التاريخ المحسوس لحضارة الإسلام وعصور اوروبا المظلمة من قصة الحضارة لديورانت أ. طارق منينة

انتبه
فاليهود الذين فروا أو نفوا من إسبانيا والبرتغال، ولاشك أنهم ورثوا العلم الإسلامي والترجمات والكتب، ينشؤون المكتبات في هولندا!!
:"وأصدرت مطبعة عبرية أسسها منسي بن إسرائيل في 1627 عدداً كبيراً من الكتب والنشرات، وسوف تكون أمستردام طوال القرنين التاليين مركز التجارة اليهودية في الكتب"
قصة الحضارة ج33 ص 134،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> أورشليم الهولندية
 
انجلترا تطرد اليهود
عام 1290(نهاية القرن الثالث عشر)
:"لم يكن مسموحاً لليهود بالعيش في إنجلترا في الفترة بين طردهم منها في 1290 وتقلد كرومويل السلطة في 1649. وربما ظهر بعض الباعة اليهود المتجولين في القرى، وبعض تجارهم وأطبائهم في المدن
قصة الحضارة ج33 ص 136،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> أورشليم الهولندية
 
ترجمة الملك جيمس غيرت النظرة الى اليهود!!!
والطاغية سفاك الدماء كرومويل يمنحهم الحرية (لامانع عندي من ذلك) لكن الكنائس الكبرى تعترض!!
قال ديورانت
:"وقد خفف انتشار الكتاب المقدس، الذي عجلت به ترجمة الملك جيمس، من حدة العداء لليهود لأنها وثقت معرفة إنجلترا بالعهد القديم. وتغلغلت أفكار العبرانيين القدماء ومشاعرهم في فكر البيورتان وعباراتهم. وبدت لهم حروب اليهود صورة سابقة لحروبهم مع تشارلز الأول، وكان يهوه رب الجنود-على نحو ما-أنسب لحاجاتهم من ملك السلام الذي جاء وصفه في العهد الجديد. ورسم الكثير من الكتائب البيورتانية أسد يهوذا على راياتهم، وسار أعوان كرومويل "ذوو الجوانب الحديدية" إلى المعركة وهو يتغنون بأغاني كتابية. وإذ أقبل البيورتان أدب التوراة الرائع على أنه كلمة الله بحذافيرها، فإنهم أحسوا بأنهم مضطرون إلى الاعتراف باليهود مختارين من الله ليكونوا المتسلمين المباشرين لوحيه، وأخبر واعظ منهم شعب كنيسته أن اليهود ينبغي أن يظلوا مكرمين باعتبارهم مختاري الله، وسمي بعض جماعة "المسوين" أنفسهم يهوداً(30). وشعر كثير من البيورتان أن تأكيد المسيح الصريح لناموس موسى يرجح رفض بولس إياه، وحملوا جميع المسيحيين المتمسكين بالكتاب المقدس على الالتزام بممارسة ذلك الناموس. واقترح أحد قادة البيورتان، وهو اللواء تومس هاريسون، وكان من ألصق مساعدي كرومويل به، جعل الشريعة الموسوية جزءاً من القانون الإنجليزي(31). وفي 1949 قدم مشروع قانون لمجلس العموم بتغيير يوم الرب من الأحد الوثني إلى السبت اليهودي. فالإنجليز أيضاً هم الآن-في زعم البيورتان-شعب الله المختار.
وكانت جماعة صغيرة من المارانو سكنت لندن على عهد جيمس الأول (1603-25). وكانوا أول الأمر يختلفون إلى الصلوات المسيحية، ولكنهم بعد ذلك لم يعبئوا بإخفاء ولائهم لليهودية. . وشارك الماليون اليهود أمثال أنطونيو كارفاجال في تلبية حاجات البرلمان الطويل والجمهورية للمال(32). فلما تقلد كرومويل السلطة استخدم التجار المارانو مصادر للمعلومات الاقتصادية والسياسية المتصلة بهولندة وأسبانيا، ولاحظ في شيء من الحسد ما أصابته التجارة الهولندية من توفيق يرجع بعضه إلى تدفق اليهود وعلاقاتهم الدولية.
وبعد أن وصل منسي بن إسرائيل إلى إنجلترا بقليل استقبله كرومويل، ووضع مسكناً في لندن تحت تصرفه. وقدم منسي ملتمساً، ونشر عن طريق الصحف "إعلاناً" بالمبررات الدينية والاقتصادية الداعية للإذن اليهود بدخول إنجلترا. وبين السبب في أن اليهود اضطرتهم القيود القانونية، وعدم أمنهم المادي والمالي، إلى الزهد في الزراعة والإقبال على التجارة. وأشار إلى يهود أمستردام يرتزقون من الاستثمار في التجارة لا من إقراض المال، وأنهم لا يتعاملون الربا بل يضعون أموالهم السائلة في مصارف ويقنعون بفائدة قدرها خمسة في المائة على ودائعهم. ودلل على انعدام أي أساس للأسطورة التي زعمت أن اليهود يقتلون الأطفال المسيحيين ليستعملوا دمهم في الشعائر الدينية. وأكد للمسيحيين أن اليهود لا يبذلون محاولات ليفتنوا الناس عن دينهم. واختتم بطلب السماح لليهود بدخول إنجلترا، شريطة أن يقسموا يمين الولاء للملكة، وبأن يمنحوا الحرية الدينية، والحماية من العنف وأن يقضي أحبارهم وقوانينهم في خلافاتهم دون إضرار بالقانون والمصالح الإنجليزية. وفي 4 ديسمبر 1655، جمع كرومويل في هوايتهول مؤتمراً من الفقهاء وكبار الموظفين ورجال الدين للبحث في قبول اليهود. ودافع هو شخصياً عن الفكرة بقوة وفصاحة، مؤكداً الجانب الديني والاقتصادي إذ لا بد من تبشير اليهود بالإنجيل الطاهر، ولكن "أنستطيع تبشيرهم إذا لم نحتمل عيشهم بين ظهرانينا(33)؟" ولم تلق حججه تعاطفاً كثيراً
قصة الحضارة ج33 ص137،138،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> إنجلترا واليهود
 
ترجمة الملك جيمس غيرت النظرة الى اليهود " أنها وثقت معرفة إنجلترا بالعهد القديم" !!
والطاغية سفاك الدماء كرومويل يمنحهم الحرية (لامانع عندي من ذلك) لكن الكنائس الكبرى تعترض!!
قال ديورانت
:"وقد خفف انتشار الكتاب المقدس، الذي عجلت به ترجمة الملك جيمس، من حدة العداء لليهود لأنها وثقت معرفة إنجلترا بالعهد القديم. وتغلغلت أفكار العبرانيين القدماء ومشاعرهم في فكر البيورتان وعباراتهم. وبدت لهم حروب اليهود صورة سابقة لحروبهم مع تشارلز الأول، وكان يهوه رب الجنود-على نحو ما-أنسب لحاجاتهم من ملك السلام الذي جاء وصفه في العهد الجديد. ورسم الكثير من الكتائب البيورتانية أسد يهوذا على راياتهم، وسار أعوان كرومويل "ذوو الجوانب الحديدية" إلى المعركة وهو يتغنون بأغاني كتابية. وإذ أقبل البيورتان أدب التوراة الرائع على أنه كلمة الله بحذافيرها، فإنهم أحسوا بأنهم مضطرون إلى الاعتراف باليهود مختارين من الله ليكونوا المتسلمين المباشرين لوحيه، وأخبر واعظ منهم شعب كنيسته أن اليهود ينبغي أن يظلوا مكرمين باعتبارهم مختاري الله، وسمي بعض جماعة "المسوين" أنفسهم يهوداً(30). وشعر كثير من البيورتان أن تأكيد المسيح الصريح لناموس موسى يرجح رفض بولس إياه، وحملوا جميع المسيحيين المتمسكين بالكتاب المقدس على الالتزام بممارسة ذلك الناموس. واقترح أحد قادة البيورتان، وهو اللواء تومس هاريسون، وكان من ألصق مساعدي كرومويل به، جعل الشريعة الموسوية جزءاً من القانون الإنجليزي(31). وفي 1949 قدم مشروع قانون لمجلس العموم بتغيير يوم الرب من الأحد الوثني إلى السبت اليهودي. فالإنجليز أيضاً هم الآن-في زعم البيورتان-شعب الله المختار.
وكانت جماعة صغيرة من المارانو سكنت لندن على عهد جيمس الأول (1603-25). وكانوا أول الأمر يختلفون إلى الصلوات المسيحية، ولكنهم بعد ذلك لم يعبئوا بإخفاء ولائهم لليهودية. . وشارك الماليون اليهود أمثال أنطونيو كارفاجال في تلبية حاجات البرلمان الطويل والجمهورية للمال(32). فلما تقلد كرومويل السلطة استخدم التجار المارانو مصادر للمعلومات الاقتصادية والسياسية المتصلة بهولندة وأسبانيا، ولاحظ في شيء من الحسد ما أصابته التجارة الهولندية من توفيق يرجع بعضه إلى تدفق اليهود وعلاقاتهم الدولية.
وبعد أن وصل منسي بن إسرائيل إلى إنجلترا بقليل استقبله كرومويل، ووضع مسكناً في لندن تحت تصرفه. وقدم منسي ملتمساً، ونشر عن طريق الصحف "إعلاناً" بالمبررات الدينية والاقتصادية الداعية للإذن اليهود بدخول إنجلترا. وبين السبب في أن اليهود اضطرتهم القيود القانونية، وعدم أمنهم المادي والمالي، إلى الزهد في الزراعة والإقبال على التجارة. وأشار إلى يهود أمستردام يرتزقون من الاستثمار في التجارة لا من إقراض المال، وأنهم لا يتعاملون الربا بل يضعون أموالهم السائلة في مصارف ويقنعون بفائدة قدرها خمسة في المائة على ودائعهم. ودلل على انعدام أي أساس للأسطورة التي زعمت أن اليهود يقتلون الأطفال المسيحيين ليستعملوا دمهم في الشعائر الدينية. وأكد للمسيحيين أن اليهود لا يبذلون محاولات ليفتنوا الناس عن دينهم. واختتم بطلب السماح لليهود بدخول إنجلترا، شريطة أن يقسموا يمين الولاء للملكة، وبأن يمنحوا الحرية الدينية، والحماية من العنف وأن يقضي أحبارهم وقوانينهم في خلافاتهم دون إضرار بالقانون والمصالح الإنجليزية. وفي 4 ديسمبر 1655، جمع كرومويل في هوايتهول مؤتمراً من الفقهاء وكبار الموظفين ورجال الدين للبحث في قبول اليهود. ودافع هو شخصياً عن الفكرة بقوة وفصاحة، مؤكداً الجانب الديني والاقتصادي إذ لا بد من تبشير اليهود بالإنجيل الطاهر، ولكن "أنستطيع تبشيرهم إذا لم نحتمل عيشهم بين ظهرانينا(33)؟" ولم تلق حججه تعاطفاً كثيراً
قصة الحضارة ج33 ص137،138،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> إنجلترا واليهود
 
نزل قرار -أمر -التعايش مع اليهود والمسيحيين عند المسلمين من السماء وحياً حكيماً عليماً ، وتقبلت شعوبنا التعايش في بلاد المسلمين في فترة حضارتنا، وفي ظل دولتنا وخلافتنا وبلادنا، أكثر من عشرة قرون بل حتى يومنا هذا.
أما في الغرب فحتى بعد بعثة النبي محمد بأكثر من عشرة قرون فكانت الشعوب ماتزال ترفضهم وتطالب بحرقهم أو نفيهم وطردهم، وتصنع القصص الخرافية لدعم إضطهادهم!!(تقدمت نصوص حرقهم ونفيهم وطردهم بقرارات باباوية بالحق الإلهي المزعوم أو بقرارات ملوكية بالحق الإلهي المزعوم أيضاً!
قال ديورانت عن حالهم في إنجلترا القرن السابع عشر
:"وفي 4 ديسمبر 1655، جمع كرومويل في هوايتهول مؤتمراً من الفقهاء وكبار الموظفين ورجال الدين للبحث في قبول اليهود. ودافع هو شخصياً عن الفكرة بقوة وفصاحة، مؤكداً الجانب الديني والاقتصادي إذ لا بد من تبشير اليهود بالإنجيل الطاهر، ولكن "أنستطيع تبشيرهم إذا لم نحتمل عيشهم بين ظهرانينا(33)؟" ولم تلق حججه تعاطفاً كثيراً. وأصر رجال الدين على أن لا مكان لليهود في دولة مسيحية واعترض ممثلو التجارة بأن التجار اليهود سينتزعون التجارة والثروة من أيدي الإنجليز. وقرر المؤتمر أن اليهود لا يستطيعون المقام في إنجلترا "إلا بإذن خاص من سموه(34)".لقد كان الرأي العام معادياً لقبولهم عداءً طاغياً. وذاعت شائعات زعمت أن اليهود إذا سمح لهم بدخول إنجلترا سيحولون كتدرائية القديس بولس إلى مجمع يهودي. وأصدر وليم برين (1655-56) كتاباً سماه "اعتراض موجز" جدد فيه الاتهامات القديمة لليهود بأنهم يزيفون العملة ويقتلون الأطفال، وكان قد أثار زوبعة قبل ذلك بعشرين سنة بهجومه على المسرح الإنجليزي في كتابه Historiomastix ورد بيورتاني متحمس يدعى توماس كوليز على برين، ولكنه أضعف حججه بمطالبته بإكرام اليهود باعتبارهم شعب الله المختار. ونشر منسي نفسه (1656) "دفاعاً" ناشد فيه روح الإنصاف في الشعب الإنجليزي. وقال أيستطيعون حقاً أن يصدقوا "تلك الفرية العجيبة الرهيبة... التي تزعم أن اليهود اعتادوا الاحتفال بعيد الفطير، بتخميره بدم بعض المسيحيين الذين قتلوهم لذلك الغرض؟" وقال كم مرة من التاريخ افترى شهود الزور بمثل هذه التهم أو لم يؤيدها غير اعترافات انتزعت بالتعذيب، وكم من مرة وضحت براءة اليهود المتهمين بها بعد إعدامهم. ثم اختتم بإيمان وحرارة مؤثرين قائلاً:
"وإلى الشعب الإنجليزي الأكرم أرفع رجائي المتواضع بأن يعيدوا قراءة حججي دون تحيز، ... مسلماً نفسي تماماً إلى فضلهم ورضاهم، متضرعاً إلى الله بحرارة أن يتفضل ويعجل بالوقت الذي وعد به (النبي) صفنياً، يوم نخدمه تعالى جميعاً برأي واحد، وبطريقة واحدة، ويكون لنا كلنا رأي واحد، وأنه بما أن اسمه واحد، فكذلك تكون مخافته واحدة، ونرى جود الرب (تبارك اسمه إلى الأبد) وتعزيا صهيون(35)". ولكن الدعاء لم يكسب الشعب الإنجليزي، ولم يظفر منسي بقبول رسمي لليهود. وطرح كرومويل المشكلة جانباً في غمرة جهوده لحماية حكومته وحياته، ولكنه أجاز منسي بمعاش سنوي قدرة مائة جنيه (لم يدفع قط) من الخزانة العامة. وفي سبتمبر 1657 مات ابن منسي. وأعانته منحة من حامي الجمهورية على نقل جثة ولده إلى هولندا لدفنها، ولكن "الرسول المبعوث إلى إنجلترا" مات في مدلبورج في 20 نوفمبر بعد أن أعياه السفر وهده الحزن، غير مخلف من المال ما يكفي لتشييع جنازته.
على أنه في واقع الأمر لم يفشل في مهمته. كتب ايفلين في "يوميته" تحت يوم 14 ديسمبر 1655 "الآن قبل اليهود" لم يبح عودتهم إلى إنجلترا شرعاً أي مرسوم من حامي الجمهورية، أو قانون من البرلمان، ولكن أعداداً متزايدة دخلت بموافقة كرومويل الصامتة. وفي 1657 سمح ليهود لندن ببناء مقبرتهم الخاصة بوصفهم يهوداً لا مسيحيين، وما لبثوا أن افتتحوا مجمعاً ومارسوا شعائرهم في هدوء. فلما عادت الملكية إلى إنجلترا، تذكر تشارلز الثاني الدعم المالي الذي تلقاه في منفاه بهولندا من منديس داكوستا وغيره من العبرانيين، وأدرك المنافع التي حصلت عليها إنجلترا من المشروعات التجارية التي اضطلع بها يهود لندن، فأغضي عن المزيد من الهجرة اليهودية لإنجلترا. وواصل وليم الثالث هذا الموقف المتسامح وهو يذكر كذلك معونة اليهود، وذلك برغم شكاوي التجار ورجال الدين الإنجليز المتكررة. واكتسب سليمان مديناً أول لقب فروسية يهودي بخدماته متعهداً للجيش لوليم الثالث وملبره(36). وما أقبلت سنة 1715 حتى كان السماسرة اليهود يعملون في سوق لندن المالية، والماليون اليهود قوة صغيرة في البلاد. وفي عام 1904 احتفل اليهود الإنجليز بالذكرى الثلاثمائة لمولد منسي.
قصة الحضارة ج33 ص139،140،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> إنجلترا واليهود
 
اضطهاد اليهود في المانيا (القرن ال16،17)
الأشكنازيم ..في سنة 1564 كانت بقية لا يستهان بها من المستوطنات اليهودية باقية في ألمانيا لا سيما في فرانكفورت-أم-مين، وهامبورج، وفورمز، برغم الحملات الصليبية الوسيطة ومئات التقلبات. غير أن حركة الإصلاح البروتستنتي لم تكن قد خففت من تلك الكراهية التي أحس بها المسيحيون نحو شعب غريب لم يستطع أن يقبل المسيح على أنه ابن الله، بل زادتها حدة. ففي فرانكفورت حرم على اليهود أن يبرحوا حيهم إلا لأمر عاجل، ولم يكن مباحاً لهم استضافة زوار من خارج المدينة دون علم القضاة، وكان عليهم أن يضعوا على ملابسهم شعاراً أو لوناً خاصاً، وأن تحمل بيوتهم علامات مميزة كثيراً ما كانت غريبة قبيحة المنظر. وقد اشترت رشوة موظفي المدينة أحياناً الإعفاءات من هذه القيود المذلة، ولكن عداء أفراد الشعب البسطاء كان خطراً دائماً يتهدد حياة اليهود وممتلكاتهم. مثال ذلك ما حدث في سبتمبر 1614 حين اقتحم جمع مسيحي باب حي اليهود بينما كانت كان معظم يهود فرانكفورت يقيمون الصلاة، وبعد أن استمتعوا بليلة من النهب والتدمير، أجبروا 1.380 يهودياً على مبارحة المدينة دون أن يحملوا من المتاع إلا ما على أجسادهم من ثياب. وأطعمت عدة أسر مسيحية اللاجئين وآوتهم، وألزم رئيس أساقفة مينز بلدية فرانكفورت بردهم لبيوتهم، وتعويضهم عن خسائرهم، وشنق زعيم الغوغاء(37). وبعد سنة قامت حركة ممثلة في فورمز، فطردت اليهود من المدينة وانتهكت حرمة مجامعهم ومدافنهم، ولكن رئيس أساقفة فورمز وأمير هسي-دار مشتات قدماً الملجأ للمنفيين، وبسط عليهم ناخب بالاتين حمايته في رجوعهم. ويمكن القول عموماً أن كبار الأكليروس وأفراد الطبقات العليا كانوا ميالين للتسامح، ولكن صغار الأكليروس وجماهير الشعب كان من السهل إثارتهم وإشعال نار الحقد في نفوسهم. وكانت القيود القديمة-حتى بعد تخفيفها-مسلطة أبداً فوق رءوس اليهود، واحتمالات الإهانة والأذى ماثلة في أي يوم. وكان بعض المسيحيين الغيورين يخطفون الأطفال من فوق صدور أمهاتهم ويعمدونهم بالإكراه(38). حقاً لولا الجهل لما كان للتاريخ وجود.
وتركت حرب الثلاثين يهود ألمانيا في سلامة نسبية. فقد استغرق البروتستنت والكاثوليك في قتل بعضهم البعض استغراقاً كاد ينسيهم أن يقتلوا اليهود، حتى ولو كانوا أقرضوهم مالاً. وكان الإمبراطور فرديناند الأول قد فرض لوائح ثقيلة على يهود النمسا، وطردهم من بوهيميا (1559)، ولكن فرديناند الثاني حماهم، وسمح لهم بأن بينوا مجمعاً في فيينا الكاثوليكية وأن يخلعوا شعاراتهم، وأباح رجوع اليهود إلى بوهيميا. وتعهد يهود بوهيميا بدفع أربعين ألف جولدن كل عام إسهاماً منهم في القضية الإمبراطورية في تلك الحرب الكبيرة. ورغبة في تهدئة خواطر المسيحيين الذين تذمروا من سياسة فرديناند الثاني المتسامحة، أمر (1635) بأن يستمع يهود براغ كل أحد للعظات المسيحية، وفرض الغرامات عقاباً للتهرب أو النوم أثناء العظات
قصة الحضارة ج33 ص140-142،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> الأشكنازيم
 
حرب الثلاثين عاما، ولفظ ديورانت عن الإستغراق في الإقتتال الأوروبي المسيحي-المسيحي، الداخلي
قال
:"وتركت حرب الثلاثين يهود ألمانيا في سلامة نسبية. فقد استغرق البروتستنت والكاثوليك في قتل بعضهم البعض استغراقاً كاد ينسيهم أن يقتلوا اليهود، حتى ولو كانوا أقرضوهم مالاً"
انظر النص كاملا في قصة الحضارة ج33 ص140-142،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> الأشكنازيم
 
طرد اليهود من النمسا في عهد الإمبراطور ليوبولد الأول
:"وكان من أثر نفوذ الإمبراطورة مارجريت تريزا، الأسبانية المولد اليسوعية الروح، على زوجها ليوبولد الأول أنه أمر بنفي اليهود من النمسا، ولكن الناخب الأكبر فردريك وليم رحب بكثير من المنفيين في براندنبورج، ونمت الجالية اليهودية في برلين حتى غدت من أكبر الجاليات في أوربا.
قصة الحضارة ج33 ص142،،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> الأشكنازيم
 
