دورة للعلامة الدكتور زغلول النجار حول "مفهوم وتأصيل الإعجاز العلمي"

إنضم
22 أغسطس 2009
المشاركات
232
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
صيدا - لبنان
الموقع الالكتروني
www.masjidhbh.org
CENTER]


[align=justify]افتتحت جامعة الجنان دورة تعليمية في العلوم الإسلامية لحملة الإجازة الجامعية من مختلف التخصصات العلمية والأدبية لمدة ثلاثة أشهر، وبمحاضرات للبروفيسور العلامة الدكتور زغلول النجار حول "مفهوم وتأصيل الإعجاز العلمي".

شارك في الدورة لفيف من حملة الإجازة والماجستير والدكتوراه، وكل مهتم لمعرفة وتعلّم أهمية الإعجاز العلمي في هذا العصر، ولغرض الوصول إلى مفهوم للعلم يساعد على فهم مصطلح الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.

اختتمت الدورة بحضور العلامة زغلول النجار، رئيسة الجامعة الأستاذة الدكتورة منى حداد، مدير عام جمعية العزم والسعادة الدكتور عبد الإله ميقاتي، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية الدكتور حسام سباط، نائب الرئيس للشؤون الإدارية الدكتورة عائشة يكن، رئيسة قسم اللغة الإنكليزية دكتور جاكي دالاتي، بالإضافة إلى الطلاب الخريجين وحشد من الحضور.

بداية الحفل كانت مع كلمة ترحيبية ومباركة من رئيسة الجامعة الدكتورة منى حداد التي هنأت الجميع على مشاركتهم في هذه الدورة والعلم المفيد الذين انتفعوا به.

كما هنّأ الدكتور عبد الإله ميقاتي المشاركين، مؤكداً على أهمية التعاون الدائم والمستمر بين جمعية العزم والسعادة وجامعة الجنان خاصة في قسم الإعجاز العلمي.

وقبل توزيع الشهادات وأخذ الصور التذكارية، شكر العلامة الدكتور زغلول النجار جامعة الجنان على بحثها الدائم للقيام بدورات ينتفع بها المؤمن والباحث بأمور الدين والكون والخلق، مؤكداً على المستوى العلمي والمتميّز للمشاركين، شاكراً الدكتور دالاتي على تبنيها موضوع ترجمة بعض الكتب في الإعجاز العلمي إلى اللغة الإنكليزية.

في الختام تمّ توزيع الكتاب الأخير للعلامة زغلول النجار "مدخل إلى دراسة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة" وتوقيعه للمشاركين في هذه الدورة.[/align]


المصدر :جامعة الجنان
 
الأستاذ الدكتور زغلول النجار عالم جليل متخصص في علم الأرض (الجيولوجيا) وأسأل الله له التوفيق ، ولكنه يتعصب لرأيه ويرفض النقاش الهادئ في بعض أقواله ومنهجيته في البحث ، ولذلك توترت علاقته بالإخوة في الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة وغيرهم من الباحثين الناصحين الذين تواصلوا معه . ولذلك فإنني أنبه الإخوة الذين يقرأون كتبه ويشاهدون محاضراته أن يتحققوا من النتائج ولا يسلموا بكل ما يقال في هذا الباب الحساس جداً .
وأنا أكن للأستاذ الدكتور زغلول النجار كل الحب والتقدير، ولكنني أكره التعالي على الحق والإعراض عن النصيحة ولا سيما إذا جاءت من أهل العلم المعنيين بالتفسير أكثر من عنايته، وأعرف شعبيته الكبيرة، وتأثر الكثيرين من المسلمين وغيرهم بأقواله ولذلك كتبت هذا التعقيب .
 
بارك الله بك شيخنا على هذا التعقيب، وبالمناسبة فقد أضافت الجامعة إلى شعبها شعبة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، تحت إشراف الدكتور زغلول النجار، وإذا كان هناك من نصحية أو خبرة ننقله إلى الجامعة بهذا الخصوص، فأنا بالانتظار...
 
