[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
[align=justify]
لن أخوض في غمار هذا المصطلح في جميع تخصصات الشريعة، إذ الملتقى هنا للتفسير وسأقتصر في طرحي على ما يتعلق بالتفسير.
المشهور عند كثير ممن ينتمي للسلفية ويعظِّم أقوال السلف أنه لا يجوز مخالفة السلف في التفسير أو إحداث قول بعدهم.
حيث يروى عن الإمام أحمد أنه قال: "لاينبغي لأحد أن يخرج من أقاويل الصحابة إذا اختلفوا".
وقال ابن تيمية: "من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك بل مبتدعا وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤه".
وفي نظري أن هذا إغراق في السلفية وغلو في تقديس أشخاصهم.
وأنا لا أنكر أن للسلف فضلاً كبيراً على هذه الأمة ، وأن لهم فضلاً خاصاً ينفردون به عن سائر أفراد الأمة ممن جاء بعدهم، وهذا أمر متفق عليه ، وليس المقام هنا لتقصي فضائلهم، أو تحقيق هذا الأمر.
ما أريد أن أقوله : أن السلف بشر كغيرهم ممن جاء بعدهم ، ومن حقنا أن نناقش أقوالهم ونعرضها على ميزان النقد العلمي متجردين من الشخصنة وتقديس الذوات ، خصوصاً أنهم يخطئون في تفسير القرآن الكريم كغيرهم، وقد يصل خطؤهم حدَّ أن يخالف حديثاً نبوياً.
ومن حقنا أن نفهم نصوص الشريعة بعقولنا كما فهموها هم بعقولهم.
ومن حقنا أن ننظر للقرآن نظرا مجردا من أي قول كما نظروه هم للوهلة الأولى.
ومن حقنا أن نفهم النص وننزله على الواقع الذي نعيشه كما فهموه هم ونزلوه على واقعهم، إذ النص إلهي أزلي لم يُنزل ليُقصر في فهم أحكامه وتشريعاته على جيل دون جيل.
ومن حقنا أن نبحث في مقاصد النص القرآني ونستخرج منه أحكاماً تناسب عصرنا وإن خالفت أحكام من سبقنا، إذ أحكامهم مستنبطة من القرآن وليست وحياً معصوماً، وهي قابلة للخطأ والصواب، ونحن نشاركهم في هذا الشيء.
فكيف يُقال بعد هذا أنه لا يجوز مخالفة السلف في التفسير أو إحداث قول بعدهم؟
وإن مما انتجه هذا الغلو في تقديس أقوال السلف أن أصبح لدينا جمود في التعامل مع نصوص القرآن الكريم، فأصبحنا لا نُحسن إلا حفظ أقوال السلف وسردها، وتحقيق الأسانيد إليها، وأصبحت جل أبحاثنا تصب في جمع أقوال السلف، وتصفيفها وتنميقها، ومحاولة إضفاء مزيد من القدسية عليها، وانبرى آخرون في التأليف في الرد على كل من يحاول نقد السلف ، وتخصصت بعض مؤسسات المجتمع للذب عن كل ما هو سلفي ومحاربة كل ماهو خارج عن نطاق السلف، ووصل بنا الحال أن جعلنا أقوال السلف حجةً نُكثر من الاحتجاج بها، وصرنا لا نحسن إلا لغة التبديع وإقصاء كل من يخالف السلف أو يحاول نقدهم، أو يحاول الإتيان بجديد ليس عندهم.
قرأت في هذا الملتقى لبعض الأفاضل فوجدت أطروحاتهم العلمية مغرقة في السلف والسلفية، ووجدت جل اهتمامهم في التنظير والتقعيد لأقوال السلف، وأما البحث في مقاصد القرآن وهدايته ومحاولة استخراج الجديد منه فهذا لا تراه إلا في النادر والقليل من أُطروحاتهم.
ووجدت عندهم جرأة على نقد تفاسير الخلف، وأما السلف أو من ينتمي للسلفية فلا يتجاسر أحدهم على نقدها ، وإن فعلوا فيقدمون لها بمقدمات تضفي نوعا من التبجيل والتعظيم ، خوفا من المساس بقدسية كل ما يمت للسلف.