بولندا ومذابح اليهود العارضة!؟
:"وفي القرن العاشر دخل اليهود بولندة من ألمانيا وزكوا وتكاثروا تحت حماية الحكومة رغم المذابح العارضة. وفي 1501 كان هنا نحو خمسين ألف يهودي في بولندة، وفي 1648 نصف مليون(40)،
قصة الحضارة ج33 ص143،،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> الأشكنازيم
بولندا ومذابح(2) اليهود العارضة وكراهية البولنديين لهم، حتى نهبوا بيوت اليهود وقتلوا كثير منهم!!
:"وكل حكام بولندة في القرنين السادس عشر والسابع عشر، فيما عدا قلة منهم، من أكثر ملوك زمانهم تسامحاً. فأصدر ستيفن باتوري مرسومين يؤكدان الحقوق التجارية لليهود، ويدمغان تهم القتل الطقسي التي يرمي بها اليهود بأنها "افتراءات" قاسية لا يسمح بها في المحاكم البولندية (1567)(41). ولكن عداء الشعب لليهود لم يخف. فلم ينقض عام واحد على هذين المرسومين حتى هاجم جمع من الغوغاء الحي اليهودي في بوزنان، ونهبوا البيوت، وقتلوا كثيراً من اليهود. وفرض باتوري غرامة على موظفي المدينة لفشلهم في وقف الشغب. وواصل سجسمند الثالث سياسة التسامح الملكي.
وتضافر عاملان لإنهاء هذا العهد الذي توافرت فيه حسن نية الحكومة قبل اليهود. أولهما أن التجار الألمان في بولندة كرهوا منافسة اليهود لهم، فأشعلوا ثورات شعبية في بوزنان وفيلنو، حيث هدم مجمع لليهود ونهبت بيوت اليهود (1592)، وقدموا للملك ملتمساً de non tolerandis Judaeis بعدم التسامح مع اليهود (1619). وانضم إلى الحملة لوقف التسامح اليسوعيين الذين استقدم باتوري وما لبثوا أن تولوا القيادة الفكرية للكاثوليك في بولندة. وظفرت اتهامات اليهود بالقتل الطقسي باعتراف الحكومة بها الآن. ففي 1589 عشر في لوبلن على جثة صبي في مستنقع، فأكره ثلاثة يهود بالتعذيب على الاعتراف بأنهم قتلوه، ثم شنقوا وانتزعت أحشاؤهم وقطعوا أرباعاً، وأصبح جثمان الصبي الذي حفظ في كنيسة كاثوليكية محل الإجلال الديني. وازدادت المؤلفات المعادية للسامية ضراوة عن ذي قبل.
وفي 1618 نشر سبستيان ميشنسكي الكراكاوي كتيباً اسمه "مرآة للتاج البولندي" اتهم فيه اليهود بقتل الأطفال، والسحر، والسرقة، والنصب، والخيانة، ودعا مجلس الأمة لطرد جميع اليهود من بولندة. وأثار الكتيب الشعور العام إثارة حملت سجسموند على مصادرته. واتهم طبيب من بولندي الأطباء اليهود بتسميم الكاثوليك بشكل منظم (1623) وأمر الملك لاديسلاس الرابع السلطات البلدية بأن تحمي اليهود من الثورات الشعبية، وحاول التخفيف من عداء المسيحيين لهم بمنع اليهود من السكنى في الأحياء المسيحية، أو بناء مجامع جديدة، أو فتح مدافن جديدة، دون ترخيص ملكي. وألزم برلمان 1643 جميع التجار بألا تتجاوز أرباحهم 7% إن كانوا مسيحيين، و3% إن كانوا يهوداً، وكانت النتيجة أن المسيحيين أقبلوا على الشراء من اليهود فأثروا وأثاروا مزيداً من الحقد.
وتكاثر اليهود البولنديون برغم الكراهية والقيود والشدائد والفقر وبنوا المعابد والمدارس، وتناقلوا تقاليدهم وأخلاقهم ونواميسهم التي أعانتهم على الاستقرار، وصانوا إيمانهم المعزى. ونظم المدارس الأولية معلمون خصوصيون ينقدهم الأدباء أجورهم بواقع التلميذ والفترة، أما التلاميذ العاجزون عن الدفع فإن معظم الجاليات اليهودية أنفقت على مدرسة خاصة بهم من الأموال العامة. وكان حضور المدرسة الأولية إلزامياً على الصبية من السادسة إلى الثالثة عشرة. ووفر التعليم العالي في كلية (يشيبا) يشرف عليها الأحبار.
قصة الحضارة ج33 ص142،143،،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> الأشكنازيم


بولندا ومذابح(3) اليهود، قتلهم في بولندا بالآلاف!
قال ديورانت
:"وقد ظل اليهود البولنديون يعيشون كأنهم في العصور الوسطى حتى أصبحت الحداثة حديثة بقدر يكفي لإعطائهم الحرية-أو الموت.
وجاءهم عام 1648 بتذكير رهيب لهم بوضعهم القلق في العالم المسيحي. ذلك أن الثورة التي تفجرت آنذاك بين القوزاق ضد ملاكهم البولنديين واللتوانيين وقعت وطأتها على كاهل اليهود الذين كانوا يعملون وكلاء للضياع أو جباة للضرائب. فذبح الآلاف منهم في بيريياسلاف، وبيرياتين، ولوبني، وغيرها من المدن، سواء كانوا يخدمون النبلاء أو لا يخدمونهم. واحتفظ بعضهم بحياتهم إما باعتناقهم مذهب الروم الأرثوذكس، وإما بالالتجاء إلى التتار الذين باعوهم عبيداً. وقد اشتط غيظ القوزاق المكبوت فاتسم بشراسة لا تصدق. يقول مؤرخ روسي:
"كان القتل مصحوباً بضروب من التعذيب الهمجي: فكان الضحايا تسلخ جلودهم أحياء، أو يمزقون إرباً، أو يضربون بالهراوات حتى يموتوا، ويشوون على الجمر، أو يحرقون بالماء المغلي... على أن أبشع ألوان القسوة أصاب اليهود. فقد حكم عليهم بالإبادة الكاملة، وكانت أقل علامة على الرأفة بهم تعتبر خيانة. وانتزع القوزاق لفافات الشريعة من المجامع وراحوا يرقصون عليها وهم يشربون الوسكي. ثم طرحوا عليها اليهود وذبحوهم بغير رحمة. وألقى آلاف الأطفال اليهود في الآبار أو أحرقوا أحياء(43)".
وروي أن 6.000 يهودي هلكوا في هذه الثورة في مدينة واحدة هي نيميروف. وفي تولشيمن حوصر 1.500 يهودي في حديقة عامة وخيروا بين اعتناق المسيحية أو الموت، وإذا جاز لنا أن نصدق المؤرخ الأخباري اليهودي فإن 1.500 اختاروا الموت. وقيل أن 10.000 (؟) يهودي في مدينة بولونوي قتلهم القوزاق أو أسرهم التتار. ونشبت في مدن أوكرانية أخرى مذابح منظمة أقل شأناً. ولما تحالف القوزاق مع روسيا بعد أن تصدى لهم الجيش البولندي (1654)، انضم الجنود المسكوفيون إلى القوزاق في قتل أو طرد يهود موجيليف، وفيتيبسك، وفيلنو، وغيرها من المدن التي انتزعت من اللتوانيين أو البولنديين.
وفي 1655 خلق غزو شارل العاشر ملك السويد لبولندة مشكلة أخرى لليهود. ذلك أنهم ككثيرين من البولنديين قبلوا الفاتح السويدي دون مقاومة، منقذاً لهم من الروس المرهوبين. فلما قام جيش بولندي جديد وطرد السويديين، ذبح اليهود في جميع أرجاء ولايات بوزنان، وكاليش، وكراكاو، وبيوتركوف، فيما عدا مدينة بوزنان ذاتها. وعلى الجملة كانت هذه الكوارث التي مني بها اليهود من 1684 إلى 1658 في بولندة ولتوانيا وروسيا، حتى عصرنا الحاضر، أدمي الكوارث في تاريخ اليهود الأوربيين، ففاقت في هولها وضحاياها مذابح الحروب الصليبية، والموت الأسود. وقد حسب تقدير متحفظ أن 34.719 يهودياً ماتوا، و531 جالية يهودية أبيدت(44). هذا العقد الفاجع هو الذي بدأ هجرة اليهود الجماعية من الأراضي السلافية إلى أوربا الغربية وأمريكا الشمالية، مما أسفر عن توزيع جديد كامل للسكان اليهود على سطح الأرض.
وفي بولندة عاد من بقي من اليهود على قيد الحياة إلى بيوتهم وأعادوا في صبر بناء جالياتهم التي دمرت. وأعلن الملك يوحنا كازيمير عن عزمه على تعويض رعاياه اليهود قدر استطاعته عن النكبات التي تحملوها، فمنحهم مراسيم جديدة بالحقوق والحماية، وإعفاءً مؤقتاً من الضرائب في تلك المراكز التي اشتد كربها. ولكن العداء الشعبي واللاهوتي ظل قائماً، نخفف منه المواساة المسيحية بين الحين والحين. ففي 1660 أعدم حبران بالتهمة القديمة التي طالما استنكرها البابوات، وهي تهمة القتل الطقسي، وفي 1663 لقي صيدلي يهودي في كراكاو الموت بتهمة لم تثبت عليه، وهي أنه كتب هجاء يندد فيه بعبادة مريم العذراء، وكان موته بالترتيب الهمجي الذي قضت به المحكمة: فبترت شفتاه، وأحرقت يده، وقطع لسانه، وأحرق جسده على الخازوق(45). وأرسل قائد الطريقة الدومنيكية من روما (9 فبراير 1664) رسالة يحض فيها الرهبان الدومنيكان في كركاو "على الدفاع عن اليهود التعساء ضد كل قرية تفتري عليهم(46)". وفي لفوف غزا تلاميذ أكاديمية يسوعية حي اليهود، وقتلوا مائة منهم، وهدموا البيوت، وانتهكوا حرمة المجامع (1664)، ولكن الطلبة اليسوعيين في فيلنو حموا اليهود من الغوغاء محدثي الشغب (1682)(47). وحاول سوبيسكي السمح الكريم (1674-96) جاهداً أن يطيب خاطر يهود بولندة، فأكد من جديد حقوقهم المنتهكة، وحررهم من قضاء السلطات البلدية الخاضعة لعواطف الجماهير، واستمع في تعاطف إلى المندوبين الذين قدموا التماسات اليهود إلى بلاطه. فما اختتم حكمه حتى كان اليهود البولنديون قد أفاقوا، عددياً، من ذلك العقد القاسي، ولكن أهواله ظلت عالقة أجيالاً بذاكرة اليهود.
قصة الحضارة ج33 ص145-147،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> الأشكنازيم
 
النصوص الفائتة هدية للنتن ياهو فقد زعم منذ يومين ان الابادة الالمانية الهتلرية لليهود تمت بايعاز من شيخ القدس الحسيني
امال هايعمل ايه في الابادات الاخرى التي وضعناها في النصوص الفائتة والتالية والقديمة
يانتنياهو انت استاذ تاريخ قديم لكنك جاهل مزيف كبقية كهنتك
صدق فيكم قول القرآن
 
روسيا تقتل وتغرق وتطرد اليهود(القرن ال16، والقرن ال17)
:"لم يكن في روسيا، قانوناً، يهود قبل 1772. وقد أبدى إيفان الرهيب رأيه فيهم في جوابه على طلب رجاه فيه سجسموند الثاني أن يسمح لليهود اللتوانيين بدخول روسيا للمتاجرة (1550): "ليس من المناسب السماح لليهود بالمجيء إلى روسيا بسلعهم لأن شروراً كثيرة تنجم عنهم. ذلك أنهم يدخلون الأعشاب السامة إلى مملكتنا، ويفتنون الروس عن المسيحية إذن ينبغي له (أي الملك) ألا بعيد الكتابة عن هؤلاء اليهود(48)".
ولما احتل الجيش الروسي مدينة الحدود البولندية بولوتسك (1565)، أرسل إيفان أوامره بتحويل اليهود المحليين إلى المسيحية، أو إغراقهم. وحين نشبت الحرب بين روسيا وبولندة في 1654 أدهش الروس أن يجدوا مدناً كثيرة في لتوانيا وأوكرانيا بها أقسام كاملة آهلة باليهود. فقتلوا بعض هؤلاء "المهرطقين الخطرين"، وأخذوا بعض أسرى إلى موسكو، حيث أصبحوا نواة لمستوطنة يهودية صغيرة غير شرعية. وفي 1698 تلقى بطرس الأكبر وهو في هولندا عن طريق أعمدة أمستردام، ملتمساً مقدماً من بعض اليهود يرجونه فيه السماح لهم بدخول روسيا، وكان جوابه:
"عزيزي ويتسن، إنك تعرف اليهود، وتعرف أخلاقهم وعاداتهم، وكذلك تعرف الروس. وأنا أعرف الاثنين، وصدقني أن الوقت لم يحن للجمع بين القوميتين. فقل لليهود إني شاكر لهم اقتراحهم، وإني مدرك كم ستفيدني خدماتهم، ولكني مشفق عليهم أن يعيشوا بين ظهراني الروس(49)".
وظلت هذه السياسة الروسية، سياسة إبعاد اليهود، معمولاً بها حتى الملتمس البولندي الأول (1772).
قصة الحضارة ج33 ص147،148،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> الأشكنازيم
 
اضطهاد الأوروبيون اليهود
يفسر لنا ديورانت مع بيان هوى نفسه في الموضوع(ولاتنسى أننا قدمنا نصاً ليورانت يعترف فيه أنه من الصعب الهوى بكامله!
:"لا بد لكي نفهم عداء المسيحيين لليهود أن ننفذ إلى ذهن كاثوليك العصور الوسطى وبروتستنت حركة الإصلاح الديني. لقد تذكروا صلب المسيح، ولكنهم لم يتذكروا جموع اليهود العريضة التي استمعت في فرح إلى المسيح ورحبت به في دخوله أورشليم. وآمنوا بيسوع ذلك "الممسوح"، ابن الله، ولكن اليهود لم يستطيعوا أن يروا في المسيح ذلك المسيا الذي وعدهم بها أنبياؤهم، والمخلص الذي سيحررهم من رقهم ويجعلهم من جديد شعباً حراً مرفوع الرأس. وكان عسيراً على المسيحيين أن ينظروا نظرة التسامح الأخوي إلى قلة لم تكن وحدانيتهم منافساً بعيداً كوحدانية الإسلام، بل صرخة حارة، تسمع من مجامع تتكاثر في قلب العالم المسيحي-"أصغ يا إسرائيل! الرب إلهنا واحد!"
قصة الحضارة ج33 ص148،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> إلهامات الإيمان
 
تفوق الإسلام على المسيحية واليهودية في التسامح والتعايش ، ومن هنا نعلم أن الإسلام سبق العلمانية بل أخذت منه تلك الجواهر ونسبته غالبا لنفسها وفلسفتها، كما فعلت المسيحية، ثم ادعت أن التسامح طبع وجوهر علماني، والمدهش أن كثير من العلمانيين العرب ذهبوا أبعد من ذلك فقالوا الإسلام والتسامح نقيضان لايجتمعان!!
يقول ديورانت عن المدى الذي عاشه اليهود في الإضطهاد الأوروبي...والحال الذي كانوا عليه(ويمكن مراجعة النصوص عن حالهم في النمسا وبولندا وفرنسا واسبانيا وغيرها، وقد ذكرتها من قبل)
قال ديورانت في نص جامع
:"ولكي يحمي مسيحيو أوربا ذلك الإيمان حاولوا عزل اليهود بالحواجز الجغرافية، والقيود السياسية، والرقابة الفكرية، والأغلال الاقتصادية. فلم يسمح لهم بالمواطنة الكاملة وبحقوقها في أي بلد في أوربا المسيحية قبل الثورة الفرنسية-ولا حتى في أمستردام. وحيل بينهم وبين الوظائف العامة، والجيش والمدارس والجامعات، والاشتغال بالقانون في المحاكم المسيحية. وفرضت عليهم الضرائب الباهظة، وتعرضوا للقروض الإجبارية، ولمصادرة ثروتهم في أي وقت. وأبعدوا عن الزراعة بقيود على ملكية الأرض، وبانعدام الأمن الذي ما برح ملازماً لهم والذي أكرههم على وضع مدخراتهم في النقد أو السلع المنقولة. وحرموا من الانضمام للطوائف الحرفية لأنها كانت من بعض الوجوه دينية شكلاً وهدفاً، واشترطت اليمين والشعائر المسيحية. وإذ قصر نشاطهم على الصناعات الصغيرة، وعلى التجارة والمالية، فإنهم وجدوا أنفسهم مطاردين حتى في هذه الأشغال بتحريمات خاصة تتفاوت بتفاوت المكان وتتغير في أي وقت.ففي إقليم حرم عليهم أن يكونوا باعة متجولين، وفي آخر أن يتجروا في دكاكين، وفي ثالث أن يتعاملوا في الجلد أو الصوف(50). ومن ثم عاش أكثر اليهود تجاراً صغاراً، وباعة متجولين، أو تجاراً في البضائع المستعملة أو الثياب القديمة، أو خياطين، أو خداماً لمواطنيهم الأغنياء، أو صناعاً يصنعون السلع لليهود. ومن هذه الأشغال، ومن ذلك العيش في الغيت، اكتسب فقراء اليهود عاداتهم تلك في الملبس والحديث، وحيل التجارة وخصائص الذهن التي مجتها الشعوب الأخرى والطبقات العليا من الناس.
ومن فوق هذه الكثرة المتواضعة كان الأحبار، والأطباء، والتجار، والماليون. وقد لعب نشاط المصدرين والمستوردين اليهود دوراً هاماً في ثراء هامبورج وأمستردام. وكان جزء على اثني عشر من تجارة إنجلترا الخارجية يمر بأيدي اليهود في النصف الأول من القرن السابع عشر(51). وغلب العنصر اليهودي في استيراد الجواهر والمنسوجات من الشرق. وانتفع اليهود في التجارة الدولية من علاقاتهم الأسرية في مختلف الدول، ومن إجادتهم اللغات، وكان لهم مسالكهم التي تصلهم منها المعلومات، فهدتهم بين الحين والحين إلى توقعات
قصة الحضارة ج33 ص149،150،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> إلهامات الإيمان
 
الأحلام التعويضية عند اليهود نتيجة اضطهاد أوروبا لهم ، وانتظار المسيا! وظهور" سبتاي زيفي"،عام 1648، يزعم أنه الفادي الموعود" وتركيا تعلمه الأدب!
قال ديورانت عن حالتهم من القرن ال16
:"ولقد عانى دين اليهود كما عانت أخلاقهم من فقر الحياة في الغيت وانطوائها وهوانها. فالأحبار الذين كانوا في العصور الوسطى رجالاً ذوي شجاعة وحكمة، أصبحوا في العصر أتباع صوفية تهرب من جحيم الاضطهاد والفاقة إلى جنة الأحلام التعويضية. وقد حل التلمود في العصور الوسطى محل التوراة روحاً لليهودية، أما الآن فقد حلت القبلانية محل التلمود. وزعم مؤلف فرانكفورتي من كتاب القرن السابع عشر أنه كان في أيامه أحبار كثيرون لم يروا توراة قط(55). وكان سليمان لوريا (1510-72) علامة عينت هذا الانتقال، فقد بدأ بالتلمود، وبنى عليه كتابه "يم شيل شلومو" (بحر سليمان)، ولكن حتى ذهنه المرهف استسلم آخر الأمر للقبلانية، فقد كانت "التقليد السري" لمتصوفة اليهود في العصر الوسيط، الذين اعتقدوا أنهم وجدوا وحياً إلهياً مستتراً في رمزية الأعداد، والحروف، والألفاظ، ولا سيما في الحروف التي يتألف منها اسم يهوه الذي لا ينطق به. وكان العالم تلو العالم في الغيت يضل في هذه الأوهام، حتى لقد صرح أحدهم بأن من يهمل حكمة القبلانية السرية يستحق الحرم(56). يقول أكبر المؤرخين اليهود المحدثين أنه في القرنين السادس عشر والسابع عشر "خنقت القبلانية الطفيلية حياة اليهود الدينية بجملتها. وكل الأحبار وقادة الجاليات اليهودية تقريباً... وقعوا في شراكها" من أمستردام إلى بولندة إلى فلسطين(57).
وكان سند الحياة في نظر اليهود المشتتين على هذا النحو، والذين كثيراً ما كانوا معدمين مفترى عليهم، هو الإيمان بأنه في يوم قريب سيأتي المسيا الحقيقي لينتشلهم من وهدة تعاستهم وعارهم ويرفعهم إلى مكان القوة والمجد. ومن المؤسف أن نرى كيف كان دجال أو متعصب يظهر القرن بعد القرن فيقبله اليهود على أنه هذا المخلص الذي طال ارتقابهم له. ولقد رأينا في موضوع سابق من هذا الكتاب كيف أن داود روبيني العربي هلل له عبرانيو البحر المتوسط في 1524 على أنه المسيا، مع أنه هو نفسه لم يدع هذا. وهاهو ذا يهودي من أزمير يدعى سبتاي زيفي، يظهر عام 1648 ويزعم أنه الفادي الموعود.
لقد بدا هذا المختار، من الناحية الجسمية، اختياراً جديراً بالإعجاب. فهو رجل طويل القامة، حسن التكوين، مليح الوجه، له شعر الشاب الصفاردي ولحيته السوداوان(58) "اجتذبته كتابات سليمان لوريا إلى القبلانية، فأخضع ذاته لنظام صارم من النسك أملاً في أن يصبح بهذا جديراً بالتقليد السري" في أكمل إعلانه. فأذل جسده، وأكثر من الاستحمام في البحر في جميع الفصول، وغالى في الاحتفاظ بنظافته حتى لقد احتفل أتباعه برائحة لحمه الزكية. ولم يشعر بميل للنساء، وقد تزوج في شبابه الباكر امتثالاً للعرف اليهودي، ولكن زوجته ما لبثت أن طلقته لفشله في أداء واجباته الزوجية. ثم تزوج ثانية، بنفس النتيجة. والتف الشبان من حوله، معجبين بصوته الرخيم وهو يرتل التراتيل القبلانية، متسائلين أليس هذا قديساً مبعوثاً من السماء. وكان أبوه أحد جماعة آمنت بقرب مجيء المسيا- وبأن ذلك لن يتجاوز سنة 1666. وسمعهم سبتاي يتنبأون بأن الفداء العظيم سيأتي على يد رجل طاهر النفس شديد الورع، ملم بأسرار القبلانية، قادر على جمع شمل كل الأبرار ليعيشوا في عصر السلالم الموعود. وخيل إليه، بعد أن طهره الزهد، أنه الفادي الإلهي. وكان "الظهر"، وهو نص في القبلانية يرجع إلى القرن الثالث عشر، قد حدد السنة اليهودية 5408 (1648 الميلادية) فاتحه لعصر الفداء. في تلك السنة أعلن سبتاي أنه المسيا، وكان آنئذ في الثانية والعشرين.
وصدقه رهط من مريديه. فأدانتهم حاخامية أزمير باعتبارهم مجدفين، ولكنهم أصروا، فنفوا من المدينة. وانتقل سبتاي إلى سالونيك، وهناك أقام احتفالاً قبلانياً زوج فيه نفسه للتوراة، فطرده أحبار سالونيك، فمضى إلى أثينا، ثم إلى القاهرة، حيث ضم إليه تابعاً غنياً يدعى رفائيل شلبي، ثم انتقل إلى أورشليم، وهناك وقع زهده موقعاً طيباً حتى في نفوس الأحبار. وأوفدت الجالية اليهودية في أورشليم سبتاي ليلتمس المعونة في القاهرة بعد أن أفقرها انقطاع الصدقات من يهود أوكرانيا المنكوبين. فعاد إلى أورشليم مصحوباً لا بالمال بل بزوجة ثالثة تدعى سارة، أضفى حسنها الإشراق على دعاواه وفي غزة-التي مر بها في طريقه-انضم إليه تابع غني آخر يسمى ناتان غزاتي، أذاع أنه هو ذاته ايليا، ولد من جديد ليقوم الطريق أمام المسيا، وأنه لن ينقضي عام حتى يسقط المسيا السلطان العثماني ويقيم ملكوت السماوات. وصدقه آلاف اليهود، وأذلوا أجسادهم ليكفروا عن ذنوبهم ويصبحوا جديرين بالفردوس الأرضي. فلما عاد سبتاي إلى أزمير، دخل عام 1665 المجمع في رأس السنة اليهودية، وأعلن نفسه المسيا مرة أخرى. وقبله هذه المرة جمع غفير أخذته نشوة الفرح. فلما رماه حبر عجوز بأنه دجال نفاه سبتاي من أزمير.
وانتشر نبأ مجيء المسيا في أرجاء غربي آسيا فكهرب الجاليات اليهودية. وحمل البشرى تجار مصر و إيطاليا، وهولندا، وألمانيا، وبولندة، إلى بلادهم، وخبروا بالمعجزات التي نسبت إلى سبتاي في عدد متزايد. وتشكك بعض اليهود، ولكن الآلاف صدقوا بعد أن أعدتهم لذلك النبوءات القبلانية والآمال الحارة. لا بل إن بعض المسيحيين شاركوهم الابتهاج، وقالوا أن مسيا أزمير هو حقاً المسيح المولود من جديد. ذكر هنري أولدنبرج في رسالة من لندن إلى سبينوزا (ديسمبر 1655) أن "كل العالم هنا يتحدث عن شائعة عودة الإسرائيليين المشتتين منذ أكثر من ألفي عام إلى وطنهم. وقليلون يصدقون الخبر، وكثيرون يتمنونه... فإذا تأكد، فربما أحدث ثورة في كل شيء(59)". وفي أمستردام أعلن أحبار بارزون إيمانهم بسبتاي، واحتفل في المجمع بمجيء الملكوت بالموسيقى والرقص، وطبعت كتب الصلوات لتعلم المؤمنين ضروب التكفير والتراتيل الممهدة لدخول أرض الميعاد. ففي مجمع هامبورج راح العائدون اليهود من جميع الأعمار يثبون ويطفرون ويرقصون وفي أيديهم درج الناموس. وفي بولندة هجر يهود كثيرون بيوتهم وأملاكهم ورفضوا أن يشتغلوا قائلين أن المسيا آت بشخصه سريعاً وسيقودهم في موكب النصر إلى أورشليم(60). واتخذ آلاف اليهود أهبتهم للرحيل إلى فلسطين-كان منهم أحياناً جاليات بأكملها، كجالية أفنيون. واقترح بعض المتحمسين في أزمير، الذين أثار عواطفهم ذلك الولاء العالمي لزعيمهم، أن توجه الصلوات اليهودية منذ الآن، لا إلى يهوده، بل إلى "ابن الله البكر، سبتاي زيفي، المسيا والفادي" (وكذلك كان المسيحيون يصلون للمسيح أو العذراء أكثر مما يصلون لله). وأرسل أمر من أزمير بأن يحتفل منذ الآن بأيام الحداد المقدسة عند اليهود أعياداً للفرح، وبأن كل فروض الناموس المضنية ستبطل سريعاً في أمن الملكوت وسعادته.
ويلوح أن سبتاي ذاته انتهى إلى الإيمان بقوة المعجزة. فأعلن أنه ماض إلى الآستانة، ولعل هدفه كان تحقيق نبوءة غزاني بأن المسيا سيأخذ في هدوء تاج الدولة العثمانية (بما فيها فلسطين) من السلطان. (على أن يعضهم زعم أن القاضي التركي في أزمير أمره بالمثول بين أيدي كبار موظفي الدولة في العاصمة). وقبل أن يبرح سبتاي أزمير قسم العالم وحكومته بين أخلص معاونيه. ثم انطلق إلى الآستانة في أول يناير 1666 وبرفقته نفر من مريديه. وكان قد تنبأ بتاريخ وصوله، ولكن عاصفة عطلت سفينته. وقلب رفاقه خطأه الحسابي هذا إلى برهان جديد على ألوهيته، وقالوا أنه أسكت العاصفة بكلمة إلهية منه. وما أن رسا على ساحل الدردنيل حتى قبض عليه، وجيء به إلى الآستانة مكبلاً بالأغلال، وزج به في السجن. وبعد شهرين نقل إلى سجن أرحم في أبيدوس. وسمح لزوجته أن تلحق به، ووفد عليه أصدقاؤه من كل فج ليواسوه، ويقدموا له الولاء، ويأتوه بالمال. ولم يفقد أتباعه إيمانهم به، فزعموا أنه أوثق النبوءات تنبأت بأن المسيا سيرفض أولاً من رؤساء هذا العالم، الذين سيوقعون به ألواناً من العذاب والهوان. وتوقع اليهود في كل أرجاء أوربا الإفراج عنه في أي لحظة، وأنه سيحقق نبوءات أسعد. وعلق حرفا اسمه الأولان، س، ز في المجامع. وفي أمستردام، ولجهورن، وهامبورج، كادت أعمال اليهود التجارية تتعطل تماماً، فقد اشتد إيمان اليهود هناك بأنهم عائدون جميعاً عما قريب إلى الأرض المقدسة. وتعرض من أعرب من اليهود عن شكوكهم في أن سبتاي هو المسيا لخطر الموت كل يوم. وحير السلطات التركية ذلك الهياج الذي اضطربت له الحياة الاقتصادية لكثير من المجتمعات العثمانية، ولكن الترك خشوا أنهم لو أعدموا سبتاي بوصفه ثائراً ودجالاً لعملوا بذلك على تقديسه شهيداً، ولحولوا حركته إلى تمرد يكلفهم ثمناً غالياً، لذلك قرروا أن يجربوا حلاً سلمياً. فأخذ سبتاي إلى أدرنة. وهناك أخبر بأن أمراً قضى بأن يسحل في الشوارع ويعذب بالمشاعل الموقدة، ولكن في استطاعته أن يتفادى هذه النهاية وأن يظفر بأسباب التكريم الكبير في الإسلام لو اعتنق دين محمد (صلى الله عليه وسلم)، فقبل،، وفي 14 سبتمبر مثل أمام السلطان، وأكد مروقه عن دينه بخلع ملابسه اليهودية وارتداء الزي التركي. وخلع عليه السلطان اسم محمد أفندي، وعينه حاجباً لبابه براتب كبير. ونالت سارة، التي اعتنقت الإسلام هي أيضاً، الهدايا الثمينة من السلطانة.
وقوبل نبأ هذا الارتداد بالتكذيب من يهود آسيا وأوربا وأفريقيا، ولكن حين تأكد النبأ آخر الأمر كاد ينفطر له قلب العالم اليهودي. فكاد الحاخام الأكبر في أزمير يموت خزياً وهو الذي قبل سبتاي بعد تشكك كثير. وأصبح اليهود في كل مكان أضحوكة المسلمين والمسيحيين. وحاول أعوان سبتاي مواساة أتباعه بأن بينوا لهم أن اعتناقه الإسلام إنما هو جزء من خطة ماكرة ليكسب المسلمين إلى صفوف اليهود، وأنه عما قريب عائد إلى الظهور يهودياً والعالم الإسلامي كله في ركابه. وحصل سبتاي على إذن بتبشير يهود أدرنه، مؤكداً للسلطات التركية أنه سيهدي سامعيه إلى الإسلام، وأصدر في الوقت نفسه رسائل سرية لليهود قال فيها أنه ما زال المسيا، وأن عليهم ألا يفقدوا إيمانهم به. ولكن لم يبد على اليهود، لا في أدرنه ولا في أي مكان آخر، أي علامة على قبولهم الإسلام. فلما خاب أمل الحكومة العثمانية رحلت سبتاي إلى أولسينج في ألبانيا، حيث لا يوجد يهود. وهناك كان المسيا المحطم في 1676. وظل المؤمنون به نصف قرن يواصلون حركته، ويؤكدون قداسته، ويعدون بقيامته من بين الأموات.
قصة الحضارة ج33 ص150-155،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> إلهامات الإيمان
 
