محمد يحيى شريف
New member
الهمزتين المتفقتين في الحركة من كلمتين نحو {جآء أحد} و {السماء إن} و{أولياء أولئك}
الهمزتين المتفقتين في الحركة من كلمتين نحو {جآء أحد} و {السماء إن} و{أولياء أولئك}
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد
قال ابن بري :
كجاء أمرنا وورش سهّلا ***** أخراهما وقيل لا بل أبدلا
وسّهل الأخرى بذات الكسر ***** نحو من السماء إن للمصر
وأبدلن ياءً خفيف الكسر من ***** على البغاء إن وهؤلاء إن
ثمّ قال :
وسهّل الأخرى إذا ما انضمّتا **** ورش عن قالون عكس ذا أتى
وقيل بل أبدل الأخرى ورشنا **** مدّا لدى المكسورتين وهنا
أشار الناظم إلى أنّ ورشاً حقّق الأولى وسهّل الثانية بين بين في المتفقتين في الحركة من كلمتين في الأنواع الثلاثة ، وله وجه آخر وهو إبدال الثانية حرف مدّ من جنس حركة الهمزة الأولى ، وخصّ {هؤلاء إن كنتم صادقين} في البقرة و{على البغاء إن أردن } في النور بإبدال الثانية منهما ياء خالصة مكسورة ، بالإضافة إلى وجه التسهيل وإبدال الثانية ياء مدية.
ففي المفتوحتين يقول الداني في التيسير : "فإذا اتّفقا بالفتح ، نحو قوله تعالى{جاء أحد} و {شاء أنشره} وشبهه : فورش وقنبل يجعلان الثانية كالمدّة.... "(التيسير ص151). ). وقال في إيجاز البيان :" : فقال بعضهم يُبدلها ألفاً ، فتحصل في ذلك في اللفظ مدّتان ، مدّة قبل الهمزة المحقّقة ، ومدّة بعدها ، إلاّ أنّ المدّة الثانية في التقدير فيما كان بعدها ، كشطر المدّة الأولى ، وهذا قول عامّة المصريّين ، أعني البدل.."(يُنظر شرح الدرر للمنتوري 1/285). وقال الداني في جامع البيان "فأمّا على رواية أبي يعقوب الأزرق عنه فإنّها تُشبع لأنّهم رووا عنه عن ورش أداءً إبدالها حرفاً خالصاً ، فهي ألف محضة ، فهي في حال البدل أشبع منها في حالة التليين."(جامع البيان ص218).
وفي المكسورتين يقول في التيسير : "اعلم أنّهما إذا اتّفقا بالكسر نحو {هؤلاء إن كنتم}و{من النساء إلا} وشبهه : فقنبل وورش يجعلان الثانية كالياء الساكنة." (التيسير ص151). وقال في جامع البيان في المكسورتين :"وروي المصريّون أداءً عن أبي يعقوب عن ورش إبدالها ياء ساكنة ، فعلى ذلك يزاد في تمكينها لكونها حرف مدّ وسكون ما بعدها ، والبدل على غير قياس."(جامع البيان ص220).
وفي المضمومتين وقع في موضع واحد في القرءان الكريم وهو قوله تعالى {أولياء أولئك}. قال الداني في التيسير : "فورش وقنبل يجعلان الثانية كالواو الساكنة."(التيسير ص152). وقال في جامع البيان : "وروى المصريّون عن أبي يعقوب الأزرق عن ورش أداءً إبدالها واواً ساكنة ، وذلك على غير قياس."(جامع البيان ص224).
أقول : اقتصر الداني على وجه التسهيل في كتابه التيسير حيث قال في المفتوحتين "كالمدة" وفي المكسورتين : "كالياء الساكنة" وفي المضمومتين "كالواو الساكنة" وهذه العبارات هي كنايات عن تسهيل الثانية بين بين في الأنواع الثلاثة ، كما يظهر في النشر والدرّ النثير للمالقي ، واقتصر في جامع البيان على وجه إبدال الثانية حرف مدّ من جنس حركة ما قبلها في الأنواع الثلاثة. وذكر أنّ الإبدال هو مذهب المصريّين عن أبي يعقوب الأزرق فقال في المفتوحتين : " وهذا قول عامّة المصريّين ، أعني البدل" وفي المكسورتين : "وروي المصريّون أداءً عن أبي يعقوب عن ورش إبدالها ياء ساكنة" وفي المضمومتين : "وروى المصريّون عن أبي يعقوب الأزرق عن ورش أداءً إبدالها واوً ساكنة".
