"وإذا كان الشرع والعقل متطابقين على أن ما جعل الله فيه منفعة للناس ومصلحة لهم يحب ويمدح ويطلب وإن كان جمادا أو حيوانا بهيميا فكيف لا يكون من جعله محسنا للناس يحصل لهم به منافع ومصالح أحق بأن يحب ويمدح ويثنى عليه وكذلك في جانب الشر" منهاج السنة النبوية ج3 ص131
النص التالي فيه رد على جملة قبيحة من العلمانيين الذي(خصوصا محمد الحداد تلميذ اركون) ن يزعمون أننا بإيماننا بالله لانؤمن بالأسباب، وأن الإيمان بالله يناقض الإيمان بالأسباب! وهنا يقول لهم ابن تيمية رحمه الله عن الله :"خلقه لمشيئة العبد وقدرته كما يخلق المسببات بأسبابها فيخلق السحاب بالريح والمطر بالسحاب والنبات بالمطر والحوادث تضاف إلى خالقها باعتبار وإلى أسبابها باعتبار فهي من الله مخلوقة له في غيره كما أن جميع حركات المخلوقات وصفاتها منه وهي من العبد صفة قائمة به كما أن الحركة من المتحرك المتصف بها وإن كان جمادا فكيف إذا كان حيوانا وحينئذ فلا شركة بين الرب وبين العبد لاختلاف جهة الإضافة كما أنا إذا قلنا هذا الولد من هذه المرأة بمعنى أنها ولدته ومن الله بمعنى أنه خلقه لم يكن بينهما تناقض وإذا قلنا هذه الثمرة من هذه الشجرة وهذا الزرع من الأرض بمعنى أنه حدث فيها ومن الله بمعنى أنه خلقه منها لم يكن بينهما تناقض وقد قال تعالى أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون سورة الطور 35 فالمشهور أم خلقوا من غير رب وقيل أم خلقوا من غير عنصر
منهاج السنة النبوية ج3 ص147
"الوجه الثاني أن يقال هي من الله خلقا لها في غيره وجعلا لها عملا لغيره وهي من العبد فعلا له قائما به وكسبا يجر به منفعة إليه أو يدفع به مضرة وكون العبد هو الذي قام به الفعل وإليه يعود حكمه الخاص انتفاعا به أو تضررا جهة لا تصلح لله فإن الله لا تقوم به أفعال العباد ولا يتصف بها ولا تعود إليه أحكامها التي تعود إلى موصوفاتها وكون الرب هو الذي خلقها وجعلها عملا لغيره بخلق قدرة العبد ومشيئته وفعله جهة لا تصلح للعبد ولا يقدر على ذلك إلا الله ولهذا قال أكثر المثبتين للقدر إن أفعال العباد مخلوقة لله وهي فعل العبد وإذا قيل هي فعل الله فالمراد أنها مفعولة له لا أنها هي الفعل الذي هو مسمى المصدر منهاج السنة النبوية ج3 ص149
وأما جمهور المسلمين الذين يثبتون طبائع الأعيان وصفاتها فهكذا يثبتون ما في الأفعال من حسن وقبح باعتبار ملاءمتها ومنافرتها كما قال تعالى يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث سورة الأعراف 107 فدل ذلك على أن الفعل في نفسه معروف ومنكر والمطعوم طيب وخبيث ولو كان لا صفة للأعيان والأفعال إلا بتعلق الأمر والنهي لكان التقدير يأمرهم بما يأمرهم وينهاهم عما ينهاهم ويحل لهم ما يحل لهم ويحرم عليهم ما يحرم عليهم والله منزه عن مثل هذا الكلام وكذلك قوله تعالى ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا سورة الإسراء وقال إن الله لا يأمر بالفحشاء سورة الأعراف 28 ونظائر هذا كثيرة منهاج السنة النبوية ج3 ص179
وليس على العباد أن يعلموا تفصيل حكمة الله تعالى بل يكفيهم العلم العام والإيمان التام منهاج السنة النبوية ج3 ص191 لم يقل وليس على العباد أن يعلموا حكمة الله تعالى وإنما تكلم عن التفصيل!
"فإن قالوا فعل لنفع العباد قيل الواحد من الناس إنما ينفع غيره لما له في ذلك من المصلحة في الدين أو الدنيا أما التذاذه بالإحسان إليه كما يوجد في النفوس الكريمة التي إنما تلتذ وتبتهج بالإحسان إلى غيرها وهذا مصلحة ومنفعة لها وأما دفع ألم الرقة عن نفسه فإن الواحد إذا رأى جائعا بردان تألم له فيعطيه فيزول الألم عن نفسه وزوال الألم منفعة له ومصلحة دع ما سوى هذا من رجاء المدح والثناء والمكافأة أو الأجر من الله تعالى فتلك مطالب منفصلة ولكن هذان أمران موجودان في نفس الفاعل فمن نفع غيره وكان وجود النفع وعدمه بالنسبة إليه سواء من كل وجه كان هذا من أسفه السفهاء لو وجد فكيف إذا كان ممتنعا فإنه يمتنع أن يفعل المختار شيئا حتى يترجح عنده فيكون أن يفعله أحب إليه من أن لا يفعله وترجيح الأحب لذة ومنفعة منهاج السنة النبوية ج3 ص192،193
"والممتحن نوعان...نوع مراده طاعة المأمور وانقياده لأمره لا نفس الفعل المأمور به كأمر الله سبحانه وتعالى للخليل صلى الله عليه و سلم بذبح ابنه وكان المراد طاعة إبراهيم وبذل ذ بح ابنه في محبة الله وأن يكون طاعة الله ومحبوبه ومراده أحب إليه من الابن فلما حصل هذا المراد فداه الله بالذبح العظيم كما قال تعالى فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم سورة الصافات 103 107 وتصور هذه المعاني نافع جدا في هذا الباب الذي كثر فيه الاضطراب منهاج السنة النبوية ج3 ص203