أوريل أكوستا الأمستردامي
"وفي مرارة عزلته تقدم (كما تقدم سبينوزا بعده بقرن) إلى هرطقة هاجمت معتقداً أساسياً لكل شخص تقريباً في أوربا. فجاهر بأنه برفض الإيمان بخلود النفس لأنه غريب جداً على العهد القديم، فالنفس في رأيه إنما هي الروح الحية المتدفقة في الدم، وهي تموت مع الجسد(63). وحاول طبيب يهودي يسمى صموئيل داسيلفا الرد على آراء أكوستا. فنشر بالبرتغالية "رسالة في خلود النفس" (1623) وصف فيها أكوستا بأنه جاهل، عاجز، أعمى. ورد أوريل بكتاب سماه "فحص للتقاليد الفريسية... ورد على صموئيل داسيلفا، المفتري الكذاب" (1624). ورغبة في حماية الحرية الدينية للجالية اليهودية، أعلم زعماؤها قضاة أمستردام بأن أكوستا بإنكاره الخلود إنما يقوض المسيحية كما يقوض اليهودية

قصة الحضارة ج33 ص158، عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> المهرطقون
أوريل أكوستا الأمستردامي. كان أبوه ينتمي لأسرة من المارانو أقامت في أوبورتو ولاءمت تماماً بين نفسها وبين المذهب الكاثوليكي. وتلقى جابرييل-وهو اسمه في البرتغال-العلم على يد اليسوعيين الذين روعوه بمواعظهم عن الجحيم، ولكنهم شحذوا ذهنه بالفلسفة الكلامية. فلما درس الكتاب المقدس أثر فيه اعتراف الكنيسة بالعهد القديم كلمة الله، وقبوله المسيح ورسله الاثني عشر لناموس موسى. وانتهى إلى أن اليهودية من الله، وتشكك في حق القديس بولس في سلخ المسيحية عن اليهودية، وصمم أن يعود إلى دين أجداده في أول فرصة. فأقنع أمه وأخوته (وكان أبوه قد مات) بالانضمام إليه في محاولة للزوغان من ديوان التفتيش والهروب من البرتغال. ووصلوا أمستردام بعد أن جازوا مخاطر كثيرة (حوالي 1617) وهناك غير جابرييل اسمه إلى أوريل، وأصبحت الأسرة أعضاء في مجمع اليهود البرتغاليين... قلقاً لا يحس بالاطمئنان النفسي داخل عقائد المجمع التي لا تقل صرامة عن عقائد الكنيسة، فقد صدمه إدمان الأحبار، حتى أحبار أمستردام المثقفين، لسخافات القبلانية الفكرية، فوبخ شركاءه الجدد بجرأة على تلك الطقوس والنظم التي ليس لها أساس ظاهر في التوراة، والتي رآها تتعارض أحياناً تمام التعارض مع طرق التوراة. وإذ لم يؤت من الحاسة التاريخية إلا القليل، فقد خيل إليه أنه كان خطأً كبيراً أن تتغير الشعائر والمعتقدات اليهودية على مدى تسعة عشر قرناً. وكما رجع قبل ذلك من العهد الجديد إلى القديم، فكذلك طالب الآن بالرجوع من التلمود إلى التوراة
 
أوريل أكوستا الأمستردامي
:"ولكن هرطقاته استمرت في الخفاء واتسعت. كتب في فترة لاحقة يقول "لقد خامرني الشك في ناموس موسى، أهو حقاً ناموس الله، ثم انتهيت إلى أنه من مصدر بشري(65)". ونبذ الآن الدين كله، اللهم إلا إيماناً غامضاً بإله هو والطبيعة واحد (كما كان إيمان سبينوزا فيما بعد). وأهمل الممارسات الدينية الثقيلة المفروضة على اليهودي السني. فلما جاءه مسيحيان يعلنان عن رغبتهما في اعتناق اليهودية ثناهما وحذرهما من النير الثقيل الذي سيضعانه فوق عنقيهما. فأنهيا ذلك إلى المجمع. فاستدعاه الأحبار واستجوبوه، ووجدوه غير نادم، فأوقعوا عليه الآن حرماً آخر أشد صرامة من سابقه (1639). وعاد أقرباؤه يقصونه عن حياتهم، وشارك أخوه يوسف في اضطهاده(66).
واحتمل هذه العزلة سبع سنين، ثم عرض الخضوع حين وجدها تؤذيه أذىً بليغاً في رزقه وأمام القانون. وإذ أسخط القادة اليهود طول مقاومته وما جرت عليه من متاعب، فقد حكموا عليه بضرب من الإنكار والتكفير نقلوه عن ديوان التفتيش البرتغالي(67). فأكره، على طرقة احتفالات الديوان بإدانة المهرطقين، على أن يرقى منصة في المجمع، ويتلو أمام جمهور كبير من المصلين اعترافاً بأخطائه وذنوبه، ويتعهد بأغلظ الإيمان أنه منذ الآن سيتمثل لكل نظم الجماعة ويعيش عيشة اليهودي الصالح. ثم خلعت ثيابه إلى خصره، وجلد تسعاً وثلاثين جلدة. وأخيراً أجبر على أن يطرح نفسه على عتبة المجمع، وخطا من فوقه الحاضرون وهم يغادرون المكان وفيهم أخوه الذي كان يناصبه العداء. وقام من هذه العقوبة المذلة لا مذعناً بل ناقماً ساخطاً. فمضى إلى بيته، وأغلق على نفسه باب مكتبه عدة أيام وليال، وكتب آخر وأمر تنديداته باليهودية التي ضحى بالكثير في سبيل اعتناقها، والتي لم يفهم قط في تعاطف تاريخها الانطوائي، وصرامتها الواقية التي فرضتها عليها قرون من الظلم. وفي كتابه هذا "مثال من حياة البشر" قص سيرته الفكرية مثالاً على ما يصيب الإنسان المفكر. وقد أحس بأن "كل الشرور تنجم عن عدم إتباع العقل الرشيد وقانون الطبيعة(68)" وقابل بين الدين "الطبيعي" والدين الموحي، ورغم أن هذا يعلم الناس البغضاء، أمام ذلك فيعلمهم المحية. فلما فرغ من مخطوطته، حشا طبنجتين، وترصد بجوار نافذته لأخيه يوسف حتى مر، وأطلق عليه النار فأخطأه(69). ثم أطلق على نفسه الرصاص (1647؟).
وحاول المجتمع اليهودي أن يدفن هذه الفاجعة في صمت، ولكن لا بد أن بعض أفراده وجدوا نسيانها عسيراً. وكان سبينوزا غلاماً في الخامسة عشرة حين أوقع على أكوستا طقم الحرم، ولعله كان بين جماعة العابدين الذين رأوه يوقع عليه.ولعله مشي في رهبة وارتياع فوق جسد المهرطق المطروح أرضاً. وعن طريق ذلك الفتى، دخلت رؤيا أكوستا تراث الفلسفة بعد أن تطهرت مما علق بها من سخط(70).
قصة الحضارة ج33 ص159،160، عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> المهرطقون
 
قدر عدد سكان إنجلترا وويلز غي 1660 بنحو خمسة ملايين نسمة (55) ربما ازداد إلى خمسة ملايين ونصف المليون في 1700(56)، أي أنه لا يكاد يبلغ ربع عدد سكان فرنسا وألمانيا، وأقل من ربع سكان إيطاليا أو أسبانيا(57).قصة الحضارة ج32 ص123، عصر لويس الرابع عشر -> إنجلترا -> عودة الملكية -> الاقتصاد الإنجليزي
 
قبل موته بسنوات قليلة شارل الثاني يتعرض لمؤامرات ويقوم بإضطهادات عنيفة
:"والآن وقد تحول الملك النشوان إلى شخص آخر، وكان متطرفاً في تحوله هذا، فإنه عقد العزم على تحطيم استقلال المدن التي ترعرعت فيها فكرة الهويج (الأحرار) بل الفكرة الثورية، فأمر بمراجعة المواثيق والعهود القوانين التي هيأت للأجهزة البلدية الخروج على الإرادة الملكية، ووجد بالفعل في هذه بعض النقص والخلل من الوجهة التشريعية، فأعلن إلغاؤها جميعاً، وصدرت عهود وقوانين جديدة تنص على أن يكون للملك حق الاعتراض وحق عزل كل الموظفين الذي ينتخبون لهذه الهيئات البلدية (1683). وخضعت الآن حرية الكلام وحرية الصحافة لقيود جديدة، وبدأت موجة اضطهاد المنشقين - لا الكاثوليك: لأن معظم المنشقين كانوا من الأحرار (الهوبج). وفي إسكتلندة قاد جيمس حملة التعذيب بنفسه، وبدا أن انتصار حقوق الملك على إصلاحيات البرلمان بات انتصاراً ساحقاً كاملاً، وأن إنجازات الثورة الكبرى كان واضحاً أنه ينبغي التضحية بها في نكسة أو رد فعل تؤيده أمة تخشى تجدد الحرب الأهلية. وعكس هاليفاكس شعور البلاد حين تخلى عن شافتسبري، وإنجاز بحكمته المعتدلة البعيدة عن التطرف إلى جانب الملك ليكون في خدمته (1682-1685) فكان حامل الأختام الملكية.
وقام أتباع شافتسبري بمحاولة أخيرة. ففي يناير 1687، اجتمع دوق مونموث وإرل اسكس وإرل كارليل، ووليم لورد رسل وألجرنون سدني في دار جون همدن (حفيد بطل الحرب الأهلية) ورسموا الخطط لتطويق جيمس والتغلب عليه، وقتل شارل إذا لزم الأمر وراود سدني أمل التقديم إلى خطوة أبعد، وهي إعادة إقامة الجمهورية الإنجليزية. وكان حفيد أحد أخوة سير فيليب سدني (رئيس الفروسية)، وحارب في صف البرلمان أثناء الحرب الأهلية
قصة الحضارة ج32 ص170،عصر لويس الرابع عشر -> إنجلترا -> عودة الملكية -> خاتمة الملهاة
 
لماذا دعوة التمهل من بابا روما لجيمس الأول بعدم الإستعجال على تحويل إنجلترا لبلد كاثوليكي ونزعه من التحالف البروتستانتي، مع أن الفرح سيكون دينيا!!وسهلا!!
جيمس يستعجل! والحرب الأهلية بين البروتستانت والكاثوليك تقترب!
:"وكان لويس أكثر تعقلاً فيما يتعلق بإنجلترا منه بالنسبة لبلاده. وعلى حين أنه أضعف فرنسا باضطهاده الهيجونوت، نراه يحذر جيمس من مغبة التسرع في تحويل إنجلترا إلى الكاثوليكية. كما أن البابا إنوسنت الحادي عشر زود جيمس بمثل هذه النصيحة. وعندما أرسل إليه الملك الإنجليزي يعده بقرب انضواء إنجلترا تحت راية الكنيسة الكاثوليكية في رومة(10)، نصحه الباب بأن يقنع بالحصول على التسامح الديني للكاثوليك الإنجليز، كما حذر هؤلاء أن يكفوا عن الأطماع السياسية، ووجه رئيس الجزويت لتعنيف الأب بنزولومه على القيام بمثل هذا الدور الخطير في الحكومة(11). إن البابا أنوسنت لم يخفف من غيرته الكاثوليكية، ولكنه كان يخشى قوة لويس الرابع عشر التي تبتغي التطويق والسيطرة، كما كان يأمل في إمكان تحويل إنجلترا من مجرد تابع أو خادم ذليل للسياسة الفرنسية ومشروعاتها إلى قوة متوازنة ضدها. وأوفد البابا مبعوثاً بابوياً-للمرة الأولى منذ عهد ماري تيودور-ليوضح لجيمس أن أي تصدع في العلاقة بين البرلمان والملك لا بد أن يضر بالكنيسة الكاثوليكية(12).
ولم يستفد جيمس من هذا النصح. إنه أحس، وكان في الثانية والخمسين حين اعتلى العرش، أنه قد لا يتيسر له فسحة من الأجل لتنفيذ التغييرات الدينية التي ينشدها والتي يجيش بها صدره، ولم يؤمل كثيراً في أن ينجب ابناً، وهنا قد تخلفه ابنته البروتستانتية، وتقلب عمله رأساً على عقب، إلا إذا أقيم هذا العمل على أساس وطيد راسخ قبل موته. وطغت آراء الأب بنز والملكة وسلطانهما على كل نصح بالتروي والتريث. ولم يكتف الملك بالذهاب إلى القداس، تحفه الجلالة والمهابة لملكية، بل طلب كذلك إلى مستشاريه أن يلحقوا به لحضور القداس. وتكاثر الأساقفة حول الحاشية، وعين الكاثوليك في المناصب العسكرية، وحرض القضاة (الذين كان له حق تعيينهم وعزلهم) على توكيد حقه في إعفاء هؤلاء المعينين من العقوبات التي فرضها عليهم "قانون الاختبار". وجند، تحت إمرة ضباط أغلبهم من الكاثوليك، جيشاً قوامه ثلاثة عشر ألف رجل لا يخضعون إلا لأوامره هو، وواضح أن مثل هذا الجيش كان يهدد استقلال البرلمان. وعطل العمل بالقانون الذي يفرض العقوبات على حضور العبادة الكاثوليكية علانية.وأصدر في يونية 1686 مرسوماً يحرم على رجال الدين إلقاء عظات في الخلافات المذهبية. ولما خطب الدكتور جون شارب في "دوافع
المرتدين" أمر جيمس بوصفه الرئيس الشرعي للكنيسة الإنجليزية، هنري كمبتون أسقف لندن، بفصل شارب مؤقتاً من سلك رجال الكنيسة الأنجليكانية، فرفض كمبتون. فعين جيمس، متجاهلاً قانوناً صدر في 1673، "محكمة كنسية" جديدة، سيطر عليها سندرلند وجفريز، وحاكمت كمبتون بتهمة شق عصا الطاعة على التاج، وعزلته من وظيفته.وبدأت الآن الكنيسة الأنجليكانية،التي كانت قد التزمت من قبل بالطاعة المطلقة، نقول بدأت للملك ظهر المجن.
أن الملك جيمس كان يأمل في كسب الكنيسة الأنجليكانية إلى جانب المصالحة والتراضي مع روما، ولكن تصرفه المتهور قضى الآن على هذه السياسة. وبدلاً من ذلك انتهج سياسة التوحيد بين الكاثوليك والمنشقين ضد الكنيسة الرسمية. أن وليم بن الذي وجد طريقه إلى قلب الملك وأحرز ثقته، نصحه بأنه يستطيع أن يظفر بالتأييد الحار من جانب كل البروتستانت الإنجليز، فيما عدا الأنجليكانيين إذا هو بجرة قلم ألغى القوانين التي تحرم العبادة العلنية على فرق المنشقين وفي 4 أغسطس 1687 أصدر جيمس أول "إعلان للتسامح" في عهده. ومهما تكن دوافع الملك، فإن هذه الوثيقة تحتل مكاناً في تاريخ التسامح الديني. إنه ألغى كل قوانين العقوبات فيما يتعلق بالديانة، وأبطل كل الاختبارات الدينية، ومنح الحرية الدينية للجميع،وحظر التدخل في شئون الاجتماعات الدينية المسالمة. وأخلى سبيل كل المسجونين بسبب الخلافات الدينية. أن هذا الإعلان ذهب إلى أبعد مما ذهبت إليه إعلانات التسامح في عهد شارل الثاني، التي كانت قد أبقت على الاختبار الديني لمن يتولون الوظائف، وسمحت بالعبادة الكاثوليكية داخل الدور الخاصة فقط. وأكد للكنيسة الرسمية أن الملك سيواصل حمايته لها في كل حقوقها القانونية.ومما يدعو إلى الأسى والأسف أن هذا الإجراء قدر له أن يكون إعلاناً ضمنياً للحرب على البرلمان، الذي كان قد سن من قبل كل القيود وعدم الأهلية التي ألغيت الآن. ولو سلم البرلمان بسلطة الملك في إلغاء التشريعات البرلمانية لكان لزاماً أن تنشب الحرب الأهلية من جديد.
ودخل هاليفاكس الذي كان في هاتيك الأيام ألمع عقلية في إنجلترا، المعركة بكتيب لا يحمل اسم المؤلف بعنوان "رسالة إلى منشق" (أغسطس 1687)-"أكثر النشرات توفيقاً في هذا العصر(13)" حث فيه البروتستانت أن يكونوا على يقين من أن هذا التسامح الذي قدم إليهم الآن، صدر عن ملك موال لكنيسة تدعي العصمة من الخطأ، وتنكر التسامح صراحة. وهل يمكن أن يكون ثمة انسجام دائم بين حرية الفكر والضمير وبين كنيسة لا تخطئ؟ وكيف يطمئن المخالفون إلى أصدقائهم الجدد الذين دمغوهم بالأمس القريب بأنهم هراطقة؟ "كنتم بالأمس أبناء الشيطان، وأنتم اليوم ملائكة النور(14)". ومن سوء الحظ أن الكنيسة الأنجليكانية كانت قد اتفقت مع روما فيما يتعلق بأبناء الشيطان، وأنها في السنوات السبع والعشرين الأخيرة أخضعت مخالفيها لألوان من الاضطهاد والتعذيب تعفيهم من قبول الحرية حتى على أيد كاثوليكية. وأسرع رجال الدين الأنجليكانيون إلى التماس التصالح مع المشيخيين والبيورتانيين والكويكرز، وتوسلوا إلى هؤلاء جميعاً أن يرفضوا التسامح الراهن، ووعدوهم على الفور بتسامح يحظى بموافقة كل عن البرلمان والكنيسة الرسمية. وبعث بعض المخالفين بخطابات شكر إلى الملك، ولكن الأغلبية كانت بجانبها في تحفظ. وعندما حانت ساعة الفصل نبذ الجميع الملك.
وتابع جيمس خطواته. . لقد تطلبت جامعات إنجلترا لعدة سنوات مضت من أساتذتها وطلبتها الالتزام بمذهب الكنيسة الأنجليكانية، ولم يستثن من ذلك إلا منح درجة لطالب لوثري، ومنح درجة فخرية لدبلوماسي مسلم، على أن القساوسة الأنجليكانيين رأوا في أكسفورد وكمبردج هيئات وظيفتها الرئيسية إعداد الرجال لقبول المذهب الأنجليكاني، وتقرر ألا يلتحق بهما أي كاثوليكي. ورغبة في كسر هذا القيد أرسل جيمس، إلى نائب رئيس جامعة كامبردج رسالة يلزمه فيها بأن يستثني من الأنجليكاني راهباً بندكتياً يعي للحصول على درجة الأستاذية. ورفض نائب رئيس الجامعة ففصل بأمر من لجنة المحكمة الكنسية. فأرسلت الجامعة وفداً من بين أعضائه ايزاك نيوتن، ليشرح للملك موقف لجامعة. ولكن الراهب حل المشكلة بالانسحاب (1687). وفي نفس العام رشح الملك لرياسة كلية مجدلن في أكسفورد، رجلاً لا يتمتع بغزارة العلم، ولكنه ذو ميول كاثوليكية،فرفض الزملاء انتخابه، وبعد نزاع طويل اقترح الملك مرشحاً ليس عليه إلا اعتراض أيسر من سابقه، وهو باركر أسقف أكسفورد الأنجليكاني، ولكن الزملاء الذين يشكلون الهيئة الانتخابية رفضوه كذلك، ففصلوا بأمر من الملك، وعين الأسقف باركر قسراً.
واشتدت وطأة الاستياء عندما ارتمى الملك أكثر فأكثر في أحضان مستشاريه الكاثوليك. وكان إعجابه بالأب بتر شديداً إلى حد الإلحاف على البابا برسمه أسقفاً، بل كاردينالاً، ولكن أنوسنت أبى. وفي يوليه 1687 عين جيمس الجزويتي القدير، ولكن المستهتر، عضواً في المجلس المخصوص (الملكي)، فاحتج كثير من الكاثوليك الإنجليز بأن هذا تصرف طائش، ولكن جيمس كان في عجلة من أمره ليصل بالنضال إلى غايته. وكان في هذا المجلس الآن ستة من الكاثوليك، مكنت لهم حظوتهم لدى الملك من السيطرة والغلبة(15). وفي 1688 عين أربعة من الأساقفة الكاثوليك لإدارة شئون الكنيسة الكاثوليكية في إنجلترا، وخصص جيمس لكل منهم راتباً سنوياً قدره ألف جنيه
قصة الحضارة ج32ص179-181، عصر لويس الرابع عشر -> إنجلترا -> الثورة الجليلة -> الملك الكاثوليكي
 
