التاريخ المحسوس لحضارة الإسلام وعصور اوروبا المظلمة من قصة الحضارة لديورانت أ. طارق منينة

"وكانوا وهم عاكفون بمنأى عن الأنظار في مكاتبهم، ومختبراتهم، وبعثاتهم، متجاهلين أو منتصرين على جلبة السياسة، وزحف الجيوش، وطنين العقائد الدينية، وضباب الخرافة، وعملاء الرقابة المدنية أو الكنسية المتطفلين-كانوا وسط هذا كله يكبون على النصوص، وأنابيب الاختبار، والمكرسكوبات، ويخلطون المواد الكيميائية في فضول، ويقيسون القوى والأحجام، ويضعون المعادلات والرسوم البيانية، ويتفحصون أسرار الخلية، وينبشون طبقات الأرض، ويرسمون حركات النجوم، حتى بدت حركات المادة وكأنها تنتظم في قانون، وبدت ضخامة الكون الهائلة وكأنها تتمثل للذهن البشري المذهل. ففي فرنسا كان فيرما، وبسكال، وروبرفال، وماريوت، وبيرو، وفروع بأكملها من آل كاسيني وفي سويسرا كان آل برنويي، وفي ألمانيا كان جويريكي، وليبنتز، وتشرنهاوس، وفارنهايت، وفي هولندا كان هويجنز وليوفنهويك، وفي إيطاليا كان فيفياني وتورب تشيللي، وفي الدنمرك كان ستينو، وفي إسكتلندة كان جيمس وديفد جريجوري، وفي إنجلترا كان واليس، ولستر، وبويل، وهوك، وفلامستيد، وهالي، ونيوتن: هؤلاء كلهم وغيرهم كثيرون، كانوا في هذه الحقبة القصيرة من تاريخ أوربا من 1648 إلى 1715، يكدون فرادي وجماعات منعزلين ومتعاونين، ليبنوا يوماً فيوماً، وليلة فليلة، صرح الرياضة، والفلك، والجيولوجيا، والجغرافيا، والفيزياء، والكيمياء، والأحياء، والتشريح، والفسيولوجيا-هذه العلوم التي قدر لها أن تحدث ثورة مصيرية في النفس الحديثة
قصة الحضارة ج33 ص186، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> دولية العلم
 
رياضياتنا لعبت دورا مهما وطورها الغرب
:"أما أعظم الأدوات قاطبة فكانت الرياضيات، لأنها أضفت على التجربة شكلاً كمياً ومعياراً، ومكنتها بمئات الطرق من التنبؤ بالمستقبل بل السيطرة عليه. قال بويل "إن الطبيعة تلعب دور الرياضي" وضاف ليبنتز "أن العلم الطبيعي ليس إلا الرياضة التطبيقية(12)". ويشيد مؤرخو الرياضيات بالقرن السابع عشر لأنه كان وافر الثمر في ميدانهم على الأخص، فهو قرن ديكارت، ونابيير، وكافالييري، وفيرما، وبسكال، ونيوتن، وليبنتز، وديزارج.
قصة الحضارة ج33 ص 187، -> عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الرياضيات
 
كرستيان هويجنز ولد في 1629(عالم هولندي رياضي وفلكي)"وكان كرستيان هويجنز أبرز علماء هذا العصر، باستثناء عالم واحد فقط، فكان التالي مباشرة لنيوتن. وكان أبوه قسطنطين هويجنز من ألمع شعراء هولندا وساستها. ولد كرستيان في 1629، وبدأ في الثانية والعشرين نشر الأبحاث الرياضية. وما لبثت كشوفه في الفلك والفيزياء أن أذاعت شهرته في أوربا، فانتخب زميلاً للجمعية الملكية بلندن في 1663، وفي 1665 دعاه كولبير للانضمام إلى أكاديمية العلوم بباريس، فانتقل إلى العاصمة الفرنسية، وتلقى معاشاً سخياً، ومكث بها حتى 1681، ثم عاد إلى هولندة لضيقه بالحياة في ظل ملك تحول مضطهداً للبروتستنت. وكان تراسله بست لغات مع ديكارت، وروبرفال، وميرسين، وبسكال، ونيوتن، وبويل، وكثير غيرهم، دليلاً على الوحدة المتزايدة التي تربط الأخوة العلمية. قال "إن العالم وطني، والنهوض بالعلم الديني(15)". ومن عجائب زمانه عقله السليم في جسمه السقيم-فقد كان جسمه عليلاً أبداً، وعقله خلاقاً حتى موته في السادسة والستين. وكان إنتاجه في الرياضة أقل جزء في إنجازاته، ومع ذلك فإن الهندسة، واللوغارتيمات، وحساب التفاضل والتكامل-كلها أفادت من جهوده. وفي 1673 أثبت "قانون المربعات العكسية" (أي أن جذب الأجسام بعضها لبعض يتناسب تناسباً عكسياً مع مربع المسافة بينها) وهو القانون الذي أصبح بالغ الأهمية لفلك نيوتن.
قصة الحضارة ج33 ص 188، -> عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الرياضيات
 
ومن حمل لبنات العلم الإسلامي لأوروبا؟ أجاب ديورانت في مواضع كثيرة من كتابه هذا لكن هنا يتكلم عن الخطوة التالية في الغرب:"وحمل كافالييري وتوريتشيللي في إيطاليا، وبسكال وروبرفال في فرنسا، وجون واليس وإسحاق بارو في إنجلترا، وجيمس وديفد جريجوري في إسكتلندة-هؤلاء كلهم حملوا لبنات للبناء في تعاون القارة المدهش هذا. وأوصل نيوتن وليبنتز العمل إلى التمام.
قصة الحضارة ج33 ص 189،190، -> عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الرياضيات
 
البداية عد الموتى والمرضى ! مثل "مات جوعاً في الشارع" و "أعدم وعصر حتى الموت" و "داء الملك" (الخنازيري) و "مات جوعاً عند مرضعته" و "قتلوا أنفسهم"
:"ومن مآثر هذا العصر إرساء الإحصاء علماً أو ما يشبه العلم. ذلك أن خردجيا يدعى جرونت كان يتسلى بجمع سجلات الدفن المحفوظة بأبرشيات لندن ودراستها. وكانت هذه السجلات تذكر عادة السبب المتناقل لموت الميت، مثل "مات جوعاً في الشارع" و "أعدم وعصر حتى الموت" و "داء الملك" (الخنازيري) و "مات جوعاً عند مرضعته" و "قتلوا أنفسهم(16)" وفي 1662 نشر جرونت كتاباً سماه "ملاحظات طبيعية وسياسية... على سجلات الوفيات"، والكتاب بداية علم الإحصاء الحديث، وقد خلص من جداوله إلى أن ستة وثلاثين في المائة من الأطفال يموتون قبل بلوغهم السادسة، وأربعة وعشرين في المائة في العشر السنوات التالية، وخمسة عشر في المائة في العشر التالية. الخ(17)، وتبدو نسبة الوفيات في الأطفال مغالى فيها كثيراً هنا، ولكنها تومئ إلى جهد الحب في ملاحقة ملاك الموت. قال جرونت "من الوفيات العديدة ما يحمل نسبة ثابتة إلى جملة المدفونين، وأعني الوفاة بالأمراض المزمنة، والأمراض التي يعظم تعرض المدينة لها، كالسل، والاستسقاء، واليرقان، الخ(18)"، ومعنى هذا أن أمراضاً معينة، وظواهر اجتماعية أخرى، وإن تعذر التنبؤ بها في الأفراد، إلا أنها يمكن حسابها مسبقاً بدقة نسبية في الجماعات الكبيرة وهذا المبدأ الذي صاغه جرونت هنا أصح أساساً للتنبؤ الإحصائي. وقد لاحظ أن وقائع الدفن في لندن في سنوات كثيرة فاقت وقائع العماد، وانتهى إلى أن لندن تتميز بوفرة احتمالات الموت، كالموت من هموم العمل، و "الدخان، والروائح العفنة، والهواء الفاسد" و "الإفراط في الطعام" ولكن بما أن سكان لندن كانوا يتزايدون رغم هذا، فإن جرونت عزا الزيادة إلى وفود المهاجرين من الريف والمدن الصغيرة-وقدر سكان العاصمة في عام 1662 بنحو 384.000 نسمة.
وطبق السر وليم بتي، صديق جرونت، الإحصاء على السياسة
قصة الحضارة ج33 ص 190،191، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الرياضيات
 
علم الفلك يتطور "أخضعت النجوم للعلم في عشرات الأقطار. "
فلك تلاميد محمد رسول الله عند الملك الفرنسي الدموي لويس الرابع عشر!!!
:"أخضعت النجوم للعلم في عشرات الأقطار. ففي إيطاليا اكتشف الفلكي اليسوعي ريتشولي (1650) أول نجم مزدوج-أي نجم يبدو للعين المجردة واحداً ولكنه يرى بالتلسكوب نجمين واضح أنهما يدوران الواحد حول الآخر. وفي دنزج بني يوهان هيفيليوس مرصداً في بيته، وصنع آلاته الخاصة، وصنف 1.564 نجماً، واكتشف أربعة مذنبات، ورصد مرور المشتري، ولاحظ ترجحات القمر، (وهي التناوبات الدورية في رؤية أجزائه)، ورسم سطحه، وسمى عدداً من تضاريسه بأسماء ما زالت تظهر على خرائط القمر إلى رومنا هذا. فلما أذاع على راصدي النجوم في أوربا أن في استطاعته تمييز مواقع النجوم باستعمال "ديوبتر" (رصد يستعمل عدسة واحدة أو منشوراً واحداً) بنفس الدقة التي يميز بها هذه المواقع باستعمال تلسكوب مركب، تحدى روبرت هوك دعواه هذه، وسافر هالي من لندن إلى دنزج ليحقق الأمر، ثم قرر أن هيفيليوس صادق(21).
ووفر لويس الرابع عشر المال لبناء وتجهيز مرصد في باريس (1667-72) بعد أن تبين أهمية الفلك للملاحة. ومن ذلك المركز قاد جان بيكار البعثات أو أرسلها لدراسة السماء من نقط مختلفة على الأرض. وذهب إلى أورانيبورج ليلاحظ الموقع المضبوط الذي رسم منه تيكو براهي خريطته المشهورة للنجوم، واستطاع بمختلف الرصود التي امتدت من باريس إلى أميان أن يقيس درجة طولية بدقة عظيمة (لا تختلف إلا بضع ياردات على الرقم الحالي وهو 69.5 ميلاً) حتى أنه من المعتقد أن نيوتن استخدم نتائج بيكار ليقدر كتلة الأرض ويتحقق من نظرية الجاذبية. وبأرصاد مماثلة حسب بيكار القطر الاستوائي للأرض فكان 7.801 ميلاً-وهو تقدير غير بعيد من تقديرنا الحالي وهو 7.913(22). وقد يسرت هذه الكشوف للمراكب في عرض البحر أن تحدد مواقعها بدقة لم يسبق لها نظير. وهكذا حفز توسع أوربا التجاري وتطورها الصناعي الثورة العلمية وانتفعا بها.
وعملاً باقتراح من بيكار دعا لويس الرابع عشر إلى فرنسا الفلكي الإيطالي جوفاني دومنيكو كاسيني، الذي ذاع صيته في أوربا بفضل اكتشافه شكل المشتري الكرواني، ودوران المشتري والمريخ الدوري. فلما وصل إلى باريس (1669) استقبله الملك كأنه أمير من أمراء العلم(23). وفي 1672 أوفد، هو وبيكار، جان ريشيه إلى كايين بأمريكا الجنوبية ليرصد المريخ في أقصى "مواجهة" له مع الشمس وقرب من الأرض، ورصد كاسيني نفس المواجهة من باريس. وقد أعطت المقارنة بين هذين الرصدين الآتيين من نقطتين منفصلتين قيماً جديدة وأكثر دقة لاختلاف منظر المريخ والشمس وبعدهما عن الأرض، وكشفت عن أبعاد في المجموعة الشمسية أعظم مما قدر من قبل.
قصة الحضارة ج33 ص192،193، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الفلك
 
