تهافت القول بالإعجاز العلمي في قوله تعالى (كأنما يصعد في السماء)

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
الأخ الكريم العليمي حفظه الله

بلغت تحيتك الشيخ وسر بها، ويسأل الله لكم ولكل الأخوة في الملتقى أن يؤيدكم بروحٍ منه. وهو شغوف بمطالعة ما يكتب في صفحات الملتقى.
مركز نون مغلق بأمر عسكري إسرائيلي لمدة سنتين تنتهي في منتصف نيسان القادم.
أما نشاط الصفحة الإلكترونية لمركز نون فمن المتوقع استئنافه بعد عيد الفطر إن شاء الله تعالى.

حياه الله وحياكم
وأحمد الله تعالى على كونه بخير وسلام ، فقد ذهبت بى الظنون الى كونه معتقلا فى سجون الاحتلال ، وعزز هذا الظن عندى أن نشاط صفحته الالكترونية ظل متوقفا طيلة تسعة أشهر حتى الآن

بارك الله فيكم أخى البيراوى وجزاكم خيرا
 
بارك الله فيكم أخي العليمي وأشكرك على هذه اللفتات الجميلة

عفوا أستاذنا الفاضل
لفتاتكم هى الأكثر جمالا
وندعوه سبحانه بأن يعلمنا ما ينفعنا ، وأن ينفعنا بما علمنا
 
أخي العليمي:

إنما كنت أهدف في مشاركتي السابقة إلى بيان نقاط الاتفاق والخلاف بين منكري الإعجاز العلمي ومثبتيه، وتحرير محل النزاع، وكنت أظن أنها بيّنة بما فيه الكفاية:

فى الواقع لقد احترت - أخى الكريم - فى تحديد موقفك بدقة
ذلك أن نصف كلامك يوحى بأنك لا تعترض على تفسير أنصار الاعجاز العلمى للآية محل النقاش
بينما نصفه الآخر يوحى بعكس ذلك !!
عليك اخى الفاضل أن تحسم أمرك وتحدد موقفك بوضوح
فان كنت لا تعترض على تفسيرهم ففيما اذا وجه الخلاف بينك وبينهم ؟
ثم ان كنت لا تعترض عليهم فما معنى قولك :

[/size]

لا عليك...

هناك فرق أخي الكريم بين ثبوت الحقيقة العلمية في نفسها، فإذا ثبت لنا –مثلاً- أن الأكسجين يقل في طبقات الجو العليا، وأن بصمات بني الإنسان تختلف من شخص لآخر، وأنه لا توجد بصمتان متشابهتان، وإذا ثبت لنا أن الجبال لها جذور ضاربة في أعماق الأرض، فلسنا – نحن منكري الإعجاز العلمي- ننكر هذا، وليس موضوعنا ابتداء، وإنما ننكر ونشدد النكير على من يقول بأن الآيات القرآنية كشفت عن هذه الحقائق العلمية، وبينتها قبل 1400 سنة، ثم يجعل هذا وجهاً من وجوه الإعجاز، فنحن لا ننكر حقائق هذا الكون إذا ما ثبتت، ولا ننكر أن العرب الأولين لم يكونوا يعرفون هذه المكتشفات والمخترعات، وإنما ننكر أن تكون آيات القرآن دلت على هذه الحقائق.
فنحن نعترض على تفسير القرآن بالعلم الحديث، أي ننكر أن يكون التفسير العلمي للآية هو معنى الآية، أو وجهاً من الوجوه المحتملة في معنى الآية، والأنكى من ذلك جعل هذا التفسير إعجازاً...

ولا أدري كيف فهمت من كلامي أنني لا أعترض على تفسيرهم؟

كيف وعنوان الموضوع هو "تهافت القول بالإعجاز العلمي"؟

وإنما ذكرت النقاط الأولى لأبين أن لا بد من التفريق بين ثبوت الحقائق العلمية (التجريبية)، وبين دلالة القرآن عليها، ومحل نزاعنا في الثانية لا في الأولى.



وأخيرا ان كنت لا تعترض عليهم فلماذا جعلت عنوان موضوعك هذا يقول :
" تهافت القول بالاعجاز العلمى . . . " ؟!

كما أخبرتك : حدد موقفك بوضوح أكثر رفعا للالتباس وقطعا للأمر
وعلى كل حال فانى أرى أن نقاط الاتفاق فيما بيننا هى أكثر من نقاط الاختلاف باذن الله تعالى
وفقك الله لما يحبه ويرضاه

أرجو أن أكون حددته لك.

أنا لا أنكر حقيقة أن الأكسجين يقل ويضمحل في طبقات الجو العليا، ولكن أنكر وأشدد النكير على من يقول إن هذا هو معنى قوله تعالى (كأنما يصعد في السماء).

وهذه مرحلة أظننا تجاوزناها إلى ما بعدها، وكان محل النزاع بيننا هو في النقطة الرابعة:

حيث تقول ما يمنع أن يكون هناك مستويان في فهم النص؟:
أ. فهم قديم للعرب الأولين بحيث يجري على أصول البلاغة وحسن الإفهام.
ب. وفهم حديث بحسب ما كشفت عنه العلوم الحديثة بحيث يزيد في ثراء المعنى ولا يلغيه.

وبهذا يكونُ العربُ الأولون قد فهموها على معهودِهم على ما يقتضيه فنُّ التشبيهِ من تقريبِ المعنى إلى السامعِ، وبما يجري على أصولِ البلاغةِ وحسنِ الإفهامِ ولا يُصادِمُها، ويكونُ لنا – بعد ذلك- أن نضيفَ إليها وجهاً جديداً كشفَ عنه العلمُ الحديثُ بحيث لا يعارض الفهم القديم، ولا يخالفُ أصولَ البلاغةِ بعد أن أصبحَ نقصانُ الإكسجينِ عند الصعودِ في السماءِ معنىً معهوداً لنا في هذا العصرِ، وحقيقةً علميَّةً لا جدالَ فيها، وهذا الوجه الجديد تحتمله اللغة، وتقبله العادة.

أظن أن الخلاف بيننا الآن محصور في النقطة الرابعة؟

أليس كذلك أخي؟
 
فلا يعاب على أحد جهده في الكشف عن المراد الإلهي على أن لا يخرج عن الحقيقة الظاهر ويخالف ظاهر الآية فيأتي بتأويلات ليس لها أصل أو دلالات علميه ليس له عليها برهان.

بارك الله فيك أخي حسن...

وقد بينت في هذا المبحث أننا لو أخذنا بالتفسير العلمي لهذه الآية أخرجنا الآية عن كونها مفهومة للعرب الأولين، وهذا مخالف لأصول البلاغة وحسن الإفهام.

فيكون التفسير العلمي مردوداً...
 

وهو معجز للعجم كذلك ولكن بماذا؟ فإن قلت ببلاغته فلا معنى لأن يتحدى القرآن ببلاغت قوماً لا يفهمون لغته فاي فضل في هذا؟ تصور أن يأتي رجل مفتول العضلات ويتحدى فتاة رقيقة ناعمة في رفع صخرة فاي فضل له في ذلك؟ إذن لزم أن يكون التحدي لهم وإعجازهم بوجه آخر...ولو قلت يستدلون بإعجازه -يعني هؤلاء العجم- بعجز العرب عن الاتيان بمثله فهذا لا معنى له كذلك؟
فما الوجه المعجز في القرآن لغير العرب الذين لا يفهمون لغته؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

يلزم على ذلك أن التحدي باطل في حق الفرس والروم والبربر والقوط في ذلك الوقت الذي نزل فيه القرآن. ذلك أنهم لا يعرفون لغة القرآن ولا يفهمونها، ولم تكن الحقائق العلمية قد انكشفت آنذاك. فكيف قاتلهم المسلمون وفتحوا بلادهم ولما تقم عليهم الحجة بعد؟

وإذا بطل هذا بطل قولك أخي الكريم...
 
أخي العليمي:

وإنما ننكر ونشدد النكير على من يقول بأن الآيات القرآنية كشفت عن هذه الحقائق العلمية، وبينتها قبل 1400 سنة، ثم يجعل هذا وجهاً من وجوه الإعجاز، فنحن لا ننكر حقائق هذا الكون إذا ما ثبتت، ولا ننكر أن العرب الأولين لم يكونوا يعرفون هذه المكتشفات والمخترعات، وإنما ننكر أن تكون آيات القرآن دلت على هذه الحقائق.
فنحن نعترض على تفسير القرآن بالعلم الحديث، أي ننكر أن يكون التفسير العلمي للآية هو معنى الآية، أو وجهاً من الوجوه المحتملة في معنى الآية، والأنكى من ذلك جعل هذا التفسير إعجازاً..

هذا كلام فى غاية العجب يا أخ بكر !!!
فأنت تتكلم عن ( حقائق الكون ) اذا ما ثبتت ، أى بعد التحقق والتيقن التام من صحتها وصدقها
ومع ذلك كله تقول أنه حتى تلك الحقائق الثابثة والمتيقنة ليس لها وزن عندك !!!
بل انك - وهذا هو الأشد عجبا - ترفض أن تتفضل عليها ولو بأقل القليل ، فترفض أن تقبل بها حتى ولو على سبيل كونها أحد الوجوه المحتملة فى معنى الآية !!!

أى انك ترفض ما ثبت ( يقينا ) ولا تقبل به ولو على وجه ( الاحتمال ) !!
فان لم يك هذا هو التطرف والغلو بعينه ، فكيف يكون التطرف والغلو اذا ؟!!

والآن دعنى اسألك هذا السؤال البسيط :
ألا تؤمن معنا بأن الذى أنزل القرآن بعلمه هو أيضا الذى خلق الكون بنواميسه ؟
أليس القرآن هو كتاب الله المقرؤ ، والكون هو كتاب الله المنظور ؟
فهل ترى من تعارض بين هذين الكتابين ( القرآن والكون ) ؟

أود أخى الفاضل أن تراجع نفسك وتخفف من غلوائك ، لأنى أود لك الخير
وليس عيبا أن نتراجع عن آرائنا اذا ما ثبت خطؤها
ولكن العيب الحقيقى أن نتمادى فى الخطأ وأن نتشبث برأينا بعد أن ظهر عواره

وفقك الله الى ما فيه الخير
 
أخي بكر الجازي
سلام الله عليكم وتحياته وبعد
لم أقصد من قولي أنني أنكر الإعجاز العلمي جملة وتفصيلا ، لكنني لا أقبل أن يلوي أحد أعناق النصوص ليستدل على أمر علمي غير ثابت ، فمعلوم أن المسائل العلمية تقسم إلى قسمين
القسم الأول : هو الحقائق العلمية التي ظهرت والتي لا تقبل مجالا للشك نحو أن الأرض جرم كروي الشكل يسير في الفضاء وهي التي تدور حول الشمس وبدورانها حول نفسها يتعاقب الليل والنهار ، وبدورانها حول الشمس تتعاقب الفصول الأربع
فلا مانع أن نفسر الآيات الكريمة بهذه الأمور التي لا مجال لأي خطأ فيها
وهذا التفسير يكون من باب أن الله سبحانه وتعالى الذي خلق هذا الكون وأوجد فيه هذه النواميس ، هو الذي أخبر عنها في كتابه الكريم ، فمحال أن يصف الخالق خلقه إلا بالكمال ، ولا يقدر أحد أن يصف هذا الخلق بأدق الأوصاف وتناهيها إلا الذي أوجدها .
وبهذا يستدل الإنسان على أن القرآن الكريم من عند الله تعالى ، ويجب عليه إن قام عنده هذا الدليل أن يهتدي بهدي القرآن الكريم وهذه هي الغاية .

القسم الثاني : وهو النظريات العلمية التي فيها جدال واختلاف فهذا ما لا ينبغي أن نفسر آيات الكتاب الكريم وفقه.
ونحاول أن نقحم بكل آية فيه ، ليتبين بعد حين خطأ هذه النظرية أو تلك ، فلا يكون مجال للطعن في القرآن الكريم ، وإنما يكون الخطأ من قصر نظر الذي يفسر مثل هذا التفسير .
والله سبحانه الموفق والهادي إلى سواء السبيل
 
أخي العليمي:

أنت تحمل كلامي ما لا يحتمل، ولو دققت فيه انكشفت لك الإشكالات في محل النزاع:


فأنت تتكلم عن ( حقائق الكون ) اذا ما ثبتت ، أى بعد التحقق والتيقن التام من صحتها وصدقها
ومع ذلك كله تقول أنه حتى تلك الحقائق الثابثة والمتيقنة ليس لها وزن عندك !!!

لا أدري كيف تفهم هذا من كلامي!!!

أنا فرقتُ لك بين أن ثبوت الحقائق، وبين دلالة القرآن على هذه الحقائق.
ومعنى ذلك أن ثبوت الحقائق العلمية أو التجريبية من حيث هو ليس محل بحث عندي، أي أن العلم الحديث إذا كشف عن شيء جديد، فليس لي أن أنكر ذلك، وليس هذا محل النزاع.
محل النزاع هو في دلالة آيات القرآن على هذه الحقائق الثابتة.

فدقق في فهم الكلام بارك الله فيك...



بل انك - وهذا هو الأشد عجبا - ترفض أن تتفضل عليها ولو بأقل القليل ، فترفض أن تقبل بها حتى ولو على سبيل كونها أحد الوجوه المحتملة فى معنى الآية !!!

ذلك أن ثبوت الحقيقة شيء، ودلالة القرآن عليها شيء آخر.

ونزاعنا مع أرباب الإعجاز العلمي ليس في أصل الحقائق العلمية (التجريبية) ولا في ثبوتها، بل في زعمهم ودعواهم أن القرآن دل عليها.

مثال:
إذا كشف العلم الحديث أن بصمات الأصابع بين بني البشر لا تتشابه، فلست أنكر هذا، ولا أنازعك فيه...

أما أن تقول إن هذا هو معنى قوله تعالى (بلى قادرين على أن نسوي بنانه) فهذا ما أنازع فيه، وأزعم أن أرباب الإعجاز العلمي جانبوا الصواب فيه الصواب...

فتأمل محل النزاع أخي الكريم...


أى انك ترفض ما ثبت ( يقينا ) ولا تقبل به ولو على وجه ( الاحتمال ) !!
فان لم يك هذا هو التطرف والغلو بعينه ، فكيف يكون التطرف والغلو اذا ؟!!

ما الذي ثبت يقيناً عندك؟!

إن كنت تقصد الحقيقة العلمية (التجريبية) فهذا لا أنازعك فيه.

وإن كنت تقصد أن القرآن دل عليها، وأشار إليها فهذا محل نزاع وليس يقينياً، وقد نبهت إلى هذا في مداخلاتي السابقة، فتنبه بارك الله فيك.


والآن دعنى اسألك هذا السؤال البسيط :
ألا تؤمن معنا بأن الذى أنزل القرآن بعلمه هو أيضا الذى خلق الكون بنواميسه ؟
أليس القرآن هو كتاب الله المقرؤ ، والكون هو كتاب الله المنظور ؟
فهل ترى من تعارض بين هذين الكتابين ( القرآن والكون ) ؟
الخير

1. نؤمن أن الله أنزل القرآن بعلمه، وأنه سبحانه خلق الكون بنواميسه.
2. ونومن أن القرآن هو الكتاب المقروء، والكون هو الكتاب المنظور، لا حرج في هذا...

ولا يجوز أن يكون هناك تعارض بين العقل والنقل.

ولكن أين هذا من موضوعنا؟

فرق بين الحديث عن درء التعارض بين العقل والنقل، وبين الحديث عن دلالة القرآن على الحقائق التجريبية التي كشف عنها العلماء حديثاً.

تأمل جيداً: قولنا بعدم التعارض لا يعني بالضرورة أن يكون القرآن دالاً على أسرار العلوم التي كشف عنها العلماء حديثاً.

فتنبه لمحل النزاع أخي الكريم، ولا تحمل كلامي ما لا يحتمل...

أراك بعد العيد...

وكل عام وأنتم بخير....
 
أخي بكر الجازي
سلام الله عليكم وتحياته وبعد
لم أقصد من قولي أنني أنكر الإعجاز العلمي جملة وتفصيلا ، لكنني لا أقبل أن يلوي أحد أعناق النصوص ليستدل على أمر علمي غير ثابت ل

أخي الكريم:

لم أفهم من كلامك أنك تنكر الإعجاز العلمي، ولكن كنت أعلق على قولك:

(فلا يعاب على أحد جهده في الكشف عن المراد الإلهي على أن لا يخرج عن الحقيقة الظاهر ويخالف ظاهر الآية فيأتي بتأويلات ليس لها أصل أو دلالات علميه ليس له عليها برهان.)

والمقصود أن التفسير العلمي لهذه الآية فيه مخالفة للغة، من حيث إن التشبيه يرد لتقريب المعنى إلى السامع، فكيف يكون هذا والأخذ بالتفسير العلمي لهذه الآية يخرج التشبيه عن مقصوده البلاغي، إلى ضرب من الإلغاز.

أسلم لك أن لا بد من بذل الوسع في تحصيل المراد الإلهي عند تفسير الآيات، ويكون هذا بحسب معهود العرب في لسانهم وتصرفهم فيه، وبناء على هذا أدعي أن التفسير العلمي تأباه اللغة ولا تقبله.

ولعلك أستاذي الكريم تنظر في الموضوع من أوله، وتنظر في الإشكالات والاعتراضات التي تتوجه على القائلين بالتفسير العلمي في هذه الآية التي يعدونها قاطعة في الدلالة على الحقيقة العلمية، ثم تثري مشكوراً هذا الموضوع بما آتاك الله من علم...

بارك الله فيك أخي وكل عام وأنت بخير...
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

كل عام وأنتم بخير، وتقبل الله الطاعات، وبعد:

فقد بقي مما أضيفه إلى هذا الموضوع جواب ما أورده الأخ الكريم محمد الأمين حيث يقول:

سلَّمتَ معنا أخي العزيز بأن هذا وجهُ الشبه، مع أن المفسرين القدماء لم يذكروه، وإنما جعلوا وجه الشبه هو "امتناع الحصول" ، فيمتنع حصول الهداية كما يمتنع على الإنسان الصعود إلى السماء.

ومع ذلك فما قاله القدماء لا يخالف ما قاله أهل الإعجاز العلمي ، وكلاهما تتحمله اللغة، وتقبله العادة، وما كان كذلك فلا وجه لإنكاره

حيث سأبين - إن شاء الله- أن القول بالإعجاز العلمي لا تحتمله اللغة، ولا تقبله العادة، مع تفصيل يفي بالغرض...

والله الموفق...
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياك الله أخي الكريم بكر
وتقبل الله منا ومنك ...

ما زلنا نتابع باهتمام ما تفضلت به أنت والإخوة الأكارم، وأهنيك على روحك العلمية الراقية التي ظهرت بها على المستويين العلمي والحواري.
وننتظر بقية كلامك الذي أرجو أن تتضح بها كثير من الإشكالات..
كما أود أن تضمنه الإجابة على الأسئلة التالية:

- ألا تعتقد أن هناك اختلافا بين مرحلتي التنظير والتطبيق في مثل هذه القضايا؟
حيث نجد أن كثيرا ممن يطرح هذا الموضوع من المتخصصين يتفقون على الأصول، لكن يختلف الأمر عندما يأتي دور تطبيق هذه الأصول على آية بعينها، حيث يُعمل كل شخص اجتهاده في الاستنباط من الآية وقد يصيب وقد يخطئ في هذا الاستنباط، ويبقى أن الجميع انطلق من أصول راسخة، وكمثال هذا يراجع النقاش في قوله تعالى: (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب...) هنا.
فكل من طرح وجهة نظره هم من المتخصصين المنطلقين من أصول التفسير وضوابط الاستنباط، ومع هذا اختلف اجتهاد كلٍ فيما تحتمله الآية.
فما وجهة نظرك في مثل هذا حفظك الله؟

- بالنسبة للآية التي نحن بصددها الآن، ألا يمكن أن نعتبر ما ذكره أرباب الإعجاز العلمي من باب الإشارة لا من باب التفسير؟

وجزاكم الله خيرا
 
كما أود أن أسألك أخي عن قولك:

إذا كان العرب الأولون يدركون ضيق صدر من يرتفع عن الأرض، فهذا حسبنا، وليس في الآية ما يزيد على هذا. أما أن هذا الضيق يحص بسبب قلة الأكسجين أو غيره، فهذا أمر لم تعرض له الآية من قريب أو بعيد.
الله سبحانه وتعالى يبين أنه إذا أراد إضلال عبد جعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء، فإذا كان يعرفون أن من يصعد في السماء يضيق صدره، فأين الإعجاز العلمي في ذلك؟
ما فعله العلماء التجريبيون هو تفسير ظاهرة ضيق الصدر التي كانت مدركة لهم، وأن هذا كان بسبب قلة الأكسجين، أما مطلق الظاهرة فكان مدركاً، هذا على تسليم هذا الوجه من التفسير.

وكذلك الأمر في التصعد في السماء، إذا كان الأولون يعرفون أن الصعود في السماء يضيق الصدر ويسبب الحرج فهذا كاف في التشبيه، وليس في الآية ما يزيد على هذا، أما السبب الكامن وراء ضيق الصدر كلما صعدت في السماء فليس في الآية إشارة إليه من قريب ولا بعيد حتى نزعم أن الآية دلت عليه، وهو تحميل لكتاب الله ما لا يحتمل، وهذه دقيقة شريفة في الاعتراض على أرباب الإعجاز العلمي.


