نفائسُ ودررٌ ، وطُرَفٌ ومُلَحٌ وفوائد

إنضم
23/04/2003
المشاركات
805
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الرياض
الحمد لله ، والصلاة والسلام على صفوة عباد الله محمد بن عبد الله ، أما بعد :
فهذه بعض الطرائف قد مرت علي ، وأعجبتني أسوقها لإخواني أهل الملتقى لعلها ترفع الملل عن من به شيء منه ، ومع ذا هي لا تخلوا من فائدة .. وبعد:

ففي وفيات الأعيان 4/269 في ترجمة الباقلاني:
وكان كثير التطويل في المناظرة مشهورا بذلك عند الجماعة ، وجرى يوما بينه ، وبين أبي سعيد الهاروني مناظرة ، فأكثر القاضي أبو بكر المذكور فيها الكلام ، ووسع العبارة ، وزاد في الإسهاب ، ثم التفت إلى الحاضرين ، وقال: اشهدوا علي أنه إن أعاد ما قلت لا غير لم أطالبه بالجواب !
فقال الهاروني: اشهدوا علي أنه إن أعاد كلام نفسه سلمت له ما قال! .
 
مروج الذهب للمسعودي 4/239 [ط: عبد الحميد]
وكان أبو خليفة ـ الفضل بن الحباب الجمحي ـ لا يتكلف الإعراب بل قد صار له كالطبع لدوام استعماله إياه من عنفوان حداثته ، وكان ذا محل من الإسناد ، وله أخبار ونوادر حسان قد دونت منها أن بعض عمال الخراج بالبصرة كان مصروفا عن عمله ، وأبو خليفة مصروفا عن قضائه فبعث العامل إلى أبي خليفة أنا مبرمان النحوي صاحب أبي العباس المبرد قد زارني في هذا اليوم إلى بعض النهار ، والبساتين ، فأتوه مبكرين مع من حضرنا من أصحابنا ، وسألوه الحضور معهم ، فجلسوا في سمارية متفكهين قد غير ظواهر زيهم حتى أتوا نهرا من أنهار البصرة ، واستحسنوا بعض البساتين فقدموا إليه ، وخرجوا إلى الشط ، وجلسوا تحت النخل على شط النهر ، وقدم إليهم ما حمل معهم من الطعام ، وكان أيام المبادي ، وهي الأيام التي يثمر فيها الرطب فيكبسونه في القواصر تمرا ، وتكون حينئذ البساتين مشحونة بالرجال ممن يعمل في التمر من الأَكَرَة ، وهم الزراع وغيرهم ، فلما أكلوا ، قال بعضهم لأبي خليفة ـ غير مكن له خوفا أن يعرفه من حضر ممن ذكرنا من الأَكَرَة ، والعمال في النخل ـ: أخبرني أطال الله بقاءك عن قول الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا } هذه الواو ما موقعها من الإعراب ؟
قال أبو خليفة : موقعها رفع ، وقوله: قوا هو أمر للجماعة من الرجال .
قال له: كيف تقول للواحد من الرجال ، وللاثنين ؟
قال يقول للواحد من الرجال: قِ ، وللاثنين : قيا ، وللجماعة قوا .
قال كيف تقول للواحدة من النساء ، وللاثنتين منهن وللجماعة منهن ؟
قال أبو خليفة : يقال للواحدة : قي ، وللاثنتين : قيا ، وللجماعة : قين .
قال : فأسألك أن تعجل بالعجلة ، كيف يقال للواحد من الرجال ، والاثنين والجماعة ، والواحد من النساء ، والاثنتين منهن ، والجماعة منهن ؟
قال أبو خليفة عجلان [بسرعة]: قِ قيا قوا قي قيا قين ، وكان بالقرب منهم جماعة من الأكرة فلما سمعوا ذلك استعظموه ، وقالوا : يا زنادقة ! أنتم تقرءون القرآن بحروف [بقراءة] الدجاج ! ، وعدوا عليهم ، فصفعوهم فما تخلص أبو خليفة ، والقوم الذين كانوا معه من أيديهم إلا بعد كدٍ طويل . اهـ.

* من فوائد هذه الحكاية تجنب الكلام فيما لا يُفهم عند من لا يَفهم . ، ومعروف ما قال علي وابن مسعود رضي الله عنها في هذا .
* القاعدة في فعل الأمر أنه يبنى على ما يجزم به مضارعه .
 
قال ابن محرز في معرفة الرجال 1/163:
سمعت يحيى بن معين يقول: ـ وذكر أبا سليمان الجرجاني ـ فقال: أبو جرجان ينبغي أن نهدم حول داره أربعين دارا هكذا ، وأربعين دارا هكذا ، وأربعين دارا هكذا ، وأربعين دارا هكذا ، فقال أبو خيثمة : يا أبا زكريا فيدخل دارك في هذا الهدم ؟!
قال : لا أبالي يبدأ بداري أولا حتى تطهر تلك البلاد منه .
 
في الوافي للصفدي 7/13: [عن شيخ الإسلام ابن تيمية]
وسمعته يقول عن نجم الدين الكاتبي المعروف بدَبيران بفتح الدال المهملة وكسر الباء الموحدة وهو الكاتبي صاحب التواليف البديعة في المنطق ، فإذا ذكره لا يقول إلا : دُبيران بضم الدال وفتح الباء ،
وسمعته يقول: ابن المنجس يريد ابن المطهر الحلي .
 
في اختصار المقريزي لكتاب الوتر لمحمد بن نصر ص 326:
وقال معاذ القارئ في قنوته : اللهم قحط المطر ، فقالوا: آمين !
، فلما فرغ من صلاته قال قلت: اللهم قحط المطر ،
فقلتم: آمين ! ألا تسمعون ما أقول ، ثم تقولون: آمين .
-------
*معاذ القارئ صحابي صغير رضي الله عنه
قيل: إنه ممن أقامه عمر يصلي بالناس التراويح .
 
الأخ الكريم الشيخ عبد الرحمن السديس
جزاك الله خيرًا على هذه اللطائف والأفاكيه .
بالنسبة لقوقاة الدجاجة - وهي كلمة فصيحة نستعملها في لهجتنا - ثَم مَن جَمع الأفعال من اللفيف المفروق . ذكرها في حاشية الخضري على ابن عقيل في شرحه الألفيةَ . واسمحوا لي بالإحالة .
واصل أخي عبد الرحمن فرائدك ، وفقك الله .
 
شكر الله لك أخي الكريم عبد الرحمن السديس هذه الملح واللطائف التي تذكرها من بطون الكتب ، وكم جميل تعليقك على فائدة هذه الملح ، وإنني أرى أننا ـ معشر القراء ـ
بحاجة إلى وضع الفوائد على مثل هذه الطرائف ، فيكون مع الاستملاح والتفكُّه العلم بفائدة مثل هذه النوادر ، وهذا ـ مع الأسف ـ ما خلت منه كتب الأدب التي تروي نوادر وطرائف من أخبار الناس ، ولا تكاد تجد عليها تعليقًا أو تنبيهًا ، سوى ما يكون ـ من بعض من ألَّف ـ من عنونة لباب من أبواب كتابه .
وفقني الله وإياك وإخواننا لما يحب ويرضى .
 
المشايخ الكرام جزاكم الله خيرا ، ونفع بكم .. وشكر لكم تعليقكم

في الأذكياء لابن الجوزي ص 216:
حكى لنا بعض إخواننا أن شاعرا كان في بلد فقدم عليهم شاعر آخر ، فأراد أن يكسر عليه شوكته ، فقال لأهل البلد :
وتشابهت سور القرآن عليكم ** فقرنتم الأنعام بالشعراء !

فيه ص 218:
وصف لشاعر طِيْب خراسان ، فلما سافر إليها لم تعجبه ، فقال :
تمنينا خراسانا زمانا *** فلم نعط المنى ، والصبر عنها
فلما أن أتيناها سراعا *** وجدناها بحذف النصف منها !
 
