الكاتب : جمال الدين الأفغاني
__________
المقالة الخامسة
[*]
ما ينبغي للمسلمين علمه وعمله
أيها المسلمون :
إن الحجاز مهبط دينكم , وفيه بيت ربكم , وهو قبلة صلاتكم , ومشاعر
نسككم , وشعائر الله لكم , فيه يقام الحج الأكبر , الذي هو ركن الإسلام الاجتماعي
الأوحد , وفيه مقام إبراهيم , وقبر نبيكم الكريم عليهما من الله أفضل الصلاة
والتسليم , وقد جاء الإسلام بحرية الأديان إلا في حرم الله وحرم رسوله وسياجهما
من جزيرة العرب , فهما خاصان بدين الإسلام , وقد امتدت إليهما أيدي غير
المسلمين في هذه الأيام .
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها , قالت :
آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال : ( لا يترك بجزيرة العرب
دينان ) , وروى أحمد ومسدد والحميدي في مسانيدهم والبيهقي في سننه من
حديث أبي عبيدة ( رضي الله عنه ) قال : آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله
عليه وسلم ( أخرجوا يهود أهل الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب ) , وفي
رواية نصارى نجران .
وروى أحمد والبخاري ومسلم من حديث ابن عباس قال : اشتد برسول الله
صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الخميس وأوصى عند موته بثلاث : ( أخرجوا
المشركين من جزيرة العرب , وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ) قال سليمان
الأحول راوي الحديث عن سعيد بن جبير الذي سمعه من ابن عباس : ونسيت
الثالثة .
وحملها العلماء بالاحتمال على ما صح من وصاياه الأخرى في مرض موته -
صلى الله عليه وسلم - كقوله : ( لا تتخذوا قبري وثنًا ) ، وفي موطأ الإمام مالك ما
يشير إلى ذلك - أو وفد أسامة - أو الوصية بالنساء والرقيق .
وقد أجلى النبي صلى الله عليه وسلم بني قينقاع وقريظة والنضير
المحاربين له من يهود المدينة , وأنذَر مَن بقي من اليهود الجلاء بعد عجزهم عن
قتاله ؛ ليخرجوا بسلام ويحفظوا أموالهم , فقد روى البخاري في مواضع من صحيحه
وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة قال : ( بينما نحن في المسجد خرج النبي
صلى الله عليه وسلم فقال : انطلقوا إلى يهود ، فانطلقنا حتى جئنا بيت المِدْراس
( هو بوزن المفتاح العالم الذي يدرس كتابهم ) فقال : أسلموا تسلموا , واعلموا أن
الأرض لله ورسوله , وأنني أريد أن أجليكم من هذه الأرض , فمن يجد منكم بماله
( أي بدل ماله ) شيئًا فليبعه ؛ فاعلموا أن الأرض لله ورسوله ) , والمراد أرض
المدينة وسائر الحجاز .
وروى أحمد و مسلم و الترمذي من حديث عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه )
أنه سمع رسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( لأخرجن اليهود والنصارى من
جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلمًا ) , ولما كان أبو بكر ( رضي الله عنه ) لم
يتسع له الوقت لتنفيذ هذه الوصية , نفذها عمر ( رضي الله عنه ) , فقد روى
البخاري عن عبد الله أن عمر والده ( رضي الله عنهما ) أجلى اليهود والنصارى
من أرض الحجاز , وذكر يهود خيبر إلى أن قال أجلاهم عمر إلى تيماء و أريحاء .
سبب هذه الوصية النبوية معروف دلت الأحاديث الصحيحة , وهو أن الله
تعالى أطلع رسوله صلى الله عليه وسلم على ما سيكون من مطاردة الأمم لأمته ,
وسلبهم إياها ما يخولها الله تعالى من الملك , ومحاولتهم القضاء على دينها بعد
القضاء على ملكها , فأراد أن يكون مهد الإسلام معقلاً لها تعتصم فيه , ولا تجعل
للأمم التي ستبغي عليها سبيلاً للتدخل في شؤونه , كما تفعل الآن دول الاستعمار
الكبرى , وفي مقدمتها حليفة البيت الحسيني بالحجاز بريطانية العظمى ؛ هذه الدولة
التي أرادت أن تجعل طائفة القبط وسيلة لحرمان مصر من الاستقلال , فلما خيبوا
أملها خلقت مسألة الأقليات بدون قيد , وكلفت نفسها بدون إذنهم أن تبقى محتلة
لمصر ؛ لأجل حمايتهم ؛ وهذه الدولة التي خلقت للعراق العربي شعبًا أشوريًّا ,
قضى عليه التاريخ منذ ألوف السنين , فقلدته السلاح وحملته على مطالبة جمعية
الأمم بتأسيس دولة جديدة له في العراق ؛ لأجل العداء والشقاق , والتذرع به لإبقاء
العراق تحت سلطانها إلى يوم التلاق , هذه الدولة التي ما زالت تكيد للدولة العثمانية ,
وتتوسل إلى إسقاطها بالأرمن والروم وغيرهم , إلى أن سقطت وزالت من
الأرض , فحاولت القضاء على شعبيها الإسلاميين الكبيرين - العرب والترك -
فحالت أحداث الزمان دون الإجهاز على الشعب التركي , ووجدت من حسين
المكي وأولاده أقوى نصير للقضاء على الشعب العربي , فلما سلط الله تعالى عليه
شعبًا شديد الاعتصام بالإسلام طرده من الحجاز في هذه الأيام ، قامت جرائدهم
تدعو بالويل والثبور ، وتنذر قومها الخطر الإسلامي العربي على ما سلبوا من بلاد
العرب أن ينفلت من أيديهم .
أيها المسلمون تأملوا الشواهد على صحة قولي هذا لعلكم تتفكرون : يروي
مسلم في صحيحه من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعًا إلى النبي
صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ, ويأرز
بين المسجدين كما تأرز الحية من جحرها ) وروى الترمذي من حديث عمرو بن
عوف مرفوعًا إليه صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الدين ليأرز إلى الحجاز
كما تأرز الحية إلى جحرها , وليعقلن الدين من الحجاز معقل الأروبة من رأس
الجبل[1] إن الدين بدأ غريبًا ويرجع غريبًا فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما
أفسد الناس بعدي من سنتي ) .
وملخص معنى هذه الأحاديث أن المسلمين سيطرأ عليهم الفساد بالبدع حتى
يكون الإسلام نفسه غريبًا فيهم ومحتاجًا إلى الإصلاح ؛ وأنهم سيضطهدون بدينهم
ولأجل دينهم , حتى لا يجدون ملجا يعتصمون فيه لإقامته إلا معقله الذي ظهر فيها
غريبًا وهو الحجاز , فيكون فيه عزيزًا قويًّا ؛ كعصم الوعول في شناخيب الجبال
ومن تمام التشبيه أن يستتبع ذلك ما استتبعه أولاً من الملك والعمران ( إن شاء الله ) .
