التاريخ المحسوس لحضارة الإسلام وعصور اوروبا المظلمة من قصة الحضارة لديورانت أ. طارق منينة

حرب المائة سنة(مسيحية ضد المسيحية)(2)
وفي السادس والعشرين من أغسطس عام 1346، التقى الجيشان: الإنجليزي والفرنسي، وتأهبا للمعركة الفاصلة. واستمع القادة والرجال من الجانبين إلى القداس، وأكلوا جسم المسيح وشربوا دمه وطلبوا معونة في إجهاز أحدهما على الآخر. ثم تحاربا في شجاعة ووحشية بلا هوادة. واكتسب إدوارد، الأمير الأسود، في ذلك اليوم ثناء والده المنتصر، وصمد فيليب السادس في حومة الوغى، حتى لم يبق من رجاله إلا ستة جنود. وهلك في تلك المعركة الواحدة، ثلاثون ألف رجل، كما ذهب إلى ذلك فرواسار في تقديره غير الدقيق. وأشرف الإقطاع على الموت هناك أيضاً: فوقف فرسان فرنسا الراكبون، المسلحون في رشاقة بالحراب القصار، بلا حول ولا قوة، أمام حائط من الرماح الإنجليزية الطوال المصوبة إلى صدور أفراسهم، بينما نشر حملة القسى من الإنجليز عند الجناحين، الموت بين الفرسان الفرنسيين. وكادت شمس الفروسية تأفل في يوم الحصاد الطويل الذي تنفس فجره قبل ذلك ادريانوبل بتسعمائة وثماني وستين سنة، وجاءت المشاة إلى المقدمة، وضعُفت سيادة العسكرية الأرستقراطية. واستعملت المدفعية في كرسي على نطاق ضيق، وجعلتها صعوبة النقل وحاجتها إلى إعادة التعمير أكثر مشقة وأقل جدوى، ولذلك قصر فلاني فائدتها على صخبها .
وقاد إدوارد جيشه من كريسي إلى حصار كاليه، واستخدم المدفع في تحطيم الأسوار (1347). وصمدت المدينة عاماً كاملاً، حتى ألحت المجاعة عليها، فأذعنت لشروط إدوارد، وهو أن يخرج الباقون على قيد الحياة بسلام، إذا توجه ستة من أعيان المدينة إليه، والحبال حول أعناقهم، وفي أيدهم مفاتيح المدينة. وتطوع ستة منهم بالفعل ولما مثلوا أمام الملك، أمر بشنقهم. فجثت ملكة إنجلترا أمامه، تتوسل الإبقاء على حياتهم، فاستجاب لها، وأرسلت الرجال مخفورين إلى دورهم بسلام. وللنساء في التاريخ فضل أعظم من الملوك وهن يخضن بشجاعة معركة يائسة لتحويل الرجال من جفوة التوحش إلى صقل الحضارة.
وهكذا أصبحت كاليه، جزءاً من إنجلترا، ولبثت إلى عام 1558، منفذاً استراتيجياً لبضائعها وجيوشها على القارة. وثارت عام 1348، فحاصرها إدوارد مرة أخرى وحارب بنفسه متنكراً في المعمعة. واستطاع فارس فرنسي، اسمه أوستاس دي ريبومونت، أن يطعن إدوارد مرتين، ولكنه غلب على أمره وأسر، ولما استعاد إدوارد المدينة دعا أسراه النبلاء إلى الغذاء، ووقف اللوردات الإنجليز وأمير ويلز على خدمتهم، وقال إدوارد للفارس الذي طعنه ريبومونت "ياسير أوستاس، إنك أشجع فارس رأيته في العالم المسيحي يهاجم عدوه..ولذلك فأنا أمنحك تقدير الشجاعة وأجعلك فوق جميع رجال بلاطي". ونزع الملك الإنجليزي عن رأسه إكليلاً نفيساً ووضعه على رأس الفارس الفرنسي، قائلاً:
"أيها السيد أوستاس، إنني أهديك هذا الإكليل..وأرجوك أن تضعه على رأسك هذا العام في محبتي. وإني لأعلم أنك مقبل على الحياة، نزاع إلى الغزل، مغرم بصحبة السيدات والآنسات، لذلك قل، أينما ذهبت، إنني أعطيتك إياه. وأنا أمنحك حريتك أيضاً بلا فدية، ولك أن تذهب حيث شئت".
وعاشت الفروسية هنا وهناك، بين الجشع والقتل، واقتربت وكادت أساطير أرثر تشبه التاريخ الحي على صفحات فرواسارت.
قصة الحضارة ج22ص120-122، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> فرنسا تحاضر -> الطريق إلى كريسي
 
الموت الأسود..الطاعون وحروب اوروبا الداخلية-حرب المائة عام
:"الموت الأسود وغيره
1348 - 1349
لقد كان الطاعون العظيم محايداً حين دهم إنجلترا العامرة بالغنائم الفرنسية وفرنسا التي أصابتها الهزيمة بالخراب. ووباء الطاعون حدث مألوف في تاريخ العصور الوسطى، فلقد أزعج أوربا اثنتين وثلاثين سنة من القرن الرابع عشر، وإحدى وأربعون سنة من الخامس عشر، وثلاثين سنة من السادس عشر، وهكذا تعاونت الطبيعة وجهل الإنسان، هذان وهما عاملان ثابتان متوسيان من ناحية، مع الحرب والمجاعة من ناحية أخرى، على الحد من استغراق الإنسان في النسل. وكان الموت الأسود شر هذه النوازل، ولعله أنوح ملمة طبيعية تعرض لها الإنسان في عصور التاريخ.ولقد وفد على برفانس وفرنسا من إيطاليا، ولعله جاء مباشرة من الشرق الأدنى بوساطة الجرذان الشرقية التي ترسي على مارسيليا. وذهبت رواية، غير محققة في ناربون، إلى أن ثلاثين ألف شخص ماتوا في هذا الوباء، وفي باريس خمسين ألفاً وفي أوربا خمسة وعشرين مليوناً، وربما كان المجموع "ربع سكان العالم المتحضر" وعجزت مهنة الطب أمامه، فلم تكن تعلم سبب المرض (ولقد اكتشف كيتا زاتو، برسن، باسيليات الطاعون الدملي عام 1894)، وكل ما كانت توصي به هو، المعضدات، ومطهرات الجوف، والمنعشات، ونظافة المسكن والجسم، والتبخير ببخار الخل(7).ورفض عدد قليل من الأطباء والقساوسة علاج المرضى، خوفاً من العدوى، ولكن أكثرهم واجهوا المحنة برجولة، وضحى آلاف من الأطباء ورجال الدين بحياتهم. وكان على قيد الحياة ثمانية وعشرون كاردينالا عام 1348 توفي منهم تسعة بعد ذلك بعام واحد، ومن الثمانية والأربعين رئيساً للأساقفة، مات خمسة وعشرون، ومن الخمسة والسبعين والثلثمائة أسقف مات سبعة ومائتان.
وكان للوباء آثاره على جميع نواحي الحياة وطبيعي أن يموت الفقراء، بنسبة أكبر من الأغنياء، فأدى ذلك إلى نقص في العمال، وهجرت آلاف الأفدنة بلا فلاحة، ونفقت ملايين الأنعام. واكتسب العمال قدرة جديدة على المساومة إلى حين، فرفعوا أجورهم، ونفضوا عن كواهلهم كثيراً من الأعباء الإقطاعية، وقاموا بثورات جعلت النبلاء، لا يستطيعون النيل منهم مدى نصف قرن، بل أضرب القسس أنفسهم، من اجل زيادة رواتبهم. وهجر عبيد الأرض، المزارع إلى المدن، واتسعت الصناعة، وحصلت طبقة رجال الأعمال على مغانم جديدة من الأرستقراطية التي تملك الأرض. ونالت الصحة العامة قسطاً من الإصلاح المعتدل. وأضعفت شدة الألم والمأساة عقول الكثيرين، فأدت إلى أمراض عصيبة معدية، ويبدو أن جماعات بأسرها قد جُنَّت مثل "الفلاجلان" الذين ساروا عام 1349، كما فعلوا في القرن الثالث عشر، في طرقات المدينة عراة أو يكادون، يضربون أنفسهم في ندم، ويعظون بيوم الحساب، والمدن الفاضلة، ويدعون إلى ذبح اليهود. واستمع الناس بانتباه أكثر من المألوف إلى قراء الأفكار، ومفسري الأحلام، والعرافين، والدجالين وغيرهم من المشعوذين. وضعفت العقيدة الصحيحة وانتشرت الخرافة. وأرجع حدوث الطاعون إلى أسباب عجيبة. فنسبه بعضهم إلى اتصال في غير أوانه بين زحل والمشتري والمريخ، وآخرون إلى تسميم المجذومين أو اليهود للآبار. فقتل اليهود في حوالي خمسين مدينة، يميد من بروكسل إلى برسلو بين عامي 1348-1349، وكاد يقضي على النظام الاجتماعي، بموت آلاف من رجال الشرطة، والقضاة وموظفي الحكومة، والأساقفة والقسس. بل إن صناعة الحرب قد تعرضت للاضمحلال، وتلكأت حرب المائة عام، بين حصار كاليه ومعركة بواتييه (1356) في هدنة متراخية، بينما عوض النقص الهائل في صفوف المشاة، برجال بلغ منهم الفقر مبلغاً، جعلهم يرون الحياة تفضل الموت ببضعة شلنات!
وتأسى فيليب السادس، عن الطاعون والهزيمة، بالزواج، وهو في السادسة والخمسين، من بلانش أميرة نافار، البالغة من العمر ثماني عشرة سنة، وهي التي كان ينوي خطبتها لابنه. وتوفي بعد ذلك بسبعة أشهر فقط. وكان هذا الابن، جون الثاني "الطيب" (1350-1364)، طيباً حقاً مع النبلاء، وأعفاهم من الضرائب، ومنحهم الأموال ليصيدوا الإنجليز عن أرضهم، وأبقى على أشكال الفروسية ومزاياها جميعاً وخفض سعر العملة، كوسيلة قديمة، للوفاء بديون الحرب، وزاد الضرائب مراراً، على الطبقتين الدنيا والوسطى، وسار في أبهة ليلتقي بالإنجليز عند بواتييه. وهناك أبيد رجاله الخمسة عشر ألفاً من الفرسان والاسكتلنديين، والحشم وذبحوا وأسروا، على يد سبعة آلاف من رجال الأمير الأسود، بل إن الملك نفسه، الذي حارب بعنف، وقاد جيشه بحماقة، كان بين الأسرى هو وابنه فيليب، وسبعة عشر ايرل، وعدد لا يحصى من البارونات، والفرسان، والأعيان. وسمح لمعظمهم أن يفتدوا أنفسهم على الفور، وأطلق سراح كثيرين، بعد أن وعدوا بإحضار الفدية إلى بوردو في عيد الميلاد وعامل الأمير الأسود الملك بما يليق بمقامه من إجلال، واصطحبه على أكف الراحة إلى إنجلترا.
قصة الحضارة ج22 ص122-125> الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> فرنسا تحاضر -> الموت الأسود وغيره
 
لو نجحت حرب بواتيه لدخل المسلمون الى انجلترا وفرنسا وشمال اوروبا ومدنوها وكان الميزان بين العلم والايمان فقد وصلها العلم من اهل الاسلام وبعضا من التفكير المنهجي او النقدي ضد اهل الكتاب مما استقاه المسلمون من القرآن لكنها رفضت الدين الذي رفعها من الموت
كانت هناك معارك اوروبية-اوروبية تحدث اثناء حرب بواتيه !
فماذا بعد بواتييه
:"
أصيبت فرنسا كلها بالفوضى بعد محنة بواتييه. وكان من نتائج عدم النزاهة والكفاءة في الحكومة، ونقص سعر العملة إلى حد كبير، والمبالغ الباهظة التي دفعت فدية للملك والفرسان، والخراب الذي جره الحرب والطاعون، والضرائب غير المشجعة التي فرضت على الزراعة والصناعة والتجارة
قصة الحضارة ج22 ص125، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> فرنسا تحاضر -> الثورة والتجديد
 
من تخريب حرب المائة عام
:"وفي نوفمبر عام 1359 نزل إدوارد الثالث إلى البر بجيش جديد في كاليه. وتنكب باريس، مقدراً الأسوار الجديدة التي شيدها مارسيل، ولكنه أخضع الريف المحيط بها من ريمز إلى شارترز بإبادة المحاصيل، حتى اجتاحت المجاعة باريس مرة أخرى. وطلب شارل الصلح بشروط مهينة. فعلى فرنسا أن تسلم جاسكونيا وجوين إلى إنجلترا بريئة من كل التزام إقطاعي عليها لملك فرنسا، وأن تتنازل أيضاً عن بواتو وبريجوري وكويرسي وسانتونج ورورج وكاليه وبونثيو وأونيس وإنجوموا وأجنوا وليموزين وبيجور وأن تدفع، ثلاثة مليون كراون، ليعود مليكها. وفي مقابل ذلك يتنازل إدوارد، وجميع أعقابه، عن كل ادعاء، في عرش فرنسا، ووقعت معاهدة بريتاني هذه في الثامن من مايو عام 1360، وهكذا ابتلي ثلث فرنسا بالحكم البريطاني، واستشاط منه غضباً...وأصبح ولي العهد البالغ ستة وعشرين سنة ملكاً على فرنسا باسم شارل الخامس.
واستحق لقب "الحكيم"، الذي أسبغه شعبه عليه...وسلم للنبلاء الحق في استعادة المكوس الإقطاعية، ولكنه تخطاهم وعين-قائداً عاماً للجيوش الفرنسية-رجلاً بريتانياً اسمه برتراند دي جويسكلين. وهو رجل أسمر، أفطس الأنف، غليظ العنق، ضخم الرأس. ولقد ساعد الاعتقاد، في تفوق هذا "النسر البريتاني" على جميع القادة الإنجليز، على تصميم الملك، استرداد فرنسا من الحكم الإنجليزي. فأرسل عام 1369، إلى إدوارد الثالث إعلاناً رسمياً بالحرب.
وكان رد الأمير الأسود، أن أخضع ليموج، وأعمل السيف في ثلاثة آلاف بين رجل وامرأة وطفل، وهذا هو مذهبه في التربية السياسية. وثبت أنه لم يكن موفقاً فقد تحصنت كل مدينة في طريقه، وتزودت بالجند، واختزنت المؤن للمقاومة الناجحة، واضطر الأمير إلى أن يقنع، بتخريب الريف، وإحراق المحاصيل، واقتلاع منازل الفلاحين الخاوية،
قصة الحضارة ج22 ص129-130، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> فرنسا تحاضر -> الثورة والتجديد
 
حرب المائة عام(حرب مسيحية-مسيحية) وهلاك السكان وقتل الآلاف(3)
:"ولقد أبـحر هنري الخامس من إنجلترا في الحادي من أغسطس عام 1415، في ألف وثلاثمائة سفينة، وإحدى عشر ألف رجل. فوضعوا مراسيهم في الرابع عشر بالقرب من هارفلير، عند مصب نهر السين. وقاومت هارفلير ببسالة، ولكن بلا جدوى. وسار الإنجليز، تغمرهم العزة بالنصر، ويسرع بهم داء الزرب إلى كاليه. والتقى بهم فرسان فرنسا في اجنكورت، بجوار كريسي (25 أكتوبر). وكأنما لم يتعلم الفرنسيون شيئاً من معركتي كريسي، وبواتييه، إذ ظلوا يعتمدون على الفرسان. ولم يستطع أكثر أفراسهم الحركة بسبب الأحوال، أما الذين استطاعوا التقدم، فقد واجهوا الأوتاد المسننة، التي غرسها الإنجليز، على زاوية الأرض، حول حملة القسى. فارتدت الخيل المتحيرة، وحملت على جيشها، ونزل الإنجليز على هذا الحشد المضطرب، بالقضبان الفؤوس، والسيوف، وقادهم مليكهم هال، ببسالة، وتوتر شديد من الخوف، وكان انتصارهم مذهلاً. ويقدر المؤرخون الفرنسيون، خسائر الإنجليز بألف وستمائة رجل، وخسائر الفرنسيين بعشرة آلاف رجل.
وعاد هنري إلى فرنسا عام 1417، وحاصر روين وأكل المواطنون ما ادخروه من طعام، ثم التهموا جيادهم، وكلابهم وقططهم. وألقى بالنساء والأطفال والطاعنين بالسن، خارج أسوار المدينة، توفيراً للطعام، فبحثوا عن معبر في خطوط الإنجليز، فلم يسمح لهم بالمرور، وظلوا كذلك بلا طعام ولا مأوى بين أقربائهم وأعدائهم، فهلكوا جوعاً، ومات خمسون ألف فرنسي من الجوع، في هذا الحصار الذي لم يرحم. ولما استسلمت المدينة، كبح هنري جماح جيشه من تقتيل الذين بقوا على قيد الحياة، ولكنه فرض عليهم غرامة مقدارها ثلثمائة ألف كراون، ووضعهم في السجن حتى يتسلم حصيلة المبلغ وفي عام 1419، تقدم نحو باريس التي لم يبقَ منها سوى الفساد، والانحلال، والتوحش، وحرب الطبقات. وتجاوز لإذلال ما حدث عام 1360 فقد سلمت فرنسا، بمقتضى معاهدة ترويس (1420)، كل شيء حتى الشرف. وقدم شارل السادس ابنته كاترين، زوجة لهنري الخامس، وتعهد بأن يورثه العرش الفرنسي، ونقل إليه قيادة فرنسا، ولإزالة كل التباس لم يقر ببنوة ولي العهد. ولم تدافع الملكة ايزابيل عن هذا الاتهام بالفسق في مقابل أربعة وعشرين ألف فرنك كل سنة، والواقع أنه لم يكن من السهل على المرأة في البلاط الملكي، لذلك الزمان، أن تعترف من هو والد ابنها على التحقيق. وأنكر ولي العهد المعاهدة، وكان يبسط نفوذه على جنوب فرنسا، ونظم فرق جاسكونيا وأرمانياك امواصلة الحرب. بيد أن ملك إنجلترا بدأ يحكم من اللوفر.
وبعد سنتين مات هنري الخامس بداء الزرب (الدوسنطاريا)، فإن الميكروبات لم توقع المعاهدة، ولما لحق به شارل السادس (1422) توج هنري السادس ملك إنجلترا على فرنسا، وكان دون السنة الأولى من عمره، فحكم دوق بدفورد وصياً عليه. وكان قاسياً في حكمهِ، ولكنه عادل مثل كل إنجليزي، يقدر له أن يحكم فرنسا. فأمن السفر بأن شنق عشرة آلاف رجل من قطاع الطريق في سنة واحدة، وأخذ يراقب منذ ذلك أحوال البلاد. وعاث الجنود المسرحون بالطرق الرئيسية فساداً، وأفزعوا حتى المدن الكبيرة مثل باريس، وديجون. واكتسحت الحرب، نورمانديا بالخراب، من الأمام ومن الخلف، كتيار قاتل خبيث، بل هلك ثلث سكان لانجدوك، وهي تعد أحسن حظاً، وهرب الفلاحون إلى المدن، واعتصموا بالكهوف، أو تحصنوا بالكنائس، كلما اقتربت الجيوش أو أحزاب الإقطاع أو عصابات اللصوص. ولم يعد الكثيرون من الفلاحين إلى ممتلكاتهم المضطربة وإنما عاشوا بالتكفف والسرقة، أو هلكوا من الجوع أو الطاعون. وأقفرت الكنائس، والمزارع ومدن بأسرها وتركت للبلي. وقد كان في باريس وحدها عام 1422، أربعة وعشرون ألف بيت مقفر، وثمانون ألف متسول من مجموع السكان الذي يبلغ عددهم ثلثمائة ألف نسمة. وأكل الناس لحم الكلاب وامعائها. وملأت الطرقات صيحات الأطفال المشرقين على الموت جوعاً.
قصة الحضارة ج22 ص132-134، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> فرنسا تحاضر -> الملك المجنون
 
