أصل التوحيد - بقلم الشيخ لطف الله خوجه

< 27 >

الناقض الرابع
[ من نواقض الإسلام ]:

من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم
أكمل من هديه،
أو أن حكم غيره أحسن من حكمه.

المراد بهذا الناقض:

من اعتقد أن هناك دينا أحسن من الدين
الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم،
أو هديا أكمل من هديه صلى الله عليه وسلم،
أو حكما أفضل من الحكم الذي أتى به
من عند ربه عز وجل،
فقد كفر؛

لأنه كذَّب ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله
صلى الله عليه وسلم؛

فالله عز وجل يقول:

{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ
يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ
وَيُبَشّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ
أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}

[الإسراء: 9] ،

ويقول سبحانه وتعالى:

{وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا
لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}

[المائدة: 50] ،

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"وخير الهدي هَدي محمد" ( 1 ).


يقول سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله:

"من اعتقد أن حكم غير الرسول
صلى الله عليه وسلم
أحسن من حكمه،
وأتم وأشمل لما يحتاجه الناس
من الحكم بينهم عند التنازع؛
إما مطلقا،
أو بالنسبة إلى ما استجد من الحوادث
التي نشأت عن تطور الزمان وتغير الأحوال؛
فلا ريب أنه كفر؛

لتفضيله أحكام المخلوقين
التي هي محض زبالة الأذهان،
وصرف نحالة الأفكار،
على حُكم الحكيم الحميد"( 2 ).



`````````````````````
1 - تقدم تخريجه ص 5.
2 - رسالة تحكيم القوانين للشيخ محمد بن إبراهيم ص14.

**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html


 
< 28 >

الناقض الخامس
[ من نواقض الإسلام ]
من أبغض شيئا مما جاء به الرسول
صلى الله عليه وسلم.

المراد بهذا الناقض:

بغض وكراهية الحق من صفات الكفار،

كما قال تعالى:

{بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقّ
وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقّ كَارِهُون}

[المؤمنون: من الآية70] ،

وهو أيضا من صفات المنافقين
الذين قال الله عز وجل عنهم:

{وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُون}

[التوبة: من الآية 54] .

فمن أبغض وكره ما شرعه الله عز وجل،
أو أبغض وكره التكاليف الشرعية
-من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها-
وتمنى أن الله لم يكلف بها؛
فهذا لا شك في كفره؛
لأن في صنيعه تركا للقبول والانقياد والتسليم
التي تقدم الحديث عن أنها
من شروط لا إله إلا الله ( 1 ).

ولذلك كفَّر العلماء من اتصف بهذه الصفة،
وقالوا:
"تكفير هذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام،
والقرآن مملوء من تكفير مثل هذا النوع" ( 2 ).


من الأدلة على هذا الناقض:


1- قول الله عز وجل:

{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ
فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}

[محمد: 9] ؛

فهؤلاء، كرهوا ما أنزل الله من القرآن
-وهو ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم-
فلم يقبلوه،
بل أبغضوه، ورفضوه
فأحبط الله أعمالهم،
والأعمال لا تحبط إلا بالكفر الذي يناقض الإيمان.

2- قول الله عز وجل:

{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ
أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ
أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}

[النور: من الآية63] .

ولا ريب أن من أبغض ما جاء به رسول الله
صلى الله عليه وسلم
مخالف لأمره عليه الصلاة والسلام.

3- قول عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما:

"من ترك السنة كفر" ( 3 )،

وقوله
محمول على الترك مع البغض والجحود،
أو على ترك منهج النبي صلى الله عليه وسلم
وطريقته التي أوجب على أمته سلوكها ( 4 ).

```````````````````
1 - انظر تيسير ذي الجلال والإكرام بشرح نواقض الإسلام للقحطاني ص69.
2 - الصارم المسلول على شاتم الرسول لابن تيمية ص522.

3 - ذكره ابن بطة العكبري في الشرح والإبانة ص123.
4 - انظر شرح نواقض التوحيد لحسن بن علي عواجي ص68-69.


**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

 
< 29 >



الناقض السادس [ من نواقض الإسلام ]
من استهزأ بشيء من دين الرسول
صلى الله عليه وسلم،
أو ثوابه، أو عقابه.

المراد بهذا الناقض:

من تجرأ بكلام
فيه غض من دين الله،
أو تنقص له،
أو استهزاء به،
أو تنقص لرسول الله صلى الله عليه وسلم،
أو استهزاء به،
كفر بإجـماع علماء المسلمين ( 1 ).


يقول الشيخ سليمان بن عبد الله -رحمه الله-:


ولهذا أجمع العلماء على كفر من فعل شيئا من ذلك؛
فمن استهزأ بالله، أو بكتابه،
أو برسوله، أو بدينه، كفر
- ولو هازلا لم يقصد حقيقة الاستهزاء -
إجـماعا ( 2 ).


ويقول الشيخ حمد بن عتيق
- رحمه الله :

اعلم أن العلماء قد أجمعوا
على أن من استهزأ بالله،
أو رسوله، أو كتابه،
فهو كافر،
وكذا إذا أتى بقول أو فعل صريح في الاستهزاء ( 3 ).

ويقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي
رحمه الله:

فإن الاستهزاء بالله ورسوله
كفر مخرج عن الدين؛

لأن أصل الدين مبني
على تعظيم الله ،
وتعظيم دينه ، ورسله.

والاستهزاء بشيء من ذلك
منافٍ لهذا الأصل،
ومناقض له أشد المناقضة"( 4 ).


````````````````````
1 - انظر الصارم المسلول على شاتم الرسول لابن تيمية ص513.

2 - تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان ص617.
وانظر: روضة الطالبين للنووي 10/ 64-65.

والروضة الندية شرح الدرر البهية لصديق حسن خان 2/ 293.
وفتاوى العقيدة لابن عثيمين ص193.

3 - الدرر السنية في الأجوبة النجدية -لعدد من العلماء- 10/ 428.

4 - تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لابن سعدي 3/ 259.

**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

 
< 30 >


قول الله عز وجل:

{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ
قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ،
لا تَعْتَذِرُوا
قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}

[التوبة: 65-66] .

فائدة:
سُئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
رحـمه الله:

هل تنطبق الآيتان السابقتان
على الذين يسخرون ويستهزئون بالذين يعفون لحاهم،
ويلتزمون بدين الله؟

فأجاب رحـمه الله :

"هؤلاء الذين يسخرون بالذين يلتزمون بدين الله،
المنفذين لأوامره،
إذا كانوا يستهزئون بهم من أجل ما هم عليه من الشرع،
فإن استهزاءهم بهم استهزاء بالشريعة،
والاستهزاء بالشريعة كفر.

أما إذا كانوا يستهزئون بهم،
يعنون أشخاصهم -
بقطع النظر عما هم عليه من اتباع السنة
في الثياب واللحية؛
فإنهم لا يكفرون بذلك؛
لأن الإنسان قد يستهزئ بالشخص نفسه،
بغض النظر عن عمله وفعله.

لكن يجب على كل إنسان
أن يحذر
من الاستهزاء بأهل العلم،
أو الاستهزاء بأهل الدين
الذين يتمسكون بما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله
صلى الله عليه وسلم " ( 1 ).

````````````````````
1 - فتاوى العقيدة لابن عثيمين ص196.
وانظر المرجع نفسه ص197.



**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html
 
< 31 >



الناقض السابع: السِحر،
ومنه الصرف والعطف ( 1 ).

السحر من نواقض "لا إله إلا الله":

ومن السحر أدوية وعقاقير وعقد وطلاسم
تؤثر على بدن المسحور
فتجده ينصرف عن زوجته "الصرف
فيبغضها ويبغض بقاءها معه.

أو ينعطف قلبه ويميل نحو زوجته
أو امرأة أخرى "العطف
حتى يكون كالبهيمة تقوده كما تشاء( 2 ).