أخي المشرف الكريم : أرجو تغيير العنوان إلى : طرف ، وملح ، وفوائد

في الأذكياء لابن الجوزي ص106:
كان الأعمش إذا صلى الفجر جاءه القراء فقرأوا ، وكان أبو حصين إمامهم ، فقال الأعمش يوما: إن أبا حصين يتعلم القراءة منا لا يقوم من مجلسه كل يوم حتى يفرغ ويتعلم بغير شكر ، ثم قال لرجل ممن يقرأ عليه : إن أبا حصين يكثر أن يقرأ بالصافات في صلاة الفجر ، فإذا كان غدا فاقرأ عليّ الصافات ، واهمز الحوت ؛ فلما كان من الغد قرأ عليه الرجل الصافات ، وهمز الحوت ، ولم يأخذ عليه الأعمش ، فلما كان بعد يومين ، أو ثلاثة قرأ أبو حصين بالصافات في الفجر ، فلما بلغ الحوت همز ، فلما فرغوا من صلاتهم ، ورجع الأعمش إلى مجلسه دخل عليه بعض إخوانه ، فقال الأعمش: يا أبا فلان لو صليت معنا الفجر لعلمت ما لقي الحوت من هذا المحراب ؛ فعلم أبو حصين ما لذي فعل به ، فأمر بالأعمش ، فسحب حتى أخرج من المسجد . قال : وكان أبو حصين عظيم القدر في قومه بني أسد . اهـ.
ورويت الحكاية بسياق مختلف في سير أعلام النبلاء 5/414.
من فوائد هذه الحكاية :
* إن ينتبه الطالب لفضل شيخه عليه ، وأن يكثر من الدعاء له ، وشكره ، والثناء عليه ، وألا يتنكر له بعد أن ينتهي من الاستفادة منه كما هو حال كثير من الطلبة اليوم.
* لما قرأت هذه الحكاية تعجبت فقلت: وقد كانوا يعانون مما نعاني منه ! فبعض الأئمة يمكث في الإمامة سنين طويلة ، ولا يعدوا بعض السور ، والمقاطع يكررها حتى كأنه لم ينزل من القرآن غيرها !، ولا يشعر بمعاناة من خلفه
 
عجيبة !

عجيبة !

في تاريخ الدوري3/77 ترجمة رقم (309)
سمعت يحيى [بن معين]يقول: وذكرتُ له شيخنا كان يلزم سفيان بن عيينة يقال له: ابن مناذر (1) ؟
فقال: أعرفه كان صاحب شعر ، ولم يكن من أصحاب الحديث ، وكان يرسل العقارب في مسجد الحرام حتى تلسع الناس !! ، وكان يصب المداد في المواضع التي يتوضى منها حتى تسود وجوه الناس !! ليس يروى عنه رجل فيه خير.
-------
(1) محمد بن مناذر مولى بني صبير بن يربوع شاعر معروف .
مترجم في : الأنساب [مخطوط ص :أ326]، ومعجم الأدباء 5/447، والوافي 5/43 .
 
قال ابن القيم في بدائع الفوائد 2/822 ط: عالم الفوائد [في عرض كلامه عن فضول المخالطة]
ومنهم من مخالطته حمى الروح ، وهو الثقيل البغيض العثل الذي لا يحسن أن يتكلم فيفيدك ، ولا يحسن أن ينصت فيستفيد منك ، ولا يعرف نفسه ؛ فيضعها في منزلتها ، بل إن تكلم ؛ فكلامه كالعصي تنزل على قلوب السامعين ، مع إعجابه بكلامه ، وفرحه به ، فهو يحدث من فيه كلما تحدث ، ويظن أنه مسك يطيب به المجلس ! ، وإن سكت ، فأثقل من نصف الرحى العظيمة التي لا يطاق حملها ، ولا جرها على الأرض .
ويذكر عن الشافعي ـ رحمه الله ـ أنه قال: ما جلس إلى جانبي ثقيل إلا وجدت الجانب الذي هو فيه أنزل من الجانب الآخر .
ورأيت يوما عند شيخنا ـ قدس الله روحه ـ رجلا من هذا الضرب ، والشيخ يحتمله ، وقد ضعفت القوى عن حمله ، فالتفت إليّ ، وقال: مجالسة الثقيل حمى الرِّبـْع ، ثم قال: لكن قد أدمنت أرواحنا على الحمى ، فصارت لها عادة ، أو كما قال .
وبالجملة ، فمخالطة كل مخالف حمى للروح فعرضية ، ولازمة ، ومن نكد الدنيا على العبد أن يبتلى بواحد من هذا الضرب ، وليس له بد من معاشرته ، ومخالطته ، فليعاشره بالمعروف حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا .اهـ
وينظر ما قبله وبعده فهو نفيس.
[grade="00008B FF6347 008000 4B0082 8B0000"]قلت : رحمهم الله ، وفي هذا الزمان زاد عند الناس نوع جديد ، وهو مخالطة هذا الصنف عبر هذه الشبكة التي تجمع صنوف الناس ![/grade]
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ الفتاوي 4/73ـ وابن الفارض ـ من متأخري الاتحادية ـ صاحب القصيدة التائية المعروفة :بـ "نظم السلوك" ، وقد نظم فيها الاتحاد نظما رائق اللفظ ؛ فهو أخبث من لحم خنزير في صينية من ذهب ، وما أحسن تسميتها بنظم : الشكوك الله ،
أعلم بها وبما اشتملت عليه ، وقد نفقت كثيرا ، وبالغ أهل العصر في تحسينها ، والاعتداد بما فيها من الاتحاد ، لما حضرته الوفاة أنشد:
إن كان منزلتي في الحب عندكم * ما قد لقيت فقد ضيعت أيامي
أمنية ظفرت نفسي بها زمنا * واليوم أحسبها أضغاث أحلام .
[grade="00008B B22222 008000 4B0082"]من فوائد هذا النقل :
* إنصاف المخالف ، فقد وصف النظم بأنه : رائق اللفظ .
* هذا التشبيه اللطيف المليح من شيخ الإسلام يبين ، ويقرب حال النظم من حيث اللفظ ، والمحتوى . [/grade]
 
قال العلامة ابن حزم في الفصل 4/156:
وقالوا: إن إبليس لم يكفر بمعصيته الله في ترك السجود لآدم ، ولا بقوله ـ عن آدم ـ : أنا خير منه ، وإنما كفر ؛ بجحد لله تعالى كان في قلبه .
قال أبو محمد: هذا خلاف للقرآن ، وتكهن لا يعرف صحته إلا من حدثه به إبليس عن نفسه على أن الشيخ غير ثقة فيما يحدث به .
 
قال العلامة الخليلي في الإرشاد 3/974
سمعت محمد بن عبد الله لحافظ يقول: سمعت أحمد بن سهل الفقيه البخاري ببخارى يقول: سمعت قيس بن أنيف يقول: سمعت أبا رجاء قتيبة بن سعيد يقول: ورد ها هنا شاب من أهل الري فقال: والله لا أخرج من بغلان حتى أكبر على أبي رجاء أربع تكبيرات !
قال: والمسكين توفي ها هنا ، فكبرتُ عليه أربعا وزدت الخامس .
 
قال العلامة الخليلي في الإرشاد 1/241:
سمعت عبد الله بن محمد الحافظ ، وعبيد الله بن محمد بن بدر يقولان: سمعنا أحمد بن كامل القاضي يقول: سمعت أبا العيناء الضرير يقول: أتيت عبد الله بن داود الخريبي ـ وكان قد أمسك عن الرواية ـ فقلت: حدثني ، فقال: يا غلام مُرّ ، وأقرأ القرآن . فقلت: قد قرأت.
فقال: هات {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ } (71) سورة يونس .
فقرأت ، وجودت .
فقال: أحسنت مُرّ ، وتعلم بعد القرآن الفرائض.
فقلت: قد تعلمت.
فقال: أيهما اقرب إليك ابن أخيك أم ابن عمك ؟
فقلت ابن أخي.
فقال: ولم قلت؟
فقلت: لأنه ولدته أمي .
فقال: يا غلام تعلم بعد هذين العربية .
فقلت: تعلمت العربية قبل القرآن ، والفرائض .
فقال: قول عمر: (يا لله يالمسلمين) لِمَ فتح الأولى ، وكسر الثانية ؟
فقلت: فتح الأولى للاستغاثة ، وكسر الثانية للاستنصار .
فقال: يا غلام لو كنت محدثا أحدا لحدثتك . !
 