بسم الله، وعلى بركة الله.​

اللهم اجعل لي لسان صدق، ولا تجعل للشيطان فيما أقول نصيب، إنك سميع مجيب.​

النصيحة لكتاب الله أن نتقي الله في كتابه، وأن نتأنَّى في مثل هذه الأمور الحادثة التي لم تتحرر، ودخلها من هبَّ ودبَّ.
فمثل الأستاذ الدكتور زغلول النجار الذي يطالب أن يحترم كل إنسان تخصصه = لا نراه يفعل ذلك مع المتخصصين في علوم القرآن والتفسير، كما أننا لا نستطيع أن نعرف تخصصه الدقيق فمرة نراه يرد على شبه الناسخ والمنسوخ وغيرها من علوم القرآن، ومرة يناقش في علم الحيوان، ومرة في علم النبات، ومرة في السماء وأفلاكها ... إلخ، فهل هو متخصص في كل هذا ؟!
إنني أقول هذا ديانة لله، فقد قرأت كتبه، وعنده أخطاء يجب التنبيه عليها، والبقاء على السكوت لاحترام شيبته، مع موازنة الانتصار لحرمة كتاب الله؛ يجعلني أقدِّم الانتصار لكتاب الله من دعاواه الإعجازية، مع حفظ حقوقه الأدبية من كبر سنِّه، واحترامه في تخصصه الذي كنا نتمنى أن يكتشف لنا فيه مكتشفًا يسبق به الغرب، ويقول: هاأنذا المسلم المكتشِف، بدل أن يتخبط في فهم كتاب الله يمنة ويسره، وهو غير عارف بأصول التفسير ولا بمناهج أهله.
وقد قلت غير مرة:
أيها المسلمون: لن تستطيعوا التغلب على الغرب بهذا الطريقة ( الدعوة بالإعجاز العلمي )، بل التغلب عليه بأن تعملوا على إعداد القوة التي تماثل قوة الغرب، والتي استطاع بها أن يستعبدنا ويستهلكنا، ونكون مستوردين لا مصدرين.
والحضارة اليوم لا تخضع إلا للقوي، وأما العلم فقط؛ فإنها إن لم تستطع سَرِقَته = بإغراء العقول إلى الهجرة إليها ، فإنها تقتل العلماء الذين تخاف منهم، والشواهد المعاصرة أوضح من أن توضَّح.
انظروا ؛كم يموت من المسلمين هذه الأيام، ولم يتحرك الغرب ولا الشرق، وانظروا إذا قُتل جندي غربي ماذا يحصل؟!
أليس هذا دليلا على تغلبهم علينا بقوتهم ، ومسكنتنا بما فينا من الذُّلِّ ، ومن عدم اهتدائنا للطريق الصحيح؟!
وانظروا إلى العالم الإسلامي الذي تحرر من الدكتاتوريات هل هو بحاجة إلى الإعجاز العلمي أو الإعجاز العددي أو غيرها من مسميات لا تكاد تتوقف من أنواع الإعجاز المعاصر المزعومة؟!
أم هو بحاجة إلى من يهديه بهدى القرآن الذي اهتدى به السلف من الصحابة والتابعين الذين طبقوا أوامره واجتنبوا نواهيه وامتثلوا لآدابه؟!
انظروا إلى العالم الغربي يتكتَّل على بعضه ويتقوَّى بعضه ببعض ، ونحن حرام علينا أن نجتمع، بل يدفعوننا إلى الانقسام أكثر وأكثر، فالسودان يكون سودانَين، والعراق مقسم بطريقة لا تُشعر بالتقسيم، والقادم يحمل من خطط التقسيم للعالم الإسلامي ما يحمل.
إني أرى أن التوجه إلى الإعجاز العلمي بهذه الطريقة التي يعيشها بعض من يُعنون بالإعجاز هي دليل ( عجزنا ) العلمي في جميع المجالات، في العلم الشرعي الذي نبت هذا الإعجاز وترعرع بعيدًا عنه، وكان بأيدي من لا يحسنونه، والعلم الدنيوي الذي ترك أصحابه الإبداع فيه ومنافسة الغرب والشرق بالاختراعات، وتطوير بلاد المسلمين في ذلك، ثم اتجهوا إلى ما يظنونه الطريق السليم للتغلب على الغرب والشرق، والله المستعان.
والموضوع ذو شجون، لكن أدعو المسلم إلى أن يتأمل بعين النظر والتحرير إلى معادلة الإعجاز العلمي:
حقيقة علمية لا تقبل الجدل ( كما يقول بعضهم) .
كلام الله المحتمل للتأويل.
أيهما في الجانب الأضعف؟
تأملوا، وانظروا التأويلات المنسوبة للإعجاز العلمي، ولعلكم تصلون إلى أن الذي سيكون الأضعف في هذه المعادلة ( القرآن ) بجرِّه إلى هذه الحقيقة العلمية المزعومة أو تلك.
وارجعوا إلى تفسير الأستاذ الدكتور زغلول النجار لقوله تعالى : ( فلا أقسم بالخنس ...) ، فقد ذكر إعجازًا علميًا آخر لغيره من المسلمين لكنه لم يرتضه، ولم يبين سبب رفضه. ( السماء في القرآن الكريم : 215)
ومن هنا فإنه لا يمكن أن ندَّعي أنه لا يوجد للمسلمين المعاصرين تفسيرًا ثالثًا ورابعًا يعتمد على المكتشفات المعاصرة، فأي هذه التفسيرات هو الأولى؟!
وما الطريقة في الترجيح بينها؟!
ومن الحكم في ذلك؟!
أسئلة وأسئلة تدور، ولا جواب عليها، لكن الجامع بينها أن كل واحد يَجُرُّ مدلول القرآن إلى ذلك المكتشف دون ذاك، ولا قواعد علمية واضحة عند القوم في الاستدلال على صحة الجميع أو الاختيار منها.
وبمناسبة ذكره لتفسير هذه الآيات انظر إلى طريقته في تقرير ما يراه( السماء في القرآن : 214 ) ، فلا هي تتوافق مع اللغة ولا مع منهجية التفسير:​
1 ـ فمنها : أنه عدل إلى معنى حادث جديد ( كُنَّس = كنس بمعنى أزال)، ولولا هذا المكتشف المعاصر لما حمل هذه اللفظة على هذا المعنى اللغوي، مما يدلُّ على أن الأصل ( الحقيقة العلمية المزعومة)، ثم يأتي القرآن تبعًا لذلك.
2 ـ ومنها أنه جعل (كُنَّس) جمع كانس، وهذا لا يتوافق مع تصريف اللفظ في اللغة ، بل هو ادعاءٌ عليها؛ إذ لا يقال في كُنَّس : ( كنس يكنس فهو كانس وهو مكنوس، وآلته مِكنسَة، وجمعها مكانس) أو ( كنَّس يكنِّس فهو كنَّاس، وهو مكنِّسٌ ومُكنَّسٌ) ، وإنما يقال : ( كنس يكنس في كناسه، فهو كانس، وهن كُنَّس، والموضع مِكنَس ، وجمعه مكانس) وهذا مدلول آخر، وتصريف مغاير.
قال الأزهري في تهذيب اللغة : (والمِكْنَسة جمعهَا: مكانسُ، ومكانسُ الظِّبَاءِ وَاحِدهَا مَكْنِسُ).
وبيَّن ابن دريد في جمهرة اللغة العلاقة بين المكنسة والكُناسة، فقال : (كَنَسْتُ البيتَ وغيرَه أكنِسه كَنْساً، إِذا كسحتَه. والمِكنسة: المِكسحة. والكُناسة: مَا كُنس. وكِناس الظبي من ذَلِك اشتقاقه لِأَنَّهُ يكنِس الرملَ حَتَّى يصل الى بَرْد الثرى ...).
ولم أجد من ذكر ما ذكره الأستاذ الدكتور زغلول النجار من هذا المعنى، ولا أدري هل تستجيز أصول الإعجاز العلمي عنده الإتيان بمعنى لغوي جديد؟!
3 ـ ومنها أنه جعل ( كُنَّس ) صيغة منتهى الجموع، وهذا ادعاء على اللغة، ولا يصح فيها أن ( فُعَّل ) من صيغ منتهى الجموع.
4 ـ ومنها ظنُّه أن معنى ( الكنس ) عند المفسرين هو معنى الخنس، هذا مع وضوح الفرق بينهما عندهم.
5 ـ وبعد تقريره هذا انتهى إلى أمر متناقض، حيث قال: ( ومع جواز هذه المعاني كلها إلا أني أرى الوصف في هاتين الآيتين الكريمتين ( فلا أقسم بالخنس * الجوار الكنس ) ينطبق انطباقًا تامًّا كاملاً مع حقيقة كونية مبهرة تمثل مرحلة خطيرة من مراحل حياة النجوم يسميها علماء الفلك اليوم باسم الثقوب السوداء ... وهذه الحقيقة لم تكتشف إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين، وورودها في القرآن الكريم الذي نزل قبل ألف وأربعمائة سنة بهذه التعبيرات العلمية الدقيقة على نبي أمي صلى الله عليه وسلم في أمة غالبيتها الساحقة من الاميين، هي شهادة صدق على أن القرآن الكريم هو من كلام الله الخالق الذي أبدع هذا الكون بعلمه وحكمته وقدرته، وعلى أن سيدنا محمدًا بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم ) كان موصولاً بالوحي، معلما من قبل خالق السموات والأرض، وأنه صلى الله عليه وسلم ما كان ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى). أهـ. ( السماء في القرآن الكريم : 215)
ـ فإذا كانت كل هذه المعاني ( ص: 214 )جائزة ( ص: 215)، فما قيمتها مع جزمك بانطباق الآيتين انطباقًا كاملاً على الثقوب السوداء؟!
إن النتيجة التي تلزم على رأيك : أن الصحيح الصواب الذي لا محيد عنه أنها في الثقوب السوداء، وليس فيما فهمه غيرك من المتقدمين والمعاصرين.
ومن أين لك هذا اليقين في قولك : (ينطبق انطباقًا تامًّا كاملاً مع حقيقة كونية مبهرة تمثل مرحلة خطيرة من مراحل حياة النجوم يسميها علماء الفلك اليوم باسم الثقوب السوداء)، وبأن هذا هو المراد، وأن ما عداه يجوز فحسب؟!
ونتيجة ذلك أن الأمة قد ضلَّت عن الفهم الصحيح للمعنى الذي ينطبق انطباقًا كاملاً على الآيتين، ولم يفهمه إلا أنت وبعض المعاصرين الذين يرون رأيك.
ويلزم من ذلك أن تلك الثقوب السوداء لو لم تُكتشف بعد لبقيت الأمة لم تفهم المعنى الذي ينطبق انطباقًا تامًّا على الآيتين، وأنهم لا يزالون في ظنون من فهم كلام ربِّهم.
وأخيرًا: حينما أقرأ كتاب ( الجواهر في تفسير القرآن ) لطنطاوي جوهري ، وما يكتبه الأستاذ الدكتور زغلول النجار لا أرى فرقًا إلا في التسمية، فذاك يسمونه ( التفسير العلمي) ، وهذا يسمونه ( الإعجاز العلمي)، مع أن طريقتهما متقاربة، وهذا التفريق تحكُّمٌ في المصطلح، والتحكُّم لا يعجز عنه أحد؛ كما يقول إمام المفسرين الطبري.
هذا ، والله الهادي إلى سواء السبيل.
 
بارك الله بك شيخنا الدكتور مساعد على هذا التعقيب، وحقًا نحن نحتاج إلى القوة الحقيقية التي من خلالها ننتصر بها على الغرب، لا بل نعود بها إلى عزنا وإلى أستاذية العالم...

وقد قرأت كلامًا في السابق للشيخ محمد عبدو حيث يقول: "ذهبت إلى بلاد الغرب فوجدت بها ألف أسطول ودينهم، من ضربك على خدك الأيمن فدر له الأيسر، ورجعت إلى البلاد العربية فوجدت بها ألف مسطول، ودينهم وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"، نعم وإن كان هذا الكلام قاسيًا، ولكن أن تنير شمعة، خير من أن تلعن الظلام كما يقول الشيخ الغزالي رحمه الله...

نحن بحاجة في هذه الأيام أن نفهم ونتدبر ونتعايش مع كتاب الله، حتى نخرج قادة هديهم القرآن، ومنهجهم سنة النبي العدنان صلى الله عليه وسلم...
قوتهم الحقيقية: كتاب الله في يمينهم، والسيف في يسارهم..
 
جزاكم الله خيرا وأشكر الاستاذ عبدالرحمن الشهري غيرته على الدين فهذا ليس بغريب على أهل بلاد الحرمين.
 