والدليل على هذا الناقض،

قول الله عز وجل:

{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ
وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ
وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا
يُعَلّمُونَ النَّاسَ السّحْرَ

وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ
وَمَا يُعَلّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا
إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ

فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ
وَمَا هُمْ بِضَارّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ
إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ

وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ

وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ
مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ

وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ
لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}

[البقرة: 102] .


````````````````````
1 - سيأتي الحديث عن هذا الناقض بالتفصيل في الباب الثالث من هذا الكتاب.

2 - انظر: شرح نواقض التوحيد لحسن عواجي ص78-87،
وتيسير ذي الجلال والإكرام بشرح نواقض الإسلام لسعد القحطاني ص79-84.

**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html



 
< 32 >




الناقض الثامن

مظاهرة المشركين،
ومعاونتهم على المسلمين

المراد بهذا الناقض:

المقصود من مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين:

أن يتخذ البعض الكفار والمشركين أولياء،
فيكونوا لهم أنصارا وأعوانا ضد المسلمين،
وينضمون إليهم،
ويذبون عنهم بالمال والسنان والبيان؛
فهذا كـفر يناقض الإسلام.

والله عز وجل نهانا في آيات كثيرة
أن نتخذ الكفار والمشركين أولياء،
ومن معاني هذه الولاية التي نهينا أن نصرفها لهم:
المحبة،
والمودة الدينية،
والنصرة،
والتأييد على المسلمين ( 1 ).



من الأدلة على هذا الناقض:

1- قول الله عز وجل:
{لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ
فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ
إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً
وَيُحَذّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ
وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}

[آل عمران: 28] ؛

أي لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار
ظهرا وأنصارا توالونهم على دينهم،
وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين
وتدلونهم على عوراتهم؛
فإنه من يفعل ذلك فقد برئ من الله،
وبرئ الله منه
بارتداده عن دينه
،
ودخوله في الكفر؛

إلا أن تكونوا في سلطانهم،
فتخافونهم على أنفسكم،
فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم،
وتضمروا لهم العدواة،
ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر،
ولا تعينوهم على مسلم بفعل
( 2 ).


2- قول الله عز وجل:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ
إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
}

[المائدة: 51] ؛

أي لا تتخذوا أيها المؤمنون اليهود والنصارى أولياء،
ومن يفعل ذلك منكم فإنه منهم؛
لأن "التولي التام يوجب الانتقال إلى دينهم
والتولي القليل يدعو إلى الكثير،
ثم يتدرج شيئا فشيئا،
حتى يكون العد منهم
"
( 3 ).






```````````````````
1- انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 11/ 160-161.
2- انظر جامع البيان في تأويل القرآن لابن جرير الطبري 3/ 227.
3- تيسير الكريم الرحمن لابن سعدي 2/ 304.

**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html


 
< 33 >



الناقض التاسع

من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج
عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم،
كما وسع الخضر عليه السلام
الخروج عن شريعة موسى عليه السلام

المراد بهذا الناقض:

يعتقد البعض أن بالإمكان الخروج عن شريعة نبينا
محمد صلى الله عليه وسلم
ومخالفته،
والاستغناء عن متابعته
في عموم أحواله أو بعضها،
زاعمين أن في قصة الخضر عليه السلام حجة لهم
( 1 ).

ولا ريب أن هذا الاعتقاد
كفر مخرج عن الملة.



يقول الشيخ موسى بن أحمد المقدسي:

من اعتقد أن لأحد طريق إلى الله
من غير متابعة محمد صلى الله عليه وسلم،

أو
لا يجب عليه اتباعه،

أو
أن له أو لغيره خروجا عن اتباعه
وأخذ ما بعث به،

أو قال:
أنا محتاج إلى محمد في علم الظاهر
دون علم الباطن،

أو في علم الشريعة دون علم الحقيقة،

أو قال:
إن من الأولياء من يسعه الخروج عن شريعته
كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى،

أو أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم
أكمل من هديه،
فهو كافر"
( 2 ).



```````````````````
1- انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 11/ 422.

2- الإقناع لطالب الانتفاع لموسى المقدسي 4/ 287-288.



**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

 

< 34 >

الناقض العاشر


الإعراض عن دين الله ،
فلا يتعلمه، ولا يعمل به.

المراد بهذا الناقض:

الإعراض التام عن دين الله عز وجل،
والتولي عن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
والامتناع عن الاتباع،
والصدود عن قبول حكم الشريعة؛

فلا إرادة له في تعلم الدين
ولا يحدّث نفسه بغير ما هو عليه ( 1 )،

ويعرض إعراضا كليا عن جنس العمل الظاهر
"الطاعة أو الاتباع".

والإعراض التام الكلي
لا يقع إلا ممن تمكن من العلم ومعرفة الحق،
وتمكن من العمل، فأعرض، وفرّط،
وترك ما أوجبه الله عليه،
من غير عذر؛

فهذا وأمثاله مفرّط
بإعراضه عن اتباع داعي الهدى.
فإذا ضل،
فإنما أُتي من تفريطه وإعراضه( 2 ).


ويجب أن يُعلم أن الإعراض ليس كله
مما يخرج من الملة؛

بل الذي يكفر بتركه
هو الإعراض عن تعلم الإيمان العام المجمل،
والإعراض عن جنس العمل
الذي يُعد شرطا في صحة الإيمان
( 3 )،

فهذا هو الذي يكفر فاعله
لأنه لم يتعلم دين الله،
ولم يعمل به.



يقول العلامة ابن القيم
عن الإعراض عن تعلم الإيمان المجمل
الذي يدخل صاحبه في دائرة الإسلام:

والإسلام هو
توحيد الله وعبادته
وحده لا شريك له،
والإيمان بالله وبرسوله،
واتباعه فيما جاء به.

فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم،
وإن لم يكن كافرا معاندا،
فهو كافر جاهل ( 4 ).



```````````````````
1- انظر: طريق الهجرتين وباب السعادتين لابن قيم الجوزية ص412-413.
وتيسير ذي الجلال والإكرام بشرح نواقض الإسلام لسعد القحطاني ص102.

2 - انظر: مفتاح دار السعادة لابن قيم الجوزية 1/ 43.
والمجموع الثمين للشيخ ابن عثيمين 3/ 17.

3- انظر: شرح نواقض الإسلام لحسن عواجي ص105.
وتيسير ذي الجلال والإكرام بشرح نواقض الإسلام
لسعد القحطاني ص102-103.

4- طريق الهجرتين وباب السعادتين لابن قيم الجوزية ص411.

**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html




 

< 35 >


خاتمة النواقض:

ختم شيخ الإسلام
محمد بن عبد الوهاب رحـمه الله

مبحث النواقض بقوله:

ولا فرق في جميع هذه النواقض
بين الهازل، والجاد، والخائف،
إلا المكره.

وكلها من أعظم يكون خطرا،
ومن أكثر ما يكون وقوعا،
فينبغي للمسلم أن يحذرها،
ويخاف منها على نفسه.
نعوذ بالله
من موجبات غضبه، وأليم عقابه،
وصلى الله على محمد.

وكلامه - رحـمه الله -
بعدم التفريق بين الهازل والجاد في محله،
ويمكنك إدراكه إذا تأملت في سبب نزول الآية
{ لا تَعْتَذِرُوا
قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ
} ؛

كفروا بسبب كلمة
قالوها على وجه المزاح واللعب.
نسأل الله أن يعصمنا بالتقوى
إنه سميــع مجيب.


**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

 
< 36 >


العبادة في الاصطلاح :

اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه ،
من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة
( 1 ).

وهي تتضمن
غاية الذل الله تعالى ،
بغاية المحبة له عز وجل ؛

فمن خضع لإنسان مع بغضه له
لا يكون عابدا له،

ولو أحب شيئا ولم يخضع له
لم يكن له عابد؛
كما قد يحب ولده وصديقه
( 2 ).


فالعبادة -إذًا-
تتضمن غاية الحب، مع غاية الذل،

كذا عرفها العلامة ابن القيم بقوله:


وعبادة الرحمن غاية حبه ...
مع ذل عابده، هما قطبان
( 3 ).

فهي في مفهومها العام تعني:

" التذلل لله محبة وتعظيما،
بفعل أوامره، واجتناب نواهيه،
على الوجه الذي جاءت به شرائعه "
( 4 ).

والله عز وجل أحب إلى عبده المؤمن من كل شيء،
وأعظم عنده من كل شيء.




`````````````````````
1 - انظر العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص23.
2 - انظر المصدر نفسه ص33-34.
3 - انظر النونية لابن القيم -الهراس- 1/ 95.
4 - المجموع الثمين من فتاوى فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين 2/ 25.


**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

 
< 37 >


إن الإسلام أسبغ

على أعمال الإنسان كلها صفة العبادة،
إذا تحقق فيها شرطا قبول العمل،
وهما ( 1 ):

أولا: الإخلاص؛

بأن يكون العمل خالصا لوجه الله الكريم،
كما قال تعالى:

{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ
مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ حُنَفَاء}

[البينة: من الآية5] .

فينوي العبد أن يكون عمله، وقوله:
وإعطاؤه، ومنعه،
وحبه، وبغضه
لله وحده،
لا شريك له؛

إذ الأعمال لا تقوم إلا بالنيات،

كما قال صلى الله عليه وسلم:
"إنما الأعمال بالنيات" ( 2 ) ؛

فالنية تتحكم في العمل،
وتقلبه إلى عبادة.



