التاريخ المحسوس لحضارة الإسلام وعصور اوروبا المظلمة من قصة الحضارة لديورانت أ. طارق منينة

امبراطور حرب الثلاثين عاما الكاثوليكي يقتل قائده(القائد الأعلى للجيوش الإمبراطورية)!!!
الإمبراطور الكاثوليكي فرديناند يعزل قائد قواته الأكبر وجنوده يقتلونه بأمر منه وذلك بعد أن خاض له الحروب الدموية ضد البروتستانت!!
حرب الثلاثين عاما
:" :"وفي 31 ديسمبر 1633 قرر فرديناند ومجلسه أن لابد من عزل قائدهم الأعظم، وتناثرت الشائعات في جيش فالنشتين تقول بأنه يتآمر لينصب نفسه ملكاً على بوهيميا ولويس الثامن ملكاً على الرومان. وفي 18 فبراير وزعت أوامر إمبراطورية على الجيش تحله من قيادة فالنشتين، وبعد ذلك بأربعة أيام، ولى هارباً من بلزن، ومعه ألف رجل. وفي اليوم الخامس والعشرين انقض على غرفته في إيجر نفر من الجنود الطامعين في المكافأة، فوجدوه وحيداً أعزل. وأشبعوه طعناً بسيوفهم، ويقول أحد المعاصرين "وفي الحال جروه من قدميه، يصطدم رأسه بكل درجة من درجات السلم(73)" وأسرع القتلة إلى فيينا حيث نالوا ترقية ومالاً وأرضاً. أما الإمبراطور الذي قضى ليالي وأياماً، يستبد به الخوف، يتعبد ويتهجد، فقد حمد الله على معاونته سبحانه"
قصة الحضارة ج30 ص209،210، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هرمجدون أو الحرب الإمبراطورية الفاصلة -> حرب الثلاثين سنة
 
مات إمبراطور حرب الثلاثين عاما بعد أن وضع ابنه على رأس القوات الإمبراطورية (قائداً أعلى للجيوش الإمبراطورية) بدلاً من فالنشتين القائد الأعلى للجيوش الإمبراطورية الذي قتله الإمبراطور ورضي عن قتله ، وصار ابنه يسمى فرديناند الثالث
:"وفارق الإمبراطور العجوز الحياة، وخلا من المسرح 1637. وورث فرديناند الثالث إمبراطورية تعاني فقراً وحرماناً لا سبيل للخروج منهما"
قصة الحضارة ج30 ص211، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هرمجدون أو الحرب الإمبراطورية الفاصلة -> حرب الثلاثين سنة
:"وحل ابن فرديناند وسميه البالغ من العمر ستاً وعشرين سنة، محل فالنشتين في منصب القائد الأعلى للجيوش الإمبراطورية"(ص210)
 
مجازر (1)كاثوليكية-بروتستانتية في حرب الثلاثين عاما وتعبيرات ويل ديورانت
وبداية نهاية حرب الثلاثين عاما والسعي للصلح بعد قتل مائة ألف بل يزيدون!
"كان الإمبراطور الشاب أصغر من أن يدرك أن المذبحة والخراب ربما كانا أفظع ما اقترفته أيدي البشر في جيل واحد في أي بلد من قبل"
:"وبدا الآن أن كل عام يأتي بضربات جديدة تنصب على رأس الإمبراطور الجديد. ففي 1643 تحطمت أسبانيا بانتصار دوق انجين في ركروا. وفي 1644 غزا أنجين وتورن أراضي الراين حتى شمال ماينز، وفي 1645 تقدم تورستنسون حتى صار على أبواب فيينا تقريباً، وانتصر الفرنسيون في معركة دامية عند الليرهيم، واجتاح جيش سويدي بقيادة كونت هانس كريستوف فان كونجز مارك سكسونيا واستولى على ليبزج، وأرغم جون جورج على الخروج من الحرب. وكان الجيش البافاري قد طرد من البلاتينات في 1634 أما الآن، في 1646 فقد غزا تورن بافاريا نفسها وخربها، وتوسل مكسيمليان الذي كان قد ركبه الغرور يوماً، إلى عقد الصلح، والتمس من الإمبراطور أن يفاوض فرنسا من أجل الصلح. ولم يكن فرديناند الثالث صلباً لا ينثني، مثل أبيه، وكانت تصل إلى مسامعه صرخات الإمبراطورية المنهوكة، فأرسل أقدر مفاوضيه إلى وستفاليا وسعيا وراء شيء من التوفيق بين العقائد وبين الأسرات.
كان الإمبراطور الشاب أصغر من أن يدرك أن المذبحة والخراب ربما كانا أفظع ما اقترفته أيدي البشر في جيل واحد في أي بلد من قبل. فلم يكن هناك جيشان، بل ستة جيوش-الألماني والدنمركي والسويدي واليوهيمي والأسباني والفرنسي
قصة الحضارة ج30 ص212، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هرمجدون أو الحرب الإمبراطورية الفاصلة -> حرب الثلاثين سنة
 
مجازر (2)كاثوليكية-بروتستانتية في حرب الثلاثين عاما وتعبيرات ويل ديورانت
:"كان الإمبراطور الشاب (يقصد ابن فرديناند امبراطور حرب ال30 عاما) أصغر من أن يدرك أن المذبحة والخراب ربما كانا أفظع ما اقترفته أيدي البشر في جيل واحد في أي بلد من قبل. فلم يكن هناك جيشان، بل ستة جيوش-الألماني والدنمركي والسويدي واليوهيمي والأسباني والفرنسي معظمهما من الجيوش المرتزقة أو الأجانب الذين لا تربطهم أية صلة بالشعب أو التراب أو التاريخ الألماني، يقودهم عسكريون مغامرون يقاتلون من أجل أية ملة نظير أجر، وهي جيوش تعيش على استسلاب الحبوب والفاكهة والماشية من الحقول، تقيم أو تأوي في الشتاء إلى مساكن الشعب، جزاؤها هو حقها في السلب والنهب، وابتهاجها بالقتل والغضب. وكان مبدأ مقبولاً مسلماً به لدى كل الأطراف المتحاربة، أن تذبح أية حامية كانت قد رفضت الاستسلام "بعد أن أصبح الاستسلام أمراً لا مناص منه"، وأحس الجنود أن المدنيين فرائس أو ضحايا مشروعة، فأطلقوا الرصاص على أقدامهم في الشوارع، وجندوهم لخدمتهم. وخطفوا أطفالهم من أجل الحصول على الفدية وأشعلوا النار في مخازن التبن وأحرقوا الكنائس لمجرد التسلية واللهو. لقد قطعوا أيدي وأرجل قسيس بروتستانتي لأنه قاوم تحطيم كنيسته، وربطوا القساوسة تحت العربات، وأجبروهم على الزحف على أيديهم وأرجلهم حتى خارت قواهم من الإعياء(75)، وكان حق الجندي في اغتصاب النساء أمراً مسلماً به، فإذا طلب والد أن يحاكم جندي اغتصب ابنته وقتلها، أبلغه الضابط المختص أنه لو لم تكن ابنته ضنينة بعذريتها إلى هذا الحد لبقيت على قيد الحياة(76).
وعلى الرغم من الاختلاط المتزايد تناقص عدد سكان ألمانيا بسرعة أثناء الحرب، وكان التناقص مبالغاً فيه وكان مؤقتاً، ولكنه كان فاجعاً. وتقول التقديرات المعتدلة بأن عدد سكان ألمانيا والنمسا هبط من 21 إلى 15 مليوناً(77). وقدر الكونت فون لوزو أن عدد سكان بوهيميا هبط من ثلاثة ملايين إلى 800 ألف(78). وبين 35 ألف قرية في بوهيميا 1618، هناك نحو 29 ألف قرية هجرها أهلوها أثناء الصراع(79). وهناك في مختلف أنحاء الإمبراطورية مئات من القرى لم يبق فيها ساكن واحد، وقد يقطع المرء في بعض الأقاليم ستين ميلاً دون أن يرى قرية أو بيتاً(80)، وكان في 19 قرية في ثورنجيا في 1618 نحو 1717 بيتاً، لم يتبق منها في 1649 سوى 627 بيتاً، لم يكن كثير منها آهلاً بالسكان(81). وتركت آلاف الأفدنة الخصيبة دون فلح أو زرع بسبب نقص الرجال أو الدواب أو البذور، أو لأن الفلاحين لم يكونوا على ثقة من أنهم سوف يحصدون نتاج ما يزرعون. واستخدمت المحصولات لإطعام الجيوش، وكان ما تبقى يحرق لئلا يستفيد من الأعداء. وأضطر الفلاحون في كثير من الأماكن إلى أكل الفضلات المخبأة، أو الكلاب أو القطط أو الفئران، أو جوز البلوط أو الحشائش، وقد وجد بعض الموتى وفي أفواههم بعض الحشائش وتنافس الرجال والنساء مع الغربان والكلاب على لحم الخيول الميتة. وفي الألزاس انتزع المعتدون المشنوقين من المشنقة، تلهفاً على التهام جثثهم. وفي أراضي الراين كانت القبور تنبش وتباع الجثث لتؤكل. واعترفت امرأة في زويبركن بأنها أكلت طفلها(82). وتعطلت وسائل النقل إلى حد تعذر معه نقل الفائض في جهة إلى جهة أخرى بعيدة محرومة. وتهدمت الطرق بسبب المعارك، أو بات من الخطر ارتادها بسبب قطاع الطرق، أو ازدحمت بالمهاجرين واللاجئين. وعانت المدن الصغيرة أقل مما عانت القرى. وهبط عدد سكان كثير منها إلى نصف ما كان عليه من قبل. وأصبحت المدن الكبرى أطلالاً خربة-مجدبرج، هيدلبرج، نورمبرج، نيو ستاد، بايريت. وتدهورت الصناعة لعدم وجود المنتخبين والمشترين والحرفيين، وكسدت التجارة. وصار التجار الذين كانوا يوماً أثرياء يتسولون أو يسرقون من أجل لقمة العيش. وامتنعت المكوميونات عن دفع ديونها بعد أن أعلنت إفلاسها. وأحجم الممولون عن الإقراض خشية أن تتحول القروض إلى هبات أو منح. وأفقرت الضرائب كل الناس، اللهم إلا القواد والجباة والقساوسة والملوك، وبات الهواء ساماً بسبب الفضلات والنفايات والجثث المتعففة في الشوارع. وانتشرت أوبئة التيفوس والتيفود والدوزنتاريا والأسقربوط بين السكان المذعورين، ومن بلدة أخرى. ومرت القوات الأسبانية بمدينة ميونخ فتركت وراءها طاعوناً أودى بحياة عشرة آلاف ضحية في أربعة شهور(83). وذوت وذبلت في أتون الحرب الفنون والآداب التي كانت تضفي على المدن شرفاً ومجداً.
وانهارت الأخلاق والروح المعنوية على حد سواء، فإن اليأس المقرون بالإيمان بالقضاء والقدر دعا إلى الوحشية المقترنة بالسخرية. واختفت كل المثل الدينية والوطنية بعد جيل ساده العنف، وكان البسطاء من الناس يكافحون الآن من أجل الطعام أو الشراب، أو يقاتلون بسبب الكراهية. على حين عبأ سادتهم عواطفهم في التنافس على اقتناء الأراضي التي يمكن أن يجمعوا منها الضرائب، وعلى السلطة السياسية. وهنا وهناك ظهرت بعض النواحي الإنسانية
قصة الحضارة ج30 ص213-215، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هرمجدون أو الحرب الإمبراطورية الفاصلة -> حرب الثلاثين سنة
 
آلاف النساء أخرقت بحجة غالبا ماتكون كاذبة في حرب الثلاثين عاما
:"وأعدم أثناء المعمعة آلاف من الساحرات"
قصة الحضارة ج30 ص219، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هرمجدون أو الحرب الإمبراطورية الفاصلة -> صلح وستفاليا
 
في الغرب..كانت حرب ال80 عاما شغالة في هولندا وحرب الثلاثين شغالة في المانيا ، فرفض الناس الباباوية والمسيحية
:"ولكن على الرغم من إن الإصلاح الديني قد أنقذ، فإنه عانى، مع الكاثوليكية، من التشكك الذي شجعته بذاءة الجدل الديني. ووحشية الحرب، وقساوة العقيدة. وأعدم أثناء المعمعة آلاف من الساحرات. وبدأ الناس يرتابون في المذاهب التي تبشر بالمسيح وتقترف قتل الأخوة بالجملة. وكشفوا عن الدوافع السياسية والاقتصادية التي تسترت تحت الصيغ الدينية، وارتابوا في أن حكامهم يتمسكون بعقيدة حقة، بل أنها شهوة السلطة هي التي تتحكم فيهم-ولو أن فرديناند الثاني بسلطانه المرة بعد المرة، من أجل عقيدته. وحتى في أظلم العصور الحديثة هذه، ولى كثير من الناس وجوههم
شطر العلم والفلسفة للظفر بإجابات أقل اصطباغاً بلون الدم من تلك التي سعت العقائد أن تفرضها في عنف بالغ. وكان جاليليو يفرغ في قالب مسرحي ثورة كوبرنيكس. وكنا ديكارت يثير الجدل حول كل التقاليد وكل السلطة. وكان برونويشكو إلى أوربا آلامه المبرحة وهو يساق إلى الموت حرقاً. لقد أنهى صلح وستفاليا سيطرة اللاهوت على العقل في أوربا، وترك الطريق إلى محاولات العقل واجتهاداته، غير معبد، ولكن يمكن المرور فيه.
"
قصة الحضارة ج30 ص219،220، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هرمجدون أو الحرب الإمبراطورية الفاصلة -> صلح وستفاليا
 
البابا رقم 3 -إنوسنت العاشر-في حرب الثلاثين عاما يلعن نتائج معاهدة صلح وستفاليا
التي ادت الى انتهاء حرب الثلاثين عاما
حرب الثلاثين والمعاهدة التي انهتها أدت إلى إهمال السلطة الباباوية
:"وفي 20 نوفمبر 1948 أعلن البابا إنوسنت العاشر "أنها غير ذات قوة شرعية ملزمة، ملعونة بغيضة، ليس لها أي أثر أو نتيجة على الماضي أو الحاضر أو المستقبل"(85). وتجاهلت أوربا هذا الاحتجاج. ومنذ تلك اللحظة لم تعد البابوية قوة سياسية عظمى، وأنحط شأن الدين في أوربا.
قصة الحضارة ج30 ص219، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هرمجدون أو الحرب الإمبراطورية الفاصلة -> صلح وستفاليا
 
ضعف المسيحية-أو قل انهيار سلطان المسيحية - بحرب ال80 في هولندا وحرب ال30 في المانيا واوروبا
:"أما الضحية الخفية للحرب فهي المسيحية، لقد كان على الكنيسة الكاثوليكية أن تتخلى عن قرار إعادة أملاك الكنيسة، وأن تعود سيرتها الأولى إلى الوضع الذي كانت عليه ممتلكاتها في 1624، وترى الأمراء مرة أخرى يقررون عقيدة رعاياهم. ومهما يكن من أمر، فإن هذا مكن الكنيسة من إخراج البروتستانتية من بوهيميا موطن إصلاح هس
قصة الحضارة ج30 ص218، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هرمجدون أو الحرب الإمبراطورية الفاصلة -> صلح وستفاليا
 
من نتائج معاهدة الصلح ،صلح وستفاليا،بعد حرب ال30 عاماً
إلزام الإمبراطور بحدود لايتعداها!!
:"وكان على الإمبراطور أن يقنع بالاعتراف بحقوقه الملكية في بوهيميا والمجر. ومن ثم اتخذت إمبراطورية النمسا والمجر شكلها على أنها حقيقة واقعة في هيكل الإمبراطورية المقدسة. لقد انهارت اقتصاديات الإمبراطورية المعمرة، من جهة بسبب نقص السكان وتدهور الصناعة والتجارة أثناء الحرب، ومن جهة أخرى بسبب مرور المنافذ النهرية الكبيرة إلى دول أجنبية من منافذ الأودر والألب إلى السويد، والراين إلى المقاطعات المتحدة.
قصة الحضارة ج30 ص218، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هرمجدون أو الحرب الإمبراطورية الفاصلة -> صلح وستفاليا
 
تلخيص بنود معاهدة الصلح بين دول حرب الثلاثين عاما
:"ولا بد من تلخيص بنود هذه المعاهدة التي أعادت تشكيل أوربا من جديد، لأنها أوجزت وأخرجت قدراً كبيراً من التاريخ.
1- حصلت سويسرا والمقاطعات المتحدة على اعتراف رسمي باستقلالهما.
2- حصلت بافاريا على البالاتينات العليا (الجنوبية)، مع صوتها الانتخابي.
3- أعيدت البالاتينات الدنيا (الشمالية)، بوصفها موطناً انتخابياً ثامناً، إلى شارل لويس بن فردريك المتوفى.
4- حصلت براندنبرج على بوميرانيا الشرقية وأسقفيات مندن وهالبرستاد وكامين، ووراثة أسقفية مجدبرج. وعاونت فرنسا أسرة هوهنزلرن الناشئة في الحصول على هذه الثمار اليانعة، بفكرة إقامة قوة أخرى ضد آل هبسبرج، وما كان منتظراً من فرنسا أن تتنبأ بأن براندنبرج ستصبح بروسيا التي سوف تتحداها على عهد فردريك الأكبر، ثم توقع بها الهزيمة على يد بسمارك.
5- ونالت السويد، بفضل انتصارات جيوشها أساساً، وبفضل مساندة فرنسا لها في المؤتمر، بشكل جزئي، أسقفيتي بريمن وفردن، ومدينتي ويزمار واستتن، ومنطقة مصب نهر الأودر، ولما كانت هذه كلها إقطاعيات إمبراطورية، فقد حصلت السويد على مقعد في الديت الإمبراطوري، ولما استولت بالفعل على ليفونيا وأستونيا وأنجريا وكاريليا وفنلندة فقد أصبحت الآن في عداد الدول العظمى، وسيدة البلطيق حتى جاء بطرس الأكبر. 6- واحتفظت الإمارات الألمانية بما كان قبل الحرب من "حريات" في مواجهة الأباطرة.
7- وكان على الإمبراطور أن يقنع بالاعتراف بحقوقه الملكية في بوهيميا والمجر. ومن ثم اتخذت إمبراطورية النمسا والمجر شكلها على أنها حقيقة واقعة في هيكل الإمبراطورية المقدسة. لقد انهارت اقتصاديات الإمبراطورية المعمرة، من جهة بسبب نقص السكان وتدهور الصناعة والتجارة أثناء الحرب، ومن جهة أخرى بسبب مرور المنافذ النهرية الكبيرة إلى دول أجنبية من منافذ الأودر والألب إلى السويد، والراين إلى المقاطعات المتحدة.
8- وكان أكبر الغنم لفرنسا التي مولت ثروتها السويديين المنتصرين، وفرض قوادها الصلح فرضاً. فسلمت إليها الألزاس فعلاً، مع أسقفيات متزوفردون وتول وحصن بريزاك على الجانب الألماني من الراين. وسمح الآن للويس الرابع عشر بالاستيلاء على فرانشن كونتية واللورين، وفق هواه وتحقيق هدف ريشليو-الذي كان الآن قد فارق الحياة-كسر شوكة آل هبسبرج ومد حدود فرنسا، وتمكين وحدة فرنسا ودفاعها، والإبقاء على فوضى الإمارات في الإمبراطورية، وعلى الصراع بين الأمراء والإمبراطور، وعلى النزاع بين الشمال البروتستانتي والجنوب الكاثوليكي، مما يحمي فرنسا من خطر ألمانيا موحدة. وحلت فرنسا محل أسبانيا- أو احتلت أسرة البورون مكان آل هبسبرج بوصفها قوة عظمى مسيطرة على أوربا، وسرعان ما علا لويس الرابع عشر إلى منزلة الشمس.
قصة الحضارة ج30 ص217-219، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هرمجدون أو الحرب الإمبراطورية الفاصلة -> صلح وستفاليا
 
حرب الثمانين عاما(هولندا ضد المستعمر الاسباني) متداخلة مع حرب الثلاثين(المانيا داخليا وخارجيا )
:"ورغبة في إضعاف مركز فرنسا، عمدت أسبانيا (8 يناير 1648) إلى توقيع صلح منفرد مع المقاطعات المتحدة-التي كانت لتوها قد وعدت فرنسا بعدم توقيع صلح منفرد، ولكن الهولنديين لم يكونوا ليضيعوا الفرصة التي لاحت لهم ليكسبوا بجرة قلم ما قاتلوا من أجله طيلة ثمانين عاماً. فكان جواب فرنسا على هذا أنها رفضت عقد الصلح مع أسبانيا، واستمرت الحرب بينهما حتى صلح البرينز 1659.
قصة الحضارة ج30 ص216، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هرمجدون أو الحرب الإمبراطورية الفاصلة -> صلح وستفاليا
 
معلومة بدون توثيق مني لكنها مفيدة
وافتتح مؤتمر وستفاليا شكلاً في 4 ديسمبر 1644، وضم 135 عضواً بما فيهم رجال اللاهوت والفلاسفة. وانقضت منذ ذاك اليوم ستة شهور في تحديد نظام الأسبقية في دخول المندوبين إلى القاعات وجلوسهم وما كان السفير الفرنسي ليدخل في المفاوضات إلا إذا خوطب بلقب "صاحب الفخامة". وعندما وصل السفير الأسباني تجنب السفير الفرنسي ونأى بنفسه عنه، لأن أياً منهما لا يعترف للآخر بالأسبقية، واتصل كل منهما بالآخر عن طريق شخص ثالث. ورفضت فرنسا الاعتراف لفيليب
الرابع بلقب ملك البرتغال وأمير قطالونيا. كما رفضت أسبانيا الاعتراف بلقب ملك نافار للويس الرابع عشر. وتنازع المندوبون السويديون فيما بينهم وأضاعوا الوقت حتى صدرت إليهم أوامر الملكة الشابة الجزئية كريستينا بأن يصلحوا فيما بينهم. ثم يعقدوا مع العدو. وفي الوقت نفسه كان الرجال يذهبون إلى الحرب ليلقوا حتفهم.
 
أيها العلمانيون الكاذبون المراوغون (ومنهم محمد الحداد التونسي تلميذ أركون الجزائري ) لاتكتموا الحقائق وتتلاعبوا بالوثائق والمعلومات
وإليكم هذه
:"وحتى كبلر ونيوتن مزجا علمها بالأساطير. وآمن كبلر بالسحر. وكتب نيوتن في العلم أقل مما كتب عن "سفر الرؤيا".
قصة الحضارة 222، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> الخرافة
 
كبلر العالم الكبير والتنجيم
:"وكان كبلر ينظر إلى التنجيم بعين الريبة والشك، ولكنه مكان يداهن فيقول: "كما أن الطبيعة هيأت لكل حيوان من الوسائل ما يحصل به على العيش، فقد هيأت التنجيم للمنجم لتمكنه من العيش".
قصة الحضارةج30 ،ص 223، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> الخرافة
 
التنجيم في أوروبا القرن ال17
:"وفي 1586 حذر البابا سكستس الخامس الكاثوليك منه. ولكنه ظل بين الإبقاء والإلغاء في جامعة سالامنكا حتى 1770. وكانت الغالبية العظمى من الناس، وكثير من أفراد الطبقات العليا، يستنبئون البروج عن المستقبل من مواقع النجوم، وكانوا يكشفون عن "طالع" أي طفل مهما كان شأنه بمجرد ولادته، وقد اختبأ أحد المنجمين بالقرب من مخدع آن النمساوية عند ولادة لويس الرابع عشر(2). وعندما ولد جوستاف أدولف طلب أبوه شارل التاسع إلى تيكوبراهي أن يكشف عن طالعه، فتنبأ المنجم في حرص وحذر بأنه سوف يصبح ملكاً. وكان كبلر ينظر إلى التنجيم بعين الريبة والشك، ولكنه مكان يداهن فيقول: "كما أن الطبيعة هيأت لكل حيوان من الوسائل ما يحصل به على العيش، فقد هيأت التنجيم للمنجم لتمكنه من العيش". وفي 1609 أجزل فالنشتين العطاء لمن أتاه بطالع سعيد، وكان دائما يصطحب معه في رحلاته وجولاته منجماً(4)، وربما قصد بذلك تشجيع قواته. وكم من مرة استثارت كاترين دي مديتشي وحاشيتها المنجمين(5). وحظي جون دي بشهرة فائقة في التنجيم، حتى اكتشف أن النجوم تآمره أن يتبادل الزوجات مع أحد تلاميذه(6). ...وفي 1609 أجزل فالنشتين العطاء لمن أتاه بطالع سعيد، وكان دائما يصطحب معه في رحلاته وجولاته منجماً(4)، وربما قصد بذلك تشجيع قواته. وكم من مرة استثارت كاترين دي مديتشي وحاشيتها المنجمين(5). وحظي جون دي بشهرة فائقة في التنجيم، حتى اكتشف أن النجوم تآمره أن يتبادل الزوجات مع أحد تلاميذه(6).
قصة الحضارة ج30 ص 223،224،، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> الخرافة
 
تسابق الكاثوليك والبروتستانت في إعدام السحرة ,كثير منهم ليسوا كذلك.
بدلا من فحص المتهمين بالسحر يقتلونهم
المانيا
:"وفي ألمانيا تسابق الكاثوليك والبروتستانت في إعدام السحرة حرقاً. وثمة رواية يمكن الاعتماد عليها ولو أنها لا تكاد تصدق، بأن رئيس أساقفة تريير أمر بإحراق 120 شخصاً في فالزفي 1596 بتهمة أنهم أطالوا فترة الجو البارد أكثر من المألوف بطريقة شيطانية(18). ونسب طاعون الماشية في إقليم سكونو في 1598 إلى السحرة. وحث مجلس بافاريا المخصوص في ميونخ المحققين "على إظهار مزيد من الجدية والصرامة في الإجراءات"، فكانت النتيجة إحراق 63 ساحراً، كما طلب من أقارب الضحايا دفع نفقات المحاكمة(19)" وفي هاينبرج بالنمسا أعدم ثمانون بتهمة الشعوذة في عامي 17-1618 وقيل أنه في 1627-1629 أعدم أسقف وورنبرج 900 من السحرة(20). وفي 1582 أصدر الناشرون البروتستانت من جديد، وبموافقة منهم "مطرقة السحرة" التي كان المحقق الدومنكاني جاكوب سبرنجر قد نشرها في 1487، وهي عبارة عن توجيهات وإرشادات تفيد في الكشف عن السحرة وفي محاكمتهم. وأصدر أوغسطس ناخب سكسونيا في 1572 قراراً بإحراق السحرة حتى الموت حتى ولو لم يؤذوا أحداً. وفي اللنجن أحرق 1500 من السحرة في 1590، وفي اللوانجن 167 في 1612، وفي عامين(21). وكادت ثمة موجات مماثلة في أوسنابروك 1588، ونوردانجن 1590، وفي ورتمبرج 1616. على أن هذه الإحصاءات الأخيرة مأخوذة عن نشرات صحفية معاصرة ومعروفة بعد الدقة. ويقدر الباحثين الألمان جملة من أعدموا بتهمة السحر بمائة ألف في ألمانيا في القرن السابع عشر(22).
وارتفعت أصوات قليلة تدعو الناس إلى العقل
قصة الحضارة ج30 ص227، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> الخرافة
 
نص ديورانتي عن
ظروف اوروبا في انتقالها التدريجي الشعوري واللاشعوري، السياسي والإجتماعي، الأدبي والفلسفي، الفكري والعملي، القانوني والتشريعي، من المسيحية الباباوية والبروتستانتية الى بذور العلمانية
قال ديورانت بعد ان تكلم عن حرب الثلاثين عاما ثم عن التنجيم وحرق المنجمين والسحرة او اعد\امهم
:"فعندما أصبحت حرب الثلاثين حرباً سياسية بشكل صريح سافر، لم يعد الدين يحتل مكاناً هاماً في كراهيات الناس وحزازاتهم. وانتشرت الطباعة وكثرت الكتب، ونهضت
المدارس، وفتحت الجامعات، وأسهم المكافحون الصابرون سنة بعد أخرى، بوضع لبنة في البناء الناشئ، بناء العلم والمعرفة. وفي مائة من المدن عكف المحبون للإطلاع على اختبار الفروض بالتجارب. وتقلص نطاق ما هو خارق للطبيعة ببطء، ونما نطاق ما هو طبيعي ودنيوي. أنه تاريخ موضوعي مجرد قاتم، مؤلف من شظايا، وهو أعظم مسرحية في الأزمنة الحديثة.
قصة الحضارة ج30 ص228،229، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> الخرافة
 
دور النشر في الغرب للقرون ال16 ومابعدها
:" انتقال المعرفة ..إن الأبطال الأولين هنا هم الطابعون الناشرون الذين غذوا مجرى المداد الذي تدفقت منه المعرفة من عقل إلى عقل، ومن جيل إلى جيل. واستأنفت دار أستين الكبيرة للنشر، نشاطها في جنيف على يد هنري استين الثاني، وفي باريس بفضل روبرت استين الثلث. ونشأت أسرة مثل هذه (نحو 1580) في ليدن كان على رأسها لويس الزفير، ونهض أبناؤه الخمسة وحفداؤه وابن لأحد حفدته، بالعمل
قصة الحضارة ج30 ص229، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> انتقال المعرفة
 
الرقابة على المطبوعات والكتب
:"وكانت الرقابة على المطبوعات عامة شاملة بطريقة عملية، وفي العالم المسيحي بأسره: الكاثوليك والبروتستانت، ورجال الدين والعلمانيون على حد سواء وفي 1571 شكلت الكنيسة "لجنة من الكرادلة لتحديد الكتب المحظورة"، لحماية المؤمنين من الكتب التي تعتبر مسيئة للكثلكة، ولم تكن الرقابة البروتستانتية بمثل قوة الرقابة الكاثوليكية وصرامتها، ولكنها جادة مثابرة مثلها. وقد نشطت في إنجلترا وإسكتلندة وإسكندناوة وهولندا وألمانيا وسويسرا(30). وهيأ تباين التعاليم في مختلف الدول للهراطقة أن يتغلبوا، بشكل أو بآخر، على الرقابة بنشر كتبهم في الخارج، وإدخال بضع النسج منها سراً. والأدب الحديث مدين للرقابة ببعض ما يتسم به من سخرية وظرف وبراعة.
قصة الحضارة ج30 ص230، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> انتقال المعرفة
 
كانت الجامعات الاسلامية مفتوحة للجميع حتى المجوس وعباد النار والفرق المسيحية واليهود
بخلاف اوروبا في القرون مابعد سقوط الاندلس
:"وفي 1596 عندما أخمد هنري الرابع الصراع الديني، عين كازوبون أستاذاً في مونبلييه. ودعي بعد ذلك بثلاثة أعوام إلى باريس. ولكن الجامعة أوصدت أبوابها في وجوه غير الكاثوليك، فأحاطه هنري برعايته، كأمين للمكتبة الوطنية، براتب محترم قدره 1200 جنيه في العام.
قصة الحضارة ج30 ص233، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> انتقال المعرفة
 
عن أمية أوروبا القرن ال16 ديورانت يتحدث!
:"(1653)...
وحظيت قلة ضئيلة بمثل هذا القدر الكبير من العلم والمعرفة، بينما ظل 80% من سكان أوربا الغربية أميين. وقضى جون كومنيوس أربعين عاماً يكافح في سبيل النهوض بخطط التعليم في أوربا.
قصة الحضارة ج30 ص23235،، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> انتقال المعرفة
 
تقدم بطئ لكنه فعال-الجامعات الأوروبية تتكون
وكان ثمة شيء من التقدم. فإن الأمراء الألمان جدوا في تأسيس مدرسة ابتدائية في كل قرية. ونادى دوق ساكس-ويما في 1619 بمبدأ التعليم العام الإلزامي لكل البنين والبنات من سن السادسة إلى الثانية عشرة(37)، مع عطلة مدتها شهر في موسم الحصاد. وما وافى عام 1719 حتى عم هذا النظام ألمانيا بأسرها. وكانت المدارس الثانوية لا تزال موصدة أمام الإناث، ولكنها تضاعفت وحسن مستواها. وفتحت في هذا اثنتان وعشرون جامعة جديدة . وكانت جامعة أكسفورد سائرة على طريقة التقدم والنجاح كما وصفها كازوبون في 1613، وقد تأثر بما رآه من رواتب الأساتذة ومكانتهم الاجتماعية، بالمقارنة بنظرائهم في القارة. ففي 1600 كانت رواتب الأساتذة في ألمانيا ضئيلة إلى حد أنهم لجئوا إلى بيع الجعة والنبيذ احتيالاً على العيش، وكان الطلبة في الجامعة فيينا يشربون ويلهون في حانات يديرها الأساتذة(38). وتدهورت الجامعات الأسبانية بعد فيليب الثاني، وساءت أحوالها تحت وطأة محاكم التفتيش، في الوقت الذي أسست فيه عدة جامعات أسبانية في مستعمرات أسبانيا في أمريكا-في ليا 1551، في مدينة المكسيك 1553، أي قبل افتتاح كلية هارفرد (1636) بزمن طويل. وافتتح الهولنديون الموسرون ست جامعات في تلك الحقبة. وعندما نجحت ليدن في مقاومة الحصار الأسباني (1574)، وجهت الجمعية العمومية للمقاطعات المتحدة الدعوة لأهالي البلدة، ليدن، ليروا رأيهم فيما يمكن أن يكافئوا به، فطالبوا بإنشاء جامعة، وكان لهم ما أرادوا. وكانت السلطة الدينية تسيطر على أمور التعليم في الأقطار الكاثوليكية والكلفنية. وفي إنجلترا والبلاد اللوثرية كان رجال الدين يديرون معظم التعليم تحت إشراف الدولة. وفي كل الجامعات تقريباً، باستثناء بادوا، كان مطلوباً من المعلمين والطلبة أن يعتنقوا المذهب الرسمي، وكانت الدولة والكنيسة كلتاهما تحد من الحرية الجامعية بدرجة كبيرة. وقضت الخلافات الدينية على الصبغة العلمية للجامعات، فانحصر الطلبة الأسبان في أسبانيا، ولم يعد الطلبة الإنجليز يلتحقون بجامعة باريس. وظلت أكسفورد حتى 1871 تفرض على طالب الدرجة الجامعية، الموافقة على مواد الكنيسة الرسمية التسع والثلاثين. ومال الفكر الأصيل الخلاق إلى الاختفاء من الجامعات، والتمس ملجأ في الأكاديميات الخاصة والدراسات غير النظامية أو غير النمطية.
قصة الحضارة ج30 ص236-237، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> انتقال المعرفة
 
الجامعة التي التحق بها جاليليو 1611بعد حرب ال30، و80، وغيرها من الحروب ، تتأسس!!
"في 1603 أسس فدريجوسيزي، مركيز مونتبلو "أكاديمية ذوي البصر الحاد" التي التحق بها جاليليو 1611، وحدد دستورها هدفها:
إن جامعة ذوي البصر الحاد تتطلب من أعضائها الفلاسفة أن يكونوا تواقين إلى المعرفة الحقة، وأن ينصرفوا بكليتهم إلى دراسة الطبيعة، وبخاصة الرياضيات، ولن تهمل في الوقت
نفسه أو تزيف مناهجها بالآداب والدراسات اللغوية الجميلة التي يزدان بها، بوصفها حلياً وجواهر كريمة، نطاق العلم بأكمله، وليس في خطة هذه الأكاديمية أن تفسح المجال للخطب والمجادلات ويجدر بها أن تغضي في هدوء وصمت عن كل الخلافات السياسية. وعن أي لون من المهاترات الكلامية(39).
وحلت هذه الجامعة 1630، ولكن في 1657 واصلت السير على نهجها أكاديمية دل شيمنتو (التجربة والبرهان). وسرعان ما تأسست جمعيات مماثلة في إنجلترا وفرنسا وألمانيا. حتى يتسنى للروح العلمية الملهمة في العلوم أن تضع الأسس الفكرية والتكنولوجية للعالم الحديث.
قصة الحضارة ج30 ص237،238، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> انتقال المعرفة
 
تلاحظون أنني أمر للمرة الثالثة أو إن شئت فقل الثانية، على المجلدات من 29-والآن30، وسنمضي ، بتؤدة وصبر وتصبر وتفصيل، وفي كل فوائد هائلة، حتى ال35، مع أننا مررنا عليها من قبل، إلا أن القراءة الثانية والثالثة مفيدة جدا، خصوصا من الكتب التي قد لاتستطيع مرة أخرى الرجوع إليها،مثل كتابنا الضخم هذا من قصة الحضارة لديورانت، وكلما كان التمهل أعظم، والصبر أكمل، كلما كملت المعلومة وثبتت الفكرة بل ربما ظهر لك عمل جديد لم تكن لتصل إلى بذرته لولا المراجعة الصبورة لعمل من الإعمال الواسعة كالذي نحن بصدده الآن.
وعلى كل حال فعمل أساسات لعملك هو شئ من الأهمية بمكان، وهو ماينبغي أن نقوم به، تحقيقا لكلام النبي" إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها" أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
وربما نودع هذا الكتاب قريبا، معتمدين على أننا خلصنا إلى قلبه، وإلتحمنا بتاريخه، وعركنا أسلوبه، وسمرنا مع نمنماته وحكاويه، وإعترضنا على بعض أفكاره وثغراته.
بعد المجلد ال35 ،سنمضي أيضا إلى المجلدات حتى المجلد 42،
وفي الحقيقة إن المنشورات هذه محتفظ بها في ملتقى أهل التفسير، إلى حين ، كما أنني أشتغل عليها دوما، وارجو أن تكونوا قد استفدتم منها، أو على الأقل تنبيه طلاب الجامعات والدراسات والبحوث عليها إن كانت في مجال إشتغالهم العلمي والبحثي، والله من وراء القصد، وبالله التوفيق.
 
جاليليو :الكون سفر عظيم ضخم
"قال جاليليو عن الفلسفة وهو يقصد "الفلسفة الطبيعية" أو العلوم:
إن الفلسفة مدونة في هذا السفر الضخم، ألا وهو الكون الذي يقف دوماً مكشوفاً أمام أعيننا نحملق فيه كيف نشاء. ولكن لن يتسنى لنا فهم هذا الكتاب إلا إذا تعلمنا، أول الأمر، كيف نعي اللغة ونقرأ الحروف التي تتألف منها. أن هذا السفر مكتوب بلغة الرياضيات(44)،
قصة الحضارة ج30 ص242، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> أدوات العلم ومناهجه
 
هارفي أم ابن النفيس؟
فتوحات الإسلام في العلم ...ألم تكن هذه أعظم الحروب التي خاضها على مختلف الأصعدة
ومع ذلك لنسمع ديورانت يتكلم عن أعظم المعارك!!
قال ديورانت
:"وآوى علم التشريح إلى شيء من الركود بعد جهود فيساليوس. وكان تشريح الجثث لا يزال محل معارضة-كما فعل هوجو جروتيوس(53). ولكن "دروس التشريع" الكثيرة في الفن الهولندي تعكس الارتياح العام إلى هذا العمل. والاسم اللامع هنا، مثلما هو في الجراحة هو جيولامو فابرزيو أكوابندانت. تلميذ فللوبيو وأستاذ هارفي. وفي أثناء رياسته لجامعة بادوا شيدت هناك قاعة التشريح الكبرى-وهي المبنى الوحيد المحتفظ به كاملاً من تلك الحقبة، إن اكتشافه للصمامات في الأوردة، ودراساته في تأثيرات الأربطة قادتا هارفي إلى شرح الدورة الدموية وتقدمت المعرفة بدورة السوائل في الجسم خطوة إلى الأمام بكشف جاسبارو أسللي للأوعية اللمفاوية التي تنقل الكيلوس الشبيه باللبن (مستحلب الطعام المهضوم قبل امتصاصه) من الأمعاء الدقيقة. والحق أن أسللي، على الرغم من اسمه "الجحش الصغير" وصف الدورة الدموية قبل أن ينشر هارفي نظريته بست سنين. وكان اندريا سيسالبينو قد شرح النظرية الأساسية (1571) قبل هارفي بنصف قرن. وظل يتعلق بالفكرة القديمة، وهي أن بعض الدم يمر من الحجاب الحاجز للقلب، ولكنه اقترب، أكثر من هارفي، من شرح كيفية انتقال الدم من الشرايين إلى الأوردة إن أنبل الجيوش كانت تتقدم على مائة جبهة لتخوض أعظم الحروب والمعارك إنها معارك العلم.
قصة الحضارةج30 ص250، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> العلم والحياة
 
الطاعون وتفسير السكان في أوروبا له(القرن ال16،والقرن ال17)
:"وثمة إحصاءات قد يكون مبالغاً فيها، بأن الوفيات بلغت 4000 من الطاعون الدملي في بازل 1563-1564، وأن 25% من سكان فريبورج-أم-بريزو ماتوا بالطاعون 1564، و9000 في ردستوك، و5000 في فرانكفورت 1565، 4000 في هانوفر، و6000 في برونزويك 1566(55) وعزا السكان المذعورون مثل هذا الطاعون إلى دس السموم عمداً. وفي فرانكشتين في سيليزيا أحرق 17 شخصاً أحياء حتى الموت للاشتباه في أنهم دسوا السم(56). وكانت وطأة الطاعون الدملي شديدة جداً في فرانكفرت في 1604 حتى لم يعد هناك من الرجال من يكفي للقيام بدفن الموتى(57). وتلك مبالغات واضحة، ولكن يروى عن مصادر موثوقة أنه بسبب الطاعون الدملي في إيطاليا 1629-1631 مات في ميلان 86 ألفاً، وفي جمهورية البندقية ما لا يقل عن 500 ألف، وفيما بين 1630-1631 كان عدد ضحايا الطاعون مليون شخص في جنوب إيطاليا وحده(58)، وقلما سار معدل الإنجاب عند النساء مع شدة الدهاء وسعة الحيلة في إزهاق الأرواح. وضوعفت آلام الوضع بتزايد عدم جدواه. وكانت نسبة الوفيات في الأطفال تبلغ خمس المواليد قبل إتمام السنة الثانية من العمر(59) وكانت الأسرات كبيرة والسكان قليلين.
قصة الحضارةج30 ص252،، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> العلم والحياة
 
كبلر عالم الفلك، ولد في زمن الحروب الداخلية الأوروبية
:"ولد كبلر في فيل Weil بالقرب من شتتجارت، وكان أبوه ضابطاً في الجيش، طالما خرج للحرب مؤثراً ميدانها على حياة المنزل، وأخيراً عاد وافتتح حانة اشتغل يوهان نادلاً فيها. وكان الصبي سقيماً معتل الصحة، شل الجدري يديه وأضعف باستمرار بصره. وآنس منه دوق روتنبرج أنه يمكن أن يصبح واعظاً فاضلاً. فتولى الإنفاق على تعليمه. وفي نوبنجن، حول ميكائيل ماستلن الذي كان يقوم بتدريس فلك بطليموس-حول كبلر سراً إلى نظرية كوبر نيكس. وتحمس الشاب للنجوم إلى حد أنه تخلى عن التفكير في أي عمل كنسي.
وبعد الحصول على الدرجة الجامعية أصبح كبلر مدرسا في ستيريا، يعلم اللاتينية والبلاغة والرياضيات مقابل 150 جلدن في العام، مع مسكن بالمجان، يضاف إلى هذا 20 جلدن لقاء تحرير تقويم تنجيمي سنوي. وفي سن الخامسة والعشرين تزوج كبلر من سيدة في الثالثة والعشرين، كانت قد شيعت زوجاً لها إلى مثواه الأخير، وانفصلت عن زوجٍ ثانٍ، وقدمت له هذه السيدة مهراً وأتت إليه بابنة، وأضاف هو ستة أطفال بمرور الزمن. وبعد سنة من الزواج أرغم كبلر على مغادرة جراز لأنه كان بروتستانتياً (1597)، وكان فرديناند دوق ستيريا الجديد كاثوليكياً صميماً فأصدر أمره إلى كل رجال الدين والمعلمين البروتستانت بمغادرة بلاده. وكان كبلر قد اقترف إثماً آخر بنشره "الكون الخفي" (1596) الذي دافع فيه بحرارة عن نظرية كوبرنيكس، وأرسل نسخاً منه إلى تيكو وجاليليو أملاً في عونهما.وبعد سنة عانى فيها الفقر المدقع، أنقذته دعوة تيكو إياه إلى براج. ولكن كان من الصعب التعامل مع تيكو وإرضاؤه. ولقي كبلر عنتاً في العقيدة وفي كسب العيش. وانتاب الزوجة مرض عصبي. بعد ذلك توفي تيكو، وعين كبلر خلفاً له براتب سنوي قدره 500 فلورين. وكان تيكو براهي قد أوصى لكبلر بسجلاته، ولم يورثه آلاته. ولما لم يستطع شراء أحسن الآلات، فإنه وجد نفسه مسوقاً إلى دراسة أرصاد تيكو وملاحظاته دون أن يضيف إليها شيئاً. وما كان له أن يقول مع نيوتن "إني أخترع فروضاً" بل على العكس. امتلأ رأسه بالفروض وبات يهمهم بها، "عندي ذخيرة من المخترعات أو من ثمرات الخيال(71)". وكانت مهارته الفذة تكمن في اختبار الفروض. كما تمثلت حكمته وعقله في طرحها جانباً، إذا ثبت أن النتائج التي توصل إليها رياضياً، لا تتمشى مع الظواهر التي رصدها أولاً حظها(72)
قصة الحضارة ج30 ص259،260، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> كبلر
 
كبلر عالم الفلك(2) اكتشاف التناسق في الكون
:"وكان كبلر أن يبتهج أيما ابتهاج لوضعه دوران الكواكب بمثل هذا الترتيب والانتظام إلى درجة أنه شبه كل سرعة في المدار بنغمة على السلم الموسيقي، وانتهى إلى أن الحركات مجتمعة شكلت "تناغم النجوم" الذي لا تسمعه، على أية حال، إلا "روح" الشمس. ومزج كبلر عمله بالتصوف موضحاً مرة أخرى مقالة جوته الكريمة. إن عيوب الإنسان هي أخطاء زمانه، على حين أن فضائله هي من عنده. ويمكن أن نغتفر غروره حين كتب في مقدمة "تناسق الكون".
أن ما وعدت به أصدقائي في عنوان هذا الكتاب... وما أثرته منذ 16 عاماً كموضوع يستحق البحث. وهو الذي من أجله انضممت إلى تيكوبراهي... وهو الذي خصصت له أحسن سني حياتي.... قد أخرجته اليوم إلى النور... لم تمضِ بعد ثمانية عشر شهراً حين سقطت الشمس المشرقة على ... لن يعوقني شيء، سوف أطلق العنان لثورتي المقدسة... إذا غفرتم لي فلسوف أبتهج.. ولئن غضبتم فلسوف أحتمل غضبكم... سبق السيف العذل. لقد وضع الكتاب، وليس يهمني كثيراً أن يقرأ الآن، أو أن تقرأه الذراري والأعقاب، ولم لا ينتظر قرناً ليجد قارئاً، كما انتظر "الله" الإله ستة آلاف عام حتى وجد مستكشفاً(73).
قصة الحضارة ج30 ص262، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> كبلر
 
ومع ذلك كان كبلر يؤمن بالسحر ومع ذلك لم يقل لنا علماني عربي في حالة كبلر، كما يقولون في حالات لعلماؤنا، ان العلم يعارض الدين وان العالم كافر بالدين وايضا الخرافة
:"وشارك كبلر أهل زمانه في الإيمان بالسحر، واتهمت أمه بممارسته. وأدعى بعض الشهود أن ماشيتهم، بل أنهم هم أنفسهم، قد انتابتهم العلل لمجرد أن "فرو كبلر" قد مستهم، وأقسمت إحدى المشهدات على أن ابنتها البالغة من العمر 8 سنوات قد أصابها سحر أم كبلر بالمرض، وهددت بقتل الساحرة إذا لم تبادر بإبراء البنت. وأنكرت المرأة المتهمة كل ما نسب إليها، ولكن قبض عليها وأودعت السجن مكبلة في الأغلال، ودافع عنها كبلر في كل مراحل نظر الدعوى. واقترح المدعي العام في الولاية أن ينتزع منها الاعتراف بالتعذيب، واقتيدت إلى غرفة التعذيب لترى الآلات المستخدمة فيه، ولكنها ظلت تؤكد براءتها. وأفرج عنها بعد أن قضت في السجن ثلاثة عشر
شهراً.ولكنها ما لبثت أن ماتت (1622).
قصة الحضارة ج30 ص263، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> كبلر
وقد قال ديورانت من قبل:"ولكن الخرافة باقية أبد الدهر. وسعداء الحظ هم الذين يحتملون بدون أساطير، والكثير منها يعاني في جسمه وفي أعماق نفسه. وأفضل عقار مسكن في "الطبيعة" جرعة مما هو فوق الطبيعة. وحتى كبلر ونيوتن مزجا علمها بالأساطير. وآمن كبلر بالسحر. وكتب نيوتن في العلم أقل مما كتب عن "سفر الرؤيا".
وكانت الخرافات الشعبية أكثر مما يحصيه العد. فآذاننا تلتهب عندما يتحدث عنا الآخرون.
قصة الحضارة ج30، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> الخرافة
 
كبلر كغيره كوبرنيكوس وجاليليو عملوا في أزمنة الحروب البروتستانتية الكاثوليكية وليس في زمن سيادة العلمانية في الغرب!
:"آثار نشوب الحرب هنا وهناك، ملأت سبي كبلر الأخيرة بالغم والقتام. وفي 1622 احتلت القوات الإمبراطورية مدينة لنز وقارب سكانها أن يهلكوا جوعاً. وفي وسط هذه الفوضى واصل كبلر صياغة أرصاده وملاحظاته، وأرصاد تيكو وغيره من الفلكيين وملاحظاتهم، وتدوينها في "الجداول الرودلفية" التي ضمت وصنفت 1005 نجماً، وبقيت ذات قيمة معترف بها لمدة قرن من الزمان.
قصة الحضارة ج30 ص263، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> كبلر
 
ارجوكم عينوني منجما أرجوكم؟
كبلر عالم الفلك في التاريخ
:"وفي 1626 انتقل إلى أولم. وأبطأ به راتبه الإمبراطوري ولاقى عنتاً شديداً في الإنفاق على أسرته. وأهاب بدوق والنشتين أن يعينه منجماً، فكان له ما أراد، وظل لعدة سنوات يتبع القائد يحسب له الطالع وينشر التقاويم التنجيمية. وقصد في 1632 إلى رجنز برج يلتمس من الدير أن يدفع له رواتبه المتأخرة.
واستنزفت الجهود ما بقي له من قوى جسمية، فانتابته الحمى، وأودت بحياته في أيام قلائل (15نوفمبر 1630)وهو في التاسعة والخمسين من العمر وقد طمست الحرب كل معالم قبره.
قصة الحضارة ج30 ص264، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> كبلر
 
كبلر عالم الفلك..اكتشاف التناسق في الكون(2) على الرغم من إيمانه بالسحر وشغله ، أخيرا،كمنجم
:"وأمد نيوتن بقوانين الكواكب التي قادته إلى نظرية الجاذبية.وعلى حين احتفظ كبلر بعقيدته الدينية راسخة لا تتزعزع، أظهر أن الكون كيان له قانون، ونظام كامل متناغم متناسق، فيه قوانين تحكم الأرض كما تحكم هي نفسها النجوم. وهو يقول "أن كل ما أصبو إليه أن أدرك كنه الذات الإلهية.فأني أجد الله في الكون الخارجي مثلما أجده في داخلي أنا"(76).
قصة الحضارة ج30 ص263،364، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> كبلر
 
جاليليو، مولده، صعوده، وأيضا في ظل أجواء حروب وصراعات مسيحية مسيحية
:"ولد جاليلو جاليلي في بيزا يوم وفاة ميكلأ نجلو (18 فبراير 1564)، في نفس العام الذي ولد فيه شكسبير. وكان أبوه فلورنسياً مثقفاً أسهم في تعليمه اليونانية واللاتينية والرياضيات والموسيقى...ونزع جاليليو في صباه ، بطبيعته أو بحكم الظروف إلى صنع الآلات والعب بها.
وأرسل وهو في السابعة عشرة إلى جامعة بيزا ليدرس الطب والفلسفة وبعد سنة واحدة أنجز كشفه العلمي الأول-وهو إن تأرجحات البندول، بصرف النظر عن اتساعها، تستغرق نفس الوقت. وبإطالة ذراع البندول أو تقصيره أمكنه أن ينقص أو يزيد من معدل ذبذبته حتى تزامنت مع نبضه، وبهذه "البلسيلوجيا" (علم النبض) استطاع أن يقيس ضربات القلب بدقة...وفي 1585 ترك جاليليو جامعة بيزا دون أن يحصل على درجة وانتقل إلى فلورنسة، وبتوجيه من المعلم انصرف في ولع شديد إلى الرياضيات والميكانيكا. وبعد ذلك بعام واحد اخترع ميزاناً هيدروستاتيا ليقدر الأوزان النسبية للمعادن في سبيكة وأثنى عليه وامتدحه كلافيوس الجزويتي لبحث في مركز الجاذبية في الأجسام الصلبة. وفي تلك الأثناء انحطت موارد أبيه، وكان عليه أن يواجه الالتزام بكسب قوته بنفسهفتقدم بطلبات للتدريس في بيزا وفلورنسة وبادوا، فرفضوا تعيينه لصغر سنه وفي 1589، بينما كان هو وأحد أصدقائه يسعيان للحصول على عمل في القسطنطينية وفي الشرق، نمى إلى علمه خلو كرسي الرياضيات في بيزا. فتقدم لشغله، وهو قليل الرجاء في الحصول عليه. وكان بعد في الخامسة والعشرين. وعين في هذا المنصب لمدة ثلاث سنوات براتب قدره 60 سكودي في العام. وكاد بهذا الراتب أن يتضور جوعاً، ولكنه استطاع أن يكشف عن نشاطه وجلده.
قصة الحضارة ج30 ص264-266، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> جاليليو
 
فرع الفلاسفة من اكتشافات جاليليو
:"ما كان أشد فزع الفلاسفة كلهم، حين أثبت جاليليو أن كثيراً جداً من النتائج التي استخلصها أرسطو، زائفة، عن طريق التجارب والبراهين الدامغة... من ذلك أن سرعة الأجسام المتحركة من مادة واحدة، ولكن مختلفة الوزن، ومتحركة في نفس الوسط لا تحتفظ بالتبادل بتناسب وزنها. كما قال أرسطو. ولكنها كلها تتحرك بنفس السرعة. مد الأعلى ذلك بتكرار التجارب من فوق برج بيزا، بحضور سائر المعلمين وكل الفلاسفة والطلبة... أنه عز مكانة كرسي التدريس وحظي بشهرة أهاجت حقد الفلاسفة منافسيه عليه حتى ثاروا ضده(82).
أن جاليليو نفسه لم يذكر شيئاً عن تجربة بيزا في كتاباته الباقية. كما أنه لم يرد ذكرها فيما دونه من معاصريه في 1612 و 1641 عن تجاربهما الخاصة بهما في إسقاط أجسام مختلفة الوزن من فوق البرج المائل(83) ورفضت قصة فيفياني على أنها أسطورة من نسج بعض الباحثين في ألمانيا وأمريكا . وليس من المؤكد كذلك أن زملاءه الأساتذة في بيزا استاءوا. وترك هذه الجامعة في صيف 1592، وربما كان السبب في ذلك أنه عرض عليه مركز أعلى ومرتب أكبر، فنراه في سبتمبر أستاذاً في بادوا يدرس الهندسة الميكانيكا والفلك، وقد حول داره إلى معمل دعا إليه طلبته وأصدقائه. وتجنب الزواج ولكنه اتخذت عشيقة أنجبت له ثلاثة أطفال.
قصة الحضارة ج30 ص266،267، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> جاليليو
 
إتخذ عشيقة ولدت له ثلاث أولاد
جاليليو في زمن الحروب الداخلية في اوروبا، الحروب المسيحية المسيحية
:" وقد حول داره إلى معمل دعا إليه طلبته وأصدقائه. وتجنب الزواج ولكنه اتخذت عشيقة أنجبت له ثلاثة أطفال.
قصة الحضارة ج30 ص267، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> جاليليو
 
رسالة جاليليو لكبلر
:"كان جاليليو، في أخريات أيام إقامته في بادوا، يخصص جزءاً أكبر فأكبر من وقته للفلك. وفي 1596 كتب إلى كبلر (الذي يصغره بسبع سنين) رسالة يشكره فيها على كتابه "الكون الخفي" جاء فيها:- إني لأعتبر نفسي سعيداً لأجد في شخصك زميلاً عظيماً مثلك، في بحثي عن الحقيقة... وسأعكف على قراءة كتابك تحدوني كل الرغبة في استيعاب ما فيه، لأني كنت لعدة سنوات من أنصار نظرية كوبرنيكس، ولأنه (أي الكتاب) يكشف لي عن أسباب كثيرة من الظواهر الطبيعية البالغة الإبهام والتي لا يمكن فهم كنهها في ضوء الفرضية المقبولة عامة. ودحضنا لهذه الفرضية جمعت براهين كثيرة. ولكني لا أنشرها، حيث يثنيني عن نشرها حظ أستاذنا كوبرنيكس الذي حظي لدى نفر قليل من الناس بشهرة خالدة، ولكن لقي تجريحاً واستنكاراً من كثرة لا يحصى عديدها (لأن عدد الأغبياء كبير جداً).
وقد أتجاسر على نشر تأملاتي إذا كثر أمثالك(88).
قصة الحضارة ج30 ص268،269، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> جاليليو
 