بسم الله، وعلى بركة الله.​


اللهم اجعل لي لسان صدق، ولا تجعل للشيطان فيما أقول نصيب، إنك سميع مجيب.​

النصيحة لكتاب الله أن نتقي الله في كتابه، وأن نتأنَّى في مثل هذه الأمور الحادثة التي لم تتحرر، ودخلها من هبَّ ودبَّ.
فمثل الأستاذ الدكتور زغلول النجار الذي يطالب أن يحترم كل إنسان تخصصه = لا نراه يفعل ذلك مع المتخصصين في علوم القرآن والتفسير، كما أننا لا نستطيع أن نعرف تخصصه الدقيق فمرة نراه يرد على شبه الناسخ والمنسوخ وغيرها من علوم القرآن، ومرة يناقش في علم الحيوان، ومرة في علم النبات، ومرة في السماء وأفلاكها ... إلخ، فهل هو متخصص في كل هذا ؟!
إنني أقول هذا ديانة لله، فقد قرأت كتبه، وعنده أخطاء يجب التنبيه عليها، والبقاء على السكوت لاحترام شيبته، مع موازنة الانتصار لحرمة كتاب الله؛ يجعلني أقدِّم الانتصار لكتاب الله من دعاواه الإعجازية، مع حفظ حقوقه الأدبية من كبر سنِّه، واحترامه في تخصصه الذي كنا نتمنى أن يكتشف لنا فيه مكتشفًا يسبق به الغرب، ويقول: هاأنذا المسلم المكتشِف، بدل أن يتخبط في فهم كتاب الله يمنة ويسره، وهو غير عارف بأصول التفسير ولا بمناهج أهله.
وقد قلت غير مرة:
أيها المسلمون: لن تستطيعوا التغلب على الغرب بهذا الطريقة ( الدعوة بالإعجاز العلمي )، بل التغلب عليه بأن تعملوا على إعداد القوة التي تماثل قوة الغرب، والتي استطاع بها أن يستعبدنا ويستهلكنا، ونكون مستوردين لا مصدرين.
والحضارة اليوم لا تخضع إلا للقوي، وأما العلم فقط؛ فإنها إن لم تستطع سَرِقَته = بإغراء العقول إلى الهجرة إليها ، فإنها تقتل العلماء الذين تخاف منهم، والشواهد المعاصرة أوضح من أن توضَّح.
انظروا ؛كم يموت من المسلمين هذه الأيام، ولم يتحرك الغرب ولا الشرق، وانظروا إذا قُتل جندي غربي ماذا يحصل؟!
أليس هذا دليلا على تغلبهم علينا بقوتهم ، ومسكنتنا بما فينا من الذُّلِّ ، ومن عدم اهتدائنا للطريق الصحيح؟!
وانظروا إلى العالم الإسلامي الذي تحرر من الدكتاتوريات هل هو بحاجة إلى الإعجاز العلمي أو الإعجاز العددي أو غيرها من مسميات لا تكاد تتوقف من أنواع الإعجاز المعاصر المزعومة؟!
أم هو بحاجة إلى من يهديه بهدى القرآن الذي اهتدى به السلف من الصحابة والتابعين الذين طبقوا أوامره واجتنبوا نواهيه وامتثلوا لآدابه؟!
انظروا إلى العالم الغربي يتكتَّل على بعضه ويتقوَّى بعضه ببعض ، ونحن حرام علينا أن نجتمع، بل يدفعوننا إلى الانقسام أكثر وأكثر، فالسودان يكون سودانَين، والعراق مقسم بطريقة لا تُشعر بالتقسيم، والقادم يحمل من خطط التقسيم للعالم الإسلامي ما يحمل.
إني أرى أن التوجه إلى الإعجاز العلمي بهذه الطريقة التي يعيشها بعض من يُعنون بالإعجاز هي دليل ( عجزنا ) العلمي في جميع المجالات، في العلم الشرعي الذي نبت هذا الإعجاز وترعرع بعيدًا عنه، وكان بأيدي من لا يحسنونه، والعلم الدنيوي الذي ترك أصحابه الإبداع فيه ومنافسة الغرب والشرق بالاختراعات، وتطوير بلاد المسلمين في ذلك، ثم اتجهوا إلى ما يظنونه الطريق السليم للتغلب على الغرب والشرق، والله المستعان.
والموضوع ذو شجون، لكن أدعو المسلم إلى أن يتأمل بعين النظر والتحرير إلى معادلة الإعجاز العلمي:
حقيقة علمية لا تقبل الجدل ( كما يقول بعضهم) .
كلام الله المحتمل للتأويل.
أيهما في الجانب الأضعف؟
تأملوا، وانظروا التأويلات المنسوبة للإعجاز العلمي، ولعلكم تصلون إلى أن الذي سيكون الأضعف في هذه المعادلة ( القرآن ) بجرِّه إلى هذه الحقيقة العلمية المزعومة أو تلك.
وارجعوا إلى تفسير الأستاذ الدكتور زغلول النجار لقوله تعالى : ( فلا أقسم بالخنس ...) ، فقد ذكر إعجازًا علميًا آخر لغيره من المسلمين لكنه لم يرتضه، ولم يبين سبب رفضه. ( السماء في القرآن الكريم : 215)
ومن هنا فإنه لا يمكن أن ندَّعي أنه لا يوجد للمسلمين المعاصرين تفسيرًا ثالثًا ورابعًا يعتمد على المكتشفات المعاصرة، فأي هذه التفسيرات هو الأولى؟!
وما الطريقة في الترجيح بينها؟!
ومن الحكم في ذلك؟!
أسئلة وأسئلة تدور، ولا جواب عليها، لكن الجامع بينها أن كل واحد يَجُرُّ مدلول القرآن إلى ذلك المكتشف دون ذاك، ولا قواعد علمية واضحة عند القوم في الاستدلال على صحة الجميع أو الاختيار منها.
وبمناسبة ذكره لتفسير هذه الآيات انظر إلى طريقته في تقرير ما يراه( السماء في القرآن : 214 ) ، فلا هي تتوافق مع اللغة ولا مع منهجية التفسير:​
1 ـ فمنها : أنه عدل إلى معنى حادث جديد ( كُنَّس = كنس بمعنى أزال)، ولولا هذا المكتشف المعاصر لما حمل هذه اللفظة على هذا المعنى اللغوي، مما يدلُّ على أن الأصل ( الحقيقة العلمية المزعومة)، ثم يأتي القرآن تبعًا لذلك.
2 ـ ومنها أنه جعل (كُنَّس) جمع كانس، وهذا لا يتوافق مع تصريف اللفظ في اللغة ، بل هو ادعاءٌ عليها؛ إذ لا يقال في كُنَّس : ( كنس يكنس فهو كانس وهو مكنوس، وآلته مِكنسَة، وجمعها مكانس) أو ( كنَّس يكنِّس فهو كنَّاس، وهو مكنِّسٌ ومُكنَّسٌ) ، وإنما يقال : ( كنس يكنس في كناسه، فهو كانس، وهن كُنَّس، والموضع مِكنَس ، وجمعه مكانس) وهذا مدلول آخر، وتصريف مغاير.
قال الأزهري في تهذيب اللغة : (والمِكْنَسة جمعهَا: مكانسُ، ومكانسُ الظِّبَاءِ وَاحِدهَا مَكْنِسُ).
وبيَّن ابن دريد في جمهرة اللغة العلاقة بين المكنسة والكُناسة، فقال : (كَنَسْتُ البيتَ وغيرَه أكنِسه كَنْساً، إِذا كسحتَه. والمِكنسة: المِكسحة. والكُناسة: مَا كُنس. وكِناس الظبي من ذَلِك اشتقاقه لِأَنَّهُ يكنِس الرملَ حَتَّى يصل الى بَرْد الثرى ...).
ولم أجد من ذكر ما ذكره الأستاذ الدكتور زغلول النجار من هذا المعنى، ولا أدري هل تستجيز أصول الإعجاز العلمي عنده الإتيان بمعنى لغوي جديد؟!
3 ـ ومنها أنه جعل ( كُنَّس ) صيغة منتهى الجموع، وهذا ادعاء على اللغة، ولا يصح فيها أن ( فُعَّل ) من صيغ منتهى الجموع.
4 ـ ومنها ظنُّه أن معنى ( الكنس ) عند المفسرين هو معنى الخنس، هذا مع وضوح الفرق بينهما عندهم.
5 ـ وبعد تقريره هذا انتهى إلى أمر متناقض، حيث قال: ( ومع جواز هذه المعاني كلها إلا أني أرى الوصف في هاتين الآيتين الكريمتين ( فلا أقسم بالخنس * الجوار الكنس ) ينطبق انطباقًا تامًّا كاملاً مع حقيقة كونية مبهرة تمثل مرحلة خطيرة من مراحل حياة النجوم يسميها علماء الفلك اليوم باسم الثقوب السوداء ... وهذه الحقيقة لم تكتشف إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين، وورودها في القرآن الكريم الذي نزل قبل ألف وأربعمائة سنة بهذه التعبيرات العلمية الدقيقة على نبي أمي صلى الله عليه وسلم في أمة غالبيتها الساحقة من الاميين، هي شهادة صدق على أن القرآن الكريم هو من كلام الله الخالق الذي أبدع هذا الكون بعلمه وحكمته وقدرته، وعلى أن سيدنا محمدًا بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم ) كان موصولاً بالوحي، معلما من قبل خالق السموات والأرض، وأنه صلى الله عليه وسلم ما كان ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى). أهـ. ( السماء في القرآن الكريم : 215)
ـ فإذا كانت كل هذه المعاني ( ص: 214 )جائزة ( ص: 215)، فما قيمتها مع جزمك بانطباق الآيتين انطباقًا كاملاً على الثقوب السوداء؟!
إن النتيجة التي تلزم على رأيك : أن الصحيح الصواب الذي لا محيد عنه أنها في الثقوب السوداء، وليس فيما فهمه غيرك من المتقدمين والمعاصرين.
ومن أين لك هذا اليقين في قولك : (ينطبق انطباقًا تامًّا كاملاً مع حقيقة كونية مبهرة تمثل مرحلة خطيرة من مراحل حياة النجوم يسميها علماء الفلك اليوم باسم الثقوب السوداء)، وبأن هذا هو المراد، وأن ما عداه يجوز فحسب؟!
ونتيجة ذلك أن الأمة قد ضلَّت عن الفهم الصحيح للمعنى الذي ينطبق انطباقًا كاملاً على الآيتين، ولم يفهمه إلا أنت وبعض المعاصرين الذين يرون رأيك.
ويلزم من ذلك أن تلك الثقوب السوداء لو لم تُكتشف بعد لبقيت الأمة لم تفهم المعنى الذي ينطبق انطباقًا تامًّا على الآيتين، وأنهم لا يزالون في ظنون من فهم كلام ربِّهم.
وأخيرًا: حينما أقرأ كتاب ( الجواهر في تفسير القرآن ) لطنطاوي جوهري ، وما يكتبه الأستاذ الدكتور زغلول النجار لا أرى فرقًا إلا في التسمية، فذاك يسمونه ( التفسير العلمي) ، وهذا يسمونه ( الإعجاز العلمي)، مع أن طريقتهما متقاربة، وهذا التفريق تحكُّمٌ في المصطلح، والتحكُّم لا يعجز عنه أحد؛ كما يقول إمام المفسرين الطبري.
هذا ، والله الهادي إلى سواء السبيل.
جزاك الله خيراً ياشيخ مساعد زادك الله علماً ونفع بك الأمة
 
الأستاذ الدكتور زغلول النجار عالم جليل متخصص في علم الأرض (الجيولوجيا) وأسأل الله له التوفيق ، ولكنه يتعصب لرأيه ويرفض النقاش الهادئ في بعض أقواله ومنهجيته في البحث ، ولذلك توترت علاقته بالإخوة في الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة وغيرهم من الباحثين الناصحين الذين تواصلوا معه . ولذلك فإنني أنبه الإخوة الذين يقرأون كتبه ويشاهدون محاضراته أن يتحققوا من النتائج ولا يسلموا بكل ما يقال في هذا الباب الحساس جداً .
وأنا أكن للأستاذ الدكتور زغلول النجار كل الحب والتقدير، ولكنني أكره التعالي على الحق والإعراض عن النصيحة ولا سيما إذا جاءت من أهل العلم المعنيين بالتفسير أكثر من عنايته، وأعرف شعبيته الكبيرة، وتأثر الكثيرين من المسلمين وغيرهم بأقواله ولذلك كتبت هذا التعقيب .
جزاك الله خيراً ياشيخ عبد الرحمن ونفع بك وبارك في علمك
محبكم
 
قرأت ما كتبه الشيخ مساعد , لكن عندي أسئلة إن أذنتم :
1- هل نرد الإعجاز العلمي بشكل كامل .
2- وما قولكم في تلك الآيات التي صرحت بأمور علمية لم يكتشفها الناس الا حديثا .
3- لماذا لا نقول كل على ثغرة فمن نشر الإسلام بهذا فهو على خير ...( طبعا إن كانت حقيقة علمية ووافقت اللغة ) .
 
