التاريخ المحسوس لحضارة الإسلام وعصور اوروبا المظلمة من قصة الحضارة لديورانت أ. طارق منينة

اوروبا والاهداف الاقتصادية والسياسية والدينية
:"وفي حمى الصراع الأوربي بين حركة الاصلاح البروتستنتي (1517) وصلح وستفاليا (1648) استخدم هذا التنافس الجماعي الدين ستاراً وسلاحاً لتحقيق الأهداف الاقتصادية أو المآرب السياسية. فلما ألقى المحاربون سلاحهم بعد قرن من النضال، احتفظت المسيحية ببقائها وسط الخرائب بشق الأنفس.
قصة الحضارة ج29 ص170، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> الصراع على فرنسا -> القوى المتنافسة
 
حروب فرنسا من 1562 إلى 1594
حرب الثلاثين (1618-48) ، والحروب الأهلية (1642-48) لإنجلترا
انظر
قصة الحضارة ج29 ص170، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> الصراع على فرنسا -> القوى المتنافسة
 
الهيجونوت في فرنسا بعد منتصف القرن ال16
:"لم يعد الهيجونوت أقلية ضئيلة عاجزة من الفرنسيين البروتستنت يقودهم ويلهمهم كالفن من جنيف، بل ثورة عقائدية واجتماعية واسعة الانتشار على الكنيسة. وقد قدرهم كالفن بعشر الشعب الفرنسي عام 1559(5). وقدر ميشليه إن عددهم تضاعف عام 1572(6). كان لهم مراكز في كل إقليم من دوفيني إلى بريتني، ولا سيما في الجنوب الغربي من فرنسا، حيث استؤصلت في الظاهر هرطقة الألبيجنس قبل ثلاثة قرون. فعقدوا اجتماعاتهم للصلاة برغم قوانين الخطر التي أصدرها فرنسيس الأول وهنري الثاني، وعاشوا على العظات الجادة التي تبشر بالجبرية، وأصدروا الكتيبات النارية حول مفاسد الكنيسة وعسف الأخوين جيز، وعقدوا مجمعاً عاماً في باريس (26 مايو 1559) تحت سمع الملك وبصره. لقد أعلنوا ولاءهم للملكية الفرنسية، ولكنهم نظموا الأقاليم التي سادوها وفق الأساليب الجمهورية. وصاغوا لهم ما تصوغه أية أقلية مضطهدة من ايدلوجية مؤقتة للحرية، ولكنهم وافقوا الكاثوليك على أن من واجب الدولة أن تفرض »الدين الحق« على فرنسا كلها.
قصة الحضارة ج29 ص172، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> الصراع على فرنسا -> القوى المتنافسة
 
الكاثوليكية (في القرن ال16،17،)تكره التجارة كما كرهت العلم كما كرهت النظافة
:"وأما رجال الأعمال(يقصد في فرنسا) الذين التقوا في الأسواق الكبيرة بالأثرياء من الألمان والانجليز والسويسريين فقد لاحظوا الحلف الناجح بين هؤلاء التجار وبين الحكام البروتستنت والأفكار البروتستنتية. لقد طالما كابدوا الإهانات تحت سلطان الأساقفة والبارونات الذين احتقروا التجارة وارتبطوا بعادات الاقطاع. وسرهم وأثار حسدهم ما علموه من عطف كالفن على دنيا المال والأعمال، ومن إشراكه العلمانيين في رقابة الأخلاق والأشراف على الكنيسة. وقد كرهوا ثراء الكنيسة وعشورها، وغاظتهم المكوس الاقطاعية المفروضة على التجارة.
قصة الحضارة ج29 ص173، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> الصراع على فرنسا -> القوى المتنافسة
 
حصار الكاثوليكية في فرنسا مابعد منتصف القرن ال16 لسبب انحرافاتها في عيون البروتستانتية الصاعدة وبسبب استغلالها للبشر وهيمنتها
:"ولا بد أنهم سمعوا بأمراء الاقاليم الألمان الذين استطاعوا بتحالفهم مع البروتستنتية أن يتحدوا الأباطرة والبابوات، والذين أثروا من غنائم الكنيسة، إذن فما الذي يحول دون استخدام هؤلاء الهيجونوت البواسل أداة جاء أوانها لتهذيب الملك واخضاعه؟ لقد كان النبلاء يهيمنون على حقول فرنسا ومحاصيلها وفلاحيها، وينظمون فرقها العسكرية ويقودونها، ويسيطرون على حصونها، ويحكمون أقاليمها، فلو أن حركة الاصلاح كسبت طبقة النبلاء لدعمت ظهرها بقوة منتشرة في الأمة كلها. وقد نبه كردينال اللورين هنري الثاني عام 1553 إلى أن النبلاء ينحازون إلى صف الهيجونوت. فلم يحل عام 1559 حتى كان النبلاء في نورمانديا، وبريتني، وبواتو، وأنجو، ومين، وسانتونج، يتزعمون ثورة الهيجونوت علانية.
قصة الحضارة ج29 ص174، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> الصراع على فرنسا -> القوى المتنافسة
 
هنري الثاني في فرنسا يحرق البروتستانت (يونيو 1559)
:"ذلك أن هنري الثاني كان قد أمر جميع القضاة بأن يحكموا بالإعدام على كل البروتستنت المتشبثين بعقيدتهم (يونيو 1559). ثم جدد فرنسيس الثاني هذا الأمر بتحريض من الأخوين جيز، وأضاف إليه أمراً بهدم جميع المباني التي تعقد فيها اجتماعات دعاة الإصلاح البروتستنتي، وأمراً بإعدام الأشخاص، وحتى الأقرباء، الذين يؤوون مهرطقاً محكوماً عليه، أو يقصرون في إبلاغ الحكام عنه. وفي الشهور الخمسة الأخيرة من عام 1559 أحرق ثمانية عشر شخصاً أحياء لتماديهم في الهرطقة، أو لرفضهم حضور القداس أو تناول القربان الكاثوليكي. وفر مئات من الهيجونوت الفرنسيين إلى جنيف حيث آواهم كالفن. أما الذين بقوا في فرنسا فقد بدأوا ينظمون أنفسهم لخوض الحرب الأهلية.
وفي 23 ديسمبر 1559 أحرقت آن دبور لأنها اجترأت في »برلمان« باريس على إدانة الاضطهاد بسبب الهرطقة. وبعد هذا بقليل خنق جاسبار وهو في قصر فانسين الريفي بأمر الأخوين جيز، وتآمر زوج أخته، جودفروا دباري، سيد إقليم رنودي، مع الأشراف وغيرهم على اعتقال الأخوين جيز وعزلهما بهجوم مباغت يقومون به في أمبواز، واكتشف كردينال اللورين المؤامرة، فجرد جنده وقهر المتآمرين وقبض عليهم، ثم شنق بعضاً، وقطع رؤوس بعض، ووضع بعضاً في زكائب وقذف بهم في اللوار. جاء في سجل أخبار معاصر »لا شئ غير شنق الناس أو إغراقهم طوال شهر بأكمله، حتى غطت الجثث نهر اللوار« (مارس 1560)(12). ودعي كونديه للمثول أمام المحكمة الملكية ليجيب عن تهم الاشتراك في المؤامرة، فذهب وأنكر التهم، وتحدى كل من يتهمه بالإحكام إلى السيف، ولم يقدم أي دليل ضده، فأخلى سبيله.
قصة الحضارة ج29 ص175، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> الصراع على فرنسا -> القوى المتنافسة
بقية النص
وأزعجت كاترين »فتنة أمبواز« هذه، وعلو مكانة المتآمرين، ووحشية قمع الحركة، وحمى الثأر التي أججت سخط الهيجونوت والنبلاء، فأقنعت الملك الضعيف والأخوين جيز، الكارهين لرأيها هذا، باتاحة الفرصة لتجربة التسامح... وعملاً بنصيحته دعت كاترين مجلساً للأعيان يتألف من الكاثوليك والبروتستنت، انعقد في فونتنبلو في 21 أغسطس 1560. وقدم كوليني في المجلس إلتماساً للملك مرفوعاً من الهيجونوت أكدوا فيه ولاءهم له، ولكنهم طلبوا حرية العبادة كاملة ودعا بعض الأساقفة إلى الإعتدال من الطرفين، وحضوا الاكليروس على أن يصلحوا من أخلاقهم. وقرر المجلس أن المشاكل التي ينطوي عليها بحثه تقتضي دعوة مندوبين من كل الطوائف والطبقات في فرنسا. فأمر الملك بعقد مجلس الطبقات هذا في 10 ديسمبر، وحظر أثناء ذلك أي محاكمات على تهمة الهرطقة حتى يفصل المجلس الجديد في أسباب الخلاف الأساسية التي تحدث الانقسام والفرقة في البلاد. ...أما البوريون الهيجونونت فقد رفضوا حضور مجلس الأعيان مخافة أن يقبض عليهم...وإذا الموقف يتغير فجأة يموت فرنسيس الثاني (5 ديسمبر) وهو بعد في السادسة عشرة، فخلفه أخوه شارل التاسع في تقلد سلطته رسمياً، ولكن لما كان لا يتجاوز العاشرة، فقد قبل وصاية أمه، التي انضمت الآن إلى اليزابيث ملكة إنجلترا، وفليب الثاني ملك أسبانيا، في توجيه الفوضى الأوربية نحو تحقيق مأربهم المتضاربة.
 
الهيجونوت يحرقون كنائس الكاثوليك في فرنسا مابعد منتصف القرن ال16
والملكة الفرنسية كاترين دي مديتشي أم فرنسيس الثاني(وحفيدة البابا ليو العاشر) تملك الأمر في فرنسا بعد وفاة ابنها فرانسيس الذي كان كما هنري الثاني قد امر بقتل البروتستانت:"ذلك أن هنري الثاني كان قد أمر جميع القضاة بأن يحكموا بالإعدام على كل البروتستنت المتشبثين بعقيدتهم (يونيو 1559). ثم جدد فرنسيس الثاني هذا الأمر بتحريض من الأخوين جيز"
قصة الحضارة ج29 ص175، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> الصراع على فرنسا -> القوى المتنافسة:"وإذا الموقف يتغير فجأة يموت فرنسيس الثاني (5 ديسمبر) وهو بعد في السادسة عشرة، فخلفه أخوه شارل التاسع في تقلد سلطته رسمياً، ولكن لما كان لا يتجاوز العاشرة، فقد قبل وصاية أمه، التي انضمت الآن إلى اليزابيث ملكة إنجلترا، وفليب الثاني ملك أسبانيا"
في توجيه الفوضى الأوربية نحو تحقيق مأربهم المتضاربة.
قصة الحضارة ج29 ص177، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> الصراع على فرنسا -> القوى المتنافسة
-
:"وفي 28 يناير 1561 أفرجت عن جميع الأشخاص الذين اعتقلوا لـ »جرائم« دينية، وأمرت بإنهاء كل الاضطهادات بسبب الدين حتى إخطار آخر. وفي الحادي والثلاثين من يناير أجلت اجتماع مجلس الطبقات إلى مايو حين ينعقد ويسد حاجتها للمال.
واغتبط الهيجونوت وتمددوا في دفء هذه القرارات. ففي 2 مارس عقدوا في بواتييه مجمعهم القومي الثاني. وراح القساوسة البروتستنت يعظون دون تحرج في مساكن كونديه وكوليني بلاط فونتنبلو. وفي كاستر بجنوبي فرنسا خصت الانتخابات البلدية (1 يناير 1561) البروتستنت بجميع الوظائف، وما لبث أن صدر الأمر لجميع المواطنين بحضور الخدمات الدينية البروتستنتية(27)، وحظراً الخدمات الكاثوليكية، وحكم على الصور والتماثيل الدينية رسمياً بالإتلاف والتحطيم(28). وفي آجن ومونتوين استولى الهيجونوت على الكنائس الكاثوليكية غير المستعملة. فشكل حاكم القلعة الهرم آن دمونمورنسي هو ودوق جيز ومارشال دسانت أندريه »حكومة ثلاثية« لحماية المصالح الكاثوليكية (6أبريل 1561). وتفجر الشغب في باريس، وروان، وبوفيه، وغيرها. وأصدرت الملكة »مرسوم يوليو« (1561) الذي حظر العنف وخدمات الهيجونوت الدينية العلنية وتجاهل الهيجونوت المرسوم، وهاجموا المواكب الكاثوليكية في مختلف المدن، ودخلوا الكنائس الكاثوليكية وأحرقوا الآثار والرفات المقدسة وحطموا التماثيل(29). وفي مونبلييه، في خريف عام 1561، نهبت الكنائس والديورة والستون كلها، وقتل كثير من القساوسة، وفي مونتوين أحرق دير »كلير الفقيرة« وشتت الراهبات ونصحن بأن يجدن لأنفسهن أزواجاً(30). وفي نيم طرد الهيجونوت جميع القساوسة، واستولوا على كل الكنائس الكاثوليكية أو دمروها، وأحرقوا الكاتدرائية، وداسوا القربان المكرس بأقدامهم (فبراير 1562)(32). أما في لانجدوك وجيين فكان الهيجونوت عادة إذا ملكوا زمام الأمر يستولون على الكنائس والأملاك الكاثوليكية ويطردون الكهنة الكاثوليك. ولم يكن القساوسة الهيجونوت أقل تعصباً من نظرائهم الكاثوليك وإن امتازوا في فضائلهم الشخصية(34)، فقد حرموا الهيجونوت الذين عقدوا زواجهم على يد القساوسة الكاثوليك أو سمحوا لأبنائهم بالزواج من الكاثوليك(35). وهكذا لم ير أحد الطرفين أي معنى للتسامح...ورأت كاترين أن تهدئ خواطر الكاثوليك بإصدار »مرسوم يناير« (1562)، الذي ألزم الهيجونت بتسليم جميع المباني الكنسية لأصحابها السابقين وبعقد اجتماعاتهم خارج أسوار المدن فقط. ووافق زعماء الكاثوليك بيز على أن هذا مرسوم تسامح في حقيقته، اعترف بالبروتستنتية دينا شرعيا في فرنسا؛ وقال زعماء البرلمان لكاترين صراحة إنهم يؤثرون الموت على تسجيل هذا المرسوم. فلما أدان مونمورنسي وسانت أندريه سياستها. طردتهما من البلاط؛ ولما انفجر غضب الكردينال دتورنون عليها ألزمته عقر أسقفية. ورماها الوعاظ الكاثوليك بالفسق (مثل ايزابيل امرأة آخاب)- وهو نفس النعت الذي كان يستعمله نوكس البرتستنتي تنديداً بملكة اسكتلندة الكاثوليكية.
قصة الحضارة ج29 ص181-184، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> الصراع على فرنسا -> كاترين دي مديتشي
 
"مذبحة فاسي"
بعد هجوم البروتستانت في فرنسا عقب منتصف القرن ال16، من الهيجونوت على كنائس الكاثوليك
حدثت"مذبحة فاسي" في فرنسا
وبداية أولى الحروب الدينية في أوروبا
بتعبير ديورانت
:"وفي يوم الأحد أول مارس 1562، بينما كان فرنسيس دوق جيز ماراً بقرية فاسي التي تقع نحو أربعين ميلاً شمال غربي ديجون، ومعه فرقة من مائتي تابع مسلحين، وقف بكنيسة هناك ليستمع إلى القداس. ولكن الصلاة شوش عليها ترتيل الهيجونوت لمزاميرهم في اجتماع لهم بجرن قريب. فأرسل إليهم رسولا يطلب إليهم أرجاء تراتيلهم خمس عشرة دقيقة حتى ينتهي القداس. ولكنهم وجدوا في هذا الطلب مضايقة شديدة. وبينما كان جيز يواصل صلاته تراشق بعض أتباعه بعبارات التحية المتعصبة مع الهيجونوت، وجرد الأتباع سيوفهم، وقذفهم الهيجونوت بالحجارة؛ وأصاب حجر منها جيز وهو خارج الكنيسة فأسال دمه النبيل، وما هي إلا أن اندفع أتباعه هاجمين على اجتماع الهيجونوت الذي ضم خمسمائة بين رجل وامرأة وطفل-فقتلوا منهم ثلاثة وعشرين، وحرروا مائة(37). وأثارت »مذبحة فاسي« هذه حمى القتال في البروتستنت الفرنسيين؛ أما الكاثوليك، لاسيما في باريس، فرحبوا بها أداة تهذيب جاءت في أوانها لتؤدب هذه الأقلية المكدرة لصفو البلاد. وأمرت كاترين جيز بأن يحضر إليها في فونتنبلو، فرفض ومضى إلى باريس، وانضم إليه مورنمورنسي وسانت أندريه في الطريق ومعهم ألفا رجل. وأمر كونديه قواته البروتستنت بأن تتجمع بسلاحها في مو. وزحف الثلاثي الكاثوليكي بالجند على فونتنبلو، فاعتقلوا الملكة الأم والأسرة المالكة، واكرهوهم على البقاء في ميلون على سبعة وعشرين ميلاً من باريس، ثم شكلوا »مجلساً خاصاً« جديداً ألف أكثر أعضائه من رجال جيز، وأقصى عنه لوبيتال. أما كونديه فقاد محاربيه البالغين 1.600 إلى أورليفي وناشد كل الجماعات البروتستنتية أن تمده بالجنود. وهكذا بدأت أولى »الحروب الدينية« (ابريل 1562).
قصة الحضارة ج29 ص181-184، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> الصراع على فرنسا -> كاترين دي مديتشي
 