أيها المسلمون : إلى متى أنتم غافلون , إن الدولة البريطانية ولية حسين بن
علي المكي وأولاده من دون الله والمسلمين , هي التي أخذت على نفسها القضاء
على دين الإسلام في الشرق بعد القضاء على حكمه , وقد سلكت أقرب الطرق إلى
ذلك وأقلها خسارة ونفقة , وهو جعل الشعوب الإسلامية أسلحة لها تضرب بعضها
ببعض , إلى أن يهلك الجميع وتكون السيادة لها وحدها على بلادهم وهي هي التي
قاتلت المصريين بإذن ولاة الأمر من السلطان والخديو ؛ وهي هي التي قاتلت
السودانيين بالمصريين , وهي هي التي قاتلت قبل ذلك بعض ملوك الشرق وأمرائه
ببعض , ولا سيما في الهند , كما سترون في المنار من مقال للسيد جمال الدين
الأفغاني [2] الذي كان أول من نبّه الشرق عامة والمسلمين خاصة لعداوتها ؛ وهي
هي التي قاتلت الترك بالعرب الذين خدعهم ملك الحجاز وأولاده , حتى سلبت منهم
أخصب بلادهم وقررت إعطاء البلاد المقدسة منها لليهود , وجعلهم شعبًا جديدًا قويًّا
بين مصر وسورية والحجاز , يستعينون به على أهلها من العرب في حرمانهم من
رقبة بلادهم وخيراتها ؛ وهي هي التي ألقت العداوة والبغضاء بين إمام اليمن
والسيد الإدريسي ؛ وهي هي التي أطمعت الطاغوت حسين بن علي بالخلافة
الإسلامية وملك العرب كلهم تحت حمايتها , وقد بينا بعض الوثائق الرسمية في
ذلك كله .
أيها المسلمون : إن العقل وحالة الاجتماع العامة وتقاليد السياسة الإنكليزية
الخارقة كلها تؤيد معنى ما ورد في الحديث , الذي صدقته وقائع التاريخ التي أشرنا
إليها آنفًا من أن الله لا يهلك المسلمين إلا بقتال بعضهم لبعض .
روى مسلم من حديث ثوبان ( رضي الله عنه ) قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ( إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها [3] , وإن
أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها , وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض , وإني
سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة , وأن لا يسلط عليها عدوًّا من سوى
أنفسهم يستبيح ببيضتهم [4] , وإن ربي قال لي : يا محمد إني إذا قضيت قضاء ,
فإنه لا يرد , وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة , وأن لا أسلط عليهم
عدوًّا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم , ولو اجتمع عليهم من بأقطارها - أو قال
من بين أقطارها - حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا ويسبي بعضهم بعضًا ) .
وقد ظهر صدق هذا الحديث في الفتح الإسلامي للشرق والغرب , ثم في
ذهاب ملك المسلمين كما أشرنا إليه آنفًا في شأن بعض دول الشرق الإسلامي ,
ومثله دول الغرب القديمة والحديثة , فلولا تفرق أهل الأندلس وتعاديهم وتقاتلهم لما
زالت دولتهم وورثها الأسبانيون , ولولا مسلمو مراكش لما فتحت فرنسة الجزائر ,
ثم لولا مسلمو الجزائر لما استولت فرنسة على مملكة مراكش .
أيها المسلمون : لا يكن أمركم عليكم غمة في مسألة زحف النجديين ؛ لإنقاذ
الحجاز من صنيعة الأجانب حسين المكي وأولاده , قد بينا لكم بالوثائق الرسمية
حقيقة السبب الحامل للسلطان ابن سعود على ذلك , وأنه إسلامي محض ؛ لتأمين
فريضة الحج , ومنع الإلحاد والظلم في الحرم , وقطع عروق النفوذ الأجنبي في
مهد الإسلام , المانع من تنفيذ وصية المصطفى عليه الصلاة والسلام .
وكذا منع حسين وأولاده مما صرح به رسميًّا من عزمه على إخضاع جميع
حكومات جزيرة العرب لحكمه قبل ادعائه الخلافة , فكيف يكون خطره بعد ادعائه
حق الولاية العامة عليهم شرعًا ؟
أرجف بعض الكتاب الذين يخدمون السياسة الإنكليزية من طريق الحجاز بأن
سلطان نجد يريد إكراه حسين بضغطه على توقيع المعاهدة العربية البريطانية ,
فمتى خضع عاد جيش نجد أدراجه , وردّدت جرائد أخرى هذا الإرجاف فظهر
كذبهم .
وأرجفوا بأن ابن سعود ينفذ للإنكليز في الحجاز ما لم ينفذه حسين , وأنهم هم
الذين أغروه بالاستيلاء على الحجاز , فظهر كذبهم أتم الظهور بما نشرته صحيفة
إرجافهم بمصر من برقيات لندن - أولاً - من خبر الاتفاق بين ابن سعود ونوري
باشا الشعلان رئيس قبائل الرولة على سماح الأول للثاني ببقعة الجوف بشرط منع
الإنكليز من مد سكة حديدية بين فلسطين والعراق - وثانيًا - ببرقية التيمس التي
أرسلها إليها مراسلها من الإسكندرية الناطقة بأن احتلال ابن السعود للحجاز
وموانئه الواقعة على البحر الأحمر مفعم بأخطار شديدة ! ! وأنه يحمل معظم
القبائل على الانضواء إلى كنفه , والسير تحت لوائه ؛ وأنه يرجح أن ينتقل من
إنقاذ الحجاز إلى إنقاذ شرق الأردن وفلسطين وكذا اليمن على احتمال .
ثم إن هذا الإنكليزي الغيور على الإسلام والعرب طعن في دين الوهابيين
ومذهبهم , ووصفهم بالتوحش وكراهة المدنية , وأظهر خوفه وحذره من إكراههم
لغيرهم على اتباع مذهبهم , وغيرته على المعاهد المقدسة ! ! , واستدل بهذا كله
على أنه يجب على الدولة البريطانية وهي أكبر دولة إسلامية ( ! ! ! ) أن تبادر
إلى رد الوهابيين عن الحجاز , قال : ( فتنقذ بذلك المعاهد المقدسة في الحجاز من
أن تمسها يد الوهابيين بالتدمير والتخريب - وليس ذلك فقط- بل تزيل أيضًا خطرًا
شديدًا يهدد البلاد العربية ، وتقضي على عامل يقلق السلم في جزيرة العرب ، فإذا
لم تزله زوالاً تامًا , فإنها تخفف من حدته كثيرًا ) .
المعنى الصريح المراد من هذا الكلام أن إنكلترة ترى من أعظم الخطر على
سياستها في البلاد العربية أو الإسلامية أن يوجد في المسلمين أمير مسلم قوي , ولا
سيما إذا كان مسلمًا مؤمنًا , معتصمًا بدينه , مؤيدًا بشعب صادق الإيمان كابن سعود
وقومه ، لا يباع ولا يشترى بالذهب الإنكليزي , ولا بالألقاب الفخمة الضخمة
كحسين وأولاده ، لأن قوة مثل هذه تحول دون نجاح السياسة البريطانية في إزالة
الإسلام من الأرض , من حيث هو دين سيادة وسلطان ، ثم في إزالته من الأرض
من حيث هو دين عقيدة وإيمان ، ويستتبع ذلك احتمال إنقاذ ما استعبدته من الشعوب
الإسلامية والعربية .