فمراد الداني بالمصريين يحتمل معنيان : فإمّا أن يكون مراده من ذلك جميع من أخذ برواية أبي يعقوب الأزرق المصريّ الراوي عن ورش وذلك في مقابل رواة الشام والعراق كالأصبهاني وعبد الصمد وغيرهما وهذا يستحيل لتواتر وجه التسهيل عن أبي يعقوب الأزرق ولقول الداني "وروى المصريون أداءً عن أبي يعقوب الأزرق" وهذا يدلّ أنّ رواية أبي يعقوب تشمل المصريّين وغيرهم وإلاّ لما احتاج إلى تقييد روايته بالمصريّين ، وإمّا أن يكون مراده : بالمصريين ذوي الأصول المصريّة كابن خاقان وذلك في مقابل أبي الحسن الحلبيّ وأبي الفتح الحمصي وكلاهما نزلاء مصر ، وهذا المعنى هو الصواب عندي لأنّه يتوافق مع ما في التذكرة لأبي الحسن بن غلبون إذ مذهبه التسهيل بقوله في الهمزتين المفتوحتين من كلمتين :"فقرأ قنبل وورش ورويس بهمز الأولى وجعلوا الثانية بين بين" (التذكرة ص116) وقال نحوه في المضمومتين والمكسورتين. وأمّا أبو الفتح فقد ذكر الداني أنّه قرأ عليه بالتسهيل في المكسورتين بقوله : "وروى أبو بكر بن سيف عنه أنّه أجراهما كسائر نظائرهما ، وقد قرأت بذلك أيضاً على أبي الفتح وأبي الحسن ، وأكثر مشيخة المصريّين على الأوّل."(جامع البيان ص221).
وعليه تكون رواية الداني عن ابن خاقان بالإبدال وعن أبي الحسن وأبي الفتح بتسهيل الثانية بين بين.
وأما {هؤلاء إن } في البقرة و{والبغاء إن} في النور فقد ورد روى ورش إبدالها ياء خالصة مكسورة. قال الداني في جامع البيان :" واستثنى لنا الخاقاني وأبو الفتح وأبو الحسن في روايته عن ورش من جميع الباب موضعين وهما في البقرة : {هؤلاء إن كنتم} وفي النور {على البغاء إن أردن} فرووهما عن قراءتهم بخلاف الترجمتين المتقدّمتين بتحقيق الهمزة الأولى ، وجعل الثانية ياء مكسورة محضة الكسرة. " ثم قال : "وروى أبو بكر بن سيف عنه أنّه أجراهما كسائر نظائرهما ، وقد قرأت بذلك أيضاً على أبي الفتح وأبي الحسن ، وأكثر مشيخة المصريّين على الأوّل." (جامع البيان ص221). وقال في التيسير : "وأخذ عليّ ابنُ خاقان لورش بجعل الثانية ياء مكسورة في البقرة ، في قوله عزّ وجلّ {هؤلاء إن كنتم} ، وفي النور {على البغاء إن أردن} فقط. وذلك مشهور عن ورش في الأداء من غير نصّ."(التيسير ص151). وهذا يدلّ أنّ الداني لم يقرأ على ابن خاقان في الموضعين إلاّ بإبدال الثانية ياء خالصة مكسورة لسببين : الأوّل : قوله : "وأخذ عليّ ابنُ خاقان لورش بجعل الثانية ياء مكسورة" وقوله في الجامع :" واستثنى لنا الخاقاني وأبو الفتح وأبو الحسن" ثمّ ذكر أنّه قرأ في الموضعين كسائر الباب على أبي الحسن وأبي الفتح دون ابن خاقان بقوله : " وروى أبو بكر بن سيف عنه أنّه أجراهما كسائر نظائرهما ، وقد قرأت بذلك أيضاً على أبي الفتح وأبي الحسن " وهذا يدلّ أنّ قراءته على أبي الفتح وأبي الحسن في الموضعين بالتسهيل في الثانية أو إبدالها ياء مكسورة خلافاً لقراءته على ابن خاقان فإنّها لا تكون في الموضعين إلاّ مبدلة من الياء المكسورة وهو الذي ينبغي أن يُقتصر عليه في التيسير في الموضعين. قال المالقي رحمه الله :"فاعلم أنّه إنّما أسند قراءته برواية ورش في التيسير عن ابن خاقان لا غير ، وابن خاقان هو الذي استثنى له هذين الموضعين فعلى هذا ليس في التيسير في هذين الموضعين في قراءة ورش إلاّ البدل."(الدرّ النثيرص 362) ثمّ قال "وظاهر مذهبه في التيسير الأخذ بجعلها ياء مكسورة في الموضعين ، والله أعلم."(الدرّ النثير ص363).