علاقة الوحي القرآني بحركة العلم الشاملة والمجانية (من الإسلام) في الأرض!!!
ففي البدء كان الإسلام وكان الإسلام من الله، وماكان من الله تبارك ونفع البلاد والعباد، ومحمد رحمة للعالمين، وتلاميذه علموا أوروبا الفلك والجغرافيا والرياضيات وسلموهم المراصد والمختبرات، والعلوم والتقنيات، وهاهي تجارة أوروبا تتوسع نتيجة تطوير تلك العلوم والمنجزات، وتطور من خلالها ثورتها الصناعية
إذن الرفاهية من الإسلام أصلاً، ورفع الله بالإسلام عن العالمين آصار وأغلال أرضية وسماوية ودخلت الطائرة والثلاجة والسيارة من خلال الثورات العلمية والصناعية التي كان مبدأ حركتها من الكتاب المقدس للمسلمين!، ذلك القرآن المجيد!
قال ديورانت
:"ووفر لويس الرابع عشر المال لبناء وتجهيز مرصد في باريس (1667-72) بعد أن تبين أهمية الفلك للملاحة. ومن ذلك المركز قاد جان بيكار البعثات أو أرسلها لدراسة السماء من نقط مختلفة على الأرض...وبأرصاد مماثلة حسب بيكار القطر الاستوائي للأرض فكان 7.801 ميلاً-وهو تقدير غير بعيد من تقديرنا الحالي وهو 7.913(22). وقد يسرت هذه الكشوف للمراكب في عرض البحر أن تحدد مواقعها بدقة لم يسبق لها نظير. وهكذا حفز توسع أوربا التجاري وتطورها الصناعي الثورة العلمية وانتفعا بها.
قصة الحضارة ج33 ص193، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الفلك
 
الارض ليست دائرة كاملة في القرن السابع عشر
:"وبما أن الفلكيين تبينوا أن بندولاً في كايين يبطئ عن نظيره في باريس، فقد انتهوا إلى أن الجاذبية قرب الاستواء أخف منها في العروض العليا، وأوحى هذا بأن الأرض ليست دائرة كاملة، ورأى كاسيني أنها تفلطحت عند خط الاستواء، ورأى نيوتن أنها تفلطحت عند القطبين، وأيد المزيد من البحث رأى نيوتن
قصة الحضارة ج33 ص193، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الفلك
 
هالي ونيوتن والترجمات العربية!!!(هالي:تعلم العربية ليترجم الأبحاث اليونانية المخطوطة في العربية دون سواها. )
:"فإن أدموند هالي كان أعظم أفراد الفريق تهذيباً. كان تلميذاً متحمساً لدراسة السماء، فنشر في العشرين بحثاً عن أفلاك الكواكب، وفي تلك السنة (1676) خرج في رحلة ليتبين كيف تبدو السماء من نصف الكرة الجنوبي. ومن جزيرة القديسة هيلانة رسم خرائط تبين مسلك 341 نجماً. وعشية عيد ميلاده الحادي والعشرين قام بأول رصد كامل لعبور عطارد. فلما عاد إلى إنجلترا انتخب زميلاً بالكلية الملكية وهو لم يجاوز الثانية والعشرين. وقد تبين عبقرية نيوتن، ومول الطبعة الأولى من كتابه "المبادئ" الغالي النفقة، وقد له بتقريظ في شعر لاتيني رائع ...وحقق هالي النص اليوناني لكتاب أبللونيوس البرجاوي "المخاريط"، وتعلم العربية ليترجم الأبحاث اليونانية المخطوطة في العربية دون سواها.
قصة الحضارة ج33 ص193، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الفلك
قصة الحضارة ج33 ص195، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الفلك
 
شارل الثاني ومرصد وتكملة عمل كبلر تلميذ المسلمين في الحقيقة!
:"وفي 1675 وجه جول فلامستيد وآخرون إلى تشارلز الثاني مذكرة يلتمسون فيها تمويل بناء مرصد قومي، حتى تهتدي السفن الإنجليزية التي تمخر عباب البحر بطرق أفضل لحساب خطوط الطول. ودبر الملك المال للبناء، الذي شيد في بلدة جرينيتش قرب القسم الجنوبي الشرقي من لندن، واستعمل هذا نقطة لطول الصفر والزمن القياسي. وقدم تشارلز لفلامستيد راتباً صغيراً على عمله مديراً، ولكنه لم يقدم مالاً تدفع منه رواتب مساعديه أو ثمن الآلات، أما فلامستيد، الهزيل العليل، فقد بذل حياته لذلك المرصد. فقبل تلاميذ يعلمهم، واشترى الآلات من جيبه الخاص، وتلقى المال هدية من أصدقائه، وعكف في صبر على رسم الخرائط للسماء كما ترى من جرينيتش. وقبل أن يموت (1719) كان قد أتم أوسع وأدق قائمة نجوم عرفت من قبل،
وقد أدخلت تحسينات كثيرة على القائمة التي تركها تيكوبراهي لكبلر في 1601.
قصة الحضارة ج33 ص 194، قصة الحضارة -> عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الفلك
 
معاقبة هالي بالحرمان من منصب علمي
ووليم الثالث يكلفه بعمل
:"وفي 1691 حيل بين هالي والكرسي السافيلي للفلك بأكسفورد للظن بأنه مادي النزعة(26). وفي 1698، بتكليف من وليم الثالث، أبحر موغلا في الأطلنطي الجنوبي، ودرس اختلافات البوصلة، ورسم خرائط للنجوم كما ترى في القارة القطبية الجنوبية (قال فولتير: إن رحلة ملاحي سفينة جاسون (الأرجونوت، الباحثين عن الفروة الذهبية) إذا قيست بهذه الرحلة لم تكن أكثر من عبور مركب من ضفة نهر إلى أخرى)(27).
قصة الحضارة ج33 ص196، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الفلك
 
الفلكي والعلماني! ، موت العلماني وبقاء الفلكي!!!
نهاية الفلكي هالي تبين الفرق الهائل بين العلماني فيه والفلكي فالعلماني فيه يسرف في الحياة والفلكي يزيدها علما، والنبيذ الذي قتله هو من العلمانية والعلمية التي شهرته ورفعته هي من الإسلام!
قال ديورانت
"وفي 1721 عين خلفاً لفلامستيد في منصب فلكي الملك، ولكن فلامستيد كان قد مات في فقر مدقع، فاستولى دائنوه على أن آلات رصده، ووجد هالي أن عمله يعطل نقص الأجهزة وتناقص نشاطه، ومع ذلك بدأ وهو في الرابعة والستين يرصد ويسجل ظواهر القمر خلال دورته الكاملة ذات الثمانية عشر عاماً.ومات في 1742 وقد بلغ السادسة والثمانين، بعد أن شرب بحكم قدحاً من النبيذ مخالفاً أوامر طبيبه. فالحياة، كالنبيذ سواء بسواء، يجب ألا يسرف في تعاطيها.
قصة الحضارة ج33 ص196، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الفلك
 
الفلكي هالي والأرض
:"كان هالي في ولعه بالعلم قد غامر بالخوض في مجاهل الأرصاد الجوية بمقال (1697) في الرياح التجارية، وخريطة رسمت لأول مرة حركات الهواء. وقد عزا هذه الحركات لفروق في درجات حرارة الجو وضغطه، فالشمس في حركتها الظاهرية إلى الغرب تحمل الحرارة معها، لا سيما على طول مناطق العالم الاستوائية، والهواء الذي تخلخل بفعل هذه الحرارة يجتذب هواء أقل تخلخلاً من الشرق ويحدث الرياح الاستوائية السائدة التي اعتمد عليها كولمبس في إبحاره من الشرق إلى الغرب. وكان فرانسس بيكون قد أومأ إلى تفسير شبيه بهذا. وسيطوره جورج هالي في 1735 بإضافة هذا الرأي وهو أن السرعة الأكبر لدوران الأرض إلى الشرق عند خط الاستواء تحدث تدفقاً عكسياً للهواء نحو الغرب.
وقد جعل تطور البارومتر والترمومتر من الأرصاد الجوية علماً. فبارومتر جويريكي تنبأ تنبؤاً صحيحاً بعاصفة شديدة في 1660. واخترعت "مراطيب" مختلفة في القرن السادس عشر لقياس الرطوبة. واستعملت "الأكاديميا ديل تشيمنتو" إناءً مدرجاً يتلقى الرطوبة المتساقطة من خارج مخروط معدني مملوء بالثلج. ووصل هوك فرشاة حبوب، أو "لحية"-تنتفخ وتنحني مع زيادة الرطوبة في الهواء-بإبرة مؤشرة تتحرك عند انتفاخ الفرشاة. كذلك اخترع هوك مقياساً للريح، وبارومتراً ذا عجلة، وساعة جوية. وهذه الساعة التي صممها بناء على تكليف من الجمعية الملكية (1678) كانت تقيس وتسجل سرعة الريح واتجاهه، وضغط الجو ورطوبته، ودرجة حرارة الهواء، وكمية المطر، وتبين الوقت فوق ذلك. وشرعت المحطات في مختلف المدن، بعد أن سلحت بالآلات المحسنة، تسجل وتقارن بين أرصادها الآنية، كما حدث بين باريس واستوكهولم في 1649.
قصة الحضارة ج33 ص197،عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الأرض
 
الارض وماتحت البحر هل هو الجحيم ام هو بحر مسجور! ، هذا غير موضوع منابع الأنهار
:"وكان أثناسيوس كيرشر يسوعياً تقياً وعالماً فذاً، وسنراه يلمع في ميادين عديدة. وقد رسم كتابه، عالم ما تحت الأرض "(1665) خرائط لتيارات المحيط، ورأى أن المجاري الباطنية يغذيها البحر، وعزا ثوران البراكين والعيون الساخنة لنيران باطنية، وبدا هذا تأكيداً للاعتقاد الشائع بأن الجحيم في مركز الأرض. أما بيير بيرو (1674) فقد رفض الفكرة القائلة بأن العيون والأنهار لها منابع باطنية، وقال بالرأي المقبول الآن، وهو أنها نتاج الأمطار والثلوج. وعلل مارتن لستر ثوران البراكين بأنه نتيجة سخونة الكبريت في كبريتور الحديد والانفجار المترتب على السخونة، وأظهرت التجربة أن خليطاً من برادة الحديد، والكبريت، والماء، مدفوناً في الأرض، أصبح ساخناً وشقق الأرض من فوقه، ثم تنفجر لهيباً.
قصة الحضارة ج33 ص199،عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الأرض
 
الجغرافيا
:"وكانت الجغرافيا خلال ذلك تنمو، عادة بوصفها نتاجاً جانبياً للمشروعات التبشيرية أو العسكرية أو التجارية، وقد أخلص اليسوعيين للعلم إخلاصهم للدين أو السياسة تقريباً، وكان كثير منهم ينتمون إلى جماعات علمية رحبت بتقاريرهم الجغرافية والأثنوغرافية. وقد تغلغلوا في بعثاتهم الدينية في كندا والمكسيك والبرازيل والتبت ومنغوليا والصين وجمعوا وأرسلوا الكثير من المعارف العلمية، ورسموا أفضل الخرائط للمناطق التي زاروها. وفي 1651 نشر مارتينو مارتيني "الأطلس الصيني" وهو أرقى وصف جغرافي للصين طبع إلى ذلك التاريخ، وفي 1667 أصدر أثناسيوس كيرشر كتابه الرائع "الصين المصورة". وأوفد لويس الرابع عشر علماء يسوعيين مزودين بأحدث الآلات لرسم خريطة الصين ثانية، وفي 1718 أصدروا خريطة هائلة في 120 فرخاً تغطي الصين ومنشوريا ومنغوليا والتبت، وقد ظلت مدن قرنين الأساس لكل ما تلاها من خرائط لتلك المناطق. أما أعجوبة العصر الخرائطية فهي الخريطة التي بلغ قطرها أربعة عشرين قدماً، والتي رسمها جوفاني كاسيني ومساعده بالجير على أرضية مرصد باريس (حوالي 1690)، وبينوا عليها بالضبط مواقع جميع الأماكن الهامة على الكرة الأرضية بخطوط العرض والطول(31).
قصة الحضارة ج33 ص200،201،عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الأرض
 