وكذا في قضايا التجديد ومحاولة إعمال العقل في فهم نصوص القرآن الكريم فإنها محاربة عندهم، ويجدون حرجا وضيقا شديدا عند الحديث عنها.
لا فرق عندي بين تفسير السلف وتفسير من جاء بعدهم إلى يومنا هذا ما دام الكل يملك القدرات التي تؤهله لفهم النص الشرعي.
ولا فرق عندي في وجوب نقد الفكرة على طاولة البحث العلمي، سواء كان صاحبها من السلف أم من الخلف.
لو عرضتَ مسألة خلافية وعرضت الأقوال فيها مجردة من قائليها وطلبت من القراء توجيه النقد لكل قول، ثم عرضت مسألة أخرى لكن بذكر صاحب كل قول لوجدت إحجاما لنقد كل قول يمس شخصية سلفية كبيرة.
إنني حينما أنادي بالتجديد ونقد أقوال السلف في التفسير فإن هذا لا يعني أبداً أنني انتقصهم أو أُقلل من شأنهم، فهم كما أسلفت لهم فضائل يتميزون بها عن غيرهم ممن جاء بعدهم، وهذه الفضائل نحفظها لهم ، ونحن نجلهم ونعظمهم لمكانتهم التي حباهم الله بها، ونحن أيضاً بحاجة لتفسيرهم ، وذلك في بعض القضايا التي تعين على فهم النص ، مثل ملابسات النزول وغيرها، لكن لا يعني هذا أبداً أن لا نُعمل أفهامنا في تفسير النص والاستنباط منه.
وإنني أيضاً حينما أنادي بفتح باب التفسير للخلف فإن هذا لا يعني أبداً أنني ادعو لفتح الباب على مصراعيه فيلج فيه من ليس من أهله، بل يُفتح وفق ضوابط وشروط من أهمها الأهلية لذلك، والله الموفق.[/align]
[align=justify]
لن أخوض في غمار هذا المصطلح في جميع تخصصات الشريعة، إذ الملتقى هنا للتفسير وسأقتصر في طرحي على ما يتعلق بالتفسير.
المشهور عند كثير ممن ينتمي للسلفية ويعظِّم أقوال السلف أنه لا يجوز مخالفة السلف في التفسير أو إحداث قول بعدهم.
حيث يروى عن الإمام أحمد أنه قال: "لاينبغي لأحد أن يخرج من أقاويل الصحابة إذا اختلفوا".
وقال ابن تيمية: "من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك بل مبتدعا وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤه".
وفي نظري أن هذا إغراق في السلفية وغلو في تقديس أشخاصهم.
وأنا لا أنكر أن للسلف فضلاً كبيراً على هذه الأمة ، وأن لهم فضلاً خاصاً ينفردون به عن سائر أفراد الأمة ممن جاء بعدهم، وهذا أمر متفق عليه ، وليس المقام هنا لتقصي فضائلهم، أو تحقيق هذا الأمر.
ما أريد أن أقوله : أن السلف بشر كغيرهم ممن جاء بعدهم ، ومن حقنا أن نناقش أقوالهم ونعرضها على ميزان النقد العلمي متجردين من الشخصنة وتقديس الذوات ، خصوصاً أنهم يخطئون في تفسير القرآن الكريم كغيرهم، وقد يصل خطؤهم حدَّ أن يخالف حديثاً نبوياً.
ومن حقنا أن نفهم نصوص الشريعة بعقولنا كما فهموها هم بعقولهم.
ومن حقنا أن ننظر للقرآن نظرا مجردا من أي قول كما نظروه هم للوهلة الأولى.
ومن حقنا أن نفهم النص وننزله على الواقع الذي نعيشه كما فهموه هم ونزلوه على واقعهم، إذ النص إلهي أزلي لم يُنزل ليُقصر في فهم أحكامه وتشريعاته على جيل دون جيل.