قال العلامة الخليلي في الإرشاد 2/594:
سمعت عبد الله بن محمد القاضي الحافظ يقول: سمعت محمد بن عبد الله الشافعي يقول: سمعت حمدون بن أحمد السمسار يقول: كنا عند علي بن الجعد ، فقام رجل فسأله عن حديث لشعبة عن فرات القزاز ، فلم يحسن أن يسأل ، وصحف ، فقال: شعبة عن قراءة القرآن ، فضحك علي بن الجعد ثم انشأ يقول:
لم يركبوا الخيل الا بعدما كبروا ** وهم ثقال على أكتافها عُنفُ
 
في الآداب الشرعية لابن مفلح 1/475:
قال سندي: سأل رجل أبا عبد الله فقال: إن أبي يأمرني أن أطلق امرأتي ؟
فقال: لا تطلقها .
قال: أليس عمر أمر ابنه عبد الله أن يطلق امرأته .
قال: حتى يكون أبوك مثل عمر رضي الله عنه .
 
سؤالات البرذعي لأبي زرعة الرازي 2/334:
قلت: بشر بن يحيى بن حسان ؟
قال: خراساني من أصحاب الرأي كان لا يقبل العلم ، وكان أعلى أصحاب الرأي بخراسان ، فقدم علينا ، فكتبنا عنه ، وكان يناظر ، فاحتجوا عليه بطاووس ، فقال بالفارسية :يحتجون علينا بالطيور !
قال أبو زرعة: كان جاهلا ، بلغني أنه ناظر إسحاق بن راهويه في القرعة ، فاحتج عليه إسحاق بتلك الأخبار الصحاح ، فأفحمه ، فانصرف ففتش كتبه فوجد في كتبه حديث النبي صصص " نهى عن القزع"
فقال لأصحابه: قد وجدت حديثا أكسر به ظهره ، فأتى إسحاق ، فأخبره .
فقال إسحاق: إنما هذا القزع ! أنه يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعض .
 
قال ابن عبد البر في بهجة المجالس 1/295:
قال رسول الله :" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته يوما وليلة والضيافة ثلاثة أيام وما زاد فهو صدقة ولا يحل أن يثوي غيره حتى يحرجه .
قيل للأوزاعي: رجل قدم إلى ضيفه الكامخ ، والزيتون ، وعندهم اللحم ، والعسل ، والسمن ؟
فقال: لا يؤمن هذا بالله ، ولا باليوم الآخر .
 
قال ابن محرز في معرفة الرجال 1/127:
وسمعت يحيى وذكر حسين الخياط ؟
قال : أخذ حجة من آل المطلب بن عبد الله بن مالك ، فذهب إلى الأهواز فقعد بها !
فقال أبو خيثمة : يا أبا زكريا إنه يحدث !
فقال: ما يكتب عنه إلا من لعنه الله وغضب عليه !
 
قال ابن محرز في معرفة الرجال 1/127:
سمعت يحيى وسئل عن سويد بن سعيد الأنباري ؟
فقال: مولى الجواسنة ! ليس بشيء إلا أن يحدث من حفظه .
فقيل له : يا أبا زكريا : ما مولى الجواسنة ؟
فقال: حدث بحديث الأعمش عن إبراهيم عن همام عن حذيفة : " لا يليكم بعد عمر إلا أصعر أبتر مولى الجواسنة .
فقيل له : إنما هو مولي الحق استه .
فقال : اسكت حذيفة كان يسفه .
-------------
هذا الأثر المشار إليه لم أعثر على من خرجه خلال البحث السريع.
 
في معجم المناهي اللفظية ص 17 : ـ وهو يعدد جملة التراجم الجامعة لكتابة ـ
11- مصطلحات إفرانجية ، وعبارات وافدة أعجمية ، وأساليب مولدة لغة ، مرفوضة شرعاً ،
وحمَّالة الحطب في هذا : صاحبة الجلالة : (( الصحافة )) فَلِجُلِّ الكاتبين من الصحفيين ولعٌ شديد بها، وعن طريقهم استشرت بين المسلمين.
 
قال ابن القيم في أعلام الموقعين 4/208
:وكثير منهم [ صنف من المفتين ] نصيبهم مثل ما حكاه أبو محمد بن حزم قال:
كان عندنا مفت قليل البضاعة ، فكان لا يفتي حتى يتقدمه من يكتب الجواب ، فيكتب تحته: جوابي مثل جواب الشيخ .
فقدر أن اختلف مفتيان في جواب ، فكتب تحتهما جوابي مثل جواب الشيخين ، فقيل له: إنهما قد تناقضا !
فقال: وأنا أيضا تناقضت كما تناقضا !.
وقد أقام الله سبحانه لكل عالم ، ورئيس ، وفاضل من يظهر مماثلته ، ويرى الجهال ، وهم الأكثرون مساجلته ، ومشاكلته ، وأنه يجري معه في الميدان ، وأنهما عند المسابقة كفرسي رهان ، ولا سيما إذا طول الأردان ، وأرخي الذوائب الطويلة وراءه كذنب الأتان ، وهدر باللسان ، وخلا له الميدان الطويل من الفرسان ،
[align=center]فلو لبس الحمار ثياب خز * لقال الناس يا لك من حمار[/align]!
وهذا الضرب إنما يستفتون بالشكل لا بالفضل ، وبالمناصب لا بالأهلية قد غرهم عكوف من لا علم عنده عليهم ، ومسارعة أجهل منهم إليهم تعج منهم الحقوق إلى الله تعالى عجيجا ، وتضج منهم الأحكام إلى من أنزلها ضجيجا ، فمن أقدم بالجرأة على ما ليس له من : فتيا ، أو قضاء ، أو تدريس استحق اسم الذم ، ولم يحل قبول فتياه ، ولا قضائه هذا حكم دين الإسلام
[align=center]وإن رغمت أنوف من أناس * فقل يا رب لا ترغم سواها .[/align]
 
قال العلامة الطاهر بن عاشور في التحرير 1/92:
وقد ذكر النحويون في الوقف على تاء التأنيث هاء ،
أن رجلا نادى يا أهل سورة البقرة بإثبات التاء في الوقف ـ وهي لغة ـ ، فأجابه مجيب "ما أحفظ منها ولا آيتْ " محاكاة للغته .
 
في طبقات الحنابلة 2/392:
[الخلال] أخبرني محمد بن أحمد الطرسوسي قال: سمعت محمد بن يزيد المستملي يقول: سأل رجل أحمد بن حنبل فقال: أكتب كتب الرأي ؟
قال: لا تفعل ، عليك بالآثار ، والحديث.
فقال له السائل: إن عبدالله بن المبارك قد كتبها .
فقال له أحمد: ابن المبارك لم ينزل من السماء ! إنما أمرنا أن نأخذ العلم من فوق .

نحوه
قال المروذي في الورع ص118:
وسمعت أبا عبد الله يقول: نهى النبي *صلى الله* عن " التبتل " ، فمن رغب عن فعل النبي *صلى الله* = فهو على غير الحق ، ومن رغب عن فعل أصحاب النبي *صلى الله* ، والمهاجرين والأنصار = فليس هو من الدين في شيء ، قال النبي *صلى الله* :" إني مكاثر بكم الأمم". ويعقوب في حزنه قد تزوج ، وولد له والنبي *صلى الله* قال:" حبب إلي النساء " ، وأصحاب الرسول *صلى الله* تزوجوا .
قلت: إنهم يقولون: قد ضاق عليهم الكسب من وجهه .
فقال: إن النبي *صلى الله* قد زوج على خاتم لمن ليس عنده شيء .
قلت: وعلى سورة .
قال: دع هذا .
قلت: أو ليس هو صحيحا .
قال: دعه ، إذا نهيتك عن شيء فانته ، ينبغي أن يتزوج الرجل ، فإن كان عنده انفق عليها ، وإن لم يكن عنده صبر .
قلت: أنتم تقولون لي: إن لم أجد ما أنفق أطلق ، وقع لي عمل وكان مهرها ألف درهم ، وليس عندي شيء .
فضحك ثم قال: تزوج على خمسة دراهم ابن المسيب زوج ابنته على درهمين.
قلت: لا يرضى أهلي مني أن أتزوج على خمسة دراهم.
قال: ها جئتني بأمر الدنيا فهذا شيء آخر .
قلت: إن إبراهيم ابن أدهم يحكي عنه أنه قال: لروعة صاحب عيال .. فما قدرت أن أتم الحديث حتى صاح بي ، وقال: وقعنا في بنيات الطريق انظر عافاك الله ما كان عليه محمد وأصحابه.
قلت: لأبي عبد الله: أن الفضيل يروي عنه أنه قال: لا يزال الرجل في قلوبنا حتى إذا اجتمع على مائدته جماعة زل عن قلوبنا .
قال: دعني من بنيات الطريق العلم هكذا يؤخذ انظر ـ عافاك الله ـ ما كان عليه محمد وأصحابه
، ثم قال: هو ذا أهل زمانك الصالحون ، هل تجد فيهم إلا من هو متزوج ، ثم قال: ليتق الله العبد ، ولا يطعمهم إلا طيبا ، لبكاء الصبي بين يدي أبيه متسخطا يطلب منه خبزا أفضل من كذا وكذا يراه الله بين يديه ، ثم قال: هو ذا عبد الوهاب كن مثل هؤلاء ، لو ترك الناس التزويج من كان يدفع العدو .
وقال لي أبو عبد الله: صاحب العيال إذا تسخط ولده بين يديه يطلب منه الشيء أين يلحق به المتعبد الأعزب .

نحوه

طبقات الحنابلة 1/299:
وقال المروذي: سمعت إسحاق بن حنبل ـ ونحن بالعسكر ـ يناشد أبا عبد الله ، ويسأله الدخول على الخليفة ليأمره ، وينهاه ، وقال له: إنه يقبل منك ،
هذا إسحاق بن راهويه يدخل على ابن طاهر ، فيأمره ، وينهاه .
فقال له أبو عبد الله: تحتج علي بإسحاق ؟! فأنا غير راض بفعاله ...اهـ

قلت: وقع في الآداب الشرعية 3/464 : مكان إسحاق بن حنبل إسحاق بن إبراهيم! .
 
كتبها الشيخ / عبدالرحمن الشهري
أخي عبدالرحمن السديس : متعكم الله بالصحة والعلم ، ووفقنا وإياكم لرضاه. واسمح لي بهذه المُلْحة.
ذكر المَقَّري(1) في كتابه العجيب (نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب) الباب الرابع - ذكرقرطبة الزهراء والزاهرة.
حيث ذكراشتهار قرطبة بالعناية بالكتب ، وكثرة عناية أهلها بالعلم ، وأدواته ، حتى أصبح التجمل بالمكتبات شعاراً لرؤساء قرطبة مع خلوهم من أسباب العلم. فقال نقلاً عن ابن سعيد المغربي :
(قال والدي: ومن محاسنها - أي قرطبة - ظرف اللباس، والتظاهر بالدين، والمواظبة على الصلاة، وتعظيم أهلها لجامعها الأعظم، وكسر أواني الخمر حيثما وقع عين أحد من أهلها عليها، والتستر بأنواع المنكرات، والتفاخر بأصالة البيت وبالجندية وبالعلم، وهي أكثر بلاد الأندلس كتباً، وأشدّ الناس اعتناء بخزائن الكتب، صار ذلك عندهم من آلات التعين والرياسة، حتى إن
الرئيس منهم الذي لا تكون عنده معرفة يحتفل في أن تكون في بيته خزانة كتب، وينتخب فيها ليس إلاّ لأن يقال: فلان عنده خزانة كتب، والكتاب الفلاني ليس هو عند أحد غيره، والكتاب الذي هو بخط فلان قد حصله وظفر به.

قال الحضرمي: أقمت مرّة بقرطبة، ولازمت سوق كتبها مدة أترقب فيها وقوع كتاب كان لي بطلبه اعتناء، إلى أن وقع وهو بخط جيد وتسفير مليح، ففرحت به أشد الفرح، فجعلت أزيد في ثمنه، فيرجع إليّ المنادي بالزيادة عليّ، إلى أن بلغ فوق حدّه.
فقلت له: يا هذا أرني من يزيد في هذا الكتاب حتى بلّغه إلى ما لا يساوي.
قال: فأراني شخصاً عليه لباس رياسة ، فدنوت منه، وقلت له: أعز الله سيّدنا الفقيه، إن كان لك غرض في هذا الكتاب تركته لك فقد بلغت به الزيادة بيننا فوق حده.
قال: فقال لي: لست بفقيه، ولا أدري ما فيه، ولكنّي أقمت خزانة كتب، واحتفلت فيها لأتجمل بها بين أعيان البلد، وبقي فها موضع يسع هذاالكتاب، فلمّا رأيته حسن الخط جيّد التجليد استحسنته، ولم أبال بما أزيد فيه، والحمد لله على ما أنعم به من الرزق فهو كثير.
قال الحضرمي: فأحرجني ، وحملني على أن قلت له: نعم لا يكون الرزق كثيراً إلاّ عند مثلك ، يعطى الجوز من لا عنده أسنان ، وأنا الذي أعلم ما في هذا الكتاب، وأطلب الانتفاع به، يكون الرزق عندي قليلاً، وتحول قلّة ما بيدي بيني وبينه.

قال ابن سعيد: وجرت مناظرة بين يدي منصور بني عبد المؤمن بين الفقيه العالم أبي الوليد بن رشد والرئيس أبي بكر بن زهر، فقال ابن رشد لابن زهر في كلامه: ما أدري ما تقول، غير أنّه إذا مات عالم بإشبيلية فأريد بيع كتبه حملت إلى قرطبة حتى تباع فيها، وإذا مات مطرب بقرطبة فأريد بيع تركته حملت إلى إشبيلية).

التعليق :
1- أهمية العناية بمخطوطات العلوم التي وصلتنا عن مدينة قرطبة لنفاستها ، وعناية أهلها بالعلم قديماً ، وقد نبغ كثير من العلماء من قرطبة منهم ابن عبدالبر ، والقرطبي صاحب التفسير ، وقبله القرطبي شيخه أبو العباس ، وغيرهم كثير.ولا تزال خزائن المخطوطات حتى اليوم مليئة بمخطوطات قرطبة ، على كثرة ما أتلف النصارى منها أيام حملات التطهير الديني والعرقي ومحاكم التفتيش.
2 - أن التباهي بالمكتبات قديم ، مع خلو جامعها من معرفة ما فيها. وكم رأينا من المفارقات في ذلك. فرب مسؤول لديه في مكتبته من نفائس الكتب ما لا يعرف قيمته ولا قدره ، وقد رأيت في بيت أحد أقاربي - وهو برتبة عسكرية عالية - نسخةً مجلدة نفيسة من كتاب (التمهيد) لابن عبدالبر ، فسألته عن هذا الكتاب ، فلم يحسن قراءة عنوانه ، ونسي من أين جاء هذا الكتاب إلى هذا الرف في مجلسه ، وقال وهو منشغل بشرب القهوة : يمكن يكون كتاب مفيد !
فقلت له : إنني أشعر بالغربة التي يعاني منها هذا الكتاب في بيتك ، فلو علم مؤلفه بوقوعه في يد مثلك لما تكلف تصنيفه. ثم سألته : وماذا تصنع به وأنت لا تدري ما فيه ؟
فقال ضاحكاً : يملأ مكانه في الرف ، سيكون منظره غيرمقبول بدون الكتاب !
قلت : فهذا كصاحب الحضرمي وإن لم يعلم بقصته .
3- أن البيئة العلمية تعين طالب العلم على طلبه ، فخروج علماء كثر من قرطبة ، بسبب ازدهار حركة العلم والتصنيف ، ورواج الكتب أعان على ذلك ، بخلاف مدن لم تشتهر بذلك ، وتأمل كلام ابن رشد في أشبيلية ولعله من باب الدعابة لابن زهر.
4- لا يُقَرُّ الحضرمي - عفا الله عنه - في اعتراضه على القَدَرِ بقوله :(نعم لا يكون الرزق كثيراً إلاّ عند مثلك، يعطى الجَوزُ من لا عنده أسنان، وأنا الذي أعلم ما في هذا الكتاب، وأطلب الانتفاع به، يكون الرزق عندي قليلاً، وتحول قلّة ما بيدي بيني وبينه). وما أظنه قالها إلا زلة ، ونفثة مصدور أفلتت بغتة من صدر طالب علم حريص قعد به قل المال في يده عن نيل مراده ، وما أكثر أمثال هذه النفثة عند أمثاله قديماً وحديثاً.

