التاريخ المحسوس لحضارة الإسلام وعصور اوروبا المظلمة من قصة الحضارة لديورانت أ. طارق منينة

شئ من تاريخ الجزويت الدين شاركوا في الإرهاب الكنسي على الرغم من أنهم بنوا جامعات وغيرها
- اليسوعيون الجزويت -روما
:"وفي مطلع عام 1538 استقبلهم بولس، وأثرت فيه رغبتهم في الذهاب إلى فلسطين والعيش فيها رهباناً.... وفي عام 1539 طلب لويولا إلى الكردينال كونتاريني أن يرفع إلى البابا بولس الثالث مواد التنظيم هذه، وأن يلتمس تثبيته للفرقة باعتبارها طريقة دينية جديدة. وكان البابا ميالاً إلى الموافقة، وخالفه بعض الكرادلة لأنهم رأوا في الجماعة نفراً من الغلاة الذين تستعصي سياستهم، ولكن بولس تغلب على اعتراضاتهم، وبمقتضى المرسوم البابوي المسمى "لأجل تنظيم الكنيسة المجاهدة" أنشأ رسمياً ما سماه المرسوم "جماعة يسوع" (27 سبتمبر 1540). وسمى أعضاؤها اسماً مناسباً هو "الاكليريكيون النظاميون في جماعة يسوع". ولم يظهر اسم "الجزويت" إلا عام 1544، وكان آنئذ لفظ هجو قبل كل شيء، استعمله كالفن وغيره من النقاد(37)، ولم يستعمله قط إجناتيوس نفسه. وبعد موته استل نجاح الطريقة الدينية الجديدة من اللفظ حمته القديمة، فأصبح في القرن السادس عشر شارة شرف... وفي عام 1541 غادر القديس فرنسيس زافير لشبونة على سفينة برتغالية...وكان إيمانه أحياناً أشد من أن تسايره إنسانيته، فقد حث يوحنا الثالث ملك البرتغال على إنشاء محكمة للتفتيش في جوا(46)، وأوصى بألا يرسم للقسوسية أي هندوسي ما لم ينحدر من أجيال عدة من الأسلاف المسيحيين، ولم يكن يطيق فكرة اعتراف برتغالي لقسيس وطني(47). وأخيراً غادروا جوا لأنها بلد تتعدد فيه اللغات تعدداً لا يعينه على تحقيق أهدافه. قال "أريد أن أكون حيث لا يوجد مسلمون ولا يهود. أعطوني وثنيين خلصاً"(48)...ثم فارق الحياة في 2 ديسمبر 1552 ...أما الأخطاء التي رموا بها في فترة لاحقة فلم تكد تظهر في العصر الذي نحن بصدده(52). ومع أنهم وافقوا جماعة على محكمة التفتيش(53)، فإنهم وقفوا على مبعدة منها، مؤثرين أداء رسالتهم عن طريق التعليم...أفلح الجزويت في صد المد البروتستنتي، واستردوا للكنيسة جانباً كبيراً من ألمانيا، ومعظم المجر وبوهيميا، وكل بولندا المسيحية... ويوم اجترأت الكنيسة في نهاية المطاف على دعوة ذلك المجمع العام الذي طال ارتقاب أوربا له ليهدئ صراعها اللاهوتي ويبرئ جراحها الدينية، كانت حفنة من الجزويت- بثقافتهم، وولاتهم، وحصافتهم، وسعة حيلتهم، وبلاغتهم- هي التي ناط بها البابوات مهمة الدفاع عن سلطتهم المتحداه"
قصة الحضارة ج27 ص219-226، الإصلاح الديني -> معارضة الإصلاح البروتستانتي -> الكنيسة والإصلاح -> اليسوعيون
 
البابا ليو العاشر (1513-21) وحرق المعارضين!
:"كان رجلاً يشبه الكثيرين منا-مذنب بالخطيئة وبالإهمال الإجرامي، ولكنه في جملته جدير بالصفح عنه. كان عادة ألطف الناس وأكثرهم عطفاً، عليه رزق نصف شعراء روما، ومع ذلك فقد لاحق مهرطقي بريشة حتى الموت، وحاول أن يؤمن بأن الأفكار الممزقة للكنيسة يمكن أن تنتزع من البشر بحرق أصحابها.
قصة الحضارة ج27 ص228،229ن الإصلاح الديني -> معارضة الإصلاح البروتستانتي -> البابوات والمجتمع -> البابوات يكرهون على الدفاع
 
البابا كلمنت السابع (1523-34)
:"رجل رأى روما تنهب تحت بصره، ورأى نفسه سجين غوغاء وإمبراطور؛ رجل منعه ذلك الإمبراطور من محاولة الوصول إلى صلح معقول مع هنري الثامن؛ رجل أكره على أن يختار بين أمرين أحلاهما مر، أن يخسر إما هنري وإنجلترا، وإما شارل وألمانيا؛ رجل قيل له حين احتج على تحالف فرانسوا مع العثمانيين، والقائل هو ذلك الملك. "المسيحي جداً"، إنه إذا بدر منه مزيد من الاحتجاج فإن فرنسا ستطلق البابوية. إن أحداً من البابوات لم يتجرع مثله كأس المنصب حتى هذه الثمالة المرة.
وكانت أخطاؤه وبيلة. فهو حين أساء تقدير خلق شارل وموارده، وبهذا شجع على "نهب روما" أصاب البابوية بلطمة شجعت شمال ألمانيا على نبذ الولاء لروما. وحين توج الرجل الذي أذن بذلك الهجوم فقد احترام العالم، حتى العالم الكاثوليكي.
قصة الحضارة ج27 ص229،230،الإصلاح الديني -> معارضة الإصلاح البروتستانتي -> البابوات والمجتمع -> البابوات يكرهون على الدفاع
 
البابا بولس الثالث-خليفة البابا كلمنت السابع (1523-34)
:" أليساندرو فارنيزي، الذي اتخذ اسم بولس الثالث، هو الرجل الصالح لأرفع منصب في العالم المسيحي، فقد ولد في أسرة غنية مثقفة، وتعلم الآداب القديمة على يد بومبونيوس لايتوس، ونضج أديباً إنسانياً وسط أسرة مديتشي بفلورنسة، وقربه بابا أوقعته أخته من قبل في شباك شعرها الذهبي، ورسم كردينالاً في الخامسة والعشرين (1493)، وأثبت كفايته في مهام دبلوماسية عسيرة، وارتقى إلى مقام مرموق وغير منازع في مجمع الكرادلة، ثم انتخب للبابوية بالإجماع في عام 1534. ولم ينل من قدره كثيراً إنجابه أربعة أبناء قبل أن يرسم قسيساً في عام 1519، ومع ذلك فقد ظهر في خلقه، كما ظهر في مجرى حياته العملية، تقلب وتناقضات، وبعض هذا راجع لأنه وقف كعمود مهزوز بين النهضة التي أحبها وبين حركة إصلاح بروتستنتي لم يستطع فهمها أو اغتفارها. ومع أنه كان رفيق البدن، فقد سلخ خمسة عشر عاماً من الزعازع السياسية والداخلية. ومع أنه تزود بكل ثقافة عصره، فإنه كان يلجأ بانتظام إلى المنجمين ليحددوا له أكثر الساعات مواتاة لرحلاته أو قراراته بل ومقابلاته(4). ومع أنه كان رجلاً شديد الحساسية، ميالاً بين الحين والحين غلى نوبات الغضب، فقد كان معروفاً بضبطه لنفسه. وقد وصفه تشلليني-الذي اضطر لإيداعه السجن-بأنهر جل "لا إيمان له بالله ولا بغيره"(5). وهذا يبدو غلواً في الحكم عليه، فما من شك في أن بولس كان يؤمن بنفسه، غلى أن أضعف مسلك ذريته في سنوات عمره الأخيرة إرادة الحياة فيه. وقد عوقب حيث أثم، فقد أعاد محاباة الأقرباء التي كانت طابع بابوية عصر النهضة، وأعطى بياتشنزا وبارما لولده بيرلويجي، وكاميرينو لحفيده أوتافيو، وخلع القبعة الحمراء على ابني أخيه البالغين من العمر أربعة عشر وسبعة عشر عاماً ورقاهما على الرغم
مما ذاع عنهما من فساد خلق. لقد كان يملك شخصية بلا خلق، وذكاء بلا حكمة... أبى أن يعد بالسماح بأي تغيير جوهري في العقيدة المعرفة أو في سلطة البابوات. وعاد فيرجيريو من ألمانيا بخفي حنين، فقد أبلغ البابا أن الكاثوليك هناك انضموا إلى البروتستنت في التشكك في إخلاص البابا في اقتراح عقد المجمع(6)، وأن الأرشيدوق فرديناند شكا من أنه لا يستطيع العثور على أب اعتراف لم يكن زانياً أو سكيراً أو جهولاً(7)... ولكنه أبى أن يعد بالسماح بأي تغيير جوهري في العقيدة المعرفة أو في سلطة البابوات. وعاد فيرجيريو من ألمانيا بخفي حنين، فقد أبلغ البابا أن الكاثوليك هناك انضموا إلى البروتستنت في التشكك في إخلاص البابا في اقتراح عقد المجمع(6)، وأن الأرشيدوق فرديناند شكا من أنه لا يستطيع العثور على أب اعتراف لم يكن زانياً أو سكيراً أو جهولاً(7). وكرر بولس المحاولة في عام 1536، وكلف بيتر فان درفورست أن يتفق مع اللوثريين على شروط عقد مجمع، ولكن ناخب سكسونيا صد بيتر فلم يظفر بشيء. وأخيراً بذل بولس قصارى جهد الكنيسة في الوصول إلى تفاهم مع ناقديها، فأرسل إلى مؤتمر براتسبون الكردينال جاسبارو كونتاريني، وكان رجلاً لا يتطرق الشك إلى إخلاصه في الحركة الكاثوليكية الداعية للإصلاح.
ونحن لا نملك غير العطف على الكردينال الشيخ الذي اقتحم ثلوج الأبنين والألب في فبراير ومارس 1541 وهو يتوق لتتويج حياته بتنظيم السلام الديني. وقد تأثر كل من كان في راتسبون بتواضعه، وبساطته، وحسن نيته. وقد توسط في صبر القديسين بين الكاثوليك إيك وفلوج وجروبر، والبروتستنت ملانكتون وبوكر وبيستوريوس. وأمكن التوصل إلى إنفاق حول الخطية الأصلية، والإرادة الحرة، والعماد، والتثبيت، والرسامة. وفي 3 مايو كتب كونتاريني إلى الكردينال فارنيزي مغتبطاً
"حمداً لله؛ بالأمس وصل اللاهوتيون الكاثوليك والبروتستنت إلى اتفاق حول عقيدة التبرير"، ولكن لم يتيسر الوصول إلى حل وسط مقبول حول سر القربان، فقد أبى البروتستنت الاعتراف بأن في استطاعة قسيس أن يحول الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه، وشعر الكاثوليك أن التخلي عن عقيدة التحول هذه معناه التخلي عن صميم القداس وطقوس كنيسة روما. وقفل كونتاريني عائداً إلى روما وقد أضناه الإخفاق والحزن، ليدمغه أتباع الكردينال كارافا المتزمتين في الكثلكة التقليدية بتهمة اللوثرية. ولم يفصح بولس نفسه عن استطاعته قبول الصيغ التي وقع عليها كونتاريني، على أنه استقبله استقبالاً ودياً وعينه ممثلاً للبابا في بولونيا. وهناك مات بعد وصوله بخمسة أشهر.
وأصبحت سياسة الدين أشد اكفهراراً واختلاطاً. وتساءل بولس ألا يظفر الإمبراطور شارل الخامس من وراء تصالح البروتستنت مع الكنيسة بدولة ألمانية موحدة، يسود السلام ربوعها، بحيث تطلق يده في أن يولي وجهة صوب الجنوب، ويربط أملاكه في شمالي وجنوبي إيطاليا بالاستيلاء على الولايات البابوية والقضاء على سلطة البابوات الزمنية؟ أما فرانسوا الأول فإنه لخشيته أيضاً من تهدئة ألمانيا اتهم كونتاريني بالاستسلام المخزي للمهرطقين، وتعهد بتأييد بولس تأييداً كاملاً إن هو رفض في حزم مصالحة اللوثريين(8)-الذين كان فرانسوا يسعى إلى التحالف معهم. ويبدو أن رأي بولس استقر على أن التفاهم الديني سيكون مجلبة خراب سياسي. وفي عام 1538 استطاع بالدبلوماسية البارعة أن ينع شارل وفرانسوا بتوقيع هدنة في نيس، ولما أمن شر شارل في الغرب على هذا النحو حرضه على الهجوم على اللوثريين. وحين قارب شارل الانتصار 1546 سحب بولس الفرقة البابوية التي كان قد أرسلها إليه، لأنه هنا أيضاً أي ارتعد فرقاً من أن يكون في خلاص الإمبراطور من وجود مشكلة بروتستنتية في مؤخرته ما يغريه بإخضاع إيطاليا كلها لسلطانه. وأصبح البابا بروتستنتياً مؤقتاً، ونظر إلى اللوثرية كأنها حامية إلى البابوية-تماماً كما كان سليمان القانوني حامياً للوثرية. وفي هذه الأثناء كان فرانسوا الأول-درعه الثاني ضد شارل-يحالف العثمانيين الذين هددوا المرة بعد المرة بغزو إيطاليا والهجوم على روما. ولعلنا نغتفر بعض هذا التذبذب لبابا أرهقه الخصوم وأحدقت به المشكلات على هذا النحو، وما من عدة لديه غير حفنة من الجند، ولا دفاع غير إيمان لا يعمر فيما يبدو إلا قلوب الضعفاء. وفي وسعنا أن ندرك ضآلة الدور الذي لعبه الدين في هذه الصراعات على القوة حين نسمع تعليق شارل للسفير البابوي إذ علم أن بولس حول وجهه شطر فرنسا: قال الإمبراطور إن البابا أصابته في شيخوخته عدوى مرض يصيب الناس عادة في شبابهم، هو المرض الفرنسي(9).
ولم يصد بولس البروتستنتية ولا أدخل أي إصلاحات جوهرية، ولكنه نفخ الحياة في البابوية ورد لها عظمتها ونفوذها، وظل إلى النهاية واحداً من بابوات النهضة. فقد شجع جهود ميكل أنجيلو وغيره من الفنانين وأمدهم بالمال، وجمل روما بالمباني الجديدة، وزين الفاتيكان بـ "الصالاريجيا" و "الكابيلاباولينا"، وشارك في حفلات الاستقبال الفخمة، ورحب بالجميلات من النساء على مائدته، واستقبل الموسيقيين والمهرجين والمغنيات والراقصات في بلاطه(10)، وحتى في ثمانيناته لم يكن سليل فارنيزي هذا ليفسد اللعبة على لاعبيها. وقد نقله لنا تيشان في سلسلة من اللوحات القوية. وفي أفضل هذه اللوحات (المحفوظة بمتحف نابلي) يبدو هذا الحبر الأعظم، الذي سلخ من عمره خمسة وسبعين عاماً، محتفظاً بقوته، على وجهه أخاديد حفرتها مشكلات الدولة والأسرة، ولكن رأسه لم ينحن بعد للزمن. وبعد ثلاث سنوات رسم تيشان لوحة لبولس وابني أخيه أوتافيو
والسندرو (محفوظة هي الأخرى بنابلي) كادت تتنبأ بمصيره، فالبابا الذي انحنى الآن ظهره ونال منه الإعياء، يبدو فيها وكأنه يستجوب أوتافيو مستريباً في أمره. ذلك أن بييرلويجي، بن بولس، اغتيل عام 1547، وفي عام 1548 تمرد أوتافيو على أبيه، ودخل في اتفاق مع أعداء بولس ليجعل بارما ولاية إمبراطورية. وأسلم البابا العجوز نفسه للموت (1549) بعد أن هزمه حتى أبناؤه.
قصة الحضارة ج27 ص21-235، الإصلاح الديني -> معارضة الإصلاح البروتستانتي -> البابوات والمجتمع -> البابوات يكرهون على الدفاع
 