وصنيع المالقي في هذه المسألة هو عين التحرير للطرق الذي ندندن حوله ، وهذا يدلّ أنّ من المتقدّمين على ابن الجزري من سلك طريقة أهل التحرير.
فنخلص مما سبق أنّ قراءة الداني في الأنواع الثلاثة على ابن خاقان هي بإبدال الثانية حرف مدّ من جنس حركة ما قبلها فتُبدل ألفاً في المفتوحتين وياءً في المكسورتين و واوً في المضمومتين وهذا الذي ينبغي أن يؤخذ به من طريق التيسير. وأمّا قراءته على أبي الحسن وأبي الفتح فهي بتسهيل الثانية بين بين أي بين الهمزة والألف في المفتوحتين وبين الهمزة والواو في المضمومتين وبين الهمزة والياء في المكسورتين. وأمّا في {هؤلاء إن} في البقرة و {على البغاء إن } في النور فقراءة الداني على ابن خاقان هي بإبدال الثانية ياء مكسورة وهو الذي ينبغي الاقتصار عليه في التيسير خلافاً لقراءته على أبي الحسن وأبي الفتح فإنّها تكون بالوجهين : أحدها كقراءته على ابن خاقان ، وثانيها تسهيلها بين الهمزة والياء.
في قوله تعالى {فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين} خمسة أوجه من طرق الداني وهي كالتالي :
الأوّل : قصر {أنبئوني} مع التسهيل الثانية بين بين في {هؤلاء إن} وبه قرأ الداني على أبي الحسن.
الثاني : كذلك لكن مع إبدال الثانية ياء مكسورة في {هؤلاء إن} وبه قرأ الداني على أبي الحسن.
الثالث : توسط {أنبئوني} مع إبدال الثانية ياء مكسورة في {هؤلاء إن} من التيسير على الصحيح وبه قرأ الداني على ابن خاقان.
الرابع : توسط {أنبئوني} مع التسهيل الثانية بين بين في {هؤلاء إن} وبه قرأ الداني على أبي الفتح.
الخامس : توسط {أنبئوني} مع إبدال الثانية ياء مكسورة في {هؤلاء إن} وبه قرأ الداني على أبي الفتح.
وعليه جازت الأوجه الثلاثة في {هؤلاء إن} على توسط البدل ، وامتنع إبدال الثانية ياء مديّة على القصر.
وفي قوله تعالى {على البغاء إن أردن تحصناً لتبتغوا عرض الحياة الدنيا} خمسة أوجه من طرق الداني وهي كالتالي :
الأوّل : تسهيل الثانية بين الهمزة والياء في {البغاء إن} مع الفتح في {الدنيا} وبه قرأ الداني على ابي الحسن.
الثاني : كذلك لكن مع التقليل وبه قرأ الداني على أبي الفتح.
الثالث : إبدال الثانية ياء مكسورة في {البغاء إن} مع الفتح في{الدنيا} وبه قرأ الداني على ابي الحسن.
الرابع : كذلك لكن مع التقليل وبه قرأ الداني على أبي الفتح.
الخامس : إبدال الثانية ياءً مديّة في {البغاء إن} مع التقليل في{الدنيا} من التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان. والإبدال يكون مع الإشباع والقصر لتغيّر السبب.