`````````````````````
1 - انظرهما في كتاب: تجريد التوحيد المفيد
للمقريزي ص88-89.

2- صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي،
باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وصحيح مسلم، كتاب الإمارة،
باب قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات".

**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html
 
< 38 >



ثانيا: المتابعة؛

بأن يكون العمل على منهاج رسول الله
صلى الله عليه وسلم،
وهديه القويم،

كما قال تعالى:
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ
وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا
}

[الحشر: من الآية7] .

فالأعمال لا اعتبار لها
إلا إذا كانت على الوجه الذي رسمه الشرع.

روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من أحدث في أمرنا هذا
ما ليس منه،
فهو رد" ( 1 ).

وكل عمل بلا متابعة،
فإنه لا يزيد عامله إلا بُعدا من الله؛

فإن الله عز وجل
إنما يُعبد بأمره،
لا بالأهواء،
ولا الآراء.


والمسلك الحسن
ليس في إخلاص العمل لله عز وجل فحسب،
ولا في متابعة الرسول
صلى الله عليه وسلم فقط،
بل في مجموعهما معًا،

فإن الله عز وجل ذكر العمل الصالح،
فقال:

{فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبّهِ
فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا
وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبّهِ أَحَدًا}

[الكهف: من الآية 110] ،

والعمل الصالح هو
الخالص الصواب
،
فإذا جمع العمل هذين الشرطين،
كان عبادة.



`````````````````````
1 -صحيح البخاري، كتاب الصلح،
باب إذا اصطلحوا على جور، فالصلح مردود.

وصحيح مسلم، كتاب الأقضية،
باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور.


**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html


 
< 39 >




العبادة تتعدد وتتنوع
لتشمل حياة الإنسان المسلم كلها،
وفي هذه الأمثلة بيان لذلك:

1- الله عز وجل لم يقصر وصف الصلاح
على العبادات المخصوصة،
بل جعله شاملا لأعمال أخرى

يقول عز وجل:

{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ
وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئًا يُغِيظُ الْكُفَّارَ
وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوّ نَيْلًا

إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ
إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ،
وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً
وَلا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ
لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

[التوبة: 120-121] .

2- عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن ناسا قالوا:
يا رسول اللهّ!
ذهب أهل الدثور بالأجور،
يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم،
ويتصدقون بفضول أموالهم.

قال صلى الله عليه وسلم:

"أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به:
إن بكل تسبيحة صدقة،
وكل تكبيرة صدقة،
وكل تحميدة صدقة،
وكل تهليلة صدقة،
وأمر بالمعروف صدقة،
ونهي عن المنكر صدقة،
وفي بضع أحدكم صدقة".

قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته،
ويكون له فيها أجر؟


قال صلى الله عليه وسلم:

"أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليها فيها وزر؛
فكذلك إذا وضعها في الحلال،
كان له أجر"
( 1 )


وهكذا تتسع دائرة العبادة
بقدر امتداد النية المقرونة بالعمل،
حتى تشمل حياة المسلم كلها،
في يقظته ومنامة،
وفي صمته وكلامه،
وفي سعيه لمعاشه ومعاده،
ما دام العمل موافقا لشرع رسول الله
صلى الله عليه وسلم

وما دامت نيته
ابتغاء وجه الله عز وجل.


``````````````````
1 - صحيح مسلم، كتاب الزكاة،
باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف.




**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html


 
< 40 >


أركان العبادة وأصولها


تقوم العبادة على أركان،
باجتماعها يحصل كمال العبودية
لله عز وجل ( 1 ).

وهذه الأركان هي:
المحبة ،
و الرجاء،
و الخوف ،
التي يجب اجتماعها،
ولا يجوز إهمال واحد منها،

كما قال علماؤنا رحمهم الله:

من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق،
ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ،
ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري،

ومن عبده بالحب والخوف والرجاء
فهو مؤمن موّحد ( 2 ).


```````````````````````
1 - انظر معارج الصعود إلى تفسير سورة هود للشنقيطي ص136.

2 - انظر: العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص161-162.

وتوحيد الألوهية لمحمد الحمد ص37.

**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

 

< 41 >

اتّباع الرسول

صلى الله عليه وسلم؛

فمن كان محبا لله،
لزم أن يتبــع الرسول
صلى الله عليه وسلم،

فيصدّقه فيما أخبر،
ويطيعه فيما أمر،
ويتأسى به فيما فعل ( 1 ).

وقد أمر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم
أن يقول لأمته:

{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ
فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}

[آل عمران: 31] ؛

فليست المحبة مجرد دعوى باللسان؛
بل لا بد أن يصاحبها الاتّباع لرسول الله
صلى الله عليه وسلم،
والسير على هداه.


```````````````````````
1- العبودية ص126-127.

**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html


 

< 42 >


الركن الثاني:

الرجاء:

1- ارتباط الرجاء بالمحبة:

على حسب المحبة وقوتها يكون الرجاء؛
فكل محبّ راجٍ بالضرورة؛
لأن محبته لله عز وجل
تحمله على أن يرجو ما عنده
سبحانه وتعالى ( 1 ).


2- المراد بالرجاء:

أن يرجو العبد ما عند
مولاه عز وجل
من الأجر، والثواب، والرحمة، والمغفرة؛

فالعابد والمطيع يرجو الأجر والثواب والقبول،
والتائب يرجو الرحمة ومغفرة الذنوب.

وهذا الرجاء ينبغي أن يكون
بلا يأس من روح الله،
ولا قنوط من رحمته عز وجل؛

لأن الله تعالى ذم الأمرين،
فقال:
{إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ
إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}

[يوسف: 87] ،

وقال:
{وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبّهِ إِلَّا الضَّالُّون}

[الحجر: 56] .

3- المطلوب فيه:

المطلوب في الرجاء كماله وغايته؛
فيرتقي العبد في الرجاء صعدا؛

من رجاء يبعث على الاجتهاد في أداء العبادة
طمعا فيما يؤمله من ثواب،

إلى رجاء يقدم فيه لزوم الأحكام الدينية
على ما تستلذه النفس وتميل إليه،

إلى رجاء لقاء الخالق سبحانه وتعالى ( 2 )،

كما قال عز وجل:
{فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبّهِ
فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا
وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبّهِ أَحَدًا}

[الكهف: 110] ،

{مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ
فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ
وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}

[العنكبوت: 5] .



```````````````````
1 - انظر مدارج السالكين لابن القيم 2/ 44.
2 - انظر المصدر السابق 2/ 54-56.

**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html


 
< 43 >


4- من أسباب حصول الرجاء:
يحصل الرجاء بأمور، منها ( 1 ).

أ- شهود كرم الله تعالى وإنعامه،
وإحسانه إلى عبادة.

ب- صدق الرغبة
فيما عند الله عز وجل
من الثواب والنعيم.

ج- التسلح بصالح العمل،
والمسابقة في الخيرات.



5- من الأدلة على الرجاء:

تقدم آنفا دليلان، هما:

قوله عز وجل:

{فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبّهِ
فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا
وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبّهِ أَحَدًا}

[الكهف: 110] ،

{مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ
فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}

[العنكبوت: 5] .

وثمة أدلة أخرى، منها:

أ- قول الله عز وجل:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا
وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ
وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

[البقرة: 218] .

ب- قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" يقول الله عز وجل:
أنا عند ظن عبدي بي "
( 2 ).


ج- قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" لا يموت أحدكم إلا
وهو يحسن الظن بربه " ( 3 ).

فالله عز وجل عند ظن عبده.
وعلى العبد أن يحسن الظن بربه
كي لا يصيبه القنوط من رحمة الله،
ولا اليأس من روحه عز وجل؛
فيبقى متطلعًا لما عند الله من الثواب العظيم،
راغـبًا في نيل ما ادخره لعباده المؤمنين
من النعيم المقيم.


``````````````````````
1 - انظر المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية
للدكتور إبراهيم البريكان ص140.


2 - صحيح البخاري، كتاب التوحيد،
باب قول الله تعالى: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ} .

3 - صحيح مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها،
باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت.

**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

 

< 44 >


الركن الثالث:


الخوف من الله عز وجل

1- ارتباط الخوف بالرجاء:

الخوف مستلزم للرجاء،
والرجاء مستلزم للخوف؛
فكل راجٍ خائف ،
وكل خائف راجٍ ؛

فكل راج خائف من فوات مرجوه،
وكل خائف يرجو عفو ربه ومغفرته،

والخوف بلا رجاء
يعتبر يأسا من روح الله
وقنوطا من رحمته ( 1 ).