إذا كان ضيق الصدر عند الصعود في السماء معهوداً لدى العرب الأولين، فليس عند العلماء التجريبيين إلا تفسير هذه الظاهرة، وتفسير الظاهرة بأنه عائد إلى نقصان الأكسجين في طبقات الجو العليا، أمر لم تعرض له الآية، بل اكتفت بوصف الظاهرة على ما هي عليه دون تفاصيل.

أراك أخي الفاضل قد ذكرت هذا القول على سبيل التنزل مع المناقش، فهل تعتبره وجها يمكن حمل الآية عليه -بغض النظر عن قوته أو ضعفه-؟
إذا اعتبرته كذلك فأنا أخالفك في اعتراضك الذي ذكرته عليه، لأن التفصيل الذي يذكره العلم الحديث لما أشار إليه القرآن الكريم من حقائق علمية لا يعد خروجا عن مدلول الآية، بل هو من صميم علومها، ومثاله قوله تعالى: (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) فما تدل عليه الآية وما فهمه السلف منها هو أن الله تعالى قد جعل بين البحرين برزخا يمنع كلا منهما من الدخول على الآخر. وما ذكره العلم الحديث من تفصيل حقيقة هذا البرزخ لا يمكن الاعتراض عليه بأن الآية لم تدل عليه، بل الآية دلت على أصله والعلم الحديث زاده بيانا، وأعتقد أن هذا من أصح الأمثلة على التفسير العلمي.
فلو قسنا الآية التي نحن بصددها على ما سبق فإن ما ذكره أرباب الإعجاز العلمي من تفصيل ما يحدث للصاعد في السماء لا يعد خروجا بالآية عما تدل عليه.

وعليه:
إما أن نرد هذا الوجه التفسيري ونقول إن الآية لا تدل عليه أصلا، كما لم يذكره أحد من المفسرين، فالتفصيل الذي ذكره أرباب الإعجاز العلمي هو تفصيل فيما لم تدل عليه الآية.
أو أن نقبل هذا الوجه التفسيري، فنقبل عندها التفصيل المذكور فيه مما يذكرونه.

أما أن نقبل هذا الوجه من التفسير ثم نرد ما ذكروه فلا أظن هذا صحيحا ..
والله تعالى أعلم.
 
وكمثال هذا يراجع النقاش في قوله تعالى: (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب...) هنا.
فكل من طرح وجهة نظره هم من المتخصصين المنطلقين من أصول التفسير وضوابط الاستنباط، ومع هذا اختلف اجتهاد كلٍ فيما تحتمله الآية.

أشكرك أخى العبادى على أن نبهتنا الى هذا الموضوع ( وترى الجبال . . )
وقد طالعته جيدا وأبديت فيه وجهة نظرى


بالنسبة للآية التي نحن بصددها الآن، ألا يمكن أن نعتبر ما ذكره أرباب الإعجاز العلمي
من باب الإشارة لا من باب التفسير؟

بلى ، يمكن هذا جدا وهذا أضعف الايمان ، ولكن حتى هذا القول اليسيرلا يحظى فيما يبدو بتأييد الأخ الفاضل بكر وهذا هو سبب خلافنا معه
ولا أعرف لماذا يقيم البعض منا انفصاما حادا بين القرآن والعلم الحديث ؟!
أليس القرآن الكريم يخاطب كل العصور والى يوم القيامة ؟
ثم أليس عصرنا هذا هو أحد تلك العصور ؟
هدانا الله جميعا الى الحق باذنه
 
جزى الله الشيخ مساعد كل خير على هذا الطرح .
 
قال الطبري في تفسير قوله تعالى من سورة الرحمن :"مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان":
"وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله وصف البحرين اللذين ذكرهما في هذه الآية أنهما لا يبغيان ، ولم يخصص وصفهما في شيء دون شيء ، بل عم الخبر عنهما بذلك ، فالصواب أن يعم كما عم - جل ثناؤه - فيقال : إنهما لا يبغيان على شيء ، ولا يبغي أحدهما على صاحبه ، ولا يتجاوزان حد الله الذي حده لهما".

وقال في تفسير قول الله تعالى من سورة الفرقان ": وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا ":

"وإنما عنى بذلك أنه من نعمته على خلقه ، وعظيم سلطانه ، يخلط ماء البحر العذب بماء البحر الملح الأجاج ، ثم يمنع الملح من تغيير العذب عن عذوبته ، وإفساده إياه بقضائه وقدرته ، لئلا يضر إفساده إياه بركبان الملح منهما ، فلا يجدوا ماء يشربونه عند حاجتهم إلى الماء ، فقال جل ثناؤه : ( وجعل بينهما برزخا ) يعني حاجزا يمنع كل واحد منهما من إفساد الآخر ( وحجرا محجورا ) يقول : وجعل كل واحد منهما حراما محرما على صاحبه أن يغيره ويفسده ."

ثم قال:

"قال أبو جعفر : وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في معنى قوله) : وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا) دون القول الذي قاله من قال معناه : إنه جعل بينهما حاجزا من الأرض أو من اليبس ، لأن الله تعالى ذكره أخبر في أول الآية أنه مرج البحرين ، والمرج : هو الخلط في كلام العرب على ما بينت قبل ، فلو كان البرزخ الذي بين العذب الفرات من البحرين ، والملح الأجاج أرضا أو يبسا لم يكن هناك مرج للبحرين ، وقد أخبر جل ثناؤه أنه مرجهما ، وإنما عرفنا قدرته بحجزه هذا الملح الأجاج عن إفساد هذا العذب الفرات ، مع اختلاط كل واحد منهما بصاحبه . فأما إذا كان كل واحد منهما في حيز عن حيز صاحبه ، فليس هناك مرج ، ولا هناك من الأعجوبة ما ينبه عليه أهل الجهل به من الناس ، ويذكرون به ، وإن كان كل ما ابتدعه ربنا عجيبا ، وفيه أعظم العبر والمواعظ والحجج البوالغ" .

والذي نلاحظه هنا أن المفسرين اختلفوا في المراد بالبحرين وليس هناك نص من قرآن أو سنة يفصل في المسألة ، ولكن المعنى العام للآيات يبقى مفهوما للجميع.
وإذا كان المسلم بالنظر والتأمل في أقوال المفسرين وفي الواقع يدرك أن الله جعل الماء نوعين عذب فرات وملح أجاج ولكنه لم يكن يدرك حقيقة البرزخ والحجر المحجور إلا أنه يؤمن بقول الله تعالى وخبره حيث قامت الحجة عنده أن هذا كلام الله .
فإذا جاء العلم الحديث وكشف للبشرية المؤمن منهم بالقرآن والكافر به أن مياه البحار والأنهار تتنوع في خصائصها وأنها تلتقي وتتداخل لكن لا يغلب أحدهما على الآخر فيكسبه خصائصه ، بل وأن هناك منطقة تتكون في منطقة الالتقاء تختلف في خصائصها عن البحرين ، فإذا وقف غير المؤمن عند هذه الحقيقة والكشف العلمي الذي لم يكن معروفا للبشرية قبل امتلاكها لأدوات الكشف من مختبرات وغيرها ودعاه هذا إلى التساؤل كيف لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يعرف هذه الحقائق لو لم يكن هذا القرآن وحي من عند الله تعالى خالق هذا الكون ومن ثم يدفعه هذا إلى الإيمان . فهل لنا أن ننكر ذلك ونرده بزعم أن هذا تفسير للقرآن بالرأي؟ أو أن السلف لم يدركوه؟
لا أعتقد أن عاقلاً يفعل هذا.
ثم إن هذا ليس تفسيرا ، بل هي حقائق أشار إليها القرآن فلماذا نرفضها؟
 
الشكر لك أخي الفاضل (العليمي المصري) على ما تبذله خدمة لكتاب الله الكريم ..

واسمح لي أن أعاتبك -عتاب أحبة- على قولك:

ولا أعرف لماذا يقيم البعض منا انفصاما حادا بين القرآن والعلم الحديث ؟!
أليس القرآن الكريم يخاطب كل العصور والى يوم القيامة ؟
ثم أليس عصرنا هذا هو أحد تلك العصور ؟
هدانا الله جميعا الى الحق باذنه

فالأخ بكر وغيره هم من أهل العلم والفضل أمثالك الذين لا يتكلمون إلا بهدى وميزان، ويضعون الأمور في نصابها، فلا ينبغي أن نحمل كلامهم ما لا يحتمل.
ووجهة النظر التي ذكروها لا تدل على ما ذهبت إليه -حفظك الله- فالكل مجمع على أن القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة، وإنما مقصود كلامهم هو بيان وتمييز ما يصح أن يحمل عليه كلام الله مما لا يصح..

وأنت أخي قد عودتنا على جميل الأخلاق، وكريم الشمائل ..
وفقك الله لكل خير..
وسدد أقوالنا أجمعين.
 
الشكر لك أخي الفاضل (العليمي المصري) على ما تبذله خدمة لكتاب الله الكريم ..

واسمح لي أن أعاتبك -عتاب أحبة- على قولك:



فالأخ بكر وغيره هم من أهل العلم والفضل أمثالك الذين لا يتكلمون إلا بهدى وميزان، ويضعون الأمور في نصابها، فلا ينبغي أن نحمل كلامهم ما لا يحتمل.
ووجهة النظر التي ذكروها لا تدل على ما ذهبت إليه -حفظك الله- فالكل مجمع على أن القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة، وإنما مقصود كلامهم هو بيان وتمييز ما يصح أن يحمل عليه كلام الله مما لا يصح..

وأنت أخي قد عودتنا على جميل الأخلاق، وكريم الشمائل ..
وفقك الله لكل خير..
وسدد أقوالنا أجمعين.

لا والله الذى لا اله الا هو ما كنت أعنى بكلامى أخى الحبيب بكر
معاذ الله أن أكون أعنيه بذلك على وجه الخصوص
وانما كان حديثى على وجه العموم
ويعلم الله اننى أحبه - بل وأحبكم جميعا - فى الله عز وجل
ومعذرة ان كان التعبير قد خاننى قليلا
ونحن أولا وأخيرا أخوة فى الله تعالى
 
بارك الله فيك أخي العبادي، وشكر لك مرورك...

ولعلي إن شاء الله أضيف الجزء الأخير من المبحث المتعلق بهذه الآية، وأسأل الله أن ينفع به، وأن تنكشف به الإشكالات...

واسمح لي أن أمر مروراً سريعاً على أسئلتك، على أن نوفيها حقها من البحث والمدراسة بعد إضافة الجزء الأخير...

- ألا تعتقد أن هناك اختلافا بين مرحلتي التنظير والتطبيق في مثل هذه القضايا؟
حيث نجد أن كثيرا ممن يطرح هذا الموضوع من المتخصصين يتفقون على الأصول، لكن يختلف الأمر عندما يأتي دور تطبيق هذه الأصول على آية بعينها، حيث يُعمل كل شخص اجتهاده في الاستنباط من الآية وقد يصيب وقد يخطئ في هذا الاستنباط، ويبقى أن الجميع انطلق من أصول فكل من طرح وجهة نظره هم من المتخصصين المنطلقين من أصول التفسير وضوابط الاستنباط، ومع هذا اختلف اجتهاد كلٍ فيما تحتمله الآية.

أرى يا أخي أن الحق - والله أعلم- أنه ليس للإعجاز العلمي المدعى حظ من الصواب، فأنا ضد ما يسمى بالإعجاز العلمي من حيث المبدأ، هذا ما أراه منذ وقت طويل، وحتى هذه اللحظة، فإن جدَّ شيء في هذا الباب تطمئن إليه النفس، ويذعن له القلب، فأسأل الله أن أكون من الوقافين على الحق، المذعنين له، ولا يضير هذا المسلم في شيء، بل هو مفخرة له أي مفخرة.

ولذلك أقول أخي: إن الإعجاز العلمي باطل من حيث المبدأ تنظيراً وتطبيقاً، والله أعلم.

- بالنسبة للآية التي نحن بصددها الآن، ألا يمكن أن نعتبر ما ذكره أرباب الإعجاز العلمي من باب الإشارة لا من باب التفسير؟

وجزاكم الله خيرا

لقد سبق أن حررتُ محل النزاعِ في هذه المسألة على الوجه التالي:

1. نحن لا ننازع في أصل الحقائق العلمية، ولا في ثبوتها، بل ننازع في دلالة القرآن عليها، فلسنا ننكر شيئاً أثبته العلم الحديث إذا ما تبينه أهل الاختصاص، وتحققوا منه، كنقصان الأكسجين في طبقات الجو العليا، وأن للنجوم أصواتاً، أو أن للجبال جذوراً ضاربة في أعماق الأرض، أو أن البصمات تختلف بين بني البشر....إلخ. نحن لا ننكر شيئاً من هذا إذا ثبت عند أهل الاختصاص، وليس هذا محل النزاع، بل نحن ننازع في دلالة القرآن على هذه الحقائق العلمية المكتشفة، وهذا أمر آخر لا علاقة له بثبوت الحقيقة من حيث هي.
2. آية (كأنما يصعد في السماء) لا نستطيع - جرياً على أصول البلاغة وحسن الإفهام- أن نقول بالتفسير العلمي فيها، ذلك أن هذا يعني أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يبين كيف يكون ضيق صدر الكافر بالإسلام، ثم لما أراد أن يقرب المعنى لهم جاءهم بتشبيه لا عهد لهم به، وهذا يخرج القرآن من البيان الإبهام، ومن الإعجاز إلى الإلغاز، ومن تقريب المعنى إلى السامع وتمكينه من نفسه - والذي هو الغرض من التشبيه- إلى تعمية المعنى على السامع وإدخال الحيرة إلى قلبه. كما أنك لو أردت أن تبالغ في وصف سرعة الرجل فتقول: هو كالبرق، أو هو كالريح، لأن التشبيه بالبرق تشبه بشيء معهود معروف للناس، على النقيض مما لو قلت في وصف سرعته: هو كالإلكترون، تشبيهاً له بالإلكترونات التي تدور حول النواة بسرعة فائقة كما هو معروف في الكيمياء، بل إنك تجدنا نشبه الرجل السريع بالضوء مثلاً بعد أن استقر لدينا أن الضوء ذو سرعة فائقة، أي بعد أن عرفنا هذا الحقيقة لا قبل أن نعرفها، وتشبيه السرعة بالضوء قبل معرفة هذه الحقيقة من باب الإلغاز والتعمية لا من باب البيان وحسن الإفهام. وهذا اعتراض متجه اتجاها شديداً، وعلى من يقول بخلافه أن يأتي بتشبيه يكون فيه المشبَّه به غير معروف ولا معهود.

2. ويبقى تخريج أشار إليه أول من أشار الأخ محمد الأمين، والذي سبق أن ذكرته، وسأوافيكم إن شاء الله بالجواب في الجزء الثالث والأخير من المبحث غداً إن شاء الله.
ولا يفسد هذا الخلاف للود قضية، فليس مقصودنا هاهنا التعرض لأحد بشخصه، ولا الإزراء به أو الانتقاص من قدره، فما نحن إلا طلاب حق أولا وآخرا، ولكم علي فضل المشاركة في هذا الموضوع بما يثريه فأستفيد منه إما بالإحسان في بيان الحجة، أو تحرير محل النزاع على وجه يبعد عنه الشبهة، أو لعلي أتبين بأخرةٍ خطأ ما أنا عليه، فأرجع عنه، ونسأل الله سبحانه أن يكون هذا خالصاً لوجهه.

أوافيكم غداً بالجزء الأخير، ثم نتدارس إن شاء الله الجوانب الأخرى في هذا الباب...

وبارك الله فيكم جميعاً....
 
ولذلك أقول أخي: إن الإعجاز العلمي باطل من حيث المبدأ تنظيراً وتطبيقاً، والله أعلم.

أنا أخي لا أقصد التنظير والتطبيق للإعجاز العلمي، بل التنظير لمسألة ضوابط قبول القول الجديد في التفسير ثم تطبيق وتنزيل هذه الضوابط على الآيات القرآنية، فهي مسألة من أصول التفسير كما لا يخفاك، وللتوضيح ضربت عليها آية (وترى الجبال) مثالاً.

لقد سبق أن حررتُ محل النزاعِ في هذه المسألة على الوجه التالي:
...

استوعبت كلامك من أوله أخي الكريم ولم يفتني منه شيء، والذي أقصده هو ما يذكره أهل العلم من قبول بعض الأقوال في الآية لا على سبيل التفسير بل على سبيل الإشارة، ومثاله أيضا في المشاركة المحال عليها.

ولكم علي فضل المشاركة في هذا الموضوع بما يثريه فأستفيد منه إما بالإحسان في بيان الحجة، أو تحرير محل النزاع على وجه يبعد عنه الشبهة، أو لعلي أتبين بأخرةٍ خطأ ما أنا عليه، فأرجع عنه، ونسأل الله سبحانه أن يكون هذا خالصاً لوجهه.

كلامك هذا نبراس وعنوان لكل طالب علم ... زادك الله هدى وتوفيقا.

واسمح لي أن أمر مروراً سريعاً على أسئلتك، على أن نوفيها حقها من البحث والمدراسة بعد إضافة الجزء الأخير...

بالانتظار وفقك الله وسددك.
 
[align=center](1)[/align]

قولُه تعالى ﴿فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ (الأنعام:125)

وفَنُّ التَّشبيهِ يقتضي أوَّلاً أن يكونَ وجهُ الشَّبهِ معروفاً ومعهوداً، وثانياً أن يكونَ وَجْهُ الشَّبَهِ في المُشَبَّهِ به أعْرَفَ منه في المُشَبَّهِ،
ولو قلتَ في وَصْفِ رَجُلٍ ثقيلِ الظِّلِّ، باردٍ سمجٍ، لو قلتَ في وصفِه: فلانٌ كالغازِ السَّائلِ، فلن يفهمَ هذا إلاّ أهلُ الكيمياءِ، والأجدى والأنفعُ أن تقولَ: فلانٌ كالثَّلجِ ممّا هو معهودٌ بِبُرودَتِه لدى المُخاطَبِ...
وكذلك الأمرُ فيما يُسَمَّى بالتشبيهِ الوهميِّ، وهو التشبيهُ بما لا يُدرَكُ بالحواسِّ الخمسِ الظاهرةِ، كقولِه تعالى ﴿أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ. إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ. إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيۤ أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ. طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيَاطِينِ﴾ (الصافات:62-65)، فإنَّ اللهَ سبحانه وتعالى قد بيَّنَ لهم شجرةَ الزَّقُّومِ وعرَّفَهم بها، وأخبرَهم بأنها شجرةٌ تخرجُ في أصلِ الجحيمِ، فأصبحت بهذا معهودةً ومعروفةً لهم، ثمَّ بعد ذلك شبَّه اللهُ لهم ثمرَها برؤوسِ الشياطينِ، وذلك أنَّ للشيطانِ صورةً ذهنيَّةً عند العربِ، وهي ما كان في مُنتهى القُبحِ والشناعةِ، فيقولون: كأنَّ هذا وجهُ شيطانٍ، في الدلالةِ على قبحِ منظرِه، وتناهيه إلى الغايةِ في السوءِ والشرِّ. ...
وقيلَ: الشّيطانُ حيَّةٌ عرفاءُ لها صورةٌ قبيحةُ المنظرِ هائلةٌ جدّاً. وقيلَ: إنّ شَجَراً يقالُ له الأَسْتَنُ خَشِناً مُنتِناً مرّاً مُنكَرَ الصورةِ، يُسَمَّى ثمرُه رؤوسَ الشياطينِ...
وقالَ الزَّجَّاجُ، والفَرَّاءُ: الشياطينُ: حيّاتٌ لها رءوسٌ، وأعرافٌ، وهي من أقبحِ الحيَّاتِ، وأخبثِها، وأخَفِّها جِسماً. وقيلَ: إنَّ رؤوسَ الشياطينِ اسمٌ لنبتٍ قبيحٍ معروفٍ باليمنِ يقالُ له: الأَسْتَنُ، ويقالُ له: الشيطانُ. قال النَّحَّاسُ: وليس ذلك معروفاً عند العَرَبِ.
وقيلَ: هو شَجَرٌ خَشِنٌ مُنتِنٌ مُرٌّ مُنكَرُ الصورةِ، يُسَمَّى ثمرُه رؤوسَ الشياطينِ) (4).
فالشيطانُ عند العَرَبِ لمَّا كانَ الغايةَ في القُبحِ، والمَلَكُ والمَلاكُ لمَّا كانَ الغايةَ في الجمالِ والحُسْنِ والأخلاقِ، والغُولُ لمّا كانَ غايةً في إدخالِ الرَّهبةِ والهَلَعِ والخوفِ إلى القلوبِ، كانت لهذه الألفاظِ معانٍ مُتَصَوَّرَةٌ في أذهانهم ومُتَخَيَّلَةٌ، لذلك تجدُ أنَّ من يريدُ أن يرسِمَ الشيطانَ أو يُصَوِّرَه جاءَ به على أقبحِ ما يكونُ، وأشدِّ ما يكونُ شناعةٍ ممّا يَتَخَيَّلُه في ذهنِه، بخلافِ من أرادَ رسمَ المَلاكِ أو تصويرَه، فإنَّه يأتي به على أحسنِ ما يَتَخَيَّلُه ويَتَصَوَّرُه في ذهنِه، وكذلك الأمرُ في الغولِ، يأتي به من يريدُ تصويرَه ورسمَه على أشدِّ ما يكونُ تخويفاً في ذهنِه.