كتب البيروني رحمه الله كتابه عن الهند بعد ان رحل اليها ، ذهب الرحالة المسلمون يجوبون الأرض، ودرسوا الشعوب والعقائد لكنهم لم يقولوا بأن الأخلاق نسبية، وأنه يمكن أن نصل بالأخلاق إلى اللا أخلاق العلمانية!!
لكن لقصة العلمانية في الغرب مع المسيحية شأن آخر!
قال ديورانت العلماني
"ولعبت الجغرافيا دورها في الغض من اللاهوت المسيحي. فكلما تجمعت الأخبار عن القارات الأخرى لم تملك الطبقات الأوربية المتعلمة إلا العجب من اختلاف الأديان على ظهر الأرض، والتشابه بين الخرافات الدينية، ووثوق كل دين من صدق عقيدته، والمستوى الخلقي للمجتمعات الإسلامية أو البوذية، ذلك المستوى الذي أخزى من بعض الوجوه تلك الحروب الدامية وذلك التعصب القتال الذي يشين شعوباً وهبت الإيمان المسيحي. وروى البارون دلاهونتان أنه في رحلته في كندا عام 1683 لقد عنتا من جراء نقد الوطنيين اليهود للمسيحية(35)، واستشهد بيل المرة بعد المرة بعادات الصينيين أو اليابانيين وأفكارهم في نقده المعتقدات وأساليب العيش الأوربية. وأصبحت نسبية الأخلاق من البديهيات في فلسفة القرن الثامن عشر، ووصف أحد الظرفاء أسفار "جاك سيدان" الخنثي، الذي ابتهج حين وجد بلداً كل أهله لوطيون، ينظرون إلى الأوربيين الذين يشتهون الجنس الآخر نظرتهم إلى هولات فاسقة مقززة.
قصة الحضارة ج33 ص201،202،عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الأرض
اسم كتاب البيروني(ما للهند من مقولة مقبولة أو مرزولة)، استخدمته في كتابي الصادر عام 1997، المسمى الخداع والتنصير، عن دار الدعوة
 
البول مصدر زرق
واكتشاف علمي!
:"وحوالي عام 1670 اكتشف كيميائي ألماني يدعى هينيج براند أن في استطاعته أن يحصل من بول الإنسان على مادة كيميائية تتوهج في الظلام دون تعريض تمهيدي للضوء. وعرض كيميائي من درسدن يدعى كرافت هذا النتاج الجديد أمام تشارلز الثاني بلندن في 1677. ولم يستطع بويل أن يستخلص من كرافت المتكتم إلا الاعتراف بأن المادة المضيئة "شيء ينتمي إلى جسم الإنسان(49)". وكان في الإشارة ما يكفي، فسرعان ما حصل بويل على كميته من الفوسفور، وأثبت بسلسلة من التجارب كل ما نعرفه إلى الآن عن توهج ذلك العنصر. وكان النتاج الجديد يكلف المشترين ست جنيهات (315 دولاراً؟) للأوقية رغم وفرة مصدره.
قصة الحضارة ج33 ص 210،عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الكيمياء
 
لم يجئ الإسلام لتعمير دنيا الناس بالمعجزات أو الطلمسات، ولكن جاء بمنهج تجريبي لدراسة الكون وأسبابه الكامنة فيه، كما أنه لم يستعمل خيالات اليونان!
وهكذا علم تلاميذ محمد رسول الله كيف ينتهجون مع الاسباب علم شباب الغرب كيف يجربون ولايجعلون تجاربهم سرية او نخبوية خاصة
:"والآن وقد أصبح تحويل المعادن "كلشيها" للكيمياء، فإن في وسعنا أن نشيد بالعلم الذي انطوت عليه الخيمياء بما ندين اللهفة على الذهب ونخفيها.
وكانت أعظم لطمة وجهت إلى الخيمياء هي نشر كتاب بويل "الكيميائي الشكاك" (1661) وهو أول كتاب من عيون تاريخ الكيمياء. وقد اعتذر فيه عن "السماح" لبحثه هذا "بأن يذاع وهو مبتور ناقص على هذا النحو(45)". ولكنه-وهو يعاني من علل كثيرة-عديم الثقة في أنه سيعمر طويلاً. على أن مما يعزيه "أن يلحظ أن الكيمياء بدأت أخيراً تحظى بما هي جديرة به حقاً من رعاية العلماء الذين كانوا من قبل يحتقرونها(46)". ووصف كيمياءه بأنها شكاكة لأن من رأيه رفض جميع التفسيرات الغيبية والخصائص السحرية لأنها "محراب الجهل" وهو مصمم على الاعتماد على "التجارب لا الأقيسة المنطقية(47)"
قصة الحضارة ج33 ص 209،210،عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الكيمياء
 
الباحث كرجل البوليس والتحريات!
أي كلمة ولو كانت عارضة قد تكون هي مفتاح الوصول إلى الكنز!
وهكذا أفعل مع قصة الحضارة!!
وبضم الدليل الى الدليل سوف يتبين لك ماأعلن وما أخفي، وما أعلن حديثا وكتم قديما، والصلات الدقيقة بين العلم الإسلامي وماتطور عنه، ومن تعلم العربية ومن تأثر ومن هاجر وتعلم وأي البلاد تأثرت أولاً وهكذا
حتى ترى آخر النفق!
 
تحت عنوان التكنولوجيا
قال ديورانت
:"كانت الصناعة-إلى القرن التاسع عشر-تحفز العلم أكثر مما يحفز العلم الصناعة، وكانت المخترعات إلى القرن العشرين تخترع في المختبر أقل مما تخترع في المتجر أو الحقل.
قصة الحضارة ج33 ص211،> عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> التكنولوجيا
 
اتصال العلم والصناعة -عند ديورانت-اتصالاً مرئياً.
تحت عنوان التكنولوجيا
قال ديورانت
":روبرت هوك. ويروي معاصر موثوق بروايته أنه حوالي 1702 كان يتبادل الرسائل مع تاجر حديد وحداد يدعى توماس نيوكومن حول إمكان استخدام مبدأ المضخة الهوائية في إحداث القوة المكنية. كتب يقول "إذا استطعت أن تحدث فراغاً سريعاً تحت اسطوانتك الثانية انتهى عملك(56)" ويلوح أن نيوكومن كما يجري تجارب على آلة بخارية، هنا اتصل العلم والصناعة اتصالاً مرئياً. ولكن هوك كان شكاكاً، فتخلى عن التجربة، وفاتته فرصة مرة أخرى. وانضم نيوكومن إلى سمكري يدعى جون كولي في صنع آلة بخارية (1712)-بذراع متذبذب، ومكبس، وصمام أمن-يمكن الركون إليها في
القيام بعمل شاق دون خطر الانفجار، وبقدرة كاملة على التحكم الذاتي. واستمر نيوكومن حتى وفاته (1729) في تحسين آلته، ولكن في وسعنا أن نؤرخ-من براءة سافوي في 1699، وآلة نيوكومن في 1712-، بداية الثورة الصناعية التي ستغير في القرنين التاليين وجه الدنيا وهواءها.
قصة الحضارة ج33 ص213،> عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> التكنولوجيا
 
تحت عنوان علم االأحياء
قال ديورانت
:"مدت جماعة الباحثين الممتازة التي صنعت مجد الجمعية الملكية أبحاثها إلى علوم الحياة. فأوضح هوك بالتجربة ما قرره من قبل السر كينيلم ديجبي-ذلك "المشعوذ الكبير" كما دعاه ايفلين(52): وهو أن النباتات تحتاج إلى الهواء لتحيا. فعرض بذرة خس في التربة في العراء، وفي نفس الوقت بذرة مماثلة في تربة مماثلة في حجرة مفرغة، ونمت البذرة الأولى بوصة ونصفاً في ثمانية أيام، أما الثانية فلم تنم على الإطلاق. ووجد هوك بين جزء الهواء المستعمل في الاحتراق وبين الجزء المستعمل في تنفس النبات والحيوان، ووصف هذا الجزء المستهلك بأنه نتري الطبيعة (1665). وأوضح أن الحيوانات التي توقف تنفسها مكن الإبقاء على حياتها بنفخ الهواء في رئاتها بمنفاخ. واكتشف البناء الخلوي للنسيج الحي، واخترع لفظ "الخلية cell" لدلالة على مركباته العضوية. ورأى أعضاء الجمعية من خلال مكرسكوبه في ابتهاج خلايا الفلين الذي قدر هوك أن البوصة المكعبة منه تحوي 1.200.000.000 خلية. ودرس هستولوجيا (علم الأنسجة) الحشرات والنباتات، وعر رسوماً طريفة لها في كتابه "ميكروجرافيا"ز لقد وقف هوك دائماً قاب قوسين أو أدنى من جاليليو ونيوتن.
وأسهم عضو آخر في الجمعية هو جون راي في إضفاء الشكل الحديث على علم النبات. وكان ابن حداد، ولكنه شق طريقه إلى كمبردج، وأصبح زميلاً لكلية ترنتي، ورسم قساً أنجليكانياً. وقد أخلص للدين والعلم على السواء، شأنه في ذلك شأن بويل. واستقال من زمالته لأنه أبى التوقيع على "قانون التوافق" (1662) الذي يتعهد موقعه بعدم مقاومة تشارلز الثاني
قصة الحضارة ج33 ص213،214، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الأحياء
 
حتى أنت يابطرس!!!(علوم استفادها الغرب من الإسلام يتعلمها بطرس)
علم الأحياء
:"وقد حرص بطرس الأكبر وهو بديلفت في 1698 على أن يحدق في الكائنات خلال مكروسكوبات ليوفينهويك. فلما وجه هذا العالم (1675) أحدها لدراسة بعض ماء المطر الذي سقط في قدر قبل أيام، راعه أن يرى "حيوانات صغيرة بدت لي أصغر عشرة آلاف مرة من تلك التي وصفها المسيو سوامردام والتي سماها براغيث الماء أو قمل الماء، والتي يمكن أن ترى في الماء بالعين المجردة(60)"، ثم وصف كائناً نعرفه الآن باسم الجيبون الناقوسي (Vorticella) bell animalecule. ويلوح أن هذا كان أول وصفه للبروتوزون. وفي 1683 اكتشف ليوفينهويك كائنات أصغر حتى من تلك-وهي البكتريا. وجدها أولاً على أسنانه، وقال مستدركاً "مع أنني أحافظ عادة على نظافة أسناني التامة"، وأذهل بعض جيرانه حين فحص بصاقهم وأراهم تحت المكروسكوب "عدداً عظيماً من المخلوقات الحية" فيه(61). وفي 1677 اكتشف البزيرات المنوية في ماء الذكر: وتعجب من إسراف الطبيعة في جهاز الإنسان: فقد قدر هناك ألف بزيرة في كمية صغيرة من منى الرجل، وحسب أن هناك 150 بليوناً من البزيرات في لقاح سمكة واحدة من سمك الكود-وهو ما يزيد عشرة أضعاف على عدد السكان الذين يحتويهم العالم لو كانت كل أقاليمه غاصة بالسكان كالأراضي المنخفضة.
قصة الحضارة ج33 ص217، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الأحياء
 
تحت عنوان التشريح والفسيولوجيا قال ديورانت:"أسلم جسم الإنسان بعد إخضاعه للمكروسكوب بعض أسراره الدفينة لجيش العلم الزاحف. ففي عام 1651 تتبع جان باكيه سير الأوعية اللبنية، وفي 1653 كشف أولوف روربيك، وموطنه أوبسالا، الجهاز اللنفاوي، ووصف هذا الجهاز توماس مارتولين، وموطنه كوبنهاجن، وفي 1664 اكتشف سوامردام الصمامات اللنفاوية وفي ذلك العام أوضح صديقه رينيه دجراف وظيفة البنكرياس والصفراء وعملهما. وفي 1661 اكتشف صديق آخر هو نيقولاوس ستينو قناة (لا تزال تحمل اسمه) هي قناة الغدة النكفية، ويعد سنة القنوات الدمعية للعين، وخص جراف بدراسته تشريح الخصيتين والمبايض، وفي 1672 وصف لأول مرة تلك الأكياس حاملة البيض التي أطلق عليها هالر تكريماً له حويصلات جراف. وترك بارتولين بطاقته على جسمين بيضاويين ملاصقين للمهبل، واكتشف وليم كوبر (الطبيب لا الشاعر) في 1702 الغدد التي تفرغ إفرازها في مجرى البول وأطلق عليها اسمه. كذلك ترك فرنشسكوس سيلفيوس توقيعه على شق في المخ (1663) (وكان المعلم المحبوب لجراف، وسوامردام، وستينو، وويليس في ليدن). ونشر توماس ويليس، أحد مؤسسي الجمعية الملكية، في عام 1664 كتابه Cerebri Anatome" تشريح المخ" الذي كان أكمل وصف للجهاز العصبي إلى ذلك التاريخ، ولا تزال تحمل اسمه "دائرة ويليس"، وهي شبكة سداسية من الشرايين في قاع المخ.قصة الحضارة ج33 ص218،219 عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> التشريح والفسيولوجيا
 
