التاريخ المحسوس لحضارة الإسلام وعصور اوروبا المظلمة من قصة الحضارة لديورانت أ. طارق منينة

فضل عاهرة البلاط على فولتير!!
إمرأة تدهش الرجال -بل النساء أيضاً!-في فرنسا بعهرها
صالون العاهرة أصبح يهرع اليه كبار الفلاسفة العلمانيين بل إن الملك نفسه غار وطلبها(لويس الرابع عشر)
قال ديورانت
:"وكان القوم يحتقرون البغاء إذا تجرد من الكياسة، ولكن امرأة كنينون دلانكلو، جملته بالأدب والظرف، استطاعت أن تحظى بشهرة تداني شهرة الملك... وقرأت مونتيني وشارون، بل قرأت ديكارت، وأخذت عن أبيها تشككه. وقد جعلت مناقشتها حول الدين في فترة لاحقة دسفينييه ترتعد(78). قالت نينون "إذا احتاج إنسان إلى دين ليسلك في هذه الدنيا كما ينبغي، فتلك علامة إما على ضيق عقله، أو على فساد قلبه"(79). وكان من الجائز أن تخلص من ذلك إلى ضرورة الدين لجميع الناس تقريباً، ولكنها بدلاً من هذا انزلقت إلى البغاء وهي لا تتجاوز الخامسة عشرة (1635). وقالت في استهتار "إن الحب عاطفة لا تنطوي على أي التزام خلقي(80)" فلما خلعت العذراء وجهرت بفوضاها الجنسية، أمرت آن النمساوية بحبسها في دير للنساء. وروى أنها فتنت راهبات الدير بظرفها وحيويتها، واستمتعت بحبسها كأنها فرصة للاستجمام. وفي 1657 أفرج عنها بأمر الملك.
لقد كان فيها ما هو أكثر كثيراً من مجرد المحظية، حتى إنها سرعان ما ضمت إلى لفيف المعجبين بها عدداً كبيراً من أبرز الرجال في فرنسا، ومنهم نفر من الحاشية(81)، من الملحن لولى إلى كونديه العظيم ذاته. وأقبل الرجال من خارج فرنسا يلتمسون ودها. قالت "لم يتشاجر علي عشاق قط، فقد كانوا يثقون في قلبي، وكان كل منهم ينتظر دوره(83)".
وفي 1657 افتتحت صالوناً، ودعت إليه رجال الأدب والموسيقى والفن والسياسة والحرب، وأحياناً زوجاتهم، وأذهلت باريس بما أبدت من ذكاء لا يقل عن ذكاء أي امرأة في جيلها أو ذكاء أكثر الرجال، فلقد طالعهم فيها عقل مينيرفا من خلف وجه فينوس. يقول فيها قاض صارم هو سان- سيمون:"كان من المفيد لإنسان أن تستقبله في صالونها نظراً إلى الاتصالات التي يكونها عن هذا الطريق. ولم يدر في صالونها أي لعب للقمار، ولا ضحك عالٍ، ولا مجادلات، ولا حديث في الدين أو السياسة، بل دار الكثير من الحديث الذكي الرشيق...وأنباء الغرام، ولكن دون فضح أو تشهير. كان كله حديثاً مهذباً خفيفاً محسوباً، وكانت هي نفسها تغذي الحديث بذكائها وعلمها الغزير(84)".
وأخيراً أثارت فضول الملك نفسه، فطلب إلى مدام دمانتينون أن تدعوها إلى القصر، واستمع إليها من وراء ستار، فافتتن بها، وكشف لها عن وجوده وقدم نفسه إليها. وكانت في هذه الفترة (1677؟) قد كسبت ما يشبه الاحترام، وخلعت عليها أمنتها البسيطة وأياديها الكثيرة سمعة أشرف، فكان الرجال يودعون لديها المبالغ الكبيرة مطمئنين، واثقين دائماً من إمكان استردادها حين يشاءون، ولاحظت باريس كيف كانت نينون تزور الشاعر سكارون كل يوم تقريباً حين أقعده الشلل، وكيف كانت تأتيه بأطايب الطعام التي يعجز عن دفع ثمنها.
ولقد عمرت بعد أصدقائها كلهم تقريباً، حتى سانت إفريمون التسعيني، الذي كانت رسائله التي يبعث بها من إنجلترا عزاء لشيخوختها. كتبت له تقول: أحياناً أضيق بعمل نفس الأشياء دائماً، ويعجبني السويسريون الذين يلقون بأنفسهم في النهر لهذا السبب(85)". وكانت تضيق بالتجاعيد. "إذا كان لزاماً أن يبتلي الله المرأة بالغضون، فأولى به على الأقل أن يضعها على باطن قدمها(86)". فلما دنت منيتها، تنافس اليسوعيون، والجانسنيون على شرف هدايتها للإيمان، فاستسلمت لهم في لطف، وماتت في أحضان الكنيسة (1705)(87). ولم تترك في وصيتها سوى عشرة إيكوات لجنازتها، حتى تكون أبسط ما يستطاع، ولكن "أطلب في تواضع إلى المسيو آرويه"- وهو وكيلها- "أن يسمح لي بأن أترك لابنه، الذي يتلقى العلم عند اليسوعيين، ألف فرنك ليشتري بها كتباً(88)". واشترى الابن الكتب، وقرأها، وأصبح فولتير. إن أروع السحر الذي توج هامة المجتمع الفرنسي هو أن حافز الجنس امتد إلى الذهن، وأن النساء تنبهن ليضفن الذكاء إلى الجمال. وأن الرجال روضن النساء على السلوك المؤدب، والذوق السليم، والحديث المهذب؛ وفي هذا كان القرن (الممتد من 1660 إلى 1760) في فرنسا أوج الحضارة.
قصة الحضارة ج31 ص48-51، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الشمس تشرق -> الآداب والأخلاق
 
لاتظنوا أن الروايات لاتعبر عن واقعها(غالبا!) موليير يعبر عن عصر لويس الرابع عشر والعلمانيين العرب يفتخرون به وينشرون رواياته على حساب الشعب الفقير !
عهر الرجال والنساء معا(فرنسا عصر لويس الرابع عشر)
:"وكاد الرجال يفاخرون بغرامياتهم مفاخرتهم بمعاركهم الحربية. أما المرأة فتشعر أنها مهجورة منبوذة إذا لم يلاحقها الرجال سوى زوجها، وكان بعض الخائنين من الزواج يغضون عن خيانات زوجاتهم. يقول شخص في مسرحية لموليير: "أفي الدنيا كلها بلد آخر يبلغ فيه صبر الأزواج مبلغه في هذا البلد(76)؟" في هذا المناخ الكلبي نشأت أمثال لاروشفوكو. وكان القوم يحتقرون البغاء إذا تجرد من الكياسة
قصة الحضارة ج31 ص48، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الشمس تشرق -> الآداب والأخلاق
 
صالونات فرنسا وموليير(النصف الأخير من القرن ال17)
:"وفي الغرفة الزرقاء بالأوتيل درامبوييه كان أول الصالونات يسطع ببهائه الأخير. أمه كونديه وإن لم يلمع فيه، وأمه كورنبي، ولاروشفوكو، والسيدتان لافاييت ودسفينيه، ودوقة لونجفيل، والجراند مدموازيل. هناك أرست النساء المتحذلقات Les Femmes Pr(cienses قواعد السلوك الدقيق والحديث المصقول. ولكن حرب الفروند قطعت هذه اللقاءات، ورحلت مدام درامبوييه إلى الريف، مع أن "أوتيلها" (قصرها) فتح بعد ذلك أبوابه ثانية لعبقري فرنسا (موليير)، فإن باكورة تمثيلياته Les Pr(cieuses Ridicules (المتحذلقات المضحكات) (1659) كانت ضربة قاضية عليه. وطوى أول الصالونات المشهورة بموت مؤسسته في 1665. وواصلت هذا التقليد صالونات أخرى، في بيوت السيدات دلا سابليير، ودلامبير، ودسكوديري- وآخرهن أشهر كتاب الرواية في هذا العصر، وأولاهن امرأة جذبت الرجال بحسنها رغم حبها للفيزياء، والفلك، والرياضة، والفلسفة. في صالونات كهذه زكت النساء العالمات Femmes Savantes اللائي أثرن سخرية موليير في 1672. ولكن كل هجاء ليس إلا نصف الحقيقة، ولعل موليير في لحظاته الفلسفية كان يقر بحق النساء في أن يشاركن في حياة جيلهن الفكرية. فنساء فرنسا، أكثر حتى كم كتابها وفنانيها، هن تاج حضارتها، والمفخرة العظمى لتاريخها.
قصة الحضارة ج31 ص51،52،، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الشمس تشرق -> الآداب والأخلاق
 
شهوة الدخول على لويس الرابع عشر الذي قاد الحرب المسيحية على هولندا وبقية الاراضي المنخفضة المسيحية!
:"لقد عاون الملك وبلاطه على تحضير فرنسا. وفي 1664 كان البلاط يضم نحو ستمائة شخص: الأسرة المالكة، وكبار النبلاء، والمبعوثين الأجانب، والخدم والحشم. وقد زاد العدد في أوج اكتمال فرساي إلى عشرة آلاف من الأنفس(91)، ولكن هذا العدد شمل الأعيان الذين اختلفوا إلى القصر بين الحين والحين، وجميع المرفهين والأتباع، والفنانين والمؤلفين الذين وقع عليهم اختيار الملك ليكافئهم. وأصبحت الدعوة إلى البلاط شهوة لا تفوقها غير شهوة الطعام والجنس
قصة الحضارة ج31ص52، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الشمس تشرق -> بلاط الملك
 
بلاط لويس الرابع عشر..الزنا والقمار!
"وفي 1664 كان البلاط يضم نحو ستمائة شخص: الأسرة المالكة، وكبار النبلاء، والمبعوثين الأجانب، والخدم والحشم. وقد زاد العدد في أوج اكتمال فرساي إلى عشرة آلاف من الأنفس(91)، ولكن هذا العدد شمل الأعيان الذين اختلفوا إلى القصر بين الحين والحين، وجميع المرفهين والأتباع، والفنانين والمؤلفين الذين وقع عليهم اختيار الملك ليكافئهم ...أما أخلاقيات البلاط فكانت الزنا المحتشم، والإسراف في اللباس والقمار، والدسائس العنيفة جرياً وراء الصيت والمنصب، وهذا كله يخطو على إيقاع من السلوك الخارجي الدمث، والآداب الرشيقة...وأفنى الأشراف ونساؤهم نصف دخل ضياعهم في الثياب والخدم والأثاث، وكان على أقلهم شأناً أن يستخدم أحد عشر خادماً ومركبتين، أما الأثرياء فكان لهم من الأتباع خمسة وسبعون في بيوتهم، ومن الخيل أربعون في مرابطهم(93). وفقد الزنا سحره بعد أن لم يعد محظوراً، فغدا لعب الورق للمقامرة أهم ضروب الترفيه في البلاط. وهنا أيضاً كان لويس القدوة لحاشيته، فقامر بمبالغ كبيرة، تستحثه إلى ذلك خليلته مونتسبان، التي خسرت وكسبت أربعة ملايين من الفرنكات في لعب ليلة واحدة(94). وسرى هذا الهوس من البلاط إلى الشعب. كتب لابرويير يقول: "إن الألوف يخربون بيوتهم بالقمار، وهو لعبة رهيبة...ينوي لاعبها القضاء المبرم على غريمه، وينتشي بشهوة الكسب(95)".
قصة الحضارة ج31 ص52،53، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الشمس تشرق -> بلاط الملك
 
بلاط (2) لويس الرابع عشر..التسابق نحو الجحيم!
:"وقد أفضى التنافس على الحظوة عند الملك، أو على وظيفة مجزية، أو على مكان في الفراش الملكي، إلى جو من الشبهات، والافتراءات، وتبادل الخصومات الحادة. قال لويس "في كل مرة أعين إنساناً في وظيفة شاغرة، أسخط مائة شخص، وأجعل شخصاً ناكراً للجميل(96)". وكان القوم يتشاجرون على أمكنة الصدارة في المائدة، أو على القيام على خدمة الملك، وحتى سان- سيمون أقلقه الخوف من أن يتقدمه دوق لكسمبرو خمس خطوات في أحد المواكب، وقد اضطر لويس إلى نفي ثلاثة أدواق من البلاط لأنهم أبوا أن يقدموا على أنفسهم أمراء أجانب. وكان الملك شديد الاحتفال بالبروتوكول، وقد عبس مرة حين وجد على مائدة الغداء سيدة عاطلاً من اللقب تتقدم دوقة في مجلسها(97). ولا ريب في أن ضرباً من الترتيب المقرر كان ضرورياً لمنع ستمائة من الأنفس المغرورة المزهوة بأسباب التشريف من أن يدوس بعضها على أقدام بعض، وقد أثنى الزوار على ذلك المظهر المتسق الذي بدت فيه الحاشية الضخمة. ومن قصور الملك، واستقبالاته، وحفلات ترفيهه، سرى دستور للإتيكيت، ومعايير للسلوك والذوق، إلى الطبقتين العليا والوسطى، وأصبحت هذه كلها جزءاً من التراث الأوربي.
قصة الحضارة ج31 ص53،54، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الشمس تشرق -> بلاط الملك
 
غض الطرف عن عشيقات لويس الرابع عشر
:"لم يكن لويس بالرجل الخليع الفاجر، وعلينا أن نذكر دائماً ونحن في معرض الحديث عن الملوك حتى إلى قرننا هذا، أن العرف اقتضاهم أن يضحوا بميولهم الشخصية ليعقدوا زيجات منفعة سياسية للدولة، ومن ثم كان المجتمع-والكنيسة أحياناً كثيرة-يغضان إذا التمس الملك متعة الجنس وشاعرية الغرام عن الرباط الزوجي.
قصة الحضارة ج31 ص57،54، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الشمس تشرق -> بلاط الملك
 
حرب الثمانين عاماً..الحرب العقيم بتعبير ديورانت
:"وأسبانيا أضعفها نضوب ذهبها ورجالها في ثمانين عاماً من الحرب العقيم التي خاضتها في الأراضي المنخفضة.
قصة الحضارة ج31 ص69، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الشمس تشرق -> الملك يمضي إلى الحرب
 
الخطة(1) الإستعمارية الفرنسية لأوروبا في ذهن لويس الرابع عشر ملك فرنسا
والحرب على هولندا وبلجيا من فرنسا
:"وبدا للملك الشاب الذي يتملقه رجاله قد آن الأوان لتبلغ فرنسا حدودها الجغرافية الطبيعية-وهي الراين، والألب، والبرانس، والبحر.
فليبدأ بالراين إذن. لقد كان الهولنديين يتسلطون عليه، فلا بد إذن من إخضاعهم، ثم ردهم بعد قليل إلى العقيدة التي كانت حليفاً للملوك طوال ألف عام. فإذا بسطت فرنسا سلطتها على مصاب النهر العظيم الكثيرة دانت لها مل أرض الراين، وبسطت على نصف التجارة الألمانية. ولكن الأراضي المنخفضة الأسبانية (بلجيكا) تقف عقبة في الطريق، فلا بد إذن أن تفتحها.
قصة الحضارة ج31 ص69، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الشمس تشرق -> الملك يمضي إلى الحرب
 