قال ديورانت
مات هنري الخامس بداء الزرب (الدوسنطاريا)، فإن الميكروبات لم توقع المعاهدة
انظر المنشور السابق
 
حروب المائة عام (5) وحال باريس وغيرها
باريس اواخر القرن الرابع عشر وبدايات القرن الخامس عشر كانت توس ولوطية ودعارة ومسافحة الحيوان وفقر ومرض وشخاذون وخرافات واضطهاد اليهود والمجزومين وغيرهم
:"وأسهمت أخلاق الشعب في هذا الانحلال. فأصبحت القسوة والخيانة والفساد أمراضاً متوطنة. وكان السوقي والحاكم سواء في قبول الرشوة. وانتشر المجون، وشكا الوزير جرسون من أن أقدس الأعياد تنفق في لعب الورق والميسر والتجديف في الرين. وكان المحتالون والمزيفون واللصوص والصعاليك والشحاذون يسدون الطرقات بالنهار، ويجتمعون بالليل ليستمتعوا بحصادهم، في باريس، في ساحات المعجزات، التي سميت كذلك لأن المتسولين الذين يبدون في المظهر مقعدين، يظهرون هناك فجأة وكل عضو من أعضاء جسمهم في صحة مذهلة.
وفشا اللواط، وشاعت الدعارة، وكاد المجون يصبح عاماً. ودعت فرقة "الآدميين" في القرن الرابع عشر، إلى مذهب العري، وظلت تمارسه علناً إلى أن منعته محاكم التفتيش. وكانت الصور الفاحشة المخلة بالآداب، رائجة كما هي الآن، ويروي جرسون، أنها كانت تباع حتى في الكنائس وأيام الأعياد الدينية. ونظم شعراء مثل ديشان قصائد غرامية
للسيدات النبيلات. ووصف نيقولا دي كليمانج كبير شماسة باييه، دير منطقته بأنه معبد مخصص للقيام بشعائر فينوس. وكان من المألوف أن يتخذ الملوك والأمراء، خليلات لهم، وكان الكثير من الزيجات الملكية-وزيجات النبلاء ينطوي على أغراض سياسية، ولذلك لم تكن هذه الزيجات جديرة بالحب. واستمرت السيدات، ذوات الحسب والنسب، في مناظرات رسمية، حول جواز العلاقات الجنسية، وأنشأ فيليب الجسور ، صاحب برجنديا، في باريس محكمة حب عام 1401. ولقد وجدت وسط هذا الخضم من الاستهتار أو في كنفهِ سيدات فضليات، ورجال شرفاء ونحن نجد لمحة عابرة عن هؤلاء، وفي كتاب عجيب ألفه حوالي عام 1393،رجل مجهول الاسم في الستين من عمرهِ، عرف بأنه مدير باريس: "أعتقد أنه عندما يزف اثنان شريفان طيبان، أحدهما إلى الآخر. فإن كل حب يزول.. إلا حب كل منهما للآخر. وأرى أنهما عندما يصطحبان، يهتم كل منهما بالآخر، أكثر من اهتمامهِ بغيرهِ، ويربط كل منهما على الآخر ويمسك بهِ، ولا رغبة لهما في الحديث أو الإشارة إلا لبعضهما.. وكل متعتهما الخاصة ورغبتهما الكبرى وسرورهما الكامل، إنما هو يمتع أحدهما الآخر ويطيعه".
وأضيف إلى صور هذا العصر اضطهادات اليهود (1306، 1384، 1396) والمجذومين (1321)، ومحاكمة الحيوانات وإعدامها، لإيذاء الناس وتسافدها معهم، والشنق علناً، الذي يدعو إلى حشد متطلع. وكانت الناس تنبش القبور في جبانة الأبرياء في باريس، كلما سقط لحم الميت عن عظمهِ، لإفساح المجال لأموات جدد، وتجمع العظام في غير نظام، في مدافن خاصة بها، على طول الأروقة، التي كانت مع ذلك، أماكن مألوفة، للقاء العاشقين، فأنشئت هناك الدكاكين، ودعت البغايا الزبائن. ورسم أحد الفنانين، مدة شهور على حائط الدير، صورة لرقصة الموت... وماذا عسى أن يصنع الدين، في تصدع أمة مغلوبة على أمرها؟ لقد كان الباباوات الحبيسون في افنيون يتلقون حماية الملوك الفرنسيين، وأوامرهم في السنوات الأربعين الأول من حرب المائة عام، وكانت معظم الموارد، التي يجمعها ألئك الباباوات من أوربا، تذهب إلى هؤلاء الملوك، تمويلاً لحرب الحياة أو الموت مع بريطانيا، واستطاعت الكنيسة أن تجمع للملكية في إحدى عشر سنة (1345-1355) مبلغ 3.392.000 فلورن (84.800.000 دولار؟) وحاول الباباوات مراراً أن يضعوا حداً للحرب ولكنهم فشلوا. وعانت الكنيسة مشقة مضنية، من جراء الخراب الطويل الذي منيت به فرنسا قرناً من الزمان، فأفقرت مئات الكنائس والأديرة أو خربت، وشاركت الطبقة الدنيا من رجال الدين فيما اتسم به العصر من انحلال الأخلاق. وتجاهل الفرسان والمشاة الدين لا يذكرونه إلا عند المعركة أو الوفاء، ولا بد أنهم ارتابوا، في العقيدة بسبب عدم اكتراث السماء، الذي يدعو إلى الجنون، واعتصم الناس في عصيانهم أوامر الدين
قصة الحضارةج22 ص135-137، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> فرنسا تحاضر -> الحياة بين الأطلال
 
حرب المائة عام(4)أكل الناس لحم الكلاب وامعائها وملأت الطرقات صيحات الأطفال المشرقين على الموت جوعاً.ولم يعد الكثيرون من الفلاحين إلى ممتلكاتهم المضطربة وإنما عاشوا بالتكفف والسرقة، أو هلكوا من الجوع أو الطاعون. وقد كان في باريس وحدها عام 1422، أربعة وعشرون ألف بيت مقفر، وثمانون ألف متسول من مجموع السكان الذي يبلغ عددهم ثلثمائة ألف نسمة.
قال ديورانت :"(1422) توج هنري السادس ملك إنجلترا على فرنسا، وكان دون السنة الأولى من عمره، فحكم دوق بدفورد وصياً عليه. وكان قاسياً في حكمهِ،ولكنه عادل مثل كل إنجليزي، يقدر له أن يحكم فرنسا. فأمن السفر بأن شنق عشرة آلاف رجل من قطاع الطريق في سنة واحدة، وأخذ يراقب منذ ذلك أحوال البلاد. وعاث الجنود المسرحون بالطرق الرئيسية فساداً، وأفزعوا حتى المدن الكبيرة مثل باريس، وديجون. واكتسحت الحرب، نورمانديا بالخراب، من الأمام ومن الخلف، كتيار قاتل خبيث، بل هلك ثلث سكان لانجدوك، وهي تعد أحسن حظاً، وهرب الفلاحون إلى المدن، واعتصموا بالكهوف، أو تحصنوا بالكنائس، كلما اقتربت الجيوش أو أحزاب الإقطاع أو عصابات اللصوص. ولم يعد الكثيرون من الفلاحين إلى ممتلكاتهم المضطربة وإنما عاشوا بالتكفف والسرقة، أو هلكوا من الجوع أو الطاعون. وأقفرت الكنائس، والمزارع ومدن بأسرها وتركت للبلي. وقد كان في باريس وحدها عام 1422، أربعة وعشرون ألف بيت مقفر، وثمانون ألف متسول من مجموع السكان الذي يبلغ عددهم ثلثمائة ألف نسمة. وأكل الناس لحم الكلاب وامعائها. وملأت الطرقات صيحات الأطفال المشرقين على الموت جوعاً.
قصة الحضارة ج22 ص118، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> فرنسا تحاضر -> الملك المجنون
 
في واحدة من حروب المائة عام بين انجلترا وفرنسا عام 1415م ماتت الأطفال والنساء من الجوع والبرد والمرض والقتل
التهموا جيادهم، وكلابهم وقططهم...هلكوا جوعاً، وألقى بالنساء والأطفال والطاعنين بالسن، خارج أسوار المدينةومات خمسون ألف فرنسي من الجوع
:"ويقدر المؤرخون الفرنسيون، خسائر الإنجليز بألف وستمائة رجل، وخسائر الفرنسيين بعشرة آلاف رجل.
وعاد هنري إلى فرنسا عام 1417، وحاصر روين وأكل المواطنون ما ادخروه من طعام، ثم التهموا جيادهم، وكلابهم وقططهم. وألقى بالنساء والأطفال والطاعنينبالسن، خارج أسوار المدينة، توفيراً للطعام، فبحثوا عن معبر في خطوط الإنجليز، فلم يسمح لهم بالمرور، وظلوا كذلك بلا طعام ولا مأوى بين أقربائهم وأعدائهم، فهلكوا جوعاً، ومات خمسون ألف فرنسي من الجوع، في هذا الحصار الذي لم يرحم. ولما استسلمت المدينة، كبح هنري جماح جيشه من تقتيل الذين بقوا على قيد الحياة، ولكنه فرض عليهم غرامة مقدارها ثلثمائة ألف كراون، ووضعهم في السجن حتى يتسلم حصيلة المبلغ وفي عام 1419، تقدم نحو باريس التي لم يبقَ منها سوى الفساد، والانحلال، والتوحش، وحرب الطبقات. وتجاوز لإذلال ما حدث عام 1360 فقد سلمت فرنسا، بمقتضى معاهدة ترويس (1420)، كل شيء حتى الشرف
قصة الحضارة ج22 ص132-124، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> فرنسا تحاضر -> الملك المجنون
 
مرحلة في حرب المائة عام
وقت كانت فرنسا مستعمرة انجليزية في زمن لم يكن من السهل على المرأة في البلاط الملكي، لذلك الزمان، أن تعترف من هو والد ابنها على التحقيق"
وفي عام 1419، :"باريس التي لم يبقَ منها سوى الفساد، والانحلال، والتوحش، وحرب الطبقات). :"قدم شارل السادس ابنته كاترين، زوجة لهنري الخامس، وتعهد بأن يورثه العرش الفرنسي، ونقل إليه قيادة فرنسا، ولإزالة كل التباس لم يقر ببنوة ولي العهد. ولم تدافع الملكة ايزابيل عن هذا الاتهام بالفسق في مقابل أربعة وعشرين ألف فرنك كل سنة، والواقع أنه لم يكن من السهل على المرأة في البلاط الملكي، لذلك الزمان، أن تعترف من هو والد ابنها على التحقيق"
قصة الحضارة ج22 ص133، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> فرنسا تحاضر -> الملك المجنون
 
"...فرنسا في القرنين الثاني عشر والثالث عشر. ولقد انحطت العقيدة، كما اضمحلت الثروة، وتبدد الأمل الذي دفع في هذه القرون إلى الحروب الصليبية"
قصة الحضارة ج22 ص146، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> فرنسا تحاضر -> الفن
 
الشعوب الاوروبية -اثناء وقبل حرب المائة عام-كيف كانت تنظر للكون والأسباب مقارنة بحضارتنا الزاهية قبلئذ !
يقول ديورانت:"كان الفلاحون هناك من أبناء القرون الوسطى في إيمانهم وشعورهم، في العقيدة والشعور، يعيشون من الطبيعة، ولكن فيما هو فوق الطبيعي، وكانوا واثقين من أن الأرواح تعيش في الهواء المحيط بهم، وأقسم كثير من النساء، أنهن رأينها وتحدثن معها-واعتقد الرجال مثلما اعتقد النساء، وهو ما كان سائداً في أنحاء الريف الفرنسي، أن الإنجليز شياطين، تخفي أذنابها، في أذيال معاطفها
النص كاملا
"في عام 1422 نادى ابن شارل السادس عشر الذي تبرأ منه أبوه، بنفسه ملكاً باسم شارل السابع. ونظرت فرنسا في عزلتها، إليه لينقذها، ثم ران عليها يأس عظيم وكان هذا الشاب الجبان، فاتر الهمة عديم الاكتراث في العشرين من عمره، لم يصدق أنه يستحق الملك الذي أعلنه، وربما شارك الفرنسيين شكوكهم في شرعية مولده.... وتظهر الصورة التي رسمها فوكيه له، وجهاً حزيناً ساذجاً، تحت عينيه جيوب، وأنف ممتد. وكان متديناًً إلى درجة الفزع، يسمع ثلاث صلوات كل يوم، ولا يترك ساعة من ساعات الكنيسة تمر دون أن يتلو، ما يناسبها من صلاة، وكان يخلوا بين هذه الأوقات، إلى رتل طويل من الحظايا، وأنجب اثني عشر مولوداً فرضهم على زوجته الفاضلة. ورهن جواهره، ومعظم الملابس التي على كاهله، ليمول مقاومة بلاده إنجلترا، ولكنه لم يكن مفطوراً على الحرب، فترك الصراع لوزرائه وقواده. ولم يكن أحد منهم متحمساً أو متيقظاً، وتشاجر بعضهم مع بعض في حقد- اللهم إلا جان ذينو الأمين، والابن غير الشرعي للويس، دوق اورليان. ولما تحرك الإنجليز جنوباً لمحاصرة تلك المدينة عام (1428)، لم يتفقوا على خطة للوقوف في وجههم، وكانت الفوضى، طابع ذلك الزمان، وتقع اورليان، على حنية اللوار، فإن سقطت، انظم الجنوب بأسره، وهو المتردد في الولاء وقتذاك لشارل السابع إلى الشمال، ليجعل من فرنسا مستعمرة إنجليزية. وأخذ الشمال والجنوب معاً يرقبان الحصار، ويصليان من أجل حدوث معجزة.
وأخذت دمريمي القرية البعيدة، الهاجعة إلى جوار الموز على حدود فرنسا الشرقية تراقب الصراع بعاطفة دينية وطنية. وكان الفلاحون هناك من أبناء القرون الوسطى في إيمانهم وشعورهم، في العقيدة والشعور، يعيشون من الطبيعة، ولكن فيما هو فوق الطبيعي، وكانوا واثقين من أن الأرواح تعيش في الهواء المحيط بهم، وأقسم كثير من النساء، أنهن رأينها وتحدثن معها-واعتقد الرجال مثلما اعتقد النساء، وهو ما كان سائداً في أنحاء الريف الفرنسي، أن الإنجليز شياطين، تخفي أذنابها، في أذيال معاطفها وراجت نبوءة في القرية، وهي أن الله سيرسل في يوم من الأيام، فتاة عذراء، تنقذ فرنسا من هؤلاء الشياطين، وتضع حداّ لحكم الحرب الشيطانية. وهمست زوجة عمدة دمريمي، بهذه الآمال إلى جان ابنتها في العماد.
قصة الحضارة ج22 ص150-151، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> فرنسا تحاضر -> جان دارك
 
حرب المائة عام وطرد الإنجليز من باريس وبعض المدن الفرنسية
"وكانت إنجلترا تحس تكاليف حرب المائة عام. ولقد وقع فيليب صاحب برجنديا وحليف إنجلترا، معاهدة منفصلة مع فرنسا، بعد أن مل الحرب، وزعزع تخلفه، قبضة الإنجليز على المدن التي غزوها في الجنوب، فتمكنت الواحدة بعد الأخرى من طرد الحاميات الأجنبية عنها. وأجلت باريس، البريطانيين عام 1436 بعد أن ظلت محتلة سبع عشرة سنة، وحكم شارل السابع آخر الأمر في عاصمة ملكه".
قصة الحضارة ج22 ص159، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> فرنسا تحاضر -> فرنسا تبقى
 
قبل نهاية حرب المائة عام
عام 1449:" تعجب الإنجليز وصدموا وكانت قد أضعفتهم المنازعات الداخلية، ووجدوا أن إمبراطوريتهم الآفلة في فرنسا تكلفهم في القرن الخامس عشر ما لا طاقة لهم به كما تثقل عليهم الهند في القرن العشرين، فلقد تكلفت فرنسا على إنجلترا عام 1427 ثمانية وستين ألف جنيه في حين حصلت منها على سبعة وخمسين ألفاً فقط. وحارب الإنجليز بشجاعة ولكن بغير تبصر، إذ اعتمدوا طويلاً على القسى والقضبان، ولم تعد الخطط التي صدت الفرسان الفرنسيين في كرسي وبواتييه تجدي في فورميني (1450) وفي الصمود أمام مدفع بيرو. وفي عام 1449 جلا الإنجليز عن معظم نورمانديا، وتركوا عاصمتها روين عام 1451. وهزم تالبوت العظيم عام 1453 وقتل في كاسنلون، واستسلمت بوردو، وعادت جوين بأسرها فرنسية مرة أخرى، واحتفظ الإنجليز بمدينة كالييه فقط. ووقعت الأمتان في التاسع عشر من أكتوبر عام 1453 المعاهدة التي وضعت حداً لحرب المائة عام.
قصة الحضارة ج22 ص161، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> فرنسا تحاضر -> فرنسا تبقى
 
اعتراف بهزيمة انجلترا في حرب المائة عام وملوك مجانين فعلا وليس مجازا
:"وفي عام 1452 أصيب هنري السادس بالجنون على منوال شارل السادس ملك فرنسا. ووقع وزراؤه بعد عام واحد، صلحاً يعترف بهزيمة إنجلترا في حرب المائة عام.
قصة الحضارة ج22 ص192، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر
والعصيان الكبير -> إنجلترا في القرن الخامس عشر -> الملوك
وقبلها قال:"هنري الخامس قد أمضى شباباً طليقاً ماجناً، وأنه تآمر للاستيلاء على العرش، حتى على أب، أقعده المرض وإن تشبث بالسلطان. ويكتفي المؤرخون المعاصرون بمجرد الإشارة إلى ملذاته، ولكنهم يؤكدون لنا، أنه بعد توليه العرش "تحول إلى رجل آخر، ودرس كيف يكون أميناً شجاعاً مهذباً". وهذا العابث مع السكارى والخليعات، يقف نفسه الآن، على قيادة عالم مسيحي موحد ضد الأتراك الزاحفين، وأضاف إلى ذلك أنه يجب أولاً أن يغزو فرنسا ولقد حقق غايته القريبة بسرعة مذهلة، وهكذا جلس أحد الملوك الإنجليز على عرش فرنسا لحظة مضطربة. وقدم له الأمراء الألمان فروض الولاء وفكروا في تنصيبه إمبراطوراً. وقد نافس قيصر بصورة مجملة في وضع خطط المعارك، وإمداد جيوشه بالمئونة، وحب جنده له. وفي تعريض نفسه لجميع الوقائع والأجواء. ومات فجأة بالحمى في بوادي فنسن (1422) ولما يزل شاباً في الخامسة والثلاثين.
وأنقذ موته فرنسا، وكاد يقوض أركان إنجلترا. وربما كانت شيعته تغري، دافعي الضرائب بإنقاذ الحكومة من الإفلاس، ولكن ابنه هنري السادس كان، عند توليه العرش، في الشهر التاسع من عمره فقط، وكانت النتيجة السيئة أن أغرق نواب الملك الفاسدون والقادة غير الأكفاء، الخزانة في دين تعجز عن تسديده. كما كان الحاكم الجديد أقصر باعاً من الملك، فهو دارس دقيق عصبي المزاج شغوف بالدين والكتب، ترتعد فرائصه من فكرة الحرب، وندب الإنجليز حظهم العاثر الذي أفقدهم ملكاً وأكسبهم قديساً..
 