الوجه الثالث أن يقال قد تقدم أن الله سبحانه وتعالى يفعل ما يفعله لما له في ذلك من الحكمة وأن ما يضر الناس من المعاصي والعقوبات يخلقها لما له في ذلك من الحكمة وان ما يضر الناس من المعاصي والعقوبات يخلقها لما له في ذلك من الحكمة والإنسان قد يفعل ما يكرهه كشربه الدواء الكريه لما له فيه من الحكمة التي يحبها كالصحة والعافية فشرب الدواء مكروه من وجه محبوب من وجه فالعبد يوافق ربه فيكره الذنوب ويمقتها ويبغضها لأن الله يبغضها ويمقتها ويرضى بالحكمة التي خلقها الله لأجلها فهي من جهة فعل العبد لها مكروهة مسخوطة ومن جهة خلق الرب لها محبوبة مرضية لأن الله خلقها لما له في ذلك من الحكمة والعبد فعلها وهي ضارة له موجبة له العذاب فنحن ننكرها ونكرهها وننهى عنها كما أمرنا الله بذلك إذ كان هو أيضا سبحانه يسخطها ويبغضها ونعلم أن الله أحدثها لما له في ذلك من الحكمة فنرضى بقضائه وقدره فمتى لحظنا أن الله قضاها وقدرها رضينا عن الله وسلمنا لحكمه وأما من جهة كون العبد يفعلها فلا بد أن نكره ذلك وننهى عنه ونجتهد في دفعه بحسب إمكاننا فإن هذا هو الذي يحبه الله منا
والله تعالى إذا أرسل الكافرين على المسلمين فعلينا أن نرضى بقضاء الله في إرسالهم وعلينا أن نجتهد في دفعهم وقتالهم وأحد الأمرين لا ينافي الآخر
منهاج السنة النبوية ج3 ص208
"فنحن نجوز أن يظهر الخارق على يد من يدعي الإلهية كالدجال لأن ذلك لا يدل على صدقة لظهور كذبه في دعوى الإلهية والممتنع ظهور دليل الصدق على الكذب فإن قالوا فجوزوا ظهور الخوارق على يد مدعي النبوة مع كذبه قلنا نعم ويجوز ذلك على وجه لا يدل على صدقه مثل ما يظهر السحرة والكهان من الخوارق المقرونة بما يمنع صدقهم والكلام على هذا مبسوط في موضعه الوجه الرابع أن دليل النبوة وأعلامها وما به يعرف صدق النبي ليست محصورة في الخوارق بل طرق معرفة الصدق متنوعة كما أن طرق معرفة الكذب متنوعة كما قد بسط في موضعه " منهاج السنة النبوية ج3 ص228
وقد قيل للنبي صلى الله عليه و سلم يا رسول الله أرأيت أدوية نتداوى بها ورقي نسترقي بها وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئا قال هي من قدر الله فبين صلى الله عليه و سلم أنه يرد قدر الله بقدر الله إما دفعا وإما رفعا إما دفعا لما انعقد سبب لوجوده وإما رفعا لما وجد كرفع المرض ودفعه ومن هذا قوله تعالى له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله سورة الرعد 11 قيل معقبات من أمر الله يحفظونه وقيل يحفظونه من أمر الله الذي ورد ولم يحصل يحفظونه أن يصل إليه وحفظهم بأمر الله منهاج السنة النبوية ج3 ص232
" أن أفعال الإنسان الأختيارية مستنده إليه وأنه فاعل لها ومحدث لها وإنما ينازع في هذا من يقول إنها ليست فعلا للعبد ولا لقدرته تأثير فيها ولا أحدثها العبد وهؤلاء طائفة من متكلمي أهل الإثبات والجمهور من أهل السنة لا يقولون بذلك كما جاءت به النصوص فإن الله ورسوله وصف العبد بأنه يعمل ويفعل منهاج السنة النبوية ج3 ص235
قال ابن تيمية رحمه الله :"قال الرافضي وأما المنقول فالقرآن مملوء من استناد أفعال البشر إليهم كقوله تعالى وإبراهيم الذي وفى سورة النجم 37 فويل للذين كفروا سورة مريم 37 ولا تزر وازرة وزر أخرى سورة الأنعام 164 ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون سورة النحل 32 اليوم تجزى كل نفس بما كسبت سورة غافر 17 اليوم تجزون ما كنتم تعملون سورة الجاثية 28 لتجزى كل نفس بما تسعى سورة طه 15 هل تجزون إلا ما كنتم تعملون سورة النمل 90 من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها سورة الأنعام 160 ليوفيهم أجورهم سورة فاطر 30 لها ما كسبت وعليها ما
اكتسبت فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات سورة النساء 160 كل امرىء بما كسب رهين سورة الطور 21 من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها سورة فصلت 46 ذلك بما قدمت يداك سورة الحج 10 وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم سورة الشورى 30 إلخ
فيقال الجواب من وجوه أحدها أن يقال كل هذا حق وجمهور أهل السنة قائلون بذلك وهم قائلون إن العبد فاعل لفعله حقيقة لا مجازا "
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص256
"والقرآن مملوء بما يدل على أن أفعال العباد حادثة بمشيئة الله وقدرته وخلقه فيجب الإيمان بكل ما في القرآن ولا يجوز أن نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض...وهذا مثل قوله تعالى والله خلقكم وما تعملون سورة الصافات... والصواب أن ما هاهنا بمعنى الذي وأن المراد والله خلقكم والأصنام التي تعملونها
كما في حديث حذيفة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن الله خلق كل صانع وصنعته
وأنه قال أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون سورة الصافات 95 96 فذمهم وأنكر عليهم عبادة ما ينحتونه من الأصنام ثم ذكر أن الله خلق العابد والمعبود والمنحوت... ولكن هذه الآية تدل على أنه خالق لأعمال العباد من وجه آخر وهو أنه إذا خلق المعمول الذي عملوه وهو الصنم المنحوت فقد خلق التأليف القائم به وذلك مسبب من عمل ابن آدم وخالق المسبب خالق السبب بطريق الأولى
وصار هذا كقوله وخلقنا لهم من مثله ما يركبون سورة يس 42 ومعلوم أن السفن إنما ينجر خشبها ويركبها بنو آدم فالفلك معمولة لهم كما هي الأصنام معمولة لهم وكذلك سائر ما يصنعونه من الثياب والأطعمة والأبنية فإذا كان الله قد أخبر أنه خلق الفلك المشحون وجعل ذلك من آياته ومما أنعم الله به على عباده علم أنه خالق أفعالهممنهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص257-261