قرأت ما كتبه الشيخ مساعد , لكن عندي أسئلة إن أذنتم :
1- هل نرد الإعجاز العلمي بشكل كامل .
2- وما قولكم في تلك الآيات التي صرحت بأمور علمية لم يكتشفها الناس الا حديثا .
3- لماذا لا نقول كل على ثغرة فمن نشر الإسلام بهذا فهو على خير ...( طبعا إن كانت حقيقة علمية ووافقت اللغة ) .

إجاباتك أخي الكريم مضمنة في المقال التالي:
http://vb.tafsir.net/tafsir384/

وفقك الله
 
جزيتم خيرًا ونسأل الله ان يجعلني واياكم من عباده المسلمين الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه
 
الحمد لله و بعد
حملت الدورة شعار ^ مفهوم و تأصيل ^ و لا أظن أن الإشكال في المفهوم و لا في التأصيل إذ إذا تكلموا - أقصد الموغلين - في ذالك وافقوا - أقصد المحققين - و لكن الإشكال في التطبيق و تنزيل تلك ^ التأصيلات ^ على الواقع العملي ........
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر الأخوة جميعاً في ملتقى أهل التفسير وأخص بالذكر الشيخين الشهري والطيار فهما قدوة لي ، وفي كلمة الشيخ الشهري : (( كل الحب والتقدير )) وتقع مثلها في كتب قدم لها الطيار ، وأعتقد أن مثل هذا لا يليق إلا لله فاقتضى التنبيه .
أنا الآن في بلدي صرت أهتم بالتفسير ولعل مكتبتي أضخم مكتبة تفسيرية في العراق ، وجهدي الآن منصب إلى قراءة كل ما كتب من تفسير ونحوه ، رأيت على دليل وغيرها حلقات للشيخ الطيار رعاه الله ينحو ضد التفسير العلمي ، ورأيت في المقابل إسرافاً من الدكتور زغلول وفقه الله ، وكذلك يزورني عدد من الطلبة في الطب والبايلوجي والجالوجي ويريدون من كل قضية أن يجعلوا فيها إعجازاً ، مع محاولة تمشية القضية العلمية بالصحيح والضعيف والمحتمل ، والدكتور النجار بضاعته بعلم الحديث ضعيفة جداً حملته على الاستشهاد بما لا يصلح أن يستشهد به . وحمّل كتبه من النقول ما يمكن حصره إلى الخمس . وهذا شأن غلب من ولج هذا الميدان .
والذي يظهر لي أن لا نهمل هذا الجانب بل نهتم به ونحقق في كل قضية من القضايا حتى نتوصل إلى الصواب كما أن من واجبنا أن نحقق في كل مسألة علمية نحوية كانت أم صرفية أم غير ذلك من العلم كبيره وصغيره . وصاحب الاختصص الشرعي لا بد أن يأخذ من بقية العلوم لما فيه خدمة الشرع ، وأصحاب التخصصات العلمية عليهم أن يتعلموا ما لابد منه في عباداتهم وتخصصاتهم . والله أعلم .
 
الله يجزيك الخير يا شيخنا
على فكرة
أول مرة أسمع فيها بوجود أهل السنة في الجنوب اللبناني

السلام عليكم أخي الكريم الفاضل محمد أمين عبدالقادر...

لعلك أخي الكريم لا تعلم طبيعة لبنان،،،

لبنان عبارة عن بلد فيه من الطوائف العديدة، فلبنان يضم تقريبًا سبعة عشر طائفة..

المسلمون هم الأكبر، السنة والشيعة والدروز هم يشكلون هذه الطائفة بالنسبة للدولة اللبنانية...

أهل السنة هم أكبر الطوائف، ولن أسرد لك أخي الكريم أسباب ضعف السنة في لبنان، فهذا يحتاج إلى موضوع مفصل، ولكن أخي الكريم نحن في الجنوب اللبناني يوجد العديد من المناطق السنيّة، كما يوجد مناطق شيعية، فعلى سبيل المثال، صيدا، صور، يارين، مروحين، القرى السبع، كل هذه المناطق لأهل السنة والجماعة...

ومدينتا صيدا تعتبر ثاني أكبر المدن السنية في لبنان بعد طرابلس,,,,,
 
وفي كلمة الشيخ الشهري : (( كل الحب والتقدير )) وتقع مثلها في كتب قدم لها الطيار ، وأعتقد أن مثل هذا لا يليق إلا لله فاقتضى التنبيه .
جزاكم الله خيراً على هذا التوجيه والتصويب ، وأستغفر الله من الزلل ، وأنا أقع في هذا كثيراً دون أن أنتبه فجزاك الله خيراً على التنبيه، وسأتنبه لها مستقبلاً إن شاء الله .

كما أشكر الإخوة والأخوات الذين عقبوا ودعوا ، وأشكر د. مساعد الطيار على تعقيبه جزاه الله خيراً . ونسأل الله أن يوفقنا للحق والإنصاف ، وأن لا يكلنا إلى أنفسنا فنهلك .
الجهود المبذولة في هذا الميدان مشكورة ، ومبعثها الغيرة على القرآن والدين ، ولكن العاطفة إذا غلبت التحقيق والعلم أوقعت في مخاطر على العلم والدين معاً ، والسلامة بالتمسك بالأصول العلمية للتفسير ، والتأني في دراسة هذه المسائل مسألة مسألةً ، والموفق من وفقه الله وأعانه .
 
أشكر الشيخ المحقق ماهر الفحل، الذي أستفيد من كتبه وتحقيقاته.
ويا حبذا لو أرسلتم ملحوظاتكم التي ذكرتموها لأعدِّلها، وأسأل الله أن يجزيكم خيرًا.
وما حال الإعجاز العلمي اليوم إلا كما قال الله في الخمر والميسر : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا).
ذلك أن من كان ذا بصر بالعلم، ولم تستخفَّه العاطفة، ولم يغرّه صدق كثيرين من المعتنين بالإعجاز، وهم غير محققين في العلم؛ إذا لم يكن كذلك، وهو يقرأ في كتب الإعجاز العلمي ، وينظر فيما كُتب فيه في الشبكة العنكبوتية = لا يخطؤه الخلل الكبير في التأصيل والتطبيق عندهم، فكثيرون منهم قليلو البضاعة في العلم الشرعي، كثيرو التجرؤ على القطع بالتفسير الذي يرونه.
وإني لأسأل الله لي ولهم الصدق في القول والعمل، وأن يردنا إلى الحق، وأن يجعل الانتصار لكتابه قصدنا جميعًا، فيعيننا على الرجوع عن الخطأ إذا أظهره لنا من هو أبصر منا، وأن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
 
نفع الله بكم وزادكم من معينه الذي لا ينضب و بصرنا بكتابه ، وذلل نفوسنا للحق وأطرها على الهدى .
 
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم و بعد أيها الأفاضل إنّ المنهج المتبع عند الذين يدندنون حول قضايا الإعجاز العلمي في القرءان أن لا يكفوا عن البحث و التنقيب عن المكتشفات العلمية و الفلكية الغربية خاصة و غيرها ليصلوا إلى نتيجة لقد سبقناهم إلى هذا الاكتشاف ألم يقل القرءان كذا ؟!!! ألم يرد في الحديث كذا؟!!! و غفلوا عن أن هذه المكتشفات العلمية أو الفلكية أو النظريات القديمة أو الحديثة من عقل بشري لا تسلم من الخطأ و هي قابلة للنقد و التعديل و التطوير و حتى الإلغاء من ههنا عوض أن ن ندعوا الناس إلى الإيقان بهذا الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه و اتباع ما فيه و يزداد المؤمن إيمانا و يقينا ننفر الناس عن الهدى بسبب ذلك المكتشف المزعوم الذي يثبته فلان و يكذبه فلان، فالمكتشفات العلمية يستأنس بها و ليست هي العمدة، فلا للي النصوص الشرعية حتى تنسجم و تتناغم مع مكتشفات لا زالت عرضة للنقد، فالحلاوة كل الحلاوة يا إخواني في تدبر كلام الله تعالى و قراءته بخشوع و حضور قلب و فراغ ذهن تنتفعوا أيما انتفاع، و أصول التفسير معروفة مقررة و السلام.
 