وسُمِِّيَّ هذا التشبيهُ وهميّاً لأنَّ هذه الصُّوَرَ الذِّهنيَّةَ موجودةٌ في أوهامِهم وتخيُّلِهم، بغضِّ النَّظَرِ عن وجودِها في الخارجِ أو عدمِه. وقد ذكرنا فيما سبقَ أنَّ الألفاظَ موضوعةٌ بإزاءِ الصُّورِ الذِّهنيَّةِ، فهي إذن مُتصوَّرةٌ في الوهمِ ومُتخيَّلَةٌ ومُدركةٌ، سواءٌ أكانَ لها وجودٌ في الخارجِ أم لم يكن لها وجودٌ.
وعليه فإنَّ هذه الألفاظَ ومعانِيَها معهودةٌ للعَرَبِ ومعروفةٌ لهم، فلا يقالُ إنَّ القرآنَ خاطبَهم بما لا يعرفون، وجاءهم بتشبيهاتٍ لا عهدَ لهم بها.
وهكذا نرى أنَّه في كلِّ الأحوالِ، وفي كلِّ أضربِ التشبيهِ، لا بدَّ أن تكونَ أركانُه معروفةً معهودةً، وأن تََتَحَقَّقَ شروطُه حتى يؤدِّيَ غرضَه عند المُخاطَبِ، ومن المعروفِ عند النُّقّادِ والأدباءِ أنَّ من عيوبِ التشبيهِ خَفاءَ وجهِ الشَّبَهِ وبُعدَه، وتَكَلُّفَ الأذهانِ والعُقولِ في طَلَبِه، ولا يكونُ ذكرُ التشبيهِ للإلغازِ، أو لِتَعمِيَةِ المعنى على السامعِ، وإدخالِ الوهمِ إلى نفسِه إلاّ في الطَّرائفِ

نعودُ لمُدارسةِ الآيةِ على حسبِ ما يدَّعيه أصحابُ التفسيرِ العِلميِّ، فنقولُ بناءً على تفسيرِهم: يقولُ اللهُ في هذه الآيةِ إنَّه إذا أرادَ إضلالَ من كََتَبَ عليه الضَّلالَ يجعلُ صدرَه ضيِّقاً حَرَجاً، وحتى يُقَرِّرَ معنى الضِّيقِ والحَرَجِ عند المُخاطَبِ، ويُقَرِّبَه إلى الأذهانِ، ويمكِّنَه في نفسِه، يُشبِّهُ ضيقَ الصَّدرِ وحرجَه في الكافرِ – على رأيهم - بضيقِ الصَّدرِ الذي يكونُ من رجلٍ يَصَّعَّدُ في السَّماءِ!
فإن سألناهم: ما وجهُ الشَّبَهِ؟
قالوأ: وجهُ الشَّبهِ أنَّ الأكسجينَ يقلُّ في طبقاتِ الجوِّ العليا، فيؤدّي هذا إلى ضيقِ الصَّدرِ وحَرَجِه!!!فإن قلنا لهم: فهل فهمَ العربُ هذا المعنى آنذاك؟
قالوا: لا... لأنَّه لم يكن معهوداً لهم ولا معروفاً عندهم...
فلنا أن نقولَ عندها: فكيف إذن يخبرُهم القرآنُ بحالِ الكافرِ، وما يكونُ منه من ضيقِ صدرِه وحَرَجِه بالإسلامِ، ثم إذا أرادَ أن يُقَرِّرَ هذا المعنى في نفوسِهم، ويُقَرِّبَه إلى أذهانِهم، جاءَهم بتشبيهٍ لا عهدَ لهم به؟؟!!! ومنذ متى كانَ التشبيهُ في القرآنِ للإلغازِ والإبهامِ، أولتعميةِ المعنى على السامعِ، لا لتقريبِ المعنى وتقريرِه في نفسِه؟؟!!
أليس في تفسيرِ الآيةِ على ما يدّعونه من إشارةٍ إلى الحقيقةِ العلميَّةِ خروجٌ على أصولِ البلاغةِ وحسنِ الإفهامِ،...

أخي الكريم
القرآن الكريم كتاب هداية ، ومع ذلك فقد احتوى على الكثير من أوجه الإعجاز التي لم تخطر على قلب بشر ، لكن الله يظهرها للناس ، وفقا لوعده الكريم ((سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)) (فصلت:53) ، ليتحقق لهم أن هذا الكتاب الكريم هو معجز للخلائق وفي جميع جوانب الحياة كل حسب تخصصه لابد أن يجد في آيات القرآن الكريم ما يقيم عنده الحجة بأن هذا كتاب الله لا محالة.
وأنا واثق بأنني لو تحدثت لك عن أمور من الإعجاز في آيات القرآن الكريم التي لم يتحدث عنها أحد ممن سبق من العلماء لأخذتك الدهشة .

ولقد ألزمت نفسك بأمور لا طائل تحتها ، فكيف عرف العرب صورة هذه الشجرة التي تخرج من أصل الجحيم ، بإشارة القرآن الكريم لها؟؟؟ فأصبحت كالمشاهدة ؟ فأقول لك أحسبني عربي ولا أستطيع أن أرسم في ذهني أية صورة لهذه الشجرة . ألست مخاطبا بهذه الآية الكريمة. أستعيذ بوجهه الكريم مما هو أعلم به مني.
وليس المراد من هذا التشبيه لشجرة الزقوم هو أن يقف الناس على صورة لها بل الغاية أن لا يقف السامع على هذه الصورة فيكون خوفه وهلعه أكبر ، فهو خوف مبني على خوف وظلمات على ظلمات ، ليستقر في فؤاد القارئ هلع من تلك الشجرة . على نحو أن أدخل رجل في غرفة شديدة الظلام وأقول له ستلطم فيها ، فيكون خوفه من جهتين أولا من عدم إدراكه لشيء في هذه الغرفة ، وثانيا من عدم إحاطته بجهة اللطمة ، ولله سبحانه وتعالى وكلامه المثل الأعلى .
وهذا معهود في كلام العرب ، فهل العرب تعرف الغول ؟؟؟؟ هل الغول حقيقة ؟؟؟ ما هي أوصاف أسنانه؟؟؟ هل شاهدها أحد؟؟؟؟
ثم تتحدث عن المجاز العقلي بأسلوب فهمته أنت من دراستك وضيقت واسعا ؟؟؟ ثم تأتي بهذا التضييق لتطبقه على تفسير الآية الكريمة ؟؟؟
من قال أن وجه الشبه (الذي قصدته أنت حسب فهمك بأنه لابد أن يكون مدركا ) يجب أن يكون معلوما وأظهر في المشبه منه؟؟؟
أرجو التكرم بقراءة هذه النصوص ثم التعليق عليها:
ثمار القلوب في المضاف والمنسوب الثعالبي - (1 / 23)
... حدث الصولي، بإسناد له عن أبي عبيدة، قال: لما قدمت من البصرة، وصلت إلى الفضل بن الربيع، فسلمت عليه بالوزارة، فضحك إلي واستدناني، حتى جلست بين يدي فرشه، ثم لاطفني واستنشدني، فأنشدته عيون أشعارٍ أحفظها جاهليةً؛ فقال: قد عرفت أكثر هذه، وأريد من ملح الشعر، فأنشدته منها، فطرب لها وضحك، وزاد نشاطه.
ثم دخل رجل في زي الكتاب، له هيئة، فأقعده إلى جانبي، وقال له: أتعرف هذا؟ قال: لا قال: هذا علامة أهل البصرة، أبو عبيدة؛ احضرناه لنستفيد من علمه. فدعا له الرجل وقرظه لفعله هذا، وقال لي: والله إني كنت مشتاقاً إليك؛ وقد سئلت عن مسألةٍ، أفتأذن أن أعرفك إياها؟ قلت: هات. قال: قال الله عز وجل: " طلعها كأنه رؤوس الشياطين " ؛ وإنما يقع الوعد وإلا يعاد بما عرف مثله، وهذا لم يعرف!.
فقلت: إنما كلمهم الله تعالى بما يعرفون، وعلى كلام العرب؛ أما سمعت قول امرئ القيس:
أيقتلني والمشرفي مضاجعي ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال
وهم لم يروا الغول، ولكن لما كان أمر الغول يهولهم أوعدوا به.
فاستحسن الفضل ذلك، واستحسنه السائل، فاعتقدت منذ ذلك الوقت أن أضع كتاباً لمثل هذا وأشباهه.
فلما رجعت إلى البصرة علمت كتابي الذي سميته كتاب المجاز.

جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع أحمد الهاشمي - (1 / 187)
في تقسيم طرفي التشبيه إلى حسِّي، وعقلي
طرفا التشبيه «المشبه، والمشبه به»
(1) إمَّا حسيَّان (1)
__________
(1) اعلم أن من الحسي: ما لا تدركه الحواس الخمس التي هي (البصر والسمع والشم والذوق واللمس) ولكن تدرك مادته فقط ويسمى هذا التشبيه (بالخيالي) الذي ركبته المخيلة من أمور موجودة، كل واحد منها يدرك بالحس - كقوله
كأن الحباب المستدير برأسها كواكب در في سما عقيق
فان كواكب در، وسماه عقيق، لا يدركها الحس، لأنها غير موجودة - ولكن يدرك مادتها التي هي الدر والعقيق، على انفراد - والمراد بالحباب ما يعلو الماء من الفقاقيع والضمير للخمر - ومنه أيضا قول الآخر.
وكان محمر الشقيـ ... ... ق إذا تصوب أو تصعد
أعلام ياقوت نشر ... ... ن على رماح من زبرجد
فان الأعلام والياقوت والزبرجد والرماح موجودة - لكن المشبه الذي مادته هذه، ليس موجوداً ولا محسوساً، والمراد بالعقلي ما لا يدرك هو ولا مادته باحدى الحواس الظاهرة - بل إدراكه عقلا، فيدخل فيه الوهمي وهو مالا يدرك هو ولا مادته باحدى الحواس، لكن لو وجد في الخارج لكان مدركا بها -
ويسمى هذا التشبيه (بالوهمي ) الذي لا وجود له ولا لأجزائه كلها أو بعضها في الخارج، ولو وجد لكان مدركا باحدى الحواس كقوله تعالى (طلعها كأنه رؤوس الشياطين ) - وكقوله
أيقتلني والمشرفي مضاجعي ومسنونة زرق كأنياب أغوال
فان أنياب الأغوال لم توجد هي ولا مادتها، وانما اخترعها الوهم، لكن لو وجدت لأدركت بالحواس، والمشرفي السيف، والمسنونة السهام، والأغوال يزعمون أنها وحوش هائلة المنظر، ولا أصل لها، والوجدانيات كالجوع والعطش ونحوهما ملحقة بالعقلي ثم التضاد بين الطرفين قد ينزل منزلة التناسب، ويجعل وجه الشبه على وجه الظرافة أو الاستهزاء كما في تشبيه شخص ألكن (بقس بن ساعدة ) - أو رجل بخيل (بحاتم) - والفرق بين الظرافة والاستهزاء يعرف بالقرائن، فان كان الغرض مجرد الظرافة فظرافة - وإلا فاستهزاء

وأخيرا لا يعني فهم أهل العلم لهذه الآية الكريمة بأوجه العلوم المحققة في هذا العصر وبيان الإعجاز العلمي فيها من عدّة أوجه أن ذلك ينافي الإعجاز البياني وبلاغة القرآن الكريم التي لم يدرك شأوها مخلوق .
فلم يقل الله تعالى يصعد بل يصّعّد ??? فهل هناك فرق ؟؟؟ ولماذا يلبس الطيارون العسكريون هذه البدلات والخوذ التي تكلف الواحدة منها آلاف الدولارات ، وما الذي تحتويه كل بدلة وخوذة .
أخي الحبيب إسأل عن تفجر شعيرات الدماغ عند الطيارين العسكريين ، وإن عرفت أحدهم فلا تتأخر بسؤاله.
فليس التصعّد مقصورا على قلّة الأكسجين فقط
والله سبحانه وتعالى أعلم وهو من وراء القصد
 
الإخوة الكرام:

بارك الله فيكم جميعاً وأحسن إليكم...

سأضيف إن شاء الله الجزء الثالث والأخير من هذا المبحث...

ولعلنا إن شاء الله نتدارس هذه الآية وغيرها من الجوانب المتعلقة بالإعجاز العلمي...
 
[align=center](3)[/align]


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فهذا الجزء الثالث والأخير مما كنتُ كتبتُ في بيان تهافت القول بالإعجاز العلمي في تفسير هذه الآية (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ) (الأنعام:125)، سائلاً الله أن ينفع به، وسآتي فيه بإذن الله بالجواب عن سؤال الأخ محمد الأمين، كما وعدتُ، وقبل هذا أحب أن أشير إلى أمرين هما بسبيلٍ مما نحن فيه، فأقول:

1. أقَرِّرُ مَرَّةً أخرى أمراً نكون فيه على بيِّنةٍ: نحنُ هنا لا نُنكِرُ الحقائقَ العِلميَّةَ، وما وصلَ إليه العِلم الحديثُ من مُكتشفاتٍ ومخترعات، وليس لنا أن نُنكرَها إذا ما ثَبَتَتْ، بل نقولُ إنَّ وجودَ الحقائقِ العِلْمِيَّةِ شيءٌ، وادعاءَ أنَّ القرآنَ دل عليها وأشارَ إليها بتفصيلِها - على وجهٍ لم يكنْ معهوداً للعربِ ولا معروفاً لهم حتَّى جاءِ العِلمُ الحديثُ فَكَشَفَ عنها وعن المعنى المقصودِ بها، أي أنَّ آيات ِالقرآنِ بهذا تُفسِّرُ هذه الظواهرَ العِلميَّةَ وتذكرُ الأسبابَ الكامنةَ وراءَها- شيءٌ آخرُ. ونزاعُنا معَ أربابِ الإعجازِ العِلميِّ ليس في أصلِ الحقائقِ العِلميَّةِ، ولا في ثبوتِها، بل في زعمِهم ودعواهُم أنَّ القُرآنَ دلَّ عليها وأشارَ إليها على وجهٍ تفصيليٍّ لم يكن معروفاً للعربِ، ولا معهوداً لهم، وأنَّ معاني الآياتِ لم تكن مفهومةً لهم حقَّ الفهمِ، أو كانت من المُتشابِهِ الذي لا يُعرفُ معناهُ، حتَّى جاءَ العِلمُ الحديثُ فكشفَ عنها، أو أنَّ هذه الآياتِ بمفرداتها وتراكيبِها كانت لها معانٍ معيَّنَةٌ عند العربِ آنذاك بحسبِ معهودِهم في الكلامِ وتصرُّفِهم فيه، ثمَّ لمّا جاءَ العلمُ الحديثُ أضافَ إليها معاني أخرى جديدةً لم تكن معروفةً لدى العربِ الأوَّلين، ويجعلون من هذا التفسيرِ العِلميِّ، ومن سبقِ القرآنِ في الإشارةِ إلى هذه الحقائقِ العلميَّةِ والطبيعيَّةِ وجهاً جديداً من وجوهِ الإعجازِ القرآنيِّ!!! هذا ما ننازعُ فيهِ، ونُشَدِّدُ النَّكيرَ على القائلِ به.

2. كثيراً ما يعترض أنصار الإعجاز العلمي على منكري الإعجاز العلمي بأنهم ليسوا متخصصين في العلوم الحديثة، من طب وهندسة، وفيزياء وكيمياء وجيولوجيا وفلك....إلخ، وأنهم لهذا لا يستطيعون أن يتصوروا الإعجاز العلمي حق تصوره، ولا أن يقدروه حق قدره، وهذا وهمٌ لا حظَّ له من التحقيق، والصوابُ الذي لا شك فيه أن نتبيَّن الفرقَ بين:

أ‌. دراسة العلوم الحديثة، والتعمق فيها، وسبر أغوارها، ونيل أعلى الدرجات في التخصصات المختلفة.

ب‌. وبين دلالة القرآن على ما كشفت عنه العلوم الحديثة من أسرار وخفايا في هذا الكون.

فمحل الأول التجربة والملاحظة، والاستنتاج المبني عليهما، محل الطب ما كشفت عنه التجارب والملاحظاتُ من أدوية وعقارات، وما وصلت إليه الآلات الطبية من قدرة على إجراء أدق العمليات الجراحية، ومحل الهندسة الرياضيات، وما فيها من تفاضل وتكامل ودوال مثلثية وديكارتية، والمباني وإنشاؤها، والآلات بمختلف أنواعها وأغراضها من حيث تصميمها وتصنيعها على وجه يؤدي الغرض منها، ومحل الزراعة التربة والنبات.....إلخ. أما معرفة إن كان في القرآن دلالةٌ على شيءٍ من أسرار الطب أو الصيدلة أو الهندسة أو الزراعة والصناعة أوالفلك والفيزياء والجيولوجيا فمحلُّها فقهُ اللغةِ وأصولُ الفقهِ، والأصولُ التي يجب أن نسير عليها في فهم الكلام، والنظر في دلالاتِ الألفاظ على معانيها في النصوص الشرعية من قرآن وسنة إنما تكون بحسْبِ ما قَرَّرَه أَهلُ هذا الفَنِّ من عُلَمَاءِ الشَّرْعِ، فننظرُ في الأَمْرِ والنَّهْيِ، والعَامِّ والخاصِّ، والمُطلَقِ والمُقيَّدِ، والمجمَلِ والمُبَيَّنِ، والنّاسِخِ والمَنسوخِ، والحقيقةِ والمجازِ، والاشتراكِ والإِضمارِ، والمنطوقِ والمفهومِ، وفي الأدلَّةِ الإجماليَّةِ من كتابٍ وسنَّةٍ وإجماعٍ وقياسٍ، وفي التَّعارُضِ والتَّراجيحِ، وأَحكامِ الاجتهادِ والتَّقليدِ، وفي مُصطلحِ الحديثِ والنَّحوِ والصَّرفِ واللغةِ، وفنونِ البلاغةِ والبيانِ، وغيرِ ذلك ممَّا قرَّرَه أهلُ هذه الفَنونِ، وفصَّلوا القولَ فيه، والتي لا تمتُّ إلى العلومِ الحديثةِ وما أَحرَزَه فيها أَصحَابُها بِصِلَةٍ، والأطباءُ والمهندسون والفيزيائيون في هذا عيالٌ على الفقهاء وعلماء الدين. وإذا كان الكلام في العلوم الحديثة لا يكون إلا لمتخصص فيها، فكذلك علوم الشرع، واللغة، لا يجوز أن يتصدر لها إلا من ألم بشيء من فقه اللغة وأصول الفقه يُمكِّنُه من الخوضِ فيها. بل إنَّ الحقَّ الذي لا ريبَ فيه أنَّ هذه العلومَ الشرعيَّةَ من فقهٍ وحديثٍ وتفسيرٍ وكلامٍ هي أَجَلُّ المَعارفِ وأَعْظَمُها، وأَرْفَعُها دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ، وأنَّ أهلَها وأرْبابَها العُلَماءَ من المُتَكَلِّمين والفُقَهاءِ والمُحَدِّثين والمُفَسِّرين وأهلِ العربيَّةِ هم أعلى النَّاسِ مَنْزِلةً بما استُحفِظوا من كتابِ اللهِ، وأَخَصُّ العُلماءِ في هذا الفُقَهاءُ.

هذان أمران تمسُّ إليهما الحاجة، في مبحثنا هذا، فأحببت أن أقدمَّ بهما، لندرك مكمن الخلل في كثير من اعتراضات القائلين بالإعجاز العلمي وأنصاره، ونكونَ منها على بينة.


