جواهر تاريخية وعلمية وأخلاقية في نقض كلام شيعة وعلمانية من منهاج بن تيمية-أ طارق منينة

ماهي شجاعة ابو بكر رضي الله عنه(نص مميز)
"وإذا كانت الشجاعة المطلوبة من الأئمة بشجاعة القلب فلا ريب أن أبا بكر كان أشجع من عمر وعمر أشجع من عثمان وعلي وطلحة والزبير وهذا يعرفه من يعرف سيرهم وأخبارهم فإن أبا بكر رضي الله باشر الأهوال التي كان يباشرها النبي صلى الله عليه و سلم من أول الإسلام إلى آخره ولم يجبن ولم يحرج ولم يفشل وكان يقدم على المخاوف يقي النبي صلى الله عليه و سلم بنفسه يجاهد المشركين تارة بيده وتارة بلسانه وتارة بماله وهو في ذلك كله مقدم
وكان يوم بدر مع النبي صلى الله عليه و سلم في العريش مع علمه بأن العدو يقصدون مكان رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو ثابت القلب ربيط الجأش يظاهر النبي صلى الله عليه و سلم ويعاونه ولما قام النبي صلى الله عليه و سلم يدعو ربه ويستغيث ويقول
اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم إن تهلك هذا العصابة لا تعبد اللهم اللهم جعل أبو بكر يقول له يا رسول الله هكذا مناشدتك ربك إنه سينجز لك ما وعدك
وهذا يدل على كمال يقين الصديق وثقته بوعد الله وثباته وشجاعته شجاعة إيمانه إيمانية زائدة على الشجاعة الطبيعية وكان حال رسول الله أكمل من حاله ومقامة أعلى من مقامه ...بل كان رسول الله صلى الله عليه جامعا كاملا له من كل مقام ذروة سنامة ووسيلته
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص79،80، تحقيق محمد رشاد سالم
 
الأسباب في الحضارة والحضارة في الأسباب، وقل مثل ذلك عن القوة وصناعة القوة، والعلم وصناعة العلم، وهكذا، وهذا نص جامع فريد، قال بن تيمية
"بل كان رسول الله صلى الله عليه جامعا كاملا له من كل مقام ذروة سنامة ووسيلته فيعلم أن الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد ومحو الأسباب أن تكون أسبابا قدح في العقل والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص80، تحقيق محمد رشاد سالم
 
النصر ليس بالمعجزات وإنما بالأخذ بالأسباب
"كان رسول الله صلى الله عليه جامعا كاملا له من كل مقام ذروة سنامة ووسيلته فيعلم أن الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد ومحو الأسباب أن تكون أسبابا قدح في العقل والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع ويعلم أن عليه أن يجاهد المشركين ويقيم الدين بكل ما يقدر عليه من جهاده بنفسه وماله وتحريضه للمؤمنين ويعلم أن الاستنصار بالله والاستغاثة به والدعاء له فيه أعظم الجهاد وأعظم الأسباب في تحصيل المأمور ودفع المحذور
ولهذا كان يستفتح بصعاليك المهاجرين وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم لما أقبلت قريش ومعه أصحابه أخبر أصحابه بمصارعهم وقال
هذا مصرع عتبة بن ربيعة وهذا مصرع شيبة بن ربيعة وهذا مصرع أمية بن خلف وهذا مصرع أبي جهل بن هشام وهذا مصرع فلان ثم مع علمه أن ذلك سيكون يعلم أن الله إذا قضى شيئا يكون فلا يمنع ذلك أن يقضيه بأسباب تكون وأن من الأسباب ما يكون العباد مأمورين به ومن أعظم ما يؤمر به الاستغاثة بالله فقام بما يؤمر به مع علمه بأنه سيكون ما وعد به كما أنه يعبد الله ويطيعه مع علمه بأن له السعادة في الآخرة
والقلب إذا غشيته الهيبة والمخافة والتضرع قد يغيب عنه شهود ما يعلمه ولا يمنعه ذلك أن يكون عالما به مصدقا له ولا أن يكون في اجتهاد وجهاد بمباشرة الأسباب ومن علم أنه إذا مات يدخل الجنة لم يمنع أن يجد بعض ألم الموت والمريض الذي إذا أخبر أن في دوائه العافية لا يمنعه أن يجد مرارة الدواء فقام مجتهدا في الدعاء المأمور به وكان هو رأس الأمر وقطب رحى الدين فعليه أن يقول بأفضل مما يقوم به غيره
وذلك الدعاء والاستغاثة كان أعظم الأسباب التي نزل بها النصر ومقام أبي بكر دون هذا وهو معاونه الرسول والذب عنه وإخباره بأنا واثقون بنصر الله تعالى والنظر إلى جهة العدو وهل قاتلوا المسلمين أم لا والنظر إلى صفوف المسلمين لئلا تختل وتبليغ المسلمين ما يأمر به النبي صلى الله عليه و سلم في هذه الحال
ولهذا قال تعالى إلا تنصروه فقد نصره الله إذا أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار سورة التوبة 40 وأخبر تعالى أن الناس إذا لم ينصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار
وهذه الحال كان الخوف فيها على النبي صلى الله عليه و سلم دون غيره وسيأتي الكلام على هذه القصة في آخر الكتاب والوزير مع الأمير له حال وللأمير حال
والمقصود هنا أن أبا بكر كان أشجع الناس ولم يكن بعد الرسول صلى الله عليه و سلم أشجع منه
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص80-83، تحقيق محمد رشاد سالم
 
الأسباب في الإسلام
"كان رسول الله صلى الله عليه جامعا كاملا له من كل مقام ذروة سنامة ووسيلته فيعلم أن الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد ومحو الأسباب أن تكون أسبابا قدح في العقل والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع ...ثم مع علمه أن ذلك سيكون يعلم أن الله إذا قضى شيئا يكون فلا يمنع ذلك أن يقضيه بأسباب تكون وأن من الأسباب ما يكون العباد مأمورين به ...بمباشرة الأسباب ؟
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص80،81، تحقيق محمد رشاد سالم
 
ليلة موت النبي، نص مهول
"لما مات النبي صلى الله عليه و سلم ونزلت بالمسلمين أعظم نازلة نزلت بهم حتى أوهنت العقول وطيشت الألباب واضطربوا اضطراب الأرشية في الطوى البعيدة القعر فهذا ينكر موته وهذا قد أقُعد وهذا قد دُهش فلا يعرف من يمر عليه ومن يسلم عليه وهؤلاء يضجون بالبكاء وقد وقعوا في نُسخَه القيامة وكأنها قيامة صغرى مأخوذة من القيامة الكبرى وأكثر البوادي قد ارتدوا عن الدين وذلت كُماتُة فقام الصديق رضي الله عنه بقلب ثابت وفؤاد شجاع فلم يجزع ولم ينكل قد جمع له بين الصبر واليقين فأخبرهم بموت النبي صلى الله عليه و سلم وأن الله اختار له ما عنده وقال لهم من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين سورة آل عمران 144 فكأن الناس لم يسمعوا هذه الآية حتى تلاها الصديق فلا تجد أحدا إلا وهو يتلوها ثم خطبهم فثبتهم وشجعهم
قال أنس خطبنا أبو بكر رضي الله عنه وكنا كالثعالب فما زال يشجعنا حتى صرنا كالأسود وأخذ في تجهيز أسامة مع إشارتهم عليه وأخذ في قتال المرتدين مع إشارتهم عليه بالتمهل والتربص وأخذ يقاتل حتى مانعي الزكاة فهو من الصحابة يُعلمهم إذا جهلوا ويقويهم إذا ضعفوا ويحثهم إذا فتروا فقوى الله به علمهم ودينهم وقوتهم حتى كان عمر مع كمال قوته وشجاعته يقول له يا خليفة رسول الله تألف الناس فيقول علام أتالفهم أعلى دين مفترى أم على شعر مفتعل وهذا باب واسع يطول وصفه
فالشجاعة المطلوبة من الإمام لم تكن في أحد بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم أكمل منها في أبي بكر ثم عمر
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص82-84، تحقيق محمد رشاد سالم
 
الوعد!
"وكان لأبي بكر مع الشجاعة الطبيعية شجاعة دينية وهي قوة يقينية بالله عز و جل وثقة بأن الله ينصره والمؤمنين وهذه الشجاعة لا تحصل بكل من كان قوي القلب لكن هذه تزيد بزيادة الإيمان واليقين وتنقص بنقص ذلك فمتى تيقن أنه يغلب عدوه كان إقدامه بخلاف إقدام من لم يكن كذلك وهذا كان من أعظم أسباب شجاعة المسلمين وإقدامهم على عدوهم فإنهم كانوا أيقنوا بخبر الله ورسوله أنهم منصورون وأن الله يفتح لهم البلاد
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص84،85، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"ومن شجاعة الصديق ما في الصحيحين عن عروة بن الزبير قال سألت عبد الله بن عمرو عن أشد ما صنع المشركون برسول الله قال رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبي وهو يصلي فوضع رداءه في عنقه فخنقه خنقا شديدا فجاء أبو بكر فدفعه عنه وقال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم سورة غافر 82
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص85، تحقيق محمد رشاد سالم
 