هل يمكن أن نمضي مخلفين وراءنا بعض مااوردناه عن حرب المائة عام بين انجلترا وفرنسا في القرن الخامس عشر بدون ان نتكلم عن الدسائس والمؤامرات والخيانات داخل البلاط الانجليزي
يبدو اننا سنفعل ذلك لاننا لو عرضنا هذه الامور سيطول بنا الامر
لكن ماهو غرضي من عرض نموذج الحرب هذه كما عرض حرب ال30 عام وحرب ال80 عام وماحدث فيها من مخازي بين الاوروبيين وذلك بعد ان اشتعلت حضارة الاسلام بالانوار داخل وخارج اوروبا(داخل أوروبا اسبانيا مثلا وحواضر الإسلام وصقلية)
يمكن ان يقول احد ونحن كانت عندنا ايضا حروب وانقسامات ومؤامرات وخيانات
واجابتي على ذلك هو اننا قبل ذلك واثناءه كنا نصنع حضارة علمية تنطلق من ديننا وليس متحررة من ديننا
وما وصل لأوروبا من منهجنا التجريبي ومبتكراتنا وطبنا ودواءنا وجمال بيئتنا كان في الأصل خارجا من إسلام تنزل ودين تمكن ودنيا زمنية أو سلطة زمنية كانت تقيم شريعتنا وتجتهد في الحكم وداخل السلطة العليا للإسلام،
ولذلك نقول إن الإسلام ساهم بإنجازاته العقلية والعلمية والتجريبية والطبية وغيرها في تمدين أوروبا ، ورغم همجيتها التي استمرت الى مابعد بعثة النبي قرونا طوالا إلا أنها خرجت منها رويدا رويدا بعلوم المسلمين كما أثبت ديورانت وغيره.
أما العلمانية أو التحرر من الدين فقد تم بحنق على الكنيسة الظالمة المظلمة وقد رأى العلمانيين يومذاك أنوار الإسلام فإستفادوا منها وأنكروه ذلك لعدة عوامل منها وراثتهم لأحقاد الكنيسة وتصوراتها عن النبي وعن الإسلام وعن رؤيته او حقائقه عن الكون(ديورانت نفسه وقع في هذا) ف الموروث المسيحي بقي في النفوس واستعمل في طرد الإسلام مع قبول منجراته!!!
وهذا يعني خيانة العلمانية الأولى للإسلام بل أخذها من الإسلام ما أفادها في صراعها مع الكنيسة وتطوير مجتمعاتها ثم لما شعرت بمرور الوقت بالتمكن مع التحلل الأخلاقي وتمكن رأس المال مع مواكبة عملية التحلل الجنسي والخلقي والقيمي قامت بوضع قواعد جديدة للحياة منها ماهو في صالح الانسان الغربي ومنها ماهو محطم له ومغيب له عن الوعي بحقائق ثمينة عن نفسه وعن الكون وعن غاية الوجود الإنساني ومفهوم الإسلام وما أمده للعالم من رؤية متكاملة شاملة عن الكون والحياة والإنسان، وهي الحقائق التي شوهت من العلمانيين العرب فرموا الإسلام نفسه بالتخلف والتعارض مع العلم وسبب الشقاء والحروب والهزائم
ومازالت أصداء هذه الإفتراءات ووطأتها متمكنة في الخطاب السياسي العلماني والخطابات العلمانية الداعمة أو المخالفة له.
ان هناك مجموعة ثمينة من الحقائق المخفية والمحجوبة والممنوعة ولو فتح الطريق لكشفها لتمكن المسلمون من اليقظة الحقيقية والإنتاج الحقيقي وتغيير العالم
للأحسن.
لكن يبدو أن العالم بما فيهم نحن لايريد أن يرى الحقيقة لأنها ضد مصالحه ومصالحنا الوهمية أو الفاسدة المفسدة للعمران.
وذلك لايمنع تقديم البيان وعرض الحقيقة التي حجبت من بعد سقوط الخلافة حتى من على منابر المسلمين.
انها حقيقة الإسلام الفريد الذي صنع حضارة فريدة من أصول منزلة على محمد النبي العربي القرشي المولود في مكة والذي تغير العالم برسالته المنزلة صلى الله عليه وسلم
ومعنى الصلاة الثناء
الثناء بإخراج حضارة لولاها لما تحررت شعوب وترفهت أمم بأصول الإسلام ونظرته للعالم ورؤيته الربانية في تسخير الكون ودراسته لصالح الإنسان وعمارة الكون البشري
وهو ماتحقق بالإسلام في الشرق والغرب وإن أنكر من أنكر.
ويبدو أن الحقائق المخفية تظهر تباعا في عصرنا ومن يوم كتب ديورانت قصة الحضارة ولوبون حضارة العرب ومونتجمري وات عن فضل الإسلام على حضارة الغرب ومن بعدهم زيغريد هونكه ومحمد اسد وموريس بوكاي ومراد هوفمان وجارودي وجيفري لانج وغيرهم
-
نموذج للحكام والملوك في انجلترا عند حرب المائة عام
وما كاد يجلس هنري الرابع على العرش، حتى تحدته الثورة. فلقد تخلص أوين جلن دُوير من السيطرة الإنجليزية في ويلز إلى حين (1401-1408)، ولكن هنري الذي أصبح فيما بعد الملك هنري الخامس، وكان يوم ذاك أمير ويلز، تغلب عليه بخطة عسكرية مباغتة، ومات أوين جلندوير، بعد لحظات من تبليغه العفو الكامل عنه، من المنتصر الشهم وذلك بعد أن أمضى ثماني سنوات مطارداً في حصون ويلز ونجادها. وقاد هنري برسي ايرل نورثمبرلند، بعض نبلاء الشمال في ثورة، أراد لها أن تساير في الزمن ثورة أوين جلندوير، ضد ملك لم يستطع أن يفي بالعهود التي قطعها لهم على نفسه، في مقابل معونتهم إياه على خلع رتشارد الثاني؛ وقاد هاري، الابن المستهتر للايرل، الملقب "بالمهماز الحاد" (وهو الذي صورة شكسبير شخصية محبوبة بلا مبرر) قوة عسكرية مترددة غير كافية ضد الملك في شروزبري (1403)، وهناك مات الفتى في بطولة حمقاء، وأبلى هنري الرابع في الصفوف الأولى من القتال بلاءً حسناً، وأطهر ابنه "أمير هل" المرح المتلاف شجاعة جديرة بالظفر بأجنكورت وفرنسا. ولم تترك هذه الثورات وغيرها من المتاعب لهنري إلا فسحة ضئيلة من الوقت أو الحماسة للسياسة، وكانت موارده أقل من نفقاته، كما اختلف بلا كياسة مع البرلمان، وختم ملكه بين الفوضى المالية وأصابته بمرض الجذام، وهبوط المستقيم والمرض التناسلي. قال هولنشد "إنه انتقل إلى جوار ربه في السادسة والأربعين من عمره.. في ارتباك عظيم ومتاع قليل".
وتذهب الروايات ويذهب شكسبير إلى أن هنري الخامس قد أمضى شباباً طليقاً ماجناً، وأنه تآمر للاستيلاء على العرش، حتى على أب، أقعده المرض وإن تشبث بالسلطان. ويكتفي المؤرخون المعاصرون بمجرد الإشارة إلى ملذاته، ولكنهم يؤكدون لنا، أنه بعد توليه العرش "تحول إلى رجل آخر، ودرس كيف يكون أميناً شجاعاً مهذباً". وهذا العابث مع السكارى والخليعات، يقف نفسه الآن، على قيادة عالم مسيحي موحد ضد الأتراك الزاحفين، وأضاف إلى ذلك أنه يجب أولاً أن يغزو فرنسا ولقد حقق غايته القريبة بسرعة مذهلة، وهكذا جلس أحد الملوك الإنجليز على عرش فرنسا لحظة مضطربة. وقدم له الأمراء الألمان فروض الولاء وفكروا في تنصيبه إمبراطوراً. وقد نافس قيصر بصورة مجملة في وضع خطط المعارك، وإمداد جيوشه بالمئونة، وحب جنده له. وفي تعريض نفسه لجميع الوقائع والأجواء. ومات فجأة بالحمى في بوادي فنسن (1422) ولما يزل شاباً في الخامسة والثلاثين.
وأنقذ موته فرنسا، وكاد يقوض أركان إنجلترا. وربما كانت شيعته تغري، دافعي الضرائب بإنقاذ الحكومة من الإفلاس، ولكن ابنه هنري السادس كان، عند توليه العرش، في الشهر التاسع من عمره فقط، وكانت النتيجة السيئة أن أغرق نواب الملك الفاسدون والقادة غير الأكفاء، الخزانة في دين تعجز عن تسديده. كما كان الحاكم الجديد أقصر باعاً من الملك، فهو دارس دقيق عصبي المزاج شغوف بالدين والكتب، ترتعد فرائصه من فكرة الحرب، وندب الإنجليز حظهم العاثر الذي أفقدهم ملكاً وأكسبهم قديساً.. وفي عام 1452 أصيب هنري السادس بالجنون على منوال شارل السادس ملك فرنسا. ووقع وزراؤه بعد عام واحد، صلحاً يعترف بهزيمة إنجلترا في حرب المائة عام. وحكم رتشارد، دوق يورك، عامين باعتباره حامياً للملك. وصرفه هنري عن منصبه (1454) في لحظة من لحظات التعقل، فادعى الدوق الغاضب، العرش لأنه من نسل إدوارد الثالث، واتهم الملوك من أسرة لانكستر بأنهم مغتصبون، وانظم سالسبوري ووروك وغيرهم من البارونات في حرب الوردتين-الوردة الحمراء تمثل آل لانكستر والبيضاء آل يورك-التي ظلت إحدى وثلاثين سنة (1454-1485) يتحرش فيها النبيل بالنبيل وكأنما تقدم الأرستقراطية الأنجلو نورماندية على انتحار متواصل، وتركت إنجلترا فقيرة ومنعزلة، وكان لا بد أن يسرح الجنود نتيجة لسلام غير مألوف لهم، فكرهوا أن يعودوا إلى زمر الفلاحين، وانظموا إلى كل من الفريقين، ونهبوا القرى والمدن، وقتلوا بلا وازع من ضمير كل من يقف في طريقهم. وقتل دوق يورك في موقعة عند ويكفيلد التي ذكرها جولد سمث في روايته المشهورة (1460)، ولكن ابنه إدوارد ايرل مارش، استمر في الحرب بلا رحمة، وذبح جميع الأسرى، المنتسبين وغير المنتسبين، بينما قادت مرجريت أميرة أنجو، والزوج العقيم لهنري الطيب، آل لانكستر في دفاعهم عن حوزتهم في وحشية لا تعترف بالحياء وانتصر مارش في توتن (1461)، فقضى بذلك على أسرة لانكستر الماكلة، وأصبح أول ملك من أسر يورك، وتلقب بإدوارد الرابع.
ولكن الرجل الذي حكم إنجلترا في واقع الأمر، السنوات الست التالية، هو رتشارد نيفيل، اريل وروك. وهو رأس عشيرة غنية كبيرة العد، وكانت له شخصية آسرة محببة، كما كان داهية في السياسة، بارعاً في الحرب، فإن الفضل إنما يرجع إلى "وروك صانع الملك" في الانتصار في توتن، وهو الذي أجلس إدوارد على العرش. ووقف الملك التي استراح من الصراع،
نفسه على النساء، في حين أحسن وروك الحكم حتى إن إنجلترا بأسرها جنوبي تاين وشرقي ستون (لأن مارجريت كانت لا تزال تحارب) أسبغت عليه جميع ألقاب التشريف ما عدا لقب الملك. ولما ثار إدوارد على الواقع وناصبه العداء، انظم وروك إلى مارجريت وطرد إدوارد من إنجلترا وأعاد هنري السادس إلى السلطة الإسمية (1470) وأخذ يحكم مرة أخرى. ولكن إدوارد نظم جيشاً بمعونة برجنديا. وعبر إلى هل، وهزم وروك وقتله في بارنت وهزم مارجريت في توكسبري (1471) وأمر بقتل هنري السادس في القلعة، وعاش سعيداً في آخر حياته بعد ذلك.
وكان إذ ذاك لا يزال في الواحدة والثلاثين من عمره. ولقد وصفه كومين بقولهِ "كان من أجمل رجال عصره، لا متعة له غير النساء والرقص والتسلية والقنص". ولقد أفعم خزانته بمصادرة ضياع آل نيفيل، وبقبول رشوة من الملك لويس الحادي عشر في مقابل الصلح معه مقدارها مائة وخمسة وعشرون ألف كراون مع وعد بخمسين ألفاً أخرى كل سنة. وبلغ من طمأنينته أن تجاهل البرلمان، الذي كانت فائدته بالنسبة إليه، الموافقة على ما يريد من المال. وأحس بالاستقرار، فاستسلم مرة أخرى للترف والخمول، ولبس الفاخر من الثياب، وأصبح سميناً مرحاً، ومات في الواحدة والأربعين من عمره، وقد بلغ أوج سلطانه واكتملت جوانب شخصيته (1483).
وخلف ولدين: إدوارد الخامس البالغ من العمر اثنتي عشرة سنة، ورتشارد، دوق يورك، في التاسعة. وكان عمهما رتشارد، دوق جلوسستر، خدم الدولة في السنوات الست التي خلت رئيساً للوزارة، في جد وورع وبراءة، حتى إنه لما نصب نفسه نائباً للملك، وافقت إنجلترا عليه بلا معارضة، على الرغم من أطرافه المشوهة وظهره المقوس وملامحه الجافية وكتفه اليسرى المرتفعة على كتفه اليمنى. وسواء أكان الباعث نشوة السلطان أو مجرد الشك في تدبير المؤامرات لخلعه، فإن رتشارد سجن عدداً من الأعيان، وأعدم أحدهم. وفي السادس من يوليو عام 1483 توج نفسه ملكاً باسم رتشارد الثالث، وفي الخامس من الشهر نفسه قتل الأميران الصغيران في القلعة، ولم يعرف أحد من الذي قتلهما. وثار النبلاء مرة أخرى، يقودهم في هذه المرة، هنري تيودور، ايرل رتشمند. ولما التقت قواتهم الصغيرة، بجيش الملك، المتفوق في العدد إلى حد كبير في بوسورث (1485)، رفض معظم جنود رتشارد القتال، ومات في مطاردة يائسة، مفتقراً إلى الملك وإلى جواد.. وانتهت بذلك أسرة يورك المالكة، وبدأ ايرل رتشمند، أسرة تيودور وتلقب بالملك هنري السابع، وهي الأسرة التي تنتهي بإليزابث.
ومارس هنري، تحت وطأة الضرورة، الفضائل والرذائل التي تصور له أن منصبه يتطلبها. ولقد رسم له هلبين صورة جدارية في هوايت هول يبدو فيها طويلاً، ممشوقاً لا لحية له، مفكراً عطوفاً. لا تكاد تنم ملامحه على التدبير الماكر الغامض، والكبرياء العبوس الثابتة، والعزيمة المرنة وإن كانت صلبة في مصابرتها، وهي الصفات التي نقلت إنجلترا من الانحلال والفقر، في عهد الملك هنري السادس، إلى الثروة والسلطة المركزة في عهد هنري الثامن. ويقول بيكون أنه كان يحب "ما تجلبه الخزائن المفعمة للناس من غبطة"، لأنه عرف قدرتها على الإقناع في السياسة. فبرع في فرض الضرائب على الأمة، واستنزف دماء الأغنياء بالصدقات والهدايا بالإكراه، واستغل الغرامات في شراهة لتكون مورداً لخزانته ورادعاً للجريمة، وكان يبتهج كلما رأى القضاة يلائمون بين الغرامة وبين جيب المحكوم عليه، لا بينها وبين المخالفة. وهو أول ملك إنجليزي منذ عام 1216 جعل نفقاته في حدود دخله، وصدقاته وهباته تخفف من وطأة شحه. ووقف نفسه بإخلاص على شؤون الإدارة، وقلل من ملاهيه ليستكمل عمله: وأظلم الشك الدائم حياته، ولم يكن ذلك بغير سبب، فلم يثق في أحد، وكان يخفي أغراضه، ويحقق أهدافه بوسائل مشروعة أو غير مشروعة. وأنشأ محكمة ستارتشمبر لمحاكمة النبلاء المشاغبين، الذين بلغ سلطانهم حداً يخشى منه على التأثير في القضاة المحليين والمحلفين. وذلك في جلسات سرية. واستطاع عاماً بعد عام أن يخضع الأرستقراطية المتخلفة، وطبقة رجال الدين الخائنة للملكية. وعارض بعض الأفراد الأقوياء، القضاء على الحرية وتعطيل البرلمان، ولكن الفلاحون صفحوا، عن ملك كبح جماح سادتهم، وأثنى الصناع والتجار عليه، لعمله الحكيم على النهوض بالصناعة والتجارة. ولقد وجد إنجلترا في فوضى إقطاعية، وحكومة جد فقيرة، لا سمعة لها بحيث تحصل على الطاعة والولاء، وخلف لهنري الثامن دولة محترمة منظمة، مؤتمنة موحدة وفي حالة سلم.(قصة الحضارة ج22ص191-196، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> إنجلترا في القرن الخامس عشر -> الملوك












