جواهر تاريخية وعلمية وأخلاقية في نقض كلام شيعة وعلمانية من منهاج بن تيمية-أ طارق منينة

"وكان يصدر من بعض نوابه أمور منكرة فينكرها عليهم ويعزل من يعزل منهم كما استعمل خالد بن الوليد على قتال بني جذيمة فقتلهم فودَاهم النبي صلى الله عليه و سلم بنصف دياتهم و أرسل علي بن آبي طالب فضمن لهم حتى ميلغة الكلب ورفع النبي صلى الله عليه و سلم يديه إلى السماء وقال اللهم إني أبرا إليك مما صنع خالد
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص349- 347،تحقيق محمد رشاد سالم
 
لماذا تعددت صور اختيار الحاكم في الإسلام، وأنها مازالت مفتوحة على آليات جديدة
"فالنبي صلى الله عليه و سلم علم إن الأمة يولون أبا بكر فاستغنى بذلك عن توليته مع دلالته لهم على أنه أحق الأمة بالتولية وأبو بكر لم يكن يعلم إن الأمة يولون عمر إذا لم يستخلفه أبو بكر فكان ما فعله النبي صلى الله عليه و سلم هو اللائق به لفضل علمه وما فعله صديق الأمة هو اللائق به إذ لم يعلم ما علمه النبي صلى الله عليه و سلم
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص350 ،تحقيق محمد رشاد سالم
 
هل يقال خليفة الله؟
"والخليفة لا يكون خليفة إلا مع مغيب المستخلف أو موته فالنبي صلى الله عليه و سلم إذا كان بالمدينة امتنع أن يكون له خليفة فيها كما أن سائر من استخلفه النبي صلى الله عليه و سلم لما رجع انقضت خلافته وكذلك سائر ولاة الأمور إذا استخلف أحدهم على مصره في مغيبه بطل استخلافه ذلك إذا حضر المستخلف
ولهذا لا يصلح إن يقال إن الله يستخلف أحدا عنه فانه حي قيوم شهيد مدبر لعباده منزه عن الموت والنوم والغيبة
ولهذا لما قالوا لأبى بكر يا خليفة الله قال لست خليفة الله بل خليفة رسول الله وحسبي ذلك
والله تعالى يوصف بأنه يخلف العبد كما قال صلى الله عليه و سلم اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل وقال في حديث الدجال والله خليفتي على كل مسلم وكل من وصفه الله بالخلافة في القرآن فهو خليفة عن مخلوق كان قبله
كقوله ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم
و كذلك قوله إني جاعل في الأرض خليفة أي عن خلق كان في الأرض قبل ذلك كما ذكر المفسرون و غيرهم
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص352،353 ،تحقيق محمد رشاد سالم
 
"و كان عبيد الله بن موسى في نفسه صدوقا روى عنه البخاري لكنه معروف بالتشيع فكان لتشيعه يروي عن غير الثقات ما يوافق هواه كما روى عن مطر بن ميمون هذا و هو كذب و قد يكون علم انه كذب ذلك و قد يكون لهواه لم يبحث عن كذبه و لو بحث عنه لتبين له انه كذب هذا
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص356 ،تحقيق محمد رشاد سالم
 
"في الصحيح إن النبي صلى الله عليه و سلم مات و درعه مرهونة عند يهودي على ثلاثين و سقا من شعير ابتاعها لأهله فهذا الدين الذي كان عليه يقضي من الرهن الذي رهنه و لم يعرف عن النبي صلى الله عليه و سلم دين آخر
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص358 ،تحقيق محمد رشاد سالم
 
"وأما المباهلة فكانت لما قدم وفد نجران سنة تسع أو عشر من الهجرة ...و المباهلة كانت لما قدم وفد نجران النصارى و أنزل الله سورة آل عمران و كان ذلك في آخر الأمر سنة عشر أو سنة تسع لم يتقدم على ذلك باتفاق الناس و النبي صلى الله عليه و سلم لم يباهل النصارى لكن دعاهم إلى المباهلة فاستنظروه حتى يشتوروا فلما اشتوروا قالوا هو نبي و ما باهل قوم نبيا إلا استؤصلوا فأقروا له بالجزية و لم يباهلوا و هم أول من اقر بالجزية من أهل الكتاب
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص362 ،تحقيق محمد رشاد سالم
 
"فآخى النبي صلى الله عليه و سلم بين المهاجرين و الأنصار كما آخى بين سعد بن الربيع و عبد الرحمن بن عوف و بين سلمان الفارسي وأبي الدرداء ليقعد الصلة بين المهاجرين و الأنصار حتى انزل الله تعالى و أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص364 ،تحقيق محمد رشاد سالم
 
من كرامات النبوة
"الذي في الصحيح إن عليا كان غائبا عن خيبر لم يكن حاضرا فيها تخلف عن الغزاة لأنه كان ارمد ثم انه شق عليه التخلف عن النبي صلى الله عليه و سلم فلحقه فقال النبي صلى الله عليه و سلم قبل قدومه
لأعطين الراية رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله يفتح الله علي يديه ...و لهذا قال عمر فما أحببت الإمارة إلا يومئذ و بات الناس كلهم يرجون إن يعطاها فلما اصبح دعا عليا فقيل له انه ارمد فجاءه فتفل في عينيه حتى برأ فأعطاه الراية
و كان هذا التخصيص جزاء مجيء علي مع الرمد و كان أخبار النبي صلى الله عليه و سلم بذلك و علي ليس بحاضر لا يرجونه من كراماته صلى الله عليه و سلم
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص365 ، 366، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"بل كثير من الشيعة الزيدية و متأخري المعتزلة و غيرهم يعتقدون أفضليته وأن الإمام هو أبو بكر و تجوز عندهم ولاية المفضول
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص368، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"و سئل الحاكم عن حديث الطير فقال لا يصح هذا مع إن الحاكم منسوب إلى التشيع و فد طلب منه إن يروي حديثا في فضل معاوية فقال ما يجيء من قلبي ما يجيء من قلبي و قد ضربوه على ذلك فلم يفعل و هو يروي في الأربعين أحاديث ضعيفة بل موضوعة عند أئمة الحديث كقوله بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين لكن تشيعه و تشيع أمثاله من أهل العلم بالحديث كالنسائي و ابن عبد البر و أمثالهما لا يبلغ إلى تفضيله على أبي بكر و عمر فلا يعرف في علماء الحديث من يفضله عليهما بل غاية المتشيع
منهم أن يفضله على عثمان أو يحصل منه كلام أو إعراض عن ذكر محاسن من قاتله و نحو ذلك لأن علماء الحديث قد عصمهم و قيدهم ما يعرفون من الأحاديث الصحيحة الدالة على أفضلية الشيخين و من ترفض ممن له نوع اشتغال بالحديث كابن عقدة و أمثاله فهذا غايته أن يجمع ما يروى في فضائله من المكذوبات و الموضوعات لا يقدر إن يدفع ما تواتر من فضائل الشيخين فإنها باتفاق أهل العلم بالحديث اكثر مما صح في فضائل علي و اصح و أصرح في الدلالة
وأحمد بن حنبل لم يقل انه صح لعلي من الفضائل ما لم يصح لغيره بل احمد اجل من إن يقول مثل هذا الكذب بل نقل عنه انه قال روي له ما لم يرو لغيره مع إن في نقل هذا عن احمد كلاما ليس هذا موضعه
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص372-474، تحقيق محمد رشاد سالم
 
فعل أبو بكر في التاريخ!
"فإنه لم يكن في المهاجرين عمر و عثمان و علي و غيرهم رجل اكثر إحسانا إلى الناس قبل الإسلام و بعده بنفسه و ماله من أبي بكر كان مؤلفا محببا يعاون الناس على مصالحهم كما قال فيه ابن الدغنة سيد القارة لما أراد إن يخرج من مكة مثلك يا أبا بكر لا يخرج و لا يخرج فإنك تحمل الكل و تقري الضيف و تكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق
و في صلح الحديبية لما قال لعروة بن مسعود امصص بظر اللات أنحن نفر عنه و ندعه قال لأبى بكر لولا يد لك عندي لم أجزك بها لأجبتك
و ما عرف قط إن أحدا كانت له يد على أبي بكر في الدنيا لا قبل الإسلام و لا بعده فهو أحق الصحابة وما لأحد عنده من نعمة تجزى
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص378،478، تحقيق محمد رشاد سالم
 
فعل أبو بكر في التاريخ!(2)
"و في المسند لأحمد أن أبا بكر رضي الله عنه كان يسقط السوط من يده فلا يقول لأحد ناولني إياه و يقول إن خليلي امرني أن لا أسال الناس شيئا
و في المسند و الترمذي وأبي داود حديث عمر قال عمر امرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم إن نتصدق فوافق ذلك مالا عندي فقلت اليوم اسبق أبا بكر إن سبقته يوما فجئت بنصف مالي فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم
ما أبقيت لأهلك
فقلت مثله قال و اتى أبو بكر بكل ما عنده فقال
ما أبقيت لأهلك
قال أبقيت لهم الله و رسوله فقلت لا أسابقك إلى شيء أبدا
فأبو بكر رضي الله عنه جاء بماله كله و مع هذا فلم يكن يأكل من أحد لا صدقة و لا صلة و لا نذرا بل كان يتجر و يأكل من كسبه و لما ولي الناس و اشتغل عن التجارة بعمل المسلمين أكل من مال الله و رسوله الذي جعله الله له لم يأكل من مال مخلوق
و أبو بكر لم يكن النبي صلى الله عليه و سلم يعطيه شيئا من الدنيا يخصه به بل كان في المغازي كواحد من الناس بل يأخذ من ماله ما ينفقه على المسلمين و قد استعمله النبي صلى الله عليه و سلم و ما عرف انه أعطاه عمالة و قد أعطى عمر عمالة و أعطى عليا من الفيء و كان يعطي المؤلفة قلوبهم من الطلقاء و أهل نجد و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار لا يعطيهم كما فعل في غنائم حنين و غيرها
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص380،481، تحقيق محمد رشاد سالم
 
فعل أبو بكر في التاريخ!(3)
"و قد عرف إن أبا بكر اشترى سبعة من المعذبين في الله في أول الإسلام و فعل ذلك ابتغاء لوجه ربه الأعلى لم يفعل ذلك كما فعله أبو طالب الذي أعان النبي صلى الله عليه و سلم لأجل نسبه وقرابته لا لأجل الله تعالى و لا تقربا إليه ...له مال اتى ماله يتزكى فيقال أبو بكر فعل ذلك في أول الإسلام وقت الحاجة إليه فيكون اكمل في الوصف الذي يكون صاحبه هو الأتقى
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص384، تحقيق محمد رشاد سالم
 
و لما كان يوم أحد قال أبو سفيان و كان حينئذ أمير المشركين أفي القوم محمد أفي القوم محمد ثلاثا فقال النبي صلى الله عليه و سلم
لا تجيبوه
فقال أفي القوم ابن آبي قحافة أفي القوم ابن أبي قحافة ثلاثا فقال النبي صلى الله عليه و سلم
لا تجيبوه فقال أفي القوم ابن الخطاب أفي القوم ابن الخطاب ثلاثا فقال النبي صلى الله عليه و سلم
لا تجيبوه فقال أبو سفيان لأصحابه أما هؤلاء فقد كفيتموهم فلم يملك عمر نفسه إن قال كذبت يا عدو الله إن الذين عددت لأحياء و قد بقي لك ما يسوءك وقد ذكر باقي الحديث رواه البخاري و غيره
فهذا مقدم الكفار إذ ذاك لم يسأل إلا عن النبي صلى الله عليه و سلم وأبي بكر و عمر لعلمه و علم الخاص و العام إن هؤلاء الثلاثة هم رؤوس هذا الأمر وأن قيامه بهم و دل ذلك على انه كان ظاهرا عند الكفار إن هذين وزيراه و بهما تمام أمره و أنها أخص الناس به و إن لهما من السعي في إظهار الإسلام ما ليس لغيرهما
و هذا أمر كان معلوما للكفار فضلا عن المسلمين و الأحاديث الكثيرة متواترة بمثل هذا
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص390، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"الوجه الثالث أن العترة لم تجتمع على إمامته -يقصد علي رضي الله عنه-ولا أفضليته بل أئمة العترة كابن عباس وغيره يقدمون أبا بكر وعمر في الإمامة والأفضلية وكذلك سائر بنو هاشم من العباسيين والجعفريين واكثر العلويين وهم مقرون بإمامة أبي بكر وعمر وفيهم من أصحاب مالك وأبي حنيفة والشافعي واحمد وغيرهم أضعاف من فيهم من الإمامية
والنقل الثابت عن جميع علماء أهل البيت من بني هاشم من التابعين وتابعيهم من ولد الحسين بن علي وولد الحسن وغيرهما انهم كانوا يتولون أبا بكر وعمر وكانوا يفضلونهما على علي والنقول عنهم ثابتة متواترة
وقد صنف الحافظ أبو الحسن الدارقطني كتاب ثناء الصحابة على القرابة وثناء القرابة على الصحابة وذكر فيه من ذلك قطعة وكذلك كل من صنف من أهل الحديث في السنة مثل كتاب السنة لعبد الله ابن احمد و السنة للخلال و السنة لابن بطة والسنة للآجري واللالكائي والبيهقي وابن ذر الهروي والطلمنكي وابن حفص بن شاهين و أضعاف هؤلاء الكتب
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص396، تحقيق محمد رشاد سالم
 
إن القران يشهد في غير موضع برضا الله عنهم و ثنائه عليهم كقوله تعالى و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم و رضوا عنه و قوله لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح و قاتل أولئك اعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى
و قوله محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله و رضوانا
و قوله لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يباعيونك تحت الشجرة
و قوله للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم و أموالهم يبتغون فضلا من الله و رضوانا و أمثال ذلك فكيف يجوز إن يرد ما علمنا دلالة القران عليه يقينا بمثل هذه الأخبار المفتراة التي رواها من لا يخاف مقام ربه و لا يرجو لله وقارا
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص405، تحقيق محمد رشاد سالم
 
علي رضي الله عنه والخوارج ثم أهل الجمل
"و شر من قاتلهم علي هم الخوارج و مع هذا فلم يحكم فيهم بحكم الكفار بل حرم أموالهم و سبيهم و كان يقول لهم قبل قتالهم إن لكم علينا إن لا نمنعكم مساجدنا و لا حقكم من فيئنا و لما قتله ابن ملجم قال إن عشت فأنا ولي دمي و لم يجعله مرتدا بقتله
و أما أهل الجمل فقد تواتر عنه انه نهى عن أن يتبع مدبرهم وأن يجهز على جريحهم وأن يقتل أسيرهم وأن تغنم أموالهم وأن تسبى ذراريهم
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص405،406، تحقيق محمد رشاد سالم
 
ردا على البرلماني الهولندي فيلدرز الذي زعم أن الإسلام قتل المسيحيين بآيات القتال والقتل في القرآن
قال بن تيمية
:"و هذه بلاد الإسلام مملوءة من اليهود و النصارى و هم مظهرون لدينهم متحيزون عن المسلمين"
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص407، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"و لهذا ما زال أهل العلم يقولون إن الرفض من إحداث الزنادقة الملاحدة الذين قصدوا إفساد الدين دين الإسلام و يأبى الله إلا أن يتم نوره و لو كره الكافرون فإن منتهى أمرهم تكفير علي و أهل بيته بعد أن كفروا الصحابة و الجمهور و لهذا كان صاحب دعوى الباطنية الملاحدة رتب دعوته مراتب أول ما يدعو المستجيب إلى التشيع ثم إذا طمع فيه قال له علي مثل الناس و دعاه إلى القدح في علي أيضا ثم إذا طمع فيه دعاه إلى القدح في الرسول ثم إذا طمع فيه دعاه إلى إنكار الصانع هكذا ترتيب كتابهم الذي يسمونه البلاغ الأكبر و الناموس الأعظم و واضعه الذي أرسل به إلى القرمطي الخارج بالبحرين لما استولى على مكة و قتلوا الحجاج وأخذوا الحجر الأسود و استحلوا المحارم وأسقطوا الفرائض و سيرتهم مشهورة عند أهل العلم
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص410، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"أحدها إن يقال لهؤلاء الشيعة من أين لكم أن الذين نقلوا هذه الأحاديث في الزمان القديم ثقات وأنتم لم تدركوهم و لم تعلموا أحوالهم و لا لكم كتب مصنفة تعتمدون عليها في أخبارهم التي يميز بها بين الثقة و غيره و لا لكم أسانيد تعرفون رجالها بل علمكم بكثير مما في أيديكم شر من علم كثير من اليهود و النصارى بما في أيديهم بل أولئك معهم كتب وضعها لهم هلال و شماس وليس عند جمهورهم ما يعارضها
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص412، تحقيق محمد رشاد سالم
 
الوليد بن الوليد أخو خالد بن الوليد
"و قد كان من الصحابة من تسمي بأسماء تسمى بها عدو الإسلام مثل الوليد الذي هو الوحيد و كان ابنه من خيار المسلمين و اسمه الوليد و كان النبي صلى الله عليه و سلم يقنت له في الصلاة و يقول
اللهم نج الوليد بن الوليد
كما رواه أهل الصحيحين
و مثل آبي بن خلف الذي قتله النبي صلى الله عليه و سلم و في المسلمين آبي بن كعب و غيره و مثل عمرو بن ود العامري و في الصحابة عمرو بن أمية و عمرو بن العاص و مثل هذا كثير
و لم يغير النبي صلى الله عليه و سلم اسم رجل من الصحابة لكون كافر سمي به
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص417، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"تنوعت الطرق التي بها يعلم الصدق من الكذب حتى في أخبار المخبر عن نفسه بأنه رسول الله وهو دعوى النبوة فالطرق التي يعلم بها صدق الصادق وكذب المتنبئ الكذاب كثيرة متنوعة كما قد نبهنا عليه في غير هذا الموضع
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص420، تحقيق محمد رشاد سالم
 
نص كامل متكامل
"و اهل الحديث يعلمون صدق متون الصحيحين ويعلمون كذب الأحاديث الموضوعة التي يجزمون بأنها كذب بأسباب عرفوا بها ذلك من شركهم فيها علم ما علموه ومن لم يشركهم لم يعلم ذلك كما إن الشهود الذين يتحملون الشهادة ويؤدونها يعرف من جربهم وخبرهم وصدق صادقهم وكذب كاذبهم
و كذلك أهل المعاملات في البيع و الإجارة يعلم من جربهم و خبرهم صادقهم و كاذبهم و امينهم و خائنهم و كذلك الأخبار قد يعلم الناس صدق بعضها و كذب بعضها و يشكون في بعضها
و باب المعرفة بأخبار النبي صلى الله عليه و سلم و أقواله و أفعاله و ما ذكره من توحيد و أمر و نهي و وعد و وعيد و فضائل لأعمال أو لأقوام أو أمكنة أو أزمنة و مثالب لمثل ذلك اعلم الناس به أهل العلم بحديثه الذين اجتهدوا في معرفة ذلك و طلبه من وجوهه و علموا أحوال نقلة ذلك و أحوال الرسول صلى الله عليه و سلم من وجوه متعددة و جمعوا بين رواية هذا و هذا و هذا فعلموا صدق الصادق و غلط الغالط و كذب الكاذب
و هذا علم أقام الله له من حفظ به على الأمة ما حفظ من دينها و غيرهؤلاء لهم تبع فيه أما مستدل بهم و أما مقلد لهم كما إن الاجتهاد في الأحكام أقام الله له رجالا اجتهدوا فيه حتى حفظ الله بهم على الأمة ما حفظ من الدين و غيرهم لهم تبع فيه أما استدل بهم و أما مقلد لهم
مثال ذلك إن خواص أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم اعلم به ممن هو دونهم في الاختصاص مثل آبي بكر و عمر و عثمان و علي و طلحة و الزبير و عبد الرحمن بن عوف و سعد و آبي بن كعب و معاذ بن جبل و ابن مسعود و بلال و عمار بن ياسر و آبي ذر الغفاري و سلمان و آبي الدرداء و آبي أيوب الأنصاري و عبادة بن الصامت و حذيفة وأبي طلحة و أمثال هؤلاء من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار هم اكثر اختصاصا به ممن ليس مثلهم لكن قد يكون بعض الصحابة أحفظ وأفقه من غيره وان كان غيره أطول صحبة وقد يكون اكثر مما اخذ عن غيره أيظا أخذ عن بعضهم من العلم لطول عمره وان كان غيره اعلم منه كما اخذ عن آبي هريرة وابن عمر وابن عباس وعائشة وجابر وأبي سعيد من الحديث اكثر مما اخذ عمن هو افضل منهم كطلحة والزبير ونحوهم و اما الخلفاء الأربعة فلهم في تبليغ كليات الدين ونشر أصوله واخذ الناس ذلك عنهم ما ليس لغيرهم وان كان يروى عن صغار الصحابة من الأحاديث المفردة اكثر مما يروى عن بعض الخلفاء فالخلفاء لهم عموم التبليغ وقوته التي لم يشركهم فيها غيرهم ثم لما قاموا بتبليغ ذلك شاركهم فيه غيرهم فصار متواترا كجمع آبي بكر وعمر القران في الصحف ثم جمع عثمان له في المصاحف التي أرسلها إلى الأمصار فكان الاهتمام بجمع القران وتبليغه أهم مما سواه
وكذلك تبليغ شرائع الإسلام إلى أهل الأمصار ومقاتلتهم على ذلك واستنابتهم في ذلك الأمراء والعلماء وتصديقهم لهم فيما بلغوه عن الرسول فبلغ من أقاموه من أهل العلم حتى صار الدين منقولا نقلا عاما متواترا ظاهرا معلوما قامت به الحجة ووضحت به المحجة وتبين به إن هؤلاء كانوا خلفاءه المهديين الراشدين الذين خلفوه في أمته علما وعملا
وهو صلى الله عليه و سلم كما قال تعالى في حقه والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى فهو ما ضل وما غوى وكذلك خلفاؤه الراشدون الذين قال فيهم عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ فانهم خلفوه في ذلك فانتفى عنهم بالهدى الضلال وبالرشد الغي وهذا هو الكمال في العلم والعمل فان الضلال عدم العلم والغي اتباع الهوى ولهذا امرنا الله تعالى إن نقول في صلاتنا اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين وقال النبي صلى الله عليه و سلم اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون فالمهتدي الراشد الذي هداه الله الصراط المستقيم فلم يكن من أهل الضلال الجهال ولا من أهل الغي المغضوب عليهم
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص424،425، تحقيق محمد رشاد سالم
 
نص كامل متكامل(2)
"والمقصود هنا إن بعض الصحابة اعلم بالرسول من بعض وبعضهم اكثر تبليغا لما علمه من بعض ثم قد يكون عند المفضول علم قضية معينة لم يعلمها الأفضل فيستفيدها منه ولا يوجب هذا ذلك إن يكون هذا اعلم منه مطلقا ولا إن هذا الأعلم يتعلم من ذلك المفضول ما امتاز به ولهذا كان الخلفاء يستفيدون من بعض الصحابة علما لم يكن عندهم كما استفاد أبو بكر رضي الله عنه علم ميراث الجدة من محمد ابن مسلمة والمغيرة بن شعبة واستفاد عمر رضي الله عنه علم دية الجنين والأستئذان وتوريث المرأة من دية زوجها وغير ذلك من غيره واستفاد عثمان رضي الله عنه حديث مقام المتوفى عنها في بيتها حتى يبلغ الكتاب اجله من غيره واستفاد علي رضي الله عنه حديث صلاة التوبة من غيره
وقد يخفى ذلك العلم عن الفاضل حتى يموت ولم يعلمه ويبلغه من هو دونه وهذا كثير ليس هذا موضعه لكن المقصود إن نبين طرق العلم فالصحابة الذين اخذ الناس عنهم العلم بعد الخلفاء الأربعة مثل آبي بن كعب وابن مسعود ومعاذ بن جبل وأبي الدرداء وزيد بن ثابت وحذيفة وعمران بن حصين وأبي موسى وسلمان وعبد الله بن سلام و أمثالهم
وبعد هؤلاء مثل عائشة وابن عباس وابن عمر وعبد الله بن عمرو وأبي سعيد وجابر وغيرهم
ومن التابعين مثل الفقهاء وغيرهم وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعلي بن الحسين وخارجة بن زيد بن ثابت وسليمان بن اليسار ومثل علقمة والاسود وشريح القاضي وعبيدة السلماني والحسن البصري ومحمد بن سيرين و أمثالهم
ثم من بعد هؤلاء مثل الزهري و قتادة ويحيى بن آبي كثير و مكحول الشامي و أيوب السختياني و يحيى بن سعيد الأنصاري و يزيد بن أبي حبيب المصري و أمثالهم
ثم من بعد هؤلاء مثل مالك و الثوري و حماد بن زبد وحماد ابن سلمة و الليث والاوزاعي و شعبة و زائدة و سفيان بن عيينة و أمثالهم
ثم من بعد هؤلاء مثل يحيى القطان و عبد الرحمن بن مهدي و ابن المبارك و عبد الله بن وهب و وكيع بن الجراح و إسماعيل بن علية و هشيم بن بشير و آبي يوسف القاضي و الشافعي و احمد و الحميدي وإسحاق بن راهويه والقاسم بن سلام وأبي ثور وابن معين وابن المديني و آبي بكر بن آبي شيبة و آبي خيثمة زهير بن حرب و بعد هؤلاء البخاري و مسلم و أبو داود و أبو زرعة و أبو حاتم و عثمان بن سعيد الدارمي و عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي و محمد بن مسلم بن واره و أبو بكر الاثرم و إبراهيم الحربي و بقي بن مخلد الأندلسي و محمد بن وضاح و مثل أبي عبد الرحمن النسائي و الترمذي و ابن خزيمة و محمد بن نصر المروزي و محمد بن جرير الطبري و عبد الله بن احمد ابن حنبل و عبد الرحمن بن أبي حاتم
ثم من بعد هؤلاء مثل أبي حاتم ألبستي و أبي بكر النجاد و أبي بكر النيسابوري و أبي قاسم الطبراني و أبي الشيخ الاصبهاني وأبي احمد العسال الاصبهاني و أمثالهم
ثم من بعد هؤلاء مثل أبي الحسن الدارقطني و ابن منده و الحاكم أبي عبد الله و عبد الغني بن سعيد و أمثال هؤلاء ممن لا يمكن إحصاؤهم
فهؤلاء و أمثالهم اعلم بأحوال رسول الله صلى الله عليه و سلم من غيرهم و إن كان في هؤلاء من هو اكثر رواية و فيهم من هو اكثر منهم معرفة بصحيحه من وسقيمه و منهم من هو افقه فيه من غيره قال احمد بن حنبل معرفة الحديث و الفقه فيه احب إلي من حفظه و قال علي بن المديني اشرف العلم الفقه في متون الأحاديث و معرفة أحوال الرواة فان يحيى بن معين و علي بن المديني و نحوهما اعرف بصحيحيه و سقيمه من مثل أبي عبيد و أبي ثور و أبو عبيد و أبو ثور و نحوهما افقه من أولئك و احمد كان يشارك هؤلاء و هؤلاء
و كان أئمة هؤلاء و هؤلاء ممن يحبهم و يحبونه كما كان مع الشافعي و أبي عبيد و نحوهما من أهل الفقه في الحديث و مع يحيى بن معين و علي بن المديني و نحوهما من أهل المعرفة في الحديث
و مسلم بن الحجاج له عناية بصحيحه اكثر من أبي داود و أبو داود له عناية بالفقه أكثر والبخاري له عناية بهذا و هذا
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص425،429، تحقيق محمد رشاد سالم
 
نص كامل متكامل(احاديث أسباب النزول)
" أما أحاديث سبب النزول فغالبها مرسل ليس بمسند ولهذا قال الإمام احمد بن حنبل ثلاث علوم لا إسناد لها وفي لفظ ليس لها اصل التفسير والمغازي والملاحم ويعني أن أحاديثها مرسلة
والمراسيل قد تنازع الناس في قبولها وردها وحسب الأقوال أن منها المقبول ومنها المردود الموقوف فمن علم من حاله انه لا يرسل إلا عن ثقة قبل مرسله ومن عرف انه يرسل عن ثقة وغير الثقة كان إرساله رواية عمن لا يعرف حاله فهذا موقوف وما كان من المراسيل مخالفا لما رواه الثقات كان مردودا
وإذا جاء المرسل من وجهين كل من الراويين اخذ العلم عن شيوخ الآخر فهذا مما يدل على صدقه فان مثل ذلك لا يتصور في العادة تماثل الخطأ فيه وتعمد الكذب كان هذا مما يعلم انه صدق فان المخبر إنما يؤتي من جهة تعمد الكذب ومن جهة الخطأ فإذا كانت القصة مما يعلم انه لم يتواطأ فيه المخبران والعادة تمنع تماثلهما في الكذب عمدا والخطأ مثل أن تكون القصة طويلة فيها أقوال كثيرة رواها هذا مثل ما رواها هذا فهذا يعلم انه صدق
وهذا ما يعلم به صدق محمد صلى الله عليه و سلم وموسى عليه السلام فان كلا منهما اخبر عن الله وملائكته وخلقه للعالم وقصة آدم ويوسف وغيرهما من قصص الأنبياء عليهم السلام بمثل ما اخبر به الآخر مع العلم بانه واحدا منهما لم يستفد ذلك من الآخر وانه يمتنع في العادة تماثل الخبرين الباطلين في مثل ذلك فان من اخبر بأخبار كثيرة مفصلة دقيقه عن مخبر معين لو كان مبطلا في خبره لاختلف خبره لامتناع أن مبطلا يختلق ذلك من غير تفاوت لا سيما في أمور لا تهتدي العقول إليها بل ذلك بين كلا إن كلا منهما اخبر بعلم وصدق
وهذا مما يعلمه الناس من أحوالهم فلو جاء رجل من بلد إلى آخر واخبر عن حوادث مفصلة حدثت فيه تنتطم أقوالا وأفعالا مختلفة وجاء من علمنا انه لم يوطئه على الكذب فحكي مثل ذلك علم قطعا أن الأمر كان كذلك فان الكذب قد يقع في مثل ذلك لكن على سبيل المواطأة وتلقي بعضهم عن بعض كما يتوارث أهل الباطل المقالات الباطلة مثل مقالة النصارى والجهمية والرافضة ونحوهم فإنها وان كان يعلم بضرورة العقل إنها باطلة لكنها تلقاها بعضهم عن بعض فلما تواظأوا عليها جاز اتفاقهم فيها على الباطل
والجماعة الكثيرون يجوز اتفاقهم على جحد الضروريات على سبيل التواطؤ إما عمدا للكذب و إما خطأ في الاعتقاد و إما اتفاقهم على جحد الضروريات من دون هذا وهذا فممتنع
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص435،437، تحقيق محمد رشاد سالم
 
نص كامل متكامل(3)
"وقد يكون الرجل صادقا كثير الحديث كثير الرواية فيه لكن ليس من أهل العناية بصحيحه وسقيمه فهذا يستفاد منه نقله فانه صادق ضابط و أما المعرفة بصحيحه وسقيمه فهذا علم آخر وقد يكون مع ذلك فقيها مجتهدا وقد يكون صالحا من خيار المسلمين وليس له كثير معرفة
لكن هؤلاء وان تفاضلوا في العلم فلا يروج عليهم من الكذب ما يروج على من لم يكن له علمهم فكل من كان بالرسول اعرف كان تمييزه بين الصدق والكذب أتم فقد يروج على أهل التفسير والفقه والزهد والنظر أحاديث كثيرة إما يصدقون بها و إما يجوزون بصدقها وتكيروي طائفة من الفقهاء حديث لا تفعلي يا حميراء فانه يورث البرص وحديث زكاة الأرض نبتها وحديث نهى عن بيع وشرط ونهى عن بيع المكاتب والمدبر و أم الولد وحديث نهى عن قفيز الطحان وحديث لا يجتمع العشر والخراج على مسلم وحديث ثلاث هن على فريضة وهن لكم تطوع الوتر والنحر وركعتا الفجر وحديث كان رسول الله صلى الله عليه و سلم في السفر يتم ويقصر وحديث ثلاث هن علي فريضة وهن لكم تطوع الوتر والنحر وركعتا الفجر وحديث لا تقطع اليد إلا في عشر دراهم وحديث لا مهر دون عشرة دراهم وحديث الفرق بين الطلاق والعتاق في الاستثناء وحديث اقل الحيض ثلاثة وأكثره عشرة وحديث نهى عن البتراء وحديث يغسل الثوب من المنى والدم وحديث الوضوء مما خرج لامما دخل وحديث نهى عن البتراء وحديث كان يرفع يديه في ابتداء الصلاة ثم لا يعود
إلى أمثال ذلك من الأحاديث التي يصدق بعضها طائفة من الفقهاء ويبنون عليها الحلال والحرام وأهل العلم بالحديث متفقون على إنها كذب على رسول الله صلى الله عليه و سلم موضوعة عليه وكذلك أهل العلم من الفقهاء يعلمون ذلك
وكذلك أحاديث يرويها كثير من النساك ويظنها صدقا مثل قولهم
ون معلومة الكذب عند علماء الحديث
وقد يصدق بعض هؤلاء بما يكون كذبا عند أهل المعرفة مثل ما أن عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا ومثل قولهم أن قوله تعالى ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه نزل في أهل الصفة ومثل حديث غلام المغيرة بن شعبة أحد الإبدال الأربعين وكذلك حديث فيه ذكر الإبدال والأقطاب و الاغواث وعدد الأولياء و أمثال ذلك مما يعلم أهل العلم بالحديث انه كذب
وكذلك أمثال هذه الأحاديث قد تعلم من غير طريق أهل الحديث مثل أن نعلم أن قوله تعالى ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي في سورة الأنعام وفي سورة الكهف وهما سورتان مكيتان باتفاق الناس والصفة إنما كانت بالمدينة
ومثل ما يروون في أحاديث المعراج انه رأي ربه في صورة كذا و أحاديث المعراج التي في الصحاح ليس فيها شيء من أحاديث ذكر الرؤية وإنما الرؤية في أحاديث مدنية كانت في المنام كحديث معاذ ابن جبل
أتاني البارحة ربي في احسن صورة
إلى آخره فهذا منام رآه في المدينة و كذلك ما شابههه كلها كانت في المدينة في المنام و المعراج كان بمكة بنص القرآن و اتفاق المسلمين
و قد يروج على طائفة من الناس من الحديث ما هو اظهر كذبا من هذا مثل تواجد النبي صلى الله عليه و سلم حتى سقطت البردة عنه فهذا من الكذب الموضوع باتفاق أهل المعرفة و طافة يظنون هذا صدقا لما رواه محمد بن طاهر المقدسي فانه رواه في مسالة السماع و رواه أبو حفص السهرودي لكن قال يخالج سري أن هذا الحديث ليس دون اجتماع النبي صلى الله عليه و سلم بأصحابه و هذا الذي ظنه و خالج سره هو يقين عند غيره قد خالط قلبه فإن أهل العلم بالديث متفقون على أن هذا كذب على رسول الله صلى الله عليه و سلم
و اعظم من هذا ظن طائفة أن أهل الصفة قاتلوا النبي صلى الله عليه و سلم و انه يجوز للأولياء قتال الأنبياء إذا كان الغدر عليهم و هذا مع انه من اعظم الكفر و الكذب فقد راج على كثير ممن ينتسب إلى الأحوال و المعارف و الحقائق و هم في الحقيقة لهم أحوال شيطانية و الشياطين التي تقترن بهم قد تخبرهم ببعض الغائبات و تفعل بعض أغراضهم و تقضي بعض حوائجهم و يظن كثير من الناس انهم بذلك أولياء الله و إنما هم من أولياء الشياطين
و كذلك قد يروج على كثير ممن ينتسب إلى السنة أحاديث يظنونها من السنة و هي كذب كالأحاديث المروية في فضائل عاشوراء غير الصوم و فضل الكحل فيه و الاغتسال و الحديث و الخضاب و المصافحة و توسعة النفقة على العيال فيه و نحو ذلك و ليس في عاشوراء حديث صحيح غير الصوم
و كذلك ما يروى في فضل صلوات معينة فيه فهذا كله كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة و لم ينقل هذه الأحاديث أحد من أئمة أهل العلم في كتبهم
و لهذا لما سئل الإمام احمد عن الحديث الذي يروى من وسع على أهله يوم عاشوراء فقال لا اصل له
و كذلك الأحاديث المروية في فضل رجب بخصوصه أو فضل صيامه أو صيام شيء منه أو فضل صلاة مخصوصة فيه كالرغائب كلها كذب مختلق
و كذلك ما يروى في صلاة الأسبوع كصلاة يوم الأحد و الاثنين و غيرهما كذب و كذلك ما يروى من الصلاة المقدرة ليلة النصف و أول ليلة جمعة من رجب أو ليلة سبع و عشرين منه و نحو ذلك كلها كذب
و كذلك كل صلاة فيها الأمر بتقدير عدد الآيات أو السور أو التسبيح فهي كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث إلا صلاة التسبيح فان فيها قولين لهم و اظهر القولين إنها كذب و إن كان قد اعتقد صدقها طائفة من أهل العلم و لهذا لم يأخذها أحد من أئمة المسلمين بل احمد بن حنبل و أئمة الصحابة كرهوها و طعنوا في حديثها و إما مالك و أبو حنيفة و الشافعي و غيرهم فلم يسمعوها بالكلية و من يستحبها من أصحاب الشافعي و احمد و غيرهما فإنما هو اختيار منهم لا نقل عن الأئمة
و أما ابن المبارك فلم يستحب الصفة المذكورة المأثورة التي فيها التسبيح قبل القيام بل استحب صفة أخرى توافق المشروع لئلا تثبت سنة بحديث لا اصل له
و كذلك أيضا في كتب التفسير أشياء منقولة عن النبي صلى الله عليه و سلم يعلم أهل العلم بالحديث إنها كذب مثل حديث فضائل سور القرآن الذي يذكره الثعلبي و الواحدي في أول كل سورة و يذكره الزمخشري في آخر كل سورة
و يعلمون أن اصح ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم في فضائل السور أحاديث قل هو الله أحد و لهذا رواها أهل الصحيح فافرد الحفاظ لها مصنفات كالحافظ أبي محمد الخلال وغيره ويعلمون أن الأحاديث المأثورة في فضل فاتحة الكتاب و آية الكرسي وخواتيم البقرة والمعوذتين أحاديث صحيحة فلهم فرقان يفرقون به بين الصدق والكذب
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص429،435، تحقيق محمد رشاد سالم
 
عن يوم السقيفة ومن يحكم المسلمين
"وتشاورهم فيها يوم السقيفة وحين موت عمر وحين جعل الأمر شورى بينهم في ستة
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص441، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"فصل في الطرق التي يعلم بها كذب المنقول
منها أن يروى خلاف ما علم بالتواتر والاستفاضة مثل أن نعلم أن مسيلمة الكذاب ادعى النبوة واتبعه طوائف كثيرة من بني حنيفة فكانوا مرتدين لايمانهم بهذا المتنبئ الكذاب وان أبا لؤلؤة قاتل عمر كان مجوسيا كافرا وان أبا الهرمزان كان مجوسيا اسلم وان أبا بكر كان يصلي بالناس مدة مرض الرسول صلى الله عليه و سلم ويخلفه بالإمامة بالناس لمرضه وان أبا بكر وعمر دفن في حجرة عائشة مع النبي صلى الله عليه و سلم ومثل ما يعلم من غزوات النبي صلى الله عليه و سلم التي كان فيها القتال كبدر واحد ثم الخندق ثم خيبر ثم فتح مكة ثم غزوة الطائف والتي لم يكن فيها قتال كغزوة تبوك وغيرها وما نزل من القرآن في الغزوات كنزول الأنفال بسبب بدر ونزول آخر آل عمران بسبب أحد ونزول أولها بسبب نصارى نجران ونزول سورة الحشر بسبب بني النضير ونزول الأحزاب بسبب الخندق ونزول سورة الفتح بسبب صلح الحديبية ونزول براءة بسبب غزوة تبوك وغيرها و أمثال ذلك
فإذا روى في الغزوات وما يتعلق بها ما يعلم انه خلاف الواقع علم انه كذب مثل ما يروي هذا الرافضي و أمثاله من الرافضة وغيرهم من الأكاذيب الباطلة الظاهرة في الغزوات كما تقدم التنبيه عليه ومثل أن يعلم نزول القرآن في أي وقت كان كما يعلم أن سورة البقرة وال عمران والنساء والمائدة و الأنفال وبراءة نزلت بعد الهجرة في المدينة وان الأنعام والأعراف ويونس وهود ويوسف والكهف وطه ومريم واقتربت الساعة وهل أتى على الإنسان وغير ذلك نزلت قبل الهجرة بمكة وان المعراج كان بمكة وان الصفة كانت بالمدينة وان أهل الصفة كانوا من جملة الصحابة الذين لم يقاتلوا النبي صلى الله عليه و سلم ولم يكونوا ناسا معينين بل كانت الصفة منزلا ينزل بها من لا أهل له من الغرباء القادمين وممن دخل فيهم سعد بن أبي وقاص وأبو هريرة وغيرهما من صالحي المؤمنين وكالعرنيين الذين ارتدوا عن الإسلام فبعث النبي صلى الله عليه و سلم في آثارهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وألقاهم في الحرة يستسقون فلا يسقون و أمثال ذلك من الأمور المعلومة
فإذا روى الجاهل نقيض ذلك علم انه كذب ومن الطرق التي يعلم بها الكذب أن ينفرد الواحد والاثنان بما يعلم انه لو كان واقعا لتوفرت الهمم والدواعي على نقله فانه من المعلوم انه لو اخبر الواحد ببلد عظيم بقدر بغداد والشام وبغداد والعراق لعلمنا كذبه في ذلك لانه لو كان موجودا لأخبر به الناس
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص437-439، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"والكلام مع الشيعة أكثره مبني على النقل فمن كان خبيرا بما وقع وبالأخبار الصادقة التي توجب العلم اليقيني علم انتفاء ما يناقض ذلك يقينا ولهذا ليس في أهل العلم بالأحاديث النبوية إلا ما يوجب العلم بفضل الشيخين وصحة إمامتهما وكذب ما تدعيه الرافضة ثم كل من كان اعلم بالرسول وأحواله كان اعلم ببطلان مذهب الزيدية وغيرهم ممن يدعي نصا خفيا وان عليا كان افضل من الثلاثة أو يتوقف في التفضيل فان هؤلاء إنما وقعوا بالجهل المركب أو البسيط لضعف علمهم بما علمه أهل العلم بالأحاديث والآثار
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص441،442، تحقيق محمد رشاد سالم
 
أعظم نص وأكمله في موضوعه.(من كلام شيخ الإسلام في المنهاج بحسب ماخُبرت من خلال 7 مجلدات حتى الآن، باق مجلدان)
روعة النصوص عن يوم السقيفة
واختيار أبي بكر رضي الله عنه(وفيه رد على نصر حامد أبو زيد وعصابة العلمانية العربية)
:"فنقول من المعلوم المتواتر عند الخاصة و العامة الذي لم يختلف فيه أهل العلم بالمنقولات و السير أن أبا بكر رضي الله عنه لم يطلب الخلافة لا برغبة و لا برهبة لا بذل فيها ما يرغب الناس به و لا شهر عليهم سيفا يرهبهم به و لا كانت له قبيلة و لا موال تنصره و تقيمه في ذلك كما جرت عادة الملوك أن أقاربهم و مواليهم يعاونونهم و لا طلبها أيضا بلسانه و لا قال بايعوني بل أمر بمبايعة عمر و أبي عبيدة و من تخلف عن بيعته كسعد بن عبادة لم يؤذه و لا اكرهه على المبايعة و لا منعه حقا له و لا حرك عليهم ساكنا و هذا غاية في عدم إكراه الناس على المبايعة
ثم إن المسلمين بايعوه و دخلوا في طاعته و الذين بايعوه هم الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه و سلم تحت الشجرة و هم السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم و رضوا عنه و هم أهل الإيمان و الهجرة و الجهاد و لم يتخلف عن بيعته إلا سعد بن عبادة...ثم انه في مدة ولايته قاتل بهم المرتدين و المشركين لم يقاتل مسلمين بل أعاد الأمر إلى ما كان عليه قبل الردة و اخذ يزيد الإسلام فتوحا و شرع في قتال فارس و الروم و مات و المسلمون محاصرو دمشق و خرج منها ازهد مما دخل فيها لم يستأثر عنهم بشيء و لا أمر له قرابة
ثم ولي عليهم عمر بن الخطاب ففتح الأمصار و قهر الكفار و اعز أهل الإيمان و أذل أهل النفاق و العدوان و نشر الإسلام و الدين و بسط العدل في العالمين و وضع ديوان الخراج و العطاء لأهل الدين و مصر الأمصار للمسلمين و خرج منها ازهد مما دخل فيها لم يتلوث لهم بمال و لا ولى أحدا من أقاربه ولاية فهذا أمر يعرفه كل أحد
و إما عثمان فانه بنى على أمر قد استقر قبله بسكينة و حلم و هدى و رحمة و كرم و لم يكن فيه قوة عمر و لا سياسته و لا فيه كمال عدله و زهده فطمع فيه بعض الطمع و توسعوا في الدنيا و ادخل من أقاربه في الولاية و المال و دخلت بسبب أقاربه في الولايات و الأموال أمور أنكرت عليه فتولد من رغبة بعض الناس في الدنيا و ضعف خوفهم من الله و منه و من ضعفه هو و ما حصل من أقاربه في الولاية و المال ما أوجب الفتنة حتى قتل مظلوما شهيدا
و تولى علي على اثر ذلك و الفتنة قائمة و هو عند كثير منهم متلطخ بدم عثمان و الله يعلم براءته مما نسبه إليه الكاذبون عليه المبغضون لغيره من الصحابة فان عليا لم يعن على قتل عثمان و لا رضي به كما ثبت عنه و هو الصادق انه قال ذلك فلم تصف له قلوب كثير منهم و لا أمكنه هو قهرهم حتى يطيعوه و لا اقتضى رأيه أن يكف عن القتال حتى ينظر ما يؤول إليه الأمر بل اقتضى رأيه القتال و ظن انه به تحصل الطاعة و الجماعة فما زاد الأمر إلا شدة و جانبه إلا ضعفا و جانب من حاربه إلا قوة و الأمة إلا افتراقا حتى كان في آخر أمره يطلب هو أن يكف عنه من قاتله كما كان في أول الأمر يطلب منه الكف
و ضعفت خلافة النبوة ضعفا أوجب أن تصير ملكا فأقامها معاوية ملكا برحمة و حلم كما في الحديث المأثور
تكون نبوة و رحمة ثم تكون خلافة نبوة و رحمة ثم يكون ملك و رحمة ثم يكون ملك
و لم يتول أحد من الملوك خيرا من معاوية فهو خير ملوك الإسلام و سيرته خير من سيرة سائر الملوك بعده و على آخر الخلفاء الراشدين الذين هم ولايتهم خلافة نبوة ورحمة وةكل من الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم يشهد له بأنه من افضل أولياء الله المتقين بل هؤلاء الأربعة افضل خلق الله بعد النبيين لكن إذا جاء القادح فقال في أبي بكر و عمر انهما كانا ظالمين متعدين طمالبين للرئاسه مانعين للحقوق وإنهما كانا من احرص الناس على الرئاسة و انهما و من أعانهما ظلموا الخليفة المستحق المنصوص عليه من جهة الرسول و انهم منعوا أهل البيت ميراثهم و انهما كانا من احرص الناس على الرئاسة و الولاية الباطلة مع ما قد عرف من سيرتهما كان من المعلوم أن هذا الظن لو كان حقا فهو أولى بمن قاتل عليها حتى غلب و سفكت الدماء بسبب المنازعة التي بينه و بين منازعه و لم يحصل بالقتال لا مصلحة الدين و لا مصلحة الدنيا و لا قوتل في خلافته كافر و لا فرح مسلم فان عليا لا يفرح بالفتنة بين المسلمين و شيعته لم تفرح بها لأنها لم تغلب و الذين قاتلوه لم يزالوا أيضا في كرب و شدة
و إذا كنا ندفع من يقدح في علي من الخوارج مع ظهور هذه الشبهة فلان ندفع من يقدح في أبي بكر و عمر بطريق الأولى و الأحرى
و إن جاز أن يظن بابي بكر انه كان قاصدا للرئاسة بالباطل مع انه لم يعرف منه إلا ضد ذلك فالظن بمن قاتل على الولاية و لم يحصل له مقصوده أولى و أحرى
فإذا ضرب مثل هذا و هذا بإمامي مسجد و شيخي مكان أو مدرسي مدرسة كانت العقول كلها تقول أن هذا ابعد عن طلب الرئاسة و اقرب إلى قصد الدين و الخير
فإذا كنا نظن بعلي انه كان قاصدا للحق و الدين و غير مريد علوا في الأرض و لا فسادا فظن ذلك بابي بكر و عمر رضي الله عنهما أولى و أحرى
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص449-454، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"فالمعلوم المتيقن المتواتر عند العام والخاص أن أبا بكر كان ابعد عن إرادة العلو والفساد ...وانه كان أولى بإرادة وجه الله تعالى وصلاح المسلمين من الثلاثة بعده فضلا عن علي وانه كان اكمل عقلا ودينا وسياسة من الثلاثة وان ولايته الأمة خير من ولاية علي وان منفعته للمسلمين في دينهم ودنياهم اعظم من منفعة علي رضي الله عنهم أجمعين
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص456، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"صاحب الهوى الذي له غرض في جهة إذا وجه له المخالف لهواه ثقل عليه سمعه واتباعه
قال تعالى ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص457، تحقيق محمد رشاد سالم
 
لماذا شوه نصر حامد أبو زيد صورة وغرض وهدف الصحابة من المهاجرين أو من قريش، النص التالي يبن لك أنه مايفعل أحد ذلك أي إسقاط عدالة المهاجرين (مثل نصر حامد وعصابته، وقبلهم الشيعة والمستشرقين )إلا ليتوسل بذلك إلى تبديل الوحي وهدم حقائقه، مع طرق مسائل أخرى تكلمنا عليها في كتابنا أقطاب العلمانية ج1،ـ الصادر عام 2000، ومقالنا الأخير بعنوان(تناولات مادية لنصوص القرآن(نصر أبو زيد نموذجاً)، وهو مقال اختصرته من موضوعه المطول، وإن شاء الله يكون فصلاً من كتاب، ومثل عمل نصر حامد نجد أعمال خليل عبد الكريم وسيد القمني والعشماوي وتلاميذهم، إلأ أن نصر حامد اهتم بالقرآن أكثر لنقده بمناهج غربية حديثة، ذكرناها في مقالنا الأخير، أكثر من إهتمامه بموضوع السيرة، اللهم إلا ليجعل السيرة تاريخ لاينفصل عن الجاهلية إلا بنصوص زائدة مضيفة!!، أما خليل والعشماوي والقمني فقد جعلوا جل اهتمامهم منصب على السيرة وتاريخ الصحابة، ولم يمنع هذا التوجه التاريخي العلماني المزيف للحقائق من ولوج طرق أخرى كمحاولة دؤوبة لقلب النبوة إلى رئاسة أو كهانة أو عصبية أو ملك قرشي أو هاشمي، ومازاده القمني عن ذلك كله هو أنه راح يستثمر المذاهب المادية الحديثة لجعل الدين والوحي والأنبياء أساطير مفتعلة(مثلما فعل ذلك في كتابه النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة وكل كتبه في موضوع الأنبياء والدين والأسطورة والوحي والملائكة والنبي إبراهيم والأنبياء، وقد شاركه في هذه الأخيرة المستشار الماسوني لأمن الدولة سابقا، وهو محمد سعيد العشماوي، إذ كتب مجموعة مقالات لهدم النبوات مباشرة وبلا مواربة، في مجلة اكتوبر وقد رددت عليها كلها في الأقطاب ج2، قبل أن تصدر المقالات في كتاب بعنوان (الأصول المصرية لليهودية)وهو طبعة الانتشار العربي ، الطبعة الأولى 2004، وقد صدر كتابنا قبله 2003، ردا على مقولاته ومقالاته قبل ان ينشر مجموعا في كتاب
وفي النص التالي من كلام شيخ الإسلام بن تيمية نجد خبرة واسعة بتاريخ وغرض الصحابة وهو من أوفى النصوص بغرضنا
قال
:"وهنا طريق آخر وهو أن يقال دواعي المسلمين بعد موت النبي صلى الله عليه و سلم كانت متوجهة إلى اتباع الحق وليس لهم ما يصرفهم عنه وهم قادرون على ذلك فإذا حصل الداعي إلى الحق وانتفى الصارف مع القدرة وجب الفعل
فعلم أن المسلمين اتبعوا فيما فعلوه الحق وذلك انهم خير الأمم وقد اكمل الله لهم الدين و أتم عليهم النعمة ولم يكن عند الصديق غرض دنيوي يقدمونه لأجله ولا عند علي غرض دنيوي يأخرونه لأجله بل لو فعلوا بموجب الطبع لقدموا عليا وكانت الأنصار لو اتبعت الهوى أن تتبع رجلا من بني هاشم احب إليها من أن تتبع رجلا من بني تيم وكذلك عامة قبائل قريش لا سيما بنو عبد مناف وبنو مخزوم فان طاعتهم لمنافي كانت احب إليهم من طاعه تيمي لو اتبعوا الهوى وكان أبو سفيان بن حرب و أمثاله يختارون تقديم علي
وقد روي أن أبا سفيان طلب من علي أن يتولى لأجل القرابة التي بينهما وقد قال أبو قحافة لما قيل له أن ابنك تولى قال أو رضيت بذلك بنو عبد مناف وبنو مخزوم قالوا نعم فعجب من ذلك لعلمه بأن بني تيم كانوا من اضعف القبائل وان إشراف قريش كانت من تينك القبيلتين
وهذا و أمثاله مما إذا تدبره العاقل علم انهم لم يقدموا أبا بكر إلا لتقديم الله ورسوله لانه كان خيرهم وسيدهم واحبهم إلى الله ورسوله فان الإسلام إنما يقدم بالتقوى لا بالنسب وأبو بكر كان اتقاهم
وهنا طريق آخر وهو انه تواتر عن النبي صلى الله عليه و سلم أن خير هذه الأمة القرن الأول ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم وهذه الأمة هي خير الأمم كما دل عليها الكتاب والسنة
وأيضا فانه من تأمل أحوال المسلمين في خلافة بني أمية فضلا عن زمن الخلفاء الراشدين علم أن أهل ذلك الزمان كان خيرا وافضل من أهل هذا الزمان وان الإسلام كان في زمنهم أقوى واظهر فان كان القرن الأول قد جحدوا حق الإمام المنصوص عليه المولى عليهم ومنعوا أهل بيت نبيهم ميراثهم وولوا فاسقا وظالما ومنعوا عادلا عالما مع علمهم بالحق فهؤلاء من شر الخلق وهذه الأمة شر الأمم لان هذا فعل خيارها فكيف بفعل شرارها
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص457،458، تحقيق محمد رشاد سالم
 
وقد تسأل : ماهو تحديدا العمل الذي قام به نصر حامد ابو زيد من وراء القدح في عدالة المهاجرين عموما ومن منهم من قريش خصوصا؟
والإجابة هي أن نصر حامد ابو زيد تبنى الماركسية منهجا وفيها ارجاع الخلافات والصراعات الى صراعات طبقية "علاقات الصراع الإجتماعي الذي تحركه في الأساس تناقضات المصالح"(كتابه النص، السلطة، الحقيقة، ص100) ومن خلال الفكر الماركسي عن صراعات القوى المادية المختلفة، راح يبحث على أدنى إختلاف أو خلاف بين الصحابة، ليستثمره ، فوجد اجتماع الصحابة في سقيفة بني ساعدة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وكلامهم عن من يخلف رسول الله في قيادة الامة ، لكن نصر حامد راح ايضا يحرف الواقعة نفسها ومانتج عنها ودلالاتها في مسار الإسلام الطويل ، فجعل خلاف السقيفة الحواري صراعا على الطبقة والقوة الدنيوية، والعصبية القبلية ثم لما شعر أنه قد تمكن من هذا التزوير العظيم، فكر وقدر في الخطوة الثانية ، ألا وهي القول بأنه كان صراعاً على التأويل ، وانتصار أصحاب النقل على العقل!!، وقيم الجاهلية على الإسلام(انظر في هذه الاخيرة مثلا كتابه دوائر الخوف قراءة في خطاب المرأة،ص267) وفي كتابه(النص، السلطة ، الحقيقة) قال بإفتراء عجيب:" وفي أول خلاف نشأ في تاريخ الدولة الإسلامية ، عشية انتقال الرسول إلى الرفيق الأعلى ، رفضت قريش رفضاً باتاً ونهائياً مبدأ تداول السلطة، أو المشاركة فيها، ... وكان معنى هذا الرفض من جانب قريش، تحويل المشروع الإسلامي المطروح في القرآن -وهو مشروع عربي إنساني(!!)- إلى مشروع قبلي، وربط النبوة بآفاق القبيلة.. القبيلة تعتمد في تعزيز علاقات الترابط بين أفرادها على رابطة الدم والعرق الممتد في الماضي"(ص21) ويقول ص55، أن حروب الردة كانت " نابعة من الرغبة في عدم الخضوع لسلطة قريش"!!، وهذا أشنع الكذب على الصحابة، الذي انتقلوا جميعاً،بعد اختيار رائدهم وقائدهم، يشاركون في بناء الدولة والأمة والحضارة، وينوعون في صور الشورى، بحسب ظروفهم،(لاننسى أن النص الفائت من كتاب المقبور، موضوع في سياق مشروعه عن التحرر من النصوص، وإرجاع سر التخلف غلى الإسلام نفسه(ص2142)، وفي سياق اعترافه بأن خطاب التنوير فشل في إحداث التنوير،ص41)، لأنه لم يقل كل شئ صراحة بغير إضمار، وهو يعرف التنوير بأنه " إحداث وعي علمي حقيقي بالتراث الديني خصوصاً ، وعي ينقل الثقافة... من حالة إلى حالة، ومن مرحلة الوعي الديني الغيبي الأسطوري إلى مرحلة الوعي العلمي بالظواهر الطبيعية ، والإجتماعية والإنسانية على سواء"(ص41) ، وأما الوعي العلمي المزعوم في موضوع اجتماع الصحابة في السقيفة ، فهو أتهامهم بأنهم وضعوا القبيلة وأحلامها أمام الوعي بالتاريخ، والمشاركة وتجاوز المصالح الطبقية !!، ومن الجانب الآخر، وهو يتحرك في كتبه على عدة موضوعات، من الوحي إلى التاريخ والحوادث، انتقل في نفس الكتاب، إلى موضوع طه حسين وزكي نجيب محفوظ ، وماأحدثوه من نقد مباشر للوحي واإنكارهم للغيب، راح يمدحهم فقط على إحداث خلخلة في موضوع الوحي والغيب والقرآن ونصوصه، ليتفرغ بعد ذلك إلى أن يقدح هو نفسه في القرآن، بعملية إخضاع قسرية خائبة لتطبيقات مذاهبه المادية، التي تكلمنا عنها، في مقالنا" تناولات مادية.." وهو يعتمد كما كتبت في أكثر من موضع على مشروع غالي شكري في إحداث نقلة نوعية تجاه مفاهيم الإسلام وحقائقه بالمساس بها، فغالي شكري دعا إلى النقد كما فعلته أوروبا في نقد الدين وليس الكنيسة فقط(انظر كتابه السقوط والنهوض ص 128،129) وهو يدعو لتكميل عملية طه حسين في إزاحة التقديس عن النصوص القرآنية،برفض جعل القصص القرآني مرجعاً تاريخيا، كمثال قام به طه حسين في عملية المساس الأولي والزحزحة،(انظر ص 32، من النص، السلطة..،، والسقوط والنهضة لغالي شكري ص 32، وإذا أردت أن تتأكد من أنه تأثر وأخذ عن غالي شكري فإقرأ بنفسك كلامه عن تنويرية غالي شكري وموضوع السقوط والنهضة، ص 52، من كتابه(النص السلطة، الحقيقة) وهو ماعبر عنه بإحداث مساس بهيكل البناء!، لكنه عاتبه على التراجع والفشل في إحداث المزيد من النقد ، و" إعادة طلاء القديم والمحافظة على بنيته كما هي"(ص25) ، وفي سياق كلامه عن أن القرآن هو النص الأول والمركزي في الثقافة"(ص19)، ، وأنه يؤسس نفسه ديناً وتراثاً في الوقت نفسه"(ص16) ، و" أن القرآن منتج ثقافي "(النص، السلطة، الحقيقة، ص 87)، وراح في نفس الكتاب ينفي كلام الله عن الجن من سورة الجن، ص109) ، وقد تكلمنا عن تناوله ذلك بمباضع المذاهب العلمانية المختزلة للحقائق،في كتابنا الأقطاب 1،وقال بأنه يخوض ماخاضته أوروبا مع نصوصها بقوله، في نفس الكتاب" هكذا أفضى الخوض في تأويل الكتاب المقدس في تاريخ الثقافة الأوروبية إلى بلورة نظرية التأويل-الهرمنيوطيقا- التي تم نقلها من مجال النصوص الدينية إلأى مجال دراسة النصوص الأدبية في النظرية النقدية المعاصرة"(ص112)، ثم دعا ص134،134، إلى الإجتهاد(العلماني طبعا، والذي يتصارعون عليه، كما يمكن رؤية ذلك من نقدهم بعضهم لإستعمالهم لمذاهبهم المنتقاة من الغرب)الإجتهاد في مجال العقيدة، ولم يفته أن يتهم القرآن بالأسطورة، فقال:" ولاشك أن النصوص الدينية، اعتمدت ، شأنها شأن غيرها من النصوص ، على جدلية المعرفي والأيديولوجي في صياغة عقائدها(!!)، المعرفي التاريخي يحيل بالضرورة إلى كثير من التصورات الأسطورية في وعي الجماعة التي توجهت لها النصوص بالخطاب"(ص135، من النص، السلطة، الحقيقة) ، ثم انتقل لموضوع الحامية، وراح يتهم المفهوم بأنه يرفض الشورى وأنه مفهوم استبدادي قبلي، مع أن الحاكمية فتحت باب الشورى وسمحت للاديان الأخرى بالحياة والتعايش!، وأما هنا في موضوعنا فقد حرف الواقعة التاريخية، وخرج تأويلات منها، وهي في الحقيقة مفروضة عليها من الخارج الماركسي، والعلماني، مع أن يوم السقيفة كان تشاور في موضوع واحد فقط لاغير، وهو موضوع من يكون الخليفة من بعد الرسول، وكانت أقوال ابو بكر في هذا اليوم وفعله من أعز وأثمن عمل شوري في تاريخ الإسلام بعد رسول الله، كما بينا من كلام شيخ الإسلام، ومعلوم أنه سرعان ما اتفق المجتمعون على أن يكون الخليفة هو أبو بكر الصديق، بعد نزاع كلامي يحدث في أي أمة، ولم تكن هناك أي مصالح مادية ولا تأويلات عقدية، ولا أهداف قبلية أو مخططات جاهلية، أو صراعات طبقية، بل وكما عرضنا من نصوص كانوا في ذلك اليوم أمة واحدة، انطلقوا بعده ، متفقين، في نصرة ماجاء به التنزيل ونجحوا في زمن الخليفة الأول أيما نجاح،
أما عمل أهل الزندقة وأغراضهم من إيراد حوادث الإسلام على غير ماوردت فابن تيمية رحمه الله يخبرنا عن ذلك ، وهو ينطبق على العلمانيين الذين يسردون وقائع تاريخنا ويحرفونه ،
قال "و لهذا ما زال أهل العلم يقولون إن الرفض من إحداث الزنادقة الملاحدة الذين قصدوا إفساد الدين دين الإسلام و يأبى الله إلا أن يتم نوره و لو كره الكافرون فإن منتهى أمرهم تكفير علي و أهل بيته بعد أن كفروا الصحابة و الجمهور و لهذا كان صاحب دعوى الباطنية الملاحدة رتب دعوته مراتب أول ما يدعو المستجيب إلى التشيع ثم إذا طمع فيه قال له علي مثل الناس و دعاه إلى القدح في علي أيضا ثم إذا طمع فيه دعاه إلى القدح في الرسول ثم إذا طمع فيه دعاه إلى إنكار الصانع هكذا ترتيب كتابهم الذي يسمونه البلاغ الأكبر و الناموس الأعظم و واضعه الذي أرسل به إلى القرمطي الخارج بالبحرين لما استولى على مكة و قتلوا الحجاج وأخذوا الحجر الأسود و استحلوا المحارم وأسقطوا الفرائض و سيرتهم مشهورة عند أهل العلم
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7، ص410، تحقيق محمد رشاد سالم
"وصنف المسلمون في كشف أسرارهم وهتك أستارهم كتبا معروفة لما علموه من إفسادهم الدين والدنيا وصنف فيهم القاضي عبد الجبار والقاضي أبو بكر بن الطيب وأبو يعلى والغزالي وابن عقيل وأبو عبد الله الشهرستاني وطوائف غير هؤلاء
وهم الملاحدة الذين ظهروا بالمشرق والمغرب واليمن والشام ومواضع متعددة كأصحاب الألموت وأمثالهم
وكان من أعظم ما به دخل هؤلاء على المسلمين وأفسدوا الدين هو طريق الشيعة لفرط جهلهم وأهوائهم وبعدهم من دين الإسلام
وبهذا وصوا دعاتهم أن يدخلوا على المسلمين من باب التشيع وصاروا يستعينون بما عند الشيعة من الأكاذيب والأهواء ويزيدون هم على ذلك ما ناسبهم من الافتراء حتى فعلوا في أهل الإيمان مالم يفعله عبدة الأوثان والصلبان وكان حقيقة أمرهم دين فرعون الذي هو شر من دين اليهود والنصارى وعباد الأصنام
وأول دعوتهم التشيع وآخرها الانسلاخ من الإسلام بل من الملل كلها
ج8 ص14
 
"و أما الخطأ فلا يعصم من الإقرار عليه إلا نبي لكن أهل الحديث يعلمون إن مثل الزهري والثوري ومالك ونحوهم من اقل الناس غطا في أشياء خفيفة لا تقدح في مقصود الحديث ويعرفون رجالا دون هؤلاء يغلطون أحيانا والغالب عليهم الحفظ والضبط ولهم دلائل يستدلون بها على غلط الغالط
ودون هؤلاء قوم كثير غلطهم فهؤلاء لا يحتجون بهم إذا انفردوا لكن يعتبرون بحديثهم ويستشهدون به بمعنى انهم ينظرون فيما رووه هل رواه غيرهم فإذا تعددت الطرق واللفظ واحد مع العلم بانهم لم يتواطأوا ولا يمكن في العادة اتفاق الخطأ في مثل ذلك كان هذا مما يدلهم على صدق الحديث ولهذا قال احمد اكتب حديث الرجل لاعتبر به مثل ابن لهيعة ونحوه فانه كان عالما دينا قاضيا لكن احترقت كتبه فصار يحدث بعد ذلك بأشياء دخل فيها غلط لكن اكثر ذلك صحيح يوافقه عليها الثقات كالليث و امثاله
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7 ،ص421، 422، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"و اما الخلفاء الأربعة فلهم في تبليغ كليات الدين ونشر أصوله واخذ الناس ذلك عنهم ما ليس لغيرهم وان كان يروى عن صغار الصحابة من الأحاديث المفردة اكثر مما يروى عن بعض الخلفاء فالخلفاء لهم عموم التبليغ وقوته التي لم يشركهم فيها غيرهم ثم لما قاموا بتبليغ ذلك شاركهم فيه غيرهم فصار متواترا كجمع آبي بكر وعمر القران في الصحف ثم جمع عثمان له في المصاحف التي أرسلها إلى الأمصار فكان الاهتمام بجمع القران وتبليغه أهم مما سواه
وكذلك تبليغ شرائع الإسلام إلى أهل الأمصار ومقاتلتهم على ذلك واستنابتهم في ذلك الأمراء والعلماء وتصديقهم لهم فيما بلغوه عن الرسول فبلغ من أقاموه من أهل العلم حتى صار الدين منقولا نقلا عاما متواترا ظاهرا معلوما قامت به الحجة ووضحت به المحجة وتبين به إن هؤلاء كانوا خلفاءه المهديين الراشدين الذين خلفوه في أمته علما وعملا
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7 ص423،تحقيق محمد رشاد سالم
 
كذلك أيضا في كتب التفسير أشياء منقولة عن النبي صلى الله عليه و سلم يعلم أهل العلم بالحديث إنها كذب مثل حديث فضائل سور القرآن الذي يذكره الثعلبي و الواحدي في أول كل سورة و يذكره الزمخشري في آخر كل سورة و يعلمون أن اصح ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم في فضائل السور أحاديث قل هو الله أحد و لهذا رواها أهل الصحيح فافرد الحفاظ لها مصنفات كالحافظ أبي محمد الخلال وغيره ويعلمون أن الأحاديث المأثورة في فضل فاتحة الكتاب و آية الكرسي وخواتيم البقرة والمعوذتين أحاديث صحيحة فلهم فرقان يفرقون به بين الصدق والكذب
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7 ص434،444،،تحقيق محمد رشاد سالم
 
فان أبا بكر لم يدع إلى نفسه و لا ارغب و لا ارهب و لا كان طالبا للرئاسة بوجه من الوجوه
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7 ص462،،تحقيق محمد رشاد سالم
 
كان المقتضي مع أبي بكر و هو دين الله قويا و الإسلام في جدته و طراوته و إقباله كان اتقى لله
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7 ص463،،تحقيق محمد رشاد سالم
 
نص عظيم يمكن إقامته حجة ضد المستشرقين والعلمانيين أمثال خليل عبد الكريم(في موضوعه عن الإمبراطورية القرشية، التي نسبها مباشرة لنية الرسول ونسبها نصر حامد لنية أصحابه!!- وسيد القمني(وموضوعه الحزب الهاشمي ، وقد رد عليه قديما أول من رد فهمي هويدي) ونصر أبو زيد والعشماوي وغيرهم
:"ثم خلافة أبي بكر و عمر هي من كمال نبوة محمد صلى الله عليه و سلم و رسالته و مما يظهر انه رسول حق ليس ملكا من الملوك فان عادة الملوك إيثار أقاربهم بالولايات لوجوه أحدها محبتهم لأقاربهم اكثر من الجانب لما في الطباع من ميل الإنسان إلى قرابته و الثاني لان أقاربهم يريدون إقامة ملكهم ما لا يريده الأجنبي لان في عز قريب الإنسان عز لنفسه و من لم يكن له أقارب من الملوك استعان بممالكه و مواليه فقربهم و استعان بهم و هذا موجود في ملوك المسلمين و الكفار
و لهذا لما كان ملوك بنو أمية و بنو العباس ملوكا كانوا يريدون أقاربهم و مواليهم بالولايات اكثر من غيرهم و كان ذلك مما يقيمون به ملكهم و كذلك ملوك الطوائف كبني بويه و بني سلجق و سائر الملوك بالشرق و الغرب و الشام و اليمن و غير ذلك
و هكذا ملوك الكفار من أهل الكتاب و المشركين كما يوجد في ملوك الفرنج و غيرهم و كما يوجد في آل جنكشخان بان الملوك تبقى في أقارب الملك و يقولون هذا من العظم و هذا ليس من العظم أي من أقارب الملك
و إذا كان كذلك فتوليه أبي بكر و عمر بعد النبي صلى الله عليه و سلم دون عمه العباس و بني عمه على و عقيل و ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب و أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب و غيرهم و دون سائر بني عبد مناف كعثمان بن عفان و خالد بن سعيد بن العاص و إبان بن سعيد بن العاص و غيرهم من بني عبد مناف الذين كانوا اجل قريش قدرا و اقرب نسبا إلى النبي صلى الله عليه و سلم من اعظم الأدلة على أن محمدا عبد الله و رسوله و انه ليس ملكا حيث لم يقدم في خلافته أحدا لا بقرب نسب منه و لا بشرف بيته بل إنما قدم بالإيمان و التقوى
و دل ذلك على أن محمدا صلى الله عليه و سلم و أمته من بعده إنما يعبدون الله و يطيعون أمره لا يريدون ما يريده غيرهم من العلو في الأرض و لا يريدون أيضا ما أبيح لبعض الأنبياء من الملك فان الله خير محمدا بين أن يكون عبدا رسولا و بين أن يكون ملكا نبيا فاختار أن يكون عبدا رسولا
و تولية أبي بكر و عمر بعده من تمام ذلك فانه لو قدم أحدا من أهل بيته لكانت شبهة لمن يظن انه كان ملكا كما انه لو ورث مالا لورثته لكانت شبهة لمن يظن انه جمع المال لورثته فلما لم يستخلف أحدا من أهل بيته و لا خلف لهم مالا كان هذا مما يبين انه كان من ابعد الناس عن طلب الرياسة و المال و أن كان ذلك مباحا و انه لم يكن من الملوك الأنبياء بل كان عبد الله و رسوله كما قال صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح
إني و الله لا أعطي أحدا و لا امنع أحدا و إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت
و قال
أن ربي خيرني بين أن أكون عبدا رسولا أو نبيا ملكا فقلت بل عبدا رسولا
و إذا كان هذا مما دل على تنزيهه عن كونه من ملوك الأنبياء فدلالة ذلك على نبوته و نزاهته عن الكذب و الظلم اعظم و اعظم و لو تولى بعده علي أو واحد من أهل بيته لم تحصل هذه المصالح و الالطافات العظيمة
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7 ص466-468،تحقيق محمد رشاد سالم
 
عمر حارب أعظم امبراطوريتان في التاريخ القديم وانتصر عليهما
"ثم عمر تولى قتال أمتين عظيمتين لم يكن في العادة المعروفة أن أهل الحجاز و اليمن يقهرونهم و هما فارس و الروم فقهرهم و فتح بلادهم و تمم عثمان ما تمم من فتح المشرق و المغرب ثم فتح بعد ذلك في خلافة بني أمية ما فتح بالمشرق و المغرب كما وراء النهر و الأندلس و غيرهما مما فتح في خلافة عبد الملك
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7 ص469،تحقيق محمد رشاد سالم
 
"فمعلوم انه لو تولى غير أبي بكر و عمر موت النبي صلى الله عليه و سلم مثل علي أو عثمان لم يمكنه أن يفعل ما فعلا فان عثمان لم يفعل ما فعلا مع قوة الإسلام في زمانه و علي كان اعجز من عثمان و كان اعوانه اكثر من أعوانهما و عدوه اقل و اقرب إلى الإسلام من عدوهما و مع هذا فلم يقهر عدوه فكيف كان يمكنه قهر المرتدين و قهر فارس و الروم مع قلة الأعوان و قوة العدو
و هذا مما يبين فضل أبي بكر و عمر و تمام نعمة الله بهما على محمد صلى الله عليه و سلم و على الناس بعده و أن من اعظم نعم الله تولية أبي بكر و عمر بعد النبي صلى الله عليه و سلم فانه لو تولى غيرهما كان لم يفعل ما فعلا إما لعدم القدرة و إما لعدم الإرادة
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7 ص469،470، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"فانه إذا قيل لم لم يغلب علي معاوية و أصحابه فلا بد أن يكون سبب ذلك إما عدم كمال القدرة و إما عدم كمال الإرادة و إلا فمع كمال القدرة و كمال الإرادة يجب وجود الفعل و من تمام القدرة طاعة الاتباع له و من تمام الإرادة ما هو الأصلح الأنفع الأرضى لله و لرسوله
و أبو بكر و عمر كانت قدرتهما اكمل و إرادتهما افضل فبهذا نصر الله بهما الإسلام و أذل بهما الكفر و النفاق و علي رضي الله عنه لم يؤت من كمال القدرة و الإرادة ما أوتيا
و الله تعالى كما فضل بعض النبيين على بعض فضل بعض الخلفاء على بعض فلما لم يؤت ما أوتيا لم يمكنه أن يفعل في خلافته ما فعلا و حينئذ فكان عن ذلك بموت النبي صلى الله عليه و سلم اعجز و اعجز فانه على أي وجه قدر ذلك فان غاية ما يقول المتشيع أن اتباعه لم يكونوا يطيعونه
فيقال إذا كان الذين بايعوه لم يطيعوه فكيف يطيعه من لم يبايعه و إذا قيل لو بايعوه بعد موت النبي صلى الله عليه و سلم لفعل بهم اعظم مما فعل أبو بكر و عمر فيقال قد بايعه اكثر ممن بايع أبا بكر و عمر و نحوهما و عدوه اضعف و اقرب إلى الإسلام من عدو أبي بكر و عمر و لم يفعل ما يشبه فعلهما فضلا عن أن يفعل افضل منه
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7 ص470،471، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"فان الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وقاتلوا معهم هم افضل من الذين بايعوا عليا وقاتلوا معه فان أولئك فيهم من عاش بعد النبي صلى الله عليه و سلم من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وعامة السابقين الأولين عاشوا بعد النبي صلى الله عليه و سلم إنما توفى منهم أو قتل في حياته قليل منهم
والذين بايعوا عليا كان فيهم من السابقين والتابعين بإحسان بعض من بايع أبا بكر وعمر وعثمان و إما سائرهم فمنهم من لم يبايعه ولم يقاتل معه كسعد بن أبي وقاص و أسامة بن زيد وابن عمر ومحمد بن مسلمة وزيد بن ثابت وأبي هريرة و أمثال هؤلاء من السابقين والذين اتبعوهم بإحسان
ومنهم من قاتله كالذين كانوا مع طلحة والزبير وعائشة و معاوية من السابقين والتابعين
وإذا كان الذين بايعوا الثلاثة وقاتلوا معهم افضل من الذين بايعوا عليا وقاتلوا معه لزم أن يكون كل من الثلاثة افضل لان عليا كان موجودا على عهد الثلاثة فلو كان هو المستحق للإمامة دون غيره كما تقوله الرافضة أو كان افضل و أحق بها كما يقوله من يقوله من الشيعة لكان افضل الخلق قد عدلوا عما أمرهم الله به ورسوله به إلى ما لم يؤمروا به بل ما نهوا عنه وكان الذين بايعوا عليا وقاتلوا معه فعلوا ما أمروا به
ومعلوم أن من فعل ما أمر الله به ورسوله كان افضل ممن تركه وفعل ما نهى الله عنه ورسوله
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7 ص472،473، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"فانه في عهد الثلاثة جرى من ظهور الإسلام وعلوه وانتشاره ونموه وانتصاره وعزه وقمع المرتدين وقهر الكفار من أهل الكتاب والمجوس وغيرهم ما لم يجر بعدهم مثله"
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7 ص474، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"وكان أبو بكر وعمر افضل سيرة واشرف سريرة من عثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين فلهذا كانا ابعد عن الملام و أولى بالثناء العام حتى لم يقع في زمنهما شيء من الفتن فلم يكن للخوارج في زمنهما لا قول مأثور ولا سيف مشهور بل كان كل سيوف المسلمين مسلولة على الكفار وأهل الإيمان في إقبال وأهل الكفر في إدبار
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7 ص474، تحقيق محمد رشاد سالم
 
يالجمال الوصف والموصوف
:"من المعلوم بالاضطرار والمتواتر من الأخبار أن المهاجرين هاجروا من مكة وغيرها إلى المدينة وهاجر طائفة منهم كعمر وعثمان وجعفر بن أبي طالب هجرتين هجرة إلى الحبشة وهجرة إلى المدينة وكان الإسلام إذ ذاك قليلا والكفار مستولون على عامة الأرض وكانوا يؤذون بمكة ويلقون من أقاربهم وغيرهم من المشركين من الأذى ما لا يعلمه إلا الله وهم صابرون على الأذى متجرعون لمرارة البلوى وفارقوا الأوطان وهجروا الخلان لمحبة الله ورسوله والجهاد فيسبيله كما وصفهم الله تعالى بقوله للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم و أموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون
وهذا كله فعلوه طوعا واختيارا من تلقاء أنفسهم لم يكرههم عليه مكره ولا الجاهم إليه أحد فانه لم يكن للإسلام إذ ذاك من القوة ما يكره به أحد على الإسلام وكان النبي صلى الله عليه و سلم إذ ذاك هو ومن اتبعه منهيين عن القتال مأمورين بالصفح والصبر فلم يسلم أحد إلا باختياره ولا هاجر أحد إلا باختياره
ولهذا قال احمد بن حنبل وغيره من العلماء انه لم يكن من المهاجرين من نافق و إنما كان النفاق في قبائل الأنصار لما ظهر الإسلام بالمدينة ودخل فيه من قبائل الأوس والخزرج ولما صار للمسلمين دار يمتنعون بها ويقاتلون دخل في الإسلام من أهل المدينة وممن حولهم من الأعراب من دخل خوفا وتقية وكانوا منافقين
كما قال تعالى وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين
ولهذا إنما ذكر النفاق في السور المدنية و إما السور المكية فلا ذكر فيها للمنافقين فان من اسلم قبل الهجرة بمكة لم يكن فيهم منافق و الذين هاجروا لم يكن فيهم منافق بل كانوا مؤمنين بالله و رسوله محبين لله و لرسوله و كان الله و رسوله احب إليهم من أولادهم و أهلهم و أموالهم و إذا كان كذلك علم أن رميهم أو رمي أكثرهم أو بعضهم بالنفاق كما يقوله من يقوله من الرافضة من اعظم البهتان الذي هو نعت الرافضة و إخوانهم من اليهود"
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7 ص475،476 تحقيق محمد رشاد سالم
قلت: وإخوانهم من العلمانيين الذين أصل بعضهم من الشيعة( هاشم صالح-دروش، إلخ) وبعضهم ممن تربى على الفكرة المادية وليس من أصل شيعي، فهو إما ماركسي(خليل ونصر وصادق العظم والعلوي وغيرهم) وإما ماسوني(العشماوي) وإما أصحاب المذاهب الأحدث والموضات الأهوج!
 
هكذا تكلم بن تيمية!
:"فمن كان إيمانهم مثل الجبال في حال ضعف الإسلام كيف يكون إيمانهم بعد ظهور آياته و انتشار أعلامه"
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7 ص477 تحقيق محمد رشاد سالم
 
عودة
أعلى