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلى اللهم و سلم و بارك على سيدنا محمد وعلى آله و صحبه

بارك الله بكم و أحسن الله إليكم.

من بين أسباب ثورة مابعد الحداثة على الحداثيين (مابعد التنويريين) تعود إلى تطور حصل في العلوم الطبيعية إلى جانب تقدم علوم الانسان و النفس كنتيجة تطور التقنية فاتسعت رقعة قواعد البيانات التي يمارس فيها الإنسان رأى هؤلاء المابعدحداثيين أن العقل العلمي عند القوم ليس عقلا موضوعيا بحتا بل هناك ميولات ذاتية تفرض على هذا العقل فروضات. كان الحق، في جانب من الجوانب، معهم فها هو ستيفن هوكنغ مؤلف كبير في مجال الماكروفيزيائيات يخرج علينا بالقول أن حدوث العالم لا يحتاج ضرورة إلى إله علما أنه من الناحية المنطقية العكس هو الراجح لأن إذا لم يكن العالم ثم كان كما هو الآن في نظام و تناسق و جمال و جاز أن يكون على غير ذلك فالمنطق يفرض أن تكون هناك قوة فاعلة رجحت هذا.

الله أعلم هو دفع به أم دفع له لكن على كل حال ميولات شخصية هيمنت على الرجل فقال ما قال.

مثل هذه الميولات نجدها أيضا عند الدكتور زغلول النجار فهو يقول بكلام في الحقيقة و النظرية كلام لا علاقة له بالعلم الحديث و لا مناهجه و لا فلسفته و لا تاريخه. أما الكلام في التفسير و البيان و التأويل فالعلماء المتخصصون المتعمقون في الدراسات القرآنية أكثر إتزانا و دقة يرجع إلى دراساتهم، بالتركيز على أكثر المتبحرين في اللغة و فنونها. الميولات هذه ممكن تكون إيجابية لاشك نجدها عند بعض الدعاة متأثيرن بالانتقادات الخارجية الموجهة ضد الاسلام فتجدهم يؤولون تأويل، فضح أسراره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله، بغية الدفاع فتسمع مثلا نعم والله الاسلام حرية شخصية مافيه تفرض حجاب على الزوجة و غير ذلك من الكلام و المسلم في تعامله مع الآخر يجب أن يثبت الذات كما قال فيلسوفنا محمد إقبال، أما نفي الذات لا تكون إلا في التعامل مع الله ليكون الاستسلام الكامل له وحده سبحانه.

ثم الاعجاز العلمي ينبغي أن لا يكون هو الموضوع لما يحمله باطنا من الانبهار يقدم على إحياء الهمم لممارسته و أرى أن إنتقاد الأوضاع السياسية القائمة فيما يتعلق بالبحث العلمي على أساس الوجه الحضاري للقرآن من خلال تفسيره أفضل و له و قع أكبر. مثلا أنا أرى مهما كتب في الاعجاز العلمي فإنه لا يقترب من وقع النبأ العظيم للدراز عبد الله أو الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي. الإستئناس به نعم مثلا تكون محاضرة قرآنية أصيلة و تمرر مرة أو مرتين بيانا علميا بالتأويل الصحيح و المعلومات العلمية فهذا أجمل، أليس الأمر كذاك؟

و الله تعالى أعلم.
 
الله ينفع بك يا دكتور مساعد على هذا التعقيب الأكثر من رائع .. فعلاً كم نحتاج إلى فهم كلام الله عز وجل والتعبد بتلاوته وتدبره .. جزاك الله الفردوس الأعلى
 
جزى الله المشايخ الكرام خيراً على إثارة هذه المسألة الحقيقة بذلك، والحقيقة أن من الأمور التي ينبغي أن تبحث ويتفق عليها بين القائلين بالاعجاز العلمي أولاً ثم بينهم والباحثين المختصين في المجالات القرآنية :
أولاً: تعريف الاعجاز وتحقيق معناه: إذ خلل كبير يتطرق إلى بحوث الاعجاز العلمي مرده إلى الخلل في هذا الأمر، وغالب من يبحث في الإعجاز العلمي لا يفرق بين الإعجاز وبين دلائل صدق القرآن.
ثانياً: ينتج عن الخلل في تعريف الاعجاز هذا الاتساع في أنواع الإعجاز المحدثة، فهناك الاعجاز العلمي والنفسي والرياضي العددي وهلم جرا، وعند التحقيق في تعريف الاعجاز تذهب جل هذه الأنواع.
ثالثاً: من جهة التطبيق لا يقتصر الخلل على جعل ما ليس إعجازاً إعجازٌ وإنما يتعداه إلى المعاني اللغوية غير الصحيحة التي يبني عليها أصحاب الإعجاز العلمي استدلالاتهم - وهي لكثرتها ظاهرة حقيقة بالبحث، أي: الخلل في المعاني وأثره في كتب الإعجاز العلمي- ومن الأمور التي تظهر عند التطبيق الخلل في الاستدلال بالآثار وعلاقتها بتفسير الآية، ومن الخلل في التطبيق استنباط الإعجاز العلمي من الآيات الواردة في سياق يوم القيامة أو من الآيات الدالة على معجزة لأحد الأنبياء مما يعود سلباً على المعجزة نفسها.
رابعاً: نلحظ أن المؤتمرات العلمية المتعلقة بالإعجاز العلمي تسير في خطين متوازيين لا يلتقيان، وهما: الخط القائل بالإعجاز العلمي وله أبحاثه ومؤتمراته التي لا يحضرها أحد من أهل التخصص وإن حضر كان ضيفاً أو مشاركاً بورقة لا يظهر أثرها بين عشرات الأوراق!
وفي المقابل المؤتمرات التي يقيمها المتخصصون وتتطرق للإعجاز العلمي بالنقد ولا يحضرها من يراد حوارهم من أصحاب الإعجاز العلمي
وأقترح أن يسعى الباحثون لترتيب حلقات نقاش وحوار بين الطرفين يحضرها كبار الباحثين المختصين في الإعجاز العلمي ويحضرها الباحثون المختصون في الدراسات القرآنية لأن مثل هذه الحلقات الحوارية ربما تثمر اتفاقاً حول مفهوم الاعجاز وضوابط البحث فيه تخفف من الخلل الموجود
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
جزى الله الجميع خيراً ,
س : هل ثمة ضير في قراءة كتب د- زغلول لمن قد تشتبه عليه بعض الأمور لقلة بضاعته من علوم الشريعة ؟
 
محمد عطية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ، وبعد :
فكل الشكر لمشايخنا الذين عقبوا على هذه القضية : الشيخ عبد الرحمن الشهري ، ود مساعد الطيار ، والشيخ ماهر الفحل ، والشيخ محمود البعبداني ؛ والشكر موصول لإخواننا وأخواتنا المشاركين في هذه القضية ؛ والحقيقة أن هذه القضية طرقها المتأخرون من غير ذوي التخصص في التفسير وعلومه ؛ وبعض هؤلاء تعرضوا لتفسير آيات القرآن المتعلقة ببعض الظواهر الكونية أو بعض الأمور العلمية التجريبية يخطئون خطأ ذريعا في تنزيل آيات الذكر الحكيم على نظريات لا تثبت ، أو آراء لهم مبنية على تلك النظريات ؛ فقد سمعنا من بعض هؤلاء وقرأنا لآخرين عجبًا ، فإن كثيرا منهم يجعل النظرية الكونية أمرًا مسلمًا ثم ينزل آيات القرآن عليها ، وهذا خطأ .. إذ هذه النظريات عادة ما تتغير لأنها في بداية ظهورها عبارة عن كلام نظري يتوقع معه أمور قد تحدث أو لا تحدث ، وليست هي حقيقة علمية مسلمة ؛ أما الحقائق العلمية المسلمة ، فهي في الحقيقة لا تصادم آية قرآنية تحدثت عن ذلك .. كيف ، والله سبحانه هو الخالق الذي خلقها ثم هيأ لهؤلاء اكتشافها في الحين الذي أراد.
ومن أمثلة ذلك :قوله تعالى:] وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ[ ( النمل : 88 ) ؛ فسياق الآيات أن ذلك يوم القيامة ، فالآية قبلها : ] وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ [ ، ولذلك نرى المفسرين جمعوا بين هذه الآية والآيات الأخرى التي تحدثت عن الجبال يوم ينفخ في الصور ؛ قال ابن كثير - رحمه الله : أي : تراها كأنها ثابتة باقية على ما كانت عليه، وهي تمر مر السحاب ، أي : تزول عن أماكنها ، كما قال تعالى : ] يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا [ [الطور: 9 ، 10] ، وقال ] وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا [ [طه: 105، 107] ، وقال تعالى: ] وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأرْضَ بَارِزَةً[ [ الكهف : 47 ] .ا.هـ . هذا هو تفسيرها الصحيح .
لكنا وجدنا من يتكلم فيما يسمونه بالتفسير العلمي أو (الإعجازالعلمي)قدخلطفيهذافيقول: إن ذلك في الدنيا ، وأن هذه الجبال ثابتة للناظرين ، لكنها تسير في حقيقة الأمر .. وهذا قول لا يسعفه فيه سياق الآية فإنها في بيان حال الجبال يوم ينفخ في الصور ؛ ولا يقبله العقل ، فإن هذه الجبال أرساها الله تعالى في أماكنها حتى لا تميد الأرض بمن عليها .
وكذلك رأينا المفتونين بأقوال الغرب - الذين يريدون أن يشككوا المسلمين في عقائدهم - أرادوا أيضًا الخروج بتفسيرات جديدة لما أخبر به القرآن من معجزات خارقة لعادات الإنس والجن ، فمثلا قول الله تعالى في أصحاب الفيل : ] وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ . تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ [ ( الفيل : 3 ، 4 ) ؛ أن هذه الطير لم تكن طيرًا ، إنما هي مرض الجدري ، أو ميكروبات سلطت على جيش أبرهة فأمرضت أفراد الجيش وأهلكتهم ؛ ولست أدري ما علاقة الطير والحجارة بجدري أو بجراثيم ؟! وإن قال محمد فريد وجدي في تفسيره : ولا يبعد أن تكون تلك الطيور : جراثيم الطاعون ، إذ لا مانع من تسميتها طيورا .ا.هـ . قلت : بل يبعد ذلك بعد المشرقين ؛ وهل تحمل الجراثيم حجارة ؟ فالجراثيم لا ترى بالعين المجردة ، فكيف تحمل حجارة أثقل منها بآلاف المرات ؟! ثم ما الداعي لصرف اللفظ عن ظاهره ، قد أخبر الله تعالى أنها طير ، وأنها تحمل حجارة ، والطير معروف ، والحجارة معروفة ، وقد تواترت الأخبار بالقصة ، وذكرها العرب في أشعارهم ؛ أفبعد هذه القرون يأتي من يقول إنها ميكروبات ، ثم يريد من الناس أن يصدقوه ؟!!
هذا من الخطأ في الدليل ، فإنه لا يدل على الفكرة التي حملها هذا المتكلم ، وخطأ في المدلول عليه ، وهي الفكرة التي أراد أن يستدل على صحتها من الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
وخلاصة القول في ما يسمى بـ ( التفسير العلمي في القرآن ) ما قاله الشيخ محمد مصطفى المراغى - رحمه الله - في تقديمه لكتاب ( الإسلام والطب الحديث ) للطبيب عبد العزيز إسماعيل : يجب أن لا نجر الآية إلى العلوم كي نُفسِّرها ، ولا العلوم إلى الآية ، ولكن إن اتفق ظاهر الآية مع حقيقة علمية ثابتة فسرناها بها .ا.هـ وهي كلمة مختصرة جمعت ما يجب أن يفعله المتأمل إذا أراد أن يتكلم عن حقيقة علمية ثابتة ، لا عن نظرية يمكن أن تتغير ؛ والله وحده الهادي إلى سواء السبيل .
 
