أن مرادهم هو هذا المعنى وذكر من كلامهم ما يبين ذلك فاختار هو هذا وأثبت الأحوال التي يسميها غيره أعراضا زائدة وعاد جمهور النزاع إلى أمور لفظية
وإذا كان كذلك فمن المعلوم أنا نحن نميز بين الطعم واللون والريح بحواسنا فنجد الطعم بالفم ونرى اللون بالعين ونشم الرائحة بالأنف كما نسمع الصوت بالأذن فهنا الآلات التي تحس بها هذه الأعراض مختلفة فينا يظهر اختلافها في أنفسها لاختلاف الآلات التي تدركها بخلاف ما يقوم بأنفسنا من علم وإرادة وحب فإنا لا نميز بين هذا وهذا بحواس مختلفة وإن كان أدلة العلم بذلك مختلفة فالأدلة قد تكون أمورا منفصلة عن المستدل
فهذا مما يقع به الفرق بين الصفات المدركة بالحس والصفات المعلومة بالعقل وإلا فمعلوم أن اتصاف الأترجة والتفاحة بصفاتها المتنوعة هو أمر ثابت في نفسه سواء وجدنا ذلك أو لم نجده ومعلوم أن طعمها نفسه ليس هو لونها ولونها ليس هو ريحها وهذا كلها صفات قائمة بها متنوعة بحقائقها وإن كان محلها الموصوف بها واحدا
ثم الصفات نوعان نوع لا يشترط فيه الحياة كالطعم واللون والريح ونوع يشترط فيه الحياة كالعلم والإرادة والسمع والبصر
فأما الأول فحكمه لا يتعدى محله فلا يتصف باللون والريح والطعم إلا ما قام به ذلك
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج2 ص570-574
 
قال ابن تيمية رحمه الله
:"وإذا قدر أن في الحنبلية أو غيرهم من طوائف أهل السنة من قال أقوالا باطلة لم يبطل مذهب أهل السنة والجماعة ببطلان ذلك بل يرد على من قال ذلك الباطل وتنصر السنة بالدلائل"
منهاج السنة النبوية ج2 ص607
 
:"وأهل السنة والجماعة لا يمكن أن يعمهم معنى مذموم في الكتاب والسنة بحال كما يعم الرافضة نعم يوجد في بعضهم ما هو مذموم ولكن هذا لا يلزم منه ذمهم كما أن المسلمين إذا كان فيهم من هو مذموم لذنب ركبه لم يستلزم ذلك ذم الإسلام وأهله القائمين بواجباته"
منهاج السنة النبوية ج2 ص609
 
:"...وإن تكلم بلفظ لم يرد عن الشارع للحاجة إلى إفهام المخاطب بلغته مع ظهور المعنى الصحيح لم يكن بذلك بأس فإنه يجوز ترجمة القرآن والحديث للحاجة إلى الإفهام وكثير ممن قد تعود عبارة معينة إن لم يخاطب بها لم يفهم ولم يظهر له صحة القول وفساده وربما نسب المخاطب إلى أنه لا يفهم ما يقول
وأكثر الخائضين في الكلام والفلسفة من هذا الضرب ترى أحدهم يذكر له المعاني الصحيحة بالنصوص الشرعية فلا يقبلونها لظنهم أن في عبارتهم من المعاني ما ليس في تلك فإذا أخذ المعنى الذي دل عليه الشرع وصيغ بلغتهم وبين به بطلان قولهم المناقض للمعنى الشرعي خضعوا لذلك وأذعنوا له كالتركي والبربري والرومي والفارسي الذي يخاطبه بالقرآن العربي ويفسره فلا يفهمه حتى يترجم له شيئا بلغته فيعظم سروره وفرحه ويقبل الحق ويرجع عن باطله لأن المعاني التي جاء بها الرسول أكمل المعاني وأحسنها وأصحها لكن هذا يحتاج إلى كمال المعرفة لهذا ولهذا كالترجمان الذي يريد أن يكون حاذقا في فهم اللغتين
منهاج السنة النبوية ج2 ص612
 
ولأن آدم عليه السلام كان قد تاب من الذنب والتائب من الذنب كمن لا ذنب له
منهاج السنة النبوية ج3 ص25
 
وإذا كان الفرق بين الفاعل المختار وبين غيره مستقرا في بدائه العقول حصل المقصود وكذلك إذا كان مستقرا في بدائه العقول أن الأفعال الاختيارية تكسب نفس الإنسان صفات محمودة وصفات مذمومة بخلاف لونه وطوله وعرضه فإنها لا تكسبه ذلك
فالعلم النافع والعمل الصالح والصلاة الحسنة وصدق الحديث وإخلاص العمل لله وأمثال ذلك تورث القلب صفات محمودة كما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال إن للحسنة لنورا في القلب وضياء في الوجه وسعة في الرزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الخلق وإن للسيئة لسوادا في الوجه وظلمة في القلب ووهنا في البدن ونقصا في الرزق وبغضا في قلوب الخلق ففعل الحسنة له آثار محمودة موجودة في النفس وفي الخارج وكذلك فعل السيئات والله تعالى جعل الحسنات سببا لهذا والسيئات سببا لهذا كما جعل أكل السم سببا للمرض والموت وأسباب الشر لها أسباب تدفع بمقتضاها فالتوبة والأعمال الصالحة تمحى بها السيئات والمصائب في الدنيا تكفر بها السيئات كما أن السم تارة يدفع موجبه بالدواء وتارة يورث مرضا يسيرا ثم تحصل العافية
منهاج السنة النبوية ج3 ص28
 
والمريض قد يستطيع القيام مع زيادة مرضه وتأخر برئه فهذا في الشرع غير مستطيع لأجل حصول الضرر عليه وإن كان يسميه بعض الناس مستطيعا
فالشارع لا ينظر في الاستطاعة الشرعية إلى مجرد إمكان الفعل بل ينظر إلى لوازم ذلك فإذا كان الفعل ممكنا مع المفسدة الراجحة لم تكن هذه استطاعة شرعية كالذي يقدر أن يحج مع ضرر يلحقه في بدنه أو ماله أو يصلي قائما مع زيادة مرضه أو يصوم الشهرين مع انقطاعه عن معيشته ونحو ذلك فإن كان الشارع قد اعتبر في المكنة عدم المفسدة الراجحة فكيف يكلف مع العجز
ولكن هذه الاستطاعة مع بقائها إلى حين الفعل لا تكفي في وجود الفعل ولو كانت كافية لكان التارك كالفاعل بل لا بد من إحداث إعانة أخرى تقارن هذه مثل جعل الفاعل مريدا فإن الفعل لا يتم إلا بقدرة وإرادة
والاستطاعة المقارنة للفعل تدخل فيها الإرادة الجازمة بخلاف المشروطة في التكليف فإنه لا يشترط فيها الإرادة والله تعالى يأمر بالفعل من لا يريده لكن لا يأمر به من لو أراده لعجز عنه
وهذا الفرقان هو فصل الخطاب في هذا الباب وهكذا أمر الناس بعضهم لبعض فإن الإنسان يأمر عبده بما لا يريده العبد لكن لا يأمره بما يعجز عنه العبد وإذا اجتمعت الإرادة الجازمة والقوة التامة لزم وجود الفعل ولا بد أن يكون هذا المستلزم للفعل مقارنا له لا يكفي تقدمه عليه إن لم يقارنه فإنه العلة التامة للفعل والعلة التامة تقارن المعلول لا تتقدمه ولأن القدرة شرط في وجود الفعل وكون الفاعل قادرا والشرط في وجود الشيء الذي به القادر يكون قادرا لا يكون الشيء مع عدمه بل مع وجوده وإلا فيكون الفاعل فاعلا حين لا يكون قادرا أو غير القادر لا يكون قادرا
منهاج السنة النبوية ج3 ص49،50
 
"قال المشركون لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء سورة الأنعام 148 قال الله تعالى قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين سورة الأنعام فإن هؤلاء المشركين يعلمون بفطرتهم وعقولهم أن هذه الحجة داحضة باطلة
فإن أحدهم لو ظلم الآخر في ماله أو فجر بامرأته أو قتل ولده أو كان مصرا على الظلم فنهاه الناس عن ذلك فقال لو شاء الله لم أفعل هذا لم يقبلوا منه هذه الحجة ولا هو يقبلها من غيره وإنما يحتج بها المحتج دفعا للوم بلا وجه فقال الله لهم هل عندكم من علم فتخرجوه لنا بأن هذا الشرك والتحريم من أمر الله وأنه مصلحة ينبغي فعله إن تتبعون إلا الظن فإنه لا علم عندكم بذلك إن تظنون ذلك إلا ظنا وإن أنتم إلا تخرصون تحرزون وتفترون فعمدتكم في نفس الأمر ظنكم وخرصكم ليس عمدتكم في نفس الأمر كون الله شاء ذلك وقدره فإن مجرد المشيئة والقدر لا يكون عمدة لأحد في الفعل ولا حجة لأحد على أحد ولا
عذرا لأحد إذ الناس كلهم مشتركون في القدر فلو كان هذا حجة وعمدة لم يحصل فرق بين العادل والظالم والصادق والكاذب والعالم والجاهل والبر والفاجر ولم يكن فرق بين ما يصلح الناس من الأعمال وما يفسدهم وما ينفعهم وما يضرهم
منهاج السنة النبوية ج3 ص56،57
 