شجاعة الجهاد بالقلم واللسان، والحجة والبيان والدعوة
:"ومما ينبغي أن يعلم أن الشجاعة إنما فضيلتها في الدين لأجل الجهاد في سبيل الله وإلا فالشجاعة إذا لم يستعن بها صاحبها على الجهاد في سبيل الله كانت إما وبالا عليه إن استعان بها صاحبها على طاعة الشيطان وإما غير نافعة له إن استعملها فيما لا يقربه إلى الله تعالى
فشجاعة علي والزبير وخالد وأبي دجانة والبراء بن مالك وأبي طلحة وغيرهم من شجعان الصحابة إنما صارت من فضائلهم لاستعانتهم بها على الجهاد في سبيل الله فإنهم بذلك استحقوا ما حمد الله به المجاهدين
وإذا كان كذلك فمعلوم أن الجهاد منه ما يكون بالقتال باليد ومنه ما يكون بالحجة والبيان والدعوة
قال الله تعالى ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا سورة الفرقان 51 52 فأمره الله سبحانه وتعالى أن يجاهد الكفار بالقرآن جهادا كبيرا وهذه السورة مكية نزلت بمكة قبل أن يهاجر النبي وقبل أن يؤمر بالقتال ولم يؤذن له وإنما كان هذا الجهاد بالعلم والقلب والبيان والدعوة لا بالقتال وأما القتال فيحتاج إلى التدبير والرأي ويحتاج إلى شجاعة القلب وإلى القتال باليد وهو إلى الرأي والشجاعة في القلب في الرأس المطاع أحوج منه إلى قوة البدن وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما مقدمان في أنواع الجهاد غير قتال البدن
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص86، 87، تحقيق محمد رشاد سالم
 
شجاعة الجهاد (2) بالقلم واللسان، والحجة والبيان والدعوة
"الجهاد ينقسم أقساما ثلاثة أحدها الدعاء إلى الله تعالى باللسان والثاني الجهاد عند الحرب بالرأي والتدبير. الثالث: الجهاد باليد في الطعن والضرب فوجدنا الجهاد باللسان لا يلحق فيه أحد بعد النبي صلى الله عليه و سلم أبا بكر ولا عمر أما أبو بكر فإن أكابر الصحاب أسلموا على يديه فهذا أفضل عمل ...وأما عمر فإنه من يوم أسلم عز الإسلام وعبد الله علانية وهذا أعظم الجهاد وقد انفرد هذان الرجلان بهذين الجهادين اللذين لا نظير لهما "
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص87، تحقيق محمد رشاد سالم
 
الشورى في تاريخ الأوائل
"وبقي القسم الثاني وهو الرأي والمشورة فوجدناه خالصا لأبي بكر ثم لعمر"
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص87، تحقيق محمد رشاد سالم
 
هكذا تكلم بن تيمية عن رسول الله محمد
"بل كان أشجع أهل الأرض قاطبة نفسا ويدا وأتمهم نجدة ولكنه كان يؤثر الأفضل فالأفضل من الأعمال فيقدمه ويشتغل به ووجدناه يوم بدر وغيره كان أبو بكر معه لا يفارقه إيثارا من النبي صلى الله عليه و سلم له بذلك واستظهارا برأيه في الحرب وأنسا بمكانه "
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص88، تحقيق محمد رشاد سالم
 
يالجمال الوصف والموصوف
:"من المعلوم بالاضطرار والمتواتر من الأخبار أن المهاجرين هاجروا من مكة وغيرها إلى المدينة وهاجر طائفة منهم كعمر وعثمان وجعفر بن أبي طالب هجرتين هجرة إلى الحبشة وهجرة إلى المدينة وكان الإسلام إذ ذاك قليلا والكفار مستولون على عامة الأرض وكانوا يؤذون بمكة ويلقون من أقاربهم وغيرهم من المشركين من الأذى ما لا يعلمه إلا الله وهم صابرون على الأذى متجرعون لمرارة البلوى وفارقوا الأوطان وهجروا الخلان لمحبة الله ورسوله والجهاد فيسبيله كما وصفهم الله تعالى بقوله للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم و أموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون
وهذا كله فعلوه طوعا واختيارا من تلقاء أنفسهم لم يكرههم عليه مكره ولا الجاهم إليه أحد فانه لم يكن للإسلام إذ ذاك من القوة ما يكره به أحد على الإسلام وكان النبي صلى الله عليه و سلم إذ ذاك هو ومن اتبعه منهيين عن القتال مأمورين بالصفح والصبر فلم يسلم أحد إلا باختياره ولا هاجر أحد إلا باختياره
ولهذا قال احمد بن حنبل وغيره من العلماء انه لم يكن من المهاجرين من نافق و إنما كان النفاق في قبائل الأنصار لما ظهر الإسلام بالمدينة ودخل فيه من قبائل الأوس والخزرج ولما صار للمسلمين دار يمتنعون بها ويقاتلون دخل في الإسلام من أهل المدينة وممن حولهم من الأعراب من دخل خوفا وتقية وكانوا منافقين
كما قال تعالى وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين
ولهذا إنما ذكر النفاق في السور المدنية و إما السور المكية فلا ذكر فيها للمنافقين فان من اسلم قبل الهجرة بمكة لم يكن فيهم منافق و الذين هاجروا لم يكن فيهم منافق بل كانوا مؤمنين بالله و رسوله محبين لله و لرسوله و كان الله و رسوله احب إليهم من أولادهم و أهلهم و أموالهم و إذا كان كذلك علم أن رميهم أو رمي أكثرهم أو بعضهم بالنفاق كما يقوله من يقوله من الرافضة من اعظم البهتان الذي هو نعت الرافضة و إخوانهم من اليهود"
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7 ص475،476 تحقيق محمد رشاد سالم
قلت: وإخوانهم من العلمانيين الذين أصل بعضهم من الشيعة(محمد اركون هاشم صالح-دروش، إلخ) وبعضهم ممن تربى على الفكرة المادية وليس من أصل شيعي، فهو إما ماركسي(خليل ونصر وصادق العظم والعلوي وغيرهم) وإما ماسوني(العشماوي) وإما أصحاب المذاهب الأحدث والموضات الأهوج!

جزاك الله خيرا.
لم أعلم ان أصل محمد اركون شيعي، كيف علمتَ؟
 
جزاكم الله خيرا اخي امين الهلالي وملاحظتك في محلها
فهاشم صالح هو الشيعي الاصل وهو تلميذ اركون وهو يعتبر ايضا فيلسوف علماني معروف اما اركون فهو في الاصل من الجزائر من البربر
 
"والمسلمون كانت لهم هزيمتان يوم أحد ويوم حنين ولم ينقل أن أحدا من هؤلاء انهزم بل المذكور في السير والمغازي أن أبا بكر وعمر ثبتا مع النبي صلى الله عليه و سلم يوم أحد ويوم حنين ولم ينهزما مع من انهزم ومن نقل أنهما انهزما يوم حنين فكذبه معلوم وإنما الذي انهزم يوم أحد عثمان وقد عفا الله عنه وما نقل من انهزام أبي بكر وعمر بالراية يوم حنين فمن الأكاذيب المختلقة التي افتراها المفترون
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص91، تحقيق محمد رشاد سالم
 
نزول الملائكة والريح الشديدة في غزوة الخندق
"فإن المشركين بقوا محاصرين للمسلمين بعد ذلك هم واليهود حتى خبب بينهم نعيم بن مسعود وأرسل الله عليهم الريح الشديدة ريح الصبا والملائكة من السماء
كما قال تعالى يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا إذ جاءتكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر بالله الظنونا هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا وإذا يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا سورة الآحزاب 9 12 إلى قوله وكفى الله المؤمنين القتال سورة الأحزاب 25
وهذا يبين أن المؤمنين لم يقاتلوا فيها وأن المشركين ماردهم الله بقتال وهذا هو المعلوم المتواتر عند أهل العلم بالحديث والتفسير والمغازي والسير والتاريخ
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص108، تحقيق محمد رشاد سالم
 