حروب فرنسا الداخلية للقرن ال16 وطلب معونة فريقي النزاع في الداخل للمعونة من الخارج ومجازر
ثم مرسوم أمبواز الذي أنهى الحرب الدينية الأولى (19 مارس 1563).
:"حكم الدم
1562-1570
طلب الفريقان المعونة من الخارج وحصلا عليها، الكاثوليك من أسبانيا، والبروتستنت من إنجلترا وألمانيا، فأرسلت اليزابث 6.000 رجل إذ أغراها وعد البروتستنت بإعطائها كالية، واستولى 2.000 منهم على روان، ولكن جيز انتزع المدينة ونهبها (26 أكتوبر 1562)، ونهب جنده المتعطشون للغنيمة السكان الكاثوليك والبروتستنت وذبحوهم دون تحيز لأي فريق، وفي هذه الاشتباكات جرح أنطوان دبوربون جرحاً مميتاً، وكان قد اعتنق المذهب الكاثوليكي وانضم إلى القوات الكاثوليكية. وسيطر الهيجونوت على معظم المدن جنوبي فرنسا، ناهبين الكنائس محطمين التماثيل بحماسة دينية. وزحفت أهم قواتهم وعدتها 17.000 رجل يقودهم كونديه وكوليني على نورمانديا لينضموا إلى التعزيزات الإنجليزية. فقط عليهم الزحف عند درو جيش كاثوليكي قوامه 17.000 يقوده الحلف الثلاثي، وفي 19 ديسمبر خاض الفريقان معركة حامية حلفت 6.000 صرعى في الميدان، وقتل سانت أندريه، وجرح مونمورنسي وأسّره الهيجونوت، وجرح كونديه وأسّره الكاثوليك...). وعقد النصر غير الحاسم للكاثوليك، ولكن باريس والأسرة المالكة اعتقدا حيناً أن الهيجونوت هم الغالبون. واستقبلت كاترين النبأ في هدوء قائلة: »حسنا إذن، سنصلي لله بالفرنسية«(39)...وواصلت كاترين سعيها للسلام، وقد وضح لها أنه لو أتيح النصر الحاسم لأحد الفريقين لنحاها وربما عزل ولدها. فأعادت لوبيتال لمنصبه مستشاراً لها، ورتبت لقاء بين مونمورنسي وكونديه، وأقنعتهما بتوقيع مرسوم أمبواز الذي أنهى الحرب الدينية الأولى (19 مارس 1563). أما الشروط فكانت نصراً للنبلاء الهيجونوت وحدهم: فقد منحت حرية الضمير وممارسة الدين »المسمى مصلحاً« »لجميع البارونات والسادة الاقطاعيين رؤساء القضاء في بيوتهم، هم وعائلاتهم وأتباعهم« و »للأشراف المالكين لاقطاعات بدون أتباع والعائشين على أراضي الملك، ولكن لهم ولأسرهم شخصياً«. أما عبادة الهيجونوت فيسمح بها حيث مارسوها قبل 8 مارس 1563، وألا تقصر على أطراف مدينة واحدة في أي وكالة اقطاعية أو منطقة نفوذ الشريف. أما في باريس فهي محظورة إطلاقاً. واتهم كوليني بأنه ضحى بجماهير الهيجونوت ليحمي طبقته.
وفي 16 سبتمبر أعلن بلوغ شارل التاسع رشده وهو لم يبلغ الرابعة عشرة، ونزلت كاترين عن وصيتها، ولكنها لم تنزل عن قيادتها. ففي مارس 1564 قادت الملك وحاشيته في رحلة تخترق فرنسا، من جهة لترى الأمة مليكها الجديد، ومن جهة أخرى لتدعم السلام الهش.
قصة الحضارة ج29 ص185-187، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> الصراع على فرنسا -> حكم الدم
 
الهيجونوت واليسوعيون والكاثوليك!!
مذابح وحروب فرنسا الداخلية (مسيحية-مسيحية ) في ستينات وسبعينات القرن ال16
بعد حرق الهيجونوت لكنائس الكاثوليك(بعد منتصف القرن ال16) ومرور عقود زحف اليسوعيون ايضا على فرنسا مااثار الكاثوليك
وهنا حدثت مدابح وذلك بعد مااسماه ديورات بنهاية الحروب الدينية الاولى
قال ديورات:"ولم يكن من غير المألوف أن يشنق حكام الأقاليم المواطنين لا لجريمة سوى أنهم هيجونوت(43). وفي نيم ذبح البروتستنت ثمانين كاثوليكياً (1567)(44). وبين عامي 1561 و 1572 اقترفت ثماني عشرة مذبحة للبروتستنت، وخمس للكاثوليك، وأكثر من ثلاثين اغتيالاً(45)."
من النص التالي:
:"وفي عام 1564 دخل اليسوعيون فرنسا، وأثارت عظاتهم حماسة الكاثوليك، وحولوا في باريس خاصة نفراً من الهيجونوت لمذهبهم. أما في الأقاليم فقد ألغي رد الفعل الكاثوليكي كثيراً من المكاسب البروتستنتية. وانتهكت مراسيم التسامح المرة بعد المرة، وأفرخت الهمجية في ظل المذهبين. ولم يكن من غير المألوف أن يشنق حكام الأقاليم المواطنين لا لجريمة سوى أنهم هيجونوت(43). وفي نيم ذبح البروتستنت ثمانين كاثوليكياً (1567)(44). وبين عامي 1561 و 1572 اقترفت ثماني عشرة مذبحة للبروتستنت، وخمس للكاثوليك، وأكثر من ثلاثين اغتيالاً(45). واستقدمت كاترين الجنود المرتزقة من سويسرة ولم تعط كونديه جواباً شافياً حين سألها عن قصدها من استقدامهم، واعتقد كونديه وكوليني أن حياتهما في خطر، فحاولا مع أتباعهما المسلحين أن يقتلوا الملك والملكة الأم في مو (سبتمبر 1567) ولكن مونمورنسي أحبط المحاولة. وأصبحت كاترين تخشى كوليني خشيتها جيز من قبل.
وأحس كوليني وكونديه أن الحاجة ماسة لحرب ثانية ترد للهيجونوت ولو حقوقهم المحدودة. فاستقدما هما أيضاً المرتزقة لا سيما من ألمانيا تعزيزاً لقواتهما المستنزفة، واستوليا على أورليان ولاروشل وزحفا على باريس وطلبت كاترين التعزيزات من ألفا، فوافاها بها فوراً، وفي سان دنيس، خارج العاصمة مباشرة، قاد مونمورنسي ستة عشر ألف رجل ضد جيش كونديه في معركة من أبشع هذه الحروب وأقلها حسماُ. ومات مونمورنسي من جراحه. وراحت فرنسا مرة أخرى تتساءل أي دين هذا الذي يدفع الناس إلى مذابح كهذه، واغتنم لوبيتال الفرصة ليرتب صلح لونجومو (33 مارس 1568)، الذي رد التسامح المتواضع الذي منحه مرسوم امبواز.
وندد الكاثوليك بالمعاهدة ورفضوا تنفيذ شروطها. واحتج كوليني لدى كاترين، فدافعت عن نفسها بضعفها. وفي مايو 1468 أبلغ خوان دي ثونيجال، سفير أسبانيا في روما، أنه سمع من البابا بيوس الخامس أن الحكومة الفرنسية تنظر في اغتيال كوليني وكونديه(46). ولعل مثل هذا النبأ قد نمى إلى الزعيمين البروتستنتيين، فهربا إلى لاروشيل، حيث انضمت إليهما جان دالبير وابنها، الذي بلغ الآن خمسة عشر عاماً وكان يتحرق للعمل. وتكون جيش هيجونوتي جديد، وحشد أسطول، وعززت الأسوار، وصدت كل محاولات بذلتها قوات الحكومة لدخول المدينة. وقبلت المراكب الخاصة الإنجليزية تفويض كونديه، ورفعت رايته، وانقضت على كل ثروة كاثوليكية تقع في يدها(42). وأصبح كونديه السيد المتصرف جنوبي اللوار.أما كاترين فقد اعتبرت هذه الحرب الدينية الثالثة ثورة، ومحاولة لقسم فرنسا إلى أمتين واحدة كاثوليكية والأخرى بروتستنتية. ولامت لوبيتال على فشل سياسات التوفيق التي أخذ بها، فاستقال، وأحلت مكانه في منصب المستشار مشايعاً متعصباً لآل جيز. وفي 28 سبتمبر 1568 ألغت الحكومة مراسيم التسامح وحظرت البروتستنتية في فرنسا.
وأخذت القوات المتنافسة تتجهز لحرب فاصلة طوال ذلك الشتاء. . وفي 3 مارس 1569، التحمت في جارناك قرب أنجوليم. فهزم الهيجونوت، واستسلم كونديه بعد أن أعيته إصاباته، ولكنه ضرب بالنار من المؤخرة ومات. فتسلم كوليني القيادة وأعاد تنظيم الجيش لتقهقر منظم. وفي موكونتور هزم الهيجونوت ثانية، ولكن كوليتي استعاد ببراعة التخطيط ما خسره في المعركة، وزحف الهيجونوت الذين لا تفل لهم عزيمة، برغم افتقارهم إلى الانتصارات، وبلا طعام تقريباً، حتى لم يبق بينهم وبين باريس غير مسيرة ساعات (1570). وعلى الرغم من الاعانات المالية التي أرسلتها روما وأسبانيا، وجدت الحكومة مشقة في تمويل جيوشها وحمل النبلاء الكاثوليك على البقاء في ساحة القتالأكثر من شهر أو شهرين كل مرة. واجتاحت جحافل المرتزقة خلال ذلك البلاد تنهب الكاثوليك والبروتستنت على السواء وتقتل كل من يجرؤ على المقاومة.
وعرضت كاترين على كوليني تجديد معاهدة لونجومو، فرفضها لأنها لا تفي بالغرض، وواصل زحفه. هنا أكد الملك الفتي شارل التاسع سلطته فجأة (قلت: هو ابن كاترين التي كانت الحاكمة الفعلي للبلاد!)وأبرم في سان جرمان (8 أغسطس 1570) صلحاً أعطى الهيجونوت الذين هربوا مرارا من قبل أكثر مما كسبوا في أي وقت مضى، أعطاهم حرية العبادة إلا في باريس أو على مقربة من البلاط، وحقهم الكامل في تقلد المناصب العامة، وحق الاحتفاظ بأربع مدن تحت حكمهم المستقل مدى عامين ضماناً لاحترام تنفيذ هذه الشروط. واستشاط الكاثوليك غضباً
قصة الحضارة ج29 ص187-189 بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> الصراع على فرنسا -> حكم الدم
 