ثم إن مراد كتاب الإنجليز وصنائعهم بمصر من نشر هذه الأراجيف
والتضليلات تمهيد السبيل لحمل المسلمين في مثل الهند ومصر وفلسطين وسورية
على استقباح استيلاء الوهابيين على الحجاز ، وتمني إخراجهم منه ؛ لتتوسل الدولة
البريطانية بذلك إلى بذل قوتها لإجلائهم عنه خدمة للإسلام والمسلمين ( ! ! ) ؛
لأنها شديدة الحب لهذا الدين والإيمان به , ومغرمة القلب بحب المسلمين كافة , كما
فعلت من قبل في احتلال أوطانهم حبًّا فيهم وتكريمًا لدينهم ( ! ! ) , وهل كان فتحها
الصليبي للقدس الشريف واحتفالهم بذلك في جميع كنائسهم إلا من آثار هذا العشق
والغرام ؟ وهل تمليكها رقبة فلسطين لليهود الصهيونيين , وتجديد ملك لهم في قلب
بلاد العرب إلا من عشق الإسلام والمسلمين كافة ، والعرب منهم خاصة ( ! ! ) .
يظهر أن مدير التيمس ومراسل التيمس بمصر وأمثالهما لا يزالون يظنون كما
يظن رجال الوزارة الخارجية البريطانية , أن المسلمين لا يزالون كالبله يصدقون
كما يقول الإنكليز بدليل أن بعض أهل فلسطين وسوريا والعراق لا يزالون يعظمون
حسينًا وفيصلاً وعبد الله مع ظهور خيانتهم للأمة العربية , وجنايتهم على الدين
الإسلامي .
والصواب الذي يجب أن يعرفه الإنكليز هو أن السواد الأعظم من المسلمين
صاروا على الرأي الذي سمعته من حسني أفندي أحد مشايخ الإسلام المتأخرين في
الآستانة وهو : أن كل ما تقول دول أوربة لنا إنه مفيد لكم فهو ضار بنا ، وكل ما
تقول لنا : إنه ضار بكم فهو نافع لنا ، فليرجع الساسة الإنكليز عن هذه الوسائل
السخيفة للتنكيل بالأمم الضعيفة ، مع ادعاء المقاصد الشريفة ، وليرجعوا عن
مطامعهم التي لا حد لها فإن ذلك خير لهم .
أيها المسلمون : حسبكم ما بينا لكم من الدلائل في هذه المقالات وغيرها على
مصاب الإسلام والعرب بهذا البيت الحجازي , ووجوب تطهير الحجاز من جناياته
على العرب والإسلام ، وقد سخر الله لحرمه من أنقذه بأهون الوسائل , فماذا يجب
عليكم الآن ؟ خذوا رأي أخيكم كاتب هذه المقالات الذي درس مسألة جزيرة العرب
وأمرائها , وسياسة الأجانب فيها بالعلم والعمل درسًا طويلاً عريضًا عميقًا في أكثر
من ربع قرن , وألخص ما يتعلق منه بموضوعنا في القضايا الآتية :
1- إن أعظم جناية يجنيها مسلم على الإسلام والمسلمين والعرب السعي
لإقرار سلطة علي بن حسين وإبقائه ملكًا على الحجاز , فقد سنحت الآن الفرصة
لأعظم إصلاح يمكن أن يقوم به المسلمون في مهد دينهم , فإذا أضاعوها يخشى أن
لا تعود .
قد تولى إمارة الحجاز كثيرون من هؤلاء الناس الذين يسمون شرفاء مكة في
بضعة قرون , فلم يخرج منهم مصلح في علم ولا عمل ولا ديانة ولا سياسة ولا
إدارة ، بل كان أكثرهم مفسدين ظالمين ، وأقلهم غير نافعين ولا ضارين ، والدليل
على ذلك سوء حالة الحجاز في جميع هذه القرون ، ورجوع بدوه إلى شر مما كانوا
عليه في الجاهلية ، وكون حضره أسوأ حالاً من جميع سكان المدن في البلاد
الشرقية .
وقد كان شرهم وأطمعهم وأشدهم إلحادًا وإفسادًا للدين والدنيا حسين بن علي
الذي لم يبلغنا أن أحدًا من الأمراء أبغضه أهل ملته وذموه مثله ، وهذا ولده قد سمي
ملكًا في أسوأ حال نصب فيها حاكم في أمة أو بلد ينهزم أمام الفاتحين من مكان إلى
مكان , ويستغيث بجميع أهل الملل والنحل من جميع الأمم ؛ لينقذوه من هؤلاء
الفاتحين ، ثم هو يقر حكومة والده الممقوتة برجالها كلهم , ويبدأ أعماله السياسية
بأمر وكيل والده في لندن , بعقد تلك المعاهدة التي بيّن فسادها كُتَّاب المسلمين في
مشارق الأرض ومغاربها .
2- إنه لم يكن يوجد في الدنيا شعب إسلامي غير النجديين يمكنه إنقاذ الحجاز
من الخطر الذي كان محيطًا به بعد احتلال الأجانب لفلسطين وسورية والعراق ,
واستيلائهم على سكة الحديد الحجازية من جانب العمران ، وقد كان هذا البلاء
المبين بمساعدة هذا البيت الحجازي . وها نحن أولاء نسمع ونقرأ ما يهدد الإنكليز
به الحجاز من عدم السماح لقوة إسلامية تؤسس فيه ؛ لئلا تكون خطرًا على ما
صاروا يعدونه ملكًَا لهم من بلاد العرب , التي يزعم حسين وأولاده أنهم أنقذوها
( فلسطين وشرق الأردن والعراق ) .
ولا يخفى عليكم أن مقتضى القاعدة السياسية الإنكليزية وجوب الاستيلاء التام
على الحجاز واحتلاله بالقوة العسكرية , إن لم تكن تحت الإشراف البريطاني ؛
لأجل الأمن على المواصلات البريطانية بين فلسطين والعراق .