التعديل الأخير:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله ايها الاخوة العلماء الفضلاء وأساله عز وجل ان يثيبكم خير الجزاء على جهودكم التي تبذلونها خدمة لهذا الدين العظيم .
لقد سرني ما قرأت واقترح عليكم ايها الاحبة أن نرى ردا من الاستاذ الدكتور النجار ماذا يقول وخاصة بما قاله شيخنا الفاضل الطيار حفظه الله ورعاه، وباعتقادي وبحكم قربي من الدكتور النجار وصداقتي معه استطيع أن اطلب منه الرد .
بارك الله فيكم فنحن نتتلمذ على ايديكم في هذا المنتدى الرائع ، فجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فلا أعلم مانعًا يمنع الدكتور زغلول النجار - حفظه الله - من أن يبدي برأيه ردًّا ، مع احتفاظ كل من أدلى بدلوه بالرد - أيضا - وصولا إلى الحق ، الذي أحسبه مقصود الجميع ، والله أسأل أن يرزقنا جميعا الإخلاص في طلب الحق والحرص عليه .
 
جزاكم الله تعالى إخوتي كل خير وأسأله أن يبارك بجهودكم جميعا وهنا أسأل الله أن يوفقكم لخدمة كتابه والمنافحة عنه وأطلب من مركزكم الكريم العمل على جمع أئمة أو رؤرس العاملين في حقل التفسير وأصوله والعاملين في حقل الإعجاز ومنهم حملة أطروحة ولواء الإعجاز العلمي في القرآن ..جمع هؤلاء الأعلام على مائدة حوار واحدة والقيام لله تعالى والعمل على الخروج بمقاربات تفيد الأمة وتضع كل شيء في هذا الموضوع في مكانه الصحيح بدل هذا التناوش من بعيد والتناصر من كل لما يراه حقا وتحقيقا في المسألة وفقكم الله أحبتي لخدمة كتاب الله جل جلاله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فأنتم شهداء الله والدعاة إليه بين خلقه وحملة رسالته للعالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
أخي عبدالله
فكرتكم رائعة جدًا : (واقترح عليكم ايها الاحبة أن نرى ردا من الاستاذ الدكتور النجار ماذا يقول وخاصة بما قاله شيخنا الفاضل الطيار حفظه الله ورعاه، وباعتقادي وبحكم قربي من الدكتور النجار وصداقتي معه استطيع أن اطلب منه الرد )، وهذا حق للأستاذ الدكتور زغلول النجار، وأتمنى أن يرد على النقاط التي اعترضت عليها بالتحديد، ولا يخرج النقاش إلى غيرها؛ لتكون الفائدة مركزة على هذا الآن.
 
وقد قلت غير مرة:
أيها المسلمون: لن تستطيعوا التغلب على الغرب بهذا الطريقة ( الدعوة بالإعجاز العلمي )، بل التغلب عليه بأن تعملوا على إعداد القوة التي تماثل قوة الغرب، والتي استطاع بها أن يستعبدنا ويستهلكنا، ونكون مستوردين لا مصدرين.
والحضارة اليوم لا تخضع إلا للقوي، وأما العلم فقط؛ فإنها إن لم تستطع سَرِقَته = بإغراء العقول إلى الهجرة إليها ، فإنها تقتل العلماء الذين تخاف منهم، والشواهد المعاصرة أوضح من أن توضَّح.
انظروا ؛كم يموت من المسلمين هذه الأيام، ولم يتحرك الغرب ولا الشرق، وانظروا إذا قُتل جندي غربي ماذا يحصل؟!
أليس هذا دليلا على تغلبهم علينا بقوتهم ، ومسكنتنا بما فينا من الذُّلِّ ، ومن عدم اهتدائنا للطريق الصحيح؟!
وانظروا إلى العالم الإسلامي الذي تحرر من الدكتاتوريات هل هو بحاجة إلى الإعجاز العلمي أو الإعجاز العددي أو غيرها من مسميات لا تكاد تتوقف من أنواع الإعجاز المعاصر المزعومة؟!
أم هو بحاجة إلى من يهديه بهدى القرآن الذي اهتدى به السلف من الصحابة والتابعين الذين طبقوا أوامره واجتنبوا نواهيه وامتثلوا لآدابه؟!
انظروا إلى العالم الغربي يتكتَّل على بعضه ويتقوَّى بعضه ببعض ، ونحن حرام علينا أن نجتمع، بل يدفعوننا إلى الانقسام أكثر وأكثر، فالسودان يكون سودانَين، والعراق مقسم بطريقة لا تُشعر بالتقسيم، والقادم يحمل من خطط التقسيم للعالم الإسلامي ما يحمل.
إني أرى أن التوجه إلى الإعجاز العلمي بهذه الطريقة التي يعيشها بعض من يُعنون بالإعجاز هي دليل ( عجزنا ) العلمي في جميع المجالات، في العلم الشرعي الذي نبت هذا الإعجاز وترعرع بعيدًا عنه، وكان بأيدي من لا يحسنونه، والعلم الدنيوي الذي ترك أصحابه الإبداع فيه ومنافسة الغرب والشرق بالاختراعات، وتطوير بلاد المسلمين في ذلك، ثم اتجهوا إلى ما يظنونه الطريق السليم للتغلب على الغرب والشرق، والله المستعان.


نفع الله بكم. كلام يكتب بماء الذهب.

ذلك أن من كان ذا بصر بالعلم، ولم تستخفَّه العاطفة، ولم يغرّه صدق كثيرين من المعتنين بالإعجاز، وهم غير محققين في العلم؛ إذا لم يكن كذلك، وهو يقرأ في كتب الإعجاز العلمي ، وينظر فيما كُتب فيه في الشبكة العنكبوتية = لا يخطؤه الخلل الكبير في التأصيل والتطبيق عندهم، فكثيرون منهم قليلو البضاعة في العلم الشرعي، كثيرو التجرؤ على القطع بالتفسير الذي يرونه.

هو ذاك.
 
النصيحة لدين الله واجبة ..................... جزاك الله خيراً ياشيخ عبد الرحمن ويا شيخ مساعد على جهدكم المبذول في خدمة القرآن الكريم............ أسال الله جل جلاله أنا يجعلنا وأياكم وجميع إخواننا من أهل القرآن في الدنيا والآخرة
 
القرآن الكريم هو كلام رب العالمين ورجوع الأمة إليه اليوم حاجة ملحة لخلوصها من الهوان والضعف الذي هي فيه،هوان عام بكافة صوره والله المستعان لايخفى على كل ذي فهم وبصيرة،ولكي تعود إليها تلك العزة التي عاشتها الأمة الإسلامية زمانا ودهرا مضى،تحتاج الأمة فهما صحيحا لكتاب الله وتدبرا سليما لآياته،وليس المطلوب إثبات أو تلفيق حقائق أو صور إعجازية فحسب و قد تكون حقيقة أو باطلة،وبمنهجية لغوية وتفسيرية غير صحيحة،ليست الأمة بحاجة إلى حقائق علمية مجردة وبعيدة عن ألفاظ القرآن الكريم، و أصول تفسير آياته والاعتبار بلغته العربية؟الأمة بحاجة إلى تفسير وتدبر يدفعها لامتثال أوامره والانتهاء عن نواهيه والإهتداء بهديه..لا إلى نظريات وتجارب ..والعلم الصحيح المعجز بكل صوره المرتبط بكتاب الله مهم ودوره كبير لا ينكره منصف ،ولكن حسن توظيفه وضرورة تأصيله والتزام منهجية صحيحة في فهمه والتعبير عنه، والتأكيد على أن القرآن الكريم بحقائقه وألفاظه وهداياته، هو الأصل ولا يقدم عليه غيره..بهذه المنهجية والتي نسأل الله أن يوفقنا إليها في فهم كتابه وتدبره وتفسيره والعمل بمحكمه ..وأخيرا أسأل الله أن يعز الأمة .
 
