التاريخ المحسوس لحضارة الإسلام وعصور اوروبا المظلمة من قصة الحضارة لديورانت أ. طارق منينة

حضارة الاسلام أعظم النهضات وأكثرها إثارة للدهشة في التاريخ كله
وهو تعبير ديورانت في قوله
"ولقد تآزرت قلة عناية الرومان والمسيحيين بالعلوم حتى كادت تجدب البلاد منها قبل أن يغزوها البرابرة بزمن طويل وينثرون حطام المجتمع المدمر في سبل انتقال الثقافة.ودفن ما بقي في أوربا من علوم اليونان في مكتبات القسطنطينية، وحتى هذا القليل الباقي امتدت إليه يد التدمير حين نهبت المدينة في عام 1204. وهاجرت علوم اليونان في القرن التاسع إلى بلاد المسلمين عن طريق الشام، ونهبت أفكارهم فقامت في بلادهم نهضة ثقافية من أعظم النهضات وأكثرها إثارة للدهشة في التاريخ كله، وذلك في الوقت الذي كانت فيه أوربا المسيحية تجاهد للخروج من ظلمات
الخرافات والهمجية. (قصة الحضارة ج17 ص158) مجلد عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> البيئة السحرية )
 
خرافات العصور الوسطى المسيحية في زمن العلم الاسلامي الوسطي في حواضر الاسلام العلمية
:""وهاجرت علوم اليونان في القرن التاسع إلى بلاد المسلمين عن طريق الشام، ونهبت أفكارهم فقامت في بلادهم نهضة ثقافية من أعظم النهضات وأكثرها إثارة للدهشة في التاريخ كله، وذلك في الوقت الذي كانت فيه أوربا المسيحية تجاهد للخروج من ظلمات الخرافات والهمجية.
وكان لابد للعلوم والفلسفة في العصور الوسطى أن ينمو غرسهما في جو من الأساطير، والخرافات، والمعجزات، والفأل، والطيرة، والعفاريت، والهولات، والسحر، والتنجيم، والتنبؤ بالغيب، وهي العقائد التي لا تنتشر إلا في عصور الفوضى والخوف. كل هذه كانت توجد في العالم الوثني، ولا تزال توجد في هذه الأيام، ولكنها يخفف من حدتها فكاهة المدنية والعقول المستنيرة. وكانت ذات سلطان قوي عند الأقوام الساميين، وأضحت لها الغلبة بعد أيام ابن رشد وأبن ميمون، وحطمت فيما بين القرن السادس والقرن الحادي عشر أسوار الثقافة في غربي أوربا، وغمرت عقول الناس في العصور الوسطى في بحر زاخر من الآراء الغامضة الخفية والسذاجة التي تصدّق كل ما يقال مهما كان بعيداً عن المعقول. وحسبنا أن نذكر مثلاً لذلك أن أوغسطين كان يعتقد أن آلهة الوثنيين لا تزال موجودة في صورة عفاريت، وأن جنّ الحراج وجنيّاتها حقيقة (1). كما كان أبلار يظن أن الشياطين تستطيع أن تقوم بأعمال السحر لمعرفتها الوثيقة بأسرار الطبيعة (2). وكان ألفنسو الحكيم يؤمن بالسحر ويقبل النبوءات عن طريق النجوم(3)،وإذا كان هذا هو اعتقاد أولك الرجال فكيف يشكّ فيه من هم أقل منهم شأناً؟
وتسربت طائفة كبيرة من الكائنات الخفية غير الطبيعية من الوثنية إلى المسيحية، وكانت في الوقت الذي نتحدث عنه لا تزال تتسرب إليها من ألمانيا واسكنديناوة وأيرلندة في صورة سَحَرة، وجن، ومردة، وجنيَّات، وأغوال، وهولات عجيبة، وشياطين وعفاريت تمتص الدماء. وظلت خرافات جديدة تدخل أوربا من بلاد الشرق؛ فكان الأموات يمشون في الهواء في صورة أشباح، وكان الخلائق الذين باعوا أنفسهم للشيطان يجوسون خلال الغابات والحقول كما كانت تجوس خلالها الذئاب؛ وكانت أرواح الأطفال الذين ماتوا قبل أن يعمدوا تغشى المستنقعات وتظهر للناس في صورة غاز المستنقعات المضئ؛ ولما أن رأى القديس إدمند رتش St. Edmund Rich جماعة من الغربان السود أدرك من فوره أنها سرب من الشياطين جاءت لتحمل روح غراب في تلك المنطقة(4)؛ وكانت كثير من قصص العصور الوسطى تقول إنه إذا خرج شيطان من جسم رجل، فإن في مقدور من حوله أن يروا ذبابة كبيرة سوداء تخرج من فمه(5)؛ وكانت دنيا الشياطين لا يعتريها الضعف مطلقاً.
وكانت مئات الأشياء - كالأعشاب، والحجارة، والنمائم، والأقراط، والجواهر - تلبس لكي ترد بقوتها السحرية الشياطين وتأتي للابسها بالحظ الطيب. وكان حذاء الفرس مجلبة للحظ الطيب لأنه على شكل الهلال، الذي كان في وقت ما إلهة معبودة. وكان الملاحون الذين هم تحت رحمة العناصر الطبيعية، والفلاحون الذين تتحكم فيهم تقلبات الأرض والسماء، يرون خوارق الطبيعة أينما ساروا، ويعيشون في جو من الخرافات والأوهام. وانتقل الاعتقاد بأن لبعض الأعداد قوى سحرية من فيثاغورس عن طريق الآباء المسيحيين: فكان رقم 3 وهو عدد الثالوث المقدس أكثر الأعداد قداسة، وكان يرمز إلى النفس البشرية؛ وكان الرقم 4 يمثل الجسم؛ ورقم 7 وهو مجموع الرقمين يرمز إلى الإنسان الكامل؛ ومن ثم كانت فضائل الرقم 7 - سبعة أعمار الإنسان، والكواكب السبعة، والسبع فضائل الرئيسية، والخطايا السبع المهلكة. وكانت عطسة في غير الوقت المناسب نذير سوء. وكان من الخير أن يتقى شرّها بعبارة (يرحمك الله)، كلما حدثت. وكان مزيج من الدواء يعطى لتوليد الحُب أو القضاء عليه؛ وكان منع الْحَمل ببصق ثلاث مرات في فم ضفدعة، أو إمساك حصاة من حجر اليشب باليد أثناء الجماع(6). وكان أجوبار Agobard المستنير كبير أساقفة ليون Lyons في القرن التاسع عشر يشكو من أن المسيحيين يؤمنون بهذه السخافات التي لم يكن يستطيع الإنسان قبل ذلك الوقت أن يحمل الكفرة على تصديقها)(7).
وقاومت الكنيسة وثنية هذه الخرافات، ونددت بالكثير من المعتقدات وأعمال الشعوذة، وعاقبت مرتكبيها بضروب من الكفارات متدرجة في صرامتها، فكانت تندد بالسحر الأسود - الالتجاء إلى العفاريت لنيل السلطان على الحوادث -، ولكن هذه الضرب من السحر كان واسع الانتشار في ألف مكان خفي. وكان الذين يمارسونه يوزعون سراً كتاب اللعنة المحتوي على أسماء العفاريت الكبرى، ومساكنها، وقواها الخاصة(8). وكان كل إنسان تقريباً يؤمن ببعض الوسائل السحرية التي تحول مقدرة الكائنات فوق الطبيعية إلى غايات محبوبة. وهاهو ذا يوحنا السلزبري يحدثنا عن ضرب من السحر يستخدمه شماس وقس كبير أساقفة(9). وكان أبسط أنواع السحر ما يحدث بتلاوة الرقية وهي عبارة تتلى عدة مرات في العادة؛ وبها يمكن اتقاء شر، وشفاء من مرض، وإبعاد عدو من الطريق. وأكبر الظن أن معظم المسيحيين كانوا يعدَون علامة الصليب، والصلاة الربانية، والسلام عليك يا مريم Ave Maria رقي سحرية، ويستخدمون الماء المقدس، والعشاء الرباني على أنهما من الطقوس السحرية ذات الآثار المعجزة. (قصة الحضارة ج17 ص158-161)،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> البيئة السحرية"
 
خرافات القديس المسيحي المشهور أوغسطين
" وهاجرت علوم اليونان في القرن التاسع إلى بلاد المسلمين عن طريق الشام، ونهبت أفكارهم فقامت في بلادهم نهضة ثقافية من أعظم النهضات وأكثرها إثارة للدهشة في التاريخ كله، وذلك في الوقت الذي كانت فيه أوربا المسيحية تجاهد للخروج من ظلمات الخرافات والهمجية. وكان لابد للعلوم والفلسفة في العصور الوسطى أن ينمو غرسهما في جو من الأساطير، والخرافات، والمعجزات، والفأل، والطيرة، والعفاريت، والهولات، والسحر، والتنجيم، والتنبؤ بالغيب، وهي العقائد التي لا تنتشر إلا في عصور الفوضى والخوف. كل هذه كانت توجد في العالم الوثني، ولا تزال توجد في هذه الأيام، ولكنها يخفف من حدتها فكاهة المدنية والعقول المستنيرة. وكانت ذات سلطان قوي عند الأقوام الساميين، وأضحت لها الغلبة بعد أيام ابن رشد وأبن ميمون، وحطمت فيما بين القرن السادس والقرن الحادي عشر أسوار الثقافة في غربي أوربا، وغمرت عقول الناس في العصور الوسطى في بحر زاخر من الآراء الغامضة الخفية والسذاجة التي تصدّق كل ما يقال مهما كان بعيداً عن المعقول. وحسبنا أن نذكر مثلاً لذلك أن أوغسطين كان يعتقد أن آلهة الوثنيين لا تزال موجودة في صورة عفاريت، وأن جنّ الحراج وجنيّاتها حقيقة"(قصة الحضارة ج17 ص159)،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> البيئة السحرية)
 
الطب الاسلامي يغزو عالم اوروبا المشعوذ واوروبا تحرق النساء بحجة انهن ساحرات
"وكانت الكنيسة في بادئ الأمر سهلة مع أصحاب هذه العقائد الشعبية، ترى فيها بقايا وثنية لن تلبث أن تزول، ولكن الذي حدث كان عكس هذا، فقد أخذت تزيد وتنتشر؛ حتى إذا كان عام 1298 شنت محكمة التفتيش حملة قوية بغية القضاء على السحر بحرق الساحرات علناً. ذلك أن الكثيرين من رجال الدين كانوا يعتقدون مخلصين أن من النساء من كن على صلة بالعفاريت، وأن من الواجب أن يحمي المؤمنون من رقاهن السحرية. ويؤكد لنا قيصريوس الهسترباخي Caesarius of Heisterbach أن كثيرين من الرجال في أيامه يتحالفون مع الشياطين(13)، ويقال أن من يمارسون السحر الأسود كانوا يحتقرون الكنيسة ويسخرون من شعائرها بأن يعبدوا الشيطان بقداس أسود(14). وكان كثيرون من المرضى وضعاف النفوس يعتقدون أنهم قد لبستهم العفاريت. ولربما كان القصد من الأدعية، والصيغ، والاحتفالات التي تتلى أو تقام لإخراج هذه العفاريت والتي تستخدمها الكنيسة لهذا الغرض، أن تتخذ علاجاً نفسياً لتهدئة عقول المخرّفين. وكان الطب في العصور الوسطى إلى حد ما فرعاً من اللاهوت والشعائر الدينية؛ فقد كان أوغسطين يظن أن أمراض الآدميين تسببها العفاريت، ووافقه لوثر على ظنه هذا؛ وبدا من ثم أن علاج الأمراض بالصلوات، وعلاج الأوبئة بالموكب الدينية وإقامة الكنائس، أمر يتفق مع المنطق السليم. ومن أجل هذا بنيت كنيسة سانتا ماريا دلاسالوتي Santa Maria della Salute في البندقية لمقاومة الطاعون؛ وقد شفيت تلك المدينة - على حد قولهم - من وباء الزحار بفضل الصلوات التي أقامها القديس جربولد Gerbold أسقف بايو Bayeux(15). وكان الأطباء الصادقون يرحبون بما يسديه الإيمان بالدين من عون لنجاح وسائل العلاج، فكانوا يوصون بإقامة الصلوات، ولبس التمائم(16)؛ ولهذا نجد منذ عهد إدورد المعترف لا بعد الحكام الإنجليز يباركون الخواتم لهذا العلاج الجذام(17). وكان الملوك الذين نالوا القداسة بلمس المخلفات الدينية يشعرون أن في مقدورهم علاج المرضى بوضع أيديهم عليهم؛ وكان يظن أن المصابين بالداء الخنازيري يستجيبون أكثر من غيرهم للمس الملوك؛ ولهذا سمي هذا المرض (داء الملك King's evil). وما أكثر ما تحمل القديس لويس من العناء الطويل في مس المصابين بهذا الداء، ويقال إن فليب فالوا (مس) ألفاً وخمسمائة من الأشخاص في جلسة واحدة(18).
وكان ثمة وسائل سحرية للمعرفة وللصحة جميعا، فقد انتشرت في العصور الوسطى كلها معظم الوسائل الوثنية التي كانت تتبع التنبؤ بالغيب أو رؤية الغائبين على الرغم من تنديد الكنيسة بهذه الوسائل؛ مثال ذلك أن تومس أبكت Thomas à Becket أراد أن يسدي النصح إلى هنري الثاني في مشروعه لغزو بريطاني فاستشار لذلك عرّافاً بزجر الطير ومراقبة طيرانها، وقارئ كف عرف مصير الحملة بدراسة خطوط يده(19). ويدعي قارئو الكف أن (علمهم) هذا مؤيد من عند الله، ويستدلون على صدق السحر بآية من سِفر الخروج (الآية الثامنة عشر من الإصحاح الثاني والعشرين) التي تقول: لا تدع ساحرة تعيش. وكان غير هؤلاء من المتنبئين يحاولون معرفة الغيب بمراقبة حركات الرياح، أو المياه، أو الدخان المتصاعد من نار. وكان بعضهم يعلمون أن مواضع خبط عشواء على الأرض (أو أية مادة من مواد الكتابة) ويصلون هذه النقط بخطوط، ويتنبئون بحظ السائل بالنظر في الأشكال الهندسية التي تحدث بهذه الطريقة. ويقال أن بعضهم كانوا يتنبئون بالمستقبل باستحضار أرواح الموتى؛ من ذلك أن ألبرتس جروتس Albertus Grotus استحضر - على حد قولهم - روح زوجة الإمبراطور فردريك بربرسا بناء على طلبه(20). ومنهم من كان يستشير كتب التنبؤ بالغيب. كالكتب التي يقال أنها تحتوي على نبوءات السيبلات Sibyls أو من مرلين Merlin أو سليمان. ومنهم من كان يفتح الكتاب المقدس أو الإنياذة في غير موضع معين، ويتنبأ بالمستقبل بقراءة الآية أو بيت الشعر الذي تقع أعينهم عليه. وكان أكثر المؤرخين جداً ووقاراً في العصور الوسطى يجدون - كما وجد ليفي - أن الحوادث ذات البال قد عرفت قبل وقوعها إما مباشرة أو رمزاً، بالنذر، أو الرؤى، أو النبؤات، أو الأحلام. وكانت توجد أكداس من الكتب - ككتاب آرنلد الفلانوفي Arnold of Villanova - تعرض أحدث التفسيرات العلمية للأحلام - ولم تكن هذه التفسيرات أكثر سخفاً مما كتبه أشهر العلماء في القرن العشرين. وكان الناس في الزمن القديم يمارسون الأساليب المتبعة للتنبؤ أو الجلاء البصري كلها تقريباً كما يمارسونها في هذه الأيام.
غير أن زماننا الحاضر، على الرغم مما بذل فيه من بعض الجهود، لم يبلغ ما بلغه عصر الإيمان - في الإسلام أو اليهودية أو المسيحية - من اعتقاد بأن المستقبل مكتوب في النجوم كتابة لا يستطيع حل رموزها "(قصة الحضارة ج17 ص161-164، عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> البيئة السحرية).
تعليق أخطأ المؤلف-ديورانت- في نسبة هذه الخرافات للاسلام ذلك ان الغرب مدين للاسلام بعلوم الطب والأخذ بالأسباب ونبذ الخرافات
 