إعلان جاليليو إيمانه بنظرية كوبرنيكس.. ثم إكتشافات
:"وأعلن جاليليو إيمانه بنظرية كوبرنيكس في محاضرة ألقاها في بيزا 1604 وصنع في 1609 أول مقراب (تلسكوب) له، وفي 21 أغسطس عرضه على السلطات الرسمية في البندقية وإليك روايته في هذه المناسبة:-
إن كثيراً من النبلاء وأعضاء السناتو، برغم كبر سنهم، صعدوا أكثر من مرة إلى قمة أعلى كنيسة في البندقية (سان مارك) لكي يروا الأشرعة والمراكب... وهي بعيدة جداً بحيث لا بد من انقضاء ساعتين قبل رؤيتها بغير منظاري المقرب... لأن تأثير آلتي يصل إلى حد أن أي جسم على مسافة خمسين ميلاً، يظهر كبيراً كما لو كان كان على مسافة خمسة أميال فقط... إن السناتو الذي عرف كيف نهضت بخدمته لمدة سبعة عشر عاماً في بادوا... أصدر أمراً باختياري الأستاذية مدى الحياة(89).
وأدخل جاليليو على تلسكوبه من التحسينات ما جعله يكبر الأشياء ألف مرة. وذهل لما رأى من عالم جديد من النجوم التي تبلغ عشرة أمثال ما دون عنها من قبل. وشوهد أن المجموعات الآن تحتوي على عدد كبير من النجوم لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، ورئي أن "بنات أطلس" ستة وثلاثون بدلاً من سبع، وأن "كوكبة الجبار" ثمانون بدلاً من سبع وثلاثين، وظهرت "المجرة" لا كتلة سديمية، بل غابة من النجوم الكبيرة أو الصغيرة. ولم يعد القمر سطحاً أملس، بل تغضن من الجبال والأودية، ويمكن أن يفسر ضوءه في نصفه غير المواجه للشمس بأنه، بصفة جزئية، راجع إلى ضوء الشمس المنعكس من الأرض. وفي يناير 1610 اكتشف جاليليو أربعة من "الأقمار" التسعة، أو توابع المشتري. وكتب يقول: "هذه الأجسام الجديدة تدور حول نجم آخر كبير جداً، مثلما يدور حول الشمس، عطارد والزهرة، وربما غيرهما من الكواكب الأخرى المعروفة(90)" وفي يولية اكتشف دائرة زحل الذي ظنه خطأ ثلاثة نجوم. وكان نقاد كوبرنيكس قد قالوا بأنه إذا كانت الزهرة تدور حول الشمس، فلا بد أن يكون لها، مثل القمر، أوجه-أي تغييرات في النور وأشكال ظاهرية، وقالوا بأنه لا توجد أية علامة على هذه التغييرات. ولكن في ديسمبر كشف تلسكوب جاليليو عن مثل هذه الأوجه، واعتقد بأنه لا يمكن تفسيرها إلا بدوران الكوكب حول الشمس.
إننا لا نكاد نصدق، ولكن جاليليو أكد في رسالة إلى كبلر، أن أساتذة بادوا أبوا أن يؤمنوا بصحة كشوف جاليليو، بل أبوا أن يشاهدوا السموات من خلال مناظيره(91).
قصة الحضارة ج30 ص269،270، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> جاليليو
 
جاليليو يتساءل!!، كما نتسائل!!
:"وتسائل هل في مقدوره أن يحصل له من سيده على وظيفة تتطلب أقل الوقت للتدريس وأكثر الوقت للبحث.
قصة الحضارة ج30 ص270، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> جاليليو
 
جاليليو أنا فيلسوف ورياضي، تحرروا ارجوكم من ارسطو!
:"وكان قد أصر على لقب الفيلسوف ولقب الرياضي على السواء، لأنه أراد أن يؤثر في الفلسفة والرياضيات كلتيهما. وأحس، كما أحس راموس وبرونو وتلزيو وغيرهم من قبل، وكما كان يدلل بيكون في نفس هذا العقد من السنين. على أن الفلسفة (التي فهمها على أنها دراسة وتفسير في جميع مظاهرها) قد ارتمت في أحضان أرسطو، وأنه قد حان الوقت للتحرر من الأربعين مجلداً اليونانية، وللنظر إلى العالم بمقولات أكثر انطلاقاً وعيون وعقول مفتوحة. أنه يمكن القول بأنه وثق بالعقل ثقة كبيرة. "إني لكي أثبت لخصومي صحة النتائج التي انتهيت إليها، اضطررت إلى أن أثبتها بتجارب كثيرة مختلفة. ولو أني أنا وحدي لم أحس قط بأنه من الضروري أن أقوم بتجارب كثيرة(92).
وكان فيه من الغرور وروح المشاكسة ما يتسم به المبتكرون المجددون، ولو أنه تحدث أحياناُ في تواضع حكيم، "ما قابلت قط يوماً رجلاً جاهلاً إلا تعلمت منه شيئاً(93)".
قصة الحضارة ج30 ص271، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> جاليليو
 
بداية الصراع (1)مع جالليو ونظرية كوبرنيكس
:""وأحس كثير من رجال اللاهوت أن فلك كوبر نيكس كان واضحاً كل الوضوح أنه لا يتفق مع ما جاء في الكتاب المقدس. وأن الكتاب المقدس سوف يفقد قيمته وأن المسيحية نفسها سوف تتأثر إذا انتشرت آراء كوبرنيكس. ماذا يمكن أن يصيب العقيدة المسيحية الأساسية إذا كان الله سبحانه وتعلى قد اختار كوكب الأرض مقراً (كرسياً) دنيوياً له-هذه الأرض التي يريدون اليوم أن يجردونها من مكانتها السامية ومنزلتها الرفيعة، وتوضع طليقة بين كواكب أكبر منها مرات كثيرة، وبين نجوم لا حصر لها؟"
قصة الحضارة ج30 ص273،، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> جاليليو
 
جالليو لم يكفر بالله كملحد أي لم يصير علمانيا كما في زمننا، وإنما قال للكنيسة كما أظهر ديورانت
:""أني لا أشعر بأني مضطر إلى الإيمان بأن الله الذي أمدنا بالإحساس والعقل والفكر، قصد بنا أن نضيع فرصة استخدامهما والانتفاع بها(104)
قصة الحضارة ج30 ص275، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> جاليليو
 
بداية الصراع (2)مع جالليو ونظرية كوبرنيكس
:"وفي 16 فبراير1616 أصدرت محكمة التفتيش توجيهاتها إلى الكاردينال بللارمين بأن يستدعي من يدعى جاليليو وينذره بأن يتخلى عن آرائه المزعومة، وفي حالة امتناعه... يعلنه أمام كاتب العدل وبعض الشهود بالأمر بالإقلاع عن تدريس آراء كوبرنيكس أو الدفاع عنها، بل حتى مناقشتها، فإذا لم يذعن لهذا يودع السجن(106). وفي اليوم ذاته مثل جاليليو أمام الكاردينال بللارمين وأعلن امتثاله للأمر(107). وفي 5 مارس أصدرت المحكمة قرارها التاريخي:
إن الفكرة التي تقول بأن الشمس تقف بلا حركة وسط الكون فكرة سخيفة، وهي من الناحية الفلسفية فكرة زائفة، وهي كذلك هرطقة لا جدال فيها، لأنها تناقض النصوص المقدسة.والفكرة التي تقول بأنه الأرض ليست مركز للكون بل حنى أن لها دورة يومية، زائفة من الناحية الفلسفية، وأنها على الأقل اعتقاد خاطئ(108).
وفي نفس اليوم حرمت "لجنة فهرست الكتب الممنوعة" نشر أو قراءة أي كتاب يدافع عن النظريات الممنوعة، أما بالنسبة لكتاب كوبرنيكس، (1543) فقد حظرت استخدامه حتى يتم تصويبه. وفي 1620 أباحت للكاثوليك قراءة الطبعات التي حذفت منها تسع عبارات كانت تثبت أن النظرية صحيحة.
وعاد جاليليو أدراجه إلى فلورنسة وخلا إلى الدروس في داره "بللو سجاردو"، وكف عن الجدل حتى عام 1622.
قصة الحضارة ج30 ص275، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> جاليليو
 
البابا أوريان رفض رفع الحظر عن جالليو، لاتنسى أن أوريان شارك في حروب دموية ضد البروتستانت.
:"وفي 1622 أرسل جاليليو إلى المونسنيور شيزاريني في روما مخطوطة "للمحلل" يرد به على جراسي وينبذ في مجال العلم أي استشهاد أو مرجع إلا الرصد والعقل والتجربة. وبموافقة المؤلف خفف أعضاء أكاديمية لنسي بعض عبارات قليلة. وبهذه الصيغة قبل البابا أريان الثامن أن يهدى إليه، وأجاز طبعه (أكتوبر 1623) أنه ألمع تآليف جاليليو، وإحدى روائع النثر الإيطالي والقدرة والبراعة في الجدل والمناظرة. وقيل إن البابا سر به، وأن الجزويت تضايقوا منه.
وما أن ظفر جاليليو بهذا التشجيع حتى قصد ثانية إلى روما (أول إبريل 1624) أملاً في تحويل البابا الجديد إلى الإيمان بآراء كوبرينكس. وتلقاه أربان بالود والترحاب-واستقبله ست مرات في لقاءات طويلة، وأغدق عليه الهدايا. واستمع إلى حجج كوبرنيكس، ولكنه أبى أن يرفع حظر المحكمة. وقفل جاليليو راجعاً إلى فلورنسة، يعزيه تصريح أربان للدوق الأكبر: "لقد غمرنا بعطفه الأبوي لوقت طويل هذا الرجل العظيم الذي تتألق شهرته في السماء كما تملأ الأرض(109).
قصة الحضارة ج30 ص276،277، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> جاليليو
 