---------
(1) المقري بفتح الميم ، وتشديد القاف المفتوحة على ورن الأزهري . نسبة إلى مَقَّرة ، وهي قرية من قرى تلمسان .
__________________

عبدالرحمن بن معاضة البكري الشهري
المحاضر بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة الملك خالد
[email protected]
 
جزاكم الله خيرا
سؤالات البرذعي 2/575
قلت : لأبي زرعة قرة بن حبيب تغير؟
فقال: نعم كنا أنكرناه بآخره ، غير أنه كان لا يحدث إلا من كتابه ، ولا يحدث حتى يحضر ابنه ، ثم تبسم ، فقلت: لم تبسمت؟
قال: أتيته ذات يوم ، وأبو حاتم ، فقرعنا عليه الباب ، واستأذنا عليه ، فدنا من الباب ليفتح لنا ، فإذا ابنته قد خـ[ـا]فت ، وقالت له: يا أبة إن هؤلاء أصحاب الحديث ، ولا آمن أن يلغطوك ، أو يدخلوا عليك ما ليس من حديثك ، فلا تخرج إليهم حتى يجيء أخي ـ تعني علي بن قرة ـ فقال لها: أنا أحفظ فلا أمكنهم ذاك .
فقالت: لست أدعك تخرج فإني لا آمنهم عليك ، فما زال قرة يجتهد ، ويحتج عليها في الخروج ، وهي تمنعه ، وتحتج عليه في ترك الخروج إلى أن يجيء علي بن قرة ، حتى غلبت عليه ، ولم تدعه .
قال أبو زرعة: فانصرفنا ، وقعدنا حتى وافى ابنه علي ، قال أبو زرعة: فجعلت أعجب من صرامتها ، وصيانتها أباها.
 
سؤالات البرذعي 2/420:
قلت ابن مناذر (1) رجل كان يلزم ابن عيينة ؟
قال: نعم ، له قصة كان افتتن بابن لعبد الوهاب الثقفي ، وكان يقول فيه الأشعار نسال الله الستر والعافية .
قلت: فتراه مع هذا البلاء كان يكذب في الحديث؟
قال: أما هذا فلا أعلمه .
وحضرت أبا زرعة بعد ما قال لي هذه بأيام عند أبي حاتم ، وهو يقول: تكلمت بكلمة منذ أيام مع هذا [البرذعي] أتعبتني ، وأنا عليها من النادمين : ذكرت ابن مناذر ، فقلت: كان افتتن بابن لعبد الوهاب الثقفي = فندمت ، لم أطلق هذه اللفظة في أحد.
رحمهم الله : إنصاف وتقوى ، ومحاسبة ، أين نحن ؟!
------
(1) هو المقصود بالمشاركة رقم10
 
تنبيه الرجل العاقل 2/580:
وقال جندب بن عبد الله : " دخل عليّ فتية حزاورة أيام النهر ، فقالوا : ندعوك إلى كتاب الله ، قال : قلت: أنتم ؟! قالوا : نحن ، قلت: أنتم ؟! قالوا : نحن ، قلت : يا أخباث خليقة الله ! في اتباعنا تخافون الضلالة ، أم في غير سنتنا تلتمسون الهدى ؟! اخرجوا عني ". اهـ

حزاورة : جمع ، وهو : الغلام إذا اشتدّ وقوي وخَدَمَ ؛ وقال يعقوب: هو الذي كاد يُدْرِكُ ولـم يفعل .اهـ من لسان العرب.
وهذا الصنف من الصبية ، وأشباههم كثير ! ، ولعله يدعوك لكتاب الله ، وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهو لا يعرف منها شيئا إنما يحسن قيل وقال !
 
الورع لابن أبي الدنيا ـ رحمه الله ـ ص 100
قال ابن أبي الدنيا: قرأت في كتاب أبي جعفر الأدمي بخطه قال: كنت باليمن في بعض أسفاري فإذا رجل معه ابن له شاب، فقال إن هذا أبي، وهو من خير الأباء ، وقد يصنع شيئا أخاف عليه منه !
قلت: وأي شيء يصنع ؟
قال: لي بقر تأتيني مساء فأحلبها ، ثم أتي أبي وهو في الصلاة ، فأحب أن يكون عيالي يشربون فضله ، ولا أزال قائما عليه ، والإناء في يدي ، وهو مقبل على صلاته ، فعسى أن لا ينفتل ، ويقبل علي حتى يطلع الفجر ! قلت للشيخ: ما تقول ؟
قال: صدق ، وأثنى على ابنه ،
وقال لي: أخبرك بعذري ، إذا دخلت في الصلاة ، فاستفتحت القرآن ذهب بي مذاهب ، وشغلني حتى ما أذكره حتى أصبح !
قال سلامة : فذكرت أمرهما لعبد الله بن مرزوق ، فقال: هذان يدفع بهما عن أهل اليمن .
قال: وذكرت أمرهما لابن عيينة ، فقال: هذان يدفع بهما عن أهل الدنيا.
قلت: نسأل الله العفو ، والستر ! أين نحن من ذا ؟!
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية 2/344
وأما الحجة التي ذكرها(1) عن ابن الهيصم (2) فلم يذكر ألفاظها ، لكن ذكر أنه نظمها أحسن من نظمه .
ونحن في جميع ما نورده نحكي ألفاظ المحتجين بعينها ، فإن التصرف في ذلك قد يدخله خروج عن الصدق ، والعدل: إما عمدا ، وإما خطأ ،
فإن الإنسان إن لم يتعمد أن يلوي لسانه بالكذب ، أو يكتم بعض ما يقوله غيره ،
لكن المذهب الذي يقصد الإنسان إفساده = لا يكون في قلبه من المحبة له ما يدعوه إلى صوغ أدلته على الوجه الأحسن حتى ينظمها نظما ينتصر به ، فكيف إذا كان مبغضا لذلك
؟! والله أعلم بحقيقة ما قاله ابن الهيصم ، وما نقله هذا عنه لكن نحن نتكلم على ما وجدناه مع العلم بأن الكرامية فيهم نوع بدعة في مسألة الإيمان ، وغيرها ، كما في الأشعرية أيضا بدعة ، لكن المقصود في هذا المقام ذكر كلامهم ، وكلام النفاة.اهـ (3)
قلت: صدق وهذا ظاهر حتى في كتب الفقه التي تذكر الخلاف ، تجد المؤلف ينتصر لمذهبه ، ويسوق له حججا ، لا يتكلف لخصمه مثلها ، وهذا في الغالب .
فلينتبه طالب العلم لذلك .

------
(1) يعني: الرازي في التأسيس .
(2) محمد بن الهيصم من الكرامية له كتاب جمل الكلام .
(3) بداية المسألة ، وتفاصيلها 2/319.
 
قال أبو نعيم في الحلية 9/106:
حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ثنا محمد بن عبدالرحمن بن عبدالحكم قال: سمعت الشافعي يقول: من حدث عن أبي جابر البياضي بيض الله عينيه.اهـ
قلت: يعني أعماها ، وأبو جابر هو: محمد بن عبدالرحمن: متهم بالكذب.
 
قال أبو نعيم في الحلية 9/117:
حدثنا محمد بن إبراهيم ثنا محمد بن أحمد بن موسى الخياط ـ بالرملة ـ وعلي ، عن الربيع: قال سمعت الشافعي يقول: ما نظر الناس إلى شيء هم دونه إلا بسطوا ألسنتهم فيه.
قلت: صدق ـ رحمه الله ـ وهذا اليوم في الناس كثير.
 
الكاتب / الأخ الفاضل الجندى .................