هزيمة جيمس الأول في محكمة وذلك بعد عمليات صراع طويلة-عبر اكثر من قرن، في إنجلترا وغيرها، ارهق فيها الجميع ، وأعدم ملك، وقتل قساوسة، ودمرت بلاد، وقامت حروب وتحافات، وغزيت دول، وإنهارت إقتصاديات، وصدرت قوانين، وحدثت مغالبات...ووضع الناس على الخوابير والخوازيق، وأحرق قساوسة وعلماء، قام بذلك كل الأطراف كاثوليك وبروتستانت، وكان العلم الإسلامي قد دخل أوروبا منذ زمن وغير في المعتقدات والقناعات والعقليات العلمية والإنسانيات وعلوم الطب والفلك والجراحة والكيمياء وغير دلك ودخلت قيمه في التعايش من باب الفلسفة بينما تقررها الحروب الداخلية مع ضغط شعوري ولا شعوري على الجميع
حكم محكمة إنجليزية في عهد جيمس الأول أخو شارل الثاني وابن شارل الأول الذي قامت ضده الثورة الإنجليزية من قبل، يغير معادلة الملكية والبرلمان والشعب ولو بدرجة قليلة، أو إزاحة ضعيفة!
انه النزاع الطويل حتى تتحرر اوروبا من سطوة الملكية وحكمها المطلق
:"ووفي 25 أبريل 1688 جدد جيمس نشر "إعلان التسامح" الذي مضى على صدوره عام واحد، وأكد فيه من جديد عزمه على توفير حرية الفكر والضمير" لكل الإنجليز إلى الأبد. فمن الآن فصاعداً لا بد أن
يعتمد التعيين في الوظائف والترقي فيها على الجدارة الشخصية لا المذهب الديني. وتنبأ بأن الإقلال من الخلافات الدينية لا بد أن يفتح أسواقاً جديدة للتجارة الإنجليزية، ويزيد من ازدهار الأمة ورخائها.وتوسل إلى رعاياه أن يطرحوا جانباً كل الأحقاد، وينتخبوا البرلمان الجديد دون تمييز بين المذاهب الدينية، والتحقق من انتشار هذا الإعلان الموسع على أوسع نطاق ممكن، أصدر مجلس الملك توجيهاتها إلى كل الأساقفة ليرتبوا مع كل رجال الدين أمر تلاوته في كل كنيسة في الأقاليم في إنجلترا، يوم 20 أو 27 مايو. واستخدم رجال الدين على هذا النحو، وسيلة للاتصال بالجماهير، أمر له سوابقه الكثيرة في إنجلترا. ولكن لم تكن الرسالة قط يوماً بغيضة إلى الكنيسة الرسمية إلى مثل هذا الحد. وفي 18 مايو رفع سبعة أساقفة أنجليكانيين إلى الملك ظلامة أو ضحوا فيها أنهم لم ترتض ضمائرهم أن يوصوا قساوستهم بتلاوة الإعلان، لأنه يخرق قرار البرلمان بأنه لا يجوز إلغاء تشريع برلماني إلا بموافقة البرلمان نفسه، فأجاب جيمس بأن رجال اللاهوت هم الذين كانوا يلحون على عظاتهم وخطبهم دوماً على ضرورة الامتثال للملك وطاعته بوصفه رئيساً للكنيسة، وأنه ليس في الإعلان ما يخدش أو يسيء إلى كرامة أحد.ووعد بأنه سوف ينظر في ظلامتهم، ولكنهم إن يتلقوا منه رداً في الغد فعليهم أن يذعنوا لأمره.
وفي صبيحة اليوم التالي بيعت آلاف النسخ من هذه الظلامة في شوارع لندن، في الوقت التي ما زالت فيه قيد البحث عند الملك. وأحس جيمس بأن هذا يجافي قواعد اللياقة، وعرض الظلامة على القضاة الاثني عشر في المحكمة الملكية، فأشاروا بأنه تصرف في حدود حقوقه المشروعية. ومن ثم أغفل الرد على الظلامة. وفي 20 مايو تليت الظلامة في أربع كنائس في لندن، وتجاهلوها في الكنائس الست والتسعين الباقية. وشعر الملك بأن سلطته قد امتهنت، وأمر الأساقفة السبعة بالمثول أمام المجلس. فلما جاءوا أبلغهم بأن عليهم أن يخضعوا للمحاكمة بتهمة نشر طعن أو قذف فيه تحريض على الفتنة، وعلى أية حال فإنهم لكي يتفادوا السجن في الحال، يمكن أن يقبل الملك منهم وعداً كتابياً بالحضور عند استدعائهم. فأجابوه بأنهم بوصفهم من أشراف المملكة، ليسوا في حاجة إلى تقديم أي ضمان سوى كلمتهم. وأحالهم المجلس إلى برج لندن (السجن) وحياهم الأهالي وهتفوا لهم على الجانبيين عند نقلهم عبر نهر التيمز.
وفي يومي 29 و30 يونيه حاكم الأساقفة السبعة-أمام محكمة الملك-أربعة قضاة مع هيئة المحلفين. وبعد يومين من مناقشات حادة في قاعه يحيط بها عشرة آلاف من أهالي لندن المهتاجين، أصدر المحلفون حكماً بعدم الإدانة. وابتهجت كل إنجلترا البروتستانتية، وقال أحد النبلاء الكاثوليك "لن تع ذاكرة الإنسان قط مثل هذه الصيحات والهتافات ودموع الفرح التي حدثت اليوم(16)"وتوجهت الشوارع بالمشاعل والنيران التي أضرمت في الهواء الطلق. وسار الناس في موكب خلف شخوص من الشمع تمثل البابا والكاردينالات والجزويت، أحرقت وسط احتفالات صاخبة. إن هذا الحكم كان يعني عند البسطاء من الناس أنه لا ينبغي التسامح مع الكاثوليكية، وعند ذوي الإدراك الأوسع أو العقل الأنضج كان يعني تثبيت حق البرلمان في سن قوانين ليس للملك أن يبطلها،وأن إنجلترا، في الواقع، وحتى ولو لم تكن من الناحية النظرية، ملكية دستورية، لا ملكية مطلقة.
على أن جيمس الذي عراه الاكتئاب والحزن بسبب الهزيمة، أخذ يتعزى بالطفل الذي وضعته له الملكة في 10 يونيه، بل الموعد المتوقع للولادة بشهر، وفي مقدوره أن ينشئ هذا الولد النفيس تنشئة قوامها الولاء والإخلاص للكاثوليكية،وكان يمكن لوالد والولد، في وجه أية معارضة أو معوقات، أن يقتربا يوماً بعد يوم خطوة من الهدف المقدس-ألا وهو الملكية القديمة، تعيش في وئام ووفاق مع الكنيسة، وفي إنجلترا يسودها الهدوء والسلام والتراضي، في أوربا نادمة على ارتدادها عن عقيدتها، موحدة في ظل هذه العقيدة الحقه وحيدة العالمية.
قصة الحضارة ج32ص183-186، عصر لويس الرابع عشر -> إنجلترا -> الثورة الجليلة -> الملك الكاثوليكي
 
الإنجيليون البروتستانت يعطون شارل الثاني "حق الملك الإلهي" !! ، بعد عودته من المنفى، كما دعموا والده(شارل الأول الذي أعدمته من قبل الثورة الإنجليزية) ومحاولة الضغط على الكاثوليك وغيرهم في المملكة الظافرة
قال ديورانت
:"وهكذا فإن شارل، وهو السياسي اللطيف الودود، قبل الكنيسة الأنجليكانية ودعمها إنها قد دانت بالولاء لوالده، وفنيت بالدفاع عنه، وعانت ما عانت في أيام كرومول، وكافحت كفاحاً شديداً في سبيل عودة الملكية...إنه، أساساً، كانت تزعجه البيوريتانية، فوق أنها أتيحت لها من قبل فرصة الحكم، فكانت صارمة بغيضة إلى حد بالغ. ولم ينسى قط أن البرسبتيريانز سجنوا أباه وأن البيوريتانز أطاحوا برأسه، وأنه هو نفسه أرغم على قبول مذهبهم والاعتذار عن أخطاء آبائه. ووقع القانون الذي أصدره "البرلمان المؤتمر"، بإعادة الكهنة الأنجليكانيين إلى أبرشياتهم، التي كانت "الجمهورية" قد جردتهم منها...واقترح شارل في أكتوبر 1660 تسامحاً شاملاً مع كل الفرق المسيحية، بل كذلك تخفيف القوانين المعادية للكاثوليكية. ولكن البرسبتيريانز والبيوريتانز الذين خشوا مغبة هذا التراخي، انضموا إلى الأنجليكانيين في رفض هذا المشروع... وتلك الفرصة ضُيعت، لأن البرلمان الجديد كان أنجليكانياً بأغلبية ساحقة. فنكأ الجراح القديمة بإعادة النظام الأسقفي في اسكتلندا وأيرلندا، وأعاد المحاكم الكنسية للمعاقبة على "التجديف"، والتخلف عن دفع العشور للكنيسة الأنجليكانية، وجعل "كتاب الصلوات العامة الأنجليكاني" إلزامياً على جميع الإنجليز، وبمقتضى "قانون التوحيد" (20 نوفمبر 1661) حرمت المناصب العامة على كل الأشخاص اللذين لم يتلقوا الأسرار المقدسة وفقاً للطقوس الأنجليكانية قبل الانتخابات، وبمقتضى "مرسوم التنسيق" (19 مايو 1662) طلب إلى كل رجال الدين والمعلمين أن يقسموا اليمين على ألا يقاوموا الملك، وأن يعلنوا موافقتهم التامة على كتاب الصلوات العامة. وكان على رجال الدين الذين رفضوا هذه الشروط أن يتخلوا عن مراكزهم في موعد غايته 24 أغسطس ورفضها نحو 1200 منهم فطردوا. وهؤلاء بالإضافة إلى 1800 آخرين أخرجوا عند عودة الأنجليكانيين، انضموا جميعاً، مع مجموعة كبيرة من المجامع، إلى العدد المتزايد من "الشيع" أو "المنشقين"، الذين أرغموا أولى الأمر في النهاية على إصدار قانون التسامح 1689.
وحاول شارل أن يعدل من "مرسوم التنسيق" فطلب من البرلمان أن يستثني من العزل أولئك القساوسة الذين لم يعترضوا إلا على ارتداء اللباس الكهنوتي الأبيض، أو استخدام الصليب في التعميد، فوافق اللوردات ورفض النواب. وسعى الملك من أثر اللطمة، بتأجيل تنفيذ المرسوم لمدة ثلاثة أشهر، ولكن أحبطت هذه المساعي كذلك. فأصدر في 26 ديسمبر 1662 بياناً أعلن فيه عن عزمه على أن يستثني من العقوبات التي نص عليها القانون الأشخاص المسالمين الذين أبت عليهم ضمائرهم أداء القسم المطلوب، ولكن البرلمان، ارتاب في هذا الأجراء ورفضه، باعتبار أنه ينطوي ضمناً على سلطة الملك في الإعفاء من إطاعة القوانين. وعبر الملك عن مشاعره بالإفراج عن الكويكرز المعتقلين (22 أغسطس 1662) وبالتوكيد على التسامح الديني في المواثيق التي منحها لجزيرة رود وكارولينا، وفي التعليمات التي وجهها إلى حاكمي جمايكا وفرجينيا.
وأحس البرلمان أنه ليس ثمة متسع لهذا التسامح في إنجلترا. ولكي يمنع اجتماعات الكويكرز السرية للعبادة، قال أنها تضم أكثر من خمسة أشخاص بالإضافة إلى أفراد البيت، وحكم 1662 على كل شخص يحضرها بدفع غرامة قدرها خمسة جنيهات، أو بالحبس لمدة ثلاثة أشهر، للمخالفة الأولى، ومضاعفة العقوبة (10 جنيهات غرامة أو ستة أشهر في السجن) للثانية، والنفي إلى مستعمرات المجرمين، للثالثة، أما المخالفون الذين يعجزون عن دفع نفقات انتقالهم إلى المستعمرات فكان عليهم أن يخدموا لمدة خمسة سنوات، عمالاً لا بعقود خاصة. أما المدانون أو المخالفون المرحلون الذين يهربون أو يعودون إلى إنجلترا قبل انقضاء، المدة المحكوم بها، فتكون عقوبتهم الإعدام، وفي 1664 امتدت هذه الإجراءات إلى البرسبتيريانز والمستقلين. وحظر "قانون الأميال الخمسة" (1665) على القساوسة الذين امتنعوا على حلف اليمين، أن يقيموا في نطاق خمسة أميال في أي مدينة ذات مجلس بلدي، أو يقوموا بالتدريس، في أية مدرسة خاصة أو عامة. وأطلق على هذه القوانين "تشريع كلارندون" لأن الذي فرضها هو كبير وزراء الملك ضد إرادة الملك أو رغباته الصريحة، وقبل شارل هذه التشريعات الصارمة لأنه كان يناشد البرلمان إقرار الاعتمادات التي طلبها. ولكنه لم يغفر قط لكلارندون، كما فقد ثقته بالأساقفة وقل احترامه لهم، لأنهم ما لبثوا أن أعيدوا حتى بدءوا ينتقمون أشد الانتقام، ويقبضون أيديهم عن البر والإحسان. وانتهى شارل إلى "أن المشيخة ليست مذهباً يليق بالرجل الماجد المهذب، وأن الأنجليكانية ليست
مذهباً يليق بالرجل المسيحي(39)"وإذ أدركت الكنيسة الأنجليكانية اعتمادها على الملكية، فإنها أكدت من جديد، وبشكل أكثر إيجابية عن ذي قبل "حق الملك الإلهي" والإثم العظيم الذي يؤدي إلى الهلاك، في مناهضة حكومة ملكية قائمة. .
قصة الحضارة ج32 ص114،117،عصر لويس الرابع عشر -> إنجلترا -> عودة الملكية -> مرجل الدين
 
خوف الإنجليز أيام شارل الثاني ابن الحاكم المقطوع الرأس(شارل الأول) من أن تعود الكاثوليكية والباباوية وملك كاثوليكي يحكمهم ، لذلك زادوا في إضطهاد الإنجليز الكاثوليك، وقد مضى من كلام ديورانت كم إمتلئت السجون الإنجليزية من غير البروتستانت الإنجليكانيين الذين كما قال ديورانت
خافوا أن يخفف شارل الثاني من ويلاتهم بقوانين تسامح ديني!!، ولاتنسى أنهم قد دعموما من قبل الحاكم الذي قامت الثورة الإنجليزية ضده وأعدمته بضربة سيف طارت منها رأسه!
قال
:"كانوا يرتابون في رغبته في التخفيف من ويلات الكاثوليك في إنجلترا التي كانت لا تزال تخشى سيطرة البابا، ومحاكم التفتيش الأسبانية وحكومة القساوسة، إلى حد أن البرسبتيريانز والبيوريتانيين آثروا تحريم عبادتهم على السماح بالعبادة الكاثوليكية في إنجلترا. وكان الإنجليز الكاثوليك يشكلون آنذاك نحو 5% من السكان(54). وكانوا من الناحية السياسية ضعافاً عاجزين. ولكن الملكة كانت كاثوليكية، كما أن شقيق الملك لم يبذل إلا أيسر الجهد في إخفاء تحوله إلى الكثلكة (1668) وكان في إنجلترا حينذاك 266 من اليوسعيين. كان أحدهم ابناً غير شرعي للملك، وبدءوا يظهرون علناً في جرأة وثقة. على الرغم من القوانين البالغة التشدد. وكانت المدارس الكاثوليكية تقام في الدور الخاصة. وأرهقت إنجلترا، وأقام البروتستانت في كل عام تظاهروا فيه ضد البابوية، وحملوا إلى "سميفيلد" تماثيل للبابا والكرادلة، أحرقوها هناك. إنهم لن ينسوا "جي فوكس". ولكن الكاثوليك صبروا وصابروا ولم يفقدوا الأمل، فمن الجائز الآن أن يرقى كاثوليكي عرش إنجلترا في أية لحظة.
قصة الحضارة ج32 ص122،عصر لويس الرابع عشر -> إنجلترا -> عودة الملكية -> مرجل الدين
 
(2) حياة ملك إنجلترا شارل الثاني الجنسية (بعد منتصف القرن ال17)!!
قال ديورانت :"
وقد يشوقنا أن نقص كيف أن امرأة واحدة بعينها خيبت علانية أمل الملك المغرور المختال وصدته: تلك هي فرانسيس ستيوارت التي قيل إنها ربما كانت أجمل وجه وقعت عليه العين(17) ويقول أنطواني هاملتون "يندر أن يتيسر العثور على امرأة أقل ذكاء أو أكثر جمالاً(18)". وظل الملك يلحف في الوصول إليها حتى بعد زواجها من دوق وتشموند ويصف بيبز الملك وهو يجدف وحده في الليل إلى قصر سومرست، "وهناك حيث وجد باب الحديقة موصداً تسلق الجدران ليزور هذه المرأة وتلك فضيحة مخزية فظيعة(19)". وفي 1668 رأى شارل "نل جوين" وهي تمثل في "مسرح دروري لين"، وهي التي نشأت في فقر مدقع، وكانت تسلي رواد الحانة بأغنياتها، وتبيع البرتقال في المسرح، وتقوم بالأدوار الصغرى أو الأدوار الرئيسية في الروايات الهزلية، واحتفظت طوال عملها، تلقائياً بروح طيبة وإرادة طبية، مما سحر لب الملك الذي لا يبالي بشيء، والذي سئم اللذات، ولم تقم الممثلة أية عقبات في سبيل أن تكون عشيقة لجلالته. واستنزفت مبالغ طائلة من كيسه الذي يشكو خلو الوفاض، ولكنها أنفقت القدر الأكبر منها في أعمال البر والإحسان. ولكن سرعان ما كان عليها أن تنافس امرأة مغوية خطر موفدة من فرنسا (1671) لتثبت شارل على العقيدة الكاثوليكية والتقاليد الفرنسية، تلك هي لويز كيرووال التي قلدت نل مظاهرها الأرستقراطية تقليداً ساخراً شيطانياً. وكل العالم يعرف، كيف أنه، حيث حسب سكان لندن خطأ أن نل هي منافستها الكاثوليكية، فسخروا منها، أخرجت رأسها الصغير من نافذة العربة وصاحت بهم "صه أيها الشعب الطيب، أنا البغي البروتستانتية(20)" وظلت تحظى بعطف شارل إلى آخر حياته، ولم تبرح مخيلته حتى ساعة احتضاره
قصة الحضارة ج32 ص109،110،،عصر لويس الرابع عشر -> إنجلترا -> عودة الملكية -> الملك السعيد
 
نهاية عهد جيمس بحرب خارجية مسلحة عليه!(انجلترا قبل القرن ال18 بعقدين تقريبا)
تعليقاً على أحداث غزو إنجلترا، من الخارج، من مجموعة دول: هولندا، النمسا، إسبانيا، ودول أخرى، والقضاء على سلطة جيمس أخو شارل الثاني وابن شارل الأول المقتول في الثورة الإنجليزية الكبرى قديما، يقول ديورانت
:"وثمة عناصر مخزية غير كريمة كانت في "الثورة الجليلة(27)". فيما يبدو أنه مدعاة للأسف أن تضطر إنجلترا إلى استدعاء جيش من هولنده ليصلح من أخطاء الإنجليز أنفسهم، وأن تساعد الابنة على خلع أبيها عن عرشه، وأن ينحاز قائد جيشه إلى الغزاة،وأن تشارك الكنيسة الوطنية في الإطاحة بملك سبق لهذه الكنيسة أن بررت وقدست سلطته الإلهية المطلقة في وجه أية ثورة أو أي عصيان. كما كان مدعاة للأسف أن يكون تثبيت سيادة البرلمان على حساب مناهضة حرية العبادة. ولكن السيئات التي اقترفها هؤلاء الرجال والنساء طويت في الأحداث مع رفاتهم، أما حسنتاهم التي أدوها فقد بقيت بعدهم وآتت أكلها. أنهم حتى في إقامة الأوليجاركية وضعوا أسس ديموقراطية كان لا بد أن تنشأ مع توسيع القاعدة الانتخابية. وجعلوا من دار الرجل الإنجليزي قلعته، آمناً نسبياً من "عجرفة الحكم" و "أخطاء الظلم" وأسهموا إلى حد ما في هذا التوفيق الذي يدعوا إلى الإعجاب بين لنظام والحرية، وهذا هو قوام الحكومة الإنجليزية اليوم.إنهم فعلوا هذا كله دون إراقة قطرة من الدم، اللهم إلا ما نزف من أنف الملك المنزعج المنهوك الأخرق الذي تخلى عنه الجميع في ساعة العسرة.
قصة الحضارة ج32 ص192،193، عصر لويس الرابع عشر -> إنجلترا -> الثورة الجليلة -> الإحاطة بالعرش والملك في المهد
 
