تدبر ثم قل ماقل ودل

البهيجي

Well-known member
إنضم
16/10/2004
المشاركات
2,400
مستوى التفاعل
70
النقاط
48
العمر
65
الإقامة
العراق
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته....التدبر عبادة يجهله كثير من الناس قال فاطرالسموات والارض سبحانه(أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)قال الشوكاني( رحمه الله تعالى):أفلا يتفهمونه فيعملون بما اشتمل عليه من المواعظ الزاجرة والحجج الظاهرة والبراهين القاطعة التي تكفي من له فهم وعقل.......ثم قال:أي بل أعلى قلوب أقفالها فهم لايفهمون ولايعقلون؟)انتهى. ووردت أقوالا كثيرة عن أهل العلم بفضل التدبر....ولذا فأني أرغب بكتابة هذه المشاركة كي أستحث أخواني وأخواتي من أعضاء الملتقى على التدبر بآيات القرآن الكريم ثم محاولة التعبير عنها بعبارات قليلة دالة شافية أوالنقل عن علماء الامة...ولنبدأ: 1-سئل سفيان بن عيينة(رحمه الله تعالى)عن قوله سبحانه(وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا يوقنون)قال:(لما مسكوا برأس الأمر جعلناهم رؤوسا)قلت:أنظر منزلة الصبر واليقين وأين نحن منهما؟ 2-وقال ابن القيم(رحمه الله تعالى)عن معنى(حنيف):هو المقبل على الله تعالى المعرض عن كل ماسواه.قلت:هذا العبد وكفى. 3-وعن قوله تعالى(ياحسرة على العباد مايأتيهم من رسول الاكانوا به يستهزءون)قال أحد الأعراب:(ويلي من أغضب الآله فقال هذا)قلت:نعوذ بالله السميع العليم ان نكون منهم. أرجو ان تكون فكرة المشاركة قد وضحت....فأدعوكم ياكرام..وياكريمات أن تساهموا معي....والسلام. البهيجي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
ونستمر بعون الله تعالى4- قال سبحانه في سورة الجاثية(أفرءيت من أتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلاتذكرون)قال الحسن وقتادة:ذلك الكافر أتخذ دينه مايهواه فلايهوى شيئا الا ركبه!
قلت:عجبت لبعض الناس ممن يقول:لم تكثرون من الحديث عن التوحيد أفينا من يعبد الاصنام!قلت:لا فينا من يعبد هواه نسأل الله تعالى السلامة.
5-وفي نفس السورة أعلاه(هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق انا كنا نستنسخ ماكنتم تعملون)قلت:من يقول للظالمين رويدا رويدا فما من مظلمة الا وتجدونها أمامكم!ثم يانفس
أتق الله تعالى فماذا تقولين لقيوم السموات والارض يوم لاينفع مال ولابنون!
6-وفي سورة يونس(ولو شاء ربك لأمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس
حتى يكونوا مؤمنين)قلت:ليسمع الدعاة فالأمر ليس بأيدينا انما بيد من خلق الناس سبحانه!
فلاداعي للحزن والهم من قلة السامعين(فلو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم)ولكن الى الله سبحانه
الشكوى(انما أشكو بثي وحزني الى الله)!
والسلام عليكم.

البهيجي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمد الشاكرين الذاكرين ، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين هادي عباد الله للصراط المستقيم ، محمد بن عبد الله وعلى صحبة الميامين وعلى من اتبع هداه إلى يوم الدين
اسمح لي اخي الفاضل ( البهيجي ) .. حفظك الله
بمداخله على سياق موضوعك الكريم { التدبر }
حيث أن التدبر هو المرحلة الثالثة من مراحل "إعمال العقل في خطاب الله عزّ وجل - القرآن الكريم - .
ليس كمثله شيء سبحانه وبالتالي فخطابه سبحانه ليس كمثله خطاب ، ولتدرك شيئاً من خطابه سبحانه كما يجب ؛ فإنه يجب عليك أن تمر بثلاث مراحل ، أول تلك المراحل هو ( التأمل ) وهي مرحلة التهيئة النفسية للولوج إلى العالم السامي ألذي نبع فيه الخطاب الرباني من خلال إمعان النظر إلى التركيب اللفظي للخطاب الإلهي وتمييز مواطن التميز فيه عن خطاب البشر وتلمس مواطن الجمال في كل لفظه وكل مقطع ،، فإذا آتيت المقطع المراد تدبره حقه من التأمل ، تأتي المرحلة الثانية وهي مرحلة التفكر ، وهي مرحلة الأسئلة ونقاش الذات حول طريقة اختيار الله عز وجل للألفاظ ،، كأن تسأل ( لماذا اختار الله عز وجل كلمة " فتلقى " بدلاً من كلمة فأعطى الله أو كلمة فوهب الله ... وذلك في قوله تعالى [ فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ] البقرة.
وعندما تؤتي المقطع المراد تدبره حقه من الدراسة والفحص ؛ تنتقل إلى المرحلة الأخيرة وهي التدبر ، وهذه المرحلة هي مرحلة السمو مع الحكمة الإلهية في أسباب ورود الالفاظ وأهداف الرسالة الإلهية ، على اعتبار ان هذه الرسالة موجهة إليك انت بالذات وماذا يريد ربك أن يقول لك ... عندها وعندها فقط تشعر بالاتصال الذاتي بينك وبين صاحب هذا الخطاب ،، ستجد انك انتقلت من دنياك التي تعرفها لعالم سامي لم تعرف له مثيلا في الحياة الدنيا ولا يستطيع اي مخلوق خلقه الله عز وجل ان يصف لك جماله وروعته ، ستشعر بسعادة لم يسبق لك ان شعرت بمثلها .. وكيف لا ؟ وأنت في تتنعم في ملكوت الله الأسمى

احبتي في الله
إنه القرآن الكريم بوابة الدخول إلى ملكوت الله الأسمى ،، فآتوه حقه ولا تقرأوه كما تقرأون كلام البشر

وختاماً الحمد لله رب العالمين

اخوكم
ابو فيصل
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله تعالى خيرا أخي خالد وعلمنا واياك العلم النافع...انه سميع الدعاء.
ذكر الدكتور عمربن سليمان السنيدي في كتابه النافع بأذن الله تعالى(تدبرالقرآن)(التدبر
في اللغة هو النظر في عاقبة الامر والتفكر فيه قال الله تعالى(أفلم يدبروا القول)المؤمنون
ومعناه تفهم معاني ألفاظه والتفكر فيما تدل عليه آياته.......ثم يقول-وانتفاع القلب بذلك
بخشوعه عند مواعظه.....).
ثم يقول بعد ذلك ويستفاد من كلام العلماء في معنى التدبر-(أن تدبر القرآن يشمل الأمور
التالية-1-معرفة معاني الألفاظ2-تأمل ماتدل عليه الآية اوالآيات3-اعتبار العقل بحججه
وتحرك القلب ببشائره وزواجره4-الخضوع لإوامره).
أخي الكريم..أبا فيصل..الالفاظ التي أستخدمتها تشبه ألفاظ الصوفية خاصة قولك-(عندها
وعندها فقط تشعر بالأتصال الذاتي بينك وبين صاحب هذا الخطاب) أخي العزيز ان الله
سبحانه أعظم من هذا الكلام فلا ينبغي ان نتكلم عنه بهذه الألفاظ...والله تعالى أعلم.

البهيجي
 
بسم1
أولا وباديء ذي بدء ،، أشكر لك اخي الكريم تنبيهك الذي إن دل على شي إنما يدل على ( الخشية المباركة من الوقوع في المحاذير مع رب العالمين سبحانه وتعالى عن كل ما سواه ).
ولكن اسمح لي أن أوضح لشخصك الكريم بعض الأمور الواجب إيضاحا في هذا السياق ، وليكن ذلك من خلال ما تفضلت بإيفاده في ردك الكريم
قلت :
ذكر الدكتور عمربن سليمان السنيدي في كتابه النافع بأذن الله تعالى(تدبرالقرآن)(التدبرفي اللغة هو النظر في عاقبة الامر [ ١ ] والتفكر فيه قال الله تعالى(أفلم يدبروا القول)المؤمنون
ومعناه تفهم معاني ألفاظه [ ٢ ] والتفكر فيما تدل عليه آياته .[ ٣ ].....ثم يقول-وانتفاع القلب بذلك
بخشوعه عند مواعظه.....).
ثم يقول بعد ذلك ويستفاد من كلام العلماء في معنى التدبر-(أن تدبر القرآن يشمل الأمور
التالية-1-معرفة معاني الألفاظ2-تأمل ماتدل عليه الآية اوالآيات3-اعتبار العقل بحججه
وتحرك القلب ببشائره وزواجره4-الخضوع لإوامره).

اقول وبالله التوفيق
[ ١ ] النظر في عاقبة الأمر لا يتأتى إلا بإدراك الأمر ذاته إدراكاً كاملاً .
فكيف تدرك عاقبة أمرٍ ما وانت لا تفهمه ..؟
قال تعالى { وكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً}والتدبر سمي تدبراً لأنه ينظر للأثر المستقبلي الذي سيخلفه الحدث إذا أدبر وأصبح من الماضي
(أي استشراف المستقبل من خلال قرائة الحاضر )
وذلك لا يكون إلا بعد خطوتين هامتين هما < التأمل أولاً ، والتفكر ثانياً >

[ ٢ ] ورد في دليلك ان معنى التفكر هو تفهم معاني الألفاظ
فكيف تتفهم المعاني وتدرسها بعد ان عرفت ماذا سيكون تأثيرها ..؟
قال تعالى { أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ }
التفكر هو دراسة كل شي يحتاج لفهمه وفق معايير عقلية تتوافق مع نوع المدروس
( أي فهم الألفاظ كما يجب أن تُفهم وفق قواعد اللغة العربية والبلاغة )
وهذه الخطوة لا تأتي بثمارها كما ترجوا إلا بعد التهيئة النفسية والعقلية لذلك .
[ ٣ ] كثير من الناس يخلط بين التفكر والتأمل على اعتبار أنهما كلمتين مترادفتين لمعنىً واحد ، وهذا خطأ
والصحيح أن التأمل من مهام العين فأنت تتأمل في منظر الطبيعة الجميلة بعينيك لتريح عقلك ، ولا تفكر في الطبيعة الجميلة بعقلك
والتأمل في كلام الله عز وجل قبل تشغيل مدارك العقل فيه ضرورة لابد منها ، وذلك لتهيئة النفس والعقل للدراسة بهدوء وتأني
- يقال : تأمل حال فلان .. أي انظر بعينيك لحال فلان


وأخيراً وليس آخراً
لقد اقتبست من كلامي في ردي الأول
(عندها وعندها فقط تشعر بالأتصال الذاتي بينك وبين صاحب هذا الخطاب) أخي العزيز ان الله
سبحانه أعظم من هذا الكلام فلا ينبغي ان نتكلم عنه بهذه الألفاظ...والله تعالى أعلم.