غزوة حنين
:"والذي فيها أن النبي صلى الله عليه و سلم والمسلمين لما وافوا وادي حنين عند الفجر وكان القوم رماه فرموهم رمية واحدة فولوا وكان مع النبي صلى الله عليه و سلم عمه العباس وأبو سفيان بن الحارث وكان شاعرا يهجو النبي صلى الله عليه و سلم فأسلم فحسن إسلامه فثبت معه يومئذ
قال العباس لزمت أنا وأبو سفيان رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم نفارقه قال البراء بن عازب وأمر النبي صلى الله عليه و سلم العباس أن ينادى فيهم وكان العباس جهوري الصوت فنادى
يا أهل الشجرة يا أهل سورة البقرة يعني الشجرة التي بايعوا تحتها فذكرهم ببيعته لهم هناك على أن لا يفروا وعلى الموت فتنادوا يالبيك وعطفوا عليه عطفة البقر على أولادها فقاتلوا حتى انهزم المشركون وكان النبي صلى الله عليه و سلم قد أخذ كفا من حصباء فرمى بها القوم وقال
انهزموا ورب الكعبة وكان علي بغلته وهو يقول
... أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب ...
وهذا مارواه أهل الصحيحين
وفي الصحيحين عن البراء وسأله رجل قال أكنتم وليتم يوم حنين يا أبا عمارة فقال أشهد أن نبي الله صلى الله عليه و سلم ما ولى ولكنه انطلق أخفاء من الناس وحسر إلى هذا الحي من هوازن وهم
قوم رماة فرموهم برشق من نبل كأنها رجل من جراد فانكشفوا فأقبل القوم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو سفيان بن الحارث يقود بغلته فنزل ودعا واستنصر وهو يقول
... أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب ...
اللهم أنزل نصرك قال البراء وكنا إذا احمر البأس نتقي به وكان الشجاع منا الذي يحاذي به يعني النبي صلى الله عليه و سلم
وفي حديث سلمة بن الأكوع لما غشوا النبي صلى الله عليه و سلم نزل عن البغلة ثم قبض قبضة من تراب الأرض واستقبل بها وجوههم فقال شاهت الوجوه فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة فولوا مدبرين فهزمهم الله وقسم رسول الله صلى الله عليه و سلم غنائمهم بين المسلمين رواه مسلم
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص128-130، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"أما الإخبار ببعض الأمور الغائبة فمن هو دون علي يخبر بمثل ذلك فعلى أجل قدرا من ذلك وفي أتباع أبي بكر وعمر وعثمان من يخبر بأضعاف ذلك وليسوا ممن يصلح للإمامة ولا هم أفضل أهل زمانهم ومثل هذا موجود في زماننا وغير زماننا
وحذيفة بن اليمان وأبو هريرة وغيرهما من الصحابة كانوا يحدثون الناس بأضعاف ذلك وأبو هريرة يسنده إلى النبي صلى الله عليه و سلم وحذيفة تارة يسنده وتارة لا يسنده وإن كان في حكم المسند
وما أخبر به هو وغيره قد يكون مما سمعه من النبي صلى الله عليه و سلم وقد يكون مما كوشف هو به وعمر رضي الله عنه قد أخبر بأنواع من ذلك
والكتب المصنفة في كرامات الأولياء وأخبارهم مثل ما في كتاب الزهد للإمام أحمد وحلية الإولياء وصفوة الصفوة وكرامات الأولياء لأبي محمد الخلال وابن أبي الدنيا واللالكائي فيها من الكرامات عن بعض أتباع أبي بكر وعمر كالعلاء بن الحضرمي نائب أبي بكر، وأبي مسلم الخولاني بعض أتباعهما وأبي الصهباء وعامر ابن عبد قيس وغير هؤلاء ممن على أعظم منه وليس في ذلك ما يدل على أنه يكون هو الأفضل من أحد من الصحابة فضلا عن الخلفاء
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص135،136، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"وأبو هريرة أسلم عام خيبر فلم يصحب النبي صلى الله عليه و سلم إلا أقل من أربع سنين وذلك الجراب لم يكن فيه شئ من علم الدين علم الإيمان والأمر والنهي وإنما كان فيه الإخبار عن الأمور المستقبلة مثل الفتن التي جرت بين المسلمين فتنة الجمل وصفين وفتنة ابن الزبير ومقتل الحسين ونحو ذلك ولهذا لم يكن أبو هريرة ممن دخل في الفتن
ولهذا قال ابن عمر لو حدثكم أبو هريرة أنكم تقتلون خليفتكم وتفعلون كذا وكذا لقلتم كذب أبو هريرة
وأما الحديث الذي يروي عن حذيفة أنه صاحب السر الذي لا يعلمه غيره فرواه البخاري عن إبراهيم النخعي قال ذهب علقمة إلى الشام فلما دخل المسجد قال اللهم يسر لي جليسا صالحا فجلس إلى أبي الدرداء فقال أبو الدرداء ممن أنت قال من أهل الكوفة قال أليس منكم أو فيكم الذي أجاره الله على لسان نبيه يعني من الشيطان يعني عمارا قال قلت بلى قال أليس منكم أو فيكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره قال قلت بلى الحديث
وذلك السر كان معرفته بأعيان ناس من المنافقين كانوا في غزوة تبوك هموا بأن يحلوا حزام ناقة رسول الله صلى الله عليه و سلم بالليل ليسقط فأعلمه الله بهم وكان حذيفة قريبا فعرفه بهم وكان إذا مات الميت المجهول حاله لا يصلى عليه عمر حتى يصلى عليه حذيفة خشية أن يكون من المنافقين
ومعرفة بعض الصحابة والصالحين ببعض المستقبلات لا توجب أن يكون عالما بها كلها
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص138،139، تحقيق محمد رشاد سالم
 
عن علي رضي الله عنه وقتاله في الفتنة قال شيخ الإسلام
:"فإنه كان لو لم يقاتل أعز وانتصر وكان أكثر الناس معه وأكثر البلاد تحت ولايته فلما قاتلهم ضعف أمره حتى صار معهم كثير من البلاد التي كانت في طاعته مثل مصر واليمن وكان الحجاز دولا"
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص140، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"ومعلوم أن النبي صلى الله عليه و سلم ولى أبا سفيان أبا معاوية نجران وكان واليا عليها حتى مات النبي صلى الله عليه و سلم
وقد اتفق الناس على أن معاوية كان أحسن إسلاما من أبيه ولم يتهم أحد من الصحابة والتابعين معاوية بنفاق واختلفوا في أبيه
والصديق كان قد ولى أخاه يزيد بن أبي سفيان أحد الأمراء في فتح الشام لما ولى خالدا وأبا عبيدة ويزيد بن أبي سفيان لما فتحوا الشام بقي أمير إلى أن مات بالشام وكان من خيار الصحابة رجلا صالحا
أفضل من أخيه وأبيه ليس هذا هو يزيد بن معاوية الذي تولى بعد معاوية الخلافة فإن ذاك ولد في خلافة عثمان لم يكن من الصحابة ولكن سمى باسم عمه فطائفة من الجهال يظنون يزيد هذا من الصحابة وبعض غلاتهم يجعله من الأنبياء كما أن آخرين يجعلونه كافرا أو مرتدا وكل ذلك باطل بل هو خليفة من بني أمية
والحسين رضي الله عنه ولعن قاتله قتل مظلوما شهيدا في خلافته بسبب خلافة لكنه هو لم يأمر بقتله ولم يظهر الرضا به ولا انتصر ممن قتله
ورأس الحسين حمل إلى قدام عبيدة الله بن زياد وهو الذي ضربه بالقضيب على ثناياه وهو الذي ثبت في الصحيح وأما حمله إلى عند يزيد فباطل وإسناده منقطع
وعمه يزيد الرجل الصالح هو من الصحابة توفي في خلافة عمر
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص141،142، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"وعمر من أعلم الناس بأحوال الرجال وأحذقهم في السياسة وأبعد الناس عن الهوى لم يول في خلافته أحدا من أقاربه وإنما كان يختار للولاية من يراه أصلح لها فلم يول معاوية إلا وهو عنده ممن يصلح للإمارة
ثم لما توفي زاد عثمان في ولاية معاوية حتى جمع له الشام وكانت الشام في خلافة عمر أربعة أرباع فلسطين ودمشق وحمص والأردن ثم بعد ذلك فصلت قنسرين والعواصم من ربع حمص ثم بعد هذا عمرت حلب وخربت قنسرين وصارت العواصم دولا بين المسلمين وأهل الكتاب
وأقام معاوية نائبا عن عمر وعثمان عشرين سنة ثم تولى عشرين سنة ورعيته شاكرون لسيرته وإحسانه راضون به حتى أطاعوه في مثل قتال علي ومعلوم أنه خير من أبيه أبي سفيان وكانت ولايته أحق بالجواز من ولاية أبيه فلا يقال إنه لم تكن تحل ولايته ولو قدر أن غيره كان أحق بالولاية منه أو أنه ممن يحصل به معونة لغيره ممن فيه ظلم لكان الشر المدفوع بولايته أعظم من الشر الحاصل بولايته
وأين أخذ المال وارتفاع بعض الرجال من قتل الرجال الذين قتلوا بصفين ولم يكن في ذلك عز ولا ظفر
فدل هذا وغيره على أن الذين أشارو على أمير المؤمنين كانوا حازمين وعلي إمام مجتهد لم يفعل إلا ما رآه مصلحة " ويقضد شيخ ىالإسلام بالجملة الأخيرة ماعناه بقوله"بل قد أشار عليه من أشار أن يقر معاوية على إمارته في ابتداء الأمر حتى يستقيم له الأمر وكان هذا الرأي أحزم عند الذين ينصحونه ويحبونه "(ص140)
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص142،143، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"حرب صفين التي لم يحصل بها إلا زيادة الشر وتضاعفه لم يحصل بها من المصلحة شيء"
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص143، تحقيق محمد رشاد سالم
 