يوليوس الثالث (15500-55) البابا خليفة بولس الثالث في الباباوية الظالمة
:"وقد أخطأ خليفته في تسمية نفسه بيوليوس الثالث (15500-55)، إذ لم يكن فيه شيء من فحولة يوليوس الثاني ولا قوته ولا أهدافه الطموحة. بل إنه استأنف أساليب ليو العاشر السهلة الهينة، واستمتع بالبابوية في إسراف لطيف، وكأن حركة الإصلاح البروتستنتي ماتت بموت لوثر. فخرج للصيد، واحتفظ بندماء البلاط، وقامر بمبالغ كبيرة، ورعى مصارعات الثيران، ورقى لمنصب الكاردينالية تابعاً له يعنى بنسناسته، وأعطى روما على الجملة آخر رشفة رشفتها من وثنية النهضة سواء في الأخلاق والفن(11). وقد كلف فينولا وغيره بأن يشيدوا له خارج "البورتا ديل بوبولو" بيتاً جميلاً "فيللا دي بابا جوليو" (1553) جعله مركزاً للفنانين والشعراء والاحتفالات. ثم كيف نفسه في هدوء وفق سياسات شارل الخامس. وشكا النقرس في غير أوانه، فحاول علاجه بالصوم، ويبدو أن هذا البابا الأبيقوري مات من الزهد في الطعام(12)، وقيل من الانغماس في اللذات(13)
قصة الحضارة ج27 ص235، الإصلاح الديني -> معارضة الإصلاح البروتستانتي -> البابوات والمجتمع -> البابوات يكرهون على الدفاع
 
وجاء البابا مارتشيللوس الثاني بعد يوليوس الثالث (15500-55) البابا خليفة بولس الثالث في الباباوية الظالمة
:" مات في اليوم الثاني والعشرين من تقلده منصب البابوية (5 مايو 1555).
قصة الحضارة ج27 ص235، الإصلاح الديني -> معارضة الإصلاح البروتستانتي -> البابوات والمجتمع -> البابوات يكرهون على الدفاع
 
البابا الارهابي جوفاني بييترو كارفا، الذي سمى نفسه بولس الرابع (1555-59). بعد البابا مارتشيللوس الثاني بعد يوليوس الثالث (15500-55) البابا خليفة بولس الثالث في الباباوية الظالمة
:"وكان وقد بلغ التاسعة والسبعين ثابتاً على آرائه لا يحيد عنها قيد أنملة، مكرساً نفسه لتنفيذها برسوخ في الإرادة وحدة في العاطفة لا يكادان يناسبان رجلاً في سنه. كتب السفير الفلورنسي يقول: "إن البابا رجل قد من حديد، بل إن الأحجار التي يمشي فوقها تنفث الشرر"(14). كان مولده في بينيفنتو، لذلك حمل حرارة جنوبي إيطاليا في دمه، وبدت النار دائمة التوقد في مقلتيه الغائرتين. وكان في طبعه فورة البركان، ولم يجرؤ على معارضته سوى السفير الأسباني تدعمه فرق الدوق ألفاً. وقد كره بولس الرابع أسبانيا لأنها سيطرت على إيطاليا، وكما حلم يوليوس الثاني وليو العاشر بطرد الفرنسيين، كذلك كان أول أهداف هذا الثمانيني النشيط تحرير إيطاليا والبابوية من السيادة الأسبانية-الإمبراطورية. فاتهم شارل الخامس بأنه ملحد مقنّع(15)، وابن مجنون لأم مجنونة، وشخص "كسيح جسداً وروحاً"(16)، ودمغ الشعب الأسباني بأنه حثالة من الساميين(17)، وأقسم أنه لن يعترف بفيليب والياً على ميلان. وفي ديسمبر 1555 عقد معاهدة مع هنري الثاني ملك فرنسا وإيركولي الثاني أمير فرارة لطرد جميع القوات الأسبانية أو الإمبراطورية من إيطاليا، فإذا تم للحلفاء النصر أخذت البابوية سيينا، والفرنسيون ميلان، وحكموا نابلي بوصفها ولاية بابوية، ووجب عزل شارل وفرديناند لقبولهما شروط البروتستنت في أوجزبورج(18). وبمهزلة من هذه المهازل التي يمكننا رؤيتها، ونحن على بعد كاف، في مآسي التاريخ، وجد فيليب الثاني نفسه في حرب مع البابوية وهو أشد أنصار الكنيسة غيرة وتحمساً، فأمر الدوق ألفاً على مضض بأن يزحف بجيش نابولي على الولايات البابوية. ولم تمض أسابيع حتى هزم الدوق بجنوده المتمرسين بالقتال، البالغ عددهم 10.000، قوات البابا الضعيفة، واستولى على المدينة تلو المدينة، ونهب أناني، واستولى على أوستيا، وهدد روما (نوفمبر 1556). وبارك بولس معاهدة بين فرنسا والعثمانيين، ولجأ وزير خارجيته، الكردينال كارلو كارافا، إلى سليمان القانوني ليهاجم نابلي وصقلية(19). وأرسل هنري الثاني جيشاً إلى إيطاليا يقوده فرانسوا دوق جيز، فاستعاد أوستيا، وهلل البابا، ولكن هزيمة الفرنسيين في سان-كنتان أكرهت جيز على العودة برجاله سريعاً إلى فرنسا، وزحف ألفاً على أبواب روما دون مقاومة. وولول أهل روما فرقاً، وودوا لو أن حبرهم الديني الطائش كان نزيل قبره(20)، ورأى بولس أن المزيد من القتال قد يعيد "نهب روما" الرهيب، بل قد يحمل أسبانيا على الانفصال عن كنيسة روما. لذلك وقع في 12 سبتمبر 1557 معاهدة صلح مع ألق، الذي عرض شروطاً سخية، واعتذر عن انتصاره، ولثم قدم البابا المغلوب(21). وردت إلى البابا جميع أراضيه التي سبق الاستيلاء عليها، ولكن السيادة الأسبانية على نابلي وميلان والبابوية تأكدت. وبلغ انتصار الكنيسة على الدولة منتهاه، حتى أن الأمراء الناخبين هم الذين توجوا فرديناند حين تسلم لقب الإمبراطور من شارل الخامس (1558)، ولم يسمح لأي ممثل للبابا بالقيام بأي دور في مراسيم الاحتفال. وهكذا كانت نهاية تتويج البابوات لأباطرة الدولة الرومانية المقدسة، وتحقق آخر المطاف انتصار شارلمان في خلافه مع ليو الثالث.
والآن وقد تخفف بولس الرابع طوعاً أو كرهاً من أعباء الحرب، فإنه فرغ فيما بقي له من فترة بابويته للإصلاحات الكنسية والأخلاقية التي ذكرناها من قبل. وقد توجها بطرد وزيره الإباحي الكردينال كارلو كارافا، وإن جاء هذا الطرد متأخراً، وبنفي ابني أخ آخرين من روما؛ وكانا قد شوها سمعة بابويته. وأجليت عن الفاتيكان أخيراً سبة محاباة الأقرباء التي استشرت فيه قرناً من الزمانوالآن وقد تخفف بولس الرابع طوعاً أو كرهاً من أعباء الحرب، فإنه فرغ فيما بقي له من فترة بابويته للإصلاحات الكنسية والأخلاقية التي ذكرناها من قبل. وقد توجها بطرد وزيره الإباحي الكردينال كارلو كارافا، وإن جاء هذا الطرد متأخراً، وبنفي ابني أخ آخرين من روما؛ وكانا قد شوها سمعة بابويته. وأجليت عن الفاتيكان أخيراً سبة محاباة الأقرباء التي استشرت فيه قرناً من الزمان...وهذا البابا الحديدي هو الذي بلغت رقابة المطبوعات في عهده غاية الصرامة واتساع المدى، وأصبحت محكمة التفتيش ضرباً من الإرهاب كادت تبلغ وحشيته في روما ما بلغته في أسبانيا. ولعل بولس الرابع شعر بأن رقابة المطبوعات وقمع الهرطقة واجبان لا مندوحة عنهما لكنيسة أجمع الرأي البروتستنتي والكاثوليكي على أن مؤسسها هو ابن الله. لأنه إذا كانت الكنيسة من الله، فخصومها إذن لا بد عملاء للشيطان، والحرب الدائمة على هؤلاء الشياطين التزام ديني قِبل إله مهان.
والرقابة قديمة قدم الكنيسة نفسها تقريباً. فالمسيحيون في أفسس أحرقوا في عصر الرسل كتباً في "فنون غريبة" قيل إن قيمتها بلغت "50.000 قطعة من الفضة(22)"، وحرم مجمع أفسس (150) تداول "أعمال بولس"(23) غير القانونية. وفي فترات مختلفة أمر البابوات بحرق التلمود أو غيره من كتب اليهود. وحظرت ترجمة ويكليف وما تلاها من الترجمات البروتستنتية للكتاب المقدس لاحتوائها مقدمات وهوامش وتصحيحات معرضة للكاثوليكية. وزاد اختراع الطباعة من حرص الكنيسة على ألا تفسد أبناءها التعاليم الباطلة. فأمر مجمع اللاتيران الخامس (1516) بألا تطبع بعده كتب دون أن تفحصها الكنيسة وتوافق عليها. وأصدرت السلطات الزمنية بيانات بمحظوراتها من المطبوعات غير المرخصة: مجلس شيوخ البندقية في 1508، ومجلس نواب فورمز ومراسيم شارل الخامسوفرانسوا الأول في 1521، وبرلمان باريس في 1542. وفي 1543 وسع شارل الرقابة الكنسية على المطبوعات فشملت أمريكا الأسبانية. وفي عام 1544 نشرت السوربون أول فهرس عام بالكتب المحرمة، ونشرت محكمة التفتيش أول قائمة إيطالية في عام 1545.وفي عام 1559 نشر بولس الرابع أول فهرس بابوي بالكتب المحظورة، وقد ورد فيه ثمان وأربعون طبعة مهرطقة للكتاب المقدس، وأوقع الحرم على واحد وستين طابعاً وناشراً(24). وقد فرض على كل كاثوليكي الامتناع عن قراءة أي كتاب نشر منذ سنة 1519 دون أن يحمل اسمي المؤلف والطابع ومكان النشر وتاريخه، وحرمت قراءة أي كتاب بعد ذلك لم يحصل على إذن كنسي "impramtur" بطبعه. وشكا باعة الكتب وطلاب العلم من أن هذه الإجراءات معطلة لهم أو قاضية عليهم، ولكن بولس أصر على الطاعة التامة. وأحرقت آلاف الكتب في روما وبولونيا ونابلي وميلان وفلورنسة والبندقية-10.000 في البندقية في يوم واحد(25). وبعد موت بولس انتقد نفر من قادة الكنيسة إجراءاته لما فيها من مغالاة في العنف وعدم التمييز، ورفض مجمع ترنت فهرسه، وأصدر تحريماً أكثر تنظيماً، هو "الفهرس الثلاثي" (1564). وشكلت لجنة خاصة للفهرس في 1571 لمراجعة القائمة وإعادة نشرها بصفة دورية.
ومن العسير الحكم على أثر هذه الرقابة. وعند باولو ساربي، وكان راهباً سابقاً، ومعارضاً للأكليروس، أن الفهرس "هو أبدع سر كشف إلى الآن... لفرض البلاهة على الناس(26)". ولعله شارك في إحداث اضمحلال إيطاليا الفكري بعد عام 1600، واضمحلال أسبانيا بعد عام 1700، ولكن العوامل الاقتصادية والسياسية كانت أهم. والفكر الحر، كما يقول أقوى مؤرخ إنجليزي له، عاش في الدول الكاثوليكية خيراً مما عاش في الدول البروتستنتية، وتبين حتى عام 1750 أن الحكم المطلق للكتب المقدسة الذي فرضه اللاهوتيون البروتستنت أشد إيذاء للبحث والتفكير المستقلين من فهارس الكنيسة ومحكمة تفتيشها(27). أياً كان الأمر فإن الحركة الإنسانية ذبلت، في الدول الكاثوليكية والبروتستنتية على السواء.
قصة الحضارة ج27 ص236-239، الإصلاح الديني -> معارضة الإصلاح البروتستانتي -> البابوات والمجتمع -> البابوات يكرهون على الدفاع
 
البابا الارهابي(2)جوفاني بييترو كارفا، الذي سمى نفسه بولس الرابع (1555-59).
:"ونفذت الرقابة على الكتب في تراخ حتى وكلها بولس الرابع إلى محكمة التفتيش (1555). وكانت هذه المؤسسة التي أنشئت أولاً عام 1217 قد انتكست سلطتها وسمعتها نتيجة لتساهل بابوات النهضة. ولكن حين أخفقت آخر محاولة للمصالحة مع البروتستنت في راتسبون، وظهرت التعاليم البروتستنتية في إيطاليا ذاتها، حتى بين رجال الأكليروس، وخيف أن تتحول مدن بأسرها مثل لوكا ومودينا إلى البروتستنتية(28) اشترك الكردينال جوفاني كارافا، وإجناتيوس لويولا، وشارل الخامس في الإلحاح على إعادة محكمة التفتيش. وأذعن بولس الثالث (1542)، وعين كارافا وخمسة كرادلة آخرين لإعادة تنظيم المؤسسة، وخول لهم سلطة تفويض كنسيين خاصين في أرجاء العالم المسيحي، وشرع كارافا في التنفيذ بما عهد فيه من صرامة، وأنشأ مقراً للمحكمة وسجناً، ووضع هذه القواعد لمرءوسيه:
1- حين يكون الإيمان موضع شك يجب ألا يكون هناك أي تأجيل، ولابد من اتخاذ الإجراءات الصارمة بكل سرعة إذا قامت أقل شبهة.
2- يجب ألا يكون هناك أي اعتبار لأي أمير أو حبر مهما علا منصبه.
3- الصرامة المتناهية أولى أن تستعمل مع أولئك الذين يحاولون الاحتماء بأي حاكم. ولا يعامل بالرفق والعطف الأبوي إلا من اعترف اعترافاً كاملاً.
4- يجب ألا يحط إنسان من قدره بإبداء التسامح نحو المهرطقين أياً كان نوعهم، ونحو الكالفنبين على الأخص(29).
فأما بولس الثالث ومارتشيللوس الثاني فقد قيدا حماسة كارافا، واحتفظا بحق العفو عند الاستئناف. وأما يوليوس الثالث فكان أهن من أن يتدخل في عمل كارافا، فأحرق في عهده نفر من المهرطقين في روما. وفي عام 1550 أمرت محكمة التفتيش الجديدة بمحاكمة أي كاهن كاثوليكي لا يعظ ضد البروتستنتية. فلما ارتقى كارافا نفسه عرش البابوية باسم بولس الرابع، انطلقت المؤسسة إلى العمل بكل طاقتها، "واكتسبت المحكمة بفضل صرامته الخارقة سمعة واسعة، بحيث لم يكن هناك كرسي قضاء آخر في الأرض يتوقع الناس منه إصدار أحكام أشد بشاعة وإرهاباً" على حد قول الكردينال سيريباندو(30). ووسع اختصاص محكم التفتيش حتى شمل التجديف والمتاجرة بالرتب الكهنوتية (السيمونية)، واللواط، والزواج المتعدد، وهتك العرض، والقوادة، وانتهاك نظم الكنيسة في الصوم، وغير هذه من الذنوب التي لا تمت للهرطقة بسبب. ونحن نسوق أيضاً هذه الفقرة من كلام مؤرخ كاثوليكي عظيم:
"كان البابا العجول السريع التصديق يعير أذناً صاغية لكل اتهام ولو كان شديد السخف... وكان رجال محكمة التفتيش الذين لم يفتر البابا عن حضهم يشمون الهرطقة في حالات كثيرة ما كان المراقب الهادئ الحذر ليكشف فيها أثراً لهرطقة... وحرض الحاسدون والمفترون على بذل الجهد في تسقط الكلمات المريبة من شفاه رجال كانوا عمداً راسخة للكنيسة ضد المبتدعين، وعلى تلفيق تهم الهرطقة لهم... وبدأ عصر إرهاب فعلي ملأ روما كلها بالخوف"(31).
وفي قمة هذا العنف (31 مايو 1557) أمر بولس بالقبض على الكردينال جوفاني موروني، أسقف مودينا، وفي 14 يونيو أمر الكردينال بولي بأن يتخلى عن سلطة الممثل البابوي في إنجلترا ويحضر إلى روما ليواجه محاكمته بتهمة الهرطقة. وقال البابا إن مجمع الكرادلة نفسه سرت إليه دعوى الهرطقة. أما بولي فقد بسطت عليه الملكة ماري حمايتها ومنعت تسليم الاستدعاء البابوي له. وأما موروني فقد اتهم بأنه وقع اتفاق راتسبون حول عقيدة التبرير بالإيمان، وبأنه تهاون مع المهرطقين الداخلين في نطاق سلطته، وبأنه كان صديقاً لبولي، وفتوريا كولونا، وفلامينيو، وغيرهم من الشخصيات الخطرة، وبعد أن قضى ثمانية عشر يوماً سجيناً في قلعة سانت أنجيلو أصدر قضاة التفتيش حكمهم ببراءته، وأمروا بالإفراج عنه، ولكنه أبى أن يبرح زنزانته حتى يقر بولس ببراءته. ولكن بولس رفض، فظل موروني سجيناً حتى أطلقه موت البابا. وأما فلامينيو فقد فوت على محكمة التفتيش غرضها بموته، "ولكننا أحرقنا أخاه شيزاري في الميدان المواجه لكنيسة المينرفا"(32)، كما قال بولس. وراح الحبر المجنون يطارد أقرباءه هو بشبهات الهرطقة في عناد لا يعرف التحيز. قال "لو أن أبي ذاته كان مهرطقاً لجمعت الحطب لحرقه"(33).
كان بولس لحسن الحظ بشراً نهايته الموت، فمضى لحسابه. بعد أربع سنوات من الحكم. واحتفلت روما بموته بأربعة أيام من الشغب المرح، حطمت خلالها الجماهير تمثاله، وجرته في الشوارع، ثم أغرقته في نهر تيير، وأحرقت مباني محكمة التفتيش، وأطلقت سجناءها، وأتلفت وثائقها(34). ولعلع البابا كان يرد على هذا بأنه ما كان في استطاعة رجل أن يصلح أخلاق روما ومفاسد الكنيسة إلا إذا أوتي صرامته وشجاعته اللتين لا هوادة فيهما، وأنه وفق في هذه المغامرة بينما أخفق أسلافه. ومن أسف أنه في محاولته إصلاح الكنيسة تذكر توركويمادا ونسي المسيح.
قصة الحضارة ج27 ص240-242، الإصلاح الديني -> معارضة الإصلاح البروتستانتي -> البابوات والمجتمع -> البابوات يكرهون على الدفاع
 