3- اعلموا أنه لا توجد حكومة إسلامية غير حكومة نجد , تقدر الآن على
حفظ الأمن في الحجاز , ومنع التعدي على الحجاج ، ثم على إصلاح حال قبائل
الأعراب فيه , ومنعهم من الغزو لمجرد التعدي أو الكسب والنهب ، فيجب أن
يعضدها جميع العالم الإسلامي ، وسيرون صحة قولي في هذا كما رأوه في غيره
ولا سيما الإرجاف الأخير بالخوف على الكعبة المشرفة أن يهدمها الوهابيون , أو
يمزقوا أستارها ، وأمثال هذه الأكاذيب التي كان يذيعها الإنكليز ومروجو سياستهم
الحجازية في مصر وسورية , فقد دخلوا مكة كما دخلها أجدادهم في فجر القرن
العشرين معتمرين , فطافوا بالكعبة المعظمة , وقبّلوا الحجر وصلّوا سُنَّة الطواف ,
ثم الفريضة وآمنوا جميع الأهالي من كل اعتداء , فلم يعتدوا على أحد ، وسيلغون
جميع الضرائب والمغارم التي أرهق حسين بها الناس ، ولما علم ذلك عاد الذين
كانوا فارين من مكة إلى جدة من الطريق , ولا بد أن يكون جميع الذين فروا إلى
جدة قبل ذلك قد ندموا ؛ لتصديقهم الملك السابق والملك اللاحق , بأن الوهابية
سيمزقون أشلاءهم ، ويبقرون بطون نسائهم ، ويقطعون أعضاء أطفالهم على مرأى
منهم ، ثم ينهبون جميع ما يملكون …
4- إنه لا يليق بالإسلام ، ولا ببيت الله الحرام ، أن يكون في مكة وهي البلد
الأمين ، والمعبد الأعظم للمسلمين ، ملك قاهر مستعلٍ على الناس , يقتل ويسجن
ويعذب ويفرض الغرامات , ويعادي جيرانه ويقاتلهم ، بل يجب أن يكون فيها
حكومة يديرها مجلس شرعي مُنْتَخَبٌ من خيار علمائها وعلماء الشعوب الإسلامية
الأخرى , ويكون لهم رئيس يختارونه من أنفسهم في كل سنة , ولا يكون لأي فرد
من الأفراد أن يستبد بأي أمر في حرم الله برأيه .
5- يجب أن يكون الحجاز قطرًا على الحياد لا يُقَاتِل ولا يُقاتَل ولا يكون
لأحد من الأجانب غير المسلمين نفوذ فيه , ولا حق سُكْنى ولا ملك ولا حماية أحد
من الحجاج ولا من غيرهم . ولا يوجد مسلم يعرف دينه يرضى أن يكون بلد الله
الأمين تحت حماية حاكم غير مسلم , أو يجعل نفسه ذريعة لتدخله في شؤونه ،
وإهانته لحكومته الإسلامية , وإذا كان قد عهد من أجهل المسلمين التابعين لدول
غير إسلامية الصبر الجميل على ظلم أمراء مكة القبيح , ولم يستحلوا أن يشكوا
ذلك لحكوماتهم , فكيف يكون شأنهم إذا صارت حكومة الحجاز شرعية شورية لا
استبداد فيها ولا مجال للاستبداد .
6- يجب أن يكون الحجاز مهد العلم والصلاح والإصلاح , وقد أُلِّفَت في
القاهرة جمعية إسلامية عامة ؛ للسعي لما يجب من تأمينه وحياده السلمي باعتراف
جميع الدول , ومن الإصلاح فيه اسمها ( جمعية السلم العام , في بلد الله الحرام )
وستعلن الدعوة إليها .
7- إن ما أشرنا إليه , ونقلنا بعضه في المقالة الرابعة من أقوال سلطان نجد
وبلاغي نجله , وما لدينا من الاطلاع الخاص , يعطينا اعتقادًا جازمًا بأن السلطان
عبد العزيز بن سعود يقبل بكل ارتياح , أو يدعو إلى عقد مؤتمر إسلامي في مكة
المكرمة يؤلف من خواص مسلمي الشعوب الإسلامية ؛ للبحث وتقرير النظام الذي
أشرنا إليه ، كما أنه سيرسل وفدًا من علماء نجد لحضور مؤتمر الخلافة الذي سيعقد
في مصر ، فهل كان أحد من المسلمين يطمع في شيء من هذا قبل إنقاذ هذا الرجل
العظيم للحجاز من قبضة الطاغوت ؟
***
المقالة السادسة[**]
ماذا يفعل الوهابيون بالحجرة النبوية وقبة الحرم الشريف
أكثر المثنون علينا من قراء هذه المقالات من العلماء والفضلاء قولاً وكتابة
على ما بينا لهم من الحقائق ، مؤيدة بالدلائل والوثائق ، كما كثر طلاب ( الهدية
السنية التحفة الوهابية النجدية ) حتى صارت تطلب من الأقطار البعيدة ، ووزعت
منها ألوف عديدة ، وكثر السائلون لنا عما يشتبه عليهم من هذه الرسالة ومن أقوال
الجرائد ، فأما من يلقوننا منهم فإننا نجيب كل سائل بقدر ما يتسع الوقت ، وأما
الذين يكتبون إلينا منهم فنعتذر لهم ، بأننا لا نجد وقت فراغ من أعمالنا
الضرورية نصرفه في الكتابة لهم , وإن كنا نعتقد أن الكتابة مفيدة لمن أراد أن
يستفيد .
ومن الأسئلة الكتابية سؤال أرسل إلينا من طريق جريدة الأهرام هو أجدرها
بأن لا يجاب عنه ، وإن كان مرسله مستعجلاً لا صبر له ، إذ هو يسأل عما يفعل
الوهابيون بالحجرة النبوية إذا هم فتحوا مكة والمدينة ، ويقيم عليهم الحجة إذا هم
فعلوا ما زعم أنهم يدينون الله تعالى به وإذا هم لم يفعلوا على سواء . فأنا لا يعنيني
أن أبحث في أمر المستقبل , وما عسى أن يفعل الوهابية فيه ، ولا يعنيني أن
يخطئ القوم في أمر فتقوم به عليهم الحجة , ومتى فعلوا شيئًا يعلم السائل وغيره
ذلك ، وهم على تشددهم في الدين غير معصومين ، فإن وقع منهم خطأ , فقد وقع
ممن هم خير منهم : كالصحابة الذين قتلوا جماعة أسلموا بأمرخالد بن الوليد رضي
الله عنه ؛ لأنه لم يثق بإسلامهم , فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأمرهم قال :
( اللهم أبرأ إليك مما فعل خالد ، اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد ) رواه البخاري
وغيره .
ولكنني وجدت باعثًا دينيًّا دعاني للإجابة عن هذا السؤال الذي هو غير جدير
بالإجابة عنه لذاته ، وهو أن أبين للجماهير من الناس الذين لم يطّلعوا على كتب
السنة أصح ما ورد في هذا الباب ، مع فوائد أخرى تتعلق بما في السؤال من
الاحتجاج ، اقتداء بما ورد في آخر كتاب العلم من صحيح البخاري في ( باب من
أجاب السائل بأكثر مما سأله ) .