2- المراد بالخوف:

أن يخاف العبد مولاه عز وجل
أن يصيبه بعقاب عاجل، أو آجل،
فيصيبه في الدنيا بما يشاء - سبحانه - من مصيبة،
أو مرض، أو قتل،
أو نحو ذلك بقدرته ومشيئته.

وهذا الخوف لا يجوز تعلقه بغير الله أصلا؛
لأن هذا من لوازم الإلهية؛

فمن اتخذ مع الله ندا يخافه هذا الخوف،
فهو مشرك ( 2 )؛

لأن الخوف عبودية القلب،
فلا يصلح إلا الله.

ويتبــع هذا الخوف:

الخوف مما توعد الله به العصاة في الآخرة،
من النكال والعذاب

يقول تعالى:
{ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي
وَخَافَ وَعِيد}

[إبراهيم: من الآية14] .

وهذا الخوف من أعلى مراتب الإيمان؛
وإنما يكون محمودا
إذا لم يوقع في القنوط من رحمة الله،
أو اليأس من روحه سبحانه وتعالى
( 3 ).


والمطلوب في هذا الخوف:

ما يحجز العبد عن المعاصي،
ويبعده عن مخالفة أوامر الله.

يقول العلامة ابن القيم -رحمه الله:
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية
-قدس الله روحه- يقول:

الخوف المحمود:
ما حَجَزك عن محارم الله
( 4 ).




````````````````````
1 - انظر مدارج السالكين لابن القيم 2/ 53.

2- انظر تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله ص484.

3- انظر المرجع نفسه ص486.
4- مدارج السالكين لابن القيم 1/ 55.

**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html



 


< 45 >

3- سبب نقص الخوف من الله في نفس العبد:

إذا نقص الخوف من الله عز وجل في نفس العبد؛
فذلك لنقص معرفته بربه عز وجل؛
فإن أعرف الناس بالله
أخشاهم له سبحانه
.

وكلما ازدادت معرفة العبد بربه،
كلما ازداد له خشية.

يقول الله عز وجل:

{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}

[فاطر: من الآية28] ،

ويقول صلى الله عليه وسلم:

"والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله،
وأعلمكم بما أتقي" ( 1 )،

ويقول:

"إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا"
( 2 )،

ويقول:
" فوالله إني أعلمهم بالله،
وأشدهم له خشية "
( 3 )؛

فهو صلى الله عليه وسلم أعلمنا بالله عز وجل،
وأشدنا خشية له؛
فكلما ازدادت المعرفة بالله،
ازدادت الخشية له عز وجل،

وكذلك العكس؛
كلما نقصت المعرفة بالله،
قلَّ الخوف منه
( 4 ).


عبادة الله عز وجل
بهذه الأركان مجتمعة:


تقدم أن أهل السنة والجماعة
يعبدون الله عز وجل
بأركان العبادة الثلاثة مجتمعة،
ولا يلغون أي ركن منها ( 5 ).

وتقدم أنهم يوازنون بينها،
بحيث لا يطغى جانب منها على الآخر
( 6 )؛

فكما أن المسلم يعبد ربه عز وجل حبًا له،
وطمعًا في جنته،
ورجاء لثوابه؛

فإنه كذلك
يعبده عز وجل
خشيةً له،
وحذرًا من ناره،
وخوفًا من عقابه.


`````````````````````
1 - صحيح مسلم، كتاب الصيام،
باب صحة من طلع عليه الفجر وهو جنب.

2 - صحيح البخاري، كتاب الإيمان،
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أعلمكم بالله".


3 - صحيح البخاري، كتاب الاعتصام،
باب ما يكره من التعمق والتنازع والغلو في الدين والبدع.

4 - لاحظ: أن الخشية أخص من الخوف؛
فإن خشية العلماء لله، هي خوف مقرون بمعرفة.
وانظر مدارج السالكين لابن القيم 1/ 549.

5 - انظر ص97 من هذا الكتاب.

6 - انظر ص41 من هذا الكتاب
وانظر إيثار الحق على الخلق لابن المرتضى ص391-392.

**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html


 
< 46 >



ما أجمل كلمات العلامة ابن القيم رحمه الله،
التي يخبر فيها عن اجتماع هذه الأركان القلبية،
ويتحدث عن منزلة كل واحد منها،
فيقول:

"القلب في سيره إلى الله عز وجل بمنزلة الطائر.
فالمحبة رأسه،
والخوف والرجاء جناحاه.

فمتى سلم الرأس والجناحان،
فالطائر جيد الطيران.

ومتى قطع الرأس مات الطائر.
ومتى فقد الجناحان،
فهو عرضة لكل صائد وكاسر"

إلى أن قال:

"أكمل الأحوال:
اعتدال الرجاء والخوف،
وغلبة الحب؛
فالمحبة هي المركب،
والرجاء حادٍ،
والخوف سائق،
والله الموصل بمنّه وكرمه"
( 1 ).


`````````````````````
1 - انظر مدارج السالكين لابن القيم 1/ 554.

**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html
 
< 47 >




معنى الشرك في الشرع:

يُعرَّف الشرك شرعا بأنه:
"صرف حق من حقوق الله لغيره"( 1 )،

أو
"مساواة غير الله بالله
فيما هو حق لله" ( 2 ).

وحق الله:

كل ما لا يقدر عليه إلا الله؛
فلا يطلب إلا منه عز وجل.
فإذا طُلب من غيره،
كان صرفا لخصائص الله لغيره
( 3 ).

فمن صرف شيئا من أسماء الله وصفاته
-التي تثبت لله على ما يليق به-
لغير الله،

أو صرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله،

أو اعتقد أن هناك ربا ومدبرا غير الله،

أو صرف شيئا من خصائص الربوبية
لغير الله عز وجل

فقد جعل ذاك الذي صرف له
شريكا لله سبحانه وتعالى
( 4 ).

``````````````````````
1 - أضواء البيان للشنقيطي 3/ 614.
2 - شرح نواقض التوحيد لحسن بن علي عواجي ص13.
3 - انظر أضواء البيان للشنقيطي 3/ 614.
4 - انظر الأسئلة والأجوبة في العقيدة للشيخ صالح الأطرم ص28.

**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html


 

< 48 >

يقول الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي:

الشرك نوعان: أكبر وأصغر؛
فمن خلص منهما، وجبت له الجنة،
ومن مات على الأكبر وجبت له النار؛

فالشرك الأكبر:
كالسجود، والنذر لغير الله،

والأصغر:
كالرياء،
والحلف بغير الله
إذا لم يقصد تعظيم المخلوق كتعظيم الله
( 1 ).


``````````````````````
1 - تطهير الجنان والأركان عن درن الشرك والكفران
لأحمد آل بوطامي ص38-39.

**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html
 

< 49 >

فالشرك
-إذًا- نوعان:
أكبر، وأصغر.

ولكي يكون المسلم على حذر من الوقوع في أي منهما،
وحتى لا يحكم بالشرك على من لم يقع فيه؛
فلا بد له من معرفة الفرق بين النوعين،
ومن هذه الفروق
( 1 ):

1- الأكبر كفر،
والأصغر أكبر الكبائر بعد الشرك الأكبر.

2- الأكبر يخرج صاحبه من الملة،
والأصغر لا يخرجه،
وهو يتنافى
مع كمال التوحيد.

3- الأكبر محبط للأعمال كلها،
والأصغر يحبط ما خالط أصله،
أو غلب على العمل.

4- الأكبر موجب للخلود في النار؛
فصاحبه إن مات عليه،
فهو خالد مخلد في النار أبدا،
والأصغر لا يوجب ذلك،
فإن دخلها فهو كسائر مرتكبي الكبائر.

5- الأكبر يُحل النفوس والأموال،
والأصغر لا يُحل ذلك.

6- الأكبر لا يغفر لصاحبه إن مات عليه،
والأصغر يدخل صاحبه تحت الموازنة؛
فإن حصل معه حسنات راجحة على ذنوبه دخل الجنة،
وإلا دخل النار،
ومآله الخروج منها.



``````````````````````
1 - انظر هذه الفروق في الكتب التالية:
شرح نواقض التوحيد لحسن عواجي ص26.
والأسئلة والأجوبة في العقيدة للشيخ صالح الأطرم ص30.
والمجموع الثمين للشيخ ابن عثيمين 2/ 23-33،
والإخلاص والشرك الأصغر لعبد العزيز العبد اللطيف ص34-38،
وبعض أنواع الشرك الأصغر للدكتور عواد المعتق ص14-15،
والدين الخالص لصديق حسن خان 1/ 338.

**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

 

< 50 >


تعريف الشرك الأكبر:


يُعرف الشرك الأكبر بأنه:
إثبات شريك لله عز وجل
في خصائصه ؛
فيجعل الإنسان ندًا لله في ربوبيته،
أو في ألوهيته،
أو في أسمائه وصفاته ( 1 ).