مذبحة المذابح!!!
نص النصوص في مذابح فرنسا المسيحية الداخلية!!!
"مذبحة ندر أن عرفتها المدن" -والتعبير لديورانت-في فرنسا
تفتتح الحرب الدينية الرابعة
ذلك بعد اضطرام الصراع بين الهيجونوت-وحرقهم كنائس الكاثوليك في فرنسا ودخول اليسوعين فرنسا كمجتمع جديد كما في النصين السابقين-!!!
مذبحة أمر بها الملك شارل التاسع(وأمه) ابن كاترين البروتستانتي (التي هزمت الاتراك في ليبانتو كما قال ديورانت ج29 ص192)وأم فرانسيسي الثاني
فتحت عنوان المذبحة قال ديورانت
:"وبينما كانت كاترين وبعض أعضاء المجلس مجتمعين في التويلري، اندفع إلى الاجتماع عميل لأنجو يسمي بوشافان معلناً أن الهيجونوت في بيت كوليني يخططون لفتنة عنيفة...وسرعان ما أحاطت كاترين ومستشارها بالحاكم الشاب الذي شارف الآن على الجنون لفرط انفعاله. وأكدت له كاترين أن ثلاثين ألفاً من الهيجونوت يخططون لاعتقاله في الغد وخطفه إلى قلعة بروتستنتية حيث يظل أسيراً لا حول له ولا قوة، أو لم يحاولوا من قبلاً أن يضربوا هذه الضربة مرتين؟ فإذا تم لهم النصر قتلوها للشبهة في إصدارها الأمر بالاعتداء على الأميرال أو السماح بهذا الاعتداء. وقيل للفتى ذي الثلاثة والعشرين ربيعاً أن يختار بين حياة أمه أو حياة ستة من الهيجونوت. فلو أنه رفض الموافقة وتغلبت باريس الكاثوليكية على الثورة، لتنحى جانباً لأنه جبان أحمق. ولكنه قاوم هذه الحجج، وسأل، لم لا يكفي أن يقبض على زعماء الهيجونوت ويحاكموا قانونياً، وأجاب المستشارون أن الوقت فات لتفادي الثورة بمثل هذا الإجراء. وهددته كاترين بأنها ستنسحب إلى إيطاليا وتتركه لمصيره. وأخيراً، بعد أن قارب الليل أن ينتصف، وفي نوبة من الانهيار العصبي والغضب، صاح شارل، "قسماً بموت الإله "، ما دمتم تريدون قتل الأميرال، فأنا موافق، ولكن يجب أن تقتلوا جميع الهيجونوت في فرنسا، حتى لا يبقى منهم أحد ليلومني... اقتلوهم جميعاً! اقتلوهم جميعاً! " وبعد ان لعن وجدف ، هرب من مستشاريه وحبس نفسه في حجرته. وإذا كان المتآمرون قد دبروا قتل نفر من الهيجونوت، فإنهم اغتنموا الآن فرصة هذا الأمر المجنون الذي نطق به الملك ليستأصلوا شافة الهيجونوت ما أمكنهم ذلك... وأرسل هنري جيز كلمة إلى ضباط المليشيا بأن على رجالهم حالما يسمعون ناقوس الخطر يقرع أن يذبحوا كل هيجونوتي يعثرون عليه؛ أما أبواب المدينة فتقفل لتمنع الهاربين من الهروب.
وبينما كان الظلام لا يزال مخيماً قاد جيز نفسه ثلاثمائة جندي إلى المبنى الذي ينام فيه كوليني. وكان على مقربة منه باريه طبيبه، وميرلان سكرتيره، ونيقولا خادمه. وأيقظهم وقع أقدام جند مقبلين، ثم سمعوا طلقات وصياح- كان حرس كوليني يقتلون. واندفع صديق إلى الحجرة وهو يصيح "لقد قضي علينا! " وأجاب الأميرال، "إنني اعددت نفسي للموت منذ زمن طويل، فأنقذوا أنفسكم، لا أريد أن يلومني أحباؤكم على موتكم. أستودع روحي لرحمة الله ". وهربوا واقتحم جند جيز الباب فوجدوا كوليني راكعاً يصلي، وطعنه جندي بسيفه وشق وجهه، وطعنه آخرون، ثم قذف من النافذة وهو حي بعد فسقط على الرصيف أسفلها عند قدمي جيز. وبعد أن تأكد الدوق من موت كوليني أمر رجاله بأن ينتشروا في باريس ويذيعوا هذه العبارة "اقتلوا! اقتلوا! هذا أمر الملك " وفصل رأس الأميرال عن جسده وأرسل إلى اللوفر- وقيل إلى روما(71)، أما الجسد فسلم للجماهير التي مثلت به تمثيلاً وحشياً فقطعت الأيدي والأعضاء التناسلية لتعرضها للبيع، وعلقت بقيته من عرقوبيه(72).
وأرسلت الملكة خلال ذلك الأوامر لدوق جيز بوقف المذبحة لشعورها بشيء من الندم أو الخوف. وكان الجواب أن الأوان فات، أما وقد مات كوليني. فلا بد من قتل الهيجوت وإلا فهم لا محالة ثائرون. وخضعت كاترين وأمرت بقرع ناقوس الخطر. وتلت ذلك مذبحة ندر أن عرفتها المدن حتى في جنون الحرب، واغتبطت الجماهير باطلاق دوافعها المكبوتة لتضرب وتوجع وتقتل. فاقتنصت وذبحت من الهيجونوت وغيرهم عدداً يتفاوت بين الألفين وخمسة الآلاف، واستطاع من بيتوا نية القتل من قبل أن يقتلوا الآن خصومهم وهم آمنون من العقاب؛ واغتنم الأزواج المعذبون أو الطامعون والزوجات الفرصة ليتخلصوا من زوجاتهم وأزواجهن غير المرغوب فيهم، وذبح التجار منافسيهم، ودل الورثة المنتظرون على أقربائهم الذين طال ترقبهم لموتهم واتهموهم بأنهم هيجونوت(73). وقتل راموس الفيلسوف بتحريض أستاذ حسود. واقتحم كل بيت اشتبه في إيوائه الهيجونوت وفتش. وجر الهيجونوت وأبناؤهم إلى الشوارع وذبحوا ذبح الأنعام وانتزعت الأجنة من بطون أمهاتهم القتيلات وهشموا(74). وما لبثت الجثث أن تناثرت على أرصفة الشوارع، وأخذ الصبية يلعبون ألعابهم فوقها. ودخل حرس الملك السويسريون المعمعة وراحوا يذبحون في غير تمييز للذة الذبح الخالصة. وقتل رجال مقنعون الدوق دلاروشفوكو الذي لعب التنس مع الملك بالأمس، وقد حسبهم جاءوا يدعونه إلى حفلة ملكية. ودعي النبلاء والضباط الهيجونوت الذين انزلوا قصر اللوفر باعتبارهم حاشية ملك نافار إلى الفناء وضربوا بالنار واحداً بعد الآخر عند وصولهم. أما هنري فكان قد خرج ليلعب التنس بعد أن استيقظ في الفجر. وأرسل شارل في طلبه هو وكونديه وخيرهما بين "القداس او الموت " واختار كونديه الموت ولكن الملكة أنقذته. أما نافار فوعد بالامتثال فأبقى عليه. وأما عروسه مارجريت النائمة نوماً مضطرباً فقد أيقظها هيجونوتي جريح اندفع إلى حجرتها وفراشها، فأقنعت مطارديه بألا يقتلوه. ذكر السفير الأسباني في تقريره "إنهم يقتلونهم جميعاً وأنا أكتب هذا، إنهم يعرونهم.. ولا يعفون أحداً حتى الأطفال. تبارك الله!(75) " أما وقد أصبح القانون ذاته خارجاً على القانون، فقد انطلق السلب والنهب في غير قيد، وأبلغ الملك أن بعض حاشيته شاركوا في نهب العاصمة. والتمس منه بعض المواطنين المروعين عندما اقتربت الظهيرة أن يأمر بوقف المذبحة، وعرضت جماعة من شرطة المدينة أن تعاون على استتباب الأمن. فأصدر الأوامر بوقف المذبحة، وأمر الشرطة بأن يحبسوا البروتستنت حماية لهم؛ ثم أنقذ بعض هؤلاء، وأغرق غيرهم بأمره في السين. وهدأت المذبحة هنيهة. ولكن حدث في يوم الاثنين الخامس والعشرين من الشهر، أن شجيرات الشوك البري أزهرت في غير أوانها في مقبرة الأطفال؛ وهلل الكهنة للأمر حاسبينه معجزة، وقرعت أجراس الكنائس في باريس احتفالاً به، وظنت الجماهير أن هذا القرع دعوة إلى تجديد المذبحة، فأستؤنف القتل من جديد. وفي يوم السادس والعشرين ذهب الملك في موكب رسمي هو وحاشيته إلى قصر العدالة مخترقاً الشوارع التي ما زالت الجثث مبعثرة فيها، وشهد لبرلمان باريس في فخر بأنه أمر بالمذبحة... وفي اليوم الثامن والعشرين زار الملك والملكة الأم والحاشية عدة كنائس في احتفال ديني للشكر على تخليص فرنسا من الهرطقة ونجاة الأسرة المالكة من الموت.
وحذت الأقاليم حذو باريس باسلوب الهواة، فارتكبت المذابح الجنونية بوحي الأنباء الواردة من العاصمة ليون، وديجون، وأورليان، وبلوى، وتور، وتروا، ومو، وبورج، وانجيه، وروان، وتولوز (24 - 26 أغسطس). وحسب جاك دتو 800 ضحية في ليون، 1.000 ضحية في أورليان. أما الملك فقد شجع هذه الإبادة، ثم نهى عنها، ففي السادس والعشرين من الشهر أرسل تعليمات شفوية لحكام الأقاليم بأن يقتلوا كل زعماء الهيجونوت(76)، وفي السابع والعشرين أرسل اليهم أوامر مكتوبة بأن يحموا البروتستنت المسالمين الممتثلين للقانون... أما في تروا وأورليان فقد أرخى الأساقفة العنان للمذبحة(80)، وفي بوردو أعلن يسوعي أن الملاك ميخائيل قد أمر بالمذبحة، وندد ببطىء الحكام في إصدار أوامر القتل. وأغلب الظن أن الاقاليم ساهمت بخمسة آلاف ضحية، وباريس بنحو ألفين، ولكن بعضهم يقدر جملة الضحايا بعدد يتفاوت من خمسة آلاف(81) إلى ثلاثين ألفاً(82). وأغضى الكاثوليك عموماً عن المذبحة باعتبارها انفجاراً للغيظ والثأر بعد سنين من اضطهاد الهيجونوت للكاثوليك(83). أما فليب الثاني فقد ضحك على غير عبوسه وجهامته المألوفة حين سمع النبأ، وحسب أنه لن يكون هناك خطر من تدخل فرنسا في الأراضي المنخفضة. أما الممثل البابوي في باريس فكتب إلى روما يقول: "أهنئ قداسة البابا من أعماق قلبي على أن يد الله جل جلاله شاء في مستهل بابويته أن يوجه شئون هذه المملكة توجيهاً غاية في التوفيق والنبل، وأن يبسط حمايته على الملك والملكة الأم حتى يستأصلا شأفة هذا الوباء بكثير من الحكمة، وفي اللحظة المناسبة حين كان كل المتمردين محبوسين في القفص(84). " وحين وصل النبأ إلى روما نفح كردينال اللورين حامله بألف كراون وهو يهتز طرباً. وسرعان ما أضيئت روما كلها، وأطلقت المدفعية من قلعة سانت أنجلو، وقرعت الأجراس في ابتهاج، وحضر جريجوري الثالث وكرادلته قداساً مهيباً لشكر الله على "هذا الرضى الرائع الذي أبداه للشعب المسيحي "، والذي أنقذ فرنسا والكرسي البابوي المقدس من خطر عظيم. وأمر البابا بضرب مدالية خاصة تذكاراً لهزيمة الهيجونوت أو ذبحهم(85)- وعهد إلى فازاري بأن يرسم في الصالة الملكية بالفاتيكان صورة للمذبحة تحمل هذه العبارة- "البابا يوافق على قتل كوليني (86).
أما أوربا البروتستنتية فقد دمغت المذبحة بأنها همجية كلها جبن ونذالة. وأخبر وليم أورنج المبعوث الفرنسي أن شارل التاسع لن يستطيع أبداً أن يغسل يديه من دم الجريمة. وفي إنجلترا أحدق المطالبون بالثأر باليزابيثونصحها الأساقفة بأن السبيل الوحيد لتهدئة غضب الشعب أن تعدم على الفور كل الكاثوليك الذين أودعوا السجون لرفضهم حلف يمين الولاء؛ أو على الاقل يجب إعدام ملكة اسكتلندة فوراً(88). على أن اليزابيث احتفظت بهدوئها. وارتدت ثياب الحداد الثقيل لتستقبل السفير الفرنسي، وقابلت توكيداته بأن المذبحة فرضتها مؤامرة الهيجونوت الوشيكة بعدم التصديق الواضح. ولكنها واصلت ضرب إسبانيا بفرنسا، ومماطلة النسون في الاستجابة لطلب يدها، وفي نوفمبر وافقت على أن تكون عرابة لابنة شارل التاسع.
أما كاترين فقد خرجت من المقتلة مبتهجة منتعشة؛ لقد خضع لها الملك الآن من جديد، وبدا ان مشكلة الهيجونوت حلت. ولكنها أخطأت التقدير، إذ تبين أن ارتداد الكثيرين من البروتستنت الفرنسيين الذين ارتضوا اعتناق الكاثوليكية بديلا عن الموت لم يكن غير ارتداد مؤقت. فما مضى شهران على المذبحة حتى افتتح الهيجونوت الحرب الدينية الرابعة...وانصرف رجال الفكر من الهيجونوت عن شارل التاسع في اشمئزاز شديد، وهم الذين أعلنوا من قبل ولاءهم له، وراحوا يشككون لا في حق الملوك الإلهي فحسب بل في نظام الملكية ذاته. ونشر فقيه هيجونوتي يدعى فرانسوا أوتمان بعد سنة من فراره إلى سويسرة عقب المذبحة كتاباً فيه هجوم عنيف على شارل سماه "الضجة الغالية "، وقال فيه إن جرائم ذلك الملك أحلت شعبه من يمين الولاء له، وأنه مجرم لا بد من عزله. وقبل أن ينصرم العام أصدر أوتمان من جنيف كتابه "غالة الفرنسية " وهو أول محاولة حديثة في كتابة التاريخ الدستوري، وحجته أن الملكية الغالية- الفرنسية قامت على الانتخاب، فالملك- إلى عهد لويس الحادي عشر- كان خاضعاً لمجلس شعبي من نوع ما، والبقايا الهزيلة التي تخلفت من هذه السلطة الانتخابية هي هذه "البرلمانات " الذليلة، ومجلس الطبقات الذي طال إغفاله؛ وهذه السلطة منحت لتلك الهيئات بتفويض من الشعب. "فالشعب وحده صاحب الحق في انتخابات الملوك وعزلهم(89) ". ثم طالب باجتماع مجلس الطبقات دورياً، فهذه الهيئة دون سواها هي التي يجب أن يكون لها سلطة إصدار القوانين، وتقرير الحرب أو السلم، والتعيين في المناصب الكبرى، وتنظيم ولاية العرش، وعزل الملوك الفاسدين. فها هنا بداية هزيم الرعود التي انطلقت عام 1789.
على أن الحياة ذاتها هي التي أنزلت شارل التاسع من عرشه بعد قليل. ذلك أن الخير والشر قد اصطرعا داخله حتى تحطم جسده السقيم بفطرته تحت وطأة الصراع. كان حيناً يشعر بالارتياح الخبيث لجرأة جريمته وعنفها، وحيناً ينحى على نفسه باللوم لأنه وافق على المذبحة؛ وظلت صرخات القتلى من الهيجونوت ترن أذنيه وتطرد النوم عن اجفانه. وبدأ يؤنب أمه ويقول له "من غيرك تسبب في هذا كله؟ قسماً بدم الإله إنك أنت السبب في كل ما حدث ". أما هي فكانت تشكو من أن ولدها مجنون(90). ورانت عليه الكآبة والحزن، وبات نحيل الجسد شاحب الوجه. وكان فيه استعداد قديم للسل، فلما ضعفت مقاومته هدّه المرض، وما أن أقبل عام 1574 حتى كان يبصق الدم. وفي الربيع اشتد نزيفه وعاودته رؤى ضحاياه، وصاح بممرضته "أي سفك للدماء "، أي قتل! يا لها من مشورة شريرة تلك التي اتبعتها! غفرانك ربي!... إنني هالك!(91) ". وأرسل يوم وفاته- 30 مايو 1574 في طلب هنري نافار
قصة الحضارة ج29 ص195-204، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> الصراع على فرنسا -> المذبحة
 