قلت: من أخطاء جيمس ملك إنجلترا أنه كان مايزال مصمما على العمل بعيدا عن البرلمان، بإصدار قرارات، ومنها قانون التسامح.
وبدلا من محاولة أخذ دعم البرلمان لإصدار هكذا قانون، أصدره رغما عنهم، وهذا في وقت كانت البرلمان قد أخذ شوطاً طويلاً في تدعيم سلطته، ولاتنسى أنهم قد قتلوا والد جيمس في الثورة الإنجليزية الكبرى.
وكانت البروتستانتية الإنجليزية ترفض قانون التسامح هذا لأنه يعني تزايد النفوذ الكاثوليكي داخلياً وخارجياً، وهو ملايريدونه، فهم يريدون إنجلترا قاعدة بروتستانتية، لكن الزمن مضى وخضعت البروتستانتية والكاثوليكية لعلمانية اعطتهم الفتات بل أقل من الفتات!!
يقول ديورانت تحت عنوان(الملك الكاثوليكي) ويقصد جيمس
:"أن الملك جيمس كان يأمل في كسب الكنيسة الأنجليكانية إلى جانب المصالحة والتراضي مع روما، ولكن تصرفه المتهور قضى الآن على هذه السياسة. وبدلاً من ذلك انتهج سياسة التوحيد بين الكاثوليك والمنشقين ضد الكنيسة الرسمية. أن وليم بن الذي وجد طريقه إلى قلب الملك وأحرز ثقته، نصحه بأنه يستطيع أن يظفر بالتأييد الحار من جانب كل البروتستانت الإنجليز، فيما عدا الأنجليكانيين إذا هو بجرة قلم ألغى القوانين التي تحرم العبادة العلنية على فرق المنشقين وفي 4 أغسطس 1687 أصدر جيمس أول "إعلان للتسامح" في عهده. ومهما تكن دوافع الملك، فإن هذه الوثيقة تحتل مكاناً في تاريخ التسامح الديني. إنه ألغى كل قوانين العقوبات فيما يتعلق بالديانة، وأبطل كل الاختبارات الدينية، ومنح الحرية الدينية للجميع،وحظر التدخل في شئون الاجتماعات الدينية المسالمة. وأخلى سبيل كل المسجونين بسبب الخلافات الدينية. أن هذا الإعلان ذهب إلى أبعد مما ذهبت إليه إعلانات التسامح في عهد شارل الثاني، التي كانت قد أبقت على الاختبار الديني لمن يتولون الوظائف، وسمحت بالعبادة الكاثوليكية داخل الدور الخاصة فقط. وأكد للكنيسة الرسمية أن الملك سيواصل حمايته لها في كل حقوقها القانونية.ومما يدعو إلى الأسى والأسف أن هذا الإجراء قدر له أن يكون إعلاناً ضمنياً للحرب على البرلمان، الذي كان قد سن من قبل كل القيود وعدم الأهلية التي ألغيت الآن. ولو سلم البرلمان بسلطة الملك في إلغاء التشريعات البرلمانية لكان لزاماً أن تنشب الحرب الأهلية من جديد.
ودخل هاليفاكس الذي كان في هاتيك الأيام ألمع عقلية في إنجلترا، المعركة بكتيب لا يحمل اسم المؤلف بعنوان "رسالة إلى منشق" (أغسطس 1687)-"أكثر النشرات توفيقاً في هذا العصر(13)" حث فيه البروتستانت أن يكونوا على يقين من أن هذا التسامح الذي قدم إليهم الآن، صدر عن ملك موال لكنيسة تدعي العصمة من الخطأ، وتنكر التسامح صراحة. وهل يمكن أن يكون ثمة انسجام دائم بين حرية الفكر والضمير وبين كنيسة لا تخطئ؟ وكيف يطمئن المخالفون إلى أصدقائهم الجدد الذين دمغوهم بالأمس القريب بأنهم هراطقة؟ "كنتم بالأمس أبناء الشيطان، وأنتم اليوم ملائكة النور(14)". ومن سوء الحظ أن الكنيسة الأنجليكانية كانت قد اتفقت مع روما فيما يتعلق بأبناء الشيطان، وأنها في السنوات السبع والعشرين الأخيرة أخضعت مخالفيها لألوان من الاضطهاد والتعذيب تعفيهم من قبول الحرية حتى على أيد كاثوليكية. وأسرع رجال الدين الأنجليكانيون إلى التماس التصالح مع المشيخيين والبيورتانيين والكويكرز، وتوسلوا إلى هؤلاء جميعاً أن يرفضوا التسامح الراهن، ووعدوهم على الفور بتسامح يحظى بموافقة كل عن البرلمان والكنيسة الرسمية. وبعث بعض المخالفين بخطابات شكر إلى الملك، ولكن الأغلبية كانت بجانبها في تحفظ. وعندما حانت ساعة الفصل نبذ الجميع الملك.
وتابع جيمس خطواته. لقد تطلبت جامعات إنجلترا لعدة سنوات مضت من أساتذتها وطلبتها الالتزام بمذهب الكنيسة الأنجليكانية، ولم يستثن من ذلك إلا منح درجة لطالب لوثري، ومنح درجة فخرية لدبلوماسي مسلم، على أن القساوسة الأنجليكانيين رأوا في أكسفورد وكمبردج هيئات وظيفتها الرئيسية إعداد الرجال لقبول المذهب الأنجليكاني، وتقرر ألا يلتحق بهما أي كاثوليكي. ورغبة في كسر هذا القيد أرسل جيمس، إلى نائب رئيس جامعة كامبردج رسالة يلزمه فيها بأن يستثني من الأنجليكاني راهباً بندكتياً يعي للحصول على درجة الأستاذية. ورفض نائب رئيس الجامعة ففصل بأمر من لجنة المحكمة الكنسية. فأرسلت الجامعة وفداً من بين أعضائه ايزاك نيوتن، ليشرح للملك موقف لجامعة. ولكن الراهب حل المشكلة بالانسحاب (1687). وفي نفس العام رشح الملك لرياسة كلية مجدلن في أكسفورد، رجلاً لا يتمتع بغزارة العلم، ولكنه ذو ميول كاثوليكية،فرفض الزملاء انتخابه، وبعد نزاع طويل اقترح الملك مرشحاً ليس عليه إلا اعتراض أيسر من سابقه، وهو باركر أسقف أكسفورد الأنجليكاني، ولكن الزملاء الذين يشكلون الهيئة الانتخابية رفضوه كذلك، ففصلوا بأمر من الملك، وعين الأسقف باركر قسراً.
واشتدت وطأة الاستياء عندما ارتمى الملك أكثر فأكثر في أحضان مستشاريه الكاثوليك. وكان إعجابه بالأب بتر شديداً إلى حد الإلحاف على البابا برسمه أسقفاً، بل كاردينالاً، ولكن أنوسنت أبى. وفي يوليه 1687 عين جيمس الجزويتي القدير، ولكن المستهتر، عضواً في المجلس المخصوص (الملكي)، فاحتج كثير من الكاثوليك الإنجليز بأن هذا تصرف طائش، ولكن جيمس كان في عجلة من أمره ليصل بالنضال إلى غايته. وكان في هذا المجلس الآن ستة من الكاثوليك، مكنت لهم حظوتهم لدى الملك من السيطرة والغلبة(15). وفي 1688 عين أربعة من الأساقفة الكاثوليك لإدارة شئون الكنيسة الكاثوليكية في إنجلترا، وخصص جيمس لكل منهم راتباً سنوياً قدره ألف جنيه، والواقع أن الكاثوليك شاركوا الآن الأنجليكانيين في أنه أصبح لكل من الفريقين كنيسة تساندها وتعاونها الدولة.
ووفي 25 أبريل 1688 جدد جيمس نشر "إعلان التسامح" الذي مضى على صدوره عام واحد، وأكد فيه من جديد عزمه على توفير حرية الفكر والضمير" لكل الإنجليز إلى الأبد. فمن الآن فصاعداً لا بد أن
يعتمد التعيين في الوظائف والترقي فيها على الجدارة الشخصية لا المذهب الديني. وتنبأ بأن الإقلال من الخلافات الدينية لا بد أن يفتح أسواقاً جديدة للتجارة الإنجليزية، ويزيد من ازدهار الأمة ورخائها.وتوسل إلى رعاياه أن يطرحوا جانباً كل الأحقاد، وينتخبوا البرلمان الجديد دون تمييز بين المذاهب الدينية، والتحقق من انتشار هذا الإعلان الموسع على أوسع نطاق ممكن، أصدر مجلس الملك توجيهاتها إلى كل الأساقفة ليرتبوا مع كل رجال الدين أمر تلاوته في كل كنيسة في الأقاليم في إنجلترا، يوم 20 أو 27 مايو. واستخدم رجال الدين على هذا النحو، وسيلة للاتصال بالجماهير، أمر له سوابقه الكثيرة في إنجلترا. ولكن لم تكن الرسالة قط يوماً بغيضة إلى الكنيسة الرسمية إلى مثل هذا الحد. وفي 18 مايو رفع سبعة أساقفة أنجليكانيين إلى الملك ظلامة أو ضحوا فيها أنهم لم ترتض ضمائرهم أن يوصوا قساوستهم بتلاوة الإعلان، لأنه يخرق قرار البرلمان بأنه لا يجوز إلغاء تشريع برلماني إلا بموافقة البرلمان نفسه، فأجاب جيمس بأن رجال اللاهوت هم الذين كانوا يلحون على عظاتهم وخطبهم دوماً على ضرورة الامتثال للملك وطاعته بوصفه رئيساً للكنيسة، وأنه ليس في الإعلان ما يخدش أو يسيء إلى كرامة أحد.ووعد بأنه سوف ينظر في ظلامتهم، ولكنهم إن يتلقوا منه رداً في الغد فعليهم أن يذعنوا لأمره.
وفي صبيحة اليوم التالي بيعت آلاف النسخ من هذه الظلامة في شوارع لندن، في الوقت التي ما زالت فيه قيد البحث عند الملك. وأحس جيمس بأن هذا يجافي قواعد اللياقة، وعرض الظلامة على القضاة الاثني عشر في المحكمة الملكية، فأشاروا بأنه تصرف في حدود حقوقه المشروعية. ومن ثم أغفل الرد على الظلامة. وفي 20 مايو تليت الظلامة في أربع كنائس في لندن، وتجاهلوها في الكنائس الست والتسعين الباقية. وشعر الملك بأن سلطته قد امتهنت
قصة الحضارة ج32 ص181-184،عصر لويس الرابع عشر -> إنجلترا -> الثورة الجليلة -> الملك الكاثوليكي
 
أعظم الشعراء الإنجليز في جيله، جون دريدن ، رأس النفاق العلماني القديم قبل عصر فولتيرالفرنسي
:"ومن الصعب أن تحب هذا الشاعر، فكل الظواهر تقول بأنه كان انتهازياً نفعياً متقلباً، امتدح كرومول في فترة الحماية، وكان المديح لشارل الثاني وخليلاته، وأثنى على البروتستانتية في عهد ملك بروتستانتي، وأطرى الكاثوليكية في ظل ملك كاثوليكي، وألتمس موارد كسب المال بكل الطرق، وجلب على نفسه عداوة كثير من الناس، مما لا بد معه أن يكون ثمة شيء يكرهه الناس فيه. وجارى كل منافسيه في إباحية رواياته وتحررها من كل القيود، وفي تورعه في شعره. وبلغت قوته في الهجاء مبلغاً يستدر العطف على ضحاياه، مثل العطف على الشهداء وهم يحترقون على الخازوق. ولكن لا جدال في أنه كان أعظم الشعراء الإنجليز في جيله. وكتب معظم شعره لا جدال في أنه كان أعظم الشعراء الإنجليز في جيله. وكتب معظم شعره في المناسبات، وقلما حفظ الزمن شعراً نظم للمناسبات. ولكن هجاءه لا يزال حياً، لأن أحداً غيره لم يستطع أن يأتي بمثل هذا الهجاء الذي صور الشخصيات في ازدراء قارص وسخرية لاذعة. وطور المقطع الشعري ذا البيتين إلى درجة من الإيجاز المحكم والمرونة، سيطرت على الشعر الإنجليزي طيلة قرن من الزمان وكان أثره على النثر أقوى، حيث نقاه من التراكيب المزعجة والمصطلحات الغريبة، وضبطه على درجة ممتازة من الصفاء والسهولة. وكان معاصروه على حق حين كانوا يرهبونه أكثر مما يحبونه. ولكنهم أدركوا في فنه في صناعة الأدب والكتابة، وملكاً على عرش القوافي، فكان بن جونسون الروائي، ودكتور صمويل جونسون الكاتب، في وقت معاً، في عصره.
قصة الحضارة ج32 ص238،239، عصر لويس الرابع عشر -> إنجلترا -> من دريدن إلى سويفت -> جون دريدن
 
وفي 1688 فر جيمس الثاني إلى فرنسا
قصة الحضارة ج32 ص238 عصر لويس الرابع عشر -> إنجلترا -> من دريدن إلى سويفت -> جون دريدن
يقصد ملك انجلترا
 
اليهود في فرنسا القرن ال17 قيود:"أما في فرنسا فقد كان اليهود من الناحية النظرية خاضعين لجميع القيود التي طلب بيوس الخامس فرضها عليهم، أما من الناحية الفعلية فقد أكسبتهم أهميتهم في الصناعة والتجارة المالية تسامحاً صامتاً. وقد أكد كولبير في أحد أوامره المزايا التي تحصل عليها مرسيليا من مشروعات اليهود التجارية(15). واستقر لاجئوا المارانو في بوردو وبايون، وبلغ إسهامهم في الحياة الاقتصادية لجنوب غربي فرنسا مبلغاً حمل السلطات على السماح لهم بممارسةشعائرهم اليهودية في تخف يقل شيئاً فشيئاً. ولما غزا جيش من المرتزقة بوردو في 1675، خشي مجلس المدينة أن يعطل نزوح اليهود المرتاعين في أعدا كبيرة عن المدينة ثراءها، فبدونهم-كما قال ناظر ملكي في تقريره-ستخرب لا محالة تجارة بوردو والإقليم بأسره(16)". وبسط لويس الرابع عشر حمايته على اجالية اليهودية في متز، فلما عذب القضاة المحليون يهودياً حتى الموت (1670) لاتهامه بقتل طفل قتلاً طقسياً أدان الملك إعدام الرجل قائلاً إنه جريمة قتل ارتكبها القضاء
قصة الحضارة ج33 ص132،،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> الصفارديم
 
الهجرات الأولى أو المنافي لليهود إلى هولندا هروباً من الإضطهاد الإسباني الكاثوليكي
الهجرة من اسبانيا والبرتغال هروباً من الإضطهاد، وشارل الخامس يقضي بإضطهادهم في هولندا
:"لعبت هجرة اليهود من أسبانيا والبرتغال دوراً (مبالغاً فيه أحياناً)(19) في انتقال الزعامة التجارية من هاتين الدولتين إلى الأراضي المنخفضة. هناك قصد اليهود المنفيون أنتورب أولاً، ولكن في 1549 أمر شارل الخامس بأن يطرد من الأراضي المنخفضة كل المارانو الذين دخلوها من البرتغال في السنوات الخمس الأخيرة. والتمس عمد أنتورب الاستثناء من هذا المرسوم، ولكنه نفذ، واستأنف المهاجرون الجدد بحثهم عن وطن يلجئون إليه. وفقدت أنتورب تفوقها التجاري لا نتيجة لهذه الهجرة الجزئية، بل للخطوب التي ألمت بالمدينة في حرب التحرير ومعاهدة وستفاليا، التي أقفلت الشلت في وجه الملاحة.
واجتذبت حرية العبادة في الأقاليم المتحدة، تلك الحرية المتزايدة رغم ما شابها من نقص، اليهود إلى المدن الهولندية-إلى لاهاي، وروتردام، وهارلم، وأهم من ذلك كله أمستردام. هناك ظهر يهود المارانو في 1593، وبعد أربع سنين افتتحوا مجمعاً لهم. وكانت العبرية لغة عبادتهم، والأسبانية أو البرتغالية لغتهم في حياتهم اليومية. وفي 1615، وبعد تقرير وضعه هوجو جروتيوس، أقرت سلطات المدينة رسمياً وجود الجالية اليهودية، ومنحتها حرية العبادة، ولكنها منعت اليهود من التزاوج مع المسيحيين ومن التهجم على الدين المسيحي(20)
قصة الحضارة ج33 ص133،134،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> أورشليم الهولندية
 
ترجمة الملك جيمس غيرت النظرة الى اليهود " أنها وثقت معرفة إنجلترا بالعهد القديم" !!
والطاغية سفاك الدماء كرومويل يمنحهم الحرية (لامانع عندي من ذلك) لكن الكنائس الكبرى تعترض!!
قال ديورانت
:"وقد خفف انتشار الكتاب المقدس، الذي عجلت به ترجمة الملك جيمس، من حدة العداء لليهود لأنها وثقت معرفة إنجلترا بالعهد القديم. وتغلغلت أفكار العبرانيين القدماء ومشاعرهم في فكر البيورتان وعباراتهم. وبدت لهم حروب اليهود صورة سابقة لحروبهم مع تشارلز الأول، وكان يهوه رب الجنود-على نحو ما-أنسب لحاجاتهم من ملك السلام الذي جاء وصفه في العهد الجديد. ورسم الكثير من الكتائب البيورتانية أسد يهوذا على راياتهم، وسار أعوان كرومويل "ذوو الجوانب الحديدية" إلى المعركة وهو يتغنون بأغاني كتابية. وإذ أقبل البيورتان أدب التوراة الرائع على أنه كلمة الله بحذافيرها، فإنهم أحسوا بأنهم مضطرون إلى الاعتراف باليهود مختارين من الله ليكونوا المتسلمين المباشرين لوحيه، وأخبر واعظ منهم شعب كنيسته أن اليهود ينبغي أن يظلوا مكرمين باعتبارهم مختاري الله، وسمي بعض جماعة "المسوين" أنفسهم يهوداً(30). وشعر كثير من البيورتان أن تأكيد المسيح الصريح لناموس موسى يرجح رفض بولس إياه، وحملوا جميع المسيحيين المتمسكين بالكتاب المقدس على الالتزام بممارسة ذلك الناموس. واقترح أحد قادة البيورتان، وهو اللواء تومس هاريسون، وكان من ألصق مساعدي كرومويل به، جعل الشريعة الموسوية جزءاً من القانون الإنجليزي(31). وفي 1949 قدم مشروع قانون لمجلس العموم بتغيير يوم الرب من الأحد الوثني إلى السبت اليهودي. فالإنجليز أيضاً هم الآن-في زعم البيورتان-شعب الله المختار.
وكانت جماعة صغيرة من المارانو سكنت لندن على عهد جيمس الأول (1603-25). وكانوا أول الأمر يختلفون إلى الصلوات المسيحية، ولكنهم بعد ذلك لم يعبئوا بإخفاء ولائهم لليهودية. . وشارك الماليون اليهود أمثال أنطونيو كارفاجال في تلبية حاجات البرلمان الطويل والجمهورية للمال(32). فلما تقلد كرومويل السلطة استخدم التجار المارانو مصادر للمعلومات الاقتصادية والسياسية المتصلة بهولندة وأسبانيا، ولاحظ في شيء من الحسد ما أصابته التجارة الهولندية من توفيق يرجع بعضه إلى تدفق اليهود وعلاقاتهم الدولية.
وبعد أن وصل منسي بن إسرائيل إلى إنجلترا بقليل استقبله كرومويل، ووضع مسكناً في لندن تحت تصرفه. وقدم منسي ملتمساً، ونشر عن طريق الصحف "إعلاناً" بالمبررات الدينية والاقتصادية الداعية للإذن اليهود بدخول إنجلترا. وبين السبب في أن اليهود اضطرتهم القيود القانونية، وعدم أمنهم المادي والمالي، إلى الزهد في الزراعة والإقبال على التجارة. وأشار إلى يهود أمستردام يرتزقون من الاستثمار في التجارة لا من إقراض المال، وأنهم لا يتعاملون الربا بل يضعون أموالهم السائلة في مصارف ويقنعون بفائدة قدرها خمسة في المائة على ودائعهم. ودلل على انعدام أي أساس للأسطورة التي زعمت أن اليهود يقتلون الأطفال المسيحيين ليستعملوا دمهم في الشعائر الدينية. وأكد للمسيحيين أن اليهود لا يبذلون محاولات ليفتنوا الناس عن دينهم. واختتم بطلب السماح لليهود بدخول إنجلترا، شريطة أن يقسموا يمين الولاء للملكة، وبأن يمنحوا الحرية الدينية، والحماية من العنف وأن يقضي أحبارهم وقوانينهم في خلافاتهم دون إضرار بالقانون والمصالح الإنجليزية. وفي 4 ديسمبر 1655، جمع كرومويل في هوايتهول مؤتمراً من الفقهاء وكبار الموظفين ورجال الدين للبحث في قبول اليهود. ودافع هو شخصياً عن الفكرة بقوة وفصاحة، مؤكداً الجانب الديني والاقتصادي إذ لا بد من تبشير اليهود بالإنجيل الطاهر، ولكن "أنستطيع تبشيرهم إذا لم نحتمل عيشهم بين ظهرانينا(33)؟" ولم تلق حججه تعاطفاً كثيراً
قصة الحضارة ج33 ص137،138،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> إنجلترا واليهود
 