وأعود إلى ما كان بيننا من مدارسة بخصوص هذه الآية المذكورة، فقد بيَّنَّا في السابق أن القول بالتفسير العلمي لهذه الآية فيه مخالفة لأصول البلاغة وحسن الإفهام من حيث إن الغرض من التشبيه إنما هو تقريب المعنى إلى السامع، وتمكينه وتثبيته في نفسه، والله سبحانه وتعالى يقول إنه إذا أراد إضلال عبدٍ من عبادِه جعل صدره ضيقاً حرجاً، فكيف يقرِّبُ معنى ضيق الصدر إلى المخاطبِ ويمكنه في نفسه بقولِه (كأنما يصَّعدُ في السماء) على تأويل أن الآية تشير إلى نقصان الأكسجين في طبقات الجو بالصعود فيه، والعرب لا تعرف شيئاً من هذا ولا تعهده؟ فلا بد إذن أن يكون للتصعد في السماء معنى معهود عند العرب الأولين، فيؤدي التشبيه مقصوده والغرض منه، وإلا كان في الكلام خروج على أصول البلاغة وحسن الإفهام ينزَّه عنه منصب الشارع.
ثم جينا بأقوال المفسرين الأولين لهذه الآية، والذي هو تفسير العرب الأولين وفهمهم لها، مما يبين أن هذه الآية كانت مفهومة لهم حق الفهم، ولم يكن فيها شيء غير ذي معنى، فمنهم من قال إنها مثل يضرب في التكليف بما لا يطاق، ومنهم من قال إن الكافر يكاد لضيق صدره وضجره بالإسلام لا يجد إلا أن يصعد في السماء نفوراً من الإسلام، وزيغاً عن الحق. كما أن الكثير منا إذا غشيه ما يكره، وجاءته المصايب من كل جهة أحس كأنما هو يختنق، فيقول: أحسن أنني أختنق، والخنق المحسوس الذي هو انقطاع النفس غير مقصود قطعاً. ولهذا نظائر كثيرة حتى في لهجتنا المحكية، نقول نحن في الأردن: فلان يريد أن يقيم الدين في مالطا، دلالة على صعوبة ما يطلب، وأنه ليس في الوسع، وليس المقصود بهذا المعنى الحرفي لهذه الألفاظ، وإنما هو مثل يضرب في التكليف بما لا يطاق، وتقول: فلان يمشي على بيض، وهو مثل يضرب في الدلالة على البطء الشديد وثقل الحركة، وليس المقصود وجود بيض حقيقي يمشي عليه، وكذلك التصعد في السماء ليس المقصود به التصعد في السماء على الحقيقة، وإنما هو مثل يضرب في التكليف بما لا يطاق، والأمثلة على هذا كثيرة في الكلام القديم، منها على سبيل المثال لا الحصر، قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ (آل عمران:102)، فإنها تدلُّ بالمطابقةِ على النَّهيِ عن الموتِ، مع أنَّ الموتَ ليس مقدوراً للمكلَّفِ، فلا يكونُ مقصوداً بالآيةِ، وتُصرَفُ دلالتُها من النَّهيِ عن الموتِ الذي لا يُتَصَوَّرُ أن يكونَ مراداً - إذ هو غير مقدورٍ للمكلَّف- إلى النَّهيِِ عن مفارقةِ الإسلامِ حتى المماتِ، كقولِك (لا تمت كافراً)، أو (لا تمت ظالماً) أو (مُتْ شهيداً)، فإنَّ معناها المطابقيّ هو النَّهيُ عن الموتِ على حالِ الكفرِ أو حالِ الظلمِ، أو الأمرُ بالموتِ قتلاً بيدِ الأعداءِ، فلمّا عرفنا أنَّ الموتَ ليس فعلاً للمكلّفِ ولا مقدوراً له، عرفنا – بدلالةِ الالتزامِ- أنَّ المقصودَ بالنَّهيِ ليس النهيَ عن الموتِ حالَ الكفرِ، أو حالَ الظُّلمِ، وإنما النهيُ عن الكفرِ – الذي هو مقدورٌ للمكلَّفِ- حتى يأتيَه الموتُ، وعن الظلمِ – الذي هو أيضاً مقدورٌ للمكلّفِ- حتى يأتيَه الموتُ، وعرفنا بدلالةِ الالتزامِ أيضاً أنَّ الأمرَ ليس بالموتِ، بل بقتالِ الكفّارِ إلى أن يُدركَكَ الموتُ أو تُقتَلَ بيد الأعداءِ.
ومنها الدعاء المأثور (الله متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبداً ما أحييتنا، واجعل الوارث منا)، فقوله: واجعله الوارث منا لا يُتَصَوَّرُ وقوعُه، إذ لا يعقل أن يرثك سمعك وبصرك، ولكن المقصود ألا يفارقك سمعك ولا بصرك ولا شيء من قوتك حياتَك كلها. فهو مثل يضرب في الدعوة بديمومة الحواس والقوات، فتدعو لنفسك بأن ترثك.
هكذا إذن نفهمُ قولَه تعالى ﴿كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء﴾ على معهود العربِ الأوَّلين الذين نزل القرآنُ بلسانهم، فنقولُ: لمّا كانَ الصُّعودُ إلى السَّماءِ غيرَ مقدورٍ لِلمُكَلَّفِ، وتكليفاً بما لا يُطاقُ، شبّهَ القرآنُ ضيقَ صدرِ الكافرِ، وحَرَجَه بالإسلامِ، وبدعوةِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بمن يصَّعَّدُ في السماءِ، أي بمن يَتَكَلَّفُ ما لا طاقةَ له به، أي إنَّك إذ تطلبُ إلى الكافرِ أن يؤمنَ باللهِ وبالإسلامِ تُكَلِّفُه ما لا طاقةَ له به، فكأنّما هو يَتَرَقَّى في السماءِ نبوّاً عن قبولِ الإسلامِ، واستكباراً، أو نفهمُها على الوجهِ الثاني الذي أشارَ إليه الإمامُ الرازيُّ بمعنى بعدِ الكافرِ عن الإسلامِ كبعدِ الأرضِ عن السماءِ، فهو يضيقُ صدرُه بالإسلامِ، وينبو عن قبولِه، ويَتَحَرَّجُ به، إذ ليس في صدرِه مكان للإسلامِ، فمثلُه في تَكَلُّفِه ما لا يطاقُ مثلُ الذي يُكلَّفُ الصعودَ في السماءِ.
وهذا كافٍ في بيان معنى الآية على معهود العرب الأولين، ويكون زعم من زعم أن الأولين لم يعرفوا لها معنىً، أو لجؤوا إلى تأويلِها لأنهم عجزوا عن تصوُّرِ ما جاءت به زعماً عارياً عن الصحة، ولا نصيب له من الحق.

ويبقى أن نتدارس ما أشار إليه الأخ محمد الأمين من أن الوجه القديم في تفسير الآية كان على معهود العرب الأولين، وما كشف عنه العلم الحديث لا يعارضُ الوجه القديم، وقال إنَّ هذا الوجه الجديد مما تحتمله اللغة، وتقبلُه العادة، وما كان كذلك فلا مجال لإنكاره، وللأخ العليمي المصري كلام على هذا المعنى، ولعلي أصوغ ما أشار إليه الأخوان محمد الأمين والعليمي بأن يقال: ما المانعُ من أن يكونَ العربُ قد فهموها على معروفِهم ومعهودِهم، أو فهموا منها ما قدروا على فهمِه، من أنها بمعنى التكليفِ بما لا يُطاقُ، أو بعدِ الكافرِ من الإسلامِ كبعدِ الأرضِ عن السماءِ، أو نُبُوِّ الكافر عن قبول الإسلام وضجره به حتى كأنه يتصعد في السماء، ثمَّ لمّا جاءَ العلمُ الحديثُ كشفَ لنا عن معنىً آخرَ في تفسيرِ هذه الآيةِ، والذي هو ضيقُ الصَّدرِ وحرجُه بسَبَبِ نقصانِ الأكسجينِ عند الصُّعودِ إلى طبقاتِ الجوِّ العُليا. وبالتالي يكونُ لدينا وجهانِ محتملانِ في تفسيرِ الآيةِ:

1. الوجهُ القديمُ الذي فَهِمَه العَرَبُ على معهودِهم بمعنى التكليف بما لا يطاق، أو كأن الكافر يصعد في السماء لشدة ضيقه بدعوة الإسلام.
2. والوجهُ الجديدُ الذي كَشَفَ عنه العلمُ الحديثُ، وهو أن الأكسجين يتناقص في طبقات الجو العليا، فيؤدي إلى ضيق الصدر والحرج.
وبهذا يكونُ العربُ قد فهموها على معهودِهم، على ما يقتضيه فنُّ التشبيهِ من تقريبِ المعنى إلى السامعِ، وبما يجري على أصولِ البلاغةِ وحسنِ الإفهامِ ولا يُصادِمُها، ويكونُ لنا – بعد ذلك- أن نضيفَ إليها وجهاً جديداً كشفَ عنه العلمُ الحديثُ بما لا يخالفُ أصولَ البلاغةِ بعد أن أصبحَ نقصانُ الإكسجينِ عند الصعودِ في السماءِ معنىً معهوداً لنا في هذا العصرِ، وحقيقةً علميَّةً لا جدالَ فيها، وهذا وجه تحتمله اللغة، وتقبله العادة، أما احتمال اللغة فإن الصعود إلى السماء على ما كشف عنه العلم الحديث يؤدي إلى ضيق الصدر وحرجه، وإذا استقر هذا الكشف الجديد في أذهان الناس وعاداتهم كان التشبيه به مفيداً من حيث إن المعنى الجديد بات معهوداً فلا محذور؟

فأقول وبالله التوفيق: ونحنُ ندَّعي في مقابل ذلك أنَّه لا بدَّ عندَ تفسيرِ كلامِ العربِ الأولين، أو الكلامِ الذي نزلَ بلسانهم من اتِّباعِ معهودِهم – أي معهودِ العربِ الأوَّلين- وتصرُّفِهم في الكلامِ آنذاك، ولا يجوز حمل الكلام على ما يستجد عند الناس من معانٍ ودلالاتٍ للألفاظ على مرِّ الزمن، ذلك أنَّ القرآنَ نزل بلسانِ العربِ الأولين، ولغتهم هم، وعلى معهودِهم واصطِلاحِهم هم في هذه الألفاظِ ومعانيها ولوازمِها، لا على معهودِنا نحن، ولا على اصطِلاحِنا نحن. والأصلُ أن يكونَ العربُ فهموها على معنىً ما معيِّن على معهودِهم في الكلامِ وتصرُّفِهم فيه آنذاك، فيكونُ هذا هو الوجهَ المقصودَ بالآيةِ، ويكونُ شافياً لِلغليلِ، لأنَّ فهمَ المفسِّرين الأوَّلين، كان هو فهم العربِ الأوَّلين أهلِ اللغة.
على سبيل المثال، أُثرَ عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنَّه قال لبعض نِسائه: أسرعُكُن لحوقاً بي أطولُكن يداً، والمقصود بطول اليد في معهود العرب الأولين هو البذل والعطاء والصدقة، أما في معهودنا الآن فالمقصود بطول اليد إذا وصفتَ بها رجلاً أنَّه سارق تمتد يدُه إلى ما لا يملكُ. فلا يجوز عند بيان كلام الرسول صلى الله عليه وسلم أن ننظر إن كان يمكن حمل كلامه على المعنى الجديد لـ "طول اليد"، والذي نعهدُه في كلامنا، بل ننظر في معهودِ أهل اللسانِ في ذلك الوقتِ الذي قيلَ فيه.
مثال آخر: "جيب الثوب" أو "جيب القميص" كان عند العرب الأولين بمعنى طوقِه وفرجتِه ، فأصبحت الآن على معنى الجيب المعروف "المخباة" الجانبي أو مما يلي الصدر.
مثال آخر: لفظ "انصرف" يتضمَّنُ في عرفِنا معنى الإهانة، ولم يكن كذلك عند العربِ الأوَّلين. فلا يشفع لك إن قلتَ لأحدِهم: انصرف، أن تقول لا أعني بهذا إهانتك، ذلك أن العبرة بما يعهده الناس الآن من هذا المعنى، أما إن وردت في كلام العرب الأوَّلين، فلا تفهمُ منها معنى الإهانة.

وقس على هذا كلامَ العربِ الأوَّلين في شعرهم ونثرهم، فلا يجوز أن تكون دلالات هذه الألفاظِ ومعانيها متجددةً متطورةً فيما بلغنا من أشعارِهم. بل نفهمها على ما كانوا يعهدونه في الألفاظ ومعانيها ولوازمها، ولا نحملها بأي حال من الأحوال على ما استجد عندنا من معانٍ ولوازم.

ولذلك فإنَّ إبطالَ الوجه الذي أشار إليه أخونا محمد الأمين يكفي فيه أن ننظرَ إلى واقع اللغة من حيثُ هي لغةٌ، أي من حيثُ هي ألفاظٌ دالَّةٌ على معانٍ، وأنّ هذه الألفاظَ والأصواتَ حتى تكونَ لغةً شائعةً بين الناس لا بدَّ فيها من المواضعةِ والمصالحةِ، أي لا بدَّ من اشتراكِ الناسِ في معرفةِ هذه الألفاظِ ومعانيها والمقصودِ بها واتفاقِهم على ذلك، وأنَّ مخاطبتَك لشخصٍ ما - إذا لم تكن على معهودِ الكلامِ، وعرفِ اللغةِ، من حيث الألفاظُ والتراكيبُ ودلالاتُها على المعاني- لا تعدو أن تكون ضرباً من ضروبِ الهذيانِ.
وعليه نقول: إنَّ اللهَ لو خاطبَ العربَ الأقحاحَ بمفرداتِهم وتراكيبِهم، ثم لم يفهموا المرادَ من هذه الجملِ والتراكيبِ في ذلك الوقتِ، لكانَ هذا ضرباً من ضروبِ الهذيانِ الذي يُنَزَّهُ عنه منصبُ الشارع.
ونقولُ أيضاً: إنَّه لا يجوزُ أن تكونَ دلالاتُ آياتِ القرآنِ ومفرداتِه مُتَجَدِّدَةً مُتَطَوِّرَةً على مَرِّ العصورِ، يفهمُها أهلُ كلِّ عصرٍ بحسبِ ما يشيعُ في عصرِهم من معاني المُفرداتِ، وما وصل إليه من علومٍ كونيَّةٍ أو طبيعيَّةٍ، أو عَثَرَ عليه خيالُه من إشاراتٍ بعيدةٍ، لأنَّ العبرةَ إنما هي بالألفاظِ ومعانيها عند العربِ الأولين أهلِ اللسانِ، كيف كانت العربُ تعقِلُها وتفهمُها وقتَ نزولِ القرآنِ، وليس في كلِّ عصرٍ.
لا نعني بهذا أنَّه لا يجوزُ استعمالُ كلمةٍ عربيةٍ في معنىً غيرِ الذي وُضِعت له ابتداءً، بل يجوزُ وضعُها أو استعمالُها بإزاءِ معنىً غيرِ المعنى الذي وَضَعها له العربُ الأوَّلون أهلُ اللغةِ، لعلاقةٍ بين المعنى الأصيلِ والمعنى الجديدِ، على ضربٍ من التجوُّزِ والاستعارةِ المعهودةِ في كلامِ العربِ، كأن نضعَ مثلاً كلمةَ "ذَرَّة" للدلالةِ على مقصودِ التجريبيين المقابلِ لكلمةِ "atom" الإنجليزيةِ، مع أنها بأصلِ الوضعِ تدلُّ على صغارِ النَّملِ، ولفظَ "طائرةٍ أو طيّارةٍ" في الدلالةِ على معنى الطائرةِ المعروفِ، لأنَّها تشتركُ مع الطيورِ الحيوانيةِ في أصلِ الطيرانِ، أو كلمةَ "سيّارةٍ" للدلالةِ على معنى السيّارةِ المعروفِ، لأنَّها تسيرُ على الأرضِ وتشتركُ مع الدوابِّ الأرضيّةِ في أصلِ السَّيرِ، وإنَّه وإن كانت صفةُ الطيرانِ والمشيِ موجودةً في أكثرَ من فردٍ أو ماهيّةٍ كالطيرانِ في سائرِ الطيور، وصِفَةِ السَّيرِ عندَ الدَّوابِّ كافَّةً، إلاّ أنَّ الناسَ في - عرفِها- قد تُخَصِّصُ أحدَ هذه الأفرادِ أو الماهيّاتِ بتلك الصفةِ - دون غيرِها ممن يتَّصِفون بها وتَتَحَقَّقُ فيهم- لغلبتِها عليه، أو لكثرةِ استعمالِها في كلامِهم خاصّةً بذلك الفردِ دون غيرِه، أو تلك الماهيَّةِ دون غيرِها، فيشيعُ عندهم تسميةُ هذا الفردِ أو ذاك بهذه الصِّفةِ، حتى تكونَ أغلبَ وأدلَّ عليه من اسمِه الأصيلِ، كتسميةِ "المسكِ" عند العربِ بـ"المشمومِ" ، مع أنَّ الأشياءَ المشمومةَ لا تُعَدُّ ولا تحصى، ولكن لمّا غَلَبَ استعمالُ كلمةِ "المشمومِ" عند العربِ في "المسكِ"، كانت أخصَّ به من غيرِه من المشموماتِ. ومن ذلك أنَّ لفظَ "السخّانِ" أو "البرّادِ" صارَ أولى بالحوافظِ الحراريَّةِ المعروفةِ باسمِ "الثيرموس" من النارِ أو الثلاّجة، مع أنَّ هذه الحوافظَ الحراريةَ لا فعلَ لها في أصلِ التسخينِ أو التبريدِ، إلاّ في الحفاظِ على برودةِ السائلِ أو سخونتِه داخلَها! فإذا بالناسِ تُسمّيها بغيرِ صفتِها التي هي عليها!!! وهذا أمرٌ جائزٌ لا مشاحّةَ فيه، وقد يُنقلُ اللفظُ إلى معنىً آخرَ جديدٍ لغيرِ علاقةٍ، أي يُرتجلُ ارتجالاً في المعنى الجديدِ، وما دام الناسُ قد اصطلحوا وتواضعوا على تسميتِها بهذا الاسمِ - أيّاً كانت صفتُها- فلا مكانَ للاعتراضِ، وهو عرفٌ بين الناس قد فشا وغلبَ في كلامِهم، فلا يُنازَعون فيه.
فتجدد الدلالات وتطورها وتغيرها على مرِّ الزمن سنَّةُ الله في كلِّ لغة، وكلِّ لسان، فلا مشاحةَ فيه، ولكنَّ المحذور هوأن نُفَسِّرَ آياتِ القرآنِ الكريمِ ونصوصَ السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ، وكذلك نصوصَ الأوَّلين وأقوالَهم، وما أُثِرَ عنهم من شعرٍ أو نثرٍ أوخُطَبٍ، بما جدَّ عندنا وتبدَّلَ من معاني هذه الألفاظِ ولوازمِها، كأن نُفَسِّرَ قولَه تعالى ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ (يونس:61) بأنَّ المقصودَ به هو الذَّرَّةُ المعروفةُ في العِلمِ التجريبيِّ أو العلمِ الحديثِ، أو أن نفسرَ قولَه تعالى ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ (الأنعام:38) بأنَّ المقصودَ بها الطيورُ الحيوانيةُ والطائراتُ المعروفةُ الآن، وأنها كلَّها حيوانَها وحديدَها أممٌ أمثالُنا، وأن نزعم أن التصعد في السماء الوارد في الآية فيه إشارة إلى نقصان الأكسجين، وأن نزعم مثلاً أن الشاعر إذ يقول:
أدميت باللحظات وجنته... فاقتص ناظره من القلب
إنما يشير إلى ازدياد ضخ الدم إلى الوجنتين عند الخجل، وأن العرب عندما قالت في وصف الصانع الحاذق: إن له عليها إصبعاً، إنما أشاروا إلى حقيقة البصمات التي تختلف بين بني البشر ...إلخ. فهذا كلُّه من تحميل الكلامِ ما لا يحتمل، والذي هو ضرب من ضروب الهذيان الذي لا حظ من البلاغة وحسن الإفهام، وإنما الحقُّ أن نتَّبعَ في تفسيرِ هذه النصوصِ معهودَ أهلِ اللغةِ في ذلك العصرِ الذي نزل فيه القرآنُ، في معنى الذَّرَّةِ والسيَّارَةِ والطائرةِ، وعلى معهود الناس في الألفاظ ومعانيها في العصر الذي قيل فيه ذلك الشعر، أو ذلك المثل.

المقصودُ هنا أن نُقَرِّرَ أنَّ النصوصَ التي وردت في عصرٍ ما أيّاً كانت هذه النصوصُ، لا بدَّ أن تُفسَّرَ على معهودِ الناسِ في الألفاظِ ومعانيها ولوازمِها في ذلك العصرِ – فقط- لا بما يعهدُه الناسُ في معانيها في كلِّ عصرٍ، وإلاّ كان هذا ضرباً من ضروبِ الهذيانِ، وتحميلاً للألفاظِ وأقوالِ الناسِ، وما أُثِرَ عنهم من شعرٍ أو نثرٍ ما لا تحتملُ، وما لا طاقةَ لها به.
والقرآن - الذي هو كلامُ الله سبحانه وتعالى، والذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم، والذي هو معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم الخالدة على وجه الدهر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها- هو من جنس كلام العرب في ألفاظه وتراكيبه ومعانيها، فلا نفهمه ولا نعقله إلى على ما كانت العرب تفهمه وتعقله. لهذا تجد المفسرين إذا ما حملوا آيةً ما على معنىً من المعاني، أو على وجهٍ من وجوهِ التأويل، جاؤوا من كلامِ العرب الأولين وأشعارهم بما يؤيد ما ذهبوا إليه، وتجدهم قد تكلموا فيما يحتج به وما لا يحتج من كلام العرب، وما يسمى بعصر الاحتجاج، كل هذا لأجل أن يفهموا القرآن على معهود العرب الأولين أهل اللسان الذي نزل به القرآن.

وفي هذا جواب الأخ محمد المختار، الذي قال إن التفسير الجديد تحتمله اللغة وتقبله العادة، فالحق أن اللغة لا تقبله من حيث إننا لا ننظر إلى معاني الألفاظ مجردة، وما يمكن أن تحتمله في كل عصر من العصور، بل نقول إن الأصل أن ننظر في معاني الكلام عند أهل ذلك العصر الذين نزل القرآن بلسانهم، لا في كل عصر.

وعلى هذا نقول: لمّا كانت أذهانَ العربِ الأوَّلين الذين نزلَ القرآن بلسانهم لا تنصرفُ إلى هذا المعنى الجديد للتصعد في السماء، عند النطقِ باللفظِ، ولمّا كان هذا اللازمُ غيرَ معهودٍ للعربِ الأوّلين الذين نزلَ القرآنُ بلسانهم فإن هذا كافٍ في ردِّ هذا الوجهِ المُدَّعى في تفسيرِ الآيةِ من حيث اللغة، إذ لا يجوزُ لنا أن نُفسِّرَه بغير ما كانت تعهده العربُ، ولا يجوز أن نذهب في تأويله على معهودِنا في الألفاظِ ولوازمِها، التي جدَّتْ وتغيرت في عصرنا هذا.