متى تمرد الغربيون(أو بالأحرى حاولوا) تدريجيا، بالفلسفة أولا،(وهي خليط من مؤثرات شتى ومنها المؤثرات الإسلامية علمية وعقلية وواقعا تسامحيا عاش في عالمه الإجتماعي الجميع) على المسيحية، والملوك، والباباوات، والحروب التي كانت ماتزال شغالة وقائمة خصوصا داخليا(المسيحية-المسيحية)؟
هذا نص سأضعه في موضعه من كتابي عن عزمي بشارة، ويمكن استخدامه في موضوع الظروف الأوروبية لخلع المسيحية والتمرد على زياداتها الكهنوتية-وكلها زيادات على أصلها السماوي، وسياسات كهنتها وباباواتها ملوكها المسيحيين!!
فبعد أن عرض ديورانت أكبر مذبحة فرنسية داخلية تمت بأوامر كاترين وإبنها الملك شار الخامس، راح يكلمنا عن أكثر من هنري حتى وصلنا إلى هنري الثالث "جميع الهيجونوت بأن يعتنقوا الكثلكة أو يرحلوا عن فرنسا"
:"هنري الثالث
1574-1589
بعد أن تربع الدوق أنجو فترة قصيرة على عرش بولندة عاد في الرابعة والعشرين ليعتلي عرش فرنسا باسم هنري الثالث، آخر ملوك فالو الفرنسيين... وانتشل بعض أجزاء باريس من قذارتها إلى حسن العمارة والنظافة. وأعان الأدب والمسرح. وبذل جهوداً متقطعة للنهوض بالادارة. وتكفيراً عن كل سيئاته حج مرات راجلاً إلى شارتر وكليري، وفي باريس مشى من كنيسة إلى كنيسة-وهو يعبث بمسبحات كبيرة، وجمع في حماسة الكثير من الصلوات الربانية والسلامات المريمية، وسار في مواكب »التائبين الزرق« الليلية الرهيبة وجسده في غرارة بها ثقوب لقدميه وعينيه. ولم يعقب...وكانت كاترين تتوق إلى السلام وقد تقدم بها العمر، ولكن الهيجونوت ما زالوا ثائرين، فهم يائسون ولكنهم لم يذلوا. وكان أخوه الدوق ألينسون يتودد إلى ملكة بروتستنتية تجلس على عرش إنجلترا، وإلى ثوار بروتستنت في الأراضي المنخفضة...وكانت أقلية من زعماء الكاثوليك، ساهم نقادهم بـ »السياسيين«، تعتنق أفكار لوبيتال (الذي مات حزيناً عام 1573)، فاقترحوا التسامح المتبادل بين المذهبين المقتتلين، ودافعوا عن فكرة مكروهة في المعسكرين، وهي أن في استطاعة الأمة أن تحيا دون وحدة في العقيدة الدينية. وقالوا إن على فرنسا إذا حظر البابوات مثل هذا التوفيق بين الفريقين أن تقطع روابطها الدينية مع روما. فلما خاف هنري التعاون بين هؤلاء السياسيين والهيجونوت، وخشي غارات الجنود الألمان القادمين لتعزيز قوة البروتستنتية، أنهى عام 1576 الحرب الدينية الخامسة بتوقيعه »صلح الموسيو« في يوليو، واصداره مرسوم تهدئة-وهو مرسوم يوليو-الذي منح الهيجونوت حرية العبادة في كل مكان بفرنسا، وحق اختبارهم لجميع المناصب، وسمح لهم بثماني مدن يكون لهم فيها كامل السلطة السياسية والعسكرية.
وصدمت هذه التنازلات الممنوحة لفريق ظن الناس أنه تحطم وانتهى معظم الكاثوليك الفرنسيين، لا سيما جماهير باريس الشديدة التمسك بعقيدتها. وكان كردينال اللورين قد اقترح عام 1562 »حلفاً مقدساً« يقسم أعضاؤه على الدفاع عن الكنيسة بكل وسيلة أياُ كانت، وبأي ثمن كائنا ما كان. ونظم هنري جيز مثل هذا الحلف في شميانيا عام 1568. ومن ثم ألفت الآن جماعات كهذه في كثير من الأقاليم. وفي عام 1576 أعلن الدوق جهاراً تأليف »الحلف المقدس« واستعد لنزال يسحق به الهيجونوت سحقاً.
ولا حاجة بنا لتتبع سير الحروب الدينية السادسة والسابعة والثامنة إلا في تأثيرها على مجرى الأفكار في فرنسا. هنا دخلت الفلسفة ساحة الوغى مرة أخرى. ففي عام 1579 أصدر مؤلف غير معروف الاسم- ربما كان فليب دوبليسي- مورنيه- أحد مستشاري نافار-من بازل بياناً مثيراً سماه »دفاع (عن حقوق الشعب) ضد الطغاة«. كتبه باللاتينية، ولكن سرعان ما ترجم إلى اللغات القومية. وقد دام أثره قرناً كاملاً واستخدمه الهيجونوت في فرنسا، والهولنديون ضد فيلب، والبيورتان ضد تشارلز الأول، والوجز تبريرا لعزلهم جيمس الثاني. واتخذت النظرية القديمة، نظرية »العقد الاجتماعي« الضمني المبرم بين الشعب وحاكمه، شكلاً محدداً في هذا الكتاب، وسنشهدها مرة أخرى في هوبز، ولوك، وروسو. فالحكومة أولاً هي ميثاق بين الله، والشعب، والملك، لدعم »الدين الحق« والامتثال له-وهو البروتستنتية في هذه الحالة، وأي ملك يقصر في هذا يحل عزله-والحكومة ثانياً هي ميثاق بين الملك والشعب، الأول ليحكم بالعدل، والثاني ليطيع مسالماً. والملك والشعب على السواء خاضعان للقانون الطبيعي. أي قانون العقل والعدالة الطبيعية، الذي يمثل القانون الأدبي الإلهي، ويعلو على كل قانون »وضعي« (أي من صنع الإنسان). أما وظيفة الملك فصيانة القانون الوضعي والطبيعي والإلهي، فهو اداة القانون لا سيده. »والرعايا... بوصفهم هيئة، يجب اعتبارهم سادة المملكة وأصحابها المطلقين« ولكن من الذي يقرر أن الملك طاغية؟ لا الشعب في جمهوره، »ذلك الوحش الكثير الرؤوس«، بل ليقرر ذلك القضتة، أو مجلس كمجلس الطبقات الفرنسي مثلا. ولا يصح أن يتبع كل فرد خاص ضميره، فقد يحسب هواته ضميره، وهنا تأتي الفوضى، ولكن إذا دعاه القاضي للعصيان المسلح فعليه أن يلبي الدعوة. على أنه يحل قتل الطاغية بيد أي إنسان إذا كان مغتصباً(4).
واشتد صراع القوى والأفكار بعد أن مات دوق ألينسون (1584)
واعترف هنري الثالث بهنري نافار وريثاً افتراضياً للعرش. وكف الهيجونوت بين عشية وضحاها عن حديث الطغيان والعزل وأصبحوا المؤيدين المتحمسين للشرعية لما توقعوا من قرب انهيار ملك فالوا المتهافت وتسليمه فرنسا لرجلهم البروتستنتي البوريوني. وإذا القوم يعرضون عن كتاب »الدفاع« الذي كان بالأمس القريب بياناً هيجونوتياً، بل إن أوتمان ذاته صرح بأن مقاومة هنري نافار خطيئة(5). ولكن أكثر فرنسا كان يقشعر فرقاً من فكرة ملك هيجونوتي يتربع على عرشها. فكيف يمكن أن تمسح الكنيسة بالزيت المقدس بروتستنتياً في مدينة رامس؟ وهل يستطيع أحد يغير هذه المسحة أن يكون ملكاً شرعياً لفرنسا؟ أما رجال الاكليروس السنيون، يتزعمهم اليسوعيون المتحمسون، فقد نددوا بالوراثة وأهابوا بجميع الكاثوليك أن ينضموا إلى الحلف. وانضم إليه هنري الثالث بعد أن جرفه هذا التيار، وأمر جميع الهيجونوت بأن يعتنقوا الكثلكة أو يرحلوا عن فرنسا. . وناشد هنري نافار أوربا أن تعترف بعدالة قضيته، ولكن البابا سيكستوس الخامس حرمه، وصرح بأنه لا يمكن أن يرث العرش لأنه زنديق سادر في زندقته. وهنا أعلن شارل، كردينال بوربون، نفسه وريثاً افتراضياً للعرش. وعاودت كاترين محاولتها في سبيل السلام، فعرضت أن تؤيد نافار إذا تخلى عن بروتستنتيته، ولكنه أبى، وامتشق الحسام على رأس جيش بعضه كاثوليكي، واستولى على ست مدن في ستة شهور، وهزم جيشاً للحلف يبلغ ضعف جيشه عند كوترا (1587).
وسيطر الهيجونوت الآن وهم لا يتجاوزون جزءاً على اثني عشر من السكان(6) على نصف مدن فرنسا الكبرى(7).
قصة الحضارة ج29 ص207-211، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هنري الرابع -> هنري الثالث
-
بعد النص:
"وفر هنري الثالث إلى شارتر وقد شعر بالهوان وتوعد بالانتقام...إلى هدفه الذي تحقق (24 ديسمبر 1588). ثم أمر بسجن زعماء الحلف وقتل الكردينال جيز أخي الدوق. وفي فخر ورعب أنهى إلى أمه بطولاته التي ناب فيها عنه غيره، فعصرت يديها في يأس وقالت له »إنك خربت المملكة«.
ولم يمض اثنا عشر يوماً حتى ماتت في التاسعة والستين...ودفنت في مقبرة عامة ببلوا، لأن حكومة الستة عشر أعلنت أنها ستلقى جثثها في السين إذا جئ بها إلى باريس. واتهم نصف فرنسا هنري الثالث بالقتل، وجاب الطلاب الشوارع مطالبين بعزله، اما لاهوتيو السوربون يؤيدهم البابا فقد أحلوا الشعب من ولائه للملك، ودعا القساوسة إلى المقاومة المسلحة له في كل مكان. وقبض على مؤيدي الملك، واحتشد الرجال والنساء داخل الكنائس مخافة أن يحسبوا من أنصار الملك. واعتنق مؤلفو كراريس الحلف الايديولوجية السياسية للهيجونوت، فأعلنوا أن الشعب صاحب السيادة، وله الحق في خلع الطاغية عن طريق البرلمان أو القضاة، وأي ملك في المستقبل ينبغي أن يخضع للقيود الدستورية، وأن يكون واجبه الأول فرض الدين الحق- وهو الكاثوليكية في هذه الحالة(8).
أما هنري الثالث، الموجود الآن في تور مع بعض النبلاء والجنود، فقد وجد نفسه بين نارين. فجيش الحلف يزحف عليه من الشمال بقيادة دوق مايين، وجيش نافار يزحف من الجنوب فاتحاً المدينة تلو المدينة، إذن فإحدى القوتين قابضة عليه لا محالة. واغتنم هنري الهيجونوتي فرصته، فأوفد دوبليس- مورني ليعرض على الملك محالفته وحمايته وتأييده. والتقى الهنريان عند بليسي- لي- تور وتعاهدا بوفاء كل منهما لصاحبه (30 ابريل 1589). وهزم جيشاهما المتضافران مايين وزحفا على باريس.
" ص211-213
 
وفي بواكير عام 1595 أمر برلمان باريس اليسوعيين بالرحيل عن فرنسا بناء على التماس من الاكليروس العلماني في السوربون.
قصة الحضارة ج29 ص218، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هنري الرابع -> الطريق إلى باريس
 
حرب المائة عام(القرن ال15) وحروب فرنسا الداخلية قبل الدخول مباشرة في القرن ال17
" أن اثنين وثلاثين عاماً من »الحروب« الدينية خلفت في فرنسا من الخراب والفوضى ما خلفته حرب المائة عام في القرن السابق. فبحرية فرنسا التجارية كادت تختفي من البحار، وقد بلغ عدد البيوت التي دمرت ثلاثمائة ألف، وأعلن الحقد تعطيله للفضيلة، وسمم فرنسا بشهوة الانتقام. وأغار الجنود المسرحون على الطرق والقرى سرقة وتقتيلاً وتآمر النبلاء ليفرضوا استرداد سيادتهم الاقطاعية ثمناً لولائهم للملك، وكانت الأقاليم التي طال تركها معتمدة على مواردها تقسم فرنسا إلى دويلات مستقلة ذاتياً
قصة الحضارة ج29 ص218، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هنري الرابع -> الملك الخلاق
 
هنري نافرا في طريقه لفرنسا عام 1589م، (بعد فتح المدينة تلو المدينة) وهو الذي تعاهد أخيرا مع هنري الثالث الذي كان قد هرب من ملكه فزحفا معا على باريس وبعدها"اعترف هنري الثالث بهنري نافار وريثاً افتراضياً للعرش":" الطريق إلى باريس
(1589-1594)
بلغ هنري نافار الآن نقطة الحسم في حياته. لقد وجد نفسه فجأة، يحكم القانون والتقاليد، ملك فرنسا. ولكن نصف جنده تركوه بمثل هذه السرعة الفجائية تقريباً. أما النبلاء الموالون لهنري الثالث فقد انطلقوا إلى ضياعهم؛ واختفى معظم الكاثوليك الذين كانوا يحاربون في جيشه. ورفض ثلثا فرنسا فكرة الملك البروتستنتي رفضاً باتاً. أما جماعة »السياسيين« فقد أسكنهم الاغتيالان برهة؛ واعترف برلمان باريس بالكردينال بوربون ملكاً على فرنسا؛ ووعد فليب ملك أسبانيا الحف بذهب الأمريكتين ليحتفظ بفرنسا في حظيرة الكاثوليكية. وكان التفسخ الذي أصاب إنتاج فرنسا وتجارتها قد جلب على البلاد من الدمار ما لم يبق لها معه إلا نشوة الحقد والكراهية القاتلة. وهو أمر لم يحزن فليب كثيراً.
كان محالاً على نافار أن يهاجم مدينة كباريس تكن له العداء الشديد، بجيش انفرط عقده وتقلص عدده. ومن ثم فقد عمله في كفاية قيادية، عطلتها خليلاته أكثر مما عطلها العدو، إلى سحب قواته إلى الشمال ليتلقى المعونة من إنجلترا، وتبعه مايين مما أتاحت له بدانته من سرعة. والتقى الجيشان عند آرك جنوبي دبيب مباشرة، وعدة جيش هنري 7.000، وجيش مايين 23.000 (21 سبتمبر 1589). ونستطيع أن نفهم نتيجة المعركة من رسالة هنري إلى رفيقه في السلاح كريون، »أشنق نفسك أيها الشجاع كريون، لقد خضنا المعركة عند آرك، ولم تكن أنت هناك« وشدد الانتصار من عزيمة أعوان هنري السريين في كل مكان. ففتحت عدة مدن أبوابها له مغتبطة، واعترفت به جمهورية البندقية ملكاً؛ أما اليزابث التواقة كالبندقية إلى الحيلولة دون سيطرة أسبانيا على فرنسا، فقد أرسلت له 4000 جندي، و 22.000 جنيه ذهبي، و 70.000 رطل من البارود، وشحنات من الأحذية، والطعام، والنبيذ، والجعة. ورد فليب على هذا بارساله تجريدة من فلاندر إلى مايين. والتقى الجيشان المعززان عند إفري على نهر أور في 14 مارس 1590. ورشق هنري في خوذته ريشة شرف كبيرة بيضاء- لا يكاد المرء يسميها ريشة طائر بيضاء- وقال لجنده »إذا فرقكم وطيس المعركة لحظة فتجمعوا تحت أشجار الكمثري تلك التي ترونها على يميني، وإذا فقدتم أعلامكم فلا تغفلوا عن ريشتي البيضاء- ستجدونها دائما في طريق الشرف، وفي طريق النصر أيضاً كما أرجو«. وقاتل في المقدمة كما كان شأنه دائماً. وورم ذراعه الأيمن وتشوه سيفه من كثرة مقارعة العدو. وقد خدمه اشتهاره بالرأفة، إذ استسلم له الآلاف من الجنود السويسريين الذين كانوا في جيش مايين والذين لم تدفع لهم رواتبهم. وخلف انتصار هنري الحلف بغير جيش، فزحف على باريس دون مقاومة تقريباً ليحاصرها.
ومن مايو إلى سبتمبر 1590 عسكر جنده الجائعون المفلسون حول العاصمة وهم يتحرقون شوقاً لمهاجمتها ونهبها، ولكن صدهم عن هذا رفض هنري الموافقة على مذبحة ربما كانت شراً من مذبحة القديس برتليمو. وبعد شهر من الحصار كان الباريسيون يأكلون لحم الخيل والقطط والكلاب، ويغتذون بالعشب. ورق لهم قلب هنري فسمح للأقوات بأن تدخل المدينة. وجاء دوق بارما، والى فليب على الأراضي المنخفضة، لنجدة باريس بجيش حسن التجهيز من صناديد الاسبان، وتقهقر هنري إلى روان بعد أن غلبته مناورات العدو، وتبعه بارما في صراع الاستراتيجية ولكن المرض أعجز الدوق، وعاد جيش هنري يحاصر العاصمة من جديد.
وواجه الآن هذا السؤال الفاصل: أيستطيع، وهو البروتستنتي، أن يظفر بعرش بلد 90% منه كاثوليك، وأن يحتفظ بهذا العرش؟ لقد كان الكاثوليك كثيرة غالبة حتى في جيشه. ولا ريب في أنه لم يكن من همومه الصغيرة تناقص موارده المالية وعجزه عن دفع رواتب جنده بعد ذلك. ومن ثم دعا معاونيه واعترف لهم بأنه يفكر في اعتناق الكاثوليكية، فوافق بعضهم على الخطة لأنها السبيل الوحيد إلى السلام، وندد آخرون بها باعتبارها تخلياً قاسياً شائناً عن الهيجونوت الذي أعطوه الدم والمال أملاً في أن يكون لهم ملك بروتستنتي. هؤلاء أجابهم هنري بقوله: »لو اتبعت نصيحتكم لما بقى في فرنسا بعد قليل ملك ولا ملكة. أريد أن أمنح السلام لرعاياي والراحة لنفسي. فتشاوروا فيما بينكم ماذا تريدون ضماناً لأمنكم. وأنا على الدوام مستعد لإرضائكم(12)«. ثم قال »ربما لم تكن شقة الخلاف بين المذهبين واسعة إلا لما بين المبشرين بهما من حقد وعداء. وسأعمل يوماً باستعمال سلطتي على أن يستقيم هذا الأمر كله(13). ثم حدد صلب عقيدته بقوله »إن الذين يتبعون ضميرهم دون عوج على ديني، وأنا على دين كل إنسان شجاع طيب(14)«. وهجر دوبليسي- مورنيه، واجريبا دوبنيه، وكثير من زعماء البروتستنت الآخرين الملك، ولكن الدوق صلى، أصدق مستشاري هنري، الذي ظل بروتستانتيا وفيا، وافق على قرار مولاه »أن باريس تستأهل قداساً(15)« .ففي 18 مايو 1593 أرسل هنري إلى البابا وأكليروس من باريس يبدي رغبته في أن يدرس العقيدة الكاثوليكية. وكان جريجوري الرابع عشر قد جدد حرمه. ولكن الأكليروس الفرنسي الذي لم يذل أبداً لروما تأهب لإعداد التائب الجديد لأن يكون ملكاً تقياً. على أنه لم يكن بالتلميذ السهل القيد. فهو يرفض أي تعهد بأن يشن حرباً على الهرطقة، وهو يأبى أن يوقع أو يؤمن بـ »هراء هو واثق كل الثقة من أن أغلبهم لا يؤمنون به(16)«، ولكنه وافق في سماحة على عقيدة المطهر لأنها »أعظم مصادر دخلكم(17)«. وفي 25 يوليو كتب لخليلته آنذاك »سأقفز القفزة الخطرة« ثم ذهب إلى كنيسة دير سان دنيس، واعترف، ونال الغفران، واستمع إلى القداس.
ورماه الآلاف في المعسكرين بالنفاق. وأنكر اليسوعيون كثلكته وواصل زعماء الحلف مقاومتهم. ولكن موت دوق بارما والكردينال بوربون كان قد أوهن قوة الحلف، وفقدت حكومة الستة عشر منزلها في أعين الوطنيين الفرنسيين لتأييدها خطة فليب الرامية إلى جعل ابنته ملكة على فرنسا. ومال كثير من النبلاء إلى هنري بوصفه القائد الحربي الكفيل بكبح جماح فليب، والحاكم الرحيم الذي يستطيع أن يرد العافية إلى وطن استشرت فيه الفوضى حتى كادت تمزق أوصاله. وأعربت مجلة ذكية تدعى »سانتير منيبيه« (1593-94) عن عواطف جماعة »السياسيين« والبورجوازيين، وسخرت في ظرف وتهكم اليسوعيين والحلف، وأعلنت أنه »ما من سلام بلغ من الظلم ما يجعله لا يرجح أكثر الحروب عدلاً(18)«. وطلب الجميع السلام في شوق، حتى باريس المتعصبة. واستمرت الاشتباكات الصغيرة ثمانية شهور أخرى، ولكن في 22 مارس 1594، زحف هنري إلى باريس ودخلها ولم يكد أحد يعترضه، وعظم ترحيب الجماهير به حتى أنه أراد أن يدخل نوتردام لم يكن بد من رفعه فوق الرؤوس. وثبت ملكاً في ذلك اللوفر ذاته، الذي كان فيه قبل اثنين وعشرين عاماً سجيناً قاب قوسين من الموت، واستسلم للبهجة والفرح، فأصدر بطريقته المرحة، عفواً عاماً شمل حتى آل جيز وحكومة الستة عشر. وأكتسب بعض أعدائه بالغفران عنهم دون تردد وأرسل البابا كلمنت الثامن للملك حل الكنيسة، ولكن اليسوعيين واصلوا مهاجمته في مواعظهم. وفي 27 ديسمبر هجم فتى في التاسعة عشرة يدعى جان شاتيل على الملك بخنجر ولكن لم يصبه بأسوأ من قطع في شفته وكسر في سنه. ومرة أخرى رأى هنري العفو عن هذا المتعصب، ولكن رجال السلطة أوقعوا بشاتيل كل أنواع التعذيب التي نص عليها القانون ضد قتلة الملوك. وقد اعترف الرجل في كبرياء برغبته في قتل الملك لأنه زنديق خطر...وتبين أن اليسوعي الفرنسي جان جينار كتب يقول إنه كان من الواجب قتل هنري الرابع في مذبحة القديس برتلميو، وإنه يجب التخلص منه الآن »بأي ثمن وبأية طريقة(19)«. وفي بواكير عام 1595 أمر برلمان باريس اليسوعيين بالرحيل عن فرنسا بناء على التماس من الاكليروس العلماني في السوربون.
قصة الحضارة ج29 ص213-218، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هنري الرابع -> الطريق إلى باريس
 