اضطهاد اليهود في المانيا (القرن ال16،17)
الأشكنازيم ..في سنة 1564 كانت بقية لا يستهان بها من المستوطنات اليهودية باقية في ألمانيا لا سيما في فرانكفورت-أم-مين، وهامبورج، وفورمز، برغم الحملات الصليبية الوسيطة ومئات التقلبات. غير أن حركة الإصلاح البروتستنتي لم تكن قد خففت من تلك الكراهية التي أحس بها المسيحيون نحو شعب غريب لم يستطع أن يقبل المسيح على أنه ابن الله، بل زادتها حدة. ففي فرانكفورت حرم على اليهود أن يبرحوا حيهم إلا لأمر عاجل، ولم يكن مباحاً لهم استضافة زوار من خارج المدينة دون علم القضاة، وكان عليهم أن يضعوا على ملابسهم شعاراً أو لوناً خاصاً، وأن تحمل بيوتهم علامات مميزة كثيراً ما كانت غريبة قبيحة المنظر. وقد اشترت رشوة موظفي المدينة أحياناً الإعفاءات من هذه القيود المذلة، ولكن عداء أفراد الشعب البسطاء كان خطراً دائماً يتهدد حياة اليهود وممتلكاتهم. مثال ذلك ما حدث في سبتمبر 1614 حين اقتحم جمع مسيحي باب حي اليهود بينما كانت كان معظم يهود فرانكفورت يقيمون الصلاة، وبعد أن استمتعوا بليلة من النهب والتدمير، أجبروا 1.380 يهودياً على مبارحة المدينة دون أن يحملوا من المتاع إلا ما على أجسادهم من ثياب. وأطعمت عدة أسر مسيحية اللاجئين وآوتهم، وألزم رئيس أساقفة مينز بلدية فرانكفورت بردهم لبيوتهم، وتعويضهم عن خسائرهم، وشنق زعيم الغوغاء(37). وبعد سنة قامت حركة ممثلة في فورمز، فطردت اليهود من المدينة وانتهكت حرمة مجامعهم ومدافنهم، ولكن رئيس أساقفة فورمز وأمير هسي-دار مشتات قدماً الملجأ للمنفيين، وبسط عليهم ناخب بالاتين حمايته في رجوعهم. ويمكن القول عموماً أن كبار الأكليروس وأفراد الطبقات العليا كانوا ميالين للتسامح، ولكن صغار الأكليروس وجماهير الشعب كان من السهل إثارتهم وإشعال نار الحقد في نفوسهم. وكانت القيود القديمة-حتى بعد تخفيفها-مسلطة أبداً فوق رءوس اليهود، واحتمالات الإهانة والأذى ماثلة في أي يوم. وكان بعض المسيحيين الغيورين يخطفون الأطفال من فوق صدور أمهاتهم ويعمدونهم بالإكراه(38). حقاً لولا الجهل لما كان للتاريخ وجود.
وتركت حرب الثلاثين يهود ألمانيا في سلامة نسبية. فقد استغرق البروتستنت والكاثوليك في قتل بعضهم البعض استغراقاً كاد ينسيهم أن يقتلوا اليهود، حتى ولو كانوا أقرضوهم مالاً. وكان الإمبراطور فرديناند الأول قد فرض لوائح ثقيلة على يهود النمسا، وطردهم من بوهيميا (1559)، ولكن فرديناند الثاني حماهم، وسمح لهم بأن بينوا مجمعاً في فيينا الكاثوليكية وأن يخلعوا شعاراتهم، وأباح رجوع اليهود إلى بوهيميا. وتعهد يهود بوهيميا بدفع أربعين ألف جولدن كل عام إسهاماً منهم في القضية الإمبراطورية في تلك الحرب الكبيرة. ورغبة في تهدئة خواطر المسيحيين الذين تذمروا من سياسة فرديناند الثاني المتسامحة، أمر (1635) بأن يستمع يهود براغ كل أحد للعظات المسيحية، وفرض الغرامات عقاباً للتهرب أو النوم أثناء العظات
قصة الحضارة ج33 ص140-142،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> الأشكنازيم
 
بولندا ومذابح(2) اليهود العارضة وكراهية البولنديين لهم، حتى نهبوا بيوت اليهود وقتلوا كثير منهم!!
:"وكل حكام بولندة في القرنين السادس عشر والسابع عشر، فيما عدا قلة منهم، من أكثر ملوك زمانهم تسامحاً. فأصدر ستيفن باتوري مرسومين يؤكدان الحقوق التجارية لليهود، ويدمغان تهم القتل الطقسي التي يرمي بها اليهود بأنها "افتراءات" قاسية لا يسمح بها في المحاكم البولندية (1567)(41). ولكن عداء الشعب لليهود لم يخف. فلم ينقض عام واحد على هذين المرسومين حتى هاجم جمع من الغوغاء الحي اليهودي في بوزنان، ونهبوا البيوت، وقتلوا كثيراً من اليهود. وفرض باتوري غرامة على موظفي المدينة لفشلهم في وقف الشغب. وواصل سجسمند الثالث سياسة التسامح الملكي.
وتضافر عاملان لإنهاء هذا العهد الذي توافرت فيه حسن نية الحكومة قبل اليهود. أولهما أن التجار الألمان في بولندة كرهوا منافسة اليهود لهم، فأشعلوا ثورات شعبية في بوزنان وفيلنو، حيث هدم مجمع لليهود ونهبت بيوت اليهود (1592)، وقدموا للملك ملتمساً de non tolerandis Judaeis بعدم التسامح مع اليهود (1619). وانضم إلى الحملة لوقف التسامح اليسوعيين الذين استقدم باتوري وما لبثوا أن تولوا القيادة الفكرية للكاثوليك في بولندة. وظفرت اتهامات اليهود بالقتل الطقسي باعتراف الحكومة بها الآن. ففي 1589 عشر في لوبلن على جثة صبي في مستنقع، فأكره ثلاثة يهود بالتعذيب على الاعتراف بأنهم قتلوه، ثم شنقوا وانتزعت أحشاؤهم وقطعوا أرباعاً، وأصبح جثمان الصبي الذي حفظ في كنيسة كاثوليكية محل الإجلال الديني. وازدادت المؤلفات المعادية للسامية ضراوة عن ذي قبل.
وفي 1618 نشر سبستيان ميشنسكي الكراكاوي كتيباً اسمه "مرآة للتاج البولندي" اتهم فيه اليهود بقتل الأطفال، والسحر، والسرقة، والنصب، والخيانة، ودعا مجلس الأمة لطرد جميع اليهود من بولندة. وأثار الكتيب الشعور العام إثارة حملت سجسموند على مصادرته. واتهم طبيب من بولندي الأطباء اليهود بتسميم الكاثوليك بشكل منظم (1623) وأمر الملك لاديسلاس الرابع السلطات البلدية بأن تحمي اليهود من الثورات الشعبية، وحاول التخفيف من عداء المسيحيين لهم بمنع اليهود من السكنى في الأحياء المسيحية، أو بناء مجامع جديدة، أو فتح مدافن جديدة، دون ترخيص ملكي. وألزم برلمان 1643 جميع التجار بألا تتجاوز أرباحهم 7% إن كانوا مسيحيين، و3% إن كانوا يهوداً، وكانت النتيجة أن المسيحيين أقبلوا على الشراء من اليهود فأثروا وأثاروا مزيداً من الحقد.
وتكاثر اليهود البولنديون برغم الكراهية والقيود والشدائد والفقر وبنوا المعابد والمدارس، وتناقلوا تقاليدهم وأخلاقهم ونواميسهم التي أعانتهم على الاستقرار، وصانوا إيمانهم المعزى. ونظم المدارس الأولية معلمون خصوصيون ينقدهم الأدباء أجورهم بواقع التلميذ والفترة، أما التلاميذ العاجزون عن الدفع فإن معظم الجاليات اليهودية أنفقت على مدرسة خاصة بهم من الأموال العامة. وكان حضور المدرسة الأولية إلزامياً على الصبية من السادسة إلى الثالثة عشرة. ووفر التعليم العالي في كلية (يشيبا) يشرف عليها الأحبار.
قصة الحضارة ج33 ص142،143،،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> الأشكنازيم
 
جيوش دول كاثوليكية ، ومعها عقائد أُخر!، تطيح بجيمس ملك إنجلترا اخو شارل الثاني وابن شارل الأول الذي أعدمته الثورة الإنجليزية الكبرى
قال ديورانت عن سبب من أسباب الإطاحة
:"الإطاحة بالعرش والملك في المهد
ربما كانت هذه الولادة لتي جاءت قبل الأوان هي التي جلبت الكارثة على رأس الملك المتهور. واتفقت إنجلترا البروتستانتية مع جيمس في أن هذا الولد قد يواصل السعي لإعادة الكثلكة، ومن ثم يمكن القول بأنها خشيته لنفس السبب الذي أحبه الملك من أجله وأنكرت إنجلترا البروتستانتية في أول الأمر، بنوة الطفل الملك. واتهمت الجزويت بأنهم دسوا إلى مخدع الملكة وليداً اشتروه، كجزء من مؤامرة أرادوا منها إبعاد الابنة البروتستانتية ماري عن وراثة العرش. وانعطفت إنجلترا أكثر فأكثر نحو ماري، على أنها أمل البروتستانتية الإنجليزية، ووطنت النفس على القيام بثورة أخرى لإجلاس ماري على العرش لتكون ملكة إنجلترا.
ولكن ماري كان آنذاك زوجة وليم أورانج الثالث، رئيس الدولة في المقاطعات المتحدة
قصة الحضارة ج32 ص 186،عصر لويس الرابع عشر -> إنجلترا -> الثورة الجليلة -> الإحاطة بالعرش والملك في المهد
 
كان يخون زوجته بأكثر من عشيقة، ودعمته الباباوية للإطاحة بجيمس، ملك إنجلترا، وقد فعل وجلس هو وزوجته الخائنة لوالدها، المحاربة له بالسلاح!، على عرش إنجلترا!
قال ديورانت
:"وانعطفت إنجلترا أكثر فأكثر نحو ماري، على أنها أمل البروتستانتية الإنجليزية، ووطنت النفس على القيام بثورة أخرى لإجلاس ماري على العرش لتكون ملكة إنجلترا.
ولكن ماري كان آنذاك زوجة وليم أورانج الثالث، رئيس الدولة في المقاطعات المتحدة. ماذا يقول وليم المزهو بنفسه في أنه مجرد زوج الملكة؟ لماذا لا يعرض عليه الاشتراك في الحكم مع ماري؟وفوق كل شيء، انه هو أيضاً يجري في عروقه الدم الملكي الإنجليزي. أن أمه كانت ماري أخرى، وكانت ابنة شارل الأول. ليس في نية وليم على أية حال أن يلعب دور الزوج للزوجة الملكة. ومن الجائز أن الأسقف بيرت-الذي كان قد اتخذ سبياه إلى القارة هرباً، عند ارتقاء جيمس العرش-أقنع ماري، بإيعاز(17)من وليم، أن تتعهد بالطاعة التامة لوليم "في كل الأمور" أياً كانت السلطة التي تخولها التصرف فيها،فوافقت على "أن يكون الحكم والسلطة في يديه هو، لأنها لا ترغب إلا في أن يعمل هو بالوصية التي تقول: أيها الأزواج أحبو زوجاتكم، كما تعمل بالوصية التي تقول:أيها الزوجات أطعن أزواجكن في كل شيء(18)" وتقبل وليم الطاعة،ولكنه تجاهل التلميح الرقيق إلى علاقته بعشيقته السيدة فليير(19)، فإن الحكام البروتستانت أيضاً، يحوز لهم فوق كل شيء، أن يخدعوا أو يخونوا زوجاتهم.
قصة الحضارة ج32 ص 186،عصر لويس الرابع عشر -> إنجلترا -> الثورة الجليلة -> الإحاطة بالعرش والملك في المهد
 
العرش من حق الزوجة(ابتسامة)،
ومتى ولد الملك ابن فمن الواضح أن يسقط حق ماري في العرش
قال ديورانت
:"إن وليم الذي يحارب لويس الرابع عشر حفاظاً على استقلال هولنده والبروتستانتية، راوده الأمل لبعض الوقت في كسب والد زوجته (جيمس) في تحالف ضد ملك فرنسا الذي كان يحطم توازن القوى والحريات في أوربا، ولما خاب فأله، عمد إلى التفاوض مع الإنجليز الذين تزعموا حركة المقاومة ضد جيمس. إنه تغاضى من قبل عن الحملة التي نظمها مونمورث على الأرض الهولندية ضد الملك جيمس، وسمح لها بالإقلاع من أحد الثغور الهولندية دون عائق(20)، وخشي بحق أن يكون جيمس قد دبر خطة لإعلان عدم أهليته لوراثة عرش إنجلترا.ومتى ولد الملك ابن فمن الواضح أن يسقط حق ماري في العرش. وفي أوائل 1687 أوفد وليم افرهارد فان ديكفلت إلى إنجلترا ليقيم علاقات ودية مع زعماء البروتستانت. وعادت البعثة برسائل مبشرة من مركيز هاليافكس، وأرسل شروزبري وأرل كلارندن (ابن رئيس اللوردات السابق) ومن دانبي، والأسقف كمبتون وغيرهم. وكانت الرسائل غامضة مبهمة إلى حد لايئم عن خيانة صريحة، ولكنه انطوت على تأييد حار لوليم في نضاله من أجل العرش.
قصة الحضارة ج32 ص 187،عصر لويس الرابع عشر -> إنجلترا -> الثورة الجليلة -> الإحاطة بالعرش والملك في المهد
 
قصة الحرب على عرش إنجلترا وخلع جيمس بالقوة العسكرية الخارجية لدول كبرى وشباب مسيحي يهب لنصرة البروتستانتية في إنجلترا وجماعات ارهابية خارجية تساعد في الغزو (في نظر الفرق الأخرى مثل الجماعة المسيحية الإرهابية" الهيوجونوت" وفي الحقيقة هي ليست جماعة ولكنه ديناة وحدها ككل فرق المسيحية!!)
:"وفي يونية 1687 أصدر كاسبار فاجل، الحاكم العام، رسالة أوضح فيها بصورة آراء وليم في التسامح. إن وليم يريد حرية العبادة للجميع ولكنه يعارض إلغاء "قانون الاختبار" الذي يقصر حق تولي الوظائف العامة على أتباع المذهب الأنجليكياني(21). أن هذا البيان الرسمي للتحفظ أكسب وليم تأييد الأنجليكانيين البارزين. ولما قضى مولد ابن لجيمس على فرض وليم في أن يخلفه (جيمس) قرر زعماء البروتستانت دعوة وليم للقدوم والاستيلاء على العرش عنوة. ووقع الدعوة (30 يونية 1688) إرل سروزبري الثاني عشر، ودوق ديفونشير الأول، إرل دانبي، إرل سكاربره، وأمير البحر أدوارد رسل (ابن عم وليم رسل الذي أعدم في 1683)، هنري سدني (أخو الجرنون)، والأسقف كمبتون. أما هاليفاكس فإنه لم يوقع متذرعاً بأنه يؤثر المعارضة الدستورية. ولكن كثيرين غير هؤلاء، من بينهم سندرلند وجون تشرشل، وكلاهما آنذاك في خدمة جيمس) بعثوا إلى وليم يؤكدون مساندتهم له(22). وكان الموقعون يعلمون علم اليقين أن دعوتهم للمغامرة، من ذلك أق شروزبري الكاثوليكي السابق الذي تحول إلى البروتستانتية، رهن ضياعه نظير أربعين ألف جنيه، وعبر البحر إلى هولنده ليساعد فيتوجه الغزو(23).
ولم يكن في مقدور وليم أن يتخذ أي إجراء فوري. لأنه لم يكن على ثقة من شعبه. كما كان يخشى أن يجدد لويس الرابع عشر هجومه على هولنده في أية لحظة. وخشيت الولايات الألمانية كذلك مهاجمة فرنسا لها، ومع ذلك لم تبد هذه الولايات اعتراضاً على غزو وليم لإنجلترا، ولعلمها بأن الهدف الأسمى لوليم هو كبح جماح ملك البوربون. أما حكومتا آل هبسبرج في النمسا وأسبانيا فقد نسيتا كثلكيتهما في بغضهما للملك لويس الرابع عشر، وأقرتا خلع ملك كاثوليكي يصادق فرنسا بل أن البابا نفسه منح الحملة بركته ورضاءه السامي. ومن ثم أصبح بإذن من الدول لكاثوليكية أن يأخذ وليم البروتستانتي على عاتقه الإطاحة بجيمس الكاثوليكي. وتعجل لويس وجيمس كلاهما الغزو، وأعلن لويس أن روابط "لصداقة والتحالف" القائمة بين إنجلترا وفرنسا تحتم عليه أن يعلن الحرب على كل من يغزو وإنجلترا. ولكن جيمس الذي خشي أن يؤدي هذا البيان إلى توحيد صفوف رعاياه البروتستانت ضده بشكل أقوى، نفي وجود مثل هذا التحالف،ورفض مساعد فرنسا له. وانتصر غضب لويس الرابع عشر على استراتيجيته، فأمر جيوشه بمهاجمة ألمانيا، لا هولندة (25 سبتمبر 1688)، ووافقت الجمعية العمومية للمقاطعات المتحدة، التي حررت لبعض الوقت من الخوف من فرنسا، على أن يقود وليم حملة قد تؤدي بإنجلترا إلى الدخول في
تحالف ضد فرنسا.
وفي 19 أكتوبر تحرك الأسطول-خمسين سفينة حربية،وخمسمائة سفينة نقل، وخمسمائة فارس، واحد عشر ألفاً من المشاة، بما فيهم عدد كبير من الهيجونوت اللاجئين من الاضطهاد في فرنسا. وصدت الرياح الأسطول، فانتظر حتى يهب "نسيم بروتستانتي" (مؤات)، وأقلع ثانية في أول نوفمبر.وخرج أسطول إنجليزي ليعترض سبيله، ولكن مزقته العاصفة.وفي 5 نوفمبر، وهو عطلة وطنية احتفالاً بذكرى "مؤامرة البارود" ألقى الغزاة مراسيهم في "ثورباي"، وهو منفذ على المانش على شاطئ دورستشير. ولم يلق الغزاة أية مقاومة، ولكنهم كذلك لم يلقوا أي ترحيب. فأن الناس لم يكونوا قد نسوا جفريز وكيرك. وأصدر جيمس أوامره إلى جيشه بالتجمع في سالسبوري تحت إمرة لورد جون تشرشل، ولحق الملك به هناك، ولكنه وجد القوات يعزوها الولاء والإخلاص، يخيم عليها الفتور إلى حد الارتياب في اشتراكهم في معركة، فأمر بالتقهقر، وفي تلك الليلة (23 نوفمبر) انحاز لتشرشل واثنان من كبار الضباط فيجيش الملك إلى وليم مع أربعمائة رجل(24).وبعد ذلك بأيام قلائل انضم جورج الدنمركي، زوج الأميرة آن ابنة جيمس، إلى جماعة الخارجين على الملك،والذين يتزايد عددهم،ووجد الملك التعس، لدى عودته إلى لندن، أن ابنته آنوسارا جنجز زوجة تشرشل قد هربتا إلى نوتنجهام. وتحطمت روح الملك الذي كان يوماً مزهواً مختالاً، حين وجد أن ابنتيه كلتيهما قد انقلبتا ضده. فأوفد هاليفاكس للتفاوض مع وليم وفي 11 ديسمبر غادر الملك نفسه عاصمة ملكه، ولما عاد هاليفاكس من الجبهة، وجد الأمة بلا رئيس ولا زعيم، فعمد جماعة من النبلاء إلى تنصيبه رئيساً لحكومة مؤقتة. وفي يوم 13 تسلموا من جيمس رسالة تقول بأنه وقع في أيدي الأعداء، في فافرشام في كنت. فأنفذوا بعض القوات لإنقاذه، وفي يوم 16 عاد الملك الذليل إلى قصر هويتهول وأرسل
وليم أثناء تقدمه نحو لندن، وبعض حراس هولنديين زودهم بتعليمات بأن يحملوا جيمس إلى روشستر، وهناك يسهلون له طريق الفرار. وقد كان، ووقع جيمس في الفخ الذي نصب له، وغادر إنجلترا إلى فرنسا (23 ديسمبر).وعمر ثلاثة عشر عاماً بعد سقوطه، ولكنه لم ير إنجلترا ثانية قط.
ووصل وليم إلى لندن في التاسع عشر من ديسمبر. واستغل انتصاره في حزم وحذر واعتدال ممتاز، ووضع حداً للشغب الذي آثاره البروتستانت في لندن وسلبوا فيه منازل الكاثوليك وأحرقوها. وبناء على طلب الحكومة المؤقتة، ودعا اللوردات والأساقفة وأعضاء البرلمان السابقين للاجتماع في كفونتري. وأعلن "المؤتمر" الذي أنعقد هناك في أول فبراير 1689 أن جيمس اعتزل العرش بفراره. وعرض المجتمعون أن يتوجوا ماري ملكة، ويرتضوا وليم نائباً لها. فقبلا (13 فبراير). ولكن المؤتمر قرن هذا العرض " بإعلان الحقوق" الذي سنه وأصدره البرلمان من جديد في 16 ديسمبر على أنه "وثيقة الحقوق"، وأصبح (بالرغم من عدم موافقة وليم عليه صراحة) جزءاً حيوياً أساسياً في قوانين المملكة
قصة الحضارة ج32 ص187-190،عصر لويس الرابع عشر -> إنجلترا -> الثورة الجليلة -> الإحاطة بالعرش والملك في المهد
تعليق
إنه الكيل بمكاييل وليس بمكيالين!
 