إذن...

فلا يجوزُ بحالٍ أن يكونَ ما كشف عنه العلم الحديث وجهاً من وجوهِ تفسيرِ الآيةِ وتأويلِها، حتى ولو مرجوحاً، ذلك أنَّ الراجحَ والمرجوحَ في التأويلِ إنما يكونُ فيما تحتمِلُه الألفاظُ من معانٍ على معهودِ العربِ الأوّلين وتصرُّفِهم في الكلامِ آنذاك، وليس فيما يمكنُ أن تحتملَه هذه الألفاظُ من وجوهٍ على الإطلاقِ، وفي أيِّ عصرٍ من العصورِ. فلفظُ "اللمسِ" في قولِه تعالى ﴿أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء﴾ (النساء:43) مُتَرَدِّدٌ عند العربِ - وعلى معهودِهم آنذاك في الكلامِ وتصرُّفِهم فيه- بين اللمسِ والوطءِ، أي لفظُ "اللمسِ" عندهم محتمِلٌ للمعنيين، فهو في حقيقتِه – عندهم- لمجرَّدِ المُلامسةِ والتماسِّ، ويُستعمَلُ بمعنى الوطءِ والجماعِ على ضربٍ من التَّوسُّعِ والمجازِ، والراجحُ والمرجوحُ في هذين المعنيين يعرفُ عند المجتهدين كلٌ بدليلِه، فالمعنيان كلاهما معهودان للعربِ، ومعروفان لهم، وهما محتَمَلان في الآيةِ على معهودِهم آنذاك، وكذلك لفظ "القرء" في تردده بين الحيض والطهر، وتردد النكاحِ بين العقد والوطء. أما تردُّدُ لفظِ "التصعُّد في السماءِ" بين إفادةِ التكليفِ بما لا يطاقُ، وإفادةِ نقصانِ الأكسجينِ في طبقاتِ الجوِّ العليا، فليس بصحيحٍ، إذ هو في المعنى الأوَّلِ معروفٌ معهودٌ للعربِ نأخذُ به في تفسيرِ الآيةِ، وهو في المعنى الثاني غيرُ معهودٍ ولا معروفٍ، فلا يكونُ مقصوداً في الآيةِ، ولا يجوزُ بحالٍ أن يكونَ محتَملاً ولو احتمالاً مرجوحاً.
وبما أنَّ هذا المعنى الجديدَ للتصعُّدِ في السماءِ - الذي يدّعون أنَّ العلمَ قد كشفَ عنه- لم يكن معهوداً للعربِ، ولا معروفاً لهم، فلا يجوزُ – على هذا- أن يكونَ وجهاً من وجوهِ تفسيرِ الآيةِ، لا راجحاً ولا مرجوجاً.

فلا ينبغي أن يُقالَ بهذا الوجهِ في تفسيرِ الآيةِ، لِما فيه من مُخالفةِ اللغةِ، وخروجٍ على أصولِ البلاغةِ وحُسنِ الإفهامِ. ثم إنَّ لنا أن نُلزمَ أنصارَ الإعجازِ العلمي والقائلين به على هذا أن يقبلوا بالتفسيرِ العلميِّ لكلامِ العربِ وأشعارِها، وما يمكنُ أن يدّعى من أنَّ الشعراءَ أشاروا في أشعارِهم وقصائدِهم، وأن العرب أشارت في أمثالها إلى حقائقَ علميَّةٍ كشفَ عنها العلمُ الحديثُ كما في مثال حمرة الخجل التي أشار إليها الشاعر، بصمة الإصبع في المثل الذي ضربته العرب للحذق والمهارة.

وبعد أيها الإخوة...

فأحسب أنني بهذا قد استوفيتُ الحديث حول هذه الآية، وبيَّنتُ تهافتَ القول بالإعجازِ العلمي (التجريبي) المدَّعى في هذه الآية، من حيث بيان أن القول بالإعجاز العلمي فيها يبطل الغرض من التشبيه ويتضمن خروجاً على أصول البلاغة وحسن الإفهام، ومن حيث إن العرب الأولين قد فهموها وأدركوا معناها، فلا يجوز أن يُقالَ إن العرب الأولين لم يفهموها حتى جاء العلم الحديث فكشف عنها، ومن حيث إبطال قول من يريد أن يجعل ما كشف عنه العلم الحديث وجهاً جديداً من وجوه تفسير الآية، ذلك أن هذا يأباه فقه اللغة.

فإن أحسنت فمن الله، وإن أسأتُ فمن نفسي ومن الشيطان.

وإن كان فيما أوردتُه آنفاً شيء لم أوفه حقَّه من البيان والتفصيل، فلعل هذا خشية الإطالة، على أن يتضح ما كان منه خافياً بمدارسة الإخوة بارك الله فيهم.

هذا والله أعلم، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلِّم.
 
[align=center](3)[/align]


وبعد أيها الإخوة...

فأحسب أنني بهذا قد استوفيتُ الحديث حول هذه الآية، وبيَّنتُ تهافتَ القول بالإعجازِ العلمي (التجريبي) المدَّعى في هذه الآية، من حيث بيان أن القول بالإعجاز العلمي فيها يبطل الغرض من التشبيه ويتضمن خروجاً على أصول البلاغة وحسن الإفهام، ومن حيث إن العرب الأولين قد فهموها وأدركوا معناها، فلا يجوز أن يُقالَ إن العرب الأولين لم يفهموها حتى جاء العلم الحديث فكشف عنها، ومن حيث إبطال قول من يريد أن يجعل ما كشف عنه العلم الحديث وجهاً جديداً من وجوه تفسير الآية، ذلك أن هذا يأباه فقه اللغة.

فإن أحسنت فمن الله، وإن أسأتُ فمن نفسي ومن الشيطان.

وإن كان فيما أوردتُه آنفاً شيء لم أوفه حقَّه من البيان والتفصيل، فلعل هذا خشية الإطالة، على أن يتضح ما كان منه خافياً بمدارسة الإخوة بارك الله فيهم.

هذا والله أعلم، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلِّم.

أخانا الكريم
هذا ما تحسبه أنه بيان هو ما كنت تكرره منذ البداية ولم تأت بجديد إطلاقا ،وهذا التكرار هو الأجدر بين يوصف بأنه خارج عن أصول البلاغة وحسن الإفهام.

ومادام أن الأمر كذلك فدعني أشاركك هذا التكرار الممل وأقول :

إن الله تعالى شبه ضيق وحرج صدر الكافر بضيق وحرج صدر المصعد في السماء.
والتشبيه في معناه المجمل مفهوم ، لكن المفسرين اختلفوا في تفسيرهم لحقيقة المصعد في السماء وجاءوا بأقوال هي أقوالهم ومحاولة منهم لتفسير العبارة ولكن دون طائل بل إن بعض أقوالهم لا يمكن قبولها بحال ، والسبب في ذلك أن هذه الصورة المشبه بها صورة عقلية ذهنية ممكن تصورها لكنها لم تكن تعرف في واقعهم ، لكنها اليوم في زمن الصعود إلى الفضاء أصبحت حقيقة واقعة ملموسة ومن خلالها أدركنا مالم يدركه الأولون من معنى العبارة ، وهذا لا يخرج بالقرآن عن أصول البلاغة وحسن الإفهام ، ولا ينتقص من مقام السابقين وليس للآخرين فيه إلا أنهم أدركوا شاهدا على صدق هذا القرآن لم يدركه من سبقهم.

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على رسوله محمد.
 
أخي الكريم لا أراك جئت بجديد تستوفه في هذا المقال
وما من تهافت في الإعجاز العلمي ، لكن هنالك أهداف بعيدة من إنكار الإعجاز العلمي ، وهي أسباب وراء تفريق جماعة المسلمين.
 
أخي الكريم حجازي الهوى:

أخانا الكريم
هذا ما تحسبه أنه بيان هو ما كنت تكرره منذ البداية ولم تأت بجديد إطلاقا ،وهذا التكرار هو الأجدر بين يوصف بأنه خارج عن أصول البلاغة وحسن الإفهام.

ألاّ آتي بجديد خير من أن آتي بجديد باطل متهافت لا أصل له، ولا ضير علي إن كرّرتُ فأمللتُ وكان كلامي حقاً في جنب من أطال وكرر باطلاً...

فدع عنك هذه الخطابيات...

ومادام أن الأمر كذلك فدعني أشاركك هذا التكرار الممل وأقول :

إن الله تعالى شبه ضيق وحرج صدر الكافر بضيق وحرج صدر المصعد في السماء.
والتشبيه في معناه المجمل مفهوم ، لكن المفسرين اختلفوا في تفسيرهم لحقيقة المصعد في السماء وجاءوا بأقوال هي أقوالهم ومحاولة منهم لتفسير العبارة ولكن دون طائل بل إن بعض أقوالهم لا يمكن قبولها بحال ، والسبب في ذلك أن هذه الصورة المشبه بها صورة عقلية ذهنية ممكن تصورها لكنها لم تكن تعرف في واقعهم ، لكنها اليوم في زمن الصعود إلى الفضاء أصبحت حقيقة واقعة ملموسة ومن خلالها أدركنا مالم يدركه الأولون من معنى العبارة ، وهذا لا يخرج بالقرآن عن أصول البلاغة وحسن الإفهام ، ولا ينتقص من مقام السابقين وليس للآخرين فيه إلا أنهم أدركوا شاهدا على صدق هذا القرآن لم يدركه من سبقهم.

والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على رسوله محمد.

وقد سبق لك أن ذكرتَ هذا الردَّ، وها أنت ذا تكرره!!

والحق أن ما تورده من توجيه لأقوال أرباب الإعجاز العلمي ضعيف لا يشتغل بالرد عليه، كأنما هي أجنحة هرم مرسلة.

وبارك الله فيك...
 
أخي الكريم:

أخي الكريم لا أراك جئت بجديد تستوفه في هذا المقال
وما من تهافت في الإعجاز العلمي ، لكن هنالك أهداف بعيدة من إنكار الإعجاز العلمي ، وهي أسباب وراء تفريق جماعة المسلمين.

لا بأس...

خلاصة ما أريد قوله أن الإعجاز العلمي المدَّعى في هذه الآية باطل متهافت، أوجز للإخوة الاعتراض عليه بما يتبين به بطلانه في ثلاث نقاط:

1. الغرض البلاغي من التشبيه هو تقريب المعنى إلى السامع، وتثبيت المعنى وتوكيد وتقريره في نفس المخاطب، كأن تقول ليلى كالبدر، أو زيد كالأسد.
فإن قلت: يجعل الله صدر الكافر ضيقاً حرجاً بالإسلام، ثم أردت أن توكد هذا المعنى في نفس المخاطب فالأولى أن تأتيه بتشبيه يعهده كأن تقول: كأنما هو يختنق، أو كأنما على صدره صخرة. أما أن تقول: كأنما يصعد في السماء، ثم ينتظر هذا المخاطب 1400 سنة حتى يتبين دقة التشبيه فلا شك أن هذا خروج على أصول البلاغة وحسن الإفهام.

2. جئنا بأقول المفسرين من أمهات كتب التفسير كتفسير القرطبي والزمخشري والشوكاني، وإن شئت فانظر أيضاً تفسير الطبري الذي قد يكون أقدم التفاسير، والتي تبين أن الأولين فهموها ووعوها بما لا مزيد عليه، أو على الأقل بما يبين فساد دعوى أرباب الإعجاز العلمي بأن الآية لم تكون مفهومة، وأن العرب لم يدركوا المراد بها حتى جاء العلم الحديث فكشف عنها.

3. إذا أردنا أن نفسر مقولة ما، أو أثراً، أو نصاً نُقِل إلينا، فلا بد من النظر في معهود أهل اللسان في ذلك الوقت الذي قيل فيه، وليس في كل عصر من العصور. وإلا فبإمكاننا أن نزعم أن الشعراء الأولين جاؤوا في أشعارهم بكلام يشير إلى حقائق علمية لم تكن معروفة في ذلك العصر، فيكون هذا دليلاً على نبوة هؤلاء الشعراء!!
وصدقني إن الأمر بسيط، فما عليك إلا أن تقرأ عن حقيقة علمية ثابتة راسخة، ثم تنظر في شعر العرب بما يمكن أن يتناول هذه الظاهرة من قريب أو بعيد وتدعي أن الشاعر قصد الإشارة إلى هذه الحقيقة العلمية.
مثال ذلك قول الشاعر الذي أوردته:
أدميت باللحظات وجنته ... فاقتص ناظره من القلب
عندما نظر الشاعر إلى محبوبته احمرت وجنتاها خجلاً، فاقتصت منه بأن أنفذت سهام عينيها في قلبه. فكنى بالإدماء عن احمرار الوجنتين.
الآن ما عليك إلا أن تبحث في الإنترنت، أو أن تسأل الأطباء عن سبب حمرة الخجل، ولعل السبب فيها ازدياد ضخ الدم إلى الوجنتين عند وصل إشارة من الدماغ مثلاً....إلخ.
وطبعاً هذه الحقائق لم تكن معهودة في الزمان الأول...
فيكون الشاعر قد جاء بإعجاز علمي، ولعله كان نبياً!!!

هذه نقاط ثلاث، لم أجد عنها رداً شافياً عند مثبتتة الإعجاز العلمي...

فانظر بارك الله فيك إلى هذه الإلزامات الموجهة إلى كل من يقول بالإعجاز العلمي...
 
أخي الكريم:
لا بأس...

خلاصة ما أريد قوله أن الإعجاز العلمي المدَّعى في هذه الآية باطل متهافت، أوجز للإخوة الاعتراض عليه بما يتبين به بطلانه في ثلاث نقاط:

1. الغرض البلاغي من التشبيه هو تقريب المعنى إلى السامع، وتثبيت المعنى وتوكيد وتقريره في نفس المخاطب، كأن تقول ليلى كالبدر، أو زيد كالأسد.
فإن قلت: يجعل الله صدر الكافر ضيقاً حرجاً بالإسلام، ثم أردت أن توكد هذا المعنى في نفس المخاطب فالأولى أن تأتيه بتشبيه يعهده كأن تقول: كأنما هو يختنق، أو كأنما على صدره صخرة. أما أن تقول: كأنما يصعد في السماء، ثم ينتظر هذا المخاطب 1400 سنة حتى يتبين دقة التشبيه فلا شك أن هذا خروج على أصول البلاغة وحسن الإفهام.

2. جئنا بأقول المفسرين من أمهات كتب التفسير كتفسير القرطبي والزمخشري والشوكاني، وإن شئت فانظر أيضاً تفسير الطبري الذي قد يكون أقدم التفاسير، والتي تبين أن الأولين فهموها ووعوها بما لا مزيد عليه، أو على الأقل بما يبين فساد دعوى أرباب الإعجاز العلمي بأن الآية لم تكون مفهومة، وأن العرب لم يدركوا المراد بها حتى جاء العلم الحديث فكشف عنها.
...

كلام مكرور ولا تعليق غير هذا.

3. إذا أردنا أن نفسر مقولة ما، أو أثراً، أو نصاً نُقِل إلينا، فلا بد من النظر في معهود أهل اللسان في ذلك الوقت الذي قيل فيه، وليس في كل عصر من العصور. وإلا فبإمكاننا أن نزعم أن الشعراء الأولين جاؤوا في أشعارهم بكلام يشير إلى حقائق علمية لم تكن معروفة في ذلك العصر، فيكون هذا دليلاً على نبوة هؤلاء الشعراء!!
وصدقني إن الأمر بسيط، فما عليك إلا أن تقرأ عن حقيقة علمية ثابتة راسخة، ثم تنظر في شعر العرب بما يمكن أن يتناول هذه الظاهرة من قريب أو بعيد وتدعي أن الشاعر قصد الإشارة إلى هذه الحقيقة العلمية.
مثال ذلك قول الشاعر الذي أوردته:
أدميت باللحظات وجنته ... فاقتص ناظره من القلب
عندما نظر الشاعر إلى محبوبته احمرت وجنتاها خجلاً، فاقتصت منه بأن أنفذت سهام عينيها في قلبه. فكنى بالإدماء عن احمرار الوجنتين.
الآن ما عليك إلا أن تبحث في الإنترنت، أو أن تسأل الأطباء عن سبب حمرة الخجل، ولعل السبب فيها ازدياد ضخ الدم إلى الوجنتين عند وصل إشارة من الدماغ مثلاً....إلخ.
وطبعاً هذه الحقائق لم تكن معهودة في الزمان الأول...
فيكون الشاعر قد جاء بإعجاز علمي، ولعله كان نبياً!!!

هذه نقاط ثلاث، لم أجد عنها رداً شافياً عند مثبتتة الإعجاز العلمي...

فانظر بارك الله فيك إلى هذه الإلزامات الموجهة إلى كل من يقول بالإعجاز العلمي...

وأما هذه فهي تهافت التهافت فإذا كنت تسوي بين قول الشاعر:
"أدميت باللحظات وجنته" وهو تعبير مجازي مفهوم عند الأولين والآخرين ، وبين قول الله تعالى " كأنما يصعد في السماء" وهو تشبيه بصورة ذهنية عقلية في حق السامع ولكنها حقيقة لها تفاصيلها في علم المتكلم بها ، إذا كنت تفعل هذا وتظن أنها إلزمات فنصيحة لك أن تسأل أهل الذكر كما أمرك الله تعالى.
 
خلاصة ما أريد قوله أن الإعجاز العلمي المدَّعى في هذه الآية باطل متهافت، أوجز للإخوة الاعتراض عليه بما يتبين به بطلانه في ثلاث نقاط:

1. الغرض البلاغي من التشبيه هو تقريب المعنى إلى السامع،... كأن تقول: كأنما هو يختنق، أو كأنما على صدره صخرة. أما أن تقول: كأنما يصعد في السماء، ثم ينتظر هذا المخاطب 1400 سنة حتى يتبين دقة التشبيه فلا شك أن هذا خروج على أصول البلاغة وحسن الإفهام.

2. جئنا بأقول المفسرين من أمهات كتب ...والتي تبين أن الأولين فهموها ووعوها ... بما يبين فساد دعوى أرباب الإعجاز العلمي بأن الآية لم تكون مفهومة، وأن العرب لم يدركوا المراد بها حتى جاء العلم الحديث فكشف عنها.

3. إذا أردنا أن نفسر مقولة ما، أو أثراً، أو نصاً نُقِل إلينا، فلا بد من النظر في معهود أهل اللسان في ذلك الوقت الذي قيل فيه، وليس في كل عصر من العصور.... وإلا فبإمكاننا أن نزعم أن الشعراء الأولين جاؤوا في أشعارهم بكلام يشير إلى حقائق علمية لم تكن معروفة في ذلك العصر، فيكون هذا دليلاً على نبوة هؤلاء الشعراء!!
...مثال ذلك قول الشاعر الذي أوردته:
أدميت باللحظات وجنته ... فاقتص ناظره من القلب
عندما نظر الشاعر إلى محبوبته احمرت وجنتاها خجلاً، فاقتصت منه بأن أنفذت سهام عينيها في قلبه. فكنى بالإدماء عن احمرار الوجنتين.
الآن ما عليك إلا أن تبحث في الإنترنت، أو أن تسأل الأطباء عن سبب حمرة الخجل، ولعل السبب فيها ازدياد ضخ الدم إلى الوجنتين عند وصل إشارة من الدماغ مثلاً....إلخ.
وطبعاً هذه الحقائق لم تكن معهودة في الزمان الأول...
فيكون الشاعر قد جاء بإعجاز علمي، ولعله كان نبياً!!!
هذه نقاط ثلاث، لم أجد عنها رداً شافياً عند مثبتتة الإعجاز العلمي...
...

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد :
من العجيب أخي الكريم أنك لم تجد ردّا شافيا عن هذه المسائل الثلاث ، وأقول :
- أما القصد من التشبيه فهو تعميق المعنى ، وتعظيم الأمر في نفس السامع . هذه الغاية المنشودة من التشبيه .
أما المعنى البلاغي والدلالي لآيات القرآن الكريم ، والمعاني التي فهمها العرب حين نزول القرآن الكريم فيما نقلوه عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن أحد من المسلمين لا يقول بتركه ، فالمعنى البلاغي والغاية الأساسية من القرآن الكريم (هداية الناس) تبقى قائمة في كل كلمة وحرف من حروف القرآن الكريم لا تفارقه . سواء استدل البعض بالآيات الكريمة على أوجه من الإعجاز العلمي أم لم يستدل ،
فالذي أوجد هذا الكون وأوجد نواميسه هو الذي أنزل القرآن الكريم ، فإن أظهر بعض آيات قدرته في كتابه فلا تناقض البتّة .
وما من عاقل يقول بأن العرب انتظروا أكثر من 1400سنة حتى يفهموا كلام الله إن قلنا بالإعجاز العلي ، فالعرب فهموا من كتاب الله تعالى ما يقيم به الحجة عندهم ، فما فسّره النبي صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه فإنه المعتمد في التفسير ، أما ما يتناقل من اجتهادات لبعض المفسرين ، فهذه إن خالفت اللغة العربية ، وحقائق العلم الثابتة فإننا لا نعطيها صفة العصمة فما من معصوم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكل يؤخذ منه ويرد إلا نبي الرحمة .
فإن فسّر أحد المفسرين آية فقال فيها ما يخالف حقائق العلم ، فإننا نقول له في تفسيرك خطأ ، لأن خالق الكون هو الذي أنزل القرآن فيستحيل أن يحدث خلاف فيما وجد من نواميس الكون وبين كلام الله تعالى.
والتشبيه في الآية الكريمة من البلاغة بمكان بحيث لا يدرك شأوه مخلوق ، وانظر إلى تشبيهك بقولك كان على صدره صخرة ، كيف يمجه السامع فأين هذا الكلام الذي تحاول أن تتدارك به الآيات الكريمة من كتاب رب العالمين ، فهل يجوز أن تحدد مراد الله بقولك ، لو أراد كذا لقال كذا ؟؟؟؟؟؟
وأقوال المفسرين التي نقلتها ، ليس فيها ما يفيد بحصر الفهم عليه ، بل أنت من يحاول حصر الأفهام فيها دون غيرها . ولم يقل أحد منهم بما تزعم ، من أن الذي يستدل بالآية على جوانب وحقائق علمية ثابتة يخرج عن الفهم الصحيح ويحكم على السابقين بالجهل .