حكم الشرك الأكبر،
مع الدليل:


1- الشرك الأكبر يخرج من الملة،
وصاحبه حلال الدم والمال،

يقول الله سبحانه عن المشركين:
{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ
فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ
وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ
فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ
فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ
إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

[التوبة: 5] ،

2- الشرك الأكبر يحبط جميع العمل.

يقول الله عز وجل:

{ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ
وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
}

[الأنعام: 88] ،

ويقول سبحانه:

{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ
لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ
وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ
}

[الزمر: 65] .

3- الشرك الأكبر لا يغفر لصاحبه إن مات عليه،

يقول الله عز وجل:

{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ
وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}

[النساء: 48، 116] .

أما إن تاب قبل الموت،
فإن الله يتوب عليه،

كما قال سبحانه:

{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ
وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ
}

[لأنفال: 38] .

4- صاحب الشرك الأكبر في الآخرة
خالد مخلد في النار.

يقول الله عز وجل:

{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ
فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ
وَمَأْوَاهُ النَّارُ
وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}

[المائدة: من الآية72] .


``````````````````````
1 - انظر: معارج القبول للشيخ حافظ الحكمي 2/ 483.
وفتاوى اللجنة الدائمة 1/ 516-517.


**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html


 
< 51 >



من أقسام الشرك الأكبر:
الشرك في الربوبية

الشرك في الربوبية أحد أقسام الشرك الأكبر،
وهو شرك يتعلق بذات الله عز وجل.

أولا: تعريفه

هو صرف خصائص الربوبية كلها،
أو بعضها لغير الله عز وجل،
أو تعطيله عز وجل عنها بالكلية.

وخصائص الربوبية
هي:
التفرد بالخلق، والرزق،
والإحياء، والإماتة،
والإعطاء والمنع،
والضر، والنفع،
وغير ذلك.


ثانيا: نوعاه

الشرك في الربوبية
نوعان؛
شرك تعطيل، وشرك تمثيل.

1- شرك التعطيل:

تعريفه:
هو تعطيل المصنوع عن صانع،
وتعطيل الصانع عن أفعاله
ويكون ذلك بتعطيل خصائص الربوبية،
وإنكار أن يكون
الله رب العالمين
( 1 ).


ومن الأمثلة عليه ( 2 ):

شرك فرعون الذي عطَّل الربوبية ظاهرا؛
{قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِين}

[الشعراء: 23] ،

وقال لهامان:

{يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ،
أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ
فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى
وَإِنّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا}

[غافر: 36-37] .

ومن هذا الشرك
( 3 ):

شرك أهل وحدة الوجود؛
كابن عربي، وابن سبعين،
وغيرهم الذين يقولون:
إن الخالق عين المخلوق؛

فعطَّلوا الله عز وجل
عن أن يكون رب العالمين،
ولم يفرّقوا بين رب ، وعبد.
.





````````````````````
1- انظر الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم ص231.

2- انظر تجريد التوحيد المفيد للمقريزي ص69.

3- انظر الدين الخالص لصديق حسن خان 1/ 315.

**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html


 
< 52 >


[ النوع الثاني من أنواع الشرك في الربوبية ]

2- شرك التمثيل:

تعريفه:

هو التسوية بين الله وخلقه في شيء من خصائص الربوبية،

أو نسبتها إلى غيره عز وجل ( 1 ).

ومن الأمثلة عليه ( 2 ):

شرك النصارى

الذين اتخذوا معه أربابا، فجعلوه ثالث ثلاثة؛

وشرك المجوس


القائلين بأن للعالم ربين أحدهما خالق للخير، والآخر خالق للشر؛

وشرك الصابئة

الذين زعموا أن الكواكب هي المدبرة لأمر العالم؛

وشرك القدرية "مجوس هذه الأمة"

القائلين بأن كل إنسان يخلق فعل نفسه؛

وشرك عباد القبور

الذين يزعمون أن أرواح الأولياء تتصرف بعد الموت، فتقضي الحاجات،

وتفرج الكربات، وتنصر من دعاها،

وتحفظ من لاذ بحماها.

ومثلهم مزاعم غلاة الصوفية في الأولياء:

أنهم ينفعون، ويضرون، ويتصرفون في الأكوان إلخ.


==============
1- انظر المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية للدكتور إبراهيم البريكان ص147.

2- انظر: تجريد التوحيد المفيد للمقريزي ص55-57، 70.
والجواب الكافي لابن القيم 231-232.


**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html


 

< 53 >


من أقسام الشرك الأكبر:
الشرك في الأسماء والصفات

أولا: تعريفه

هو التسوية بين الله والخلق
في شيء من الأسماء والصفات؛

بأن يجعل لله عز وجل ندًا في أسمائه وصفاته؛
فيسميه بأسماء الله،
أو يصفه بصفاته ( 1 ).



ثانيا: نوعاه

الشرك في الأسماء والصفات نوعان؛
شرك تشبيه، وشرك اشتقاق.

1- شرك التشبيه:

تعريفه:

هو أن يثبت لله تعالى في أسمائه وصفاته من الخصائص،
مثل ما يثبت للمخلوق من ذلك ( 2 ).

ومن الأمثلة عليه:
قول القائل:
إن يدي الله مثل أيدي المخلوقين،
واستواؤه على عرشه كاستوائهم،
ونحو ذلك . ( 1 ).





2- شرك الاشتقاق:

تعريفه:

هو أن يشتق من أسماء الله عز وجل المختصة به اسما،
ويسمى به غيره.

وهذا من الإلحاد في أسمائه سبحانه وتعالى ( 3 ).


ومن الأمثلة عليه:

ما فعله المشركون من اشتقاق أسماء
لآلهتهم الباطلة
من أسماء الإله الحق
سبحانه وتعالى:

{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا
وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ
سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

[الأعراف: 180] ،

فـ "يلحدون": أي يشركون ( 4 )،

قال ابن عباس -رضي الله عنهما-:
"اشتقوا العزى من العزيز،
واشتقوا اللات من الله"( 5 ).




````````````````````
1 - انظر: فتاوى اللجنة الدائمة 1/ 516.
والمدخل لدراسة العقيدة الإسلامية للبريكان ص147.

2 - انظر فتح رب البرية بتلخيص الحموية
للشيخ ابن عثيمين
ص20-21.

3 -انظر فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 1/ 516.


4 - أخرجه عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة بن دعامة السدوسي.
"انظر الدر المنثور في التفسير المأثور للسيوطي 3/ 272".

5 - أخرجه ابن أبي حاتم، عن ابن عباس. "الدر المنثور 3/ 271".



**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

 
< 54 >





من أقسام الشرك الأكبر:
الشرك في الألوهية والتعبد

أولا: تعريفه:

هو أن يجعل لله ندًا في العبادة،
أو في التشريــع؛

فيصرف العبد لغير الله شيئا من أنواع العبادة
التي تصرف لله،
أو يتخذ غيره مشرّعا من دونه،
أو شريكا له عز وجل في التشريع ( 1 ).


ثانيا: أنواعه:

الشرك في الألوهية والتعبد
على أنواع، منها:

1- شرك الدعاء.

2- شرك الشفاعة.

3- شرك النية والإرادة والقصد.

4- شرك الطاعة.

5- شرك المحبة.

6- شرك الخوف.



````````````````````
1 - انظر فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 1/ 516.



**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html
 
< 55 >

من أنواع الشرك في الألوهية والتعبد:

أولا:
شرك الدعاء

أولا: تعريفه:

هو دعاء غير الله؛
من الأنبياء، والأولياء، وغيرهم،
فيما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل؛

فمن دعا،
أو استغاث ( 1 )،
أو استعان ( 2 )،
أو استعاذ بغير الله،
فيما لا يقدر عليه إلا الله؛

من طلب رزق،
أو شفاء مريض،
أو إحياء ميت،
أو غير ذلك؛
فقد أشرك مع الله غيره،
سواء أكان ذلك الغير نبيا،
أو وليا،
أو جنيا،
أو غير ذلك من المخلوقات ( 3 ) .