والعلم عند الله تعالى.
الهمزتين المتفقتين في الحركة من كلمتين نحو {جآء أحد} و {السماء إن} و{أولياء أولئك}
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد
قال ابن بري :
كجاء أمرنا وورش سهّلا ***** أخراهما وقيل لا بل أبدلا
وسّهل الأخرى بذات الكسر ***** نحو من السماء إن للمصر
وأبدلن ياءً خفيف الكسر من ***** على البغاء إن وهؤلاء إن
ثمّ قال :
وسهّل الأخرى إذا ما انضمّتا **** ورش عن قالون عكس ذا أتى
وقيل بل أبدل الأخرى ورشنا **** مدّا لدى المكسورتين وهنا
أشار الناظم إلى أنّ ورشاً حقّق الأولى وسهّل الثانية بين بين في المتفقتين في الحركة من كلمتين في الأنواع الثلاثة ، وله وجه آخر وهو إبدال الثانية حرف مدّ من جنس حركة الهمزة الأولى ، وخصّ {هؤلاء إن كنتم صادقين} في البقرة و{على البغاء إن أردن } في النور بإبدال الثانية منهما ياء خالصة مكسورة ، بالإضافة إلى وجه التسهيل وإبدال الثانية ياء مدية.
ففي المفتوحتين يقول الداني في التيسير : "فإذا اتّفقا بالفتح ، نحو قوله تعالى{جاء أحد} و {شاء أنشره} وشبهه : فورش وقنبل يجعلان الثانية كالمدّة.... "(التيسير ص151). ). وقال في إيجاز البيان :" : فقال بعضهم يُبدلها ألفاً ، فتحصل في ذلك في اللفظ مدّتان ، مدّة قبل الهمزة المحقّقة ، ومدّة بعدها ، إلاّ أنّ المدّة الثانية في التقدير فيما كان بعدها ، كشطر المدّة الأولى ، وهذا قول عامّة المصريّين ، أعني البدل.."(يُنظر شرح الدرر للمنتوري 1/285). وقال الداني في جامع البيان "فأمّا على رواية أبي يعقوب الأزرق عنه فإنّها تُشبع لأنّهم رووا عنه عن ورش أداءً إبدالها حرفاً خالصاً ، فهي ألف محضة ، فهي في حال البدل أشبع منها في حالة التليين."(جامع البيان ص218).
وفي المكسورتين يقول في التيسير : "اعلم أنّهما إذا اتّفقا بالكسر نحو {هؤلاء إن كنتم}و{من النساء إلا} وشبهه : فقنبل وورش يجعلان الثانية كالياء الساكنة." (التيسير ص151). وقال في جامع البيان في المكسورتين :"وروي المصريّون أداءً عن أبي يعقوب عن ورش إبدالها ياء ساكنة ، فعلى ذلك يزاد في تمكينها لكونها حرف مدّ وسكون ما بعدها ، والبدل على غير قياس."(جامع البيان ص220).
وفي المضمومتين وقع في موضع واحد في القرءان الكريم وهو قوله تعالى {أولياء أولئك}. قال الداني في التيسير : "فورش وقنبل يجعلان الثانية كالواو الساكنة."(التيسير ص152). وقال في جامع البيان : "وروى المصريّون عن أبي يعقوب الأزرق عن ورش أداءً إبدالها واواً ساكنة ، وذلك على غير قياس."(جامع البيان ص224).
أقول : اقتصر الداني على وجه التسهيل في كتابه التيسير حيث قال في المفتوحتين "كالمدة" وفي المكسورتين : "كالياء الساكنة" وفي المضمومتين "كالواو الساكنة" وهذه العبارات هي كنايات عن تسهيل الثانية بين بين في الأنواع الثلاثة ، كما يظهر في النشر والدرّ النثير للمالقي ، واقتصر في جامع البيان على وجه إبدال الثانية حرف مدّ من جنس حركة ما قبلها في الأنواع الثلاثة. وذكر أنّ الإبدال هو مذهب المصريّين عن أبي يعقوب الأزرق فقال في المفتوحتين : " وهذا قول عامّة المصريّين ، أعني البدل" وفي المكسورتين : "وروي المصريّون أداءً عن أبي يعقوب عن ورش إبدالها ياء ساكنة" وفي المضمومتين : "وروى المصريّون عن أبي يعقوب الأزرق عن ورش أداءً إبدالها واوً ساكنة".