افتراضات نقضها العلبم نفسه ياديورانت
:"وإذ تقدم البحث في التشريح أماط اللثام عن أوجه شبه كثيرة جداً بين أعضاء الإنسان والحيوان، حتى لقد اقترب بعض الطلاب من نظرية التطور. ففي عام 1699 نشر إدوارد يزون (الذي أطلق اسمه على الغدد الدهنية للبشرة) كتاباً عن "الأورنج-أوتانج، إنسان الغابات". وقد قارن بين تشريح الإنسان وتشريح النسناس، ورأى أن الشمبانزي وسط بينهما. ولم يمنع علم الأحياء من أن يسبق داروين في القرن السابع عشر غير الخوف من إحداث زلزال لاهوتي.
قصة الحضارة ج33 ص220،عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> التشريح والفسيولوجيا
 
الطب!
قال
"جاء أقوى دافع لعلوم الأحياء من حاجات الطب. لقد كان علم النبات، قبل راي، أداة الصيدلة. وكانت الصحة "الخير الأعظم"، وتوسل الرجال والنساء والأطفال إليها بالصلوات، والنجوم، والملوك، والضفادع، والعلم. يقول أوبري(67) "
قصة الحضارة ج33 ص222،> عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الطب
 
لويس الرابع عشر وخرافات قومه الطبية!(القرن ال17)
قلت: على الرغم من زحف العلم من مساربه الإسلامية ومحاوره الإسلامية (الأندلس، الحروب الصليبية، الترجمة، الشرق والصلات معه عن طريق التجارة وغيرها ، وغير ذلك) وحملته ومطوريه في الغرب إلا أن الحكام في الغرب كانوا يعيشون خرافات عصورهم المسيحية(لويس الرابع عشر نموذجاً)!!
قال ديورانت
:"توسل الرجال والنساء والأطفال إليها بالصلوات، والنجوم، والملوك، والضفادع، والعلم. يقول أوبري(67) أن أحد الأطباء كان قبل أن يصف الدواء للمريض يمضي إلى مخدعه ليصلي حتى "تقرنت ركبتاه" في النهاية من كثرة الصلوات وكان التنجيم لا يزال يتدخل في الطب. فقد نصح الجراح القائم على علاج لويس الرابع عشر بألا يحجم الملك إلا في ربعي القمر الأول والأخير "حتى تكون الأمزجة قد تراجعت في هذا الوقت إلى مركز الجسم"(68). وفي رأي ديفو أن المال الذي أنفق على المشعوذين كان كفيلاً بالوفاء بالدين القومي(69). وقد سافر فلامستيد، فلكي الملك، أميالاً لكي يربت ظهره المشعوذ المشهور فالنتين جريتراكس، الذي زعم بكل بساطة أنه يشفى من الداء الخنازيري، وربما كان فلامستيد واحداً من 100.000 لمسهم تشارلز الثاني ليشفيهم من هذا الداء الخنازيري (scorfula) المسمى "داء الملك King's evil" (وهو سل الغدد اللنفاوية وبخاصة في العنق). وفي سنة واحدة (1682) لمس هذا الحاكم اللطيف 8.500 مريض مصاب بهذا المرض، وفي 1684 بلغ التزاحم للوصول إليه حداً ديس معه ستة من المرضى تحت الأقدام حتى ماتوا. ورفض وليم الثالث أن يواصل التمثيلية. وقال حين حاصر جمع قصره "إنها خرافة غبية، فأعطوا هؤلاء المساكين بعض النقود واصرفوهم". وفي مناسبة أخرى حين كثر الإلحاح عليه ليضع يده على مريض أذعن قائلاً "وهبك الله صحة أفضل وعقلاً أرجح". وقد اتهمه الشعب بالكفر(70).
قصة الحضارة ج33 ص222،> عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الطب
 
مرض الزهري والعلمانية
الإسلام ينشر العلم، والعلمانية تنشر الزهري!!(تكلمنا من قبل عن حالة الفلكي الإنجليزي هالي واسرافه في النبيذ وقد مات به)
القرن السابع عشر وماقبله ومابعده!
:"ونشر البغاء الزهري في المدن والمعسكرات. وقد استشرى بصفة خاصة بين الممثلين والممثلات"
قصة الحضارة ج33 ص223،عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الطب
 
أعظم مرض في هولندا اليوم تتساقط النساء منه هو مرض سرطان الثدي، ونحن في الألفية الثالثة، أما في القرن ال17 فيقول ديورانت
:"وكان السرطان يمضي في طريقه قدماً، وتصف لنا مدام دموتفيل سرطان الثدي(73) وقد وصفت الحمى الصفراء أول مرة عام 1694. وانتشر الجدري على الأخص انتشاراً واسعاً في إنجلترا، ولم يكن هناك علاج معروف له، وقد ماتت به الملكة ماري، وابن ملبرة. وابتليت أقطار بأسرها بالأوبئة لا سيما وباء الملاريا. وذكر توماس ويليس أن إنجلترا كلها تقريباً كانت في 1657 أشبه بمستشفى يعالج حمى الملاريا(74). واجتاح الطاعون لندن في 1665(75). وقتل في فيينا سنة 1679 100.000 أل و83.000 في براغ سنة 1681. وازدادت الأمراض المهنية بانتشار الصناعة، وفي 1700 أصدر برناردينو راماتزيني، أستاذ الطب في جامعة بادوا، رسالة ممتازة، De morbis artificum عن الضرر الذي يصيب النقاشين من المواد الكيميائية في طلائهم، والعاملين في الزجاج المعشق من الانتيمون، والبنائين وعمال المناجم من السل، والخزافين من الدوار، والطباعين من أمراض العيون، والأطباء من الزئبق الذي يستعملونه. وكان تقدم علم الطب بطيئاً في جو الجهل والفقر. وعطل المهنة شره الأطباء للمال، فكان بعض الأطباء الذين قاموا بعلاجات ناجحة يرفضون الكشف لغيرهم من الأطباء عن العلاج الذي استخدموه(76).
قصة الحضارة ج33 ص223،224، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الطب
 
قلت: الأمر في الطب والمرض، والفلك وغيره، يخضع للتجربة والبحث والملاحظة واستخلاص النتائج ، واستخدام الآلات المناسبة، والأدوات المناسبة، وقد منح المسلمون العالم من حولهم كثير من المبتكرات والمراصد وأدوات التشريح والعناية بالجسم إنطلاقاً من الدعوة القرآنية
فمرض الطاعون لاشك أنه له أسباب وعلل أرضية لكن لايمنع أن يكون ذلك عقابا للبعض وإبتهلاء ومصيبة للبعض الآخر
هذا نقوله ردا على محمد الحداد تلميذ اركون الذي راح يتعسف الأدلة على أن المسلمين كانوا كالأوروبيين يؤمنون بالطاعون عقوبة ولايؤمنون أنه يمكن الشفاء منه بالبحث في الأسباب!!
على كل حال هذا النص يثبت أن يسوعي استعمل الطريق الإسلامي التجريبي ككل من استفاد من منهجية الإسلام فإكتشف سبب المرض
:"ومن أهم كشوف هذا العصر الجهد الذي قام به ذلك اليسوعي الممتاز، أثناسيوس كيرشر الفولداوي، وكان رياضياً، وفيزيائياً، ومستشرقاً، وموسيقياً، وطبيباً، ويبدو أنه أول من استخدم المكروسكوب في فحص المرض(77). وبهذه الوسيلة وجد أن دم ضحايا الطاعون يحتوي على "ديدان" لا حصر لها لا ترى بالعين المجردة. ورأى حيوانات مماثلة في المادة المتعفنة، وعزا التعفن وكثيراً من الأمراض لنشاطها. وكتب تقريراً عن كشوفه في "البحث في الأمراض الوبائية "Scrutinium Pestis (روما 1658) بين بعبارات صريحة واضحة لأول مرة ما لم يذكره فراكاستورو إلا تلميحاً في 1546-وهو النظرية القائلة بأن انتقال الكائنات الحية الضارة من شخص أو حيوان إلى آخر هو سبب المرض المعدي(78).
قصة الحضارة ج33 ص224،225، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الطب
 
الأطباء الهولنديون يستخفون بالمرضى في القرن السابع عشر!
وفيه رد على فيلدرز الهولندي إذ توسل بحالة المسلمين المعاصرين للقدح في الإسلام من ناحية النظافة والطب!!!
قال ديورانت
:"ووصف الأطباء الهولنديون الشاي دواء لكل الأدواء تقريباً ترويجاً للتجارة الهولندية(80).
قصة الحضارة ج33 ص225، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الطب
 
علم الجراحة في الغرب يناضل من أجل الإعتراف به (القرون 16،17،18)
بعد أن حاز المسلمون فيه شوطا كبيرا
:"وواصلت الجراحة نضالها لتحظى بالاعتراف بها علماً محترماً. ووجد أكفأ ممثليها أنفسهم بين نارين، عداء الأطباء وحسد الحلاقين-الذين ما زالوا يجرون بعض الجراحات الصغيرة، ومنها جراحة الأسنان. ولم يستطع جي باتان، عميد كلية الطب بجامعة باريس، أن يغتفر للجراحين اتخاذهم زي الأطباء ومسلكهم، ورمى الجراحين جميعاً بأنهم "سلالة من الحمقى، والمغرورين، اللئام، المسرفين، الذين يطلقون شواربهم ويلوحون بأمواسهم(83)". ولكن في عام 1686 أجرى الجراح فيلكس جراحة ناجحة على ناسور لويس الرابع عشر، وسر الملك سروراً عظيماً فنفح فيلكس بخمسة عشر ألف جنيه ذهبي، وخلع عليه ضيعة في الريف ولقب النبالة. ورفعت هذه الترقية من مكانة الجراحين الاجتماعية في فرنسا. وفي 1699 صدر قانون جعل الجراحة فناً من الفنون الحرة، وبدأ ممثلوها يحتلون مكاناً مرموقاً في المجتمع الفرنسي. وقد وصف فولتير الجراحة بأنها "أنفع الفنون قاطبة" وأنها "الفن الذي بز فيه الفرنسيون سائر أمم الأرض(84)".
على أن الجراحة الإنجليزية كان لها في هذا العصر مفخرتان على الأقل. ففي 1662 قام ج. د. ميجر بحق الإنسان أول حقنة وريدية ناجحة، وفي 1665-67 نجح رتشرد لوور في نقل الدم من
قصة الحضارة ج33 ص226، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الطب
 
المسيحيون في القرن ال17 كانوا يكرهون الأطباء!!
القذارة والمياه والفقر والمرض والعقيدة الفاسدة والحروب الكافرة!
قال ديورانت
:"واستمر الناس يهجون الطبيب كما يهجونه في كل جيل. فقد ساءهم منه أتعابه، وفخامة مظهره في عباءته وشعره المستعار وقبعته المخروطية، وغرور حديثه، وأخطاؤه القتالة أحياناً. وروى بويل أن كثيرين كانوا يخشون الطبيب أكثر مما يخشون المرض(87). وكانت سخريات موليير بالمهنة العظيمة في أكثرها مزاحاً لطيفاً من رجل كان حريصاً رغم ذلك على الاحتفاظ بعلاقات طيبة مع طبيبه. وبقى-بعد أن رشقت السهام كلها-أن القرن السابع عشر شهد تقدماً مشكوراً في علم الطب بفضل عشرات الكشوف في التشريح، والفسيولوجيا، والكيمياء، وأن التبادل الدولي للمعرفة الطبية كان في ازدياد، وأن كبار الأساتذة كانوا يبعثون تلاميذهم الأكفاء إلى جميع أرجاء أوربا الغربية، وأن الجراحة كانت تحسن طرقها وترفع مكانتها، وأن الأخصائيين كانوا يزدادون معرفة ومهارة، وأن مزيداًُ من التدابير كان يتخذ للنهوض بالصحة العامة. وشرعت الحكومات البلدية القوانين التي تكفل النظافة الصحية. وفي 1656، حين ظهر الطاعون في روما، حتم المونسنيور جاستالدي، المأمور البابوي للصحة، تنظيف الشوارع والمجاري، وتفتيش السقايات بانتظام، وتوفير الإمكانات العامة لتطهير الملابس، وتقديم الشهادات الصحية من جميع الأشخاص الذين يدخلون المدينة(88)، وبازدياد الثروة بنى الناس بيوتاً أمتن تستطيع أن تبعد الفئران إلى مسافة محترمة فتقلل من انتشار الطاعون. وقد يسرت إمدادات أفضل من المياه-وهي أول ضرورات الحضارة-النظافة للأجسام الراغبة فيها. وأخذ التحضر يصبح-بدنياً-في متناول مزيد من الناس.
قصة الحضارة ج33 ص227، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الطب
 