رفع رجلٌ من العامة ببغداد إلى بعض ولاتها على جار له أنّه يتزندق ،فسأله الوالي عن قوله الذي نسبه به إلى الزندقة ،فقال :هو مرجى قدرىّ ناصبيّ رافضى ،من الخوارج ،يبغض معاوية بن الخطاّب الذي قتل علىّ بن العاص.فقال له ذلك الوالي :ما أدرى على أي شيء أحسدك ?أعلى علمك بالمقالات ،أم على بصرك بالأنساب.
__________________
http://altwhed.com/big.gif
 
قال أبو نعيم في الحلية 9/117:
حدثنا الحسن بن سعيد ثنا زكريا الساجي ثنا الحارث بن محمد الأموي عن أبي ثور قال: كنت من أصحاب محمد بن الحسن ، فلما قدم الشافعي علينا جئت إلى مجلسه شبه المستهزئ ، فسألته عن مسألة من الدور ، فلم يجبني ، وقال: كيف ترفع يديك في الصلاة ؟ فقلت: هكذا .
فقال: أخطأت .
فقلت: هكذا .
فقال: أخطأت .
فقلت: وكيف أصنع ؟
قال: حدثني سفيان [عن الزهري](1) عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا ركع وإذا رفع ".
قال أبو ثور : فوقع في قلبي من ذلك ، فجعلت أزيد في المجيء إلى الشافعي ، وأقصر من الاختلاف إلى محمد بن الحسن ، فقال: أجل الحق معه ؟
قال: وكيف ذلك ؟
قال قلت: كيف ترفع يديك في الصلاة ، فأجابني نحو ما أخبرت الشافعي ، فقلت: أخطأت .
فقال: كيف أصنع ؟
فقلت: حدثني الشافعي عن سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه ، إذا ركع ، وإذا رفع ". قال أبو ثور : فلما كان بعد شهر ، وعلم الشافعي أني قد لزمته للتعلم منه ،
قال: يا أبا ثور مسألتك في الدور ، وإنما منعني أن أجيبك يومئذ ، لأنك كنت متعنتا.اهـ .

قلت: من فوائده الإعراض عن إجابة المتعنت ، وتبيين جهله لنفسه ، وإرشاده لما هو أولى ،
في الآداب الشرعية 2/72:
قال المروذي قال أبو عبد الله: سألني رجل مرة عن يأجوج ومأجوج أمسلمون هم؟
فقلت له: أحكمت العلم حتى تسأل عن ذا ؟!

وقال أيضا :قال أبو عبد الله: سأل بشر عن السري سفيان الثوري: عن أطفال المشركين ؟ فصاح به ، وقال: يا صبي أنت تسأل عن ذا ؟!
و2/73: وقال أحمد بن حيان القطيع: دخلت على أبي عبد الله ، فقلت: أتوضأ بماء النورة ؟
فقال: ما أحب ذلك .
فقلت: أتوضأ بماء الباقلاء ؟
قال : ما أحب ذلك .
قال: ثم قمت ، فتعلق بثوبي ، وقال: أيش تقول إذا دخلت المسجد ؟
فسكت .
فقال: أيش تقول: إذا خرجت من المسجد ؟
فسكت.
فقال: اذهب فتعلم هذا .اهـ

قلت:يعني الإمام ـ رحمه الله ـ أنك تركت مافيه سنة ثابتة ، وتحتاجه كل يوم مرارا ، وجئت تسأل عما قد لا تحتاجه أبدا ، وليس فيه أثر !
----------
(1) سقط من المطبوع .
 
ملخص مسند يعقوب بن شيبة [ص36/أ]:
وقال بشر بن عاصم: قلت لسعيد بن المسيب يا أبا محمد : ما يمنعك أن تخرج كما يخرج أهل المدينة إلى تلك الشعاب والأودية ـ قال: ولهم زمان يخرجون فيه إلى تلك الشعاب يصيبون من الثوم ـ ؟
قال : لا والله ، لا أبيع خمسا وعشرين ومائة صلاة كل يوم بأكلة من ثوم !.
 
قال أبو نعيم في الحلية 9/118:
حدثنا محمد بن إبراهيم ثنا عبدالعزيز بن أي رجاء ثنا الربيع قال: سمعت الشافعي يقول: وددت أن الخلق يتعلمون هذا العلم ولا ينسب إلي منه شيء .
حدثنا إبراهيم بن أحمد المقري ثنا أحمد بن محمد بن عبيد الشعراني قال: سمعت الربيع بن سليمان يقول: دخلت على الشافعي ـ وهو عليل ـ فسأل عن أصحابنا ، وقال: يا بني لوددت أن الخلق كلهم تعلموا ـ يريد كتبه ـ ولا ينسب إلي منه شيء.
حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا عبدالله بن محمد بن يعقوب ثنا أبو حاتم حدثني حرملة قال: سمعت الشافعي يقول: وددت أن كل علم أعلمه يعلمه الناس أوجر عليه ، ولا يحمدوني. اهـ.
قلت: هذا دليل على كمال الصدق والنصح ، فما بال طلبة اليوم يخافون من إظهار ما عندهم مخالفة أن يسبقوا إلى نشره ، أو نشر بعضه ؟!

وقد يكون فيه لفتة لمن يكتب باسم مستعار !
 
قال أبو نعيم في الحلية 9/120
حدثنا محمد بن إبراهيم ثنا عبدالعزيز بن أبي رجاء قال سمعت الربيع يقول مرض الشافعي فدخلت عليه فقلت: يا أبا عبدالله قوى الله ضعفك ،
فقال: يا أبا محمد لو قوى الله ضعفي على قوتي أهلكني!
قلت: يا أبا عبدالله ما أردت إلا الخير .
فقال: لو دعوت الله علي لعلمت أنك لم ترد إلا الخير.اهـ .

قلت: علم صدق مودته = فتجاوز التدقيق في الألفاظ ، وأرشده للقول الصواب
، وهكذا ينبغي علينا أن نتجاوز مثل هذا ، فلربما تظن في كلام صاحبك ظنا ما خطر ، ولن يخطر على قلبه أبدا .
 
وذكر أحمد بن أبي طاهر عن عبد الله بن أبي سعد الكراني، أن عبد الله بن سعيد بن زرارة، حدثه عن محمد بن إبراهيم السياري، قال: لما قدم العتابي مدينة السلام على المأمون، أذن له، فدخل عليه وعنده إسحاق بن إبراهيم الموصلي، وكان العتابي شيخاً جليلاً نبيلاً، فسلم فرد عليه وأدناه، وقربه حتى قرب منه ، فقبل يده: ثم أمره بالجلوس فجلس، وأقبل عليه يسائله عن حاله، وهو يجيبه بلسان ذلق طلق، فاستظرف المأمون ذلك، وأقبل عليه بالمداعبة والمزاح، فظن الشيخ أنه استخف به ، فقال: يا أمير المؤمنين: الإيناس قبل الإبساس !
فاشتبه على المأمون قوله، فنظر إلى إسحاق مستفهماً، فأومأ إليه، وغمزه على معناه حتى فهم،
فقال: يا غلام، ألف دينار! فأتي بذاك، فوضعه بين يدي العتابي، وأخذوا في الحديث، وغمز المأمون إسحاق بن إبراهيم عليه، فجعل العتابي لا يأخذ في شيء إلا عارضه فيه إسحاق، فبقي العتابي متعجباً، ثم قال: يا أمير المؤمنين، أتأذن لي في سؤال هذا الشيخ عن اسمه؟ قال: نعم، سل.
فقال لإسحاق: يا شيخ من أنت؟ وما اسمك ؟ قال: أنا من الناس، واسمي كل بصل.
فتبسم العتابي وقال: أما النسب فمعروف، وأما الاسم فمنكر !.
فقال إسحاق: ما أقل إنصافك ، أتنكر أن يكون اسمي كل بصل؟ واسمك كل ثوم،
وكل ثوم من الأسماء ، أو ليس البصل أطيب من الثوم ؟!

فقال له العتابي: لله درك، ما أحجك ، أتأذن لي يا أمير المؤمنين في أن أصله بما وصلتني به؟ فقال له المأمون: بل ذلك موفر عليك ونأمر له بمثله.
فقال له إسحاق: أما إذا أقررت بهذا، فتوهمني تجدني، فقال: ما أظنك إلا إسحاق الموصلي، الذي تناهى إلينا خبره، قال: أنا حيث ظننت. وأقبل عليه بالتحية والسلام، فقال المأمون، وقد طال الحديث بينهما: أما إذ قد اتفقتما على المودة، فانصرفا متنادمين.
فانصرف العتابي إلى منزل إسحاق فأقام عنده.اهـ من الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني[ص 8469 من النسخة الإلكترونية] ، وأخرجه الخطيب في تأريخ بغداد 12/489 عن الحسن بن الحسين النعالي عن أبي الفرج به .
والحكاية في تأريخ الطبري 5/204.
---------
في لسان العرب: الكُلْثُوم: الكثـير لـحم الـخدّين والوجه . و الكَلْثمة: اجتماع لـحم الوجه . وجارية مُكَلْثَمة: حَسَنة دوائر الوجه ذات وجنتـين فاتَتْهما سُهولة الـخدَّين ، ولـم تلزمهما جُهومة القُبْح . ووجه مُكَلْثَمٌ: مُستدير كثـير اللـحم ، وفـيه كالـجَوْز من اللـحم، وقـيل: هو الـمتقارب الـجَعْدُ الـمُدَوَّر، ...
و كُلْثُوم: رجل . و أُمُّ كُلْثُوم: امرأَة .
 