أطباء وسحرة في آن واحد، واستغراب شعبي مسيحي قروسطوي من العلم وارجاعه الى انه يحصل عليه بالسحر!
وهو اصلا جاء من أسباب الإسلام المطلوبة قرآنيا
يقول ديورانت "وكان لآرنلد الفلانوفي الطبيب الشهير ولع بالسحر؛ وكان سكوداسكولي
Cecco d' Ascoli، (1257؟ - 1327) مدرس التنجيم في جامعة بولونيا يفخر بأنه يستطيع قراءة أفكار أي إنسان، أو يعرف ما يخبؤه في يده إذا عرف تاريخ مولده. وأراد أن يشرح آراءه هذه فعمل على كشف طالع المسيح، وأثبت أن البرج الذي كان في السماء ساعة مولده قد جعل صَلْبه أمراً محتوماً. وأدانته محكمة التفتيش (1324)، وأرغم على إنكار دعواه، وعفى عنه شريطة أن يلزم الصمت، وخرج فلورنس، ومارس التنجيم لعدد من العملاء، ثم حرق علناً لأنه أنكر حرية الإرادة (1327). وأتهم كثير من العلماء المخلصين لعملهم - ومنهم قسطنطين الأفريقي، وجربرت، وألبرتس مجنس، وروجر بيكن، وفنسنت البوفسني Vincent of Beauvaris - بالسحر والاتصال بالشياطين لأن الناس لم يكونوا يصدقون أنهم حصلوا على علمهم بالوسائل الطبيعية. وكان ميخائيل اسكت هدفاً للريبة لأنه كتب رسائل ذائعة الصيت عن العلوم الخفية، منها كتاب في التنجيم، وكتاب في العلاقة بين الصفات الخلقية وصفات الجسم، وكتابين في الكيمياء الكاذبة. وكان ميخائيل يندد بالسحر، ولكنه يسره أن يكتب عنه، وقد ذكر ثماني وعشرين طريقة للتنبؤ بالغيب، ويبدو أنه كان يؤمن بها كلها(21). وكان كمعظم معاصريه دقيق الملاحظة، يجري بعض التجارب؛ ولكنه يقول إن حمل حجر اليشب أو الياقوت الأصفر يساعد الرجل على الامتناع عن الجماع(23). وقد بلغ مهارته أن ظل حسن الصلة بفردريك الثاني والبابوات، ولكن دانتي الصلب الذي لا يقبل شفاعة جعل مثواه الجحيم.
وكانت الكنيسة ومحكمة التفتيش جزءاً من البيئة المحيطة بالعلوم الأوربية في القرن الثالث عشر. وكانت الجامعات تعمل في الأغلب تحت سلطان الكنيسة ورقابتها؛ بيد أن الكنيسة كانت تترك للأساتذة قدراً كبيراَ من حرية العقيدة، وكانت في كثير من الأحوال تشجع طلب العلم" . من ذلك أن وليم الأوفرني أسقف باريس (المتوفى عام 1249)، كان يناصر البحث العلمي، ويسخر من الذين يتسرعون فيرون في كل حادثة غير مألوفة عملاً من أعمال الله مباشرةً. وقد يرع جروستستي أسقف لنكلن في دراسة العلوم الرياضية، والبصريات، وفي العلوم التجريبية، براعة جعلت روجر بيكن يضعه في منزلة أرسطو. ولسنا نعرف أن طائفتي الرهبان الدمنيك أو الفرنسيس قد أثارتا اعتراضاً على الدراسات العلمية التي قام بها ألبرتس مجنس أو روجر بيكن؛ أما القديس برنار وبعض المتحمسين المتزمتين فكانوا يعرضون في طلب العلم؛ ولكن الكنيسة لم تأخذ برأيهم هذا(23)، وكانت ترى أن من الصعب عليها أن ترضى بتشريح جثث الآدميين لأن من عقائدها الأساسية أن الإنسان خلق في صورة الله، وأن الجسم والروح كليهما سيقومان من القبر. وكان المسلمون واليهود يرون معها هذا الرأي بعينه"0(قصة الحضارة ج17 ص165-167 عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> البيئة السحرية).
هل هناك نص لديورانت تناقض فيه مع ماقاله هنا عن موضوع التشريح في الاسلام؟
سنحاول الاجابة في وقتها
 
ايطاليا وفرنسا تنقلا العلوم الرياضية
الرياضيات حملها التجار كما حملها الطلبة
عن طريق أسبانيا وصقلية، الى البندقية وجنوى، وأملفي، وبيزا
ونقلها جربرت Gerbert إلى فرنسا
:" وترجمت مؤلفات الهنود الرياضية إلى اللغة العربية حوالي عام 775؛ وبعد قليل من ذلك الوقت ترجمت مؤلفات اليونان في هذا العلم إلى تلك اللغة نفسها؛ ودخلت الأرقام الهندية إلى بلاد المسلمين الشرقية حوالي عام 830؛ ثم نقلها جربرت Gerbert إلى فرنسا حوالي عام 1000، ودخلت علوم الرياضة اليونانية، والعربية، والعبرية في القرنين الحادي عشر والثاني عشر بلاد أوربا الغربية عن طريق أسبانيا وصقلية، وحملها التجار الإيطاليون إلى البندقية وجنوى، وأملفي، وبيزا؛ وشأن النقل في الحضارة كشأن التناسل في الحياة".(قصة الحضارة ج17 ص169،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> الثورة الرياضية).
 
اعظم علماء الغرب وأولهم
ليوناردو فيبوناتشي ألبيزي Leonardo Fibonacci of Pisa...
تعلم الرياضيات وتعلم العربية منذ سن المراهقة في الجزائر المسلمة ثم مصر والشام وصقلية عند فريدريك الثاني!
قال ديورانت :"إن أول الأسماء العظيمة في علوم ذلك الوقت اسم ليوناردو فيبوناتشي ألبيزي Leonardo Fibonacci of Pisa... ووُلد ليوناردو فيبوناتشي في بيزا عام 1180؛ وكان والده مديراً لإحدى المؤسسات التجارية في بلاد الجزائر، وانضم إليه ليوناردو في تلك البلاد وهو في سن المراهقة، وتعلم على يد أستاذ مسلم، ثم طاف ببلاد مصر، والشام، واليونان، وصقلية، ودرس أساليب التجار، وتعلم طريقة العد، على حد قوله "بوسيلة عجيبة استخدم فيها أرقام الهنود التسعة"(30)؛ وهنا كانت الأرقام الهندية في بداية تاريخها الأوربي تسمى بحق أرقاماً هندية؛ وكانت هذه الأرقام التي هي من أسبابا الملل والإجهاد لأطفال هذه الأيام موضع الدهشة والبهجة في ذلك الوقت. ولعل ليونادرو قد تعلم اللغة اليونانية كما تعلم العربية؛ وسواء كان ذلك أو لم يكن فإنا نجده ملماً برياضيات أرخميدس، وإقليدس، وهيرون، وديوفانتس Diophantus. ونشر في عام 1202 كتاب العدLibre abaci وهو أول عرض أوربي كامل للأرقام الندية، وللصفر، والطريقة العشرية، يقوم به مؤلف مسيحي، وكان بداية بعث العلوم الرياضية في بلاد أوربا المسيحية. وأدخل هذا الكتاب نفسه الجبر العربي في أوربا الغربية، وأحدث انقلاباً بسيطاً في ذلك العلم لأنه كان يستخدم من حين إلى حين حروفاً بدل الأرقام لتعميم المعادلات الجبرية واختزالها. واستخدم ليوناردو في كتابه الهندسة التطبيقية Practica geometrica (1220) لأول مرة في العالم المسيحي على ما نعلم الجبر في حل النظريات الهندسية. ووضع في كتابين آخرين نشرا في عام 1225 طرقاً مبتكرة لحل معادلات الدرجة الأولى والثانية. وفي تلك السنة نفسها رأس فردريك الثاني في مدينة بيزا مهرجاناً رياضياً، وضع فيه يوحنا بالرمو John Palermo مسائل مختلفة حلها فيبوناتشي.
وظل تجار أوربا يقاومون طريقة العد الجديدة على الرغم من ظهور هذا المؤلف الذي يُعدّ بداية عهد جديد في تاريخ العلوم الرياضية، فقد كان كثيرون منهم يفضلون تحريك المِعًد بأصابعهم وكتابة النتائج بالأرقام الرومانية؛ وفي عام 1299 استطاع "العدّادون" في فلورنس أن يقنعوا ولاة الأمور بسن قانون يحرم استعمال "الأرقام الخيالية الجديدة"(32)، ولم يدرك إلاّ عدد قليل من الرياضيين أن الرموز الجديدة وهي الصفر وترتيب الخانات العشرية في آحاد وعشرات ومئات... قد مهدت السبيل إلى تطور علوم الرياضة تطوراً يكاد يكون مستحيلاً إذا ظلوا يتخذون الحروف القديمة اليونانية والرومانية واليهودية أرقاماً. ولم تحلّ الأرقام الهندية آخر الأمر محل الأرقام الرومانية إلاّ في القرن السادس عشر، ولا تزال طريقة العد الاثنا عشرية مستخدمة في ميادين كثيرة في إنجلترا وأمريكا لأن رقم 10 لم ينتصر بعد في كفاحه الطويل الذي دام الف عام انتصاراً حاسماً على رقم 12.
وكان للعلوم الرياضية في العصور الوسطى أغراض ثلاثة: خدمة التجار، وإمساك حسابات رجال الأعمال،ورسم خرائط للسماء. وكانت علوم الرياضة، والطبيعة، والفلك وثيقة الصلة بعضها ببعض(قصة الحضارة ج17 ص169-171،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> الثورة الرياضية).
 
الصفر عن طريق المسلمين
:"ولم يدرك إلاّ عدد قليل من الرياضيين أن الرموز الجديدة وهي الصفر وترتيب الخانات العشرية في آحاد وعشرات ومئات... قد مهدت السبيل إلى تطور علوم الرياضة تطوراً يكاد يكون مستحيلاً إذا ظلوا يتخذون الحروف القديمة اليونانية والرومانية واليهودية أرقاماً. ولم تحلّ الأرقام الهندية آخر الأمر محل الأرقام الرومانية إلاّ في القرن السادس عشر، ولا تزال طريقة العد الاثنا عشرية مستخدمة في ميادين كثيرة في إنجلترا وأمريكا لأن رقم 10 لم ينتصر بعد في كفاحه الطويل الذي دام الف عام انتصاراً حاسماً على رقم 12." (قصة الحضارة ج17 ص171،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> الثورة الرياضية).
 
الرياضة-الطبيعة-الفلك علوم وثيقة الصلة بعضها ببعض
وهجرتها الى اوروبا من الاسلام فالغرب مدين بها له
"وكان للعلوم الرياضية في العصور الوسطى أغراض ثلاثة: خدمة التجار، وإمساك حسابات رجال الأعمال،ورسم خرائط للسماء. وكانت علوم الرياضة، والطبيعة، والفلك وثيقة الصلة بعضها ببعض(قصة الحضارة ج17 صص171عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> الثورة الرياضية).
 
جون الهوليوودي John of Holywood أستاذ أكسفورد
انجلترا مدينة للعرب والإسلام
"وكان للعلوم الرياضية في العصور الوسطى أغراض ثلاثة: خدمة التجار، وإمساك حسابات رجال الأعمال،ورسم خرائط للسماء. وكانت علوم الرياضة، والطبيعة، والفلك وثيقة الصلة بعضها ببعض، ومن كتب وفي واحد منها أفاد العلمين الآخرين؛ ومن أمثلة هؤلاء العلماء جون الهوليوودي John of Holywood (في يروكشير) المعروف في العالم اللاتيني باسم جوانس ده سكروبسكو
Johannes de Saerobosco الذي درس في أكسفورد، وكان أستاذاً في جامعة باريس، وألف رسالة عن الكرة الأرضية وعرضاً للرياضة الجديدة سماه الرياضة للملايين (حوالي 1230). ولكان لفظ اللوغارتمات وهو اسم ممسوخ من اسم الخوارزمي اصطلاحاً لاتينياً يطلق على الطريقة الرياضية التي تستخدم الأرقام الهندية. ويعزو جون إلى العرب فضل اختراع هذه الطريقة، وهو من المسئولين عن الخطأ الذي أدى إلى تسمية الأرقام الهندية بـ"الأرقام العربية"(قصة الحضارة ج17 ص171-172،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> الثورة الرياضية).
 
انجلترا مدينة للعرب والإسلام
قال ديورانت:"وجاء رجل من تشيستر يدعى ربرت حوالي عام 1149 بحساب المثلثات العربي إلى إنجلترا، وأدخل لفظ الجيب في العلم الجديد، وذلك في أثناء تعديل أزياج البتاني والزرقاني" (قصة الحضارة ج17 ص172،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> الثورة الرياضية).
 
علم الفلك ونظرية بطليموس وكتاب مجسطي
وقد نقدها علماء الإسلام كما سيأتي في موضعه
:"وكان من أسباب دوام الاهتمام بالفلك حاجات الملاحة والرغبة الشديدة في التنجيم. وكانت المكانة العظيمة التي يمثلها كتاب المجسطي الذي ترجم مراراً كثيرة من أسباب جمود علم الفلك في أوربا المسيحية واستمساكه بنظرية بطليموس نظرية الدوائر المختلفة المراكز والدوائر التي في محيطات دوائر أخرى، والقائلة إن الأرض هي محور الكون. وأحست بعض العقول اليقظة كعقول ألبرتس مجنس، وتومس أكوناس، وروجر بيكن، بقوة النقد الذي وجهه العالم الفلكي البطروجي، لهذه النظرية في القرن الثاني عشر، ولكن لم توجد نظرية سماوية مقبولة تحل محل نظرية بطليموس الميكانيكية قبل أيام كوبرنيق. فقد كان علماء الفلك المسيحيون في القرن الثالث يتصورون أن الكواكب تدور حول الأرض، وأن النجوم الثوابت مرصوصة في قبة من البلور يسيرها العقل الإلهي،وتدور في حشد منظم حول الأرض؛ وأن مركز الكون كله وأرقى ما فيه هو ذلك الإنسان الذي يصفه علماء الدين بأنه دودة حقيرة ملوثة بالذنوب، ومحكوم على كثرة أفراده بأن يصلوا نار الجحيم. وقد بحث علماء الفلك الساميون في القرن الثالث عشر رأي هرقليدس القائل بأن منشأ حركة السماء اليومية الظاهرة دوران الأرض حول محورها، ولكن العالم المسيحي نسى هذا الرأي نسياناً تاماً؛ ونقل مكروبيوس Macrobius ومارتيانس كابلا Martianus Capella رأياً آخر لهرقليدس وهو أن عطارد والزهرة يدوران حول الشمس؛ واستمسك جون اسكوتس إرجينس بهذا الرأي في القرن الثامن ثم طبقه على المريخ والمشتري، وبهذا أوشكت النظرية القائلة بأن الشمس مركز العالم أن تنتصر(34). ولكن هذه الفروض الباهرة كانت من بين الأفكار التي اندثرت في العصور المظلمة، وظلت الأرض مركز الكون حتى عام 1512slash وإن كان علماء الفك جميعهم قد اتفقوا على أن الأرض كروية"(قصة الحضارة ج17 ص172-173،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> الثورة الرياضية).
 