وهذا نص السؤال :
السلام عليكم ، وبعد : أرأيتَك يا أستاذ , لو تم للإخوان الوهابيين فتح مكة
والمدينة ؛ أيهدمون قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، أعني يحطمون ما حوله من
بناء وما فوقه من قباب ، إذ أنهم يدينون بتحريم ذلك ، ويعتقدون أنها بدع يجب
استئصالها … ؟
وهل لا يغضب العالم الإسلامي لمثل ما يأتون إذا حصل … ؟ وإذا راعى
الإخوان في ذلك شعور العالم الإسلامي , وتحاشوا تلك الأعمال عند هذا المقام ، فما
معنى تلك الأسطر الكثيرة التي خطوها في هذا الباب ؟ أو هل كان النص تنقطع
سلسلة اتباعه هنا ، فهو مقصور على قبر غير النبي صلى الله عليه وسلم … ؟
عجِّل يا سيدي بإجابتي , وتقبل جميل احتراماتي
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... المخلص
... ... ... ... ... ... ... ... ... محمد إبراهيم خليل
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ببولاق
جواب السؤال :
( 1 ) الذي نظنه أن الوهابيين لا يهدمون الحجرة التي فيها القبر الشريف ,
وما قاله السائل من أنهم يدينون الله تعالى بتحريم ذلك البناء , ويعتقدون أنها بدع
يجب استئصالها ؛ فيه نظر فإن البدع المخالفة لصريح السنة هي اتخاذ القبور
مساجد , بأن يدفن الميت في المسجد أو يبنى المسجد على القبر … كما يعلم مما
يأتي , وقبر النبي صلى الله عليه وسلم منفصل من المسجد في بناء وحده كان بيت
زوجه عائشة - رضي الله عنها - وعن أبيها , فالذي يصلي في المسجد لا يعد
مصليًّا إلى القبر ، وإذا كان بعض الناس يدخل الحجرة الشريفة فيصلي إلى القبر
يسهل منعه .
وقد استولى القوم على الحرمين الشريفين في فجر القرن الثالث عشر الهجري
( الموافق لأول القرن التاسع عشر الميلادي ) , ولم يهدموا الحجرة الشريفة ، ولكن
روى بعض المؤرخين أنهم أزالوا من فوق قبة الحرم النبوي الشريف ما كان من
شكل الهلال والكرة المذهبين ، وأنه كان من مرادهم هدم القبة , ولكن سقط اثنان
من الفعلة الذين صعدوها لإزالة الكرة والهلال الذهبيين فماتا فامتنعوا من هدم القبة
لذلك ، والمعلوم قطعًا أنهم لم يهدموا قبة الحرم , ولم يحدثوا اعتداءً ولا تغييرًا في
القبر الشريف ، وربما كان نزع الكرة والهلال لاعتقادهم أنهما من الذهب , فرأوا
أن الانتفاع بهما في خدمة الدين التي يعتقدون القيام بها أولى من وضعها فوق القبة ,
على أن هذا الزخرف في بناء المساجد ليس من الدين في شيء , بل هو من
البدع التي تفاخر بها الملوك , فأنكرها عليهم بعض العلماء وسكت عنها بعضهم
خوفًا منهم ، أو لأنهم عدوا الكثير منها من البدع الدنيوية التي لا تمس العقائد ولا
العبادات , ثم ابتدع هؤلاء الملوك بناء المساجد على قبورهم , فكانوا يوصون بذلك
فينفذه أخلافهم , وهو محرم بالنصوص الصحيحة الصريحة , فأنكره قليل من
العلماء الربانيين ، وسكت عنه الآخرون خوفًا من شرهم ، أو طمعًا في برهم ، كما
يعلم من الشواهد التي نزيدها على جواب السائل الفاضل .
( 2 ) إن العالم الإسلامي يغضب أشد الغضب إن هدموا القبة الخضراء أو
شيئًا من جدران الحجرة الشريفة ؛ لأن هذه المظاهر الفخمة والزخارف الجميلة تعد
في عرف جميع العوام وكثير ممن يسمون الخواص من قبيل شعائر الإسلام ،
والمشعر الحرام ، بل هي عندهم أفضل من الركن والمقام ، وأهم من الصلاة
والصيام ، ومنهم من يذهب إلى الحجاز ؛ لأجل الزيارة , ولا يخشع إلا لرؤية هذه
المباني الفخمة , فإذا كان في إزالة شيء منها مصلحة من بعض الوجوه كالرجوع
في الأمور الدينية وما يتعلق بها إلى مثل ما كانت عليه في عصر السلف , والتمييز
بين ما هو مطلوب شرعًا وما هو محذور أو غير مطلوب ؛ فإن فيه مفسدة أكبر
والحال في أكثر البلاد الإسلامية على ما ذكرنا , حتى صح فيها ما تنوه به خطباء
المنابر من تحول المعروف منكرًا والمنكر معروفًا , ودرء المفاسد مقام على جلب
المصالح بشرطه المعروف عند العلماء .
( 3 ) إذا راعى الإخوان شعور العالم الإسلامي في ترك بعض المنكرات
المتفق على حظرها على حالها درءًا للمفسدة ، واتقاء لتنفير الكثيرين عن الإصلاح
المقصود من إنقاذ البلاد المقدسة ، يكون عملهم هذا موافقًا للشرع ، وقد علمنا مما
دار في مؤتمر الشورى في عاصمة نجد , أن العلماء أفتوا السلطان بجواز تأخير
أداء فريضة الحج في الموسم الأخير إذا كان يترتب على أدائه مفسدة راجحة ,
ووجود الحجرة النبوية نفسها ليس من المنكرات , بل من المعروف المتواتر خبره
في كتب السنة كالمسجد النبوي , وإنما تغير شكل البناء ، وأمره هين لا يذكر مع
تركهم للحج خوفًا من المفسدة .
ومن دلائل السنة على هذه المراعاة بهذا القصد ما ثبت في الصحيحين
وغيرهما من حديث عائشة - رضي الله عنها - ( أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان كارهًا لما عليه بناء قريش للكعبة مقتصرة من جهة الشمال عن قواعد جده
إبراهيم ( عليهما وآلهما الصلاة والسلام ) ومن جعل بابها مرتفعًا ؛ ليدخلوا من
شاؤوا ويمنعوا من شاؤوا ، وأنه كان صلى الله عليه وسلم يود لو نقضها فأعاد
بناءها على أساس إبراهيم , وجعل لها بابين لاصقين بالأرض ؛ ليدخل كل من أراد
من باب ويخرج من الآخر , وما منعه من ذلك إلا حداثة عهدهم بالكفر والجاهلية
كما صرح به لعائشة ) والحديث في ذلك مكرر في الصحيحين وغيرهما ، فإذا كان
المعصوم صلى الله عليه وسلم خاف أن تنكر قلوب حديثي العهد بالشرك من
المؤمنين هدمه للكعبة وبناءها على أتم وأفضل مما بناها عليه المشركون , فمراعاة
الإخوان مثل ذلك يعد عملاً شرعيًّا .