ومن حقنا أن نبحث في مقاصد النص القرآني ونستخرج منه أحكاماً تناسب عصرنا وإن خالفت أحكام من سبقنا، إذ أحكامهم مستنبطة من القرآن وليست وحياً معصوماً، وهي قابلة للخطأ والصواب، ونحن نشاركهم في هذا الشيء.
فكيف يُقال بعد هذا أنه لا يجوز مخالفة السلف في التفسير أو إحداث قول بعدهم؟
وإن مما انتجه هذا الغلو في تقديس أقوال السلف أن أصبح لدينا جمود في التعامل مع نصوص القرآن الكريم، فأصبحنا لا نُحسن إلا حفظ أقوال السلف وسردها، وتحقيق الأسانيد إليها، وأصبحت جل أبحاثنا تصب في جمع أقوال السلف، وتصفيفها وتنميقها، ومحاولة إضفاء مزيد من القدسية عليها، وانبرى آخرون في التأليف في الرد على كل من يحاول نقد السلف ، وتخصصت بعض مؤسسات المجتمع للذب عن كل ما هو سلفي ومحاربة كل ماهو خارج عن نطاق السلف، ووصل بنا الحال أن جعلنا أقوال السلف حجةً نُكثر من الاحتجاج بها، وصرنا لا نحسن إلا لغة التبديع وإقصاء كل من يخالف السلف أو يحاول نقدهم، أو يحاول الإتيان بجديد ليس عندهم.
قرأت في هذا الملتقى لبعض الأفاضل فوجدت أطروحاتهم العلمية مغرقة في السلف والسلفية، ووجدت جل اهتمامهم في التنظير والتقعيد لأقوال السلف، وأما البحث في مقاصد القرآن وهدايته ومحاولة استخراج الجديد منه فهذا لا تراه إلا في النادر والقليل من أُطروحاتهم.
ووجدت عندهم جرأة على نقد تفاسير الخلف، وأما السلف أو من ينتمي للسلفية فلا يتجاسر أحدهم على نقدها ، وإن فعلوا فيقدمون لها بمقدمات تضفي نوعا من التبجيل والتعظيم ، خوفا من المساس بقدسية كل ما يمت للسلف.
وكذا في قضايا التجديد ومحاولة إعمال العقل في فهم نصوص القرآن الكريم فإنها محاربة عندهم، ويجدون حرجا وضيقا شديدا عند الحديث عنها.
لا فرق عندي بين تفسير السلف وتفسير من جاء بعدهم إلى يومنا هذا ما دام الكل يملك القدرات التي تؤهله لفهم النص الشرعي.
ولا فرق عندي في وجوب نقد الفكرة على طاولة البحث العلمي، سواء كان صاحبها من السلف أم من الخلف.
لو عرضتَ مسألة خلافية وعرضت الأقوال فيها مجردة من قائليها وطلبت من القراء توجيه النقد لكل قول، ثم عرضت مسألة أخرى لكن بذكر صاحب كل قول لوجدت إحجاما لنقد كل قول يمس شخصية سلفية كبيرة.
إنني حينما أنادي بالتجديد ونقد أقوال السلف في التفسير فإن هذا لا يعني أبداً أنني انتقصهم أو أُقلل من شأنهم، فهم كما أسلفت لهم فضائل يتميزون بها عن غيرهم ممن جاء بعدهم، وهذه الفضائل نحفظها لهم ، ونحن نجلهم ونعظمهم لمكانتهم التي حباهم الله بها، ونحن أيضاً بحاجة لتفسيرهم ، وذلك في بعض القضايا التي تعين على فهم النص ، مثل ملابسات النزول وغيرها، لكن لا يعني هذا أبداً أن لا نُعمل أفهامنا في تفسير النص والاستنباط منه.
وإنني أيضاً حينما أنادي بفتح باب التفسير للخلف فإن هذا لا يعني أبداً أنني ادعو لفتح الباب على مصراعيه فيلج فيه من ليس من أهله، بل يُفتح وفق ضوابط وشروط من أهمها الأهلية لذلك، والله الموفق.[/align]