الخطة(2) الإستعمارية الفرنسية لأوروبا في ذهن لويس الرابع عشر ملك فرنسا
والحرب على هولندا وبلجيا من فرنسا
قال ديورانت
:"فلنترك مذكرات الملك لاعب الشطرنج هذا يميط اللثام عن دوافعه:
"لقد أتاح لي موت ملك أسبانيا وحرب الإنجليز مع الهولنديين (1665) في وقت واحد فرصتين لخوض الحرب: محاربة أسبانيا سعياً وراء حقوق آلت إلي، ومحاربة إنجلترا دفاعاً عن الهولنديين... وسرني أن أرى في خطة هاتين الحربين ميداناً فسيحاً قد يتيح لي فرصاً عظيمة للتفوق. وكان الكثيرون من الرجال البواسل، الذين آنست فيهم التفاني في خدمتي، يتوسلون إلي على الدوام أن أهيئ لهم الفرصة لإظهار بسالتهم...يضاف إلى هذا أنني مادمت مضطراً على أية حال للاحتفاظ بجيش كبير، فإنه انفع لي أن القي به في الأراضي المنخفضة من أن أطعمه على حسابي...وتحت ستار الحرب مع إنجلترا أستطيع ترتيب قواتي وهيئة مخابراتي (أي جهاز الجاسوسية) لأبدأ مغامرتي في هولندا بنجاح أعظم(124)".
تلك هي النظرة الملكية إلى الحرب، فقد تجعل الحرب بلد الملك أعظم مساحة وأكثر أمناً أو أوفر دخلاً، وقد تفتح طرق الشهرة والمنعة، وقد تتيح منصرفات للغرائز المتصارعة، وقد تيسر للجيش الغالي النفقة أن يطعم على غذاء بلد أجنبي، وقد تحسن موقف الدولة في الحرب القادمة. أما عن أرواح البشر التي ستحصدها الحرب، فإن الناس لابد أن يموتوا على أية حال وما أسخف أن يموت الرجل حتف أنفه، ويقضي بعلة بطيئة طويلة، وأي ميتة أفضل للرجل من الموت في خدار المعركة على ساحة المجد، وفي سبيل الوطن؟
وعليه ففي 24 مايو 1667 عبرت الجيوش الفرنسية إلى الأراضي المنخفضة الأسبانية. فلم تصادف مقاومة فعالة
قصة الحضارة ج31 ص70،71، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الشمس تشرق -> الملك يمضي إلى الحرب
 
إحتلال الفرنسيين (بأمر لويس الرابع عشر، القرن 17) لبلجيكا يتبعه الإحتلال لهولندا وتقاسم البلاد بين الملوك!
:"وعليه ففي 24 مايو 1667 عبرت الجيوش الفرنسية إلى الأراضي المنخفضة الأسبانية. فلم تصادف مقاومة فعالة، وكان عدد الفرنسيين 55.000 مقاتل، والأسبان 8.000. وما لبث الملك أن دخل شارلروا، وتورنيه، وكورتريه، ودويه، وليل، وكأنه يدخلها في موكب نصر؛ وحصن فوبان المدن المفتوحة، أما لوفوا فقد جهز المؤن في كل خطوة؛ حتى الصحاف الفضية للضباط في معسكراتهم أو خنادقهم. وضمت إلى فرنسا أرتوا، وإينو، وفلاندر الولونيه، واستغاثت أسبانيا بالإمبراطور ليوبولد الأول، فعرض لويس على ليوبولد قسمة الإمبراطورية الأسبانية فيما بينهما، ووافق ليوبولد، فأمسك أي معونة عن أسبانيا. وبلغ من سهولة فتح فلاندر أن لويس هرع للاستيلاء على فرانش-كونتيه أيضاً، وهو الإقليم الواقع حول بزانسون، بين برجندية وسويسرا. وكان ولاية تتبع أسبانيا، ولكنه شوكة في جنب فرنسا. وفي فبراير 1668 هبط جيش فرنسي عدته عشرون ألف مقاتل على فرانش-كونتيه بقيادة كونديه، وحالفه النصر في كل مكان، لأن الرشا الفرنسية كانت قد ألانت القواد المحليين. وقاد لويس بنفسه حصار دول، فسقطت بعد أربعة أيام. ولم تنقضِ ثلاثة أسابيع حتى استسلمت فرانش-كونتيه كلها. فقفل إلى باريس مكللاً بالغار.
ولكنه كان قد أفسد على نفسه الأمر بتجاوزه الحدود، ذلك أن "الأقاليم المتحدة" أقنعت السويد وإنجلترا بالانضمام إليها في حلف ثلاثي ضد فرنسا (يوليو 1668) وتبينت الدول الثلاث أن حريتها السياسية أو التجارية ستذوي إذا امتد سلطان فرنسا إلى الراين. ورأى لويس أنه تعجل السير إلى هدفه؛ ذلك أن الاتفاق السري الذي أبرمه مع ليوبولد كان ينص على أن تؤول إلى فرنسا كل الأراضي المنخفضة وفرانش-كونتيه عند موت شارل الثاني ملك أسبانيا، وبدا أنه لن ينقضي عام أو نحوه حتى يموت شارل العليل، فلعله كان خيراً لفرنسا أن تتريث حتى تقع الثمرة في حجرها بهدوء. وعرض لويس شروط الصلح على الحلف وأقنع دبلوماسيوه المحنكون إنجلترا والسويد، فأنهيت حرب الوراثة الأسبانية بمقتضى معاهدة إكس- لا- شابل (2 مايو 1668) وردت فرنسا فرانش- كونتيه إلى أسبانيا، ولكنها احتفظت بشارلروا، ودويه، وتورنيه، وأودينارد، وليل، وآرمانتيير؛ وكورتريه. وهكذا استبقى لويس لنفسه نصف الغنيمة.
قصة الحضارة ج31 ص70-72، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الشمس تشرق -> الملك يمضي إلى الحرب
 
الغرض ل لويس الرابع عشر كان الوصول ل هولندا
:"ولكنه في 1672 عاود زحفه على الراين، وتكشف الآن هدفه الحقيقي- وهو هولندا لا فلاندر. وسنلقي بنظرة على هذه المأساة في فصل لاحق من زاوية الهولنديين، وحسبنا القول بأن الهجوم كاد يصل إلى أمستردام ولاهاي قبل أن يقفه فتح سدود البحر. ولكن أوربا ثارت مرة أخرى على هذا التهديد الجديد لتوازن القوى. ففي أكتوبر 1672 انضم الإمبراطور ليوبولد إلى الأقاليم المتحدة وبراندنبورج في "حلف عظيم"، وانضمت إليه أسبانيا واللورين في 1673، ثم الدنمرك والبالاتينات ودوقية برنزويك-لونيبورج في 1674، وفي ذلك العام أكره البرلمان الإنجليزي ملكه الموالي لفرنسا على إبرام الصلح مع الهولنديين.
قصة الحضارة ج31 ص72،، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الشمس تشرق -> الملك يمضي إلى الحرب
 
الخراب على الراين
لويس الرابع عشر ، يفعل كما فعل في حرب الثلاثين عاما، وحرب الثمانين عاما، إنه الخرراب(القرن ال17)
قال ديورانت وهو يصف زحف الفرنسيين على بلجيكا وهولندا والراين!
:"وتكرر على طوال الراين ذلك الخراب الذي أحدثه من قبل حرب الثلاثين"
قصة الحضارة ج31 ص72،، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الشمس تشرق -> الملك يمضي إلى الحرب
 
الاستيلاء على بقية المدن في الأراضي المنخفض، لويس الرابع عشر ينتشي، والفرنسيون يحتلفون
قال ديورانت
:"واضطلع لويس الآن بالحملة في الأراضي المنخفضة، فحاصر فالنسيبن، وكامبري، وسانتومير، وغنت، وإيبر، واستولى عليها كلها (1677-78). وهللت فرنسا لملكها قائداً مظفراً."
قصة الحضارة ج31 ص73،،، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الشمس تشرق -> الملك يمضي إلى الحرب
 
من الجوع أكل الفرنسيون الخبز المصنوع من ثمر البلوط والجذور، وجيشهم يستعمر بلاد كاملة !!
وذلك قبل الدخول في القرن الثامن عشر بربع قرن تقريبا، أدت حروب لويس الرابع عشر الفرنسية على أجزاء من أوروبا إلى مجاعات في شعبه!!
قال ديورانت
:"(1677-78). وهللت فرنسا لملكها قائداً مظفراً.
ولكن العبء الذي أثقل به كاهل شعبه لم يعد محتملاً. فنشبت الثورات في بوردو وبرتني، وكان الفلاحون في جنوب فرنسا يتضورون جوعاً، والشعب في الدوفينيه يقتات على الخبز المصنوع من ثمر البلوط والجذور(125)
قصة الحضارة ج31 ص73،، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الشمس تشرق -> الملك يمضي إلى الحرب
 
الجوع الفرنسي جند يساعد الهولنديين!!
والثورات الداخلية في فرنسا والجوع اديا إلى أن يعقد لويس الرابع عشر اتفاقية تنازل عن مدن إحتلها
:"عرض الهولنديون على لويس الصلح وقع معهم معاهدة (11 أغسطس 1678) ردت بمقتضاها للأقاليم المتحدة جميع الأراضي التي استولت عليها فرنسا منها، وخفضت الرسوم التي أقصت المنتجات الهولندية عن فرنسا. وفد عوض عن هذه التنازلات بإلزام أسبانيا، التي تفككت الآن أوصالها، بأن تتخلى له عن فرانش-كونتيه، واثنتي عشرة مدينة دفعت بحدود فرنسا الشمالية الشرقية إلى داخل الأراضي المنخفضة الأسبانية. واحتفظت فرنسا بمقتضى معاهدة مع الإمبراطور بمدينتين استراتيجيتين هما برايزاخ وفرايبورج-ايم-برايسجاو، وبقيت الألزاس واللورين في قبضتها. وكانت هاتان المعاهدتان-نيميجن (1678-79) وسان-جرمان-آن-ليه (1679) نصراً للأقاليم المتحدة، ولكنهما لم تكونا هزيمة للويس، فلقد فاز على الإمبراطورية وأسبانيا، ووصل في أماكن-هنا وهناك-إلى الراين الذي طالما اشتهى الوصول إليه.
قصة الحضارة ج31 ص73،، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الشمس تشرق -> الملك يمضي إلى الحرب
 
كان العثمانيون يزحفون فإنصرف إليهم لويس الرابع عشر بعد أن قاومه الهولنديون وأرغموه على معاهدة تنازل عن بعض المدن، لكنه كان يراوغ بالمعاهدة التي امضاها في (11 أغسطس 1678)
:"على أنه احتفظ بجيشه الضخم رغم هذا الصلح، موقناً أن الجيش القائم قوة تعزز الدبلوماسية. واستناداً إلى تلك القوة من ورائه، واستغلالاً مخزياً لانصراف الإمبراطور إلى قتال العثمانيين الزاحفين، أنشأ في الألزاس، وفرانش-كونتيه، وبرايسجاو "غرفاً لإعادة الاتحاد"، تطالب ببعض مناطق الحدود التي كانت تمتلكها فيما مضى، واحتل الجنود الفرنسيون هذه المناطق، وأغريت مدينة ستراسبورج العظيمة، التي لين موظفيها إغداق الرشا عليهم، بأن تعترف بلويس ملكاً عليها (1681).
قصة الحضارة ج31 ص73،، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الشمس تشرق -> الملك يمضي إلى الحرب
 
لويس الرابع عشر (قبل القرن الثامن عشر ب20 عاما) يقذف مدن بلجيكية بالمدافع بلا تمييز ، انتقاما من اسبانيا التي تلكأت في تسليم تلك المدن له!!!
:"(1681). وفي نفس العام، وبوسائل مماثلة، أغرى دوق ميلانو بأن ينزل لفرنسا عن مدينة كازالي وحصنها، وكانت تتحكم في الطريق بين سافوا وميلانو . فلما تلكأت أسبانيا في تسليم مدن الأراضي المنخفضة، أرسل لويس جيوشه من جديد إلى فلاندر وبرابانت، وتغلب على المقاومة بقذفه البلاد بالمدافع دون تمييز، وابتلع في طريقه دوقية لكسمبورج (يونيو 1684). واعترفت أسبانيا والإمبراطور مؤقتاً بهذه الفتوح بمقتضى هدنة ريجنسبورج (15 أغسطس)، لأن العثمانيين كانوا يحاصرون فيينا آنئذ. وبفضل تحالفه مع ناخب كولونيا مد لويس في الواقع سلطته إلى الراين. فتحقق بهذا جزء من طموح فرنسا للوصول إلى حدودها الطبيعية.
قصة الحضارة ج31 ص73،74، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الشمس تشرق -> الملك يمضي إلى الحرب
 
الشعب الفرنسي يحتفل بانتصارات لويس الرابع عشرر واحتلاله لدول اوروبية كاملة
:"ذلك كان الأوج الذي بلغه "الملك الشمس". فلم يحدث أن ظفرت فرنسا بمثل هذا الاتساع في الرقعة ولا بمثل هذه السطوة منذ عهد شارلمان. وأقيمت المهرجانات الضخمة الغالية احتفالاً بانتصارات الملك. ولقبه مجلس باريس رسمياً بلويس العظيم. (1680) ورسمه لبرون في صورة إله على أقبية فرساي، وزعم لاهوتي أن انتصارات لويس أثبتت وجود الله(127). أما جماهير الشعب فقد مجدت حاكمها وسط فقرها المدقع، وتاهت فخراً بمنعته الواضحة، وأطراه حتى الأجانب، لأنهم رأوا في حملاته شيئاً من المنطق الجغرافي، وحياة الفيلسوف لايبنتز "ذلك الملك العظيم الذي هو مفخرة زماننا غير منازع، والذي ستتوق الأجيال القادمة إلى نظيره عبثاً(128)"، وإلى الشمال من جبال الألب والبرانس، وإلى الغرب من الفستولا، بدأت أوربا المثقفة تتحدث بلغته وتقلد بلاطه وفنونه وأساليبه. لقد بلغت الشمس الأوج.
قصة الحضارة ج31 ص74، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الشمس تشرق -> الملك يمضي إلى الحرب
 
هذا هو الملك لويس الرابع عشر قبل حلول القرن الثامن عشر فماذا كان حال الكنيسة معه من دعم وتاييد وأي كنيسة هي أو أي ديانة مسيحية ولأي سبب كانت تريد غزو هولندا وبلجيكا؟
فمن المعلوم كما قال ديورانت أن " صحن الكنيسة الظليل يربح هنيهة من وطيس الصراع"
(قصة الحضارة ج31 ص75، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> بوتقة الإيمان -> الملك والكنيسة)
لنرى ماذا كان الأمر!
 