- أما تفسير القرآن وفق الزمان الذي أنزل فيه على قلب حبيبي رسول الله صلى الله عليه ووفق لغة أصحابه فهذا القسم من كلامك جيد ، لأنه اصل فهم كتاب الله تعالى ، لكن الأمر ليس محصور ذلك العصر ، فالقرآن الكريم رسالة الله لجميع البشر ، العربي وغير العربي ، العالم والجاهل ، الشرقي والغربي ، وفي كل مراحل الزمان .
لذلك فإننا نرى كتب التفسير ما زالت تؤلّف لهذا اليوم ، فإذا كانت كلها نسخة واحدة فما الفائدة من التأليف إذا .
ثم أخي الحبيب هل وصلت أنت أو وصل أحد من الناس إلى إدراك الوليد بن المغيرة للدلالات البيانية والبلاغية لآيات الكتاب الحكيم ، إقرأ السورة التي قرأها عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، فانظر هل تصف القرآن الكريم بمثل وصفه ، وهل يقع في قلبك ما تناشد لأجله النبي بالله والرحم أن يكف ؟؟؟؟ حينما قرأ صلى الله عليه وسلم آيات العذاب؟؟؟ هل فهمك للقرآن في هذا العصر على مستوى هؤلاء من الفهم ؟؟؟
فهؤلاء وصلوا إلى اليقين بأن القرآن الكريم كلام الله من رفعتهم في البلاغة وفنون القول ، فكيف تصل أنت إلى مثل هذا اليقين ؟؟ وكيف يصل من لا يتحدث بالعربية إلى مثل هذا اليقين؟؟؟؟؟ إذا لا بد من أوجه جديدة تدل على أن القرآن الكريم هو كلام الله ، فيتيقن من يطلع على هذه الأوجه بصدق كلام الله ، وأنه يستحيل أن يكون من قبل البشر ؟؟؟؟ وليس في هذا الفهم نفي لبلاغة القرآن الكريم.
ثم هل القائلين بالإعجاز العلمي أربابا ، وكيف فندت قولهم ؟؟؟؟

- أما المسألة الثالثة فإنني أشكرك على إيرادها لأنها تدل صراحة على أنك تُقِرُّ بوجود المجاز في القرآن الكريم . هذا من وجه ، ومن وجه آخر فما هذا المثال الذي ضربت؛ هل إحمرار الوجنتين فيه سبق علمي ، ما هو السبق العلمي في ذلك ؟؟؟؟ وهل يعقل بأن نقرّ لمن يقول بمثل هذا القول بأنه نبي؟؟؟؟؟؟؟
بالمقابل إنظر أخي الكريم إلى قول الله تعالى (( والسماء والطارق)) ما هو الطارق ، ولم سمي بهذا الاسم ، وكيف وصف بأنه نجم ثاقب .... هذه أمور لم يكن لأحد أن يعلم حقيقتها قط إلا بالوسائل العلمية الحديثة ، مثل هذه الأمور نقول للعلماء الذين توصلوا إلى مثل هذا السبق العلمي وحصلوا به على أعلى درجات التقدير ، أن الله الذي ندين بدينه ونؤمن بصدق رسوله أخبرنا عن ذلك في كتابه الكريم قبل أكثر من 1400 عام ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده من الأجهزة ليدلل على قول ربّه كما عندكم ،فإن ما توصلتم إليه يؤكد لنا من جديد بأن رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي الأحق بالاتباع.

هذا بالنسبة لردي على أقوالك ، لكن بالنسبة إلى حقيقة مسألة البحث في أوجه الإعجاز العلمي فسأورد لك بعض النصوص ، لتتأكد أخي الكريم أن المسألة ليست مقصودة لذاتها ، بل المقصود منها مسائل تبني عليها بعض المذاهب أصول عقائدهم ، وهم لا يريدون أن يظهر خلاف ما يقولون ، وهذا يقال أيضا في البحث في مجاز القرآن الكريم أيضا .

((...وإنما أهدرت في المقال دم من قال إن الشمس ثابتة لا جارية بعد استتابته , وما ذلك إلا لأن إنكار جري الشمس تكذيب لله سبحانه وتكذيب لكتابه العظيم وتكذيب لرسوله الكريم...)) مجموع فتاوى ابن باز م/30 - (3 / 157)
هل هذه الحكمة والموعظة الحسنة التي أمر بها الله تعالى :
(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل:125)

فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ - (13 / 96-97)
(4454- كروية الأرض صحيح - ودورانها باطل)
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم علي العبد العزيز المشاري.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
إجابة على كتابكم تاريخ 21/8/1374هـ نقول:
الحمد لله- إنما يدرس في المعاهد والمدارس بنجد والحجاز وما يتبعهما هذه السنوات مما يسمى بتقويم البلدان أو جعرافية الأرض هو من الجائز؛ لأنه ليس أكثر من معرفة الأقاليم والبحار والخلجان والقارات والجبال والأودية وغير ذلك مما اشتملت عليه الأرض؛ فإنه في الحقيقة فرع من فروع التاريخ، وفيه من الفائدة جنس ما في علم التاريخ.
نعم: في هذا الفن أبحث مثل كروية الأرض ودورانها والكلام في الشمس والقمر بالنسبة إلى بحث دوران الأرض فهذه غير مقررة ولا مدروسة في المعاهد والمدارس. والبحث في كروية الأرض وعدمها مفهوم معروف وعلماء الهيئة مجمعون على القول بكرويتها، ومن هؤلاء جماعة من محققي العلماء، والأمر في ذلك سهل، وأما دوران الأرض وبحثهم في الشمس والقمر المقررون بالبحث في دوران الأرض فباطل، لمخالفته لظواهر النصوص، والقائلون به ليس معهم حجة عقلية أصلا، كما أنه ليس معهم حجة سمعية أبدا، ولا يعرف بذلك قائل من قدماء الفلاسفة، ولا من ينتسب إلى الإسلام منهم، حتى نبغ في بعض القرون الوسطى -هجرياً- من قال بذلك من الفلاسفة وبعض علماء الملة فصيح بهم من كل جانب، وخمدت تلك المقالة، ونسيت. ثم إنه في القرون الأخيرة فاه بذلك من فاه من الفلاسفة واتبعه من اتبعه على هذا القول منهم ممن ينتسب للإسلام حتى فشا القول بذلك، وأقيمت عليه دلائل عقلية فيما يزعمون، وليست في الحقيقة إلا شبها واهية، وخيالات ساقطة، يعرف ذلك كل من وقف عليها ممن له تصور، وصلى الله على محمد. (ص/م 17 في 7/9/1374هـ)

(4455- ترك تدريس كروية الأرض وأوجه القمر)
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم الأستاذ عبد البديع صقر المحترم. سلمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
ثم وصل إلي كتابكم المؤرخ في 25/9/1375هـ وعلمت ما ذكرتم حول اعتراض البعض على بعض النظريات التي أردتم وضعها في منهج الدراسة مثل: كروية الأرض، وأوجه القمر.
وأفيدكم أنني أرى ترك التعليم فيما يتعلق بكروية الأرض وأوجه القمر، لأمرين: الأول أن هذا لا منفعة فيه، الثاني: أن في ذلك من تشويش عقائد الناس وبالأخص النشء وبلبلة أفكار الجهال ما لا يخفى، وحسب المسلمين تعلم ما ينفعهم في أمر دينهم ودنياهم... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(ص/م 2679 في 11/10/1375هـ)


ابن عثيمين - (شرح الواسطية القسم الثالث / 37)
وشيخ الإسلام رحمه الله في " الرسالة العرشية " يقول : أنه لا يخلو منه العرش ، لأن أدلة استوائه على العرش محكمة ، والحديث هذا محكم ، والله عز وجل لا تقاس صفاته بصفات الخلق ، فيجب علينا أن نبقي نصوص الاستواء على إحكامها ، ونص النزول على إحكامه ، ونقول : هو مستو على عرشه ، نازل إلى السماء الدنيا ، والله أعلم بكيفية ذلك ، وعقولنا أقصر وأدنى وأحقر من أن تحيط بالله عز وجل .
القول الثاني : التوقف ، يقولون : لا نقول : يخلو ، ولا : لا يخلو .
والثالث : أنه يخلو منه العرش .
وأورد المتأخرون الذين عرفوا أن الأرض كروية وأن الشمس تدور على الأرض إشكالاً ، قالوا : كيف ينزل في ثلث الليل ؟ وثلث الليل إذا أنتقل عن المملكة العربية السعودية ذهب إلى أوربا وما قاربها ، ؟! أفيكون نازلاً دائماً ؟!
فنقول : آمن بأن الله ينزل في هذا الوقت المعين ، وإذا آمنت ليس عليك شيء، وراء ذلك ، لا تقل : كيف ؟! بل قل : إذا كان ثلث الليل في السعودية فالله نازل ، وإذا كان في أمريكيا ثلث الليل ، يكون نزول الله أيضاً ، وإذا طلع الفجر انتهى وقت النزول بكل مكان بحسبه .

ابن عثيمين - ( كروية الأرض/ 16)
... وأكدوا أن الأرض كروية أما العرش فهو فوق السماوات كالقبة، لكنه غير كروي؛ لأن له قوائم

ابن عثيمين - ( / 12)شرح العقيدة السفارينية
وإذا طالعت كتب هؤلاء المحرفين خصوصًا أهل التحريف الذين يسمون أنفسهم (أهل التأويل) عجبت من التقديرات التي يقدّرونها ويفصِّلون فيها ويجادلون فيها في أمر لا يمكنهم إدراكه بالنسبة لما يتعلق بصفات الله عز وجل ، وجعلوا الحكم راجعًا إلى ما تقتضيه عقولهم لا إلى ما يقتضيه الكتاب والسنة ، فضلّوا في ذلك ضلالاً بيِّناً وصاروا يتخبطون خبط عشواء لا يعرفون من الحق شيئًا ،

ما سبب إقحام البحث في كروية الأرض ، مع صفات الله تعالى ؟؟؟؟؟
هل تأكدت أخي الحبيب بأن المسألة التي تطرح حول إنكار القول على الذين يقولون بالإعجاز العلمي ليست مجرّدة عن الهوى وليست لمجرد البحث في الإعجاز العلمي ، أو المجاز ، أو البيان ، أو ..... فوراء الأكمة ما وراءها .
هدانا الله تعالى وإياكم إلى سواء السبيل ، هوعدتي وسندي ، وبه اعتصامي ، وعليه توكلي ، اللهم إنك الرقيب القريب فطهر نفوسنا وقلوبنا وبصائرنا لنفقه عليك ، ونقوم بأمرك ، ونعبدك حق عبادتك .
د.حسن عبد الجليل العبادلة - المملكة الأردنية الهاشمية
 
أشكرك جزيل الشكر أخي الفاضل بكر على ما أكدَّ خاطرك وأتعب بنانك، وأسأل الله أن يجعله لك ذخرا في الأولى والأخرى.
كما أشكرك على طول نفسك في مناقشة الموضوع وإيضاحه، ومواصلتك المداخلة والتعليق بوتيرة هادئة متزنة منذ بداية النقاش، لأننا نعاني من مشكلة (بتر الموضوعات) حيث يطرح عدد من القضايا التي تحتاج نقاشا وتبادلا للرأي، ثم يتوقف أحد الطرفين تاركا وراءه عددا من الثغرات المهمة التي لم تُسد.
كلامك جميل كله، وقد أحسنت فيه وأجدت وأفدت، ولا أخالفك في شيء منه، بل كلامي هو عين كلامك حيال ما يطرح من الأقوال والآراء الممجوجة.
وأرجو ألا يفهم من كلامي غير هذا، فأنا أخي أنطلق معك من الأصول ذاتها، ولكني أنتظر منك أن تتفضل بما وعدت من العود على الأسئلة التي ذكرتُها سلفا، وأخص منها ما يتعلق باختلافنا عند تطبيق هذه الأصول،
ورأيك فيما دار حول الآية المشار إليها كمثال لهذا الاختلاف بين التأصيل والتطبيق
وسبب هذا الاختلاف،
وهل يقاس عليه غيره من الآيات المماثلة في الدلالة؟
وما هو سبيل القول الفصل الجامع للكلمة في مثل هذا؟

وفقك الله ورعاك.
 
أستاذنا الكريم حسن عبد الجليل...

بارك الله فيك وشكر لك...

نعلم أخي أن كلأً يؤخذ من كلامه ويرد، إلا صاحب القبر صلى الله عليه وسلم...

وإن كان مشايخنا - رحمهم الله- أو بعضهم أخطأ في هذا الباب فالخطأ مردود، وسأوافيك برد مفصل حول هذا الأمر في الرابط الآخر (أسئلة إلى منكري الإعجاز العلمي)، وكل هذا لا يشفع لنا في الذهاب إلى المقاصد والنيات، فلننظر في الأمر على هدىً سائلين الله سبحانه وتعالى أن يرحم مشايخنا ويتجاوز عنهم، وأن يجزيهم عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

أما بالنسبة للنقاط الثلاث، فأتمنى منك - مشكوراً- أن توجز ردك عليها:
1. التشبيه إنما هو لتعميق المعنى وتثبيته في نفس المخاطب، فكيف يثبت الله تعالى في نفس المخاطب بأن يذكر للعرب الأولين تشبيها لا عهد لهم به.
2. جاء في أمهات كتب التفسير ما فيه مقنع في تفسير الآية، فكان الزعم بأن العرب لم يدركوا المقصود منها زعماً باطلاً لا دليل عليه.
3. لا بد عند إرادتنا تعيين مراد المتكلم من تنزيل الكلام على معهود العرب الأولين أهل اللسان الذي نزل به القرآن. ويلزم من هذا بطلان القول بالتفسير العلمي والإعجاز العلمي لمّا كانا غير معهودين للعرب الأولين. وإلا كان لنا أن ندعي الإعجاز العلمي في أشعار العرب وأمثلتها. وسآتيك بمثال يوضح المقصود:
قال تعالى (بلى قادرين على أن نسوي بنانه) جعل منها أرباب الإعجاز العلمي دليلاً على بصمات الأصابع. وأن هذه الحقيقة لم تكن مكتشفة منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولقرون متطاولة من بعده، حتى جاء العلم الحديث فكشف عنها.

ونحن عندنا في مقابل هذا مثل للعرب الأولين أورد الجرجاني في كتابه أسرار البلاغة أن العرب تقول في وصف الحاذق الماهر في صنعته:

إن له عليها إصبعا

أي إن له على ما يصنع أثر حذق ومهارة فدلوا عليه بالإصبع.

فما يمنع من حيث دلالة الألفاظ أن يكون قائل هذا المثل قبل أكثر من ألف سنة أراد أن يشير إلى هذه الحقيقة التي كشف عنها العلماء حديثاً؟؟

أنتظر الجواب...
 
أخي الكريم العبادي بارك الله فيه وأحسن إليه، وشكر له:

أشكرك جزيل الشكر أخي الفاضل بكر على ما أكدَّ خاطرك وأتعب بنانك، وأسأل الله أن يجعله لك ذخرا في الأولى والأخرى.
كما أشكرك على طول نفسك في مناقشة الموضوع وإيضاحه، ومواصلتك المداخلة والتعليق بوتيرة هادئة متزنة منذ بداية النقاش، لأننا نعاني من مشكلة (بتر الموضوعات) حيث يطرح عدد من القضايا التي تحتاج نقاشا وتبادلا للرأي، ثم يتوقف أحد الطرفين تاركا وراءه عددا من الثغرات المهمة التي لم تُسد.
كلامك جميل كله، وقد أحسنت فيه وأجدت وأفدت، ولا أخالفك في شيء منه، بل كلامي هو عين كلامك حيال ما يطرح من الأقوال والآراء الممجوجة.
وأرجو ألا يفهم من كلامي غير هذا، فأنا أخي أنطلق معك من الأصول ذاتها، ولكني أنتظر منك أن تتفضل بما وعدت من العود على الأسئلة التي ذكرتُها سلفا، وأخص منها ما يتعلق باختلافنا عند تطبيق هذه الأصول،
ورأيك فيما دار حول الآية المشار إليها كمثال لهذا الاختلاف بين التأصيل والتطبيق
وسبب هذا الاختلاف،
وهل يقاس عليه غيره من الآيات المماثلة في الدلالة؟
وما هو سبيل القول الفصل الجامع للكلمة في مثل هذا؟

وفقك الله ورعاك.

أرجو أن تعذر أخاك، فقد كثرت المواضيع في هذا الباب بما شتت ذهني شيئاً ما، فلم أستطع تحديد مراد بالضبط، وأطلب إليك أن تتكرم مشكوراً بتحرير أسئلتك فيما يتعلق بالآية الكريمة موضوع البحث...

واصبر علي إن تأخرت في الرد، فأنا أدخل المنتدى من مقر عملي، إذ ليس عندي إنترنت في البيت، ولذلك استرق الوقت استراقاً...

وبارك الله فيك...
 
نعلم أخي أن كلأً يؤخذ من كلامه ويرد، إلا صاحب القبر صلى الله عليه وسلم...
وإن كان مشايخنا - رحمهم الله- أو بعضهم أخطأ في هذا الباب فالخطأ مردود...سائلين الله سبحانه وتعالى أن يرحم مشايخنا ويتجاوز عنهم، وأن يجزيهم عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
أما بالنسبة للنقاط الثلاث، فأتمنى منك - مشكوراً- أن توجز ردك عليها:
1. التشبيه إنما هو لتعميق المعنى وتثبيته في نفس المخاطب، فكيف يثبت الله تعالى في نفس المخاطب بأن يذكر للعرب الأولين تشبيها لا عهد لهم به.
2. جاء في أمهات كتب التفسير ما فيه مقنع في تفسير الآية، فكان الزعم بأن العرب لم يدركوا المقصود منها زعماً باطلاً لا دليل عليه.
3. لا بد عند إرادتنا تعيين مراد المتكلم من تنزيل الكلام على معهود العرب الأولين أهل اللسان الذي نزل به القرآن. ويلزم من هذا بطلان القول بالتفسير العلمي والإعجاز العلمي لمّا كانا غير معهودين للعرب الأولين. وإلا كان لنا أن ندعي الإعجاز العلمي في أشعار العرب وأمثلتها. وسآتيك بمثال يوضح المقصود:
قال تعالى (بلى قادرين على أن نسوي بنانه) جعل منها أرباب الإعجاز العلمي دليلاً على بصمات الأصابع. وأن هذه الحقيقة لم تكن مكتشفة منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولقرون متطاولة من بعده، حتى جاء العلم الحديث فكشف عنها.
ونحن عندنا في مقابل هذا مثل للعرب الأولين أورد الجرجاني في كتابه أسرار البلاغة أن العرب تقول في وصف الحاذق الماهر في صنعته:
إن له عليها إصبعا
أي إن له على ما يصنع أثر حذق ومهارة فدلوا عليه بالإصبع.
فما يمنع من حيث دلالة الألفاظ أن يكون قائل هذا المثل قبل أكثر من ألف سنة أراد أن يشير إلى هذه الحقيقة التي كشف عنها العلماء حديثاً؟؟
أنتظر الجواب...

