محمد يحيى شريف
New member
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد
أثناء تدريسي لمتن الدرر اللوامع لابن برّي في أحد المساجد بالعاصمة راودتني فكرة تحرير أوجه هذه المنظومة المباركة ، ولا سيما أنّ المغاربة قديماً وحتّى حديثاً اعتنوا بها حفظاً وشرحاً ورواية ودراية أيّما اعتناء فلم يبق إلاّ الاعتناء بها من جهة تحرير طرقها وعزو كلّ وجه إلى طريقه كما فُعل بالشاطبيّة والطيّبة.
والذي دفعني إلى ذلك هو :
أوّلا : تنوّع الروايات حيث يتضمّن هذا النظم خمس روايات ثلاث منها لورش واثنان لقالون كما سيأتي تفصيله.
ثانيا : وضوح مصادرها وطرقها مّما يُسهّل عليّ إلحاق كلّ وجه بطريقه.
ثالثا : عند تأمّلي لمضمون هذه المنظومة المباركة ظهر لي ما يلي :
- وجود بعض الأوجه التي خرج بها الناظم عن روايات الداني كالبسملة بين السورتين لورش ، وإشباع المدّ المتصل لقالون وكذا المدّ المنفصل في أحد وجهيه.
- الخلط بين روايات الداني مثاله : نحن نعلم أنّ الداني ما روى قصر البدل إلاّ عن أبي الحسن بن غلبون ، وقد ذكر الناظم هذا الوجه وأهمل كلّ الأوجه الأخرى التي قرأ بها الداني على أبي الحسن كتخصيص التوسط في اللين المهموز بياب {شيء} دون {كهيئة} و {سوء} وشبهه ، وتفخيم الراءات المضمومة وترقيق راء {إرم} وغير ذلك.
- عدم التنسيق في اختيار الأوجه حيث نراه يعتمد كثيراً على كتاب التيسير في اختياراته وفي بعض الأحيان يُهمل ما ورد فيه تماماً. كإهماله الصلة في ميم الجمع لقالون مع أنّه هو الوارد في كتابه التيسير ومعلون أنّ هذا الكتاب هو زبدة مرويّات الداني.
رابعا : إظهار من خلال هذا النظم الأوجه التي ذُكرت في التيسير وهي ليست من طريقه وذلك ببيان الأوجه المذكورة في التيسير والتي لم يقرأ بها الداني على ابن خاقان لورش ولا على أبي الفتح لقالون.
فهذه الأسباب الأربعة هي الدافع الذي جعلني أقتنع بضرورة تحرير أوجه هذا النظم المبارك متبعاً في ذلك منهج المحرّرين في الجملة.
بيان مصادر وطرق هذا النظم :
قال ابن برّي :
سلكت في ذاك طريق الداني****إذ كان ذا حفظ وذا إتقان
أشار الناظم إلى أنّه سلك طريق الداني ولم يُحدّد أيّ طريق ، ولم يقتصر على طريق التيسير كما يظنّ البعض لأنّه ذكر في نظمه الكثير من الأوجه التي ليست في التيسير.
فأمّا رواية ورش فهي من طريق أبي يعقوب الأزرق. قال المنتوري : "وروى عنه جماعة كثيرة منهم أبو يعقوب الأزرق بن عمرو بن يسار المدنيّ الأزرق ، وهذه الرواية خاصّة هي التي ذكرها الداني في إيجاز البيان والتلخيص وعليها عوّل في الاقتصاد والتيسير ، وهي التي اشتهر بها العمل ، وأخذ الناس بها في رواية ورش ، وصنّفوا قراءة ورش من طريقها ، وعلى هذا جرى ابن الباذش في الإقناع ، والشاطبيّ في قصيدته ، والناظم في هذا الرجز ، وغيرهم من المصنّفين للحروف."(شرح الدرر 1/68). وأمّا روايات الداني من طريق أبي يعقوب فمن ثلاث طرق : روايته عن ابن خاقان وهي رواية المسندة في التيسير ، وروايته عن أبي الفتح وعن أبي الحسن ابن غلبون.
وأمّا رواية قالون فهي من طريق أبي نشيط. قال المنتوري : " وروى عنه جماعة كثيرة منهم أبو نشيط موسى بن هارون البغدادي ، وهذه هي الرواية المشهورة عن قالون ، التي اعتمد الناس عليها ، وصاروا يأخذون بها في قراءته دون غيرها من الروايات. وقد صنّف الداني فيها كتاباً مُفرداً وعليها عوّل في الاقتصاد والتيسير وعلى هذا جرى ابن الباذش في الإقناع والشاطبيّ في قصيدته والناظم في هذا الرجز ، وغيرهم من المؤلّفين في القراءة."(شرح الدرر 1/72). وأمّا روايات الداني من طريق أبي نشيط فمن طريقين : روايتة عن أبي الفتح وهي الرواية المسندة في التيسير ، وروايته على أبي الحسن بن غلبون. وبالتالي فإنّ كتاب التذكرة لأبي الحسن يُعدّ من مصادر هذه المنظومة في رواية ورش وقالون.
فالمجموع إذن خمس طرق للداني ثلاث منها لورش وثنتان لقالون.
وسأشرع في التحرير في المرة القادمة بدءً بباب البسملة.
أسأل الله تعالى التوفيق والسداد.