إن كنت أخي الكريم قد أنكرت كلمة الإتصال الذاتي ،، فقل لي رجاءً ماذا تفعل في الصلاة ؟
ثم قل لي حفظك الله لماذا سميت الصلاة بهذا الاسم ؟ ( ما مصدر كلمة الصلاة ؟ وماذا تعني ؟ )


اللهم اهدنا لأحسن القول وارزقنا اتباعه ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

أخوك المحب في الله
ابو فيصل
 
بسم الله الرحمن الرحيم الأخ ابا فيصل....أحبك الله تعالى الذي أحببتني لأجله وجزاك الله جل جلاله خيرا على ماكتبت... أخي الكريم....لم أقل اني أختلف معك ولكن أرى والله تعالى أعلم ان الالفاظ المستخدمة غير شائعة لدى أهل العلم.....اما بالنسبة لسؤالك الكريم عن الصلاة...فالصلاة في اللغة الدعاء وفي الشرع هي عبادة مخصوصة لله تعالى تبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسليم(بأيجاز)..اما كلمة (اتصال) فمن معانيها الالتصاق تقول (اتصل الكرسي بالطاولة) اي التصق بها(موقع المعاني) والله تعالى أعلم..... وان من غلاة الصوفية فرقة يسمون بالحلولية اتباع ابن عربي الصوفي كانوا يعتقدون ان الله سبحانه قد حل في كل مكان وهذا لايجوز فأن الله سبحانه مستوي على عرشه بائن عن خلقه علمه وسع السموات والارض...ولذا فأن الالفاظ التي نستعملها في وصف الله سبحانه أو بعبادته يجب ان تكون وفق ألفاظ القرآن الكريم والسنة الصحيحة...وأدعوك أخي الكريم أن تشارك معي في هذاالموضوع وفق ماأوضحت سابقا وجزانا الله تعالى خيرا واياكم والسلام عليكم. البهيجي
 
بسم1
أخي العزيز البهيجي حفظك الله
إسمح لي أن أذكْر أن الموضوع الرئيسي عن التدبر في كتاب الله ، وقد اتخذ السياق منحى آخر يتحدث عن الصوفية واعتقاداتهم وفئاتهم ، وأنا يا أخي الغالي لا افهم في علوم الصوفية أو غيرهم من الطوائف الأخرى وصحة الصحيح في اعتقاداتهم وخطأها .
لذا فحرصاً مني على أسس موضوعك الرئيسي [ التدبر في كتاب الله ]

لقد أوردت في ردي الاول السبل الصحيحة لفهم كلام الله عز وجل كما مر بالتجربة والبرهان ، وليس بسبب توافق بعض الكلمات في قول إنسان مع عبارات فئةٌ من الناس او طائفةٌ ما ، بمدعاة لهجر حديثه ونبذه ، خصوصاً إذا كان معنى كلامي يختلف عن الصوفية وعن غيرها من الطوائف الاخرى

وبالعودة لأساس الموضوع وحتى لا يأخذ الموضوع اتجاه اخر ، فإني اختصر في الآتي :-
اقول وبالله التوفيق
لفهم القرآن الكريم وفهم ألفاظه العظيمة .. سلوك يجب اتخاذه ، وهذا السلوك في واقع الحال هو لتعظيم كلام الله سبحانه وهو على النحو التالي :-
١- عند الرغبة في تدبر القرآن الكريم يجب أن تهيء نفسك تهيئة جيدةً وترتقي بها من مستوى الفهم البديهي المتبع مع كلام البشر إلى مستوى الفهم السامي ، لأنك تتعامل مع كلام رب البشر
فليس من الطبيعي ان تحاول أن تفهم كلام الله عز وجل القرآن الكريم بنفس مستوى فهمك لمقال احدهم في جريدة ،
إذ انه يجب أن تهيء نفسك تماماً لمحاولة فهم كلام الحكيم الخبير سبحانه ، وهذه التهيئة تسمى [ التأمل ] وهي أنك تنظر إلى كلام الله في كتابه الكريم وتستشعر عظمة هذا الخطاب في نفسك حتى يتفاعل فكرك ويتهيأ للتمعّن والتفكر فيه .
٢- بعد أن هيأت نفسك للتفكر في معاني كلام الله ، بالتأمل فيه من خلال النظر إليه بإعجاب وتقديس وتعظيم ( فهو كلام الله عز وجل ) ، فإنه بطبيعة الحال سيرد في ذهنك أسئلة حول اختيار المولى عز وجل للألفاظ في مواضع دون أخرى وعن السبب .. ويسمى هذا [ التفكر ]
مثال ~ لماذا اختار عز وجل لفظة ( تنفد ) بدلاً من ( تنفذ ) .. فالناس يتخذون كلمة ( نفذ ) على انتهاء الكميه . ولكن بالرجوع للقاموس نجد أن النفاذ تعني خروج الشيء عبر شيء آخر ( يقال نفذ السهم من صدره ، أي أنه دخل من ظهره وخرج من صدره )..( بينما معنى النفاد هو انتهاء الكمية ، يقال نفد الملح من المنزل اي لم يبق منه شيء في المنزل )
وللتفكر طرق أخرى أيضاً في طرح التساؤلات غير المثال السابق ،
والعقل يورد تلك التساؤلات ليبحث عن مواطن الجمال في الخطاب الإلهي كما فهم سابقاً من خلال التأمل بأن لهذا الكلام جمال ليس كجمال خطاب البشر فهو يبحث عن مواطن الجمال من خلال التساؤل كمن يبحث عن اللؤلؤ في الأصداف في قاع البحر
٣- عندما يصل العقل إلى ما يمكنه الوصول اليه من فهم وإدراك لمعاني كلام الله عز وجل ، فإنه ينتقل إلى المرحلة الأخيرة وهي مرحلة [ التدبر ]وهي محاولة فهم ماهو هدف الخطاب في الآية أو الآيات المتدبرة ، والبحث عن الحكمة فيها ، وكما قال الله تعالى ( ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيرا) وكما قال الرسول الكريمصلى الله عليه وسلم ( الحكمة ضالة المؤمن ) . وليس أفضل من القران للباحث عن الحكمة

إذاً نخلص إلى أن التعامل السليم مع القرآن الكريم يسير على ثلاث خطوات هي :-
١- التأمل - والهدف منه تهيئة النفس والعقل للتعامل مع كلام الله كما يجب - وطريقته قراءة الآية أو الآيات المراد تدبرها بتأني وهدوء تام وتكرار ذلك مرات حتى تهنأ النفس وتطمئن لكلام ربها ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب )
٢- التفكر - والهدف منه الفهم الشبه كامل لإستحالة الفهم الكامل لكلام الله على أي من البشر - وطريقته البحث والإجابة عن التساؤلات التي سيوردها العقل في سبيله للتوصل للفهم
٣- التدبر - والهدف منه معرفة ماذا على الانسان من أوامر ونواهي وإدراك الحكمة الربانية من إيجاد الوجود ومن ثم الحكمة من وجود الانسان نفسه - وطريقته استشراف آثار الحدث ومعرفة ماذا سينتج عن فعل كل فعل قبل فعله ليتضح للإنسان سبل الخير فيسلكها ويتضح له سبل الشر فيجتنبها

هذا
والحمد لله رب العالمين
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله تعالى خيرا...أخي خالد وبارك فيك...
ونستمر بعون الله تعالى...ياكرام...وياكريمات...تعالوا ننظر في أواخر سورة ابراهيم صلى الله تعالى عليه وسلم قال سبحانه(ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار)42 (تشخص)قال الفراء-أي ترفع فيه أبصار أهل
الموقف ولاتغمض من هول ماتراه في ذلك اليوم ،قال عبدالله بن عباس رضي الله تعالى
عنهما-هذا وعيد للظالم وتعزية للمظلوم.قلت-يامن ملئتم الأرض ظلما وجورا قد جاءكم
ماتوعدون.....والى المظلومين اصبروا فأن الله تعالى عليم خبيروقوي عزيز.
والآية التي بعدها(مهطعين مقنعي رءوسهم لايرتد اليهم طرفهم وأفئدتهم هواء)الاهطاع-
هو النظر من غير ان يطرف(يرمش)الناظر (مقنعي رءوسهم)قال الزجاج-رافعي
رءوسهم ملتصقة بأعناقهم.(لايرتد إليهم طرفهم)قال الحسن(ر)-وجوه الناس يوم
القيامة الى السماء لاينظر أحد الى أحد(وأفئدتهم هواء)روي عن ابن عباس-أن القلوب
خرجت من مواضعها فصارت في الحناجر.قلت-كنتم في الدنيا تدمرون وتقتلون وتسفكون
الدماء ويوم القيامة أنتم في ذل وهوان فعيونكم لاترمش ورءوسكم معلقة بالسماء ولاتنظرون لغيركم وقلوبكم وصلت الحناجر فأين تكبركم...وتعاليكم على الناس قال أحدكم-(أنا ربكم
الأعلى) فأين هو الآن؟ اللهم لاتجعلنا منهم..وصبرنا على من ظلمنا!
ونكمل ان شاء الله تعالى والسلام عليكم.

البهيجي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
ونستمر بعون الله تعالى....وفي الآية التي بعدها قال الله تعالى(وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا الى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أو لم
تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال)(ابراهيم44)عن ابن عباس-يريد بالناس هاهنا
أهل مكة،وقال مقاتل-سألوا الرجوع الى الدنيا،لأن الخروج من الدنيا قريب قال الآلوسي-
(ذكر البيهقي عن محمد بن كعب القرظي أنه قال-لأهل النارخمس دعوات يجيبهم الله تعالى
في أربع منها فإذا كانت الخامسة لم يتكلموا بعدها أبدا(ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل الى خروج من سبيل)غافر11فيجيبهم الله عزوجل(ذلكم بأنه إذا دعى الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا....)غافر12ثم يقولون(ربنا أبصرناوسمعنا فأرجعنا
نعمل صالحا إنا موقنون)السجدة12 فيجيبهم جل شأنه(فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا)
السجدة14ثم يقولون (ربنا أخرنا الى اجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل) فيجيبهم
(أولم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من زوال) ثم يقولون(ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير
الذي كنا نعمل)فاطر37فيجيبهم سبحانه(أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكروجاءكم النذير
....)فاطر37 فيقولون(ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين)المؤمنون106
فيجيبهم جل وعلا(اخسؤوا فيها ولاتكلمون)المؤمنون108فلايتكلمون بعدها إن هو الا
زفير وشهيق)انتهى. قلت-أنظر فهذه
من صفات الظالمين يتلونون بحسب الأحوال فهم لما صعقوا بيوم القيامة ورأوا أن دعوة
الرسل هي الحق المبين سألوا الرجوع الى الدنيا وهيهات هيهات(ولو ردوا لعادوا لما
نهوا عنه)الانعام28.
والآية التي بعدها(وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين كيف فعلنا بهم وضربنا
لكم الأمثال)قلت-وهذه من الآيات التي يشيب لها الرأس!فهم رأوا بأعينهم هلاك من قبلهم
ثم سكنوا قصورهم واذا بهم يتكبروا كما تكبر أولئك اللهم نعوذ بك من خزي الدنيا
والآخرة.
والسلام عليكم.
البهيجي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الأخ الكريم ( البهيجي حفظه الله ) في تأملاته في أواخر سورة ابراهيم
يقول المولى سبحانه { ولا تحسبنّ الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار}42

السؤال التفكري هنا - لماذا أضاف الحكيم الخبير سبحانه هنا نون التوكيد برغم أن الأمر نهي عن الاحتساب ( أي نهي عن الضن ).
بعكس نون التوكيد في قوله تعالى { ولتُسْلُنّٓ يومئذٍ عن النعيم }

نأمل من الجميع المشاركة سعياً ل ( حفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده )

 
التعديل الأخير:
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الأخ الكريم ( البهيجي حفظه الله ) في تأملاته في أواخر سورة ابراهيم
يقول المولى سبحانه { ولا تحسبنّ الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار}42
السؤال التفكري هنا - لماذا أضاف الحكيم الخبير سبحانه هنا نون التوكيد برغم أن الأمر نهي عن الاحتساب ( أي نهي عن الضن ).
بعكس نون التوكيد في قوله تعالى { ولتُسْلُنّٓ يومئذٍ عن النعيم }
نأمل من الجميع المشاركة سعياً ل ( حفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده )


يقول علماء اللغة : يؤكد الفعل المضارع كثيرا بعد (لا) النهي - جوازا
وفي الاية الثانية قوله تعالى { ولتُسْلُنّٓ يومئذٍ عن النعيم ) وجوبا
وهناك مسألة مهمة ان نون التوكيد
عملت على زياده عمق المعنى بوقعها الصوتي
(زياده المبني زيادة في المعني )

والله اعلم
 
صدقت ، جزاك الله خيرا

كما وأن نون التوكيد لم تكن في قول الله سبحانه وتعالى { ولا تعدو عيناك عنهم تريد زينة الحياة } لنفس السبب الذي تفضلت بذكره ، إذ أن نون التوكيد لن تزيد في عمق المعنى هنا ، بل إن نون التوكيد لو أضيفت لكلمة ( ولا تعدو ) فأصبحت ( ولا تعدوٓنّ ) فإن النون هنا تصبح زيادة معيبة تشوه السياق اللفظي للآية ، وهنا مكمن الإعجاز اللفظي للقرآن أن لا زيادة في غير موضعها ولا نقصان
فحذف نون التوكيد من ولا تحسبن يؤدي للنقصان ، وزيادتها في ولا تعدو يؤدي لزيادة تعيب المعنى ،
برغم تشابه اللفظتين ( ولا تحسب ، ولا تعدو )

هل من مزيد ..؟
اجل لايزال في القول مزيد من الكنوز ، نرجوا من الجميع البحث عنها واستخراجها .
 
التعديل الأخير:
بسم الله الرحمن الرحيم
جزيتم خيرا...أخي خالد..وأخي عمر...وللتوضيح فأني أرى والله تعالى أعلم أن نحدد
التعليق اللغوي على الآية الكريمة بما نستفاده منه لإستخراج العبر والعظات..لا أن نشرح
قواعد اللغة التي لاتتعلق بالآية الكريمة...هذا من جانب ومن جانب آخر أن نبسط الشرح
اللغوي كي يكون مفهوما من أكبر عدد ممكن من القراء...لذا نقول أن التوكيد في
(لاتحسبن) نوعه (التوكيد الجائز جوازا كثيرا) والفعل فعل طلب(تحسبن) تسبقه(لا)الناهية مثل قولك(لا تؤجلن عمل اليوم الى غد)....وقوله تعالى(لا يغرنك
تقلب الذين كفروا في البلاد)غافر....فمعنى ذلك أن التوكيد جاء بنون التوكيد الثقيلة
ومسبوقا ب(لا)الناهية....وهذا يزيد المظلومين يقينا بأن الله تعالى معهم وهو ناصرهم
ولو بعد حين....والله تعالى أعلم.

البهيجي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله تعالى خيرا...أخي خالد...وبارك فيك أرجو أن لايتبادر لذهنك أني لاأرغب
أن تشارك معي في هذا الموضوع...بل بالعكس أني أدعوك.. وأدعو كافة الأخوة والأخوات للمشاركة في تدبر آيات القرآن الكريم..ولكن الذي قصدته لايخصك..انما
يخص الذين أنشغلوا باللغة وجواهرها وقللوا من شأن العبرة والعظة عندما لم يهتموا
بتذكير الناس بالرجوع الى طاعة الله تعالى..والله تعالى أعلم.
ونستمر بعون الله تعالى...وصلنا الى الآية(وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن
مكرهم لتزول منه الجبال)ابراهيم46 روي عن ابن عباس(رض)-ما كان مكرهم.
قلت-أي ان معنى(إن)هو ما، وروي عنه وعن عكرمة (مكرهم)-شركهم...قلت-
قال الله تعالى في الإسراء(ولاتمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن
تبلغ الجبال طولا)...فهما بلغ دعاة الشرك فإنهم أمام قيوم السموات والأرض
لايصمدون..ومهما تكبروا على المستضعفين..فإن زوالهم لامحالة آت..فكم جبار
قصمه الله سبحانه..وكم ظالم أذاقه الله تعالى الذل والهوان وفي الحديث(...ولكنكم
تستعجلون)...نسأل الله تعالى الصبر واليقين....والله تعالى أعلم.

البهيجي
 
جزاك الله تعالى خيرا...أخي خالد...وبارك فيك أرجو أن لايتبادر لذهنك أني لاأرغب
أن تشارك معي في هذا الموضوع...بل بالعكس أني أدعوك.. وأدعو كافة الأخوة والأخوات للمشاركة في تدبر آيات القرآن الكريم..
بارك الله فيك ، وما أظن في مسلمٍ قط إلا ظن الخير بإذن الله ، ولكن كانت مجرد مداخلة مني في موضوعك الدسم بما فيه من ثراء ، وقد آن وقت الإنصات لكلامك حفظك الله
 
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي خالد أسأل الله الكريم الفتاح العليم أن يمن علي وعليك وكافة أعضاء وعضوات المنتدى..بالخير والحكمة والعلم النافع...أنه سبحانه سميع عليم.
ونستمر بعون الله تعالى.....قال سبحانه(فلا تحسبنَ الله مخلف وعده رسله إنَ الله عزيز
ذو انتقام)ابراهيم47....قال ابن عباس(رض)-يريد بوعده- النصر والفتح وإظهار
الدين.قلت-كأنما رب العالمين يخاطب رسوله(ص)فيقول-كن على يقين سأنصرك كما
نصرت من أرسلت قبلك...فأنما هي أيام وليالي...ثم ترى ماوعدتك بأم عينك اللهم صلي
على محمد وعلى آل محمد!!!
والله تعالى أعلم..والسلام.
البهيجي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته...ونستمر بعون الله تعالى...
قال سبحانه(يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار)ابراهيم48
سألوا رسول الله(ص)أين يكون الناس يومها؟فأجاب-(في الظلمة دون الجسر)مسلم315
وسألته أم المؤمنين عائشة(رض)عن الآية..فأين الناس يومئذ؟قال(ص)-(على الصراط)
مسلم2791 وروي عن ابن مسعود(رض)-إنه تبدل بأرض غيرها بيضاء كالفضة لم
يعمل عليها خطيئة..وكذلك روي عن ابن عباس(رض)(ت القرطبي).
(وبرزوا لله الواحد القهار)روي عنه(ص)-(أن السماء تمطر كمني الرجال فينبتون...)
قلت-هذه الأرض التي ملئتموها ظلما وجورا قد بدلت....والسموات كذلك وقمتم من قبوركم
فأين تذهبون؟أين سلطانكم وقوتكم؟اليوم ينتقم منكم قهار السموات والأرض(أنا الملك أين
ملوك الأرض)...والله تعالى أعلم.

البهيجي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
قال سبحانه(وترى المجرمين يومئذ مقرَنين في الأصفاد)يقال-قرنت الشيءالى الشيء-اذا وصلته به قال ابن عباس(رض)مقرَنين-انهم يقرَنون مع الشياطين وقال ابن زيد-أن أيديهم
وأرجلهم قرنت الى رقابهم،وقال ابن قتيبة-يٌقرَن بعضهم الى بعض.
الأصفاد-الأغلال قاله ابن عباس(رض)وغيره وقال قتادة-القيود والأغلال.(زاد المسير)
قلت-في الآية التي قبلها(.....وبرزوا لله الواحد القهار)أين الجحود..أين التكبر..أين
الأستعلاء في الأرض ملئتموها طغيانا وظلما..تتفاخرون بقتل المستضعفين..فسبحانك
اللهم ياواحد..ياقهار قيدتهم بالقيود وجمعتهم مع الشياطين..وألبستهم الذل والهوان..
لقد أشفيت صدورنا...ياقوي ياعزيز.
والسلام عليكم.
البهيجي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى في سورة إبراهيم(سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار)50
قال أبو عبيدة السرابيل هي-القٌمٌص واحدها سربال،وقال الزجاج السربال-هو كل
ما لٌبس،وروي عن إبن عباس(رض) ان القطران-هو النحاس المذاب،وروي
عن الحسن(ر)-ان القطران هو شيء يتحلب من شجر تٌهنأ(تطلى) به الإبل،
وقال الزجاج(ر)-وإنما جٌعل لهم القطران لأنه يبالغ في أشتعال النار في
الجلود......ثم قال-وإنه حذرهم منه لإنهم يعرفون حقيقته،(وتغشى وجوههم
النار)-أي تعلو وجوههم وتضربها،وخص الوجوه لإنها أشرف ما في البدن
(زاد المسير-وفتح القدير)
قلت-ياسبحان الله كم من ظالم أحرق بظلمه قلوب الناس..ومنهم من أحرقهم
بالنار كأصحاب الإخدود...فثبت جل جلاله المؤمنين...وجعل للكافرين لباسا
يضج عليهم باللهب والنار...ويعلوهم الحريق من كل مكان..وفوق ذلك..
ينادون(فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا) اللهم نعوذ بك من الذل والخسران.
والسلام عليكم.

البهيجي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رب العالمين سبحانه(ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب)إبراهيم51
وهذه الآية للتذكير إنه سبحانه (لايظلم مثقال ذرة)...وإنه عاقب الظالمين بسبب (كسبهم)
وإسرافهم...وإنه تعالى سيجازي المؤمنين بالجنة والمغفرة يوم القيامة....وهذه من صفات
النفس الإنسانية إنها تسعى للكسب(تفسير موضوعي)..(إن الله سريع الحساب)قيل في
معناها-إن محاسبته لبعضهم لاتشغله عن محاسبة الآخرين.
قلت-إنظر لمن وسعت رحمته كل شيء وخلق ما في السموات والأرض لايظلم أحدا
فهو جل جلاله لايفعل مثلما يفعل الظالمون والمتكبرون إنما يكافىء المحسن بالخير
ويعاقب المسيء بما يستحق...ويعفو ويغفر والله تعالى أعلم.