جزاكم الله كل خير على هذه التنبيهات الهامه حول الاعجاز العلمي واسال الله ان يهدي ويوفق الجميع الى مايحبه ويرضاه
 
رسالتي في مرحلة الماجستير عن التفسير والإعجاز العلمي في القرآن وعنوانها الدقيق:
الاتجاه العلمي للتفسير في القرن العشرين
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليس ثمة ما يضاف بعد رأي اساتذتنا الأفاضل
لكن من باب (تحديث أو تجديد القناعة) فالدكتور ( غفر الله لنا وله ) كان حضوره في بداياته (مطلبا) لأن الناس كانت بعيدة ( الى حد ما عن ربط العلم بالقرآن الكريم ) فالغالب على الناس كانت الماديات ( علم مفرغ من ربطه بالدين ) وهذا نتاج دول غير اسلامية نقلنا عنها . فجاء الدكتور (غفر الله لنا وله ) بالرابط بين الآيات وبعض الظواهر التي تسمى(طبيعية) ، وهذا (جيد) و لم يكن منفردا فقد سبقه أو وكاكبه الشيخ ( عبد المجيد الزنداني ) الذي كان في منتصف التسعينات الهجرية يزورنا بين الفينة والأخرى في (ثانوية الرياض) بالرياض وكنا نفرح به من جهتين ، احدها أننا نتخلص من رتابة الدراسة ، فلم يكن ثمة يوم مفتوح ولا صدر مشروح ، والأخرى اننا نرى محاضرا يعيدنا قليلا الى (الدين ) فقد كانت مناهجنا (رياضيات - فيزيا - كيمياء - جيولوجيا - أحياء ) وفيها نوع من الصلف (سواء بالمنهج وكذا المعلم نفسه ، يضاف لهذا كله صعوبة التحصيل والتقييم (ليس مثل اليوم مدرسة اهلية وتدفع فترفع )!
الشاهد (تفرعت قليلا) الشاهد أن الدكتور ومنهجه في الربط واستنباط بعض الظواهر ودلالاتها من القرآن الكريم كان (عامل جذب) كما قال الشاعر :
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى .... فصادف قلبا خاليا فـ تمكنا
لكن ، بمرور الوقت و زيادة حصيلة الناس من العلم الشرعي ( أقول زيادة .. نسبة لما كان في الماضي) و كذلك مبالغة الدكتور ومن يتبع اسلوبه في البحث عن مادة جديدة ليقدمها للناس .. حصل بعض (الشطحات) التي لا يجزم بصحتها وأهم من هذا وذاك أن المتلقي ليس مكلفا بها ( علمها أو لم يعلم )! فهي ليست من الدين بالضرورة .
وبالتالي فإن الدكتور (وفقه الله) وقع في بعض (المطبات) التي أوشك أن يقع (بل وقع) بها استاذه (مصطفى محمود ) ولعلي اذكر منها : تفسيره لموضوع (حديث الذباب)
فقد تكلم د. زغلول النجار فى فى جريدة الأهرام عدد 11 نوفمبر 2003 صفحة 22 عن حديث الذبابة وجعل منه كشفاً علمياً ، والحديث يقول "إذا وقع الذباب فى شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن فى إحدى جناحيه داء وفى الأخرى شفاء "، علق عليه قائلاً أنه من
الناحية العلمية ثبت أن الذباب يتغذى على النفايات والمواد العضوية المتعفنة حيث تنتشر الفيروسات والبكتيريا والجراثيم ولكى ينفرد ربنا بالوحدانية خلق كل شئ فى زوجية واضحة فخلق البكتيريا وأَضدادها وقد أعطى الله للذباب القدرة على حمل الفيروسات والبكتيريا على جناح والمضادات على جناح، وأكد الدكتور زغلول على أن مجموعات من أبحاث المسلمين قامت بإجراء أبحاث على أنواع مختلفة من الأشربة وغمست الذباب فى بعضها ولم يغمس فى الباقى وعند الفحص المجهرى إتضح أن الأشربة التى غمس فيها الذباب خالية من كل الجراثيم المسببة للمرض !!
وغير هذه كثير بعضها يستحق الوقف عنده لمساسه بما يستدعي الوقوف ، وبعضها حسبه مرور الكرام !
هذا ما رغبت في اضافته وأعتذر منكم على الإرتجال ، وارجو الله العلي القدير التوفيق للجميع

 
حبذا لو يطرح المشايخ بارك الله فيهم ضوابط للإعجاز العلمي

حبذا لو يطرح المشايخ بارك الله فيهم ضوابط للإعجاز العلمي

وهنا رد للشيخ صالح الفوزان على أصحاب الإعجاز العلمي .

قال الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان حفظه الله في كتابه الخطب المنبرية /ج/2/268/ طبعة مؤسسة الرسالة في أثناء الخطبة التي بعنوان " الحث على تعلم العلم النافع قال رحمه الله: ... بل بلغ الأمر ببعضهم أن يفسر القرآن بالنظريات الحديثة ومنجزات الَّتقنية المعاصرة ويعتبر هذا فخراً للقرآن حيث وافق في رأيه هذه النظريات ويسمي هذا " الإعجاز العلمي " وهذا خطأ كبير لأنه لا يجوز تفسير القرآن بمثل هذه النظريات والأفكار لأنها تتغير و تتناقض ويكذب بعضها بعضا والقرآن حق ومعانيه حق لا تناقض فيه ولا تغير في معانيه مع مرور الزمن أما أفكار البشر ومعلوماتهم فهي قابلة للخطأ والصواب، وخطؤها أكثر من صوابها وكم من نظرية مسلمة اليوم تحدث نظرية تكذبها غدا فلا يجوز أن تربط القرآن بنظريات البشر وعلومهم الظنية والوهمية المتضاربة المتناقضة.
و تفسير القرآن الكريم له قواعد معروفة لدى علماء الشريعة لا يجوز تجاوزها وتفسير القرآن بغير مقتضاها وهذه القواعد هي.
أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أُجمل في موضع منه فُصِّل في موضع آخر، وما أطلق في موضع قيد في موضع،
وما لم يوجد في القرآن تفسيره فإنه يفسر بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأن السنة شارحة للقرآن ومبينة له قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون } النحل ـ 44/.
وما لم يوجد تفسيره في السنة فإنه يُرجع فيه إلى تفسير الصحابة لأنهم أدرى بذلك لمصاحبتهم رسول الله صلى الله عليه وعل آله وسلم وتعلمهم على يديه وتلقيهم القرآن وتفسيره منه حتى قال أحدهم: ما كنا نتجاوز عشر آيات حتى نعرف معانيهن والعمل بهن.
وما لم يوجد له تفسير عن الصحابة فكثير من الأئمة يرجع فيه إلى قول التابعين لتلقيهم العلم عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتعلمهم القرآن ومعانيه على أيديهم فما أجمعوا عليه فهو حجة وما اختلفوا فيه فإنه يرجع فيه إلى لغة العرب التي نزل بها القرآن.
وتفسير القرآن بغير هذه الأنواع الأربعة لا يجوز، فتفسيره بالنظريات الحديثة من أقوال الأطباء والجغرافيين والفلكيين وأصحاب المركبات الفضائية باطل لا يجوز لأن هذا تفسير للقرآن بالرأي وهو حرام شديد التحريم لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من قال في القرآن برأيه وبما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار" رواه ابن جرير والترمذي والنسائي و في لفظ " من قال في كتاب الله فأصاب فقد أخطأ". انتهى المراد
 