وزحفت المخترعات الفلكية الإسلامية إلى الغرب
الأزياج والآلات الفلكية
"وجاءت الأزياج والآلات الفلكية إلى الغرب من بلاد الإسلام، أو عملت على غرار الأزياج والآلات الإسلامية. ورصد ولشر اللوريني Walcher of Lorraine الذي أصبح فيما بعد رئيساً لدير ملفيرن Malvern خسوف القمر في إيطاليا بأسطرلاب؛ وكان هذا أول الأرصاد الفلكية المعروفة في العالم المسيحي الغربي؛ ولكن وليم الكلودي William of St Cloud اضطر بعد مائتي عام من ذلك الوقت (حوالي 1296) أن يذكر الفلكيين، بأقواله وبما ضربه لهم من مثل بنفسه، أن خير ما يتقدم به العلم هو الملاحظة لا القراءة أو الفلسفة. وخير ما قدم لعلم الفلك المسيحي من عون في ذلك الوقت هو الأزياج الأُنفسية لحركات الأجرام السماوية التي أعدها عالمان يهوديان أسبانيان لأنفسو الحكيم.
وتجمعت المعلومات الفلكية فكشفت عن أخطاء تقويم يوليوس قيصر (46 ق.م) الذي وضع على أساس عمل سويجنيس والذي جعل السنة أطول من حقيقتها بإحدى عشرة دقيقة وأربع عشرة ثانية. وكان ازدياد تنقل الفلكيين، والتجار، والمؤرخين بين أقطار العالم مما كشف عن الصعاب التي يلاقونها من جراء اختلاف التقاويم. وكان البيروني قد قام بدراسات نافعة للطرق المختلفة المتبعة في تقسيم الزمن وتاريخ الحوادث (حوالي عام 1000 )، وواصل هارون ابن مشلام وابراهام بارخبة هذه الدراسة في عامي 1106 و 1122، وأعقبهما ربرت جروستستي وروجر بيكن فعرضا في القرن الثالث عشر مقترحات عملية، أسفرت (حوالي عام 1232) عن وضع جروستستي لطائفة من الأزياج لتعيين أوقات الحوادث الفلكية والتواريخ المتغيرة كتاريخ عيد القيامة، وكانت هذه الأزياج أول خطوة لوضع التقويم الجريجوري (1582) الذي يرشدنا ويضللنا في هذه الأيام"(قصة الحضارة ج17 ص173-174،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> الثورة الرياضية)..
 
القديس أوغسطين قديس المسيحية يكرر جهله في كل شئ
وقلّما كان المسيحيون يعتقدون بوجود أرضين وسكان في الأجزاء المقابلة لبلادهم وعلى سطح الأرض، وذلك على الرغم من قيام الحروب الصليبية وما استتبعته من الأسفار. وكان القديس أوغسطين يرى أن "من غير المعقول أن يسكن الناس في الجهة المقابلة لنا على سطح الأرض، حيث تغرب الشمس حين تشرق عندنا، وحيث يمشي الناس وأقدامهم في اتجاه أقدامنا"(39)؛ وكان راهب أيرلندي يدعى القديس فرجيل St. Fergil قد أشار حوالي عام 748 إلى إمكان وجود "عالم آخر وخلق آخرين تحت الأرض"(46). وقبِل ألبرتس مجنس وروجر بيكن هذه الفكرة، ولكنها بقيت خيالاً جريئاً يطوف بعقول قلة من الناس حتى طاف مجلان Magellan بالكرة الأرضية. "(قصة
الحضارة ج17 ص177،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> الأرض وحياتها)..
 
علم البصريات وابن الهيثم وفتح آفاق
ربرت جروستستي-وتلميذه روجر بيكن
"وكان أكثر فروع علم الطبيعة نجاحاً في ذلك الوقت هو علم البصريات، ذلك أن رسالة ابن الهيثم العربية التي ترجمت إلى اللاتينية قد فتحت آفاقاً جديدة في بلاد الغرب؛ وقد تحدث ربرت جروستستي عن هذا العلم في مقال له عن قوس قزح نشر حوالي عام 1230 عن "فرع ثالث من فن المنظور... لم يطرق بابه ولم يعرفه بيننا أحد حتى هذا الوقت... (وهو) يعرفنا كيف نجعل الأشياء الشديدة البعد عنا تبدو شديدة القرب منا، وكيف نجعل الأشياء الكبيرة القريبة التي تبدو جد صغيرة، وكيف نجعل الأشياء البعيدة تظهر بالحجم الذي نريده. ويضيف إلى ذلك قوله إنه يمكن الوصول إلى هذه الأشياء العجيبة بتكسير "شعاع الضوء" وذلك بجعله يمر خلال عدة أجسام شفافة، أو عدسات مختلفة التركيب. وافتتن تلميذه روجر بيكن بهذه الآراء أيما افتتان "(قصة الحضارة ج17 ص182)،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> المادة والطاقة)
 
البيروني
"وكان البيروني قد قام بدراسات نافعة للطرق المختلفة المتبعة في تقسيم الزمن وتاريخ الحوادث (حوالي عام 1000 )، وواصل هارون ابن مشلام وابراهام بارخبة هذه الدراسة في عامي 1106 و 1122، وأعقبهما ربرت جروستستي وروجر بيكن فعرضا في القرن الثالث عشر مقترحات عملية، أسفرت (حوالي عام 1232) عن وضع جروستستي لطائفة من الأزياج لتعيين أوقات الحوادث الفلكية والتواريخ المتغيرة كتاريخ عيد القيامة، وكانت هذه الأزياج أول خطوة لوضع التقويم الجريجوري (1582) الذي يرشدنا ويضللنا في هذه الأيام"(قصة الحضارة ج17 ص174،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> الثورة الرياضية)...
 
قصة كولمبس فيها كلام لكن هذه اولا
كولمبس
"وأشهر الرحالة الأوربيين إلى بلاد الشرق الأقصى في العصور الوسطى وأعظمهم نجاحاً هم أسرة بولو تجار البندقية. فقد كان لأندريا بولو Andrea Polo أبناء ثلاثة هم ماركو الأكبر، ونقولو، ومافيو Maffeo؛ وكانوا كلهم يعملون في تجارة بيزنطية ويعيشون في القسطنطينية... وأسر ماركو وهو يحارب في جيش مدينة البندقية في عام 1298، وألقي في سجون جنوى عاماً كاملاً، وفي أملى قصته على زميل له في السجن. وأثبتت بحوث الرواد بعدئذ صحة عناصر قصته كلها تقريباً، وكانت تعد من قبل غير معقولة. فقد وصف ماركو للمرة الأولى رحلة تخترق جميع بلاد آسية، وفي كتابه أول لمحة كتبها أوربي عن بلاد اليابان، وأول وصف صادق لبكين، وجاوة، وسومطرة، وسيام، وبورما، وسرنديب، وساحل زنجبار، ومدغشقر، وبلاد الحبشة؛ وكشف كتابه للغرب الستار عن بلاد الشرق، وساعد على فتح طرق جديدة للتجارة، ولانتقال الأفكار،وكان له نصيب في تشكيل علم الجغرافية الذي أوحى إلى كولمبس بالسفر إلى الشرق بالاتجاه نحو الغرب.
ولمّا تسع ميدان التجارة والأسفار أخذ علم رسم الخرائط يعود متثاقلاً إلى المستوى الذي بلغه في أيام أغسطس، وشرع الملاحون يُعِدُّن كتباً يُهتَدَى بها إلى الثغور التجارية، تحتوي خرائط، ورسوماً، وإرشادات للسائحين، وأوصافاً لمختلف المرافئ؛ وبلغت هذه الكتب على أيدي أهل بيزا وجنوى درجة كبرى من الدقة. وكانت خرائط العالم التي رسمها الرهبان في ذلك الوقت إذا قورنت بغيرها تسير على نمط محدد لا تحيد له ويصعب فهمها"(قصة الحضارة ج17 ص178-179)، عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> الأرض وحياتها)
 
الكيمياء والصناعات والتقطير
"وكانت البحوث في الكيمياء الكاذبة أكبر العوامل في تقدم علم الكيمياء؛ فقد أخذت النصوص العربية في هذا العلم تترجم إلى اللاتينية من القرن التاسع وما بعده، وما لبثت البحوث الخاصة بهذا النوع من الكيمياء أن انتشرت في بلاد الغرب حتى لم تخل منها الأديرة نفسها. فقد نشر الأخ إلياس خليفة القديس فرانسس كتاباً في الكيمياء القديمة طلبه إليه فردريك الثاني؛ وكتب راهب فرنسيسي آخر يشايع فكرة تحويل المعادن بعضا إلى بعض؛ وكان أشهر الكتب الطبية كلها في ذلك العهد كتاب في العلل يعرض الكيمياء القديمة والتنجيم كما وردا في كتاب مدسوس على أرسطو. وكان عدد من ملوك أوربا يستخدمون الكيميائيين القدامى ليسدوا ما ينقص من أموال خزائنهم بتحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب(53). وواصل غيرهم من المتحمسين البحث عن إكسير الحياة وحجر الفلاسفة. ولم تنقطع هذه البحوث رغم أن الكنيسة حرّمتها في عام 1307 ووصفتها بأنها من البحوث الشيطانية، ولعل بعض المؤلفين في القرنين الثاني عشر والثالث عشر أرادوا النجاة من غضب الكنيسة بأن عزوا مؤلفاتهم إلى "جبر" Gebir المسلم.
وأضافت التجارب الطبية على العقاقير معلومات كثيرة إلى علم الكيمياء، كما أن العمليات الخاصة بالصناعة كادت ترغم على الكشف إرغاماً، وأفاد على الكيمياء فوائد جمة من أعمال عصر الجعة، وصنع مواد الصباغة، والخزف، والميناء، والزجاج، والغَراء، واللك، والمداد، ومواد التجميل. وألّف بطرس العمري Peter of St. Omer حوالي عام 1270 كتاب صنع الألوان libier de coloribus fasciendis، فيه ذِكر لعدد من المواد الملوّنة المستخدمة في التصوير تصف واحدة منها كيفية صنع ألوان زيتية بخلط المواد الملونة بزيت بذر الكتان(54). ونشرت حوالي عام 1150 رسالة تعرف باسم Magister Salernus - ربما كانت من رسائل مدرسة الطب في سلرنو - ذكر فيها تقطير الكحول؛ وكان هذا أول ذكر صريح لهذه العملية المنتشرة في جميع أنحاء العالم في هذه الأيام. وكانت الأقطار التي تنتج العنب تقطر النبيذ وتسمى ما ينتج من تقطير هذا العصير ماء الحياة eau de vie aqua vitae. أما بلاد الشمال ذات العنب القليل والبرد القارس فكانت تجد تقطير الحبوب أقل نفقة من تقطير العنب؛ وكان لفظ يسكبيثاuisqebeatha الكلتي الذي اختصر فصار وسكي whisky يعني أيضاً "ماء الحياة"(55). على أن التقطير كان معروفاً عند الكيميائيين المسلمين قبل ذلك الوقت بزمن طويل، غير أن استكشاف الكحول ثم استكشاف الأحماض المعدنية بعد ذلك في القرن الثالث عشر وسّعا دائرة المعارف الكيميائية وآفاق الصناعة توسيعاً كبيراً. "(قصة الحضارة ج17ص184185، عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> المادة والطاقة)
 
حالة الغرب قبل ان ينتشر الطب من الإسلام عن طريق ترجمات اليهود له
تحت عنوان(إحياء علم الطب )قال ديورانت
:"يخلط الفقر على الدوام بين الأساطير والطب لأن الأساطير حرة لا ثمن لها والعلم غال عزيز المنال. والصورة الأساسية لطب العصور الوسطى هي صورة الأم ومخزنها الصغير من وسائل العلاج المنزلية؛ والنساء العجائز غزيرات العلم بالأعشاب واللاصوق، والرقى السحرية؛ وجامعي حشائش التطبيب يطوفون بها على الناس، والعقاقير المجربة ذات الفائدة الأكيدة، والحبوب ذات القوة المعجزة؛ والقابلات المتأهبات على الدوام لفصل الحياة الجديدة عن القديمة في عملية الولادة المخزية السخيفة، والدجالين المتأهبين لمداواة الناس أو قتلهم نظير أتفه الأجور؛ والرهبان بما ورثوه من طب الأديرة؛ والراهبات يواسين المرضى في هدوء بما يقدمن لهم من خدمات أو دعوات صالحات؛ والأطباء المدربين في أماكن متفرقة يعالجون القادرين ويمارسون طبهم القائم على أسا علمي إلى حد ما. وانتشرت العقاقير الغريبة المروعة والصيغ السحرية العجيبة؛ وكما أن بعض الحجارة إذا أمسكت باليد كانت في رأي بعض الناس تمنع الحمل، كذلك كانت بعض النسوة وبعض الرجال - حتى في سلرنو مدينة الطب نفسها - يأكلون روث الحمير لتقوى قدرتهم على الإخصاب.
وظل بعض رجال الدين يمارسون الطب حتى عام 1139، وكل ما كان هناك من علاج في المستشفيات كان يوجد عادة في الملاجئ أديرة الرجال والنساء. وكان للرهبان فضل عظيم في حفظ التراث الطبي من الضياع، وهم الذين مهدوا السبيل لزراعة النباتات الطبية، وربما كانوا يعرفون ما يفعلون وهم يخلطون الطب بالمعجزات. وحتى الراهبات أنفسهن كن في بعض الأحيان يحذقن علاج المرضى؛ فقد كتبت هليجاردي Hildergarde المتصوفة رئيسة دير بنجن Bengin كتاباً في الطب العلاجي - هو كتاب العلل والعلاج (حوالي عام 1150) - وكتاباً في المواد الطبية أفسدته في بعض مواضعه بالرقى السحرية ولكنه مليء بالمعلومات الطبية. وربما كانت الرغبة في القيام بالخدمة الطبية الدائمة من البواعث على التجاء الشيوخ من الرجال والعجائز من النساء إلى الأديرة. ولمّا أن تقدم الطب الذي يمارسه غير رجال الدين، وسرى حب الكسب في القائمين على العلاج في الأديرة، وحرّمت الكنيسة في أوقات مختلفة (1130، 1339، 1663)على رجال الدين ممارسة الأعمال الطبية جهرة، ولم يحل عام 1200 حتى كاد هذا الفن القديم كله يصبح في أيدي غير رجال الدين.
ويرجع أكبر الفضل في بقاء الطب العلمي في بلاد الغرب أثناء العصور المظلمة إلى الأطباء اليهود، الذين نشروا المعلومات الطبية اليونانية - العربية في بلاد العالم المسيحي، وذلك عن طريق الثقافة البيزنطية التي انتشرت في جنوبي إيطاليا وترجمة الرسائل الطبية اليونانية والعربية إلى اللغة اللاتينية. وربما كانت مدرسة سلرنو الطبية قائمة في أحسن المواقع، وكانت أحسن المدارس استعداداً للإفادة من هذه المؤثرات؛ فقد كان الأطباء اليونان، واللاتين، والمسلمون، واليهود يعلمون أو يتعلمون فيها؛ وظلت حتى القرن الثاني عشر أكبر المعاهد الطبية في أوربا اللاتينية. وكانت النساء يدرسن التمريض والقبالة في سلرنو(59). وأكبر الظن أن النساء اللاتي يسمين طبيبات سلرنو كن قابلات تدربن في تلك المدرسة. وكان من أشهر ما أخرجته مدرسة سلرنو الطبية رسالة في التوليد نشرت في القرن الثاني عشر بعنوان: ترتولا وعلاج أمراض النساء، وأكثر المؤرخين مجمعون على أن ترتولا Trotula هذه كانت قابلة في سلرنو(60) ولقد وصلتنا من مدرسة سلرنو عدة رسائل هامة "(قصة الحضارة ج17 ص187-188،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> إحياء علم الطب)
 