بعد البابا بولس الرابع جاء البابا بيوس الرابع
:" وتنفس غرب أوربا كله الصعداء حين اختار مجمع الكرادلة سنة 1559 جوفاني أنجيلو دي مديتشي حبراً أعظم باسم البابا بيوس الرابع...فلما ارتقى عرش البابوية ...لم يقض على محكمة التفتيش، ولكنه أشعر قضاتها بأنهم "يسرونه أكثر لو باشروا عملهم بلطف السادة المهذبين لا بجلافة الرهبان"(35)...سمح لأساقفة ألمانيا الكاثوليك بمناولة سر القربان بالخبز والخمر كليهما. وأعاد عقد مجتمع ترنت، وقاده إلى خاتمة اتسمت بالنظام، ثم فارق الحياة عان 1565 بعد رياسة دعمت في هدوء حركة المعارضة للإصلاح البروتستنتي.
قصة الحضارة ج27 ص242-243،، الإصلاح الديني -> معارضة الإصلاح البروتستانتي -> البابوات والمجتمع -> البابوات يكرهون على الدفاع
 
مجمع ترنت (مجمع من مجامع الضلال):"مجمع ترنت(1545-1563)
قبل أن يأتي لوثر بزمن طويل ارتفعت مئات الأصوات مطالبة بعقد مجمع يصلح الكنيسة. وطالب لوثر بعرض نزاعه مع البابا على مجمع عام حر، وطالب شارل الخامس بعقد مجمع كهذا بأمل نفض يده من المشكلة البروتستنتية، وربما بأمل تأديب البابا كلمنت السابع، واستطاع ذلك البابا الذي أنهكته الهجمات المتكررة أن يجد مائة عذر لتأجيل مثل هذا المجمع حتى يصبح بعيداً عن متناوله. فقد تذكر ما حدث للسلطة البابوية في مجمعي كونستانس وبازل، وما كان ليسمح لأساقفة معادين له، أو لمندوبي الإمبراطور، بدس أنوفهم في سياساته أو مصاعبه الداخلية أو مولده. ثم كيف يستطيع مجمع أن ينقذ الموقف؟ ألم يرفض لوثر الاعتراف بالمجامع كما رفض الاعترافات بالبابوات؟ ولو قبل البروتستنت في مجمع وسمح لهم بحرية الكلام فإن النزاع الذي سيسفر عنه هذا القبول سيوسع الانشقاق ويزيده مرارة ويزعج أوربا بأسرها؛ ولو حيل بينهم وبينه لأثاروا غضب التمرد والعصيان. وأراد شارل أن يعقد المجمع على أرض ألمانية، ولكن فرانسوا أبى السماح للأكليروس الفرنسي بحضور اجتماع خاضع لسيادة الإمبراطور. يضاف إلى هذارغبة فرانسوا في الإبقاء على النيران البروتستنتية مشتعلة في المؤخرة الإمبراطورية. لقد كان الموقف مختلطاً أشد الاختلاط.
فلما جاء بولس الثالث ساورته كل مخاوف كلمنت، ولكنه كان أشجع منه. في عام 1536 أصدر دعوة لمجمع عام يجتمع في مانتوا في 23 مايو 1537، ودعا البروتستنت لحضوره. وافترض أن جميع الأطراف التي ستحضره ستقبل النتائج التي يخلص إليها المجمع؛ ولكن ما كان للبروتستنت وهم أقلية في مؤتمر كهذا أن يقبلوا مثل هذا الالتزام. وأشار لوثر بعدم الحضور، ورد مؤتمر البروتستنت المنعقد في شمالكالدين دعوة البابا دون أن يفتحها. وواصل الإمبراطور إصراره على عقد المجمع في أرض ألمانية، وكانت حجته أنه لو عقد في أرض إيطاليا لازدحم بالأساقفة الإيطاليين ولأصبح لعبة في يد البابا. وبعد الكثير من المفاوضات والتأجيلات وافق بولس على عقد المجمع في ترنت، وكانت تقع في أرض إمبراطورية وتخضع لشارل على الرغم من غلبة الإيطاليين على سكانها. ودعا المجمع للانعقاد فيها في أول نوفمبر 1542.
ولكن ملك فرنسا رفض أن يلعب دوره. وأبى نشر دعوة البابا في أرجاء ملكه، وهدد بالقبض على أي فرد من الأكليروس الفرنسي يحاول حضور مجمع منعقد على أرض عدوه، فلما افتتح المجمع لم يكن حاضراً سوى بضعة أساقفة كلهم إيطاليون، وأجل بولس الاجتماع حيناً حتى يسمح شارل وفرانسوا بانعقاد المجمع بكامل عدده. وبدا أن صلح كريبي قد أزاح العقبات من الطريق، ودعا بولس إلى عودة انعقاد المجمع في 14 مارس 1545. ولكن تجدد الخطر على الإمبراطور من العثمانيين أكرهه ثانية على مصالحة البروتستنت، فطلب تأجيل المجمع مرة أخرى، ولم يبدأ "المجمع المسكوني التاسع عشر للكنيسة المسيحية" دوراته النشيطة إلا في 13 ديسمبر 1545.
ولكن حتى هذه البداية لم يحالفها التوفيق، ولم تبلغ قط مبلغ "نصف العمل". ذلك أن البابا الذي قارب الثمانين ظل في روما، يرأس المجمع "غيابياً"، ولكنه ندب عنه ثلاثة كرادلة يمثلونه: ديل مونتي، وتشرفيني، وبولي. وكان قوام المجمع كردينال ترنت مادروزو، وأربعة رؤساء أساقفة، وعشرين أسقفاً، وخمسة من قادة الطرق الديرية، ويعض رؤساء الأديار، وبضعة لاهوتيين؛ ولم يكن في وسع المجمع حتى ذلك الحين الزعم بأنه "مسكوني"-أي عالمي(36). وبينما كان حق التصويت في مجمع كونستانس وبازل متاحاً للقساوسة، والأمراء، وبعض العلمانيين، كما كان متاحاً للأساقفة، وكان التصويت بالمجموعات القومية، فإن هذا الحق قصر هنا على الكرادلة والأساقفة والقواد ورؤساء الأديار، وكان التصويت بالأفراد، ومن ثم فإن الأساقفة الإيطاليين-وأكثرهم مدين للبابوية أو موال لها لأسباب أخرى-سيطروا على المجمع بأغلبيتهم العددية. وحضّرت اللجان المجتمعة في روما بإشراف البابا المسائل التي لا يمكن عرض غيرها للمناقشة(37). وقد لاحظ مندوب فرنسي أنه ما دام المجمع يزعم بأنه يعمل بإرشاد الروح القدس، فإن الأقنوم الثالث كان يأتي إلى ترنت بانتظام في حقيبة البريد القادمة من روما(38).
ودارت أولى المناقشات حول الإجراءات: أمن الواجب البدء بتعريف الإيمان ثم البحث في الإصلاحات، أم العكس؟ فأما البابا ومؤيدوه الإيطاليون فأرادوا البدء بتعريف للعقائد، وأما الإمبراطور ومؤيدوه فأرادوا البدء بالإصلاح، أملاً من شارل في تهدئة البروتستنت أو إضعافهم أو إحداث مزيد من الانقسام في صفوفهم، وأملاً من الأحبار الألمان والأسبان أن تقلل الإصلاحات من سلطة البابا على الأساقفة والمجامع. وقد أمكن الوصول إلى حد وسط، فاتفق على أن تحضر لجان متزامنة القرارات حول العقيدة والإصلاح، وتعرض هذه القرارات على المجمع بالتناوب.وفي مايو 1546 أوفد بولس اثنين من اليسوعيين هما لاينيز وسالميرون ليساعدوا مندوبيه في الشئون اللاهوتية وفي الدفاع عن البابا؛ ثم انضم إليهما بيتر كانيزيوس وكلود لوجي. وما لبث تفقه اليسوعيين الذي لم يضارعهم فيه أحد أن أكسبهم نفوذاً طاغياً في المناقشات، وقاد إصرارهم على سلامة العقيدة المجمع إلى إعلان الحرب على أفكار الإصلاح البروتستنتي بدلاً من التماس التوفيق أو الوحدة. وكان حكم الأغلبية فيما يبدو أن أي تنازلات للبروتستنت لن ترأب الصدع؛ وأن الملل البروتستنتية تعددت وتنوعت بحيث لا يمكن لأي حل وسط أن يرضي بعضها دون أن يغضب البعض الآخر، وأن أي تغيير جوهري في العقائد التقليدية من شأنه أن يضعف بنيان الكاثوليكية العقائدي واستقرارها كله؛ وأن السماح للعلمانيين بالسلطات الكهنوتية سيفوض السلطة الأدبية للكهنوت والكنيسة، وأن هذه السلطة لا غنى عنها للنظام الاجتماعي؛ وأن لاهوتاً يرتكز بصراحة على الإيمان سيحبط نفسه إذا خضع لأهواء التفكير الفردي. وبناءً عليه فإن دورة المجمع الرابعة (أبريل 1546) أكدت من جديد كل فقرة من فقرات العقيدة النقوية، وادعت سلطاناً متساوياً لتقليد الكنيسة وللكتاب المقدس، وأعطت الكنيسة الحق دون غيرها في شرح الكتاب وتفسيره، وأعلنت أن ترجمة جيروم اللاتينية هي الترجمة والنص النهائيان للكتاب. وتقرر أن القديس توما الأكويني هو الشارح العمدة للاهوت النقي من الشوائب، ورفع كتابه "خلاصة اللاهوت" إلى مقام لا يعلوه فيه إلا الكتاب المقدس والمراسيم البابوية(39). وهكذا نرى أن الكاثوليكية بوصفها ديناً ذا سلطان معصوم بدأت عملياً من مجمع ترنت، وتبلورت على هيئة استجابة عنيدة لذلك التحدي الذي واجهتها به البروتستنتية، والعقلانية، والرأي الفردي. وانتهى بذلك "اتفاق الجنتلمان" بين كنيسة النهضة والطبقات المفكرة. ولكن إذا كان الإيمان حيوياً إلى هذا الحد. فهل كان أيضاً كافياً في ذاته لاستحقاق الخلاص كما زعم لوثر؟ لقد ارتفعت في الدورة الخامسة (يونيو 1546) مناقشات عنيفة حول هذه النقطة، وأمسك أحد الأساقفة بلحية آخر وانتزع منها حفنة من الشعر الأبيض، ولما سمع الإمبراطور بما وقع أرسل إلى المجمع يقول إنه لم يهدأ فسيأمر بإلقاء نفر من الأساقفة في نهر أديج ليهدئ ثائرتهم(40). ودافع ريجنالد بولي عن رأي قريب قرباً خطراً من رأي لوثر، حتى أن الكردينال كارافا (الذي أصبح بولس الرابع فيما بعد) دمغه بالهرطقة، وانسحب بولي من المعركة قاصداً بادوا، واعتذر بالمرض عن التخلف عن حضور المجمع(41). ودافع الكردينال سيريباندو عن الصيغة التوفيقية التي عرضها في راتسبون الكردينال كونتاريني، وكان قد مات، ولكن لاينيز أقنع المجمع بأن يشدد على أهمية الأعمال الصالحة وحرية الإرادة، معارضاً بذلك لوثر معارضة كاملة.
أما إجراءات الإصلاح الكنسي فكانت حركتها أقل نشاطاً من تعريفات العقيدة. كان أسقف كاتدرائية القديس مرقس قد افتتح دورة 6 يناير 1546 برسمه صورة قاتمة للفساد الذي استشرى في العالم، والذي لن يفوقه في ظنه فساد الأجيال القادمة إطلاقاً، وقد عزا هذا الفساد "إلى شر الرعاة دون سواه". وقال إن هرطقة لوثر سببها الرئيسي خطايا الأكليروس، وإن إصلاح الأكليروس خير سبيل لقمع هذا التمرد(42). ولكن الإصلاح الجوهري الوحيد الذي تحقق في هذه الدورات الأولى كان ذلك الذي حرم على الأساقفة الإقامة بعيداً عن أسقفياتهم، أو شغل أكثر من أسقفية. واقترح المجمع على البابا أن ينتقل إصلاح قسم الوثائق من التوصيات النظرية إلى الأوامر الفعلية، ولكن بولس كانيريد أن تترك شئون الإصلاح للبابوية، فلما أصر الإمبراطور على مزيد من السرعة في مناقشات الإصلاح في المجمع، أمر البابا مندوبيه بأن يقترحوا نقلالمجمع إلى بولونيا-التي تسمح لروما بأن تشرف على أعمال المجمع إشرافاً أسرع لأنها واقعة في الولايات البابوية. ووافق الأساقفة الإيطاليون، أما الأساقفة الإسبان والإمبراطوريون فاحتجوا، وظهر في ترنت طاعون غير ذي بال في الوقت المناسب فقضى على أحد الأساقفة، وانتقلت الأغلبية الإيطالية إلى بولونيا، أما الباقون فظلوا في ترنت. ورفض شارل الاعتراف بدورات بولونيا. وهدد بعقد مجمع منفصل في ألمانيا. وبعد عامين من الجدل والمناورة خضع بولس وعطل مجمع بولونيا (سبتمبر 1549).
وخف توتر الموقف بموت بولس. ووصل يوليوس الثالث إلى تفاهم مع الإمبراطور، فدعا المجمع للانعقاد مرة أخرى في ترنت في مايو 1551 لقاء وعد من شارل بالامتناع عن تأييد أي إجراء من شأنه اختزال سلطة البابا، ووافق البابا على إعطاء اللوثريين فرصة الإدلاء بأقوالهم. ولكن هنري الثاني ملك فرنسا رفض الاعتراف بالجمع لأنه كره هذا التقارب بين البابا والإمبراطور. فلما اجتمع كان عدد الحاضرين ضئيلاً فاضطر إلى تأجيل اجتماعاته. ثم عاد إلى الاجتماع في أول سبتمبر بحضور ثمانية من رؤساء الأساقفة، وستة وثلاثين أسقفاً، وثلاثة رؤساء أديار، وخمسة قادة، وثمانية وأربعون لاهوتياً. ويواكيم الثاني ناخب براندنبورج، وسفراء يمثلون شارل وفرديناند.
وأكدت الدورة الثالثة عشرة للمجمع (أكتوبر 1551) من جديد عقيدة التحول الكاثوليكية، فالكاهن بتقديسه الخبز والخمر في سر القربان يحولهما فعلاً إلى جسد المسيح ودمه. بعد هذا لم يعد هناك جدوى من الاستماع إلى البروتستنت، ولكن شارل أصر على هذا. واختار دوق فورتمبرج، وموريس ناخب سكسونيا، وبعض مدن جنوبي ألمانيا-اختار هؤلاء أعضاء وفد بروتستنتي، ووضع ملانكتون بياناً بالعقيدة اللوثرية لرفعه
إلى المجمع. وضمن شارل للمندوبين سلامة المرور، ولكنهم إذ تذكروا كونستانس وهس طلبوا أيضاً ضماناً بسلامة المرور من المجمع ذاته. وبعد نقاش طويل منحهم المجمع الضمان. ولكن راهباً دومنيكياً ذكر في عظة تدور حول مثل هذا الزوان، ألقاها في ذات الكاتدرائية التي انعقدت فيها دورات المجمع، أن زوان المهرطقين قد يمهلون إلى أجل، ولكن لا بد في النهاية من حرقهم(43). وفي 14 يناير 1552 ألقى المندوبون البروتستنت كلمتهم في المجمع. فاقترحوا تأكيد المراسيم التي أصدرها مجمعاً كونستانس وبازل بشأن تخويل المجامع سلطاناً أعلى على البابوات، وأن يحل أعضاء المجمع الحاضر من عهد الولاء للبابا يوليوس الثالث، وأن جميع القرارات التي وصل إليها المجمع حتى ذلك التاريخ يجب إلغاؤها، وأنه يجب أن يعيد مجمع موسع يمثل فيه البروتستنت تمثيلاً كافياً مناقشة الموضوعات من جديد(44). ومنع يوليوس الثالث بحث هذه المقترحات. وقرر المجمع تأجيل البت فيها إلى 19 مارس، وهو التاريخ الذي يتوقع فيه وصول مزيد من المندوبين البروتستنت.
وفي أثناء هذه العطلة طرأت على اللاهوت تطورات حربية على نحو غير متوقع. ففي يناير 1552 وقع ملك فرنسا حلفاً مع البروتستنت الألمان، وفي مارس زحف موريس أمير سكسونيا على إنزيروك، وفر شارل، وما كان لأية قوة أن تمنع موريس إن شاء من الاستيلاء على ترنت والإطاحة بالمجمع. واختفى الأساقفة واحداً بعد الآخر، وفي 28 أبريل عطل المجمع رسمياً. ونزل فرديناند بمقتضى معاهدة باساو (2 أغسطس) عن الحرية الدينية للبروتستنت المنتصرين حربياً، فلم يعد المجمع يهمهم في شيء بعد هذا.
ورأى بولس الرابع أن من الحكمة أن يدع المجمع يسبت خلال رياسته. فلما جاء البابا بيوس الرابع، وكان شيخاً دمث الخلق، راودته فكرة مؤداها أن منح سر القربان بالخبز والخمر قد يهدئ البروتستنت كما هدأ البوهيميين من قبل. فطلب إلى المجمع أن ينعقد من جديد في ترنت في 6 أبريل 1561، ودعا إليه جميع الأمراء المسيحيين سواء الكاثوليك أو البروتستنت. وقد جلب المندوبون الفرنسيون إلى هذه الدورة الجديدة قائمة رهيبة بالإصلاحات التي ينشدونها: القداس باللغة القومية، والتناول بالخز والخمر، وزواج القس، وإخضاع البابوية للمجامع العامة، وإنهاء نظام الإعفاءات البابوية(45)، ويبدو أن مزاج الحكومة الفرنسية كان في تلك اللحظة شبه هيجونوتي. وأيد فرديناند الأول هذه المقترحات، وكان الآن إمبراطوراً، وأضاف أن "البابا يجب أن يتواضع، ويخضع لإصلاح شخصه ودولته وإدارته"، أما أساطير القديسين فينبغي أن تنقى من السخافات. وأما الأديار فينبغي إصلاحها حتى "لا تعود ثروتها الطائلة تنفق بمثل هذه السفه"(46). وأنذر الموقف بالخطر على بيوس، وترقب مندوبوه افتتاح الدورة في شيء من الذعر.
وبعد تأجيلات كان دافعها الروية أو الاستراتيجية التأم شمل الدورة السابعة عشرة للمجمع في 28 يناير 1562، بحضور خمسة كرادلة، وثلاثة بطارقة، وأحد عشر رئيس أساقفة، وتسعين أسقفاً، وأربعة قادة، وأربعة رؤساء أديار، ومختلف الممثلين العلمانيين للأمراء الكاثوليك. واستجابة لطلب من فرديناند عرض ضمان بسلامة المرور لأي مندوب بروتستنتي قد يرغب في الحضور، ولكن أحداً لم يحضر. وتزعم رئيس أساقفة غرناطة وشارل كردينال اللورين حركة ترمي إلى الحد من امتيازات البابا، فأكد أن الأساقفة لا يستمدون سلطانهم عن طريقه بل بـ "الحق الإلهي" المباشر، وردد أسقف سقوبية هرطقة من هرطقات لوثر،انتشار الفساد على نطاق واسع، فإن المجمع يلقى على عاتق كل أسقف واجب التعرف على ما يوجد في أسقفيته من مفاسد، وعرضها على المجمع الإقليمي التالي، وإبلاغها إلى الحبر الأعظم في وما بعد موافقة الأساقفة الآخرين(48).
وأجمع البابا والإمبراطور على أن المجمع قد بلغ الآن نهاية نفعه، وفي 4 ديسمبر 1563 فض نهائياً وسط ابتهاج المندوبين المرهقين، بعد أن حدد طريقة الكنيسة لقرون قادمة.
لقد نجحت معارضة الإصلاح البروتستنتي في أهدافها الأساسية.
قصة الحضارة ج27 ص243-252،، الإصلاح الديني -> معارضة الإصلاح البروتستانتي -> البابوات والمجتمع -> البابوات يكرهون على الدفاع
 