يوم السقيفة
"فإن أبا بكر رضي الله عنه لم يكن له بعد موت النبي صلى الله عليه و سلم مال يستعطف به الناس ولا كان له قبيلة عظيمة ينصرونه ولا موال ولا دعا الناس إلى بيعته لا برغبة ولا برهبة"
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص144، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"ومما يبين أن عليا لم يكن يعلم المستقبل أنه ندم على أشياء مما فعلها وكان يقول
... لقد عجزت عجزة لا أعتذر ... سوف أكيس بعدها وأستمر ... وأجمع الرأي الشتيت المنتشر ...
وكان يقول ليالي صفين يا حسن يا حسن، ما ظن أبوك أن الأمر يبلغ هذا!.. لله در مقام قامه سعد بن مالك وعبد الله بن عمر إن كان برأً إن أجره لعظيم وإن كان إثما إن خطره ليسير وهذا رواه المصنفون
وتواتر عنه أنه كان يتضجر ويتململ من اختلاف رعيته عليه وأنه ما كان يظن أن الأمر يبلغ ما بلغ
وكان الحس رأيه ترك القتال وقد جاء النص الصحيح بتصويب الحسن
وفي البخاري عن أبي بكر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن ابني هذا سيد وإن الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فمدح الحسن على الإصلاح بين الطائفتين
وسائر الأحاديث الصحيحة تدل على أن القعود عن القتال والإمساك عن الفتنة كان أحب إلى الله ورسوله وهذا قول أئمة السنة وأكثر ائمة الإسلام وهذا ظاهر في الاعتبار فإن محبة الله ورسوله للعمل بظهور ثمرته فما كان أنفع للمسلمين في دينهم ودنياهم كان أحب إلى الله ورسوله وقد دل الواقع على أن رأى الحسن كان أنفع للمسلمين لما ظهر من العاقبة في هذا وفي هذا
وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول للحسن وأسامة اللهم أني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما
وكلاهما كان يكره الدخول في القتال أما أسامة فإنه اعتزل القتال فطلبه علي ومعاوية فلم يقاتل مع واحد من هؤلاء كما اعتزل أكثر فضلاء الصحابة رضي الله عنهم مثل سعد بن أبي وقاص وابن عمر ومحمد بن مسلمة وزيد بن ثابت وأبي هريرة وعمران بن حصين وأبي بكرة وغيرهم
وكان ما فعله الحسن أفضل عند الله مما فعله الحسين فإنه وأخاه سيدا شباب أهل الجنة فقتل الحسين شهيدا مظلوما
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص145،146، تحقيق محمد رشاد سالم
 
عن قتل الحسين رضي الله عنه
"وصار الناس في قتله ثلاثة أحزاب
حزب يرون أنه قتل بحق ويحتجون بما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال
من جاءكم وأمركم على رجل واحد يريد أن يفرق بين جماعتكم فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان قالوا وهو جاء والناس على رجل واحد فأراد أن يفرق جماعتهم
وحزب يرون أن الذين قاتلوه كفارا بل يرون أن من لم يعتقد إمامته كافر والحزب الثالث وهم أهل السنة والجماعة يرون أنه قتل مظلوما شهيدا والحديث المذكور لا يتناوله بوجه فإنه رضي الله عنه لما بعث ابن عمه عقيلا إلى الكوفة فبلغه أنه قتل بعد أن بايعه طائفة فطلب الرجوع إلى بلده فخرج إليه السرية التي قتلته فطلب منهم أن يذهبوا به إلى يزيد أو يتركوه يرجع إلى مدينته أو يتركوه يذهب إلى الثغر للجهاد فامتنعوا من هذا وهذا وطلبوا أن يستأسر لهم ليأخذوه أسيرا
ومعلوم باتفاق المسلمين أن هذا لم يكن واجبا عليه وأنه كان يجب تمكينه مما طلب فقاتلوه ظالمين له ولم يكن حينئذ مريدا لتفريق الجماعة ولا طالبا للخلافة ولا قاتل على طلب خلافة بل قائل دفعا عن نفسه لمن صال عليه وطلب اسره
وظهر بطلان قول الحزب الأول
وأما الحزب الثاني فبطلان قوله يعرف من وجوه كثيرة من أظهرها أن عليا لم يكفر أحدا ممن قاتله حتى ولا الخوارج ولا سبى ذرية أحد منهم ولا غنم ما له ولا حكم في أحد ممن قاتله بحكم المرتدين كما حكم أبو بكر وسائر الصحابة في بني حنيفة وأمثالهم من المرتدين بل على كان يترضى عن طلحة والزبير وغيرهما ممن قاتله ويحكم فيهم وفي أصحاب معاوية ممن قاتله بحكم المسلمين
وقد ثبت بالنقل الصحيح أن مناديه نادى يوم الجمل لا يتبع مدبر ولا يجهز على جريح ولا يغنم مال وهذا مما أنكرته الخوارج عليه حتى ناظرهم ابن عباس رضي الله عنه في ذلك كما ذكر ذلك في موضعه
واستفاضت الآثار عنه أنه كان يقول عن قتلى عسكر معاوية إنهم جميعا مسلمون ليسوا كفارا ولا منافقين كما قد ذكر في غير هذا الموضع وكذلك عمار وغيره من الصحابة وكانت هذه الأحزاب الثلاثة بالعراق وكان بالعراق أيضا طائفة ناصبة من شيعة عثمان تبغض عليا والحسين وطائفة من شيعة علي تبغض عثمان وأقاربه
وقد ثبت في صحيح مسلم عن أسماء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال
سيكون في ثقيف كذاب ومبير فكان الكذاب الذي فيها هو المختار بن عبيد وكان الحجاج هو المبير وكان هذا يتشيع لعثمان ويبغض شيعة علي وكان الكذاب يتشيع لعلي حتى قاتل عبيد الله بن زياد وقتله ثم أدعى أن جبريل يأتيه فظهر كذبه
وانقسم الناس بسبب هذا يوم عاشوراء الذي قتل فيه الحسين إلى قسمين فالشيعة اتخذته يوم مأتم وحزن يفعل فيه من المنكرات ما لا يفعله إلا من هو من إجهل الناس وأضلهم وقوم اتخذوه بمنزلة العيد فصاروا يوسعون فيه النفقات والأطعمة واللباس ورووا فيه أحاديث موضوعة ...
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص146،149، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"قال الرافضي السادس أنه كان مستجاب الدعاء دعا علي بسر بن أرطاة بأن يسلبه الله عزو جل عقله فخولط فيه ودعا على العيزار بالعمى فعمي ودعا على أنس لما كتم شهادته بالبرص فأصابه وعلى زيد بن أرقم بالعمى فعمي والجواب أن هذا موجود في الصحابة أكثر منه وممن بعد الصحابة ما دام في الأرض مؤمن وكان سعد بن أبي وقاص لا تخطىء له دعوة وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال
اللهم سدد رميته واجب دعوته وفي صحيح مسلم أن عمر لما أرسل إلى الكوفة من يسأل عن سعد فكان الناس يثنون خيرا حتى سئل عنه رجل من بني عبس فقال أما إذا أنشدتمونا سعدا فكان لا يخرج في السرية ولا يعدل في الرعية ولا يقسم بالسوية فقال سعد اللهم إن كان كاذبا قام رياء وسمعه فأطل عمر وعظم فقره وعرضه للفتن فكان يرى وهو شيخ كبير تدلى حاجباه من الكبر يتعرض للجواري يغمزهن في الطرقات ويقول شيخ كبير مفتون أصابتني دعوة سعد وكذلك سعيد بن زيد كان مستجاب الدعوة فروى حماد بن زيد عن هشام بن عروة عن أبيه أن أروى بنت أوس استعدت مروان على سعيد وقالت سرق من أرضي ما أدخله في أرضه فقال سعيد اللهم إن كانت كاذبة فأذهب بصرها واقتلها في أرضها فذهب بصرها وماتت في أرضها
والبراءة بن مالك كان يقسم على الله فيبر قسمه كما في الصحيح إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره منهم البراء بن مالك
والعلاء بن الحضرمي نائب رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم نائب أبي بكر رضي الله عنه على البحرين مشهور بإجابة الدعاء روى ابن أبي الدنيا بإسناده قال سهم بن منجاب غزونا مع العلاء بن الحضرمي دارين فدعا بثلاث دعوات فاستجاب الله له فيهن كلهن قال سرنا معه ونزلنا منزلا وطلبنا الوضوء فلم نقدر عليه فقام فصلى ركعتين ثم دعا الله فقال الله يا عليم يا حكيم يا علي يا عظيم إنا عبيدك وفي سبيلك نقاتل عدوك فاسقنا غيثا نشرب منه ونتوضأ من الإحداث وإذا تركناه فلا تجعل فيه نصيبا لأحد غيرنا قال فما جاوزنا غير بعيد فإذا نحن ببئر من ماء السماء تتدفق قال فنزلنا فروينا وملأت إدواتي ثم تركتها وقلت لأنظرن هل استجيب له فسرنا ميلا أو نحوه فقلت لأصحابي إني نسيت إدواتي فجئت إلى ذلك المكان فكأنما لم يكن فيه ماء قط فأخذت إدواتي فلما أتيت دارين وبيننا وبينهم البحر فدعا لله فقال الله يا عليم يا حكيم يا علي يا عظيم إنا عبيدك وفي سبيلك نقاتل عدوك فاجعل لنا سبيلا إلى عدوك ثم اقتحم بنا البحر فوالله ما ابتلت سروجنا ثم خرجنا إليهم فلما رجعنا اشتكى البطن فمات فلم نجد ماء نغسله فلففناه في ثيابه فدفناه فلما سرنا غير بعيد إذا نحن بماء كثير فقال بعضهم لبعض ارجعوا نستخرجه فنغسله فرجعنا فخفى علينا قبره فلم نقدر عليه فقال رجل من القوم إني سمعته يدعو الله يقول اللهم يا عليم يا حكيم يا علي يا عظيم اخف حفرتي ولا تطلع على عورتي أحدا فرجعناه وتركناه
وقد كان عمر دعا بدعوات أجيب فيها من ذلك أنه لما نازعه بلال وطائفة معه في القسمة قسمة الأرض فقال اللهم اكفني بلالا وذويه فما حال الحول ومنهم عين تطرف وقال اللهم قد كبرت سني وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مفتون ولا مضيع فمات من عامه
ومثل هذا كثير جدا وقد صنف ابن أبي الدنيا في مجابي الدعوة كتابا مع أن هذه القصص المذكورة عن علي لم يذكر لها إسنادا فتتوقف على معرفة الصحة مع أن فيها ما هو كذب لا ريب فيه كدعائه عن أنس بالبرص ودعائه على زيد بن أرقم بالعمى "
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص153،157، تحقيق محمد رشاد سالم