"ومثل هذا قوله تعالى الله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم سورة النحل 81 النحل إلى قوله والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون ومعلوم أن خلق البيوت المبنية والسرابيل المصنوعة هو كخلق السفن المنجورة وقد أخبر الله أن الفلك صنعة بني آدم مع إخباره أنه خلقها كما قال تعالى عن نوح عليه السلام ويصنع الفلك وأيضا ففي القرآن من ذكر تفصيل أفعال العباد التي بقلوبهم وجوارحهم وأنه هو تبارك وتعالى يحدث من ذلك ما يطول وصفه منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص262
"وتبين الكلام على بطلان ما ذكره أرسطو في العلم الإلهي من وجوه متعددة وأن هؤلاء من أجهل الناس بالله عز و جل ومن دخل في أهل الملل منهم كالمنتسبين إلى الإسلام كالفارابي وابن سينا ونحوهما من ملاحدة المسلمين وموسى بن ميمون ونحوه من ملاحدة اليهود ومتى ويحيى بن عدي ونحوهما من ملاحدة النصارى فهم مع كونهم من ملاحدة أهل الملل فهم أصح عقلا ونظرا في العلم الإلهي من المشائين كأرسطو وأتباعه وإن كان لأولئك من تفصيل الأمور الطبيعية والرياضية أمور كثيرة سبقوا هؤلاء إليها
فالمقصود هنا أن الأمور الإلهية أولئك أجهل بها وأضل فيها فإن هؤلاء حصل لهم نوع ما من نور أهل الملل وعقولهم وهداهم فصاروا به أقل ظلمة من أولئك ولهذا عدل ابن سينا عن طريقة سلفه في إثبات العلة الأولى وسلك الطريقة المعروفة له في تقسيم الوجود إلى واجب وممكن وأن الممكن مستلزم للواجب وهذه الطريقة هي المعروفة له ولمن اتبعه كالسهروردي المقتول ونحوه من الفلاسفة وأبي حامد والرازي والآمدي وغيرهم من متأخري أهل الكلام الذين خلطوا الفلسفة بالكلام
وهؤلاء المتكلمون المتأخرون الذين خلطوا الفلسفة بالكلام كثر اضطرابهم وشكوكهم وحيرتهم بحسب ما ازدادوا به من ظلمة هؤلاء المتفلسفة الذين خلطوا الفلسفة بالكلام فأولئك قلت ظلمتهم بما دخلوا فيه من كلام أهل الملل وهؤلاء كثرت ظلمتهم بما دخلوا فيه من كلام أولئك المتفلسفة
هذا مع أن في المتكلمين من أهل الملل من الاضطراب والشك في أشياء والخروج عن الحق في مواضع واتباع الأهواء في مواضع والتقصير في الحق في مواضع ما ذمهم لأجله علماء الملة وأئمة الدين فإنهم قصروا في معرفة الأدلة العقلية التي ذكرها الله في كتابه فعدلوا عنها إلى طرق أخرى مبتدعة فيها من الباطل ما لأجله خرجوا عن بعض الحق المشترك بينهم وبين غيرهم ودخلوا في بعض الباطل المبتدع وأخرجوا من التوحيد ما هو منه كتوحيد الإلهية وإثبات حقائق أسماء الله وصفاته ولم يعرفوا من التوحيد إلا توحيد الربوبية وهو الإقرار بأن الله خالق كل شيء وربه
وهذا التوحيد كان يقر به المشركون الذين قال الله عنهم ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله سورة لقمان 25 وقال تعالى قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون الله الآيات سورة المؤمنون 86 87
وقال عنهم ومايؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون سورة يوسف 106 قال طائفة من السلف يقول لهم من خلق السماوات والأرض فيقولون الله وهم مع هذا يعبدون غيره
وإنما التوحيد الذي أمر الله به العباد هو توحيد الألوهية المتضمن لتوحيد الربوبية بأن يعبد الله وحده لا يشركون به شيئا فيكون الدين كله لله ولا يخاف إلا الله ولا يدعى إلا الله ويكون الله أحب إلى العبد من كل شيء فيحبون لله ويبغضون لله ويعبدون الله ويتوكلون عليه
والعبادة تجمع غاية الحب وغاية الذل فيحبون الله بأكمل محبة ويذلون له أكمل ذل ولا يعدلون به ولا يجعلون له أندادا ولا يتخذون من دونه أولياء ولا شفعاء
كما قد بين القرآن هذا التوحيد في غير موضع وهو قطب رحى القرآن الذي يدور عليه القرآن وهو يتضمن التوحيد في العلم والقول والتوحيد في الإرادة والعمل
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص287-290
فالتوحيد الأول يتضمن إثبات نعوت الكمال لله بإثبات أسمائه الحسنى وما تتضمنه من صفاته والثاني يتضمن إخلاص الدين له كما قال وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين سورة البينة 5 فالأول براءة من التعطيل والثاني براءة من الشرك وأصل الشرك منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص292
ومع هذا فأئمة المعتزلة وشيوخهم وأئمة الأشعرية والكرامية ونحوهم خير في تقرير توحيد الربوبية من متفلسفة الأشعرية كالرازي والآمدي وأمثال هؤلاء فإن هؤلاء خلطوا ذلك بتوحيد الفلاسفة كابن سينا وأمثاله وهو أبعد الكلام عن التحقيق في التوحيد وإن كان خيرا من كلام قدمائهم أرسطو وذويه وذلك أن غايتهم أنهم أثبتوا واجب الوجود وهذا حق لم ينازع فيه لا معطل ولا مشرك بل الناس متفقون على إثبات وجود واجب اللهم إلا ما يحكى عن بعض الناس قال إن هذا العالم حدث بنفسه منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص295