هنري الرابع -ملك فرنسا-والمشي على صفيح عصبية المسيحية الأوروبية الساخن والساخن جدا!
في فرنسا أواخر القرن السادس عشر كان التوصل إلى تعايش بين الكاثوليك والبروتستانت عملية غير محمودة العواقب!(أي بعد بعثة النبي بمايزيد عن ال10 قرون!!)
قال ديورانت :"حينما ختم حكمه كانت البلاد تتمتع برخاء لم تشهده منذ أيام فرنسيس الأول. وأهم من ذلك كله أن هنري أنهى الحروب الدينية، وعلم الكاثوليك والبروتستنت أن يعيشوا بسلام. لا في مودة وصداقة، لأن أحداً من غلاة الكاثوليك لم يكن ليسلم بحق هيجونوتي في الوجود، ولا كان أي هيجونوتي حار الإيمان لينظر إلى العبادة الكاثوليكية إلا على أنها عبادة أصنام. وقد وضع هنري حياته على كفه وأصدر (13 ابريل 1598) مرسوم نانت التاريخي، الذي أباح الممارسة الكاملة للعقيدة البروتستنتية، ومنح الصحافة البروتستنتية حريتها، في جميع مدن فرنسا الثمانمائة إلا سبع عشرة مدينة كانت فيها الكاثوليكية المذهب الغالب (كما في باريس). وثبت مبدأ صلاحية الهيجونوت للمناصب العامة، وكان منهم في مجلس الدولة اثنان فعلا، وتقرر تعيين تورين الهيجونتي مارشالاً لفرنسا. كذلك تقرر أن تدفع الحكومة رواتب القساوسة البروتستنت ونظار المدارس البروتستنتية وأن يقبل الأطفال البروتستنت في جميع المدارس والكليات والجامعات والمستشفيات كالأطفال الكاثوليك سواء بسواء. أما المدن التي كان يسيطر عليها الهيجونوت مثل لاروشيل، ومونبلييه، ومونتوبان-فتظل على حالها وتنفق الدولة على جامعاتها وحصونها على أن الحرية الدينية التي منحت على هذا النحو كانت لا تزال ناقصة، فهي لم تشكل غير الكاثوليك والبروتستنت، ولكنها كانت أكثر ألوان التسامح الديني تقدماً في أوربا...وتصايح الكاثوليك في طوال فرنسا وعرضها بالسخط على المرسوم زاعمين أن فيه حنثاً بما توعد به هنري من تأييد لعقيدتهم. وندد به البابا كلمنت الثامن »كألعن ما يمكن تصوره، منحت به حرية الضمير للجميع، وهذا أسوأ شئ في الوجود(23).« وأعلن الكتاب الكاثوليك من جديد بأنه يحل خلع الملك الزنديق أو قتله، أما المؤلفون البروتستنت أمثال أوتمان، الذين دافعوا عن سيادة الشعب إبان حكم هنري الثالث، فقد أطروا فضائل الاستبدادية -في ملك بروتستنتي(24). وأبى برلمان باريس طويلاً أن يختم المرسوم بخاتم التسجيل الرسمي الذي اقتضاه العرف حتى يصبح أي مرسوم ملكي قانوناً مقبولاً. ودعا هنري الأعضاء، وبين لهم أن ما فعله لم يكن عنه غنى للسلام ولتعمير فرنسا. فأذعن البرلمان، وقبل ستة من الهيجونوت بين أعضائه.
وسمح هنري لليسوعيين بأن يعودوا إلى فرنسا (1603) ربما ليسكت المعارضة الكاثوليكية ويسترضي البابا. وعارض صلى بقوة هذه الخطوة، وقال إن اليسوعيين »رجال نابغون، ولكنهم شديدوا الخبث والدهاء«، وإنهم ملتزمون بقضية الهابسبورج، ومن ثم بقضية خصمي فرنسا- أي أسبانيا والنمسا، وانهم متعهدون بالطاعة العمياء للبابا وميالون إليها، وهو ليس إلا سجيناً جغرافياً للهابسبورج وتابعاً مالياً لهم، فهم لا محالة مملون على هنري سياساته إن عاجلاً أو آجلاً فإن أخفقوا فسيقنعون أحد المتعصبين »بأن يقضي عليك بالسم أو بغيره« وأجاب هنري بأن مساندة اليسوعيين سيكون له عوناً كبيرًا على توحيد فرنسا، وأن استمرار نفيهم وعدائهم أشد خطراً على حياته وسياساته من عودتهم إلى فرنسا وقبل اليسوعي بيير كوتون كاهن اعتراف له، ووجده إنساناً لطيفاً وفياً، ثم فرغ بعد ذلك لحكم فرنسا ولزعازع الحب العاتية.
قصة الحضارة ج29 ص218-223، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هنري الرابع -> الملك الخلاق
 
هنري الرابع ملك فرنسا أواخر القرن ال16 وموقف نصف الشعب منه!
قال ديورانت:"لأن نصف فرنسا مازال يقبله على مضض... ولقد خلعت عليه سنو الحملات الطوال مشية الجندي وخلقه وريحه: فهو قوي نشيط لا يكل، له من شواغله ما يمنعه من الإسراف في النظافة أو من تغيير ملابسه حين يجب تغييرها؛ قال صديق إنه كان أحياناً »تفوح من جسده رائحة خبيثة كأنه الجيفة...شكت حاشيته من كرهه للظهور في أبهة الملوك, وسمح للشعراء وكتاب المسرحيات بالسخرية منه، وإن أعجبه أكثر أن يمثله ماليرب رباً للفضيلة والحسن. وكان يذهب للتفرج على الهزليات التي تهجوه، ويوهن من شرتها بضحكه. ولم ينتقم ممن عارضوه بالقول أو الفعل »لو أنني شنقت كل من كتبوا أو وعظوا ضدي لما وجدت في كل غابات مملكتي ما يكفيهم من المشانق(30)...وكان يهمل مطاردة عدو متقهقر ليطارد امرأة متقهقرة.
قصة الحضارة ج29 ص224، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هنري الرابع -> زير النساء
 
هنري الرابع زير نساء(1)!!
تحت عنوان زير النساء قال ديورانت عن هنري الرابع ملك فرنسا في :"
ولا حاجة بنا لأن نعدد غرامياته كلها. على أن ثلاث نساء على الأخص كن معالم طريقه إلى العرش...حين كان في السابعة والثلاثين، ودون أن يعوقه مرض السيلان(33)، وقع في غرام جابرييل دستريه، وكانت يومها فتاة في السابعة عشرة، خلع عليها أحد الشعراء »الشعر الذهبي، وعيون النجوم، ونحر الزنبق، واصابع اللؤلؤ، وثدي المرمر(34)«. وصف حبيبها بلجارد في لحظة طيش مفاتنها للملك فعدا هنري بفرسه اثني عشر ميلا وهو متنكر يشق أرض العدو ليراها. وضحكت على أنفه الطويل، ووقع على قدميها، وانسحب بلجارد. واستسلمت هي لسحر المال والملك، وولدت لهنري ثلاثة أطفال. وكان يأخذها لبلاطه وفي رحلات صيده، ويعانقها علناً، ويفكر في الزواج منها إذا ارتضت مارجو طلاقه. وتظافر الوعاظ الهيجونوت والكاثوليك في التنديد به زانياً، ضالاً، ووبخه صلى الشجاع على تبديده أموال الدولة على محظياته. فطلب المغفرة معتذراً بأنه وقد جاهد هذا الجهاد في الحرب وأحكم، وأخفق هذا الاخفاق في الزواج، فإن له ما لكل جندي من الحق في شيء من الترفيه(35)...بعد شهرين حين التقى بهنرييت دنتراج، ابنة ماري توشيه ذاتها التي كانت خليلة شارل التاسع. ونها أبوها وأمها وأخوها لأبيها أن تستسلم إلا لخاتم الزواج، فكتب لها هنري تعهداً بالزواج مشرطاً بأن تنجب له ولداً، ولكن صلى مزقه أمامه، فكتب هنري تعهداً آخر وسلمه لها معه عشرين ألف كراون. وبرئ ضمير السيدة وأصبحت محظية الملك. ورأى بعض دبلوماسييه أنه قد آن له أن يستقر. فأقنعوا مارجو بقبول الطلاق شريطة ألا يتزوج هنري من خليلته. ووافق البابا كليمان الثاني على منح الطلاق بنفس الشروط، واقترح ماريا مديتشي ابنة دوق توسكانيا الكبير عروساً لهنري؛ واقترح المصرفيون والفلورنسيون إلغاء دين فرنسا الضخم لهم إذا جعل هنري ماريا مليكته(37). واحتفل بالزواج غياباً في فلورنسة (5 اكتوبر 1600). وانتزع هنري نفسه من ساحة قتال ليذهب إلى ليون ليحيي زوجته، ووجدها طويلة بدينة متعجرفة وبذل كل مجاملة ملكية، وأنجب منها لويس الثالث عشر ثم عاد إلى الآنسة دنتراج على أنه كان يقوم بواجباته الزوجية بين الحين والحين. وأنجبت له ماري دمديسي (كما كانت تسميها فرنسا) سبعة أطفال في عشر سنين. ورباهم هنري، مع أبنائه من جابرييل وهنرييت، في سان- جرمان- أن- لي. وقدمت هنرييت إلى الملكة، وأسكنت قصراً بقرب اللوفر، ولكنها بعد أن ولدت الملك أصرت على أنها هي، لا ماري، الملكة الشرعية. وتآمر أبوها وأخوها لأبيها لخطفها هي وابنها إلى أسبانيا ويجعلا فليب الثاني يعترف بالغلام »الدوفين« الشرعي لفرنسا (1604). واكتشفت المغامرة وقبض على الأخ، وأفرج عن الأب حين رد تعهد هنري بالزواج. وواصل هنري مطاردته لهنرييت كأنه الزير الجائع. وكانت تقابل ملاطفاته بالاشمئزاز والكراهية، وتقبل الرشا من فليب الثالث ثمناً لتجسسها لحساب اسبانيا(38).وسط هذه السخافات التي لا تصدق خطط الملك لكسر الحصار الذي طوق آل هابسبورج فرنسا به-ذلك النطاق الحديدي المؤلف من الأراضي المنخفضة ولكسمبورج، واللورين، وفرانش كونتيه، والنمسا، والممرات الفالتيليه، وسافوي، وإيطاليا، واسبانيا
قصة الحضارةج29 ص225-227، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هنري الرابع -> زير النساء
 
"الأقاليم المتحدة (هولنده)"قصة الحضارة ج29 ص227، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هنري الرابع -> مصرعه
 
هنري الرابع زير نساء(2)!!هو ملك فرنسا في أواخر القرن ال16 والعقد الأول من القرن ال17"
قال ديورانت :"وتوافق غرامه الأخير توافقاً مثيراً مع الدعوة إلى هذه المعركة الفاصلة الكبرى. ذلك أنه برغم بلوغه السادسة والخمسين و ما بدا عليه من اكتمال أحس تدريجا في 1609 بحنين طاغ لشارلوت مورمونسي ذات الستة عشر ربيعاً. وتابت عليه، ولكنها قبلت أمره بأن تتزوج أمير كونديه الجديد. وروى بأن خليلته هنرييت وبخته ساخرة بقولها »ألست شريراً جدا لأنك تريد أن تضاجع زوجة ابنك ؟ فأنت عليم بأنك أخبرتني بأنه (أي الامير) ولدك.« وهرب كونديه بعروسه إلى بروكسل، وتحرق هنري شوقاً إلى مطاردتها، ونظم ماليرب هذا التحرق شعراً. والتمس فيلروا وزير خارجية هنري من الأرشيدوق ألبرت حاكم الأراضي المنخفضة أن يعيد الأميرة إلى باريس، ولكن الأرشيدوق رفض بتشجيع من فليب الثالث ملك أسبانيا. وهدد فيلروا بحرب »قد تشعل ناراً في أربع أركان العالم المسيحي(42)«. وبدا لهنري أن من توفيق العناية أن تقع بروكسل في الطريق إلى ييليش: فهو إذن قاهر هذه السيدة - والأراضي المنخفضة الأسبانية - تمهيداً لتحطيم الإمبراطور وإذلال أسبانيا. واستأجر المرتزقة السويسريين واستعد لجمع جيش عدته ثلاثون ألف مقاتل. ووعده جيمس الأول ملك إنجلترا باربعة آلاف آخرين.
وروعت فرنسا الكاثوليكية، فقد أسرفت في تصديق الشائعات التي تواترت بأن مفاتن
الأميرة هي سبب الحرب الحقيقي، وأفزعها أن يكون حلفاء الملك وقواده أكثرهم من البروتستنت، وتساءلت ماذا عساه يكون مصير الكاثوليكية والبابوية في أوربا إذا انهزم جنوبها الكاثوليكي على يد شمالها البروتستنتي، وعلى يد ذلك الملك الذي كان بالأمس القريب هيجونوتياً
قصة الحضارة ج29 ص228،229، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هنري الرابع -> مصرعه
 
قتل هنري الرابع -ملك فرنسا-في الطريق
على يد رجل مظلوم
مزقت أربعة جياد أوصاله،
وأحرق جذعه في ميدان عام!!!
:"وحتى بلاطه تحول عنه لأنه رأى فيه رجلاً أعماه الحمق عن أن يدرك أنه لم يعد في طاقته أن يجمع بين لوثاريو والاسكندر في شخصه. وأرجفت التنبؤات بأنه مقتول عما قريب - وربما كانت تحريضات مشجعة لمن يتأثرون بها.
وسمع فرانسوا رافاياك بهذه التنبؤات، وكان موطنه انجوليم. وقد اطال التأمل في سجنه الذي أودعه لجريمة لم يقترفها، ورأى الرؤى، ودرس اللاهوت، وقرأ الكتيبات التي تدافع عن قتل الطغاة. وإذ كان قوي الذراع، ضعيف العقل، فقد راح يداعب هذه الفكرة، وهي أن الله اختاره لتحقيق التنبؤات ولإنقاذ فرنسا من مصيرها البروتستنتي. فلما أفرج عنه انطلق إلى باريس (1609)، ونزل عند مدام دسكومان، وهي صديقة لهنرييت دنتراج، وأعترف لها بأنه يفكر في قتل الملك. وأرسل تحذير لهنري، ولكنه كان قد ألف مثل هذه الإنذارات إلفاً جعله لا يعبأ بالتحذير. وبينما كان يخترق الشوارع حاول رافاباك أن يقترب منه، وأوقفه الجند، فقال إنه يريد أن يسأل الملك أصحيح أنه يدبر الحرب على البابا، وأن الهيجونوت يستعدون لذبح الكاثوليك. ثم حاول أن يدخل ديراً وينضم إلى اليسوعيين، ولكن طلبه رفض. فعاد إلى أنجوليم ليقوم بواجبه في الفصح، وتناول القربان، وتسلم من أحد الرهبان حقيبة صغيرة قيل إنها تحتوي على شظية من الصليب الذي مات عليه المسيح. واشترى مدية، ثم عاد إلى باريس. وأرسلت مدام دسكومان تحذيراً إلى صلى فأبلغ الملك به.
وكان هنري يتأهب للحاق بجيشه في شالون. ففي 13 مايو 1610 عين الملكة وصية خلال غيابه. وفي اليوم الرابع عشر رجاه ابنه غير الشرعي، دوق فاندوم، ألا يبرح بيته لأن التنبؤات بمقتله حددت هذا
اليوم نهاية لحياته. وفي العصر قرر أن يخرج في نزهة بعربته، وأن يزور صلى المريض، ويستمتع بـ »نسمة هواء«. وتفادياً لانتباه الناس صرف حرسه، ولكن كان يرافقه سبعة من الحاشية. واقتفى رافاياك أثر العربة وكان يراقب اللوفر. وعند نقطة في شارع فيرونيري وقفت العربة لتشابك في المرور. وهنا قفز رافاياك على سلمها وطعن الملك طعنة نجلاء من عنفها أن السلاح اخترق قلبه. فمات هنري للتو تقريباً.
وتحمل رافاياك وزر جريمته كاملاً حين عذب، وأنكر أن له محرضين أو شركاء، وأسف على عنف فعلته...ومزقت أربعة جياد أوصاله، وأحرق جذعه في ميدان عام. واتهم الكثير من اليسوعيين بأنهم ألهبوا عقل القاتل
قصة الحضارة ج29 ص229،230، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هنري الرابع -> مصرعه
 