فمراد الداني بالمصريين يحتمل معنيان : فإمّا أن يكون مراده من ذلك جميع من أخذ برواية أبي يعقوب الأزرق المصريّ الراوي عن ورش وذلك في مقابل رواة الشام والعراق كالأصبهاني وعبد الصمد وغيرهما وهذا يستحيل لتواتر وجه التسهيل عن أبي يعقوب الأزرق ولقول الداني "وروى المصريون أداءً عن أبي يعقوب الأزرق" وهذا يدلّ أنّ رواية أبي يعقوب تشمل المصريّين وغيرهم وإلاّ لما احتاج إلى تقييد روايته بالمصريّين ، وإمّا أن يكون مراده : بالمصريين ذوي الأصول المصريّة كابن خاقان وذلك في مقابل أبي الحسن الحلبيّ وأبي الفتح الحمصي وكلاهما نزلاء مصر ، وهذا المعنى هو الصواب عندي لأنّه يتوافق مع ما في التذكرة لأبي الحسن بن غلبون إذ مذهبه التسهيل بقوله في الهمزتين المفتوحتين من كلمتين :"فقرأ قنبل وورش ورويس بهمز الأولى وجعلوا الثانية بين بين" (التذكرة ص116) وقال نحوه في المضمومتين والمكسورتين. وأمّا أبو الفتح فقد ذكر الداني أنّه قرأ عليه بالتسهيل في المكسورتين بقوله : "وروى أبو بكر بن سيف عنه أنّه أجراهما كسائر نظائرهما ، وقد قرأت بذلك أيضاً على أبي الفتح وأبي الحسن ، وأكثر مشيخة المصريّين على الأوّل."(جامع البيان ص221).
وعليه تكون رواية الداني عن ابن خاقان بالإبدال وعن أبي الحسن وأبي الفتح بتسهيل الثانية بين بين.
وأما {هؤلاء إن } في البقرة و{والبغاء إن} في النور فقد ورد روى ورش إبدالها ياء خالصة مكسورة. قال الداني في جامع البيان :" واستثنى لنا الخاقاني وأبو الفتح وأبو الحسن في روايته عن ورش من جميع الباب موضعين وهما في البقرة : {هؤلاء إن كنتم} وفي النور {على البغاء إن أردن} فرووهما عن قراءتهم بخلاف الترجمتين المتقدّمتين بتحقيق الهمزة الأولى ، وجعل الثانية ياء مكسورة محضة الكسرة. " ثم قال : "وروى أبو بكر بن سيف عنه أنّه أجراهما كسائر نظائرهما ، وقد قرأت بذلك أيضاً على أبي الفتح وأبي الحسن ، وأكثر مشيخة المصريّين على الأوّل." (جامع البيان ص221). وقال في التيسير : "وأخذ عليّ ابنُ خاقان لورش بجعل الثانية ياء مكسورة في البقرة ، في قوله عزّ وجلّ {هؤلاء إن كنتم} ، وفي النور {على البغاء إن أردن} فقط. وذلك مشهور عن ورش في الأداء من غير نصّ."(التيسير ص151). وهذا يدلّ أنّ الداني لم يقرأ على ابن خاقان في الموضعين إلاّ بإبدال الثانية ياء خالصة مكسورة لسببين : الأوّل : قوله : "وأخذ عليّ ابنُ خاقان لورش بجعل الثانية ياء مكسورة" وقوله في الجامع :" واستثنى لنا الخاقاني وأبو الفتح وأبو الحسن" ثمّ ذكر أنّه قرأ في الموضعين كسائر الباب على أبي الحسن وأبي الفتح دون ابن خاقان بقوله : " وروى أبو بكر بن سيف عنه أنّه أجراهما كسائر نظائرهما ، وقد قرأت بذلك أيضاً على أبي الفتح وأبي الحسن " وهذا يدلّ أنّ قراءته على أبي الفتح وأبي الحسن في الموضعين بالتسهيل في الثانية أو إبدالها ياء مكسورة خلافاً لقراءته على ابن خاقان فإنّها لا تكون في الموضعين إلاّ مبدلة من الياء المكسورة وهو الذي ينبغي أن يُقتصر عليه في التيسير في الموضعين. قال المالقي رحمه الله :"فاعلم أنّه إنّما أسند قراءته برواية ورش في التيسير عن ابن خاقان لا غير ، وابن خاقان هو الذي استثنى له هذين الموضعين فعلى هذا ليس في التيسير في هذين الموضعين في قراءة ورش إلاّ البدل."(الدرّ النثيرص 362) ثمّ قال "وظاهر مذهبه في التيسير الأخذ بجعلها ياء مكسورة في الموضعين ، والله أعلم."(الدرّ النثير ص363).