"فلا بد حينئذ إذا قدر إلهان أن يكون أحدهما أقدر من الآخر والأقدر عال على من دونه في القدرة بالضرورة فلو كان ثم آلهة لوجب علو بعضهم على بعض ولو علا بعضهم على بعض لم يكن المستقل بالفعل إلا العالي وحده فإن المقهور إن كان محتاجا في فعله إلى إعانة الأول كان عاجزا بدون الإعانة وكانت قدرته من غيره وما كان هكذا لم يكن إلها بنفسه والله تعالى لم يجعل من مخلوقاته إلها فامتنع أن يكون المقهور إلها وإن كان المقهور يستقل بفعل بدون الإعانة من العالي لم يمكن العالي إذا أن يمنعه مما هو مستقل به فيكون العالي عاجزا عن منع المقهور فلا يكون عاليا وقد فرض أنه عال هذا خلف وهو جمع بين النقيضين فتبين أنه مع علو بعضهم على بعض لا يكون المغلوب إلها بوجه بل يمتنع أن يكون إلها مع إعانة الآخر له ويمتنع أن يكون إلها منفردا غنيا عن الآخر إذ كان الغني عن غيره لا يعلو غيره عليه ولا يقدر أن يعلو غيره عليه ومتى قدر أن يعلو عليه كان مفتقرا إليه محتاجا إلى امتناعه من علوه عليه وانكفافه عن ذلك العلو ومن غلبه غيره لا يكون عزيزا منيعا يدفع عن نفسه فكيف يدفع عن غيره والعرب تقول عز يعز بالفتح إذا قوي وصلب وعز يعز بالكسر إذا امتنع وعز يعز بالضم إذا غلب فإذا قويت الحركة قوى المعنى والضم أقوى من الكسر والكسر أقوى من الفتح فإذا كان مغلوبا لم يكن منيعا وإذا لم يكن منيعا لم يكن قويا بطريق الأولى ومن لا يكون قويا لا يكون ربا فاعلا فتبين أنه لو كان معه إله لعلا بعضهم على بعض كما تبين أنه كان يذهب كل إله بما خلق وهذا بعض تقرير البرهانين اللذين في القرآن ومما يوضح ذلك أنك لا تجد في الوجود شريكين متكافئين إن لم يكن فوقهما ثالث يرجعان إليه فإذا قدر ملكان متكافئان في الملك لم يرجع أحدهما إلى الآخر ولا ثالث لهما يرجعان إليه كان ذلك ممتنعا بل إذا قدر طباخان لقدر واحدة متكافئان في العمل لا يرجع أحدهما إلى الآخر ولا فوقهما ثالث يرجعان إليه لم يمكن ذلك وكذلك البانيان لدار واحدة وكذلك الغارسان لشجرة واحدة وكذلك كل آمرين بمأمور واحد كالطبيبين والمفتيين وكذلك الخياطان لثوب واحد فلا يتصور في جميع هذه المشاركات اتفاق اثنين إلا أن يكون أحدهما فوق الآخر وأن يكون لهما ثالث فوقهما وذلك لأن فعل كل واحد منهما إذا كان مشروطا بفعل الآخر لم يرد هذا ولم يأمر ولم يفعل حتى يريد هذا ويأمر ويفعل الآخر كذلك فلا يريد واحد منهما ولا يأمر ولا يفعل فلا يفعلان شيئا فاشتراك اثنين متكافئين ليس فوقهما ثالث ممتنع وإذا اشترك شريكان شرعيان كان ما يفعلانه من الأفعال راجعا إلى أمر الشارع الذي هو فوقهما أو راجعا إلى قول أهل الخبرة بالتجارة التي اشتركا فيها فعليهما أن يريدا ذلك فإن تنازعا فصل بينهما الشارع أو أهل الخبرة الذين عليهما أن يرجعا إليهم وعلى ذلك تشاركا وتشارطا وأما إن لم يرجعا إلى ثالث أو لم يكن أحدهما تابعا للآخر فيمتنع اشتراكهما لكن قد يرجع هذا إلى هذا تارة وهذا إلى هذا تارة كالمتعارضين وحينئذ فكل واحد منهما حال رجوع الآخر إليه هوالأصل والآخر فرع له ولهذا وجب نصب الإمارة في أقصر مدة وأقل اجتماع كما قال النبي صلى الله عليه و سلم لا يحل لثلاثة أن يكونوا في سفر حتى يؤمروا أحدهم رواه الإمام أحمد فإن الرأس ضروري في الاجتماع فلا بد للناس من رأس وإذا لم يكن لهم رأس امتنع الاجتماع فإذا كان لهما رأسان متكافئان يشتركان في رياسة جماعة بطل الاجتماع وهذا مما هو مستقر في فطر الناس كلهم فإذا كان ولاة الأمر اثنين فلا بد أن يتناوبا في الأمر بحيث يطيع هذا هذا تارة وهذا هذا تارة كما يوجد في أعوان الملوك ووزرائهم إذا بدأ هذا بأمر أعانه الآخر عليه فإن لم يتفقا رجع الأمر إلى من فوقهما وإلا فالأمر الواحد لا يصدر عن اثنين معا إلا ان يكونا تابعين فيه لثالث فالتمانع حاصل بين الأصلين المتكافئين سواء قدر اتفاقهما أو اختلافهما ولكن التمانع مع الاختلاف أظهر وكذلك هما يتمانعان مع الاتفاق فإن أحدهما لا يمكنه أن يفعل حتى يفعل الآخر وذاك لا يمكنه حتى يفعل الآخر وليس لهما ثالث يحركهما إلى الفعل وليس تقدم أحدهما أولى من تقدم الآخر ووقوع الفعل منهما مع كون فعل كل منهما لا بد له من قدرة عليه وهو لا يقدر إلا بالآخر ممتنع فإن هذا لا يقدر حتى يعينه الآخر وهذا لا يقدر حتى يعينه الآخر فتكون إعانة كل منهما سابقة مسبوقة وقدرة كل منهما سابقة مسبوقة إذ كان لا إعانة إلا بقدرته ولا قدرة له إلا بإعانة ذاك ولا إعانة لذاك إلا بقدرته ولا قدرة له إلا بإعانة هذا فتكون إعانة هذا موقوفة على قدرته الموقوفة على إعانة ذاك الموقوفة على قدرة هذا فيكون الشيء قبل قبل قبل نفسه وعلة علة علة نفسه فتبين امتناع اجتماع ربين متوافقين أو متخالفين وأنه إذا فرض مع الله إله لزم أن يذهب كل إله بما خلق وأن يعلو بعضهم على بعض منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص323-329
فالذين أثبتوا فاعلا مستقلا غير الله كالفلك والآدميين وجعلوا هذه الحركات الحادثة ليست مخلوقة لله فيهم من الشرك والتعطيل ما ليس في مشركي العرب منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص331 في هذا النص نجد ابن تيمية ينتقل من الإيمان بوجود أسباب كونية، في كل شئ، إلى أن هناك مسبب للأشياء، ومعلوم أن حضارة الإسلام هي التي حررت الإنسان من عبادة الأشياء لإستخدامها كأسباب وسنن وعلل في عملياته العمرانية ، ومنزل القرآن هو رب الأسباب وموجبها.
"لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا وهذه الآية فيها بيان أنه لا إله إلا الله وأنه لو كان فيهما آلهة غيره لفسدتا وتلك الآية قال فيها إذا لذهب كل إله بما خلق سورة المؤمنون 91 ووجه بيان لزوم الفساد أنه إذا قدر مدبران ما تقدم من أنه يمتنع أن يكونا غير متكافئين لكون المقهور مربوبا لا ربا وإذا كانا متكافئين امتنع التدبير منهما لا على سبيل الاتفاق ولا على سبيل الاختلاف فيفسد العالم بعدم التدبير لا على سبيل الاستقلال ولا على سبيل الاشتراك كما تقدم
وهذا من جهة امتناع الربوبية لاثنين ويلزم من امتناعهما امتناع الإلهية فإن ما لايفعل شيئا لا يصلح أن يكون ربا يعبد ولم يأمر الله أن يعبد ولهذا بين الله امتناع الإلهية لغيره تارة ببيان أنه ليس بخالق وتارة أنه لم يأمر بذلك لنا كقوله تعالى قل أرايتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين سورة الأحقاف 4
وذلك لأن عبادة ما سوى الله تعالى قد يقال إن الله أذن فيه لما فيه من المنفعة فبين سبحانه أنه لم يشرعه كما قال تعالى واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون سورة الزخرف 45 وهذ مبسوط في موضع آخر
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص333،334
قال الله في فاتحة الكتاب إياك نعبد وإياك نستعين وقدم اسم الله على اسم الرب في أولها حيث قال الحمد لله رب العالمين فالمعبود هو المقصود المطلوب المحبوب لذاته وهو الغاية والمعين وهو البارىء المبدع الخالق ومنه ابتداء كل شيء والغايات تحصل بالبدايات والبدايات بطلب الغايات فالإلهية هي الغاية وبها تتعلق حكمته وهو الذي يستحق لذاته أن يعبد ويحب ويحمد ويمجد وهو سبحانه يحمد نفسه ويثني على نفسه ويمجد نفسه ولا أحد أحق بذلك منه حامدا ومحمودا منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص335
يقول عن قوله تعالى" قوله والله خلقكم وما تعملون "
:"فدلت الآية أنه خالق أفعالهم القائمة بهم وخالق ما تولد عنها وخالق الأعيان التي قام بها المتولد ولا يمكن أن يكون أحد المتلازمين عن الرب والآخر عن غيره فإنه يلزم افتقاره إلى غيره
وأيضا فنفس حركاتهم تدخل في قوله تعالى والله خلقكم فإن أعراضهم داخلة في مسمى أسمائهم فالله تعالى خلق الإنسان بجميع أعراضه وحركاته من أعراضه فقد تبين أنه خلق أعمالهم بقوله والله خلقكم وما تولد عنها من النحت والتصوير بقوله وما تعملون فثبت أنها دالة على أنه خالق هذا وهذا وهو المطلوب مع أن الآيات الدالة على خلق أعمال العباد كثيرة كما تقدم التنبيه عليها لكن خلقه للمصنوعات مثل الفلك والأبنية واللباس هو نظير خلق المنحوتات كقوله تعالى وآيه لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون وخلقنا لهم من مثله ما يركبون سورة يس 41 42 وقوله تعالى والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون سورة النحل 81منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص338،339
والبيان التام هو ما بينه الرسول صلى الله عليه و سلم فإنه أعلم الخلق بالحق وأنصح الخلق للخلق وأفصح الخلق في بيان الحق منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص352
قال عن ابن تيمية عن أهل الكلام المحدث المبتدع المذموم
:"أحدثتم بدعا تزعمون أنكم تنصرون بها الإسلام فلا للإسلام نصرتم ولا لعدوه كسرتم بل سلطتم عليكم أهل الشرع والعقل فالعالمون بنصوص المرسلين يعلمون أنكم خالفتموها وأنكم أهل بدعة وضلالة والعالمون بالمعاني المعقولة يعلمون أنكم قلتم ما يخالف المعقول وأنكم أهل خطأ وجهالة والفلاسفة الذين زعمتم أنكم تحتجون عليهم بهذه الطريق تسلطوا عليكم بها ورأوا أنكم خالفتم صريح العقل والفلاسفة أجهل منكم بالشرع والعقل في الإلهيات لكن لما ظنوا أن ما جئتم به هو الشرع وقد رأوه يخالف العقل صاروا أبعد عن الشرع والعقل منكم لكن عارضوكم بأدلة عقلية بل وشرعية ظهر بها عجزكم في هذا الباب عن بيان حقيقة الصواب
وكان ذلك مما زادهم ضلالا في أنفسهم وتسلطا عليكم ولو سلكتم معهم طريق العارفين بحقيقة المعقول والمنقول لكان ذلك أنصر لكم وأتبع لما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم ولكنكم كنتم بمنزلة من جاهد الكفار بنوع من الكذب والعدوان وأوهمهم أن هذا يدخل في حقيقة الإيمان فصار ما عرفه أولئك من كذب هؤلاء وعدوانهم مما يوجب القدح فيما ادعوه من إيمانهم ولما رأى أولئك في الملك والرياسة والمال من جنس هذه المخادعة والمحال سلكوا طريقا أبلغ في المخادعة والمحال من طرق أولئك المبتدعين الضالين فسلطوا عليهم عقوبة لهم على خروجهم عن الدين
قال الله تعالى أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم آل عمران 165 وقال إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم آل عمران 155 وقال وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين آل عمران 166
فما جاء به الرسول حق محض يتصادق عليه صريح المعقول وصحيح المنقول والأقوال المخالفة لذلك وإن كان كثير من أصحابها مجتهدين مغفورا لهم خطؤهم فلا يملكون نصرها بالأدلة العلمية ولا الجواب عما يقدح فيها بالأجوبة العلمية فإن الأدلة العقلية الصحيحة لا تدل إلا على القول الحق والأجوبة الصحيحة المفسدة لحجة الخصم لا تفسدها إلا إذا كانت باطلة فإن ما هو باطل لا يقوم عليه دليل صحيح وما هو حق لا يمكن دفعه بحجة صحيحة والمقصود هنا أن من قال قولا أصاب فيه من وجه وأخطأ فيه من وجه آخر حتى تناقض في ذلك القول بحيث جمع فيه بين أمرين متناقضين يقول لمن يناقضه بمقدمة جدلية سلمها له تناقضي إنما يدل على خطئي في أحد القولين إما القول الذي سلمته لك وإما القول الذي ألزمتني بالتزامه وهذا لا يدل على صحة قولك بل يمكن أن يكون القول الآخر هو الصوابمنهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص361-364
ابن تيمية يرد على الألباني رحمهما الله :"والمسلمون يقولون في صلاتهم السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وليس هو حاضرا عندهم ولكنه حاضر في قلوبهم منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص268
وقد قال تعالى إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون سورة يس 82 وهذا عند أكثر العلماء هو خطاب يكون لمن يعلمه الرب تعالى في نفسه وإن لم يوجد بعد
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص268
"مفهوم الخطاب" القرآني(ولفظ" مفهوم الخطاب" هو لإبن تيمية رحمه الله. ردا على العلمانيين وأمثالهم :"فليس لأحد أن يحمل خطاب الله ورسوله على ما يخطر له بل القرآن نزل بلغة العرب بل بلغة قريش وقد علمت العادة المعروفة في خطاب الله ورسوله فليس لأحد أن يخرج عنها منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص369
وقد ذكرنا غير مرة أنه إذا كان في بعض المسلمين من قال قولا خطأ لم يكن ذلك قدحا في المسلمين ولو كان كذلك لكان خطأ الرافضة عيبا في دين المسلمين فلا يعرف في الطوائف أكثر خطأ وكذبا منهم وذلك لا يضر المسلمين شيئا فكذلك لا يضرهم وجود مخطىء آخر غير الرافضة منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص372،373
وأما عصمة الأئمة فلم يقل بها إلا كما قال الإمامية والإسماعيليه وناهيك بقول لم يوافقهم عليه إلا الملاحدة المنافقون الذين شيوخهم الكبار أكفر من اليهود والنصارى والمشركين وهذا دأب الرافضة دائما يتجاوزون عن جماعة المسلمين إلى اليهود والنصارى والمشركين في الأقوال والموالاة والمعاونة والقتال وغير ذلك فهل يوجد أضل من قوم يعادون السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ويوالون الكفار والمنافقين وقد قال الله تعالى ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ماهم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يوم يبعثم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا أنهم هم الكاذبون استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز لا نجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا أن حزب الله هم المفلحون سورة المجادلة 14
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص374،375
(النصوص الدرر) من أعظم نصوص ابن تيمية في الشورى، في أن الحكم الإسلامي ليس كهنوتيا، ولاالذي على رأسه حاكما مطلقا، كما قرأنا عن حكام أوروبا في العصور الوسطى وعصر النهضة وقريب من عصر التنوير المزعوم،إنه مايقال عن من جهة إنتخاباً ديمقراطيا، أي شوريا، إذا قطعنا حبل السرة عن جهازه الفلسفي الإلحادي الذي هو علمانياً ويعني الإستقلال عن الله وطاعة غيره وجعل غيره فوقه في التصور أو الفعل أو الإقرار أو التشريع.! دعونا نتفحص كلام ابن تيمية أولاً قال:"وأما قوله عنهم كل من بايع قرشيا انعقدت إمامته ووجبت طاعته على جميع الخلق إذا كان مستور الحال وإن كان على غاية من الفسق والكفر والنفاق فحوابه من وجوه
أحدها أن هذا ليس قول أهل السنة والجماعة وليس مذهبهم أنه بمجرد مبايعة واحد قرشي تنعقد بيعته ويجب على جميع الناس طاعته وهذا وإن كان قد قاله بعض أهل الكلام فليس هو قول أئمة أهل السنة والجماعة بل قد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه من بايع رجلا بغير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يُقتلا الحديث رواه البخاري وسيأتي بكماله إن شاء الله تعالى... فأهل السنة لا يطيعون ولاة الأمور مطلقا إنما يطيعونهم في ضمن طاعة الرسول صلى الله عليه و سلم
كما قال تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم سورة النساء 59 فأمر بطاعة الله مطلقا وأمر بطاعة الرسول لأنه لا يأمر إلا بطاعة الله ومن يطع الرسول فقد أطاع الله وجعل طاعة أولي الأمر داخلة في ذلك فقال وأولي الأمر منكم ولم يذكر لهم طاعة ثالثة لأن ولي الأمر لا يطاع طاعة مطلقة إنما يطاع في المعروف كما قال النبي صلى الله عليه و سلم إنما الطاعة في المعروف وقال لا طاعة في معصية الله ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وقال ومن أمركم بمعصية الله فلا تطيعوه
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص385-388
والله تعالى لم يأمر بقتال كل ظالم وكل باغ كيفما كان ولا أمر بقتال الباغين ابتداء بل قال وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل سورة الحجرات 9 فلم يأمر بقتال الباغية ابتداء فكيف يأمر بقتال ولاة الأمر ابتداء وفي صحيح مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال سيكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف برىء ومن أنكر سلم ولكن رضي وتابع قالوا أفلا نقاتلهم قال لا ماصلوا فقد نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قتالهم مع إخباره أنهم يأتون أمورا منكرة فدل على أنه لا يجوز الإنكار عليهم بالسيف كما يراه من يقاتل ولاة الأمر من الخوارج والزيدية والمعتزلة وطائفة من الفقهاء وغيرهم منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص391،392
وتقدم حديث عبادة بايعنا رسول الله صلى الله عليه و سلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال إلا إن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهانمنهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص394
وقد قال تعالى إن الحسنات يذهبن السيئات سورة هود 114 فدل ذلك على أنه في حال إساءته يفعل حسنات تمحو إساءاته وإلا لو كانت السيئات قد زالت قبل ذلك بتوبة ونحوها لم تكن الحسنات قد أذهبتها وليس هذا موضع بسط ذلك والمقصود هنا أن الله جعل الفسق مانعا من قبل النبأ والفسق ليس مانعا من فعل كل حسنة منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص398
الثالث أن يقال الذين أدخلوا في دين الله ما ليس منه وحرفوا أحكام الشريعة ليسوا في طائفة أكثر منهم في الرافضة فإنهم أدخلوا في دين الله من الكذب على رسول الله صلى الله عليه و سلم ما لم يكذبه غيرهم وردوا من الصدق ما لم يرده غيرهم وحرفوا القرآن تحريفا لم يحرفه غيرهم مثل قولهم إن قوله تعالى إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون سورة المائدة 55 نزلت في علي لما تصدق بخاتمه في الصلاة وقوله تعالى مرج البحرين سورة الرحمن 19 علي وفاطمة يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان سورة الرحمن 22 الحسن والحسين وكل شيء أحصيناه في إمام مبين سورة يس 12 علي بن أبي طالب إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وعمران سورة آل عمران 33 هم آل أبي طالب وإسم أبي طالب عمران فقاتلوا أئمة الكفر سورة التوبة 12 طلحة والزبير منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص403،404
وكل هذا وأمثاله وجدته في كتبهم ثم من هذا دخلت الإسماعيليه والنصيرية في تأويل الواجبات والمحرمات فهم أئمة التأويل الذي هو تحريف الكلم عن مواضعه ومن تدبر ما عندهم وجد فيه من الكذب في المنقولات والتكذيب بالحق منها والتحريف لمعانيها ما لا يوجد في صنف من المسلمين فهم قطعا أدخلوا في دين الله ما ليس منه أكثر من كل أحد وحرفوا كتابه تحريفا لم يصل غيرهم إلى قريب منه منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص405
