الجواهر العوالي فی تفسير القرآن بالقرآن

اشكرك اخی الحبيب جمال

الجوهرة المائتان

{ وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ }


قال الرازی

وفيه وجوه منها تبيين وجه الترتيب أيضاً الأول: امتازوا في أنفسكم وتفرقوا كما قال تعالى:
{ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ }
[الملك: 8] أي بعضه من بعض غير أن تميزهم من الحسرة والندامة .....
ويحتمل أن يقال إن المراد منه أن الله تعالى يقول امتازوا فيظهر عليهم سيما يعرفون بها، كما قال تعالى:
{ يُعْرَفُ ٱلْمُجْرِمُونَ بِسِيمَـٰهُمْ }
[الرحمٰن: 41] وحينئذ يكون قوله تعالى امتازوا أمر تكوين، كما أنه يقول: كن فيكون كذلك يقول امتازوا فيتميزون بسيماهم ويظهر على جباههم أو في وجهوهم سواء.
 
الجوهرة الواحدة بعد المائتين

{ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يٰبَنِيۤ ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }

قال الرازی

المسألة الثالثة: في هذا العهد وجوه الأول: أنه هو العهد الذي كان مع أبينا آدم بقوله:
{ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ ءَادَمَ }
[طه: 115] الثاني: أنه هو الذي كان مع ذرية آدم بقوله تعالى:
{ أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ }
[الأعراف: 172] فإن ذلك يقتضي أن لا نعبد غير الله الثالث: هو الأقوى، أن ذلك كان مع كل قوم على لسان رسول، ولذلك اتفق العقلاء على أن الشيطان يأمر بالشر، وإن اختلفوا في حقيقته وكيفيته.
 
الجوهرة الثانية بعد المائتين(كلمة بكلمة)

{ قَالُوۤاْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ }

قال القرطبي

وقيل: اليمين بمعنى القوّة؛ أي تمنعوننا بقوّة وغلبة وقهر؛ قال الله تعالى:
{ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِٱلْيَمِينِ }
[الصافات: 93] أي بالقوّة وقوّة الرجل في يمينه
 
الجوهرة الثالثة بعد المائتين

{ لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ }

قال القرطبي

وقال الكلبي: «لاَ فِيهَا غَوْلٌ» أي إثم؛ نظيره:
{ لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ }
[الطور: 23].
 
الجوهرة الرابعة بعد المائتين

{ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ }


قال القرطبي

كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ } أي مصون. قال الحسن وٱبن زيد: شُبِّهن ببيض النعام، تكنها النعامة بالريش من الريح والغبار، فلونها أبيض في صفرة وهو أحسن ألوان النساء. وقال ٱبن عباس وٱبن جبير والسدي: شبهن ببطن البيض قبل أن يقشر وتمسه الأيدي. وقال عطاء: شبهن بالسِّحاء الذي يكون بين القشرة العليا ولباب البيض. وسَحَاةُ كل شيء: قشره والجمع سَحاً؛ قاله الجوهري. ونحوه قول الطبري، قال: هو القشر الرقيق، الذي على البيضة بين ذلك. وروي نحوه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم. والعرب تشبه المرأة بالبيضة لصفائها وبياضها؛ قال ٱمرؤ القيس:
وبيضةِ خِدْرٍ لا يرامُ خِباؤها تَمتعت من لَهْوٍ بها غيرَ مُعْجَلِ
وتقول العرب إذا وصفت الشيء بالحسن والنظافة: كأنه بيض النعام المغطَّى بالريش. وقيل: المكنون المصون عن الكسر؛ أي إنهن عذارى.

وقيل: المراد بالبيض اللؤلؤ؛ كقوله تعالى:
{ وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ }
[الواقعة: 22 ـ 23] أي في أصدافه؛ قاله ٱبن عباس أيضاً. ومنه قول الشاعر:
وهي بيضاءُ مِثلُ لُؤْلُؤة الغـ ـوّاصِ مِيزَتْ مِن جَوْهَرٍ مَكْنونِ
وإنما ذكر المكنون والبيض جمع؛ لأنه ردّ النعت إلى اللفظ.
 
الجوهرة الخامسة بعد المائتين

{ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } * { قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ }

قال ابن الجوزی فی زاد المسير

{ قال قائل منهم إِنِّي كان لي قَرِينٌ } فيه أربعة أقوال:

أحدها: أنه الصّاحب في الدنيا.

والثاني: أنه الشريك رويا عن ابن عباس.

والثالث: أنه الشيطان، قاله مجاهد.

والرابع: أنه الأخ؛ قال مقاتل: وهما الأَخوان المذكوران في سورة [الكهف: 32] في قوله:
{ واضْرِب لهم مَثَلاً رَجُلَينِ }
والمعنى: كان لي صاحب أو أخ يُنْكِر البعث،
 
الجوهرة السادسة بعد المائتين(كلمة بكلمة)

{ فَٱطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ }

قال الماتريدی فی تفسيره

فَٱطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } ، أي: في وسط الجحيم؛ كقوله: - عز وجل -:
{ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ }
[المائدة: 12]، أي: وسطه.

{ أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَدِينُونَ }

الدين الحساب والجزاء كما ورد فی الفاتحة
 
الجوهرة السابعة بعد المائتين

{ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ } * { ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى ٱلْجَحِيمِ }

قال الرازی فی تفسيره

{ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى ٱلْجَحِيمِ } قال مقاتل: أي بعد أكل الزقوم وشرب الحميم، وهذا يدل على أنهم عند شرب الحميم لم يكونوا في الجحيم، وذلك بأن يكون الحميم من موضع خارج عن الجحيم، فهم يوردون الحميم لأجل الشرب كما تورد الإبل إلى الماء، ثم يوردون إلى الجحيم، فهذا قول مقاتل، واحتج على صحته بقوله تعالى:
{ هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِى يُكَذّبُ بِهَا ٱلْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ ءانٍ }
[الرحمٰن: 43، 44] وذلك يدل على صحة ما ذكرناه،

{ إِنَّا جَعَلْنَٰهَا فِتْنَةً لِّلظَّٰلِمِينَ }

قال القرطبي

وقيل إنها فتنة أي عقوبة للظالمين؛ كما قال:
{ ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ }
[الذاريات: 14].
 
الجوهرة الثامنة بعد المائتين

{ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ } * { لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ }

قال الرازی

وفي تفسير كونه من المسبحين قولان الأول: أن المراد منه ما حكى الله تعالى عنه في آية أخرى أنه كان يقول في تلك الظلمات
{ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَـٰنَكَ إِنّى كُنتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ }
[الأنبياء: 87] الثاني: أنه لولا أنه كان قبل أن التقمه الحوت من المسبحين يعني المصلين وكان في أكثر الأوقات مواظباً على ذكر الله وطاعته للبث في بطن ذلك الحوت،
 
عودة
أعلى