 
"ولم يقاتل أحد من الإنس الجن بل كان الجن المؤمنون يقاتلون الجن الكفار ، وكان من أهل المعرفة أبو البقاء خالد بن يوسف النابلسي رحمه الله سأله بعض الشيعة عن قتال علي الجن فقال أنتم معشر الشيعة ليس لكم عقل أيما أفضل عندكم عمر أو علي فقالوا بل علي فقال إذا كان الجمهور يروون عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لعمر
ما رآك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك فإذا كان الشيطان يهرب من عمر فكيف يقاتل عليا
وأيضا فدفع الجن والشياطين وإهلاكهم موجود لكثير من أتباع أبي بكر وعمر وعثمان وفي ذلك قصص يطول وصفها
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص162، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"فضل علي وولايته لله وعلو منزلته عند الله معلوم ولله الحمد من طرق ثابتة أفادتنا العلم اليقيني"
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص165، تحقيق محمد رشاد سالم
 
معنى حديث طول النهار ليشوع في الحرب
:"في الصحيحين عن أبي هريرة قال غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة يضع امرأة يريد أن يبني بها ولما يبن ، ولا رجل قد بنى بيتا ولم يرفع سقفه ولا رجل اشترى غنما -أو خلفات- وهو ينتظر ولادها قال فغزوا فدنا من القرية حتى صلى العصر قريبا من ذلك فقال للشمس أنت مأمورة وأنا مأمور اللهم احبسها علي شيئا، فحسبت عليه حتى فتح الله عليه" الحديث...فيقال يوشع لم ترد له الشمس ولكن تأخر غروبها طُول له النهار وهذا قد لا يظهر للناس فإن طُول له النهار وقصره لا يدرك ونحن إنما علمنا وقوفها ليوشع بخبر صلى الله عليه و سلم
وأيضا لا مانع من طول ذلك لو شاء الله لفعل ذلك لكن يوشع كان محتاجا إلى ذلك لأن القتال كان محرما عليه بعد غروب الشمس لأجل ما حرم الله عليهم من العمل ليلة السبت ويوم السبت وأما أمة محمد فلا حاجة لهم إلى ذلك ولا منفعة لهم فيه فإن الذي فاتته العصر إن كان مفرطا لم يسقط ذنبه إلا بالتوبة ومع التوبة لا يحتاج إلى رد وإن لم يكن مفرطا كالنائم والناسي فلا ملام عليه في الصلاة بعد الغروب
وأيضا فبنفس غروب الشمس حرج الوقت المضروب للصلاة فالمصلي بعد ذلك لا يكون مصليا في الوقت الشرعي ولو عادت الشمس
وقول الله تعالى وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها سورة طه 130 يتناول الغروب المعروف فعلى العبد أن يصلي قبل هذا الغروب وإن طلعت ثم غربت والأحكام المتعلقة بغروب الشمس حصلت بذلك الغروب فالصائم يفطر ولو عادت بعد ذلك لم يبطل صومه مع أن هذه الصورة لا تقع لأحد ولا وقعت لأحد فتقديرها تقدير ما لا وجود له ولهذا لا يوجد الكلام على حكم مثل هذا في كلام العلماء المفرعين
وأيضا فالنبي صلى الله عليه و سلم فاتته العصر يوم الخندق فصلاها قضاء هو وكثير من أصحابه ولم يسأل الله رد الشمس
وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لأصحابه بعد ذلك لما أرسلهم إلى بني قريظة
لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريطة
فلما أدركتهم الصلاة في الطريق قال بعضهم لم يرد منا تفويت الصلاة فصلوا في الطريق فقالت طائفة لا نصلي إلا في بني قريظة فلم يعنف واحدة من الطائفتين
فهؤلاء الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه و سلم صلوا العصر بعد غروب الشمس
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص168-170، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"وانشقاق القمر كان بالليل وقت نوم الناس ومع هذا فقد رواه الصحابة من غير وجه وأخرجوه في الصحاح والسنن والمساند من غير وجه ونزل به القرآن "
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص171، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"أنه قال لعمار تقتلك الفئة الباغية فمثل هذا الحديث الصحيح عن أبي سعيد بين فيه أن عليا وأصحابه أولى بالحق من معاوية وأصحابه"
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص193، تحقيق محمد رشاد سالم
 
عن روايات الشيعة ان الشمس وقفت لعلي رضي الله عنه
قال:"فأبو حنيفة لا ينكر أن يكون لعمر وعلي وغيرهما كرامات بل أنكر هذا الحديث للدلائل الكثيرة على كذبه ومخالفته للشرع والعقل وأنه لم يروه أحد من العلماء المعروفين بالحديث من التابعين وتابعيهم وهم الذين يروون عن الصحابة بل لم يروه إلا كذاب أو مجهول لا يعلم عدله وضبطه فكيف يقبل هذا من مثل هؤلاء
وسائر علماء المسلمين يودون أن يكون مثل هذا صحيحا لما فيه من معجزات النبي صلى الله عليه و سلم وفضيلة علي على الذين يحبونه ويتولونه ولكنهم لا يستجيزون التصديق بالكذب فردوه ديانة
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص198، تحقيق محمد رشاد سالم
والنص كاملا
"حديث رد الشمس... أئمة أهل العلم لم يكونوا يصدقون بهذا الحديث فإنه لم يروه أمام من أئمة المسلمين وهذا أبو حنيفة أحد الأئمة المشاهير وهو لا يتهم على علي فإنه من أهل الكوفة دار الشيعة وقد لقي من الشيعة وسمع من فضائل علي ما شاء الله وهو يحبه ويتولاه ومع هذا أنكر هذا الحديث علي محمد بن النعمان وأبو حنيفة أعلم وأفقه من الطحاوي وأمثاله ولم يجبه ابن النعمان بجواب صحيح بل قال عن غير من رويت عنه حديث يا سارية الجبل
فيقال له هب أن ذلك كذب فأي شيء في كذبه مما يدل على صدق هذا فإن كان كذلك فأبو حنيفة لا ينكر أن يكون لعمر وعلي وغيرهما كرامات بل أنكر هذا الحديث للدلائل الكثيرة على كذبه ومخالفته للشرع والعقل وأنه لم يروه أحد من العلماء المعروفين بالحديث من التابعين وتابعيهم وهم الذين يروون عن الصحابة بل لم يروه إلا كذاب أو مجهول لا يعلم عدله وضبطه فكيف يقبل هذا من مثل هؤلاء
وسائر علماء المسلمين يودون أن يكون مثل هذا صحيحا لما فيه من معجزات النبي صلى الله عليه و سلم وفضيلة علي على الذين يحبونه ويتولونه ولكنهم لا يستجيزون التصديق بالكذب فردوه ديانة
 