البهيجي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين..وبعد..قال الله تعالى-(هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنَما
هو إلهُ واحد وليذَكر أٌولوا الألباب)إبراهيم52
هذه الآية الأخيرة في سورة إبراهيم...روي عن ابن زيد في(هذا بلاغ)قال-إنه القرآن
وذكر القرطبي(ر)-وسٌئل بعضهم هل لكتاب الله تعالى عنوان؟فقال-نعم،فقيل-وأين هو؟
قال-قوله تعالى(هذا بلاغ للناس ولينذروا به....الآية)(ت القرطبي).
قلت-أنظروا الى حشد اللامات(لينذروا...ليعلموا...ليذكر)كأنما رب العالمين يرسل رسالة
لبني أدم فيقول سبحانه-(إنتبهوا...وكونوا على يقين..وخاصة أصحاب العقول النيرة...
أنما هو إله واحد...فلا يغرنَكم الشيطان وجنده...فيسوقكم الى جهنم...ثم يتبرأ منكم...
ولا ينفع الندم يومئذ) سبحانك ياكريم لقد بلغتنا بكتابك..وبلغ عنك رسولك اللهم صل عليه
وآله..فنعوذ بالله السميع العليم من خزي الدنيا والآخرة.والسلام عليكم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...ونبدأ بخواتيم سورة الحجر بعون الله تعالى....
قال سبحانه(ولقد ءاتينك سبعا من المثانى والقرآن العظيم) روى البخاري وغيره(الحمد
لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أٌوتيته)قال ابن القيم(ر)عن الفاتحة
-(اعلم أنها أشتملت على أمهات المطالب العالية......فاشتملت على التعريف بالمعبود
سبحانه بثلاثة أسماء مرجع الأسماء الحسنى......وهي الله-رب العالمين-الرحمن الرحيم
وبنيت السورة على الإلهية والربوبية والرحمة فإياك نعبد للإلهية وإياك نستعين للربوبية
وطلب الهداية بصفة الرحمة)التفسيرالقيم-بتصرف وذكر الواحدي( أن سبب نزولها أن
سبع قوافل وصلت المدينة لليهود فقال بعض المسلمين-لو كانت هذه الأموال لنا لتقوينا
بها وأنفقناها في سبيل الله تعالى فأنزل سبحانه هذه الآية)بتصرف قال ابن الانباري-
(آتيناك السبع آيات التي تٌثنَى في الصلاة)زاد المسير قلت-(أنظروا ياكرام وياكريمات
الى رحمة رب العالمين بعباده يتمنون الدنيا وزينتها فينزل لهم ما يجمع خير الدنيا
والآخرة آيات كريمات تٌتلى الى قيام الساعة هي أعظم سورة في القرآن هي الكافية
الشافية......اللهم أهدنا الى حمد يوافي نعمك) والسلام عليكم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...قال الله تعالى في الآية التي بعدها(لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين)88
روي عن ابن عباس(رض)-نهى الرجل ان يتمنى مال صاحبه،وعن سفيان بن عيينة
قال-من أٌعطي القرآن(يقصد الآية التي قبلها)فمد عينه الى شيء ما صغَر القرآن فقد
خالف القرآن-فتح القديرللشوكاني.قال القرطبي-(قد أغنيتك بالقرآن عما في أيدي الناس)
ثم قال-(ولم يكن في دين رسول الله محمد اللهم صلِ عليه وآله الرهبانية ولهذا فإنه قال
-حٌبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجٌعلت قٌرة عيني في الصلاة-صحيح الجامع3098
)ت القرطبي بتصرف.(ولا تحزن عليهم)قال ابن الجوزي-(قولان الاول-لاتحزن عليهم
إن لم يؤمنوا،والثاني-لاتحزن بما أنعمتٌ عليهم في الدنيا)زاد المسير.
(وقيل لاتحزن إن صاروا الى العذاب فهم أهل العذاب)ت القرطبي.
(واخفض جناحك للمؤمنين)(قال ابن عباس(رض)-(ارفق بهم ولا تٌغلظ عليهم)،والمعنى-
(ألِن جانبك لهم)زاد المسير.قلت-(مثل هذه الآية جاءت في الكهف-ولاتعد عيناك عنهم
تريد زينة الحياة الدنيا-وفي طه-ولاتمدن عينيك الى ما متعنا به أزواجا منهم-
كأنما يقول سبحانه لنبيه اللهم صلِ عليه وآله-أمسك عليك عينيك فعما قريب
تقوم قيامتهم ويرحلون...فلا ينفعهم متاعها..ولاتحمل هما ولا غما..فأنت على
رشاد وهم في فساد...ولديك كتاب...يفوق كل مالديهم من أسباب...فترفق بمن
معك من المؤمنين...ففيهم الخير والصلاح...وان ملكوا من الدنيا القليل)
والسلام عليكم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
ونستمر مع خواتيم سورة الحجر قال الله تعالى(وقل إني أنا النذير المبين(89)كما أنزلنا
على المقتسمين(90)الذين جعلوا القرآن عضين(91))
وفي الذاريات(ففروا الى الله إني لكم منه نذير مبين(50)ولا تجعلوا مع الله إلها ءاخر إني
لكم منه نذير مبين(51))وفي الحديث(

[TABLE="width: 100%"]
[TR]
[TD="width: 295, bgcolor: #FFFFFF"]مثلي ومثل ما بعثني الله كمثل رجل أتى قوما فقال رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان فالنجا النجاء فأطاعته طائفة فأدلجوا على مهلهم فنجوا وكذبته طائفة فصبحهم الجيش فاجتاحهم)وذكر القرطبي-سبعة أقوال في(المقتسمين)الاول-قال مقاتل والفراء-
هم ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم فاقتسموا أعقاب مكة وأنقابها
وفجاجها يقولون لمن سلكها-لا تغتروا بهذا الخارج فينا يدعي النبوة.......فأماتهم الله
شر ميتة....) (الذين جعلوا القرآن عضين)(جمع عضة من عضى الشاة إذا جعلها أجزاء
فيكون المعنى-الذين جعلوا القرآن أجزاء متفرقة بعضه شعر وبعضه سحر وبعضه
كهانة....)....قلت-(نهى الله تعالى رسوله اللهم صلِ عليه وآله في الآية التي قبلها من
التطلع الى متاع الكفار وأمره في هذه ان ينذرهم ويحذرهم ان الدنيا متاع زائل وهي
فانية مهما طالت فلا تغركم وتغريكم بالتشهير برسول الله وتسمونه ساحر أو شاعر
ومثل ذلك تفعلون مع القرآن العظيم فتجعلون منه الشعر أو السحر أو الكهانة....
فلماذا هذه الحيرة والتخبط...والتكبر على آيات الله تعالى....؟ فما أحلى الإيمان برب
العالمين....وإتباع رسوله اللهم صلِ عليه وآله)...والله تعالى أعلم.
[/TD]
[/TR]
[/TABLE]
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين....اما بعد...ونستمر في سورة الحجر(
( فوربك لنسألنهم أجمعين ( 92 ) عما كانوا يعملون ( 93 ) )ذكر ابن الجوزي في زاد المسير عن أبي العالية-يٌسأل العباد كلهم يوم
القيامة عن خٌلتين-عما كانوا يعبدون،وعما أجابوا المرسلين.وذكر اهل التفسير عن
أنس وعن عبدالله بن عمر اللهم أرض عنهم-يٌسألون عن لاإله إلاالله،وهذه مثل قوله
تعالى-(وقفوهم إنهم مسئولون)الصافات24.
قلت-(فمتى يعلم المتكلمون بظلم وباطل وإستكبار والظالمون....ان من ورائهم وقفة
وسؤال...أمام قيوم السموات والارض...وفي يوم شديد...ولحظات عسيرة...يقول فيها
عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام-اللهم نفسي نفسي لاأسألك مريم التي ولدتني.
فهذا عيسى...فماذا نقول نحن..حسبنا الله ونعم الوكيل).والسلام.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...اما بعد...قال الله تعالى(
فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْناك الْمُسْتَهْزِئِينَ(95)
وذكروا عن عبدالله(رض)-مازال النبي اللهم صلِ عليه وآله مستخفيا حتى نزلت(فاصدع
بما تؤمر)فخرج هو وأصحابه،قال القرطبي(
فاصدع بما تؤمر أي بالذي تؤمر به ، أي بلغ رسالة الله جميع الخلق لتقوم الحجة عليهم )
ذكر الالوسي ان أحدهم سمع الآية فسجد فقيل له-لم سجدت؟
قال-لبلاغة الكلام،قلت-كأنما رب العالمين يقول لرسوله-أجهر..وبلغ..وأسمعهم...ان الله
واحد أحد لا كما يقولون...فإن أعترضوك...فلا تبالي بهم..فإن معك...من خلقهم وهو
أعلم بهم.(انا كفيناك المستهزئين)ذكروا انهم خمسة من عتاة كفار قريش أهلكهم الله تعالى
بيوم وليلة...قيل ان المعنى اني معك كما كفيتك أٌولئك سأكفيك غيرهم...وكيف لا أكفيك
وهم يعبدون غيري..فمثل ما عادوك عادوني..واني معك عليهم!!!
(الذين يجعلون مع الله آلها آخر فسوف يعلمون96) جاءوا بأعظم الظلم وبأبشعه..وفي الأثر
-(أخلق ويٌعبد غيري..أرزق ويٌشكر سواي..خيري للعباد نازل..وشرهم إلي صاعد)
فإلى الله تعالى المشتكى ولاحول ولا قوة إلا بالله.....والله تعالى أعلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...اما بعد...وصلنا لقوله تعالى(
( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون ( 97 ) فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين ( 98 ) وقد أجاد صاحب التحريروالتنوير رحمه الله تعالى بقوله(لما كان الوعيد مؤذنا بإمهالهم قليلا كما قال تعالى ومهلهم قليلا كما دل عليه حرف التنفيس في قوله تعالى فسوف يعلمون طمأن الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأنه مطلع على تحرجه من أذاهم وبهتانهم من أقوال الشرك وأقوال الاستهزاء فأمره بالثبات والتفويض إلى ربه ; لأن الحكمة في إمهالهم ، ولذلك افتتحت الجملة بلام القسم وحرف التحقيق ) انتهى ثم ذكره سبحانه بالدواء الشافي والبلسم الراقي وهو تسبيحه سبحانه والسجود بين يديه ولهذا قال
رسول الله اللهم صلِ عليه وآله(...وجٌعلت قرة عيني بالصلاة) وقال(....فأعني على نفسك بكثرة السجود)...والجمهور-ان
لاسجود في هذه الآية.قلت-كأنما يقول رب العالمين لرسوله(لسنا غائبين عن ضيقك وحزنك بل نحن نعلمه ودواؤه في
التسبيح والسجود....فاصبر إنما هي دنيا فانية)....والله تعالى أعلم.

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...اما بعد...قال الله تعالى (
وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ ﴿٩٩﴾)
أجمع أهل التفسير على أن (اليقين) هو الموت وقد أعتمدوا على قوله تعالى (......وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين)....وان ذكروا ان بعض
غلاة الصوفية قد فسروه اي اليقين بأنه درجة إيمانية إذا وصلها العبد سقط عنه التكليف وقد رده بعضهم بقوله تعالى(وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت
حيا)
وقد روى جبير بن نفير عن أبي مسلم الخولاني أنه سمعه يقول إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ما أوحي إلي أن أجمع المال وأكون من التاجرين لكن أوحي إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين .
فليسمع هواة جمع المال...وهواة جمع النساء...وهواة جمع العقارات...وهواة السفر الى تايلند وجزر الجنس والقمار...
ان هذه الدنيا فانية زائلة رضي من رضى وأبى من أبى.....قلت-كأنما رب العالمين يقول لرسوله(أٌعبدني...وتقرب إلي...وأٌسجد...
ولا يٌحزنك إعراضهم...وتمردهم...فهذا ليس بجديد...ولاتترك عبادتي الى الموت...فإنك بحاجة لعبادتي ما دمت حيا)....
اللهم صلِ على محمد وآل محمد...والسلام.


 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...اما بعد...فقد قرأت مقالة للدكتور عمر بن عبد الله المقبل في موقع
الهيئة العالمية للتدبر القرآن الكريم بعنوان(رسالة من السماء..فمن يعقلها) أحببت ان
أنقلها لكم -
(
كم نحن بحاجة أن نعيد النظر في طريقة تلقينا لرسائل السماء، مع ما نعتقده من الخير لمن قرأه وإن لم يتدبر، ولكننا -أيضاً- نعتقد أن البون شاسع بين قارئ متدبر، حرّك القرآنُ قلبَه، وأثّر في حياته وسمْته وسلوكه، وبين قارئٍ حظه من قراءته الهذُّ والهذرمة!