وصنيع المالقي في هذه المسألة هو عين التحرير للطرق الذي ندندن حوله ، وهذا يدلّ أنّ من المتقدّمين على ابن الجزري من سلك طريقة أهل التحرير.
فنخلص مما سبق أنّ قراءة الداني في الأنواع الثلاثة على ابن خاقان هي بإبدال الثانية حرف مدّ من جنس حركة ما قبلها فتُبدل ألفاً في المفتوحتين وياءً في المكسورتين و واوً في المضمومتين وهذا الذي ينبغي أن يؤخذ به من طريق التيسير. وأمّا قراءته على أبي الحسن وأبي الفتح فهي بتسهيل الثانية بين بين أي بين الهمزة والألف في المفتوحتين وبين الهمزة والواو في المضمومتين وبين الهمزة والياء في المكسورتين. وأمّا في {هؤلاء إن} في البقرة و {على البغاء إن } في النور فقراءة الداني على ابن خاقان هي بإبدال الثانية ياء مكسورة وهو الذي ينبغي الاقتصار عليه في التيسير خلافاً لقراءته على أبي الحسن وأبي الفتح فإنّها تكون بالوجهين : أحدها كقراءته على ابن خاقان ، وثانيها تسهيلها بين الهمزة والياء.
في قوله تعالى {فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين} خمسة أوجه من طرق الداني وهي كالتالي :
الأوّل : قصر {أنبئوني} مع التسهيل الثانية بين بين في {هؤلاء إن} وبه قرأ الداني على أبي الحسن.
الثاني : كذلك لكن مع إبدال الثانية ياء مكسورة في {هؤلاء إن} وبه قرأ الداني على أبي الحسن.
الثالث : توسط {أنبئوني} مع إبدال الثانية ياء مكسورة في {هؤلاء إن} من التيسير على الصحيح وبه قرأ الداني على ابن خاقان.
الرابع : توسط {أنبئوني} مع التسهيل الثانية بين بين في {هؤلاء إن} وبه قرأ الداني على أبي الفتح.
الخامس : توسط {أنبئوني} مع إبدال الثانية ياء مكسورة في {هؤلاء إن} وبه قرأ الداني على أبي الفتح.
وعليه جازت الأوجه الثلاثة في {هؤلاء إن} على توسط البدل ، وامتنع إبدال الثانية ياء مديّة على القصر.
وفي قوله تعالى {على البغاء إن أردن تحصناً لتبتغوا عرض الحياة الدنيا} خمسة أوجه من طرق الداني وهي كالتالي :
الأوّل : تسهيل الثانية بين الهمزة والياء في {البغاء إن} مع الفتح في {الدنيا} وبه قرأ الداني على ابي الحسن.
الثاني : كذلك لكن مع التقليل وبه قرأ الداني على أبي الفتح.
الثالث : إبدال الثانية ياء مكسورة في {البغاء إن} مع الفتح في{الدنيا} وبه قرأ الداني على ابي الحسن.
الرابع : كذلك لكن مع التقليل وبه قرأ الداني على أبي الفتح.
الخامس : إبدال الثانية ياءً مديّة في {البغاء إن} مع التقليل في{الدنيا} من التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان. والإبدال يكون مع الإشباع والقصر لتغيّر السبب.
والعلم عند الله تعالى.