أثناء تدريسي لمتن الدرر اللوامع لابن برّي في أحد المساجد بالعاصمة راودتني فكرة تحرير أوجه هذه المنظومة المباركة ، ولا سيما أنّ المغاربة قديماً وحتّى حديثاً اعتنوا بها حفظاً وشرحاً ورواية ودراية أيّما اعتناء فلم يبق إلاّ الاعتناء بها من جهة تحرير طرقها وعزو كلّ وجه إلى طريقه كما فُعل بالشاطبيّة والطيّبة.
والذي دفعني إلى ذلك هو :
أوّلا : تنوّع الروايات حيث يتضمّن هذا النظم خمس روايات ثلاث منها لورش واثنان لقالون كما سيأتي تفصيله.
ثانيا : وضوح مصادرها وطرقها مّما يُسهّل عليّ إلحاق كلّ وجه بطريقه.
ثالثا : عند تأمّلي لمضمون هذه المنظومة المباركة ظهر لي ما يلي :
- وجود بعض الأوجه التي خرج بها الناظم عن روايات الداني كالبسملة بين السورتين لورش ، وإشباع المدّ المتصل لقالون وكذا المدّ المنفصل في أحد وجهيه.
- الخلط بين روايات الداني مثاله : نحن نعلم أنّ الداني ما روى قصر البدل إلاّ عن أبي الحسن بن غلبون ، وقد ذكر الناظم هذا الوجه وأهمل كلّ الأوجه الأخرى التي قرأ بها الداني على أبي الحسن كتخصيص التوسط في اللين المهموز بياب {شيء} دون {كهيئة} و {سوء} وشبهه ، وتفخيم الراءات المضمومة وترقيق راء {إرم} وغير ذلك.
- عدم التنسيق في اختيار الأوجه حيث نراه يعتمد كثيراً على كتاب التيسير في اختياراته وفي بعض الأحيان يُهمل ما ورد فيه تماماً. كإهماله الصلة في ميم الجمع لقالون مع أنّه هو الوارد في كتابه التيسير ومعلون أنّ هذا الكتاب هو زبدة مرويّات الداني.
رابعا : إظهار من خلال هذا النظم الأوجه التي ذُكرت في التيسير وهي ليست من طريقه وذلك ببيان الأوجه المذكورة في التيسير والتي لم يقرأ بها الداني على ابن خاقان لورش ولا على أبي الفتح لقالون.
فهذه الأسباب الأربعة هي الدافع الذي جعلني أقتنع بضرورة تحرير أوجه هذا النظم المبارك متبعاً في ذلك منهج المحرّرين في الجملة.
بيان مصادر وطرق هذا النظم :
قال ابن برّي :
سلكت في ذاك طريق الداني****إذ كان ذا حفظ وذا إتقان
أشار الناظم إلى أنّه سلك طريق الداني ولم يُحدّد أيّ طريق ، ولم يقتصر على طريق التيسير كما يظنّ البعض لأنّه ذكر في نظمه الكثير من الأوجه التي ليست في التيسير.
فأمّا رواية ورش فهي من طريق أبي يعقوب الأزرق. قال المنتوري : "وروى عنه جماعة كثيرة منهم أبو يعقوب الأزرق بن عمرو بن يسار المدنيّ الأزرق ، وهذه الرواية خاصّة هي التي ذكرها الداني في إيجاز البيان والتلخيص وعليها عوّل في الاقتصاد والتيسير ، وهي التي اشتهر بها العمل ، وأخذ الناس بها في رواية ورش ، وصنّفوا قراءة ورش من طريقها ، وعلى هذا جرى ابن الباذش في الإقناع ، والشاطبيّ في قصيدته ، والناظم في هذا الرجز ، وغيرهم من المصنّفين للحروف."(شرح الدرر 1/68). وأمّا روايات الداني من طريق أبي يعقوب فمن ثلاث طرق : روايته عن ابن خاقان وهي رواية المسندة في التيسير ، وروايته عن أبي الفتح وعن أبي الحسن ابن غلبون.
وأمّا رواية قالون فهي من طريق أبي نشيط. قال المنتوري : " وروى عنه جماعة كثيرة منهم أبو نشيط موسى بن هارون البغدادي ، وهذه هي الرواية المشهورة عن قالون ، التي اعتمد الناس عليها ، وصاروا يأخذون بها في قراءته دون غيرها من الروايات. وقد صنّف الداني فيها كتاباً مُفرداً وعليها عوّل في الاقتصاد والتيسير وعلى هذا جرى ابن الباذش في الإقناع والشاطبيّ في قصيدته والناظم في هذا الرجز ، وغيرهم من المؤلّفين في القراءة."(شرح الدرر 1/72). وأمّا روايات الداني من طريق أبي نشيط فمن طريقين : روايتة عن أبي الفتح وهي الرواية المسندة في التيسير ، وروايته على أبي الحسن بن غلبون. وبالتالي فإنّ كتاب التذكرة لأبي الحسن يُعدّ من مصادر هذه المنظومة في رواية ورش وقالون.
فالمجموع إذن خمس طرق للداني ثلاث منها لورش وثنتان لقالون.
وسأشرع في التحرير في المرة القادمة بدءً بباب البسملة.
أسأل الله تعالى التوفيق والسداد.