يرد (1) رحمه الله على زعم الرافضي في المذاهب الأربعة
:"أن قوله أحدثوا مذاهب أربعة لم تكن على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم إن أراد بذلك أنهم اتفقوا على أن يحدثوا هذه المذاهب مع مخالفة الصحابة فهذا كذب عليهم فإن هؤلاء الأئمة لم يكونوا في عصر واحد بل أبو حنيفة توفي سنة خمسين ومائة ومالك سنة تسع وسبعين ومائة والشافعي سنة أربع ومائتين وأحمدبن حنبل سنة إحدى وأربعين ومائتين وليس في هؤلاء من يقلد الآخر ولا من يأمر باتباع الناس له بل كل منهم يدعو إلى متابعة الكتاب والسنة وإذا قال غيره قولا يخالف الكتاب والسنة عنده رده ولا يوجب على الناس تقليده
وإن قلت إن أصحاب هذه المذاهب اتبعهم الناس فهذا لم يحصل بموطأة بل اتفق أن قوما اتبعوا هذا وقوما اتبعوا هذا كالحجاج الذين طلبوا من يدلهم على الطريق فرأى قوم هذا دليلا خبيرا فاتبعوه وكذلك الآخرون
وإذا كان كذلك لم يكن في ذلك اتفاق أهل السنة على باطل بل كل قوم منهم ينكرون ما عند غيرهم من الخطأ فلم يتفقوا على أن الشخص المعين عليه أن يقبل من كل هؤلاء ما قاله بل جمهورهم لا يأمرون العامي بتقليد شخص معين غير النبي صلى الله عليه و سلم في كل ما يقوله
والله تعالى قد ضمن العصمة للأمة فمن تمام العصمة أن يجعل عددا من العلماء إن أخطأ الواحد منهم في شيء كان الآخر قد أصاب فيه حتى لا يضيع الحق ولهذا لما كان في قول بعضهم من الخطأ مسائل كبعض المسائل التي اوردها كان الصواب في قول الآخر فلم يتفق أهل السنة على ضلالة أصلا وأما خطأ بعضهم في بعض الدين فقد قدمنا غير مرة أن هذا لا يضر كخطأ بعض المسلمين وأما الشيعة فكل ما خالفوا فيه أهل السنة كلهم فهم مخطئون فيه كما أخطأ اليهود والنصارى في كل ما خالفوا فيه امنهاجمنهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص407-409
يرد (2) رحمه الله على زعم الرافضي في المذاهب الأربعة الوجه السادس أن يقال قوله إن هذه المذاهب لم تكن في زمن النبي صلى الله عليه و سلم ولا الصحابة إن أراد أن الأقوال التي لهم لم تنقل عن النبي صلى الله عليه و سلم ولا عن الصحابة بل تركوا قول النبي صلى الله عليه و سلم والصحابة وابتدعوا خلاف ذلك فهذا كذب عليهم فإنهم لم يتفقوا على مخالفة الصحابة بل هم وسائر أهل السنة متبعون للصحابة في أقوالهم وإن قدر أن بعض أهل السنة خالف الصحابة لعدم علمه بأقاويلهم فالباقون يوافقونهم ويثبتون خطأ من يخالفهم وإن أراد أن نفس أصحابها لم يكونوا في ذلك الزمان فهذا لا محذور فيه فمن المعلوم أن كل قرن يأتي يكون بعد القرن الأول
الوجه السابع قوله وأهملوا أقاويل الصحابة كذب منه بل كتب أرباب المذاهب مشحونة بنقل أقاويل الصحابة والاستدلال بها وإن كان عند كل طائفة منها ما ليس عند الأخرى وإن قال أردت بذلك أنهم لا يقولون مذهب أبي بكر وعمر ونحو ذلك فسبب ذلك أن الواحد من هؤلاء جمع الآثار وما استنبطه منها فأضيف ذلك إليه كما تضاف كتب الحديث إلى من جمعها كالبخاري ومسلم وأبي داود وكما تضاف القراءات إلى من اختارها كنافع وابن كثير
وغالب ما يقوله هؤلاء منقول عمن قبلهم وفي قول بعضهم ما ليس منقولا عمن قبله لكنه استنبطه من تلك الاصول ثم قد جاء بعده من تعقب أقواله فبين منها ما كان خطأ عنده كل ذلك حفظا لهذا الدين حتى يكون أهله كما وصفهم الله به يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر سورة التوبة 71 فمتى وقع من أحدهم منكر خطأ أو عمدا أنكره عليه غيره
وليس العلماء بأكثر من الأنبياء وقد قال تعالى وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما سورة الأنبياء
وثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لأصحابه عام الخندق لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة فأدركتهم صلاة العصر في الطريق فقال بعضهم لم يرد منا تفويت الصلاة فصلوا في الطريق وقال بعضهم لا نصلي إلا في بني قريظة فصلوا العصر بعد ما غربت الشمس فما عنف واحدة من الطائفتين فهذا دليل على أن المجتهدين يتنازعون في فهم كلام رسول الله صلى الله عليه و سلم وليس كل واحد منهم آثما
الوجه الثامن أن أهل السنة لم يقل أحد منهم إن إجماع الأئمة الأربعة حجة معصومة ولا قال إن الحق منحصر فيها وإن ما خرج عنها باطل بل إذا قال من ليس من أتباع الأئمة كسفيان الثوري والأوزعي والليث بن سعد ومن قبلهم ومن بعدهم من المجتهدين قولا يخالف قول الأئمة الأربعة رد ما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله وكان القول الراجح هو القول الذي قام عليه الدليل
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص409-412
ولا ريب أن القياس فيه فاسد وكثير من الفقهاء قاسوا أقيسة فاسدة بعضها باطل بالنص وبعضها مما أتفق السلف على بطلانه لكن بطلان كثير من القياس لا يقتضي بطلان جميعه كما أن وجود الكذب في كثير من الحديث لا يوجب كذب جميعه ومدار القياس على أن الصورتين يستويان في موجب الحكم ومقتضاه فمتى كان كذلك كان القياس صحيحا لا شك ولكن قد يظن القايس ما ليس مناط الحكم مناطا فيغلط ولهذا كان عمدة القياس عند القايسين على بيان تأثير المشترك الذي يسمونه جواب سؤال المطالبة وهو أن يقال لا نسلم أن علة الحكم في الأصل هو الوصف المشترك بين الأصل والفرع حتى يلحق هذا الفرع به فإن القياس لا تثبت صحته حتى تكون الصورتان مشتركتين في المشترك المستلزم للحكم إما في العلة نفسها وإما في دليل العلة تارة بإبداء الجامع وتارة بإلغاء الفارق فإذا عرف أنه ليس بين الصورتين فرق يؤثر علم استواؤهما في الحكم وإن لم يعلم عين الجامع وهم يثبتون قياس الطرد وهو إثبات مثل حكم الأصل في الفرع لاشتراكهما في مناط الحكم
وقياس العكس وهو نفي حكم الأصل عن الفرع لافتراقهما في مناط الحكم فهذا يفرق بينهما لأن العلة المثبتة للحكم في الأصل منتفية في الفرع وذاك يجمع بينهما لوجود العلة المثبتة في الفرع وهذه الأمور مبسوطة في غير هذا الموضع
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص413-415
وأما الصلاة في جلد الكلب فإنما يجوز ذلك أبو حنيفة إذا كان مدبوغا وهذا قول طائفة من العلماء ليس هذا من مفاريده وحجتهم قوله صلى الله عليه و سلم أيما إهاب دبغ فقد طهر وهذه مسألة اجتهاد وليست هذه من مسائل الشناعات ولو قيل لهذا المنكر هات دليلا قاطعا على تحريم ذلك لم يجده بل لو طولب بدليل على تحريم الكلب ليرد به على مالك في إحدى الروايتين عنه فإنه يكرهه ولا يحرمه لم يكن هذا الرد من صناعته مع أن الصحيح الذي عليه جمهور العلماء أن جلد الكلب بل وسائر السباغ لا يطهر بالدباغ