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه الطاهرين المهتدين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
بداية أشكرك على هذا الموقف الذي يدل على طلب الحق ، وأشكر فيك عدم تعصبك ، ونقول رحمة الله تعالى على جميع العلماء المسلمين الذين بذلوا وسعهم في الذٍَّب عن حياض هذا الدين.
وهذا إجابة ماسألت :
أولا : أقول خاطب الله سبحانه وتعالى العرب بلسانهم ، ولا يقول أحد أو يدّعي بأن الله تعالى ضرب لهم تشبيها أو مثالا من غير ما يفهمون . وجميع هذه المسائل أقام عليها سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الدليل من كلام العرب وأشعارهم في مسائل نافع بن الأزرق له ، حينما كان يحاول التشكيك في القرآن الكريم.
لكن كلمات القرآن الكريم وألفاظه فياضة بالمعاني ، وليس من الحكمة أن نقول بقصر فهم معانيها على زمن من الأزمان دون غيره ، فإذا عرض أمر جديد لم يظهر زمن النبي صلى الله عليه وسلم فإننا نستدل نجتهد في ردّ هذه الأمور إلى كتاب الله تعالى لنعرف الحكم ، وفي هذا الرد بحث عن فهم من كتاب الله لم يكن زمن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ، فهل منهم من أظهر حكم تعاطي المخدّرات ... إذا لا بد من رد المسائل إلى أصولها من الكتاب الكريم والسنّة المشرّفة يقول تعالى : (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً) (النساء:83) فهذه الألفاظ القرآنية صالحة لكل زمان ومكان.
وليس من الحكمة مخاطبة الناس على خلاف مستوى ما يعقلون ، فتخيل أخي الحبيب لو أن ألنبي صلى الله عليه وسلم قال لقريش إنه سيأتي زمان يطير الناس فيه في السماء في الحديد ، أو أن الحديد سينقل الصوت والصورة .... وسيسير الحديد بسرع هائلة .... ماذا ستكون ردّة فعل أهل قريش حين ذاك .
فانظر إلى حكمة النبي صلى الله عليه وسلم الذي أوتي جوامع الكلم حين جواب عن أمارات الساعة : أن تلد الأمة ربتها ، .... يتطاولون في البنيان) لكنه لم يخبر عن كيفية هذا التطاول هل هو ببناء الحديد أو الإسمنت ....
فحديث النبي صلى الله عليه وسلم تحقق وصدق وفق فهم الصحابة بتمامه ، ولم يختلف فهم الحديث من ذلك الزمان عن هذا الزمان فالتطاول في البنيان هو نفسه ، لكننا الآن نعلم كيفية حقيقة هذا التطاول الذي يقوم على أسس هندسية دقيقة ، ومواد صناعية ذات كفاءات محددة...
فدقة هذا الفهم لم تنف فهم الصحابة رضوان الله تعالى عليهم لحديث النبي صلى الله عليه وسلم .
ثانيا : زعمك بأن الذين يقولون بالإعجاز العلمي يزعمون بأن العرب لم يدركوا المقصود منها هو بعينه ( أقصد قولك) زعم باطل . فمن الذين يقولون بأن العرب لم يدركوا المقصود منها ؟؟؟؟ بل الذي نقوله أن العرب فهموا من معاني الآيات الكريمة ما يقيم عندهم الدليل على أن القرآن الكريم كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ونحن في هذا العصر تبيّنت لنا من معاني نفس هذه الآيات الكريمة دلائل جديدة ما يقيم لدينا الحجّة والبرهان الظاهر على أن هذا الكتاب هو من عند الله تعالى.
ولا نعيب على السابقين فهمهم ، لكن ما ورد في بعض التفاسير على المسائل العلمية التي ظهر بالدليل القطعي بطلانها ، فإننا نردها ، نحو ما نجده في بعض التفاسير أن للأرض حدا نهائيا وطرفا بعده تنزل الشمس لتغيب في عين من صلصال آسن... ويقول البعض أن الخضر عليه السلام وصل إلى حد الأرض ووجد عندها عين الحياة... فهذا كله نردّه ... أو أن الشمس تغيب عن جميع الأرض لتسجد عند العرش ... فما ثبت من ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم فإننا نفهمه وفق اللسان العربي بالمجاز لأن الأرض والشمس تدوران تعاقب الليل والنهار فيكون المقصود معاني السجود الأخرى...

ثالثا : أما النقطة الثالثة فأنت ألزمت نفسك بما لا يلزم ؛ صحيح أنه يجب أن نعلم بدلالة ألفاظ القرآن الكريم ومعانيها وقت نزوله ، لكن هذا لا يلزم منه بطلان القول بالإعجاز العلمي .
وبإمعان قليل للمثل الذي ضرته أثناء كلامك أخي الحبيب يبتبين لنا وجه الحق بإذنه تعالى :
يقول الله سبحانه وتعالى مظهرا آيات قدرته على إعادة الخلق :
(أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ) (القيامة:3-4)
فما من شك بأن هذه الآية الكريمة تظهر عظيم قدرة الله تعالى على إعادة الخلق بعد فنائه على أكمل وجه وأكبر دقّة ، فلو فهم الصحابة وغيرهم أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يسوي أي جزء من أجزاء الإنسان مهما صَغر ، حتى أصبعه وطرف أصبعه ؟ لا يعيب أحد عليه فهمه ، لكن أخي الكريم
الأتجد أن آيات القدرة والعظمة الإلهية تتجلى لنا بصورة أكبر إذا علمنا بأن هذا الأصبع وطرفه يحوي من الأمور والعلامات التي تفرّقه عن جميع البشر ، فيصبح فهمنا للآية الكريمة ، أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يعيد خلق الإنسان بأدق تفاصيله ، فلا يغيب عليه من إعادة الخلق شيء حتى تلك العلامات الموجودة في بنانه والتي لا يتماثل فيها أحد من البشر فالله تعالى يعيد الإنسان بذاته فلا تتداخل في إعادة الخلق أدق الأمور. فيتحقق الإنسان بأن الله تعالى عالم بأدق مما يعلم الإنسان عن نفسه قال تعالى: (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ) (الحاقة:18)

فالمثال القرآني أعظم وأبلغ وأرفع وأجل من المثال الذي أوردته في كلامك السابق حيث تقول : (( أن العرب تقول في وصف الحاذق الماهر في صنعته: إن له عليها إصبعا
أي إن له على ما يصنع أثر حذق ومهارة فدلوا عليه بالإصبع. فما يمنع من حيث دلالة الألفاظ أن يكون قائل هذا المثل قبل أكثر من ألف سنة أراد أن يشير إلى هذه الحقيقة التي كشف عنها العلماء حديثاً؟؟))
والمانع كبير جدا ، فهذا الكلام الذي أوردته دليل على جانب من جوانب اللغة وهو المجاز ، ومن هذا الوجه (أنه دليل على المجاز في لغة العرب) أسلم لك به .
لكن ما من وجه لمقارنته بما ورد في الآية الكريمة ، فكلام القائل يشير به إلى أنه استخدم هذا الأصبع بدقة أظهرت جودة صناعته . وليس هناك من دليل قريب أو بعيد ما يشير إلى أن القائل يدلل على قدرته وعلمه بخلق هذا الأصبع وبمحتواه ، وكلامه ليس في محل الاستشهاد على دقة الخلق لنقول بأنه يحتج به في أنه سابق لعصره ، فهذه العبارة تستخدم لهذا اليوم وإن اختلفت أوجهها ؛ (ألا نقول لمن تحسن صناعة الطعام ، إن لها نَفَسا في طبيخها) وبهذا تنتفي الحجة في هذا المثل .
وغاية القول : إن التفسير العلمي لا يؤخذ بمنأى عن اللغة العربية وفهم الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ، ولا يلزم منه القول بأن الله خاطب الصحابة بما لا يفهمون .
وما هو إلا أدلة وبراهين وحقائق علمية ظهرت وتظهر مستقبلا تتعمق بها الاستدلالات والبراهين على أن كتاب الله سبحانه وتعالى هو الكتاب الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، قال تعالى : (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42)
والله سبحانه وتعالى الموفق والهادي إلى سواء السبيل
د.حسن عبد الجليل العبادلة
 
أخي الكريم:

لكن كلمات القرآن الكريم وألفاظه فياضة بالمعاني ، وليس من الحكمة أن نقول بقصر فهم معانيها على زمن من الأزمان دون غيره ، فإذا عرض أمر جديد لم يظهر زمن النبي صلى الله عليه وسلم فإننا نستدل نجتهد في ردّ هذه الأمور إلى كتاب الله تعالى لنعرف الحكم ، وفي هذا الرد بحث عن فهم من كتاب الله لم يكن زمن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ، فهل منهم من أظهر حكم تعاطي المخدّرات ... إذا لا بد من رد المسائل إلى أصولها من الكتاب الكريم والسنّة المشرّفة يقول تعالى : (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً) (النساء:83) فهذه الألفاظ القرآنية صالحة لكل زمان ومكان.

القول بأن كلمات القرآن الكريم فياضة بالمعاني، وإنه ليس من الحكمة أن نقول بقصر فهم معانيها على زمن من الأزمان دون غيره ليس له ما يسنده، وهي دعوى منك لا دليل عليها...

ولنا أن نقول في مقابلها: بل كلمات القرآن معانيها مقصورة على ما كان يعهده العرب الأولون، ومن الحكمة قصر فهم معاني الآيات على زمن العرب الأولين الذين نزل بلسانهم، وذلك حتى لا يأتي زمان يُقوِّلُ فيه الباطنية وغلاة الصوفية، وضُلاّلُ القاديانيةِ اللهَ ورسولَه ما لم يقولاه، وما يدريك أخي الكريم أن أرباب الإعجاز العلمي بهذا الفهم الذي جاؤوا به، والذي لم يكن زمن الصحابة يقوِّلون اللهَ ورسولَه ما لم يقولاه، فإن كان هناك دليل على الإعجاز العلمي فهذا ما لا نزال نطالبكم به، وإلا فقولك (وليس من الحكمة أن نقول بقصر فهم معانيها على زمن من الأزمان دون غيره) دعوى ذكرنا لك ما يقابلها عندنا.

فلا بد من دليل من القرآن أو ومن السنة المطهرة، أو من كلام العرب الأولين يثبت لنا به أرباب الإعجاز العلمي صواب ما ذهبوا إليه من تفسير القرآن بالعلم الحديث، وأن الإعجاز العلمي حقيقة واقعة.




وليس من الحكمة مخاطبة الناس على خلاف مستوى ما يعقلون ، فتخيل أخي الحبيب لو أن ألنبي صلى الله عليه وسلم قال لقريش إنه سيأتي زمان يطير الناس فيه في السماء في الحديد ، أو أن الحديد سينقل الصوت والصورة .... وسيسير الحديد بسرع هائلة .... ماذا ستكون ردّة فعل أهل قريش حين ذاك .

وهل من الحكمة أن يقولَ لسراقة: ارجع ولك سوارا كسرى؟ وهو في طريق هجرته إلى المدينة.

أم هل من الحكمة أن يخبر صحابته بفتح فارس والروم في حرب الأحزاب، ولم يكن أحدهم يأمن أن يخرج لقضاء حاجته خوفاً؟

أم يخبر بفتح القسطنطينية؟

ألم يكن هذا على خلاف مستوى ما يعقلون من حيث إنهم كانوا مستضعفين في الأرض؟

وإن كان هذا من الحكمة حتى يشد من أزر أصحابه، ويخفف عنهم، فلنا أن نقول: ومن الحكمة أيضاً أن يخبرهم بهذه الحقائق عن الكون والحياة والمعادن، تصريحاً لا تلميحاً، وعلى وجه قاطع لا يحتمل التأويل، حتى لو كانت على خلاف ما يعقلون، حتى تكون أقطع في الدلالة على الحقيقة العلمية، ولو جاء بها صراحةً لكان أبلغ من الإشارة، أو التلويح، ولا سيما أنك تنظر في الإعجاز والتحدي الذي به تثبت أن القرآن كلام الله وليس كلام بشر، فذكر الحقائق صراحة أبلغ من الإشارة.



ولا نعيب على السابقين فهمهم ، لكن ما ورد في بعض التفاسير على المسائل العلمية التي ظهر بالدليل القطعي بطلانها ، فإننا نردها ، نحو ما نجده في بعض التفاسير أن للأرض حدا نهائيا وطرفا بعده تنزل الشمس لتغيب في عين من صلصال آسن... ويقول البعض أن الخضر عليه السلام وصل إلى حد الأرض ووجد عندها عين الحياة... فهذا كله نردّه ... أو أن الشمس تغيب عن جميع الأرض لتسجد عند العرش ... فما ثبت من ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم فإننا نفهمه وفق اللسان العربي بالمجاز لأن الأرض والشمس تدوران تعاقب الليل والنهار فيكون المقصود معاني السجود الأخرى...

أن نتأول القرآن على وجه سائغ جارٍ على لسان العرب إذا ما خالف ظاهره أدلة العقل مما لا خلاف فيه.

وإنما الاعتراض على من جعل من هذا التأويل إعجازاً...

وهذا من عجائب أنصار الإعجاز العلمي...

وبإمعان قليل للمثل الذي ضرته أثناء كلامك أخي الحبيب يبتبين لنا وجه الحق بإذنه تعالى :
يقول الله سبحانه وتعالى مظهرا آيات قدرته على إعادة الخلق :
(أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ) (القيامة:3-4)
فما من شك بأن هذه الآية الكريمة تظهر عظيم قدرة الله تعالى على إعادة الخلق بعد فنائه على أكمل وجه وأكبر دقّة ، فلو فهم الصحابة وغيرهم أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يسوي أي جزء من أجزاء الإنسان مهما صَغر ، حتى أصبعه وطرف أصبعه ؟ لا يعيب أحد عليه فهمه ، لكن أخي الكريم
الأتجد أن آيات القدرة والعظمة الإلهية تتجلى لنا بصورة أكبر إذا علمنا بأن هذا الأصبع وطرفه يحوي من الأمور والعلامات التي تفرّقه عن جميع البشر ، فيصبح فهمنا للآية الكريمة ، أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يعيد خلق الإنسان بأدق تفاصيله ، فلا يغيب عليه من إعادة الخلق شيء حتى تلك العلامات الموجودة في بنانه والتي لا يتماثل فيها أحد من البشر فالله تعالى يعيد الإنسان بذاته فلا تتداخل في إعادة الخلق أدق الأمور. فيتحقق الإنسان بأن الله تعالى عالم بأدق مما يعلم الإنسان عن نفسه قال تعالى: (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ) (الحاقة:18)

محل النزاع ليس في قدرة الله سبحانه وتعالى على البعث، وليس في قدرة الله على إحياء العظام وهي رميم...

نحن لا ننازع في شيء من هذا...

محل نزاعنا أن أنصار الإعجاز العلمي يدعون أن هذه الآية دالة على بصمة الإصبع، فأين تجد الدلالة على هذا في قوله تعالى (بلى قادرين على أن نسوي بنانه)،

أبالمطابقة أم بالتضمن أم بالالتزام؟

أم بالاقتضاء أم بالإشارة أم بالإيماء والتعليل؟

أن تقول إن الله قادر على جمع العظام وإعادتها وتسوية أصابع اليد بما فيها من عروق وجلد وشعر وحتى البصمات التي كشف عنها العلماء حديثاً مما لا ننازع فيه.
إما أن تقول إن هذه الآية تكشف عن حقيقة البصمات التي لم تكن معروفة وقت نزول القرآن، فليس هذا من الحق في شيء، بل هو تحميل لآيات القرآن ما لا تحتمل.


فالمثال القرآني أعظم وأبلغ وأرفع وأجل من المثال الذي أوردته في كلامك السابق حيث تقول : (( أن العرب تقول في وصف الحاذق الماهر في صنعته: إن له عليها إصبعا
أي إن له على ما يصنع أثر حذق ومهارة فدلوا عليه بالإصبع. فما يمنع من حيث دلالة الألفاظ أن يكون قائل هذا المثل قبل أكثر من ألف سنة أراد أن يشير إلى هذه الحقيقة التي كشف عنها العلماء حديثاً؟؟))
والمانع كبير جدا ، فهذا الكلام الذي أوردته دليل على جانب من جوانب اللغة وهو المجاز ، ومن هذا الوجه (أنه دليل على المجاز في لغة العرب) أسلم لك به .
لكن ما من وجه لمقارنته بما ورد في الآية الكريمة ، فكلام القائل يشير به إلى أنه استخدم هذا الأصبع بدقة أظهرت جودة صناعته . وليس هناك من دليل قريب أو بعيد ما يشير إلى أن القائل يدلل على قدرته وعلمه بخلق هذا الأصبع وبمحتواه ، وكلامه ليس في محل الاستشهاد على دقة الخلق لنقول بأنه يحتج به في أنه سابق لعصره ، فهذه العبارة تستخدم لهذا اليوم وإن اختلفت أوجهها ؛ (ألا نقول لمن تحسن صناعة الطعام ، إن لها نَفَسا في طبيخها) وبهذا تنتفي الحجة في هذا المثل .

كلامك ها هنا خارج عن محل النزاع...

لا شك أن سياق الكلام في الآية إنما هو لإثبات قدرة الله على إحياء الموتى في الرد على منكري البعث، وكذلك سياق الكلام في المثال العربي إنما هو لبيان أثر الحذق والمهارة...

لكن بحثنا ها هنا في الدلالات، إذا كان أرباب الإعجاز العلمي يدعون أن هذه الآية تكشف عن حقيقة البصمات قبل 1400 سنة، فلنا أن نزعم في مقابل هذا أن المثل العربي دال على البصمات.

وليست الآية بأدل على البصمات من المثل العربي.

وغاية القول : إن التفسير العلمي لا يؤخذ بمنأى عن اللغة العربية وفهم الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ، ولا يلزم منه القول بأن الله خاطب الصحابة بما لا يفهمون .

بل يلزم من التفسير العلمي للتصعد في السماء أن الله خاطب العرب بما لا يعهدون، وجاءهم بتشبيه لا يعرفون من وجه الشبه فيه شيئاً...
وهذا خروج على اللغة، وعلى أصول البلاغة وحسن الإفهام.

وهذه النقطة بالذات لم يأت الإخوة عليها برد شاف...

ولا أظنني أبالغ إذ أقول - وقد سبق لي أن قلت- إن اعتراضات أنصار الإعجاز العلمي في هذه الآية أشبه بجناح هرم مرسل.

وصدقني: ليس وصفي للردود بهذا من باب المبالغة، أو المكابرة، بل إني أراه في محله.
 
يعني خلاصة ما تريد أن تقوله إن كلام ابن عثيمين بأن الشمس هي التي تدور حول الأرض هو ما تدل عليه آيات القرآن الكريم ، فهو الأبصر بدلائل القرآن وكل من في هذا الوجود لا يعلمون من القرآن شيء ، ولا يعلم حقيقة تفسيره إلا الوهابية فقط ؟؟؟؟

الواضح من كلامك ليس مجرد المثل المطروح في بعض النقاشات بل أشد من ذلك
كأنك تقول : عنزة وسوف تطير خاوة .

أما وصفك الأخير فأنت تراه في محله على حسب مقدرتك العلمية على تفهّم نصوص اللغة والأدب العربي ، وقواعد هذا اللسان . وصدقني العلم ليس عنادا لتقول بل يدل على كذا ، بل أفهم منه كذا ....
تريد أن تستدرك على الله تعالى ، بأننا إذا فهمنا معاني علمية تظهر دقة الآيات الكريمة ، بأنه لم يخاطب العرب على قدر عقولهم ... أنت حرّ في رأيك ، لكن الله تعالى هو الرقيب والحسيب والحكم العدل ، وإن غدا لناظره قريب ، وفيه ستتبين لك جميع الحقائق .
يقول تعالى : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (قّ:22) ، ولا تفهمن أخي الحبيب الحديد على ظاهره في نص الآية الكريمة ، وتقول هو الأقرب لظاهر النص ، معنى الحديد هنا القوة والشدّة.
 
بماذا تفسر قول الله تعالى :
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت:53(
ما معنى سنريهم ، وما أثر دخول السين على الفعل ؟؟؟؟ ما معنى حتى ؟؟؟؟ يتبيّن لهم؟؟؟؟ هل الرسالة خاصة بالصحابة أم نحن مشمولون بها فيتبين لنا أيضا ؟؟ الحق هل هو نفس الآيات أم نتيجتها؟؟؟؟

(وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) (يوسف:105)
ما هي الآيات التي في السموات والأرض ؟؟؟؟؟ ما دلالة السموات وما الفرق بينها وبين السماء ؟؟؟؟؟
ما معنى الآية ؟؟؟؟ وما الغاية من هذه الآيات ؟؟؟ آية على ماذا ؟؟؟؟ من هؤلاء الذين يمرون على هذه الآيات التي في السموات والأرض ويعرضون عنها؟؟؟؟؟؟؟ ولم ورد الفعل يمرون ، وليس مرّوا؟؟؟؟
 
يعني خلاصة ما تريد أن تقوله إن كلام ابن عثيمين بأن الشمس هي التي تدور حول الأرض هو ما تدل عليه آيات القرآن الكريم ، فهو الأبصر بدلائل القرآن وكل من في هذا الوجود لا يعلمون من القرآن شيء ، ولا يعلم حقيقة تفسيره إلا الوهابية فقط ؟؟؟؟

الكلام في قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ليس هنا...

والحديث عن دوران الشمس أو الأرض ليس ها هنا...

فأورده في مكانه بارك الله فيك حتى لا تختلط الأمور


الواضح من كلامك ليس مجرد المثل المطروح في بعض النقاشات بل أشد من ذلك
كأنك تقول : عنزة وسوف تطير خاوة .

ولي أن أرد عليك بمثل ما جئت به، وكأنك أنت من يقول عنزة ولو طارت...

أما وصفك الأخير فأنت تراه في محله على حسب مقدرتك العلمية على تفهّم نصوص اللغة والأدب العربي ، وقواعد هذا اللسان . وصدقني العلم ليس عنادا لتقول بل يدل على كذا ، بل أفهم منه كذا ....
تريد أن تستدرك على الله تعالى ، بأننا إذا فهمنا معاني علمية تظهر دقة الآيات الكريمة ، بأنه لم يخاطب العرب على قدر عقولهم ... أنت حرّ في رأيك ، لكن الله تعالى هو الرقيب والحسيب والحكم العدل ، وإن غدا لناظره قريب ، وفيه ستتبين لك جميع الحقائق .
يقول تعالى : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (قّ:22) ، ولا تفهمن أخي الحبيب الحديد على ظاهره في نص الآية الكريمة ، وتقول هو الأقرب لظاهر النص ، معنى الحديد هنا القوة والشدّة.

وهذا أيضاً كأجنحة هرم مرسلة...

وقد رددت على كل ما جئتنا به، دون أن نجد منك رداً شافياً...