يرسم لنا ديورانت الصوررة العامة للكاثوليكية الفرنسية، للأساقفة ورؤساء الأساقفة في كواليس عالم السياسة الفرنسية ل لويس الرابع عشر في فرنسا فيقول:"
وعرف كبار الأكليروس الكاثوليك أهميتهم في معجزة النظام، وشاركوا النبلاء والملك موارد الأمة وبهاء البلاط. وخالط الأساقفة ورؤساء الأساقفة في ألفة مهذبة أعلام القوم من طراز كونديه، ومونبنسييه، وسفينييه، وداعب المئات من الآباء-أنصاف المكرسين، أنصاف المتزوجين-داعبوا النساء والأفكار. على أنه يمكن القول بوجه عام أن عقلية رجال الأكليروس الكاثوليك وأخلاقهم كانت خيراً مما عهدناه خلال قرون قبل ذلك، ربما بحافز من منافسة القساوسة الهيجونوت(1).
(قصة الحضارة ج31 ص75،76، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> بوتقة الإيمان -> الملك والكنيسة)
 
اليسوعيون الكاثوليك ف خدمة الملك الدموي لويس الرابع عشر في فرنسا أثناء حروبه على الأراضي الواطئة المنخفضة وهولندا
:"ودخل اليسوعيون دخولاً أنشط في حياة فرنسا وتاريخها. كانوا في بداية القرن السابع عشر موضع توجس وريبة باعتبارهم مدافعين عن قتل الملك، أما في نهاية القرن فقد كانوا كهنة اعتراف ومرشدين للملك-ثم أنهم كانوا خبراء في علم النفس.
(قصة الحضارة ج31 ص76، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> بوتقة الإيمان -> الملك والكنيسة)
 
اليسوعيون الكاثوليك حول الملك لويس الرابع عشر الكاثوليكي!
، وماذا قال فولتير التنويري(!!) عن كاهن لويس
قال ديورانت
:"وصدم هذا التراخي اليسوعي مع العالم والجسد مشاعر هيجونوت فرنسا الذين ورثوا دستور كالفن الخلقي الصارم. وقامت حركة قوية داخل الكاثوليكية ذاتها-وهي الجانسنية-فرفعت في دير البور-رويال لواء أخلاقية شبه كالفنية، في حرب مناهضة لليسوعيين أهاجت فرنسا والأب الفرنسي قرناً كاملاً. وجرت هذه الحرب لويس الرابع عشر إلى معركة، لأن كهنة اعترافه كانوا يسوعيين وتطبيقه للدين لم يكن متزمتاً. وفي 1674 اضطلع الأب لاشيز بالإشراف على ضمير الملك، وقد وصفه فولتير بأنه "رجل هادئ الطبع يسهل عنده التوفيق دائماً.(4)" وقد شغل المركز اثنين وثلاثين سنة، غفر خلالها كل شيء وحظي بمحبة كل إنسان. وقد قال لويس عنه "بلغ من طيبته أنني كنت أحياناً ألومه عليها(5)". ولكنه بطريقته الهادئة الصابرة كان له تأثير بالغ على الملك، وأعان على توجيهه إلى الاقتصار على امرأة واحدة آخر المطاف، وإلى طاعة البابا.
ذلك أن لويس لم يكن دائماً "بابوياً" صادقاً. كان متديناً على طريقته الرسمية، وندر أن قصر في حضور القداس اليومي(6). قال لولده في مذكراته:
"...واصلت تدريبات التقوى التي نشأتني عليها أمي، من جهة لأشكر الله على كل الحظ الطيب الذي نلته، ومن جهة لأكسب محبة شعبي...والحق يا بني أننا لا نفتقر إلى عرفان الجميل والإنصاف فحسب، بل إلى الحكمة والفطنة أيضاً، حين نقصر في عبادته تعالى، الذي لسنا إلا نواباً له. وما خضوعنا له إلا القاعدة والمثل للخضوع الذي نستحقه(7)".
على أن هذا لم يشمل الخضوع للبابوية. ذلك أن لويس ورث التقليد "الغالي" بمقتضى تفويض بورج البرجماتي (1483) وكونكوردا فرنسوا الأول (1516)-ذلك التقليد الذي اقر حق ملوك فرنسا في تعيين أساقفة فرنسا ورؤساء أديارها، وتحديد دخولهم، والتعيين في جميع الوظائف الكنسية ذات الدخول في الفترة بين موت الأسقف وتنصيب خلفه. وقد آمن لويس أنه خليفة لله أو ممثله في فرنسا، وأن خضوعه للبابا (بوصفه هو أيضاً خليفة لله) يجب أن يقصر على شؤون العقيدة والأخلاق، وأن على رجال الأكليروس الفرنسيين أن يطيعوا الملك في كل أمر يتصل بالدولة الفرنسية.
(قصة الحضارة ج31 ص77،78، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> بوتقة الإيمان -> الملك والكنيسة)
 
الجانسنيون (فرقة مسيحية) صاروا في أيام فولتير أشد تعصباً من البابوية(81)
:"فلما مات لويس الرابع عشر، كان في فرنسا من الجانسنيين أكثر مما كان فيها في أي عهد مضى(80).
ويصعب علينا اليوم أن نفهم لم انقسمت أمة، وثارت ثائرة ملك، حول مشاكل عويصة تتصل بالنعمة الإلهية، والجبرية، وحرية الإرادة، ولكننا ننسى أن الدين كان له يومها ما للسياسة الآن من أهمية وخطر. وكانت الجانسنية الجهد الأخير الذي بذلته النهضة الأوربية في فرنسا، والانتفاضة الأخيرة للعصور الوسطى. ونحن إذا تأملناها في منظور التاريخ بدت لنا رجعية لا تقدماً. بيد أن تأثيرها في عدة نواحٍ كان تقدمياً. فقد كافحت حيناً في سبيل قسط من الحرية-وإن كنا سنجدها في أيام فولتير أشد تعصباً من البابوية(81). وحدت من شطط الإفتاء الديني. وكانت غيرتها على الأخلاق ثقلاً نافعاً أمام سياسة التراخي في أمور الاعتراف، تلك السياسة التي ربما شاركت في تدهور الأخلاق الفرنسية. كذلك كان تأثيرها التعليمي طيباً، وكانت "المدارس الصغيرة" التي أسستها خير المدارس في زمانها. وظهر تأثيرها الأدبي لا في بسكال وحده بل في كورنبي باعتدال، وفي راسين بحيوية، وهو تلميذ البور-رويال ومؤرخه.
قصة الحضارة ج31 ض110، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> بوتقة الإيمان -> ألبور رويال 1656
 
كان لويس الرابع عشر (الحاكم المطلق بالحق الإلهي(المزعوم) لايعين في مناصب الدولة إلا الكاثوليك
انظر قصة الحضارة ج31 ص112، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> بوتقة الإيمان -> الملك والهيجونوت
 
مجامع فرنسية كاثوليكية لتحريم الزواج من الفرق المخالفة للكاثوليكية (الهيجونوت مثالاً) في عصر لويس الرابع عشر(القرن ال17) وإعتبار الأولاد غير شرعيين!!
ثم "هجمات كاثوليكية على المدارس والجنازات والبيوت البروتستنتية، وأعمال انتقام بروتستنتية من نفس النوع"
تناغم التعصب بين رؤية الملك لويس الرابع عشر والباباوية"فقد وجد رجال الدين يقدمون له منحاً كبيرة شريطة أن يقبل آراءهم" !!
:"وفي 1652 أكد لويس مرسوم نانت (1598) الذي أصدره جده الرابع، وفي 1666 أعرب عن تقديره لولاء الهيجونوت خلال حرب الفروند، ولكن كان يحزنه ألا تتحقق وحدة فرنسا الدينية كما تحققت وحدتها السياسية، وحوالي 1670 كتب في مذكراته فقرة تنذر بالسوء:
"أما عن ذلك العدد الكبير من رعاياي الذين يدينون بما يسمونه المذهب الإصلاحي، وهو شر...أنظر إليه بحزن...فيخيل إلي أن أولئك الذي أرادوا استعمال ضروب عنيفة من العلاج لم يفطنوا إلى طبيعة هذا الشر، الذي نجم بعضه عن حرارة في العقول، والذي يجب أن يترك ليذوي ويموت دون أن يحس به أحد، بدلاً من أثارته من جديد بمثل هذه المقاومات العنيفة...وقد آمنت بأن خير سبيل للخفض من عدد الهيجونت في مملكتي تدريجياً هو أولاً عدم الضغط عليهم إطلاقاً بأي قيد صارم جديد، والأمر بمراعاة ما حصلوا عليه من أسلافي دون منحهم أكثر منه، وحتى قصر تنفيذه داخل أضيق الحدود التي تجيزها العدالة واللياقة(28)".
وفي هذه الفقرة رائحة التعصب المخلص. وهذا رأي ملك مطلق السلطة، أخذ عن بوسويه شعار "ملك واحد، وقانون واحد، وعقيدة واحدة". فلم يعد ذلك التسامح الذي دان به ريشليو الذي كان يعين لمناصب الدولة الرجال الأكفاء أياً كانت عقيدتهم. ويواصل لويس حديثه فيقول إنه لن يعين في هذه المناصب سوى الكاثوليك الصالحين، آملاً بذلك أنه سيشجع المرتدين على الرجوع إلى حظيرة الكاثوليكية. أما الكنيسة نفسها فلم تكون قد وافقت قط على التسامح الذي نقله مرسوم نانت، ففي 1655 طالب مجمع اكليريكي بتفسير أشد صرامة للمرسوم. وفي 1660 طلب مجمعهم إلى الملك أن يغلق جميع الكليات والمستشفيات الهيجونوتية، وأن يحرم الهيجونت من الوظائف العامة، وفي 1670 أوصى المجمع بأن يعتبر الأطفال الذين بلغوا السابعة من عمرهم قادرين قانونياً على إنكار الهرطقة الهيجونوتية، وأن الذين ينكرونها على هذا النحو ينبغي فصلهم عن آبائهم، وفي 1675 طالب المجمع بأن يعلن بطلان الزيجات المختلطة، وأن يعتبر نسل هذه الزيجات غير شرعي(83). وكان رأي بعض رجال الدين الورعين اللطفاء مثل الكاردينال دبيرول أن استخدام الدولة لوسائل المنع بالإكراه هو السبيل العملي الوحيد في التعامل مع البروتستنتية(84)، وألح الحبر تلو الحبر على الملك بهذه الحجة، وهي أن استقرار حكومته يرتكز على النظام الاجتماعي، الذي يرتكز على الفضيلة، التي تنهار إذا لم يدعمها دين الدولة. وشارك العلمانيون الكاثوليك في هذه الحجة، وأبلغ القضاة الحكومة عن صدمات مكدرة للأمن بين المذهبين المتنافسين في المدن-هجمات كاثوليكية على المدارس والجنازات والبيوت البروتستنتية، وأعمال انتقام بروتستنتية من نفس النوع.
وشيئاً فشيئاً أذعن لويس لهذه الحملة مخالفاً في ذلك فطرته الأميل إلى الخير، وإذ كان على الدوام في حاجة للمال ينفقه على الحرب والأناقة، فقد وجد رجال الدين يقدمون له منحاً كبيرة شريطة أن يقبل آراءهم. ودفعته عوامل أخرى في نفس الاتجاه، فلقد كان يشجع-بل يرشو-تشارلز الثاني لكي يحول إنجلترا إلى الكاثوليكية، فكيف يتأنى في الوقت ذاته أن يسمح بالبروتستنتية في فرنسا؟ ألم يوافق البروتستنت في صلح أوجزبورج (1555) وبعده على المبدأ القائل بأن دين الحاكم يجب أن يفرض على رعاياه؟ وألم ينفِ الحكام البروتستنت في ألمانيا وفي الأقاليم المتحدة الأسر التي رفضت ديانة الأمير؟
قصة الحضارة ج31 ص111،112، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> بوتقة الإيمان -> الملك والهيجونوت
 
(مهم )بشاعة الاضطهاد (1) الكاثوليكي والإمعان في الإذلال من المسيحي-للمسيحي!!
اضطهاد الكاثوليك للهيجونوت بأوامر لويس الرابع عشر وحملات الخيالة تقوم بدورها (فرنسا عصر الملك الفرنسي لويس الرابع عشر)
من طرق التعذيب"يصبون الماء المغلي في حلوقهم...، ويضربون أقدامهم، وينتفون لحاهم...، ويحرقون أذرع مضيفيهم وسيقانهم بلهيب الشموع...، ويكرهونهم بأن يقبضوا على الجمر الملتهب بأيديهم...، ويحرقون أرجل الكثيرين بإمساكها طويلاً أمام نار كبيرة...ويلزمون النساء بأن يقفن عرايا في الطريق يحتمان هزء المارة وإهاناتهم...وزج بالذكور من الهيجونوت المعاندين في سجون تحت الأرض أو زنزانات غير مدفأة. أما نساء الهيجونوت الممعنات في العناد فقد حبسن في الأديار حيث لقين على غير توقع المعاملة الرحيمة من الراهبات"
والنص كاملا من كلام ديورانت
:"أما الكنيسة نفسها فلم تكون قد وافقت قط على التسامح الذي نقله مرسوم نانت، ففي 1655 طالب مجمع اكليريكي بتفسير أشد صرامة للمرسوم. وفي 1660 طلب مجمعهم إلى الملك أن يغلق جميع الكليات والمستشفيات الهيجونوتية، وأن يحرم الهيجونت من الوظائف العامة، وفي 1670 أوصى المجمع بأن يعتبر الأطفال الذين بلغوا السابعة من عمرهم قادرين قانونياً على إنكار الهرطقة الهيجونوتية، وأن الذين ينكرونها على هذا النحو ينبغي فصلهم عن آبائهم، وفي 1675 طالب المجمع بأن يعلن بطلان الزيجات المختلطة، وأن يعتبر نسل هذه الزيجات غير شرعي(83). وكان رأي بعض رجال الدين الورعين اللطفاء مثل الكاردينال دبيرول أن استخدام الدولة لوسائل المنع بالإكراه هو السبيل العملي الوحيد في التعامل مع البروتستنتية(84)، وألح الحبر تلو الحبر على الملك بهذه الحجة، وهي أن استقرار حكومته يرتكز على النظام الاجتماعي، الذي يرتكز على الفضيلة، التي تنهار إذا لم يدعمها دين الدولة. وشارك العلمانيون الكاثوليك في هذه الحجة، وأبلغ القضاة الحكومة عن صدمات مكدرة للأمن بين المذهبين المتنافسين في المدن-هجمات كاثوليكية على المدارس والجنازات والبيوت البروتستنتية، وأعمال انتقام بروتستنتية من نفس النوع.
وشيئاً فشيئاً أذعن لويس لهذه الحملة مخالفاً في ذلك فطرته الأميل إلى الخير، وإذ كان على الدوام في حاجة للمال ينفقه على الحرب والأناقة، فقد وجد رجال الدين يقدمون له منحاً كبيرة شريطة أن يقبل آراءهم. ودفعته عوامل أخرى في نفس الاتجاه، فلقد كان يشجع-بل يرشو-تشارلز الثاني لكي يحول إنجلترا إلى الكاثوليكية، فكيف يتأنى في الوقت ذاته أن يسمح بالبروتستنتية في فرنسا؟ ألم يوافق البروتستنت في صلح أوجزبورج (1555) وبعده على المبدأ القائل بأن دين الحاكم يجب أن يفرض على رعاياه؟ وألم ينفِ الحكام البروتستنت في ألمانيا وفي الأقاليم المتحدة الأسر التي رفضت ديانة الأمير؟ وكان لويس، منذ أن بدأ حكمه الفعلي قد أصدر-أو أصدر وزراؤه بموافقته-سلسلة من المراسيم التي اتجهت إلى إلغاء مرسوم التسامح إلغاءً تاماً. ففي 1661 حرم على البروتستنت العبادة في معظم مقاطعة جكس، قرب الحدود السويسرية، بحجة أن جكس ضمت إلى فرنسا بعد صدور المرسوم، وكان يعيش في هذا الإقليم سبعة عشر ألف بروتستنتي، وأربعمائة كاثوليكي فقط(85). وفي 1664 جعلت الترقية إلى طبقة معلمي الحرف في الطوائف الصناعية عسيرة إلا على الكاثوليك(86)، وفي 1665 سمح للصبيان في الرابعة عشر والبنات في الثانية عشر بقبول اعتناق الكاثوليكية وترك آبائهم، الذين يلزمون عندها بأن يدفعوا لهم راتباً سنوياً لإعالتهم(87). وفي 1666 حظر على الهيجونت إنشاء كليات جديدة، أو الاحتفاظ بمعاهد لتعليم أبناء الأشراف، وفي 1669 تقرر اعتبار هجرة الهيجونوت جريمة يعاقب عليها المهاجر بالاعتقال إذا وقع في قبضة السلطات ومصادرة بضائعه(88). وكان كل من ساعد هيجونوتياً على الهجرة عرضة للحكم بتشغيله في سفن الأسرى مدى الحياة(89). وفي 1677 سمح لويس بوقف "صندوق للمهتدين" تصرف منه مبالغ، متوسطها ستة جنيهات للفرد، لكل هيجونوتي يقبل اعتناق الكاثوليكية. وضماناً لثبات المهتدين على الكاثوليكية أصدر مرسوماً (1679) يقضي بنفي جميع المرتدين ومصادرة أملاكهم(90). ثم قطع هذا السبيل من التحريمات احتجاج ناخب براندنبورج وشكاوى كولبير مما تحدثه هذه القوانين بالتجارة من كساد، واشتغال الملك بحملاته الحربية، ولكن تصالحه في 1681 مع الكاثوليكية، الآمرة بالاقتصار على امرأة واحدة، رده من جديد إلى الحرب المقدسة على الهيجونوت؛ فقال أحد مساعديه إنه يشعر "بالتزام لا مناص منه بهداية جميع رعاياه واستئصال شأفة الهرطقة(91)". وفي 1682 أصدر خطاباً-وأمر جميع الرعاة البروتستنت بأن يقرءوه على شعبهم-يهدد فيه الهيجونوت "بويلات لا تقاس بما سبقها هولاً وفتكاً(92)". وخلال السنوات الثلاث التالية أغلقت 570 كنيسة من كنائس الهيجونوت البالغ عددها 815، وهدم الكثير منها، وحين حاول الهيجونوت العبادة على أنقاض كنائسهم المهدمة عوقبوا باعتبارهم عصاة متمردين على الدولة.
وكانت حملات الخيالة Dragonnades قد بدأت خلال هذا، فقد كان من العادات القديمة في فرنسا أن يسكن الجنود في الكومونات أو البيوت وعلى حسابها. واقترح لوفوا وزير الحرب على الملك (11 إبريل 1681) إعفاء معتنقي الكاثوليكية الجدد عامين من هذا الإيواء للجند، فأصدر الملك الأمر، وعلى هذا أمر لوفوا المديرين العسكريين لإقليمي بواتو وليموزان بأن ينزلوا خيالتهم مساكن الهيجونوت، لا سيما الأثرياء منهم. وفي بواتو سمح المرشال مارياك لجنوده بأن يفهموا أنه لم يسوءه أن يعاملوا مضيفيهم البواسل بشيء من الغيرة الرسولية، وراح الجند يسرقون الهيجونوت ويضربونهم ويهتكون أعراضهم، فلما سمع لويس بهذا الشطط وبخ مارياك، ولما استمر طرده من وظيفته(93). وفي 19 مايو أمر بوقف هداية الهيجونوت بطريق إيواء الخيالة، وشجب أعمال العنف التي ارتكبت في بعض الأماكن ضد دعاة الإصلاح البروتستنتي(94). وأبلغ لوفوا المديرين الإقليميين بأن لهم أن يواصلوا حملات الخيالة، ولكنه نبههم إلى ضرورة حجب كل معلومات عن هذا الأمر عن الملك. وانتشرت حملات الخيالة في أرجاء كثيرة من فرنسا، فأدخلت في الكاثوليكية آلافاً من المهتدين. وأنكرت مدن وأقاليم-كمونبيلييه، ونيم، ووبيان-مذهبها الكالفني على بكرة أبيها، وتظاهر أغلب الهيجونوت باعتناق الكاثوليكية بعد أن أرهبهم الأمر، ولكن الألوف هجروا بيوتهم وأملاكهم وهربوا عبر الحدود أو وراء البحر متحدين القوانين. وأبلغ لويس لأنه لم يبق بفرنسا غير قلة قليلة من الهيجونوت، وأن مرسوم نانت أصبح بلا معنى. وفي 1684 التمست الجمعية العامة للاكليروس من الملك إلغاء المرسوم كلية، و"توطيد ملك يسوع المسيح غير منازع من جديد في فرنسا"(95). وفي 17 أكتوبر 1685 ألغى الملك مرسوم ثابت باعتباره مرسوماً لا لزوم له في فرنسا التي تدين كلها بالكثلكة. فحظر منذ ذلك التاريخ على الهيجونوت إقامة شعائرهم أو فتح مدارسهم، وصدر الأمر بهدم كل أمكنة العبادة الهيجونوتية وتحويلها كنائس كاثوليكية، وأمر رجال الدين الهيجونوت بالرحيل عن فرنسا في ظرف أربعة عشر يوماً، ولكن هجرة غيرهم من الهيجونوت حرمت وإلا كان عقاب المهاجرين تشغيلهم في سفن الأسرى مدى الحياة. ووعد المخبرون بنصف بضائع المهاجرين العلمانيين(96). وقضى بأن يعمد جميع الأطفال المولودين في فرنسا بواسطة القساوسة الكاثوليك وأن يربوا على المذهب الكاثوليكي، ووعدت فقرة أخيرة بالسماح للقلة الباقية من الهيجونوت بأن يسكنوا بعض المد آمنين. ونفذت المادة من باريس وضواحيها، وحمى رئيس الشرطة التجار الهيجونوت هناك وطمأنهم، ولم يكن هناك حملات خيالة في باريس أو قربها، وكان في وسع المراقص أن تمضي في فرساي، وفي وسع الملك أن ينام مطمئناً مرتاح الضمير، ولكن حملات الخيالة استمرت في كثير من الأقاليم بتحريض من لوفوا(97)، وتعرض الهيجونوت المعاندون للنهب والتعذيب. يقول الحجة الفرنسي الأكبر في إلغاء مرسوم نانت:
"لقد أذن للجنود أن يقترفوا كل جريمة إلا القتل. فكانوا يكرهون الهيجونوت على الرقص حتى يدركهم الإعياء، ويقذفون بهم في البطاطين إلى أعلى، ويصبون الماء المغلي في حلوقهم...، ويضربون أقدامهم، وينتفون لحاهم...، ويحرقون أذرع مضيفيهم وسيقانهم بلهيب الشموع...، ويكرهونهم بأن يقبضوا على الجمر الملتهب بأيديهم...، ويحرقون أرجل الكثيرين بإمساكها طويلاً أمام نار كبيرة...ويلزمون النساء بأن يقفن عرايا في الطريق يحتمان هزء المارة وإهاناتهم. وقد أوثقوا مرة أماً مرضعاً إلى عمود سرير وأمسكوا برضيعها بعيداً عنها وهو يصرخ في طلب ثديها، فلما فتحت فاها لتتوسل إليهم بصقوا فيه(98)". ويرى ميشليه أن إرهاب 1685 المقدس هذا كان أشنع كثيراً من إرهاب عصر الثورة في 1793(99). وقد أكره نحو 4000.000 من "المهتدين" على حضور القداس وتناول القربان، وحكم على الذين بصقوا قطع القربان المكرسة بعد مغادرتهم الكنيسة بالحرق أحياء(100). وزج بالذكور من الهيجونوت المعاندين في سجون تحت الأرض أو زنزانات غير مدفأة. أما نساء الهيجونوت الممعنات في العناد فقد حبسن في الأديار حيث لقين على غير توقع المعاملة الرحيمة من الراهبات(101).
قصة الحضارة ج31 ص112-116، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> بوتقة الإيمان -> الملك والهيجونوت
 