مدرسة سلرنو الطبية المتأثرة بعلوم المسلمين
:"وكان من أشهر ما أخرجته مدرسة سلرنو الطبية رسالة في التوليد نشرت في القرن الثاني عشر بعنوان: ترتولا وعلاج أمراض النساء، وأكثر المؤرخين مجمعون على أن ترتولا Trotula هذه كانت قابلة في سلرنو(60) ولقد وصلتنا من مدرسة سلرنو عدة رسائل هامة تشمل فروع الطب كلها تقريباً منها رسالة لأرخماثيوس Archimatheus تصف حال الطبيب وهو واقف بجوار سري المريض: يجب أن يتحلى الطبيب وهو ينظر إلى حال المريض بالرزانة، حتى لا تقلل من مكانته خاتمة المريض السيئة، وهو يضيف شفاؤه عجيبة أخرى إلى ما اشتهر به من العجائب؛ وعليه ألاّ يغازل زوجة المريض أو ابنته أو خادمته؛ وحتى إذا لم تكن ثمة ضرورة بدواء ما وجب عليه أن يصف له مركباً عديم الضرر، حتى لا يظن المريض أن العلاج لا يساوي أجر الطبيب، وحتى لا يظن أن الطبيعة هي التي شفت المريض دون معونة الطبيب"(قصة الحضارة ج17 ص188،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> إحياء علم الطب)
 
مدرسة سلرنو الطبية تأثرت ايما تأثير بعلوم المسلمين
وهناك نصوص اوردها غير ديورانت عنها
وهي من اعجب العجائب
فاذا وضعت نصا كنصنا هذا ولم تجد فيه بغيتك فاصبر حتى تكتمل الصورة او يمكن البحث عنها
المهم ان الشكل النهائي يتكامل امامك
وليس ذلك لاننا نكتفي بالماضي كما يقول العلمانيون وطائفة من الاسلاميين
ولكن هدفنا واضح ومحدد ولن يجرنا اي نقاش بعيد عنه
الا وهو ان ماحدث في العالم بعد محمد النبي الرسول انما كان منه وبه فهو محمود ودينه محمود ونحن لانعود الى عصر الحمير والجمال كما يزعمون بل ان النبي الذي ولد في عصر كله جاهلية كما عرضنا من سيرة الرومان والفرس واليونان جاء بعلم جديد وفتوحات علمية واخلاقية وقيمية تنزلت من السماء وصنعت خطةطا للرؤية الانسانية للعالم فتغير العالم بالاسلام
ومن هنا نقول انه لولا الاسلام لما كان الغرب تقدم وترفه وخرج من عصوره المظلمة
فاذا اردنا الخروج من عصرنا المظلم هذا فبالاسلام لابغيره وباتباع نفس منهجية اسلافنا ولايمنع ذلك من الاستفادة من الغرب في امور الحياة اذا لم تتعارض مع ثوابت ديننا الذي مدن العالم وجعله يمضي في طريق ركوب السيارات والقطارات والطائرات بدل اشياء عصور العالم القديمة كله
 
مدرسة سلرنو الطبية
احسن المدارس المستفيدة من علوم الطب في الاسلام
"ويرجع أكبر الفضل في بقاء الطب العلمي في بلاد الغرب أثناء العصور المظلمة إلى الأطباء اليهود، الذين نشروا المعلومات الطبية اليونانية - العربية في بلاد العالم المسيحي، وذلك عن طريق الثقافة البيزنطية التي انتشرت في جنوبي إيطاليا وترجمة الرسائل الطبية اليونانية والعربية إلى اللغة اللاتينية. وربما كانت مدرسة سلرنو الطبية قائمة في أحسن المواقع، وكانت أحسن المدارس استعداداً للإفادة من هذه المؤثرات"(قصة الحضارة ج17 ص188)
http://vb.tafsir.net/tafsir34924/#post195889​
 
اطباء الاسلام في ايطاليا
الاطباء المسلمون كانوا يدرسون في جامعة سلرنو الطبية
"وربما كانت مدرسة سلرنو الطبية قائمة في أحسن المواقع، وكانت أحسن المدارس استعداداً للإفادة من هذه المؤثرات؛ فقد كان الأطباء اليونان، واللاتين، والمسلمون، واليهود يعلمون أو يتعلمون فيها؛ وظلت حتى القرن الثاني عشر أكبر المعاهد الطبية في أوربا اللاتينية. وكانت النساء يدرسن التمريض والقبالة في سلرنو(59). وأكبر الظن أن النساء اللاتي يسمين طبيبات سلرنو كن قابلات تدربن في تلك المدرسة. وكان من أشهر ما أخرجته مدرسة سلرنو الطبية رسالة في التوليد نشرت في القرن الثاني عشر بعنوان: ترتولا وعلاج أمراض النساء، وأكثر المؤرخين مجمعون على أن ترتولا Trotula هذه كانت قابلة في سلرنو(60) ولقد وصلتنا من مدرسة سلرنو عدة رسائل هامة تشمل فروع الطب كلها تقريباً
قصة الحضارة ج17 ص188)
 
طب الجامعة الايطالية - سلرنو -التي تأثرت بعلم الطب الإسلامي
تنشر هذا الطب في طول أوروبا وعرضها(قول ديورانت)
:"وحلت جامعة نابلي محل مدرسة سلرنو بعد عام 1268، حتى لم نعد نسمع عن هذه المدرسة إلاّ الشيء القليل. وكان خريجوها قبل ذلك العام قد نشروا طب سلرنو في طول أوربا وعرضها"(قصة الحضارة ج17 ص188،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> إحياء علم الطب)
 
عقاقير طبية تستورد من بلاد الإسلام بتعبير ديورانت نفسه
"وكانت عقاقير كثيرة تستورد من بلاد الإسلام وظلت محتفظة بأسمائها العربية"(قصة الحضارة ج17 ص188،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> إحياء علم الطب)
 
هل تذكرون روجر الثاني وفريدريك الثاني
ونصوص ديورانت عن تأثرهما العميق بعلوم الإسلام
هاهو نص جديد يحمل معان عميقة وكثيرة
فروجر الثاني بلفظ ديورانت حذا حذو السوابق الإسلامية القديمة
وفريدريك يعظم مدرسة سلرنو ولاشك ان ذلك لانها ترفع المثال الاسلامي في العلوم وتواجه به المعارف الكنسية الخاطئة والمدعوة باباويا
:"ولمّا ازداد عدد الأطباء المدربين شرعت الحكومات تنظم صناعة الطب. من ذلك أن روجر الثاني صاحب صقلية قصر مهنة الطب على الذين ترخص لهم الدولة، وأكبر الظن أنه حذا في ذلك حذو السوابق الإسلامية القديمة. وحتم فردريك الثاني (1224) على من يريد ممارسة هذه المهنة أن يحصل على ترخيص بذلك من مدرسة سلرنو؛ فإذا أراد إنسان أن يحصل عليها وجب أن يتلقى منهاجاً يدوم ثلاث سنين في العلوم المنطقية Scientia logicali1 - ونظن أن معنى هذا اللفظ العلوم الطبيعية والفلسفة؛ وكان عليه بعدئذ أن يدرس الطب في المدرسة لمدة خمس سنين، وينجح في امتحانين، ويتمرن عاماً تحت إشراف طبيب مجرب"(قصة الحضارة ج17 ص190،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> إحياء علم الطب)
 
ايطاليا تمتص الطب الإسلامي وغيره من علوم الإسلام
هل في كلام ديورانت غموض
لا ليس في كلامه غموض إنه كلامه واضح ، فطب الاسلام امتصته جامعات أوروبا إمتصاصا حتى صيغ صياغة جديدة حتى أصبح هو أساس علم الطب الحديث كما في النص التالي
قال بعد أن ذكر مدرسة سلرنو:"وكان ثمة مدارس للطب صالحة في القرن الثالث عشر في بولونيا، وبدوا، وفرارا، وبروجيا، وسينا، ورومة، ومنبلييه، وباريس، وأكسفورد؛ وامتزجت في هذه المدارس التقاليد الطبية الثلاثة الشهيرة - اليونانية، والعربية، واليهودية، وامتصتها امتصاصاً تاماً،وصيغ التراث الطبي كله صياغة جديدة حتى أصبح هو أساس علم الطب الحديث"(قصة الحضارة ج17 ص189،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> إحياء علم الطب)
 
القذارة عند الاوروبيين ايام حضارتنا واليوم عندنا ايام انحطاطنا!
ومع فريدريك الثاني مرة أخرى
قال ديورانت "وكان من يزورون المدن المسيحية من المسلمين يشكون - كما يشكو من يزورون المدن الإسلامية من المسيحيين في هذه الأيام - من قذارة "مدن الكفار" ورائحتها الكريهة(85). فق كانت الفضلات وأقذار البالوعات تجري فوق البالوعات في شوارع كمبردج التي تبلغ الآن درجة كبرى من الجمال والنظافة، وكانت تنبعث منها "روائح كريهة... يمرض منها الكثيرون من المدرسين والطلاب"(86). وكانت لبعض المدن في القرن الثالث عشر قنوات مغطاة لنقل ماء الشرب، وبالوعات، ومراحيض عامة؛ وكانت الأمطار هي التي يعتمد عليها في معظم المدن لاكتساح الأقذار، وكان تدنيس الآبار ينشر وباء التيفود؛ وكانت المياه التي تستخدم في عمل الخبز وعصر الخمر تؤخذ عادة- في البلاد الواقعة في شمال الألب- من المجاري المائية التي تتلقى أقذار المدن(87). وكانت إيطاليا أكثر رقياً من غيرها من البلدان، وأكبر السبب في هذا ما ورثته عن الرومان، وما سنه فردريك الثاني، من تشريعات مستنيرة لإزالة الأقذار (قصة الحضارة ج17 ص198،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> إحياء علم الطب).
 
أدلارد الباثي Adelard of Bath،تلقى العلم في مدن المسلمين
"تبرز أمامنا في تلك الفترة من الزمان –يقصد 1193-1280 -أسماء ثلاثة رجال وهبوا أنفسهم للعلم: أدلارد الباثي Adelard of Bath، وألبرت العظيم، وروجر بيكن. فأما أدلارد فقد تلقى العلم في كثير من الأقطار الإسلامية ثم عاد إلى إنجلترا وكتب (حوالي عام 1130) حواراً طويلاً سماه الأسئلة الطبيعية يشمل كثيراً من العلوم... ويسأل ابنُ أخ لأدلارد عمَّه ماذا تعلم في بلاد المسلمين؟فيجيبه بأنه يفضل علوم المسلمين عن علوم المسيحيين، فيتحداه أصدقاؤه وتكون أجوبته لهم مختارات طريفة من جميع علوم ذلك العصر. ويندد فيها بما تفرضه التقاليد والسلطات من قيود ثقيلة ويقول: لقد تعلمت عن أساتذتي العرب أن أسترشد بالعقل، أما أنتم يا من أسرتكم... السلطات، فإنكم تسيرون إلى حيث يقودكم المقود والزمام... وماذا عسى أن تسمى السلطة غير المقود والزمام؟... وجملة القول أن أدلارد برهان ساطع على يقظة العقل في أوربا المسيحية أثناء القرن الثاني عشر. فقد كان شديد التحمس لإمكانيات العلوم، ويسمّى في زهو وخيلاء عصره أي عصر أدلارد بالعصر الحديث(89)، وأعلى ما وصل إليه التاريخ كله(قصة الحضارة ج17 ص200، عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> ألبرتس مجنس).
 
ألبرتس مجنس عالم طبيعة مطلع جيد وناقل عن المؤلفين اليونان، والعرب، واليهود
" تبرز أمامنا في تلك الفترة من الزمان أسماء ثلاثة رجال وهبوا أنفسهم للعلم: أدلارد الباثي Adelard of Bath، وألبرت العظيم، وروجر بيكن ...أما ألبرتس مجنس فلم تبلغ روحه العلمية ما بلغته روح أدلارد، ولكن شغفه بمعرفة حقائق الكون أدى به إلى إنتاج ضخم أكسبه اسم "العظيم". واتخذت معظم مؤلفاته العلمية، كما اتخذت معظم مؤلفاته الفلسفية، صورة شروح لرسائل أرسطو المقابلة لها، ولكنها تحتوي من حين إلى حين نسمات جديدة من الملاحظات المبتكرة، وتتاح له وسط سحب المقتبسات المنقولة عن المؤلفين اليونان، والعرب، واليهود فرص ينظر فيها إلى الطبيعة بنفسه. وقد زار معامل التجارب، والمناجم، ودرس كثيراً من المعادن المتنوعة، وفحص عن حيوان بلاده الأصلية - ألمانيا - ونباتها، ولاحظ حلول البحر محل الأرض والأرض محل البحر، وفسر بذلك وجود الحفريات القديمة في الصخور. وإذ كانت فلسفته قد طغت على علمه فحالت بينه وبين الدقة العلمية، فقد ترك نظرياته "القَبْلية" تؤثر في نظرته العلمية، مثال ذلك ادعاؤه أنه رأى شعر الخيل يتحول في الماء إلى ديدان. ولكنه كان مثل أدلارد يرفض تفسير الظواهر الطبيعية بأنها تحدث تبعاً لإرادة الله، ويقول إن الله يعمل وفق علل طبيعية، وإن من واجب الإنسان أن يبحث عن الله في هذه العلل نفسها... وقد خضع لزمانه حين آمن بالتنجيم، وبعلم الغيب؛ وعزا قوى عجيبة للجواهر والأحجار، ويقول: "إن النجوم في الحقيقة هي التي تحكم العالم" في الأحوال الجسمية، وأن اقتران الكواكب يفسر في أغلب الظن "أحداثاً خطيرة وأعاجيب عظيمة"، وأن المذنبات قد تنذر بالحروب وموت الملوك: "إن في الإنسان مصدراً مزدوجاً للعمل - الفطرة والإرادة؛ فأما فطرته فتحكمها النجوم، وأما الإرادة فحرة؛ لكن الإرادة إذا لم تقاوم، اكتسحتها الفطرة". ويعتقد أن في وسع المنجمين القادرين أن يتنبئوا إلى حد كبير بما سوف يحدث للإنسان في حياته، أو بنتيجة ما سوف يقدم عليه من المشروعات، وذلك بالنظر في مواقع النجوم. وهو يقبل ببعض التحفظ نظرية الكيميائيين القدامى، (أو المذهب النووي الحديث) القائل بتحول العناصر بعضها إلى بعض. وكان أحسن ما عمله في علم النبات. فقد كان أول عالم في النبات من أيام ثيوفراسطس (على قدر ما وصل إليه علمنا)... فقد كان الناس في ذلك الوقت يعترفون بأن ألبرت أعظم المعلمين في زمانه، ولقد طال به العمر حتى رأى رجالاً من طراز بطرس الأسباني Peter of Spain، وفنسنت البوفيزي اللذين ماتا قبله ينقلون عنه في مؤلفاتهم. نعم إنه لم يكن في مقدوره أن يضارع ابن سينا أو ابن ميمون أو تومس في دقة الحكم وصدقه أو في قبضته على ناصية الفلسفة، ولكنه كان أعظم علماء التاريخ الطبيعي في زمانه(قصة الحضارة ج17 ص200-204، عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> ألبرتس مجنس)..
 
روجر بيكن (1)
ذلك الرجل الذي قال عنه ديورانت:" وكان يعترف كذلك بما للعلوم والفلسفة الإسلامية من فضل عليه وعلى العالم المسيحي كله، وربما هو مدين به لليونان عن طريق العلماء المسلمين" في النص التالي:"روجر بيكن حوالي عام 1214 - 1292 -ولد أشهر علماء العصور الوسطى في سمرست حوالي عام 1214،ونحن على يقين من أنه عاش حتى عام 1292، وأنه قال عن نفسه في عام 1267 إنه شيخ كبير(96). ودرس في أكسفورد على جروستستي وكسب من هذا العالم المحيط بشتى الفنون افتتاناً بالعلم...وسافر بيكن إلى باريس حوالي عام 1240، ولكنه لم يجد فيها الحافز القوي الذي بعثته فيه أكسفورد؛ وأدهشه كثيراً أن لم يجد إلاّ قلة ضئيلة من أساتذة جامعة باريس تعرف لغة من لغات العلم خلاف اللغة اللاتينية، وأنهم لا يولون العلم إلاّ قدراً ضئيلاً من وقتهم، وأنهم ينفقون الكثير منه في الجدل المنطقي والميتافيزيقي وهو الذي كان يبدو لبيكن عديم النفع في الحياة إلى حد الإجرام. ودرس الطب وشرع يكتب رسالة في تخفيف متاعب الشيخوخة. وسعى للحصول على ما يلزمه من المعلومات لهذه الرسالة بالسفر إلى إيطاليا؛ ودرس اللغة اليونانية في بلاد اليونان الكبرى ، وفيها عرف بعض المؤلفات الطبية الإسلامية، ثم عاد إلى أكسفورد في عام 1251، وانضم إلى هيئة التدريس في تلك الجامعة؛ وكتب في عام 1267 يقول إنه أنفق في العشرين السنة السابقة على ذلك العام ألفي جنيه في شراء "الكتب السرية والآلات" وفي تعليم الشبان اللغات والعلوم الرياضة(97). واستأجر اليهود ليعلموه هو وطلابه اللغة العبرية وليعاونوه على قراءة العهد القديم بلغته الأصلية. وانضم إلى طائفة الرهبان الفرنسيس حوالي عام 1255، ولكن يبدو أنه لم يصبح في يوم من الأيام قساً.
وعافت نفس بيكن ميتافيزيقية المدرسيين، فألقى بنفسه بحماسة بالغة في تيار العلوم الرياضية، والتاريخ الطبيعي، والفلسفة... وكان يعترف بفضل أولئك السابقين عليه ويثني عليهم ثناءً لا حد له: وكان يعترف كذلك بما للعلوم والفلسفة الإسلامية من فضل عليه وعلى العالم المسيحي كله، وربما هو مدين به لليونان عن طريق العلماء المسلمين؛ وأشار إلى أن علماء اليونان والمسلمين "الكفرة" كانوا هم أيضاً ممن تلقوا الوحي والهداية من الله(98). وكان يجل إسحق إسرائيلي، وابن جبيرول وغيرهما من المفكرين العبرانيين، ووجد في نفسه من الشجاعة ما يمكنه من أن يقول كلمة طيبة عن اليهود الذين كانوا يقيمون في فلسطين حينما صلب المسيح(99). ولم يكن يأخذ العلم بنهم عن العلماء وحدهم، بل كان يأخذه أيضاً عن أي إنسان تستطيع معارفه في الصناعات اليدوية أو الأعمال الزراعية أن تزيد ما لديه من معلومات... واندفع في العمل بجهد وسرعة أثرنا في صحته حتى أعتل جسمه في عام 1256، فانسحب من الحياة الجامعية ولم نعد نعرف عنه شيئاً في العشر سنين التالية. وأكبر الظن أنه ألّف في هذه الفترة بعض كتبه الصغيرة أمثال: في العدسات المحرقة وفي قوى الاختراع والطبيعة العجيبة، وتقدير الحادثات الطبيعية. ووضع في هذا الوقت خطة ((الكتاب الرئيسي))، وهو موسوعة من عمل رجل واحد أراد أن تكون في أربعة مجلدات: (1) النحو والمنطق. (2) الرياضة، والهيئة، والموسيقى. (3) العلوم الطبيعية - البصريات، والجغرافية، والتنجيم، والكيمياء القديمة، والزراعة، والطب، والعلوم التجريبية. (4) ما وراء الطبيعة والأخلاق... وإنّا ليسهل علينا أن نفهم الاضطراب الحماسي، والإشادة البابوية، والحرص الشديد على الجهر بالتمسك بالدين القويم، والنزول بالعلم والفلسفة إلى منزلة الخدم لعلوم الدين، نقول إنّا ليسهل علينا أن نفهم وجود هذا كله في كتاب يبلغ هذا المبلغ من اتساع المدى وتعدد الموضوعات، كتب ليكون خلاصة عاجلة، ويراد به الحصول على تأييد البابا للتربية العلمية والبحث العلمي. ذلك أن روجر بيكن كان يشعر بما يشعر به فرانسس بيكن وهو أن تقدم العلوم في حاجة إلى معونة رؤساء الدين وكبار رجال الدولة، وإلى أموالهم لتبتاع بها الكتب، والآلات والسجلات، ومعامل الاختبار، والتجارب، ولأداء أجور الموظفين. (قصة الحضارة ج17 ص205-209، عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> روجر بيكون
)..
 
روجر بيكن (2) ومن الذي قام بالثورة العلمية في الحقيقة؟
يتكلم بيكون عن العلماء المسلمين وأنه استفاد منهم في أكبر منهجية إسلامية وهي المنهجية التجريبية.
وقال ديورانت عن بيكون:" ولقد أحدث بيكن ثورة علمية أداتها الرياضيات والتجارب، على حين أن الفلاسفة المدرسيين من أبلار إلى تومس أكوناس قد وضعوا كل ثقتهم في المنطق، وكادوا يضمون أرسطو إلى الثالوث المقدس...وهو يدرك ويعلن في وضوح أكثر من فرانسس بيكن أن التجربة في العلوم الطبيعية هي البرهان الذي لا برهان غيره. ولم يكن يدّعي أن هذه الفكرة جديدة أتى بها من عنده، بل يعتقد أن أرسطو، وجالينوس، وبطليموس، والعلماء المسلمين، وأدلارد، وبطرس الاسبانيولي، وربرت جروستستي، وألبرتس مجنس وغيرهم قد قاموا بالتجارب العلمية أو امتدحوها، وكل ما فعله روجر بيكن أن جعل الضمني صريحاً، وأن ثبت راية العلم في الأرض المنتزعة من بيداء الجهل. ولم يفد روجر بيكن العلوم نفسها، كما لم يفدها فرانسس بيكن، إلاّ في القليل الذي لا يغني، إذا استثنينا من ذلك علم البصريات وإصلاح التقويم"(قصة الحضارة ج17 ص212، عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> روجر بيكون)..
كان بيكون بوصف ديورانت مؤمن ساذج:" ويبدو أن بيكن يؤمن بقصص الكتاب المقدس إيماناً ساذجاً...ويؤمن كذلك بقرب نزول المسيح وبنهاية العالم"( قصة الحضارة ج17 ص210) كما كان يؤمن بالثالوث وربما كان غير مؤمن بذلك لكنه كان يخشى الكنيسة المسيطرة ، ونحن لاننتظر من بيكون أن يكون مؤمنا بالإسلام فليس هذا غرضنا من البحث بل صلة تفكيره بماتعلمه من علوم الإسلام.
 
روجر بيكن (3) بيكون وابن الهيثم
من أعجب العجائب أن يؤكد يورانت أن بيكون نقل عن ابن الهيثم عناصر نظريته :" تلك فقرات ذات روعة وجلال، ويكاد كل عنصر من عناصر النظرية التي نبسطها يوجد قبل بيكن وخاصة في كتب ابن الهيثم؛ ولكنه هو الذي جمع مادتها كلها في صورة عملية ثورية استطاعت وقت أن حل أوانها أن تبدل العالم"(قصة الحضارة ج17 ص216)
قال ديورانت :"وخير ما كتبه بيكن على الإطلاق هو الجزء الخامس من الكتاب الأكبر "في علم المنظور". وفي الرسالة المكملة له في تضاعف الرؤية. وقد تفرعت هذه المقالة البارعة في البصريات من كتاب جروستستي عن قوس قزح، ومن تلخيص وتلو Witelo لكتاب ابن الهيثم، ومن دراسات علم البصريات التي تنقلت من ابن سينا، إلى الكندي، إلى بطليموس، وبلغت غايتها في إقليدس (300 ق.م) الذي برع في تطبيق الهندسة النظرية على حركات الضوء. وكان من البحوث التي قام بها بيكن: هل الضوء هو انبعاث جزيئات من الجسم المرئي؟ أو هل هو تحرك الوسط الكائن بين هذا الجسم والعين؟ ويعتقد بيكن أن كل جسم مادي يشع قوة في جميع الاتجاهات، وأن هذه الإشعاعات قد تنفذ في الأجسام الصلبة:
ليس ثمة جسم يبلغ من الكثافة حداً يمنع الأشعة منعاً باتاً من أن تمر فيه. ذلك أن المادة التي تتركب منها الأجسام واحدة فيها جمياً، ولهذا فليس ثمة جسم لا تحدث الأفعال التي تصحب مرور شعاع ما تغيراً فيه... إن أشعة الحرارة والصوت تخترق جدران إناء من الذهب أو الشب، ويقول بؤيثيوس إن عين الوشق تخترق الجدران السميكة(118).
ولسنا واثقين من هذه القوة المعزوة إلى الوشق، ولكننا إذا استثنينا هذا القول حق علينا أن نعجب بهذا الخيال الجريء لذلك الفيلسوف،وهو "الخيال المتماسك في كل أجزائه". وحاول بيكن وهو يقوم بالتجارب على العدسات والمرايا أن يصوغ قوانين انكسار الضوء، وانعكاسه، وفعل الأشعة الضوئية في تكبير الأجسام وتصغيرها. ومثل لنفسه قدرة العدسة المجدبة على تركيز كثير من أشعة الشمس في نقطة واحدة، ثم تشتيت هذه الأشعة خلف هذه النقطة لتتكون منها صورة مكبرة فكتب يقول:
في مقدورنا أن نشكل الأجسام الشفافة (العدسات) ونرتبها بالنسبة إلى قوة بصرنا وللأجسام المرئية ترتيباً يجعل الأشعة تنكسر وتنحني في أي اتجاه نريده، فنرى من أية زاوية نشاء الجسم قريباً منا أو بعيداً عنا. وعلى هذا فإن في وسعنا أن نقرأ أصغر الحروف من بعد لا يصدقه الإنسان، وأن نعد حبات التراب أو الرمل... وعلى هذا فإن جيشاً صغيراً يمكن أن يبدو للناظر كبيراً... وقريباً منه كل القرب... وفي وسعنا أيضاً أن نجعل الشمس، والقمر، والنجوم تبدو كأنها قد نزلت إلينا،... وما إلى هذا من الظواهر الكثيرة المماثلة مما لا يتقبله عقل الشخص الذي يجهل الحقائق...(119) ويمكن إلى هذا تصوير السماء بكل ما لها من طول وعرض بصورة مجسمة تتحرك حركتها اليومية،وقيمة هذا عند الرجل العاقل تعادل مملكة بأسرها... ثمة عجائب أخرى غير هذه يخطئها الحصر ويمكن عرضها على العين. تلك فقرات ذات روعة وجلال، ويكاد كل عنصر من عناصر النظرية التي نبسطها يوجد قبل بيكن وخاصة في كتب ابن الهيثم؛ ولكنه هو الذي جمع مادتها كلها في صورة عملية ثورية استطاعت وقت أن حل أوانها أن تبدل العالم. وهذه الفقرات هي التي أرشدت ليونارد دجس Leonard Diggis (المتوفى حوالي 1571) إلى وضع النظرية التي اخترع المرقب على أساسها"
"(قصة الحضارة ج17 ص114-216، عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> روجر بيكون)...
 
روجر بيكن (4)
:"ولم يكن لبيكن في عصره إلاّ أثر قليل. فكل ما يذكره به ذلك العصر أنه رجل يأتي بكثير من الأعاجيب، وأنه ساحر ومشعوذ. وقد صور بهذه الصورة في مسرحية كتبها روجر جرين Roger Green بعد ثلاثمائة سنة من وفاته. وليس من السهل علينا أن نعرف مقدار ما يدين له سمه فرانسس بيكن (1561 - 1626)؛ وكل ما نستطيع أن نقوله في هذا أن فرانسيس وروجر على السواء كليهما رفضا منطق أرسطو، والطريقة المدرسية، وارتابا في الاعتماد على المراجع القديمة، وعلى العادات وغيرها من أصنام التفكير التقليدي، وامتدحا العلوم، وذكرا ما يتوقع اختراعه بالاعتماد عليها، ورسما منهاجاً لها، وأكدا فائدتها العملية؛ وطالبا بالمعونة المالية للبحوث العلمية. وأخذت شهرة بيكن تعظم وتنتشر ببطئ من القرن السادس عشر حتى أصبحت حياته من القصص الخرافية - فقيل إنه هو مخترع البارود، والبطل الحر التفكير، الذي ظل طول حياته مضطهداً من رجال الدين، والمبتكر العظيم للتفكير الحديث. والآن أخذت الآية تنقلب، فالمؤرخون يقولون أنه لم تكن لديه إلا فكرة مهوشة عن التجارب العلمية، وإنه لم يجر من هذه التجارب إلا القليل، وإنه كان في الدين أكثر حرصاً على تقاليده من البابا نفسه، وإن صفحات كتبه تنتشر فيها الخرافات والسحر، والخطأ في الاقتباس، والتهم الكاذبة، والقصص غير الصادقة المأخوذة من التاريخ وهذا كله صحيح؛ وصحيح أيضاً أنه وإن لم يجر من التجارب إلا القليل، قد ساعد على دعم مبدأ التجربة العلمية، ومهد السبيل الى قيامها، وأن جهره بالتمسك بالسنن الدينية قد يكون إجراءً سياسياً من رجل يسعى للحصول على تأييد البابوية للعلوم التي كانت مثاباً للريبة. أما أخطاؤه فقد كانت عدوى زمانه، أو لعلها قد نشأت من العجلة التي تسير بها روح تحرص على أن تجعل المعارف كلها ميداناً لها. وأما امتداحه نفسه فقد كان هو البلسم الشافي لتجاهل عبقريته؛ كذلك كان هجومه على غيره تنفيساً لغرض إنسان جبار خابت آماله، فأخذ يشهد إخفاق أحلامه النبيلة تغرق في بحرٍ من الجهل وهو عاجز عن إنقاذها. وأما هجومه على النقل في الفلسفة والعلم فقد أنار السبيل لتفكيرٍ أوسع مجالاً وأكثر حريةً مما كان في زمانه؛ كذلك كان تأكيده لأسس العلم وأهدافه الرياضية تقدما بخمسمائة عام عن العصر الذي يعيش فيه؛ وخير من هذا كله أن تحذيره الناس من إخضاع الأخلاق للعلم درس لرجال الغد يجب أن يأخذوا به. وملاك القول أن الكتاب الأكبر، رغم أخطائه وآثامه، خليق باسمه، وأنه أعظم من أي مؤلف في جميع آداب ذلك القرن العجيب.
"(قصة الحضارة ج17 ص 221-222، عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> روجر بيكون)...
 