قال أبو نعيم في الحلية 9/124
حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا عبدالله بن محمد بن يعقوب ثنا أبو حاتم ثنا حرملة قال: سمعت الشافعي يقول: كل ما قلت لكم ، فلم تشهد عليه عقولكم ، وتقبله ، وتراه حقا = فلا تقبلوه فإن العقول مضطرة إلى قبول الحق.
نحوه
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في تنبيه الرجل العاقل 1/389:
.. وأعلم أن هذا الكلام لكونه باطلا يستثقله القلب العاقل.
 
قال أبو نعيم في الحلية 9/138:
حدثنا محمد بن إبراهيم ثنا محمد بن عبدالله النسائي ثنا الربيع قال: سمعت الشافعي : .. ـ في ذكر هؤلاء القوم الذين يبكون عند القراءة ـ فقال: قرأ رجل ، وإنسان حاضر (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب) ، فجعل الرجل يبكي !
فقيل له: يا بغيض هذا موضع البكاء ؟!.
 
قال أبو نعيم في الحلية 9/143:
حدثنا عبدالرحمن بن محمد بن حمدان ، ثنا أبو محمد بن أبي حاتم ، ثنا أحمد ابن سلمة بن عبدالله النيسابوري قال: قال أبو بكر وراق الحميدي : سمعت الحميدي يقول: قال: محمد بن إدريس الشافعي خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفراسة ، حتى كتبتها ، وجمعتها ، ثم لما حان انصرافي مررت على رجل في الطريق ، وهو محتب بفناء داره أزرق العين ناتىء الجبهة سناط ، فقلت له: هل من منزل ؟
فقال: نعم.
قال الشافعي: وهذا النعت أخبث ما يكون في الفراسة ، فأنزلني ، فرأيته أكرم ما يكون من رجل ، بعث إلي بعشاء ، وطيب ، وعلف لدابتي ، وفراش ، ولحاف ، فجعلت أتقلب الليل أجمع ما أصنع بهذه الكتب إذا رأيت النعت في هذا الرجل ، فرأيت أكرم رجل ، فقلت: أرمي بهذه الكتب ، فلما أصبحت ، قلت للغلام: أسرج ، فأسرج ، فركبت ، ومررت عليه ، وقلت له: إذا قدمت مكة ، ومررت بذي طوى ، فاسأل عن محمد بن إدريس الشافعي ، فقال لي الرجل: أمولى لأبيك أنا ؟
قال: قلت: لا .
قال: فهل كانت لك عندي نعمة؟
فقلت: لا .
فقال: أين ما تكلفته لك البارحة ؟
قلت: وما هو ؟
قال: اشتريت لك طعاما بدرهمين ، وإداما بكذا ، وكذا ، وعطرا بثلاثة دراهم ، وعلفا لدابتك بدرهمين ، وكراء الفرش ، واللحاف درهمان !
قال: قلت يا غلام اعطه ، فهل بقي من شيء ؟
قال: كراء البيت فإني قد وسعت عليك ، وضيقت على نفسي .
قال الشافعي: فغبطت بتلك الكتب ، فقلت له بعد ذلك: هل بقي لك من شيء ؟
قال: امض أخزاك الله ، فما رأيت قط شرا منك !.
 
قال أبو نعيم في الحلية 9/146:
حدثنا الحسن بن سعيد بن جعفر قال: سمعت أبا القاسم الزيات يقول: سمعت الربيع يقول: سمعت الشافعي يقول: .. ما رفعت أحدا فوق منزلته إلا وضع مني بمقدار ما رفعت منه.
 
قال القاضي الأديب الحسن الرامهرمزي في المحدث الفاصل ص251:
أخبرني أبـي ، أن القاسم بن نصر المخرمي حدثهم ، قال: سمعت علي بن المديني يقول: قدمت الكوفة ، فعنيت بحديث الأعمش ، فجمعتها ، فلما قدمت البصرة لقيت عبد الرحمن ، فسلمت عليه ، فقال: هات يا علي ما عندك ، فقلت: ما أحد يفيدني عن الأعمش شيئا !
قال: فغضب ، فقال: هذا كلام أهل العلم ، ومن يضبط العلم ، ومن يحيط به ؟!
مثلك يتكلم بهذا ؟!
أمعك شيء تكتب فيه ؟
قلت: نعم .
قال: اكتب.
قلت: ذاكرني فلعله عندي !
قال: اكتب لست أملي عليك إلا ما ليس عندك .
قال: فأملى علي ثلاثين حديثا لم أسمع منها حديثا !
، ثم قال: لا تـَعُدْ .
قلت: لا أعود ، قال علي: فلما كان بعد سنة جاء سليمان إلى الباب ، فقال: امض بنا إلى عبد الرحمن ، حتى أفضحه اليوم في المناسك !
قال علي: ـ وكان سليمان من أعلم أصحابنا بالحج ـ قال: فذهبنا ، فدخلنا عليه ، فسلمنا ، وجلسنا بين يديه ، فقال: هاتا ما عندكما ، وأظنك يا سليمان صاحب الخطبة .
قال: نعم ، ما أحد يفيدنا في الحج شيئا ! ، فأقبل عليه بمثل ما أقبل عليَّ ،
ثم قال: يا سليمان ، ما تقول في رجل قضى المناسك كلها إلا الطواف بالبيت ، فوقع على أهله ؟
فاندفع سليمان فروى" يتفرقان حيث اجتمعا ويجتمعان حيث تفرقا"
قال اروِ ، ومتى يجتمعان ؟ ومتى يفترقان ؟
قال: فسكت سليمان .
فقال: اكتب ، وأقبل يلقي عليه المسائل ، ويملي عليه ، حتى كتبنا ثلاثين مسألة ، في كل مسألة يروي الحديث ، والحديثين ، ويقول: سألت مالكا ، وسألت سفيان ، وعبيدالله بن الحسن .
قال: فلما قمت ، قال: لا تعد ثانيا تقول [مثل](1) ما قلت .
فقمنا ، وخرجنا ، قال فأقبل عليَّ سليمان ، فقال: أيش خرج علينا من صلب مهدي هذا ؟!
كأنه كان قاعدا معهم سمعت مالكا ، وسفيان ، وعبيد الله .اهـ.
قلت: وأخرجه من طريقة الخطيب في الجامع 2/417، والتاريخ 10/245.

والإمام عبدالرحمن بن مهدي من أكابر علماء هذه الأمة في الفقه ، والحديث ، ومن العباد الورعين ، والأئمة الصادقين ، والعلماء العاملين ، تخرج عليه الأئمة الكبار كيحيى بن معين ، وعلي بن المديني ، وأحمد بن حنبل ، وأبي حفص الفلاس ، وإسحاق بن راهويه ، وأبي خيثمة ، وطبقتهم.
وسليمان ـ أظنه ـ ابن حرب الإمام الثقة الأزدي البصري قاضي مكة .
-----------------------
(1) زيادة من الجامع للخطيب.
 
قال الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/415:
أنا الحسن بن أبي بكر ، أنا أحمد بن إسحاق بن بنخاب الطيبي ، والحسن بن علي بن زياد ، نا أبو نعيم ضرار بن صرد ، نا عبد العزيز بن أبي حازم قال: قال أبي:" كان الناس فيما مضى من الزمان الأول إذا لقي الرجل من هو أعلم منه قال: اليومَ يومُ غُنمي ، فيتعلم منه ،
وإذا لقي من هو مثله قال: اليوم يوم مذاكرتي ، فيذاكره ،
وإذا لقي من هو دونه علمه ، ولم يَـزهُ عليه .
قال: حتى صار هذا الزمان ، فصار الرجل يعيب من فوقه ابتغاء أن ينقطع منه ، حتى لا يرى الناس أن له إليه حاجة !
وإذا لقي من هو مثله لم يذاكره ، فهلك الناس عند ذلك.اهـ
- تجد نحو هذا الكلام عن الخليل بن أحمد في جامع بيان العلم لابن عبد البر 1/133.
وذكره الإمام عبد الرحمن بن مهدي كما في ترجمته من الحلية .