أيها المحب لكلام ربه تأمل هذه الرسالة الإلهية:
{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}[الزمر:23].
إنها رسالة تقص علينا صِفة الأبرار، عند سماع كلام الجبار، المهيمن العزيز الغفار؛ لما يَفهمون منه من الوعد والوعيد، والتخويف والتهديد؛ تَقشعر منه جلودهم من الخشية والخوف ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله لما يَرجون ويُؤمِّلون من رحمته ولطفه، فهم مخالفون لغيرهم من الكفار من وجوه:
أحدها: أن سماع هؤلاء هو تلاوة الآيات، وسماع أولئك نَغَمات لأبيات، من أصوات القَيْنات.
الثاني: أنهم إذا تليت عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً، بأدب وخشية، ورجاء ومحبة، وفهم وعلم، كما قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}[الأنفال:2-4]وقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا}[الفرقان:73] أي: لم يكونوا عند سماعها متشاغلين لاهين عنها، بل مُصغين إليها، فاهمين بصيرين بمعانيها؛ فلهذا إنما يعملون بها، ويسجدون عندها عن بصيرة لا عن جهل ومتابعة لغيرهم - أي يرون غيرهم قد سجد فيسجدون تبعا له -.
الثالث: أنهم يَلزمون الأدب عند سماعها، كما كان الصحابة -رضي الله عنهم- عند سماعهم كلامَ الله من تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم تقشعر جلودُهم، ثم تلين مع قلوبهم إلى ذكر الله.
لم يكونوا يتصارخُون ولا يتكلّفون ما ليس فيهم، بل عندهم من الثبات والسكون والأدب والخشية ما لا يلحقهم أحد في ذلك؛ ولهذا فازوا بالقِدح المُعَلّى في الدنيا والآخرة"[ تفسير ابن كثير(7/ 94)].
هكذا كانوا:
إن المتأمل لسيرة السلف الصالح مع هذا الكتاب العظيم ليجد أنه خالط شَغاف قلوبهم، وامتزج بلحمهم وعظمهم ودمائهم ..
تأمل هذا الأثر العميق في دلالته .. والذي يحكيه عبد الله بن عروة بن الزبير قال: قلت لجدتي أسماء رضي الله عنهما: كيف كان يصنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرؤوا القران؟ قالت: كانوا كما نعتهم الله تعالى تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم" [ تفسير ابن أبى حاتم: (10/ 3249)].
وجاء حديثٌ لا يُمَلُّ سماعُهُ *** شهيٌّ إلينا لا نروم فراقه
خجل وحسرة:
إنني لأقرأ هذا الأثر وأمثاله من الآثار فأشعر بخجل، وحسرة!
أما الخجل فمن الله، الذي قرأنا كتابه سنوات طويلة، بل وحفظه بعضنا عن ظهر قلب، ولا نجد مثل هذه الأحوال التي حكتها أسماء رضي الله عنها!
أما الحسرة، فعلى قلبٍ ما تلذذ به تلذذاً تظهر آثاره على العين والجلد! فواغوثاه بالله!
إن مُضِي السنين على الإنسان من دون أن يَجد لهذا القرآن، ولتلك الرسائل الربانية أثراً واضحاً على حياته، لهو مؤشر على علةٍ بل علل حالت دون ظهور الأثر!
إننا-بفطرتنا- إذا كان عندنا مريض لم يستجب لعلاج يستجيب لمثله أضرابه من المرضى، فإننا مباشرة نذهب ونبحث عن سبب لعدم تقبل هذا الجسم لذاك العلاج .. لكن-يا أمة القرآن- متى ذهبنا نبحث عن سبب عدم تأثر بقلوبنا بأعظم علاج نزل من السماء لأهم قطعة على الأرض (القلب)؟.
ألسنا نوقن بما وصف الله به هذا الكتاب من أنه: حياة .. وشفاء .. ونور؟! إذن: أين الأثر؟
دعونا نفترض أن أقل مسلم لا يقرأ سوى جزء واحد في اليوم، فلننظر ـ بعد أسبوع ـ في بعض الآيات الني مرّت على قارئ هذه الأجزاء السبعة، والتي تكفي الواحدة منها أن تغير حياته من سيئ إلى حسن، ومِن حسن إلى أحسن ..
هل أثرت فيك؟:
أيها القارئ حدثني- بارك الله فيك- عن الأثر الذي أحدثه فيك قول الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ}[البقرة: من الآية235]، وقوله: {ويحذركم الله نفسه}[آل عمران:28].
واسأل نفسك عن الأثر الإيماني الذي أحدثه فيك قوله تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ}[البقرة:266] هل صارت هذه الآية سبباً في مراجعة إخلاصك لله عز وجل في أعمالك حتى لا تكون مثل هذا الرجل الذي ضربه الله مثلاً ..
أم ماذا عن أثر قول ربك تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً}[النساء:27] ماذا أحدث لك في شهرك هذا الذي تَروج فيه سُوقُ أهل الشهوات بما يُروجون من برامج ومَشاهد تشغل الناس عن عباداتهم؟ وتفتح لهم المجال في إطلاق أسماعهم وأبصارهم ..؟
وصدق الله: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً}.
وحدثني عن موقفك من هذا النداء الإلهي الذي لطالما تكرر على أذنك: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}[النساء:82].
وإذا انتقلت إلى سورة الأنعام- نهاية الجزء السابع- فإنك واجدٌ فيها ما يهز الجبال!
فيا رعاك الله! ما الذي أََحدث في نفسكم ما قرأتَه من قول المولى آمراً نبيه: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الأنعام:15]؟! لقد قالها بأبي هو وأمي مرتين: في الأنعام ويونس وفي الزّمَر، فكم قُلتَها أنت حينما دعتك شهوتك لممارسة معصية أو ارتكاب محرم؟!
وفي السورة نفسها يأتيك ذلك الخبر المتضمن الترغيب والترهيب والتقريع .. كل ذلك في سطر واحدٍ فأي أثر أحدثه لك؟! إنه قول الله تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ}[الأنعام:32].
كم نحن بحاجة أن نعيد النظر في طريقة تلقينا لرسائل السماء، مع ما نعتقده من الخير لمن قرأه وإن لم يتدبر، ولكننا -أيضاً- نعتقد أن البون شاسع بين قارئ متدبر، حرّك القرآنُ قلبَه، وأثّر في حياته وسمْته وسلوكه، وبين قارئٍ حظه من قراءته الهذُّ والهذرمة!
اللهم ارزقنا تعظيم كتابك، وفهمه، والعمل به، والحمد لله رب العالمين.م ....والسلام عليكم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين....اما بعد....ونبدأ بعون الله تعالى..بتدبر خواتيم سورة النحل قال
رب العالمين(إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( 120 )
رسول الله تعالى إبراهيم اللهم صلِ عليه.....روى البخاري عنه اللهم صلِ عليه وآله
(
يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة ، وعلى وجه آزر قترة وغبرة . فيقول له إبراهيم : ألم أقل لك لا تعصني . فيقول له أبوه : فاليوم لا أعصيك . فيقول إبراهيم : يا رب إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون ، وأي خزي أخزى من أبي الأبعد . فيقول الله : إني حرمت الجنة على الكافرين ،...........) ذكر ابن كثير في تفسيره..(....وضعوا إبراهيم عليه السلام في كفة منجنيق صنعه لهم رجل من الأكراد يقال له هيزن ، وكان أول من صنع المجانيق فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ، ثم أخذوا يقيدونه ويكتفونه ، وهو يقول : لا إله إلا أنت سبحانك ، لك الحمد ولك الملك لا شريك لك . فوضعوا الخليلعليه السلام في كفة المنجنيق مقيدا مكتوفا ، ثم ألقوه منه إلى النار قال : حسبنا الله ، ونعم الوكيل . كما روى البخاري ، عن ابن عباس أنه قال : حسبنا الله ونعم الوكيل . قالها إبراهيم حين ألقي في النار ، وقالها رسول الله محمد اللهم صلِ عليه وآله حين قيل له : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء [ آل عمران : 173 - 174 ] . الآية . ) بتصرف.
قلت- ان أخبار الخليل ليرق لها القلب...وتدمع لها العين...وتقل معها وحشة الطريق...
​ والله تعالى أعلم.


 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...اما بعد..فلا نزال نتدبر في خواتيم سورة النحل
قال سبحانه(
إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )120
أٌمَة-(
قال ابن عباس : كان عنده من الخير ما كان عند أمة ،وقال مجاهد : سمي أمة لانفراده بالإيمان في وقته مدة ما . وفي البخاري أنه قال لسارة : ليس على الأرض اليوم مؤمن غيري وغيرك . )البحرالمحيط لإبي حيان.وعن ابن مسعود(رض)(الأمة الذي يعلم الناس الخير ، والقانت : الذي يطيع الله ورسوله . ) قلت-(هكذا يكون الفضل...والإختيار...إجتبى سبحانه إبراهيم من
جميع خلقه على أرضه...وأودعه توحيده والإخلاص إليه...فقام به كما تقوم أٌمة...وخاض بالنار ولايبالي..لإنه إعتصم برب
النار منها...فنصره سبحانه وسلمه..حتى قال أبوه-نعم الرب ربك ياإبراهيم).
(قانتا لله) (
رَجُلٌ قَانِتٌ :- : مُتَعَبِّدٌ وَمُطِيعٌ لِلَّهِ )
معجم المعاني وفيه أيضا(قانتا لله)(
أطاعَ اللهَ وخشع له وأقَرَّ بالعبوديّة :-( مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القانت الصّائم أي المُصلِّي)حديث ، - { يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ } - { فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ }
)
أَفْضَلُ الصَّلاَةِ طُولُ الْقُنُوتِ [ حديث ]، - { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } - { أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ ءَانَاءَ الْلَّيْلِ }
قال الراغب-القنوت
لزوم الطاعة مع الخضوع. قلت-أٌنظر الى طاعة إبراهيم وخضوعه ألقاه قومه في النار فصبر وأحتسب..فأنجاه سبحانه..
ثم إمتحنه بترك إمرأته وولده وحدهما في مكة..فتركهما ولايبالي...ثم أمره سبحانه بذبح ولده...فسلم وخضع...(
قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ)....والله تعالى أعلم.


 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...اما بعد...(حنيفا) ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى-(الحنيف هو
المقبل على الله تعالى المعرض عن كل ما سواه).....وذكر ابن كثير في تفسير الآية
(
وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ( 135 )البقرة

(
وقال أبو العالية : الحنيف الذي يستقبل البيت بصلاته ، ويرى أن حجه عليه إن استطاع إليه سبيلا .

وقال مجاهد ، والربيع بن أنس : حنيفا ، أي : متبعا . وقال أبو قلابة : الحنيف الذي يؤمن بالرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم .

وقال قتادة : الحنيفية : شهادة أن لا إله إلا الله . يدخل فيها تحريم الأمهات والبنات والخالات والعمات وما حرم الله ، عز وجل والختان . ) قلت- الحنيف....كأنما تشرب قلبه بالتوحيد...وتخلى عن العبيد...وخاف من الوعيد...فأقبل ساجدا لايحيد....اللهم اجعلنا واعضاء الملتقى
وعضواته من الحنفاء السعداء في الدنيا والآخرة....ياكريم.