موسوعات العصور الوسطى في الغرب
"وقف العلماء المحيطون بمختلف العلوم موقفاً جريئاً بين العلم والفلسفة يعملون لبث النظام والوحدة في معارف عصرهم التي كانت آفاقها تزداد أتساعاً على مر الأيام؛ وليكونوا من العلم والفن، والصناعة والحكومة، والفلسفة والدين، والأدب والتاريخ، وحدة كلية منتظمة يمكن أن تتخذ أساساً للحكمة. ولهذا برز القرن الثالث عشر سائر القرون بما وضع فيه من الموسوعات، والخلاصات التي كانت كتباً جامعة طابعها التركيب. وكان أكثر أصحاب الموسوعات تواضعاً يقنعون بتلخيص موضوعات العلوم الطبيعية، ومن هؤلاء الكسندر نكهام رئيس دير سرنسستر Cirencester (حوالي عام 1200)، وتموس الكنتمبريئي Thomas of Cantimpre الراهب الدومنيكي الفرنسي (حوالي عام 1244)؛ وقد كتب كلاهما موجزاً في العلوم بعنوان طبيعة الأشياء، ومنهم بارثلميو الإنجليزي Bartholomew of England وهو راهب فرنسيسي أخرج مجلداً كثير الحشو في خصائص الأشياء (حوالي 1240)؛ وفي عام 1266 كتب برونتو Brunetto Latini، وهو مسجل صكوك من فلورنس نفي من بلده لمبادئه السياسية الجلفية (Guelf)، وأقام بضع سنين في فرنسا، كتب بلغة دوئيل Lange d' oil كتاب الكنز Le livre de Tresor وهو موسوعة موجزة في العلوم والأخلاق والتاريخ والحكم. وظلت هذه الموسوعة واسعة الانتشار حتى أن نابليون نفسه فكر في أن تصدر الدولة طبعة منها بعد أن تراجع وذلك بعد خمسين عاماً من إصدار ديدرو Diderot موسوعته الكبرى التي هزت العالم هزاً. وكانت هذه
المؤلفات كلها التي صدرت في القرن الثالث عشر تمزج اللاهوت بالعلوم، والخرافات بالمشاهدات، لأنها كانت تتنفس هواء زمانها؛ ولو أننا قدر لنا أن نعرف نظرة الناس الى علمنا الجامع بعد سبعة قرون من هذه الأيام لأغضبنا ما نراه"(قصة الحضارة ج17 ص223-224. عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> أصحاب الموسوعات
 
"وأشهر موسوعات المسيحيين في العصور الوسطى موسوعة فنسنت بوفيه المسماة المرآة الكبيرة (1200 - 1264 أو حوالي ذلك الوقت). وقد انضم بوفيه هذا إلى جماعة الرهبان الدومنيك، وأصبح معلماً للويس التاسع وولده، وعهد إليه الإشراف على مكتبة الملك، وأخذ على عاتقه هو وجماعة من أعوانه أن يضع في صورة سهلة التناول جميع ما يحيط به من ألوان المعرفة. وقد أطلق على موسوعته أسم صورة العالم Imago Mundi، ومثل فيها العالم بمرآة ينعكس عليها الذكاء القدسي والتخطيط الإلهي، وكانت موسوعة ضخمة تعادل في حجمها أربعين مجلداً من المجلدات الكبيرة الحجم في هذه الأيام. وأتم منها فنسنت مع النساخين ثلاثة أجزاء: المرآة الطبيعية، ومرآة العقائد، ومرآة التاريخ، وأضاف إليها من خلفوه في هذا العمل، حوالي عام 1310 مرآة الأخلاق ومعظمها مأخوذ من موجز تومس أكوناس. وكان فنسنت إنساناً متواضعاً ظريفاً، قال عن نفسه "إني لا أعرف علماً واحداً"، وهو يتنصل من أنه ابتكر شيئاً ما ويقول إن كل ما أراد أن يفعله هو أن ينقل أقوال 450 مؤلفاً يونانياً، ولاتينياً، وعربياً. وقد نقل أخطاء بلني بأمانة، وصدق كل عجائب التنجيم، وملء صحفه بالصفات السحرية للنبات والحجر، ولكن عجائب الطبيعة وروائع جمالها تبدو مع ذلك واضحة في كتابه من حينٍ إلى حين، تنفذ من خلال ما فيه من أقوال غير ذات قيمة" "(قصة الحضارة ج17 ص224. عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> أصحاب الموسوعات)
 
لماذا اغفل ديورانت ضربات او خطوات او مثورات العلم الإسلامي في الخطوات الواسعة والأهم
"ويضارع النشاط العلمي الذي انبثق في القرن الثالث عشر عظمة فلسفاته المختلفة، وآدابه المتنوعة الباهرة، من الشعراء الغزلين الى دانتي. لقد كان علم تلك الأيام، كما كانت موجزاته العظيمة والمسلاة الإلهية، يعاني الشيء الكثير من إسراف أصحابه في الوثوق به، ومن عجزهم عن بحث فروضه، ومن خلط المعارف بالدين بلا تفريق بينهما. ولكن سفينة العلم الصغيرة التي كانت تسبح في بحرٍ من المزاعم الخفية خطت خطوات واسعة في عصر الإيمان نفسه. فقد بدأ أدلارد وجروستستي، وألبرت، وآرنلد الفلانوفي، ووليم السليستوي، وهنري المندفيلي، ولانفراتشي وروجر بيكن، وبطرس الحاج وبطرس الأسباني، بدأ هؤلاء كلهم مشاهدات وملاحظات جديدة، وتجارب صغيرة أخذت تحطم ما كان لأرسطو، وبلني، وجالينوس من سلطان على العقول. وملأ التحمس للارتياد والمغامرة أشرعة سفينة الرواد، قد عبر عن ذلك الإخلاص العلمي الجديد ألكسندر نكهام في بداية ذلك القرن العجيب فكتب يقول " إن العلم لا ينال إلا بثمنٍ باهض، هو اليقظة الدائمة، وإنفاق الوقت الطويل، وبالجد والكدح المتواصلين، وباستخدام العقل بحماسة وقوة"(قصة الحضارة ج17 ص225. عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> العلوم المسيحية -> أصحاب الموسوعات)
 
صلاح الدين الأيوبي و وليم الصوري William of Tyre(حوالي 1130-1190)
"وعيّن رجل فرنسي مولود في فلسطين يدعى وليم الصوري William of Tyre(حوالي 1130-1190) مستشاراً لبولدون الرابع ملك بيت المقدس، ثم أصبح بعدئذ كبير أساقفة صور؛ وتعلّم اللغات الفرنسية، واللاتينية واليونانية والعربية وقليلاً من اللغة العبرية؛ وكتب بلغة لاتينية سليمة كتاباً هو خير ما يعتمد عليه من المصادر في تاريخ الحملات الصليبية الأولى، وسمّاه تاريخ حوادث ما وراء البحار Historia reum in partibus transmarinis gestarum. وقد حاول فيه أن يفسّر الحوادث جميعها بالاستناد إلى الأسباب الطبيعية. وكانت نزاهته في تصوير أخلاق نور الدين محمود وصلاح الدين من أكبر أسباب عقيدة أوربا المسيحية في هذين العاهلين اللذين يخالفانها في الدين"(قصة الحضارة ج17 ص230-231، عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> عصر الخيال -> إحياء اللغة اللاتينية)
 
يعجبون من علوم المسلمين ويفتخرون بها ويخاصمون الباباوية بها ويصلحون بها أجسادهم وعقولهم ولايعلمون أنها من تفجير النصوص التي أنزلت على محمد رسول الله فمن جهة أخرى يصورونه على الصورة النمطية لعصورهم المظلمة
ماثيو باريس(نموذجا)
ومرة أخرى فردريك الثاني حاضر في المشهد
:" وكان ماثيو باريس (حوالي 1200-1259) راهباً في دير سانت أولبنز، وشغل أولاً منصب مؤرخ لديره، ثم بعد ذلك منصب مؤرخ للملك هنري الثالث،واستعان بهذين المنصبين على تأليف كتابه التاريخ الكبير بلغة شيّقة ممتعة؛ وهو يروي الحوادث الهامّة التي وقعت في تاريخ أوربا بين عامي 1235، 1259. ويمتاز كتابه بالوضوح والدقّة، ولكن فيه تحيّزاً لم يكن متوقعاً منه؛ وندّد فيه "بالبخل الذي نفر الشعب من البابا"، وانحاز إلى فردريك الثاني ضد البابوية. وملأ صفحاته بأنباء المعجزات، وروى قصة اليهودي الجوّال (في عام 1228)، ولكنه روى بصراحة تشكّك أهل لندن في انتقال بعض نقط من دماء المسيح إلى دير وستمنستر (1247). ووضّح كتابه بعدّة خرائط لإنجلترا رسمها بنفسه، وهي خير ما رسم من الخرائط في ذلك الوقت،وربما كان هو الذي رسم أيضاً الأشكال التي وضّح بها كتابه. وإنّا لنعجب بجدة وغزارة علمه، ولكن الصورة التي رسمها للنبي محمد (1236) تكشف عمّا يمكن أن يكون عليه رجل مسيحي متعلّم من جهل عجيب بالتاريخ الإسلامي"(قصة الحضارة ج17 ص231، عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> عصر الخيال -> إحياء اللغة اللاتينية).
 
تحيز صليبي
جيوفروي ده فيل هاردون وكتابه فتح القسطنطينية (1207)
جيوفروي ده فيل هاردون Geoffroy de Villehardouin (حوالي 1150- حوالي 1218). فكان من النبلاء والمحاربين لم ينل من التعليم النظامي إلاّ القليل؛ ولكن جهله بالحيل البلاغية التي تعلمّ في المدارس هو الذي مكّنه من أن يملي كتابه فتح القسطنطينية (1207) بلغة فرنسية دقيقة خالية من التنميق، تتّجه نحو الغرض من أقرب طريق،ومن أن يجعل هذا الكتاب من أهم ما كتب في فن كتابة التاريخ. ولم يكن من أسباب شهرة هذا الرجل بعده عن التحيّز، فقد كان وثيق الصلة بالحرب الصليبية الرابعة، واضطلع فيها بدور هام، فلم يستطيع لهذين السببين أن يرى تلك الخيانة الجميلة الظاهرة، خيانة الحقيقة والتاريخ، بعين الرجل الموضوعي الذي ينظر إلى الحقائق دون غيرها؛ ولكن من أهم مزاياه أنه كان في وسط الحوادث نفسها يشهدها ويحس بها حين وقوعها، ممّا أضفى على كتابه حيوية لا يكاد يبليها الزمن"(قصة الحضارة ج17 ص232، عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> عصر الخيال -> إحياء اللغة اللاتينية).
 
جان سير ده جوانفيل مؤرخ يرفض الخروج في حملة صليبية
"وظهر بعد قرن أو نحوه من ذلك الوقت جان سير ده جوانفيل Jean Sire de Joinville قيم القصر في شمبانيا؛ وبعد أن خدم لويس التاسع في حملته الصليبية وفي فرنسا، كتب وهو في الثامنة والخمسين من عمره كتابه تاريخ القديس لويس (1309)؛ ونحن نحمد له وصفه خلائق التاريخ وصفاً أميناً بعيداً عن التكلف، واهتمامه بعاداتهم وقصصهم التي توضّح سيرهم وتنير ما يكتنفها من ظلمات. وبفضله نستطيع أن نحس بالجو الذي كان سائداً في ذلك العصر كما لا نحس به في كتاب فيل هاردون، فنصحبه حين يخرج من قصره بعد أن يرهن ما يمتلكه كله تقريباً لينضم إلى الحملة الصليبية؛ ويقول إنه لم يجرؤ على النظر إلى الوراء حتى لا يذوب قلبه أسىً حين تقع عينه على زوجته وأبنائه، ولعلّه لن يراهم بعد ذلك اليوم. ولم يكن لهذا الرجل ما كان لفيل هاردون من دهاء وسعة حيلة، ولكنه كان يمتاز بالإدراك الفطري السليم، وكان يرى ما في قديسه من عيوب، ولهذا رفض أن ينضم إلى الحملة الصليبية التالية حين طلب إليه لويس الانضمام إليها، لأنه رأى ببصيرته أن هذه مغامرة لا يرجى لها فلاح، ويقول إنه حين سأله هذا الملك الورع: "أيّهما تفضّل - أن تصاب بالجذام أو أن ترتكب خطيئة موبقة؟".
"فأجبته وأنا الذي لم يكذب عليه قط بأنه خير لي أن أرتكب ثلاثين خطيئة موبقة من أن أصاب بالجذام.ولمّا خرج الرهبان من حضرته استدعاني وحدي وأجلسني عند قدميه وقال لي: كيف تجرؤ على هذا القول؟... فأجبته بأني قلته مرة أخرى بعد ذلك الوقت؛ فردّ عليّ بقوله: لقد تسرّعت وكنت أحمق في ردّك، فإن من واجبك أن تعرف أنه ليس ثمة جذام أبشع من ارتكاب الخطيئة الموبقة... وسألني: هل غسلت أقدام الفقراء يوم خميس الصعود؟ فأجبته: يا مولاي، لو فعلت لأصبت بالغثيان، إني لن أغسل قط أقدام أولئك الأدنياء.فقال لي الملك: الحق أنك قد أخطأت إذ نطقت بهذا القول، لأن عليك ألاّ تحتقر ما فعله الله ليعلمنا، ولهذا فإني أرجوك بحق حبّك الله أوّلاً وحبّك إياي ثانياً أن تعوّد نفسك غسل أقدام الفقراء""(قصة الحضارة ج17 ص232، 233،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> عصر الخيال -> إحياء اللغة اللاتينية).
 
حتى أنت ياقافية؟
:"وما من أحد يعرف من أين جاءت القافية إلى العالم المسيحي الغربي وإن الكثيرون يبدون آراء تعتمد على الحدس وحده. لقد اتبعت القافية في عدد قليل من القصائد الوثنية كقصائد إينوس، وشيشرون، وابوليوس؛ وكانت تستعمل أحياناً في الشعر العبري والسرياني، واستعملت مراراً متفرقة في الشعر اللاتيني أثناء القرن الخامس؛ وهي شائعة الاستعمال في الشعر العربي منذ عهد قديم يرجع إلى القرن السادس الميلادي. ولعل حب المسلمين للقافية قد أثر في المسيحيين الذين اتصلوا بالإسلام؛ ويذكرنا الإفراط في التزام القافية في أواسط الأبيات وأواخرها في شعر العصور الوسطى اللاتيني بهذا الإفراط عينه في الشعر العربي.ومهما يكن في هذا من خير أو شر فإن هذه الصيغ الجديدة قد أنتجت ضرباً جديداً من الشعر اللاتيني، يختلف في كل شيء عن الشعر القديم، موفوراً وفرة عجيبة، يبلغ من الجودة درجة لم تكن متوقعة "(قصة الحضارة ج17 ص236،237،عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> عصر الخيال -> إحياء اللغة اللاتينية).
 