فإن الإنسان حي حساس متحرك بالإرادة
ولهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم أصدق الأسماء الحارث وهمام فالحارث الكاسب العامل والهمام الكثير الهم والهم مبدأ الإرادة والقصد فكل إنسان حارث همام وهو المتحرك بالإرادة وذلك لا يكون إلا بعد الحس والشعور فإن الإرادة مسبوقة بالشعور بالمراد فلا يتصور إرادة ولا حب ولا شوق ولا اختيار ولا طلب إلا بعد الشعور وما هو من جنسه كالحس والعلم والسمع والبصر والشم والذوق واللمس ونحو هذه الأمور فهذا الإدراك والشعور هو مقدمة الإرادة والحب والطلب والحي مفطور على حب ما يلائمه وينفعه وبغض ما يكرهه ويضره فإذا تصور الشيء الملائم النافع أراده وأحبه وإذا تصور الشيء الضار أبغضه ونفر عنه لكن ذلك التصور قد يكون علما وقد يكون ظنا وخرصا فإذا كان عالما بأن مراده هو النافع وهو المصلحة وهو الذي يلائمه كان على الهدى والحق وإذا لم يكن معه علم بذلك كان متبعا للظن وما تهوى نفسه فإذا جاءه العلم والبيان بأن هذا ليس مصلحة أخذ يحتج بالقدر حجة لدد وتعريج عن الحق لا حجة اعتماد على الحق والعلم فلا يحتج أحد في باطنه أو ظاهره بالقدر إلا لعدم العلم بأن ما هو عليه هو الحق
منهاج السنة النبوية ج3 ص63،64
 
"وأما الحق فعلينا أن نقبله من كل قائل وليس لأحد أن يرد بدعة ببدعة ولا يقابل باطلا بباطل"
منهاج السنة النبوية ج3 ص77
 
كما أن الروافض شر من الخوارج في الاعتقاد ولكن الخوارج أجرأ على السيف والقتال منهم
منهاج السنة النبوية ج3 ص83
 
ولما كان الجدل ينقسم إلى حق وباطل والكلام ينقسم إلى حق وباطل وكان من لغة العرب أن الجنس إذا انقسم إلى نوعين أحدهما أشرف من الآخر خصوا الأشرف باسمه الخاص وعبروا عن الآخر بالاسم العام كما في لفظ الجائز العام والخاص والمباح العام والخاص وذوي الأرحام العام والخاص ولفظ الحيوان العام والخاص فيطلقون لفظ الحيوان على غير الناطق لاختصاص الناطق باسم الإنسان
وعملوا في لفظ الكلام والجدل كذلك فيقولون فلان صاحب كلام ومتكلم إذا كان قد يتكلم بلا علم ولهذا ذم السلف أهل الكلام وكذلك الجدل إذا لم يكن الكلام بحجة صحيحة لم يك إلا جدلا محضا
منهاج السنة النبوية ج3 ص85
 
عقل خديجة رضي الله عنها" كما إذا علمت حكمته ورحمته وعدله علم أن ذلك يستلزم إكرام من هو متصف بالصفات المناسبة لذلك كما قالت خديجة رضي الله عنها "
من النص التالي:"فلم يقل أحد منهم أن الله قد يعذب أنبياءه ولا أنه قد يقع منه عذاب أنبيائه بل هم متفقون على أنه يثيبهم لا محالة لا يقع منه غير ذلك لأنه وعد بذلك وأخبر به ,,,ومنهم من يقول بل قد يعلم ذلك بغير الخبر ويعلم بأدلة عقلية وإن كان الشارع قد نبه عليها وأرشد إليها كما إذا علمت حكمته ورحمته وعدله علم أن ذلك يستلزم إكرام من هو متصف بالصفات المناسبة لذلك كما قالت خديجة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن تعلم أنه نبي والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق
منهاج السنة النبوية ج3 ص87
 
يتبع المنشور السابق ولكن من كلامي
فأقول وعقل عائشة رضي الله عنها موزون فأنظر إلي قولها:" ( إنما نزل أوَّل ما نزل منه - أي القرآن - سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار ، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا : لا ندع الخمر أبدًا ، ولو نزل لا تزنوا لقالوا : لا ندع الزنا أبدًا ) رواه البخاري
قال ابن حجر : " أشارت إلى الحكمة الإلهية في ترتيب النزول ، وأن أول ما نزل من القرآن الدعاء إلى التوحيد ، والتبشير للمؤمن والمطيع بالجنة ، وللكافر والعاصي بالنار ، فلما اطمأنت النفوس على ذلك أنزلت الأحكام ، ولهذا قالت : ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندعها ، وذلك لما طبعت عليه النفوس من النفرة عن ترك المألوف "
 