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...اما بعد...قال الله تعالى(
شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )( 121)النحل قال ابو حيان في البحر المحيط -(شاكرا لأنعمه : روي أنه كان لا يتغدى إلا مع ضيف ، فلم يجد ذات يوم ضيفا فأخر غداه ، فإذا هو بفوج من الملائكة في صورة البشر ، فدعاهم إلى الطعام ، فخيلوا أن بهم جذاما فقال : الآن وجبت مؤاكلتكم ، شكرا لله على أنه عافاني وابتلاكم...) .........وقال الرازي في تفسيره(فإن قيل : لفظ الأنعم جمع قلة ، ونعم الله تعالى على إبراهيم - عليه السلام - كانت كثيرة . فلم قال : ( شاكرا لأنعمه ) ؟

قلنا : المراد أنه كان شاكرا لجميع نعم الله إن كانت قليلة ، فكيف الكثيرة !

الصفة السادسة : قوله : ( اجتباه ) أي : اصطفاه للنبوة . والاجتباء : هو أن تأخذ الشيء بالكلية ، وهو افتعال من جبيت ، وأصله جمع الماء في الحوض ، والجابية : هي الحوض .

الصفة السابعة : قو له : ( وهداه إلى صراط مستقيم ) أي : في الدعوة إلى الله ، والترغيب في الدين الحق ، والتنفير عن الدين الباطل ، نظيره قوله تعالى : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ) [الأنعام : 153] .)
قلت-أٌنظر الى أبي الأنبياء أتصف بالشكر والحمد على كل صغيرة وكبيرة....فلما رأى منه خالقه سبحانه ذلك زاده فاجتباه
(
( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ( 7 ) )(ابراهيم)
ثم زاده أكثر فهداه الى طريق قويم غير معوج.......والله تعالى شاكر عليم...والله تعالى أعلم.

 
إذا رأى المؤمن نعمة أُسبغت على أخيه فهو لا يحسده بل يسأل الله من فضله مصداقاً لقوله تعالى "ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض، للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن، واسألوا الله من فضله"
وهذا ما فعله زكريا عليه السلام حين وجد عند مريم رزقاً عجيباً، سارع إلى سؤال الله من فضله
"كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا، قال يا مريم، أنّى لكِ هذا؟ قالت هو من عند الله، إنّ الله يرزق من يشاء بغير حساب، هنالك دعا زكريا ربَّه، قال ربِّ هب لي من لدنك ذريّة طيبة، إنّك سميع الدعاء". وبذلك كان زكريا قد عَمِل بما في القرآن "ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض....واسألوا اللهَ من فضله"ومن أجل ذلك أمرنا الله أن نقتديَ به فقال "وزكريا ويحيى وعيسى.........أولئك الذين هدى الله، فبهداهم اقتده".
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...جزاكم الله تعالى خيرا أخي الكريم الامين الهلالي..وأهل
الله تعالى على أمة المسلمين هلال شهر جمادى الاولى بالنصر واليمن والخير...
فلقد تأملت قوله تعالى(
هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ( 38 ))
ذكر الآلوسي قولا عن سفيان بن عيينة رحمهما الله تعالى-ان بين دعاء زكريا عليه السلام وإجابة الدعاء أربعين أو ستين سنة!!!
وهو نبي من أنبياء الله تعالى فكيف بمن هو دونه....فتبا للتشائم ومن يدعو له فهذا يقول إنتهى العراق ولا تقوم له قائمة بعد اليوم!!!
وذاك يقول إنتهت سوريا ولم تعد دولة.. وكذلك ليبيا...ولكن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل....قال تعالى(
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ( 60 ) ) ذكر ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره-(كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ : يَا مَنْ أَحَبُّ عِبَادِهِ إِلَيْهِ مَنْ سَأَلَهُ فَأَكْثَرَ سُؤَالَهُ ، وَيَا مَنْ أَبْغَضُ عِبَادِهِ إِلَيْهِ مَنْ لَمْ يَسْأَلْهُ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ غَيْرُكَ يَا رَبِّ . ).
(
وَقَالَ قَتَادَةُ : : قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ : أُعْطِيَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ ثَلَاثًا لَمْ تُعْطَهُنَّ أُمَّةٌ قَبْلَهُمْ إِلَّا نَبِيٌّ : كَانَ إِذَا أَرْسَلَ اللَّهُ نَبِيًّا قِيلَ لَهُ : " أَنْتَ شَاهِدٌ عَلَى أُمَّتِكَ " ، وقال تعالى( وَجَعَلْتُكُمْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ) وَكَانَ يُقَالُ لَهُ : " لَيْسَ عَلَيْكَ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ " . وَقَالَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) [ الْحَجِّ : 78 ] . وَكَانَ يُقَالُ لَهُ : " ادْعُنِي أَسْتَجِبْ لَكَ " وَقَالَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ : ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ .)ابن كثير. قلت- مهما تداعت الامم على هذه الامة فإن الفرج قريب بإذن الله تعالى رغم أٌنوف الاعداء...ألم تستمر الحروب الصليبية
أربعة قرون....اللهم أصلح حالنا يا كريم....والله تعالى أعلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...فقد وصلنا الى قوله تعالى
( وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ( 122 ) ) النحل....ذكر الطبري قولين لمجاهد وقتادة أما قول مجاهد في ( وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً)قال- لسان صدق،وقول قتادة-(فَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ دِينٍ إِلَّا يَتَوَلَّاهُ وَيَرْضَاهُ ) قلت- وأعظم النعم أن جعله نبيا رسولا من أٌولي العزم وجعل في ذريته النبوة الى خاتم الانبياء
اللهم صل عليهم جميعا...وأستجاب له كلما دعاه وجعل له الذكر الحسن فكل أمة تدعي أنه منها...ولكن هيهات إنه إمام الموحدين قبل خاتم
النبيين...والله تعالى أعلم.
(
وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) قال في البحر المحيط(....حسبما وقع منه السؤال لربه سبحانه حيث قال : وألحقني بالصالحين واجعل لي لسان صدق في الآخرين واجعلني من ورثة جنة النعيم [ الشعراء : 83 - 85 ] .
قلت- وتذكير لنا أن الآخرة أعظم من الدنيا الفانية وان رسل الله اللهم صل عليهم تركوها وماتوا فاستعدوا يا عباد ليوم المعاد.
والله تعالى أعلم.

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...اما بعد..فقد وصلنا لقوله تعالى في سورة النحل
(
( ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( 123))
وفيها مسائل الاولى رد على قريش التي تدعي انها على دين ابراهيم والثانية على اليهود والنصارى الذين يدعون
ان ابراهيم منهم والثالثة لتوضيح دين ابراهيم الذي لم يكن مشركا بل معرضا عن الشرك مائلا للتوحيد.....
قلت- كأنما رب العالمين يقول لمن يدعي القرب من ابراهيم هذا خاتم الانبياء محمد على دين ابراهيم فأين أنتم منه
ولكنكم تتمنون الاماني ولستم أهلها فليس ابراهيم منكم ولستم منه....فقد جاء من يخلفه وهو الاحق به.
والله تعالى أعلم.

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...فقد وصلنا الى قوله تعالى(
( إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ )124 النحل وقد روى أهل الحديث
" نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، بِيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا ، ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ ، فَهَدَانَا اللَّهُ لَهُ ، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ ، الْيَهُودُ غَدًا ، وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ " . لَفْظُ الْبُخَارِيِّ فنعوذ بالله سبحانه من الزيغ والتكبر والعصيان...قلت- كأنما رب
العالمين يٌذكر عباده أن الطاعة خير من المعصية وان الرضا بما يٌقسم الله تعالى لعباده خير
من التذمر وندب الحظ..(اللهم أرضني بما قسمت لي)...وإلا فإن يوم القيامة ليس ببعيد وان
في ذلك اليوم سيندم العاصي ويفتخر المتقي...اللهم أهدنا وأعضاء وعضوات الملتقى الى
الطاعة ونعوذ بك من العصيان....والله تعالى أعلم.

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد..فقد وصلنا في تدبر خواتيم سورة النحل الى قوله تعالى
(
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيله وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)

قال ابو حيان في تفسيره البحر المحيط-(
أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَدْعُوَ إِلَى دِينِ اللَّهِ وَشَرْعِهِ بِتَلَطُّفٍ ، وَهُوَ أَنْ يَسْمَعَ الْمَدْعُوُّ حُكْمَهُ ، وَهُوَ الْكَلَامُ الصَّوَابُ الْقَرِيبُ الْوَاقِعُ مِنَ النَّفْسِ أَجْمَلَ مَوْقِعٍ . وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ الْحِكْمَةَ : الْقُرْآنُ ، وَعَنْهُ : الْفِقْهُ . وَقِيلَ : النُّبُوَّةُ . وَقِيلَ : مَا يَمْنَعُ مِنَ الْفَسَادِ مِنْ آيَاتِ رَبِّكَ الْمُرَغِّبَةِ وَالْمُرَهبة . وَالْمَوْعِظَةُ الْحَسَنَةُ : مَوَاعِظُ الْقُرْآنِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْهُ أَيْضًا : الْأَدَبُ الْجَمِيلُ الَّذِي يَعْرِفُونَهُ . وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ : هِيَ الْعِبَرُ الْمَعْدُودَةُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ . وَقَالَ ابْنُ عِيسَى : الْحِكْمَةُ الْمَعْرُوفَةُ بِمَرَاتِبِ الْأَفْعَالِ ، وَالْمَوْعِظَةُ الْحَسَنَةُ : أَنْ تَخْتَلِطَ الرَّغْبَةُ بِالرَّهْبَةِ ، وَالْإِنْذَارُ بِالْبِشَارَةِ . وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ : الْإِسْلَامِ ، بِالْحِكْمَةِ : بِالْمَقَالَةِ الْمُحْكَمَةِ الصَّحِيحَةِ ، وَهِيَ الدَّلِيلُ الْمُوَضِّحُ لِلْحَقِّ الْمُزِيلِ لِلشُّبْهه ، وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ، وَهِيَ الَّتِي لَا تَخْفَى عَلَيْهِمْ إِنَّكَ تُنَاصِحُهُمْ بِهَا وَتَقْصِدُ مَا يَنْفَعُهُمْ فِيهَا ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ الْقُرْآنَ ; أَيِ : ادْعُهُمْ بِالْكِتَابِ الَّذِي هُوَ حِكْمَةٌ وَمَوْعِظَةٌ حَسَنَةٌ ، وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ طُرُقِ الْمُجَادَلَةِ مِنَ الرِّفْقِ وَاللِّينِ مِنْ غَيْرِ فَظَاظَةٍ وَلَا تَعْنِيفٍ . وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ : الْمَوْعِظَةُ الْحَسَنَةُ : التَّخْوِيفُ وَالتَّرْجِئة وَالتَّلَطُّفُ بِالْإِنْسَانِ بِأَنْ تُجِلَّهُ وَتُنَشِّطَهُ ، وَتَجْعَلَهُ بِصُورَةِ مَنْ يَقْبَلُ الْفَضَائِلَ وَنَحْوَ هَذَا . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الْقِتَالِ ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : هِيَ مُحْكَمَةٌ .)

وذكر في سبب نزول الآية انها نزلت بعد غزوة أٌحد وقالوا(
وَكَانَ الْقَتْلَى سَبْعِينَ فَلَمَّا دُفِنُوا وَفُرِغَ مِنْهُمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:
{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}
إِلَى قَوْلِهِ:
{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ}
فَصَبَرَ وَلَمْ يُمَثِّلْ بِأَحَدٍ.)
قلت- أٌنظر ان الله سبحانه قد علم ما أصاب المسلمين من أذى وحزن وألم....ولكنه تعالى لم يسمح لهم بتجاوز الحدود
وتوعد المشركين بالقتل والتمثيل...لإن أهل الاسلام أصحاب قضية ودين لا أصحاب إنتقام وتمثيل فهذه الامور التافهة
الصغيرة لايهتم بها من نذر نفسه لإعلاء كلمة الاخلاص وتعليم الامم العدل والتسامح....فنصبر..ثم نصبر..ثم نصبر.