النص أضعه ل فيلدرز الهولندي لأنه استخدم مرة كلاما ل تولستوي
سخرية موليير العلماني من الطب والأطباء!!(لاتنسى أنه كان في بلاط لويس الدموي والمؤمن بخرافات طبية سيأتي بعد قليل)
قال ديورانت
:"واستمر الناس يهجون الطبيب كما يهجونه في كل جيل. فقد ساءهم منه أتعابه، وفخامة مظهره في عباءته وشعره المستعار وقبعته المخروطية، وغرور حديثه، وأخطاؤه القتالة أحياناً. وروى بويل أن كثيرين كانوا يخشون الطبيب أكثر مما يخشون المرض(87). وكانت سخريات موليير بالمهنة العظيمة في أكثرها مزاحاً لطيفاً من رجل كان حريصاً رغم ذلك على الاحتفاظ بعلاقات طيبة مع طبيبه.
قصة الحضارة ج33 ص227، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الطب
قال ديورانت
:" وكان التنجيم لا يزال يتدخل في الطب. فقد نصح الجراح القائم على علاج لويس الرابع عشر بألا يحجم الملك إلا في ربعي القمر الأول والأخير "حتى تكون الأمزجة قد تراجعت في هذا الوقت إلى مركز الجسم"(68). وفي رأي ديفو أن المال الذي أنفق على المشعوذين كان كفيلاً بالوفاء بالدين القومي(69).
قصة الحضارة ج33 ص222،> عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> الطب
 
بيكون-هارفي-كبلر- جاليليو
وغيرهم استفادوا من علوم الفلك والرياضيات وبقية العلوم الاسلامية التجريبية وهم الذين صنعوا النتائج أفلايحمد الأستاذ وتلاميذه ؟
قال ديورانت:"النتائج ..كان القرن السابع عشر في جملته إحدى القمم في تاريخ العلم.
أنظر إليه في سلمه الصاعد، ابتداءً من بيكون يدعو الناس للكفاح في سبيل ترقية المعرفة، وديكارت يزاوج بين الجبر والهندسة، مروراً بتحسين التلسكوبات، والمكروسكوبات، والبارومترات، والترمومترات والمضخات الهوائية والعلوم الرياضية، وبقوانين كبلر الكوكبية، وقبة جاليليو السماوية المتعاظمة، ورسم هارفي لخريطة الدم، ونصفي كرة جيوريكي المحكمتين، وكيمياء بويل الشكاكة، وفيزياء هويجنز المتعددة الصور، ومحاولات هوك الكثيرة الأشكال، وتنبؤات هالي الكونية، ثم انتهاء بحساب ليبنتز التفاضلي التنوتي ونسق نيوتن الكوني، انظر إلى كل أولئك واسأل: أي قرن سابق أنجز مآثر هذا القرن؟
قصة الحضارة ج33 ص227،228، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> النتائج
 
اكتساح العلم لخرافات اوروبا
"وانتشر تأثير العلم في أقواس متسعة. أثر في الصناعة بتوفيره الفيزياء والكيمياء اللتين كفلتا المغامرات الجديدة في التكنولوجيا. النظام والدقة والوضوح أوحى بفضائل مماثلة في الشعر والنثر، وانسجم مع الأسلوب الكلاسيكي الذي يمثله موليير وبوالو وراسين، كما يمثله أديسون وسويفت وبوب. واشترطت الجماعية الملكية-كما يقول مؤرخها-على أعضائها، أسلوباً في الحديث طبيعياً عادياً، محكماً. يقرب كل الأشياء قدر الإمكان من الوضوح الرياضي(90)".
وتأثرت الفلسفة والدين بانتصارات الرياضة والفيزياء، التي حددت للمذنبات ميقاتاً ووضعت للنجوم قوانين. وتقبل ديكارت وسبينوزا الهندسة مثلاً أعلى للفلسفة والعرض. ولم يعد بعد ذلك من حاجة لأن يفترض في الكون شيء غير المادة والحركة. ورأى ديكارت العالم كله آلة، باستثناء العقل البشري والإلهي، وتحدى هوبز هذا الاستثناء، وصاغ مادية يكون حتى الدين فيها أداة للدولة تستعين بها على تسيير الآلات البشرية. ولاح أن علوم الفيزياء والكيمياء والفلك الجديدة "تكشف عن كون يعمل طبقاً لقوانين لا تتغير، وهو كون لا يسمح بمعجزات، وإذن فلا يستجيب لصلوات، وإذن فلا يحتاج لإله. وربما جاز الإبقاء عليه ليعطي آلة العالم دفعة مبدئية، ولكنه بعد هذا له أن ينسحب ليكون رباً أبيقورياً-لوكريتياً، لا يعبأ بالعالم ولا بالناس. وروي أن هالي أكد لصديق لباركلي أن "عقائد المسيحية" أصبحت الآن "لا يمكن تصورها(91)". على أن بويل رأى في كشوف العلم دليلاً جديداً على وجود الله. وكتب يقول "أن العالم يسلك وكأن الكون يشيع فيه كله كائن ذكي". وأضاف في عبارة تعيد بسكال إلى الذاكرة "إن أنفس الإنسان كائن أنبل وأثمن من العالم المادي بأسره(92)". ولما مات خلف مالاً ينفق منه على محاضرات تظهر صدق المسيحية إزاء "مشهوري الكفار، وهم الملحدون، والقائلون بوجود آلهة، والوثنيون واليهود، والمسلمون" وأضاف شرطاً هو أن المحاضرات يجب ألا تخوض في المجادلات الناشبة بين المسيحيين(93).
ووافق علماء كثيرون على رأي بويل، وشارك كثير من المسيحيين المؤمنين في الإشادة بالعلم. كتب داريدن في ختام القرن يقول "في هذه السنين المائة الأخيرة كشف لنا القناع عن طبيعة جديدة تقريباً-ارتكب من الأخطاء، وأجرى من التجارب المفيدة، وأميط اللثام عن أسراراً رفيعة في البصريات، والطب، والتشريح، والفلك-أكثر مما حدث في جميع تلك العصور الخرفة الساذجة، ابتداءً أرسطو إلى يومنا هذا(94)"، وتلك مبالغة مفرطة ولكنها ذات دلالة، تكشف لنا عن اقتناع "المحدثين" بأنهم كسبوا معركة الكتب ضد "القدامى" على أية حال لم يملك الناس إلا أن يروا أن العلوم تزيد المعرفة الإنسانية
قصة الحضارة ج33 ص228،229 عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> البحث العلمي -> النتائج
أما قول ديورانت أنه لم يبق مكان للمعجزات فالمعجزات عند ديورانت أغلبها خرافات مسيحية وادعاءات باباوية وشعبوية، لكنه ينكر بذلك الأمور الغيبية، وفي الحقيقة فهذا لايسلم له، ذلك أن لكل منا ، بالمفرد، أحداث غير عادية تحدث له، وهذا أحيانا فيها خرق للعادة أو فوق العادة، ولاتعتبر لمن تدبر على منوال السنن العادية.
وهذه الأمور دليل على الغيب ومايرتبط به من معجزات حقيقية وأمور متجاوزة للسنن، تكلم عنها الوحي الرباني القرآني
 
إسحاق نيوتن 1642-1727 ،ولد في مزرعة صغيرة بوولزثورب، في مقاطعة لنكولن، في 25 ديسمبر 1642 (حسب التقويم القديم، أي اليولياني) وهو العام الذي مات فيه جاليليو
قصة الحضارة ج33 ص230، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> إسحاق نيوتن -> الرياضي
 
إسحاق نيوتن 1642-1727
نيوتن كان بيكلم الحيط... وبدايات غريبة!
"وفي 1669 استقال أستاذه في الرياضة إسحاق بارو، وعين نيوتن خلفاً له بناءً على توصية منه، وصف فيها نيوتن بأنه "عبقري لا نظير له"، وقد احتفظ بكرسيه في ترنتي أربعة وثلاثين عاماً. ولم
يكن بالمعلم الناجح. كتب سكرتيره عن ذكريات ذلك العهد يقول "كان الذين يذهبون للاستماع إليه قليلين، والذين يفهمونه أقل، حتى أنه في أحياناً كثيرة وكأنه يقرأ للحيطان بسبب قلة السامعين(2)". وفي بعض المناسبات لم يكن يجد مستمعين إطلاقاً فيعود إلى حجرته كاسف البال. وبنى فيه مختبراً-كان الوحيد في كمبردج آنئذ. وقام بالكثير من التجارب، لا سيما في الخيمياء "وهدفه الأكبر تحويل المعادن(3)"، ولكنه اهتم أيضاً بـ "اكسير الحياة" و "حجر الفلاسفة(4)" وواصل دراساته الخيميائية من 1661 إلى 1692، وحتى وهو يكتب كتابه "المبادئ(5)" ترك مخطوطات عن الخيمياء دون نشر بلغ مجموع كلماتها نيفاً و100.000 "لا قيمة لها إطلاقاً(6)" وكان بويل وغيره من أعضاء الجمعية الملكية مشغولين شغلاً محموماً بهذا البحث نفسه عن صنع الذهب. ولم يكن هدف نيوتن تجارياً بشكل واضح، فهو لم يبد قط أي حرص على المكاسب المادية، ولعله كان يبحث عن قانون أو عملية يمكن أن تفسر بها العناصر على أنها أشكال مغايرة، قابلة للتحويل، لمادة أساسية واحدة. ولا سبيل لنا إلى التأكد من أنه كان مخطئاً.
قصة الحضارة ج33 ص230،231، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> إسحاق نيوتن -> الرياضي
 
إسحاق نيوتن 1642-1727
"ورفض القواعد التي وضعها ديكارت في "مقاله" كمبادئ قابلية تستنتج منها كل الحقائق الكبرى بالاستدلال. وحين قال نيوتن "أنا لا أخترع فروضاً(11)" كان يعني أنه لا يقدم نظريات حول أي شيء يتجاوز ملاحظة الظواهر، فهو إذن لا يغامر بأي تخمين عن طبيعة الجاذبية، بل يكتفي بوصف مسلكها وصياغة قوانينها. ولم يزعم أنه يتجنب الفروض باعتبارها مفاتيح للتجارب، فإن مختبره على العكس خصص لاختبار مئات الأفكار والإمكانات، وسجله يزخر بالفروض التي جربت ثم رفضت. كذلك لم يرفض الاستدلال، إنما أصر على أنه يجب أن ينطلق من الوقائع ويفضي إلى المبادئ. وكانت طريقته أن يتصور الحلول الممكنة للمشكلة، ويستنبط متضمناتها الرياضية، ويختبر هذه بالحساب والتجربة. وكتب يقول "يبدو أن مهمة الفلسفة (الطبيعية) كلها تكمن في هذا-البحث من ظواهر الحركات في قوى الطبيعة، ثم إيضاح الظواهر الأخرى من هذه القوى(12)". لقد كان مزيجاً من الرياضة والخيال، ولن يستطيع فهمه إلا من يملكهما جميعاً.
قصة الحضارة ج33 ص232، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> إسحاق نيوتن -> الرياضي
 
إسحاق نيوتن 1642-1727
"ومات لبنتز في 14 نوفمبر 1716. وبعد موته بقليل نفى نيوتن أن التعليق" أقر له-أي للبنتز باختراع حساب التفاضل مستقلاً عن اختراعي" وفي الطبعة الثالثة من "المبادئ" (1726) حذف التعليق(17). ولم يكن النزاع مما يليق بالفلاسفة، لأن كلا المدعيين كان يصح أن ينحني احتراماً لفيرما لأنه كان رائداً لهما في هذا المضمار.
قصة الحضارة ج33 ص234، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> إسحاق نيوتن -> الرياضي
 
إسحاق نيوتن 1642-1727
"الفيزيائي ..على أن الرياضة، على ما فيها من عجب، لم تكن سوى أداة لحساب الكميات، فهي لم تزعم أنها تفقه الحقيقة أو تصفها. فلما تحول نيوتن من الأداة إلى البحث الجوهري، عكف أولاً على استكناه سر الضوء. وتناولت محاضراته الأولى في كمبردج الضوء، واللون، والرؤية، وعلى عاداته لم ينشر كتابه "البصريات" إلا بعد خمس وثلاثين سنة، في 1704، فقد كان بريئاً من شهوة النشر. وفي عام 1666 اشترى منشوراً من سوق ستوربردج وبدأ التجارب وبدأ التجارب في البصريات. وفي عام 1668 فصاعداً صنع سلسلة من التلسكوبات. فصنع بيديه، على أساس النظريات التي شرحها مرسين (1639) وجيمس جريجوري (1662)، تلسكوباً عاكساً ليتفادى بعض العيوب الملازمة للتلسكوب الكاسر، وقدمه للجمعية الملكية بناء على طلبها عام 1671. وفي 11 يناير 1672 انتخب لعضوية الجمعية.
قصة الحضارة ج33 ص234،235، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> إسحاق نيوتن -> الفيزيائي
 