الزيادة على الجواب :
إذا أراد السائل وأمثاله نصًّا عن الأئمة المجتهدين في هذه المباني الفخمة
والزينة في الحرم النبوي الشريف فليراجع ما قاله العلامة الشاطبي في كتابه
الاعتصام : في بحث الشروط التي تشترط لعد البدع من المعاصي الصغائر كبائر ,
حتى إذا ما بلغ الشرط الثالث وهو ( أن لا تفعل البدعة في المواضع التي هي
مجتمعات الناس , والمواضع التي تقام فيها السنن , وتظهر فيها أعلام الشريعة )
يجد من الدلائل على هذا الشرط ما نصه :
( قال أبو مصعب : قدم علينا ابن مهدي فصلى ووضع رداءه بين يدي
الصف , فلما سلم الإمام رمقه الناس بأبصارهم , ورمقوا مالكًا ( هو الإمام مالك ابن
أنس ) , وكان قد صلى خلف الإمام , فلما سلم قال : من هاهنا من الحرس ؟ فجاءه
نفسان فقال : خذا صاحب هذا الثوب فاحبساه , فحبس ، فقيل له : إنه ابن مهدي
( أي قيل لمالك : إن هذا الذي حبس هو عبد الرحمن بن مهدي الإمام المشهور , وهو
من أقران مالك في الحديث ) فوجه إليه وقال له : ما خفت الله واتقيته أن وضعت
ثوبك بين يديك في الصف , وشغلت المصلين بالنظر إليه , وأحدثت في مسجدنا
شيئًا ما كنا نعرفه ؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في مسجدنا
حدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) , فبكى ابن مهدي وآلى على نفسه
أن لا يفعل ذلك في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في غيره , وفي رواية أن
عبد الرحمن بن مهدي اعتذر بأنه ثقل عليه رداؤه من شدة الحر , فوضعه ولم يقصد
مخالفة من مضى . أي في عدم إحداث شيء جديد في مسجده صلى الله عليه وسلم .
فإذا كان إمام دار الهجرة يرى أن من مخالفة الحديث الشريف الذي رواه هو
ومن بعده من أصحاب الصحاح والسنن أن يضع المصلي رداءه أمامه ؛ لأن هذا لم
يكن في عهده صلى الله عليه وسلم ، وكل ما لم يكن في عهده يصدق عليه أنه
إحداث وابتداع فيه يستحق صاحبه تلك اللعنة الشاملة المحيطة , فما القول عنده في
سائر الأحداث ؟
والإمام مالك مُتَّفَقٌ على جلالته واجتهاده , ويلقبه بعض المحدثين حتى من
غير المالكية بالإمام الأعظم ، ولكنه لو خرج اليوم من قبره ، وأراد أن يجعل
المسجد النبوي كما كان في عصره لرجمه جماهير المسلمين بالحجارة وفي مقدمتهم
أتباع مذهبه من المغاربة والسودانيين والمصريين .
نكتفي بهذا القدر من الزيادة الآن , وسنذكر في المقال المتمم لهذه الفتوى
بعض الأحاديث المحتج بها في أحكام القبور والمساجد , وأقوال بعض كبار الفقهاء
من غير الحنابلة ؛ لأن هذه فرصة تنبهت فيها الأذهان للتمييز بين السنن والبدع .
***
المقالة السابعة [***]
القبور ومساجدها وقبابها
قد عم الجهل بالإسلام , حتى صار ألوف الألوف من المسلمين جنسية لا
هداية , يعدون بعض الحق من عقائده وآدابه وأحكامه باطلاً ، والباطل من البدع
المحدثة فيه حقًّا ، وسبب هذا إهمال التعليم الديني والإرشاد الإسلامي ، وترك
فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فانقلب الأمر وانعكس الوضع ، فصار
الكثيرون يعدون كثيرًا من المعروف منكرًا ومن المنكر معروفًا , حتى في الأمور
المتعلقة بصحة الإيمان .
ولما فشت البدع ورسخت , صارت مألوفة , وعز على المشتغلين بالعلم أن
يطبقوا على أصحابها أحكام الشرع في أحكام : الردة , والخروج من الإسلام ,
وأحكام رد الشهادة , ثم صار بعضهم يتأول لهم , ولو بالتمحل البعيد عن النقل
والعقل .
لهذا اضطرب الناس في الإصلاح والتجديد للدين الذي قام به الشيخ محمد عبد
الوهاب الحنبلي السلفي في نجد وأولاده وأحفاده وتلاميذهم بتأييد أمراء نجد ؛ سعود
وآل سعود ؛ لأنهم أقاموا أحكام الإسلام بالعلم والعمل , والتأييد بالحكم النافذ ؛ فرأى
أمراء الحجاز المفسدون مجالاً واسعًا لاتهامهم بتكفير المسلمين واستباحة دمائهم ؛
ووافقتهم الدولة العثمانية يومئذ على ذلك ؛ لإماتة ذلك الإصلاح لئلا يفضي إلى
تأسيس دولة عربية قوية في بلاد العرب ، مع أن الدولة كانت تعد فرق الباطنية ؛
كالنصيرية والإسماعيلية , والدروز مسلمين , إذ كانت أبعد الحكومات الإسلامية عن
التكفير وعن مقاومة البدع ، إلا أن يكون لأجل السياسة كقتالها للإيرانيين ، وكل من
هذا وذاك دوران مع السياسة يدل عليه أن الشعب التركي يثني على الوهابيين اليوم
وتتمنى جرائده لهم الفوز بالاستيلاء على الحجاز ؛ لأن الحجاز قد خرج من دائرة
دولتهم , وكان المتغلب عليه عدوًّا لهم .
أشهر ما اشتهر من إصلاح الوهابيين الذي سماه الجاهلون بدعة أو مذهبًا
جديدًا أو دينًا محدثًا منع البدع والمعاصي المتعلقة بقبور الأنبياء والأولياء وأهل
البيت , وإننا ننشر للجمهور الآن بعض ما ورد في ذلك من الأحاديث النبوية ,
وأقوال بعض الفقهاء المشهورين من المجتهدين والمنتمين إلى المذاهب المشهورة ؛
ليميزوا به الحق من الباطل والهدى من الضلال .
جاء في كتاب الزواجر للفقيه الشهير أحمد بن حجر الهيتمي الشافعي المولود
بمصر سنة 909 والمتوفى بمكة سنة 973 - ما نصه :
الكبيرة 93-98
اتخاذ القبور مساجد وإيقاد السرج عليها , واتخاذها أوثانًا والطواف بها
واستسلامها , والصلاة إليها .
أخرج الطبراني بسند لا بأس به عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال :
عهدي بنبيكم قبل وفاته بخمس ليالٍ فسمعته يقول : ( إنه لم يكن نبي إلا وله خليل
من أمته , وإن خليلي أبو بكر بن أبي قحافة ، وأن الله اتخذ صاحبكم خليلاً ، ألا
وإن الأمم قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد , وإني أنهاكم عن ذلك ، اللهم
إني بلغت ) ثلاث مرات ، ثم قال : ( اللهم اشهد ) ثلاث مرات ، الحديث .