لما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم من وجوه متعددة أنه نهى عن جلود السباع وقوله صلى الله عليه و سلم أيما إهاب دبغ فقد طهر ضعفه أحمد وغيره من أئمة الحديث وقد رواه مسلممنهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص427،428
محمود بن سبكتكين :"وكان من خيار الملوك وأعدلهم وكان من أشد الناس قياما على أهل البدع لا سيما الرافضة فإنه كان قد أمر بلعنتهم ولعنة أمثالهم في بلاده وكان الحاكم العبيدي بمصر كتب إليه يدعوه فأحرق كتابه على رأس رسوله ونصر أهل السنة نصرا معروفا عنه منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص429،430
محمد بن الحسن الطوسي :"أن هذا الرجل اشتهر عند الخاص والعام أنه كان وزير الملاحدة الباطنية الإسماعيلية بالألموت ثم لما قدم الترك المشركون إلى بلاد المسلمين وجاءوا إلى بغداد دار الخلاقة كان هذا منجما مشيرا لملك الترك المشركين هولاكو أشار عليه بقتل الخليفة وقتل أهل العلم والدين واستبقاء أهل الصناعات والتجارات الذين ينفعونه في الدنيا وأنه استولى على الوقف الذي للمسلمين وكان يعطي منه ما شاء الله لعلماء المشركين وشيوخهم من البخشية السحرة وأمثالهم وأنه لما بنى الرصد الذي بمراغة على طريقة الصابئة المشركين كان أبخس الناس نصيبا منه من كان إلى أهل الملل أقرب وأوفرهم نصيبا من كان أبعدهم عن الملل مثل الصابئة المشركين ومثل المعطلة وسائر المشركين وإن ارتزقوا بالنجوم والطب ونحو ذلك ومن المشهور عنه وعن أتباعه الاستهتار بواجبات الإسلام ومحرماته لا يحافظون على الفرائض كالصلوات ولا ينزعون عن محارم الله من الفواحش والخمر وغير ذلك من المنكرات حتى أنهم في شهر رمضان يذكر عنهم من إضاعة الصلوات وارتكاب الفواحش وشرب الخمور ما يعرفه أهل الخبرة بهم ولم يكن لهم قوة وظهور إلا مع المشركين الذين دينهم شر من دين اليهود والنصارى
ولهذا كان كلما قوي الإسلام في المغل وغيرهم من الترك ضعف أمر هؤلاء لفرط معاداتهم للإسلام وأهله ولهذا كانوا من أنقص الناس منزلة عند الأمير نوروز المجاهد في سبيل الله الشهيد الذي دعا ملك المغل غازان إلى الإسلام والتزم له أن ينصره إذا أسلم وقتل المشركين الذين لم يسلموا من البخشية السحرة وغيرهم وهدم البذخانات وكسر الأصنام ومزق سدنتها كل ممزق وألزم اليهود والنصارى بالجزية والصغار وبسببه ظهر الإسلام في المغل وأتباعهم وبالجملة فأمر هذا الطوسي وأتباعه عند المسلمين أشهر وأعرف من أن يعرف ويوصف ومع هذا فقد قيل إنه كان في آخر عمره يحافظ على الصلوات الخمس ويشتغل بتفسير البغوى وبالفقه ونحو ذلك فإن كان قد تاب من الإلحاد فالله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات والله تعالى يقول يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا سورة الزمر 53
لكن ما ذكره عنه هذا إن كان قبل التوبة لم يقبل قوله وإن كان بعد التوبة لم يكن قد تاب من الرفض بل من الإلحاد وحده وعلى التقديرين فلا يقبل قوله والأظهر أنه إنما كان يجتمع به وبأمثاله لما كان منجما للمغل المشركين والإلحاد معروف من حاله إذ ذاك
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص445-449
:"...حصل لأتباع خلفاء بني أمية من المصلحة في دينهم ودنياهم أعظم مما حصل لأتباع المنتظر فإن هؤلاء لم يحصل لهم إمام يأمرهم بشيء من المعروف ولا ينهاهم عن شيء من المنكر ولا يعينهم على شيء من مصلحة دينهم ولا دنياهم بخلاف أولئك فإنهم انتفعوا بأئمتهم منافع كثيرة في دينهم ودنياهم أعظم مما انتفع هؤلاء بأئمتهم منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص487
"والقول بكون الرجل المعين من أهل الجنة قد يكون سببه إخبار المعصوم وقد يكون سببه تواطؤ شهادات المؤمنين الذين هم شهداء الله في الأرض كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه مر عليه بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال وجبت وجبت ومر عليه بجنازة فأثنوا عليها شرا فقال وجبت وجبت فقالوا يا رسول الله ما قولك وجبت وجبت قال هذه الجنازة أثنيتم عليها خيرا فقلت وجبت لها الجنة وهذه الجنازة أثنيتم عليها شرا فقلت وجبت لها النار أنتم شهداء الله في الأرض وفي المسند عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال يوشك أن تعلموا أهل الجنة من أهل النار قالوا بم يا ر سول الله قال بالثناء الحسن والثناء السيء وقد يكون سبب ذلك تواطؤ رؤيا المؤمنين فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال لم يبق بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها الرجل المؤمن الصالح أو ترى له
وسئل عن قوله تعالى لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة سورة يونس 64 قال هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له
وقد فسرها أيضا بثناء المؤمنين فقيل يا رسول الله الرجل يعمل العمل لنفسه فيحمده الناس عليه فقال تلك عاجل بشرى المؤمن
والرؤيا قد تكون من الله وقد تكون من حديث النفس وقد تكون من الشيطان فإذا تواطأت رؤيا المؤمنين على أمر كان حقا كما إذا تواطأت رواياتهم أو رأيهم فإن الواحد قد يغلط أو يكذب وقد يخطىء في الرأي أو يتعمد الباطل فإذا إجتمعوا لم يجتمعوا على ضلالة وإذا تواترت الروايات أورثت العلم وكذلك الرؤيا
منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص497،500
للباحثين نصوص ابن تيمية عن الشورى وعن انه ليس هناك في الاسلام حاكم مطلق وان مطلق الطاعة هي لصحاب الرسالة لسبب رسالته وصلتها بالوحي صلى الله عليه وسلم كلها مهمة في الرد على العلمانيين كلهم بلا استثناء
وهي ايضا للرد عليهم في موقف علماء الامة من ابن تيمية حتى القرضاوي!
ولاتنسى ان العلمانيين يكذبون الكذبات الكبيرة على العلماء
وكما قال ابن تيمية نفسه لادليل يبرزوه ولامرسوم ينشروه ولابرهان يعرضوه!
فإن قالوا المحبة الصادقة تستلزم الموافقة عاد الأمر إلى انه لا بد من أداء الواجبات وترك المحرمات وإن أراد بذلك أنهم يعتقدون أن كل من اعتقد الاعتقاد الصحيح وأدى الواجبات وترك المحرمات يدخل الجنة فهذا اعتقاد أهل السنة فإنهم يجزمون بالنجاة لكل من اتقى الله كما نطق به القرآن وإنما يتوقفون في الشخص المعين لعدم العلم بدخوله في المتقين فإنه إذا علم أنه مات على التقوى علم أنه من أهل الجنة ولهذا يشهدون بالجنة لمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم ولهم فيمن استفاض في الناس حسن الثناء عليه قولان منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية ج3 ص496،497