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله

الكلام الذي نقلته إلى هنا أستاذنا الكريم عبد الرحمان بن صالح فيه، بالنسبة لى وفي نظري، شيء من اللاوضوح.
مسأله ما يسمى الإعجاز العلمي تتعدى (يفسر القرآن بالنظريات الحديثة ومنجزات الَّتقنية المعاصرة ويعتبر هذا فخراً للقرآن حيث وافق في رأيه هذه النظريات ..) إلى أشياء أخرى ذكرها الإخوة القرآنيون حفظهم الله في هذا الشريط وفي غيره وهم بحثوا واطلعوا بنظر دقيق وصبر وافر على مؤلفات وأقوال الباحثين في هذا النوع من الإعجاز، هذا ما يظهر من طريقة كلامهم وإستنتاجاتهم، ولا ننسى ان النقد موجه لهؤلاء الاعجازيون من طرف غير القرآنيين أيضا كاللغويين والمفكرين والمفهوميين الذين يبحثون في دلالات الاعجاز و العلم والعلم "الحديث" وعلم اعجاز القرآن ومفارقته لكل الحجج القرآنية الاخرى. ثم منجزات التقنية المعاصرة ليست نظريات، والباحثين في الاعجاز العلمي لا يفسرون الايات الكونية بالنظريات فقط!! اقصد في العلوم الكونية هناك أقوال نظرية وأخرى إفتراضية وأخرى تخمينية وأخرى نموذجية صورية وأخرى خيالية وأخرى فلسفوطبيعية وأخرى مختلطة وهكذا، تمييز يحتاج فيه المرء الى فهم لغة هذه العلوم (وكيف تختلف عن لغات العلوم الاخرى الادبية الفنية التاريخية الخ) ثم فهم المنهج العلمي ثم فهم المنهج العلمي الخاص بكل علم كوني مستقل ثم فقه العلوم الكونية أو ما يسمى بفلسفة العلوم .. هذه الأقول (تعبير عن تفسيرات) شيء والمعطيات شيء ثاني والمنتوجات شيء ثالث لكنها في نفس الوقت متصلة.
التصريح: (محاولة) تفسير ظاهرة.
المعطى: معلوم شيء خاضع للمشاهدة الحسية بشكل مباشر أو بإستخدام آلات.
المنتوج: ما تصنعه العلوم التطبيقية.
وهناك إتصال بين هذه المفاهيم الثلاثة لكن بالمعنى الذي يراد به المنفعة أي أن التفسير يسخر المعطيات وعن طريق العمل في هذه المعطيات بتركيب وتحليل وما قارب بأساليب التجربة والخطأ يتم طرح فكرة خصبة للمشتغل بالعلم التطبيقي. وطبيعة هذا الاتصال شيء يغيب عن كل أو كثير من المبتدئين في فقه العلوم الكونية فتراهم يتساءلون: كيف نجمع بين تاريخ العلوم الكونية، ظاهرة تطور هذه العلوم، الاختلاف التفسيري والتدليلي، إنفتاحية هذه العلوم وقابليتها الدائمة للنقض من جهة، ومن جهة ثانية صناعتنا للأدوية وارسالنا للأقمار الى السماء و التحرك بوسائل المواصلات والتواصل بوسائل الاتصالات؟. أما الانفصال فقولنا مثلا أن "القول العلمي الكوني" سواء كان نظري أو غير نظري لا ينقلب إلى "معطى" مادام تفسيرا وليس توصيفا لأنه إذا كان توصيفا ثم تحقق فإنه يصبح معطى أي قابل للمشاهدة الحسية، ولا الى منتوج.

الباحثون "الاعجازيون" يفسرون أحيانا بالمعطيات مثل الذي يفسر دحاها، تكوير الليل على النهار وغير ذلك بكروية الأرض أو ما يشبه الكروية و هذا تفسير بالمعطيات.. والإشكال (هذا مجرد مثال فقط ولا أريد نقد هذا التفسير) في مثل هذا التفسير هو ما له علاقة باللغة خاصة والتفسير عامة كونه علم مستقل بذاته، إذن القرآنيون لا يطلب منهم معرفة الاقوال العلمية الكونية لنقد هذا النوع من التفسير، بل يستطيعون الاكتفاء باللغة وعلومها وعلوم التفسير.

هنا أستخدم "التفسير" تنزلا فقط فالشيخ المحترم الذي نقلت عنه يظهر، كما أظن، أنه يسير في خط سلفي (لا أكتب الخط السلفي بأداة التعريف) لا يفرق بين التأويل والتفسير، لكن هؤلاء الاعجازيون لا يفسرون الايات بهذه ولا بتلك العلمية الكونية، بل يؤولون والتأويل درجة تأتي بعد تفسير القرآن والتفسير درجة بعد معاني القرآن، أو هكذا أظن. أقصد هم يقولون أو يسلمون بأن السلف كانوا يفهمون معنى تلك الايات الكونية (او بعضها) لكن لم يكونوا يعلموا بمغزى ومآل هذا المعنى الذي نفهمه نحن بهذه وتلك العلمية الكونية.

المهم، الفكرة التي اريد ايصالها هي أن المشكلة الحقيقية ليست في تأويل الايات الكونية القرآنية بهذه وتلك العلمية الكونية لأن مثل هذا التأويل ليس بشيء جديد في تاريخ التفسير وقد وقف المفسرون مواقف مختلفة من تلك التأويلات فمنهم - في تأويل تفسير الايات بالاسرائيليات مثلا- من وقف محايدا وآخر منتقدا وآخر محققا متثبتا وهكذا، نفس الشيء مع تأويلات من أسقط أمثال عقلية على القرآن، والباطنية بنحلهم وغير ذلك. أعني، المشكلة ليس فيما يأتي من خارج نص المصحف وقراءة القرآن لكن فيما يأتي من الداخل أي ماذا تصنع من الداخل لتجعله يطابق هذا الخارج أو العكس، والمشكلة الأكبر هي أي عنوان تختار لهذه المحاولة: إعجاز؟ (وقس على ذلك عناوين الشيعة والباطنية والمتصوفة والمشائين والحداثيين والمستشرقين والحشوية والرويبضة وو).

(والقرآن حق ومعانيه حق لا تناقض فيه ولا تغير في معانيه مع مرور الزمن أما أفكار البشر ومعلوماتهم فهي قابلة للخطأ والصواب، وخطؤها أكثر من صوابها وكم من نظرية مسلمة اليوم تحدث نظرية تكذبها غدا فلا يجوز أن تربط القرآن بنظريات البشر وعلومهم الظنية والوهمية المتضاربة المتناقضة.)
شوف أقول لك ماذا أفهم وأظن، هو لابد من التمييز بين الكون، العلوم الكونية والمقولات العلمية الكونية من جهة، ومن جهة أخرى بين القرآن والعلوم القرآنية وتطبيقات علوم القرآن. ليس هناك معنى للقول بتناقض بين الكون والقرآن أو بين خلق الله ورسالته للبشر وهذا ينتهي بنا إلى انتفاء المعنى عن ربط القرآن بالخلق. أما العلوم الكونية والعلوم القرآنية فهي ضوابط ومناهج وطرق يُحَدَّد لها أدوات وضعها البشر بسبب تعامله مع ظاهرتين: الكون والقرآن، فليس هناك تعارض وليس هناك معنى للقول بعدم ربط هذه العلوم بتلك العلوم لأن الطريق العلمي الذي يستهدف الحقيقة لا يتناقض مع طريق علمي آخر في نفس الهدف بل يصلان معا، وأنت ترى من يريد أن يثبت أن الشعر الجاهلي غير منحوت بعد الاسلام عن طريق دراسة علمية للسند، ثم تجد باحث آخر يستدل علميا على اختلاف الشعر الجاهلي عن الشعر ما بعد الاسلام من خلال الشعر الجاهلي نفسه، أو من يستدل على رحلة كولومبوس الى امريكا بالتاريخ الموثوق ورجل آخر يستدل على ذلك بأثر جيولوجي مثلا، أو من يستدل على نسبته لأبيه بالخبر أو الوثيقة وآخر مختل ربما قال لك نشوفو في الحمض النووي. أما مقولات العلوم الكونية و مقولات العلوم القرآنية فهي إجتهادات بشرية خاضعة للانفتاح والتناقض وغير ذلك: النظرية العلمية الكونية ممكن تنقضها نظرية أخرى ولكن ممكن أيضا تأتي معطيات جديدة وتجارب جديدة تحسّن هذه النظرية، وهذا منطبق على القرآن أيضا بما أنه لا يشبع منه العالم وحمال أوجه ولا تنقضي عجائبه، كما يجب أن لا ننسى الاختلاف الناتج عن التمايز في المستوى العلمي في اللغة وفي الأثر أيضا لربما يأتي عالم يفهم أحسن يضعف سندا لرواية تم استعمالها في التفسير .. لكن الاختلاف والانفتاح ليس متشابها لأن المناهج مختلفة. عندما يقول ابن تيمية رحمه الله (إن أحسن التفاسير ..كذا كذا)، وهذا كلام يدل على الحسن والأحسن أي درجات من الحسن، هذا وحده يدل دلالة واضحة على انفتاح علم من علوم القرآن كالتفسير وعلى قبوله للنقد والمراجعة والتوثيق مادام يحدث ذلك علميا. أنا في الحقيقة أختلف مع من يريد دوغمجة التفسير ويقدم حجة للمغرضين بأن التفسير ميت لا ينتج و لا يستطيع أن يتعايش مع الظروف المتجددة ليصفها ويقدم لها الآراء والحلول، بينما العلوم الكونية منفتحة. هذا، في ظني، خطأ كبير ففي العلوم القرآنية ثوابت كما في العلوم الكونية، لكن هناك متحركات أيضا في العلمين.

(وتفسير القرآن بغير هذه الأنواع الأربعة لا يجوز، فتفسيره بالنظريات الحديثة من أقوال الأطباء والجغرافيين والفلكيين وأصحاب المركبات الفضائية باطل لا يجوز لأن هذا تفسير للقرآن بالرأي وهو حرام شديد التحريم لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من قال في القرآن برأيه وبما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار" رواه ابن جرير والترمذي والنسائي و في لفظ " من قال في كتاب الله فأصاب فقد أخطأ". انتهى المراد)
كلام لا يشعر بالراحة لأن الرأي آراء وليس رأيا واحدا فأنا مثلا أرى أن هذا التقسيم وهذا التحديد أيضا رأي و أرى أن إثبات الروايات رأي. المهم أن هذا التقسيم الرباعي في حد ذاته موضوع بحثي سواء ما تعلق بمضمونه أو بعلاقته بالرأي أو بالمفاهيم والمصطلحات التي نحتت له. كما أن الرأي أيضا موضوع بحثي.

والله أعلم..
 
عودة
أعلى