ماأسفر عنه مجمع ترنت
:"وأنهى البابوات محاباتهم لأقربائهم، وشفوا الإدارة البابوية من تسويفاتها الباهظة الثمن ورشوتها المفضوحة. وأصبحت إدارة الكنيسة بشهادة من فحصوا هذا الأمر من غير الكاثوليك نموذجاً للكفاية والنزاهة(51). وأدخل استعمال مقصورة الاعتراف المظلمة (1547) وجعل إجبارياً (1614)، ولم يعد القسيس عرضة لأن يفتنه جمال بعض المعترفات. أما باعة صكوك الغفران الجائلون قد اختفوا، وأما الصكوك فقد خصصت في معظم الحالات للعبادة الورعة ولأعمال البر لا التبرعات المالية، وبدلاً من أن يتقهقر رجال الأكليروس الكاثوليك أمام زحف البروتستنت أو الفكر الحر، انطلقوا ليعيدوا اقتناص فكر الشباب وولاء السلطان
قصة الحضارة ج27 ص253،، الإصلاح الديني -> معارضة الإصلاح البروتستانتي -> البابوات والمجتمع -> البابوات يكرهون على الدفاع
 
من عجائب تحليل ديورانت لأحداث التاريخ إرجاعه إلى صراع العنصر والسلالة!!
كما فعل مع الإسلام
فهنا أيضا قال:"والخلاف بين إرزمس ولوثر متصل، وسوف يتصل، لأن الحقيقة التي قد يصل إليها الناس في هذه الأمور الكبيرة هي ثمرة الجمع بين الأضداد، وستشعر هذه الحقيقة دائماً بأبوتها المزدوجة.
ويمكن القول إن الخلاف من بعض النواحي سلالي وجغرافي، خلاف بين اللاتين والتيوتون، بين الجنوب الحسي الطلق والشمال الجلد المعتم، بين شعوب هزمت على يد روما وتلقت منها التراث الكلاسيكي، وشعوب قاومت روما-وبعضها هزم روما-وأحبت جذورها وأرضها أكثر كثيراً من اليونان جالبي المواهب أو الرومان حاملي القانون. لذا قسمت إيطاليا وألمانيا فيما بينهما تشكيل النفس الحديثة، وإيطاليا بالرجوع إلى الأدب والفلسفة والفنون الكلاسيكية، وألمانيا بالرجوع إلى الإيمان والشعائر المسيحية الأولى. وكانت إيطاليا على وشك النجاح في محاولتها الثانية لغزو ألمانيا-بالعشور والمذهب الإنساني هذه المرة؛ ولكن ألمانيا قاومت ثانية، وطردت الكنيسة وأسكتت الإنسانيين. وأنكرت حركة الإصلاح البروتستنتي النهضة واهتمامها بالشئون والمباهج الدنيوية، وعادت إلى تلك الناحية (وهي ناحية واحدة فقط!) من نواحي العصور الوسطى التي عدت إنجازات البشر ومباهجهم تافهة باطلة، ووصفت الحياة بأنها واد
قصة الحضارةج27 ص254، الإصلاح الديني -> النهضة والإصلاح البروتستنتي والتنوير
 
بعد انتهاء ديورانت من مجلد القرن ال16 وماقبله قال كلمة تحتاج لفحص ونظر وفيها حقائق(ويبدو أن ديورانت ينقل كلاما لمعاصر له)
:"أما قوة الكاثوليكية ففي رفضها أن تكيف نفسها وفق نظريات العلم، التي تثبت من الخبرة التاريخية أنها قلّما تعيش بعد القرن الذي ولدت فيه. إن الكاثوليكية تستهدف إشباع مطالب الناس الروحية، الناس الذين قلّما سمعوا بكوبرنيق وداروين، ولم يسمعوا قط بسبينوزا وكانت؛ وهؤلاء الناس كثيرون خصيبون، ولكن أنى لدين يتحدث إلى العقل، ويتمركز حول العظة، أن يكيف نفسه وفق كون آخذ في الاتساع، كون أصبح فيه الكوكب الذي ادعى أنه تلقى ابن الله نقطة عابرة في الفضاء، وليس النوع الذي مات من أجله سوى لحظة في مشهد الحياة الدائم التغيير؟ وما الذي يحدث للبروتستنتية إذا أخضع الكتاب الذي اتخذتها أساسها الوحيد والمعصوم للنقد "الأعلى" الذي يحيله من كلمة الله إلى أدب العبرانيين وإلى تحول المسيح في لاهوت بولس الصوفي؟.
"ليست المشكلة الحقيقية التي تواجه العقل الحديث ذلك الخلاف بين الكاثوليكية والبروتستنتية، ولا بين الإصلاح البروتستنتي والنهضة؛ إنها بين المسيحية والتنوير-هذه الحقبة التي ليس من اليسير تحديد تاريخها، والتي بدأت بفرانسس بيكن، وعقدت آمالها على العقل والعلم والفلسفة. وكما كان الفن ركيزة النهضة، والدين روح الإصلاح البروتستنتي، فكذلك أصبح العلم والفلسفة إلهي التنوير، ومن وجهة النظر هذه كانت النهضة تسير في الخط المباشر للتطور العقلي الأوربي، وأفضت غلى الاستنارة، أما حركة الإصلاح البروتستنتي فكانت انحرافاً عن ذلك الخط، ورفضاً للعقل، وتأكيداً جديداً للإيمان الوسيط. "ومع ذلك فإن حركة الإصلاح البروتستني برغم تعصبها في أول عهدها أسدت صنيعين لحركة التنوير، فقد حطمت سلطان العقيدة، وبعثت عشرات الملل والنحل التي لو وجدت قبلها لماتت حرقاً، وسمحت بأن يقوم فيما بينها جدل كان من القوة بحيث اعترف في النهاية بأن العقل هو المحكمة التي يتعين على جميع المذاهب أن تترافع أمامها عن قضاياها ما لم تكن مسلحة بقوة مادية لا تقاوم. وفي تلك المرافعة، في ذلك الهجوم والدفاع، تضعضعت كل المذاهب والعقائد، ولم ينقض قرن على تمجيد لوثر للإيمان حتى أعلن فرانسيس بيكن أن المعرفة قوة. وفي ذلك القرن السابع عشر بعينه قدم المفكرون من أمثال ديكارت وهويز وسبينوزا ولوك الفلسفة بديلاً للدين أو أساساً له، وفي القرن الثامن عشر جهر هلفتيوس وهولباك، ولا متري بالإلحاد، ونعت فولتير بالتعصب لأنه آمن بالله. هذا هو التحدي الذي واجهته المسيحية، في أزمة أعمق كثيراً من الجدل بين الترجمة الكاثوليكية والبروتستنتية لعقيدة العصر الوسيط. والجهد الذي بذلته المسيحية للبقاء برغم كوبرنيق وداروين هو المسرحية الأساسية للقرون الثلاثة الأخيرة. فليت شعري أي قيمة لصراعات الدول والطبقات بالقياس إلى تلك المعركة الفاصلة الكبرى، هرمجدون النفس الأسبانية؟".
والآن إذا نلقي إلى الوراء بنظرة على هذه القصة المتعرجة التي روتها هذه الصفحات الألف، ندرك أننا نستطيع التعاطف مع جميع الأطراف المقاتلة. نستطيع أن نفهم غضب لوثر على فساد روما وتسلطها، وكره الأمراء الألمان أن يروا العطايا الألمانية تسمن إيطاليا، وعزم كالفن ونوكس على بناء جماعات خلفية مثالية، ورغبة هنري الثامن في أن يكون لملكه وريث، وأن يكون له على مملكته سلطان. ولكنا نستطيع أن نفهم أيضاً آمال إرزمس في إصلاح لا يسمم العالم المسيحي بالحقد، ونستطيع أن نشعر بفزع الأتقياء من أساقفة روما مثل كونتاريني مما يحتمل من تمزيقكنيسة ظلت القرون حاضنة وحارسة للحضارة الغربية... تشجع أيها القارئ! فلقد قاربنا النهاية.
قصة الحضارة ج27 ص260-261، الإصلاح الديني -> النهضة والإصلاح البروتستنتي والتنوير
 
هانحن أولاء قد وصلنا لنهاية المجلد ال27 لندلج الى المجلد ال28 كما وعدناكم فالحمد لله أولا وأخيراً
ومع انني انهيت المجلد 28 من قبل الا اني سامر عليه على مهل وسننظر ان كنا-بحول الله وقوته- سنقفز الى المجلد 36 كما وعدناكم
فالمجلدات من 28 الى 35 مررنا عليها قبلا ولله الحمد
وجلبنا لكم نصوصا موثقة اغلبها يحتاجه الطلاب والكتاب والعلماء والمفكرون
والمحاورون والمناظرون والنقاد
 
ان شاء الله سنتابع بعد قليل من قصة الحضارة -ج28-تلك الحرب التي انتصرت فيها ملكة انجلترا الغريبة الأطوار على اعداءها في ظل أواخر القرن السادس عشر وفي ظل الحروب المسيحية المسيحية التي قتل فيها البروتستانت الكاثوليك والكاثوليك البروتستانت بالآلاف وشارك في استباحة تلك الماء قساوسة ورهبان وأحبار وعلمانيين
قرن كامل بل قرون كاملة مسيحية بعد الإسلام مليئة بالأهواء والدماء والضلالات والفرق واما ماكان فيها من علم ونور فمن الإسلام وإن كان أهل الإسلام لم يسلموا من شهوات ونزوات تحطمت على إثرها صروح تلك الحضارة العريقة في المدنية والحرية كما انهارت تلك المدائن المنيرة التي صدرت العلم لأوروبا وتصدعت حواضر المسلمين التي كانت منارات للهدى والعلم والتسامح الداخلي في القرون الأخيرة من المدة الطويلة لحضارتنا الزاهية بسبب صراعات دنيوية ماأفضى إلى مرحلتنا الحالية بعد سقوط الخلافة أو الأمة مجتمعة تحت راية واحدة وقد تجمعت الأمم حولها في وحدات كبيرة وتحالفات واسعة وشركات ضخمة ومتطورة
 
اليزابيث تيودور1)
45 عاما من حكم ملكة انجلترا القرن ال16 فمن هي أولا تلك الملكة
ف:"في السابع عشر من نوفمبر 1558، ركض أحد الرسل إلى فناء القصر الملكي في هاتفيلد-على مسافة 36 ميلاً إلى الشمال من لندن- وأعلن إلى اليزابيث تيودور أنها أصبحت ملكة على إنجلترا. أن أختها غير الشقيقة، الملكة ماري ذات السمعة التي يرثى لها، قد وافاها الأجل المحتوم في غسق الصباح في ذاك اليوم. وفي لندن عندما تلقى البرلمان هذا النبأ هتف: "حفظ الله الملكة اليزابيث! فليطل أمد حكمها علينا!"-ولم يكن يدور بخلده أو يحلم بأن حكمها سوف يمتد إلى خمسة وأربعين عاماً"
قصة الحضارةج28 ص2 بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> مزايا المحنة
 
اليزابيث تيودور(2) من الموت الى القصر
وفي اليوم الثامن والعشرين من نوفمبر، اخترقت إليزابث، مرتدية ثوباً من القطيفة القرمزية، شوارع لندن في موكب عام، إلى نفس "برج لندن" التي كانت سجينة فيه منذ أربعة أعوام؛ تنتظر الموت.
قصة الحضارةج28 ص2 بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> مزايا المحنة
تعليق
اهتم بهده الجزئيات لأن فوائدها بالمقارنة مهمة!
 