قصة المحاكمة الكنيسة مع العلم وجالليو
والبابا أوربان الذي قتل اخوانه بالآلاف وأقر المذابح الكاثوليكية للاطفال والنساء كان يراقب عمل محكمة تفتيشه على جالليو
وماذا لو كان جاللييو ومن قبله كوبرنيكوس وكبلر قد واجه العالم المسيحي المتصارع داخليا بالقتال والقتل، بأعمال علماء الفلك الإسلامي ودعم بعض نظرياته بها؟(هنا نقول إن ظروفنا غير ظروفهم، وعلمنا غير علمهم، وحكامنا بالنسبة للعلم، يومذاك، لم يكونوا كحكامهم، وعلماءنا ليسوا كقساوستهم، وليس عندنا كهنوت ولاباباوية)
لقد كان يستحيل في ظلال تلك المعارك ومحاكم التفتيش والباباوية أن يفعل ذلك، وإلا كان جزاؤه الحرق(كحرق برونو، مثلاً) أو القتل بالخازوق!
قال ديورانت
:"مؤلفه الأساسي، وهو عرض لمنهج كوبرنيكس والمنهج المعارض له. وفي مايو حمل المخطوطة إلى روما، وعرضها على البابا، وحصل على ترخيص من الكنيسة بنشرها، شريطة معالجة الموضوع على أنه فريضة وعاد إلى فلورنسة حيث راجع الكتاب وأصدره في فبراير 1632 تحت عنوان طويل "محاورة جاليلي جاليليو... حيث أنه في اجتماعات دامت أربعة أيام، نوقش فيها المنهجان الرئيسيان في العالم: منهج بطليموس ومنهج كوبرنيكس. مع عرض دون تحيز ولا تجديد، للحجج الفلسفية والطبيعية للمنهجين كليهما".
وربما جلب الكتاب على مؤلفه بلايا أقل، وكسب له شهرة، لولا بدايته وخاتمته. تقول المقدمة: "إلى القارئ البصير الفطن": منذ عدة سنوات نشر في روما مرسوم بابوي مفيد، قضى-تجنباً للنزاعات الخطيرة في عصرنا الحاضر-بفرض نطاق من الصمت المعقول على الرأي الذي نادى فيه فيثاغورس. والذي يقول بأن الأرض تدور. ومن الناس من ذكر في وقح وصفاقة-أن هذا المرسوم لم ينبع من تحريات وتدقيقات تتسم بالحكمة وحسن التمييز، بل عن هوى ينم عن قلة الدراية والمعرفة، وتعالت الشكاوى بأنه يجدر ألا يتاح للمستشارين الذين ليس لديهم أية دراية بالأرصاد الفلكية فرصة التضييق على ذوي العقول المفكرة المتأملة عن طريق قوانين الحظر المتهورة الطائشة(110).
والحق أن في هذا إشارة للقارئ بأن صيغة الحوار تتسم بالمراوغة تملصاً من محكمة التفتيش. وكان في الحوار شخصيتان هما سلفياتي وساجريدو، وهذان اسمان لاثنين من أصدق أصدقاء جاليليو، وهما يدافعان عن منهج كوبرنيكس، وشخصية ثالثة-سمبلشيو، يدحضه، ولكن في مغالطة صريحة واضحة، وقرب نهاية الكتاب أورد جاليليو على لسان سمبلشيو عبارة، كان أزرامان الثامن قد أصر على إضافتها. وهي بالحرف الواحد تقريباً:
"إن الله هو القوي وهو على كل شيء قدير، ومن ثم لا يجوز أن نقدم المد والجزر دليلاً ضرورياً على حركتي الأرض لأننا بذلك نحد من سعة علم الله وقدرته" وعلى هذه العبارة يلعق سلفياتي تعليقاً ساخراً فيقول: "أنها وأيم الحق حجة إنجيلية ممتازة"(111).
أن الجزويت اللذين تناولت "المحاورات" كثيراً منهم في لهجة قاسية (جاء فيها أن أفكار شينر عقيمة تافهة)، وأوضحوا للبابا أن عبارته سالفة الذكر أوردت على لسان شخصية أبرزها الكتاب ساذجة غافلة، فعين أريان لجنة لفحص الكتاب، وقررت اللجنة أن جاليليو لم يتناول نظرية كوبرنيكس على أنها فريضة، بل على أنها حقيقة، وأنه حصل على الترخيص بنشر الكتاب نتيجة لتحريفات وتشويهات بارعة، وأضاف الجزويت إلى ذلك، عن حكمة وبصيرة، أن نظريات كوبرنيكس وجاليليو أشد خطراً على الكنيسة من هرطقات لوثر وكلفن. وفي أغسطس 1632 حظرت المحكمة الاستمرار في بيع كتاب "المحاورات" وأمرا بمصادرة النسخ الباقية. وفي 23 ديسمبر دعت جاليليو للمثول أمام مندوب الحكومة في روما. وتوسل أصدقاؤه إلى ألي الأمر أن تشفع له لديهم سقامه وشيخوخته (68 عاماً)، ولكن على غير طائل. وبعثت ابنته إليه وكانت وقتئذ راهبة متحمسة بخطابات مؤثرة ترجوه فيها أن يمتثل للكنيسة، كما نصحه الدوق الأكبر أن يذعن، وزوده بمحفة الدوق الأكبر، ودبر مع سفير فلورنسة أمر إقامته في السفارة. ووصل جاليليو إلى رومة في 13 فبراير 1633. وانقضَ شهران قبل أن تدعوه محكمة التفتيش إلى المثول أمامها (12 أبريل) واتهم بنقض عهده بالالتزام بقرار 26 فبراير 1631، وحثوه على الاعتراف بذنبه، فرفض محتجاً بأنه لم يقدم آراء كوبرنيكس إلا على أنها مجرد فرضية، وظل سجيناً في قصر المحكمة حتى 30 إبريل، وهناك انتابه المرض، ولم يعذبوه، ولكنهم ربما أشاعوا في نفسه الخوف من التعذيب. وفي مثوله الثاني أمام اللجنة اعترف في ذلة وخشوع أنه أورد آراء كوبرنيكس بشكل أكثر انحيازاً إليه منه ضده، وعرض أن يصحح هذا في "حوار" يلحق بالأول. فرخصوا له بالعودة إلى دار السفير. وفي 10 مايو أعادوا التحقيق معه، وعرض أن يكفر عن خطيئته، وتوسل إليهم أن يرحموا شيخوخته واعتلال صحته. وفي التحقيق معه للمرة الرابعة (21 يونية) أكد أنه بعد قرار 6116 "لم يعد يخامرني أي شك، وآمنت، ولا زلت أؤمن، برأس بطليموس-أن الأرض لا تدور، وأن الشمس هي التي تدور-على أنه حق كل الحث، ولا يقبل الجدل"(112)، فاعترضت المحكمة بأن معارضات جاليليو أوضحت، بما لا يدع مجالاً للشك، أنه يقرأ آراء كوبرنيكس، وأصر هو على أنه كان ضد هذه الآراء منذ 1616. وظل البابا على اتصال بالتحقيق، ولو أنه لم يشهده بشخصه. وكان جاليليو يأمل بأن يمد له أريان الثامن يد العون، ولكن البابا رفض التدخل. وفي 22 يونيه أصدرت المحكمة قرارها بإدانته بالهرطقة والتمرد والعصيان. وعرضت عليه الغفران شريطة تأدية القسم علناً أمام الجمهور بالتخلي عن آرائه، وحكمت عليه "بالسجن في هذه المحكمة لمدة تحددها هي وفق مشيئتها" ورأت للتكفير عن ذنبه أن يتلو مزامير الكفارة السبعة كل يوم طيلة السنوات الثلاث التالية، وجعلوه يجثو ويبرأ من نظرية كوبرنيكس، ويضيف: بلقب مخلص، وإيمان صادق، ألعن أبغض وأعلن التخلي
عن الأخطاء والهرطقة المنسوبة إليَّ، وبصفة عامة، عن
أي خطأ وهرطقة أخرى أخاف فيها... الكنيسة المقدسة.
وأقسم أني لن أذكر بعد اليوم أي شيء قد يثير مثل هذا الريب
حولي، وأني إذا عرفت أي هرطيق أو أي شخص مشتبه
في أنه هرطيق فلا بد أن أبلغ عنه هذه المحكمة.... وأدعو
الله أن يمنحني العون، وأرجو أن تساعدني هذه الكتب المقدسة
التي أضع يدي عليها(113).
ووقع على الحكم سبعة من الكرادلة، ولكن البابا لم يصدق عليه(114). أما قصة أنه عند مغادرته قاعة المحاكمة غمغم متحدياً "ومع ذلك فهي تدور فعلاً". فإنها أسطورة لم يظهر لها أثر قبل 1761(115). وبعد قضاء ثلاثة أيام في سجن محكمة التفتيش، سمح له، بأمر من البابا، بالذهاب إلى قصر الدوق الأكبر في ترنيتا مونتي في روما. ثم نقل بعد أسبوع إلى مسكن مريح في قصر تلميذه السابق، رئيس الأساقفة أسكانيو بتشولوميني في سيينا. وفي ديسمبر 1633. سمح له بالانتقال إلى داره الخاصة بالقرب من فلورنسة أنه من الناحية العلمية كان لا يزال سجيناً، محظوراً عليه مغادرة مسكنه، ولكنه كان حراً في مواصلة دراساته، وتعليم تلاميذه، وتأليف كتبه واستقبال زائريه-وهنا زاره ملتون في 1638.قصة الحضارة ج30 ص277،278، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> جاليليو
 
جالليو وفزعه ، وهو في شيخوخته، من أن يحصل له ماحصل ل برونو (حرقوه قبل جالليو ب 33 عاما!!)
(وطبعا كانت الكنيسة تقتل في ابناءها، وتقود الحروب الداخلية في أوروبا، وأيضاً تقتل العلم الحقيقي)
قال ديورانت:"واضح أن جاليليو كان الآن رجلاً متهدماً مغلوباً على أمره، أذلته كنيسة أحست بأنها وصية على بني البشر وآمالهم وأخلاقهم، أن تخليه عن آرائه بعد قضاء عدة شهور في السجن، وعدة أيام في المسائلة والمحاكمة، مما كان من الجائز أن يحطم عقل مكافح شاب كما يحطم إرادته، نقول أن هذا التخلي كان أمراً يمكن التجاوز عنه لدى شيخ هرم علق بذاكرته إحراق برونو قبل ذلك بثلاثة وثلاثين عاماً ولكنه في الواقع لم يهزم فقد انتشر كتابه في كل أنحاء أوربا في أكثر من عشر لغات ترجم إليها. ولم يمحَ أثره.
قصة الحضارة ج30 ص280، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> جاليليو
 
فقد جالليو بصره في 1638،
ورأي ديورانت فيه
:"وفقد الشيخ الجليل بصره في 1638. وربما كان التحديق المجهد سبب ذلك، وكان يجد شيئاً من العزاء في اعتقاده بأن أحداً من بني الإنسان من عهد آدم، لم يرَ أكثر مما رأى هو، فهو يقول: "إن هذا الكون الذي وسعت فيه وكبرته ألف مرة، تقلص الآن وانحصر في نطاق جسمي الضيق، هكذا أراد الله، ولا بد أن أريد هذا أنا أيضاً(117). وفي 1639 حين كان يعاني من الأرق ومن مائة من الآلام الأخرى رخصت له محكمة التفتيش في زيارة فلورنسة، تحت مراقبة دقيقة، ليرى أحد الأطباء ويحضر القداس. فلما عاد إلى أستري، أملى على فيفياني وتورشللي، وعزف على العود حتى فقد سمعه كذلك. وفي 8 يناير 1642، وكان قد قارب السابعة بعد الثمانين، فاضت روحه بين أيدي حوارييه.
وأطلق عليه جروتيوس "أعظم عقل في كل العصور"(118). وثمة شيء من القصور في العقل والخلق بطبيعة الحال. فأخطأوه-الغرور والزهو والانفعال والخيلاء-إن هي ببساطة إلا عشرات مناقبه أو ثمنها: الثبات الشجاعة، والأصالة. ولم يعترف بأهمية حسابات كبلر في مدارات الكواكب وكان يتراخى في الاعتراف بقيمة أعمال معاصريه، وقلما تحقق، كم من كشوفه في الميكانيكا كانت قد أنجزت قبله. لقد أجرى بعضها رجل آخر من فلورنسة إسمه ليوناردو. ولكن الآراء التي عوقب من أجلها ليست هي بالضبط ما يعتنقه الفلكيون اليوم...ولكنه لم يكن على خطأ في إحساسه بأنه خلق في الديناميكا علماً كاملاً، وأنه وسع العقل البشري وزاد من قدرة الناس على رؤية الأشياء وفقاً لعلاقاتها الصحيحة وأهميتها النسبية، بفضل إبرازه، بمقياس أكبر كثيراً عن ذي قبل، أن الكون واسع سعة رهيبة. وشارك كبلر شرف تقبل الناس لآراء كوبرنيكس، كما شارك نيوتن شرف إظهار أن السماء نفسها تفصح عن عظمة القانون. ثم أنه، بوصفه من أفاضل أبناء عصره النهضة، مكتب أحسن نثر إيطالي في زمانه.
وانتشر أثره حتى عم كل أوربا. إن إدانته هي التي رفعت مكانة العلم في البلاد الشمالية، على حين حطت من قيمته لفترة قصيرة في إيطاليا وأسبانيا وليس معنى هذا أن محكمة التفتيش حطمت وقضت على العلم في إيطاليا، فإن توشللي وكاسيني وبورللي وربدي وماليجي ومورجاني حملوا المشعل إلى فولتا وجلفاني وماركوني، ولكن العلماء الإيطاليين الذين علقت بأذهانهم قصة جاليليو اجتنبوا التورطات الفلسفية في العلم. وبعد إعدام برونو حرقاً وبعد تخويف ديكارت وتهديده بمصير جاليليو، باتت الفلسفة في أوربا احتكاراً بروتستانتياً.
وفي 1835 حذفت الكنيسة مؤلفات جاليليو من قائمة الكتب المحظورة وانتصر الرجل المحطم المقهور على أقوى النظم في التاريخ.
قصة الحضارة ج30 ص281-282، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> العلم في عصر جاليليو -> جاليليو
 