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...فقد وصلنا في تدبر خواتيم سورة النحل الى الآية-
( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ( 126 )
قال الشوكاني في تفسيره-(
ثُمَّ لَمَّا كَانَتِ الدَّعْوَةُ تَتَضَمَّنُ تَكْلِيفَ الْمَدْعُوِّينَ بِالرُّجُوعِ إِلَى الْحَقِّ فَإِنْ أَبَوْا قُوتِلُوا ، أَمَرَ الدَّاعِي بِأَنْ يَعْدِلَ فِي الْعُقُوبَةِ فَقَالَ : وَإِنْ عَاقَبْتُمْ أَيْ أَرَدْتُمُ الْمُعَاقَبَةَ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ أَيْ بِمِثْلِ مَا فُعِلَ بِكُمْ لَا تُجَاوِزُوا ذَلِكَ .

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ : أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيمَنْ أُصِيبَ بِظُلَامَةٍ أَنْ لَا يَنَالَ مِنْ ظَالِمِهِ إِذَا تَمَكَّنَ إِلَّا مِثْلَ ظُلَامَتِهِ لَا يَتَعَدَّاهَا إِلَى غَيْرِها)
وللرازي رحمه الله تعالى في تفسيره كلاما لطيفا قال-(
قَوْلُهُ : ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ) يَعْنِي : إِنْ رَغِبْتُمْ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فَاقْنَعُوا بِالْمِثْلِ وَلَا تَزِيدُوا عَلَيْهِ ، فَإِنَّ اسْتِيفَاءِ الزِّيَادَةِ ظُلْمٌ ، وَالظُّلْمُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ فِي عَدْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ ، وَفِي قَوْلِهِ : ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ ، كَمَا أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ لِلْمَرِيضِ : إِنْ كُنْتَ تَأْكُلُ الْفَاكِهَةَ فَكُلِ التُّفَّاحَ ، كَانَ مَعناه : أَنَّ الْأَوْلَى بِكَ أَنْ لَا تَأْكُلَهُ ، فَذَكَرَ تَعَالَى بِطَرِيقِ الرَّمْزِ وَالتَّعْرِيضِ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ .

ثم الِانْتِقَالُ مِنَ التَّعْرِيضِ إِلَى التَّصْرِيحِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : ( وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) . وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُ ذَلِكَ الِانْتِقَامِ ؛ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ أَفْضَلُ مِنَ الْقَسْوَةِ ، وَالْإِنْفَاعَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِيلَامِ . ) قلت- أٌنظروا الى خلق الاسلام بترك الانتقام حتى قال أحد المنصفين لم
يعرف التاريخ من الفاتحين أرحم من المسلمين...لإن في الرحمة والعفو بركة وخير لا تأتيان مع الانتقام فكأنما يقول الله تعالى لرسولاللهم صل عليه وآله-(هؤلاء أهل الشرك ستقدرون عليهم فإن تعاقبوهم فعاقبوهم بالمثل...وإن تعفون عنهم فهو الافضل...فاختاروا ما شئتم..فعفى عنهم عند فتح مكة وقال(أذهبوا فأنتم الطلقاء...)...فحق لإم المؤمنين عائشة اللهم أرض عنها أن تقول-كان خلقه القرآن....اللهم أهدني
وأهدي أعضاء هذا الملتقى الى خلق القرآن الكريم...والله تعالى أعلم.

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد..فقد وصلنا لقوله تعالى(
وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ( 127 ) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ( 128 ) )
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره-
(
وَقَوْلُهُ : ( وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ) تَأْكِيدٌ لِلْأَمْرِ بِالصَّبْرِ ، وَإِخْبَارٌ بِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يُنَالُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَإِعَانَتِهِ ، وَحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ .

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : ( وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ) أَيْ : عَلَى مَنْ خَالَفَكَ ، لَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ; فَإِنَّ اللَّهَ قَدَّرَ ذَلِكَ ، ( وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ ) أَيْ : غَمٍّ ( مِمَّا يَمْكُرُونَ ) أَيْ : مِمَّا يُجْهِدُونَ [ أَنْفُسَهُمْ ] فِي عَدَاوَتِكَ وَإِيصَالِ الشَّرِّ إِلَيْكَ ، فَإِنَّ اللَّهَ كَافِيكَ وَنَاصِرُكَ ، وَمُؤَيِّدُكَ ، وَمُظْهِرُكَ وَمُظفرك بِهِمْ .

وَقَوْلُهُ : ( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ) أَيْ : مَعَهُمْ بِتَأْيِيدِهِ وَنَصْرِهِ وَمَعُونَتِهِ وَهَذِهِ مَعِيَّةٌ خَاصَّةٌ ، كَقَوْلِهِ : ( إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ) [ الْأَنْفَالِ : 12 ] وَقَوْلِهِ لِمُوسَى وَهَارُونَ : ( لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ) [ طه : 46 ] وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلصِّدِّيقِ وَهُمَا فِي الْغَارِ : ( لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) [ التَّوْبَةِ : 40 ] وَأَمَّا الْمَعِيَّةُ الْعَامَّةُ فَبِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْعِلْمِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) [ الْحَدِيدِ : 4 ] وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ) [ الْمُجَادَلَةِ : 7 ] وَكَمَا قَالَ تَعَالَى : ( وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) [ يُونُسَ : 61 ] .

وَمَعْنَى : ( الَّذِينَ اتَّقَوْا ) أَيْ : تَرَكُوا الْمُحَرَّمَاتِ ، ( وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ) أَيْ : فَعَلُوا الطَّاعَاتِ ، فَهَؤُلَاءِ اللَّهُ يَحْفَظُهُمْ وَيَكْلَؤُهُمْ ، وَيَنْصُرُهُمْ وَيُؤَيِّدُهُمْ ، وَيُظْفِرُهُمْ عَلَى أَعْدَائِهِمْ وَمُخَالِفِيهم)
قلت- كأنما الله تعالى يقول لرسوله اللهم صل عليه وآله(عبدي تحمل الأذى وأحتسب فإنها أياما قليلة وتنجلي وأعتصم بحولي وقوتي فإني معك ومع أصحابك
ما دمتم على الخير والتقوى...وأٌوصيكم أن تعبدوني كأنكم تروني فإن لم تروني
فإني أراكم...فالصبر...الصبر يا عبادي)
والله تعالى أعلم.

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...ونبدأ بتدبر خواتيم سورة الاسراء...
قال الله تعالى-
( أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى ( 128 ) وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى ( 129 )
قال الرازي رحمه الله تعالى في تفسيره(التفسير الكبير)-
علم أنه تعالى لما بين أن من أعرض عن ذكره كيف يحشر يوم القيامة أتبعه بما يعتبر به المكلف من الأحوال الواقعة في الدنيا بمن كذب الرسلفقال : ( أفلم يهد لهم ) والقراءة العامة أفلم يهد بالياء المعجمة من تحت وفاعله هو قوله : ( كم أهلكنا ) قال القفال : جعل كثرة ما أهلك من القرون مبينا لهم ، كما جعل مثل ذلك واعظا لهم وزاجرا ، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي : أفلم نهد لهم بالنون ، قال الزجاج : يعني أفلم نبين لهم بيانا يهتدون به لو تدبروا وتفكروا ، وأما قوله : ( كم أهلكنا ) فالمراد به المبالغة في كثرة من أهلكه الله تعالى من القرون الماضية وأراد بقوله : ( يمشون في مساكنهم ) أن قريشا يشاهدون تلك الآيات العظيمة الدالة على ما كانوا عليه من النعم ، وما حل بهم من ضروب الهلاك ، وللمشاهدة في ذلك من الاعتبار ما ليس لغيره ، وبين أن في تلك الآيات آيات لأولي النهى ، أي لأهل العقول والأقرب أن للنهية مزية على العقل ، والنهى لا يقال إلا فيمن له عقل ينتهي به عن القبائح ، كما أن لقولنا أولو العزم مزية على أولي الحزم ، فلذلك قال بعضهم : أهل الورع وأهل التقوى ، ثم بين تعالى الوجه الذي لأجله لا ينزل العذاب معجلا على من كذب وكفر برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فقال : ( ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى ) وفيه تقديم وتأخير ، والتقدير : ولولا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى لكان لزاما ، ولا شبهة في أن الكلمة هي إخبار الله تعالى ملائكته ، وكتبه في اللوح المحفوظ : أن أمته عليه السلام وإن كذبوا فسيؤخرون ولا يفعل بهم ما يفعل بغيرهم من الاستئصال ....)
قلت- كأنما رب العزة سبحانه يخاطب أهل مكة فيقول لهم- إنتبهوا فقد جائتكم دلائل واضحة وعلامات هادية وإشارات كافية فانتم تمرون
على مساكن من كفر قبلكم وترون بعيونكم كيف فعلنا بهم ودمرنا مكرهم فلا تكونوا مثلهم...فلا يغرنكم تأخر عقابنا لكم فإن له ساعة اذا
جاء بها فلا يؤخره عند ذلك رجائكم وإستغاثتكم...فإن مشيئتي كانت ان لاينزل عقابي حتى يكتمل إعذاري...وان لكم ميعاد لن تتأخروا عنه
....فهل تتعضون وعن سبيل الغي تبتعدون...؟.
والله تعالى أعلم.

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين....أما بعد..ونستمر مع خواتيم سورة طه..
قال سبحانه(
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنَ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ( 130 ) ) .
ذكر الطبري بسنده -
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَأَى الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ : " إِنَّكُمْ رَاءُونَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا ، لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا " ثُم تَلَا ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا )(البخاري ومسلم)

​ثم ذكر الطبري-
عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ) قَالَ : هِيَ صَلَاةُ الْفَجْرِ ( وَقَبْلَ غُرُوبِهَا )قَالَ : صَلَاةُ الْعَصْرِ ( وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ ) قَالَ : صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ ( وَأَطْرَافَ النَّهَارِ ) قَالَ : صَلَاةُ الظُّهْرِ.
قال الشوكاني-(
ثُمَّ لَمَّا بَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لَا يُهْلِكُهُمْ بِعَذَابِ الِاسْتِئْصَالِ أَمَرَهُ بِالصَّبْرِ فَقَالَ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ مِنْ أَنَّكَ سَاحِرٌ كَذَّابٌ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مَطَاعِنِهِمُ الْبَاطِلَةِ ، وَالْمَعْنَى : لَا تَحْتَفِلُ بِهِمْ ، فَإِنَّ لِعَذَابِهِمْ وَقْتًا مَضْرُوبًا لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ .)
قلت-أنظروا الى هذا الدواء المزدوج الصلاة والصبر...
كم ذكره الله سبحانه في القرآن وأمر به رسوله والمؤمنين...كأنما يقول الله تعالى لنبيه اللهم صلِ عليه وآله(لقد علمنا إنهم يٌكذبونك ويتهموك...فلا عليك بهم فاذا أردت الرضا
والطمأنينة والسكينة فإني أٌوصيك بالصبر والصلاة والتسبيح...فهي الدواء المجرب والحل الناجع فعليك بها وسترى ما يٌسرك
في الدنيا والآخرة....ولن يطول إنتظارك).....والله تعالى أعلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...ونستمر بتدبر خواتيم سورة طه...
قال سبحانه(
وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ( 131 ) ) )
ذكر الرازي في تفسيره-(قال أبو مسلم الذي نهى عنه بقوله : ( ولا تمدن عينيك ) ليس هو النظر ، بل هو الأسف أي لا تأسف على ما فاتك مما نالوه من حظ الدنيا . )
وفي البحر المحيط لإبي حيان(...
يقال : مد نظره إليه إذا أدام النظر إليه ، والفكرة في جملته وتفصيله . قيل : والمعنى على هذا ولا تعجب يا رسول الله مما متعناهم به من مال وبنين ومنازل ومراكب وملابس ومطاعم ، فإنما ذلك كله كالزهرة التي لا بقاء لها ولا دوام ، وإنها عما قليل تفنى وتزول . )
قلت- بعد أن أمره اللهم صلِ عليه وآله بالصبر والصلاة والتسبيح ذكره أن لايديم النظر
الى زخرف الدنيا وزينتها عند من خالفوه لإن ما عندهم زائل وفاني كزهرة النبات عما
قريب تتحول الى ثمرة وهذه تٌقطف وتٌؤكل....ولكن...(رزق ربك خير وأبقى)...
فصبرك وصلاتك وتسبيحك...تجده أمامك يوم القيامة لن يزول...فالخير بما بقى
أما ما تراه من أحوال الضالين فلن يبقى وسيفنى عن قريب....
فلا يفرح من تمتع بالقصور الفارهة وبالنساء الساحرة....فلا بقاء لها مهما تزينت
فالرحيل قادم مهما تأخر...والندم سيحل بهم يوم لا ينفع مال ولا بنون...
والله تعالى أعلم.