اليزابيث تيودور(3) من الموت الى القصر(بعد صراع داخل الأسرة!):"وكانت خمس وعشرون سنة من المحاكمات قد هيأت إليزابث لتسيطر وتتفوق. وفي 1533 بدا أن من حسن طالعها أن يكون هنري الثامن أباً لها، ولكن كان خطراً عليها أن تكون أمها آن بولين. إن العار الذي لحق بأمها ثم إعدامها، وقعاً في وقت لم تكن الطفلة فيه تعي أو تذكر شيئاً (1536)، ولكن مرارة هذا التراث الكريه لازمتها وما إنجابت عنها طيلة شبابها، ولم تبرأ منها إلا بفضل بلسم الملك. ونص قرار أصدره البرلمان في 1536 على أن زواج آن باطل، ومن ثم صارت إليزابث ابنة غير شرعية، ولاكت اللسنة موضوع أبوة البنت، واختلفت الأقوال فيه بشكل قاس، وكانت في نظر معظم الإنجليز، على أية حال، ابنة زنى. ولم تعد الشرعية إليها قط بحكم القانون، ولكن قراراً آخر من البرلمان (1544) ثبت حقها في تولي العرش، بعد إدوارد أخيها من أبيها، وماري أختها لأبيها. وفي أثناء حكم إدوارد (1547-1553) تمسكت إليزابث بالبروتستانتية ولكن عندما اعتلت ماري الكاثوليكية العرش، آثرت إليزابث الحياة على التمسك بمذهبها، فتحولت إلى الطقوس الرومانية الكاثوليكية. ولما أخفقت ثورة ويات Wyatt (1554) في خلع ماري، اتهمت إليزابث بالاشتراك في المؤامرة، وأرسلت إلى برج لندن (السجن)، ولكن ماري قررت بأن التهمة غير ثابتة على إليزابث، وأفرجت عنها لتعيش في وودستوك Woodstock تحت المراقبة. وأقرت ماري قبل وفاتها أن تخلفها أختها على العرش، وأرسلت إليها مجوهرات التاج. وإنا لنعزو حكم إليزابث إلى شفقة ماري "السفاحة".
قصة الحضارةج28 ص3، 4، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> مزايا المحنة
 
اليزابيث تيودور(4)ملكة انجلترا ابنة زنا!
:"ولم تكن إليزابث مطمئنة على تاجها وعرشها قط. وأكد البرلمان من جديد في 1553 عدم شرعية زواج أمها من أبيها، واتفقت الحكومة والكنيسة على أنها ابنة زنى، واستبعد القانون الإنجليزي-متجاهلاً وليم الفاتح- كل أولاد الزنى، من ولاية العرش؛ واعتقد العالم الكاثوليكي-وكانت إنجلترا لا تزال كاثوليكية إلى حد كبير-أن الوريثة الشرعية للتاج الإنجليزي هي ماري إستيوارت، إبنة حفيدة هنري السابع، وقد أشير بأنها لو سالمت الكنيسة، لمحا عنها البابا وصمة بنوة الزنى واعترف بحقها في الحكم. ولم يكن بها ميل شديد إلى هذا. فإن آلافاً من الإنجليز كانوا قد وضعوا أيديهم على أملاك انتزعها البرلمان من الكنيسة في عهد هنري الثامن وإدوارد السادس، وكان هؤلاء الملاك ذوو النفوذ يخشون العودة إلى الكاثوليكية، ومن ثم تفرض الكنيسة استعادة أملاكها. ولذلك كانوا على استعداد للنضال من أجل ملكة بروتستانتية، كما أن الكاثوليك في إنجلترا آثروا الملكة البروتستانتية على الحرب الأهلية.
قصة الحضارةج28 ص4،5، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> مزايا المحنة
 
يوم التتويج(عمرها الآن 25 عاما)!
:"وفي 15 يناير 1559، وسط هتافات لندن البروتستانتية، توجت اليزبيث في كنيسة وستمنستر "ملكة على إنجلترا وفرنسا وأيرلندة، وحامية للعقيدة"
قصة الحضارةج28 ص5، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> مزايا المحنة
 
حالة إنجلترا زمن تتويج الملكة الإنجليزية والصراع المسيحي المسيحي
:"ويدا ضرباً من المستحيل أن تتمكن مثل هذه الفتاة من أن تواجه بنجاح الفوضى التي تحيط بها، فقد مزقت المذاهب الدينية المتصارعة أوصال البلاد، جرياً وراء السلطة، مستخدمة السلاح، وكان الفقر المدقع داء متوطناً، وكان التشرد قد بقى على حاله بعد العقوبات الرهيبة التي فرضها عليه هنري الثامن وعوقت العملة الزائفة سير التجارة الداخلية...فأهملت الحصون وبقيت الشواطئ دون حماية، ولم تعد البحري صالحة، وساءت رواتب الجيش وطعامه، وشغرت الوظائف فيه. وباتت إنجلترا-التي كانت أيام ولزي وتحتفظ بميزان القوى في أوربا- باتت الآن كسيحاً سياسياً مشلولاً تتقاذفه كل من أسبانيا وفرنسا. ودخل الجيوش الفرنسية إلى إسكتلندة، وكانت أيرلندة توجه الدعوة إلى أسبانيا. وكان الحرمان من الكنيسة-حرماناً مطلقاً أو جزئياً- سيفاً مصلتاً على رأس الملكة يهددها به البابا، كما كان يهددها بغزو الدول الكاثوليكية لبلادها. وبدا الغزو وشيكاً قطعاً في 1559. وكان الخوف من القتل يساورها دوماً، ولم ينقذها إلا دبيب الشقاق بين أعدائها، وحكمة مستشاريها، وشجاعة روحها. ولقد صعق السفير الأسباني "بروح المرأة..... أن بين جنبيها شيطاناً يتملكها، ويقودها حيث يريد(4)".
قصة الحضارةج28 ص5،6،، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> مزايا المحنة
 
اليزابيث تيودور(5) لم تؤمن الا بالحكم المطلق
:"ولم تؤمن قط بنظريات سيادة الشعب أو البرلمان. وآمنت مع هوميروس وشكسبير بأن رأساً واحداً هو الذي يجب أن يتولى الحكم-ولم لا يكون رأسها هي، الذي جرى فيه دم هنري الثامن وتألقت كبرياؤه؟ وتمسكت بحقوق الملوك والملكات الإلهية. وأودعت بعض الأفراد السجون بمحض إرادتها هي دون محاكمة، أو سبب واضح، وكان مجلس الشورى ينعقد على هيئة محكمة عليا لمحاكمة المجرمين السياسيين، يعطل، دون استئناف، حقوقهم في المعارضة وفي قانونية حبسهم، أو في محاكمتهم أمام المحلفين(12).
قصة الحضارةج28 ص9، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> مزايا المحنة
 
اليزابيث تيودور(5) لم تؤمن الا بالحكم المطلق(2)الا انها كانت تشارك العامة المهرجانات!
:"وتغلبت إرادتها لأن الأمة آثرت حكمها المطلق الحكم على عنف الأحزاب التي تتنافس على السلطة، ولم يفكر أحد في أن يدع الشعب يحكم، وكانت السياسة-وهي كذلك دائماً-صراعاً بين الأقليات، على أيها يحكم الأغلبية. واستاء نصف إنجلترا من سياسة إليزابث الدينية، واغتاظت كل إنجلترا تقريباً من عزوبتها، ولكن الناس في جملتهم، وهم يحمدون الضرائب المنخفضة والتجارة المزدهرة، والنظام في الداخل، والسلام الذي طال أمده، بادلوا الملكة حباً بحب. لقد أقامت لهم المهرجانات، وقامت بجولات ملكية بينهم، واستمعت إليهم دون أن يظهر عليها أي امتعاض، وشاركتهم ألعابها العامة، وبمائة أسلوب آخر تصيدت قلوب الناس(13)". وكتب السفير الأسباني، وهو يذوب حسرة على اعتناقها البروتستانتية، إلى الملك فيليب يقول: "إنها أشد التصاقاً بالأهالي، وهي على ثقة من انهم جميعاً إلى جانبها، وهذا هو الحق بعينه(14)".
قصة الحضارةج28 ص9، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> مزايا المحنة
 
البيوريتانيين واضطهاد الملكة الإنجليزية لهم
:"حتى أن البيوريتانيين الذين اضطهدتهم دعوا لها بالسلامة، وأصبحت الذكرى السنوية لارتقائها العرش عيداً قومياً للشكر وإقامة الاحتفالات
قصة الحضارةج28 ص10، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> مزايا المحنة
سيأتي تفاصيل الإضطهاد فيما بعد
 
وليم سيسل
"وقضى شبابه الداعر يعيث فساداً في مواخير لندن"
وليم سيسل
مستشار الملكة اليزابيث ملكة انجلترا عقودا طوالا... وفي حربها البروتستانتية ضد البلاد المسيحية المجاورة والمهاجمة لها!
:"برزت قدرة إليزابث على التمييز وحدة ذهنها، على الفور، في اختيار معاونيها. أنها مثل أبيها الذي كان يستعد دوماً للمعركة. وعلى الرغم من خطابها السياسي في هاتفيلد، اختارت رجالاً ليسوا من أصل عريق أو محتد كريم، ذلك أن معظم قدامى النبلاء كانوا من الكاثوليك، وحسب بعضهم أنهم أصلح منها لتولي العرش. فعينت وليم سيسل سكرتيراً ومستشاراً أولاها، وهو الذي أصبحت عبقريته في انتهاج سياسة حكيمة وفي ملاطفة وتدبر الأمور عاملاً بارزاً في نجاحها، إلى حد خيل معه إلى الذين لا يعرفون الملكة، أنه هو الملك. وكان جده من صغار الأعيان الميسورين، ثم أصبح سيداً من سادة الريف، وكان أبوه موظفاً في خزائن الملابس في قصر هنري الثامن...وقضى شبابه الداعر يعيث فساداً في مواخير لندن(5)... وخدم الوصي "سومرست" ثم غريمه نورثمبرلند. وأيدليدي جين جراي لتخلف إدوارد السابع، ثم تحول في اللحظة الحاسمة إلى ماري تيودور، وأصبح كاثوليكياً مطيعاً بناء على اقتراح منها، وندبته للترحيب بمقدم الكاردينال بول إلى إنجلترا...واحتفظت به سكرتيراً لمدة أربعة عشر عاماً، كانت بمثابة امتحان لأمانته وكفايته، عينته بعدها وزيراً للخزنة لمدة ست وعشرين عاماً أخرى، حتى وفاته. ولقد رأس مجلس شورى الملكة، وأدار دفة العلاقات الخارجية، والشئون المالية العامة والدفاع الوطني، وقاد خطى إليزابث في تدعيم المذهب البروتستانتي في إنجلترا.... واتبع بعض أساليب مكيافيللي، وقليلاً ما كان قاسياً، ولكنه أخذ المعارضة بلا رحمة وبلا هوادة(7) ...وفي 1571 عينته "لورد برجلي "Burghley، أي زعيم الأرستقراطية الجديدة التي وقفت في وجه النبلاء المعادين، فدعمت عرشها ورفعت من شأن مملكتها. "
قصة الحضارةج28 ص10، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> مزايا المحنة
:"وقلما أدرك سيسل نفسه ماذا اعتزمت أن تفعل، واضطراب واغتاظ من رفضها المتكرر لمشورته التي وصل إليها بعد جهد شاق وتمحيص دقيق. وعندما حثها على عدم التفاوض مع فرنسا، والاعتماد فقط على تأييد البروتستانت، انتهرته في قسوة وحدة "أيها السكرتير، أفهم أني انتهيت من هذا الموضوع، ولسوف استمع إلى مقترحات ملك فرنسا، ولن أكون بعد اليوم مربوطة إليك وإلى اخوتك في المسيحية(16)".
قصة الحضارةج28 ص6،7،، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> مزايا المحنة
 
والد فرنسيس بيكون
من أصغر معاوني اليزابيث ملكة انجلترا كان -والد فرنسيس بيكون الدي تعلم علوم المسلمين وصنع بها أعظم طفرة في أوروبا!قال ديورانت:"ويستحق صغار معاونيها أن نلم بهم في بضعة سطور في هذه العجالة التاريخية..
منهم سير نيقولا بيكون-والد فرنسيس بيكون- وكان حامل الخاتم الملكي منذ بداية حكم إليزابث حتى وفاته 1579.
قصة الحضارةج28 ص7،8،، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> مزايا المحنة
 
اليزابيث تيودور(6) دعمت البروتستانت في فرنسا واسكتلندا ضد الكاثوليك (وقتلى الدعم بالآلاف)
:"احتفظت بإنجلترا في سلام حتى بلغت من القوة ما تستطيع معه أن تحارب. ولما كانت قد ورثت أمة تشيع فيها الفوضى من الناحية السياسية، منهارة من الناحية العسكرية، فقد كانت السياسة الوحيدة التي يمكن انتهاجها هي الحيلولة دون اتحاد أعدائها ضدها، وتشجيع ثورة الهيجونوت ضد ملك فرنسا، وثورة الأراضي الوطنية ضد أسبانيا، وثورة البروتستانت ضد ملكة إسكتلندة الوثيقة الصلة بفرنسا. لقد كانت هذه السياسة مجردة من المبادئ الأخلاقية، ولكن إليزابث آمنت مع مكيافيللي بان الوسواس لا تلتئم مع الحكام المسئولين عن الدول. ومهما يكن من أمر فان ضعفها الموسوم بالحذق والدهاء يشير إلى أنها حافظت على بلادها من السيطرة الأجنبية، وحافظت على السلام لمدة ثلاثين عاماً- باستثناء فترات قصيرة، وتركت إنجلترا أغنى مما كانت عليه في أي وقت مضى، مادياً وفكرياً.
واستطاعت إليزابث الدبلوماسية، أن تلقن وزراء الخارجية في ومنها، دروساً في الإعلام النشيط السريع والوسائل اللبقة الماكرة والخطوات الكثيرة التي لا يمكن التنبؤ بها
قصة الحضارةج28 ص11، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> مزايا المحنة
 
اليزابيث تيودور(7)أقدر أهل زمانها على الكذب.
وكانت أقدر أهل زمانها على الكذب. ومن بين النساء الأربع-ماري تيودور، ماري ستيوارت، كاترين دي مديتشي وإليزابث- اللائى ضربهن نوكس Knox مثلاً على "حكم النساء الرهيب" في النصف الثاني من القرن السادس عشر، تفوقت إليزابث عليهن بلا منازع في الفطنة السياسية والبراعة الدبلوماسية...ويقول السفير الأسباني: "إن هذه المرأة يتملكها مائة ألف شيطان، ولكنها مع ذلك تزعم لي أنها تحب أن تكون راهبة، تعيش في صومعة تتلو تسابيحها وصلواتها من الصباح إلى الليل(18)"، لقد أدانتها كل حكومة في قارة أوربا، وفي نفس الوقت أعجبت بها وقال عنها البابا سكستوس السادس: "لو لم تكن زنديقة لكانت تساوي عالماً بأسره(19)".
قصة الحضارةج28 ص11، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> مزايا المحنة
 