:"
 
كم كان سن الزواج عند الانجليز وغيرهم في القرن الخامس عشر اي بعد الإسلام بتسعة قرون تقريبا(اليس كذلك؟) يااولاد يابتوع المدارس (للعلمانيين نوجه السؤال)؟؟؟؟
وعودة على نتائج حرب المائة عام
:"ويجب أن نذكر أن هذه السيدة نفسها، قد هشمت رأس ابنتها، عندما رفضت أن تتزوج من اختاره أبوها.
ونُشّئت البنات في حصانة رصينة واحتشام، لأن الرجال كانوا حيوانات مفترسة، وكانت العذرة عدة اقتصادية في سوق الزواج. ويعد الزواج حادثاً من أحداث تنقل المتاع. فالفتيات قد يتزوجن زواجاً شرعياً في سن الثانية عشرة، والصبيان في سن الرابعة عشرة، حتى بغير موافقة والديهم، ولكن الخطبة كانت تعد في الطبقات العليا تعديلاً للمعاملات المالية، بواسطة الآباء والأمهات، عقب بلوغ الأطفال السنة السابعة من العمر مباشرة. وما دام زواج الحب شاذاً، والطلاق محرماً، فقد شاع الزنا، وبخاصة في الطبقة الأرستقراطية. ويقول هولنشد: "لقد سادت هناك، الرذيلتان الوبيئتان السكر والزنا، مع الفحش البغيض، وبخاصة عند الملك" واختار إدوارد الرابع، بعد أن مر بتجارب عديدة في الحب، جين شور، لتكون الحظية الأثيرة لديه. وقد خدمته بإخلاص نزق، وأثبتت أنها صديقة رحيمة في البلاط لكثيرين من ذوي الحاجات. ولما مات إدوارد، أرغمها رتشارد الثالث أن تجوب شوارع لندن، في ثوب الندم الأبيض وربما كان ذلك استعراضاً لآثام أخيه، وإخفاء لآثامه هو؛ وعاشت حتى بلغت أرذل العمر، محتقرة من أولئك الذين ساعدتهم.
قصة الحضارة ج22 ص201، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> إنجلترا في القرن الخامس عشر -> الأخلاق والطباع
 
لاتقولوا لنا أن العلمانية هي التي طورت ومدنت فلم تكن العلمانية موجودة على الشكل الذي يدعونه اليوم، (إنها ظاهرة من ظواهر الصراع وليس أمر جاء من الخارج إلا أن يكون ماوصل للمثقفين والعلماء الغربيين من أنوار الإسلام موختلطا بالتحرر الفكري والخلقي والعبث بكل شئ يمكن العبث به!!) بل كانت هناك عوامل أدت إليها الآلة والعلم الذي أدخل المخترعات الإسلامية وتيسير الطب ودراسته هو وغيره من العلوم ونمت الإقتصاديات الجديدة وتوسعت تجارة أوروبا(مع حروب القرصنة الداخلية ومحاولة السيطرة أخيرا على بحر الشمال) وتطورت الصناعات وهاجر الناس أخيرا إلى المدن والمصانع الكبرى وأدى ذلك إلى المطالبة بالحقوق أو الثورات(التي كانت تمور بها أوروبا نتيجة التحولات الجديدة والإنقلاب على الإقطاع والملوك والجهل والفقر والجبن) !!!، وأبدع القلة من الأوروبيين في المزيد من المبتكرات والأجهزة والآلات كماأن الحروب قد أنهكتالناس جميعا(وهو مايحتاجه المصريون ليتربو إن يم يرحمهم الله بأمر غير ذلك ا!!) ، نعم كان هذا وذاك، كانت الحروب والفقر والمرض لكن كانت الفطرة البشرية والشوق الى الحرية يدفعان الشعوب الغربية إلى المطالبة بالحقوق بل وصنع الثورات قبل الثورة الفرنسية أو الإنجليزية، وكانت الآلة التي اختُرعت والاوضاع التي تغيرت تدفع الفلاحين والعمال الى الضغط بل كان أصحاب الأرضي والاقطاع يغيرون من أوضاعهم لما يجلب لهم من المال أعظم مما يجلبه رقيق الأرض لهم
يقول ديورانت:"من الواضح أن ثورة عام 1381 العظيمة لم تسفر عن كسب ما. فلم يزل الكثير من فروض العبودية يؤخذ قسراً، بل إن مجلس اللورادت قد رفض بعد ذلك بزمان، في عام 1537 قانوناً يقضي بالتحرير الكامل لعبيد الأرض. وازداد الضيق على "العامة"، وأصبح آلاف من رقيق الأرض المتحررين عمالاً يدويين في المدن لا يملكون شيئاً، وقال توماس مور، إن الأغنام كانت تأكل الفلاحين.. وكانت هذه الحركة طيبة من بعض الوجوه: فقد كانت الأغنام الراعية للكلأ، تسمد الأرض المشرفة على البوار, وما إن جاء عام 1500 حتى كان واحد في المائة من السكان فقط عبيد أرض. فنشأت طبقة من الفلاحين الملاك، الذين يزرعون أرضها بأنفسهم وهي التي منحت تدريجياً للرجل الإنجليزي العادي، الشخصية المستقلة القوية التي صهرت الكومنولث وكونت دستوراً غير مكتوب لحرية غير مسبوقة.
ولم يعد النظام الإقطاعي مجدياً، لأن الصناعة والتجارة ارتقيتا بحيث اتخذتا الطابع القومي، وتحولتا إلى اقتصاديات المال المنقول المرتبطة بالتجارة الخارجية. فحينما كان رقيق الأرض ينتج لسيده، لم يكن عنده إلا حافز ضئيل للتوسع أو الإقدام، ولكن عندما يستطيع الفلاح المتحرر والتاجر، أن يبيعا إتناجهما في السوق الحر، فإن الرغبة الملحة في الربح تبعث الحياة الاقتصادية في الأمة، وأخذت القرى ترسل مزيداً من الطعام إلى المدن، وتنتج المدن مزيداً من السلع للوفاء بثمن هذا الغذاء، هكذا تجاوز تبادل الفائض، حدود البلديات القديمة وقيود النقابات لتغمر إنجلترا، وتصل إلى ما وراء البحر.
وتحولت بعض النقابات إلى "شركات تجار" صرح الملك لها أن تبيع المنتجات الإنجليزية في الخارج. وكانت معظم التجارة الإنجليزية تحمل في القرن الرابع عشر على سفن إيطالية، أما الآن فإن البريطانيين يبنون سفنهم، ويسيرونها في بحر الشمال والساحل الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط. وقاوم تجار جنوه والاتحاد الهنسياتي، هؤلاء الوافدين الجدد، وحاربوهم بالقرصنة ومصدارة السفن، ولكن هنري السابع، اقتنع بأن تقدم إنجلترا يتطلب التجارة الخارجية، فوضع الملاحة الإنجليزية في حماية الحكومة، وأعد مع أمم أخرى، اتفاقيات تجارية، أقرت النظام والأمن البحريين. حتى إذا وافى عام 1500، كان "التجار المغامرون" في إنجلترا، يسيطرون على بحر الشمال. وكان الملك بعيد النظر فأوفد وهو يستشرف التجارة مع الصين واليابان الملاح الإيطالي جيوفاني كابوتو، الذي عاش إذ ذاك في بريستول باسم جون كابوت، ليبحث عن ممر شمالي عبر الأطلنطي (1497). وقنع كابوت، باكتشاف نيوفوندلاند، والساحل من التوسع الإمبراطوري البريطاني؛ وفتحت للتجارة الإنجليزية والمستعمرين البريطانيين، إقليماً يمكن أن يصبح على الأيام-القوة الخلاص لإنجلترا.
ودعّمت الرسوم الجمركية الوقائية، الصناعة القومية، وخفض النظام الاقتصادي، سعر الفائدة، تخفيضاً كبيراً بلغ 5% أحياناً، وقضى قانون هنري السابع (1490) بـ:
"على كل رئيس عمل أو عامل أن يكون في عمله، بين منتصف شهري مارس وسبتمبر، قبل الساعة الخامسة صباحاً، وله نصف ساعة فقط لتناول إفطار، وساعة ونصف لغذائه (في الظهيرة) وهو يستطيع النوم، إن وجد فسحة له في تلك الفترة.. وعليه ألا يترك عمله.. إلا بين الساعة السابعة والثامنة مساء..، وعلى كل رئيس عمل وعامل أن يكون في عمله عند انبلاج الصبح وذلك في منتصف سبتمبر إلى منتصف مارس، وألا يغادره إلا بمجيء الليل.. ولا يسمح لأحدهم بالنوم نهاراً".
ومع ذلك فإن العمال كانوا يستريحون ويشربون الخمر أيام الآحاد، إلى جانب إجازة أربع وعشرين يوماً في السنة. ووضعت الدولة أسعاراً عادلة "لكثير من السلع، وقد سمعنا عن اعتقالات حدثت، لتجاوز هذه الأسعار. وكانت الأجور الحقيقية، بالنسبة إلى الأسعار، أعلى بشكل واضح في أواخر القرن الخامس عشر، عما كانت عليه أوائل القرن التاسع عشر.
وأدى ضغط ثورات العمال في إنجلترا، إبان ذلك العصر إلى الحصول على حقوق سياسية والوقوع في أخطاء اقتصادية واستمرت دعوة شبيهة بالشيوعية في كل سنة تقريباً، وذكر العمال مراراً "بأنكم مخلوقون من نفس الطينة والمادة اللتين خلق منهما الأشراف، فلماذا أذن يتريضون ويلعبون، وأنتم تعملون وتكدحون؟-ولماذا يملكون الكثير جداً مما في هذا العالم من ثروات وكنوز، وأنتم تملكون أقل القليل؟" وكانت أعمال الشغب كثيرة، ضد التضييق على الأرض المشاع، كما قامت خلافات موسمية بين التجار والعمال، ولكننا نسمع أيضاً عن قلاقل من أجل الديمقراطية المحلية في المدن، وعن تمثيل العمال في البرلمان وعن تخفيض الضرائب.
وفي شهر يونيه عام 1450، سارت قوة منظمة كبيرة من الفلاحين وعمال المدن إلى لندن، وعسكرت في بلاك هيث. وعرض زعيمهم جاك كيد ظلامتهم، في وثيقة منظمة "إن جميع الناس من العامة، لا يستطيعون أن يعيشوا من كد أيديهم وفلاحتهم، بسبب الضرائب والمغارم وغيرها من المظالم". ولا بد أن يلغى هذا الدستور العمالي، وأن تتألف وزارة جديدة. فاتهمت الحكومة زعيمهم كيد بالدعوة إلى الشيوعية .
والتقى جنود هنري السادس، وأتباع بعض النبلاء، بجيش الثوار في سنفوكس (18 يونيه سنة 1450) ومما أثار دهشة الجميع أن الثوار انتصروا وتدفقوا إلى لندن. وأمر مجلس الملك تهدئة لخواطرهم باعتقال لورد ساي ووليم كرومر، وهما موظفان مكروهان لابتزازهما الأموال وطغيانهما. وفي الرابع من يوليه، سلما إلى الغوغاء الذين حاصروا القلعة، فحاكمهما الثوار، وقد رفضا الدفاع عن نفسيهما وأعدما. ويقول هولنشد: إن الرأسين رفعا على قضيبين، وحملا عبر الطرقات في موكب مرح، وكان فم كل منهما يصفع بقبلة دامية، بين حين وآخر. وتفاوض كبير أساقفة كانتربري وأسقف ونشستر للصلح، الذي منح بعض المطالب ووعد بالعفو العام. ووافق الثوار وتفرقوا. ومع ذلك فقد هاجم جاك كيد قلعة كوينز بورد في شيبي، فاعتبرته الحكومة خارجاً على القانون، وأصيب بجرح مميت وهو يقاوم اعتقاله وذلك في الثاني عشر من يوليه. وحكم على ثمانية من المتواطئين معه بالإعدام وعفا الملك عن الباقين، فابتهج كلفة رعاياه ابتهاجاً عظيماً".
قصة الحضارة ج22 ص196-199، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> إنجلترا في القرن الخامس عشر -> نمو الثروة الإنجليزية
 
فنادق انجلترا... قذارتها تزدحم فيها الصراصير والفئران والبراغيث. ويجد كل رجل منهم بائعة هوى
أخلاق وحياة الإنجليز بعد حرب المائة عام؟؟
:"ولم يحدث في التاريخ المعروف إطلاقاً أن شعباً كان يماثل الإنجليز (الذين يتشبثون بالقانون اليوم) في استهتارهم إذ ذاك بالقانون إلى حد بعيد. ولقد جعلت الحرب المائة سنة الناس قساة مستهترين، واستمر النبلاء بعد عودتهم من فرنسا، يحاربون في إنجلترا، واستخدموا جنوداً مسرحين في منازعاتهم. وشارك أبناء الطبقة العليا، التجار الجشعين الذين داسوا كل فضيلة للحصول على المال. وكانت السرقات لا تحصى. وباع التجار الرديء من السلع واصطنعوا الزائف من الموازين، وكاد التدليس في نوع الصادرات ومقدارها يقضي على تجارة إنجلترا الخارجية، في فترة من الفترات. واستغلت التجارة في البحار القرصنة، وكانت الرشوة عامة أو تكاد: وقلما يحكم القضاة دون أن يحصلوا على "هدايا"، وكان جباة الضرائب يرشون، تيسيراً للتخلص منها، ويطلب إلى الضباط المجندين مثل فولستاف الذي صوره شكسبير، أن يتغاضوا عن مدينة من المدن، فقد استطاع الأعداء، أن يشتروا جيشاً إنجليزياً، كان يغزو فرنسا، واشتد جشع الناس للمال وقتذاك إلى حد الجنون كما هو الآن، وأنكر شعراء مثل تشوسر الجشع في شعرهم، ولنهم مارسوه في واقع حياتهم وكان من الممكن أن يتقوض الكيان الأخلاقي للأمة، لولا أن أسسه قد دعمتها حياة البساطة التي اتسم بها الرجل والمرأة في الطبقة العامة، ففي الوقت الذي كان فيه من هم أفضل منهم، يدبرون الحروب والشرور لذلك العصر، احتفظ هؤلاء العامة بالحياة المنزلية وحافظوا على الجنس... واحتفظ الملوك والنبلاء بالمشعوذين والمضحكين والمهرجين، وكان الملك أو الملكة يعينان من يشرف على ألعاب ومشاهد عيد الميلاد، ومنحوه لقب لورد.والنساء يخالطن الرجال في حرية في كل مكان. يحتسين الخمر في الحانات، يركبن وراء كلاب الصيد، ويصدن الصقور، ويصرفن لمشاهدين عن المتصارعين في بعض الدورات، وهن اللائى قادتهن الملكة للتحكيم في رمي الأطواق ومنح التاج الذهبي. وكانت الرحلة لا تزال مجهدة، وكلن ما من أحد استقر في داره، على ما يبدو-وذلك من مساوئ الزواج من واحدة. والطرق موحلة أو متربة، ولم يميز اللصوص بين عنصر جنس وطبقة أو مهنة. والفنادق بهيجة المنظر على الرغم من قذارتها تزدحم فيها الصراصير والفئران والبراغيث. ويجد كل رجل منهم بائعة هوى، وقلما تجد الفضيلة مخدعاً صالحاً لها هناك. يذهب الفقراء راجلين والأوساط على صهوات الخيل، في جموع مسلحة عادة، ويستعمل الأغنياء عربات، تجرها خيول مطهمة، ونسب ابتكارها إلى رجل مجري في قرية كوكر من أبناء القرن الخامس عشر. وكانت عربات اللوردات مزينة بالنقوش البارزة وموشاة ومذهبة، لها حشيات وستائر وبسط، ومع ذلك فقد كانت أقل راحة من ظهور الإبل، وكانت تترنح كمركب صيد بشراع واحد. ولم تكن السفن خيراً مما كانت عليه في العصر القديم، ولعلها أسوأ حالاً، وأخذت السفينة التي جاءت بالملك جون من بوردو، إلى لندن عام 1357 اثني عشر يوماً.
وانتشرت الجرائم وبلغت المدن من الفقر حداً لا تستطيع معه، إلا أن تستخدم شرطة من المتطوعين غير المأجورين. ولكنه الذكور كان يطلب إليهم جميعاً أن يسهموا في "ملاحقة" مجرم هارب، وكان يبحث عن الموانع في الحكومات الصارمة من أجل القلة الذين يقبض عليهم، وكانت عقوبة السطو الاختلاس والحريق العمد وانتهاك حرمة المعابد المقدسة، كعقوبة القتل والتآمر، وهي الشنق على أقرب شجرة وتترك الجثة ردعاً للآخرين وطعمة الغربان. وانتشر التعذيب-كلل من المتهم والشهود-إبان حكم إدوارد الرابع، واستمر مائتي سنة. وكثر المحامون.
وقد يكون حكمنا على هذا العصر ممعناً في القسوة، متغافلين عن فظائع قرننا المتحضر. ولقد كان سير جون فورتسكيو القوام على العدالة في عهد الملك هنري السادس، أحسن ظناً بعصره، وكتب تمجيداً له مصنفين اشتهر في وقت من الأوقات. وفي محاورة امتدح قوانين إنجلترا. ومجد صحة المحاكمة بواسطة المحلقين، ونعى التعذيب، وكان مثاله، مثل الآلاف الفلاسفة، في تحذير الأمراء الذين يجدر بهم أن يكونوا خدام الشعب المعتصمين بالقانون. ولقد وازن في كتبه "الملكية" أو "حكومة إنجلترا" بين فرنسا وإنجلترا على أساس من العطفة الوطنية: فالناس من فرنسا قد يحكم عليهم بغير محاكمة علنية: وقلما يدعى مجلس الولايات للاجتماع. والملك يفرض الضرائب على الحاجات الضرورية كالملح والخمر. وبعد أن بالغ في تمجيد بلاده على هذا النحو، ختم السير جون كلامه بقوله إن جميع الحكومات، يجب عليها أن تخضع البابا ولو أدى ذلك إلى تقبيل قدميه.
قصة الحضارة ج22 ص201-202، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> إنجلترا في القرن الخامس عشر -> الأخلاق والطباع
 
