بسم الله الرحمن الرحيم ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين .
الإخوة الأفاضل رواد هذا الموقع المبارك .
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد ، يسعدني أن أقدم لكم تقريرا موجزا عن كتاب جديد للأستاذ الدكتور عبد الهادي حميتو ـ حفظه الله ـ ، و هو عبارة عن تسجيل توثيقي لطريقة حفظ المغاربة للقرآن الكريم ، و أدبيات المحضرة ، و التقاليد المتبعة في الكتاتيب المغربية ، و تجدر الثقافة المحضرية في المجتمع المغربي .
[align=center]
[/align]
و ما المحافظة على الحزب الراتب جماعة في المساجد المغربية عقب صلاتي الصبح و المغرب إلا تأكيد لذلك . و لعل هذا العمل مكمل للعمل الذي أشرف على إنجازه والمتعلق بالمصحف المحمدي لألواح الكتاتيب المغربية ، حيث التوثيق العملي والعلمي لطريقة حفظ المغاربة للقرآن الكريم عن طريق الألواح الخشبية ، و ما صاحب ذلك من طرق علمية و تربوية مبتكرة لتيسير حفظ القرآن الكريم بالقراءات المعتبرة .
و يتطرق الكتاب ـ كما جاء في تقديم السيد وزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية أستاذنا أحمد التوفيق ـ حفظه الله ـ : " إلى سير أولئك الأخيار ، فاقتصر على قاصية البلاد الإسلامية في خدمة هذا الكتاب من خلال المؤسسات التعليمية القرآنية في المغرب الأقصى طيلة العصور الماضية ، ووصف عناء القارئ المغربي في التعلم و التعليم ، بدء بحروف الهجاء ، و انتهاء إلى حروف القراءة ، و إتقان علوم الأداء ، و هو وصف ينطلق من المعايشة الطويلة الأمد لأجواء الكتاب و آفاق المحضرة :
1- من خلال الموروث العلمي و الفكري المنظر لها .
2- من خلال التجربة و المعاناة الميدانية ، ثم المتابعة التي لم تنقطع أواصرها قط .
3 ـ الاطلاع الكافي على مكونات الحياة المحضرية و مواصفاتها و أعرافها ، و الوقوف على قدر هائل من أدبياتها ، ويعكس في مرآته صور هذه البيئة الخاصة بتقاليدها و أعرافها ، و شعبيتها و جهادها اليومي " .
و يقول الأستاذ الدكتور عبد الهادي حميتو ـ حفظه الله ـ في تقديمه للكتاب : " و الكتاب و المحضرة اسمان لمسمى واحد تقريبا ، أو هما على الأقل مرحلتان ليس بينهما فاصل مادي معين ، و كلاهما يمثل المجال الزماني و المكاني الذي تتفتق فيه المواهب الأولى عند الناشء الصغير ، و ترتسم الخطوط و المعالم الكبرى لمستقبله العلمي و التعليمي ، وتتحدد في غالب الأحيان مياسم شخصيته و توجهاته ، و حدود مطامحه و آماله .
وللمحضرة حياة تتشكل ملامحها الأولى في مرحلة الكتاب ، و هي حياة فريدة و خاصة ، لها طابعها المتميز و سماتها المحددة ، و أخلاقياتها ، و أدبياتها المرعية ، و أعرافها و أهدافها التربوية ، و تقاليدها الاجتماعية ، و أصولها العامة التي تقوم في أسسها على تراكم التجارب العلمية ، و الممارسة المحضرية عبر التاريخ التربوي للمحضرة في تفاعلها مع محيطها الشعبي و الطلابي ، و ضمن المنظومة التعليمية الموروثة التي تسهر على رعايتها الجهات الرسمية المخولة ، و تمدها بالعون المادي أحيانا ، و بصيانة حقوقها و حمايتها من الحيف و الاهتضام ، و ذلك بالسهر على تنظيم العلائق بين المشتغلين فيها ، و بين أولياء أمور روادها من التلاميذ الضغار ، و الطلبة الكبار . و في أحيان كثيرة بتكريم رجال مشيختها و التنويه بهم عن طريق الجهات المعنية ، و الرعاية الراتبة ، و الظهائر الرسمية ، و الجوائز التشجيعية .
وبين رواد هذه الكتاتيب و تلك المحاضر في العمق ما يشبه وشائج الأرحام ، من العلاقات الودية و الأخوية ، و الأواصر التكوينية المشتركة التي تنتج عنها بالطبيعة وحدة في المشارب ، ووحدة في السير و السلوك ، على نحو ما نرى سنابل الحقل ، أو حبات العنقود و العذق في صورتها و شكلها ، و في حلاوتها و نُسغها و نضرتها و عطائها ".
وقد تكفلت وزارة الأوقاف المغربية بنشر الكتاب في طبعة أنيقة ، و ذلك سنة 1427 هـ / 2006 م .
و يقع الكتاب في جزأين كبيرين ، عد صفحاته 1081 صفحة .
العنوان الكامل للكتاب :
حياة الكتاب و أدبيات المحضرة :
صور من عناية المغاربة بالكتاتيب ، و المدارس القرآنية .
و يتضمن الكتاب المباحث التالية :
1- أوليات التعليم في الصدر الأول ، و نشأة الكتاتيب القرآنية .
2- أوليات الكتاب القرآني في الأقطار المغربية :
أ ـ محضرة الغازي بن قيس الأندلسي في قرطبة ، و أوليات الكتاب بالأندلس في صدر دولة الأمويين بها .
ب ـ محضرة أبي الحسن الأنطاكي بقرطبة و رجالها في القرن الرابع .
3- كتاتيب و محاضر نموذجية في سبتة و مراكش و فاس ، في عهد الوحدة بين الأقطار المغربية :
أ ـ مكتبون أعلام ، و رؤساء محاضر في مدينة سبتة في عهد الوحدة بين المغرب و الأندلس .
ب ـ الكتاتيب و المحاضر بمراكش في عهد المرابطين و الموحدين .
ج ـ التدريس و أهم المحاضر ، و المدررين في مدينة فاس و ما إليها .
د ـ صور من تشجيع الملوك العلويين لأكابر المقرئين .
ه ـ موقف الاستعمار الفرنسي من الكتاتيب و المدارس القرآنية .
4 ـ محاضر و كتاتيب رائدة في عهد الدولة العلوية .
5- التأطير التربوي و أدبيات الكتاب و المحضرة عند المغاربة في مجال التأليف ، و الفتاوى الفقهية .
6 ـ الكتاب و المحضرة في الذاكرة، و الواقع و النظام .
7 ـ ولوج الكتاب و المحضرة، و منهاج العمل .
8 ـ نظام تصحيح الألواح ، و أهم المصطلحات المحضرية فيه .
9 ـ قراءة الأسوار ، و دور الحزب الراتب في ترسيخ الحفظ .
10 ـ روافد الشرط ، و التقاليد المحضرية المرتبطة بها ، و نظام الحذقات و الفصال .
11 ـ الدور التربوي للمؤدب ، و نظام التعزيرات ، و أوقات العطل ، و الأنشطة الموازية ، و ما يتعلق بها من أدبيات ومراسيم محضرية .
جزى الله خيرا الأستاذ الدكتور عبد الهادي حميتو على الخدمات الجليلة التي يقوم في مجال الدراسات القرآنية عامة والقراءات القرآنية خاصة ، تحقيقا و تأليفا ، و تعريفا و توثيقا .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .