جواهر تاريخية وعلمية وأخلاقية في نقض كلام شيعة وعلمانية من منهاج بن تيمية-أ طارق منينة

أخطاء الصحابة أثناء التربية، في الغزوات وغير ذلك
"فهم خير الخلق وأفضل الناس وأعظمهم علما وإيمانا وهم الذين بايعوا تحت الشجرة وقد رضي الله عنهم وأثنى عليهم وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار
والاعتبار في الفضائل بكمال النهاية لا بنقص البداية وقد قص الله علينا من توبة أنبيائه وحسن عاقبتهم وما آل إليه أمرهم من علي الدرجات وكرامة الله لهم بعد أن جرت لهم أمور ولا يجوز أن يُظن بُغضهم لأجلها إذا كان الاعتبار بكمال النهاية لا بنقص البداية وهكذا السابقون الأولون من ظن بُغضهم لأجلها إذا كان الاعتبار بكمال النهاية كما ذكر فهو جاهل "
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص412،413، تحقيق محمد رشاد سالم
 
الأمر بالحلق يوم الحديبية ومخالفته!
"ومن ظن أن مخالفة من خالف أمر الرسول يوم الحديبية أو غيره لم تكن من الذنوب التي تجب التوبة منها فهو غالط ...فإنه مع جزم النبي صلى الله عليه و سلم وتشكيه ممن لم يمتثل أمره وقوله
مالي لا أغضب وأنا آمر بالأمر ولا أتبع لا يمكن تسويغ المخالفة لكن هذا مما تابوا منه كما تابوا من غيره فليس لأحد أن يثبت عصمة من ليس بمعصوم فيقدح بذلك في أمر المعصوم صلى الله عليه و سلم كما فعل ذلك في توبة من تاب وحصل له بالذنب نوع من العقاب فأخذ ينفى على الفعل ما يوجب الملام والله قد لامه لوم المذنبين فيزيد تعظيم البشر فيقدح في رب العالمين ومن علم أن الاعتبار بكمال النهاية وأن التوبة تنقل العبد إلى مرتبة أكمل مما كان عليه علم أن ما فعله الله بعباده المؤمنين كان من أعظم نعمه الله عليهم
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص415،416، تحقيق محمد رشاد سالم
 
" ومن علم أن الاعتبار بكمال النهاية وأن التوبة تنقل العبد إلى مرتبة أكمل مما كان عليه علم أن ما فعله الله بعباده المؤمنين كان من أعظم نعمه الله عليهم
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص416، تحقيق محمد رشاد سالم
 
عن ابي بكر الصديق
"والمقصود هنا بيان اختصاصه في الصحبة الإيمانية بما لم يشركه مخلوق لا في قدرها ولا في صفتها ولا في نفعها فإنه لو أحصى الزمان الذي كان يجتمع فيه أبو بكر بالنبي صلى الله عليه و سلم والزمان الذي كان يجتمع فيه عثمان أو علي أو غيرهما من الصحابة لوجد ما يختص به أبو بكر أضعاف ما اختص به واحد منهم لا أقول ضعفه
وأما المشترك بينهم فلا يختص به واحد
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص421، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"وأما نفعه للنبي صلى الله عليه و سلم ومعاونته له على الدين فكذلك
فهذه الأمور التي هي مقاصد الصحبة ومحامدها التي بها يستحق الصحابة أن يفضلوا بها على غيرهم لأبي بكر فيها من الاختصاص بقدرها ونوعها وصفتها وفائدتها ما لا يشركه فيه أحد
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص422، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"ومما يبين من القرآن فضيلة أبو بكر في الغار أن الله تعالى ذكر نصره لرسوله في هذه الحال التي يخذل فيها عامة الخلق إلا من نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار سورة التوبة 40 أي أخرجوه في هذه القلة من العدد لم يصحبه إلا الواحد فإن الواحد أقل ما يوجد فإذا لم يصحبه إلا واحد دل على أنه في غاية القلة ثم قال إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا سورة التوبة 40 وهذا يدل على أن صاحبه كان مشفقا عليه محبا له ناصرا له حيث حزن ...فلو كان أبو بكر مبغضا كما يقول المفترون لم يحزن ولم ينه عن الحزن بل كان يضمر الفرح والسرور ولا كان الرسول يقول له لا تحزن إن الله معنا ، فإن قال المفتري إنه خفي على الرسول حاله لما أظهر له الحزن وكان في الباطن مبغضا قيل له فقد قال إن الله معنا فهذا إخبار بأن الله معهما جميعا بنصره ولا يجوز للرسول أن يخبر بنصر الله لرسوله وللمؤمنين وأن الله معهم ويجعل ذلك في الباطن منافقا فإنه معصوم في خبره عن الله لا يقول عليه إلا الحق وإن جاز أن يخفى عليه حال بعض الناس فلا يعلم أنه منافق كما قال وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سورة التوبة 101 فلا يجوز أن يخبر عنهم بما يدل على إيمانهم ولهذا لما جاءه المخلفون عام تبوك فجعلوا يحلفون ويعتذرون وكان يقبل علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله لا يصدق أحدا منهم فلما جاء كعب وأخبره بحقيقة أمره قال
أما هذا فقد صدق أو قال صدقكم
وأيضا فإن سعد بن أبي وقاص لما قال للنبي صلى الله عليه و سلم أعطيت فلانا وفلانا وتركت فلانا وهو مؤمن قال أو مسلم مرتين أو ثلاثا فأنكر عليه إخباره بالإيمان ولم يعلم منه إلا ظاهر الإسلام فكيف يشهد لأبي بكر بأن الله معهما وهو لا يعلم ذلك والكلام بلا علم لا يجوز
وأيضا فإن الله أخبر بهذا عن الرسول إخبار مقرر له لا إخبار منكر له فعلم أن قوله إن الله معنا من الخبر الصدق الذي أمر الله به ورضيه لا مما أنكره وعابه
وأيضا فمعلوم أن أضعف الناس عقلا لا يخفى عليه حال من يصحبه في مثل هذا السفر الذي يعاديه فيه الملأ الذين هم بين أظهرهم ويطلبون قتله وأولياؤه هناك لا يستطيعون نصره فكيف يصحب واحدا ممن يظهر له موالاته دون غيره وقد أظهر له هذا حزنه وهو مع ذلك عدو له في الباطن والمصحوب يعتقد أنه وليه وهذا لا يفعله إلا أحمق الناس وأجهلهم
فقبح الله من نسب رسوله الذي هو أكمل الخلق عقلا وعلما وخبرة إلى مثل هذه الجهالة والغباوة
ولقد بلغني عن ملك المغول خدابنده الذي صنف له هذا الرافضي كتابه هذا في الإمامة أن الرافضة لما صارت تقول له مثل هذا الكلام إن أبا بكر كان يبغض النبي صلى الله عليه و سلم وكان عدوه ويقولون مع هذا إنه صحبه في سفر الهجرة الذي هو أعظم الأسفار خوفا قال كلمة تلزم عن قولهم الخبيث وقد برأ الله رسوله منها لكن ذكرها على من افترى الكذب الذي أوجب أن يقال في الرسول مثلها حيث قال كان قليل العقل
ولا ريب أن فعل ما قالته الرافضة فهو قليل العقل وقد برأ الله رسوله وصديقه من كذبهم وتبين أن قولهم يستلزم القدح في الرسول
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص428-431، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"ومما يبين أن الصحبة فيها خصوص وعموم كالولاية والمحبة والإيمان وغير ذلك من الصفات التي يتفاضل فيها الناس في قدرها ونوعها وصفتها ما أخرجاه في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء فسبه خالد فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم
لا تسبوا أحدا من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه انفرد مسلم بذكر خالد وعبد الرحمن دون البخاري فالنبي صلى الله عليه و سلم يقول لخالد ونحوه لا تسبوا اصحابي يعني عبد الرحمن بن عوف وأمثاله لأن عبد الرحمن ونحوه هم السابقون الأولون وهم الذين أسلموا قبل الفتح وقاتلوا وهم أهل بيعة الرضوان فهؤلاء أفضل وأخص بصحبته ممن أسلم بعد بيعة الرضوان وهم الذين أسلموا بعد الحديبية وبعد مصالحة النبي صلى الله عليه و سلم أهل مكة ومنهم خالد وعمرو بن العاص وعثمان بن أبي طلحة وأمثالهم
وهؤلاء أسبق من الذين تأخر إسلامهم إلى أن فتحت مكة وسموا الطلقاء مثل سهيل بن عمرو والحارث بن هشام وأبي سفيان بن حرب وابنيه يزيد ومعاوية وأبي سفيان بن الحارث وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وغيرهم مع أنه قد يكون في هؤلاء من برز بعلمه على بعض من تقدمه كثيرا كالحارث بن هشام وأبي سفيان بن الحارث وسهيل بن عمرو وعلى بعض من أسلم قبلهم ممن أسلم قبل الفتح وقاتل وكما برز عمر بن الخطاب على أكثر الذين أسلموا قبله
والمقصود هنا أنه نهى لمن صحبه آخرا بسب من صحبه أولا لامتيازهم عنهم في الصحبة بما لا يمكن أن يشركهم فيه حتى قال لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه
فإذا كان هذا حال الذين أسلموا من بعد الفتح وقاتلوا وهم من أصحابه التابعين للسابقين مع من أسلم من قبل الفتح وقاتل وهم أصحابه السابقون فكيف يكون حال من ليس من أصحابه بحال مع أصحابه
وقوله لا تسبوا أصحابي قد ثبت في الصحيحين من غير وجه منها ما تقدم ومنها ما أخرجوه في الصحيح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص431-433، تحقيق محمد رشاد سالم
 
عن الشيعة(وهي منطبقة على العلمانيين العرب)
"فإن القوم قوم بهت يجحدون المعلوم ثبوته بالاضطرار ويدعون ثبوت ما يعلم انتفاؤه بالاضطرار في العقليات والنقليات
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص434، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"وكون أبي بكر كان مواليا للنبي صلى الله عليه و سلم أعظم من غيره أمر علمه المسلمون والكفار والأبرار والفجار حتى أني أعرف طائفة من الزنادقة كانوا يقولون إن دين الإسلام اتفق عليه في الباطن النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وثالثهما عمر لكن لم يكن عمر مطلعا على سرهما كله كما وقعت دعوة الإسماعيلية الباطنية والقرامطة فكان كل من كان أقرب إلى إمامهم كان أعلم بباطن الدعوة وأكتم لباطنها من غيره ولهذا جعلوهم مراتب فالزنادقة المنافقون لعلمهم بأن أبا بكر أعظم موالاة واختصاصا بالنبي صلى الله عليه و سلم من غيره جعلوه ممن يطلع على باطن أمره ويكتمه عن غيره ويعاونه على مقصوده بخلاف غيره "
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص434،435، تحقيق محمد رشاد سالم
تشابهت قلوبهم، فالعلماني الميت عن عمر يتجاوز 89 عاما وهو خليل عبد الكريم قال بمثل هذا عن(النبي-خديجة-ورقة-رهبان وقساوسة)، وقال بمثله طيب تيزيني، وقال كذلك مثله في سيناريوهات مفتعلة علمانيا، هشام جعيط، وكلهم كبراء في العلمانية العربية المعاصرة، وقد خصصت لهم مجموعة المقالات الأولى من سلسلة انهيار شرفات الإستشراق والعلمانية، وأيضا خصصت لهم كتابي المخطوط وهو أقطاب العلمانية3
أما اين كتبوا هذا الخرافات ففي كتبهم المشهورة(فترة التكوين، وجزئين لجعيط عن السيرة، وطيب تيزيني في مقدمات أولية!
 
معجزات وحماية
"وكون المشركين بذلوا الدية لمن يأتى بأبي بكر دليل على أنهم كانوا يعلمون موالاته لرسول الله صلى الله عليه و سلم وأنه كان عدوهم في الباطن ولو كان معهم في الباطن لم يفعلوا ذلك
الرابع أنه إذا كان خرج ليلا كان وقت الخروج لم يعلم به أحد فما يصنع بأبي بكر واستصحابه معه
فإن قيل فلعله علم خروجه دون غيره
قيل أولا قد كان يمكنه أن يخرج في وقت لا يُشعر به كما خرج في وقت لم يشعر به المشركون ، وكان يمكنه أن لا يعينه . فكيف وقد ثبت في الصحيحين أن أبا بكر استأذنه في الهجرة فلم يأذن له حتى هاجر معه والنبي صلى الله عليه و سلم أعلمه بالهجرة في خلوة ففي الصحيحين عن البراء بن عازب قال جاء أبو بكر إلى أبي في منزله فاشترى منه رحلا فقال لعازب أبعث ابنك معي يحمله إلى منزلي فحملته وخرج أبي معه ينتقد ثمنه فقال أبي يا أبا بكر حدثني كيف صنعتما ليلة سريت مع النبي صلى الله عليه و سلم قال نعم سرينا ليلتنا كلها ومن الغد حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق فلا يمر بنا فيه أحد حتى رفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليه الشمس بعد فنزلنا عندها فأتيت الصخرة فسويت بيدي مكانا ينام فيه النبي صلى الله عليه و سلم في ظلها ثم بسطت عليه فروة ثم قلت نم يا رسول الله وأنا أنفض لك ما حولك فنام رسول الله صلى الله عليه و سلم في ظلها وخرجت أنفض ما حوله فإذا أنا براع مقبل بغنمه إلى الصخرة يريد منها الذي أردنا فلقيته فقلت لمن أنت يا غلام فقال لرجل من أهل المدينة يريد مكة لرجل من قريش سماه فعرفته فقلت له أفي غنمك لبن فقال نعم قلت أفتحلب لي قال نعم فأخذ شاة فقلت له انفض الضرع من الشعر والتراب والقذى فحلب لي في قَعب معه كُثبة من لبن قال ومعي إداوة أرتوى فيها لرسول الله صلى الله عليه و سلم ليشرب منها ويتوضأ قال فأتيت النبي صلى الله عليه و سلم وكرهت أن أوقظه من نومه فوافيته قد استيقظ فصببت على اللبن الماء حتى برد أسفله فقلت يا رسول الله اشرب من هذا اللبن فشرب حتى رضيت ثم قال
ألم يأن للرحيل قلت بلى فارتحلنا بعد ما زالت الشمس واتبعنا سراقة بن مالك قال ونحن في جلد من الأرض فقلت يا رسول الله أُتينا فقال لا تحزن إن الله معنا فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم فارتطمت فرسه إلى بطنها فقال إني قد علمت أنكما دعوتما علي فادعوا لله لي فالله لكما أن أرد عنكما الطلب فدعا الله فنجا فرجع لا يلقى أحدا إلا قال قد كفيتم ماهنا ولا يلقى أحدا إلا رده وقال خذ سهما من كنانتي فإنك تمر بإبلي وغلماني فخذ منها حاجتك فقال لا حاجة لي في أبلك قال فقدمنا المدينة فتنازعوا أيهم ينزل عليه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم أنزل على بني النجار أخوال عبد المطلب أكرمهم بذلك فصعد الرجال والنساء فوق البيوت وتفرق الغلمان والخدم في الطرق ينادون يا محمد يا رسول الله يا محمد يا رسول الله
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص436-439، تحقيق محمد رشاد سالم
 
مبدأ تاريخنا وتقويمنا
"فمعلوم أن الرسول لا يختار لمصاحبته في سفر هجرته الذي هو أعظم الأسفار خوفا وهو السفر الذي جعل مبدأ التاريخ لجلالة قدره في النفوس ولظهور أمره فإن التاريخ لا يكون إلا بأمر ظاهر معلوم لعامة الناس لا يستصحب الرسول فيه من يختص بصحبته إلا وهو من أعظم الناس طمأنينة إليه ووثوقا به
ويكفي هذا في فضائل الصديق وتمييزه على غيره وهذا من فضائل الصديق التي لم يشركه فيها غيره
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص450، تحقيق محمد رشاد سالم
 
حال أبي بكر الصديق من اليقين والثبات
"بل المعروف من حالهم دائما وحاله أنهم وقت المخاوف يكون الصديق أكمل منهم كلهم يقينا وصبرا وعند وجود أسباب الريب يكون الصديق أعظم يقينا وطمأنينة وعند ما يتأذى منه النبي صلى الله عليه و سلم يكون الصديق أتبعهم لمرضاته وأبعدهم عما يؤذيه
هذا هو المعلوم لكل من استقرأ أحوالهم في محيا رسول الله صلى الله عليه و سلم وبعد وفاته حتى أنه لما مات وموته كان أعظم المصائب التي تزلزل بها الإيمان حتى ارتد أكثر الأعراب واضطرب لها عمر الذي كان أقواهم إيمانا وأعظمهم يقينا كان مع هذا تثبيت الله تعالى للصديق بالقول الثابت أكمل وأتم من غيره وكان في يقينه وطمأنينته وعلمه وغير ذلك أكمل من عمر وغيره فقال الصديق رضي الله عنه من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت
ثم قرأ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفأن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا الآية سورة آل عمران 144 وفي البخاري عن عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم مات وأبو بكر بالسنح فقام عمر يقول والله ما مات رسول الله قالت وقال عمر والله ما كان يقع في نفسي إلا ذلك وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم فجاء أبو بكر فكشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقبله وقال بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدا ثم خرج فقال أيها الحالف على رسلك فلما تكلم أبو بكر جلس عمر فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال ألا من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وقال إنك ميت وإنهم ميتون سورة الزمر 30 وقال وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين سورة آل عمران 144 قال فنشج الناس يبكون
وفي صحيح البخاري عن أنس أنه سمع خطبة عمر الأخيرة حين جلس على المنبر وذلك وذلك الغد من يوم توفى رسول الله عليه وسلم فتشهد وأبو بكر صامت لا يتكلم. قال كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى يدبرنا يريد بذلك أن يكون آخرهم فإن يك محمد قد مات فإن الله قد جعل بين أظهركم نورا تهتدون به وبه هدى الله محمدا وإن أبا بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ثاني اثنين وإنه أولى المسلمين بأمورهم فقوموا فبايعوه وكانت طائفة منهم قد بايعوه قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة وكانت بيعة العامة على المنبر
وفي طريق آخر في البخاري أما بعد فاختار الله لرسوله الذي عنده على الذي عندكم وهذا الذي هدى به رسوله فخذوا به تهتدوا وإنما هدى الله به رسوله صلى الله عليه و سلم ذكره البخاري في كتاب الاعتصام بالسنة
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص451-454، تحقيق محمد رشاد سالم
 
البيعة الثانية لأبي بكر في المسجد بعد ليلة السقيفة
"وفي صحيح البخاري عن أنس أنه سمع خطبة عمر الأخيرة حين جلس على المنبر وذلك وذلك الغد من يوم توفى رسول الله عليه وسلم فتشهد وأبو بكر صامت لا يتكلم. قال كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى يدبرنا يريد بذلك أن يكون آخرهم فإن يك محمد قد مات فإن الله قد جعل بين أظهركم نورا تهتدون به وبه هدى الله محمدا وإن أبا بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ثاني اثنين وإنه أولى المسلمين بأمورهم فقوموا فبايعوه وكانت طائفة منهم قد بايعوه قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة وكانت بيعة العامة على المنبر
وفي طريق آخر في البخاري أما بعد فاختار الله لرسوله الذي عنده على الذي عندكم وهذا الذي هدى به رسوله فخذوا به تهتدوا وإنما هدى الله به رسوله صلى الله عليه و سلم ذكره البخاري في كتاب الاعتصام بالسنة
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص451-454، تحقيق محمد رشاد سالم
 
ما دخل قلبي رعب بعد ليلة الغار !!(يأهل رابعة والنهضة والميادين)
عن ابي بكر يتكلم
:"فقصة يوم بدر في العريش ويوم الحديبية في طمأنينته وسكينته معروفة برز بذلك على سائر الصحابة...وأيضا فقيامه بقتال المرتدين ومانعي الزكاة وتثبيت المؤمنين مع تجهيز أسامة مما يبين أنه أعظم الناس طمأنينة ويقينا وقد روى أنه قيل له قد نزل بك ما لو نزل بالجبال لهاضها وبالبحار لغاضها وما نراك ضعفت فقال ما دخل قلبي رعب بعد ليلة الغار فإن النبي صلى الله عليه و سلم لما رأى حزني أو كما قال لا عليك يا أبا بكر فإن الله قد تكفل لهذا الأمر بالتمام
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص454،455، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"ثم يقال من شبه يقين أبي بكر وصبره بغيره من الصحابة عمر أو عثمان أو علي فإنه يدل على جهله
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص454،455، تحقيق محمد رشاد سالم
قلت: كل ميسر لما خلق له
 
"فإن الكفار الذين قاتلهم أبو بكر وعمر وعثمان كانوا أضعاف المسلمين ...ومعلوم أن خوف الإمام من استيلاء الكفار على المسلمين أعظم من خوفه من استيلاء بعض المسلمين على بعض فكان ما يخافه الأئمة الثلاثة أعظم مما يخافه علي والمقتضي للخوف منهم أعظم ومع هذا فكانوا أكمل يقينا وصبرا مع أعدائهم ومحاربيهم من علي مع أعدائه ومحاربيه فكيف يقال إن يقين علي وصبره كان أعظم من يقين أبي بكر وصبره وهل هذا إلا من نوع السفسطة والمكابرة لما علم بالتواتر خلافة
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص456، تحقيق محمد رشاد سالم
 
هل عبد النبي صنما قبل النبوة؟
"فإنه صلى الله عليه و سلم لم يكن مشركا قط لا سيما بعد النبوة فالأمة متفقة على أنه معصوم من الشرك بعد النبوة وقد نهى عن ذلك بعد النبوة
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص457، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"كان معه في سفر الهجرة كان يمشي أمامه تارة ووراءه تارة فسأله النبي صلى الله عليه و سلم عن ذلك فقال أذكر الرصد فأكون أمامك وأذكر الطلب فأكون وراءك رواه أحمد في كتاب مناقب الصحابة فقال حدثنا وكيع عن نافع عن ابن عمر عن ابن أبي مليكة قال لما هاجر النبي صلى الله عليه و سلم خرج معه أبو بكر فأخذ طريق ثور قال فجعل أبو بكر يمشي خلفه ويمشي أمامه فقال له النبي صلى الله عليه و سلم مالك قال يا رسول الله أخاف أن تؤتى من خلفك فأتأخر وأخاف أن تؤتى من أمامك فأتقدم قال فلما انتهينا إلى الغار قال أبو بكر يا رسول الله كما أنت حتى أقمه قال نافع حدثني رجل عن ابن أبي مليكة أن أبا بكر رأى جحرا في الغار فألقمها قدمه وقال يا رسول الله إن كانت لسعة أو لدغة كانت بي ...كان لا يرضى بأن يقتل رسول الله صلى الله عليه و سلم ويعيش هو بل كان يختار أن يفديه بنفسه وأهله وماله
وهذا واجب على كل مؤمن والصديق أقوم المؤمنين بذلك قال تعالى النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم سورة الأحزاب 6 وفي الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال
لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من ولده ووالده والناس أجمعين
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص457،458، تحقيق محمد رشاد سالم
 
لاتحزن إن الله معنا
قال بن تيمية واصفاً
"هذا الحزن على النبي صلى الله عليه و سلم خوفا أن يقتل وهو الذي علقت به سعادة الدنيا والآخرة "
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص457،458، تحقيق محمد رشاد سالم
ثم قال:وأبو بكر إنما حزن عليه في حياته خوف أن يقتل وهو حزن يتضمن الاحتراس(ص459)
 
عن أكاذيب الشيعة وفوائد!
:"وأيضا فهؤلاء ينقلون عن علي وفاطمة من الجزع والحزن على فوت مال فدك وغيرها من الميراث ما يقتضي أن صاحبه إنما يحزن على فوت الدنيا وقد قال تعالى لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم سورة الحديد 23 فقد دعا الناس إلى أن لا يأسوا على ما فاتهم من الدنيا ومعلوم أن الحزن على الدنيا أولى بأن ينهى عنه من الحزن على الدين ...وهؤلاء الرافضة من أجهل الناس يذكرون فيمن يوالونه من أخبار المدح وفيمن يعادونه من أخبار الذم ما هو بالعكس أولى فلا تجدهم يذمون أبا بكر وأمثاله بأمر إلا ولو كان ذلك الأمر ذما لكان علي أولى بذلك ولا يمدحون عليا بمدح يستحق أن يكون مدحا إلا وأبو بكر أولى بذلك فإنه أكمل في الممادح كلها وأبرأ من المذام كلها حقيقيها وخياليها
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص461، تحقيق محمد رشاد سالم
 
استعمال بن تيمية للفظ " الخيال" عند ذكره فعل الشيعة في التاريخ!
نلاحظ في النص التالي أن بن تيمية يتكلم عن خيال الشيعي ومن ثم العلماني في التاريخ أو تزويرهم للتاريخ بتزاوير الخيال، تلفيق الوقائع ومن ثم البناء عليها أحكاما ما أنزل بها الله من سلطان
يقول
:"وهؤلاء الرافضة من أجهل الناس يذكرون فيمن يوالونه من أخبار المدح وفيمن يعادونه من أخبار الذم ما هو بالعكس أولى ...ولا يمدحون عليا بمدح يستحق أن يكون مدحا إلا وأبو بكر أولى بذلك فإنه أكمل في الممادح كلها وأبرأ من المذام كلها حقيقيها وخياليها "
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص461، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"لا تحزن إن الله معنا نهى عن الحزن مقرون بما يوجب زواله وهو قوله
إن الله معنا وإذا حصل الخبر بما يوجب زوال الحزن والخوف زال وإلا فهو تهجم على الإنسان بغير اختياره
وهكذا قول صاحب مدين لموسى لما قص عليه القصص لا تخف نجوت من القوم الظالمين سورة القصص 25 وكذلك قوله ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين سورة آل عمران 139 قرن النهى عن ذلك بما يزيله من إخباره أنهم هم الأعلون إن كانوا مؤمنين وكذلك قوله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق ممايمكرون سورة
النحل 127 مقرون بقوله إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون سورة النحل 128 وإخبارهم بأن الله معهم يوجب زوال الضيق من مكر عدوهم
وقد قال لما أنزل الله الملائكة يوم بدر وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم سورة آل عمران 126
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص464،465، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"ولذلك قد ينهى الرجل عن إفراطه في الحب وإن كان الحب مما لا يملك وينهى عن الغشى والصعق والاختلاج وإن كان هذا يحصل بغير اختياره والنهي عن ذلك ليس لأن المنهى عنه معصية إذا حصل بغير اختياره ولم يكن سببه محظورا
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص465، تحقيق محمد رشاد سالم
 
لاتحزن إن الله معنا
"والحزن إنما حصل بطاعة وهو محبة الرسول ونصحه وليس هو بمعصية يذم عليه وإنما حصل بسبب الطاعة لضعف القلب الذي لا يذم المرء عليه وأمر باكتساب قوة تدفعه عنه ليثاب على ذلك
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص466، تحقيق محمد رشاد سالم
 
والقرآن يقول فيه إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا سورة التوبة 40 فأخبر الرسول أن الله معه ومع صاحبه وهذا المعية تتضمن النصر والتأييد وهو إنما ينصره على عدوه
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص471، تحقيق محمد رشاد سالم
 
فقوله لا تحزن دليل على أنه وليه وإنه حزن خوفا من عدوهما فقال له لا تحزن إن الله معنا
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص472، تحقيق محمد رشاد سالم
 
مامعنى اخرجوهم
"على أن الكفار أخرجوه ثاني اثنين فأخرجوه مصاحبا لقرينه في حال كونه معه فلزم أن يكونوا أخرجوهما ، وذلك هو الواقع فإن الكفار أخرجوا المهاجرين كلهم كما قال تعالى للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا سورة الحشر 8
وقال تعالى أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله سورة الحج 39 40
وقال إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم سورة الممتحنة 9
وذلك أنهم منعوهم أن يقيموا بمكة مع الإيمان وهم لا يمكنهم ترك الإيمان فقد أخرجوهم إذا كانوا مؤمنين وهذا يدل على أن الكفار أخرجوا صاحبه كما أخرجوه
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص472،473، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"الرجل مؤمنا في الباطن أو يهوديا أو نصرانيا أو مشركا أمر لا يخفى مع طول المباشرة فإنه ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه
وقال تعالى ولو نشا لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم سورة محمد 30 وقال ولتعرفنهم في لحن القول سورة محمد 30 فالضمر للكفر لا بد أن يعرف في لحن القول وأما بالسيما فقد يعرف وقد لا يعرف
وقد قال تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنونهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار سورة الممتحنة 10 والصحابة المذكورون في الرواية عن النبي صلى الله عليه و سلم والذين يعظمهم المسلمون على الدين كلهم كانوا مؤمنين به ولم يعظم المسلمون ولله الحمد على الدين منافقا
والإيمان يعلم من الرجل كما يعلم سائر أحوال قلبه من موالاته ومعاداته وفرحه وغضبه وجوعه وعطشه وغير ذلك فإن هذه الأمور لها لوازم ظاهرة والأمور الظاهرة تستلزم أمورا باطنة وهذا أمر يعرفه الناس فيمن جربوه وامتحنوه
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص474،475، تحقيق محمد رشاد سالم
 
عامة عقلاء بني آدم إذا عاشر أحدهم الآخر مدة يتبين له صداقته من عداوته
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص476، تحقيق محمد رشاد سالم
 
أبي بكر الصديق.....
"فإنه أول من آمن به من الرجال الأحرار ودعا غيره إلى الإيمان به حتى آمنوا وبذل أمواله في تخليص من كان آمن به من المستضعفين مثل بلال وغيره وكان يخرج معه إلى الموسم فيدعو القبائل إلى الإيمان به ويأتي النبي صلى الله عليه و سلم كل يوم إلى بيته إما غدوة وإما عشية وقد آذاه الكفار على إيمانه حتى خرج من مكة فلقيه ابن الدغنة أمير من أمراء العرب سيد القارة وقال إلى أين وقد تقدم حديثه فهل يشك من له أدنى مسكة من عقل أن مثل هذا لا يفعله إلا من هو في غاية الموالاة والمحبة للرسول ولما جاء به وأن موالاته ومحبته بلغت به إلى أن يعادي قومه ويصبر على أذاهم وينفق أمواله على من يحتاج إليه من إخوانه المؤمنين
وكثير من الناس يكون مواليا لغيره لكن لا يدخل معه في المحن والشدائد ومعاداة الناس وإظهار موافقته على ما يعاديه الناس عليه فأما إذا أظهر اتباعه وموافقته على ما يعاديه عليه جمهور الناس وقد صبر على أذى المعادين وبذل الأموال في موافقته من غير أن يكون هناك داع يدعو إلى ذلك من الدنيا لأنه لم يحصل له بموافقته في مكة شيء من الدنيا لا مال ولا رياسة ولا غير ذلك بل لم يحصل له من الدنيا إلا ما هو أذى ومحنة وبلاء
والإنسان قد يظهر موافقته للغير إما لغرض يناله منه أو لغرض آخر يناله بذلك مثل أن يقصد قتله أو الأحتيال عليه وهذا كله كان منتفيا بمكة فإن الذين كانوا يقصدون أذى النبي صلى الله عليه و سلم كانوا من أعظم الناس عداوة لأبي بكر لما آمن بالنبي صلى الله عليه و سلم ولم يكن بهم اتصال يدعو إلى ذلك ألبتة ولم يكونوا يحتاجون في مثل ذلك إلى أبي بكر بل كانوا أقدر على ذلك ولم يكن يحصل للنبي صلى الله عليه و سلم أذى قط من أبى بكر مع خلوته به واجتماعه به ليلا ونهارا وتمكنه مما يريد المخادع من إطعام سم أو قتل أو غير ذلك وأيضا فكان حفظ الله لرسوله وحمايته له يوجب أن يطلعه على ضميره السوء لو كان مضمرا له سوءا وهو قد أطلعه الله على ما في نفس أبي عزة لما جاء مظهرا للإيمان بنية الفتك به وكان ذلك في قعدة واحدة وكذلك أطلعه على ما في نفس الحجبي يوم حنين لما انهزم المسلمون وهم بالسوأة وأطلعه على ما في نفس عمير بن وهب لما جاء من مكة مظهرا للإسلام يريد الفتك به وأطلعه الله على المنافقين في غزوة تبوك لما أرادوا أن يحلوا حزام ناقته
وأبو بكر معه دائما ليلا ونهارا حضرا وسفرا في خلوته وظهوره ويوم بدر يكون معه وحده في العريش ويكون في قلبه ضمير سوء والنبي صلى الله عليه و سلم لا يعلم ضمير ذلك قط وأدنى من له نوع فطنة يعلم ذلك في أقل من هذا الاجتماع فهل يظن ذلك بالنبي صلى الله عليه و سلم وصديقه إلا من هو مع فرط جهله وكمال نقص عقله من أعظم الناس تنقصا للرسول وطعنا فيه وقدحا في معرفته فإن كان هذا الجاهل مع ذلك محبا للرسول فهو كما قيل عدو عاقل خير من صديق جاهل
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص477،478، تحقيق محمد رشاد سالم
 
صحبة للرسول معنوية لاجسدية
:"ولهذا كل من كان متبعا للرسول كان الله معه بحسب هذا الاتباع قال الله تعالى يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين سورة الأنفال 64 أي حسبك وحسب من اتبعك...فالله حسبه وهذا معنى كون الله معه
والكفاية المطلقة مع الاتباع المطلق والناقصة مع الناقص وإذا كان بعض المؤمنين به المتبعين له قد حصل له من يعاديه على ذلك فالله حسبه وهو معه وله نصيب من معنى قوله إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فإن هذا قلبه موافق للرسولوإن لم يكن صحبه ببدنه والأصل في هذا القلب
كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال
إن بالمدينة رجالا ما سرتم ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم قالوا وهم بالمدينة قال
وهم بالمدينة حبسهم العذر فهؤلاء بقلوبهم كانوا مع النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه الغزاة فلهم معنى صحبته في الغزاة فالله معهم بحسب تلك الصحبة المعنوية
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص487،488، تحقيق محمد رشاد سالم
 
كن منتصرا فالثمن غالي
"ولو انفرد الرجل في بعض الأمصار والأعصار بحق جاء به الرسول ، ولم تنصره الناس عليه ، فإن الله معه ، وله نصيب من قوله "إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا" سورة التوبة 40 ، فإن نصر الرسول هو نصر دينه الذي جاء به حيث كان ، ومتى كان ، ومن وافقه فهو صاحبه عليه في المعنى فإذا قام به ذلك الصاحب كما أمر الله فإن الله مع ما جاء به الرسول ومع ذلك القائم به
وهذا المتبع له حسبه الله وهو حسب الرسول كما قال تعالى حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين سورة الأنفال 64
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص488، تحقيق محمد رشاد سالم
 
الخافي أو الخفي من فهم موضوع أسباب النزل
"فإن كثيرا ما يقول بعض الصحابة والتابعين نزلت هذه الآية في كذا ويكون المراد بذلك أنها دلت على هذا الحكم وتناولته وأريد بها هذا الحكم
ومنهم من يقول بل قد تنزل الآية مرتين مرة لهذا السبب ومرة لهذا السبب
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص495، تحقيق محمد رشاد سالم
 
مثال على المنشور الفائت
:"
قال الرافضي وأما قوله وسيجنبها الأتقى سورة الليل 17 فإن المراد به أبو الدحداح حيث اشترى نخلة لشخص لأجل جاره وقد عرض النبي صلى الله عليه و سلم على صاحب النخلة نخلة في الجنة فسمع أبو الدحداح فاشتراها ببستان له ووهبها الجار فجعل النبي صلى الله عليه و سلم له بستانا عوضها في الجنة
والجواب أن يقال لا يجوز أن تكون هذه الآية مختصة بأبي الدحداح دون أبي بكر باتفاق أهل العلم بالقرآن وتفسيره وأسباب نزوله وذلك أن هذه السورة مكية باتفاق العلماء وقصة أبي الدحداح كانت بالمدينة باتفاق العلماء فإنه من الأنصار والأنصار إنما صحبوه بالمدينة ولم تكن البساتين وهي الحدائق التي تسمى بالحيطان إلا بالمدينة فمن الممتنع أن تكون الآية لم تنزل إلا بعد قصة أبي الدحداح بل إن كان قد قال بعض العلماء إنها نزلت فيه فمعناه أنه ممن دخل في الآية وممن شمله حكمها وعمومها فإن كثيرا ما يقول بعض الصحابة والتابعين نزلت هذه الآية في كذا ويكون المراد بذلك أنها دلت على هذا الحكم وتناولته وأريد بها هذا الحكم
ومنهم من يقول بل قد تنزل الآية مرتين مرة لهذا السبب ومرة لهذا السبب
فعلى قول هؤلاء يمكن أنها نزلت مرة ثانية في قصة أبي الدحداح وإلا فلا خلاف بين أهل العلم أنها نزلت بمكة قبل أن يسلم أبو الداحداح وقبل أن يهاجر النبي صلى الله عليه و سلم
وقد ذكر غير واحد من أهل العلم أنها نزلت في قصة أبي بكر فذكر ابن جرير في تفسيره بإسناده عن عبد الله بن الزبير وغيره أنها نزلت في أبي بكر
وكذلك ذكره ابن أبي حاتم والثعلبي أنها نزلت في أبي بكر عن عبد الله وعن سعيد بن المسيب
وذكر ابن أبي حاتم في تفسيره حدثنا أبي حدثنا محمد بن أبي عمر العدني حدثنا سفيان حدثنا هشام بن عروة عن أبيه قال أعتق أبو بكر سبعة كلهم يعذب في الله بلالا وعامر بن فهيرة والنهدية وابنتها وزنيرة وأم عميس وأمة بني المؤمل قال سفيان فأما زنيرة فكانت رومية وكانت لبني عبد الدار فلما أسلمت عميت فقالوا أعمتها اللات والعزى قالت فهي كافرة باللات والعزى فرد الله إليها بصرها وأما بلال فاشتراه وهو مدفون في الحجارة فقالوا لو أبيت إلا أوقية لبعناكه فقال أبو بكر لو أبيتم إلا مائة أوقية لأخذته قال وفيه نزلت وسيجنبها الأتقى سورة الليل 17 إلى آخر السورة وأسلم وله أربعون ألفا فأنفقها في سبيل الله
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص493-496، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"وكذلك خديجة كانت زوجته والزوجة قد تنفق مالها على زوجها وإن كان دون النبي صلى الله عليه و سلم
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص493-496، تحقيق محمد رشاد سالم
 
للذين يطعنون في قاعدة عموم المعنى في النص او عموم النص والحكم لاخصوص السبب والواقعة فإن الواقعة تتكرر في التاريخ فالآيات لاتنزل فقط لواحد في الواقعة كمثال،(العلمانيين كمثال يقدحون في أن النص وإن كان نزل بسبب واقعة فهو عام في الوقائع المشابهة ، ورأسهم في هذا نصر حامد ابو زيد)
""وسورة الفتح نزلت ...عام ست من الهجرة بالاتفاق وفي ذلك نزل قوله وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى سورة البقرة 196 وفيها نزلت فدية الأذى في كعب بن عجرة وهي قوله ففدية من صيام أو صدقة أو نسك سورة البقرة 196 ولما رجع النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة خرج إلى خيبر ففتحها الله على المسلمين في أول سنة سبع وفيها أسلم أبو هريرة وقدم جعفر وغيره من مهاجرة الحبشة
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص506، تحقيق محمد رشاد سالم
 
الإخبار القرآني بغيبيات وهي لاشك معجزة قرآنية عن قتال مستقبلي لمسليمة الكذاب وأمثاله والإعداد النفسي للصحابة لما هو أعظم من قريش والأحزاب!(:الذين يدعون إلى قتالهم في المستقبل أولوا بأس شديد"):(من كلام شيخ الإسلام ج8ص512)
:"وسورة الفتح نزلت في هذه القصة وكان ذلك العام عام ست من الهجرة بالاتفاق وفي ذلك نزل قوله وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى سورة البقرة 196 وفيها نزلت فدية الأذى في كعب بن عجرة وهي قوله ففدية من صيام أو صدقة أو نسك سورة البقرة 196 ولما رجع النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة خرج إلى خيبر ففتحها الله على المسلمين في أول سنة سبع وفيها أسلم أبو هريرة وقد جعفر وغيره من مهاجرة الحبشة ولم يسهم النبي صلى الله عليه و سلم لأحد ممن شهد خيبر إلا لأهل الحديبية الذين بايعوا تحت الشجرة إلا أهل السفينة الذين قدموا مع جعفر وفي ذلك نزل قوله سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا سورة الفتح 15 إلى قوله تقاتلونهم أو يسلمون سورة الفتح 16 وقد دعا الناس بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى مكة عام ثمان من الهجرة وكانت خيبر سنة سبع ودعاهم عقب الفتح إلى قتال هوازن بحنين ثم حاصر الطائف سنة ثمان وكانت هي آخر الغزوات التي قاتل فيها رسول الله صلى الله عليه ..وسلم وغزا تبوك سنة تسع لكن لم يكن فيها قتال غزا فيها النصارى بالشام وفيها أنزل الله سورة براءة وذكر فيها المخلفين الذين قال فيهم فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا سورة التوبة 83
وأما مؤته فكانت سرية...قوله تعالى ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون سورة الفتح 16 يدل على أنهم متصفون بأنهم أولو بأس شديد وبأنهم يقاتلون أو يسلمون فلا بد أن يكون هؤلاء الذين تقع الدعوة إلى قتالهم لهم اختصاص بشدة البأس ممن دعوا إليه عام الحديبية كما قال تعالى أولي بأس شديد سورة الفتح 16 وهنا صنفان أحدهما بنو الأصفر الذين دعوا إلى قتالهم عام تبوك سنة تسع فإنهم أولو بأس شديد وهم أحق بهذه الصفة من غيرهم وأول قتال كان معهم عام مؤتة عام ثمان قبل تبوك فقتل فيها أمراء المسلمين زيد وجعفر وعبد الله بن رواحة ورجع المسلمون كالمنهزمين
ولهذا قالوا للنبي صلى الله عليه و سلم لما رجعوا نحن الفرارون فقال
بل أنتم العكارون أنا فئتكم وفئة كل مسلم... فتأول الآية...في المرتدين الذين قاتلهم الصديق أصحاب مسيلمة الكذاب فإنهم كانوا أولي بأس شديد ولقي المسلمون في قتالهم شدة عظيمة واستحر القتل يومئذ بالقراء وكانت من أعظم الملاحم التي بين المسلمين وعدوهم والمرتدون يقاتلون أو يسلمون لا يقبل منهم جزية وأول من قاتلهم الصديق وأصحابه فدل على وجوب طاعته في الدعاء إلى قتالهم
والقرآن يدل والله اعلم على أنهم يدعون إلى قوم موصوفين بأحد الأمرين إما مقاتلتهم لهم وإما إسلامهم لا بد من أحدهما وهم أولو بأس شديد ...ثم لما دعاهم بعد هؤلاء إلى بني الأصفر كانوا أولي بأس شديد والقرآن وقد وكد الأمر في عام تبوك وذم المتخلفين عن الجهاد ذما عظيما كما تدل عليه سورة براءة وهؤلاء وجد فيهم أحد الأمرين القتال أو الإسلام وهو سبحانه لم يقل تقاتلونهم أو يسلمون سورة الفتح 16 إلى أن يسلموا ولا قال قاتلوهم حتى يسلموا بل وصفهم بأنهم يقاتلون أو يسلمون ثم إذا قوتلوا فإنهم يقاتلون كما أمر الله حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون
فليس في قوله تقاتلونهم ما يمنع أن يكون القتال إلى الإسلام وأداء الجزية لكن يقال قوله ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد سورة الفتح 16 كلام حذف فاعله فلم يعين الفاعل الداعي لهم إلى القتال فدل القرآن على وجوب الطاعة لكل من دعاهم إلى قتال قوم أولي بأس شديد يقاتلونهم أو يسلمون
ولا ريب أن أبا بكر دعاهم إلى قتال المرتدين ثم قتال فارس والروم وكذلك عمر دعاهم إلىقتال فارس والروم وعثمان دعاهم إلى قتال البربر ونحوهم والآية تناول هذا الدعاء كله
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص506-510، تحقيق محمد رشاد سالم
"ومعلوم أن بني حنيفة وفارس والروم كانوا في القتال أشد بأسا ...وأما فارس والروم فلا يشك عاقل أن قتالهم كان أشد من قتال المسلمين العرب بعضهم بعضا وإن كان قتال العرب للكفار في أول الإسلام كان افضل وأعظم فذاك لقلة المؤمنين وضعفهم في أول الأمر لا أن عدوهم كان أشد الناس بأسا من فارس والروم
ولهذا قال تعالى ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة سورة آل عمران 123 فإن هؤلاء تجمعهم دعوة الإسلام والجنس فليس في بعضهم لبعض من البأس ما كان في فارس والروم والنصارى والمجوس للعرب المسلمين الذين لم يكونوا يعدونهم إلا من أضعف جيرانهم ورعاياهم وكانوا يحتقرون أمرهم غاية الاحتقار ولولا أن الله أيد المؤمنين بما أيد به رسوله والمؤمنين على سنته الجميلة معهم لما كانوا ممن يثبت معهم في القتال ويفتح البلاد وهم أكثر منهم عددا وأعظم قوة وسلاحا لكن قلوب المؤمنين أقوى بقوة الإيمان التي خصم الله بها"
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص520،521، تحقيق محمد رشاد سالم


 
"ولما أمر الله بقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون أخذ النبي صلى الله عليه و سلم الجزية من المجوس واتفق المسلمون على أخذها من أهل الكتاب والمجوس
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص514، تحقيق محمد رشاد سالم
قلت والمجوس عباد النار وينكحون الأمات والبنات!
لم يأمر بقتلهم!
وانما تركهم أحياء
 
"وأسلم المشركون من العرب كلهم فلم يبق مشرك معاهد لا بجزية ولا بغيرها وقبل ذلك كان يعاهدهم بلا جزية فعدم أخذ الجزية منهم هل كان لأنه لم يبق فيهم من يقاتل حتى يعطوا الجزية بل أسلموا كلهما لما رأوا من حسن الإسلام وظهوره وقبح ما كانوا عليه من الشرك وأنفتهم من أن يؤتوا الجزية عن يد وهم صاغرون
أو لأن الجزية لا يجوز أخذها منهم بل يجب قتالهم إلى الإسلام فعلى الأول تؤخذ من سائر الكفار كما قاله أكثر الفقهاء وهؤلاء يقولون لما أمر بقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ونهى عن معاهدتهم بل جزية كما كان الأمر أولا وكان هذا تبيها على أن من هو دونهم من المشركين أولى أن لا يهادن بغير جزية بل يقاتل حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون
ولهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم في المجوس سنوا بهم سنة أهل الكتاب وصالح أهل البحرين على الجزية وفيهم مجوس واتفق على ذلك خلفاؤه وسائر علماء المسلمين"
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص516، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"والنبي صلى الله عليه و سلم لم يقاتلهم في غزوة تبوك وفي غزوة مؤته استظهروا على المسلمين وقتل زيد وجعفر وعبد الله بن رواحة وأخذ الراية خالد وغايتهم أن نجوا
والله أخبر أننا نقاتلهم أو يسلمون فهذه صفة الخلفاء الراشدين الثلاثة فيمتنع أن تكون الآية مختصة بغزوة مؤتة ولا يدخل فيها قتال المسلمين في فتوح الشام والعراق والمغرب ومصر وخراسان وهي الغزوات التي أظهر الله فيها الإسلام وظهر الهدى ودين الحق في مشارق الأرض ومغاربها
لكن قد يقال مذهب أهل السنة أن يغزى مع كل أمير دعا برا كان أو فاجرا فهذه الآية تدل على وجوب الجهاد مع كل أمير دعا الناس إليه لأنه ليس فيها ما يدل على أن الداعي إمام عدل
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص519، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"ومعلوم أن الأمير الغازي إذا كان فاجرا لا تجب طاعته في القتال مطلقا بل فيما أمر الله به ورسوله والمتولى عن طاعته لا يتولى كما تولى عن طاعة الرسول بخلاف المتولى عن طاعة الخلفاء الراشدين فإنه قد يقال إنه تولى كما تولى من قبل إذا كان أمر الخلفاء الراشدين مطابقا لأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص519، تحقيق محمد رشاد سالم
مسؤولية الشباب الذي يطيع كل أمر تحت رايات معينة للجهاد المرفوعة اليوم عند بعض من تعرفون ونعرف!
والنص عام في كل جهاد!
 
الإخبار القرآني (2) بغيبيات وهي لاشك معجزة قرآنية عن قتال مستقبلي لمسليمة الكذاب وأمثاله والإعداد النفسي للصحابة لما هو أعظم من قريش والأحزاب!(:الذين يدعون إلى قتالهم في المستقبل أولوا بأس شديد"):(من كلام شيخ الإسلام ج8ص512)
"ومعلوم أن بني حنيفة وفارس والروم كانوا في القتال أشد بأسا ...وأما فارس والروم فلا يشك عاقل أن قتالهم كان أشد من قتال المسلمين العرب بعضهم بعضا وإن كان قتال العرب للكفار في أول الإسلام كان افضل وأعظم فذاك لقلة المؤمنين وضعفهم في أول الأمر لا أن عدوهم كان أشد الناس بأسا من فارس والروم
ولهذا قال تعالى ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة سورة آل عمران 123 فإن هؤلاء تجمعهم دعوة الإسلام والجنس فليس في بعضهم لبعض من البأس ما كان في فارس والروم والنصارى والمجوس للعرب المسلمين الذين لم يكونوا يعدونهم إلا من أضعف جيرانهم ورعاياهم وكانوا يحتقرون أمرهم غاية الاحتقار ولولا أن الله أيد المؤمنين بما أيد به رسوله والمؤمنين على سنته الجميلة معهم لما كانوا ممن يثبت معهم في القتال ويفتح البلاد وهم أكثر منهم عددا وأعظم قوة وسلاحا لكن قلوب المؤمنين أقوى بقوة الإيمان التي خصم الله بها"
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص520،521، تحقيق محمد رشاد سالم
 
وكانوا يحتقرون أمرهم غاية الاحتقار!!!
" فارس والروم والنصارى والمجوس للعرب المسلمين الذين لم يكونوا يعدونهم إلا من أضعف جيرانهم ورعاياهم وكانوا يحتقرون أمرهم غاية الاحتقار ولولا أن الله أيد المؤمنين بما أيد به رسوله والمؤمنين على سنته الجميلة معهم لما كانوا ممن يثبت معهم في القتال ويفتح البلاد وهم أكثر منهم عددا وأعظم قوة وسلاحا لكن قلوب المؤمنين أقوى بقوة الإيمان التي خصم الله بها"
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص520،521، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"والذي عليه أكابر الصحابة والتابعين أن قتال الجمل وصفين لم يكن من القتال المأمور به وأن تركه أفضل من الدخول فيه بل عدوه قتال فتنة وعلى هذا جمهور أهل الحديث وجمهور ائمة الفقهاء فمذهب أبي حنيفة فيما ذكره القدوري أنه لا يجوز قتال البغاة إلا أن يبدأوا بالقتال وأهل صفين لم يبدأوا عليا بقتال
وكذلك مذهب أعيان فقهاء المدينة والشام والبصرة وأعيان فقهاء الحديث كمالك وأيوب والأوزاعي وأحمد وغيرهم أنه لم يكن مأمورا به وأن تركه كان خيرا من فعله وهو قول جمهور ائمة السنة كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة الصريحة في هذا الباب بخلاف قتال الحرورية والخوارج أهل النهروان فإن قتال هؤلاء واجب بالسنة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه و سلم وباتفاق الصحابة وعلماء السنة
ففي الصحيحين عن أسامة بن زيد قال أشرف النبي صلى الله عليه و سلم على أطم من آطام المدينة وقال
هل ترون ما أرى قالوا لا قال
فإني ارى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر وفي السنن عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
إنها ستكون فتنة تستنظف العرب قتلاها في النار اللسان فيها أشد من وقع السيف
وفي السنن عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
ستكون فتنة صماء بكماء عمياء من أشرف لها استشرفت له واستشراف اللسان فيها كوقوع السيف
وعن أم سلمة قالت استيقظ النبي صلى الله عليه و سلم ذات ليلة فقال
سبحان الله ماذا أنزل من الخزائن وماذا أنزل من الفتن
وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي ومن يستشرف لها تستشرف له ومن وجد فيها ملجأ فليعذ به
ورواه أبو بكرة في الصحيحين وقال فيه
فإذا نزلت أو وقعت فمن كان له إبل فليلحق بإبله ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه قال فقال رجل يا رسول الله أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض قال
يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر ثم لينج إن استطاع النجاء اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت فقال رجل يا رسول الله أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى الحد الصفين أو إحدى الفئتين فضربني رجل بسيفه أو يجيء سهم فيقتلني فقال يبوء بإثمه وإثمك ويكون من أصحاب النار
ومثل هذا الحديث معروف عن سعد بن أبي وقاص وغيره من الصحابة والذين رووا هذه الأحاديث من الصحابة مثل سعد بن أبي وقاص وأبي بكرة وأسامة بن زيد ومحمد بن مسلمة وأبي هريرة وغيرهم جعلوا قتال الجمل وصفين من ذلك بل جعلوا ذلك أول قتال فتنة كان في الإسلام وقعدوا عن القتال وأمرهم غيرهم بالقعود عن القتال كما استفاضت بذلك الآثار عنهم
والذين قاتلوا من الصحابة لم يأت أحد منهم بحجة توجب القتال لا من كتاب ولا من سنة بل أقروا بأن قتالهم كان رأيا رأوه كما أخبر بذلك علي رضي الله عنه عن نفسه ولم يكن في العسكرين أفضل من علي فيكون ممن هو دونه أولى وكان علي أحيانا يظهر فيه الندم والكراهة للقتال مما يبين أنه لو لم يكن عنده فيه شيء من الأدلة الشرعية مما يوجب رضاه وفرحه بخلاف قتاله للخوارج فإنه كان يظهر فيه من الفرح والرضا والسرور ما يبين أنه كان يعلم أن قتالهم كان طاعة لله ورسوله يتقرب به إلى الله لأن في قتال الخوارج من النصوص النبوية والأدلة الشرعية ما يوجب ذلك
ففي الصحيحين عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق وفي لفظ مسلم قال ذكر قوما يخرجون في أمته يقتلهم ادنى الطائفتين إلى الحق سيماهم التحليق هم شر الخلق أو من شر الخلق قال أبو سعيد فأنتم قتلتموهم يا أهل العراق ،ولفظ البخاري يخرج ناس من قبل المشرق يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يعودون فيه حتى يعود السهم
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص522،528، تحقيق محمد رشاد سالم
 
نقم -واللفظ لابن تيمية كما سيأتي!-الخوارج على علي انه عامل الصحابة في صفين على انهم كما بين الرسول مسلمون ومنهم من هو ايضا من اهل الجنة!
انظر كلام شيخ الاسلام وفي النص ايضا كلام عن علي رضي الله عنه والصحابة في الفتنة
"فيهم خلق لم يقاتلوه ألبته بل تركوا قتاله فلم يقاتلوه ولم يقاتلوا معه فكانوا صنفا ثالثا لا قاتلوه ولا قاتلوا معه ولا اطاعوه وكلهم مسلمون وقد دل على إسلامهم القرآن والسنة وإجماع الصحابة علي وغيره
قال تعالى وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصبحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين سورة الحجرات 9 فوصفهم بالإيمان مع الاقتتال والبغي وأخبر أنهم إخوة وأن الأخوة لا تكون إلا بين المؤمنين لا بين مؤمن وكافر
وفي صحيح البخاري وغيره عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال للحسن
إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فأصلح الله به بين عسكر علي وعسكر معاوية فدل على أن كليهما مسلمون ودل على أن الله يحب الإصلاح بينهما ويثنى على من فعل ذلك ودل على أن ما فعله الحسن كان رضي لله ورسوله ولو كان القتال واجبا أو مستحبا لم يكن تركه رضى لله ولرسوله وأيضا فالنقل المتواتر عن الصحابة أنهم حكموا في الطائفتين بجكم الإسلام وورثوا بعضهم من بعض ولم يسبوا ذراريهم ولم يغنموا أموالهم التي لم يحضروا بها القتال بل كان يصلي بعضهم على بعض وخلف بعض
وهذا أحد ما نقمته الخوارج على علي فإن مناديه نادى يوما لجمل لا يتبع مدبر ولا يجهز على جريح ولم يغنم أموالهم ولا سبي ذراريهم وأرسل ابن عباس إلى الخوارج وناظرهم في ذلك... فرجع منهم عشرون ألفا وبقى منهم أربعة آلاف فقتلوا
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص528،530،530، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"وغزوات القتال التي قاتل فيها النبي صلى الله عليه و سلم تسع غزوات بدر وأحد والخندق وبني المصطلق وغزوة ذي قرد وخيبر وفتح مكة وحنين والطائف وأما الغزوات التي لم يقاتل فيها فهي نحو بضعة عشر وأما السرايا فمنها ما كان فيه قتال ومنها ما لم يكن فيه قتال
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص535، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"أن أبا بكر رضي الله عنه لم يهرب قط حتى يوم أحد لم ينهزم لا هو ولا عمر وإنما كان عثمان تولى وكان ممن عفا الله عنه وأما أبو بكر وعمر فلم يقل أحد قط إنهما انهزما مع من انهزم بل ثبتا مع النبي صلى الله عليه و سلم يوم حنين كما تقدم ذلك عن أهل السيرة لكن بعض الكذابين ذكر أنهما أخذا الراية يوم حنين فرجعا ولم يفتح عليهما ومنهم من يزيد في الكذب ويقول إنهما انهزما مع من انهزم وهذا كذب كله
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص535،536، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"قد علم كل من علم السيرة أن أبا بكر كان أقوى قلبا من جميع الصحابة لا يقاربه في ذلك أحد منهم فإنه من حين بعث الله رسوله إلى أن مات أبو بكر لم يزل مجاهدا ثابتا مقداما شجاعا لم يعرف قط أنه جبن عن قتال عدو بل لما مات رسول الله صلى الله عليه و سلم ضعفت قلوب أكثر الصحابة وكان هو الذي يثبتهم حتى قال أنس خطبنا أبو بكر ونحن كالثعالب فما زال يشجعنا حتى صرنا كالأسود
وروى أن عمر قال يا خليفة رسول الله تألف الناس فأخذ بلحيته وقال يا ابن الخطاب أجبار في الجاهلية خوار في الإسلام علام أتألفهم على حديث مفترى أم على شعر مفتعل
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص537،538، تحقيق محمد رشاد سالم
 
"أن النبي صلى الله عليه و سلم هو وأبو بكر خرجا بعد ذلك من العريش ورماهم النبي صلى الله عليه و سلم الرمية التي قال الله فيها وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى سورة الانفال 17 والصديق قاتلهم حتى قال له ابنه عبدالرحمن قد رأيتك يوم بدر فصدفت عنك فقال لكني لو رأيتك لقتلتك
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص540، تحقيق محمد رشاد سالم
وكان قد قال قبلا
:"الثامن أن يقال من المعلوم لعامة العقلاء أن مقدم القتال المطلوب الذي قد قصده أعداؤه يريدون قتله إذا أقام في عريش أو قبة او حركاه أو غير ذلك مما يجنه ولم يستصحب معه من أصحابه إلا واحدا وسائرهم خارج ذلك العريش لم يكن هذا إلا أخص الناس به وأعظمهم موالاة له وانتفاعا به
وهذا النفع في الجهاد لا يكون إلا مع قوة القلب وثباته لا مع ضعفه وخوره
فهذا يدل على أن الصديق كان أكملهم إيمانا وجهادا وأفضل الخلق هم أهل الإيمان والجهاد فمن كان أفضل في ذلك كان أفضل مطلقا
قال تعالى أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله إلى قوله وأولئك هم الفائزون سورة التوبة 19 20 فهؤلاء أعظم درجة عند الله من أهل الحج والصدقة والصديق أكمل في ذلك (ص39)
 
"أما إنفاق أبي بكر ماله فمتواتر منقول في الحديث الصحيح من وجوه كثيرة حتى قال
ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر وقال
إن أمن الناس علينا في صحبته وذات يده أبو بكر وثبت عنه أنه اشترى المعذبين من ماله بلالا وعامر بن فهيرة اشترى سبعة أنفس...فقد كان الصديق ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابة بعيدة وكان ممن تكلم في الإفك فحلف أبو بكر أن لا ينفق عليه فأنزل الله تعالى ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين إلى قوله غفور رحيم سورة النور 22 فقال أبو بكر بلى والله أحب أن يغفر الله لي فأعاد عليه النفقة والحديث بذلك ثابت في الصحيحين
وقد اشترى بماله سبعة من المعذبين في الله
منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج8 ،ص541،542، تحقيق محمد رشاد سالم
 
عودة
أعلى