بشاعة الاضطهاد (2) الكاثوليكي والإمعان في الإذلال من المسيحي-للمسيحي!!
تحت ظروف الإكراه من الكاثوليك للهيجونوت (تحت قيادة الكنيسة والملك لويس الرابع عشر) بدأ قادة الهيجونت يزعمون أنهم يتلقون الوحي مباششرة عن الله وأن الساعة قد إقتربت(كما يفعل شهود يهوه اليوم، قد صدر لي كتابين عنهم عام 1997،1998)
قال ديورانت:"ويرى ميشليه أن إرهاب 1685 المقدس هذا كان أشنع كثيراً من إرهاب عصر الثورة في 1793(99). وقد أكره نحو 4000.000 من "المهتدين" على حضور القداس وتناول القربان، وحكم على الذين بصقوا قطع القربان المكرسة بعد مغادرتهم الكنيسة بالحرق أحياء(100). وزج بالذكور من الهيجونوت المعاندين في سجون تحت الأرض أو زنزانات غير مدفأة. أما نساء الهيجونوت الممعنات في العناد فقد حبسن في الأديار حيث لقين على غير توقع المعاملة الرحيمة من الراهبات(101)... وفي أودية سلسلة جبال السيفين في اللانجدوك احتفظ الألوف من الهيجونوت "المهتدين" بإيمانهم سراً، مترقبين الوقت والفرصة للتحرر. وقد أكد لهم "أنبياءهم" الذين ادعوا الوحي الإلهي بأن الوقت قد
قصة الحضارة ج31 ص112-116، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -
> بوتقة الإيمان -> الملك والهيجونوت اقترب"
تعليق
يكاد كتابي الثالث عن شهود يهوه(فرقة مسيحية تبدلت عقائدها وفشلت مواعيدها في نهاية العالم مرات ومرات) أن يكتمل وهذه النصوص الخاصة بالمواعيد والخيبات، ستدخل فيه!
 
نزوح المصطهدون الهيجونوت من فرنسا للدول المجاورة(أيام لويس الرابع عشر وهو يقوم بإضطهادهم بمعونة الكنيسة) ثم مشاركتهم مع هولندا وانجلترا في الحرب ضد بلدهم فرنسا أو بالأحرى ضد الحاكم المطلق لبلدهم
:"واستقبلهم ناخب براندنبورج استقبالاً ودياً حتى أن أكثر من خمس سكان برلين في 1697 كانوا فرنسيين وفتحت لهم هولندا أبوابها وبنت مئات البيوت لإيواء الوافدين وأقرضتهم المال ليقيموا مصالحهم وكفلت لهم كل حقوق المواطنة، وانظم الكاثوليك الهولنديون إلى البروتستنت واليهود في جمع المال إعانة الهيجونوت. ولم يكتف اللاجئون الشاكرون بإثراء الصناعة والتجارة في الأقاليم المتحدة، بل إنهم تطوعوا في الجيوش الهولندية والإنجليزية التي خاضت القتال ضد فرنسا، ورافق بعضهم وليم الثالث أو تبعه إلى إنجلترا ليساعدوه على جيمس الثاني. أما المرشال شومبيرج الكلفني الفرنسي الذي أحرز انتصارات للويس الرابع عشر من قبل فقاد جيشاً إنجليزياً ضد الفرنسيين ومات وهو يهزمهم في معركة البوين (1660). وفي كل بلد من هذه البلاد المضيافة جلب الهيجونوت مهاراتهم في الحرف والتجارة والمال، وأفادت أوربا البروتستنتية كلها من انتصار الكاثوليكية في فرنسا...واستنكرت قلة من الكاثوليك الفرنسيين سراً تلك المذابح التي رافقت إلغاء
المرسوم، وأمدوا كثيراً من الضحايا بالمعونة وقدوا لهم الملجأ خفية. ولكن الكثرة العظمى هللت للقضاء على الهيجونت باعتباره قمة إنجازات الملك
قصة الحضارة ج31 ص116،117، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> بوتقة الإيمان -> الملك والهيجونوت
 
همجية الاضطهاد الرهيبة بتعبير ديورانت ودموية شعب ونزقه رغم فقره!
الأساقفة الفرنسيون يصدرون القرارات بإضطهاد الهيجونت والقضاء عليهم في ظل الحاكم المطلق لفرنسا وتداعيات اقتصادية هائلة نتيجة ذلك!
الملك لويس الرابع عشر
:"واستنكرت قلة من الكاثوليك الفرنسيين سراً تلك المذابح التي رافقت إلغاء المرسوم، وأمدوا كثيراً من الضحايا بالمعونة وقدوا لهم الملجأ خفية. الكثرة العظمى هللت للقضاء على الهيجونت باعتباره قمة إنجازات الملك، وقالوا أن فرنسا أصبحت الآن، في النهاية، بلداً كاثوليكياً موحداً. وأثنى كبار الكتاب أمثال بوسيه وفنيلون ولافونتين ولابروبير، حتى الأب الجانسني آرنو، على شجاعة الملك في تنفيذ ما خالوه إرادة الأمة. وكتبت مدام دسفينييه تقول "ليس هناك أبدع ولا أروع. ولم يصنع ملك ولن يصنع شيئاً أخلد من هذا(102)". أما لويس نفسه فأسعده أن يكمل-كما خيل إليه-عملاً ثقيلاً ولكنه مقدس. يقول سان سيمون:-
"لقد آمن أنه جدد عهد تبشير الرسل الأولين. وكتب الأساقفة المدائح التي تشيد به، وجعل اليسوعيون المنابر تتغنى بالثناء عليه...ولم يكن يسمع غير الإطراء بينما كان الكاثوليك والأساقفة الأتقياء الصادقون يئنون بالروح إذ يرون الكاثوليك السنيين ينحرفون إلى الخطأ، والمهرطقين يسلكون مسلك الطغاة الخوارج، والوثنيين يحاربون الحق والمؤمنين المجاهدين بإيمانهم والشهداء. ولم يستطيعوا أن يطيقوا هذا السيل من الحنث وتدنيس المقدسات(103)".
وكان سان-سيمون وفوبان من الفرنسيين القلائل الذين أدركوا منذ البداية تلك الخسارة الاقتصادية التي ألحقها بفرنسا نزوح هذا العدد الكبير من المواطنين الكادحين. وفقدت كان صناعة نسيجها، وتور ثلاثة أرباع أنوال الحرير فيها. ومن بين الستين مصنعاً للورق في إقليم أنجوموا لم يبقَ سوى ستة عشر، ومن بين 109 متجراً في مدينة ميزيير لم يبق سوى ثمانية، ومن بين أربعمائة مصبغة في تور لم يبق سوى أربع وخمسين(104). واضمحلت ثغور كمرسيليان لفقدها الأسواق في بلاد أصبحت الآن بفضل جهود الهيجونوت وإرشادهم تنتج ما كانت من قبل تستورده من فرنسا. وقضى جزئياً على حركة التعمير الكبرى التي أدخلها كولبير على الاقتصاد الفرنسي، ونزحت الصناعات التي جاهد في سبيل تنميتها في فرنسا لتغذي منافسيها. ولما هبطت إيرادات الدولة من الصناعة هبوطاً حاداً وقعت الحكومة من جديد في أيدي المرابين الذين أنقذها كولبير من براثنهم. وفقدت البحرية الفرنسية تسعة آلاف بحار، والجيش ستمائة ضابط واثني عشر ألف جندي، ولعل نضوب البحرية والجيش على هذا النحو كان من عوامل الهزائم التي أوشكت أن تحطم فرنسا في حرب الوراثة الأسبانية.
كذلك شددت همجية الاضطهاد الرهيبة واستغاثات المهاجرين من عزيمة أوربا البروتستنتية على الاتحاد ضد فرنسا.
قصة الحضارة ج31 ص117،118، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> بوتقة الإيمان -> الملك والهيجونوت
 
اضطهاد لويس الرابع عشر والكنيسة الباباوية لللهيجونت وحد اوروبا ضد فرنسا مع انه في بلاد اخرى ، نفس التوقيت، كان الكاثوليك تحت قمع البروتستانت!!
قال ديورانت:"
كذلك شددت همجية الاضطهاد الرهيبة واستغاثات المهاجرين من عزيمة أوربا البروتستنتية على الاتحاد ضد فرنسا
قصة الحضارة ج31 ص119، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> بوتقة الإيمان -> الملك والهيجونوت
 
"رأساً إلى حركة التنوير "
بداية عصر التنوير الغربي (القرن الثامن عشر) بموت لويس الرابع عشر (قرب نهاية القرن السابع عشر)
الالحاد في ظل الاضطهاد الفرنسي للبروتستانتية
وظهور حركة التنوير العلمانية مباشرة بعد موت لويس الرابع عشر
بذور العلمانية السامة تثمر حنظل الالحاد في ظل حروب اوروبا الداخلية المسيحية طويلة الامد وفي ظل عقائد فاسدة وملك مطلق الحكم وكنيسة مطلقة الحكم وتنسب قراراتها الى الله مباشرة حتى قراراتها في الاضطهاد والحكم والحرب وحرق الناس
قال ديورانت تعليقاً على إلغاء مرسوم التسامح اليتيم واصدار لويس الرابع عشر القرارات بالاضطهاد
:"ولكن إلغاء المرسوم كان كارثة على الدين الفرنسي. لقد لاحظ بيكون من قبل أن مشهد الحروب الدينية كان خليقاً بأن يجعل لوكرتيوس-لو رآه-"سبعة أضعاف ما كان أبيقورية" وإلحاداً(105). "فماذا تراه كان قائلاً الآن؟ لم تبق نقطة توقف للعقل الغالي بين الكاثوليكية والإلحاد. وبينما أفادت البروتستنتية في سويسرا وألمانيا وهولندا
وإنجلترا في الإعراب عن التمرد على الكنيسة، لم يبق في فرنسا أداة استنكار
كهذه. فوجدت حركة الانتقاض على الرومانية أنه أيسر لها أن تكون شكاكة خالصة من أن تكون بروتستانتية سافرة. وانتقلت النهضة الفرنسية، غير المعوقة من البروتستنتية، رأساً إلى حركة التنوير بعد موت الملك.
قصة الحضارة ج31 ص119، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> بوتقة الإيمان -> الملك والهيجونوت
 