فليس في بافيا طريق لا يؤدي إلى الفجور،
وليس في أبراجها الكثيرة برج واحد للعفاف
شاعر الماني(انظر قصة الحضارة ج17 ص241 و243)





 
وظل الهجاء قرناً كاملاً من ذلك الوقت هو المسيطر على الميدان، يقرض بأنيابه قلب الإيمان، حتى تزعزعت جميع دعائم صرح العصور الوسطى، وتحطمت أضلاعه، وتركت نفس الإنسان مزهوة تترنح على حافة العقل.
قصة الحضارة ج17 ص301
 
لي تعليق بسيط على هجاء العصور الوسطى ويمكن ان نضيف اليه هجاء مونتوليني وفلوتير وغيرهما فيما بعد
لقد تم السخرية من الدين وبدرجات عبر تلك العصور والقرون لكن دعونا نقول للعلمانيين الم تمد العلوم الاسلامية وروعتها قريحة السخرية عند الساخرين بالمادة اليقينية التي ارتكنوا عليها وهي خسة الباباوات وخرافة الايمان المسيحي وانانية رجالات الحروب الصليبية ثم مافي العلم الاسلامي من علو و فائدة عظيمة ورحمة
فكانوا يسخرون من واقعهم المزري وهم يرون النموذج الاسلامي يصنع العجائب العلمية في حواضر المسلمين القريبة والاوروبية معا
فلماذا يهجون ديننا ويسخر العلمانيون من نبينا (صادق جلال العظم-سلمان رشدي-خليل عبد الكريم-القمني- ولم جرا)
ان سخريتهم مردودة عليهم ذلك انهم صناعة عصور الانحطاط العربي والاسلام براء منهم ومن واقعهم الذي دعموه وخلقوه وساندوا ائمة الكفر فيه
 
فردريك الثاني وأثر المسلمين في الشعر وفي تطوير الأدب الغربي وفروسية الحب
قال ديورانت
"كان بلاط فردريك الثاني هو المكان الذي ولد فيه الأدب الإيطالي. وربما كان لمن في حاشيته من المسلمين نصيب في الحافز الباعث على نشأة هذا الأدب لأن كل مسلم يعرف القراءة والكتابة في ذلك الوقت كان يقرض الشعر. وساعد ذلك أن سيلو دالكلمو Cillo d'Alcamo (حوالي عام 1260) كتب "حواراً" جميلاً "بين عاشق وسيدة". وتكاد مدينة ألكامو إحدى مدن صقلية تكون مدينة إسلامية. ولكن أثراً أقوى من أثر المسلمين جاء إلى الجزيرة من شعراء الفروسية الغزلين في يروفانس. فقد كان هؤلاء يرسلون أشعارهم، أو يأتون بأنفسهم، إلى فردريك وأعوانه المثقفين وكان هو يجلّهم ويقدّر جهودهم. ولم يكن فردريك نفسه يناصر الشعر فحسب، بل كان فوق ذلك يكتبه، ويكتبه باللغة الإيطالية... وكان رينلدوداكوينو Rinaldo d'Aquino (أخو القديس تومس) والذي كان يعيش في بلاط فردريك، وجيدو دلي كولن ، وياقوبو دالنتينو Lacopo da Lentino أحد مسجلي الصكوك في بلاط فردريك، كان هؤلاء جميعاً من بين شعراء تلك "النهضة الأبولية". وإنّا لنجد في أغنية ياقوبو (كتبت حوالي 1233) أي قبل مولد دانتي بجيل من الزمان، ما نجده من قصائد الحياة الجديدة Vita Nuovo من رقة العاطفة وجمال الصقل:... بل كل ما أبغيه أن أشاهد طلعتها البهية، وعينيها الناعستين الجميلتين، ووجهها الصبوح حتى تتم بذلك سعادتي برؤية سيدتي مبتهجة في مكانها! ... وتُرجم كثير من الشعر "الصقلي" إلى لغة تسكانيا، وكان له نصيب في تكوين مدرسة الشعراء التي انتهت إلى دانتي. وحدث في ذلك الوقت عينه أن هجر شعراء الفروسية الغزلون الفرنسيون بلاد لانجويك Languedoc التي مزّقتها الحروب الدينية، ولجأوا إلى بلاد الإيطاليين، وعلّموا شعراء تلك البلاد فنهم المرح، كما علّموا النساء الإيطاليات أن يرحبن بقصائد المديح، وأقنعوا كبار الإيطاليين بأن يجزلوا العطاء للشعراء وإن توجهوا بشعرهم إلى زوجاتهم،وقد بالغ بعض شعراء التسكان في تقليد شعراء الفروسية فكتبوا شعرهم بلغة بروفنسال نفسها للفرنسيين. ومن هؤلاء Sordello (حوالي 1200-1270) وهو شاعر ولد في منتوا Mantua بلدة فرجيل، وأني ما أغضب إزلينوEzzelino الرهيب؛ ففر إلى بروفانس، وكتب بلغة تلك البلاد قصائد في الحب الروماني الأفلاطوني.
ونشأ من هذه العاطفة الأفلاطونية، بمزيج عجيب من الميتافيزيقا والشعر "الأسلوب الحلو الجديد" التسكاني. ذلك أن الشعراء الإيطاليين خرجوا على الشهوانية الصريحة التي وجدوها عند المغنين من شعراء بروفانس، وآثروا أن يحبوا،أو ادعوا أنهم يحبون، النساء بوصف كونهن ممثلات للجمال النقي المجرد، أو كونهن رموزاً للحكمة أو الفلسفة الإلهيتين. وكانت هذه نغمة جديدة في إيطاليا التي عرفت مائة ألف من شعراء الغزل. وربما كان قلم القديس فرانسس هو الذي حرك هذه الأفلام العفيفة، أو لعل كتاب الخلاصة لتومس أكوناس كان شديد الوطأة عليهم، أو لعلهم شعروا بتأثير المتصوفة المسلمين الذين لم يكونوا يرون في الجمال غير الله، والذين كانوا يوجهون قصائد الحب للخالق جل وعلا. وتكونت المدرسة الحديثة من سرب من المغنين العلماء... نشر هؤلاء الأسلوب الجديد في شمالي إيطاليا؛ وجاء به إلى فلورنس جيدو كفلكنتي Guido Cavalcanti (حوالي 1258-1300) صديق دانتي وأظرف من عبّر عن هذا الأسلوب قبل الشاعر الكبير. وكان جيدو من الأشراف، ولهذا كان يختلف عن سائر هؤلاء الشعراء العلماء، وكان جيدو من الأشراف، ولهذا كان يختلف عن سائر هؤلاء العلماء، وكان زوج ابنة فاريناتا دجلي أبرتي Farinata degli uberti الذي قاد حزب الجبلين Ghibelline في فلورنس. وكان من أصحاب التفكير الحر في الدين ومن المقتنعين بفلسفة ابن رشد، متشكّكاً في الخلود وفي الله نفسه(4). واضطلع بدور إيجابي، عنيف في الشئون السياسية، وأصدر دانتي ومن معه من الرؤساء في عام 1300 قراراً بنفيه؛ فلمّا أصابه المرض عفي عنه، ومات في ذلك العام نفسه" (قصة الحضارة ج17 ص 303-305، عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> دانتي -> شعراء الفروسية الغزليون الإيطاليون)
 
دانتي 1265- 1321
من هو دانتي(1) الذي أهان الرسول(في الكوميديا الإلهية) في نفس الوقت الذي كانت الحسنات القليلة في حياة دانتي تأتيه من الإسلام؟
"في شهر مايو من عام 1265 وَلدت بلا ألجيري Bella Alighieri لزوجها ألجيرو ألجيري Alighiero Aligieri ولداً سموه دورانتي Duarante ألجيري... هو الذي اختصر اسمه الأول دانتي(8). وكان لأسرته سلسلة نسب طويلة في فلورنس. ولكنها حلت بها القافلة، وماتت والدة الطفل في السنين الأولى من عمره، وتزوج ألجيري وغيرها، ونشأ دانتي مع زوجة أبيه، وأخ له غير شقيق، وأختين غير شقيقتين، ولعله لم يكن سعيداً معهم(9). ومات والد دانتي حين كان ابنه في الخامسة عشر من عمره، وخلف لهم عبئاً من الديون. وكان دانتي يذكر من بين مدرسيه برونتو لاتيني Brunetto Latini ولا ينسى فضله عليه. وكان بونتو حين عاد من فرنسا قد اختصر موسوعته الفرنسية الكنز Tresor إلى موسوعة إيطالية صغرى سماها الكنيز Tesoretto وتعلم منه دانتي كيف يخلد الإنسان ذكره Come l'uom s'eterna(11). وما من شك في أن دانتي قد درس فرجيل، وأنه وجد في دراسته لذة كبيرة، فهو يحدثنا عن أسلوب شاعر مانتوا الجميل، وهل يوجد طالب سواه أحب كتاباً من كتب القدماء حباً جعله يسير وراء مؤلفه في الجحيم؟ ويشير بوكاشيو إلى أن دانتي كان في بولونيا عام 1287. وحصل الشاعر في هذه البلدة أو في مكان سواها قدراً يؤسف له من العلوم ومن فلسفة المعجزات التي كانت منتشرة في زمانه جعل قصيدته مثقلة بعلمه الواسع الغزير. وكان مما تعلمه فضلاً عن هذا ركوب الخيل، والمثاقفة، والتصوير، والغناء" (قصة الحضارة ج17 ص307-308) عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> دانتي -> دانتي وبياتريس).
 
من هو دانتي(2) الذي أهان الرسول(في الكوميديا الإلهية) في نفس الوقت الذي كانت الحسنات القليلة في حياة دانتي تأتيه من الإسلام؟
عشيقات دانتي
:"بيد أنه حاد في بعض الأحيان عن صراطه المستقيم. فقد تورط دانتي بعد موت بياتريس بوقت ما في خفيف بعد حب خفيف ـ أحب "بيترا Pietra"، "وبرجلتا Paragoletta" و "ليزتا Lisetta" "وغيرهن من الأباطيل التي لم ينتفع بهن إلاّ زمناً قصيراً"(19) وقد وجه إلى سيدة واحدة - يسميها السيدة الظريفة قصائد غزلية - أقل روحانية من قصائده إلى بياتريس. ثم تزوج في عام 1291 وهو في السادسة والعشرين من عمره جما دوناتي Gemma Donati، وهي فتاة من سلالة أقدم الأسر الشريفة في فلورنس. وأنجبت له في عشر سنين عدة أبناء يقدرهم البعض بثلاثة، والبعض بأربعة، والبعض الآخر بسبعة وبلغ من إخلاصه لدستور شعراء الفروسية الغزلين أنه لم يذكر قط زوجته أو أبناءه في شعره، ولو فعل لكان هذا عملاً غير لائق به، لأن الزواج والحب الروائي ضدّان لا يجتمعان" (قصة الحضارة ج17 ص313، عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> دانتي -> دانتي وبياتريس)..
 