إسحاق نيوتن 1642-1727-لقاء هالي ونيوتن
ولم تكن فكرة الجاذبية بين النجوم جديدة قط على نيوتن
وهل في الاسلام من قال بها؟(إبحث عن المصادر المطموسة)
قال ديورانت
"أصل نظرية الجاذبية
كانت سنة 1666 سنة جنينية لنيوتن. شهدت بداية جهوده في البصريات، ولكنه كذلك يقول عن ذكرياته أن شهر مايو "كان مدخلي إلى الطريقة العكسية للفروق المستمرة، وفي نفس السنة بدأت أفكر في امتداد الجاذبية إلى مدار القمر.. .. بعد أن قارنت بين القوة اللازمة لحفظ القمر في مداره، وقوة الجاذبية على سطح الأرض، ووجدتهما متفقتين تماماً تقريباً... في تلك السنين كانت في ربيع عمري(21)".
وفي عام 1666 وصل الطاعون إلى كمبردج، فعاد نيوتن إلى موطنه وولزثورب طلباً للسلامة. وهنا نلتقي بقصة لطيفة. كتب فولتير في كتابه "فلسفة نيوتن" (1738):
"ذات يوم من أيام 1666، حين كان نيوتن معتكفاً في الريف رأى ثمرة تسقط من شجرة كما أخبرتني بنت أخته السيدة كوندويت، فاستغرق في تفكير عميق في السبب الذي يجذب جميع الأجسام في خط إذا مد مر قريباً جداً من مركز الأرض(22)".
وهذا أقدم ما نعرفه من ذكر لقصة التفاحة. وهي لا ترد في كتب مترجمي نيوتن القدامى، ولا في روايته لكيفية اهتدائه لفكرة الجاذبية الكونية، والفكرة السائدة اليوم عن القصة أنها أسطورة. وأرجح منها قصة أخرى رواها فولتير، وهي أن غريباً سأل نيوتن كيف اكتشف قوانين الجاذبية، فأجاب "بإدمان التفكير فيها(23)" ومما لا ريب فيه أنه بحلول عام 1666 كان نيوتن قد حسب قوة الجذب التي تحفظ الكواكب في أفلاكها وانتهى إلى أنها تتناسب تناسباً عكسياً مع مربع بعدها عن الشمس(24). ولكنه لم يستطع إلى ذلك الوقت التوفيق بين النظرية وحساباته الرياضية، فنحاها جانباً، ولم ينشر عنها شيئاً طوال الأعوام الثمانية عشر التالية. ولم تكن فكرة الجاذبية بين النجوم جديدة قط على نيوتن. فقد ذهب بعض فلكيي القرن الخامس عشر إلى أن السماوات تؤثر في الأرض بقوة تشبه قوة تأثير المغنطيس في الحديد، وما دامت الأرض تنجذب بالتساوي من جميع الاتجاهات فإنها تبقى معلقة في مجموع هذه القوة(25). وقد نبه كتاب جلبرت "المغنطيس" (1600) أذهاناً كثيرة إلى التفكير في التأثيرات المغنطيسية المحيطة بكل إنسان، وقد كتب هو نفسه في كتاب لم ينشر إلا بعد موته بثمانية وأربعين عاماً (1651) يقول:
"إن القوة المنبعثة من القمر تصل إلى الأرض، وبالمثل فإن القوة المغنطيسية للأرض تعم منطقة القمر، وكلتاهما تتجاوب وتتآلف بتأثيرهما المشترك، حسب تناسب الحركات وتطابقها، ولكن تأثير الأرض أكبر نتيجة لكبر كتلتها(26)".
وكان اسماعيلس بوريار قد قر في كتابه "Astronomia Philolacia" (1645) أن جذب الكواكب بعضها لبعض يتناسب تناسباً عكسياً مع مربع المسافة بينهما(27)، وذهب ألفونسو بوريللي في كتابه "نظريات الكواكب المديشية" (1666) إلى أن "كل كوكب وتابع يدور حول كرة كبرى في الكون بوصفها مصدراً للقوة، تجذب الكوكب وتابعه وتمسكهما بحيث لا يمكن إطلاقاً أن ينفصلا عنها، بل يضطران لإتباعهما أينما ذهبت، في دورات ثابتة مستمرة"، وقد فسر مدارات هذه الكواكب والتوابع بأنها نتيجة القوة المركزية الطاردة لدورانها ("كما نجد في العجلة أو الحجر يدوم في مقلاع") تقابلها قوة شمسها الجاذبة(28). وذهب كبلر إلى أن الجاذبية ملازمة لجميع الأجرام السماوية، وقدر في فترة من حياته أن قوتها تتناسب عكسياً مع مربع المسافة بينها، وكان هذا خليقاً بأن يكون سبقاً واضحاً لنيوتن، ولكنه عاد فرفض هذه الصيغة، وافترض أن الجذب يتناقص تناقصاً طردياً مع زيادة المسافة(29). على أن هذه المداخل إلى نظرية في الجاذبية حرفتها عن طريقها نظرية ديكارت في الدوامات التي تكونت في كتلة بدائية، ثم عينت عمل كل جزء ومداره.
وقد فكر كثير من المستفسرين اليقظين في الجمعية الملكية تفكيراً عميقاً في رياضيات الجاذبية. وفي 1674 سبق هوك بكتابه "محاولة لإثبات حركة الأرض السنوية" "إعلان" نيوتن لنظرية الجاذبية بأحد عشر عاماً. قال هوك:
"سأشرح نظاماً للكون مختلفاً في تفاصيل كثيرة عن أي نظام عرف إلى الآن، متفقاً في جميع الأشياء مع القواعد الشائعة للحركات الميكانيكية. وهو يعتمد على فروض ثلاثة: (أولها) أن كل الأجرام السماوية أياً كانت ذوات قوة جاذبة إلى مراكزها، لا تجذب بها أجزاءها فحسب وتحفظها من أن تتطاير منها... بل تجذب كذلك سائر الأجرام السماوية الواقعة في مجال نشاطها... (وثانيها) أن جميع الأجسام أياً كانت، التي تحرك حركة طردية وبسيطة، تستمر في الحركة قدماً في خط مستقيم إلى أن تحرفها عن طريقها قوة فعالة أخرى... (وثالثها) أن قوى الجذب هذه يشتد فعلها بقدر قرب الجسم الواقع تحت جاذبيتها من مراكزها"(30).
ولم يحسب هوك في بحثه هذا أن الجذب يتناسب تناسباً عكسياً مع مربع المسافة، ولكنه أنهى هذا المبدأ إلى نيوتن-إذا صدقنا رواية أوبري-بعد أن توصل إليه مستقلاً(31). وفي يناير 1684 شرح هوك صيغة المربعات العكسية لرن وهالي، اللذين كانا قبلاها من قبل. فذكر لهوك أن الحاجة ليست إلى مجرد فرض، بل إلى إيضاح رياضي يثبت أن مبدأ الجاذبية يفسر مسارات الكواكب. وعرض رن على هوك وهالي جائزة قدرها أربعون شلناً (100 دولار) أن أتاه أحدهما ببرهان رياضي على الجاذبية. ولم يأته البرهان على قدر علمنا(32).
وفي أحد أيام أغسطس 1684 ذهب هالي إلى كمبردج وسأل نيوتن ماذا يكون مدار كوكب ما إذا تناسب جذب الشمس له تناسباً عكسياً مع مربع المسافة بينهما. وأجاب نيوتن أنه يكون قطعاً ناقصاً (اهليلجاً)ز ولما كان كبلر قد استخلص من دراسته الرياضية لمشاهدات تيكو براهي أن مدارات الكوكب اهليلجية، فقد بدا أن الفلك الآن تأيد بالرياضة، والعكس بالعكس. وأضاف نيوتن أنه أجرى الحسابات تفصيلاً في 1679، ولكنه نحاها جانباً، من جهة لأنها لم تتفق تماماً مع التقديرات السائدة يومها لقطر الأرض والبعد بين الأرض والقمر، وأرجح من هذا السبب أنه لم يكن واثقاً من أنه يستطيع تناول الشمس، والكواكب، والقمر على أنها نقط مفردة في قياس قوتها الجاذبة. ولكن في عام 1671 أذاع بيكار قياسه الجديد لنصف قطر الأرض ولدرجة من درجات خطوط الطول، التي حسب أخيراً أنها تبلغ 69.1 ميلاً قانونياً إنجليزياً، وفي عام 1672 تمكن بيكار بفضل بعثته إلى سايين من حساب بعد الشمس عن الأرض فقرر أنه 87.000.000 ميل (والرقم الحالي 92.000.000) واتفقت هذه التقديرات الجديدة اتفاقاً طيباً مع رياضة نيوتن في الجاذبية، وأقنعه المزيد من الحسابات في 1685 بأن الكرة تجذب الأجسام وكأن كتلة هذه الكرة كلها تجمعت في مركزها. وشعر الآن بمزيد من الثقة في فرضه.
قصة الحضارة -ج33 ص237-240،عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> إسحاق نيوتن -> أصل نظرية الجاذبية
 
إسحاق نيوتن 1642-1727-فضل من على من ؟ وفرضيات واجتهادات!!
"وفي مارس 1686 قدم للجمعية مخطوط الكتاب الأول من كتب الحركة، عن المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية. وللتو لفت هوك النظر إلى أنه سبق نيوتن في 1674. ورد نيوتن في رسالة إلى هالي أن هوك أخذ فكرة المربعات العكسية عن بوريللي وبويار. وتفاقم الخلاف حتى أصبح سخطاً من الطرفين، وحاول هالي أن يصلح ذات البين، وهدأ نيوتن ثائرة هوك بتضمين مخطوطته حاشية، تحت القضية الرابعة، أقر فيها بفضل "أصدقائنا رن، وهوك، وهالي"، في أنهم "استنتجوا من قبل" قانون المربعات العكسية. ولكنه ضاق بالنزاع أشد الضيق حتى أنه حين أعلن لهالي (20 يونيو 1678) أن الكتاب الثاني جاهز، أضاف قائلاً "في نيتي الآن أن أوقف الكتاب الثالث. فالفلسفة أشبه بامرأة مشاكسة وقحة تزج بمن يتعامل معها في قضايا أمام المحاكم". وأقنعه هالي بأن يواصل الكتاب. وفي سبتمبر 1687 نشر المؤلف كله برعاية الجمعية الملكية ورئيسها آنئذ، صموئيل بيبيس. ولما كانت الجمعية في ضائقة مالية، فقد أنفق هالي على النشر بأكمله من جيبه الخاص، مع أنه لم يكن بالرجل الميسور. وهكذا، وبعد عشرين عاماً من الإعداد، ظهر أهم كتاب في علم القرن السابع عشر، كتاب لا يضارعه في عظم تأثيره في ذهن أوربا المثقفة سوى كتاب كوبرنيق في الدورات (1543)، وكتاب دارون في أصل الأنواع (1859). هذه الكتب الثلاثة هي أهم الأحداث في تاريخ أوربا الحديثة.
قصة الحضارة -ج33 ص241،عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> إسحاق نيوتن -> أصل نظرية الجاذبية
 