قساوسة انجلترا يحرقون اخوانهم
:"وطالب أساقفة إنجلترا عام 1397، الملك بإعدام الهراطقة المتعمدين "أسوة بجميع الممالك الخاضعة للدين المسيحي". ولكن رتشارد الثاني، كره أن يسايرهم إلى هذا المدى، ومع ذلك فقد أصدر هنري الرابع وبرلمانه عام 1401 المرسوم المشهور بحرق جميع الأشخاص الذين تحكم عليهم إحدى المحاكم الدينية بأهم هراطقة بالإصرار، وتباد جميع كتب الهرطقة. وفي العام نفسه، أحرق وليام سوتري، وهو قسيس على مذهب اللولارد، بعد أن شد إلى القائمة الخاصة بالإحراق. وقبض على غيره من أنصار المذهب نفسه، وأجبروا على تغيير آرائهم وعوملوا برفق. وقدم أمير ويلز، إلى هنري الرابع عام 1406، عريضة تقضي بأن دعوة اللولارد، وهجومهم على أملاك الأديرة يهددان كيان المجتمع بأسره. وأمر الملك بزيادة التشدد في محاكمة الهراطقة. ولكن انغماس الأساقفة في سياسة البابوية، جرف نشاطهم، عن الهرطقة والهراطقة إلى حين. وفي عام 1410 أدانت الكنيسة جون بادبي، وهو خياط لولاردي، وأحرق في سوق سمثفيلد. وقبل أن تشعل المحرقة، رجا الأمير هال، بادبي، أن يرجع عن آرائه، وأن يمنح في مقابل ذلك الحياة والمال، فأبى الرجل، وارتقى المحرقة حيث لقي الموت.
وجلس الأمير على العرش عام 1413 باسم هنري الخامس ومنح تأييده الكامل لسياسة القمع. وكان أحد أصدقائه هو سير جون ألد كاسل لورد كوبهام، وهو الذي رأى نظارة مسرحيات شكسبير، بعد ذلك، أنه عين فلستاف. ولقد أبلى ألد كاسل البلاء الحسن في الحرب في سبيل الأمة، ولكنه تسامح مع دعاة اللولارد، وبسط عليهم حمايته في ضياعه بهير فوردشاير وكنت. وطالب الأساقفة بمحاكمته ثلاث مرات، وأبى حضور المحاكمة ثلاثاً، ولكنه استسلم بناءً على دعوة مكتوبة من الملك، وقتل أمام الأساقفة (1413) في نفس الموضع من كنيسة سانت بول، حيث حوكم، ويكلف قبل ذلك بست وثلاثين سنة. وأكد اعتقاده السابق في المسيحية، ولكنه لم يقبل التخلي عن آراء اللولارد في الاعتراف أو القربان. فأدين بالهرطقة، وسجن في برج لندن، وأعطي مهلة أربعين يوماً، على أن يعود عن هذه الآراء، ولكنه بدلاً من ذلك، فر هارباً. وما أن بلغ اللولارد الذين كانوا حول لندن، خبر فراره، حتى جهروا بالثورة، وحاولوا أن يقبضوا على الملك (1414). وفشلت المحاولة، وقبض على بعض الزعماء وأعدموا. واختفى الكاسل، ثلاث سنوات في جبال هيرفورشاير وويلز، ثم قبض عليه آخر الأمر، وأعدم بتهمة الخيانة، ثم أحرق بتهمة الهرطقة (1417)، لأن الدولة والكنيسة طالبت كل منهما بحقها. ونحن إذا قسنا اضطهاد اللولارد إلى غيرهم، نرى أنه كان معتدلاً، وبلغ عدد الذين أعدموا أحد عشر رجلاً بين عامي 1400، 1485. ولقد سمعنا عن طوائف من اللولارد عاشت إلى عام 1521، وفي سنة متأخرة هي سنة 1518، قتل توماس جان على المحرقة، وهو الذي زعم أنه حول سبعمائة شخص إلى المذهب اللولاردي، وأحرق ستة آخرون عام 1521.
قصة الحضارة ج22 ص208،209، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> إنجلترا في القرن الخامس عشر -> اللو لارد
 
أول مطبعة إنجليزية إبان القرن الخامس عشر
:"والحادث الأدبي العظيم في إنجلترا إبان القرن الخامس عشر، إنما هو إنشاء أول مطبعة إنجليزية. ولقد هاجر وليم كاكستون، المولود في كنت إلى بروجس للتجارة. وترجم في أوقات فراغه عن الفرنسية، مجموعة من القصص الخيالي الفرنسي. وطلب أصدقاؤه نسخاً من هذه المجموعة، فكان ينسخها لهم بنفسه، ولكنه يخبرنا بأن يده "كلت ولم تعد تستطيع الكتابة الكثيرة بسرعة". وعشيت عيناه من النظر الطويل على الورق الأبيض. ولعله رأى في زياراته إلى كولونيا، إنشاء المطبعة هناك (1466) على يد أولرتش زل، الذي تعلم هذا الفن الجديد في مينز. وأسس في أيام 1471 كولاردمانسيون، مطبعة في بروج ولجأ كاكستون إليها، باعتبارها وسيلة لإخراج نسخ كثيرة من ترجمته. وفي عام 1476 عاد إلى إنجلترا وأنشأ بعد ذلك بسنة في وستمنستر الحروف-ولعلها المطابع-التي أحضرها معه من بروج. وكان قد بلغ إذ ذاك الخامسة والخمسين من عمره، ولم يبقَ له من حياته سوى خمس عشرة سنة، بيد أنه طبع في هذه الفترة ثمانية وتسعين كتاباً، ترجم أكثرها بنفسه عن اللاتينية أو الفرنسية. وكان لاختياره عنوان كتبه، ولأسلوب مقدماته الطريف الخلاب، طابع لا يمحى على الأدب الإنجليزي. ولما توفي (1491) تابع زميله الإلزاسي وينكين دي ورد هذه الثورة.
ولقد حقق كاكستون ونشر عام 1485 نصاً من أروع نصوص النثر الإنجليزي وهو-التاريخ الشريف للملك ارثر وعدد معين من فرسانه. وكان مؤلفها العجيب قد مات وربما كان ذلك في السجن-قبل ذلك بحوالي ست عشرة سنة. فلقد خدم السير توماس مالوري، في حرب المائة سنة
قصة الحضارةج22 ص216، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> إنجلترا في القرن الخامس عشر -> كاكستون ومالوري
 
40 في المية من الشعب الإنجليزي فقط يستطيعون القراءة
:"ورأى السير توماس مور: في مطلع القرن السادس عشر أن أربعين في المائة من الشعب الإنجليزي فقط يستطيعون القراءة. وكانت الكنيسة، والجامعات التي تسيطر عليها، هي التي ترعى الدارسين وحدها. وإلى إنجلترا يرجع الفضل في أن رجالاً أمثال جروسيني وليناكر ولانيمير وكوليت: استطاعوا، في هذه الظروف، وتحت وطأة الحرب المدمرة الضارية، أن يقتبسوا من الشعلة الإيطالية: وأن يحملوا قدراً كافياً من ضوئها وحرارتها إلى إنجلترا، فيجعل ذلك رجلاً مثل أرازمس الحكم الفيصل في الأدب يشعر بأنه في وطنه عندما هبط الجزيرة عام 1499.
قصة الحضارة ج22 ص219، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> إنجلترا في القرن الخامس عشر -> الإنسانيون الإنجليز
 
هولندا(قدمت في مجلدات القرن السادس عشر ومنتصف القرن الخامس عشر تقريبا كيف كانت هولندا منقسمة على نفسها بفعل الاستعمار الفرنسي وغيره وكيف كانوا يقتلون بعضهم بعضا وبصورة بشعة)
لكن دعونا هنا نتكلم عن السدود والفن وقراءة الكتب والنساء!
:"ولقد بقيت الحياة في هولندة بفضل السدود، التي ينبغي أن يعاد بناؤها مراراً، وقد تنهار في أي وقت، ولقد اختل بعضها عام 1470 فأغرق عشرين ألفاً من السكان. وكانت الصناعة الرئيسية الوحيدة هي صيد سمك الرنجة وتجفيفها. وأخرجت هولندة كثيرين من أشهر المصورين في ذلك العصر، ولكنها كانت أفقر من أن تحتفظ بهم، فهاجروا جميعاً إلى فلاندرز ما عدا جيرتجن الذي شرب نحب سنت جانز.
وهناك، حتى في المدينة الآفلة، كان الأغنياء من نواب المقاطعات يرتدون الملابس الفاخرة، ويسكنون بيوتاً من الآجر المتين بها أساس فخم-علقوا على جدرانها حوراً على النسيج من أراس وبروكسل، وزودوها بآنية متلألئة من النحاس الأصفر من دينان...وسمحوا لنسائهم بقراءة الكتب. وربما كانت نزعتهم الدنيوية، هي التي حفزت فن التصوير الفلمنكي، في الفترة الثانية من ازدهاره، إلى التركيز على الواقعية والمناظر الطبيعية حتى في الصور الدينية، والبحث عن موضوعات جديدة في الدور والحقول
قصة الحضارة ج22 ص241-242، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> حادثة في برجنديا -> الفن في الأراضي الواطئة
 
التحولات والثورات والتقدم للامام
:"وسنتأمل لحظة أوربا الوسطى باعتبارها وحدة على هذا الأساس.
فقد كان الشغل الشاغل للإنسان في اسكنديناوه، أن يقهر البرد، وفي هولنده أن يتغلب على البحر، وفي ألمانيا الغابات وفي النمسا الجبال، وتوقف مصير الزراعة وهي أساس الحياة على مدى الانتصارات. وما ـن جاء عام 1300 حتى كانت دورات المحاصيل قد أصبحت عامة في أوربا مضاعفة غلة الأرض. ولكن سكان أوربا الوسطى بين عامي 1347، 1381، قد هلكوا بالطاعون، فعطل موت الفلس خصوبة الأرض. ولقد فقدت ستراسبورج في عام واحد 14.000 نسمة وكراكاً و20.000 وبرسلو 30.000. ولبثت مناجم "هارز" بلا عمال قرناً من الزمان. وواصل الناس الأعمال القديمة معتمدين على صبر الحيوان الأعجم، في حفر الأرض وحرثها. وتوسعت السويد وألمانيا في استخراج الحديد والنحاس، كما كان الغ يستخرج من آخن ودرتمند من سكسونياه والقصدير من هارز والفضة من السويد والبترول والذهب من كارنثيا وترانسلفانيا.
وعمل هذا الفيض من المعادن على تغذية الصناعة النامية التي غدت بدورها تجارة رائجة. وكانت ألمانيا إماماً في التعديل فأصبحت بطبيعة الحال، رائدة في علم المعاد. وظهرت أفران صهر المعادن هنالك في القرن الرابع عشر، فغير تشغيل المعدن بمساعدة المطرقة المائية والطاحونة الدوارة وغدت نورمبرج، عاصمة تجار الحديد واشتهرت بموقعها وأجراسها. وجعلت التجارة والصناعة نورمبرج واجزبرج ومنير وسبير وكلونيا، ومدنا ذوات حكومة مستقلة تقريباً. وبوأت أنهار الرين ومين ولش والدانوب، مدن ألمانيا الجنوبية، وكان الصدارة في المواصلات البرية، مع إيطاليا والشرق. ونشأت بيوت تجارية ومالية، لها أسواق وعملاء إلى مدى بعيد، على طول هذه الطرق، وتوقفت في القرن الخامس عشر على الحلف الهنسياتي اتساعاً وقوة. وكان هذا الحلف لا يزال قوياً في القرن الرابع عشر. مسيطراً على التجارة في مجرى الشمال والبلطيق، ولكن الأقاليم الاسكنديناوية اتحدت عام 1397 لتحطيم الاحتكار، وسرعان ما بدأ الإنجليز والهولنديون بعد ذلك ينقلون سلعهم بأنفسهم. بل إن سمك الرنجة قد تآمر على الهانس، إذ قرر أن يتكاثر في بحر الشمال، بدلاً من البلطيق، ففقدت لوبك وهي من عمد الحلف تجارة الرنجة وأفل نجمها، وغنمت أمستردام هذه التجارة وازدهرت.
وغليت مراجل حرب الطبقات تحت هذا التطور الاقتصادي-بين الريف والمدينة وبين السلدة لملاكك وعبيد الأرض والنبلاء ورجال الأعمال وبين الغرف التجارية ونقابات العمال بين الرأسماليين والصناع وبين الكهنوت والعلمانيين وبين الكنيسة والدولة. وكان رق الأرض في السويد والنرويج وسويسرا أخذا في الزوال بالفعل، ولكنه اتخذ حياة جديدة في المناطق الأخرى من أوربا الوسطى، أما في الدنمارك وبروسيا وسيليزيا وبوميرينا وبرندنبرج، حيث نال الفلاحون حريتهم بتمهيد البراري للزراعة، فقد أعيد رق الأرض في القرن الخامس عشر علي يد أرستقراطية عسكرية، ونحن نستطيع أن ندرك مدى الفظاظة التي اتسم بها هؤلاء الفتيان النبلاء الألمان من مثل سائر ردده فلاحو برندنبرج، وهو يدعو بطول البقاء لجياد السيد الملك، حتى لا يحل العبيد محلها في الركوب. وقنع البارونات والفرسان التيوتون، في أراضي البلطيق أول الأمر، باسترقاق أهل البلاد التي غزوها الصقالبة، وحملهم، نقص الأيدي العاملة بسبب الطاعون والحرب البولندية عام 1409، على أن يسترقوا جميع "الكسالى الذين يتسكعون في الطرق أو في المدن"، وعقدت المعاهدات مع الحكومات المجاورة بشأن تسليم الهاربي من رقيق الأرض. وقرب الأباطرة ، الطبقة البرجوازية التجارية، لتجد من غلواء البارونات، فحكم هؤلاء التجار البلديات تماماً، حتى صارت دار البلدية في كثير من الأحيان، هي بعينها الغرفة التجارية. وضعف سلطان النقابات المهنية وأخضعت للقواعد التي تضعها المجالس البلدية تحديداً للأجور، ومنعت من العمل المشترك، وتحول العمال الحاذقون للمهن، المعتزون بخبرتهم، هنا، كما حدث في إنجلترا وفرنسا إلى عمال يدويين بلا حول ولا قوة. وحلول العمال الثورة حيناً بعد حين. وفي عام 1348 استولى عمال مدينة نورمبرج على المجلس البلدي وحكموا المدينة مدة عام، ولكن جنود الإمبراطور أعادوا التجار الأشراف إلى السلطة. وصدر في بروسيا عام 1358 مرسوم يقضي بصلم أذن، كل عامل يضرب عن العمل. واندلعت ثورات الفلاحين في الدنمرك (1340، 1441)، وسكسونيا وسيلزيا برندنبرج وأراضي الرين (1432) والنويج والسويد (1424)، ولكن هذه الثورات كانت منحلة العرى في التنظيم فلم ينتج عنها غير أعمال عنف عارضة. وانتشرت الأفكار الثورية في المدن والقرى. ولقد كتب عام 1478 متطرف مجهول، رسالة يعرض فيها "إصلاحاً يقوم به القيصر سيجيسموند" وهو شخصية خيالية، ذلك على أسس اشتراكية. وهكذا مهد المسرح ببطء لحرب الفلاحين عام 1525.
قصة الحضارة ج22 ص253-256، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> أوروبا الوسطى -> الأرض والعمل
 