اليزابيث تيودور(8) عدراء ولكن....
:"ولقد ساورت سيسل بعض شكوك عابرة عندما لاحظ عبث إليزابث الطويل الأمد مع لستر ومغازلتهما. ولكن سفيرين أسبانيين لا يتورعان ولا يجدان حرجاً في تشويه سمعة الملكة، انتهيا إلى أنها شريفة(20). وذكرت الإشاعات التي انتشرت في البلاط-كما رواها بن جونسون لدروموند هوثورندن- " أن فيها غشاء يجعلها غير أهل لمعاشرة الرجال، ولو أنها حاولت مع كثير منهم لمجرد اللهو والمرح...." وأخذ جراح فرنسي على عاتقه أن يستأصله، ولكن الخوف منعها من ذلك(21). وكتب كاندن في حولياته 1615: "صب الناس اللعنات على هويك Huic طبيب الملكة لأنه ثبط همتها في الزواج بسبب عائق وعاهة فيها(22)". غير أن البرلمان الذي توسل إليها مراراً لتتزوج، افترض قدرتها على الحمل، ولقد مني معظم ملوك آل تيودور بالإخفاق في هذه الناحية: فيحتمل أن تكون مصائب كاترين أوف أراجون في الولادة ترجع إلى داء الزهري الذي أصيب به هنري الثامن، ومات ابنه إدوارد في سن الشباب نتيجة علة كريهة الوصف. وحاولت ابنته ماري محاولة شديدة أن يكون لها طفل، وكل ما حدث أنها ظنت أن داء الاستسقاء حمل، وعبثت إليزابث ما شاءت، ولكنها لم تجرؤ على الزواج، وقالت: "لقد كنت أنفر منه دائماً". وأعلنت منذ 1559 عزمها على أن تبقى عذراء(23). وفي 1566 وعدت البرلمان: "سوف أتزوج حالما أرى الوقت المناسب.... وآمل أن يكون لي أطفال(24)"...وأعتقد كثير من رعاياها الكاثوليك أن عقمها ليس إلا عقاباً وفاقاً على خطايا والدها، ووعد بأن ماري الكاثوليكية سوف ترث العرش. لكن البرلمان وسائر إنجلترا البروتستانتية كانوا يوجسون خفية من هذه التوقعات، وألحوا عليها في أن تجد لها زوجاً... ولا بد أنها أحست بشيء من الرضا حين قدم لها فيليب الثاني، وهو أعظم عاهل في العالم المسيحي يده المحنكة (1559)، ولكنها رفضت هذه الحيلة لتحويل إنجلترا إلى ولاية كاثوليكية تابعة لأسبانيا. وتمهلت طويلاً في الرد على اقتراح من شارل التاسع ملك فرنسا.
قصة الحضارةج28 ص12-15، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> العذراء العاشقة
مالم اعرضه فيي النص:"وألحوا عليها في أن تجد لها زوجاً. ولقد حاولت، ولكنها بدأت بأن شغفت حباً برجل متزوج، هو لورد روبرت ددلي وهو رجل مديد القامة وسيم كيس مصقول شجاع، وهو ابن دوق نورثمبرلند الذي كان قد لقي حتفه على حبل المشنقة لمحاولته إبعاد ماري تيودور عن وراثة العرش لتجلس عليه جين جراي. وتزوج ددلي من آمي روبسار Amy Robsart ولكنه لم يكن يقيم معها. وراجت الإشاعات بأنه خليع لا أخلاق له. وكان بمعية إليزابث في وندسور، عندما سقطت زوجته من على درج السلم في Cumnor Hall فدق عنقها وقضت نحبها (1560). وحامت الشبهات عند السفير الأسباني وآخرين غيره بأن ددلي والملكة دبرا هذه الميتة الشنيعة. وكانت الريب ظالمة(26). ولكنها قضت، لبعض الوقت، على آمال ددلي في أن يصبح زوجاً لإليزابث. ولما ذهب بها الظن إلى أنها ستقضي نحبها (1562) توسلت أن يعين ددلي وصياً على المملكة، واعترفت بأنها أحبته منذ زمن طويل، ولكنها أشهدت الله: على أنهما لم يرتكبا عملاً غير لائق(27)". وبعد عامين قدمته إلى ملكة إسكتلندة، وخلعت عليه لقب "ارل لستر"، لتزيد من مفاتنه، ولكن ماري كرهت أن يشاركها عشيق غريمتها فراشها فواسته إليزابث وهدأت من روعه بما أغدقت عليه من احتكارات، وكان موضع عطفها ورعايتها حتى مات (1588).
واحتمل سيسل هذه الإشاعة في اشمئزاز وقور، وفكر لبعض الوقت في الاستقالة من منصبه احتجاجاً، فقد اتجه تفكيره الخاص إلى زواج يعمل على تقوية إنجلترا، بعقد أواصر الصداقة مع دولة قوية. ولمدة ربع قرن من الزمان حام حول الملكة نفر عديد من الأجانب يطلبون يدها. وكتب أحد السفراء: "هناك اثني عشر سفيراً ينافس بعضهم بعضاً في طلب يد جلالتها، ولسوف يأتي بعد ذلك دوق هولشتين ليطلب يدها لملك الدنمرك. وهنا دوق فنلندة الذي جاء رسولاً عن أخيه ملك السويد،... وبعد عامين أوعزت لوكلاء إنجلترا أن يقترحوا زواجها من شارل أرشيدوق النمسا، ولكنها بتحريض من ليستر تخلت عن هذه الفكرة. ولما كان الموقف الدولي يقتضي مسايرة فرنسا (1570)، فقد تشجع دوق ألنسون (ابن هنري الثاني من كترين دي مديتشي) على التفكير في أن يصبح زوجاً في السادسة والعشرين لملكة في السابعة والثلاثين، ولكن المفاوضات توقفت بسبب ثلاث عقبات-مذهبه الكاثوليكي، وشبابه غير الناضج وندوب في انفه. وانقضت خمس سنوات ذللت فيها إحدى هذه العقبات، واتجه التفكير مرة أخرى إلى ألنسون الذي أصبح الآن دوق أنجو، ودهي إلى لندن، ولمدة خمس سنوات أخرى غررت إليزابث به وبفرنسا. وعقب فترة أخيرة (1581) تلاشت هذه المغازلة المرحة، وانسحب دوق أنجو من الميدان، وهو يلوح برباط لجورب الملكة تذكاراً لهذه الواقعة، وكانت الملكة في نفس الوقت قد منعته من الزواج من ابنة ملك أسبانيا، ومن ثم حالت دون تحالف عدوتيها فرنسا وأسبانيا. وقل أن غنمت امرأة مثل هذا الغنم من عقمها، أو نعمت بمثل هذا اللهو والسرور من عذريتها.
 
اليزابيث تيودورملكة انجلترا (9) وحاشيتها المتحللة
:"ثم أبعدت ارل بمبروك عن البلاط لأن ماري فتون حملت منه سفاحاً(38). وفي بلاطها-مثل أي بلاط آخر، حيكت الدسائس مثل نسيج العنكبوت، وتنافس النساء على الرجال، وتنافس الرجال على النساء، دون وازع من ضمير أو خلق، وكل ذلك إرضاء للملكة وكسباً لعطفها، وللمنح التي تغدقها نتيجة لذلك. إن هؤلاء السادة الذين رفعوا، شعراً، من شأن نقاوة الحب والأخلاق، تلهفوا نثراً على المناصب التي تدر ريحاً بلا عمل، وقدموا الرشاوى أو أخذوها، وعضوا بالنواجذ على الاحتكارات، وشاركوا في أسلاب القرصنة، ونظرت الملكة الشرهة بعين التسامح إلى الرشوة
قصة الحضارة ج28 ص19، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> إليزابث وحاشيتها
 
لمادا عرضت هدا كله عن ابنة هنري الثامن واخت ادوارد!
الاسباب كثيرة-منها حالتها النفسية ووعيها الديني ومن أبوها وأخوها والمحيط الدي نشأت فيه.. لكن سيتبين مما سيأتي انها فعلت مثلما فعل ابيها هنري الثامن من الحكم المطلق وحروب هائلة القتلى كما انها وهي البروتستانتية التي ولاشك وعلى الرغم مما فعله بها هنري الثامن فضلت البروتستانتية على الباباوية التي فصل هنري الثامن انجلترا عنها!
مايهمنا هو الصراع على الموارد والبلاد والقتلى من الجانبين البروتستانت والكاثوليك
والاضطهاد الشنيع بينهما
 
:"وكادت إليزابث تصدق هذا. وكانت مزهوة، وكأن كل مزايا إنجلترا وفضائلها لم تكن إلا الثمار المباركة لأمومتها، وهذا حق إلى درجة ما. ولما كانت ترتاب في مفاتن جسمها، فقد لجأت إلى ارتداء أثمن الثياب التي تغيرها كل يوم تقريباً، حتى لقد تركت عند موتها ألفي ثوب. وقد تحلت بالمجوهرات في شعرها وذراعيها ومعصميها وأذنيها وأثوابها، وإذا ما استنكر أحد الأساقفة حبها للمجوهرات، بعثت إليه بمن ينذره بالا يطرق هذا الموضوع ثانية، وإلا لقي ربه قبل الأوان(32). وكانت تجد لذة كبيرة في مصادرة ممتلكات العصاة الأثرياء، ودبرت أن تحصل على مجوهرات التاج في إسكتلندة وبرجندي والبرتغال وتقتنيها، بالإضافة إلى ذخيرة من الجواهر والأحجار الكريمة أهداها إليها اللوردات المرتقبون نفعاً أو المرشحون للمناصب، لوم تشتهر بعرفان الجميل ولا
بسخاء، وحاولت بعض الأحيان أن تدفع أجور العاملين لديها كلمات حلوة بدلاً من
النقود
قصة الحضارة ج28 ص بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> إليزابث وحاشيتها
 
أيام تولي ملكة إنجلترا البروتستانتيةإليزابث الحكم (بعد منتصف القرن ال16) وحال الكاثوليك والبروتستانت في البلاد
:" كان ثلثا إنجلترا، وربما ثلاثة أرباعها من الكاثوليك(39). وكان معظم القضاة والحكام وكل رجال الدين من الكاثوليك. وكان البروتستانت محصورين في الثغور الجنوبية والمدن الصناعية، وكانت لهم الغلبة في لندن حيث تضخم عددهم بسبب اللاجئين إليها من وجه الظلم في القارة. أما في المقاطعات الشمالية والغربية- وكلها زراعية تقريباً- فكان عددهم لا يكاد يذكر(40)
. قصة الحضارة 28 ص 20، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> إليزابث والدين
 
الإلحاد والعلمانية الجنينية تنتشر في القرن ال16 ضد المسيحية وفي نفس الوقت كان العلم (التجريبي الإسلامي) الدي استفادت منه أوروبا يغير طرائق حياتها -من ضمن الآليات المادية والعقلية والثورية-رويدا رويدا
انجلترا في ظل حكم الملكة اليزابيث ابنة هنري الثامن
:"وفي الأقلية الآخذة في الانتشار زاد الاضطراب الديني من نزعة الشك، بل حتى الإلحاد، هنا وهناك. وباتت العقول العملية الواقعية شكاكة في كل النظريات اللاهوتية، بسبب الصراع بين المذاهب، والنقد المتبادل بينها، وتعصبها الدامي والتناقض بين الإيمان الذي يجهر به المسيحيون وبين سلوكهم. وإليك ما قال روجر أسكام في "المعلم" 1563:
إن الإيطالي الذي ابتدع لأول مرة المثل الإيطالي ضد رجالنا الإنجليز الذين تشبهوا بالإيطاليين، لم يعد يقصد زهوهم وخيلاءهم في حياتهم أكثر مما يقصد رأيهم القبيح في الدين. وإنهم لأشد اعتداداً بعظات شيشرون منهم برسائل القديس بولص، وبقصة من بوكاشيو منهم بقصص الكتاب المقدس، وانهم ليعتبرون أسرار المسيحية من قبيل الأساطير الخرافية، ويجعلون المسيح وإنجيله في خدمة السياسة المدنية، ثم إن المذهبين كليهما (البروتستانتية والكاثوليكية) لا يأتيان خطأ إليهم. وفي الوقت المناسب يرفعون من شأنهما علانية، وبين الجدران يسخرون منهما سراً.... وأنى استطاعوا سبيلاً، ومع رفاقهم، يضحكون أو يزدرون البروتستانتية والبابوية. ولا يلقون بالاً إلى الكتب المقدسة، وانهم ليهزأون بالبابا، ويشكون مر الشكوى، وبألفاظ جارحة، لوثر.... إن المعبود الذي يرتضون ليس إلا مسرتهم الشخصية ونفعهم الخاص. ومن ثم فانهم يعلنون في وضوح أنهم يتبعون في حياتهم مدرسة الأبيقوريين، وأنهم من الناحية النظرية ملحدون(41).
وشكا سيسل (1569) من "أن الساخرين من الدين والأبيقوريين والملحدين موجودون في كل مكان(42)". وفي 1571 صرح جون ستريب Strype "هناك كثيرون تخلوا عن الكنيسة تماماً، ولم يعودوا يحضرون لأداء واجباتهم الدينية(43)" وذهب جون ليلي Lyly، (1579) إلى أنه "لم يكن بين الوثنيين الهمجيين مثل هذه الفرق الدينية، ولا مثل هذه المعتقدات الخاطئة بين الكفار، مثل ما هو حادث الآن بين العلماء(44)". وألف علماء اللاهوت وغيرهم كتباً كثيرة ضد "الإلحاد" وهو يعني على أية حال الإيمان بالله، وعدم الإيمان بألوهية المسيح. وفي 1579، 1583، 1589 أحرق بعض الأفراد لإنكارهم ألوهية المسيح(45). واشتهر عدد من الروائيين- جرين، كد Kyd ومارو- بأنهم ملحدون.
قصة الحضارة 28 ص21-22، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> إليزابث والدين
 
أنكروا ألوهية نُسبت للمسيح فأُحرقوا
إحراق بعض الأفراد في إنجلترا(أيام الملكة ايزابيل القرن ال16) لإنكارهم ألوهية المسيح
:"وألف علماء اللاهوت وغيرهم كتباً كثيرة ضد "الإلحاد" وهو يعني على أية حال الإيمان بالله، وعدم الإيمان بألوهية المسيح. وفي 1579، 1583، 1589 أحرق بعض الأفراد لإنكارهم ألوهيةالمسيح(45).
قصة الحضارة 28 ص22، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> إليزابث والدين
 
الملكة اليزابيث ملحدة(ابنة هنري الطاغية) ملكة انجلترا لكنها تميل للانتصار للبروتستانتية انتقاما كما فعل ابوها هنري الثامن ضد الباباويية
:"ويقول جون ريتشارد جرين "لم توجد قط امرأة مثلها مجردة تجرداً تاماً من أية عاطفة نحو الدين(50)". ويقرر المؤرخ الإنجليزي فرود "أن إليزابث لم يكن لديها اقتناع عاطفي واضح.. وأنها، وهي كان إيمانها بصدق المذهب البروتستانتي والمذهب الكاثوليكي ضعيفاً على حد سواء، كانت تنظر باحتقار موسوم بالتسامح إلى كل الأفكار والنظريات اللاهوتية(51)". لقد دعت الله بأغلظ الأيمان التي أزعجت وزراءها. أن يدمرها إذا هي نقضت عهدها بالزواج من ألنسون، على حين أنها فيما بينها وبين نفسها سخرت من مزاعمه بطلب يدها(52). وصرحت الملكة لمبعوث أسباني بأن الفرق بين المذاهب
المسيحية المتناحرة لم يكن سوى "شيء تافه"، ومن ثم استخلص أنها ملحدة(53).
قصة الحضارة 28 ص23، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة
العظيمة -> إليزابث والدين
تفسير
قال ديورانت:"ولربما كان من المحتمل أن تعقد أواصر السلام مع الكنيسة، لولا أن هذا كان يحمل في طياته الخضوع للبابا. وارتابت في الكاثوليكية على أنها قوة أجنبية يمكن أن تؤدي بالإنجليز إلى وضع إخلاصهم للكنيسة فوق ولائهم للملكة. ولقد ترعرعت في أحضان بروتستانتية والداها، وهي تعني الكاثوليكية بغير البابوية، وهذا، أساساً، هو ما عقدت العزم على إقراره من جديد في إنجلترا. وراودها الأمل في أن تهدئ الطقوس شبه الكاثوليكية في كنيستها الإنجليزية من روع الكاثوليك في الريف، على حين نبذ البابوية البروتستانت في المدن"(ص22)
 
وأغرى سيسل إليزابث بان تجعل من نفسها زعيمة لأوربا البروتستانتية في لندن .... وكان أول برلمان في عهدها- 23 يناير- 8 مايو (1559) بروتستانتياً بأغلبية ساحقة
قصة الحضارة 28 ص24، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة
العظيمة -> إليزابث والدين
 
وكان أول برلمان في عهدها- 23 يناير- 8 مايو (1559) بروتستانتياً بأغلبية ساحقة، ...وفي 29 أبريل صدر "قانون السيادة" الجديد الذي نص على أن تكون إليزابث الحاكم الأعلى لإنجلترا في المسائل الروحية والزمنية على السواء
قصة الحضارة 28 ص24، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة
العظيمة -> إليزابث والدين
 
محاربة الباباوية بالقانون(اليزابث ملكة انجلترا )
نفس مافعله ابوها هنري الثامن
:" وفي 29 أبريل صدر "قانون السيادة" الجديد الذي نص على أن تكون إليزابث الحاكم الأعلى لإنجلترا في المسائل الروحية والزمنية على السواء...وأي دفاع عن سلطة البابا على إنجلترا كان عقابه السجن مدى الحياة لأول مخالفة والموت للثانية (1563). ولم تأت سنة 1590 حتى كانت كل الكنائس الإنجليزية بروتستانتية.
قصة الحضارة 28 ص2424-25، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة
العظيمة -> إليزابث والدين
 