حكم ديورانت على هنري الرابع (ملك فرنسا لنهاية القرن ال16 وبداية القرن ال17)
:"ولم يكن قد غاب من ذاكرة الفرنسيين كل ما أورثه مع العرش من فقر وخراب، ومن اضطراب ديني، ومن فساد وعجز حكوميين؛ لقد رأوا الآن أمة نظيفة منظمة، غنية برغم الضرائب المرتفعة، لها من القوة ما يتيح لها أن تتحدى السيادة الأسبانية الطويلة. وذكروا في حنين ما طبع هنري من بساطة في الملبس والمسلك والحديث، وذكروا روحه المرحة وطبيعته الرقيقة، وبسالته المبتهجة في الحرب، وكياسته في الصداقة والدبلوماسية، واغضى تراخيهم الخلقي عن تلك المغامرات التي لم يبد فيها إلا رجلاً على هواهم. لقد وصف نفسه بحق بأنه »ملك وفي، أمين، صادق(44)«، ولكنه كان إلى ذلك أعظم ملوك فرنسا إنسانية ورحمة، ثم إنه كان منقذ فرنسا. ربما بدت خطته في الوصول بفرنسا إلى حدودها الطبيعية أمراً غير عملي، ولكن ريشليو أتبعها بعد عشرين عاماً، ثم حققها لويس الرابع عشر بعد ذلك. ولم يمض طويل زمن على موته حتى أجمعت أوربا على تلقيبه بهنري الأكبر. وفي الثورة الفرنسية أدين جميع الملوك الفرنسيين من خلفائه، إلا هنري الرابع، فقد ظل يتربع المكان الأول في قلب الشعب.
قصة الحضارة ج29 ص230،231،، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> هنري الرابع -> مصرعه
 
أولاد الراهبات من الزنا رؤوس في الكنيسة الفرنسية!!!
الكنيسة في عهد هنري الرابع(أواخر القرن ال16 وبداية القرن ال17 ثم الى منتثفه) تمنح الأولاد غير الشرعيين للراهبات رئاسات(ومفاسد أُخر)!!
:"المفاسد التي أشاعت الفوضى في الكنيسة، لأن كثيراً من المفاسد نجم عن أن الأساقفة ورؤساء الديورة كان يعينهم الملاك أو النبلاء الذين يحيون حياة أشبه بحياة الوثنيين، وأحياناً تساورهم شكوك العقيدة(1). مثال ذلك أن هنري الرابع منح صلى(إسمه هكذا، كما كتب ديورانت) الهيجونوتي أربعة ديورة ليرتزق من دخلها، وعين خليلته "كوريزاند " رئيسة لدير شاتيون- سير- سين. وخلع السادة النبلاء الأسقفيات ورياسات ديورة الرهبان والراهبات على أبنائهم الصغار، وأبنائهم غير الشرعيين، وجنودهم البواسل، ونسائهم الأثيرات. وإذا كانت قرارات الاصلاح الصادرة من مجمع ترنت لم تقبل بعد في فرنسا، فإن عدد الكليات اللاهوتية التي تعد القساوسة كان قليلاً؛ فكل شاب منذور يقرأ نص القداس اللاتيني ويتعلم مبادئ الطقوس يصلح لاختياره للكهنة، وكثير من الأساقفة الذين كانوا رجال دنيا يعيشون على هواهم قبل أن يكافئوا بمنصب الأسقفية عينوا لرعاية الشعب رجالاً حظهم من التعليم قليل ومن التقوى أقل. قال قسيس "لقد أصبح اسم القسيس مرادفا للجهل والفجور(2) ". وقال سان فانسان دبول "أن أعدى أعداء الكنيسة هم كهنتها غير الجديرين بالكهانة "(3).
وقد حاول الأب بوردواز علاج الجانب الخلقي للمشكلة بإنشائه "مجتمع القساوسة " (1610) وهو نظام تطلب من جميع قساوسة الأبرشية أن يعيشوا معاً عيشة البساطة والوفاء بنذورهم. وفي عام 1611 أسس الأب. برول "جماعة المصلى " على غرار مؤسسة شبيهة أقامها القديس فليب نيري في إيطاليا، وقد أصبحت مدرسة لاهوتية لتدريب شباب القساوسة على تعليم وتكريس أفضل وفي عام 1641 نظم الأب جان جاك أولييه الطريقة السلبيسية لاعداد الرجال للكهانة، وفي عام 1646 افتتح مدرسة القديس سلبيس اللاهوتية وكنيستها في باريس وفي عام 1643 ألف الأب جان (القديس يوحنا) أود "جماعة يسوع ومريم " لتأهيل الرجال
للكهانة والبعثات التبشيرية. وهكذا أعد أعلام من رجال الأجيال التالية كبوسويه، وبوردالو، ومالبرانش، وأرسى أساس قوة الكنيسة وبهائها في عصر لويس الرابع عشر.
قصة الحضارة ج29 ص234،235، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> ريشيليو -> بين ملكين
 
مابعد عهد هنري الرابع (قُتل في 1610)) في فرنسا(عهد لويس الثالث عشر )
بأوامر بابا فرنسا (العقود الأولى من القرن ال17) الكاثوليك يضطهدون البروتستانت وكذلك فعل البروتستانت بهم
قال ديورانت :"صراع العقائد واصل طريقه في مرارة...لا الكاثوليك ولا الهيجونوت كانوا يميلون للتسامح. وندد البابا وسفيره والأكليروس الكاثوليكي بالحكومة لتساهلها مع الهرطقة. وحيث كانت الغلبة للكاثوليك راحوا يشوشون على الخدمات البروتستنتية ويدمرون كنائس البروتستنت وبيوتهم وأحياناً حياتهم(9)، وأخذوا الأطفال عنوة من آبائهم الهيجونوت بحجة أنهم يحولون بينهم وبين تحقيق رغبتهم في اعتناق الكاثوليكية(10). وحيث كان البروتستنت أصحاب الكلمة العليا ردوا على هذا بمثله. فحظروا ترتيل القداس في نحو 250 مدينة خاضعة لهم(11)، وطالبوا بأن تحرم الحكومة المواكب الكاثوليكية في البلاد البروتستنتية، وكانوا يسخرون من هذه المواكب ويشوشون عليها أحياناً يهاجمونها، ومنعوا البروتستنت من حضور شعائر العماد أو الزواج أو المآتم الكاثوليكية، وأعلن رعاتهم أنهم سيمنعون الآباء الذين يتزوج أبناؤهم من الكاثوليك من تناول القربان(12). قال مفكر حر مشهور "بينما كان الكاثوليك نظرياً أكثر تعصباً من البروتستنت، أصبح البروتستنت أكثر تعصباً من الكاثوليك(13) "، ونافس الوعاظ البروتستنت الكهنة الكاثوليك في قمع الهرطقة وتكميم النقد؛ فحرموا جريمي فيرييه (ولكنهم لم يحرقوه) و "أسلموه للشيطان " لأنه هزأ بالمجتمعات الكنسية، وهاجمت كتاباتهم المذهب الكاثوليكي في "كتب قل أن يكون لها نظير في مرارة الشعور، ويستحيل بالتأكيد أن تبزها كتب أخرى(14) " وخشي الهيجونوت إلغاء مرسوم نانت، وساءهم الحلف بين فرنسا وأسبانيا فناضلوا لكي يجعلوا نصيبهم من فرنسا مستقلاً سياسياً، آمناً حربياً، له جيشه وقوانينه الخاصة.
وحين زار لويس الثالث عشر (1620) صدمة ألا يجد كنيسة كاثوليكية واحدة يصلي فيها(15). ونظر الملك الشاب في استياء وفزع إلى مذهب لم يهدد بأن يقسم روح فرنسا فحسب بل جسدها أيضاً. وفتش في لهفة بين حاشيته عن رجل في دمه من الحديد ما يكفل تحويل هذه الفوضى- فوضى العقائد والقوى المفرقة- إلى أمة موحدة.
قصة الحضارة ج29 ص238،239، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> ريشيليو -> بين ملكين
 
من هو كاردينال لويس الثالث عشر الذي هو في الأصل قسيس !
؟
القسيس الكاردينال الدكتاتور "ريشليو" يقتل (30 أكتوبر 1628)آلاف الهيجونيت البروتستانت بالجوع والحصار في عهد لويس الثالث عشر بعد عهد هنري الرابع
تحت عنوان الكردينال والهيجونوت قال ديورانت
:"أما أبوه فهو السنيور دريشليو، المدبر الأكبر لبيت الملك في عهد هنري الرابع وورثت أسرة بواتو العريقة الحق في أن توصي الملك باختيار من ترشح لأسقفية لوسون...وصف الأسقف الشاب أسقفيته بأنها »أفقر وأقذر« الأسقفيات في فرنسا...وحصل له لويس على قلنسوة الكردينالية، وعينه في مجلس الدولة. وسرعان ما وضح للعيان تفوق ريشليو عقلاً وإرادة، فأصبح رئيساً للوزراء في أغسطس 1624 وهو في التاسعة والثلاثين ...وتجلت روح الكردينال أول ما تجلت في موقفه من الدين. فلقد قبل في غير نقاش عقائد الكنيسة، وأضاف إليها بعض الخرافات التي يعجب المرء لأن عقلاً أوتي مثل هذه القوة آمن بها. ولكنه رفض ما ذهب إليه حزب »مؤيدي سيادة البابا المطلقة« من أن للبابوات كامل السيادة على الملوك، وحافظ على »الحريات الغاليَّة« للكنيسة الفرنسية ضد روما، وأخضع الكنيسة للدولة في الأمور الزمنية بنفس المضاء الذي أخضعها به أي إنجليزي، ونفي الأب كوسان، الذي تدخل في السياسة بوصفه كاهن الاعتراف الملكي، ففي رأيه أن أي دين من الأديان يجب ألا يختلط بشئون الدولة. أما التحالفات التي أدخل فيها فرنسا فكانت مع الدول البروتستنتية والكاثوليكية على السواء...بنى روشيليو أسطولاً آخر، ونظم جيشاً، ورافق الملك في حصاره للقلعة الهيجونوتية.
وأقنع سوبيز دوق بكنجهام بأن يرسل أسطولاً ضخماً قوامه 120 سفينة لحماية المدينة. فحصر الأسطول، ولكنه عانى الويل من مدفعية الحصون الملكية القائمة على جزيرة ري. فاضطر إلى التسلل عوداً إلى إنجلترا وهو يجر أذيال الخزي والعار (1627). وكان ريشليو خلال ذلك قد استولى على جميع الطرق البرية المؤدية إلى لاروشيل (بوصفه قائداً لملكه المريض). ولم يبق إلا حصارها من البحر... ومات نصف سكان لاروشيل جوعاً. ولم يستطع الحصول على القليل من اللحم غير أغنياء القوم، فكانوا يدفعون خمسة وأربعين جنيهاً ثمناً للقط، وألفي جنيه ثمناً للبقرة. أما جان جيتون عمدة المدينة فقد توعد كل من يجري على لسانه حديث الاستسلام بالقتل بخنجره. ولكن المدينة استسلمت في يأسها بعد ثلاثة عشر شهراً من المجاعة والمرض (30 أكتوبر 1628). ودخلها ريشليو ممتطياً جواده من خلفه الجند يوزعون الخبز رحمة بالناس.
وتصايح نصف فرنسا مطالباً باستئصال شأفة الهيجونوت. ولم يكن في وسعهم-بعد أن أضنتهم الحرب-إلا أن يتوسلوا. ولكن ريشليو فاجأهم بشروط صلح رأى فيها الكاثوليك تساهلاً شائناً. صحيح أن لاروشيل فقدت استقلال بلدتها، وحصونها، وأسوارها، ولكن أشخاص سكانها وأملاكهم لم تمس، وسمح لمن بقي من الجنود الهيجونوت بالرحيل بأسلحتهم، ومنحت حرية العبادة في المدينة للبروتستنت والكاثوليك على السواء، وتلقت مدن هيجونوتية أخرى مثل هذه الشروط بعد استسلامها. ووجب رد الأملاك الكاثوليكية التي انتزعها البروتستنت، ولكن القساوسة الهيجونوت الذين فقدوا مأواهم مؤقتاً عرضوا باعانة من الدولة بلغت 200.000 جنيه، واعفوا من فرضة الرؤوس (آلتاي) شأن الأكليروس الكاثوليك(19). ومنح عفو عام لجميع من شاركوا في التمرد.
قصة الحضارة ج29 ص243-245، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> ريشيليو -> الكاردينال والهيجونوت
 
مفتقرون إلى الغذاء الطيب والكساء الجيد، أميون
الفرنسيون وهم يقتتلون (كاثوليك وبروتستانت) داخل فرنسا القرن ال17 كانوا-بتعبير ديورانت-:"مفتقرون إلى الغذاء الطيب والكساء الجيد، أميون، رانت على عقولهم الخرافة وتوحشت نفوسهم بفعل التعصب للعقيدة"
حالة فرنسا في عهد لويس الثالث عشر (القرن ال17، تقريبا 1627) وكرديناله ريشليو
قال ديورانت
:"ولعل العقول التي تجمدت في الأوضاع الحاضرة لا ترى في السلطة الملكية المطلقة التي نشرها ريشليو غير استبدادية رجعية؛ أما في رأي التاريخ، وفي رأي الكثرة الغالبة من الفرنسيين في القرن السابع عشر. فإنها كانت تقدماً حرر البلاد من الطغيان الاقطاعي إلى الحكم الموحد. لم تكن فرنسا قد نضجت بعد للديمقراطية، فأكثر سكانها مفتقرون إلى الغذاء الطيب والكساء الجيد، أميون، رانت على عقولهم الخرافة وتوحشت نفوسهم بفعل التعصب للعقيدة. وكانت المدن يهيمن عليها رجال الأعمال الذين لا يستطيعون التفكير إلا في كسبهم او خسارتهم، ولم يكن هؤلاء الرجال، الذين عرقلت الامتيازات الاقطاعية كل خطوة من خطواتهم، ميالين إلى الاتحاد مع صغار النبلاء كما حدث في إنجلترا لإقامة برلمان يقف في وجه السلطة الملكية. ولم تكن »البرلمانات« الفرنسية برلمانات تمثيلية تشريعية، إنما كانت محاكم عليا غذتها السوابق ورسختها، ولم تكن منتخبة من الشعب، وقد غدت قلاعاً للمحافظة. وحبذت الطبقات الوسطى، ومهرة الصناع، والفلاحون، سلطة الملك المطلقة بوصفها الحماية الوحيدة التي يرونها ضد سلطة النبلاء المطلقة.
قصة الحضارة ج29 ص246، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> ريشيليو -> الكاردينال والأشراف
 
لويس الثالث عشر لفرنسا(القرن ال17)يحارب أمه وأخيه بسبب كرديناله البوليسي ريشليو(الي قتل نصف مدينة فرنسية بروتستانتية بالجوع والحصار، انظر النص السابق)!
قال ديورانت
:"ولما مرض لويس مرضاً خطيراً (يوليو 1630) مرضته هي والملكة حتى استعاد بعض صحته، ثم طلبا إليه رأس الكردينال مكافأة لهما. وكررت ماري مديسي المطلب بالحاح شديد وهي في قصرها-قصر للكسمبورج-ظانة أن ريشليو بعيد جداً، ثم اقترحت ميشيل دمارياك، حامل الأختام، بديلاً راغباً في الحلول محله. ولكن ريشليو الذي أتى بطريق ممر سري، دخل الحجرة في غير إذن وواجه الملكة الأم، واعترفت بأنها أخبرت الملك بأن عليه أن يختار بين أن تذهب هي أو هو-أي ريشليو. وانسحب الملك المرهق، وانطلق راكبا إلى كوخ صيده في فرساي. وتقاطرت الحاشية حول ماري في اغتباط بفوزها المنتظر. ولكن لويس أرسل في طلب ريشليو، وثبته رئيساً للوزارة، وأكد له مساندة الملك له، ووقع أمراً بالقبض على مارياك. وأشاع »يوم المغفلين« هذا في (10نوفمبر 1630) الفوضى والحنق في صفوف النبلاء المتآمرين. وسمح لمارياك بالبقاء حياً، ولكن أخاه الذي كان مرشالاً لفرنسا اتهم بعد ذلك بالاختلاس وأعدم في شيء من العجلة (1632) وأمر لويس أمه أن تعتكف في قصرها الريفي بمولان وأن تنفض يدها من السياسة. ولكنها هربت إلى فلاندر بدلاً من ذلك (1631)، وجمعت لها حاشية في منفاها ببروكسل، وراحت تعمل لاسقاط ريشليو. ولم تقع عيناه قط على الملك بعد ذلك.
أما ولدها الثاني، »مسيو« جاستون، دوق أورليان، فقد حشد جيشاً في اللورين وقاده في تمرد صريح على أخيه (1622). وانضم إليه نبلاء، ومنهم أرفع شريف في فرنسا-هنري، دوق مونمورنسي، وحاكم لانجدوك. وانضوى الآلاف من الطبقة الارستقراطية تحت لواء الثورة. وعلى مقربة من كاستلونداري (أول سبتمبر) اشتبك مونمورنسي، البالغ من العمر سبعة وثلاثين ربيعاً، مع القوات التي جردها عليه ريشليو. وقاتل حتى أسقطه سبعة عشر جريحاً، وتحطم جيشه هو وجاستون تحت وطأة الهجوم، وكان جيشاً غنياً في الألقاب فقيراً في النظام، وأسر مونمورنسي. واستسلم جاستون، ودل على شركائه ثمناً للعفو عنه. وأمر لويس برلمان تولوز بأن يحاكم مونمورنسي بتهمة الخيانة؛ وكان الحكم هو الاعدام. وهكذا مات آخر أدواق مونمورنسي دون خوف أو تذمر وهو يقول »أنني أعد هذا الأمر الذي أصدره قضاء الملك أمراً أصدرته رحمة لله(22)«. وأدان معظم فرنسا الكردينال والملك لهذه الصرامة المجردة من الشعور، وأجاب. لويس »ما أنا بملك لو كان لي شعور الأشخاص العاديين«. أما ريشليو فدافع عن الإعدام بأنه إنذار ضروري للنبلاء بأنهم هم أيضاً خاضعون للقوانين قائلاً »لا شيء يدعم القوانين كعقاب الأشخاص الذين تعظم رتبتهم عظم جريمتهم«(23).
قصة الحضارة ج29 ص247،248، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> ريشيليو -> الكاردينال والأشراف
 