 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين....أما بعد...قال الله تعالى(
وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ( 132 ) ) ذكر الطبري بسنده (حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ قَالَ : ثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ : كَانَ عُرْوَةُ إِذَا رَأَى مَا عِنْدَ السَّلَاطِينِ دَخَلَ دَارَهُ ، فَقَالَ ( وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىوَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ) ثُمَّ يُنَادِي : الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ ، يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ)
وقال القرطبي(
قوله تعالى : وأمر أهلك بالصلاة أمره تعالى بأن يأمر أهله بالصلاة ويمتثلها معهم ، ويصطبر عليها ويلازمها . وهذا خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ويدخل في عمومه جميع أمته ؛ وأهل بيته على التخصيص . وكان - عليه السلام - بعد نزول هذه الآية يذهب كل صباح إلى بيت فاطمة وعلي -رضوان الله عليهما - فيقول : الصلاة )
وقال الرازي(....
أما قوله : ( واصطبر عليها ) فالمراد كما تأمرهم فحافظ عليها فعلا ، فإن الوعظ بلسان الفعل أتم منه بلسان القول ، )

قلت- أمره سبحانه أن يأمر أهله بالصلاة ويصبر عليهم وعلى الصلاة....وأن يعلم أن النصر
مع الصبر مهما طال وأن الفرج قريب سيأتي رغم أنوف أهل الضلال....فصلي وأمر بها
وأصبر...فأنت وأصحابك على الحق ومن خالفكم فإلى جهنم وبئس المصير...
والله تعالى أعلم.

 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين.. أما بعد... ألا يتدبر من قاريء للقرآن فيكتب تدبره فينفع به غيره(أفلا يتدبرون القرآن...).
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...وصلنا الى قوله تعالى(
وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى ( 133 ) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى ( 134 ) قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى ( 135 ))
ذكر ابن كثير في تفسيره(
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ الْكُفَّارِ فِي قَوْلِهِمْ : ( لَوْلَا ) أَيْ : هَلَّا ( يَأْتِيَنَا ) مُحَمَّدٌ ( بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ ) أَيْ : بِعَلَامَةٍ دَالَّةٍ عَلَى صِدْقِهِ فِي أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى ) يَعْنِي : الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ اللَّهُ وَهُوَ أُمِّيٌّ ، لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ ، وَلَمْ يُدَارِسْ أَهْلَ الْكِتَابِ ، وَقَدْ جَاءَ فِيهِ أَخْبَارُ الْأَوَّلِينَ ، بِمَا كَانَ مِنْهُمْ فِي سَالِفِ الدُّهُورِ ، بِمَا يُوَافِقُهُ عَلَيْهِ الْكُتُبُ الْمُتَقَدِّمَةُ الصَّحِيحَةُ مِنْهَا; فَإِنَّ الْقُرْآنَ مُهَيْمِنٌ عَلَيْهَا ، يُصَدِّقُ الصَّحِيحَ ، وَيُبَيِّنُ خَطَأَ الْمَكْذُوبِ فِيهَا وَعَلَيْهَا . وَهَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ " الْعَنْكَبُوتِ " : ( وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) [ الْعَنْكَبُوتِ : 50 ، 51 ] وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أُوتِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا آمَنَ عَلَى مِثْلِهِ الْبَشَرُ ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ " .قلت- أنظروا يا كرام ان الله تعالى و رسوله اللهم صل عليه وآله يذكرنا ان هذا القرآن هو أفضل المعجزات وأعلاها لكن لمن يفقه ويفهم ولكنهم قليل!!!
ثم بعد ذلك تريدون آية ألم يتحداكم رب العزة أن تأتوا بمثل أقصر سورة فلم لم تفعلوا؟ لقد تحداكم بما برعتم به من
شعر ونثر فعجزتم فكيف لو تحداكم بإمور تجهلونها...
وذكر ابن كثير رحمه الله تعالى (
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : ( وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا ) أَيْ : لَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَا هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ قَبْلَ أَنْ نُرْسِلَ إِلَيْهِمْ هَذَا الرَّسُولَ الْكَرِيمَ ، وَنُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ هَذَا الْكِتَابَ الْعَظِيمَ لَكَانُوا قَالُوا : ( رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا ) قَبْلَ أَنْ تُهْلِكَنَا ، حَتَّى نُؤْمِنَ بِهِ وَنَتَّبِعَهُ؟ كَمَا قَالَ : ( فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى ) ، يُبَيِّنُ تَعَالَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ مُتَعَنِّتُونَ مُعَانِدُونَ لَا يُؤْمِنُونَ ( وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ) [ يُونُسَ : 97 ] قلت- إنما هي ذرائع للتملص من العذاب والذلة يوم القيامة فلا تنفعهم فإن الله سبحانه لا يظلم أحدا وهو يفرح بتوبة عبده كما يفرح من ضلت دابته اذا وجدها....
(قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى)
ذكر الطبري رحمه الله تعالى(يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا رسول الله: كلكم أيها المشركون بالله متربص يقول : منتظر لمن يكون الفلاح ، وإلى ما يئول أمري وأمركم متوقف ينتظر دوائر الزمان ، فتربصوا يقول : فترقبوا وانتظروا ، فستعلمون من أهل الطريق المستقيم المعتدل الذي لا اعوجاج فيه إذا جاء أمر الله وقامت القيامة أنحن أم أنتم ؟ ومن اهتدى يقول : وستعلمون حينئذ من المهتدي الذي هو على سنن الطريق القاصد غير الجائر عن قصده منا ومنكم ، ...)
قلت- كأنما الله تعالى يريد أن يخفف عن رسوله هم المناظرة مع الكفار فقال له قل لهم أنتظروا ونحن معكم منتظرين
فالدنيا ليست بدار خلود وبقاء فلابد أن تتضح الامور وعما قريب سترون من صاحب الحق ومن هو في ضلال.
قلت- تمهل يامظلوم....أصبر يا صاحب المصيبة أصبروا يامن تنزل عليكم البراميل المتفجرة أصبروا فالفرج قريب
بإذن الله تعالى.....والله تعالى أعلم.


 
البهيجي قال:
)وذكر القرطبي-سبعة أقوال في(المقتسمين)الاول-قال مقاتل والفراء-
هم ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم فاقتسموا أعقاب مكة وأنقابها
وفجاجها يقولون لمن سلكها-لا تغتروا بهذا الخارج فينا يدعي النبوة.......فأماتهم الله
شر ميتة....) (الذين جعلوا القرآن عضين)(جمع عضة من عضى الشاة إذا جعلها أجزاء
فيكون المعنى-الذين جعلوا القرآن أجزاء متفرقة بعضه شعر وبعضه سحر وبعضه
كهانة....)....قلت-(نهى الله تعالى رسوله اللهم صلِ عليه وآله في الآية التي قبلها من
التطلع الى متاع الكفار وأمره في هذه ان ينذرهم ويحذرهم ان الدنيا متاع زائل وهي
فانية مهما طالت فلا تغركم وتغريكم بالتشهير برسول الله وتسمونه ساحر أو شاعر
ومثل ذلك تفعلون مع القرآن العظيم فتجعلون منه الشعر أو السحر أو الكهانة....
فلماذا هذه الحيرة والتخبط...والتكبر على آيات الله تعالى....؟ فما أحلى الإيمان برب
العالمين....وإتباع رسوله اللهم صلِ عليه وآله)...والله تعالى أعلم.
[/TD]
[/TR]
[/TABLE]
أخي الكريم تفسير المقتسمين الذي ذكرته لا دليل عليه، والراجح عندي ما ذكرته في الموضوع التالي
http://vb.tafsir.net/tafsir41879/#.VdG8Eeafd9E
وسوف أنقله لك هنا
بسم الله الرحمن الرحيم

تأويل قوله تعالى { كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90)
الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91)}
[الحجر: 90]
اختلف المفسرون في معنى قوله تعالى {المقتسمين} إلى أقوال كثيرة لا دليل عليها كلها وأنا أذكر ما يسر الله لي في فهم هذه الآية
القرآن الكريم يفسر بعضه بعضا ويبين بعضه بعضاً
فلو رجعنا إلى قوله تعالى في نفس السورة وهي سورة الحجر {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)} [الحجر: 42 - 44]
لوجدنا أن الله توعد الغاوين بجهنم وأن لها سبعة أبواب وأنهم سوف يقتسمون هذه الأبواب، ولكل باب منها جزء مقسوم.
فمعنى المقتسمين في السورة هم الكفار الذين توعدهم الله عز وجل بإقتسام أبواب جهنم وأن لكل باب منهم جزء مقسوم.
ووصفهم بأنهم جعلوا القرآن عضين
والراجح في معنى "عضين" ما نقله الرازي في مفاتيح الغيب وهو القول الثاني له : "وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الْعِضَةُ بِأَنْ يَعِضَهُ الْإِنْسَانُ وَيَقُولَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ. وَهَذَا قَوْلُ الْخَلِيلِ فِيمَا رَوَى اللَّيْثُ عَنْهُ، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ أَيْ جَعَلُوهُ مُفْتَرًى. وَجُمِعَتِ الْعِضَةُ جَمْعَ مَا يَعْقِلُ لِمَا لَحِقَهَا مِنَ الْحَذْفِ، فَجَعَلَ الْجَمْعَ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ عِوَضًا مِمَّا لحقها من الحذف".
فالمعنى أنهم افتروا على القرآن وقالوا هو مفترى وليس من عندي الله
كما قال تعالى في أكثر من آية
{وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38)} [يونس: 37، 38]
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13)} [هود: 13]
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (35)} [هود: 35]
{بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (5)}[الأنبياء: 5]
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4)} [الفرقان: 4]
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3)} [السجدة: 3]
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (8)} [الأحقاف: 8]

هذا والله تعالى أعلى وأعلم
 
عودة
أعلى