فهل ستجيب عن محل النزاع في أن القول بالتفسير العلمي في قوله تعالى (كأنما يصعد في السماء) فيه خروج على اللغة، وأصول البلاغة وحسن الإفهام، أم ستظل أجوبتك كأجنحة الهرم المرسلة.
 
" كأنما يصعد في السماء "

تختزن هذه الآية دعوة قرآنية إلى علم الفضاء والطيران ، فقول الله سبحانه تعالى " يصعد في السماء " يعني أن عملية الصعود في السماء ممكنة ، وليست مستحيلة ( دون تحديد زمني ) 0 وأرى أن الآية كانت تستدعي عددا من التساؤلات – حين نزولها - عند التدبر فيها تتجاوز الناحية البلاغية :
1- هل يمكن الصعود في السماء ، وكيف؟ ( التدبر )
2-ما الذي يجعلنا نلتصق بالأرض ؟ هل يمكننا أن نرتفع في الفضاء كالطيور مثلا ؟( التدبر سيقودنا إلى اكتشاف الجاذبية )
3- ماذا علينا أن نفعل لتحقيق هذا الهدف ؟ ( التصنيع – اختراع الآلة )
لو تم التفكير في الآية على هذا النحو لربما قادت المسلمين إلى السبق في اختراع الطائرة ، وتطبيق الإشارة العلمية الواردة في الآية . ولكن أنى لهم ذلك وهناك دائما من يحجر على عقولهم ويحرم عليها التفكير .
هذه الآية بإشارتها العلمية كانت توجهنا إلى المستقبل وتختصر علينا الطريق في تطور العلوم ، لكننا لم نستجب لتلك الدعوة ، وتوقفنا في تفكيرنا عند المشبه والمشبه به وما زلنا نصر على وجوب وجودهما معا .أليس المشبه به معلوما عند المتكلم سبحانه وتعالى ؟ ألا يكفي هذا ؟ لو أن القرآن نزل اليوم لكان المشبه به معلوما لدينا ولما وجد المعترضون ما يعترضون عليه ؟ ألا يعني هذا صلاحية القرآن لكل زمان ولكل جيل وإلى أن تقوم الساعة ؟
 
فقول الله سبحانه تعالى " يصعد في السماء " يعني أن عملية الصعود في السماء ممكنة ، وليست مستحيلة ( دون تحديد زمني )

وتوقفنا في تفكيرنا عند المشبه والمشبه به وما زلنا نصر على وجوب وجودهما معا .أليس المشبه به معلوما عند المتكلم سبحانه وتعالى ؟ ألا يكفي هذا ؟ لو أن القرآن نزل اليوم لكان المشبه به معلوما لدينا ولما وجد المعترضون ما يعترضون عليه ؟ ألا يعني هذا صلاحية القرآن لكل زمان ولكل جيل وإلى أن تقوم الساعة ؟

[align=center]تلك لفتة جميلة منك يا أستاذ جلغوم ، أحييك عليها[/align]
 
بماذا تفسر قول الله تعالى :
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت:53(
ما معنى سنريهم ، وما أثر دخول السين على الفعل ؟؟؟؟ ما معنى حتى ؟؟؟؟ يتبيّن لهم؟؟؟؟ هل الرسالة خاصة بالصحابة أم نحن مشمولون بها فيتبين لنا أيضا ؟؟ الحق هل هو نفس الآيات أم نتيجتها؟؟؟؟

أوجه نظركم الكريم الى أنه يوجد موضوع مخصص لهذه الآية الكريمة ، ويمكنكم المشاركة فيه برأيكم ، وهذا هو رابط المشاركة الأولى فيه :

http://tafsir.org/vb/showpost.php?p=86336&postcount=1
 
[align=center]التعالم مرض عضال[/align]
بارك الله فيك أخي الكريم فهذا عين الصواب ، نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا ، وينفعنا بما يعلمنا ، وأن لا يجعلنا ممن تسعر به النار . إنه نعم المولى ونعم النصير
 
" كأنما يصعد في السماء "

تختزن هذه الآية دعوة قرآنية إلى علم الفضاء والطيران ، فقول الله سبحانه تعالى " يصعد في السماء " يعني أن عملية الصعود في السماء ممكنة ، وليست مستحيلة ( دون تحديد زمني ) 0 وأرى أن الآية كانت تستدعي عددا من التساؤلات – حين نزولها - عند التدبر فيها تتجاوز الناحية البلاغية :
1- هل يمكن الصعود في السماء ، وكيف؟ وهل يمكن الاتصال بين الأرض والفضاء؟ ( التدبر )
2-ما الذي يجعلنا نلتصق بالأرض ؟ هل يمكننا أن نرتفع في الفضاء كالطيور مثلا ؟( التدبر سيقودنا إلى اكتشاف الجاذبية والموجات الكهرومغناطيسية)
3- ماذا علينا أن نفعل لتحقيق هذا الهدف ؟ ( التصنيع – اختراع الآلة )
لو تم التفكير في الآية على هذا النحو لربما قادت المسلمين إلى السبق في اختراع الطائرة ، وتطبيق الإشارة العلمية الواردة في الآية . ولكن أنى لهم ذلك وهناك دائما من يحجر على عقولهم ويحرم عليها التفكير .
هذه الآية بإشارتها العلمية كانت توجهنا إلى المستقبل وتختصر علينا الطريق في تطور العلوم ، لكننا لم نستجب لتلك الدعوة ، وتوقفنا في تفكيرنا عند المشبه والمشبه به وما زلنا نصر على وجوب وجودهما معا .أليس المشبه به معلوما عند المتكلم سبحانه وتعالى ؟ ألا يكفي هذا ؟ لو أن القرآن نزل اليوم لكان المشبه به معلوما لدينا ولما وجد المعترضون ما يعترضون عليه ؟ ألا يعني هذا صلاحية القرآن لكل زمان ولكل جيل وإلى أن تقوم الساعة ؟

يقول المتنبي في وصف جيش العدو:

خميس بشرق الأرض والغرب زحفه ... وفي أذن الجوزاء منه زمازم

تجمع فيه كل لسن وأمة ... فلا يفهم الحداث إلا التراجم

يختزن البيت الأول دعوة شعرية إلى علم الفضاء والطيران، فقول الشاعر "وفي أذن الجوزاء منه زمازم" يعني أن عملية سماع الأصوات من الأرض لرجل في الفضاء ممكنة (وهو إشارة إلى الاتصالات اللاسلكية)، وهو يتضمن أيضاً أن الصعود إلى الفضاء ممكن، وليس مستحيلاً (دون تحديد زمني)، وأرى أن بيت المتنبي الأول كان يستدعي عدداً من التساؤلات – عندما قاله المتنبي- عند التدبر فيها تتجاوز الناحية البلاغية:

1. هل يمكن الصعود إلى الفضاء، والذي عبر عنه الشاعر بالجوزاء؟ وكيف؟ (التدبر)
2. ما الذي يجعلنا نلتصق بالأرض؟ هل يمكننا أن نرتفع في الفضاء كالطيور مثلاً؟ (التدبر سيقودنا إلى اكتشاف الجاذبية)
3. ماذا علينا أن نفعل لتحقيق هذا الهدف؟ (التصنيع – اختراع الآلة)
لو تم التفكير في بيت المتنبي على هذا النحو لربما قادت المسلمين إلى السبق في اختراع الاتصالات اللاسلكية وليس الطائرات والصواريخ فحسب، وتطبيق الإشارة العلمية الواردة في بيت الشعر . ولكن أنى لهم ذلك وهناك دائما من يحجر على عقولهم ويحرم عليها التفكير .
هذه البيت بإشارته العلمية كان يوجهنا إلى المستقبل ويختصر علينا الطريق في تطور العلوم ، لكننا لم نستجب لتلك الدعوة ، وتوقفنا في تفكيرنا عند المشبه والمشبه به وما زلنا نصر على وجوب وجودهما معا .ألا يمكن أن يكون المشبه والمشبه به معلوما عند المتنبي الذي ادعى النبوة؟ وهذا البيت بإشاراته العلمية وإعجازه العلمي دليل على نبوة المتنبي!!!!

ألا يكفي هذا ؟ لو أن بيت الشعر نزل اليوم (على اعتبار أن المتنبي يوحى إليه) لكان المشبه به معلوما لدينا ولما وجد المعترضون ما يعترضون عليه ؟ ألا يعني هذا صلاحية شعر المتنبي لكل زمان ولكل جيل وإلى أن تقوم الساعة؟

كيف ترى هذا يا أستاذ جلغوم؟

كما أنكم تبحثون في القرآن لتظفروا بآية تدعون فيها إعجازاً علمياً، وتشرقون في تأويلها وتغربون، فلنا أن نبحث في شعر العرب عن أبيات يسهل أن ندعي فيها إعجازاً علمياً، ثم نثبت بعد ذلك نبوة الشعراء بما سبقوا إليه من إشارات علمية؟!

أوليس فيما قلته لفتة كريمة تستحق التحية أيها العليمي؟

وما يدريكم؟

لعل المتنبي إذ ادعى النبوة كان صادقاً، وهذه الإشارات العلمية خير دليل على ذلك....
 
يقول المتنبي في وصف جيش العدو:

خميس بشرق الأرض والغرب زحفه ... وفي أذن الجوزاء منه زمازم

تجمع فيه كل لسن وأمة ... فلا يفهم الحداث إلا التراجم

يختزن البيت الأول دعوة شعرية إلى علم الفضاء والطيران، فقول الشاعر "وفي أذن الجوزاء منه زمازم" يعني أن عملية سماع الأصوات من الأرض لرجل في الفضاء ممكنة (وهو إشارة إلى الاتصالات اللاسلكية)، وهو يتضمن أيضاً أن الصعود إلى الفضاء ممكن، وليس مستحيلاً (دون تحديد زمني)، وأرى أن بيت المتنبي الأول كان يستدعي عدداً من التساؤلات – عندما قاله المتنبي- عند التدبر فيها تتجاوز الناحية البلاغية:

1. هل يمكن الصعود إلى الفضاء، والذي عبر عنه الشاعر بالجوزاء؟ وكيف؟ (التدبر)
2. ما الذي يجعلنا نلتصق بالأرض؟ هل يمكننا أن نرتفع في الفضاء كالطيور مثلاً؟ (التدبر سيقودنا إلى اكتشاف الجاذبية)
3. ماذا علينا أن نفعل لتحقيق هذا الهدف؟ (التصنيع – اختراع الآلة)
لو تم التفكير في بيت المتنبي على هذا النحو لربما قادت المسلمين إلى السبق في اختراع الاتصالات اللاسلكية وليس الطائرات والصواريخ فحسب،....................

كيف ترى هذا يا أستاذ جلغوم؟

لعل المتنبي إذ ادعى النبوة كان صادقاً، وهذه الإشارات العلمية خير دليل على ذلك....

أراك قد شطحت بعيدا في خيالك ، أتقارن كلام المتنبي بكلام الله سبحانه وتعالى ؟ وهل تصف كلام الله بما تصف به كلام الشعراء ؟ لقد أخطأت خطأ فاحشا فاستغفر الله إنه هو التواب الرحيم .
 
يقول المتنبي في وصف جيش العدو:

خميس بشرق الأرض والغرب زحفه ... وفي أذن الجوزاء منه زمازم

كما أنكم تبحثون في القرآن لتظفروا بآية تدعون فيها إعجازاً علمياً، وتشرقون في تأويلها وتغربون، فلنا أن نبحث في شعر العرب عن أبيات يسهل أن ندعي فيها إعجازاً علمياً، ثم نثبت بعد ذلك نبوة الشعراء بما سبقوا إليه من إشارات علمية؟!

أوليس فيما قلته لفتة كريمة تستحق التحية أيها العليمي؟
وما يدريكم؟
لعل المتنبي إذ ادعى النبوة كان صادقاً، وهذه الإشارات العلمية خير دليل على ذلك....

لن أعاملك بالمثل وأقول لك : لا أيها الجازى ( وقطعا أنت تجهل قدر سيدى العليمى ، فحذارى من التعرض لأولياء الله لأن هذا يغضبه سبحانه )
بل أقول : لا يا أخى الكريم ، لا أجد فى كلامك ما يستحق الاشادة به
فكيف تقارن كلام المتنبى - حتى مع الاعتراف بنبوغه وعبقريته - بكلام رب العالمين ؟!!
هل هذا قول يستحق أن أحييك عليه ؟!!
ان المتنبى قد قال ما قال من باب الخيال ، وجاء به من أودية الشعر
أما القرآن فانه ينطق بالحق ، ويطابق مقتضى الحال ، وشتان بين الأمرين
 
يقول المتنبي في وصف جيش العدو:

خميس بشرق الأرض والغرب زحفه ... وفي أذن الجوزاء منه زمازم

تجمع فيه كل لسن وأمة ... فلا يفهم الحداث إلا التراجم

يختزن البيت الأول دعوة شعرية إلى علم الفضاء والطيران، فقول الشاعر "وفي أذن الجوزاء منه زمازم" يعني أن عملية سماع الأصوات من الأرض لرجل في الفضاء ممكنة (وهو إشارة إلى الاتصالات اللاسلكية)، وهو يتضمن أيضاً أن الصعود إلى الفضاء ممكن، وليس مستحيلاً (دون تحديد زمني)، وأرى أن بيت المتنبي الأول كان يستدعي عدداً من التساؤلات – عندما قاله المتنبي- عند التدبر فيها تتجاوز الناحية البلاغية:

1. هل يمكن الصعود إلى الفضاء، والذي عبر عنه الشاعر بالجوزاء؟ وكيف؟ (التدبر)
2. ما الذي يجعلنا نلتصق بالأرض؟ هل يمكننا أن نرتفع في الفضاء كالطيور مثلاً؟ (التدبر سيقودنا إلى اكتشاف الجاذبية)
3. ماذا علينا أن نفعل لتحقيق هذا الهدف؟ (التصنيع – اختراع الآلة)
لو تم التفكير في بيت المتنبي على هذا النحو لربما قادت المسلمين إلى السبق في اختراع الاتصالات اللاسلكية وليس الطائرات والصواريخ فحسب، وتطبيق الإشارة العلمية الواردة في بيت الشعر . ولكن أنى لهم ذلك وهناك دائما من يحجر على عقولهم ويحرم عليها التفكير .
هذه البيت بإشارته العلمية كان يوجهنا إلى المستقبل ويختصر علينا الطريق في تطور العلوم ، لكننا لم نستجب لتلك الدعوة ، وتوقفنا في تفكيرنا عند المشبه والمشبه به وما زلنا نصر على وجوب وجودهما معا .ألا يمكن أن يكون المشبه والمشبه به معلوما عند المتنبي الذي ادعى النبوة؟ وهذا البيت بإشاراته العلمية وإعجازه العلمي دليل على نبوة المتنبي!!!!

ألا يكفي هذا ؟ لو أن بيت الشعر نزل اليوم (على اعتبار أن المتنبي يوحى إليه) لكان المشبه به معلوما لدينا ولما وجد المعترضون ما يعترضون عليه ؟ ألا يعني هذا صلاحية شعر المتنبي لكل زمان ولكل جيل وإلى أن تقوم الساعة؟

كيف ترى هذا يا أستاذ جلغوم؟

كما أنكم تبحثون في القرآن لتظفروا بآية تدعون فيها إعجازاً علمياً، وتشرقون في تأويلها وتغربون، فلنا أن نبحث في شعر العرب عن أبيات يسهل أن ندعي فيها إعجازاً علمياً، ثم نثبت بعد ذلك نبوة الشعراء بما سبقوا إليه من إشارات علمية؟!

أوليس فيما قلته لفتة كريمة تستحق التحية أيها العليمي؟

وما يدريكم؟

لعل المتنبي إذ ادعى النبوة كان صادقاً، وهذه الإشارات العلمية خير دليل على ذلك....


[align=center]
هذه نهاية التعالم يا بكر

فنصيحتي لك لا تزر بنفسك
[/align]
 
يقول المتنبي في وصف جيش العدو:

خميس بشرق الأرض والغرب زحفه ... وفي أذن الجوزاء منه زمازم
تجمع فيه كل لسن وأمة ... فلا يفهم الحداث إلا التراجم

وما يدريكم؟
لعل المتنبي إذ ادعى النبوة كان صادقاً،
وهذه الإشارات العلمية خير دليل على ذلك....

ما شاء الله ، وحياك من حياك على هذا الفهم الثاقب، والبصيرة النافذة ، والحجة الدامغة ، والبرهان اليقين ، سبحان الله لو علم أهل الجاهلية ما علمته أنت من حال المتنبي ما تركوه وذهبوا إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . فهنيئا لك هذا الفهم الحاذق ، وهذه اللفتات البيانية التي ينأسر لها اللب والعقل .
صحيح لقد أسقط في يد كل من يحاول الحديث عن أوجه بيان القرآن الكريم وإظهار علو شأنه ، وقامت عليه الحجة ، فأين كلامه من القرآن الكريم ؟؟؟ فهل تنوي أن تدعو الناس لاتباع المتنبي في تعاليمه؟؟؟ ولا يهمنا بعد هذا الفهم تاريخ حياة المتنبي .
 
نقاش ممتع جداً ... وأرى أن المدافعين عن الإعجاز العلمي قد جاؤوا بما يقنع المخالفين والمعترضين .... جزاكم الله خيراً جميعاً ....
 
على رسلكم أيها الإخوة جلغوم والعليمي والأستاذ حسن عبد الجليل…

وتأملوا الإلزامات الموجهة إليكم والتي تلزم مذهبكم لزوماً لا ينفك عنه…

هذه الردود المرتجلة لا تسعفكم في الحجاج، ويمكن بأدنى تأمل وتدبر منكم أن تتبينوا المصادرة على المطلوب التي تتضمنها ردودكم…

الأخ جلغوم زعم أن في الآية دلالات على أن الصعود في السماء ممكن، وأن هذا يقودنا إلى اكتشاف الجاذبية، وإلى اختراع الآلة، ويزعم أنه لو تم التفكير في الآية على هذا النحو فلربما قادت المسلمين إلى السبق في اختراع الطائرة!!!

كل هذا يزعم أنه مستنبط من قوله تعالى ((كأنما يصعد في السماء))!!!

فأين يجد الدلالة على هذا كله في الآية؟!


فلجأت من باب إلزام المناظر إلى بيت المتنبي، وأعدتُ كلامه كلامه حرفاً حرفاً...

فإن سألتني: من أين لك أن تفهم هذا من شعر المتنبي؟

قلت لك: من حيث فهمت هذا من قوله تعالى ((كأنما يصعد في السماء)).

فإن كنت ترى أن الآية دالة على كل هذا الذي تزعمه، فليس بيت المتنبي بأقل دلالة عليه، بل وفيه دلالة على اختراع الاتصالات اللاسلكية....

وإن كنت تراني شطحت بعيداً في خيالي، فلستُ بأولى في هذا منك، وأنت الذي حملت الآية ما لا تحتمل من المعاني.


أما دعواكم: كيف أقارن كلام المتنبي بكلام رب العالمين؟

والذي تضمنته ردود الإخوة، فهذا مكمن المصادرة، ومحل المغالطة.

ذلك أن الغرض من مبحث الإعجاز وإثباته، أن نقيم الدليل على أن هذا الكلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم قبل 1400 سنة هو كلام الله وليس كلام بشر.

هذا هو الهدف من مبحث الإعجاز.

والبحث في إعجاز القرآن العلمي – على فرض وجوده- معناه عند القائلين به أن القرآن الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم قبل 1400 سنة سبق إلى بيان حقائق وأسرار في العلوم التجريبية كشف عنها العلماء حديثاً، ثم تجعلون من سبق القرآن إلى هذا دليلاً على أن القرآن كلام الله.

فإذا سألكم الكافر المعاند - وليس أنا- عن الدليل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، قلتم له: الدليل على ذلك أن القرآن سبق إلى تقرير حقائق علمية لم يكتشفها العلماء إلا في العصور المتأخرة، وهذه آية أن القرآن من عند الله.

فإن طلب إليكم مثالاً على هذا السبق العلمي، قلتم له: قوله تعالى ((كأنما يصعد في السماء)) يعني أن الصعود إلى السماء ممكن، ويؤدي إلى اكتشاف قانون الجاذبية، واختراع الطائرة!!! ...إلى آخر ما استطرد في بيانه الأخ جلغوم.

فماذا لو جاءكم الكافر المعاند –وليس أنا- ببيت المتنبي، وقال: وهذا البيت يمكن أن أفهم منه ما فهمتم من الآية...

فماذا ستقولون له؟

هل ستقولون له ما قلتموه لي: لقد شطحت بعيداً في خيالك، وقارنت كلام الله بكلام الشعراء؟!

كيف تجيبونه بهذا وهو لا يسلم لكم ابتداء أنه كلام الله...

أفليست هذه مصادرة؟؟!!

أنتم بهذا أجدر أن تكونوا ممن يريدونها عنزة ولو طارت...

فتأملوا قليلاً فيما وقعتم فيه من مصادرة أيها الإخوة، وإليكم عن هذه الردود المرتجلة...

بارك الله فيكم وشكر لكم...
 
نقاش ممتع جداً ... وأرى أن المدافعين عن الإعجاز العلمي قد جاؤوا بما يقنع المخالفين والمعترضين .... جزاكم الله خيراً جميعاً ....

شكر الله لك مرورك يا أستاذ أحمد...

وحبذا لو أعدتَ قراءة الموضوع من أوله، والنظر في الالزامات التي تترتب على القول بالإعجاز العلمي...

وبارك الله فيك...
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
عودة
أعلى