في عصر لويس الرابع عشر في اوروبا كلها تكاثرت الفرق والملل والنحل المسيحية
:"تكاثر الملل النحل البروتستنتية التي لا حصر لها، وفوضى الأخلاق المنبعثة من اضطراب العقيدة
قصة الحضارة ج3 ص121، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> بوتقة الإيمان -> بوسويه
 
بوسويه الذي أصبح بابا :"دافع عن الإكراه باعتباره الملاذ الأخير"!!! ولاغرو ف"الملك ... كان يضع ثقته في بوسويه"(قصة الحضارة ج31 ص132، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> بوتقة الإيمان -> فنيلون)
كما دافع بوسويه -الذي رد على موليير-عن الملكية المطلقة وحق الملوك الإلهي لكن روعه القتل!!(عصر لوي الرابع عشر)
لماذا يروعك القتل الوحشي(كان ذلك في شبابه فقط!!!) اذا كنت تساند الحاكم المطلق وتجعل قراراته سماوية إلهية؟؟؟ أنت شريك في الفعل!(الغريب أنه كان في نزاع " في نزاع مر مع دعاة سلطان البابوية المطلق "(ج31 ص128)
بوسويه هو واحد من رجال الكنيسة الفرنسيين الذي ولد في أسرة ثرية لمحام بارز وعضو في برلمان ديجون (1627).
قال ديورانت عن أعظم العقول الكنسية في عصر لويس
:" أن الكنيسة الفرنسية كانت ظافرة ولو مؤقتاً، وتربعت على عرش بهائها وسلطانها. وكانت رغم ما شاب روحها الجماعية من تعصب، وما عاب سلطتها من قسوة، تضم أرقى نخبة من الرجال في أوربا تعليماً، وكان قديسوها ينافسون طغاتها. وكان من أساقفتها نفر ذوو نزعة إنسانية...وقلما تجد بين رجال الكنيسة الفرنسيين من ضارع في سمعته بوسيويه...عاد إلى متز ورسم قسيساً وتقدم بعد قليل لنيل درجة الدكتوراه في اللاهوت. وقد راعه أن يجد أن عشرة آلاف من بين الثلاثين ألف نفس في متز كانوا من البروتستانت الهالكين. ودخل في جدل مهذب مع بول فيري الزعيم الهيجونوتي، وقد سلم له ببعض المفاسد في الممارسات الكاثوليكية...وفي إحدى هذه المقالات المسماة "السياسة مستقاة من كلام الأسفار المقدسة" (1679-1709) دافع بوسويه عن الملكية المطلقة وحق الملوك الإلهي بغيرة فاقت غيرة الكردينال بيرلارمين في تأييده لسياسة الباباوات. ألم يكتب في العهد القديم أن "الله أعطى لكل شعب حاكمه"(109) وفي العهد الجديد بكل سلطان القديس بولس "إن السلاطين مرتبة من الله(110)"، أجل، ولقد أضاف الرسول قوله "إذن فكل من يقاوم السلطة يقاوم ترتيب الله، والمقاومون سيأخذون لأنفسهم دينونة". واضح إذن أن كل من يقبل الكتاب المقدس كلمة الله يجب أن يكرم الملك باعتباره خليفة لله، أو كما قال أشعيا النبي عن كورش إنه "مسيح الرب(111)". إذن فشخص الملك مقدس، وسلطة الملك مقدسة ومطلقة، والملك لا يسأل إلا أمام الله. ولكن هذه المسئولية تضع على عاتقه التزامات قاسية. فعليه في كل لفظ وعمل أن يطيع قوانين الله، ومن حسن حظ لويس أن إله التوراة كان عطوفاً على تعدد الزوجات.كذلك كتب بوسويه للدوفان (1679) كتابه الشهير "حديث عن تاريخ العالم". ذلك أنه حين روعه إلماع ديكارت إلى أن جميع الأحداث في العالم الموضوعي-إذا افترضنا لها دفعة مبدئية من الله-يمكن أن تفسر آلياً بأنها منبعثة من قوانين الطبيعة ودستورها، رد عليه بأن كل حدث كبير في التاريخ إنما هو-على النقيض من ذلك-جزء من خطة إلهية، وعمل من أعمال العناية الإلهية أفضى إلى ذبيحة المسيح ونمو المسيحية... فإذا بدا لنا من هذا الرأي حماقة، فإن علينا أن نذكر أنه كان أيضاً رأى كتاب التوراة الذين وحد بوسويه بينهم وبين الله في ثقة...وفي ذلك العام (1675) جاهر ثانية بلوم الملك الزير، واستمع إليه لويس في صبر نافذ، ولكنه أعاده لمنصب الأسقفية وعينه أسقفاً على مو (1681) على قرب من فرساي يتيح له أن يتذوق فخامة البلاط وبهائه. وكان طوال ذلك الجيل المتكبر، والشارح والقائد العمدة للأكليروس الفرنسي. وقد وضع لأجلهم "المواد الأربع" التي أكدت من جديد "الحريات الغالية" للكنيسة الفرنسية إزاء السيطرة البابوية. ولقد أفقده عملة هذا قبعة الكردينالية، ولكنه أصبح بابا فرنسا. ولم يكن بالبابا السيئ. فهو مع إصراره على كرامة الأسقفية ورعاية مراسمها ظل رحيماً لطيفاً، وبسط عباءته فوق ألواناً كثيرة من المعتقد الكاثوليكي...وقد ظل على علاقات ودية مع آرنو وغيره من الجانسنيين... وقد أصبح أشد صرامة في أخريات أيامه. وعلينا أن نغتفر له تنديده بالمسرحية وبموليير في كتابه "حقائق عامة عن الملهاة" (1694) لأن موليير لم
يعرض الدين إلا في صورته المتزمتة المنافقة، ولم ينصف رجالاً مثل فانسان ديول...
كان بوسويه أشد تعصباً نظرياً منه عملياً فقد رأى أن ...والتفكير الحر لا يستطيع إلا أن
يدمر ذلك السلام، والمجتمع البشري في حاجة إلى سلطة تعطيه الأخلاق، ولكن
التفكير الحر بتشككه في المصدر الإلهي للقانون الخلقي إنما يهدم النظام الأخلاقي
برمته. فالهرطقة إذن خيانة للمجتمع والدولة كما أنها خيانة للكنيسة، و"الذين يؤمنون
بأن الملك ينبغي ألا يستعمل القوة في أمور الدين...يرتكبون خطأ مجانباً
للتقوى(113)" ولقد آثر الأسقف الإقناع على الإكراه في هداية المهرطقين، ولكنه دافع
عن الإكراه باعتباره الملاذ الأخير، ورحب بإلغاء مرسوم نانت لأنه "المرسوم الورع الذي
سيكيل للهرطقة الضربة القاضية، ونفذ القانون في إقليمه بكثير من التسامح، حتى
لقد كتب الناظر الملكي يقول "ليس في الإمكان عمل شيء في أسقفية مو، لأن
ضعف الأسقف يقف عقبة في سبيل هداية الهيجونوت(114)". وقد ثبت معظم
الهيجونوت في تلك المنطقة على مذهبهم...وبذل الأسقف في كتابه محاولة ليكون
منصفاً. فسلم بمفاسد الكنيسة التي تمرد عليها لوثر، ورأى الكثير مما يستحق
الإعجاب في خلق لوثر
قصة الحضارة ج31 ص120- عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها ->
بوتقة الإيمان -> بوسويه
مزيد من الكلام عن بوسويه
:"أما بوسويه فكان قد سبقهما بزمان. لقد كان تعساً في أخريات أيامه، حقاً إنه انتصر على فنيلون، وعلى دعاة السلطة البابوية المطلقة، وعلى المتصوفة، ورأى الكنيسة منتصرة على الهيجونوت، ولكن هذه الانتصارات كلها لم تيسر له قذف الحصى من مثانته. وقد برح به الألم تبريحاً جعل من العسير عليه أن يحتمل الجلوس في المكان الذي أولع بالجلوس فيه في احتفالات البلاط، وتساءل الساخرون القساة، لم لا يستطيع أن يذهب إلى مو ويموت في هدوء. وقد رأى من حوله ظهور الإرتيابية، ونقد الكتاب الكمقدس، والجدليات الروتستنتية العنيفة التي صوبت في غير تقوى إلى رأسه. فها هو على سبيل المثال ذلك الهيجونوتي المنفي جوريو يخبر العالم بأنه هو، بوسويه، أسقف الأساقفة، والصورة المجسمة للفضيلة والاستقامة، كذاب أشر يعاشر المحظيات(122). وقد بدأ تأليف كتب جديدة للرد على هؤلاء الخصوم السفهاء، ولكن الحياة كانت تنحسر عنه وهو يكتب، وفي 12 إبريل 1704 وضع الموت حداً لآلامه.
ويبدوا لأول وهلة أن بوسويه يعين أوج الكاثوليكية في فرنسا الحديثة. فقد لاح أن المذهب القديم قد استرد كل الأرض التي استولى عليها لوثر وكالفن. وكان الرجال الأكليروس يصلحون من أخلاقهم، وراسين يخصص مسرحياته الأخيرة للدين. وكان بسكال قد أدار دوائر الإرتيابية على المرتابين، والدولة جعلت نفسها وكيلاً مطيعاً للكنيسة، والملك أوشك أن يكون يسوعياً.
قصة الحضارةج31 ص134، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> بوتقة الإيمان -> فنيلون
 
لويس ال14 مهد لفولتير!!!
الحالة العقدية بعد او اثناء حياة لويس الرابع عشر
وظهور الالحاد وماسمي بعد ذلك بالتنوير
:"لم يكن الموقف بالغ الكمال. فاليسوعيون لم ينقشع من فوق رءوسهم بعد ذلك الغبار الذي أثارته عليهم رسائل بسكال الإقليمية، والجانسنية مازالت بخير، واللاجئون الهيجونوت يؤلبون نصف أوربا على الملك الورع، والناس يقرؤون مونتيني أكثر مما يقرؤون بسكال، وهويز وسبينوزا وبيل يكيلون اللطمات الهائلة لصرح الإيمان. يقول القديس فانسان دبول (1648)، "يشكو عدة رعاة من أن عدد من يتناولون القربان قد تقلص، ففي سان-سولبيس نقص العدد 3000، ووجد راعي سان-نيكولا-دو-شاردونيه أن 1.500 من رعايا أبرشيته تخلفوا عن قربان القيامة(124)". وقال بيل في 1686 "إن العصر الذي نعيش فيه يحفل بأحرار الفكر والربوبيين، ويدهش الناس لكثرة عددهم(125)" "ويسود عدم المبالاة الرهيب بالدين في كل مكان(126)" وقد عزا هذا إلى حروب العالم المسيحي وجدلياته. وقال نيكولا: "ليكن معلوماً أن الهرطقة الكبرى في العالم ليست الكالفنية ولا اللوثرية، بل الإلحاد(127)". وقالت الأميرة بالاتين في 1699 "قل أن يجد المرء الآن شاباً لا يشتهي أن يكون ملحداً(128)" وروى لايبنتز أن في باريس (1703) "تفشت بدعة من يسمونهم العقول القوية، ويسخر الناس هناك من التقوى...وتحت حكم ملك تقي صارم مطلق السلطة، تجاوزت فوضى الدين كل الحدود التي شهدناها من قبل في العالم المسيحي(129)". وبين ذوي العقول القوية-وهي قوية إلى درجة تكفي للتشكك في كل شيء تقريباً-نجد سان إفريمون، ونينون دلانكاو، ورنييه ملخص فلسفة جاسندي، ودوقي نيفير وبوبون. وأصبح "التآميل" الذي كان يوماً مقراً لفرسان المعبد (الداوية) في باريس، مركزاً لجماعة صغيرة من أحرار الفكر-شولييه وسيرفيان، ولافاز، الخ-الذين أسلموا تهكمهم بالدين إلى عهد الوصاية. أما فونتنيل، الذي قارب المائة وتحدى الفناء وأفسح له في الأجل حتى تبادل النكت مع الموسوعيين، فكان في 1687 ينشر كتابه (تاريخ النبؤات) ويقوض في خبث أساس المسيحية المعجز. وهكذا مهد لويس في نشوة تقواه وورعه الطريق لفولتير.
قصة الحضارة ج31 ص134،135، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> بوتقة الإيمان -> فنيلون
 
الفن كان هو الطريق الممهد للعلمانية الأخلاقية(أي أخلاق العلمانية المتحللة)
في زمن موليير ولويس الرابع عشر (فرنسا نهاية القرن السابع عشر)
قال ديورانت عن زمن موليير وقبل عصر فولتير
:"لم يشهد التاريخ من قبل ولا من بعد، ربما باستثناء عهد بركليس، حكومة شجعت الفن، أو غذته، أو هيمنت عليه، كما فعلت حكومة لويس الرابع عشر.
قصة الحضارة ج31 ص136، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الملك والفنون -> تنظيم الفنو
 
وأصبح لويس الرابع عشر أعظم رعاة الفن الذين عرفهم التاريخ. فقد "بذل للفنون من التشجيع قدراً أعظم من جميع نظرائه من الملوك مجتمعين" (في رأي فولتير)(2).
قصة الحضارة ج31 ص138، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الملك والفنون -> تنظيم الفنون
 
اسئلة وتعليق دورانت عن الفن أيام لويس الرابع عشر(ابعد منتصف القرن السابع عشر)
:"وهل تثبت هذه السنوات الأربعون من "طراز لويس الرابع عشر" أن الفن يزداد ازدهاراً في ظل ملكية ترعاه بالثروة المركزة، وتوجه المواهب في وحدة متسقة؟-أم في ظل أرستقراطية تصون، وتوصل، وتعدل في حذر، معايير الجودة والذوق، وأصول النظام والانضباط؟-أم في ظل ديمقراطية تفتح الطريق أمام كل موهبة وتطلق الكفايات من ربقة التقاليد، وتلزم الفن بأن يعرض إنتاجه على الشعب ويكفيه وفق رأيه؟ وهل كان ممكناً أن تغدو إيطاليا وفرنسا الوطنين المحظوظين للفن والجمال اليوم لولا أنهما جملتا بأموال وأذواق الكنيسة والنبلاء والملوك؟ وهل كان ممكناً أن يوجد فن عظيم دون تركيز الثروة؟. الكفايات من ربقة التقاليد، وتلزم الفن بأن يعرض إنتاجه على الشعب ويكفيه وفق رأيه؟ وهل كان ممكناً أن تغدو إيطاليا وفرنسا الوطنين المحظوظين للفن والجمال اليوم لولا أنهما جملتا بأموال وأذواق الكنيسة والنبلاء والملوك؟ وهل كان ممكناً أن يوجد فن عظيم دون تركيز الثروة؟.
إن الجواب المتواضع المفيد عن هذه الأسئلة يقتضي حكمة عالمية، وأي جواب من هذا القبيل لابد أن تجعله التفريقات والشكوك جواباً غامضاً غير حاسم. ولعل الفن فقد شيئاً في طبيعته ومبادرته ونشاطه نتيجةً لما بسطته عليه القوة المركزية من حماية وتوجيه وهيمنة. صحيح أن فن لويس الرابع عشر كان فناً منظماً، أكاديمياً، جليلاً ببهائه المنسق، لا يفوقه فن في صقله الفني، ولكن السلطة عطلت قدرته على الابتكار، وقد قصر دون ذل الالتحام بالشعب الذي أضفى الدفء والعمق على الفن القوطي. لقد كان اتساق الفنون في عهد لويس رائعاً، ولكنه كثيراً ما كان يعزف على نفس الوتر، حتى لقد أصبح في النهاية تعبيراً لا عن جيل وأمة بل عن ذات وبلاط. صحيح إن الثروة لا غنى عنها للفن، ولكن الثروة تكون عاراً، والفن يكون بغيضاً، إذا ازدهرا على حساب فقر شامل واعتقاد بالخرافات مذل، فالجميل لا يمكن فصله طويلاً عن الخبر. وقد تكن الأرستقراطية حارساً وناقلاً مفيداً للعادات والمعايير والأذواق
إذا تيسرت الأسباب لفتحها أمام المواهب الجديدة، ولمنعها من أن تكون أداة للامتياز الطبقي وللترف الكاذب. كذلك تستطيع الديمقراطيات أن تجمع الثروة وتضفي عليها الكرامة بتغذيتها للمعرفة والأدب والبر والفن، ومشكلات الديمقراطيات في معاداة الحرية غير الناضجة للنظام والانضباط، وفي نمو الذوق نمواً بطيئاً في المجتمعات الناشئة، وفي ميل الكفايات غير المحكومة لأن تبدد نفسها في تجارب شاذة تخطئ الابتكار فتحسبه عبقرية، والطرافة فتحسبها جمالاً.
على أية حال كان رأي أرستقراطيات أوربا في صف الفن الفرنسي دون ما تردد. فأنتشر معمار القصور والنحت الكلاسيكي والأسلوب الأدبي والزخرفة الباروكية للأثاث والثياب-انتشر هذا كله من فرنسا إلى كل طبقة حاكمة تقريباً في غرب أوربا حتى إلى إيطاليا وأسبانيا. وتطلعت قصور لندن وبروكسل وكولون ومينز ودرسدن وبرلين وكاسل وهيدلبرج وتورين ومدريد إلى فرساي مثلاً تحتذيه في السلوك والفن.
قصة الحضارة ج31 ص160،161، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> الملك والفنون -> تنظيم الفنون
 