يقول العلامة ابن القيم
مُعدّدا أنواع الشرك الأكبر:


"ومن أنواعه:
طلب الحوائج من الموتى،
و الاستغاثة بهم،
و التوجه إليهم.
وهذا أصل شرك العالم؛

فإن الميت قد انقطع عمله،
وهو لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا؛
فضلًا عمن استغاث به،
وسأله قضاء حاجته"( 4 ) .







`````````````````````
1 - استغاث: أي طلب الغوث؛ وهو إزالة الشدة.
والفرق بينها وبين الدعاء؛
أن الاستغاثة تكون من المكروب،
والدعاء يكون من المكروب وغيره.
"انظر تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان ص214".

2 - الاستعانة: طلب العون. وقد تكون في جلب منفعة، أو دفع مضرة.

3 - انظر: تيسير ذي الجلال والإكرام للقحطاني ص26،
وبيان الشرك ووسائله عند علماء الحنابلة
لمحمد بن عبد الرحمن الخميس ص14.




4 - مدارج السالكين لابن القيم 1/ 375.



**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

 
< 56 >



من الأدلة على أن
دعاء غير الله شرك:

1- قول الله عز وجل:

{ وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ
لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ
فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ
إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ }

[المؤمنون: 117] ؛

فهذا سيقدم على ربه، فيجازيه بأعماله،
ولا ينيله من الفلاح شيئا؛
لأنه كافر ( 1 ).



2- قول الله عز وجل:

{ وَإِذَا مَسَّ الْأِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ

ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ
نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ
وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ

قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا
إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ }

[الزمر: 8] ؛

فلا يغنيك ما تتمتع به،

إذا كان المآل النار ( 2 ).


````````````````````
1- انظر تيسير الكريم الرحمن لابن سعدي 5/ 386.


2- انظر تيسير الكريم الرحمن لابن سعدي 6/ 453.

**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html


 
< 57 >



الدعاء نوعان:

دعاء مسألة وطلب،
ودعاء عبادة وثناء
( 1 ).

وفي النوعين طلب التوصل والتقرب
إلى الله سبحانه وتعالى؛

سواء أكان على وجه السؤال لله عز وجل،
والاستعاذة به،
رغبة إليه في جلب المنافع ودفع المضار،
وهذا دعاء المسألة والطلب.

أم كان على وجه عبادته عز وجل،
وطاعته، وامتثال أمره،
والانتهاء عن نهيه،
وهذا دعاء العبادة والثناء
( 2 ).



يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحـمه الله
عن هذين النوعين:

"إن المعبود لا بد أن يكون مالكا للنفع والضر؛
فهو يُدعى للنفع والضر دعاء مسألة،
ويُدعى خوفا ورجاء دعاء العبادة؛
فعُلم أن النوعين متلازمان"
( 3 ) ؛

فمن صلى، أو صام،
أو توجه إلى الله عزَّ وجل
وسأله دعاء طلب ومسألة؛
فهو راجٍ له،
خائفٌ منه
( 4 ).



والله عز وجل يقول:

{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي
أَسْتَجِبْ لَكُمْ
إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي
سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}

[غافر: 60] ؛

فجعل سبحانه الدعاء عبادة.



والآن،
وبعد أن عرفنا نوعي الدعاء،
نقول:
إن شرك الدعاء يقع في هذين النوعين؛
إما شرك في المسألة والطلب،
أو شرك في العبادة والثناء.




`````````````````````
1 - انظر: اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم لابن تيمية 2/ 778.
وفتح المجيد شرح كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ص223.

2- انظر اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية 2/ 778.

3 - مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 15/ 10-11.

4 - انظر فتاوى العقيدة للشيخ ابن عثيمين ص398.

**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html



 
**************
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html







< 58 >



كيف يقع الشرك في هذين النوعين ؟

إذا توجه الإنسان بواحد من هذين النوعين
لأحد غير الله عز وجل؛
فقد أشرك.

فيقع الشرك في النوع الأول؛ دعاء العبادة؛
إذا صرف العبد شيئا من العبادة
لغير الله عز وجل،




يقول فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين:

"فمن صرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله
فقد كفر كفرا مخرجا عن الملة؛

فلو ركع إنسان، أو سجد لشيء يعظمه كتعظيم الله
في هذا الركوع أو السجود،
لكان مشركا خارجا
عن الإسلام ( 1 ).



ويقول الإمام أحـمد بن علي المقريزي:

فالشرك به في الأفعال:
كالسجود لغيره سبحانه،
والطواف بغير البيت المحرم،
وحلق الرأس عبودية وخضوعا لغيره
( 2 ).

لأن ذلك من خصائص الألوهية؛

فمن سجد لغيره عز وجل،
أو صرف له لونا من ألوان العبادة
فقد جعله لله ندًا
( 3 )،

كذا لو ذبح لغير الله تعظيما له،
وتقربا إليه،
فقد أشرك شركا أكبر؛

لأن الذبح عبادة أمر الله عز وجل بها في قوله:

{فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَر}

[الكوثر: 2]
( 4 )







```````````````````
1- فتاوى العقيدة لابن عثيمين ص398.

2- تجريد التوحيد المفيد للمقريزي ص58-59.
3 - انظر المصدر نفسه ص73.
4 - انظر المجموع الثمين من فتاوى الشيخ ابن عثيمين 2/ 148-149.


 
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

**************



< 59 >


يقع الشرك في النوع الثاني؛
دعاء المسألة والطلب،
إذا كان المدعو ميتا،

أو كان السؤال في شيء
لا يقدر عليه إلا الله عز وجل؛

فلو "كان المدعو حيا قادرا
على ذلك فليس بشرك؛
كقولك:

اسقني ماء لمن يستطيع ذلك ( 1 ).


أما إن كان المدعو ميتا،
فإن دعاءه شرك مخرج عن الملة ( 2 ).



```````````````````
1 - فتاوى العقيدة لابن عثيمين ص398.

2 - المرجع نفسه ص399.

 
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

**************

[ 60 ]


على هذا يقال:
ليس دعاء المسألة والطلب كله شركا؛
بل دعاء الإنسان لغيره
ينقسم إلى ثلاثة أقسام
( 1 ):

الأول:

أن يدعو مخلوقا بأمر من الأمور
التي يمكن أن يدركها بأشياء محسوسة معلومة؛
كسؤال الفقير.
فهذا جائز.



والثاني:

أن تدعو مخلوقًا مطلقا
-سواء كان حيا أو ميتا-
فيما لا يقدر عليه إلا الله؛

مثل:
يا فلان! اجعل ما في بطن امرأتي ذكرا؛
فهذا شرك أكبر؛

لأن هذا من
فعل الله عز وجل
الذي لا يستطيعه البشر،
ولا يقدرون عليه.



والثالث:

أن تدعو مخلوقًا
لا يجيب بالوسائل الحسية المعلومة؛
كدعاء الأموات؛
فهذا شرك أكبر أيضا؛
لأن هذا لا يقدر عليه المدعو.

ولا يقع مثل هذا النوع من الدعاء
إلا إذا اعتقد الداعي في المدعو شيئا سريا
يدبر به الأمور.



```````````````````
1- فتاوى العقيدة لابن عثيمين ص393.
 
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

**************

[ 61 ]






من أنواع الشرك في الألوهية والتعبد:
ثانيا:
شرك الشفاعة


هذا اللون من الشرك
نتيجة لازمة لشرك العبادة
-أحد نوعي شرك الدعاء؛

فمن صرف شيئا من العبادة لغير الله عز وجل؛
فهو إنما يفعل ذلك
كي يشفع له هذا الغير عند الله عز وجل،
في التجاوز عن الذنوب والسيئات،
أو في تحقيق الآمال، ونيل الرغبات،
ظنًا منه أن الأصنام،
أو الأولياء،
أو غيرهم يملكون الشفاعة.



كيف يقع شرك الشفاعة ؟

يقع هذا الشرك
إذا اتخذ العبد من دون الله أندادًا،
فصرف لهم نوعا من أنواع العبادة،
أو كلها،

وتوجه بهم، وتقرَّب بعبادتهم إلى الله،
زاعمًا أن معبوداته هذه
تشفع له عند الله،
وتقرّبه منه زلفى.


 
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

**************

[ 62 ]




من أدلة شرك الشفاعة:

1- قول الله عز وجل:
{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ
وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ

قُلْ أَتُنَبّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ
وَلا فِي الْأَرْضِ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
عَمَّا يُشْرِكُونَ}

[يونس: 18] ؛

فحَكَمَ الله عز وجل بالشرك
على من عَبَد الشفعاء،
أو دعاهم بقصد الشفاعة ( 1 ).


2- قول الله عز وجل:

{ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ
قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا
وَلا يَعْقِلُونَ،

قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا
لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

[الزمر: 43-44] ؛

فنفى سبحانه وتعالى
أن تشفع لهم هذه الأنداد عند الله،
وأخبر أن الشفاعة لله وحده؛
فلا يشفع أحد عنده
إلا بإذنه.


3- قول الله عز وجل:

{ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ

لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ

وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ

وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ }

[سبأ: 22] ؛

فقطع الله الأسباب التي يتعلق بها المشركون قطعا؛

لأن المشرك إنما يتخذ معبوده
لما يعتقد أنه يحصل له به من النفع.