إسحاق نيوتن 1642-1727- وكتابه المبادئ "برنكيبا"
"فسرت عنوان الكتاب مقدمته:
"بما أن القدماء (كما يخبرنا بابوس) علقوا أهمية عظمى على علم الميكانيكا في بحثهم في الأشياء الطبيعية، وبما أن المحدثين، بعد أن نحو أشكال المادة (التي قال بها السكولاستيون) والصفات الغيبية، حاولوا إخضاع الظواهر الطبيعية لقوانين الرياضة، فقد طورت الرياضة في هذا البحث على قدر اتصالها بالفلسفة (الطبيعية)... وعليه فإنا نقدم هذا المؤلف على أنه المبادئ الرياضية للفلسفة، ذلك لأن كل معضلة الفلسفة هي في بحث قوى الطبيعة من ظواهر الحركة، ثم توضيح الظواهر الأخرى من هذه القوى".
أما وجهة نظر الكتاب فستكون ميكانيكية خالصة:
"وددت لو استطعنا استخلاص باقي الظواهر الطبيعية بنفس نوع الاستدلال من الأسس الميكانيكية، لأن مبررات كثيرة تحملني على الظن بأنها ربما كانت كلها تتوقف على قوى معينة تدفع بواسطتها جزيئات الأجسام بأسباب مجهولة إلى الآن بعضها نحو البعض، وتتماسك في أشكال منتظمة، أو تصد وتتراجع بعضها عن البعض، وإذ كانت هذه القوى مجهولة، فقد حاول الفلاسفة إلى الآن البحث في الطبيعة عبثاً، ولكني أرجو أن تلقي المبادئ الموضوعية هنا بعض الضوء على تلك الطريقة، أو على طريقة أصح، من طرق الفلسفة".
وبعد أن وضع نيوتن بعض التعاريف والبديهيات، صاغ ثلاثة قوانين للحركة:
1- كل جسم يبقى على حالته من حيث السكون أو الحركة المنتظمة في خط مستقيم ما لم يضطر إلى تغيير تلك الحالة بقوى واقعة عليه.
2- تغيير الحركة يتناسب مع القوة المحركة الواقعة، ويتم في اتجاه الخط المستقيم الذي تقع فيه تلك القوة.
3- كل فعل يقابله دائماً رد فعل مساو له.
أما وقد تسلح نيوتن بهذه القوانين، وبقانون التربيع العكسي فقد تقدم إلى صياغة مبدأ الجاذبية. وصورة المبدأ الحالية، وهي أن كل جزيء من المادة يجذب كل جزيء بقوة تتناسب تناسباً طردياً مع حاصل ضرب كتلتيهما وتناسباً عكسياً مع مربع البعد بينهما، هذه الصورة لا نجدها بهذا النص في أي موضوع في كتاب المبادئ، ولكن نيوتن أعرب عن الفكرة في التعقيب العام الذي ختم به الكتاب الثاني: "إن الجاذبية... تعمل... حسب كمية المادة الجامدة التي تحتويها (الشمس والكواكب)، وتنتشر قوتها على جميع الجهات... متناقضة أبداً بما يتناسب مع المربع العكسي للمسافات(33)". وقد طبق هذا المبدأ، وقوانينه في الحركة، على مدارات الكواكب، ووجد أن تقديراته الحسابية تتفق والمدارات الاهليلجية التي استنتجتها كبلر. وزعم أن الكواكب تحول عن حركاتها المستقيمة، وتحفظ في مداراتها، بقوة تميل صوب الشمس وتتناسب تناسباً عكسياً مع مربع أبعادها عن مركز الشمس. وعنى أساس مبادئ مماثلة فسر جذب المشتري لتوابعه، والأرض للقمر. وبين أن نظرية ديكارت في الدوامات باعتبارها الشكل الأول للكون لا يمكن التوفيق بينها وبين قوانين كبلر. وحسب كتلة كل كوكب، وقدر كثافة الأرض من خمسة إلى ستة أمثال كثافة الماء. (والرقم الحالي 5.5). وعلل رياضياً تفرطح الأرض عند القطبين، وعزا إنبعاجها عند الاستواء إلى قوة الشمس الجاذبة، ووضع رياضيات المد والجزر باعتبارهما راجعين إلى جذب الشمس والقمر الموحد للبحار، ويمثل هذا الفعل القمري-الشمسي فسر مبادرة نقطتي الاعتدالين، ورد مسارات المذنبات إلى مدارات منتظمة، وبهذا أيد نبوءة هالي. وقد صور كوناً أعظم تعقيداً من الناحية الميكانيكية مما ظن من قبل، لأنه نسب لجميع الكواكب والنجوم صفة الجذب، فأصبح الآن كل كوكب أو نجم بنظر إليه على أنه متأثر بكل كوكب أو نجم آخر. ولكن في هذا الحشد المعقد من الأجرام السماوية وضع نيوتن قانوناً يحكمه: فأبعد النجوم يخضع لذات الميكانيكا والرياضة اللتين يخضع لها أصغر الجزيئات على الأرض. إن رؤية الإنسان للقانون لم تغامر قط بالتحليق في الفضاء إلى مثل هذا البعد، ولا بمثل هذه الجرأة.
ونفدت الطبعة الأولى من "المبادئ" سريعاً، ولكن لم تظهر طبعة ثانية إلا في 1713. وعزت نسخه حتى أن عالماً نسخ الكتاب كله بيده(34). واعترف القراء بأنه عمل فكري من أرفع طراز، ولكن بعض ملاحظات النقد كدرت صفو الثناء عليه. فرفضت فرنسا النظام النيوتني لتشبثها بدوامات ديكارت، إلى أن عرضه فولتير في 1738 عرضاً ملؤه الإعجاب والتبجيل. واعترض كاسيني وفونتنيل بأن الجاذبية ليست سوى قوة أو صفة غيبية تضاف إلى القوى الماضية، وقالا أن نيوتن شرح بعض العلاقات بين الأجرام السماوية، ولكنه لم يكشف عن طبيعة الجاذبية، التي ظلت سراً خفياً كسر الله. وقال ليبنتز بأنه
ما لم يستطع نيوتن بيان المكنية التي تستطيع الجاذبية أن تؤثر بها، خلال فضاء يبدو فارغاً، في أجسام تبعد عنها ملايين الأميال، فإنه لا يمكن قبول الجاذبية على أنها شيء أكثر من مجرد كلمة(35).
ولم تحظ النظرية الجديدة بالقبول السريع حتى في إنجلترا. وزعم فولتير أن المرء كان بالجهد يجد عشرين عالماً يرضون عنها بعد أن نشرت لأول مرة بأربعين عاماً. وبينما شكا النقاد في فرنسا من أن النظرية ليست ميكانيكية بالقدر الكافي إذا قيست بدوامات ديكارت البدائية، كانت الاعتراضات عليها في إنجلترة في أغلبها دينية، فأسف جورج باركلي في كتابه "مبادئ المعرفة الإنسانية" (1710) لأن نيوتن يرى الفضاء والزمان والحركة مطلقة، سرمدية فيما يبدو، وموجودة مستقلة عن المساندة الإلهية. فالميكانيكية تطغى على النظام النيوتوني طغياناً لا يترك فيه مكاناً لله.
فلما وافق نيوتن بعد ما عهد فيه من تسويفات على أن يعد طبعه ثانية الكتاب، حاول أن يهدئ من ثائرة نقاده. فأكد لليبنتز والفرنسيين أنه لا يفترض قوة تعمل عن بعد خلال الفضاء الفارغ، وأنه يعتقد بوجود ناقل متخلل، رغم أنه لن يحاول وصفه صم اعترف بصراحة أنه لا يفقه طبيعة الجاذبية. وبهذه المناسبة كتب في الطبعة الثانية كلماته التي كثيراً ما ياء فهمها، وهي أنه "لا يضع فرضاً(36)" وأضاف "يجب أن تتسبب الجاذبية من عامل يعمل بثبات وفق قوانين معينة، ولكني أترك لقرائي النظر في هل هذا العامل مادي أو غير مادي(37)".
ورغبة في المزيد من الرد على الاعتراضات الدينية ألحق بالطبعة الثانية تعقيباً عاماً عن دور الله في نسقه. فقصر تفسيراته الميكانيكية على العالم المادي، ورأى حتى في ذلك العالم أدلة على وجود خطة إلهية، فالآلة الكبرى تتطلب مصدراً أول لحركتها، لا بد أن يكون هو الله، ثم إن في النظام الشمسي شذوذات في المسلك يصححها تعالى دورياً كلما ظهرت(38). ولكي يفسح نيوتن مجالاً لهذه التدخلات الخارقة نزل عن مبدأ عدم فناء الطاقة. وافترض الآن أن آلة العالم تفقد بعض طاقتها بمضي الوقت، وستفقدها كلها إن لم يتدخل الله ليرد لها قوتها(39). واختتم بهذه العبارة "إن هذا النظام البديع، نظام الشمس، والكواكب، والمذنبات، لا يمكن أن ينبعث إلا من مشورة كائن ذكي قوي ومن رحابه(40)". وأخيراً تحرك صوب الفلسفة يمكن أن تفسر بمعنى حيوي، أو تفسر بمعنى ميكانيكي قال:
"وقد نضيف الآن شيئاً يتصل بروح غاية في الدقة، روح تنتشر وتختفي في جميع الأجسام الكبيرة، وبقوتها وفعلها تتجاذب جزيئات الأجسام في المسافات القريبة،
وتتماسك إذا تجاوزت، وتعمل الأجسام الكهربية إلى أبعاد أعظم، فتصد وتجذب الجزيئات المجاورة، ويرسل الضوء، ويعكس، ويكسر، ويثني، ويسخن الأجسام، وكل إحساس يثار، وتتحرك أعضاء الأجسام الحيوانية بأمر الإرادة، أعني بتموجات هذه الروح، مبثوثة بالتبادل على خيوط الأعصاب المتينة، من أعصاب الحس الخارجة إلى المخ، ومن المخ إلى العضلات. على أن هذه أشياء لا يمكن تفسيرها في بضع كلمات، ثم أننا لم نزود بما يكفي من التجارب التي يتطلبها التقرير والإيضاح الدقيقان للقوانين التي تعمل وفقاً لها هذه الروح الكهربية المرنة(41)".
ترى ماذا كان إيمانه الديني الحقيقي؟ لقد تطلبت أستاذيته في كمبردج الولاء للكنيسة الرسمية، وكان يختلف بانتظام إلى الخدمات الكنسية الأنجليكانية. أما صلواته الخاصة فيقول فيها سكرتيره "لا أستطيع أن أقول عنها شيئاً، وأميل إلى الاعتقاد بأن دراساته المفرطة حرمته من النصيب الأفضل(42)". ومع ذلك فقد درس الكتاب المقدس بنفس الغيرة التي درس بها الكون. وقد أثنى عليه رئيس أساقفة بقوله "إنك تعرف من اللاهوت أكثر مما نعرف كلنا مجتمعين(43)" وقال لوك عن معرفته بالأسفار المقدسة "لست أعرف من أمثاله إلا القليلين(44)" وقد خلف كتابات لاهوتية يفوق حجمها كل مؤلفاته العلمية.
وقادته دراساته إلى نتائج أشبه بالأريوسية، وهي قريبة الشبه بنتائج ملتن، ومجملها أن المسيح وإن كان ابن الله إلا أنه ليس مساوياً لله الآب في الزمن أو القوة(45). وفيما عدا ذلك كان نيوتن، أو أصبح، مستقيم العقيدة تماماً. ويبدو أنه آمن بكل كلمة من كلمات الكتاب المقدس على أنها كلمة الله، وأنه قبل سفري دانيال ورؤيا يوحنا على أنهما الحقيقة بحذافيرها. لقد كان أعظم علماء عصره صوفيا نسخ في شغف فقرات طويلة من يعقوب بومي، وطلب إلى لوك أن يناقش معه معنى "الحصان الأبيض" الوارد في سفر الرؤيا. وقد شجع صديقه جون كريج على كتابه "الأسس الرياضية للاهوت المسيحي" (1699) الذي حاول أن يثبت بالرياضة تاريخ مجيء المسيح الثاني، والنسبة بين أقصى ما يمكن بلوغه من السعادة الأرضية وسعادة المؤمن التي يجزي بها في الفردوس(48). وقد كتب تعليقاً على سفر الرؤيا، وزعم أن المسيح الكاذب المتنبأ به في السفر هو بابا روما. لقد كان ذهن نيوتن مزيجاً جمع بين ميكانيكا جاليليو وقوانين كبلر وبين لاهوت بومي. ولن يطالعنا الزمان بمثله عن قريب.
قصة الحضارة ج33 ص 241-246،عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> إسحاق نيوتن -> كتاب المبادئ برنكيبا
 
قلت: كما الفلسفة العلمانية تلاعبت بالنظريات واتخذت الفروضات تكأة لها لدعم أقولها كذلك استخدمت المسيحية الرياضيات للتحديد الخائب للمجئ المزعوم الثاني للمسيح اللاهوتي!!
خرافات صديق لنيوتن!!
قال ديورانت
:"وقد شجع صديقه جون كريج على كتابه "الأسس الرياضية للاهوت المسيحي" (1699) الذي حاول أن يثبت بالرياضة تاريخ مجيء المسيح الثاني، والنسبة بين أقصى ما يمكن بلوغه من السعادة الأرضية وسعادة المؤمن التي يجزي بها في الفردوس(48). وقد كتب تعليقاً على سفر الرؤيا، وزعم أن المسيح الكاذب المتنبأ به في السفر هو بابا روما.
قصة الحضارة ج33 ص 246،عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> إسحاق نيوتن -> كتاب المبادئ برنكيبا
 