تكون أول "مجال" إجتماعي علماني إتخذ " موقعا" متقدماً، في القرن ال17 عصر لويس الرابع عشر، وقد رحبت به السياسة وموقعته في العالم الجديد ، لكن في ظل السلطة المطلقة (استخدمت لفظ " المجال" و " الموقع" من بيير بورديو الفيلسوف العلماني الفرنسي)
قال ديورانت
"ولقد شاء هوى التاريخ أن ينصرف الأدب الفرنسي في هذا العصر إلى المسرح، وأن يشجع الكردينال ريشليو المسرحية التي ظلت الكنيسة تحرمها طويلاً، وأن يستورد الكردينال مازاران الملهاة الإيطالية إلى فرنسا، وأن يرث لويس الرابع عشر حب المسرح من هذين الكاهنين اللذين مهدا لسلطته أو حفظاها.
كانت المسرحية الحديثة قد بلغت الشكل الأدبي في إيطاليا برعاية باباوات النهضة الرفيعي الثقافة، وكان ليو العاشر يحضر التمثيليات دون أن يطالب بأن تكون صالحاً للعذارى. ولكن الإصلاح البروتستنتي ومجمع ترنت المترتب عليه وضعاً حداً لهذا التساهل الكنسي. وقال بنديكت الرابع عشر إن المسرحية لم يستمر السماح بها في إيطاليا إلا درءاً لشرور أفدح، وفي أسبانيا إلا لأنها تخدم الكنيسة. وأما في فرنسا فإن رجال الأكليروس، الذين صدمتهم الحرية الجنسية التي تمتع بها المسرح الهزلي، نددوا بالمسرح عدواً للآداب العامة...ويلوح أن ريشليو وافق ليو العاشر على أن أيسر سبيل للهيمنة على المسرح هو رعاية أفضل المسرحيات لا رفضها كلها، وبهذه الطريقة قد يتيح القدوة للذوق العام، والعيش للفرق المسرحية المهذبة. وليلاحظ القارئ تقرير فولتير الآتي: "منذ أدخل الكردينال ريشليو الأداء المنتظم للتمثيليات في البلاط، الأمر الذي جعل باريس الآن منافسة لأثينا، لم يقتصر الأمر على تخصيص مقعد يجلس عليه رجال الأكاديمية التي تضم نفراً من القساوسة، بل خصص مقعداً آخر للأساقفة(1)". وفي 1641، ربما بناء على طلب الكردينال، بسط لويس الثالث عشر رعايته على فريق من الممثلين عرفوا بعدها بالفرقة الملكية أو الكوميديين الملكيين، وأجرى عليهم معاشاً قدره ألف جنيه في العام، وأصدر مرسوماً يعترف بالمسرح لوناً مباحاً من ألوان الترفيه
قصة الحضارة ج31 ص162، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> موليير -> المسرح الفرنسي
 
لويس الرابع عشر وموليير!
موليير يفتتح " الموقع" في الأدب العلماني ، في وسط الحروب الملوكية والكنسية (تحت أوامر الحاكم المطلق، الكاثوليكي (الدموي) لويس الرابع عشر)، لقد كان جزءا من جسم البلاط الدموي وآلاته في ظل القيم العلمانية الزاحفة ومجالاتها ومواقعها المتعددة والمتشكلة حجيثا، والمدعومة لا بالفكر فقط ولكن بالتحلل الملوكي ودعمه لأغراض سياسية، هي في الأصل مطلقة ومهينة وقد "ظلت فرقة موليير حتى مماته وكأنها جزء من جسم البلاط" كما يقول ديورانت
:"فكتب موليير تمثيلية "المتحذلقات المضحكات". وكان إخراجها (18 نوفمبر 1659) فاتحة ملهاة العادات الفرنسية وبداية لحظ موليير وشهرته. وكانت الملهاة من القصر بحيث لم يستغرق تمثيلها أكثر من ساعة، وقيها من الحدة ما خلف لذعة طويلة الإيلام. استمع إلى ابنتي العم، مادلون وكاتوس، اللتين تلفهما سبعة أقنعة من التظرف، تحتجان على تلهف الكبار، الواقعيين، المفلسين، على تزويجهما.
جرجيبوس: أي عيب تريان فيها؟
مادلون: يالها من كياسة رائعة منهما حقاً! أنبدأ فوراً بالزواج!...لو كلن الناس جميعاً مثلك لقضي للتو على الرومانس...إن الزواج ينبغي ألا يتم أبداً إلا بعد مغامرات أخرى...ويتركان الشابتين أمام الحقيقة العارية تقريباً. وفي هذه الملهاة، كما في جميع ملاهي موليير الجنسية، عبارات نابية وبعض المزاح الرخيص، ولكن فيها هجواً لاذعاً للحماقات الاجتماعية، بلغ من حدته أن تأثيره أصبح حدثاً في تاريخ عادات المجتمع. وقد نسبت رواية غير مؤكدة لامرأة من النظارة أنها وقفت وسط الجمهور وصاحت "تشجع! تشجع! هذه ملهاة حسنة يا موليير"(11) وروى أن أحداً من رواد صالون مدام درامبوييه قال بعد خروجه من التمثيلية "بالأمس أعجبنا بكل السخافات التي نقدت نقداً رقيقاً معقولاً جداً؛ ولكن علينا الآن-كما قال القديس ريمي لكلوفيس-أن نحرق ما عبدنا، ونعبد ما أحرقنا(12)." وقابلت المركيزة درامبوييه الهجوم بعبقرية، إذ اتفقت مع موليير على إحياء حفلة يخصص إيرادها لصالونها، وقد رد على مجاملتها
بمقدمة زعم فيها أنه لم يهجُ صالونها بل مقلديه. على أية حال انتهى ملك "المتحذلقات". وقد أشار بوالو في هجائيته العاشرة إلى تلك "العقول الجميلة التي كانت بالأمس ذائعة الصيت، والتي فرغها موليير بضربة واحدة من فنه".
وقد نجحت المسرحية نجاحاً ضوعف معه أجر مشاهدتها عقب حفلة الافتتاح. وقد مثلت في عامها الأول أربعاً وأربعين مرة، وأمر الملك بإحياء ثلاث حفلات للبلاط، حضرها جميعاً
قصة الحضارة ج31 ص168-170، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> موليير -> موليير ونساء المجتمع
موليير ومساندة الملك يويس الرابع عشر براتب سنوي!
تحالف العلمانية القديمة مع الدموية للحاكم المطلق الزمني
:". وساند الملك موليير في وفاء، ودعاه إلى العشاء(20)، ومنحه الآن معاشاً سنوياً قدره ألف جنيه، لا بوصفه "ممثلاً كوميدياً" بل "شاعراً فذاً(21)". كذلك نصر الزمن موليير، فمدرسة الزوجات تعتبر اليوم أول ملهاة عظيمة في المسرح الفرنسي.
قصة الحضارة ج31 ص177، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> موليير -> موليير ونساء المجتمع
 
عطوف أم دموي يهيمن على الأوضاع بطريقته
لويس الرابع عشر يجعل موليير وفرقه جزء من جسم البلاط!(إنه الموقع ياسيدي)
:"وكانت التغييرات تجري خلال ذلك في مبنى اللوفر القديم، فهدمت صالة البتي بوربون في استهتار، ولاح حيناً أن "فرقة المسيو" التي يرأسها موليير لن تجد لها مسرحاً. ولكن الملك العطوف دائماً بادر إلى إنقاذه بأن خصص له في الباليه-رويال "الصالة" التي خصصها ريشليو لعرض التمثيليات. وهناك ظلت فرقة موليير حتى مماته وكأنها جزء من جسم البلاط.
قصة الحضارة ج31 ص170، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> موليير -> موليير ونساء المجتمع
 
علاقة الفكر المسرحي والقصة المسرحية بشخصها الأول(موليير كمثال) ، واستنساخ الشخوص!(وسيلة الإيضاح التي تكلم عنها الأستاذ محمد قطب"أو المثال أو النموذج )
قال ديورانت
:"ولقيت "مدرسة الأزواج" نجاحاً طيب خاطره إذ عرضت يومياً من 24 يونيو إلى 11 سبتمبر 1661. وقد آذنت بزواج موليير الوشيك، وكان وقتها في التاسعة والثلاثين من أرماند بيجار، ذات الثمانية عشر ربيعاً، ومشكلة المسرحية هي: كيف ينبغي أن يروض الشابة على أن تكون زوجة صالحة أمينة؟ فالشقيقان أريست وسجاناريل محظوظان لكونها الوصيين على الفتاتين اللتين ينويان الزواج منهما أما أريست، البالغ من العمر ستين عاماً، فيعامل فتاته القاصر ليونور، ذات الثمانية عشرة، بغاية اللين:
"لم أنظر إلى تجاوزاتها الصغيرة على أنها جرائم. ولقد لبيت على الدوام رغباتها الشابة، ولست ولله الحمد آسفاً على ذلك. فقد أذنت لها أن تخالط الأصحاب الطيبين، وتشهد الملاهي، والتمثيليات، والمراقص، فهذه أشياء أراها على الدوام صالحة لتربية عقول الشباب، وما الدنيا إلا مدرسة أحسبها تعلم طريقة العيش خيراً من أي كتاب. إنها نحب أن تنفق المال على الثياب، والقمصان، والأزياء الجديدة...وأنا أحاول أن أشبع رغباتها، فهذه لذات ينبغي أن نتيحها للشابات متى استطعنا توفيرها لهن(14)".
قصة الحضارة ج31 ص171، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> موليير -> موليير ونساء المجتمع
 
موليير(رائد العلمانية!)يتزوج ابنته غير الشرعية التي تعاشر الرجال جنسياً وكتب موليير وقتها عن " تحرر النساء"!!(بذرة علمانية وجدت عند الملك(عشيقات الملك لويس 14 وأولاده منهن) والأساقفة والقساوسة فقد كانت لهم محظيات وأولاد غير شرعيين، بل هؤلاء كانت لهم مناصب كنسية حتى صار بعضهم باباوات !!)
فعن مسرحية "مدرسة الأزواج" العلمانية الفلوبيرية وفتنة المجتمع الفرنسي بها
قال ديورانت
:"وبعد دسيسة بعيدة الاحتمال (منقولة عن ملهاة أسبانية) تهرب إيزابيل مع عاشق ذكي، في حين تتزوج ليونور من أريست وتظل وفية له إلى آخر التمثيلية.
وواضح أن موليير كان يحاور نفسه. ففي 20 فبراير 1662، وهو في الأربعين، تزوج بامرأة تصغره بنصف عمره. أضف إلى ذلك أن عروسه هذه-أرماند بيجار-كانت ابنة مادلين بيجار، التي كان موليير يعاشرها قبل عشرين عاماً. وقد اتهمه خصومه بالزواج من ابنته غير الشرعية. وكتب مونفلوري، رئيس فرقة دبورجون المنافسة، إلى لويس ينبئه بهذا في 1663، وكان جواب لويس أن جعل نفسه عراباً لأول طفل ولدته أرماند لموليير. أما مادلين، حين لقيها موليير، فكانت أشد احتفالاً بشخصها من أن تتيح لنا أي معرفة يقينية ينسب أرماند. ويبدو أن موليير لم يعتقد أنه أبو الفتاة، ولنا أن نفترض لأن معلوماته في هذه النقطة كانت أفضل قليلاً مما يمكن أن تكون عليه معلوماتنا نحن.
كانت أرماند قد شبت كأنها حيوان الفرقة المدلل. وكان موليير يراها كل يوم تقريباً، وقد أحبها طفلة قبل أن يعرفها امرأة بزمن طويل. وكانت الآن قد أصبحت ممثلة مكتملة النضج. أما وقد نشأت في هذا الجو فإنها لم تخلق لتكون زوجة لرجل واحد، لا سيما رجل قد أبلى روح الشباب. لقد أحبت لذات الحياة واستغرقت في معابثات فسرها الكثيرون على أنها خيانات للزوج، وعانى موليير من جراء ذلك، وكان أصدقاءه وأعداؤه يلوكون الشائعات عنه. وبعد زواجه بعشرة أشهر حاول أن يهدئ جراحه ينقد غيرة الرجال والدفاع عن تحرر النساء. لقد حاول أن يكون أريست، ولكن أرماند لم تستطع أن تكون ليونور. ولعله أخفق في أن يكون أريست لأنه كان نافذ الصبر شأنه شأن أي مخرج مسرحي. وفي "تمثيلية فرساي المرتجلة" (أكتوبر 1663) وصفه نفسه إذ يقول لزوجته "اسكتي أيتها الزوجة، فما أنت إلا حمارة" فتجيب "شكراً لك أيها الزوج الطيب. أنظر ما صار إليه أمرنا. أن الزواج يغير الناس تغييراً عجيباً، فما كنت لتقول هذا قبل سنة ونصف(15)".
وواصل تأملاته في الغيرة والحرية في مسرحيته "مدرسة الزوجات" التي عرضت أول مرة في 16 ديسمبر 1662. ومنذ بدايتها تقريباً تراها تضرب على هذا الوتر-الزوج الديوث. فترى آرنولف الذي لعب موليير دوره هنا أيضاً طاغية من الطراز العتيق، يؤمن بأن المرأة المتحررة امرأة فاسقة، وأن السبيل الأوحد لضمان وفاء الزوجة هو ترويضها على الخدمة المتواضعة، وعلى فرض الرقابة الصارمة عليها وإغفال تعليمها. وتشب أنييس، القاصر التي كان وصياً عليها وعروسه المستقبلة، في براءة حلوة، حتى أنها تسأل آرنولف في عبارة تردد صداها في طول فرنسا وعرضها، "أيولد الأطفال من الأذن(16)؟". ولما كان آرنولف لم يتحدث إليها بشيء عن الحب، فأنها ترحب في سرور برئ بتودد هوراس الذي يجد طريقه إليها أثناء غيبة قصيرة للوصي...وفي النهاية تهرب منه وتتزوج هوراس. أما آرنولف فيعزيه صديقه كريسالد بفكرة أن امتناع الرجل عن الزواج هو الطريقة الأكيدة الوحيدة التي تقيه من أن يطلع له قرناً في رأسه.
وأبهجت التمثيلية جمهورها، فمثلت إحدى وثلاثين مرة في الأسابيع العشرة الأولى، وكان في الملك من الشباب ما سمح له بالاستمتاع بخلاعها، ولكن عناصر البلاط الأشد محافظة انتقدوا الملهاة لما فيها من مجافاة للفضيلة، وكرهت السيدات فكرة الولادة من الأذن، وندد الأمير كونتي بمنظر الفصل الثاني الذي سقنا حواره من قبل بين آرنولف وأنييس زاعماً أنه أفضح ما عرض على خشبة المسرح. ولعن بوسويه التمثيلية برمتها، ودعا بعض القضاة إلى حظرها باعتبارها خطراً على الأخلاق والدين، وسخرت الفرقة المنافسة من ابتذال الحوار وتناقضات رسم الأشخاص وشطحات الحبكة المتعجلة. وظلت التمثيلية حيناً "حديث كل بيت في باريس(19)".
قصة الحضارة ج31 ص172-176،، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> موليير -> موليير ونساء المجتمع
 