ارهاب اليزابث ملكة انجلترا (القرن ال16)ضد من يقول بالتوحيد لا بالتثليث وغيرهم من المعارضين
:"ولم يكن لديها اعتراض على الرياء المسالم، على ألا تكون حرية الرأي هي حرية الكلام.ومن ثم فأن الوعاظ الذين لم يشاركوها وجهات نظرها في أي موضوع هام كان مصيرهم أن تخرس ألسنتهم أو يطردوا(56). وحددت من جديد قوانين الهرطقة وطبقت. وحرم من حماية القانون طائفة الموحدين (الذين يقولون بالتوحيد لا التثليث) والقائلين بإعادة تعميد البالغين(57). وأعدم أثناء حكم الملكة خمسة من المهرطقين، وهذا رقم متواضع في ذاك الزمان.
قصة الحضارة 28 ص25، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة
العظيمة -> إليزابث والدين
 
تم تحديد مدهب الدولة
في عصر إليزابث ملكة انجلترا وابنة هنري الثامن
:"وحدد مجمع من رجال اللاهوت في 1563 المذهب الجديد... وتقبلوا فكرة لوثر عن الخلا
ص بالإيمان بنعمة الله، ودم المسيح المخلص، على أنهم فسروا "القربان المقدس" بالمعنى الذي ذهب إليه كلفن، أي أنه اتصال روحي أكثر منه مادي بالمسيح. وبمقتضى قرار من البرلمان (1566) انتظمت المواد التسع، والثلاثون العقيدة الجديدة، وأصبحت إجبارية على كل رجال الدين في إنجلترا، ولا تزال تعبر عن المذهب الأنجليكاني الرسمي.
قصة الحضارة 28 ص25، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة
العظيمة -> إليزابث والدين
 
ملكة انجلترا اليزبث تنتقم (1) من الكاثوليك (القرن ال16) والبابا يدعو للعصيان من مقره البعيد!!
:"والآن جاء دور الكاثوليك ليعانوا من الاضطهاد. فقد كان محرماً عليهم-ولو انهم كانوا لا يزالون يشكلون الأغلبية-أن يقيموا الصلوات الكاثوليكية، أو يكون لهم أدب كاثوليكي. وحطمت الصور المقدسة في الكنائس بأمر الحكومة، كما أزيلت المذابح. وأرسل ستة من طلبة أكسفورد إلى "البرج" لمقاومتهم إزالة صليب يمثل صلب المسيح من كنيسة كليتهم(58)، وخضع معظم الكاثوليك للتعليمات الجديدة في حزن وأسى، ولكن عدداً كبيراً منهم آثر دفع الغرامة على حضور الطقوس الأنجليكانية. وجمع المجلس الملكي نحو خمسين ألفاً من هؤلاء "العصاة المتمردين" في إنجلترا (1580)(59). وشكا الأساقفة الأنجليكانيون إلى الحكومة من أن القداس كان يقام في بيوت خاصة، وأن الكاثوليكية بدأت تكون عبادة عامة، وأنه كان من الخطر في بعض الجهات المتحمسة أن يكون المرء بروتستانتياً(60). ووبخت إليزابث رئيس الأساقفة باركر على ترخيه (1565)، ومن ثم طبقت القوانين بشكل أشد صرامة. وأودع السجن الكاثوليك الذين حضروا القداس في كنيسة سفير أسبانيا، وفتشت البيوت في لندن-وأمر الأجانب الذين وجدوا فيها بالإدلاء ببيان عن ديانتهم، وطلب إلى الحكام أن يعاقبوا كل من يوجد في حوزته كتب المذهب الروماني الكاثوليكي (1567)(61).ويجدر بنا ألا نحكم على هذا التشريع على أساس التسامح الديني النسبي الذي أكسبنا إياه الفلاسفة والثورات في القرنين السابع عشر والثامن عشر، فان المعتقدات آنذاك كانت تحارب بعضها بعضاً، وكانت متشابكة بالسياسة، وفي هذا المجال كان التسامح محدوداً. فقد اتفقت كل الأحزاب والحكومات في القرن السادس عشر على أن الانشقاق الديني كان شكلاً من التمرد السياسي. وأصبح الصراع الديني- عندما أصدر البابا بيوس الخامس- بعد إحساسه بأنه تأخر تأخيراً طويلاً مملاً- مرسوماً (1570)، لم يحرم إليزابث من الكنيسة فحسب، بل أحل رعاياها من الولاء لها كذلك، وحرم عليهم الامتثال لتنبيهاتها وأوامرها وقوانينها". ومنع انتشار المرسوم في أسبانيا وفرنسا اللتين كانتا تخطيان ود إنجلترا آنذاك، ولكن نسخة منه وضعت بطريقة سرية على باب مقر الأسقف البروتستانتي في لندن وسرعان ما كشف المجرم وأعدم، وعندما ووجه وزراء الملكة بهذا الإعلان للحرب، طلبوا إلى البرلمان سن قوانين أشد صرامة ضد الكاثوليك، وصدرت تشريعات تنص على أنه يعتبر من الجرائم التي يعاقب مرتكبوها بالإعدام: قذف الملكة بأنها هرطقية أو منشقة أو مغتصبة، أو طاغية، أو إدخال مرسوم بابوي إلى إنجلترا، أو تحويل بروتستانتي إلى الكنيسة الرومانية(62). وفوضت المحكمة العليا في اختبار آراء أي فرد مشتبه فيه، وأن تعاقبه على أية مخالفة لأي قانون، لم يعاقب عليها من قبل، بما في ذلك الفسق أو الزنى(63).
ولم يجد ملوك أوربا الكاثوليك لديهم من الجرأة ما يحتجون به على هذه الإجراءات الظالمة التي شابهت إجراءاتهم إلى حد كبير، واستمر معظم كاثوليك إنجلترا على الخضوع في سلام
قصة الحضارة ج28 ص26،27، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> إليزابث والكاثوليك
 
إعدام 98 من تلاميد وليم ألن Allen المهاجر الإنجليزي المعارض لقرارات البروتستانتية في عهد اليزبث(القرن ال16)
انه معارض من الخارج فضح القتل البشع للبروتستانت (هو مهاجر انجليزي كاثوليكي إلى فرنسا الكاثوليكية مع أن كاثوليكيته اضطهدت كل فرق البروتستانت اضطهادا بشعا حرقا وتقطيع رؤوس)!
انه :"واستمر معظم كاثوليك إنجلترا على الخضوع في سلام، وأملت حكومة إليزابث في أن تؤدي العادة إلى القبول والرضا...ولكن حال دون هذا أن وليم ألن Allen المهاجر الإنجليزي أسس في دوي Douai (مدينة في شمال فرنسا) ثم في الأراضي الوطيئة الأسبانية، كلية ومعهداً لتدريب المبعوثين الإنجليز الكاثوليك لإرسالهم إلى إنجلترا. وأفصح عن غرضه في حماسة قائلاً:إن دراستنا في المقام الأول... تقوم على أن نثير في عقول الكاثوليك الحماسة والازدراء المبني على حق بالهراطقة. وإنا لنفعل هذا بأن نضع أمام أعين الطلاب الجلال الفريد الذي تتميز به طقوس الكنيسة الكاثوليكية في المكان الذي نعيش فيه... وفي نفس الوقت نعيد إلى الذاكرة النقيض المحزن الذي يحدث في وطننا، ألا وهو الدمار الشامل الذي حل بكل الأشياء المقدسة هناك... وأصدقائنا وأقربائنا، وأعزائنا، إلى جانب الأرواح التي لا تحصى، ممن هلكوا في الانشقاق والكفر، وفي الأبراج المحصنة والسجون المكتظة عن آخرها، لا باللصوص والأشرار، بل بكهنة المسيح وخدامه، بل كذلك بآبائنا وأنسبائنا وعشيرتنا. ومن ثم فليس هناك شيء يجدر بنا ألا نكابده، أكثر من أن نتعهد بعلاج ما تعانيه أمتنا من علل(64). وعملت الكلية في دوي حتى 1578، حين استولى الكلفنيون على المدينة، ثم في ريمس، ثم في دوي ثانية (1593). وأخرج إنجيل دوي-وهو ترجمة إنجليزية عن الأصل اللاتيني الذي وضعه جيروم-في ريمس ودوي (1582-1610) وكان معداً للنشر قبل طبعة الملك جيمس بسنة واحدة. وفيما بين عامي 1574 و1585 رسمت الكلية 275 كاهناً من المتخرجين فيها، وأرسلت 268 منهم للعمل في إنجلترا. واستدعى ألن إلى روما وعين كاردينالاً. ولكن العمل في الكلية استمر، وأرسلت 170 كاهناً آخر إلى إنجلترا قبل وفاة إليزابث (1603)، ومن مجموع هؤلاء المبعوثين (438) عوقب 98 بالإعدام..
قصة الحضارة ج28 ص227،28، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> إليزابث والكاثوليك
 
بداية حرب آخر القرن(ال16) دعوة اليزابث ملكة انجلترا لسبب اضطهادها للكاثوليك
الدعوة لقتل الملكة اليزابث ملكة انجلترا للقرن ال16 وهو ماادى لحروب كلفت اوروبا كثير من الأرواح
الجزويت يشعلون الحرب على انجلترا البروتستانتية
وقال ديورانت
:"وانتقلت رياسة هذه الإرساليات-يقصد كلية ومعهداً لتدريب المبعوثين الإنجليز الكاثوليك التي اسسها المهاجر الإنجليزي وليم ألن Allen في دوي Douai (مدينة في شمال فرنسا) - إلى رجل من الجزويت، هو روبرت بارسونز Parsons، وهو رجل يتقد حماسة وجرأة وشجاعة، قوي الحجة شديد المراس في المناظر والجدل، بارع في النثر الإنجليزي. وأعلن بصراحة أن مرسوم خلع إليزابث يبرر قتلها. وصعق كثير من الكاثوليك الإنجليز لدى سماع هذا التصريح، ولكن تولوميو جالي، أحد مستشاري البابا جريجوري الثالث عشر السياسيين أبدى موافقته على هذه الفكرة(65) . وحرض بارسونز الدول الكاثوليكية على غزو إنجلترا، ولكن السفير الأسباني في إنجلترا استنكر هذه الخطة على أنها "حماقة إجرامية"...ولقد وجدت في شوارع لندن نشرات جاء فيها أنه ما دامت إليزابث قد حرمت من الكنيسة، فإنها لم تعد الملكة الشرعية لإنجلترا(69). وأرسل رجل جزويتي ثالث إلى أدنبرة ليحرض الاسكتلنديين الكاثوليك على غزو إنجلترا من الشمال. ولبى ارل وستمورلاند نداء من الفاتيكان، وأحضر معه
من روما إلى الفلاندرز مجموعة من السبائك الذهبية لتمويل الغزو من الأراضي الوطيئة. وفي صيف 1581 اعتقد كثير من الكاثوليك أن قوات دوق ألفا الأسبانية سوف تعبر البحر إلى إنجلترا(70).
قصة الحضارة ج28 ص28-29، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> إليزابث والكاثوليك
تعليق على تحريض الجزويت
فالجزويت كاثوليك فكامبيون الجزويتي المتسلل إلى إنجلترا والمقبوض عليه في يوليه 1581 عقدوا له مناظرة وبعد المناظرة شنقوه ومعه 1 شخص
قال ديورانت :"وعقد الحوار في كنيسة برج لندن، بإذن من مجلس شورى الملكة، وسمح لرجال البلاط والمسجونين والجمهور بحضوره، ووقف الجزويتي على ساقيه الواهنتين عدة ساعات يدافع عن المذهب الكاثوليكي. ولم يقنع أحد الطرفين الآخر. ولكن عندما قدم كامبيون إلى المحاكمة لم يتهم بالزندقة، بل وجهت إليه تهمة التآمر على قلب الحكومة عن طريق التخريب الداخلي والغزو الخارجي. وأدين كامبيون وأربعة عشر شخصاً معه، وشنقوا في أول ديسمبر 1581."ج28 ص30)
 
ملكة انجلترا اليزابث تنتقم (2) من الكاثوليك (القرن ال16) وبداية الحرب اعدامات كثيرة (أعدم في عهد إليزابث 123 قسيساً و60 من العلمانيين، وربما قضى مائتان آخرون نحبهم في السجن) و بعد انتصار انجلترا في الحرب نزع احشاء الاحياء (وشنق 61 قسيساً و49 علمانياً فيما بين عامي 1588- 1603. واقتلع كثير من هؤلاء من المشنقة وسحبوا ونزعت أحشاؤهم وقطعوا إرباً- وهم أحياء)
فبعد مقتل المناظر الكاثوليكي ومعه ال14 شخص قبل الحرب
قال ديورانت
:"اصدر البرلمان (1581) قانوناً ينص على أن الارتداد إلى الكاثوليكية سوف يعاقب بتهمة الخيانة العظمى، وأن أي قسيس يقيم قداساً يعاقب بغرامة قدرها مائتا مارك مع السجن لمدة عام، وأن من يمتنع عن حضور الصلوات الأنجليكانية يعاقب بدفع عشرين جنيهاً في الشهر(71)، وهذا يكفي لإفلاس الناس اللهم إلا أثرياء الكاثوليك. وكان العجز عن دفع الغرامة يستتبع الاعتقال ومصادرة الأملاك. وسرعان ما امتلأت السجون بالكاثوليك إلى حد أن القلاع القديمة استعملت بمثابة سجون(72). وساد التوتر كل الجوانب، وزاد من حدته ما كان مرتقباً من إعدام ماري ستيوارت،
والصراع المتزايد مع أسبانيا وروما. وفي يونية 1583 قدم أحد سفراء البابا إلى جريجوري الثالث عشر خطة تفصيلية لغزو إنجلترا بثلاثة جيوش في وقت واحد، من إيرلندا وفرنسا وأسبانيا، وأبدى البابا تقديره وتأييده لمشروع غزو إنجلترا، واتخذت الإجراءات اللازمة له(73). ولكن الجواسيس الإنجليز تنسموا أخبار هذه التدابير، واتخذت إنجلترا ترتيبات مضادة، وأجل الغزو.
وثأر البرلمان بمزيد من تشريعات القمع. فكل القساوسة الذين رسموا منذ يونية 1559 وظلوا على امتناعهم عن أداء "قسم السيادة"، طلب إليهم أن يغادروا البلاد في بحر أربعين يوماً، وإلا أعدموا بتهمة التآمر الموسوم بالخيانة العظمى، وشنق كل من آووهم أو أخفوهم(70). وبمقتضى هذا القانون وغيره من القوانين أعدم في عهد إليزابث 123 قسيساً و60 من العلمانيين، وربما قضى مائتان آخرون نحبهم في السجن(75). واحتج بعض البروتستانت على قساوة هذا التشريع، وارتد بعضهم إلى الكاثوليكية. وفر وليم، حفيد سيسل إلى روما (1585) واقسم يمين الطاعة للبابا(76).
وكان معظم الكاثوليك الإنجليز يعارضون أي إجراء عنيف ضد الحكومة. وفي 1585 وجهت زمرة منهم إلى الملكة إليزابث نداء أكدوا فيه ولاءهم، والتمسوا "النظر بعين العطف والرحمة إلى ما يعانون من شقاء". ولكن- وكأنما كان يؤيد ما زعمته الحكومة من أن إجراءاتها إنما تبررها الحرب- أصدر الكاردينال ألن (1588) منشوراً قصد به شحذ همم الإنجليز الكاثوليك لمساندة هجوم أسبانيا الوشيك على إنجلترا. ودمغ الملكة بأنها "ابنة زنى حمل بها وولدت في الخطيئة لأم سيئة السمعة من محظيات البلاط" واتهمها "بأنها باعت جسدها ولوثته مع ليستر وكثيرين غيره،... مما يندى الجبين لذكره، وبما لا يصدق من ألوان الشهوة والفسق"، وأهاب بالكاثوليك في إنجلترا أن يهبوا في وجه هذه الهرطقية الفاسقة اللعينة المحرومة من الكنيسة"، "ووعد بأكبر التسامح والغفران كل من يعاون في خلع "رأس الخطيئة والمقت في هذا العصر(77)" فما كان جواب الكاثوليك في إنجلترا ألا أن قاتلوا بمثل البسالة التي قاتل بها البروتستانت ضد الأسطول الأسباني" "الأرمادا". واستمر الاضطهاد بعد هذا الانتصار، كجزء من الحرب المستمرة، وشنق 61 قسيساً و49 علمانياً فيما بين عامي 1588- 1603. واقتلع كثير من هؤلاء من المشنقة وسحبوا ونزعت أحشاؤهم وقطعوا إرباً- وهم أحياء(78). وفي خطاب شهير قدم إلى الملكة في عام وفاتها، التمس 13 قسيساً الترخيص لهم بالبقاء في إنجلترا. وتبرءوا من كل عدوان على حقها، وأنكروا أي سلطان للبابا في خلعها، ولكنهم لم يستطيعوا، في ضمائرهم، أن يعترفوا بغير البابا على رأس الكنيسة المسيحية(79).
قصة الحضارة ج28 ص30-32، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> إليزابث والكاثوليك
 