"قال الرافضي الحادي عشر روى جماعة أهل السير أن عليا كان يخطب على منبر الكوفة فظهر ثعبان فرقى المنبر وخاف الناس وأرادوا قتله فمنعهم فخاطبه ثم نزل فسأل الناس عنه فقال إنه حاكم الجن التبست عليه قصة فأوضحتها له وكان أهل الكوفة يسمون الباب الذي دخل منه الثعبان باب الثعبان فأراد بنو أمية إطفاء هذه الفضيلة فنصبوا على ذلك الباب قتلى مدة حتى سمى باب القتلى
والجواب أنه لا ريب أن من دون علي بكثير تحتاج الجن إليه وتستفتيه وتسأله وهذا معلوم قديما وحديثا فإن كان هذا قد وقع فقدره أجل من ذلك وهذا من أدنى فضائل من هو دونه وإن لم يكن وقع لم ينقص فضله بذلك
وإنما يحتاج أن يثبت فضيلة علي بمثل هذه الأمور من يكون مجدبا منها فأما من باشر أهل الخير والدين الذين لهم أعظم من هذه الخوارق أو رأى في نفسه ما هو أعظم من هذه الخوارق لم يكن هذا مما يوجب أن يفضل بها علي
ونحن نعلن أن من هو دون علي بكثير من الصحابة خير منا بكثير فكيف يمكن مع هذا أن يجعل مثل هذا حجة على فضيلة علي على الواحد منا فضلا عن أبي بكر وعمر
ولكن الرافضة لجهلهم وظلمهم وبعدهم عن طريق أولياء الله سمعوا ليس لهم من كرامات الأولياء المتقين ما يعتد به فهم لإفلاسهم منها إذا سمعوا شيئا من خوارق العادات عظموه تعظيم المفلس للقليل من النقد والجائع للكسرة من الخبز
ولو ذكرنا ما باشرناه نحن من هذا الجنس مما هو أعظم من ذلك مما قد رآه الناس لذكرنا شيئا كثيرا
والرافضة لفرط جهلهم وبعدهم عن ولاية الله وتقواه ليس لهم نصيب كثير من كرامات الأولياء فإذا سمعوا مثل هذا عن علي ظنوا أن هذا لا يكون إلا لأفضل الخلق بل هذه الخوارق المذكورة وما هو أعظم منها يكون لخلق كثير من أمة محمد النبي صلى الله عليه و سلم المعروفين بأن أبا بكر وعمر وعثمان وعليا خير منهم الذين يتولون الجميع ويحبونهم ويقدمون من قدم الله ورسوله لاسيما الذين يعرفون قدر الصديق ويقدمونه فإنهم أخص هذه الأمة بولاية الله وتقواه
واللبيب يعرف ذلك بطرق إما أن يطالع الكتب المصنفة في أخبار الصالحين وكرامات الأولياء مثل كتاب ابن أبي الدنيا وكتاب الخلال واللالكائي وغيرهم ومثل ما يوجد من ذلك في أخبار الصالحين مثل الحلية لأبي نعيم وصفوة الصفوة وغير ذلك وأما أن يكون قد باشر من رأى ذلك وإما أن يخبره بذلك من هو عنده صادق
فما زال الناس في كل عصر يقع لهم من ذلك شيء كثير ويحكى ذلك بعضهم لبعض وهذا كثير في هذا كثير من المسلمين
وأما أن يكون بنفسه وقع له بعض ذلك
وهذه جيوش أبي بكر وعمر ورعيتها لهم من ذلك أعظم من ذلك مثل العلاء ابن الحضرمي وعبوره على الماء كما تقدم ذكره كما تقدم فإن هذا أعظم من نضوب الماء ومثل استقائه ومثل البقر الذي كلم سعد بن أبي وقاص في وقعة القادسية ومثل نداء عمر يا سارية الجبل وهو بالمدينة وسارية بنهاوند ومثل شرب خالد بن الوليد السم
ومثل إلقاء أبي مسلم الخولاني في النار فصارت عليه النار بردا وسلاما لما ألقاه فيها الأسود العنسى المنتبىء الكذاب وكان قد استولى على اليمن فلما امتنع أبو مسلم من الإيمان به ألقاه في النار فجعلها الله عليه بردا وسلاما فخرج منها يمسح جبينه وغير ذلك مما يطول وصفه
ومما ينبغي أن يعلم أن خوارق العادات تكون لأولياء الله بحسب حاجتهم فمن كان بين الكفار أو المنافقين أو الفاسقين احتاج إليها لتقوية اليقين فظهرت عليه كظهور النور في الظلمة
فلهذا يوجد بعضها لكثير من المفضولين أكثر مما يوجد للفاضلين لحاجتهم إلى ذلك وهذه الخوارق لا تراد لنفسها بل لأنها وسيلة إلى طاعة الله ورسوله فمن جعلها غاية له ويعبد لأجلها لعبت به الشياطين وأظهرت له خوارق من جنس خوارق السحرة والكهان فمن كان لا يتوصل إلى ذلك إلا بها كان أحوج إليها فتكثر في حقه أعظم مما تكثر في حق من استغنى عنها ولهذا كانت في التابعين أكثر منها في الصحابة
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص2-01-205، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"وكذلك الخوارق كثير من المتأخرين صارت عنده مقصودة لنفسها فيكثر العبادة والجوع والسهر والخلوة ليحصل له نوع من المكاشفات والتأثيرات كما يسعى الرجل ليحصل له من السلطان والمال وكثير من الناس إنما يعظم الشيوخ لأجل ذلك كما تعظم الملوك والأغنياء لأجل ملكهم وملكهم
وهذا الضرب قد يري أن هؤلاء أفضل من الصحابة ولهذا يكثر في هذا الضرب المنكوس الخروج عن الرسالة وعن أمر الله ورسوله ويقفون مع أذواقهم وإراداتهم لا عند طاعة الله رسوله ويبتلون بسلب الأحوال ثم الأعمال ثم أداء الفرائض ثم الإيمان
كما أن من أعطى ملكا ومالا فخرج فيه عن الشريعة وطاعة الله ورسوله واتبع فيه هواه وظلم الناس عوقب على ذلك إما بالعزل وإما بالخوف والعدو وإما بالحاجة والفقر وإما بغير ذلك
والمقصود لنفسه في الدنيا هو الاستقامة على ما يرضاه الله ويحبه باطنا وظاهرا فكلما كان الرجل أتبع لما يرضاه الله ورسوله وأتبع لطاعة الله ورسوله كان أفضل ومن حصل له المقصود من الإيمان واليقين والطاعة بلا خارق لم يحتج إلى خارق كما أن صديق الأمة أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وطلحة والزبير وأمثالهم من السابقين الأولين لما تبين لهم أن محمدا النبي صلى الله عليه و سلم رسول الله آمنوا به ولم يحتاجوا مع ذلك من الخوارق إلى ما احتاج إليه من لم يعرف كمعرفتهم
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص207-206، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"ومعرفة الحق له أسباب متعددة وقد نبهنا على ذلك في غير هذا الموضع في تقرير الرسالة وأعلام النبوة وبينا أن الطريق إلى معرفة صدق الرسول كثيرة جدا وأن طريق المعجزات طريق من الطرق
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص207، تحقيق محمد رشاد سالم
"وحقيقة الأمر أن طرق العلم متعددة وقد يغنى الله كثيرا من الناس عن تلك الطرق المعينة بل عن النظر بعلوم ضرورية تحصل لهم وإن كانت العبادة قد تعد النفس لتلك العلوم الضرورية حتى تحصل إلهاما وطائفة من الناس يحتاجون إلى النظر أو إلى تلك الطرق إما لعدم ما يحصل لغيرهم وإما لشبه عرضت لهم لا تزول إلا بالنظر (ص208)
 
"لكن المقصود أن تعرف مرتبة الخوارق وأنها عند أولياء الله الذين يريدون وجهه ويحبون ما أحبه الله ورسوله في مرتبة الوسائل التي يستعان بها كما يستعان بغير الخوارق فإن لم يحتاجوا إليها استغناء بالمعتادات لم يتلفتوا إليها وأما عند كثير ممن يتبع هواه ويحب الرياسة عند الجهال ونحو ذلك فهي عندهم أعلى المقاصد
كما أن كثيرا من طلبة العلم ليس مقصودهم به إلا تحصيل رياسة أو مال ولكل امرىء ما نوى وأما أهل العلم والدين الذين هم أهله فهو مقصود عندهم لمنفعته لهم وحاجتهم إليه في الدنيا والآخرة كما قال معاذ بن جبل في صفة العلم إن طلبة لله عبادة ومذكراته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة به يعرف الله ويعبدونه ويمجد الله ويوحد
ولهذا تجد أهل الانتفاع به يزكون به نفوسهم ويقصدون فيه اتباع الحق لا اتباع الهوى ويسلكون فيه سبيل العدل والإنصاف ويحبونه ويلتذون به ويحبون كثرته وكثرة أهله وتنبعث هممهم على العمل به وبموجبه ومقتضاه بخلاف ما لم يذق حلاوته وليس مقصوده إلا مالا أو رياسة فإن ذلك لو حصل له بطريق آخر سلكه وربما رجحه إذا كان أسهل عليه
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص209،210، تحقيق محمد رشاد سالم
 
الخوارق واهل الكتاب بل والملاحدة-مهم
"فإن هذا الجنس قد يحصل لبعض الكفار وأهل الكتاب وغيرهم وقد يحصل لبعض الملحدين المنتسبين إلى المسلمين مثل من لا يرى الصلوات واجبة بل ولا يقر بأن محمدا رسول الله بل يبغضه ويبغض القرآن ونحو ذلك من الأمور التي توجب كفره ومع هذا تغويه الشياطين ببعض الخوارق كما تغوي المشركين كما كانت تقترن بالكهان والأوثان وهي اليوم كذلك في المشركين من أهل الهند والترك والحبشة وفي كثير من المشهورين في البلاد التي فيها الإسلام ممن هو كافر أو فاسق أو جاهل مبتدع كما قد بسط في موضع آخر
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص211، تحقيق محمد رشاد سالم
والنص كاملا
ولهذا من لم يسلك في عبادته الطريق الشرعية التي أمر الله بها ورسوله وتعلقت همته بالخوارق فإنه قد يقترن به من الجن والشياطين من يحصل له به نوع من الخبر عن بعض الكائنات أو يطير به في الهواء أو يمشي به على الماء فيظن ذلك من كرامات الأولياء وأنه ولي لله ويكون سبب شركه أو كفره أو بدعته أو فسقه
فإن هذا الجنس قد يحصل لبعض الكفار وأهل الكتاب وغيرهم وقد يحصل لبعض الملحدين المنتسبين إلى المسلمين مثل من لا يرى الصلوات واجبة بل ولا يقر بأن محمدا رسول الله بل يبغضه ويبغض القرآن ونحو ذلك من الأمور التي توجب كفره ومع هذا تغويه الشياطين ببعض الخوارق كما تغوي المشركين كما كانت تقترن بالكهان والأوثان وهي اليوم كذلك في المشركين من أهل الهند والترك والحبشة وفي كثير من المشهورين في البلاد التي فيها الإسلام ممن هو كافر أو فاسق أو جاهل مبتدع كما قد بسط في موضع آخر
 