صناعة الورق... وهجرة العلوم-هل تتذكر كلامك ياديورانت- وانتقالها وتعلم الاوروبيين في حواضر الإسلام الغربية وصرخة ألفارو-هل تتذكر ياديورانت)
أوروبا تتعلم...والإسلام في مقدمة المعلمين الكبار!
"ولقد أحضر المسلمون صناعة الورق إلى أسبانيا في القرن العاشر، وإلى صقلية في القرن الثاني عشر، وانتقلت إلى إيطاليا في الثالث عشر، وإلى فرنسا في الرابع عشر، وكانت صناعة الورق قد بلغ عمرها قرناً من الزمان عندما جاءت الطباعة.
:"ما الذي وضع نهاية للعصور الوسطى؟ أسباب كثيرة أخذت تعمل حلال ثلاثة قرون: فشل الحروب الصليبية، وزيادة معرفة أوربا الناهضة بالإسلام، والاستيلاء على القسطنطينية، وبعث الثقافة الكلاسية الوثنية، وانتشار التجارة بفضل رحلات أسطول هنري الملاح وكلولمبس وفاسكو دا جاما، ونشأة الطبقة التجارية التي مولت مركزية الحكومة الملكية، وتقدم الدولة القومية، متحدية سلطة الباباوات التي تعلو على القومية، وثورة لوثر الموفقة في وجه البابوية، والطباعة. ولقد كان التعليم كله تقريباً، قبل جوتنبرج، في يد الكنيسة...وكانت الكتب باهظة الثمن، والنسخ مجهداّ وغير معتنى به أحياناً. واستطاع قليل من الكتاب الاتصال بجمهور كبير ولكن بعد وفاتهم، وكان عليهم أن يكسبوا عيشهم من التعليم، أو الانخراط بفرقة من فرق الرهبان، أو بمعاش يجريه الأغنياء أو صدقات يحصلون عليها من الكنيسة. ويدفع ناشرو كتبهم، النزر اليسير لهم، أولاً يدفعون لهم شيئاً على الإطلاق، بل إذا وجد ناشر يدفع لهم، فإن حق الطبع لم يكن مكفولاً لهم، إلا بمنحة بابوية بين حين وآخر. وكانت المكتبات كثيرة، وأن تكن صغيرة، وكانت الأديرة والكاتدرائيات والكليات وبعض المدن مجموعات متواضعة قلما تزيد على ثلثمائة مجلد، وحفظت الكتب عادة داخل الجدران، وربط بعضها بالسلاسل في المقارئ أو الأدراج. وكان لشارل الخامس ملك فرنسا مكتبة مشهورة بحجمها-910 مجلدات، ولهمفري، دوق جلوسستر 600 مجلد، وربما كانت مكتبة الدير بكنسية السيد المسيح في كنتربري، تضارع في الكبر أي مكتبة خارج حدود الإسلام، وضمت 3.000 مجلد، عام 1300. وكانت خير مكتبة عامة في إنجلترا هي مكتبة ريتشارد دي بوري سانت ادموندز، الذي سجل غرامة بكتبه في رسالة "حب الكتب" (1345)، وجعل هذه الكتب تشكو من سوء المعاملة التي لقيتها من "ذلك الحيوان من ذوات الساقين الاثنين المسمى امرأة"، الذي أصر على أن تستبدل بها التيل الرقيق أو الحرير.
وزاد الطلب على الكتب بكثرة المدارس وانتشار القراءة ورأت طبقات رجال الأعمال، القراءة مفيدة في شئون الصناعة والتجارة، وفر نساء الطبقتين الوسطى والعليا، بواسطة القراءة، إلى عالم الخيال، يستعضن به عن دنيا الواقع، وما إن جاء عام 1300 حتى كان الوقت الذي لا يستطيع فيه القراءة غير رجال الدين قد ولى أو كاد، وأدى هذا الإقبال المتزايد إلى ظهور جوتنبرج أكثر من أي شيء آخر، حتى عن زيادة مقدار الورق وظهور مداد زيتي. ولقد أحضر المسلمون صناعة الورق إلى أسبانيا في القرن العاشر، وإلى صقلية في القرن الثاني عشر، وانتقلت إلى إيطاليا في الثالث عشر، وإلى فرنسا في الرابع عشر، وكانت صناعة الورق قد بلغ عمرها قرناً من الزمان عندما جاءت الطباعة. ولما صار ارتداء التيل مألوفاً في أوربا في القرن الرابع عشر، اتخذت صناعة الورق مادتها الرخيصة من خرقه المنبوذة، فهبط سعر الورق وتهاونت سهولة الحصول عليه مع انتشار القراءة، على تقديم مادة الكتب المطبوعة وتسويقها... وظهرت الطباعة الحجرية في تبريز عام 1294، وفي مصر حوالي 1300، ولكن المسلمين فضلوا النسخ بالخط على الطباعة، ولم يعملوا في هذه الحالة، كما في أحوال كثيرة أخرى، على نقل(!!!) التقدم الثقافي من الشرق إلى الغرب...أما في أوربا فربما ظهرت الطباعة بالحروف المتحركة في هولندة أولاً. وهي ليست قبل عام 1569، طبقاً للروايات الهولندية. وطبع لورنس البارلمي، كتيباً في الدين بالحروف المعدنية المتحركة عام 1430، بيد أن هذا الشاهد غير محقق. ولم يسمع شيء غير ذلك في هولندة، عن الحروف المتحركة، حتى عام 1473، عندما أقام ألماني من كولونيا، مطبعةفي أترخت. ولكن هؤلاء الرجال كانوا قد تعلموا فن الطباعة في منيز.
وولد جوهان جوتنبرج هناك لأسرة ثرية حوالي عام 1400 واسم أبيه جتر فليش ومعناه لحم الأوزة، وآثر جوهان لقب أمه. وعاش معظم سنواته الأربعين الأولى في ستراسبورج، وبيد أنه قام هناك بتجارب في قطع الحروف المعدنية وصبها. وأصبح حوالي عام 1448 مواطناً في مينز. وفي الثاني والعشرين من أغسطس عام 1450 تعاقد مع جوهان فست، وهو صائغ غني، رهن له بمقتضى ذلك العقد، مطبعته في مقابل دين مقداره 800 جلدر، بلغ بعد ذلك 1.600 جلدر "وربما كان جوتنبرج هو الذي طبع صك غفران، أصدره نيقولا الخامس عام 1451، ولا تزال باقية منه نسخ متعددة، تحمل أقدم تاريخ طبع وهو عام 1454. وقاضى فست جوتنبرج مطالباً إياه بسداد الدين عام 1455، فعجز عن الوفاء وتنازل عن مطبعته. واستمر فست في إدارة المؤسسة مع بيتر سكوفر، الذي استخدمه جوتنبرج صفاً للحروف. ويعتقد البعض أن سكوفر هو الذي طور وقت ذاك، الأدوات الجديدة وفن الطباعة: "مِجْوب" جامد في الصلب المنقوش لكل حرف ورقم وفاصلة، وبيت معدني لتلقي المجاوب، وقالب معدني أيضاً لصف البيوت والحروف في سطر.
وفي عام 1456، أقام جوتنبرج، بمال اقترضه مطبعة أخرى، ومنها أصدر، في تلك السنة أو التي تليها، ما اعتبر بصفة عامة أول كتاب له، مطبوع بالحروف المعدنية المتحركة، وهو النسخة المشهورة الجميلة المنسوبة لجوتنبرج من الكتاب المقدس-وهي مجلد ضخم في 1.282 صحيفة من القطع الكبير على عمودين. وفي عام 1462 حاصرت جنود أدولف أمير ناسو، مدينة مينز، ففر الطباعون، فنشروا بذلك الفن الجديد، في أنحاء ألمانيا. ولما جاء عام 1463 كان هناك طباعون في ستراسبورج وكولونيا وبازل وأوجزبرج ونورمبرج وإلم. وأما جوتنبرج، وكان أحد الفارين، فقد أقام في إلتفيل، حيث واصل طباعته. وجاهد الأزمات المالية المتلاحقة، حتى تصدق عليه أدولف (1465) بمنحه تضمن له دخلاً يحميه غوائل الدين. ومات بعد ذلك بثلاث سنوات.
وليس من شك في أن حروف الطبع المتحركة، كان لا بد أن تظهر على يد غير جوتنبرج لو لم يولد، إذ دعت إليها، حاجة العصر الملحة، وهذا يصدق على معظم المخترعات. ولقد كتب جويوم فيشيه الباريسي، وهو من أهل باريس عام 1470، رسالة يعبر فيها عن الترحيب الحماسي الذي قوبل به الاختراع وهو يقول: "لقد اكتشف في ألمانيا طريقة جديدة مدهشة لإنتاج الكتب، ولقد حصل حذاقها فنهم، في مينز ومنها نشروه في العالم...ولسوف ينتشر نور هذا الاكتشاف من ألمانيا، حتى يعم جميع أنحاء الأرض. ولم يرحب به كل الناس. فقد احتج النساخون بأن الطباعة ستقضي على أسباب معاشهم، وعارضته الطبقة العليا بحجة أنه ابتذال آلي، وخشوا أن يقلل من قيمة مكتباتهم الخطية، وارتاب فيه رجال السياسة والدين لاحتمال أن تصبح الطباعة محلية سهلة للآراء الهدامة. ومع هذا كله فقد شقت لنفسها طريق النصر. وفي عام 1464 أقام الألمان مطبعة في روما، وفي عام 1469 أو قبله افتتح ألمانيان آخران دار طباعة البندقية، وفي عام 1470 أدخل ثلاثة من الألمان أيضاً هذا الفن في باريس، وفي عام 1471 وصلت الطباعة إلى هولندة، وفي عام 1472 إلى سويسرا، وفي عام 1473 إلى المجر، وفي عام 1474 إلى أسبانيا، وفي عام 1476 إلى إنجلترا، وفي عام 1482 إلى الدنمرك وفي عام 1482 إلى السويد وفي عام 1490 إلى القسطنطينية. وأصبحت نورمبرج على يد أسرة كوبرجر وباريس على يد الاتيينيين وليون بفضل دوليه والبندقية بفضل ألدوس مانوتيوس وبازل بوساطة أمرباخ وفروبن وزيورخ بوساطة فروشاور وليدن على يد الزيفير، خلايا عامرة بالطباعة والنشر. وسرعان ما أصبح نصف سكان أوربا من القارئين كما لم يحدث ذلك قط من قبل".
قصة الحضارة ج22 ص276-281، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> أوروبا الوسطى -> جوتنبرج
 
حرب الثلاثين سنة وبعض من قتل فيها
:"ألف أتباع الثلجكي في بوهيميا الشرقية وموارفيا (1457) فرقة مسيحية جديدة، اسمها كنيسة الأخوة، ووقفوا أنفسهم على حياة زراعية بسيطة على مبادئ العهد الجديد وفي عام 1467 أنكروا سلطة الكنيسة الكاثوليكية وقدسوا قساوستهم ورفضوا المطهر وعبادة القديسين وأرهصوا بمذهب لوثر في التزكية بالعقيدة، وأصبحوا أمل الكنيسة الحديثة التي تدين بالمسيحية، وما أن جاء عام 1500 حتى بلغ أعضاؤها مائة ألف مسيحي. ولقد قضى على هؤلاء ((الإخوان المورافيين)) تقريبا في سورة حرب الثلاثين سنة، وهم إنما عاشوا بفضل جون كومينوس، ولا يزالون موجودين في جماعات مفرقة في أوربا وأفريقيا وأمريكا، وهم يدهشون عالما يتسم بالعنف والشك، بتسامحهم الديني وتقواهم غير المزعومة وولائهم السلمي للمبادئ التي يعتنقوها"
. قصة الحضارة ج23 ص19، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> الصقالبة الغربيون -> الثورة البوهيمية
 
صكوك الغفران
ضلالات الباباوات يبيعون صكوك الغفران لتمويل حرب صليبية ضد المسيحيين الآخرين وبالطبع ضد الإسلام أيضا لكن دعونا نعرض النص التالي
:"ورغب البابا عام 1411 في الحصول على أموال للقيام بحملة صليبية على لاديسلاس ملك نابولي، فأعلن عرضا آخر لصكوك الغفران.ولما أذيع ذلك في براغ وبدا للمصلحين أن عملاء البابا يبيعون الغفران بالمال، دعا هس ومؤيده الأول جيروم البراغي ضد هذه الصكوك، وناقشا وجود المطهر، واحتجا على جمع الكنيسة للأموال لإهراق الدم المسيحي. وهبط هس إلى القدح فوصف البابا بأنه ((نابش الأموال)) وزاد على ذلك بأنه ضد المسيح.وشارك جانب كبير من الشعب، هس في آرائه وعرض عمال البابا للسخرية والانتقاص، إلى حد جعل الملك يحرم كل دعوة أو عمل بعد ذلك ضد صكوك الغفران.وخرج ثلاثة من الفتيان على هذا المرسوم، فاستدعوا إلى مجلس المدينة، ودافع هس عنهم، واعترف بأن دعوته أثارتهم، فأدينوا وقطعت رؤوسهم.وعمل البابا في تلك الفترة على توجيه حرمانه إلى هس. ولما تجاهل الرجل القرار أصدر
يوحنا قراراً بحرمان أي مدينة يأوي إليها (1411). ورحل هس عن براغ مستجيبا لنصيحة الملك وظل معتزلا بالريف عامين.
قصة الحضارة ج23 ص6، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> الصقالبة الغربيون -> جون هس
تعليق
اعترض هس على الباباوية من نواح عديدة لكنهم حرقوه
:"وأمر بإحراق كتابات هس وسلمه للسلطة الزمنية وجرد لتوه من منصبه الديني وسيق خارج المدينة إلى موضع أعدت فيه أكداس من الحطب وطلب إليه للمرة الأخيرة أن ينقذ نفسه بكلمة تنبئ عن تنازله عن آرائه، ولكنه أبى، وأكلته النار وهو يرتل الأناشيد. ) نفس المجلد ص10)
 
قساوسة يقتلون قساوسة أو يحرقونهم وفي غير المحاكمات أيضا.
وعند محاكمة جيروم (23 مايو 1416) قال لمحكمة التفتيش المسيحية:"أنه قلما توجد خطيئة أفدح من أن يقتل القساوسة قسيسا...ودمغ إحراق هس بأنه جرم لابد أن يعاقب الله عليه
"
قصة الحضارة ج23 ص10-11، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> الصقالبة الغربيون -> جون هس
 
تحت عنوان (السنوات الأخيرة للقسطنطينية) قال ديورانت
:"وهز الاستيلاء على القسطنطينية كل عرش في أوربا. فقد سقط الحصن الذي طالما حمى أوربا من آسيا أكثر من ألف سنة، فإن القوة والعقيدة الإسلاميتين اللتين أمل الصليبيون فر ردهما إلى داخل آسيا، قد شقتا الآن طريقهما على جثة بيزنطة، وعبرتا البلقان إلى أبواب هنغاريا؛ ورأت البابوية، التي حلمت بإخضاع جميع المسيحيين اليونان لحكم روما، بفزع سرعة تحول الملايين من سكان جنوب شرقي أوربا إلى الإسلام. وأصبحت طرق التجارة التي كانت مفتوحة في يوم من الأيام للسفن الغربية في يد أجنبية، تفرض عليها المكوس في وقت السلم أو تسدها المدافع في وقت الحرب
قصة الحضارة ج23 ص38، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> المد العثماني -> السنوات الأخيرة للقسطنطينية
 
في يسر أذهل الغرب!
:"وقبلت البوسنة، التي لقبت عاصمتها وثغرها راجوسة بأثينا الصقلية لمظهرها الثقافي، الحكم التركي عام 1463 وقبلت الإسلام في يسر أذهل الغرب.
قصة الحضارة ج23 رص42،43، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> المد العثماني -> المد في عنفوانه
 
وحدانية الزوجة ياديورانت، وماذا عن العاهرات من الراهبات وفي البيوت والقصور والبغاء والباباوات أبناء الزنا!!!
:"ووصل الأتراك بذلك إلى الأدرياتي، ولم يعد هناك ما يفصلهم عن إيطاليا وروما والفاتيكان، غير جانب ضيق من البحر، عبره قيصر بقارب صغير.وفي عام 1480 أرسل محمد جيشاً عبر هذا الجانب الصغير لمهاجمة مملكة نابولي. واستولى على تورنتو في يسر، وأعمل السيف في نصف عدد السكان البالغ اثنين وعشرين ألف نسمة، واسترق الباقين وشطر أحد كبار الأساقفة نصفين. واصبح مصير المسيحية ووحدانية الزوجة معلقاً في كفه ميزان"
قصة الحضارةج23 ص44، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> المد العثماني -> المد في عنفوانه
 
ابناء الله بزعم فيلدرز هاهم (غير ماسبق) ياسيد فيلدرز!
البرتغاليون يقتلون الأفارقة بوحشية تامة ثم يقبضون على البعض كعبيد..فيقتلون أو يخطفون كل من تقع عليه أيديهم. وقد تشاهد هناك أمهات يهربن بأطفالهن، وأزواجاً يفرون بزوجاتهم وكل منهم يبذل- قصاراه للنجاة. يقفز بعضهم في البحر، ويرى بعضهم أن يختبئ في أركان أخصاصهم، وخبأ البعض أطفالهم تحت الشجيرات...
قال ديورانت :"ولقد أبحر البحارة القطلونيون والبرتغاليون، ما يقرب من تسعمائة ميل على طول الساحل الغربي إلى بوجا دور (1341- 46)... القبطان جيليان...(1435) ...أذهله ما رآه من وفرة النبات في المناطق الاستوائية، مناقضاً ما قاله أرسطو وبطليموس، من أن الصحارى هي التي توجد فقط تحت الشمس المحرقة، وبعد ذلك بست سنوات أبحر نونو ترستاو، إلى رأس بلانكو، وعاد إلى موطنه ومعه بعض الزنوج الأشداء، الذين سرعان ما عمدوا واستعبدوا، وشغلهم الأمراء الإقطاعيون في المزارع البرتغالية، وكانت أول نتيجة هامة لجهود هنري، هي افتتاح تجارة الرقيق. وزود الأمير بمعونة مالية جديدة. وأبحرت سفنه لتستكشف وتنصر الأهلين في الظاهر، ولتحصل على الذهب والعاج والعبيد في الواقع.
وعاد القبطان لانزاروت عام 1444 ومعه مائة وخمسة وستون زنجياً، وقد شرعوا في فلاحة أراضي فرقة يسوع المسيح الرهبانية العسكرية. ولقد وصف معاصر برتغالي اقتناص هؤلاء الزنوج بقوله:
كان رجالنا يهتفون، "القديسة ياجو، القديس جورج، البرتغال". ويسقون عليهم فيقتلون أو يخطفون كل من تقع عليه أيديهم. وقد تشاهد هناك أمهات يهربن بأطفالهن، وأزواجاً يفرون بزوجاتهم وكل منهم يبذل- قصاراه للنجاة. يقفز بعضهم في البحر، ويرى بعضهم أن يختبئ في أركان أخصاصهم، وخبأ البعض أطفالهم تحت الشجيرات... حيث كان رجالنا يعثرون عليهم. واللّه الذي يمنح كل إنسان ما يستحق من جزاء وهب رجالنا آخر الأمر في اليوم النصر على أعدائهم، وتعويضا لهم على ما بذلوه من عناء في خدمته أخذوا مائة وخمسة وستين بين رجال ونساء وأطفال، ولم يحسب القتلى في هذا العدد".
ولم يأت عام 1448 حتى كان قد أحضر إلى البرتغال نيف وتسعمائة عبد، ويجب أن نضيف أن المسلمين في شمال أفريقيا قد سبقوا المسيحيين في نشر تجارة الرقيق، وكان زعماء الزنوج أنفسهم يبتاعون الرقيق من البرتغاليين في مقابل الذهب والعاج، وكان الإنسان سلعة للوحوش الآدمية المفترسة.
ولقد بلغ دينيز دياز عام 1445 الجبل الخصب الداخل في البحر المعروف بالرأس الأخضر، واكتشف لانزاروت عام 1446 مصب نهر السنغال،
قصة الحضارة ج23 ص53-54، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> البرتغال تستهل الثورة التجارية
 
:"وأصبحت البرتغال بفضل تسلحها على هذا النحو سيدة التجارة الأوربية مع الهند وجزر الهند الشرقية مدى مائة وخمسين سنة. ووطد التجار البرتغاليون أقدامهم شرقاً حتى بلغوا مولوكاس (1512) وابتهجوا إذ وجدوا جوز الطيب والتوابل وللقرنفل في جزر التوابل هذه ألذ طعماً وأرخص ثمناً منها في الهند. ولم يقنع البوكرك بما حققه فأبحر ومعه عشرون سفينة إلى البحر الأحمر واقترح على ملك الحبشة المسيحي أن يجمعوا قوتهما ليحفرا قناة من النيل الأعلى إلى البحر الأحمر وبذلك يحولان مجرى النهر ويجعلان مصر الإسلامية بأسرها صحراء قاحلة"قصة الحضارة ج23 ص57، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> البرتغال تستهل الثورة التجارية
 
:"وفي عام 1517 أنشأ فرناو بيرز ده اندراد علاقات تجارية مع كانتون وبيكين.
وأصبحت الإمبراطورية البرتغالية- وهي أول إمبراطورية استعمارية حديثة- أوسع الإمبراطوريات رقعة في العالم، لا تضارعها إلا الإمبراطورية التي تتكون لأسبانيا في الأمريكتين. وأضحت لشبونة سوقا تجارية نافقة، ترسو في مياهها سفن لآتية من بلاد رومانسية بعيدة. ووجد تجار أوربا الشمالية أن تفشل البندقية وجنوى في الحصول على السلع الآسيوية بأرخص الأسعار. وحزنت إيطاليا على احتكارها المفقود للتجارة الشرقية. وأصيبت النهضة الإيطالية بضربات قاضية على يد كولمبوس وفاسكو دا جاما ولوثر في جيل واحد، فضعف أمرها وذبلت، بينما سبقت البرتغال وأسبانيا، اللتان سيطرتا على البحار المفتوحة في الازدهار الدول التي على المحيط الأطلسي.
قصة الحضارة ج23 ص57، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> البرتغال تستهل الثورة التجارية
 