قال ابن تيمية
:"ونحن لا نقصد تصويب قول كل من انتسب إلى السنة بل نبين الحق والحق أن أهل السنة لم يتفقوا قط على خطأ ولم تنفرد الشيعة عنهم قط بصواب بل كل ما خالفت فيه الشيعة جميع أهل السنة فالشيعة فيه مخطئون كما أن ما خالفت فيه اليهود والنصاري لجميع المسلمين فهم فيه ضالون وإن كان كثير من المسلمين قد يخطىء
منهاج السنة النبوية ج3 ص98
 
وقوله تعالى وكانوا لا يستطيعون سمعا سورة الكهف 101 لم يرد به هذا فإن جميع الناس قبل الفعل ليس معهم القدرة الموجبة للفعل فلا يختص بذلك العصاة بل المراد أنهم يكرهون سماع الحق كراهة شديدة لا تستطيع أنفسهم معها سماعه لبغضهم لذلك لا لعجزهم عنه كما أن الحاسد لا يستطيع الإحسان إلى المحسود لبغضه لا لعجزه عنه
منهاج السنة النبوية ج3 ص106
 
ابن تيمية لاينكر الأسباب
قال
"وجمهور أهل الإثبات على أن العبد فاعل لفعله حقيقة وله قدرة واختيار وقدرته مؤثرة في مقدورها كما تؤثر القوى والطبائع وغير ذلك من الشروط والأسباب"
منهاج السنة النبوية ج3 ص109
لذلك قلت في كتابي أقطاب العلمانية المطبوع عام 2003، عن دار الدعوة:"فالإنسان ، ذكراً أو أنثي فريداً في حقيقته وطبيعته (( خليفة )) في الأرض ، والغرض هو تحقيق إنسانية كريمة قائمة على أسس وسنن لا تتعارض مع أسس الكون وسننه في إقامة عالم حي متناسق ، كريم وإنساني وطيب وفريد وآمن ، وقد منح الله الإنسان كل مقومات الخلافة ، وصفات الخليفة ، من (( الاختيار )) والإرادة (( باب )) والقدرة والحرية والفعل والحركة والحسم والمسئولية الأخلاقية والعقل والقلب والوجدان والشعور والخيال والحافظة والفكر والعلم والبيان والتفاعل الواعي والحب الخلاّق وغير ذلك من مقومات حياته الفردية والجماعية ، العمرانية() والحضارية ، فالإنسان في الإسلام مريد مختار فاعل مسئول عن أعماله ، سيد في أرضه وسلطانه ، له قدرات مميزة كإنسان مميز ، وكلها منح تكريمية إلهية يعرفها الإنسان عن نفسه وفطرته ، ويعرفها من دينه وشريعته ، وليس في الإسلام نفي لمقومات الإنسان أو إلغاء لصفاته ، فكيف يلغيها وهي منح ربانية وآيات إنسانية وشروط عمرانية منهجية ! ولذلك فإن إرادة الله لا تلغي إرادة الإنسان فقد خلقه مريداً ومختاراً ومسئولاً ! وكما أن وجود الله لا ينفي وجود الإنسان ، فكمال الله لا يلغي كمال الإنسان (( وهل - كمال المخلوق مستفاد إلا من كمال خالقه ؟ (1)
(1 ) البيان في أقسام القرآن لابن القيم ص 25 وهو الذي كمّل خلقك في أحسن تقويم ص 33 .)
 
"قال الله تعالى سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات سورة الأعراف 57 وقال وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها سورة البقرة 164 ...ومثل هذا كثير في الكتاب والسنة يخبر الله تعالى أنه يحدث الحوادث بالأسباب"
منهاج السنة النبوية ج3 ص113،114
 
"وكذلك دل الكتاب والسنة على إثبات القوى والطبائع التي جعلها الله في الحيوان وغيره كما قال تعالى فاتقوا الله ما استطعتم سورة التغابن 16 وقال أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة سورة فصلت 15 وقال الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء سورة الروم
وقال النبي صلى الله عليه و سلم لأشج عبدالقيس إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة فقال أخلقين تخلقت بهما أم خلقين جبلت عليهما فقال بل خلقين جبلت عليهما فقال الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ومثل هذا كثير ليس هذا موضع بسطه
منهاج السنة النبوية ج3 ص114
 
عودة
أعلى