وأبو حازم هو : سلمة بن دينار الأعرج من صغار التابعين ثقة من الزهاد تولى قضاء المدينة ، قال ابن خزيمة ثقة لم يكن في زمانه مثله .
- رحم الله أبا حازم قال هذا في زمانه ! فكيف لو رآى ما نحن فيه ؟!
.
 
قال أبو نعيم في حلية الأولياء 9/12:
حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا عبدالرحمن بن محمد ، ثنا عبدالرحمن بن عمر ، حدثني يحيى بن عبدالرحمن بن مهدي: أن أباه قام ليلة ـ وكان يُحيي الليل كله ـ ، فلما طلع الفجر رمى بنفسه على الفراش ، فنام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس ، فقال: هذا مما جنى علي هذا الفراش ، فجعل على نفسه أن لا يجعل بينه وبين الأرض وجلده شيئا شهرين ، فقرح فخذاه جميعا . اهـ .(1)
رحمه الله من إمام عظيم ، هكذا كان سلفنا الصالح في الاجتهاد في العبادة ، ومحاسبة النفس عند أدنى خلل ، فزكت نفوسهم ، وطاب ، وبقي ذكرهم ...
فياليت شعري : كم من الأخيار ، وطلبة العلم اليوم من يتخلف عن صلاة الفجر مرارا ، وتكرارا ، مع أنه لم يحيي الليل ، ولا عشره ، بل ولا عشر عشره !
ثم أتراه بعد ذلك يتألم ؟ أتراه يحزن ؟ أتراه يحاسب نفسه لئلا تعود !!
لا أظن ... إلا من رحم ربي .

--------------
(1) وممن روي عنه أنه حاسب نفسه وعاقبها حتى تنزجر الإمام عبد الله بن وهب ،
قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا حرملة سمعت ابن وهب يقول: نذرت أني كلما اغتبت إنسانا أن أصوم يوما ، فأجهدني فكنت اغتاب ، وأصوم ، فنويت أني كلما اغتبت إنسانا أن أتصدق بدرهم ، فمنْ حُبِ الدراهم تركتُ الغيبة .قلت [الذهبي] : هكذا والله كان العلماء ، وهذا هو ثمرة العلم النافع .
سير أعلام النبلاء 9/228 .
 
قال الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/412:
حدثني أبو النجيب عبد الغفار بن عبد الواحد الأرموي مُذاكرةً ، قال: سمعت الحسن بن علي المقرئ ، يقول: سمعت أبا الحسين بن فارس اللغوي ، يقول: سمعت الأستاذ ابن العميد ، يقول: ما كنت أظن أن في الدنيا حلاوة ألذ من الرئاسة ، والوزارة التي أنا فيها حتى شاهدتُ مذاكرةَ سليمان بن أحمد الطبراني ، وأبي بكر الجعابي بحضرتي ، فكان الطبراني يغلب الجعابي بكثرة حفظه ، وكان الجعابي يغلب الطبراني بفطنته ، وذكاء أهل بغداد حتى ارتفعت أصواتها ولا يكاد أحدهما يغلب صاحبه ، فقال الجعابي: عندي حديث ليس في الدنيا إلا عندي ، فقال: هاته ، فقال: نا أبو خليفة نا سليمان بن أيوب ..، ـ وحدث بالحديث ـ فقال الطبراني: أنا سليمان بن أيوب ! ، ومني سمع أبو خليفة ، فاسمع مني حتى يعلو إسنادك فإنك تروي عن أبي خليفة عني !
فخجل الجعابي ، وغلبه الطبراني ، قال ابن العميد: فوددت في مكاني أن الوزارة ، والرئاسة ليتها لم تكن لي ، وكنت الطبراني ، وفرحت مثل الفرح الذي فرح به الطبراني لأجل الحديث ، أو كما قال.. اهـ

صدق ، والله هذه اللذة ، لا لذة الشهوات والمناصب الزائلة ،
قال الإمام إبراهيم بن أدهم: لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف. حلية الأولياء 7/370.
وقال ابن القيم: حدثني شيخنا [ابن تيمية] قال: ابتدأني مرض فقال لي الطبيب: إن مطالعتك ، وكلامك في العلم يزيد المرض ! ، فقلت له: لا أصبر على ذلك ، وأنا أحاكمك إلى علمك ! أليست النفس إذا فرحت ، وسرت قويت الطبيعة = فدفعت المرض ؟
فقال: بلى .
فقلت له: فإن نفسي تسر بالعلم ؛ فتقوى به الطبيعة ، فأجد راحة .
فقال : هذا خارج عن علاجنا
، أو كما قال.
روضة المحبين ص70 ، ومفتاح دار السعادة 1/250.
 
زاد المعاد 1/313:
.. وقال المروذي: من صلى ركعتين بعد المغرب في المسجد يكون عاصيا ؟
قال: ما أعرف هذا .
قلت له: يحكى عن أبي ثور أنه قال: هو عاص .
قال: لعله ذهب إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم :"اجعلوها في بيوتكم". اهـ

رحم الله هذا الإمام انظر كيف يبحث له عن مخرج ، وتأويل ، ولو كان بعض (...) لبادر بالتخطئة ، والتجهيل.
 
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية 21/38:
هل البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأبو داود الطيالسي والدرامي والبزار والدار قطني والبيهقي وابن خزيمة وأبو يعلى الموصلي ،
هل كان هؤلاء مجتهدين لم يقلدوا أحدا من الأئمة أم كانوا مقلدين ، وهل كان من هؤلاء أحد ينتسب إلى مذهب أبي حنيفة .. ؟
فأجاب، الحمد لله رب العالمين:
أما البخاري ، وأبو داود فإمامان في الفقه من أهل الاجتهاد ،
وأما مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وأبو يعلى والبزار ونحوهم ؛ فهم على مذهب أهل الحديث ليسوا مقلدين لواحد بعينه من العلماء ، ولا هم من الأئمة المجتهدين على الإطلاق ، بل هم لا يميلون إلى قول أئمة الحديث كالشافعي وأحمد ، وإسحاق ، وأبي عبيد ، وأمثالهم .
ومنهم من له اختصاص ببعض الأئمة كاختصاص أبي داود ، ونحوه بأحمد بن حنبل ، وهم إلى مذاهب أهل الحجاز : كمالك ، وأمثاله أميل منهم إلى مذاهب أهل العراق كأبي حنيفة ، والثوري ، وأما أبو داود الطيالسي فأقدم من هؤلاء كلهم من طبقة يحيى ابن سعيد القطان ، ويزيد بن هارون الواسطي ، وعبد الله بن داود ، ووكيع بن الجراح ، وعبد الله بن أدريس ، ومعاذ بن معاذ ، وحفص بن غياث ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وأمثال هؤلاء من طبقة شيوخ الإمام أحمد ، وهؤلاء كلمهم يعظمون السنة والحديث ، ومنهم من يميل إلى مذهب العراقيين :كأبي حنيفة ، والثوري ، ونحوهما كوكيع ، ويحيى بن سعيد ، ومنهم من يميل إلى مذهب المدنيين مالك ، ونحوه: كعبد الرحمن بن مهدي .
وأما البيهقي فكان على مذهب الشافعي منتصرا له في عامة أقواله ، والدار قطني هو أيضا يميل إلى مذهب الشافعي ، وأئمة السند(1) ، والحديث لكن ليس هو في تقليد الشافعي كالبيهقي مع أن البيهقي له اجتهاد في كثير من المسائل ، واجتهاد الدارقطني أقوى منه فإنه كان أعلم ، وأفقه منه .

----------
هكذا في المطبوع ، ولعلها : السنة .
 
من أسباب تعدد الرويات عن الإمام أحمد

قال أبو سفيان المستملي سألتُ أحمد عن مسألة فأجابني فيها ، فلما كان بعد مدة سألته عن تلك المسألة بعينها ، فأجابني بجواب خلاف الجواب الأول ، فقلت له: أنت مثل أبى حنيفة الذي كان يقول في المسألة الأقاويل !
فتغير وجهه ، وقال: يا موسى ليس لنا مثل أبي حنيفة ، أبو حنيفة كان يقول بالرأي ، وأنا أنظر في الحديث ، فإذا رأيت ما أحسن ، أو أقوى أخذت به ، وتركت القول الأول .
المسودة ص470 .
 
عودة
أعلى