النص التالي ينفع في الرد على فرية سيد القمني عن الحزب الهاشمي ويقصد به أن دعوة الرسول كانت لحزب وقد رد عليه فهمي هويدي وإن أعجب العجب أن يضع القمني مقالة هويدي في مقدمة كتابه (الحزب الهاشمي) ولايستحي!!، وكذلك هو نص للرد على فرية الإمبراطورية القرشية التي افتراها خليل عبد الكريم وجند لها كتابا كاملا وهو(قريش من القبيلة إلى الدولة المركزية) وهو رد على بعض المستشرقين، وبعض المنصرين، أو طوائف منهم، وهو رد على سيد القمني في موضوع أنبياء بني اسرائيل وان النبي نصر الصهيونية ، وقد ذكرت نصوصه كاملة في اقطاب ج2، وهكذا)
قال بن تيمية
:"ولهذا لم يثن الله على أحد في القرآن بنسبه أصلا لا على ولد نبي ولا على أبي نبي وإنما أثنى على الناس بإيمانهم وأعمالهم وإذا ذكر صنفا وأثنى عليهم فلما فيهم من الإيمان والعمل لا لمجرد النسب
ولما ذكر الأنبياء ذكرهم في الأنعام وهم ثمانية عشر قال ومن آبائهم وذرياتهم وإخواتهم وأجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم سورة الأنعام 87 فبهذا حصلت الفضيلة باجتبائه سبحانه وتعالى وهدايته إياهم إلى صراط مستقيم لا بنفس القرابة
وقد يوجب النسب حقوقا ويوجب لأجله حقوقا ويعلق فيه أحكاما من الإيجاب والتحريم والإباحة لكن الثواب والعقاب والوعد والوعيد على الأعمال لا على الأنساب
ولما قال تعالى إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين سورة آل عمران 33 وقال أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما سورة النساء 54 كان هذا مدحا لهذا المعدن الشريف لما فيهم من الإيمان والعمل الصالح
ومن لم يتصف بذلك منهم لم يدخل في المدح كما في قوله تعالى ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون سورة الحديد 26 وقال تعالى وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين سورة الصافات 113 وفي القرآن الثناء والمدح للصحابة بإيمانهم وأعمالهم في غير آية كقوله والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه سورة التوبة 100
وقوله لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى سورة الحديد 10
وقوله لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا سورة الفتح 18 وقوله هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم سورة الفتح 4
وقوله للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويوثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة سورة الحشر 8 9 وقوله محمد رسول الله والذين معه سورة الفتح 29 الآية
وهكذا في القرآن الثناء على المؤمنين من الأمة أولها وآخرها على المتقين والمحسنين والمقسطين والصالحين وأمثال هذه الأنواع
وأما النسب ففي القرآن إثبات حق لذوي القربى كما ذكروا هم في آية الخمس والفيء وفي القرآن أمر لهم بما يذهب عنهم الرجس ويطهرهم تطهيرا وفي القرآن الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم وقد فسر ذلك بأن يصلى عليه وعلى آله وفي القرآن الأمر بمحبة الله ومحبه رسوله ومحبة أهله من تمام محبته وفي القرآن أن أزواجه أمهات المؤمنين
وليس في القرآن مدح أحد لمجرد كونه من ذوي القربى وأهل البيت ولا الثناء عليهم بذلك ولا ذكر استحقاقه الفضيلة عند الله بذلك ولا تفضيله على من يساويه في التقوى بذلك
وإن كان قد ذكر ما ذكره من اصطفاء آل إبراهيم واصطفاء بني إسرائيل فذاك أمر ماض فأخبرنا بي في جعله عبرة لنا فبين مع ذلك أن الجزاء والمدح بالأعمال
ولهذا ذكر ما ذكره من اصطفاء بني إسرائيل وذكر ما ذكره من كفر من كفر منهم وذنوبهم وعقوبتهم فذكر فيهم النوعين الثواب والعقاب
وهذا من تمام تحقيق أن النسب الشريف قد يقترن به المدح تارة إن كان صاحبه من أهل الإيمان والتقوى وإلا فإن ذم صاحبه أكثر كما كان الذم لمن ذم من بني إسرائيل وذرية إبراهيم وكذلك المصاهرة
قال تعالى ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهم من الله شيئا وقيل أدخلا النار مع الداخلين وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذا قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين سورة التحريم 10 11
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص218،-220، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"وفي القرآن الثناء والمدح للصحابة بإيمانهم وأعمالهم في غير آية كقوله والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه سورة التوبة 100
وقوله لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى سورة الحديد 10
وقوله لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا سورة الفتح 18 وقوله هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم سورة الفتح 4
وقوله للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويوثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة سورة الحشر 8 9 وقوله محمد رسول الله والذين معه سورة الفتح 29 الآية
وهكذا في القرآن الثناء على المؤمنين من الأمة أولها وآخرها على المتقين والمحسنين والمقسطين والصالحين وأمثال هذه الأنواع
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص219،-218، تحقيق محمد رشاد سالم
 
النسب-والهاشمية والقرشية ...
"وقال "إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء الناس رجلان مؤمن تقى وفاجر شقى"
ولذلك إذا كان الرجل من أفناء العرب والعجم وآخر من قريش فهما عند الله بحسب تقواهما إن تماثلا فيها تماثلا في الدرجة عند الله وإن تفاضلا فيها تفاضلا في الدرجة وكذلك إذا كان رجل من بني هاشم ورجل من الناس أو العرب أو العجم فاضلهما عند الله أتقاهما فإن تماثلا في التقوى تماثلا في الدرجة ولا يفضل أحدهما عند الله لا بأبيه ولا ابنه ولا بزوجته ولا بعمه ولا بأخيه كما أن الرجلين إن كانا عالمين بالطب أو الحساب أو الفقه أو النحو أو غير ذلك فأكملهما بالعلم بذلك أعلمهما به فإن تساويا في ذلك تساويا في العلم ولا يكون أحدهما أعلم بكون أبيه أو ابنه أعلم من الآخر وهكذا في الشجاعة والكرم والزهد والدين
إذا تبين ذلك فالفضائل الخارجية لا عبرة بها عند الله تعالى إلا أن تكون سببا في زيارة الفضائل الداخلية وحينئذ فتكون الفضيلة بالفضائل الداخلية وأما الفضائل البدنية فلا اعتبار بها إن لم تكن صادرة عن الفضيلة النفسانية
وإلا فمن صلى وصام وقاتل وتصدق بغير نية خالصة لم يفضل بذلك فالاعتبار بالقلب
كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال
ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ألا وهي القلب
وحينئذ فمن كام أكمل في الفضائل النفسانية فهو أفضل مطلقا
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص223،-221، تحقيق محمد رشاد سالم
 
نص تاريخي في الشوري والانتخابات الصحابية!
:"وقد اجتمع بالمدينة أهل الحل والعقد حتى أمراء الأنصار، وبعد ذلك اتفقوا على مبايعة عثمان بغير رغبة ولا رهبة
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص226، تحقيق محمد رشاد سالم
وقال لأنهم أعلم بعثمان وعلي منا وأعلم بما قاله الرسول فيهما منا وأعلم بما دل عليه القرآن في ذلك منا ولأنهم خير القرون نفس الصفحة
 
لم يفضلهم بمقاييس الجاهلية، وعلى هذا فحديث الأئمة من قريش ليس مقصود به قريش الجاهلية وانما قريش التي تخشاها العرب وهي مسلمة ايضا!قريش التي صار اعظم رجالاتها اعظم قادة في التاريخ الاسلامي، خلقا وشجاعة، وحبا للدين ودفاعا عنه
"وللنبي صلى الله عليه و سلم من بني العم عدد كثير كجعفر وعقيل وعبد الله وعبيد الله والفضل وغيرهم من بني العباس وكربيعة وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وليس هؤلاء أفضل من أهل بدر ولا من أهل بيعة الرضوان ولا من السابقين الأولين إلا من تقدم بسابقته كحمزة وجعفر فإن هذين رضي الله عنهما من السابقين الأولين وكذلك عبيدة بن الحارث الذي استشهد يوم بدر
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص244،245، تحقيق محمد رشاد سالم
 
والزيدية... وهم أعقل الشيعة وأعلمهم وخيارهم
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص247، تحقيق محمد رشاد سالم
 