والنفع لا يكون إلا ممن فيه
خصلة من هذه الأربع:

إما مالك لما يريد عابده منه؛

فإن لم يكن مالكا،
كان شريكا للمالك،

فإن لم يكن شريكا له،
كان معينا له وظهيرا،

فإن لم يكن معينا ولا ظهيرا،
كان شفيعا عنده؛

فنفى سبحانه المراتب الأربع
نفيا مرتبا منتقلا من الأعلى إلى ما دونه؛

فنفى الملك،
والشركة،
والمظاهرة،
والشفاعة التي يظنها المشرك،

وأثبت شفاعة
لا نصيب فيها لمشرك
،

وهي الشفاعة بإذنه ( 2 )

``````````````````
1- انظر تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله ص276.

2- مدارج السالكين لابن القيم 1/ 372.
وانظر تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله ص285.

 

المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

**************

[ 63 ]




ما هي الشفاعة التي يقبلها الله عز وجل؟

الشفاعة التي تقدمت هي الشفاعة الشركية
التي في قلوب المشركين
المتخذين من دون الله شفعاء،
وهي التي نفاها الله عز وجل.

ولكنه سبحانه لم ينف الشفاعة مطلقا؛
بل أخبر ان هناك شفاعة مقبولة عنده؛
وهي الشفاعة الصادرة
عن إذنه، لمن وحدّه؛

فالشفاعة التي يقبلها عز وجل
هي التي جمعت شرطين:

أحدهما:
إذنه سبحانه وتعالى بالشفاعة؛
لأن الشفاعة كلها له وحده،

كما قال:
{قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا}

[الزمر: 44] ،

وقال:
{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ
إِلَّا بِإِذْنِهِ}

[البقرة: 255] ؛

فلا يشفع أحد؛
لا ملك مقرب،
ولا نبي مرسل
إلا بإذنه عز وجل.



والشرط الثاني:

أن يرضى سبحانه وتعالى عن المشفوع فيه.
وهذا يتطلب أن يكون من أهل التوحيد
الذين لم يتخذوا من دون الله شفعاء،

كما قال سبحانه:
{ولا يشفعون الا لمن ارتضى}

[الأنبياء: 28] ،

وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أسعد الناس بشفاعتي
من قال لا إله إلا الله
خالصا من قلبه" ( 1 )؛

فشفاعته صلى الله عليه وسلم
-بعد إذن الله عز وجل له بها-
لا ينالها إلا
أهل التوحيد الخالص،

وهذا عكس ما عند المشركين
الذين زعموا أن الشفاعة تنال
باتخاذهم أولياءهم شفعاء،
وعبادتهم وموالاتهم من دون الله ( 2 ).

```````````````````
1 - تقدم تخريجه ص74 من هذا الكتاب.

2 - انظر مدارج السالكين لابن القيم 1/ 396-370.

 
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

**************

[ 64 ]




من أنواع الشرك في الألوهية والتعبد:

ثالثا:
شرك النية والإرادة والقصد

أولا:
المراد بهذا النوع

هو أن ينوي العبد ويريد ويقصد بعمله
جملة وتفصيلا غير الله عز وجل.

أو هو العمل الصالح للدنيا فقط.
أو هو الذي يعمل العمل من غير إيمان،
أو كان غرضه وهدفه الحياة الدنيا فقط ( 1 )؛

فمن كان غرضه الدنيا لا غير،
لا يريد إلا إياها،
ولا يحب ولا يبغض إلا من أجلها،
ولا يوالي ولا يعادي إلا عليها؛
فليس له في الدنيا إلا ما قُدّر له
وهو في الآخرة من أهل النار.




ثانيا:
دليل هذا النوع

يدل على هذا النوع قول الله عز وجل:

{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا
نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا
وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ،
أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ
إِلَّا النَّارُ
وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا
وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

[هود: 15-16] ؛

فهؤلاء لم يعملوا إلا للحياة الدنيا وزينتها فقط؛
فليس لهم في الآخرة ثواب؛
لأنهم لم يريدوا بعملهم الآخرة،
وإنما أرادوا الدنيا ( 2 ).


```````````````````````
1- انظر: تجريد التوحيد للمقريزي ص67.
وتيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله ص537.



2- انظر: تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد
للشيخ سليمان بن عبد الله ص535.

وفتح المجيد شرح كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن ص540.


 
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

**************

[ 65 ]






من أنواع الشرك في الألوهية والتعبد:

ثالثا:
شرك النية والإرادة والقصد

أولا:
المراد بهذا النوع

هو أن ينوي العبد ويريد ويقصد بعمله
جملة وتفصيلا غير الله عز وجل.

أو هو العمل الصالح للدنيا فقط.
أو هو الذي يعمل العمل من غير إيمان،
أو كان غرضه وهدفه الحياة الدنيا فقط ( 1 )؛

فمن كان غرضه الدنيا لا غير،
لا يريد إلا إياها،
ولا يحب ولا يبغض إلا من أجلها،
ولا يوالي ولا يعادي إلا عليها؛
فليس له في الدنيا إلا ما قُدّر له
وهو في الآخرة من أهل النار.




ثانيا:
دليل هذا النوع

يدل على هذا النوع قول الله عز وجل:

{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا
نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا
وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ،
أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ
إِلَّا النَّارُ
وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا
وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

[هود: 15-16] ؛

فهؤلاء لم يعملوا إلا للحياة الدنيا وزينتها فقط؛
فليس لهم في الآخرة ثواب؛
لأنهم لم يريدوا بعملهم الآخرة،
وإنما أرادوا الدنيا ( 2 ).




```````````````````````
1- انظر: تجريد التوحيد للمقريزي ص67.
وتيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله ص537.



2- انظر: تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد
للشيخ سليمان بن عبد الله ص535.

وفتح المجيد شرح كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن ص540.




 
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

**************

[ 65 ]



من أنواع الشرك في الألوهية والتعبد:

رابعا:

شرك الطاعة

تمهيد:

سبق أن ذكرنا أن توحيد الألوهية يعني:
إفراد الله عز وجل بالعبادة
( 1 ).

ومن العبادة:
الخضوع له عز وجل في الحكم ،
وتنفيذ أوامره ظاهرا وباطنا
( 2 )،

كما قال سبحانه:

{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ
أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ

ذَلِكَ الدّينُ الْقَيّمُ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ
}

[يوسف: 40] ؛

فالحكم حق له.




ولا يتم الإيمان
إلا بتحكيم
شرع الله سبحانه وتعالى،

كما قال:

{فَلا وَرَبّكَ لا يُؤْمِنُونَ
حَتَّى يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ
ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ
وَيُسَلّمُوا تَسْلِيمًا}

[النساء: 65] .


```````````````````````
1- انظر ص59 من هذا الكتاب.
2 - أضواء البيان للشنقيطي 1/ 396-397.

 
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

**************

[ 66 ]



أولا:
تعريفه

يُعرَّف شرك الطاعة بأنه:

مساواة غير الله بالله في التشريع والحكم ( 1 ).
أو طاعة العلماء والأمراء في المعصية،
مع استحلال ذلك ( 2 )؛

فكل من أطاع مخلوقا في تحريم الحلال،
أو تحليل الحرام؛
فهو مشرك شرك طاعة.



يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله:

إن الذين يتبعون القوانين الوضعية
التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه
مخالفة لما شرعه الله جل وعلا
على ألسنة رسله صلوات الله وسلامه عليهم،
أنه لا يشك في كفرهم وشركهم
إلا من طمس الله بصيرته،
وأعماه عن نور الوحي مثلهم ( 3 ).






````````````````````
1 - انظر المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية للبريكان ص155.

2 - انظر: فتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن ص553.
وبيان الشرك ووسائله عند علماء الحنابلة للخميس ص15.


3 - أضواء البيان للشنقيطي 4/ 83-84.
 
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

**************

[ 67 ]





ثانيا:
من أدلة [
شرك الطاعة ]
يدل لهذا النوع أدلة كثيرة؛
منها:

1- قول الله عز وجل:

{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ

وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ

وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا

لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
}

[التوبة: 31] ؛

فهؤلاء اتخذوا علماءهم، ومشايخهم وقراءهم

سادة لهم من دون الله،

يطيعونهم في معاصي الله،

فيحلون ما أحلوه لهم مما قد حرمه الله عليهم،

ويحرمون ما يحرمونه عليهم، مما قد أحله الله لهم
( 1 ).




2- عن عدي بن حاتم رضي الله عنه
أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقرأ هذه الآية:

{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ
أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}

[التوبة: 31] ؛

فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
إنا لسنا نعبدهم!

قال صلى الله عليه وسلم:
"أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه،
ويحلون ما حرم الله فتحلونه"؟

قال عدي:
بلى.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" فتلك عبادتهم " ( 2 ).