مقدمة
قبل عرض كلمات مهمة لويل ديورانت سطرها وهو في نشوة الإنتصار على الكنيسة بعد انبثاق العلم الطارد لخرافاتها وظهور العلماء والفلاسفة في الغرب.
أقول، عندما حجب الفلاسفة الأوروبيون والعلماء الجدد، والذين عملوا في بلاط الاباطرة والباباوات، أو الحكام والملوك والأمراء الذين قدمنا تاريخهم، أقول عندما حجبوا البديل الحقيقي، أي الإسلام، وهم يظهرون العلم الجديد ويطورونه، في الجامعات والمختبرات، أو القصور والبرلمانات، أو المعامل والمراصد،فإنهم منعوا مصدر علومهم ومنبع أصولهم،أو كثير من مبادئهم!،ألا وهو مابثه الإسلام من علوم ومعارف ، إنه الإسلام الذين قدم نفسه لهم، من قريب، في صورة نظرة كونية سببية، أو علاج للأجساد والعقول والأرواح، أو آلات مخترعة ومبتكرات مبدعة، ونظافة وحدائق، وتسامح وفروسية حرب، وكان الإسلام المجيد قد قدم في التاريخ المحسوس، دينا وعلما، مدنية وحضارة، دولة وسيادة واسعة، وتعايش وسماحة، لكنهم اعتبروا ما أخذوه أمورا دنيوية و أفكارا دنيوية وحياة دنيوية لم تتشكل برؤية من دين، ولا تكونت من مقومات عقيدة وشريعة في النظر، والعمل، وهذا أساس الفصل بين الإسلام والعلم، الإسلام والسياسة، الإسلام والحياة، ثم بعد أن فصلوا ذلك رموا الإسلام به، فكان عماهم مركب، وعدم سدادهم أعظم وأغلظ، فقد تبلور ماأخذوه، ومااستفادوا منه، تبلور مع الوقت وأخذت عناصره الإجتماعية،والعقلية والعلمية والدينية، في البداية، في التعايش، وفي العلم، من المنهج الإسلامي، المنزل في كلمات وآيات، وقرآن وتلاوات، ووحي وقراءات، فلم يخبروا الناس يومذاك ، وأغلبهم يعلم المصدر الحقيقي، أن مصادر التغيير جاءت من العلم الإسلامي، المادي والعقلي، ولو أخبروا الناس به يومذاك، لحرقت -بتشديد الراء-نفوسا أعظم مما حرق، ونسفت أجساد أعظم مما نسف.. هذا فضلا عن أن كثيرون ممن نقلوا العلم الإسلامي لم يريدوا أن يظهروا عظمة الإسلام، فالأهواء والميراث المسيحي كان مايزال، وحتى اليوم ، يلعب دورا في الحجب والإخفاء، والستر والتغطية، الكفر والصد.
أما ديورانت صاحبنا في قصة الحضارة، فعلى الرغم من أنه عرض ماقدمه الإسلام من علوم لولاها ماتحررت أوروبا، ولاتعلمت ولاتغيرت، إلا أنه وهو يعرض ، غالبا، نتائج حضارتنا، يشوه (مثل تشويهه مفهوم القضاء والقدر في الإسلام وقلبه لجبرية مانعة من الحركة)أو يحجب المحركات الأصلية، التي صنعت التغيير في العالم، حتى الغربي منه.
إن عملية الجحب والإخفاء تلك، تجعل ديورانت نفسه، يدخل الدين ككل، في المعركة مع العقل والعلم والتنوير، وهو من أفضل من كتب عن حضارتنا، ولاشك أنه تأثر في هذا وذاك، بجوستاف لوبون صاحب كتاب حضارة العرب، وبتوماس آرنولد صاحب كتاب الدعوة إلى الإسلام، وغيرهما من كتاب أوروبا الذين ولدوا في عصرنا الحديث.
لسنا بصدد نقد الثقوب التي وقع فيها ديورانت أو الهوة الفكرية المثقوبة التي سببت له ذلك الفصل النكد بين مامدحه ومانقده بما ليس فيه، أي الإسلام العظيم الذي قدم حضارة مجيدة ذات المدة الطويلة التي لم توجد مثلها مدة حضارية علمية في التاريخ البشري كله، ولكن لدواعي التنبيه على الخلل الذي وقع فيه كل من فُتن بالفلسفات العلمانية، المتعارضة دوما، والمتساقطة على الطريق، والمتغيرة داخليا، تحت أسماء تخفي تحتها عمليات التلاعب المدهشة، مثل التنوير ، الحداثة، مايعد الحداثة.
أكتب هذه المقدمة النقدية لسد النص في كلام ويل ديورات التالي، بل لصنع عملية فصل بين ماقدمته المسيحية الباباوية والإمبراطورية والفلسفية للعالم، وماقدمه الإسلام، وكان من عدم إنصاف عقلاء العلمانية عدم الفصل بين الإسلام بماقدم، والمسيحية وماصنعت في التاريخ.
 
يحكي ديورانت في النص التالي ظروف الغرب المسيحي، وماإعتراه من تغيرات عنيفة وضخمة، خصوصا في مجالات الفكر والإعتقاد أو الفلسفة والدنيوة ، أو الإنفتاح على الكون والتاريخ، وذلك كمخرج من عرضه المطول لمخازي الحروب المسيحية-المسيحية، وكمدخل لتطور الحالة العلمية والعقلية ، والنفسية والقانونية، في الغرب (القرن ال17)
قال :"هل المسيحية في الطريق إلى الفناء؟ أو هل الديانة التي أمدت المدينة الغربية بالأخلاق والشجاعة والفن تعاني انحلالاً بطيئاً، بفعل انتشار المعرفة واتساع الآفاق الفلكية والجغرافية والتاريخية، والتحقق من الشر في التاريخ والنفس، وتخلخل الإيمان بالحياة الآخرة وضعف الثقة في حسن توجيه العالم؟. وإذا كان الأمر كذلك، فهذا هو الحديث الأساسي في الأزمنة الحديثة، لأن الديانة هي روح المدنية، والمدنية تفنى بفناء عقيدتها. ولم تعد القضية في نظر برونر وديكارت، وهوبز وسبينوزا، وباسكال وبل، وهلباخ وهلفيش، وفولتير وهيوم، لبنتز وكانت، قضية كثلكة ضد برتستانتية، بل قضية المسيحية نفسها، قضية الشك والرفض والإنكار-لأعز الأساسيات في العقيدة القديمة. أن مفكري أوربا-وهم طلائع العقل الأوربي-لم يعودوا يناقشون سلطة البابا، بل كانوا يناقشون وجود الله، وثمة عوامل كثيرة أدت إلى الكفر. . إن مبدأ المحاكمة العقلية أو تكوين رأي خاص، وهو المبدأ الذي اتهمته الكنيسة الكاثوليكية وأدانته لأنه يدعو إلى الفوضى المذهبية والأخلاقية، نادت به وأقرته كل الهيئات البروتستانتية تقريباً، ثم شجبته وأدانته فيما بعد، وفي الوقت نفسه قوض هذا المبدأ أركان العقيدة.
قصة الحضارة ج30 ص283، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> الفلسفة تولد من جديد -> الشكاكون
 
المسيحية عارية في مهب الريح، وظروف أوروبا المتحاربة داخليا،(القرن ال16،17) والنص من كلام ديورانت بعد عرضه لوقائه حروب أوروبا الداخلية، حرب الثلاثين عاما، وحرب الثمانين عاما، والصراع مع الباباوية وظهور العلم
قال
:"أن الشيع المتزايدة قاتلت بعضها بعضاً، وكأنها ذراري بالغة الكثرة، وفضحت مطالب بعضها بعضاً، وتركت الديانة عارية في مهب رياح العقلانية. وأهابت هذه الفروق والشيع لنصرتها في أثناء صراعها، الأسفار المقدسة والعقل كليهما. ودعت دراسة الكتاب المقدس إلى الشك في معانيه وفي عصمته من الخطأ. وأنهى اللجوء إلى العقل عصر الإيمان. وحقق الإصلاح البروتستانتي أكثر مما كان يصبو إليه.وأضربت بصورة خاصة، حملات النقد الذي أنصب على الكتاب المقدس، بالمذهب البروتستانتي الذي أقيم في طيش وتهور على كتاب مقدس منزل من عند الله. إن التحسينات التي أدخلت على النظام الاجتماعي وأمن الناس، خففت من الإرهاب والقسوة، وأحس الناس أنهم لا بد لهم أن يدركوا أن الله سبحانه وتعالى أرحم وألطف مما صوره لهم بولص وأوغسطين وليولا وكلفن، ولم تعد الجحيم والقضاء والقدر أموراً يمكن تصديقها، وأجرت الأخلاقية الجديدة اللاهوت القديم. وهيأ نمو الثروة لانتشار نزعة حياة أبيقورية التمست لها فلسفة تبررها. إن كارثة الحروب الدينية انصبت على رأس الديانة نفسها فكانت هي ضحيتها. إن ازدياد المعرفة بالأخلاق والفلسفات الوثنية. وبالعبادات والطقوس الآسيوية أثار مقارنات محيرة بالمسيحية. ألم نسمع أرزم يدعو ويتوسل إلى "القديس سقراط" ألم نرَ مونتيني يرجع المذاهب الدينية إلى أحداث الجغرافيا وإلى حكم الحروب؟ وكشف تقدم العلم عن عمل "القانون الطبيعي" في كثير من الحالات، ومثال ذلك مسار المذنبات الذي رأت فيه الديانة يد العناية الإلهية. ووجدت الطبقات المتعلمة أنه من الصعب عليها أن تصدق أو تؤمن بالمعجزات على حين ابتهج وفاخر بها غير المثقفين. ثم هذه الأرض التي تقول الأساطير الأثيرة لدى العامة بأنها أحست "بأقدم الرب"، أليست كما ألمح كوبرنيكس جاليليو مجرد فقاعة ومرحلة قصيرة في هذا الكون البالغ السعة، وسعة لا يمكن تحديدها، بالنسبة للأرباب الحاسدين الحاقدين الوارد ذكرهم في سفر التكوين؟ وأين ذهبت السماء، والتقلبات على أشدها حتى أنها لتغير المواقع مرتين في اليوم الواحد.
قصة الحضارة ج30 ص284،285، بداية عصر العقل -> اجتهادات العقل -> الفلسفة تولد من جديد -> الشكاكون
تعليق
إن علاقة الإيمان بالآخرة والدنيا، في الإسلام وطيدة، فلافصل بينهما، ولذلك صنعنا حضارة زمنية ونحن نرنوا بأبصارنا ، وأفئدتنا، وأعمالنا، إلى الآخرة.
أما الغرب المسيحي فقد حجب الدنيا وإعتزلها لأجل الآخرة(حسب تصوراتهم الباطلة لها) ، ولما تعلموا من علومنا حجبوا الآخرة من أجل دنيا، تعلموها منا، لكنهم جردوها من أسبابها العمرانية التي جاء الوحي الرباني، القرآني بها... فكانت العلمانية التي لها السيادة اليوم على العلم والعقل الغربيين.
 
عودة
أعلى