المسيحية تقتل اليهود في اسبانيا وتحرق منازلهم
:"أما الأسبان اليهود فلم يصفح عنهم قط. ولقد اضطهدتهم أسبانيا المسيحية مدى ألف سنة: فقد أخضعوهم لضرائب مهنية وقرون مغتصبة ولمصادرة الأموال والاغتيال والتعميد الإجباري، وأرغموهم على الاستماع إلى العظات المسيحية، وحرضوهم حتى في معابدهم أحياناً على التنصر، بينما جعل القانون تهود المسيحي جريمة عقوبتها الإعدام، ودعوا أو ألزموا على الاشتراك في مناظرات مع علماء الدين المسيحي، وهم فيها بين اثنتين إما أن تحيق بهم هزيمة فاضحة أو يحصلون على انتصار محفوف بالمكاره. وأمروا هم والموديجار عدة مرات أن يرتدوا شارة مميزة، وكانت في العادة دائرة حمراء توضع على الكتف في أرديتهم وحرم على اليهود أن يستأجروا خادماً مسيحياً، ولم يسمح لأطبائهم أن يعالجوا المرضى المسيحيين، ورجالهم الذين يعاشرون امرأة مسيحية يقتلون.
ولقد حرض راهب فرنسسكاني عام 1328 في عظاته بمدينة ستلا من أعمال نافار، المسيحيين أن يعملوا القتل في خمسة لآلاف يهودي وأن يحرقوا منازلهم، وفي عام 1391 أثارت عظات فرنان مارتينيز الجماهير في كل مركز كبير بأسبانيا، أن يقتلوا كل من يجدونه من اليهود الذين يرفضون التحول إلى المسيحية. وفي سنة 1410 تحركت بلد الوليد وغيرها من المدن ببلاغة فيسنت فرر الذي يشبه القديس المتعصب، فأمرت أن يحصر اليهود والمسلمون أنفسهم في أحياء معينة- جوديريا أو ألباما- تغلق أبوابها من غروب الشمس إلى شروقها وربما كانت هذه العزلة من أجل حمايتهم.
واستغل اليهود كل فرصة للتطور بما أتسموا به من الصبر والعمل والذكاء فتكاثروا وازدهرت أحوالهم حتى تحت وطأة هذه العوائق. وأحب بعض ملوك قشتالة، أمثال الفونسو الحادي عشر وبدرو الغشوم، اليهود وعينوا الناهبين منهم في المناصب الرفيعة. وجعل الفونسو دون يوسف الأسيجي وزيراً لماليته، واختار يهودياً آخر هو يوسف ابن وقار طبيباً خاصاً له، فأساءا استعمال منصبيهما، واتهما بالتآمر فسجنا وماتا في السجن. وتكررت الحادثة مع صمويل يوسف أبي لافيسه فقد عين قواماً على خزانة الدولة في عهد بدرو، فجمع ثروة طائلة، فحكم الملك بقتله. وكان صمويل قد شيد قبل ذلك بثلاث أعوام (1357) في مدينة طليطلة معبداً يهودياً جميلاً على بساطته، على الطراز التقليدي، وهو الذي حوله فرديناند إلى الكنيسة المسيحية "الترنسيتو" وتحافظ الحكومة عليها اليوم باعتبارها أثراً من الآثار العبرية- الإسلامية في أسبانيا وكانت حماية بدرو لليهود من سوء طالعهم، ذلك لأن هنري أمير تراستامارا- عندما عزله من الملك، أعمل الجنود المنتصرون السيف في ألف ومائتي يهودي (طليطلة 1353)، وتبعت ذلك مذابح أسوأ، عندما أحضر هنري إلى أسبانيا "الصحاب الأحرار" الذين جمعهم دي جيكلان من أوشاب فرنسا..
وآثر آلاف من اليهود الأسبان التعميد على الفزع من النهب والقتل، فلما أصبحوا مسيحيين من الناحية الشرعية استطاع هؤلاء المنتصرون أن يرقوا سلم الحياة الاقتصادية والسياسية، وفي المهن بل وفي الكنيسة ذاتها وأصبح بعضهم من كبار رجال الكهنوت والآخرون من مستشاري الملوك. وأكسبتهم مواهبهم المالية نجاحاً يثير الحسد، في جمع الدخل القومي وتدبيره. وأحاط بعضهم نفسه بمظاهر الشرف الأستقراطي، وجعل بعضهم نجاحه عدوانياً واضحاً، ووصم الكاثوليك الغضاب، هؤلاء المنتصرين بهذا الاسم الفظيع "حلوف العرب المورسكو"(marranos) ومع ذلك فإن الأسر المسيحية التي كانت عراقة نسبها أكثر من مالها، أو التي كانت تحترم القدرة من الناحية العملية، قبلت الإصهار إليهم. وبهذه الطريقة ساط الشعب الأسباني وبخاصة طبقاته العليا، الدم اليهودي بصورة مادية ملموسة. وكان لفرديناند الكاثوليكي وتوركيمادا قاضي محكمة التفتيش أسلاف من اليهود. وأطلق البابا بول الرابع على خصمه الذي يحاربه فيليب الثاني، وعلى الأسبان "أنهم بذرة لا قيمة لها من اليهود والمسلمين".
قصة الحضارة ج23 ص64-65، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> أسبانيا -> الشهيد الأسباني
 
غرناطةقال ديورانت:"وصف ابن بطوطة موقع غرناطة على أنه لا يضارعه موقع مدينة أخرى في العالم ... وحولها من كل جانب بساتين وحدائق ومراعي مزهرة وكروم، وفيها مباني جليلة. واسمها العربي غرناطة - ومعناه غير محقق ؟ ونصرها الفاتحون الأسبان وجعلوه (جرانادا Granada) ومعناه الممتلئ بالحبوب - ولعله مأخوذ من شجرة الرمان التي فيما جاورها. ولم يطلق الاسم على المدينة فقط، وإنما أطلق على إقليم يضم شريش وجيان والمربة ومالقا وغيرها من المدن، ويبلغ عدد سكانه نحوا من أربعة ملايين نسمة. ونهضت العاصمة، التي كانت تضم عشر ه}لاء السكان مثل "برج المراقبة" إلى قمة تسيطر على واد رائع، يكافئ العناية بالري والزراعة على أساس علمي بمحصولين في السنة. وقام على حراسة المدينة من أعدائها المحيطين بها سور عليه ألف برج، واتخذت الأرستقراطية قصوراً رحبة جميلة التصميم، ورطبت نوافير المياه في الميادين العامة سعير الشمس، وعقد السلطان أو الأمير أو الخليفة بلاطه في أبهاء الحمراء الرحبة.
وكانت الحكومة تأخذ سبع غلة الأرض كلها، وربما أخذت الطبقة الحاكمة مقداراً مماثلا كنفقات للإدارة الاقتصادية والقيادة العسكرية، ووزع الحكماء والنبلاء بعض مواردهم على الفنانين والشعراء والدارسين والعلماء والمؤرخين والفلاسفة، وتولوا جامعة سمح فيها لعلماء المسيحيين واليهود أن يكونوا أساتذة وعمداء أحياناً. ونقش على أبواب الكلية خمسة أسطر:"دعائم الدنيا أربعة:علم الحكماء، وعدالة العظماء، وصلوات الأبرار، وأقدام الشجعان". وأسهم النساء في الحياة الثقافية بحرية، ونحن نعرف بعض أسماء العالمات في غرناطة الإسلامية. ولم يمنع التعليم السيدات مع ذلك، من تحريض رجالهم، لا على العواطف العارمة بل على حب الفروسية ومبارزاتها، وقال أحد ظرفاء العصر: "يميز النساء بدقة ملامحهن ورشاقة أجسامهن وطول شعورهن وتموجها، وبياض أسنانهن وخفة حركاتهن التي تسر الناظرين ... وسحر حديثهن،وعطر أنفاسهن، وكانت النظافة الشخصية ورعاية الصحة العامة أكثر تقدماً منها في العالم المسيحي المعاصر. وكانت الأزياء والأخلاق رائعة وزينت المباريات الفروسية أو المهرجانات أيام الأعياد. والأخلاقيات سهلة، ولم تكن أعمال العنف نادرة بيد أن الكرم والشرف الإسلاميين اكتسبا مدح المسيحيين. فقد قال مؤرخ أسباني : "لقد اشتهر سكان غرناطة بأنهم أهل للثقة، إلى حد أن كلمتهم كان يعتمد عليها أكثر من اعتمادنا على عقد مكتوب". وبين هذه التطورات العظيمة اعتصر الترف النامي قوة الأمة ودعا التفكك الداخلي إلى الغزو الخارجي.
وما أن دعمت أسبانيا المسيحية ببطيء ممالكها وزادت في ثرواتها حتى نظرت بعين العداوة الحسود إلى تلك الإمارة المزدهرة المحاصرة التي تحدت ديانتها المسيحية بأنها شرك كفور والتي قدمت ثغورها، منافذ خطيرة لدولة من الكفار يضاف إلى ذلك أن تلك الحقول الأندلسية الخصبة قد تعوض كثيراً من فدادين الأرض القاحلة في الشمال.
قصة الحضارة ج23 ص66-67، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> أسبانيا -> غرناطة
 
بعد طرد المسلمين من الأندلس
:"
ولم يستطع أهل قشتالة أن يغتفروا لفرديناند أنه دخيل عليهم - أي أرجوني ورأوا فيه نقائض كثيرة حتى وهم يمجدون انتصاراته باعتباره رجل دولة وسياسيا ومحارباً ووازنوا بين مزاجه الفاتر المتحفظ ... ولم ينكروا عليه إنشاءه لمحاكم التفتيش ولا استغلاله لعواطفهم الدينية كسلاح من أسلحة الحرب، فقد استحسنوا حملته على الهرطقة وفتحه غرناطة وطرده اليهود والمسلمين الذين لم يتنصروا، وكان أكثر ما يحبون فيه أقل ما يعجب الخلف. فلم نسمع احتجاجاً على صرامة قوانينه - قطع اللسان على السب والإحراق حياً على اللواط
قصة الحضارةط23 ص74، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> أسبانيا -> فرديناند وإيزابلا
 
محاكم التفتيش الكاثوليكية الاسبانية
كيف كان يجري قتل المسلم أو المسيحي مثلا(البروتستانتي مثلا أو مايسمى بالمهرطق أو الملحد أي المخالف بعقيدة مسيحية مختلفة او اليهودي في محاكم التفتيش؟
:"وكان الإجراء في أول أمره بسيطاً فإن الذين يحكم بإعدامهم يقادون إلى الساحة العامة، وكانوا يوثقون بأربطة على كومة حطب، بينما يجلس قضاة التفتيش في أبهة على منصة تواجهها، ويطلب للمرة الأخيرة إلى المحكوم عليه أن يدلي باعترافه، وتقرأ عليه الأحكام، وتشعل النيران، ويبلغا الفزع منتهاه. بيد أن كثرة الإحراق وفقد بعض سلطانها النفسي، جعل الاحتفال أكثر تعقيداً ورهبة وعنى بإظهاره بكل أسباب العناية والنفقة، التي يتطلبها إخراج مسرحي كبير. وكان يحدد ميعاده كلما أمكن ذلك للاحتفال بالاعتلاء على العرش أو الزواج أو الزيارة من ملك أو ملكة أو أمير أسباني. وكان يدعى موظفو البلديات والحكومة وهيئة محكمة التفتيش والقسس والرهبان المحليون، بل في الواقع كان يطلب حضورهم. وفي أمسية التنفيذ ينضم هؤلاء الأماثل إلى موكب كئيب يسير في طرق المدينة الرئيسية ليضع صليب محكمة التفتيش الأخضر فوق مذبح الكاتدرائية أو الكنيسة الرئيسية. وتبذل محاولة أخيرة للحصول على اعترافات المحكوم عليهم، فيستسلم كثيرون منهم، وتخفف أحكامهم إلى السجن فترة من الزمن أو مدى الحياة. وفي الصباح التالي يساق المسجونون وسط الجموع الغفيرة إلى إحدى ساحات المدينة. وفيهم الدجالون والمجدفون في الدين والمضارون والهراطقة والمرتدون، وفي الأيام المتأخرة كان يساق البروتستانت، وينتظم الموكب أحياناً دمى تمثل المحكوم عليهم غيابياً او- صناديق تحمل عاظم الذين حكم عليهم بعد الموت. وفي الباحة على مدرج مرتفع أو أكثر، يجلس قضاة محكمة التفتيش ورجال الدين من قساوسة ورهبان وموظفو المدينة والدولة، يرأسهم الملك بين حين وآخر. وتذاع عظة، يؤمر بعدها جميع الحضور بترديد يمين الطاعة لحكام محكمة التفتيش المقدس وعهد ينكر ويحارب الهرطقة بجميع أشكالها وفي كل مكان. ثم يساق المسجونون واحداً بعد واحد، أمام المحكمة، وتتلى عليهم الأحكام الخاصة بهم. ويجب علينا ألا نتخيل معارضة باسلة لذلك، وربما كان كل سجين في هذه المرحلة مشرفا على التلف الروحي والانهيار البدني. بل إنه قد ينقذ حياته في هذه اللحظة بالاعتراف. وفي تلك الحالة تقنع محكمة التفتيش بجلده ومصادرة أمواله وسجنه مدى الحياة، وإذا لم يعترف إلا بعد صدور الحكم عليه، فإنه يغنم الرحمة بشنقه قبل إحراقه، ولما كانت الاعترافات في اللحظة الأخيرة كثيرة، فقد أصبح إحراق الأحياء نادراً نسبياً، أما الذين يحكم عليهم بالهراطقة الكبيرة، وينكرون ذلك إلى النهاية، يحرمون ( وظل ذلك مرعيا إلى عام 1725) من الكنيسة المقدسة، ويتركون برغبة محكمة التفتيش للجحيم الأبدي. أما الذين تخفف أحكامهم فيعادون إلى السجن، والذين لم تقبل توبتهم فيدفع بهم إلى السلطة المدنية، مع تحفظ وردع بعدم إراقة دم. ويساقون إلى خارج المدينة وسط حشود تجمعت من مسافات بعيدة للفرجة على هذا المشهد من مشاهد العطلة. حتى إذا وصلوا إلى مكان التنفيذ شنق المعترفون ثم أحرقوا بينما يحرق المعاندون أحياء. وتظل النيران تغذى بالوقود حتى تصير العظام رماداً، ينتثر على الحقول والجدران. ثم يعود القساوسة والمشاهدون إلى مذابحهم ودورهم مقتنعين، بأن قرباناً قدم استعطافاً لإله غاضب من الهرطقة. وهكذا أعيد القربان البشري.
قصة الحضارة ج23 ص84-85، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> أسبانيا -> وسائل محكمة التفتيش
 
أول ضحايا محاكم التفتيش الكاثوليكية بعد أن كان الناس ينعمون في إسبانيا المسلمة بالحرية والتعايش المشترك وثورة العلوم والمبتكرات
قال ديورانت:"واحتفل بأول محرقة أثمرتها محكمة التفتيش الإسبانية في السادس من فبراير لعام 1481 بإحراق ستة من الرجال والنساء. وما أن جاء الرابع من نوفمبر للعام نفسه، حتى كان قد أحرق ثمانية وتسعون ومائتا شخص وسجن مدى الحياة تسعة وسبعون شخصاً.
قصة الحضارة ج23 ص86، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> أسبانيا -> تقدم محكمة التفتيش
 
اليهود من نعمة الإسلام(800 سنة) إلى نقمة الكاثوليكية في اسبانيا المسيحية
محاكم التفتيش وأول دفعة يهودية(العام الأول)
:"وفي مدى سنة واحدة من نقل المفتشين لمقرهم الرئيسي إلى طليطلة قبضوا على سبعمائة وخمسين يهودياً متنصراً وصادروا خمس أموالهم، وحكموا عليهم بأن يسيروا في مواكب حاشدة في ستة أيام جمعة، يضربون أنفسهم بسياط من القنب، وفي هذه السنة(1486) أقيمت محرقتان أخريان وأحرقت رفات ألف وستمائة وخمسين تائباً. وبذلت جهود مماثلة في بلد الوليد ووادي لوب وغيرهما مند مدن قشتالة.
قصة الحضارة ج23 ص87، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> أسبانيا -> تقدم محكمة التفتيش
 
مقاومة مدن للمحاكم الكاثوليكية وجزاءها (من جزاءها الأول: حرق مائة رجل؟
:"وقاومت أراجون محكمة التفتيش بشجاعة يائسة. فقد أغلق حكام تيرول أبواب المدينة في وجه المفتشين. فما كان من هؤلاء إلا أن أصدروا قرار الحرمان على سكانها وأوقف فرديناند مرتبات موظفي المجلس البلدي، وسير جيشاً يكره الأهلين على الطاعة، أما الفلاحون المجاورون الذين كانوا على عداء دائم للمدينة؛ فقد هرعوا يؤيدون محكمة التفتيش، التي وعدتهم بالإعفاء من جميع الإيجارات والديون التي عليهم لأشخاص المتهمين بالهرطقة. واستسلمت مدينة تيرول وأعطى فرديناند المفتشين سلطة تفي كل شخص يشكون في أنه اشترك في المقاومة، وفي سرقوسة انضم إخوة المسيحيين القدماء إلى الإخوة "المسيحيين الجدد" في الاحتجاج على دخول محكمة التفتيش مدينتهم، ومع ذلك فلما أقيمت محكمة التفتيش هناك اغتال بعض المتنصرين أحد رجالها(1485) وكان ذلك خطأ مهلكاً، لأن الأهلين المفزعين احتشدوا في الطرقات صائحين "احرقوا المتنصرين" وسكن كبير الأساقفة من روع الغوغاء بأن وعد بالمحاكمة السريعة. وقبض على جميع المتآمرين تقريباً وأعدموا، وقفز أحدهم ليلقى مصرعه من البرج الذي سجن فيه؛ وحطم آخر مصباحاً من الزجاج وابتلع شظاياه، ثم وجد ميتاً في محبسه. ورفض مجلس الكورتيس في بلنسية، السماح للمفتشين بمزاولة عملهم، فأمر فرديناند بالقبض على كل من يحول بينهم وبين أداء مهمتهم، واستسلمت بلنسية. وخنق الملك تأييداً للتفتيش الحريات التقليدية لأرجون، الواحدة بعد الأخرى؛ وأثبت اتحاد الكنيسة مع الملكية، بقرارات الحرمان والجيوش الملكية، بأنه أقوى من أن تقاومه مدينة أو ولاية بمفردها. وحددت في بلنسية وحدها عام 1488 تسعمائة وثلاثة وثمانون حكماً بالهرطقة وأحرق مائة رجل.
قصة الحضارة ج23 ص87،88 الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> أسبانيا -> تقدم محكمة التفتيش
 
محاكم التفتيش ليست خالصة لوجه الله باعتراف احد الباباوات!!
:"أصدر البابا سكستوس الرابع عام 1482 منشوراً بابوياً لو نفذ لوضع حداً لمحكمة التفتيش في أراجون؛ وشكا فيه من أن المفتشين يبدون طمعاً في الحصول على الذهب أكبر من الإخلاص للدين، وأنهم سجنوا وعذبوا وأحرقوا مسيحيين مؤمنين بشهادة مريبة من أعدائهم وعبيدهم"
قصة الحضارة ج23 ص87، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف
وتشوسر والعصيان الكبير -> أسبانيا -> تقدم محكمة التفتيش
تعليق ديورانت على كلامه:"ومع ذلك فيجب أن نلاحظ اقتصاره على أراجون التي أنفق المتنصرون فيها بسخاء في سبيل الحصول عليه. ولما رفضه فرديناند وقبض على مبلغيه وطالب المفتشين بأن يواصلوا عملهم، لم يتخذ البابا سكستوس إجراء آخر؛ اللهم إلا تعطيله لمفعول قراره بعد ستة أشهر من إصداره.
 
هاهم (ابناء الله بزعم فيلدرز) راضون عن حرق الناس أحياء
محاكم تفتيش كاثوليكية ستقلدها محاكم تفتيس بروتستانية
:"كيف كان موقف الشعب الأسباني من محكمة التفتيش؟ لقد عارضتها الطبقات العليا والإقليمية المتعلمة معارضة ضعيفة، أما عامة المسيحيين فقد أيدوها عادة. وأظهرت الجماهير التي احتشدت عند المحرقة تعاطفا واهنا، وأبدوا دائما عداوة فعالة للضحايا، وحاولوا في بعض الأماكن قتلهم حتى لا ينجيهم اعترافهم من المحرقة. وتجمع المسيحيون لابتياع أمتعة المحكوم عليهم المصادرة بالمزاد.
كما بلغت كثرة الضحايا؟ قدر ليورنت . بأنهم بلغوا بين عامي 1480 و 1488 ثمانية آلاف وثمانمائة أحرقوا، وستة وتسعين ألفا وأربعمائة وتسعين عوقبوا، وبين عامي 1480- 1508 بواحد وثلاثين ألفا وتسعمائة وأثنى عشر أحرقوا ومائتين وواحد وتسعين ألفا وأربعمائة وأربعة وتسعين حكم عليهم بعقوبات صارمة، وكانت هذه الأرقام في معظمها تخمينية. ويرفضها اليوم بصفة عامة المؤرخون البروتستنت ويعدونها تطرفا في المبالغة، يذهب مؤرخ كاثوليكي إلى أنه قد أحرق ألفان بين عامي 1480و1504، وألفان آخران حتى سنة 1758. وأحصى كاتب سر إيزابلا واسمه هرناندو ده بولجر عدد الذين أحرقوا، بألفين قبل عام 1490 وفاخر ذوريتا أمين محكمة التفتيش بأنها أحرقت أربعة آلاف في إشبيلية وحدها هناك ضحايا في معظم المدن الأسبانية، بل في الإمارات التابعة لأسبانيا مثل البليار وسردينيا وصقلية والأراضي الواطئة وأمريكا.
ونقص معدل الإحراق بعد عام 1500. ولا تصور الإحصائيات أياً كانت الفزع الذي عاش فيه العقل الأسباني في تلك الأيام والليالي. فقد كان على الرجال والنساء حتى في ستر منازلهم، أن يرقبوا كل كلمة يتلفضونها بها حتى لا يؤدى بهم نقد عارض إلى سجن محكمة التفتيش. لقد كان ضغطا عقليا لا نظير له في التاريخ.
هل نجحت محكمة التفتيش؟ نعم، نجحت في تحقيق غرضها الذي أعلن عنه، وهو تخليص أسبانيا من الهرطقة الصريحة. فإن الفكرة القائلة بأن اضطهاد المعتقدات لا تأثير له أبداً، ضلال، فقد سحق الألبيجينزيين والهيجونوت في فرنسا، والكاثوليك في إنجلترا في عهد إليزابث والمسيحيين في اليابان- وانتزعت، في القرن السادس عشر، الجماعات الصغيرة التي عطفت على البروتستانتية في أسبانيا. ولعلها قوت من ناحية أخرى البروتستانتية في ألمانيا وإسكنديناوه وإنجلترا بإثارة خوف قتال في نفوس شعوبها، مما قد يحيق بهم، إذا أعيدت الكاثوليكية. ومن العسير أن نقدر نصيب محكمة التفتيش في القضاء على الفترة المزدهرة من تاريخ أسبانيا، الواقعة بين كولومبس وفيلاسكيه (1492- 1660) وبلغت هذه الفترة أوجها بمجيء سرفانتس (1547- 1616) لوب ده فيجا (1562- 1635) وذلك بعد انتشار محاكم التفتيش في أسبانيا بمائة عام. ولقد كانت محكمة التفتيش نتيجة كما كانت سبباً لقوة المذهب الكاثوليكي، وسيطرته على الشعب الإسباني، وإن هذه الحالة الدينية، قد نمت خلال قرون في الصراع، ضد المسلمين: ولعل انحلال إسبانيا من جراء حروب شارل الخامس وفيليب الثاني وضعف الاقتصاد الإسباني بفضل انتصارات بريطانيا في البحر والسياسة التجارية للحكومة الأسبوعية، كان أشد تأثيراً في اضمحلال إسبانيا من أهوال محكمة التفتيش. ولقد أظهر الحكم بإعدام العرافين في أوربا الشمالية ونيو إنجلند نزوعاً في الشعوب البروتستانتية قريباً لما في محكمة التفتيش الإسبانية
قصة الحضارةج23 ص89-91، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> أسبانيا -> تقدم محكمة التفتيش
 
حرق اليهود(نموذج واحد)
الكاثوليك يحرقون اليهود
:"أحرق أربعة من اليهود، بعد أن انتزع لحم اثنين منهم بوساطة كلابة متوهجة وربما أثرت هذه الاتهامات وأمثالها في نفس فرديناند، ومهما يكن من شئ فقد مهدت لرأى عام يطلب إجلاء اليهود غير المعمدين عن أسبانيا. ولم تعد المساهمة الاقتصادية لليهود حيوية بعد أن استسلمت غرناطة (5 نوفمبر 1491) "
قصة الحضارةج23 ص92، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> أسبانيا -> هجرة إسرائيل
 
عاش اليهود في اسبانيا وصقلية المسلمة والشام والعراق ومصر وغيرها من بلاد المسلمين في حرية وتسامح إلا ماندر
أما محاكم التفتيش التي قتلت المسلمين وعذبتهم فقد أصدرت قرارا بطرد اليهود من البلاد في موعد أقصاه...وترك أسبانيا أكثر من مائة ألف في موكب خروج طويل كئيب والتعبير لديورانت!.
:"وفي 30 مارس 1492-وهي سنة مزدحمة بالأحداث في تاريخ أسبانيا وقع فرديناند وإيزابلا مرسوم نفي اليهود. ومؤداه أن جميع اليهود غير المعمدين، أيا كانت أعمارهم أو أحوالهم، عليهم أن يتركوا أسبانيا في موعد غايته 31 يوليه، ولا يسمح لهم بالعودة، ومن يفعل عقوبته الإعدام، ولهم أن يتخلصوا من متاعبهم في هذه الفترة القصيرة بأي ثمن يحصلون عليه ولهم أن يأخذوا معهم المتاع المنقول وصكوك المعاملات دون النقد من ذهب وفضة. وقدم أبراهام سنيور وإسحاق ابرابانل، للملكين مبلغاً كبيراً من المال ليسحبا مرسومهما ولكنهما رفضا. ولم يقم اتهام ملكي على اليهود سوى رغبتهم في إغراء المتنصرين للارتداد إلى اليهودية. وصدر ملحق لذلك المرسوم، يجعل الضريبة إلى آخر العام يجب أن تجبى على جميع أملاك اليهود ومبيعاتهم. أما الديون المستحقة على المسيحيين والمسلمين فلا تدفع إلا عند بلوغ سن الرشد، عن طريق العملاء الذين يستطيع المنفيون العثور عليهم، أو تحلى هذه المطالب بخصم لمشترين مسيحيين. وهكذا انتقلت أموال اليهود في هذه المدة الإجبارية القصيرة إلى أيدي المسيحيين بجزء ضئيل من قيمتها. فكانت الدار تباع في مقابل حمار والكرمة في مقابل قطعة من القماش. وأحرق بعض اليهود في نوبة يأس منازلهم "أليجمعوا قيمة للتأمين عليها؟" وتنازل بعضهم الآخر عنها للمجلس البلدي. ووضع
المسيحيون أيديهم على المعابد وحولوها إلى كنائس. وتحولت مدافن اليهود إلى
مراع. وذاب في شهور قليلة، الجانب الأكبر من ثروات اليهود الأسبان، التي كدسوها خلال قرون. وقبل ألف يهودي تقريبا التنصر، وسمح لهم بالبقاء، وترك أسبانيا أكثر من مائة ألف في موكب خروج طويل كئيب... ولم يجد الآلاف الذين أبحروا من جبل طارق ومالقة وبلنسية أو برشلونة، في العالم المسيحي بأسره إلا إيطاليا الراغبة في استقبالهم بدافع إنساني.
قصة الحضارةج23 ص93-94، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> أسبانيا -> هجرة إسرائيل
 
هروب اليهود من الرمضاء الإسبانية إلى النار البرتغالية
"كانت البرتغال أكثر الأهداف ملاءمة للمهاجرين. فقد وجدت فيها من قبل جماعة كبيرة من اليهود، وبلغ بعضهم مكانة من الثراء والمركز السياسي في كنف ملوك لا يضمرون لهم عداوة. ولكن جون الثاني أفزعه عدد اليهود الإسبان-ربما بلغوا ثمانين ألفا - الدين تدفقوا عليها. فمنحهم مهلة ثمانية أشهر، عليهم أن يرحلوا بعدها. وتفشى بينهم الطاعون وانتشر منهم إلى المسيحيين، الذين طالبوا بإجلائهم فوراً. فيسرجون خروج اليهود المهاجرين بأن هيأ لهم سفنا بأجور زهيدة، بيد أن الذين اعتصموا منهم بهذه السفن، تعرضوا للسرقة والاغتصاب، وألقي بكثيرين على شواطئ غير مأهولة وتركوا للموت جوعاً أو ليسبيهم المسلمون ويبيعونهم. وهام مائتان وخمسون يهودياً على ظهر سفينة في البحر أربعة أشهر؛ ترفض ميناء بعد ميناء نزولهم، لأن الطاعون لما يزل متفشيا بينهم. واعتقل قرصان بسكاي إحدى السفن ونهبوا ركابها ثم إستاقوا السفينة إلى مالقة، حيث خير القسس والحكام اليهود بين التعميد أو الموت جوعا. وبعد أن مات خمسون منهم زودت السلطات الباقين بالخبز والماء وطالبتهم بالإيجار إلى إفريقيا.
وما أن انتهت مهلة الثمانية أشهر، حتى باع جون الثاني بيع الرقيق، أولئك اليهود المهاجرين الذين بقوا في البرتغال وانتزع الأطفال دون الخامسة عشرة من آبائهم وأرسلوا إلى جزر القديس توماس لينشئوا تنشئة مسيحية. ولما ذهبت التوسلات إلى منفذي المرسوم عبثاً، فقد آثرت بعض الأمهات إغراق أنفسهن وأطفالهن، على تحمل الآم فراقهم، ومنحهم خليفة جون واسمه مانويل فرصة جديدة يجمعون فيها أنفاسهم، فقد حرر أولئك الذين استرقهم جون وحرم على القسس أن يثيروا الدهاء على اليهود، وأمر محاكمة أن ترفض جميع المزاعم بأن اليهود قتلوا أطفال المسيحيين باعتبارها حكايات خبيثة. ولكن مانويل خطب إيزابيلا في الوقت نفسه، وهي ابنة فرديناند وإيزابيلا ووريثتهما، حالما أن يوحد العرشين في فراش واحد ووافق الملكان الكاثوليكيان بشرط أن مانويل ينفي من البرتغال جميع اليهود غير المعمدين سواء أكانوا مواطنين أم مهاجرين. وخضع مانويل لهذا الشرط، مؤثرا الجاه على الشرف وأمر جميع اليهود والمسلمين في مملكته أن يتنصروا أو يطردوا من البلاد (1496). ولما وجد أن فئة قليلة منهم آثرت التنصر، وكره أن تباد المهن والصناعات التي تفوق فيها اليهود أم جميع الأطفال اليهود دون سن الخامسة عشرة، أن يفصلوا عن آبائهم وينصروا كرهاً. وعارض رجال الدين الكاثوليك هذا الجراء، ولكنه نفذ. فقد روى أحد الأساقفة "رأيت أطفالاً كثيرين يسحبون إلى حوض التعميد من شعورهم". واحتج بعض اليهود على ذلك بوأد أطفالهم ثم قتل أنفسهم، وأصبح مانويل شرساً، فعطل اليهود، ثم أمرهم بأن ينصروا كرهاً. فسحلوا إلى الكنائس، الرجال من لحاهم والنساء من شعورهن، وقتل كثيرون منهم نفسه في الطريق وأرسل المتنصرون البرتغاليون رسالة إلى البابا إسكندر السادس يرجون توسطه ولا يعرف رده، ولعله كان في مصلحتهم، لأن مانويل منح إذ ذاك (مايو 1491) جميع المتنصرين كرها إذنا رسمياً مدته عشرون سنة لا يقدمون أثناءها إلى أي محكمة بتهمة التشيع لليهودية. ولكن مسيحي البرتغال رفضوا منافسة اليهود معمدين وغير معمدين، فإذا جادل يهودي في معجزة تنسب إلى كنيسة في لشبونه فإن الغوغاء يمزقونه إربا(1506)، وانتشرت المذابح ثلاثة أيام لا يمنعها أحد، وقتل فيها ألفا يهودي ودفن مئات منهم أحياء. وأنكر المطارنة الكاثوليك هذه السورة من الغضب، وقتل راهبان دومينيكان حرصا على الشغب. واستتب السلام، أو كاد، باستثناء هذه الأحداث مدى جيل من الزمان.
وتم خروج اليهود الرهيب من إسبانيا
قصة الحضارةج23 ص94-86، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> أسبانيا -> هجرة إسرائيل
 
اضطهاد الكاثوليك للمسلمين وانظر ماذا كان رد المسلمين القوي والتاريخي.
:"وخير جميع المسلمين في قشتالة وليون بمقتضى مرسوم ملكي صدر في الثاني عشر من فبراير لعام 1502 بين الدخول في المسيحية ومغادرة البلاد وأعطوا لذلك مهلة غايتها آخر إبريل من العام نفسه. واحتج المسلمون بأن أسلافهم عند ما حكموا معظم إسبانيا، فإنهم سمحوا بالحرية الدينية، إلا في القليل النادر، للمسيحيين الذين تحت سلطاتهم، ولكن الملكين لم يتأثرا بهذا الاحتجاج وحرم على الأطفال الذكور دون الرابعة عشرة والإناث دون الثانية عشرة أن يغادروا إسبانيا مع آبائهم وسمح للأمراء الإقطاعيين بأن يحتفظوا بأرقائهم المسلمين على أن يوضعوا في الأغلال. ورحل الألوف، أما الباقون فقبلوا أن ينصروا بفلسفة أكبر مما فعل اليهود وتعرضوا باعتبارهم عربا موريسكيين "morisccos" محل اليهود المعمدين لتحمل عقوبات محكمة التفتيش على عودتهم إلى ديانتهم السابقة"
قصة الحضارةج23 ص97، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> أسبانيا -> هجرة إسرائيل
 
الكاثوليكية تنهي ازدهار إسبانيا
تعليق ديورانت على فراغ اسبانيا من اكفاء المسلمين واليهود
"وفقدت إسبانيا كنزاً لا يقدر بخروج التجار وأصحاب المهن والدارسين والأطباء والعلماء من اليهود والمسلمين، وأفادت الأمم التي تلقتهم من الناحيتين الاقتصادية والفكرية. ولما لم يعد يعرف الشعب الإسباني منذ ذاك غير ديانة واحدة، فقد أذعن تماماً لرجال الدين وتنازل عن كل حق له في التفكير إلا في حدود العقيدة التقليدية. وآثرت إسبانيا أن تحتفظ بطابع القرون الوسطى، وسيان كان ذلك لخيرها أو لشرها، في حين اندفعت أوربا نحو التقدم العصري بفضل الثورات التجارية والطبوغرافية والفكرية والبرتستانتينية."
قصة الحضارةج23 ص97،98 الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> أسبانيا -> هجرة إسرائيل
 
المسيحية الإسبانية تضطهد المسيحيات الأخرى وتتورط في حروب أوروبية أوروبية أو مسيحية-مسيحية(داخل أوروبا)
قال ديورانت :"إجلاء اليهود والمسلمين الذين لم يتنصروا، قد أنقص من القوة البشرية المعاملة في التجارة والصناعة في نفس الوقت الذي تطلب اكتشاف العالم الجديد فيه التوسع والتقدم الاقتصاديين، وأن تورط أسبانيا المستمر في سياسات وحروب فرنسا وإيطاليا (ثم فلاندرز وألمانيا وإنجلترا) وضعت أثقالا لا تحتمل على كاهل موارد الأمة في المال والرجال، بدلا من تحويل السياسة ولمغامرة في عهد فرديناند وإيزابلا باصطلاحات لا يستطيع شعب أوربي في عصرهما فهمهما. فقد اضطهدت جميع الفرق الدينية، اللهم إلا قليلا من المسلمين ومنكري تعميد الأطفال، المخالفة في الدين، واستعملت جميع الحكومات، إيطاليا وفرنسا الكاثوليكيتان وألمانيا وإنجلترا البروتستانتيان، القوة في توحيد العقيدة الدينية، واستشعرت جميع الدول الظمأ إلى ذهب جزائر الهند-الشرقية والغربية- وكلها توسلت بالحرب والدهاء الدبلوماسي لتؤكد بقاءها وتوسع حدودها أو تزيد من ثروتها.
ولم تكن المسيحية عند جميع الأمم المسيحية حكما بالوسائل وإنما كانت وسائل إلى الحكم، وكان المسيح أثيراً عند الشعب وميكافلي أثيراً عند الملوك.
قصة الحضارة ج23 ص112، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> أسبانيا -> موت الملك
 
قال ديورانت":العصر الوسيط وهو ما نستطيع أن نحدده تحديداً تقريبياً بأنه سيرة أوربا بين قسطنطين وكولمبس، أي من 325 إلى 1492"
قصة الحضارة ج23 ص113، الإصلاح الديني -> من ويكلف إلى لوثر -> إنجلترا ويكلف وتشوسر والعصيان الكبير -> نمو المعرفة -> السحرة
تعليق
تكلمنا عن قسطنطين وكيف أُله، ولاشك أن العصور الوسطى المظلمة هي العصر الوسيط
هذا في رأيي المتواضع طبعا
فالظلمة امتدت من الدولة الرومانية التي اسقطها الإسلام فيما بعد أن تبنت المسيحية، حتى مابعد الإسلام وحتى ذلك التاريخ الذي حدده ديورانت، فقد رأينا كيف أن أوروبا حتى في عصر النهضة كانت في ظلمات الحروب الداخلية كمثال..ولم تخرج حتى ذلك الوثت بصورة مقبولة الى العلم والحضارة والمدنية والتسامح والتعايش وهذا يعني أنها كانت تعيش عصور الظلام بينما كان المسلمون من القرن السابع الميلادي -بدايته- حتى سقوط غرناطة يعيشون عصور الحضارة والعلم والتعايش والتسامح ويعيش في دولهم المجوسي واليهودي والمسيحي والفرق والجماعات.
 
عودة
أعلى