بعد هنري الرابع جاء لويس الثالث عشر
حرب داخلية في فرنسا من لويس الثالث عشر على البروتستانت الهيجونوت الفرنسيين!
:"وتحت إلحاح الدوق والبابا بولس الخامس، أمر لويس الهيجونوت برد كل الأملاك التي أخذوها من الكنيسة. فلما تجاهل إقليم بيارن المرسوم زحف عليه وفرض عليه الطاعة ووضع بيارن ونافار-مملكة أبيه الشخصية فيما مضى-تحت حكم الملك المباشر. ولم يقاوم الهيجونوت من فورهم، ولكن جمعيتهم العامة المجتمعة في لاروشيل أقوى مدنهم، طالبت برد الأملاك المستعادة لأنها ملك للشعب لا للكنيسة؛ ثم قسمت فرنسا ثماني »دوائر« وعينت لكل منها مديراً عاماً ومجلساً لجمع الضرائب والجند. وأعلن لويس أن فرنسا لا يمكن أن تسمح بدولة داخل الدولة. وفي أبريل 1621 قاد جيشاً، وزحف قواده الآخرون بثلاثة جيوش، وجهت كلها ضد القلاع البروتستنتية، فسقط عدد منها، ولكن مونتوبان التي دافع عنها هنري دوق روهان ثبتت للهجوم. وترك القواد غير الأكفاء الحرب تتعثر عاماً ونصف. ومنعت معاهدة الصلح المعقودة في 9 أكتوبر 1622 التجمعات البروتستنتية، ولكنها تركت مونتوبان ولاروشيل في أيدي الهيجونوت وفي خلال هذه الحملات مات لون (1621)، وارتقى ريشليو إلى مركز القوة.
قصة الحضارة ج29 ص240،241، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> ريشيليو -> لويس الثالث عشر
 
شبيه السيسي ودولة بوليسية فرنسية!
بتعبير ديورانت فرنسا دولة بوليسية في عهد لويس الثالث عشر (القرن 17) وكرديناله الدكتاتوري ريشليو
:"أما برلمان باريس فقد خيل إليه أن الفرصة في ظل ملكية ضعيفة مواتية لتوسيع وظائفه من تسجيل القوانين وتفسيرها إلى دور المجلس الاستشاري للملك. ولكن ريشليو ما كان ليطبق مثل هذه المنافسة لمجلس دولته، فدعا لويس زعماء البرلمان، على الأرجح بتحريض منه، مستعملاً مباراته الحادة، وقال لهم »لقد عينتم لا لشيء إلا لتقضوا بين زيد وعمرو من الناس، فإذا تماديتم أنتم فيه فاني مقلم أظافركم تقليماً حاداً تأسفون له(24)«. وأذعن برلمان باريس، وحذت برلمان الأقاليم حذوه، واختزلت وظائفهم حتى التقليدي منها، فأقام ريشليو »لجاناً فوق العادة« لتنظر في الدعاوى الخاصة. وأصبحت فرنسا دولة بوليسية، وانتشر جواسيس الكردينال في كل مكان حتى في الصالونات، وغدت »الأوامر المختومة« أداة مألوفة في الحكم. وهكذا أصبح ريشليو الآن في حقيقة الأمر وواقعه ملك فرنسا.
قصة الحضارة ج29 ص249، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> ريشيليو -> الكاردينال والأشراف
 
فرنسا بين الجوع واليأس وفلاحين وأمهات تقتل أولادهن
ريشليو الذراع اليمين ل لويس الثالث عشر القرن ال17
قال عنه ديورانت "الكردينال صاحب الكلمة العليا" "وهكذا أصبح ريشليو الآن في حقيقة الأمر وواقعه ملك فرنسا"
:"وتضافر نظام الضرائب، والسحرة الحكومية على الطرق، مع الجفاف والمجاعة والطاعون وغارات الجنود، لتدفع الفلاحين إلى حال من اليأس تقرب من الانتحار، حتى لقد قتل عدد منهم أسرهم وأنفسهم، وقتلت الأمهات الجائعات أطفالهن وأكلتهم (1639)(26). وفي عام 1634، في رواية ربما بولغ فيها، كان ربع سكان باريس يتسولون(27). وكان الفقراء ينتفضون في فترات دورية وأوقات متفرقة انتفاضات قمعت في غير رحمة.
واستخدم ريشليو الضرائب لبناء الجيوش والأسطول؛ ذلك أن الحق في رأيه لا يجد إذناً صاغية إلا إذا تكلم بالمدفع. ولما اشترى منصب الأميرال لاكير، قام بواجباته بعزيمة ماضية. فأصلح الموانئ وحصنها، وأنشأ الترسانات ومخازن الذخيرة في الثغور، وبنى خمساً وثمانين سفينة، وأسس مدارس لمرشدي السفن. ودرب أفواج الجنود البحريين. وجند مائة فوج من المشاة، وثلاثمائة جندي من الخيالة؛ ورد النظام إلى الجيش. ولم يخفق غلا في جهوده لاقصاء مومسات الجيش. وبفضل هذه القوات الحربية التي بث فيها الحياة من جديد تصدى لفوضى العلاقات الخارجية التي خلفتها وصاية ماري مديسي، وعاد إلى سياسة هنري الرابع، ووجه كل قواته لهدف واحد-هو تحرير فرنسا من نطاق القوة الهابسبورجية
قصة الحضارة ج29 ص 250، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> ريشيليو -> الكاردينال صاحب الكلمة العليا
 
أمهات تأكل أطفالهن في فرنسا
زمن لويس الثالث عشر وكارديناله ريشليو
الذراع اليمين ل لويس الثالث عشر القرن ال17( (1639))
:"وتضافر نظام الضرائب، والسحرة الحكومية على الطرق، مع الجفاف والمجاعة والطاعون وغارات الجنود، لتدفع الفلاحين إلى حال من اليأس تقرب من الانتحار، حتى لقد قتل عدد منهم أسرهم وأنفسهم، وقتلت الأمهات الجائعات أطفالهن وأكلتهم (1639)(26). وفي عام 1634، في رواية ربما بولغ فيها، كان ربع سكان باريس يتسولون(27). وكان الفقراء ينتفضون في فترات دورية وأوقات متفرقة انتفاضات قمعت في غير رحمة.قصة الحضارة ج29 ص 250، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> ريشيليو -> الكاردينال صاحب الكلمة العليا
 
كاردينال الملك لويس الثالث عشر واسمه كما تقدم ريشليو
:"ومرة أستأجر أحد المشتغلين بالكيمياء القديمة ليصنع الذهب(25).
قصة الحضارة ج29 ص 250، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> ريشيليو -> الكاردينال صاحب الكلمة العليا
 
عن زمن لويس الثالث عشر -ملك فرنسا-وفي ظل سيادة وزيره ريشيليو الذي حاصر مدينة فرنسية من بلده فرنسا فمات نصف اهلها جوعا
:"ففي يوليو أغسطس 1636 عبرت قوة كبيرة من الجيوش الأسبانية والامبراطورية الأراضي المنخفضة ودخلت فرنسا، واستولت على أكس-لا-شابل (آخن) وكوربي, وزحفت على أميان واجتاحت أودية السوم والواز الخضراء. وكانت جيوش ريشيلو بعيدة جداً، وأصبح الطريق إلى باريس مفتوحاً عديم الدفاع أمام العدو. واغتبطت الملكة الأم في بروكسل(يقصد أم لويس الثالث عشر التي هربت منه إلى بروكسيل)، والملكة سان جرمان، وحزبها الموالي لأسبانيا في فرنسا، وراحوا يعدون الايام لسقوط الكردينال المنتظر. وازدحمت الجماهير الغاضبة في باريس في الشوارع منادية بموته
قصة الحضارة ج29 ص252، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> ريشيليو -> الكاردينال صاحب الكلمة العليا
تعليق لكن الوزير بجيوشه حرر فرنسا مرة اخرى
 
مازالنا في فرنسا والملك لويس الثالث عشر وكارديناله (القرن ال17)
مات الكاردينال الحديدي ريشليو في 4 ديسمبر 1642، وهو في السابعة والخمسين.
:" رثاء ..أي رجل كان هذا الكردينال الذي لم يكد يكون مسيحياً، هذا الرجل. العظيم الذي شعر أنه ليس في وسعه أن يكون إنساناً طيبا ً؟ ...ولكنه شاحب بفعل السنين المضنية، محزون بوعيه بالزمن الذي لا يرحم. هنا دنيوية السلطان يعارضها نسك التكريس.
كان عليه أن يكون قوياً ليمنع عيوبه من أن تهزم مراميه. بدأ سيرته في البلاط بتواضع متملق، انتقم له بعد حين بكبرياء لا تعترف بغير سيد واحد دون غيره. فبينما كانت الملكة تزوره ذات مرة ظل جالساً - وهو خروج عن الأدب لا يؤذن به إلا للملك. كان (كأكثرنا) مغروراً بمظهره، شرهاً للألقاب، كارهاً للنقد، تواقاً إلى الشعبية. كان يغار من كوريني، فاشتهى أن يشتهر هو أيضاً كاتباً مسرحياً وشاعراً، وقد كتب فعلاً النثر الرائع كما تشهد بذلك مذكراته. وقد وفق في غير تردد - كما وفق ولزي - بين أتباع المسيح، والاهتمام بشيطان المال. رفض الرشا ولم يتقاض راتباً، ولكنه استولى على دخل الكثير من الرتب الكنسية، زاعماً أنه في حاجة إلى تمويل سياساته. وشيد لنفسه كما فعل ولزي قصراً بلغ من فخامته أنه رأى من الحكمة قبل موته أن يهديه إلى ولي العهد؛ ولنا أن نفترض أنه مبنى للموظفين الإداريين وللمظهر الدبلوماسي أكثر من الترف الشخصي. لم يكن بخيلاً، وقد أثرى أقرباءه، وكان في وسعه أن يسخو بمال الدولة. وأوصى بنصف ثروته للملك، ونصحه بأن يستعمله »في الظروف التي لا تحتمل بطئ الإجراءات المالية(30)«.
أما ما يبدو لنا قسوة شديدة فيه فكان في رأيه ضرورة من ضرورات الحكم، فمن القضايا المسلمة بها عنده أن الناس - والدول بالتأكيد - لا يمكن أن يساسوا باللطف، بل لا بد من تخويفهم بالصرامة. إنه أحب فرنسا، ولكن الفرنسيين لم يبعثوا فيه حرارة الحب. وقد وافق كوزيمو دي مديتشي على أن الدولة لا يمكن حكمها بالصلوات الربانية، ووافق مكيافللي ...اضطهد أعداءه الشخصيين بنفس الحزم الذي عاقب به أعداء الملك. ...وهناك أساطير أخرى عن علاقات الكردينال الغرامية السرية، حتى مع نينول دلا نكلو، وما كان لينتهك عرف العصر أن يعزى رجل السياسة المرهق نفسه ببعض الانحرافات. بيد أن كل ما نعرفه عن عواطفه معرفة واضحة هو أنه كان شديد التعلق بابنة أخته ماري-مادلين دكومباليه. فقد أرادت أن تدخل ديراً بعد أن ترملت عقب زواجها، ولكن ريشليو أقنع البابا بمنع هذا، وأبقاها قريبة منه لتدير بيته، واستجابت بالإخلاص له إخلاصاً أشد حرارة من أكثر العلاقات الغرامية. ...
كان ضعيفاً بالوراثة. أو مضروراً بالخلقة، فقد كانت إحدى شقيقاته ضعيفة العقل، وأحد إخوته مجنوناً بعض الوقت، وأرجفت شائعات القصر أن الكردينال ذاته تعتريه نوبات من الصرع وهلوسات جنونية(34). وكان يعاني من البواسير، والبثور، ومرض المثانة، وكانت أزماته السياسية تزداد تعقداً أحيانا بحصر البول كما كان الشأن مع نابليون(35). وقد حملته علته على التفكير غير مرة في الاعتزال، ولكنه وهو حبيس إرادته كان يأخذ الزمام ثانية ويواصل النضال.
ولسنا نستطيع أن ننصفه إلا إذا نظرنا إليه في مجموعة، بما فيه من ملامح تتخذ شكلها ونحن ماضون في الرؤية. لقد كان رائداً للتسامح الديني، رجلاً واسع الثقافة حساسها، ذواقة للموسيقى، وجماعاً خبيراً للفنون، وعاشقاً للدراما والشعر، وصديقاً معيناً لرجال الأدب، ومؤسساً للأكاديمية الفرنسية. ولكن التاريخ يذكر فيه بحق أولاً وقبل كل شيء الرجل الذي حرر فرنسا من تلك السيطرة الأسبانية التي نجمت عن الحروب الدينية والتي جعلت من فرنسا، بمقتضى الحلف، دولة تتلقى من أسبانيا معاشاً، بل تكاد تكون تابعة لها. أنه حقق ما كان فرنسيس الأول وهنري الرابع يصبوان طويلاً إليه وما أخفقا في تحقيقه، فقد كسر »النطاق الخانق« الذي طوقت به دولتا الهابسبورج فرنسا. ولا بد أن تفصل الصفحات التالية تلك الاستراتيجية البعيدة النظر التي حسم بها حرب الثلاثين سنة، وأنقذ البروتستنتية الألمانية باعتبارها حليف فرنسا الكاثوليكية، ويسر لمازران أن يصوغ صلح وستفاليا البناء. أما لفرنسا ذاتها فقد
خلق وحدة وقوة على حساب دكتاتورية واستبدادية ملكية ولدت الثورة حين حان وقتها. وإذا كان أول واجبات رجل الدولة أن يجعل شعبه سعيداً حراً، فإن ريشليو كان شديد القصور في تحقيق هذا الهدف. وقد أدانه الكردينال ريتز-وهو قاض ذكي ولكنه لم يتجرد من التحامل-لأنه »أرسى أشنع وأخطر طغيان استرق دولة ربما في التاريخ كله(36)«. ولو
..سئل ريشليو في هذا لربما أجاب بأن على رجل الدولة أن يأخذ في الاعتبار سعادة وحرية الأجيال القادمة لا جيله فحسب، وأن عليه أن يقوي وطنه ليحميه من الغزو أو السيطرة الأجنبية، وأن له في سبيل هذا الهدف أن يضحي بحق جيلاً حاضراً من أجل أمن الأجيال التالية. وبهذا المعنى رأي فيه أوليفارس، غريم ريشليو الأسباني، »أقدر وزير في العالم المسيحي في الألف السنة الأخيرة(37)«. ورأى فيه تشسترفيلد »أكفأ رجل دولة في عصره وربما في أي عصر آخر(38)«.
...مات في 4 ديسمبر 1642، وهو في السابعة والخمسين. ...ولكن الناس في كثير من الأقاليم أشعلوا نيران الفرح شكراً لله على موت الكردينال الحديدي(39). ...وعاش الملك خمسة أشهر بعد موته
قصة الحضارةج29 ص254-259، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> ريشيليو -> رثاء
 