موليير ومساندة الملك يويس الرابع عشر براتب سنوي!
تحالف العلمانية القديمة مع الدموية للحاكم المطلق الزمني
:"وكان في موليير من حب النضال ما لا يدعه يترك هذا النقد كله دون تعليق منه. ففي تمثيلية ذات فصل واحد مثلت في الباليه رويال في أول يونيو 1663، واسمها "نقد مدرسة الزوجات" عرض لنا لقاء بين نقاده وتركهم يعربون بعنف عن اعتراضاتهم، ولم يكد يرد عليها إلا بأن يدع النقد يضعف ذاته بمبالغته، وأن يجزيه على ألسنة شخصيات مثيرة للسخرية. وواصل الأوتيل دبورجون "الحرب الكوميدية" بإخراجه هزلية قصيرة سماها "الناقد المعارض"، وهجا موليير الفرقة الملكية في "تمثيلية فرساي المرتجلة" (17 أكتوبر 1663). وساند الملك موليير في وفاء، ودعاه إلى العشاء(20)، ومنحه الآن معاشاً سنوياً قدره ألف جنيه، لا بوصفه "ممثلاً كوميدياً" بل "شاعراً فذاً(21)". كذلك نصر الزمن موليير، فمدرسة الزوجات تعتبر اليوم أول ملهاة عظيمة في المسرح الفرنسي.
قصة الحضارة ج31 ص177، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> موليير -> موليير ونساء المجتمع
 
" الحيز" المتاح ، الإستغلال والإستغلال المضاد!!!(العلمانية والإستبداد ميكافيلية واحدة!!)
موليير شاء أم أبى خدام الحاكم المطلق لويس الرابع عشر(لفرنسا)!!
:"ولكن موليير دفع ثمن حظوته لدى الملك. فلقد أحب لويس ظرفه وشجاعته، فجعله من كبار المنظمين للملاهي في فرساي وسان-جرمان. وقد ملأ أحد هذه المهرجانات المسمى "مباهج الجزيرة المسحورة" أسبوعاً (7-13 مايو 1664) بألعاب السيف والولائم والموسيقى والباليه والرقص والدراما-وكلها أقيم في حديقة فرساي وقصره تحت أضواء المشاعل والشمعدانات التي تحمل أربعة آلاف شمعة. وكوفئ موليير على جهوده في هذا المهرجان بستة آلاف جنيه. وقد أسف بعض الأدباء لإسراف الملك في استغلال عبقرية موليير لكي يوفر هذا اللهو الخفيف في البلاط، وتصوروا تلك الروائع التي كان من الجائز أن يكتمل نضجها لو أن الشاعر الكامن في الكوميدي أتيح له مزيد من الوقت للتفكير والكتابة. غير أنه كان واقعاً تحت ضغط من فرقته أيضاً، وما كانت شواغله ومسئولياته مديراً للفرقة وممثلاً بها لتسمح له على أية حال بالاعتكاف في أي برج عاجي. وما أكثر المؤلفين الذين يكتبون تحت ضغط ملح خيراً
مما يكتبون في الفراغ، فالفراغ يرخي الذهن، والإلحاح يشحذه. ولقد أخرج موليير أعظم تمثيلياته أول مرة في 12 مايو 1664، في قمة "مباهج الجزيرة المسحورة"، وكانت جزءاً من المهرجان.
قصة الحضارة ج31 ص177،178، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> موليير -> غرام طرطوف
 
كنت قد كتبت في بحث طويل جدا(لم ينشر بعد) في موضوع خاص ببيير بورديو (عالم الإجتماع الفرنسي(كتب قديما في الستينات عن الجزائر كما عرضت في الأقطاب ج1 طبع عام 2000) وفيلسوف المثلية الجنسية في واحدة من فلسفاته ودفاعاته) وميشيل فوكو وتابعهما محمد اركون عن العلاقة بين السلطة أو السيادة الكبرى والموقع ، أو المواقع ، ومدى الهيمنة التي تشمل المواقع الفلسفية والفكرية، وضربت على ذلك مثالاً عن علاقة أركون ببورديو بل وأيضاً، علاقة بورديو، رغم أنفه، بالهيمنة التي يدينها!، اركون حاول افتتاح موقع وخلق مجال له داخل الفكر الإسلامي، لقد حاول فتح مجال داخل الإسلام لو صح التعبير لتغييره من الداخل، لكن ، في موضوع البحث، من ناحية القيم والأخلاق التي يدعي أركون أنها كونية كالعلمانية تماماً، مع أنها ظرفية كالعلمانية تماماً!
ويمكن تبين الظروف التي فتحت ذلك المجال-قديما- من التحولات الكبرى(قبل عصر التنوير) في عصر موليير، وأن مصدر تلك التحولات في القيم كانت العلاقة أو العلاقات ، الفردية والإجتماعية، وأسبابها كلها، وليس الفكر المجرد النقدي كما يزعمون، ويمكن تبين ذلك، من اللادينية بين الملك لويس الرابع عشر ومحظياته وعشيقاته، والتحلل الذي سبقه
في البلاط (الأوروبي كله!!) وفي الكنائس والأديرة والممجتمع ككل، وقد تبلورت فلسفة ذلك التحول البطئ في فلسفة موليير ومسرحياته وفنه وهزؤه وسخريته وتهكمه.
وهو مانحن بصدده الآن
 
ماذا يمكن أن أكتب لجذب إنتباه القارئ لهذا المقطع من كلام ديورات عن تهكمية موليير ورواياته وهجائيته لبعض أمور شغلت مجتمعه، المسيحي وعقائده وانحرافاته؟
سنأتي الموضوع من غير بابه فنقول، إن بعض العلمانيين العرب، إتخذ من هجائية موليير وسيلة للهزء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم والتهكم على النبوة، لنذكر على سبيل المثال ، الدكتور العلماني الماركسي صادق جلال العظم، وهو سوري الأصل، كتب بعد هزمة 67 كتابين يُرجع فيهما الهزيمة إلى الإسلام نفسه!!، وكان بعض إخوانه، إخوان العظم مثل محمود أمين العالم،على سبيل المثال، يشاركون عبد الناصر سياسته الدكتاتورية،القمعية، واستهتار قياداته وعماله، ما أدى إلى الهزيمة وليس الإسلام البرئ.
كتب العظم كتابين للدفاع عن سلمان رشدي، وروايته التهكمية ضد النبي محمد نفسه، صلى الله عليه وسلم، والكتابين (الأول 305 صفحة والثاني 576 صفحة) ، لكنه تجاوز الدفاع إلى هجوم تهكمي هزلي هائج ضد النبي محمد صلى الله عليه وسلم (خصوصا في الكتاب الثاني على إمتداد 576 صفحة) وصرح في مواضع أنه إنما يتبع موليير وغيره في فضح النبوة!!!(وهو موضوع كتابي أقطاب العلمانية ج3، مخطوط)
إلى هنا نقف، لنرى إلى أي حد وصل كبار العلمانيين في استخدام أدوات الصراع مع الكنيسة والباباوية والأساقفة والمسيحية نفسها والملك المطلق الحكم (لويس الرابع عشر في مثالنا في موضوع موليير)
في النص التالي، نستطيع أن نتبين العلاقة بين لويس الرابع عشر وموليير من خلال مسرحيات وتمثيليات موليير وهجائه ، وتلاعباته الكلامية ورد فعل الملك عليها، لنأخذ مثلا تمثيليلة أو مسرحية أو رواية " طرطوف"
قال ديورانت :""طرطوف" ...فضحت في غير رحمة ذلك النفاق الذي يتخفى خلف رداء من التقوى والفضيلة. وكانت جماعة دينية من الأخوة العلمانيين تدعى "جمعية السر المقدس"، وعرفت فيما بعد بـ"عصبة الورعين" قد قطعت العهود على أعضائها بأن يعملوا على حظر التمثيلية. أما الملك الذي كانت علاقته الغرامية بلافاليير قد أثارت كثيراً من نقد هؤلاء الورعين، فقد كان مزاجه يدعوه للاتفاق مع موليير، ولكنه بعد أن شاهد الملهاة في عرضها الخاص بفرساي أوقف الأذن بعرضها على نظارة باريس في الباليه-رويال. وطيب خاطر موليير بدعوته ليقرأ "طرطوف" في فونتنبلو على نخبة مختارة تضم ممثلاً للبابا لم يذكر التاريخ أنه اعترض عليها (21 يوليو 1664). في ذلك الشهر مثلت المسرحية في بيت دوق أورليان ودوقتها (هنرييتا آن)، في حضرة الملكة، والملكة الأم، والملك. وبينما كان يجري التمهيد لعرضها على الجماهير أذاع كاهن سان- برتلمي، بيير روليه، في أغسطس ثناء على الملك لحظره التمثيلية، واغتنم هذه الفرصة ليرمي موليير بأنه "رجل، بل شيطان متجسد في ثوب رجل، وأشتهر مخلوق فاسق منحل عاش إلى الآن". ثم قال الأب روليه إن جزاء موليير على تأليف طرطوف "أن يحرق على الخازوق ليذوق من الآن نار الجحيم(22)". ووبخ الملك روليه، ولكنه ظل يحبس الإذن بعرض طرطوف علناً. ولكي يظهر حقيقة موقفه رفع معاش موليير السنوي إلى ستة آلاف جنيه، وتلقى عن "المسيو" حماية فرقة موليير، فأصبحت منذ الآن "فرقة الملك".
وظل الجدل مضطرماً تحت الرماد عامين. ثم قرأ موليير على الملك نسخة منقحة من التمثيلية، أضاف إليها سطوراً تذكر أن الهجاء موجهاً ضد الإيمان الصادق بل ضد الرياء. وأيدت مدام هنربيتا التماس المؤلف الإذن بعرض المسرحية. ووافق لويس موافقة شفوية، وبينما كان منطلقاً إلى الحربفي فلاندر عرضت طرطوف لأول مرة على مسرح الباليه- رويال في 5 أغسطس 1667 بعد مرور ثلاث سنين على أول عرض لها في البلاط. وفي الغد أمر رئيس باريس، وكان ينتمي لجماعة السر المقدس، بغلق المسرح وتمزيق كل لافتاته. وفي 11 أغسطس حظر رئيس أساقفة باريس قراءة الملهاة أو سماعها أو تمثيلها سراً أو علانية، وإلا كان الحرم جزاء المخالف. وأعلن موليير أنه سيعتزل المسرح إذا استمر انتصار "الطراطيف" هذا. أم الملك الذي عاد إلى باريس فقد أمر الكاتب المسرحي الغاضب بأن يتذرع بالصبر، ففعل، وأثيب في النهاية برفع الحظر الملكي. وفي 5 فبراير 1669 بدأت التمثيلية فترة عرض ناجحة اتصلت ثمانية وعشرين مرة. وبلغ من كثرة الراغبين في دخول المسرح وتهافتهم عليه في أول حفلة علنية أن الكثيرين كادوا يختنقون. لقد كانت "أشهر مسرحية" في حياة موليير المسرحية. وقد حظيت دون جميع الدرامات الكلاسيكية الفرنسية بأكبر عدد من العروض-بلغت 2.657 (حتى سنة 1960) في مسرح الكوميدي-فرانسيز وحده.
ولكن إلى أي حد تعلل محتويات التمثيلية تأجيلها الطويل، وشعبيتها المتصلة؟ أنها تعلل التأجيل بهجومها الصريح على التظاهر بالتقوى؛ وتعلل الشعبية بقوة هجائها وبراعته. وكل ما في ذلك الهجاء مبالغ فيه بالطبع. فقلما يكون الرياء مستهتراً كاملاً في طرطوف، وقلما يكون الغباء مفرطاً كما كان في أرجون، ليس هناك خادمة نجحت في وقاحتها كما نجحت دورين. وحل عقدة التمثيلية لا يصدق، كما هي الحال عند موليير دائماً تقريباً، ولكن هذا لم يقلقه، فبعد أن يقدم صورته واتهامه للنفاق، تكفي أي حيلة مسرحية-كتدخل الإله أو الملك-لحل العقدة بانتصار الفضيلة وعقاب الرذيلة. وأغلب الظن أن الهجاء قصد به جماعة السر المقدس الذين أخذ أعضاؤه على عاتقهم أن يوجهوا ضمائر الناس، حتى ولو كانوا علمانيين، ويبلغوا الخطايا السرية للسلطات العامة ويتدخلوا في شؤون العائلات لزيادة الولاء والإخلاص للدين. وقد أشارت التمثيلية مرتين إلى "عصبة" (في السطرين 397 و1705)، وواضح أن هذا تلميح إلى عصبة الورعين. وعقب العرض الأول للتمثيلية حلت جماعة السر المقدس.
قصة الحضارةج31 ص178-180، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> موليير -> غرام طرطوف
 