من هو دانتي(3) الذي أهان الرسول(في الكوميديا الإلهية)
في نفس الوقت الذي كانت الحسنات القليلة في حياة دانتي تأتيه من الإسلام؟
أليس الإسلام يادانتي هو من هيج أوروبا على الرهبان والقساوسة والباباوات ومحاكم التفتيش ضد المسيحية نفسها، وضد الإقطاع والعبودية والجهل والخرافات والظلم والقهر فلماذا وقد انقلبوا عليك أن تنقلب على الإسلام والنبي محمد ولاترضى الا عن ابن رشد مع أنه كثير مما جاء به تعلمه من الإسلام.
سؤال يوجه لدانتي خصوصا وان حياته عانت من البداية من قومه لا من الإسلام(عشر سنوات في المنفى، كبداية ثم توالت عليه المصائب من قومه)
قال ديورانت عن دانتي:"ثم ألقى بنفسه في بحر السياسة، ولعل الذي ساعده على هذا هو كفلكانتي؛ وأنضم لأسباب لا نعرفها إلى حزب "البيض Blanchi" وهو حزب الطبقة المتوسطة العليا. وما شك في أنه ذا مواهب سياسية، لأنه اختير في عام 1300 لا بعد عضو في المجلس البلدي؛ وحدث في أثناء اضطلاعه بهذا العبء القصير الأجل أن حاول السود Neir يقودهم كورسو دوناتي Corso Donati أن يحدثوا انقلاباً سياسياً مفاجئاً يعيدون به الأشراف الأقدمين إلى الحكم. ولكن المقدومين - أعضاء المجلس البلدي - قمعوا الفتنة وسعوا بموافقة دانتي لنشر لواء السلام في المدينة بنفي زعماء الحزبيين - ومنهم دوناتي - صهر دانتي، وكفلكانتي صديقه. لكن دوناتي غزا فلورنس في عام 1301 بعصبة من السود المسلحين، وخلع المقدمين، واستولى على زمام الحكم؛ ثم حوكم دانتي وخمسة عشر من المواطنين في أوائل عام 1302 وأدينوا بعدة جرائم سياسية، ونفوا من البلدة، وحكم عليهم بأن يقتلوا حرقاً إذا عادوا إلى فلورنس مرة أخرى. ففر دانتي ولكنه ترك أسرته في المدينة لأنه كان يأمل في العودة إليها بعد قليل.واضطره هذا النفي وما صحبه من مصادرة أمواله إلى أن يقضي تسعة عشر عاماً في فقر مدقع وتجوال في البلاد، ملأ قلبه غلاًّ وحقداً، وكانا من أسباب مزاجه النكد الذي يسود موضوع الملهاة الإلهية. أما شركاؤه في النفي فقد أقنعوا مدائن أرِزَّو، وبولونيا، وبستويا بأن تسيّر على فلورنس جيشاً مؤلفاً من 10.000 مقاتل ليعيدهم إلى السلطة أو في القليل يردهم إلى أوطانهم (1304)، وقد فعلوا هذا على الرغم من نصيحة دانتي لهم ألاّ يقدموا على هذا العمل. وأخفقت هذه المحاولة، واختط دانتي لنفسه من ذلك الوقت خطة خاصة، وعاش مع أصدقائه في أرِزّو، وبولونيا وبدوا. وكانت السنون العشرة الأولى من نفيه هي التي جمع فيها بعض القصائد التي كتبها إلى السيدة الظريفة، وأضاف إليها تعليقات نثرية استحالت بها هذه السيدة إلى السيدة الفلسفة. ويحدثنا دانتي في قصيدة المائدة (Conviuio) (حوالي عام 1308) كيف ولّى وجهه، بعد خيبته في الحب وفي الحياة، نحو الفلسفة ليخفف بها من آلامه؛ وكيف وجد في هذه الدراسة المغرية إلهاماً مقدساً... وشرع وقتئذ في ذلك العمل المتواضع ألا وهو إعادة حكم أباطرة الدولة الرومانية المقدسة في إيطاليا؛ ذلك أن تجاربه قد أقنعته بأن منشأ ما في المدن الإيطالية من فوضى وعنف هو فهمها الخاطئ المجزًّأ للحرية - فقد كان كل إقليم، وكل مدينة، وكل طبقة، وكل فرد، وكل ذي شهوة يطالب بالحرية الفوضوية. وقد كان هو يتوق إلى ما تاق إليه مكيفلي بعد مائتي عام من ذلك الوقت، إلى قوة تنسق جهود الأفراد، والطبقات، والمدن فتجعل منها كلاًّ منظماً، يستطيع الناس في داخله أن يعملوا ويعيشوا في سلم وأمان. وكان يرى أن هذه السلطة الموحدة إمّا أن تأتي من البابا أو من رئيس الدولة الرومانية الشرقية، التي كان شمالي إيطاليا من زمن بعيد يخضع لها من الوجهة النظرية. غير أن دانتي كان قد نفى من زمن قصير بأمر حزب متحالف مع البابوية؛ وتقول إحدى الروايات غير المؤكدة إنه اشترك في بعثة سياسية غير موفقة أرسلت من فلورنس إلى بنيفاس الثامن؛ وقد ظل البابوات زمناً طويلاً يعارضون في توحيد إيطاليا لأن هذا يعرض لخطر حريتهم الروحية وسلطتهم الزمنية. ولهذا بدا أن الأمل الوحيد في عودة النظام في عودة النظام إلى البلاد هو إعادة السلطة الإمبراطورية، بالرجوع إلى السلم الرومانية التي بسطت لواها روما القديمة. وفي هذه الظروف كتب دانتي في تاريخ غير معروف رسالته المثيرة في الملكية المطلقة De monarchia، كتبها باللغة اللاتينية، وكانت لا تزال لغة الفلسفة؛ وقال إنهم لما لكان عمل الإنسان الذي يليق به هو النشاط الذهني، ولما كان عجز عن ممارسة هذا النشاط إلاّ في السلم، فإن الحكم المثالي هو إقامة دولة عالمية تقر السلام الدائم وتبسط العدالة على جميع سكان الأرض. فإذا قامت هذه الدولة كانت هي الصورة الصحيحة المطابقة للنظام السماوي الذي وضعه الله في الكون. وكانت روما الإمبراطورية أقرب الدول إلى هذه الدولة العالمية، ولقد أظهر الله رضاءه عن هذه الدولة إذ اختار أن يكون إنساناً في عهد أغسطس، وإذا أمر المسيح نفسه للناس بأن يخضعوا لسلطان القياصرة السياسي. ولم يكن سلطان الإمبراطورية القديمة مستمداً بطبيعة الحال من الكنيسة المسيحية، غير أن الدولة الرومانية المقدسة لم تكن إلاّ هذه الدولة القديمة عادت إلى الوجود. نعم إن البابا هو الذي توج شارلمان إمبراطوراً؛ ولاح بهذا أن الإمبراطورية قد خضعت للبابوية؛ ولكن (اغتصاب حق لا يخلق هذا الحق؛ ولو أنه خلقه لدلت هذه الطريقة عينها على خضوع السلطة الكنسية للدولة المدنية بعد أن أعاد الإمبراطور أتو Otto البابا ليو Leo وخلع بنيفاس)(21).
ولقد كان كتاب الملكية المطلقة دفاعاً قوياً عن قيام (عالم واحد)، ذا حكومة واحدة، وشرائع واحدة، رغم ما في هذا الكتاب من جدل مدرسي، لم يعد يتمشى مع طرائق التفكير السائدة في ذلك الوقت. ولم يكن مخطوط الكتاب معروفاً في أثناء حياة مؤلفه إلاّ لعدد قليل من الناس، ولكنه انتشر بعد وفاته، واتخذه لويس البافاري Louis of Bavaria عدو البابوية وسيلة للدعاوة، ثم أحرق الكتاب علناً بناءً على مرسوم بابوي صدر في عام 1329، وأدرج في القرن السادس عشر في الثبت البابوي المحتوي أسماء الكتب المحرمة، ثم رفعه من هذا الثبت ليو الثالث عشر في عام 1897. ويقول بوكاشيو إن دانتي ألف كتاب الملكية (حين جاء هنري السادس). ذلك أن ملك ألمانيا غزا إيطاليا في عام 1310 راجياً أن يبسط على شبه الجزيرة كلها، عدا الولايات البابوية، الحكم الإمبراطوري الذي انقضى عهده بموت فردريك الثاني. ورحب به دانتي، وجاشت في صدره آمال كبار؛ وأهاب بمدن لمبارديا، في "رسالة موجهة إلى أمراء إيطاليا وشعوبها" أن تفتح قلوبها وأبوابها إلى "القادم" اللكسمبرجي الذي سينجيها من الفوضى والبابوات. ولمّا وصل هنري إلى ميلان هرع دانتي إليها وألقى بنفسه وهو في نشوة الحماسة عند قدمي الإمبراطور، وخيّل إليه أن كل ما كانت تصوره له أحلامه من قيام إيطاليا الموحدة يوشك أن يتحقق. لكن فلورنس لم تستجب لنداء الشاعر، وأوصدت أبوابها في وجه هنري؛ ووجه دانتي وهو في سورة الغضب رسالة "إلى الفلورنسيين أشد الناس إجراماً Scelestissimis Florentinis (مارس 1311) قال فيها:
ألا تعرفون أن الله قد أمر أن يخضع بنو الإنسان كلهم لحكم عاهل واحد ليدافع عن العدالة، والسن، والحضارة؟ وأن إيطاليا كانت على الدوام فريسة للحرب الأهلية كلما زال عنها سلطان الإمبراطورية؟ يا من تعتدون على القوانين البشرية والإلهية ويا من يدفعكم النهم الرهيب إلى ارتكاب كل جريمة مهما بلغت من الشناعة - ألم تروعكم رهبة الميت الثانية فخرجتم على مجد الأمير الروماني، ملك الأرض ومبعوث الله؟... يا أحمق الناس وأبلدهم إحساساً! سوف تخضعون صاغرين إلى النسر الإمبراطوري!(24).
وساء دانتي وملأ قلبه هلعاً أن هنري ترك فلورنس وشأنها؛ ولهذا كتب الشاعر إلى الإمبراطور في شهر إبريل كما كتب نبي من أنبياء إسرائيل يحذر الملوك فقال:
لسنا ندري أي خمول يقعدك عن العمل هذا الزمن الطويل... إنك تضيع الربيع كما تضيع الشتاء في ميلان... (لعلك لا تعرف) أن فلورنس مصدر الشر المستطير... وأنها هي الأفعى... التي تنفث من أنفاسها الفاسدة الدخان الموبوء الذي يقضي على القطعان المجاورة لها... هُبَّ إذن يا ابن يسَّي Jesse النبيل!(25). وكان رد فلورنس أن أعلنت نفي دانتي، وحرمانه أبد الدهر من كل عفو يصدر عن الخائنين. وترك هنري فلورنس دون أن يمسها بسوء، وانتقل عن طريق جنوى وبيزا إلى روما حيث توفي (1313).
وكان موته من أشد الفواجع التي حلت بدانتي؛ ذلك أنه قد قامر بكل شيء على انتصار هنري، وحرق من ورائه كل الجسور الفلورنسية، ولم ير أمامه إلاّ أن يفر إلى جبيو Gibbio ويلجأ إلى دير الصليب المقدس (سانتا كروس Santa Croce). ويبدو أنه كتب في هذا الدير جزءاً كبيراً من الملهاة المقدسة (26). غير أنه لم يكن قد شبع من السياسة فقد كان في أغلب الظن مع أجشيوني دلا فجيولو Uguccione della Fuggiulo في لوكا Lucca عام 1316؛ وفي ذلك العام هزم فجيولو الفلورنسيين عند مونتي كاتيني Montecantini؛ ثم استفاقت فلورنس من هذه الهزيمة وضمت ابني دانتي إلى المحكوم عليها بالإعدام - ولم ينفذ هذا الحكم قط. وخرجت لوكا على أجشيوني وألفا دانتي نفسه بلا وطن. ورأت فلورنس في نشوة النصر أن تكون كريمة، وأن تنسى أحكامها الأبدية، فعرضت أن تعفو عن جميع المنفيين وتؤمنهم على حياتهم إذا عادوا إليها، على شرط أن يؤدوا لها غرامة مالية، وأن يسيروا في شوارع المدينة في أثواب الندم، وأن يزج بهم في السجن وقتاً قصيراً. وتطوع أحد أصدقاء دانتي بإبلاغه هذا القرار، فرد عليه برسالة ذائعة الصيت قال فيها:
إلى صديق فلورنس: تلقيت رسالتك بما يليق بها من الإجلال والحب، وأدركت منها بقلب مفعم بالشكر... أن عودتي إلى بلدي عزيزة على نفسك. ولكن انظر إلى ما هو مفروض عليَّ... ذلك أنني إذا ما قبلت أن أؤدي قدراً من المال وأن أتحمل وصمة السجن، فسيعفى عنّي فأستطيع العودة من فوري.. فهل هذه إذن هي الدعوة الكريمة التي توجه إلى دانتي ألجيري ليعود إلى بلده بعد أن صبر على النفي ما يقرب من خمسة عشر عاماً... إن رجلاً ينادي بالعدالة لا يطيق أن يؤدي ما له إلى من يرتكبون المظالم، كأنهم يحسنون إليه. ألا إن هذه ليست الطريقة التي أعود إلى بلدي... فإذا كان ثمة طريقة أخرى... لا تزري بكرامة دانتي... فإني لن أتوانى قط عن اتباعها؛ أما إذا لم يكن دخول فلورنس مستطاعاً بهذه الطريقة الأخرى، فإني لن أدخلها أبداً... ما هذا الذي تقول! أليس في وسعي أن أستمتع بنور الشمس وجمال النجوم في كل مكان على ظهر الأرض؟ أليس في مقدوري أن أفكر في أعظم الحقائق شأناً؟(27) واغلب الظن أنه قبل في أواخر عام 1316 دعوة وجهها إليه كانْ جراندي دلا اسكالا Can Grande Della Scalla، حاكم فيرونا لأن يجيء إليه ويعيش في ضيافته. ويبدو أنه أتم في هذه البلدة قسم الجنة في الملهاة المقدسة (1318) - وفيها بلا ريب أهدى هذا القسم إلى كان جراندي. وفي وسعنا أن نصوره في تلك الفترة من حياته - أي في الحادية والخمسين من عمره - كما صوره بوكاشيو في الحياة الجديدة عام 1354؛ نصوره رجلاً متوسط القامة "منحني الظهر قليلاً" يسير بخطى وقورة متزنة تنم عن المهابة والانقباض، ذا شعر أسود وبشرة سمراء، ووجه طويل ينم عن كثرة التفكير، وجبهة بارزة مغضنة، وعينين غائرتين ذواتي نظرات صامتة، وأنف رفيع أقنى، وشفتين منطبقتين، وذقن بارز"(قصة الحضارة ج17 ص313-319، عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> دانتي -> الشاعر في غمار السياسة
 
من هو دانتي(4) الذي أهان الرسول(في الكوميديا الإلهية)
في نفس الوقت الذي كانت الحسنات القليلة في حياة دانتي تأتيه من الإسلام؟
دانتي في حالة يرثى لها وقد راح ينتقم ممن نفاه(في رواية الكوميديا الإلهية!) وآذاه لكن لماذا الإنتقام من الرسول محمد (في الكوميديا أو الملهاة!) وهو الذي جلب له ولقوه ولفريدريك الثاني كل الخير؟
الا أن تكون محاولات مضنية لجلب الرضا من قومه ومع ذلك رفضته كل السلطات
" وفي وسعنا أن نصوره في تلك الفترة من حياته - أي في الحادية والخمسين من عمره - كما صوره بوكاشيو في الحياة الجديدة عام 1354؛ نصوره رجلاً متوسط القامة "منحني الظهر قليلاً" يسير بخطى وقورة متزنة تنم عن المهابة والانقباض، ذا شعر أسود وبشرة سمراء، ووجه طويل ينم عن كثرة التفكير، وجبهة بارزة مغضنة، وعينين غائرتين ذواتي نظرات صامتة، وأنف رفيع أقنى، وشفتين منطبقتين، وذقن بارز(28).
ذلك وجه روح كانت من قبل وادعة ظريفة، ولكن الآلام جعلتها نكدة مريرة؛ ولي سمن السهل على دانتي صاحب الوصف الوارد في الحياة الجديدة أن يتصنع كل ما وصفه به هذا الكتاب من شفقة ورقة عاطفة؛ وأن شيئاً من هذه الصفات ليظهر فيما بدا عليها من حنان وهو يستمع إلى قصة فرانسيسكا. وكان عبوساً صارماً شأن الرجل المغلوب على أمره المنفي من بلده، وقد أكسبته الشدائد حدة في اللسان، وغطرسة يغطي بها ما فقده من قوة وسلطان. فكان يفخر بنسبة لأنه كان فقيراً، ويحتقر رجال الطبقة الوسطى من أهل فلورنس الذين يجرون وراء المال؛ ولم يكن في وسعه أن يغفر لبرتناري زواج بياتريس من مصرفي؛ وسلك طريق الانتقام الوحيدة التي وجدها أمامه فوضع أمامه المرابين في الدرك الأسفل من النار.ولم يكن ينسى قط أذى أو إهانة وما أقل من سلم من أعداءه من سموم قلمه. وكان يرى أن الذين يبقون على الحياد في الثورات أو الحروب أقل نفعاً في نظره منهم في نظر سولون. وكان منبع صفاته الخلقية كلها هو الشدة الملتهبة: "لم أكن ما أنا بفضل ثرائي بل بفضل الله عليَّ، وإن غيرتي على بيته لتشعل النار في قلبي. وقد افرغ في قصيدته كل ما وهبه الله من قوة، ولم يكن أن يستطيع أن يعيش بعد تمامها زمناً طويلاً.ففي عام 1319 غادر فيرونا وسافر إلى رافنا ليعيش فيها مع الكونت جيدو دا بولنتا Count Guido da Polenta، ثم تلقى دعوة من بولونيا للقدوم إليها لكي يتوج فيها شاعراً لبلاطها، ورفض الدعوة بأنشودة رعوية كتبها باللغة اللاتينية. وفي عام 1321 أرسله جيدو إلى مدينة البندقية في بعثة سياسية كان نصيبها الإخفاق، وعاد دانتي من هذه البعثة مريضاً بحمى أصابته من مستنقعات فينيتو Veneto. ولم يستطع جسمه الضعيف مقاومة المرض، فقضى عليه في 14 سبتمبر سنة 1321 وهو في السابعة والخمسين من عمره. واعتزم الكونت أن يقيم شاهداً على قبر الشاعر، ولكن شيئاً من هذا لم يتم، أما النقش القليل البروز القائم فوق التابوت الرخامي في هذه الأيام فقد نحته بيترو لمباردو عام 1483، والعالم كله يعرف أن بيرون جاء إليه وبكى، والقبر في هذه الأيام لا يكاد يبدو للناظر، يجده الإنسان في أحد الأركان وهو قادم من أكثر ميادين رافنا ازدحاماً بالأعمال، وإذا ما قدمت إلى حارسه المقعد الطاعن في السن بضع ليرات أنشدك بعض قطع جميلة طنانة من القصيدة التي يمتدحها الناس جميعاً ولا يقرؤها منهم إلاّ القليلون.
"(قصة الحضارة ج17 ص319-320)، عصر الإيمان -> المسيحية في عنفوانها -> دانتي -> الشاعر في غمار السياسة)
 
عودة
أعلى