ريشيلو وزير لويس الثالث عشر وحصاره للقلعة الهيجونوتية.
(1627)
"كان ريشليو ... قد استولى على جميع الطرق البرية المؤدية إلى لاروشيل (بوصفه قائداً لملكه المريض). ولم يبق إلا حصارها من البحر... ومات نصف سكان لاروشيل جوعاً. ولم يستطع الحصول على القليل من اللحم غير أغنياء القوم، فكانوا يدفعون خمسة وأربعين جنيهاً ثمناً للقط، وألفي جنيه ثمناً للبقرة. ... المدينة استسلمت في يأسها بعد ثلاثة عشر شهراً من المجاعة والمرض (30 أكتوبر 1628).
وتصايح نصف فرنسا مطالباً باستئصال شأفة الهيجونوت. ولم يكن في وسعهم-بعد أن أضنتهم الحرب-إلا أن يتوسلوا. ولكن ريشليو فاجأهم بشروط صلح رأى فيها الكاثوليك تساهلاً شائناً. صحيح أن لاروشيل فقدت استقلال بلدتها، وحصونها، وأسوارها، ولكن أشخاص سكانها وأملاكهم لم تمس، وسمح لمن بقي من الجنود الهيجونوت بالرحيل بأسلحتهم، ومنحت حرية العبادة في المدينة للبروتستنت والكاثوليك على السواء، وتلقت مدن هيجونوتية أخرى مثل هذه الشروط بعد استسلامها. ووجب رد الأملاك الكاثوليكية التي انتزعها البروتستنت، ولكن القساوسة الهيجونوت الذين فقدوا مأواهم مؤقتاً عرضوا باعانة من الدولة بلغت 200.000 جنيه، واعفوا من فرضة الرؤوس (آلتاي) شأن الأكليروس الكاثوليك(19). ومنح عفو عام لجميع من شاركوا في التمرد.
قصة الحضارة ج29 ص243-245، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> ريشيليو -> الكاردينال والهيجونوت
 
لويس الثالث عشر تاريخ موته وحوار مع ابنه !
:"وكان يشكو من أن الكردينال لم يدعه يتصرف كما يشاء. كانت أمه قد ماتت قبل ريشليو ببضعة شهور، فأمر بجلب جثمانها من كولونيا واحتفل بدفنها رسمياً، وفي لحظاته الأخيرة توسل أن يغفر الله والناس له الخشونة التي عاملها بها.
ورأى نفسه يتهاوى، ولكنه اغتبط بما كان عليه ولده البالغ من العمر أربعة سنين من عافية ووسامة. سأله معابثاً »ما اسمك؟« فأجاب الصبي »لويس الرابع عشر« فقال الملك مبتسماً »ليس بعد يا بني، ليس بعد«. وأمر بطانته بقبول وصاية الملكة حتى يبلغ ابنه سن الرشد...ومات في 14 مايو 1643 وقد بلغ الحادية والأربعين.
قصة الحضارةج29 ص260، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> ريشيليو -> رثاء
 
فسق الملوك المسيحيين
وأبناءهم
ورعاياهم!
(إنه التاريخ يابني!)
قال ديورانت
:"وقد ضرب الملوك المثل في الخلق الفاشي في المجتمع. فقد مات فرنسيس الثاني قبل أوانه بسبب شهواته. وكان لشارل التاسع محظيته ماري توشيه. وانتقل هنري الثالث من الغانيات إلى المرد. أما هنري الرابع فثبت على عشق المرأة. ويبدو أنه لا هو ولا خليلته جابرييل دستريه اعترضا على تصويرها عارية حتى خصرها(5). ولما تزوجت ابنته هنريتا ماريا الفرنسية البالغة سبعة عشر ربيعاً، من تشارلز الأول، بلغت اتصالاتها الغرامية من الكثرة مبلغاً حمل كاهن اعترافها على أن ينصحها بأن تتخذ المجدلية مثالاً لها، وإنجلترا كفارة عن ذنوبها(6).
ولكن حتى مع هذه الأوضاع كان لطف النساء ولين جانبهن متخلفاً عن نهم الرجال، وجهدت المومسات لإشباع الطلب المتزايد عليهن. وقد عرفت باريس منهن ثلاثة أنواع: »العنزة المصففة الشعر« للبلاط، و »الطير الصداح« للبورجوازية، و »الحجرية« التي تسد مطلب الفقراء وتسكن بدروماً من الحجر. كان هناك غانيات متعلمات لرجال الطبقة الارستقراطية، مثل ماريون ديلورم، التي اعترفت عشر مرات وهي تحتضر، لأنها بعد كل حل ذكرت نفسها بخطايا لا حصر لها(7). وقد أصدر شارل التاسع وهنري الثالث مراسيم بحظر المواخير، ونص أمر أصدره لويس الثالث عشر (1635) على أن كل بغي تضبط يجب أن »تضرب بالسوط ويجز شعرها وتنفى« وأن كل الرجال المشتركين في هذه التجارة يجب أن يرسلوا إلى سفن تشغيل المجرمين مدى الحياة(8). واحتج عدة رجال، ومنهم مونتيني وقسيس هيجونتي، على مثل هذه الإجراءات وطالبوا بإجازة المواخير صيانة للأخلاق العامة(9). وظلت هذه القوانين في السجلات القانونية حتى أواخر القرن الثامن عشر، ولكنها لم تكن تطبق إلا نادراً.
قصة الحضارةج29 ص262،263، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> فرنسا إبان الحرب -> الأخلاق
 
كله كوم والي جاي كوم
تدمير الحروب المسيحية لما بعد لويس الرابع عشر هو أعظم مما حدث قبله
القتل المتبادل بين الكاثوليك والبروتستانت في فرنسا
قال ديورانت:"ولم تكن الحرب تدمر تدميراً أعمى كما أصبحت بعد قليل في عهد لويس الرابع عشر، ومع ذلك نسمع بجيوش، من الهيجونوت والكاثوليك على السواء تشتبك في جرائم بالجملة من قتل ونهب واغتصاب وتعليق المواطنين من أباهمهم أو إشعال النار تحت أقدامهم لانتزاع الذهب الذي يخفونه
قصة الحضارةج29 ص263، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> فرنسا إبان الحرب -> الأخلاق
 
وحشية فرنسا وعقوباتها وسجونها في القرن ال16،
واذا سجن فيهم الشريف واذا سجن فيهم الضعيف
قال ديورانت
:"وكانت الجريمة مألوفة. وكان أكثر باريس لا يضاء ليلاً، وأفرخت السرقة والقتل، وأشاعت المشاجرات العنيفة الفوضى في الشوارع، وكان السفر في الريف خطراً يهدد الحياة والأوصال. أما العقوبات فوحشية، ولسنا على ثقة من أنها كانت معوقات ناجعة للجريمة، ولكن لعل الجريمة كانت بدونها تستشري. وأما السجن فكان لطيفاً للسادة، ففي استطاعة النبلاء نزلاء الباستيل أن يدفعوا ثمناً لمساكن مريحة تفرش بأثاثهم وتنزلها نساؤهم. أما عامة المجرمين فقد يزج بهم في زنزانات خانقة أو يرحلون إلى المستعمرات أو يحكم بتشغيلهم في سفن العبيد والمجرمين. وترجع آثار هذه العقوبة إلى عام 1532، ولكن أول تشريع لها في القانون الفرنسي يرجع إلى عام 1561. وكان يحكم على نزلاء هذه السفن عادة بعشر سنين، وتدمغ ظهورهم بالحروف الثلاثة الأولى لمجرمي السفن »جال«. وكانوا في الشتاء يمكثون في سفنهم حبيسين أو يحشرون كالأنعام في السجون لاسيما في طولون أو مارسيليا. وفي أثناء الحروب الدينية حكم على كثير من الوحشية ما يحلو أمامه الموت. وتفجرت أوبئة الانتحار في تلك السنين المرة، وعلى الأخص بين نساء ليون ومارسيليا.
قصة الحضارةج29 ص264، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> فرنسا إبان الحرب -> الأخلاق
 
جنود فرنسا
عن الحرب الداخلية في فرنسا بين الكاثوليك والبروتستانت
يقول ديورانت
"الحرب الدينية كانت تقسم فرنسا ومدنها وأسرها، فالجنود يغيرون على القرى، ويدخلون البيوت ويسرقون، وينتهكون الأعراض، ويقتلون"
قصة الحضارةج29 ص275، بداية عصر العقل ->صراع العقائد على السلطة -> فرنسا إبان الحرب -> ميشيل دي مونتيني
 
كيف دمرت حروب المسيحية -المسيحية ملايين من المسيحيين!!الفيلسوف ميشيل دي مونتيني يصف
مونتيني 1533 - 1593
:"واتهم هؤلاء إن المسيحيين المزعومين... جلبوا عدوى الرذيلة لنفوس بريئة تواقة للعلم، طيبة بطبيعتها(83) ". ونسي مونتيني لطفه لحظة فتفجر في غضبة مضرية للحق:
"ما أكثر المدن العامرة التي نهبت وسويت بالتراب، وما أكثر الأمم التي دمرت أو أقفرت من أهلها. وكم من ملايين لا تحصى من الناس الأبرياء من الجنسين، ومن جميع المراكز، والأعمار، قتلوا ونهبوا وأعمل فيهم السيوف؛ وأغنى بقاع الأرض وأجملها وأفصلها قلبت ظهراً على عقب وخربت وشوهت من أجل تجارة اللؤلؤ والفلفل! إيه أيتها الانتصارات الآلية، ويا أيها الغزو الوضيع!(84) ".
قصة الحضارة ج29 ص 285، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> فرنسا إبان الحرب -> ميشيل دي مونتيني
 
مونتيني الفيلسوف ورجل القانون (2)اواخر القرن ال16 عصر هنري نافار
:"تساءل هل بين الهمج وحشية كتلك التي يمارسها القضاة ذوو العباءات، ورجال الكنيسة الحليقو الرؤوس، في غرف التعذيب بالدول الأوربية(30).
قصة الحضارة ج29 ص 285، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> فرنسا إبان الحرب -> ميشيل دي مونتيني
 
مونتيني الفيلسوف ورجل القانون الفرنسي -مات في 13 سبتمبر 1592
:"وهو لا يستشهد بالكتاب المقدس أبداً (ربما لأنه مشهور جداً)، وإن اقتبس مراراً من القديس أوغسطين. وهو في الاغلب يؤثر القدامى على المحدثين، والفلاسفة على الآباء المسيحيين. كان "إنساني " الفلسفة بقدر ما أحب آداب اليونان والرومان وتاريخهم، ولكنه لم يكن عابداً أعمى للكلاسيكيات والمخطوطات والمحفوظات، ورأيه في أرسطو أنه سطحي، وفي شيشرون أنه ثرثار دعي
قصة الحضارة ج29 ص 177، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> فرنسا إبان الحرب -> ميشيل دي مونتيني
 
مونتيني الفيلسوف- الفرنسي -مات في 13 سبتمبر 1592
:"ومن تذبذب آرائه، ومن انحطاط المسيحية المعاصرة في فرنسا، انتهى إلى الشكوكية التي اصطبغ بها أكثر فلسفته بعد ذلك.
قصة الحضارة ج29 ص281، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> فرنسا إبان الحرب -> ميشيل دي مونتيني
 
يحكي ديورانت عن فكر الفيلسوف مونتيني- الفرنسي -مات في 13 سبتمبر 1592
:"إن المسيحية التي تفرقت شيعاً يقتل فيها الناس أخوتهم ، ولطخت نفسها بدم الحرب والمذابح، قد اخفقت بجلاء في أن تعطي الإنسان قانوناً خلقياً قادراً على ضبط غرائزه، لذلك اتجه مونتيني إلى الفلسفة ملتمساً مبدأ خلقياً طبيعياً، وفضيلة لا ترتبط بقيام العقائد الدينية وسقوطها. وبد له أن الرواقية قريبة من هذا المثل الأعلى، فهي على الأقل شكلت بعضاً من أعظم الرجال في العصور القديمة. وجعلها مونتيني مثله الأعلى حيناً
قصة الحضارة ج29 ص281، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> فرنسا إبان الحرب -> ميشيل دي مونتيني
 
من كلمات الفيلسوف مونتيني - الفرنسي -مات في 13 سبتمبر 1592
"أيها الانسان الأحمق، يا من تعجز عن خلق دودة، ولكنك تريد أن تخلق أرباباً بالعشرات! "(67).
قصة الحضارة ج29 ص282، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> فرنسا إبان الحرب -> ميشيل دي مونتيني
تعليقومع ذلك صار وثنيا او قريب من هذا!
انه لاأدري!(انظر ص 284،284)
 
الإنحراف العقدي أو المتاهة؟؟؟
سبب العلمانية؟
مثالنا هو الفيلسوف مونتيني
:"فرنسا، حتى وإن أغرقت عقائدها في الدم..."
قال ديورانت عن الفيلسوف مونتيني ( الفرنسي -مات في 13 سبتمبر 1592)
:"على أنه ظل كاثوليكياً بعد أن كف طويلاً عن أن يكون مسيحياً(96). وكما كان أي مسيحي فطن من المسيحيون الأوائل ينحني لأحد الأوثان انحناءة عابرة، كذلك فإن مونتيني، أكثر المسيحيين وثنية، يتحول بين الحين والحين عن إثرائه اليونان والرومان ليقدم الاحترام لصليب المسيح أو حتى ليلثم قدم أحد البابوات. فهو لم ينتقل كما انتقل باسكال من الشك إلى الإيمان، بل من الشك إلى الطاعة. ولم يكن هذا بدافع الحذر فحسب، فلعله أدرك أن فلسفته التي شلت حركتها تررداته وتناقضاته وتشككه قد تصلح ترفاً لعقول هيئت من قبل للحضارة (بالدين؟)، وان فرنسا، حتى وإن أغرقت عقائدها في الدم، إلا أنها لن ترضى بديلاً عنها متاهة فكرية ليس فيها شيء يقيني غير الموت. ورأى أن الفلسفة الحكيمة تصالح الدين... الأسرار الخفية الإلهية للنظام الكنسي... أن الفلاحين البسطاء قوم أمناء، وكذلك الفلاسفة(97).
وهكذا، بعد كل لذعاته للمسيحية، ولأن جميع الأديان على السواء إنما هي أستار تغطي جهلنا المرتعد، ينصحنا بأن نقبل دين زماننا ومكاننا. أما هو، ففي وفائه لجغرافيته، عاد إلى شعائر أبائه، فأحب الدين الطقسي العطر الحسي، لذلك فضل الكاثوليكية على البروتستنتية. ونفره من الكلفنية إصرارها على الجبرية(98)
قصة الحضارة ج29 ص286،، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> فرنسا إبان الحرب -> ميشيل دي مونتيني
تنفع في موضوعي عن عزمي بشارة
 
مونتيني -الفيلسوف الفرنسي -مات في 13 سبتمبر 1592 -يروي خرافات قومه
:"وهو يروي حديث قسيس لوثري أقسم أنه يؤثر أن يستمع إلى ألف قداس عن أن يشارك في تناول القربان على مذهب كالفن(108)- لأن الكلفنيين أنكروا الوجود الجسدي للمسيح في سر القربان.
قصة الحضارة ج29 ص289،، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> فرنسا إبان الحرب -> ميشيل دي مونتيني
 
فيلسوف-مونتيني الفرنسي -مات في 13 سبتمبر 1592- لثم حذاء البابا ، لاتتعجبوا فقد عبد المسيح من قبل!!
قال ديورانت
"وكأي ابن للكنيسة ركع مونتيني ليلثم حذاء البابا، فتعطف البابا برفع حذائه تيسيراً للمهمة(112).
قصة الحضارة ج29 ص289،، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> فرنسا إبان الحرب -> ميشيل دي مونتيني
 
مونتيني يخدع الكنيسة- الفرنسي -مات في 13 سبتمبر 1592
:"ووجد موظفو الجمرك خلال ذلك نسخة من "المقالات" سلموها لمحكمة التفتيش، ودعي مونتيني إلى الهيئة المقدسة ونبه في رفق إلى أن فقرات في مقالاته تشم منها رائحة الهرطقة، أفلا يرى تغييرها أو حذفها في الطبعات المقبلة؟ فوعد "خيل إليّ أنني تركتهم راضين فيها كل الرضا، وهذا حق، بل لقد دعوه للحضور إلى روما والعيش فيها (ولكنه لم يبال بالوفاء بوعده، وفي عام 1676 أدرج كتابه في قائمة الكتب المحظورة من الكنيسة). ثم سافر عبر إيطاليا قاصداً مزار العذراء في لوريتو وأهداها لوحة نذرية، ربما ليطمئنهم ويطمئن نفسه. ثم عاد إلى عبور الابنين للاستشفاء بمياه لوكا.
قصة الحضارة ج29 ص290، بداية عصر العقل -> صراع العقائد على السلطة -> فرنسا إبان الحرب -> ميشيل دي مونتيني
 
عودة
أعلى