موليير ، في الأدب العلماني الصاعد (في 1665 ومابعدها) يتجاوز فضح الأعمال المسيحية واللاهوت المسيحي إلى محاولة إنكار الدين كله، مع فضح "الزير المستهتر" ويموضعه في الإلحاد (ويقصد به ديورات لويس الرابع عشر كما عبر في غير موضع)
:"ولكن إحسان الملك لابد قد أرهقته تمثيلية موليير الجريئة التالية. ففي ذروة الحرب المحتدمة حول "طرطوف"، وبينما كانت جماعة الورعين لا يزالون منتصرين في أمر حظر التمثيلية، وعرض موليير في الباليه-رويال (15 فبراير 1665) مسرحية "وليمة التمثال الحجري" التي قص فيها بنثر يطفر مرحاً قصة دون جوان القديمة المكررة، وجعل فيها ذلك الزير المستهتر ملحداً مغروراً. وقد أخذ شكلها الظاهر عن تيرسودي مولينا وغيرهم، ولكنه ملأها بدراسة رائعة لرجل يلتذ الشر لذاته وتحدياً لله. والمسرحية صدى مدهش لذلك الجدل الكبير الذي تورط فيه الدين مع الفلسفة.
ودون جوان تينوريو مركيز يسلم بالتزاماته قبل طبقته، ولكنه فيما عدا ذلك يريد أن يستمتع بما يشتهي من لذات. ويحصي تابعه سجاناريل عدد النساء اللاتي أغواهن مولاه ثم هجرهن فيجدهن 1.003. يقول جوان "إن الوفاء صفة لا تصلح إلا للحمقى..فليس في وسعي أن أحرم قلبي من أي مخلوقة جميلة أراها(27)" ومثل هذا الخلق يتوق إلى لاهوت يلائمه، ومن ثم يصبح جوان ملحداً ابتغاء راحته. ويحاول خادمه أن يناقش الأمر معه:
سجاناريل: أممكن أنك لا تؤمن بالجنة؟
جوان: انسَ الموضوع.
سجاناريل: أي أنك لا تؤمن. وما رأيك في جهنم؟ جوان: أه!
سجاناريل: كإيمانك بالجنة. وما رأيك في الشيطان من فضلك؟
جوان: نعم، نعم.
سجاناريل: قليلاً جداً كذلك. أن ألا تؤمن بحياة أخرى على الإطلاق؟
جوان: ها، ها، ها.
سجاناريل: هذا رجل سيشق عليّ هدايته. ولكن قل لي، لا بد أنك تؤمن بـ"الراهب الفظ ".
جوان: تباً للأحمق.
سجاناريل: أما هذا فلا أطيقه، لأن ليس هناك كائن وجوده مؤكد كهذا الراهب الفظ، وقاتلني الله إن لم يكن وجوده حقيقياً. ولكن المرء يجب أن يؤمن بشيء. فبأي شيء تؤمن؟...
جوان: أؤمن بأن اثنين واثنين يساوي أربعة، وأربعة وأربعة يساويان ثمانية.
سجاناريل: يا لها من عقيدة جميلة ومواد إيمان رائعة! إذن فدينك-على قد ما أفهم-هو الحساب؟ أما أنا يا مولاي...فأفهم جيداً أن هذا العالم ليس شيئاً كالفطر نما في ليلة واحدة. أريد أن أسألك منذا الذي صنع هذه الأشجار والصخور والأرض والسماء من فوقنا؟ أهذا كله بنى نفسه بنفسه؟ أنظر إلى نفسك مثلاً، فها أنتذا موجود، أصنعت نفسك، وألم يكن لزاماً أن يغشى أبوك أمك ليصنعك؟ أتستطيع أن ترى كل المخترعات التي تتألف منها الآلة البشري دون أن تعجب كيف يشغل الجزء منها جزءاً أخر؟ ومهما قلت، فإن هناك شيئاً معجزاً في الإنسان لم يستطيع كل المتنطعين في العلم أن يفسروه. أليس عجيباً أن تراني هنا، وأن في رأسي شيئاً يفكر في مائة شيء مختلف في لحظة ويأمر بدني بأن يصنع ما أريد؟ أريد أن أصفق بيدي، وأرفع ذراعي، وأنظر بعيني إلى السماء، وأخفض رأسي، وأحرك قدمي، وأمشي يميناً، ويساراً، وأماماً، وخلفاً، وأدور (يقع على الأرض وهو يدور).
جوان: هذا حسن! أن لحجتك أنفاً مكسوراً(28).
وفي المشهد التالي تتخذ الخصومة بين جوان والدين صورة أخرى. فهو يلتقي بشحاذ يزعم أنه يصلي كل يوم من أجل المحسنين إليه، فيقول جوان: "أن رجلاً يصلي كل يوم لابد أن يكون غنياً جداً" ويجيب الشحاذ إن الأمر على العكس من ذلك "ففي أكثر الأحيان لا أجد حتى كسرة خبز" ويعرض عليه جوان جنيهاً ذهبياً شريطة أن يجدف، ولكن الشحاذ يرفض "إني أفضل الموت جوعاً" ويذهل جوان قليلاً لهذه الصلابة فيعطيه قطعة النقود وهو يقول "حباً في الإنسانية(29)" ويعرف كل رواد الأوبرات نهاية القصة، إذ يصادف جوان تمثالاً للقائد الذي أغوى ابنته وأودى بحياته. فيدعوه التمثال إلى العشاء، فيحضر، ويناوله يده، فيقوده إلى الجحيم. ويظهر الجهاز الشيطاني المعهود في المسرح الوسيط، "فينقض الرعد والبرق بضوضاء عظيمة على دون جوان، وتفغر الأرض فاها وتبتلعه، وتندلع نار هادئة من المكان الذي سقط فيه".
وقد صدم الجمهور في أول ليلة لما رأي من فضح موليير لكفر جوان. ولعل هذا الجمهور لم يكن يرى بأساً بأن يفضح سفالة جوان وافتقاره إلى اللاهوت، وبأنه أماط اللثام عنه وحشاً لا ضمير له ولا حنو، ينشر الخداع والحزن أينما ذهب، ولعله لاحظ أن المؤلف عرض ضحايا الوغد بكل ما فيه من عطف، ولكنه لاحظ أن الرد على الكفر جاء على لسان أحمق يؤمن بالعفاريت إيماناً أرسخ من إيمانه بالله، ولم يخفف من وقع هذا الكفر إلقاء جوان في الجحيم أخيراً، لأن الجمهور رآه يهبط إلى الجحيم دون كلمة ندم أو خوف. وبعد العرض الأول خفف موليير من حدة أكثر الفقرات إيذاءً، ولكن هذا لم يهدئ ثائرة الرأي العام. ففي 18 إبريل 1665 نشر سيد روشمون، المحامي في البرلمان، "ملاحظات حول مسرحية لموليير" فيها وليمة التمثال الحجري بأنها "شيطانية حقاً..لم يظهر قط أفسق منها حتى في العهود الوثنية" ثم أهاب بالملك أن يحضر التمثيلية:
"فبينما يحرص هذا الملك النبيل الحرص كله على صون الدين، نرى موليير يعمل على هدمه..فليس في وسع إنسان مهما قل علمه بتعاليم الدين أن يؤكد بعد رؤية التمثيلية أن موليير أهل للمشاركة في تناول الأسرار المقدسة مادام سادراً في عرضها، أو يستحق أن تقبل توبته دون عقاب علني(30)".
ولكن لويس واصل رضاءه عن موليير. ومثلت "وليمة التمثال الحجري" ثلاثة أيام كل أسبوع من 15 فبراير إلى أحد السعف. ثم سحبت، ولم تعد إلى خشبة المسرح إلا بعد موت مؤلفها بأربع سنوات، ولم تعد إلا على صورة اقتباس شعري بقلم توما كورنبي الذي حذف المشهد الفاضح الذي نقلناه. أما النسخة الأصلية فقد اختفت، ثم اكتشفت ثانية في 1813 طبعة مسروقة نشرت بأمستردام في 1680. وظلت نسخة كورنبي تحتكر المسرح حتى 1841، وهي لا تزال تحتل مكان الأصل في بعض طبعات أعمال موليير(31).
قصة الحضارة ج31 ص183-186، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> موليير -> الملحد العاشق
 
حادثة شخصية، ولاشك أنها متكررة، في مجتمعه الغارق في الدماء المحرمة والجهل والخرافة والقذارة والفقر، وهيمنة الحكم المطلق بصوره المختلفة، ملوكية وباباوية، جعلت موليير يكتب رواية، ومسرحية تمثيلية، يرفض فيها الطب!! والأطباء!!، (كنا قد عرضنا شئ من كلام ديورانت عن أطباء العصور الوسطى المظلمة حتى عصر موليير نفسه) وهنا نقول إن الفيلسوف جعل الطب المسيحي بحالته التي وجدت في زمنكانه، هو الطب!!!، كما جعل الدين الذي وجد في زمنكانه المسيحي هو الدين!!!! ، وهنا نكتشف مأساة الفلاسفة العلمانيين، في جمعهم بين المتناقضات ووصفها بالمتماثلات!!!، غير أن البديل عند فلوبير بعد غرور التنكر والجمع،كان هو الإباحية ، فقد جعلها هي الحل، وذلك بعد الإلحاد والتنكر السابق !!
قال ديورانت
:"وكأن موليير لم يكفه ما أثار عليه من خصوم، فراح يهاجم مهنة الطب. وكان قد صور دون جوان بأنه "فاجر في الطب" ورأى أن الطب "من اكبر كبائر الإنسانية(32)" وكان قد خبر بنفسه ما في أطباء القرن السابع عشر من قصور وغرور. وخيل إليه أن الأطباء قتلوا ابنه وصفوا له حجر الكحل (الأنتيمون)، ورآهم يقفون موقف العاجز من تدرنه الذي يسير بخطى حثيثة(33). كذلك كان الملك ساخطاً على ما يعطونه من مسهلات وما يصفدون من دمه كل أسبوع. ويقول موليير إن لويس هو الذي أغراه بوضع الأطباء على السفود. وعليه فقد كتب في خمسة أيام تمثيلية "الحب خير طبيب" مستعيراً من الملاهي القديمة في هذا الموضوع القديم. وقد أخرجت بفرساي في 15 سبتمبر 1665 في حضرة الملك الذي "ضحك لها من قلبه" ولقيت الترحيب الحار حين مثلت بعد أسبوع في الباليه-رويال. وهي تحكي قصة مريضة يدعى لفحصها أربعة أطباء. فيختلون للمداولة، ولكنهم لا يناقشون إلا شئونهم الخاصة. فإذا أصر والد المريضة على قرار وعلاج، وصف أحدهم لها حقنة شرجية، وأقسم الآخر أن الحقنة ستقتلها لا محالة. ثم تتعافى المريضة بغير دواء، الأمر الذي يثير سخط الأطباء، فيصيح الدكتور باييز "خير لها أن تموت طبقاً للقواعد من أن تشفى مخالفة لها(34)".
وفي 6 أغسطس 1666 عرض موليير مسرحية قصيرة أخرى هي "الطبيب برغم أنفه" مقدمة مسرحية لمسرحيته "مبغض البشر" قصد بها أن يخفف من كآبة هذه التمثيلية التي تتغنى بالتشاؤم. وهي لا تجزي جهد قارئها اليوم بأن موليير لم يقصد أن تؤخذ هجائياته للطب مأخذ الجد. ويلاحظ أنه ظل على علاقات طيبة جداً مع طبيبه الخاص، المسيو دموفلان، وأنه توسط لدى الملك ليجد وظيفة شرفية لابن هذا الطبيب
(1669) وقد شرح مرة كيف كان هو وموفلان منسجمين تمام الانسجام فقال "إننا نناقش الأمر، ويصف هو العقاقير، وأنا أغفل تعاطيها، ثم أشفى(35)".
وبينما كان موليير لا يزال في وطيس المعركة حول طرطوف، قدم في 4 يونيو 1666 هجائية أخرى لم يقصد بها أن يسر الجمهور ولا الحاشية وإذا كانت الحركة روح المسرحية، فإن هذه المسرحية "مبغض البش" أقرب إلى الحوار الفلسفي منها إلى التمثيلية،
قصة الحضارة ج31 ص168-187، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> موليير -> موليير في أوجه
 
قدم موليير أكثر من مسرحية تقدح في الآخرة والجنة والنار والإيمان بالله عموما، وبعدها قدح في الطب والأطباء!، وفي كل حالة كان ينفس عن مشاكله الشخصية المأزومة ، داخل رواياته
أما هجائية "مبغض البشر" فقد عبرتت فيما عبرت عن حياته الزوجية (خيانة زوجته وجذب العشاق) !
قال ديورانت
:"وبينما كان موليير لا يزال في وطيس المعركة حول طرطوف، قدم في 4 يونيو 1666 هجائية أخرى لم يقصد بها أن يسر الجمهور ولا الحاشية وإذا كانت الحركة روح المسرحية، فإن هذه المسرحية "مبغض البش" أقرب إلى الحوار الفلسفي منها إلى التمثيلية،وتكفي جملة واحدة لتلخيص القصة؛ فألسيست، الذي يطالب نفسه وغيره بالفضيلة الصارمة والصراحة الكاملة يحب سيليمين التي تؤثره، ولكن يطيب لها أن ترى العدد العديد من الخطاب وتسمع الكثير من المديح. ويجد موليير في هذا مجرد ذريعة لدراسة الفضيلة. فهل من واجبنا أن نقول الصدق دائماً، أم نحل المجاملة محل الصدق لكي نتقدم في هذه الدنيا؟ أما ألسيست فيرفض أنصاف الحلول التي يتراضى بها المجتمع مع الصدق، ويندد برياء البلاط، حيث يتظاهر كل إنسان بأسمى العواطف و"أحر التحيات" في حين يكيد كلٌ لغيره سراً تحقيقاً لمصلحته الشخصية، ويغتابهم جميعاً، ويستعين بالتملق على نيل الحظوة أو السلطة. وألسيست يحتقر هذا كله، ويريد أن يكون صادقاً ولو أفضى به الصدق إلى الانتحار. ويصر شويعر من رجال البلاط يدعى أورونت على قراءة أشعاره على ألسيست، ويطلب إليه أن ينقدها نقداً مخلصاً؛ وينال ما طلب، فيهدد ويتوعد بالانتقام. وتغازل سيليمين الرجال، فيوبخها ألسيست، فتصفه بأنه إنسان متزمت مغرور، ونكاد نسمع موليير يوبخ زوجته المرحة، والواقع أنه هو الذي لعب دور ألسيست، وهي التي مثلت سيليمين:
ألسيست: سيدتي، أتسمحين لي أن أكون صريحاً معك؟ إنني لشديد الاستياء من تصرفاته..أنا لا أتشاجر معكِ، ولكن مسلككِ يا سيدتي يفتح لأول وافد سبيل إلى قلبك. إن لك عدد هائلاً من العشاق الذين نراهم يحاصرونكِ، ونفسي لا تستطيع الرضى بهذا. سيليمين: أتلومني لأنني أجذب العشاق؟ أهو ذنبي أن الناس يجدونني جديرة بالحب؟ وإذا بذلوا المحاولات اللطيفة لرؤيتي أفآخذ عصا وأطردهم خارجاً؟.
ألسيست: لا، ليست العصا هي ما يجب أن تستعمليه، بل روحاً أقل استسلاماً وذوباناً أمام عهودهم. أعرف أن جمالك يتبعك في كل مكان ولكن ترحيبك يزيد من تجتذبه عيناك تعلقاً بك، وتلطفك مع جميع من يستسلمون لك يكمل في قلوبهم فعل مفاتنك(36). والنقيض الفلسفي لألسيست هو صديقه فيلانت، الذي ينصحه بأن يلائم في لطف بين نفسه وبين ما في البشر من نقائض فطرية وأن يعترف باللطف ميسراً للحياة. وسحر المسيحية في قسمة موليير عواطفه بين ألسيست وفيلانت. فألسيست هو موليير الزوج الذي يخشى أن يكون ديوثاً، ومنجد حجرة الملك الذي عليه-لكي يعد سرير الملك-أن يتصدى لمائة نبيل يفاخرون بنسبهم مفاخرته بعبقريته. وفيلانت هو موليير الفيلسوف، الذي يأمر نفسه بأن يكون معقولاً متسامحاً في الحكم على البشر. يقول فيلانت-موليير لموليير-ألسيست في فقرة لنا أن نعتبرها نموذجاً من موليير الشاعر:
"رباه: فلنقلل من ضيقنا بعادات العصر، ولنتسامح قليلاً مع الطبيعة البشرية، ولا نفحصها بصرامة شديدة، بل ننظر إلى عيوبها بشيء من التساهل. فالحياة في هذه الدنيا تتطلب فضيلة مرنة طيعة، وقد يخطئ المرء بغلوه في الحكمة، فالعقل الكامل يتجنب كل تطرف، ويريدنا أن نكون حكماء في اعتدال. إن التزمت الشديد في فضائل القدماء يصدم كثيراً عصرنا والعرف السائد بيننا، فهو ينشد في البشر كمالاً مفرطاً؛ علينا أن نلين للزمن دون تصلب، والحماقة كل الحماقة في أن نورط أنفسنا في تقويم أخطاء العالم. أني ألحظ كما تلحظ كل يوم عشرات الأشياء التي كان يمكن أن تكون خيراً مما هي لو أنها سلكت طريقاً غير طريقها، ولكن مهما تكشف لي في كل خطوة، فإن الناس لا يروني ساخطاً مثلك. أنني لأتقبل الناس على علاتهم في هدوء كثير، وأروض نفسي على التجاوز عما يفعلون، وأعتقد أن في برودة طبعي من الفلسفة ما في مرارة طبعك، سواء كنت في البلاط أو في المدينة"(37).
وفي رأي نابليون أن حجة فيلانت هي الأرجح، أما جان دارك روسو فرأيه أن فيلانت كذاب، وهو يحب فضيلة ألسيست الصارمة(38). وفي النهاية يهجر ألسيست العالم كما هجره جان دارك ويعتكف في عزلة معقمة. ولم تحقق التمثيلية من النجاح إلا قدراً معتدلاً. فالحاشية لم تسغ هجو تظرفها، وجمهور الصالة لم يتحمسوا لرجل كألسيست يحقر كل شيء صراحة إلا نفسها. ولكن النقاد-الذين لا هم من جمهور الصالة ولا من الحاشية-صفقوا للمسرحية استحساناً، وقالوا إنها محاولة جريئة لتأليف مسرحية الأفكار، أما النقاد المحدثون فيرونها أكمل عمل كتبه موليير. وبمضي الزمن، وبعد أن مات جيلها الذي شهرت به، لقيت قبولاً عاماً، ففيما بين عام 1680 و1954 مثلت 1571 مرة في الكوميدي فرانسيز-ولم يفقها في حفلات تمثيلها سوى طرطوف والبخيل.
قصة الحضارة ج31 ص187،188، عصر لويس الرابع عشر -> فرنسا في أوج عظمتها -> موليير -> موليير في أوجه





 
عودة
أعلى