والطبراني ( لا تصلوا إلى قبر ولا تصلوا على قبر ) [5] وأحمد وأبو داود
والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان عن ابن عباس رضي الله عنهما ( لعن
رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج )
ومسلم ( ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد فإني أنهاكم عن
ذلك ) وأحمد ( إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون
القبور مساجد ) , وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم ( الأرض كلها
مسجد إلا المقبرة والحمَّام ) والشيخان وأبو داود ( قاتل الله اليهود اتخذوا قبور
أنبيائهم مساجد ) , وأحمد عن أسامة وأحمد والشيخان والنسائي عن عائشة وابن
عباس ومسلم عن أبي هريرة [6] بمعناه وأحمد والشيخان والنسائي ( أولئك إذا كان
فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدًا , وصوروا فيه تلك الصور أولئك
شرار الخلق عند الله يوم القيامة ) , وابن حبان عن أنس : ( نهى صلى الله عليه
وسلم عن الصلاة إلى القبور ) , وأحمد والطبراني : ( إن من شرار الناس من
تدركهم الساعة وهم أحياء ومن يتخذ القبور مساجد ) , وابن سعد ( ألا إن من كان
قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد , فلا تتخذوا القبور مساجد فإني
أنهاكم عن ذلك ) , وعبد الرازق ( إن من شرار الناس من يتخذ القبور مساجد ) ،
وأيضًا ( كانت بنو إسرائيل اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد فلعنهم الله تعالى ) [7] , ثم
قال المصنف بعد سرد هذه الأحاديث :
( تنبيه ) :
عد هذه الستة من الكبائر وقع في كلام بعض الشافعية , وكأنه أخذ ذلك مما
ذكرته من هذه الأحاديث , ووجه أخذ اتخاذ القبر مسجدًا منها واضح ؛ لأنه لعن من
فعل ذلك بقبور أنبيائه , وجعل من فعل ذلك بقبور صلحائه شر الخلق عند الله يوم
القيامة ، ففيه تحذير لنا كما في رواية : ( يحذر ما صنعوا ) أي يُحَذِّرُ أُمَّتَهُ بقوله
لهم ذلك من أن يصنعوا كصنع أولئك فيلعنوا كما لعنوا واتخاذ القبر مسجدًا معناه
الصلاة عليه أو إليه وحينئذ فقوله : ( والصلاة إليها ) مكرر ، إلا أن يراد باتخاذها
مساجد الصلاة عليها فقط [8] .
( نعم إنما يتجه هذا الأخذ إن كان القبرُ قَبْرَ مُعَظَّم من نبي أو ولي كما
أشارت إليه رواية ( إن كان فيهم الرجل الصالح ) ومن ثَمَّ قال أصحابنا : تحرم
الصلاة إلى قبور الأنبياء والأولياء تبركًا وإعظامًا , فاشترطوا شيئين : أن يكون
قبر معظم , وأن يقصد بالصلاة إليه ومثلها الصلاة عليه التبرك والإعظام , وكون
هذا الفعل كبيرة ظاهر من الأحاديث المذكورة لما علمت ، وكأنه قاس على ذلك كل
تعظيم للقبر ؛ كإيقاد السرج عليه تعظيمًا له وتبركًا به - والطواف به كذلك - وهو
أخذ غير بعيد , سيّما وقد صرح في الحديث المذكور آنفًا بلعن من اتخذ على
القبر سرجًا , فيحمل قول أصحابنا بكراهة ذلك على ما إذا لم يقصد به تعظيمًا
وتبركًا بذي القبر ) .
وأما اتخاذها أوثانًا فجاء النهي عنه بقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تتخذوا
قبري وثنًا يعبد بعدي ) أي لا تعظموه تعظيم غيركم لأوثانهم بالسجود له أو نحوه[9] ,
فإن أراد ذلك الإمام بقوله : واتخاذها أوثانًا - هذا المعنى اتجه ما قاله من أن
ذلك كبيرة بل كفر بشرطه ، وإن أراد أن مطلق التعظيم الذي لم يؤذن فيه كبيرة
ففيه بعد , نعم قال بعض الحنابلة : قصد الصلاة عند القبر متبركًا به غير المحادة
لله ورسوله , وإبداع دين لم يأذن به الله للنهي عنها , ثم إجماعًا فإن أعظم
المحرمات وأسباب الشرك الصلاة عندها , واتخاذها مساجدًا أو بناؤها عليها ,
والقول بالكراهة محمول على غير ذلك , إذ لا يُظن بالعلماء تجويز فعل تواتر عن
النبي صلى الله عليه وسلم لَعْنُ فاعله .
وتجب المبادرة لهدمها وهدم القباب التي على القبور إذ هي أضر من مسجد
الضرار ؛ لأنها أسست على معصية الرسول صلى الله عليه وسلم , لأنه نهى عن
ذلك , وأمر صلى الله عليه وسلم بهدم القبور المشرفة , وتجب إزالة كل قنديل أو
سراج على قبر , ولا يصح وقفه ونذره ، انتهى ( راجع صفحة 161 - 163 من
الزواجر المطبوع بالمطبعة الوهبية بمصر سنة 1293 ) .
وقد أشار بقوله أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بهدم القبور المشرفة إلى
الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه وغيره عن أبي الهياج الأسدي قال : ( قال لي
علي : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أن لا تدع
تمثالاً إلا طمسته ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته ) , قال الإمام النووي في شرحه لهذا
الحديث : قال الشافعي في الأم : ورأيت الأئمة بمكة يأمرون بهدم ما يبنى , ويؤيد
الهدم قوله : ( ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته ) اهـ .
فهل كان ابن حجر والنووي قبله والإمام الشافعي قبلهما من الوهابية ؟ وهل
كان أئمة المسلمين بمكة في عصر الشافعي أعلم وأهدى , أم طاغوت الحجاز في
عصرنا حسين الذي أمطر الخافقين برقيات في الطعن على الوهابية بهدم قبر ابن
عباس ( رضي الله عنهما ) ؟
إن أمر النبي صلى الله عليه وسلم لعلي - كرم الله وجهه - حين أرسله إلى
اليمن بطمس التماثيل , وهدم القبور المشرفة , وتسويتها بالأرض ؛ ثم أمر علي
عامله أبا الهياج الأسدي بذلك , وعمل أئمة المسلمين بذلك في خير القرون كان لسد
ذريعة تعظيم القبور تعظيمًا دينيًّا إذ هو من أعمال الشرك ، فهل ننكر هدمها وهدم
القباب والمساجد التي عليها بعد ما وقع المحذور , وارتكب المحظور ؟
حدثني الشريف محمد شرف عدنان باشا حفيد الشريف عبد المطلب الذي كان
أعقل رجل في شرفاء مكة أنه رأى رجلاً في مسجد ابن عباس بالطائف يصلي
مستقبلاً القبر مستدبرًا القبلة فظن أنه أعمى قد أخطأ القبلة , فأخبره بذلك وجاء
ليحوله إلى القبلة , فرآه بصير العينين , وأبى أن يتحول معه , فعلم أنه متعمد فقال
لبعض الخدم : أخرجوا هذا المشرك من المسجد .