غير أنه بعد الإستيلاء على إنجلترا وفرار جيمس وصعود وليم قائد المقاطعات الهولندية المتحدة وزوجته(ماري ابنة جيمس!!، على عرش إنجلترا، بدعم عسكري أوروبي من غير فرنسا) صدر قانون حقوقي!!
:"ووصل وليم إلى لندن في التاسع عشر من ديسمبر. واستغل انتصاره في حزم وحذر واعتدال ممتاز، ووضع حداً للشغب الذي آثاره البروتستانت في لندن وسلبوا فيه منازل الكاثوليك وأحرقوها. وبناء على طلب الحكومة المؤقتة، ودعا اللوردات والأساقفة وأعضاء البرلمان السابقين للاجتماع في كفونتري. وأعلن "المؤتمر" الذي أنعقد هناك في أول فبراير 1689 أن جيمس اعتزل العرش بفراره. وعرض المجتمعون أن يتوجوا ماري ملكة، ويرتضوا وليم نائباً لها. فقبلا (13 فبراير). ولكن المؤتمر قرن هذا العرض " بإعلان الحقوق" الذي سنه وأصدره البرلمان من جديد في 16 ديسمبر على أنه "وثيقة الحقوق"، وأصبح (بالرغم من عدم موافقة وليم عليه صراحة) جزءاً حيوياً أساسياً في قوانين المملكة:
حيث أن الملك السابق جيمس الثاني.. سعى جهده أن يدمر ويستأصل العقيدة البروتستانتية وقوانين وحريات هذه المملكة من جذورها:
1- بانتحاله لنفسه وممارسته سلطة التحلل من القوانين وإلغائها، أو تنفيذها دون موافقة البرلمان..
3- بإنشاء "محكمة خاصة بالقضايا الدينية".
4- بجباية أموال من أجل الملك وليستخدمها هو، بحجة الامتيازات والحقوق الملكية، في غير الوقت ولغير الغرض اللذين أقرهما البرلمان.
5- بتجنيد جيش ثابت والاحتفاظ به دون موافقة البرلمان.
7-بإقامة الدعوى أمام "محكمة الملك" في مسائل وقضايا هي من اختصاص البرلمان وحده.
وكل هذا يتعارض تماماً، وبطريق مباشر، مع قوانين هذه المملكة
وشرائعها المعروفة. ولما كانوا (أعضاء البرلمان-المجتمعون) على ثقة تامة من أن.. أمير أورانج.. سوف يحميهم من إهدار حقوقهم التي أثبتوها هنا، ومن أية محاولات أخرى للاعتداء على حقوقهم المدنية وحرياتهم، فإن اللوردات والآباء الروحيين والنواب المجتمعين في وستمنستر، يقررون أن يعينوا وليم وماري، أمير وأميرة أورانج، ملكاً وملكة على إنجلترا وفرنسا وإيرلندة، وأن يقسم اليمين المذكورة بعد، كل الأشخاص الذين يتطلب القانون منهم أن يقسموا يمين الولاء.. "أقسم أنا (س من الناس) أن أمقت وأبغض وأنبذ من كل قلبي على أنها كفر وهرطقة، تلك النظرية الدنسة اللعينة.. التي تقول بأنه يجب أن يخلع أو يقتل، بيد رعاياه أو عيرهم أياً كانوا، كل أمير يصدر ضده البابا أو أية هيئة في المقر البابوي في روما، قراراً بالحرمان من الكنيسة أو من العرش.. كما أعلن أنه ليس، ولا ينبغي أن يكون. لأي حاكم أو فرد أو مطران أو دولة أو عاهل أجنبي، أية ولاية أو سلطة أو سيادة أو سلطان.. في هذه المملكة. أسألك العون على هذا يا رب".
وحيث ثبت بالتجربة أنه لا يتفق مع سلامة هذه المملكة ولا مع مصلحتها أن يحكمها أمير مناصر للبابا، أو ملك أو ملكة متزوجة من أحد أشياع البابا، فإن اللوردات والآباء الروحيين والنواب المذكورين يرجون فوق ذلك أن يسن تشريع يقضي بأن كل شخص أو أشخاص يذعنون أو سيذعنون للبابا أو الكنيسة في روما، أو تكون أو ستكون لهم علاقة بهما، أو سيدينون بالمذهب البابوي، أو يتزوجون من نصيرات البابا والمشيعات له، يجب استبعادهم وحرمانهم إلى الأبد من وراثة أو أملاك أو التمتع بتاج وحكومة هذه المملكة(25).
أن هذا الإعلان التاريخي عبر من النتائج الجوهرية لما أسمته إنجلترا البروتستانتية "الثورة الجلية": وهي الاعتراف الصريح بالسيادة التشريعية للبرلمان، التي طالما نازع فيها أربعة ملوك من آل ستيوارت، وحماية المواطن ضد السلطة للتعسفية للحكومة، واستبعاد الكاثوليك من تولي عرش إنجلترا أو المشاركة فيه. ويلي هذه النتائج في الأهمية، وهو إدماج سلطة الحكومة في الأرستقراطية مالكة الأرض، لأن الثورة بدأها كبار النبلاء،وسار بها إلى غايتها صغار الملاك الممثلون في مجلس العموم. وواقع الأمر أن الملكية "المطلقة" المتمسكة "بحق الملك الإلهي" تحولت إلى أولجاركية إقليمية أو ذات علاقة بالملكية الخاصة للأرض. وهي أولجاركية تميزت بالاعتدال والجد والبراعة في إدارة دفة الحكم، متعاونة مع ملوك الصناعة والتجارة والمال، كما أهملت بصفة عامة أمر الحرفيين والفلاحين. إن الطبقات المتوسطة العليا أفادت من الثورة بصورة فعلية. واستردت مدن إنجلترا حريتها، لتحكمها أوليجاركيات التجار المستغلين. أن تجار لندن الذين أحجموا من قبل عن مساعدة جيمس، أقرضوا وليم مائتي ألف جنيه فيما بين وصوله إلى العاصمة، وتسلمه اعتمادات البرلمان لأول مرة(26). إن هذا القرض عزز اتفاقية غير مسطورة: فالتجار يتركون لملاك الأرض حكم إنجلترا، على توجه الأرستقراطية الحاكمة سياسة البلاد الخارجية نحو المصالح التجارية، وتحرر التجار أكثر فأكثر من النظم الرسمية.
وثمة عناصر مخزية غير كريمة كانت في "الثورة الجلية(27)". فيما يبدو أنه مدعاة للأسف أن تضطر إنجلترا إلى استدعاء جيش من هولنده ليصلح من أخطاء الإنجليز أنفسهم، وأن تساعد الابنة على خلع أبيها عن عرشه، وأن ينحاز قائد جيشه إلى الغزاة،وأن تشارك الكنيسة الوطنية في الإطاحة بملك سبق لهذه الكنيسة أن بررت وقدست سلطته الإلهية المطلقة في وجه أية ثورة أو أي عصيان. كما كان مدعاة للأسف أن يكون تثبيت سيادة البرلمان على حساب مناهضة حرية العبادة. ولكن السيئات التي اقترفها هؤلاء الرجال والنساء طويت في الأحداث مع رفاتهم، أما حسنتاهم التي أدوها فقد بقيت بعدهم وآتت أكلها. أنهم حتى في إقامة الأوليجاركية وضعوا أسس ديموقراطية كان لا بد أن تنشأ مع توسيع القاعدة الانتخابية.
قصة الحضارة ج32 ص190-193،عصر لويس الرابع عشر -> إنجلترا -> الثورة الجليلة -> الإحاطة بالعرش والملك في المهد
 
لأن ديورانت علماني فإنه يلغم نصوصه عن الغيب والخرافات التي داخلته، خصوصات في أوروبا، ويفخخها دائما، لكن لاعلينا، فالرجل يتكلم عن ظروف أوروبا، وماأدى بها إلى العلمانية والإلحاد
"وفي كولونيا الكاثوليكية فرض رئيس الأساقفة الناخب الرقابة على الأحاديث أو المطبوعات الدينية. وفي براندنبورج البروتستنتية أمر الناخب الأكبر برقابة دقيقة ليهدئ الصراع الديني. وفي إنجلترا واصلت الحكومة سجن المؤلفين البغيضين وحرق الكتب المهرطقة رغم صدور قانون التسامح (1689)(12). على أن تنوع الملل والنحل في الدول البروتستنتية جعل الرقابة فيها أقل جدوى منها في الدول الكاثوليكية، ولعل هذا بعض السبب في تفوق إنجلترا وهولندا في العلم والفلسفة في القرن السابع عشر.
قصة الحضارة ج33 ص166> عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> من الخرافة إلى العلم -> المعوقات
 
في هولندا حتى الآن يعرض التلفزيون أعمال سحرة مشهورون، ومنهم نساء مشهورات، يذهب إليها آلاف الهولنديين، في احتفالية دائمة لتعالجهم،وهي علمانية أصلا!، وترى أمثال هؤلاء أيضا في حفلات السياسة والفن، وتنشر صورهم الصحف والمجلات، وكثير من الناس في هولندا ، وهم علمانيون ملاحدة، يؤمنون بالسحر، وشئ من الغيب، رغم أنهم ملاحدة!!، وفي فرنسا يستعينون بالمنخمين حتى اليوم، حتى البوليس يستعين بهم في قضايا غامضة
أما في القرن ال17 ، فعنه يقول ديورانت وعن حرق النساء بالحابل والنابل
:"وخف اضطهاد الساحرات شيئاً فشيئاً، ولكن رجال الدين الاسكتلنديين تفردوا بغيرتهم المحرقة. مثال ذلك أن ست نساء في مدينة ليث عذبن بشتى ضروب التعذيب عام 1652 لحملهن على الاعتراف بالسحر، فعلقن من أباهمهن، وجلدن، ووضعت الشموع الموقدة تحت أقدامهن التي فتحت عنوة، ومات أربعة من الستة من التعذيب(9). وفي عام 1661 كان هناك أربعة عشرة محكمة تحاكم الساحرات في إسكتلندة، وفي 1664 أحرق تسع نساء معاً في ليث. واستمرت أحكام الإعدام هذه في إسكتلندة على نحو متقطع حتى 1722. وفي إنجلترا شنقت ساحرتان سنة 1664 في بوري سانت ادموندر، وأعدمت ثلاث في 1682، وعدد غير مؤكد في 1712. وقوضت الحجج التي أتى بها وير، وسبي، وهوبز، وسبينوزا، وغيرهم، شيئاً فشيئاً وهم السحر في أوساط العلمانيين المثقفين ووقف المحامون والقضاة بدرجة متزايدة في وجه اللاهوتيين، ورفضوا الاتهام أو الإدانة بالسحر. وفي 1712 قضت هيئة محلفين من الإنجليز البسطاء على جين وينهام بأنها مذنبة بالسحر، ولكن القاضي رفض الحكم عليها، فندد به رجال الدين المحليون(10)، ولكن لم يعدم أحد بتهمة السحر في إنجلترا بعد ذلك التاريخ. وفي فرنسا حصل كولبير على مرسوم من لويس الرابع عشر (1672) بمنع أحكام الإدانة بتهمة السحر(11). واحتج برلمان روان بأن هذا المنع انتهاك للأمر الوارد في التوراة، "لا تدع ساحرة تعيش" (خروج 22-18)، وأفلح بعض الحكام المحليين في حرق سبع "عرافات" في فرنسا فيما بين عامي 1680 و1700، ولكنا لا نسمع بأحكام إعدام بعد 1718.
قصة الحضارة ج33 ص164،165> عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> من الخرافة إلى العلم -> المعوقات
ولأن ديورانت علماني رغم علمه بما أنتجه دين الإسلام من حضارة سببية فإنه عقب بعلمانيته على الكلام السابق بقوله الذي فيه حق وباطل:"ولكنا لا نسمع بأحكام إعدام بعد 1718. واستمر الإيمان بالسحر حتى الانتصار المؤقت الذي أحرزته العقلانية في حركة تنوير القرن الثامن عشر، وما زال موجوداً في أماكن متفرقة هنا وهناك.
وتعاونت الرقابة والتعصب مع الخرافة على الحد من نمو المعرفة وانتشارها. وفي فرنسا حالت الصراعات التي احتدمت بين الملوك والبابوات، وبين الكنيسة الفرنسية والبابوية، وبين الجانسنيين واليسوعيين، وبين الكاثوليك والهيجونوت-هذه الصراعات حالت دون وحدة الرقابة. وثباتها ودقتها، وهي الرقابة التي عزلت أسبانيا في هذا العصر عن حركات العقل الأوربي. ووجد المؤلفون المهرطقون
 
إنفراجة أوروبية في نهاية القرن ال17 ، وطريق التسامح (النسبي) و"التسامح لكن ليس للجميع!!"، ومنها رسالة جون لوك ((1689)) في ظل ملوك وأباطرة وحكومات تنتمي لديانات مسيحية وتقاتل بعضها بعضا على الديانة والمال والشلطة والمستعمرات!!
:"لقد اتفقت المذاهب المتنافسة على التعصب. وحاجت الكنيسة الكاثوليكية في إقناع بأنه ما دام كل المسيحيين تقريباً يقبلون الكتاب المقدس على أنه كلمة الله، وبما أن ابن الله أسس الكنيسة كما نص الكتاب، فواضح إذن أن من حقها وواجبها أن تقمع الهرطقة وانتهت المذاهب البروتستنتية إلى استنتاج مماثل وإن كان أقل تعطشاً للدماء. ...واعترفت معاهدة وستفاليا (1648) بمذاهب شرعية ثلاثة في ألمانيا: الكاثوليكية، واللوثرية، والكلفنية، وترك كل حاكم حراً في أن يختار أياً منها، وأن يفرضه على رعاياه. أما الدول الاسكندنافية فلم تسمح بغير اللوثرية. وأما سويسرا فأباحت لكل ولاية تقرير عقيدتها. وافتتحت فرنسا الطريق إلى التسامح بإصدارها مرسوم نانت (1598)، ثم طريق العدول عنه بإلغاء المرسوم (1685). أما إنجلترا فقد خففت بعد 1689 من القيود المفروضة على المنشقين من البروتستنت، واستمرت تفرضها على الكاثوليك، وأبادت ثلث الكاثوليك في إيرلندة. ووافق العقلاني هوبز البابوات على ضرورة عدم التسامح.
ولكن التسامح كان في ازدياد. وبدأت الدراسة الناقدة للكتاب المقدس في هذا العصر تجعل الناس أحراراً في الإعجاب به أدباً والتشكك فيه علماً، وجعل تعدد المذاهب النظام الاجتماعي أعسر فأعسر بدون التسامح المتبادل. وفي "إنجلترا الجديدة" أعلن روجر وليمز (1644) أنها "إرادة الله وأمره" أن "تباح لجميع الناس، في جميع الأمم، أشد المعتقدات والعبادات وثنية، أو يهودية، أو تركية. أو عداء للمسيح(13)" وطالب جون ملتن بـ "النشر دون رخصة" (1644)، ودافع جريمي تيلور عن "حرية التنبؤ" (1646). وأجاز جيمس هارنجتن (1656) الحرية الديني بغير حدود فقال: "حيث تكون الحرية المدنية كاملة، فإنها تشتمل على حرية الضمير، وحيث تكون حرية الضمير كاملة... فإن للإنسان حسبما يملي عليه ضميره الحق في الممارسة الكاملة لدينه دون أن يكون ذلك عائقاً لترقيته أو توظيفه في الدولة(14)". أما في الدول التجارية مثل هولندا، وحتى في البندقية الكاثوليكية، فقد اقتضت ضرورات التجارة التسامح مع شتى أديان التجار القادمين من بلاد أجنبية. وهولندا المتحررة هي التي نشر سبينوزا فيها في "الرسالة اللاهوتية السياسية" (Tractatus theologico-Politicus) (1670) دعوة للتسامح الكامل مع الأفكار المهرطقة، وفي هولندا دافع بيل عن التسامح في كتابه "تعقيب فلسفي على الآية: ألزمهم بالدخول" (1686)، وبعد سنين من الإقامة في هولندا نشر لوك كتابه "رسائل في التسامح" (1689). وازدادت المطالبة بالحرية الفكرية عقداً بعد عقد، حتى إذا بلغ القرن السابع عشر ختامه لا نجد كنيسة تجرؤ على صنع ما صنعته الكنيسة ببرونو في 1600، أو بجاليليو في 1633 "ومع ذلك فهي تدور "Eppur si muove.
قصة الحضارة ج33 ص166،167،> عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> من الخرافة إلى العلم -> المعوقات
 
لماذا يسمي ديورانت منحى أوروبا نحو العلم بالروح العلمانية واسمها الحقيقي في الإسلام (الروح العلمية) ،ألم يأخذوا منه كل مايتصل بالعلم ومنجزاته، ومناهجه ورجالاته؟، إلا أن يريد بقوله هذا مصاحبة الدرس العلمي الزمنكاني في الغرب لإستباحة الإخلاق والتحرر من القيم الدينية عموما، والتوجه نحو الفكر الدهري اليوناني والفكر الروماني الإباحي، كما عرض من قبل في كافة دول أوروبا.
قال
:"ووجدت الروح العلمانية في ألمانيا معبراً عنها في شخص كرستيان توماسيوس. وسنشيد بذكره فيلسوفاً في موضع لاحق ، أما الآن فنراه أعظم المعلمين الألمان في جيله. فبعد أن طرد من موطنه في ليبزج لهرطقاته، رحل إلى هاله في دولة براندنبورج-بروسيا الناهضة (1690)، وأدت محاضراته هناك إلى إنشاء الجامعة، وقد أصبح أشهر أساتذتها، والمناضل الذي جعل منها أول جامعة "حديثة". وقد هزأ بالسكولاستيه، وأحل الألمانية محل اللاتينية لغة للتعليم، وأصدر مجلة ألمانية، وأدخل البرامج العلمية في المنهج، وكافح في سبيل حرية المعلمين والطلاب في التفكير. ولقبه فردريك الأكبر أبا التنوير الألماني. وجعل التعليم الأولي عاماً وإلزامياً للجنسين في دوقية فورتمبرج عام 1565، وفي الجمهورية الهولندية عام 1698، وفي دوقية فيمار في 1619، وفي إسكتلندة عام 1696، وفي فرنسا عام 1698، وفي إنجلترا عام 1876. وكان تخلف إنجلترا راجعاً إلى الانتشار الواسع للتعليم الأهلي بفضل الهيئات الدينية الخاصة، وإلى شعور الطبقات الحاكمة بأن تعليم الفقراء في النظام الاقتصادي السائد آنئذ غير ضروري بل ربما كان غير مرغوب فيه. وقد بدأت "جمعية تشجيع المعرفة المسيحية" في 1699 تنشئ "مدارس خيرية" للأطفال الفقراء، لنشر اللاهوت والتهذيب المسيحيين بصفة خاصة، واشترط أن يكون مدرسوها كلهم أعضاء في الكنيسة الإنجليزية، وأن يحصلوا على ترخيص من الأسقف. وندد بهذا المدارس بزنارد ماندفيل، الذي أحدث ضجة في 1714 بكتابه "خرافة النحل"، وقال أنها مضيعة للمال، وأن الآباء إذا كانوا أفقر من أن يدفعوا نفقات تعليم أبنائهم "فإن من الوقاحة أن يتطلعوا إلى ما فوق قدراتهم(17)".
أما في فرنسا فقد عرض على كل أبرشية أن تمول مدرسة أولية. وكان المدرس عادة علمانياً، يختاره الأسقف ويشرف عليه، وكان التعليم كاثوليكياً لا تهاون فيه. أما "المدارس الصغيرة petites (coles التي أنشأها البور-رويال فلم تصل إلا لقلة منتقاة من الصبيان. وفي 1684 أسس جان باتيست دلاسال "اخوة المدارس المسيحية"، التي عرفت بعد قليل بالاخوة المسيحيين Fr(res Chr(ti(ns. وقد جعل لاسال، ذلك القس الزاهد، الدين جوهر التعليم الذي وفره هؤلاء "الاخوة المسيحيون" مجالنا لأبناء الفقراء. وخصص للممارسات الدينية أربع ساعات في اليوم، وأضيفت القراءة والكتابة والحساب، ولكن الهدف الذي لم يغب عنهم قط كان تدريب الكاثوليك الأوفياء، وتخليص النفوس من طيش الحياة الدنيا ومن النار الأبدية. ووجد أن الجلد نافع لهذه الأغراض. وكان المعلمون يحضون على التعليم بالقدوة أكثر من المبدأ. وفي 1685 افتتح الاخوة المسيحيون مؤسسة لعلها كانت أول مؤسسة حديثة لتدريب معلمي المدارس الأولية.
وظل التعليم الثانوي بفرنسا في أيدي اليسوعيين، وكان لا يزال خير تعليم في البلاد المسيحية، وغيرت كليتهم اليسوعية الواقعة وراء السوربون مباشرة اسمها إلى "كلية لويس الأكبر "Coll(ge Louis-le-Grand بعد أن حضر الملك مسرحية أخرجها هناك التلاميذ في 1674. وافتتح لويس الرابع عشر في 1686، تحت إلحاح مدام دمانتنون، في سان-سير (على ثلاثة أميال من فرساي) أول مدرسة داخلية فرنسية للبنات. وكانت الأديار توفر التعليم العالي لبنات الصفوة ممن يدفعن نفقاته، مع التركيز دائماً على الدين. وأجمعت السلطات الكاثوليكية والبروتستنتية على أن الطبيعة البشرية تتنافر أشد التنافر مع ضوابط الحضارة بحيث لم يكن سبيل لترويضها على الفضيلة والنظام إلا سبيل مخافة الله. وما زالت محاولة تهذيب الخلق دون معونة من الدين في مرحلتها التجريبية.
أما الجامعات فكانت الآن في دور الاضمحلال، وذلك باستثناء الجمهورية الهولندية، فالمذاهب الدينية المنتصرة تقوم بتطهيرها من المخالفين، والطلبة المشاغبون ينشرون فيها الفوضى، والخلافات اللاهوتية تسيطر عليها. وكانت الدرجات الجامعية في فرنسا وألمانيا تباع بالمال. ولم يكن بين أساتذتها أحد من أفذاذ فلاسفة العصر، إلا قلة من كبار العلماء، وكان هوبز، وليبنتز، وبيل، يتحدثون عن الأساتذة باحتقار لا يغتفر ضغوط الجماهير على الموظفين العموميين. وفتحت في هذه الفترة بعض الجامعات الجديدة: جامعة دويسبرج (1655)، ودرم (1675)، وكيل (1665)، ولند (1666)، وانسبروك (1673)، وهاله (1694)، وبرسلاو (1702). وكان أكثرها مؤسسات صغيرة قل أن زاد أساتذتها على العشرين وتلاميذها على الأربعمائة. وفي معظمها كان المنهج قد تجمد بمرور الزمن، واشتراطات السنية شلت حركة الطلاب والمعلمين على السواء، وقد شكا ملتن من أن الجامعات الإنجليزية "تسلب الشبان استعمال عقولهم بتعاويذ من الميتافيزيقا، والمعجزات، والتقاليد، والأسفار السخيفة". وقال أنه يشعر أنه ضيع شبابه في كمبردج محاولاً أن يهضم "وليمة حمير كلها أشواك وعليق فاسد" وغير ذلك من "الهراء السفسطائي(18)" وقد استمر قيد التقاليد هذا في أكسفورد وكمبردج إلى أن حفز مثال "الجمعية الملكية"، وأستاذية نيوتن بكلية ترنتي (1669-1702)، جامعة كمبردج على أن تفسح للعلم صدارة جريئة.
وكافح الشعراء والقساوسة، والصحافيون، والفلاسفة، ليبعثوا النشاط والحيوية في التعليم. ولقد لخصنا من قبل "رسالة ملتن إلى مستر هارتلب" (1644) عن المدرسة المثالية. ولكن لم يكن لوصفاته أي تأثير في التعليم الفعلي. أما في فرنسا فكان أمتع ما كتب في هذا الباب رسالة فنيلون "في تعليم البنات" (1678).
قصة الحضارة ج33 ص169-171 -> عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> من الخرافة إلى العلم -> التعليم
 
محاكم التفتيش(البرتغال) حرق اليهود
الكاثوليك يحرقون ويعدمون اليهود في القرن السابع عشر!!
:"وبعد أن اندمجت البرتغال في أسبانيا (1580)، زاد نشاط ديوان التفتيش البرتغالي، ففي السنين العشرين التالية أقيم خمسون احتفالاً لإقامة المهرطقين، وحكم على 162 بالإعدام، وعلى 2.979 تائباً بالعقوبات التفكيرية، وأحرق في لشبونة (1603) راهب فرنسسكاني يدعى ديوجودا أسومساو، يبلغ الخامسة والعشرين، بعد أن اعترف باعتناقه اليهودية(5). وهاجر إلى أسبانيا الكثير من المارانو بعد أن وجدوا ديوان التفتيش البرتغالي أشد وحشية من نظيره الأسباني. وفي 1604، بفضل رشوة قدرها 1.860.000 دوكاتية دفعوها لفيليب الثالث، ورشا أقل لوزرائه، أقنعوا الملك بأن يحصل من البابا كلمنت الثامن على مرسوم يأمر فيه قضاة التفتيش البرتغاليين بأن يفرجوا عن جميع المارانو المسجونين ويفرضوا عليهم عقوبات روحية فقط. فأطلق في يوم واحد (16 يناير 1605) سراح 410 من هؤلاء الضحايا. ولكن مفعول هذا الرشا وأمثالها كان يضعف بمضي الوقت، ولم يلبث الإرهاب البرتغالي أن عاد سيرته الأولى عقب موت فيليب الثالث (1621). ففي 1623 قبض على مائة من "المسيحيين المحدثين" في بلدة مونتمور أو نوفو. وفي كوامبرا، مركز المملكة الثقافي، قبض على 247 في 1626، وعلى 218 في 1629، وعلى 247 في 1631. وخلال عشرين عاماً (1620-40) أحرق 230 يهودياً برتغالياً شخصياً، و161 دمية تمثلهم بعد أن هربوا، و"صولح" 4.995 بعقوبات أخف(6). وفر الآن المارانو من البرتغال كما فروا من قبل من أسبانيا، مخاطرين بحياتهم وتاركين ثروتهم خلفهم إلى أركان المسكونة كلها.
قصة الحضارة ج33 ص 129،عصر لويس الرابع عشر -> محيط القارة -> الجيوب اليهودية داخل البلاد الأجنبية -> الصفارديم
 