الرافضة يقولون إن الصحابة ارتدوا عن الإسلام بجحد النص إلا عددا قليلا نحو العشرة أو أقل أو أكثر مثل عمار وسلمان وأبي ذر والمقداد
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص249، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"وممن ادعى أنه المهدي ابن التومرت الذي خرج أيضا بالمغرب وسمى أصحابه الموحدين وكان يقال له في خطبهم الإمام المعصوم والمهدي المعصوم الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما وهذا ادعى أنه من ولد الحسن دون الحسين فإنه لم يكن رافضيا وكان له من الخبرة بالحديث ما ادعى به دعوى تطابق الحديث
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص259،259 تحقيق محمد رشاد سالم
يقصد تطابق حديث المهدي عليه
وتكملة النص مهم
:وقد علم بالاضطرار أنه ليس هو الذي ذكره النبي صلى الله عليه و سلم
ومثل عدة آخرين ادعوا ذلك منهم من قتل ومنهم من ادعى ذلك فيه أصحابه وهؤلاء كثيرون لا يحصى عددهم إلا الله وربما حصل بأحدهم نفع لقوم وإن حصل به ضرر لآخرين كما حصل بمهدي المغرب انتفع به طوائف وتضرر به طوائف وكان فيه ما يحمد وإن كان فيه ما يذم
وبكل حال فهو وأمثاله خير من مهدي الرافضة الذي ليس له عين ولا أثر ولا يعرف له حس ولا خبر لم ينتفع به أحد لا في الدنيا ولا في الدين بل حصل باعتقاد وجوده من الشر والفساد مالا يحصيه إلا رب العباد
وأعرف في زماننا غير واحد من المشايخ الذين فيهم زهد وعبادة يظن كل منهم أنه المهدي وربما يخاطب أحدهم بذلك مرات متعددة ويكون المخاطب له بذلك الشيطان وهو يظن أنه خطاب من قبل الله
ويكون أحدهم اسمه أحمد بن إبراهيم فيقال له محمد وأحمد سواء
وإبراهيم الخليل هو جد رسول الله النبي صلى الله عليه و سلم وأبوك إبراهيم فقد واطأ اسمك اسمه واسم ابيك اسم أبيه
ومع هذا فهؤلاء مع ما وقع لهم من الجهل والغلط كانوا خيرا من منتظر الرافضة ويحصل بهم من النفع مالا يحصل بمنتظر الرافضة ولم يحصل بهم من الضرر ما حصل بمنتظر الرافضة بل ما حصل بمنتظر الرافضة من الضرر أكثر منه
 
فمن علق به دينه بالمجهولات التي لا يعلم ثبوتها كان ضالا في دينه لأن ما علق به دينه لم يعلم صحته ولم يحصل له به منفعة فهل يفعل مثل هذا إلا جاهل
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص262 تحقيق محمد رشاد سالم
 
ابو بكر الصديق(1) وقوله إن أخطأت فقوموني
من أعظم ما يمدح به
"قال الرافضي الأول قول أبي بكر إن لي شيطانا يعتريني فإن استقمت فأعينوني وإن زغت فقوموني ومن شأن الإمام تكميل الرعية فكيف يطلب منهم الكمال
والجواب من وجوه أحدها أن المأثور عنه أنه قال وإن لي شيطانا يعتريني يعني عند الغضب فإذا اعتراني فاجتنبوني لا أؤثر في أبشاركم وقال أطيعوني ما أطعت الله فإن عصيت الله فلا طاعة لي عليكم وهذا الذي قاله أبو بكر رضي الله عنه من أعظم ما يمدح به كما سنبينه إن شاء الله تعالى
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص266 تحقيق محمد رشاد سالم
وتفسير شيطانا يعتيرني، يقول بن تيمية:"الثاني أن الشيطان الذي يعتريه قد فسر بأنه يعرض لابن آدم عند الغضب فخاف عند الغضب أن يعتدى على أحد من الرعية فأمرهم بمجانبته عند الغضب
كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال
لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان فنهى عن الحكم عند الغضب وهذا هو الذي أراده أبو بكر أراد أن لا يحكم وقت الغضب وأمرهم أن لا يطلبوا منه حكما أو يحملوه على حكم في هذا الحال وهذا من طاعته لله ورسوله
الثالث أن يقال الغضب يعتري بني آدم كلهم حتى قال سيد ولد آدم اللهم إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر وإني اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه أيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفارة وقربة تقربه إليك يوم القيامة أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة ...وأيضا فموسى رسول كريم وقد أخبر الله عن غضبه بما ذكره في كتابه
فإذا كان مثل هذا لا يقدح في الرسالة فكيف يقدح في الإمامة مع أن النبي صلى الله عليه و سلم شبه أبا بكر بإبراهيم وعيسى في لينه وحلمه وشبه عمر بنوح وموسى في شدته في الله فإذا كانت هذه الشدة لا تنافي الإمامة فكيف تنافيها شدة أبي بكر
الرابع أن يقال أبو بكر رضي الله عنه قصد بذلك الاحتراز أن يؤذى أحدا منهم فأنما أكمل هذا أو غيره ممن غضب علي من عصاه وقاتلهم وقاتلوه بالسيف وسفك دماءهم
فإن قيل كانوا يستحقون القتال بمعصية الإمام وإغضابه
قيل ومن عصى أبا بكر وأغضبه كان أحق بذلك لكن أبو بكر ترك ما يستحقه إن كان علي يستحق ذلك وإلا فيمتنع أن يقال من عصى عليا وأغضبه جاز أنه يقاتله ومن عصى أبا بكر لم يجز له تأديبه ...عليا وأغضبه جاز أنه يقاتله ومن عصى أبا بكر لم يجز له تأديبه فدل على أن ما فعله أبو بكر أكمل من الذي فعله علي
وفي المسند وغيره عن أبي برزة أن رجلا أغضب أبا بكر قال فقلت له أتأذن لي أن أضرب عنقه يا خليفة رسول الله rال فأذهبت كلمتي غضبه ثم قال ما كانت لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم يستحل أن يقتل مسلما بمجرد مخالفة أمره
والعلماء في حديث أبي برزة على قولين منهم من يقول مراده أنه لم يكن لأحد أن يقتل أحدا سبه إلا الرسول صلى الله عليه و سلم ومنهم من يقول ما كان لأحد أن يحكم بعلمه في الدماء إلا الرسول
وقد تخلف عن بيعته سعد بن عبادة فما آذاه بكلمة فضلا عن فعل وقد قيل إن عليا وغيره امتنعوا عن بيعته ستة أشهر فما أزعجهم ولا ألزمهم بيعته فهل هذا كله إلا من كمال ورعه عن أذى الأمة وكمال عدله وتقواه
وهكذا قوله فإن اعتراني فاجتنبوني
الخامس أن في الصحيح عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
ما منكم من أحد إلا وكل به قرينه من الجن قالوا وإياك يا رسول الله قال وإياي ولكن ربي أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير
وفي الصحيح عن عائشة قالت يا رسول الله أو معي شيطان قال نعم قالت ومع كل إنسان قال نعم ومعك يا رسول الله قال
نعم ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم والمراد في أصح القولين استسلم وانقاد لي ومن قال حتى أسلم أنا فقد حرف معناه ومن قال الشيطان صار مؤمنا فقد حرف لفظه
وقد قال موسى لما قتل القبطي هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين سورة القصص 15 وقال فتى موسى وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره سورة الكهف 63 وذكر الله في قصة آدم وحواء فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه سورة البقرة 36 وقوله فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وورى عنهما من سوءآتهما سورة الأعراف 20
فإذا كان عرض الشيطان لا يقدح في نبوة الأنبياء عليهم السلام فكيف يقدح في إمامة الخلفاء
وإن ادعى مدح أن هذه النصوص مؤولة
قيل له فيجوز لغيرك أن يتأول قول الصديق لما ثبت بالدلائل الكثيرة من إيمانه وعلمه وتقواه وورعه فإذا ورد لفظ مجمل يعارض ما علم وجب تأويله (ج8 ص267-272)
 
ابو بكر الصديق(2) وقوله إن أخطأت فقوموني
"وأما قوله فإن استقمت فأعينوني وإن زغت فقوموني فهذا من كمال عدله وتقواه وواجب على كل إمام أن يقتدي به في ذلك وواجب على الرعية أن تعامل الأئمة بذلك فإن استقام الإمام أعانوه على طاعة الله تعالى وإن زاغ وأخطأ بينوا له الصواب ودلوه عليه وإن تعمد ظلما منعوه منه بحسب الإمكان فإذا كان منقادا للحق كأبي بكر فلا عذر لهم في ترك ذلك وإن كان لا يمكن دفع الظلم إلا بما هو أعظم فسادا منه لم يدفعوا الشر القليل بالشر الكثير
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص272 تحقيق محمد رشاد سالم
 
"بل الإمام والرعية يتعاونون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان بمنزلة أمير الجيش والقافلة والصلاة والحج والدين قد عرف بالرسول فلم يبق عند الإمام دين ينفرد به ولكن لا بد من الاجتهاد في الجزئيات فإن كان الحق فيها بينا أمر به، وإن كان متبينا للإمام دونهم بينه لهم ، وكان عليهم أن يطيعوه وإن كان مشتبها عليهم اشتوروا فيه حتى يتبين لهم ، وإن تبين لأحد من الرعية دون الإمام بينه له وإن اختلف الاجتهاد فالإمام هو المتبع في اجتهاده إذ لا بد من الترجيح والعكس ممتنع... فكل إمام هو نائب رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي لا ريب في عصمته ونوابه أحق بالاتباع من نواب غيره والمراد بكونهم نوابه أن عليهم أن يقوموا بما قام به ليس المراد استخلافهم فإن طاعة الرسول واجبة على كل متول سواء ولاه الرسول أو غيره وطاعته بعد موته كطاعته في حياته ولو ولى هو رجلا لوجب عليه وعلى غيره ما يجب على غيره من الولاة"
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص273،274، تحقيق محمد رشاد سالم
 
أن كلا من المخلوقين قد استكمل بالآخر كالمتناظرين في العلم والمتشاورين في الرأي والمتعاونين المتشاركين في مصلحة دينهما ودنياهما
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص274، تحقيق محمد رشاد سالم
 
عودة
أعلى