فالأمر المشاهد الذي لا شك فيه أن هذه القبور المعظمة تعظيمًا دينيًّا لم يأذن
به الله قد كانت سببًا لمنكرات كثيرة أخرى منها هو شرك صريح لا يحتمل
التأويل , ومنها ما يحتمله احتمالاً قريبًا أو بعيدًا ، ولكن لا يجوز أن يجعل الاحتمال
مسوغًا للسكوت عنه وإقرار أهله عليه , وإنما قد يجوز ذلك في درء الكفر عن
شخص معين ؛ ومنها ما هو معصية كبيرة , ومنها ما هو صغيرة وكلاهما كثير جدًّا
لا خلاف بين المسلمين فيه , ولا في أن استحلال المُجْمَع عليه المعلومِ من الدين
بالضرورة كفر وخروج من الملة , وقد فصّل العلماء الناصحون ذلك في كتب كثيرة
أشهر المطبوع منها كتاب المدخل للعلامة ابن الحاج المالكي الفاسي المتوفي في
مصر سنة 737 , ومما ذكره أن العلماء أفتوا بهدم بنيان البيوت التي على القبور
( الأحواش ) , كما في الصفحة 274 من الجزء الأول , وفصّل المفاسد الموجِبَة لذلك .
وقال الإمام الشوكاني المجتهد في شرح حديث أبي الهياج الأسدي من كتابه
( نيل الأوطار ) ما نصه : ( ومِن رَفْعِ القبور الداخل تحت الحديث دخولاً أوليًّا
القبب والمشاهد المعمورة على القبور , وأيضًا هو من اتخاذ القبور مساجد , وقد
لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعل ذلك كما سيأتي , وكم قد سرى عن تشييد أبنية
القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام ، ( منها ) : اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد
الكفار للأصنام ، وعظم ذلك فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ورفع الضرر ،
فجعلوها مقصدًا لطلب قضاء الحوائج ، وملجأً لنجح المطالب ، وسألوا منها ما يسأله
العباد من ربهم ، وشدوا إليها الرحال ، وتمسحوا بها واستغاثوا ، وبالجملة فإنهم لم
يدعو شيئًا مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
( ومع هذا المنكر الشنيع والكفر الفظيع لا نجد من يغضب لله , ويغار حمية
للدين الحنيف لا عالمًا ولا متعلمًا ولا أميرًا ولا وزيرًا ولا ملكًا , وقد توارد إلينا من
الأخبار , ما لا يشك معه أن كثيرًا من هؤلاء القبوريين أو أكثرهم إذا توجهت عليه
يمين من قبل خصمه حلف بالله فاجرًا , فإذا قيل له بعد ذلك : احلف بشيخك
ومعتقدك الولي الفلاني , تلعثم وتلكأ وأبى واعترف بالحق , وهذا من أبين الأدلة
الدالة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال : إنه تعالى ثاني اثنين وثالث ثلاثة .
( فيا علماء الدين ، ويا ملوك المسلمين ، أي رزء للإسلام أشد من الكفر ؟
وأي بلاء لهذا الدين أضر عليه من عبادة غير الله تعالى ؟ وأي مصيبة يصاب بها
المسلمون تعدل هذه المصيبة ؟ وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا البين
واجبًا ؟ اهـ المراد منه ( ص234 ج3 من نيل الأوطار المطبوع بالمطبعة
الأميرية بمصر ) .
وللإمام الشوكاني هذا رسالة خاصة في هذا الموضوع , نشرت في المجلد
الثاني والعشرين من المنار ، وللعلامة المحدث محمد بن إسماعيل الوزير رسالة في
معناها اسمها ( تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد ) نشرت في المجلد الثالث
والعشرين منه - وقد طبعتا على حدة - وقد ذكر الأخير شبهة بعض الناس في قبة
المسجد النبوي الشريف , بعد أن بين أن مبتدعي بناء القباب والمساجد على القبور
هم ملوك الأعاجم الجاهلون فقال :
( فإن قلت : هذا قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عُمِّرت عليه قبة
عظيمة , أُنْفِقَتْ فيها الأموال ( قلت ) : هذا جهل عظيم بحقيقة الحال ، فإن هذه
القبة ليس بناؤها منه صلى الله عليه وسلم ولا من أصحابه ولا من تابعيهم وتبع
التابعين ، ولا من علماء أمته وأئمة ملته ، بل هذه القبة من أبنية بعض ملوك مصر
المتأخرين , وهو قلاوون الصالحي المعروف بالملك المنصور في سنة 678 , ذكره
في ( تحقيق النصرة ، بتلخيص معالم دار الهجرة ) فهذه أمور دولية لا دليلية , يتبع
فيها الآخر الأول ) اهـ .
فقد علم القراء بهذا النقول أن الوهابية لم يبتدعوا في هذا الأمر , بل اتبعوا
الأدلة وأقوال الأئمة من المحدثين والفقهاء المنتمين إلى المذاهب المشهورة , لا
مذهبهم الحنبلي فقط بعد ترك الجماهير لها { وَاللَّهُ يَقُولُ الحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ } ( الأحزاب : 4 ) .
وإننا ندعو بالخير لمن سأل فكان سبب هذا البيان ، وقد بلغنا ما علمنا به أننا
أخطأنا في فهمنا أنه أراد به الاحتجاج ، والنية حسنة ولله الحمد في كل حال .
__________
(*) نشرت في الأهرام بتاريخ 19 ربيع الأول 18 أكتوبر .
(1) أرز : كعلم وضرب ونصر : تجمع وانكمش وعاد وثبت ، والأُروِيّة بضم الهمزة وكسر الواو وتشديد الياء أنثى الوعول ؛ وهي تعتصم في أعلى الجبال .
(2) نشر هذا المقال في ج 7و8 وكان الوعد في الأهرام قبل صدورهما .
(3) زوى الشيء يزويه جمعه وقبضه والمراد : أنه تعالى أطلعه عليها .
(4) يكنى بالبيضة عن موضع سلطة القوم , وملكهم ومستقر قوتهم وما يحمون من حقيقتهم .
(**) نشرت في جريدة الأهرام بتاريخ 26 ربيع الأول 25 أكتوبر .
(***) نشرت في جريدة الأهرام بتاريخ 29ربيع الأول 28أكتوبر .
(5) كل ما وضع بين هذه العلامة ( ) فهو حديث نبوي شريف .
(6) وفيه زيادة (والنصارى) وكان ذكر له صلى الله عليه وسلم كنيسة في الحبسة فيها صور الخ .
(7) هذه الجملة من كلام عائشة قالتها بعد رواية لعنه صلى الله عليه وسلم لمن اتخذوا القبور مساجد تعليلاً للَّعن .
(8) المتبادر بقرينة ما فعل أهل الكتاب أن منه بناء المساجد عليها , وجعلها منسوبة إليها كما وضحه صلى الله عليه وسلم بقوله : (أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح) إلخ .
(9) أي كالطواف به , كما صرح به المؤلف آنفًا , ومثله التمسح به أو بقفصه للتبرك أو الاستشفاء .