صلة الأوروبيين عامة بعلم الأسباب عامة في القرن السابع عشر، وقارن ذلك بما أنتجته حضارة الإسلام من علوم سببية وحضارة سببية مع الإيمان بالغيب المنزلة حقائقه لا المخترعة خرافاته!!
قال ديورات عن أوروبا القرن ال17 وصلتها ب "الطبيعة"
:" كانت الطبيعة كما تصورها كل الأوربيين في القرن السابع عشر-فيما عدا قلة قليلة منهم-نتاجاً، أو ساحة قتال، لكائنات، خارقة، خيرة أو شريرة، تسكن أجسد البشر نفوساً، أو تسكن الأشجار والغابات والأنهار والرياح أرواحاً محيية، أو تدخل الكائنات الحية ملائكة أو شياطين، أو تجوب الهواء عفاريت خبيثة. وليس من هذه الأرواح ما يخضع لقانون لا يمكن خرقه، أو يمكن حسابه، فأي روح منها يستطيع أن يتدخل بطريقة معجزة في حركات الأحجار أو النجوم أو البهائم أو البشر، وكانت الأحداث التي لا تنجم بشكل مرئي عن المسلك الطبيعي أو المنتظم للأجسام أو العقول، تنسب لهذه القوى الخارقة التي تقوم بدور غامض خفي في شئون هذه الدنيا، ينذر بشيء أو ينبئ بخير أو يتنبأ بالمستقبل. وكل الأشياء الطبيعية، وكل الكواكب وسكانها، وكل الأبراج والمجرات، إن هي إلا جزر لا حول لها ولا قوة في بحر خارق للطبيعة.
وقد مرت بنا ألوان من الخرافة في العصور السابقة لهذا القرن. وعمر أكثرها بعد مجيء العلم الحديث على يد كوبرنيق وفيساليوس وجاليليو، وازدهر بعضها حتى في نيوتن نفسه، لقد استمر اضمحلال التنجيم والخيمياء (الكيمياء القديمة)، ولكن المنجمين كانوا عديدين في بلاط لويس الرابع عشر(1)، وفي فيينا "كان هناك عدد هائل من المشتغلين بالخيمياء(2)" كما روت الليدي ماري ورتلي مونتاجيو في 1717. وكان البريطانيون الأشداء لا يزالون يؤمنون بالأرواح، ويتطيرون، ويدفعون ثمناً للطوالع، ويأخذون أحلامهم على أنها نبوءات، ويحسبون أيام السعود والنحوس، أما البريطانيون الأضعف منهم فيلتمسون من الملك إبراء الداء الخنازيري الذي ابتلوا به بلمسة منه.
قصة الحضارة ج33 ص163،164،> عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> من الخرافة إلى العلم -> المعوقات
 
ألمانيا (والسويد) والطب الخرافي والخزعبلات في القرن السابع عشر
:"وفي ألمانيا كانوا يستعملون عصا سحرية لوقف النزف وشفاء الجروح وجبر العظام(4). وفي السويد اتهم شتيرنهيلم بالسحر حين أحرق لحية فلاح بمرآة مكبرة، ولم ينقذ صاحب التجربة من الموت غير تدخل الملكة كرستينا(5).
قصة الحضارة ج33 ص164،> عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> من الخرافة إلى العلم -> المعوقات
 
تأخر مكتبات أوروبا عن مكتبات الإسلام بقرون عديدة!!!
:"كانت المعرفة تنتشر في بطء عن طريق الصحف، والمجلات، والنشرات، والكتب، والمكتبات، والمدارس، والأكاديميات، والجامعات. وأصبحت الأنباء في القرن السابع عشر سلعة تباع وتشترى، أولاً للمصرفيين، ثم للحكام، ثم لأي إنسان. وفي 1711 كان مجموع ما وزع من الصحف البريطانية اليومية أو الأسبوعية 44.000(15).
وأدركت "الجورنال دي سافان" (صحيفة العلماء) التي تأسست في 1665 أن الأحداث في عالم الأدب والعلم يمكن أن تكون أيضاً أنباء، فما لبثت أن رسخت أقدامها وسيطاً دولياً بين الدارسين والعلماء والأدباء. ولم تمض سنوات قليلة حتى ظهر لها منافسون، "الجورنالي دي ليتراتي" في روما، (1668)، و "الجورنالي فينيتو" في البندقية (1671) و "الاكتا ايروديتورم" في ليبزج (1682). وأسس بيل مجلة مشهورة بروتردام في 1684 تسمى "أنباء جمهورية الأدب"، وبعد عامين بدأ جان لكلير مجلة "المكتبة العالمية" الشهيرة، وقد احتوت هذه الدوريات على آراء من أهم ما صدر عن لوك وليبنتز.
وكان تداول الكتب يزداد بسرعة. ففي 1701 كان هناك 178 من كبار تجار الكتب في باريس، منهم ستة وثلاثون طباعاً وناشراً(16). وكانت المكتبات قديمها وحديثها تجعل كنوزها ميسرة لعدد أكبر من القراء. وفي عام 1610 حصل السر توماس بودلي من "شركة الوراقين" على منحة تحصل مكتبة بودلي التي أنشأها في أكسفورد (1598) بمقتضاها على نسخة من كل كتاب ينشر في إنجلترا، وهكذا أصبحت في 1930 تملك 1.250.000 مجلد. وفي 1617 قضى مرسوم أصدره لويس الثالث عشر بأن تودع في المكتبة الملكية (القومية الآن) نسختان من كل مطبوع جديد في فرنسا. وفي 1622 أصبح مجموع كتب هذه المكتبة 6.000 مجلد، وفي 1715 زاد إلى 70.000، ومعظم الفضل في هذه الزيادة يرجع إلى غيرة كولبير، وفي 1926 بلغ 4.400.000. وأسس ناخب براندنبورج الأكبر مكتبة قومية ببرلين في 1661. وفي ذلك العام أوصى مازاران بمكتبته الثمينة التي ضمت 40.000 مجلد للويس الرابع عشر وفرنسا، وفي 1700 حول حفدة السر روبرت بروس كوتون ملكية المكتبة الكوتونية للمتحف البريطاني. وافتتح توماس تنسن عام 1695 بلندن أول مكتبة إنجليزية مفتوحة لعامة الشعب.
قصة الحضارة ج33 ص167،168 -> عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> من الخرافة إلى العلم -> التعليم
 
الجامعات والتعليم ومجاهدة اوروبية لم تنل حظا وفيرا حتى مايقارب القرن ال18، لكنها كانت قد بدأت، وإبحث عن الأساتذة الذين علموهم كيف يقرأون ويستحمون، ويختبرون ويتمنهجون، ويرصدون ويطبون ويتفلكون ويخوضون في الرياضيات والجبر والفيزيا والكيميا وهلم جرا
قال ديورانت
"أما التعليم فكان يجاهد لتعويض الخسائر التي تكبدها من جراء الحروب الدينية في فرنسا، والحرب الأهلية في إنجلترا، وحرب الثلاثين في ألمانيا. ولم تعد المدارس والآداب الألمانية إلى مكانتها التي بلغتها أيام لوثر، وأولريش فون هتن، وملانكتون قبل قرنين، إلا حين جاء ليسنج (1729-81). في هذه الفترة ظلت اللاتينية غير الممتازة لغة غريبة مقتصرة على القلة المتعلمة، في حين أصبحت الألمانية مجرد أداة سوقية بعد أن بلغت عنفوانها في لوثر، ولم يرق كاتب ألماني واحد إلى مقام الشهرة الدولية خلال هذا التكفير الطويل عن جيل من حرب التقتيل بين الاخوة. أما النبلاء الألمان، الذين احتقروا الحذلقة اللاتينية للجامعات، فقد أرسلوا أبناءهم إلى "مدارس الفرسان Ritterakademien" أو كلفوا معلمين خصوصيين ليعدوا الشباب العريق النسب لما تتطلبه القصور الأميرية من واجبات ولطائف. وفي الطرف الآخر من السلم الاجتماعي نظم أوجست فرانكي، التقوى، في هاله معاهدة التي سماها Stiftungen، وهي مؤسسات خيرية هزأ منها الساخرون ووصفوها بـ "المدارس المهلهلة"، وظل طوال اثنين وثلاثين عاماً (1695-1727) يطعم فيها أبناء الفقراء ويكسوهم ويعلمهم. ولم يلبث أن أضاف إليها مدرسة أعلى توفر التعليم الثانوي لألمع فتيانه ومدرسة نظيرها لألمع فتياته. وهذه المدارس كلها كانت تخصص نصف وقتها للدين.
قصة الحضارة ج33 ص168،169 -> عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> من الخرافة إلى العلم -> التعليم
 
في عالمنا الإسلامي كانت هناك نساء معلمات، وفقيهات وشاعرات وطبيبات، وغير ذلك حتى إن من شيوخ ابن حجر إمرأة عالمة، وهذا يعني أن نساء الإسلام كانوا يقرؤون ويكتبون ويعلمون فالعلم كما فرض الإسلام فريضة على كل مسلم ومسلمة
لننظر حالة أوروبا حتى القرن الثامن عشر!!
:"وبعد مقال فنيلون هذا بعشر سنوات، نشر ديفو دعوته لتعليم النساء تعليماً عالياً. فالبنات الإنجليزيات في القرن السابع عشر لم تتح لهن إلا فرص ضئيلة في التعليم الثانوي، إذا استثنينا البيوت الغنية. فكان عليهن أن يعتمدن على المدرسين الخصوصيين، كما كان شأن استر جونسن مع جوناثان سويفت، أو أن يختلسن المعرفة بجهدهن الخاص كما فعلت ابنة ايفلين الأثيرة لديه. وعند ماكولي أن "نساء ذلك الجيل (1685-1715) الإنجليزيات، حتى في أرقى الطبقات، كن قطعاً أسوأ تعليماً منهن في أي فترة أخرى منذ حركة إحياء العلوم"(20). وقد قدر سويفت أنه لا تكاد توجد امرأة راقية واحدة في كل ألف لقنت القراءة أو الهجاء(21)، ولكن ذلك الكاهن المتشائم كان يزكو على المبالغات. على أي حال كان رأي ديفو أن إهمال تعليم المرأة ظلم همجي "لست أعتقد أن الله تعالى جعل النساء مخلوقات غاية في الرقة والنبل، وجملهن بهذه المفاتن... ليكن مجرد مدبرات لبيوتنا، وطاهيات، وإماء". لذلك اقترح أن يكون للبنات أكاديمية شبيهة بالمدارس الخاصة في إنجلترا، يتعلمن فيها-بالإضافة إلى الموسيقى والرقص-"اللغات، خصوصاً الفرنسية والإيطالية، وأنا أجرؤ على تقديم اقتراح مؤذ، هو تعليم المرأة أكثر من لسان واحد". وينبغي أن يتعلمن التاريخ، ويكتسبن كل آداب الحديث ولطائفه. واختم الروائي الغزل بقوله: إن امرأة أحسنت تربيتها وتعليمها، وزودت بفضائل إضافية من المعرفة والسلوك، لهي مخلوق لا نظير له. أبدع وأرق ما في خليقة الله"، وأن "الرجل الذي كانت مثل هذه المرأة من نصيبه ليس عليه إلا أن يغتبط بها ويكون شاكراً"(22).
كان كتاب جون لوك "خواطر في التعليم" (1693)(23)، إلى حد كبير، أعمق الأبحاث التي كتبت في النظرية التربوية في عصر لويس الرابع عشر وأعظمها نفوذاً، وقد كتبه المؤلف بعد أن مارس التعليم مدرساً خصوصياً عدة سنوات في أسرة ايرل شافتسبري الأول. واقترح الفيلسوف-مترسماً بإدارات مونتيني-أن يكون هدف المعلم أولاً صحة الجسد وعافيته، فالجسم السليم شرط لا غنى عند للعقل السليم. لذلك كان على تلاميذه أن يتناولوا الطعام البسيط، ويعودوا أنفسهم على اللباس القليل، والفراش القاسي، والجو البارد، والهواء الطلق، والرياضة الكثيرة، والنوم المنتظم، والامتناع عن النبيذ أو الخمر، وعلى "قليل جداً من الدواء أو لا دواء إطلاقاً". ويأتي بعد ذلك في الزمان ولكنه يتقدم عليه في الأهمية تكوين الأخلاق، فكل التعليم سواء الجسدي أو العقلي أو الخلقي يجب أن يكون تدريباً على الفضيلة. وكما أن الجسم يجب تدريبه على الصحة باحتمال المشاق، فكذلك يجب تشكيل الخلق بغرس نكران الذات في جميع الأشياء التي تتعارض مع العقل الناضج. "ينبغي أن يعود الأطفال على إخضاع رغباتهم، والاستغناء عن مشتهياتهم، حتى وهم في المهد". فضبط الشهوات أشبه بالعمود الفقري للخلق. ويجب أن يجعل هذا الضبط ساراً ما أمكن، ولكن لا بد من الإصرار عليه في مراحل التربية كلها. ولن تكفي في ذلك الأفعال الطيبة المفردة، إذ لا بد من تربية الطالب بتكرار الأفعال الطيبة لتكون "عادات" طيبة، لأن "العادات تعمل بثبات ويسر أكثر من العقل، الذي قل أن يستشار بنزاهة ونحن أحوج ما نكون إليه، وندر أن يطاع". ويتردد لوك بين أرسطو وروسو. فهو يؤثر تعليماً تحررياً على تعليم يتجاهل ميل الطفل وفرديته، وينبغي أن تجعل الدروس مشوقة، والنظام رحيماً، ولكنه يقبل الفكرة القائلة بأنه من المرغوب فيه بين الحين والحين توقيع العقوبات البدنية على سوء السلوك المعتمد. يضاف إلى هذا "أن تعويد الأطفال في لطف على تحمل درجات الألم دون أحجام سبيل لإكساب أذهانهم الثبات وإرساء أساس للشجاعة والعزيمة في مستقبل حياتهم".
وتربية العقل ينبغي أن تكون تدريباً على طرائق التفكير ومشقة الاستدلال، لا خلاصة للآداب القديمة أو تراشقاً باللغات. ويجب أن تعلم الفرنسية واللاتينية للأطفال في سن مبكرة، وبالحديث لا بالنحو. أما اليونانية والعبرية والعربية فتترك للدارسين المحترفين ويحسن أفراد وقت للجغرافيا والرياضة والفلك والتشريح، وفي مرحلة تالية للأخلاق والقانون، وأخيراً للفلسفة. "ليست مهمة التعليم أن يمكن الصغار من علم بعينه، بل أن يفتح أذهانهم ويشكلها بحيث يتيح لهم القدرة على إتقان أي علم حين يعكفون عليه في مستقبل أيامهم" وكما أن الفضيلة تعلم بالعادة فكذلك يعلم الفكر بالاستدلالات المتكررة:
"ولا سبيل إلى هذا خير من الرياضة، التي أرى بناء عليه وجوب تعليمها لكل من يتاح لهم الوقت والفرصة، لا لجعلهم رياضيين بل لجعلهم مخلوقات مفكرة... فقد ولدنا لنكون-إذا شئنا-مخلوقات مفكرة، ولكن سبيلنا إلى هذا هي الممارسة والتمرين، والواقع أننا لن نتجاوز في هذا ما أوصلنا له جهدنا وعكوفنا... وقد ذكرت الرياضة وسيلة لتقر في الذهن عادة الاستدلال بدقة وتسلسل، ...، فإذا اكتسبوا طريقة الاستدلال التي توصل تلك الدراسة الذهن إليها، استطاعوا نقلها إلى ما يتاح لهم من أقسام أخرى من المعرفة(24)".
وقد قصد لوك برسالته ضرباً من "التعليم المتحرر"-أي الذي يعني أساساً بالفنون والأدب والسلوك، والذي يهدف إلى إنتاج "الجنتلمان" أي الإنسان "الكريم" المولد، الذي لن يضطر أبداً لكسب قوته بعرق جبينه . ومع أن منهاجه يسمح ببعض العلوم، فإنه على العموم يلتزم "الإنسانيات"-وهي الدراسات التي حبذها إنسانيوا النهضة الأوربية. وقد اشتمل كذلك على الرقص وركوب الخيل، والمصارعة والمثاقفة، وحتى "حرفة يدوية، بل حرفتين أو ثلاثاً"، معاوناً على الصحة والخلق، لا سبباً للرزق. أما الفنون فتعلم على سبيل الترويح لا الاحتراف، وعلى الشباب ألا يأخذ هذه الأمور مأخذ الجد الشديد، عليه أن يستمتع بالشعر، ولا ينظمه إلا للتسلية، ويجب أن يعلم الاستمتاع بالموسيقى دون أن يحاول إتقان العزف على أية آلة، فهذا يقتضيه الكثير جداً من الوقت، كما أنه يلقي بالشاب في "صحبة غريبة جداً"، وهكذا كانت رسالة لوك تجمع بين المحافظة والتحرر، فهي في استنكارها الاستغراق السكولاستي في اللغات القديمة، وتقليلها من التركيز على الدين واللاهوت، واهتمامها بالصحة والخلق، وجهدها في إعداد الشباب العريق الأصل للحياة والخدمة العامتين، كانت تومئ إلى المستقبل، وكان لها تأثير هائل في إنجلترا وأمريكا. وقد شاركت في تكوين الجانب البدني والخلقي للتربية في المدارس الخاصة "Public" الإنجليزية. فلما ترجمت الرسالة إلى الفرنسية (1695) طبعت منها خمس طبعات في خمسين سنة، وأوحت إلى روسو بالكثير من الآراء. أما تلميذ لوك، ايرل شافتسبري الثالث، الذي سنلتقي به ثانية، فلقد شرف نظريات أستاذه وخلقه.
قصة الحضارة ج33 ص172-175، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> من الخرافة إلى العلم -> التعليم
 
فرنسا قبل منتصف القرن السابع عشر، تجمع خبرة علماء الغرب بدءا من عصر لويس الرابع عشر
"وتطورت "أكاديمية العلوم" في فرنسا من اجتماعات (1631-38) مرسين، وروبرفال، وديزارج، وغيرهم من العلماء في بيت والد بسكال في باريس، أو في صومعة مرسين. وقد صاغت برنامجاً "للعمل على تحسين علوم الآداب، والبحث عموماً عن كل ما يمكن أن يجلب المنفعة أو الراحة للنوع الإنساني"، كذلك قررت أن "تحرر العالم من كل الأخطاء الشائعة التي انطلى زيفها على الناس منذ زمن طويل" ولكنها نصحت أعضاءها بأن يجتنبوا الخوض في الدين أو السياسة(2). وفي 1666 ظفرت الأكاديمية بمرسوم ملكي، وبحجرة في المكتبة الملكية، وفي فرساي ترى إلى اليوم لوحة كبيرة بريشة تيستيلان يقدم فيها لويس الرابع عشر هذا المرسوم لجماعة يرأسها كرستيان هويجنز وكلود بيرو. وكان كل عضو من أعضائها الواحد والعشرين يتلقى من الحكومة راتباً سنوياً، فضلاً عن مبلغ يغطي النفقات، وقد أصبحت الأكاديمية من الناحية الفعلية مصلحة من مصالح الدولة. وكان لويس يخص الفلكيين بعطفه. فدعا كاسيني من إيطاليا، ورويمير من الدنمرك، وهويجنز من هولندا، وشاد مرصداً فخماً. وحين التهمت النيران المكتبة الثمينة التي يقتنيها هيفيليوس الدانزجي، والذي تفرد بدراساته للقمر، نفحه الملك بعطاء سخي ليعوض خسارته(3). وقد نسب لابلاس الفضل للأكاديمية في معظم ما أحرزت فرنسا من تقدم علمي، ولكن اعتمادها على ملك وثيق التحالف مع الكنيسة كان ضاراً بتقدم العلم الفرنسي(4)، بينما مضي الإنجليز في هذا الطريق قدماً.
قصة الحضارة د33 ص193،184، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> دولية العلم
 
انجلترا قبل منتصف القرن السابع عشر، تجمع خبرة علماء الغرب ونشأة واجتماع هيئات علمية واكاديمية
"ومن سمات إنجلترا أن أكاديمياتها العلمية كانت مؤسسات أهلية لا تدين للحكومة إلا بفضل عارض، يقول جون واليس أنه حوالي عام 1645، تعرف في لندن إلى "نفر من فضلاء القوم، المحبين للاستطلاع في الفلسفة الطبيعية وغيرها من فروع العلم الإنساني، لا سيما... الفلسفة التجريبية(5)". واتفقوا على الاجتماع مرة كل أسبوع لمناقشة الرياضة، والفلك، والمغنطيسية، والملاحة، والفيزياء، والميكانيكا، والكيمياء، والدورة الدموية، وغير ذلك من الموضوعات. وقد استوحت هذه "الكلية غير المنظورة"-كما كانت تسمى آنئذ-"بيت سليمان" الواردة في كتاب بيكون "آطلانطيس الجديدة" فلما انتقل واليس إلى أكسفورد أستاذاً للرياضة، انقسمت الجمعية قسمين، يجتمع أحدهما في مسكن روبرت بويل بالجامعة، والآخر في كلية جريشام بلندن، وكان رون وايفلين من أول الأعضاء هناك. وقطع هذه الاجتماعات اللندنية ما وقع من اضطراب سياسي بين موت كرمويل وعودة الملكية، ولكن سرعان ما استؤنفت عقب تولي تشارلز الثاني العرش، وفي 15 يوليو 1662 منح الملك "جمعية لندن الملكية لترقية المعرفة الطبيعية" براءة رسمية. وكان "الزملاء الأصليون" البالغ عددهم ثمانية وتسعين لا يشملون علماء من أمثال بويل وهوك فحسب، بل شعراء كدرايدن ووالر، ورن المعماري، وايفلين، وأربعة عشر نبيلاً، وعدة أساقفة... وفي 1673 صرح ليبنتز، الذي سمح له بالعضوية، بأن الجمعية الملكية أعظم الهيئات الفكرية احتراماً في أوربا. ...وقد هجاها سويفت في قصة "رحلات جليفرز" وسماها أكاديمية لاجادو العظمى، وجعل أعضاءها يضعون الخطط لاستنباط تقريباً، وإحداث راي ثورة في علم النبات، وودوارد في الجيولوجيا، ونيوتين في الفلك. وأجرت الجمعية آلاف التجارب في الكيمياء والفيزياء، وكانت تتسلم جثث المجرمين الذين أعدموا وتشرحها وتدرسها، وأصبحت مستودعاً للتقارير الطبية تتلقاها من الأطباء في جميع أرجاء البلاد، وجمعت تقارير التطورات التكنولوجية، وكانت على صلة بالبحث العلمي في خارج إنجلترا. وسفه تأكيدها على العمليات الطبيعية والناموس الطبيعي الخرافة واضطهاد السحر.
وفي عام 1665 بدأ سكرتيرها هنري أولدنبرج إصدار مجلة "الأعمال الفلسفية للجمعية الملكية" التي استمرت إلى يومنا هذا. وقد طلبت وتلقت المقالات من خارج البلاد. وكانت من أوائل طابعي اكتشافات مالبيحي وليوفنهويك. أما أولدنبرج هذا فقد وفد على إنجلترا في 1653 ليفاوض في إبرام معاهدة تجارية لوطنه بريمن، فبقي بها، وأصبح صديقاً لملتن، وهوبز، ونيوتين، وبويل، وراسل بنشاط العلماء والفلاسفة في جميع أنحاء العالم. وقال أن أعضاء الجمعية الملكية "يمتحنون الكون كله(9)"، وكتب لسبينوزا يقول:
"إننا على ثقة من أن أشكال الأشياء وصفاتها يمكن تعليلها أفضل تعليل بأصول الميكانيكا، وأن كل آثار الطبيعة تحدثها الحركة والشكل، والنسيج، والارتباطات المختلفة لهذه كلها، وأنه لا حاجة بنا لأن نلجأ إلى الأشكال التي لا تفسير لها أو الصفحات السحرية ملاذاً من الجهل(10)".
قصة الحضارة ج33 ص193-185،عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> دولية العلم
 
تحت عنوان دولية العلم كتب ديورانت تعقيبا على النصوص السابقة
:"وبفضل هذه "الأعمال الفلسفية" الإنجليزية و"مجلة العلماء" الفرنسية، و"الجورنالي دي لتيراتي" الإيطالية، و"الأكتا ايروديتورم" الألمانية استطاع العلماء والدارسون الأوربيون أن يتغلبوا على الحدود القومية، ويكونوا على اتصال بأعمال بعضهم البعض وكشوفهم، ويؤلفوا جيشاً متحداً يزحف في مغامرة خلاقة هائلة.
قصة الحضارة ج33 ص185،186،عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> دولية العلم
 
عودة
أعلى