موت نيوتن
إسحاق نيوتن 1642-1727-لوك ونيوتن وفولتير يحكي!
:"وتخللت حياته العملية عام 1692 سنتان من المرض الجسمي والعقلي. فقد كتب إلى بيبيس ولوك رسائل يشكو فيها من الأرق والسوداء، ويعرب على مخاوف الاضطهاد، ويتحسر على فقده "تماسك ذهنه القديم(47)". وفي 16 سبتمبر 1693 كتب إلى لوك يقول:
سيدي: إن ظني أنك حاولت توريطي في علاقات نسائية وبطرق أخرى أثر في نفسي تأثيراً شديداً، حتى أنني أجبت حين أخبرني أحدهم بأنك مريض ولن تعيش، بأن من الخير أن تموت. وأود أن تغتفر لي هذه القسوة لأنني الآن مقتنع بأن ما فعلته صواب، وأسألك الصفح عن إساءتي الظن بك في هذا الأمر، وعن قولي أنك أصبت الفضيلة في الصميم بمبدأ وضعته في كتاب "الأفكار" الذي ألفته، ونويت أن تواصله في كتابه آخر، وعن أنني حسبتك خطأ من أنصار هوبز. كذلك أسألك الصفح عن قولي أو ظني بأن هناك خطة لبيعي منصباً، أو لتوريطي... وأني خادمك الخاضع المنكود الحظ ... وكان لوك، وبيبيس، وغيرهما من أصدقاء نيوتن قد فاوضوا حيناً للحصول له على منصب حكومي يخرجه من سجن حجرته ومختبره في كمبردج. وفي عام 1695 أقنعوا اللورد هاليفاكس بأن يعرض عليه وظيفة أمين دار سك النقود. ولم تكن الوظيفة شرفية ولا صدقة، إذ أرادت الحكومة أن تفيد من علم نيوتن بالكيمياء والمعادن في ضرب عملة جديدة. ففي 1695 انتقل إلى لندن، حيث عاش مع ابنة أخته كاترين بارتون، خليلة هاليفاكس(52). وقد خيل إلى فولتير أن افتتان هاليفاكس ببنت الأخت هذه حمل هاليفاكس وهو وزير للخزانة على أن يعين نيوتن مديراً لدار سك النقود في 1699(53)، ولكن هذه الشائعة لا تكاد تفسر استمرار نيوتن في شغل ذلك المنصب طوال الثمانية والعشرين عاماً الباقية له في أجله، وشغله على نحو حاز الرضاء العام.
وكان خليقاً بشيخوخته أن تكون سعيدة. فقد كرمته الدولة بوصفه أعظم العلماء الأحياء، ولم يحظ رجل من رجال العلم حتى وقتنا هذا بمثل ما حظي به من ثناء عريض. وقد انتخب رئيساً للجمعية الملكية عام 1703، وظل ينتخب سنوياً بعد ذلك حتى وفاته. وفي عام 1705 خلعت عليه الملكة آن لقب الفروسية. وحين ركب عربته مخترقاً شوارع لندن تفرس الناس برهبة في وجهه الوردي، وقد فاض جلالاً وطيبة تحت لمة من الشعر الأبيض. ولم يستطيعوا طوال الوقت أن يلحظوا أنه قد عرض بأكثر مما يتناسب مع طوله المتواضع. وكان يستمتع براتي طيب بلغ 1.200 جنيه في العام، وقد استثمر مدخراته بحكمة حتى أنه خلف عند وفاته 32.000 جنيه(54)، رغم سخائه في الهدايا والصدقات. وقد أفاق من خسارته في انهيار شركة "ساوث سي". على أنه كان منقلب المزاج، وأحياناً سريع الغضب سيئ الظن، كتوماً، ودائماً شديد التهيب رغم كبريائه(55). كان يجب اعتزال الناس ولا يصنع الأدقاء بسهولة. وفي عام 1700 عرض الزواج على أرملة غنية، ولكن العرض لم يسفر عن نتيجة، ولم يتزوج قط. وإذ كان عصبي المزاج. حساساً بشكل مرضي، فقد كان لا يطيق النقد إلا متألماً، ويغتاظ منه غيظاً شديداً، ويرد الصاع صاعين في الجدل. وكان يعرف قدر عمله وكفايته، ولكنه عاش عيشاً متواضعاً إلى أن أتاح له راتبه ومدخراته أن يستخدم ستة خدم ويستمتع بمكان مرموق في المجتمع اللندني.
فلما بلغ التاسعة والسبعين بدأ يرد دينه للطبيعة. فأصابته الأمراض التي لا تقيم للعبقرية وزناً-حصاة المثانة وسلس البول، وحين بلغ الثالثة والثمانين أصيب بالنقرس، وفي الرابعة والثمانين بالبواسير. وفي 19 مارس 1727 اشتدت به آلام الحصاة حتى فقد وعيه. ولم يفق قط، ومات في الغد وقد بلغ الخامسة والثمانين...ولم يملك فولتير عواطفه، حتى في شيخوخته، وهو يروي كيف شاهد، أثناء منفاه في إنجلترا، رياضياً يدفن بمظاهر تكريم الملوك(56).
وبلغ صيت نيوتن ذرى أشرفت على السخف. فقد ليبنتز أن إسهامات منافسه في الرياضة تعدل في قيمتها كل المؤلفات السابقة في ذلك العلم(57). وذهب هيوم إلى أن نيوتن "أعظم وأندر عبقري ظهر ليشرف النوع الإنساني ويعلمه(58)" ووافقه فولتير في تواضع(59). ووصف لجرانج كتاب المبادئ بأنه "أعظم إنتاج أنتجه الذهن البشري"، وضمن له لابلاس إلى الأبد "مكان الصدارة على جميع إنتاجات العقل البشري"، وأضاف أن نيوتن أوفر الناس حظاً، لأنه ليس هناك سوى كون واحد، وليس سوى مبدأ مطلق واحد له، وقد اكتشف نيوتن ذلك المبدأ(60). ومثل هذه الأحكام لا ثبات لها، لأن "الحقيقة" حتى في العلم، تذبل كالزهرة.
قصة الحضارة ج33 ص 246-249،عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> إسحاق نيوتن -> الأصيل
 
إسحاق نيوتن 1642-1727- وكتابه المبادئ "برنكيبا"(2)
ووحدة الكون ولكن تخديم خلاصات نيوتن للعلمانية بسرعة هائلة وخلق "مواقع" علمانية في كل مكان وفتح مجالات !!!
قال ديورانت
:"وقد خشي اللاهوتيين لأول وهلة من تأثير كتاب "المبادئ" على الدين، ولكن محاضرات بويل التي ألقاها بنتلي (1692)، بتشجيع من نيوتن، حولت النظرة الجديدة إلى العالم إلى تأييد الإيمان، لأنها أكدت على وحدة الكون ونظامه وعظمته الواضحة أدلة على حكمة الله وقوته وجلاله. على أن هذا النسق النيوتوني ذاته قبله الربوبيون على أنه يدعم إيمانهم، وهو القبول البسيط لإله واحد، أو حتى اعتبار الله واحداً هو والطبيعة وقوانينها، بدلاً من اللاهوت المسيحي. وأغلب الظن أن تأثير نيوتن النهائي في الدين كان ضاراً، فقد افترض أحرار الفكر أنه برغم تأكيداته، وملايين الكلمات التي احتوتها كتاباته اللاهوتية، أنه تصور عالماً قائماً بنفسه، وأنه أدخل الإله فيه فكرة لاحقة معزية. وفي فرنسا على الأخص شجعت كونيات نيوتن، رغم عرض فولتير لها عرضاً ربوبياً، إلحاد الكثيرين من "الفلاسفة" إلحاداً يقوم على ميكانيكية الكون.
وفي الفترة بين اضمحلال نظرية ديكارت في نشأة الكون في فرنسا (حوالي 1740) وظهور نظريات النسبية وميكانيكا الكم في القرن العشرين، لم يصادف "نسق العالم" النيوتوني أي تحد خطير، وبدا مؤيداً من كل تقدم أو كشف في الفيزياء أو الفلك.
قصة الحضارة ج33 ص 250،عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> إسحاق نيوتن -> الأصيل
 
قال نيوتن أخيراً "لست أعلم كيف أبدو للعالم، ولكني أبدو لنفسي وكأنني صبي يلعب على شاطئ البحر، ألهو بين الحين والحين بالعثور على حصاة أملس أو صدفة أجمل من العادة، بينما ينبسط محيط الحقيقة العظيم مغلق الأسرار أمامي".
قال ديورانت
:"فالفرق بين الفيزياء القديمة والحديثة يمكن أن نتجاهله مطمئنين. وللفلاسفة-الذي شفاهم التاريخ من اليقينية-أن يحتفظوا بارتيابة متواضعة من نحو الأفكار المعاصرة، بما في ذلك أفكارهم هم، وسوف يحسون نسبية متدفقة في صيغ النسبية، وسوف يذكرون كل المنقبين في الذرات والنجوم بتقدير نيوتن النهائي لإنجازه الخطير: "لست أعلم كيف أبدو للعالم، ولكني أبدو لنفسي وكأنني صبي يلعب على شاطئ البحر، ألهو بين الحين والحين بالعثور على حصاة أملس أو صدفة أجمل من العادة، بينما ينبسط محيط الحقيقة العظيم مغلق الأسرار أمامي(64)".
قصة الحضارة ج33 ص 251،،عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> إسحاق نيوتن -> الأصيل
 
عقلانية المسلمين التجريبية (اللتي نبعت من نصوص الوحي القرآني) تصل إنجلترا قديما ويتأثر بها هوبز أيضاً!
توماس هوبز 1588 - 1679 -علاقته بفرانسيس بيكون وفلسفة المسلمين التجريبية
من "المؤثرات التي شكلت شخصيته "
قال ديورانت عن توماس هوبز، الإنجليزي، تحت عنوان "المؤثرات التي شكلت شخصيته "
"ولد هوبز في 5 إبريل 1588...ولم يجد في الفلسفة التي تدرس هناك إلا قليلاً مما يروقه، فتسلى بقراءات خارج المنهج المقرر، وتعرف بطريق مباشر على الآداب الإغريقية واللاتينية. ولما تخرج في سن العشرين أسعده الحظ ليكون معلماً خاصاً لوليم كافندش الذي أصبح أرل ديفو نشير الثاني. وقد ثبت أن الحماية التي بسطتها عليه هذه الأسرة كانت ذات قيمة كبيرة له أيام هرطقته. وفي 1610 طاف في صحبة تلميذه بأرجاء القارة. وعند عودته أشتغل لبعض الوقت سكرتير لفرنسيس بيكون، وربما أسهمت هذه الخبرة المثيرة في تكوين فلسفته التجريبية بكل ما في هذه الكلمة من معنى.
قصة الحضارة ج34 ص3، عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> الفلسفة الإنجليزية -> توماس هوبز
 
كما دعم الفيلسوف العلماني هيجل الملك بروسي حاكما مطلقا كذلك دعم الفيلسوف العلماني الملكية
:"وعندما نشبت الحرب الأهلية في إنجلترا (1642) أسس المهاجرون الملكيون لأنفسهم مستعمرة في فرنسا، وربما أخذ هوبز عنهم مزيداً من التعاطف مع الملكية، فإنه لمدة عامين (1646slash1748) اشتغل بتدريس الرياضيات لأمير ويلز المنفي، الملك شارل الثاني فيما بعد. وجاءت حركة الفروند ضد لويس الرابع عشر في فرنسا- وكانت مثل الثورة في إنجلترا، تهدف إلى الحد من سلطة الملك- فأكدت اقتناعه بأن الملكية المطلقة وحدها هي التي يمكن أن تحافظ على الاستقرار والأمن الداخلي.
وفي بطء شديد وصل هوبز إلى صياغة محددة واضحة لفلسفته. ويقول أوبري: "أنه سار طويلاً وأعمل الفكر وتأمل، وكان في رأس عصاه قلم ومحبرة، وكان يحمل في جيبه دائماً كراسة، حتى إذا عرضت له فكرة، فسرعان ما كان يدونها على الفور حتى لا تضيع(3)" وأصدر سلسلة من التأليف الأقل قيمة ، التي ليس لها الآن ذكر، ولكنه- في 1651 جمع كل أفكاره في كتاب يجمع بين طرافة الفكر والأسلوب وعدم المبالاة، هو "لواياثان" (التنين) أو "المادة والشكل"، و "سلطة الدولة دينية ومدنية" (التنين) أو "المادة في تاريخ الفلسفة، وجدير بنا أن نتوقف عنده في شيء من التروي.
قصة الحضارة ج34 ص4،> عصر لويس الرابع عشر -> المغامرة الفكرية -> الفلسفة الإنجليزية -> توماس هوبز
 
عودة
أعلى