فرقة البيوريتان(1) الدين اضطهدتهم ملكة انجلترا ابنة هنري الثامن
بروتستانت من نوع يختلف عن بروتستانتية اليزبث(كل له زياداته العقدية الكهنوتية مع الاحتفاظ بأصل العقائد الكهنوتية مثل تأله المسيح وضرورة قتل الرب على الأرض-تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا- ومن ثم الفداء والخلاص، وقد بينت هدا المشترك في كتابي جماعة شهود يهوه(ظهرت هي الأخرى في القرن ال19) الجزء الثاني طبعة 1998م، الصادر عن دار الدعوة، الإسكندرية، وسأضع صوره مرفقا)
قال ديورانت
:"لم تنتصر إليزابث على العدو الذي كان من الواضح أنه أشد ضعفاً، وهم حفنة من البيوريتان. وكانوا رجالاً أحسوا تأثير كلفن، وكان بعضهم قد زار جنيف في أيامه بوصفهم لاجئين مريميين، وقرأ كثيرون الإنجيل الذي ترجمه وزوده بالملاحظات والتعليقات جماعة من أتباع كلفن بجنيف، وكان بعضهم قد سمع أو قرأ عن نفخات بوق جون نوكس (واعظ ومصلح ديني بروتستانتي اسكتلندي في القرن 16)، وربما كان بعضهم قد سمع أصداء حركة ويكلف وأتباعه "القساوسة الفقراء". وقد اتخذوا من الإنجيل دليلاً لا يخطئ، فلم يجدوا فيه شيئاً عن السلطات الأسقفية والملابس الكهنوتية التي نقلتها إليزابث عن الكنيسة الرومانية إلى الكنيسة الأنجليكانية، بل إنهم على النقيض من ذلك وجدوا كثيراً عن المشايخ (الكهنة) الذين لم يكن لهم سيد أو ملك غير المسيح، واقروا بأن إليزابث رأس الكنيسة في إنجلترا، لا لشيء إلا لغل يد البابا، ولكنهم في أعماق قلوبهم، رفضوا أية رقابة من الدولة على الكنيسة، وتمنوا أن تكون لديانتهم الرقابة على الدولة. وبدئ حوالي 1564 بتسميتهم "البيوريتانز" (المتطهرون) وهو لفظ أسيء استخدامه، لأنهم طالبوا بتطهير المذهب البروتستانتي الإنجليزي من كل الطقوس والعبادات غير الواردة... وكلما قرءوا الإنجيل في أيام الأحد المقدسة المهيبة في بيوتهم، كاد أن يتوارى شكل المسيح أمام الرب الحقود المحب للانتقام "يهوه" الوارد ذكره في التوراة (إشارة إلى تشددهم وقسوتهم).
وبدأت حملة البيوريتانز على إليزابث في الظهور (1569) عندما ألحت محاضرات توماس كارتريت أستاذ اللاهوت في كمبردج، على أوجه التناقض بين نظام المشيخية في الكنيسة المسيحية القديمة والكيان الأسقفي في الكنيسة الرسمية الأنجليكانية. وأيد كثيرون في الكلية كارتريت، ولكن جون وتجفت Whitgift رئيس كلية ترنتي، أبلغ الملكة بما كان من أمر كارتريت ووشى به لديها، وحصل على موافقتها، على فصله من هيئة التدريس (1570). وهاجر كارتريت إلى جنيف حيث نهل-تحت رياسة تيودور دي بيز De Beze- أصول التيوقراطية الكلفنية في أقوى صورها. ولدى عودته إلى إنجلترا، أسهم مع والتر ترافرس وآخرين في صياغة فكرة البيوريتانز عن الكنيسة. ومن رأيهم أن السيد المسيح كان قد استن أن يعهد بالسلطة الكنسية إلى الكهنة وكبار السن من العلمانيين، كل أولئك تنتخبهم كل أبرشية ومديرية ودولة. وتقرر الهيئة المشكلة على هذا النحو، المذهب والطقوس والقانون الأخلاقي، بما يتسق مع ما جاء في الكتاب لمقدس. وكان ينبغي أن يكون لهم حق الدخول إلى كل بيت، والسلطة التي يفرضون بها الالتزام "بالحياة الربانية أو بأوامر الرب ونواهيه"، ومن حيث المظهر الخارجي على الأقل، كما يكون لهم الحق في حرمان المتمردين من الكنيسة، والحكم بإعدام الهراطقة. وكان على القضاة المدنيين أن ينفذوا هذه المراسيم التنظيمية، على ألا يكون أي سلطان قضائي روحي بأي شكل من الأشكال(80).
وأسست أول أبرشية إنجليزية على هذه المبادئ في واند زورث Wandswirth في 1572، وقامت كنائس (مشيخيات) مماثلة في المقاطعات الشرقية والوسطى. وفي هذا الوقت كانت أغلبية البروتستانت في لندن وفي مجلس العموم من البيوريتانز.واستحسن الحرفيون في لندن، الذين تسربت إليهم بقوة مبادئ كلفن، عن طريق اللاجئين الكلفنيين من فرنسا والأراضي الواطئة- نقول استحسن هؤلاء الحرفيون، هجوم البيوريتانز على النظام الأسقفي وعلى الطقوس. ونظر رجال الأعمال في العاصمة إلى البيوريتانية على إنها حصن منيع للبروتستانتية ضد الكاثوليكية التي لا تنظر بعين الرضا بصفة تقليدية إلى "الربا" وإلى الطبقة المتوسطة. وكان كلفن "صارماً" بعض الشيء في نظرهم ولكنه كان قد أقر "الفائدة" واعترف بمزايا الصناعة والادخار، وحتى المقربون إلى الملكة وجدوا بعض الخير لهم في البيوريتانية، بل أن سيسل ولستر، وولسنجهام ونولليس راودهم الأمل في أن يستخدموها سيفاً يشهرونه في وجه الكنيسة الكاثوليكية إذا وصلت ماري ستيوارت إلى عرش إنجلترا(81).
ولكن إليزابث أحست بان الحركة البيوريتانية تهدد كل التسوية التي دبرتها لتهدئة الصراع الديني، وارتأت أن الكلفنية شبيهة بنظرية جون نوكس الذي لم تغفر له الملكة قط احتقاره لحكم النساء. واحتقرت النظريات البيوريتانية المتشددة من كل قلبها، وربما إلى حد أكبر من كراهيتها للكاثوليكية...استاءت من الوصف الذي نعت به أحد البيوريتانيين "كتاب الصلوات بأنه نفاية مأخوذة من الأقذار البابوية: كتاب القداس"، وما نعت به محكمة اللجنة العليا من أنها "خندق بغيض صغير(84)".
قصة الحضارة ج28 ص32-34، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> إليزابث والبيوريتانيون (المتطهرون)
 
فرقة البيوريتان(2) الدين اضطهدتهم ملكة انجلترا -اليزابث-ابنة هنري الثامن
انهم بروتستانت من نوع كالفيني مختلف!
:"وشجعت الأساقفة على التنكيل بمثيري الفتنة، فأوقف رئيس الأساقفة باركر مطبوعاتهم، وأخرس ألسنتهم في الكنائس، ومنع اجتماعاتهم. وكان رجال الدين البيوريتانز ينظمون اجتماعات للمناقشة العامة في نصوص الكتب المقدسة، فأصدرت إليزابث أمرها إلى باركر بوضع حد لهذه "المواعظ" ففعل. وحاول خلفه أدموند جرندال أن يحمي البيوريتانز، ولكن إليزابث أوقفته عن العمل. ولما مات (1583) عينت في منصب رئيس أساقفة كنتربري، قسيسها الجديد، جون وتجفت Whitgift الذي نذر نفسه لإخراس ألسنة البيوريتانز. وطلب إلى جميع رجال الدين الإنجليز أن يؤدوا قسماً بقبول "المواد التسع والثلاثين"، وكتاب الصلوات، والسيادة الدينية للملكة، واستدعى كل المعارضين للمثول أمام محكمة اللجنة العليا، وهنا تعرضوا لتحقيق تفصيلي ملح عن سلوكهم ومعتقداتهم، إلى حد أن سيسل وازن بين هذا الإجراء وبين محاكم التفتيش(85).
وازدادت حدة الثورة البيوريتانية، وانشقت أليه ذات عزم أكيد عن حظيرة الكنيسة الأنجليكانية، وعقدت مجامع مستقلة لانتخاب الكهنة الخاصين بها، ولم تعترف بأية رقابة أو سيادة أسقفية. وفي 1581 أقلع إلى هولندة روبرت براون-وكان تلميذ كارتريت (ثم أصبح عدواً له فيما بعد)، وأول لسان ناطق باسم هؤلاء "المستقلين" أو "الانفصاليين" أو "الأبرشانيين" (الذين يقولون بالاستقلال الذاتي لكل أبرشية)، وهناك نشر كراستين صاغ فيهما دستوراً ديموقراطياً للمسيحية نص فيه على أنه يجب أن يكون لأية جماعة مسيحية الحق في أن تنظم عبادتها، وتشكل عقيدتها على أساس الكتاب المقدس، وتختار رؤساءها وقادتها وتحيا حياتها الدينية متحررة من أي تدخل أجنبي، ولا تعترف إلا بحكم الكتاب المقدس، وسلطان المسيح، وقبض في إنجلترا على أثنين من أتباع براون واتهما بالطعن في السيادة الدينية للملكة، وشنقا (1583).
وفي الحملات الانتخابية لبرلمان 1586 شن البيوريتانز حرباً خطابية على كل مرشح غير متعاطف مع مبادئهم. ودمغ مثل هذا الشخص بأنه "مقامر، مدمن على الخمر، كما وصم آخر بأنه "أقرب إلى البابوية أو الكثلكة، قلما يأتي إلى كنيسته وانه داعر خليل للبغايا "وتلك كانت أيام الكلام القوي الحاسم. وعندما اجتمع البرلمان قدم جون بنيري التماساً لإصلاح الكنيسة، واتهم الأساقفة بالمسئولية عن مفاسد رجال الدين وعن الوثنية الشائعة. وأمر وتجفت باعتقاله، ولكن سرعان نا أفرج عنه. وتقدم أنطوني كوب Cobe بمشروع قانون بإلغاء الكنيسة الرسمية الأسقفية برمتها وإعادة تنظيم المسيحية الإنجليزية على أساس الخطة المشيخية (على أساس الانتخاب). وأصدرت إليزابث أمرها إلى البرلمان بعدم عرض مشروع القانون هذا للمناقشة. وأثار بيتر ونتورث موضوع الحرية البرلمانية، وأيده أربعة آخرون من الأعضاء. فما كان إليزابث إلا أن زجت بالخمسة جميعاً في السجن في برج لندن.
ولما خاب فأل البيوريتانز في البرلمان، انصرف بنري وآخرون إلى المنشورات، وتخلصا من رقابة وتجفت الشديدة على المطبوعات، وأغرقوا إنجلترا (1588-1589)، بوابل من الكراسات المطبوعة سراً، وكلها ممهورة بتوقيع "Martin Marprelate Gentleman" هاجموا فيها سلطة الأساقفة وخلقهم الشخصي في نقد لاذع بذيء ممتلئ بالسباب. وبث وتجفت واللجنة العليا كل أجهزة التجسس للكشف عن المؤلفين والطابعين. ولكن هؤلاء كانوا ينتقلون من بلا إلى آخر، وساعدهم تعاطف الجمهور معهم على الإفلات من أيدي الجواسيس حتى أبريل 1589. واستخدم الكتاب المحترفون-مثل جون ليلي، وتوماس ناش-في الرد على مارتن (صاحب التوقيع) ونافسوه أيما منافسة في البذاءة. وأخيراً، وعندما نفدت لغة السوقة، خفت حدة الشتائم والتراشيق، ورثى الرجال المعتدلون لامتهان المسيحية على هذا النحو والانحدار بها إلى فن للمهاقرة والقدح.
وآلمت هذه النشرات الملكة أشد الإيلام فأطلقت يد وتجفت في كبح جماح البيوريتانز. ولقد عثر على من تولوا طبع Marprelate، وزاد عدد المقبوض عليهم، وتلا ذلك تنفيذ الإعدام، وصدر الحكم بإعدام كرتريت، ولكن الملكة أصدرت عفواً عنه. وفي 1593 شنق اثنان من زعماء "حركة براون"، هما جون جرينلند وهنري بارو، وسرعان ما لحق بهما جون بنري. وأصدر البرلمان (1593) قانوناً ينص على أن كل من يعترض على السيادة الدينية للملكة، أو يتغيب عمداً عن الصلوات في الكنيسة الأنجليكانية، أو يشهد "اجتماعات أو صلوات سرية غير مشروعة أو لقاءات تحت ستار ممارسة العقيدة أو ادعاء لممارستها" يعاقب بالسجن-فإذا لم يتعهد بالتزام العقيدة الرسمية، عليه أن يغادر إنجلترا دون رجعة، وإلا كان جزاءه الموت(86).
قصة الحضارة ج28 ص34-37، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> إليزابث والبيوريتانيون (المتطهرون)
 
فرقة البيوريتان(3) الدين اضطهدتهم ملكة انجلترا -اليزابث-ابنة هنري الثامن
:"فهاجر كثير منهم، مؤلبين الحركة البروتستانتية في القارة على إنجلترا، ورحبت هولندة بهم وقامت
المجامع الإنجليزية في مدلبرج وليدن وأمستردام
قصة الحضارة ج28 ص38،39، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> إليزابث والبيوريتانيون (المتطهرون)
 
غزا الإنجليز إيرلندة بين عامي 1169-1171، ووضعوا أيديهم عليها منذ ذلك الوقت، على أساس أنها، بغير ذلك، سوف تستخدمها فرنسا وأسبانيا كقاعدة لشن الهجمات على إنجلترا. وعند اعتلاء العرش كان الحكم الإنجليزي المباشر في إيرلندة مقصوراً على الساحل الشرقي، حول دبلن وفي جنوبها "The Pale". أما باقي الجزيرة فكان يحكمه شيوخ القبائل الايرلنديون الذين اعترفوا لإنجلترا بالسيادة الاسمية فقط
قصة الحضارةج28 ص39، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> إليزابث وأيرلندة
 
فرض البروتستانتية بالقوة على ايرلندا الكاثوليكية من قبل اليزابث ملكة انجلتر
:"
وقامت سياسة إليزابث في إيرلندة على اقتناعها بأن أيرلندة الكاثوليكية سوف تكون خطراً يهدد إنجلترا البروتستانتية، فأمرت بفرض البروتستانتية فرضاً كاملاً في أنحاء الجزيرة. وحرم القداس، وأغلقت الأديرة وتوقفت الصلوات العامة خارج إقليم "البال" الضيق. وظل القساوسة مختفين عن الأنظار، وأدوا الأسرار المقدسة لقليل من الناس خفية. وكادت الأخلاق أن تختفي بعد الحرمان من الدين والسلام، وانتشر القتل والسرقة والزنى والاغتصاب والسلب، وغير الرجال زوجاتهم دون تذمر أو وخز من الضمير، واستصرخ الزعماء الايرلنديون البابا وملك أسبانيا لحمايتهم أو نجدتهم. وخشي فيليب الثاني أن يغزو إيرلندة حتى لا يغزو الإنجليز الأراضي الوطيئة ويساعدوا ثوارها، ولكنه أسس مراكز وكليات للاجئين الايرلنديين في أسبانيا. وبعث بيوس الرابع إلى إيرلندة بجزويتي أيرلندي (1560) هو دافيد ولف الذي جمع بين الشجاعة والإخلاص اللذين تميز بهما النظام الجزويتي. وأسس ولف بعثات سرية، واستقدم أفراد آخرين من الجزويت متنكرين واستعاد للكاثوليكية تقواها وآمالها، وتحمس شيوخ القبائل وثاروا، الواحد بعد الآخر، ضد الحكم الإنجليزي.
قصة الحضارةج28 ص39،40، بداية عصر العقل -> ابتهاج غامر في إنجلترا -> الملكة العظيمة -> إليزابث وأيرلندة
 
عودة
أعلى