3- قول الله عز وجل:

{فَلا وَرَبّكَ لا يُؤْمِنُونَ
حَتَّى يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ
ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ
وَيُسَلّمُوا تَسْلِيمًا}

[النساء: 65] ؛

فنفى عز وجل الإيمان
عن المعرضين عن الاحتكام إلى شرعه،
وأقسم بنفسه سبحانه وتعالى
أنه لن يؤمن أحد حتى يحكم بما جاء به الرسول
صلى الله عليه وسلم،
وحتى ينتفي عن صدره الضيق والحرج من ذلك.
( 3 ).







```````````````````
1 - انظر جامع البيان للطبري 6/ 354.



2 - أخرجه الترمذي في الجامع الصحيح، كتاب التفسير،
باب: ومن سورة التوبة.
وحسَّنه.




3 - انظر فتح المجيد شرح كتاب التوحيد
للشيخ عبد الرحمن بن حسن ص567.
 

المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

**************

[ 68 ]




ثالثا:
من الأمثلة على [ شرك الطاعة ]

1- الطاعة في تحكيم القوانين الوضعية
بدلا من الشريعة الإسلامية،
والاحتكام إليها.

2- الطاعة في تحليل ما عُلم تحريمه
من دين الإسلام بالضرورة؛
مثل الربا، والزنا، والتبرج، والسفور، والقمار،
ونحو ذلك من سائر المعاملات المنصوص على تحريمها،
ولا مجال للاجتهاد فيها.

3- الطاعة في تحريم ما أحل الله وأباحه؛
مثل أكل اللحوم، وتعدد الزوجات،
والملكية الفردية،
وغير ذلك.

وعن هذه الأمثلة
يقول الشيخ الشنقيطي رحمه الله:

الحلال هو ما أحله الله،
والحرام هو ما حرمه الله،
والدين هو ما شرعه الله؛
فكل تشريــع من غيره باطل،

والعمل به بدل تشريع الله
- عند من يعتقد أنه مثله، أو خير منه
كفر بواح،
لا نزاع فيه" ( 1 ).

خاتمة لهذا النوع:

علماء الأمة الإسلامية اتفقوا
على أن
الحكم لله عز وجل وحده ؛
لأنه المالك للخلق وحده ؛
فله الحكم والأمر فيهم بما شاء.

يقول الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله:

"أما استحقاق نفوذ الحكم؛
فليس إلا لمن له الخلق والأمر.
فإنما النافذ حكم المالك على مملوكه،
ولا مالك إلا الخالق عز وجل،
فلا حكم ولا أمر إلا له.

أما النبي صلى الله عليه وسلم، والسلطان،
والسيد، والأب، والزوج،
فإذا أمروا وأوجبوا، لم يجب شيء بإيجابهم،
بل بإيجاب الله تعالى طاعتهم؛
لولا ذلك لكان كل مخلوق أوجب على غيره شيئا،
كان للموجب عليه أن يقلب عليه الإيجاب؛
إذا ليس أحدهما أولى من الآخر.

فإذًا:
الواجب طاعة الله تعالى ،
وطاعة من أوجب الله طاعته
( 2 ).





````````````````````
1- أضواء البيان للشنقيطي 7/ 162.

2- المستصفى لأبي حامد الغزالي 1/ 83.
 
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

**************

[ 69 ]



من أنواع الشرك في الألوهية والتعبد:

خامسا:
شرك المحبة
تمهيد:

سبق أن ذكرنا أن العبادة تقوم على ثلاثة أركان،
أحدها المحبة
( 1 ).
وهي محبة العبودية
التي تستلزم الذل لله،
والخضوع له،
وتعظيمه،
و طاعته،
وإيثاره على غيره عز وجل.




وهذه المحبة هي المحبة الواجبة؛
إذ المحبة ثلاثة أنواع:

أولا: أنواع المحبة:
المحبة ثلاثة أنواع:

1- محبة واجبة:

وهي التي سبقت الإشارة إليها؛
محبة طاعة الله، والانقياد له ( 2 )؛

وهي محبة العبودية
المستلزمة للذل والخضوع،
وكمال الطاعة،
وإيثار المحبوب على غيره؛
فهذه المحبة خالصة لله،
لا يجوز أن يُشرك معه فيها أحد
( 3 ).



2- محبة محرمة، أو شركية:

وهي صرف تلك المحبة الواجبة لله عز وجل،
إلى غيره؛

فمن أحب غير الله
حب ذل وخضوع،
فقدم طاعته على طاعة الله،
وآثر محابه على محاب الله،
فقد جعله ندا لله.

وعنها يقول شيخ الإسلام
محمد بن عبد الوهاب رحـمه الله:

إن من اتخذ ندا تساوي محبته محبة الله،
فهو الشرك الأكبر
( 4 ).

وهذه المحبة: قليلها وكثيرها
ينافي محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
( 5 ).



3- محبة طبيعية، أو جِبلية:

وهذه مباحة،
ما لم تصل إلى تعظيم المحبوب إلى الحد
الذي لا يليق إلا بالله عز وجل.

ومن أمثلة هذه المحبة:
حب الإنسان لوطنه، والوالد لولده،
والزوج لزوجه، وذي المال لماله، وغير ذلك.

وعنها يقول مولانا عز وجل:

{زُيّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ
وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ
وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ
ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}

[آل عمران: 14] .






````````````````````
1- انظر ص97 من هذا الكتاب.

2- انظر: الوسيط في تفسير القرآن للواحدي 1/ 136.
والإرشاد إلى صحيح الاعتقاد للفوزان ص74.

3 - الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد للشيخ صالح الفوزان ص74.




4- انظر فتح المجيد شرح كتاب التوحيد
للشيخ عبد الرحمن بن حسن ص487.

5 - انظر المرجع نفسه ص478.



 
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

**************

[ 70 ]



ثانيا:
كيف يقع الشرك في المحبة؟


تقدم أن الإنسان إذا صرف المحبة الواجبة لله سبحانه وتعالى،
لغير الله عز وجل،
فقد أشرك في المحبة.




ثالثا:
دليل هذا النوع:

من الأدلة على هذا النوع:

قول الله تعالى:

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ
أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبّ اللَّهِ
وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}

[البقرة: من الآية 165] .

وقد تقدم معناها ( 1 ).


``````````````````
1 - انظر ص75 من هذا الكتاب.




 
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

**************

[ 71 ]



شبهة والرد عليها:

يعترض بعض الواقعين في هذا النوع من الشرك:
بأنهم يحبون الله حبا شديدا،
ربما أشد من حبهم لأندادهم ،
فأين الشرك في ذلك؟.

وعلى شبهتهم هذه
رد العلامة ابن القيم رحـمه الله بقوله:

وترى المشرك يكذّب حاله وعمله قوله؛

فإنه يقول:

لا نحبهم كحب الله، ولا نسويهم بالله،
ثم يغضب لهم ولحرماتهم إذا انتهكت
أعظم مما يغضب لله،
ويستبشر بذكرهم، ويتبشبش به،
سيما إذا ذكر عنهم
ما ليس فيهم؛
من إغاثة اللهفان،
وكشف الكربات،
وقضاء الحاجات،
وأنهم الباب بين الله وبين عباده؛

فإنك ترى المشرك يفرح ،
ويُسر، ويحن قلبه،

وتهيج منه لواعج
التعظيم والخضوع لهم والموالاة،

وإذا ذكرت له الله وحده،
وجرّدت توحيده
،
لحقته وحشة، وضيق، وحرج ،
ورماك بنقص الإلهية التي له،
وربما عاداك ( 1 ).

`````````````````
1- مدارج السالكين لابن القيم 1/ 371.
 
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

**************

[ 72 ]



من أنواع الشرك في الألوهية والتعبد:
سادسًا:

شرك الخوف

تمهيد:

سبق أن ذكرنا أن العبادة تقوم على ثلاثة أركان،
أحدها الخوف ( 1 ).

وهو عبودية القلب التي لا يجوز تعلقها
بغير الله عز وجل؛

فيخاف العبد مولاه سبحانه وتعالى
أن يصيبه بما يشاء
من العقوبات، والمصائب، والأوصاف؛

ويخاف مما توعد به العصاة في الآخرة
من النكال والعذاب.

وهذا هو
الخوف الواجب صرفه لله عز وجل،
ولا يجوز أن يُصرف لكائن من كان
سوى الله جل جلاله.

```````````````````
1 - انظر ص97، 100 من هذا الكتاب.

 
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

**************

[ 73 ]



أنواع الخوف:

الخوف أنواعه ثلاثة، كما المحبة:

1- خوف واجب:

وقلنا هو الخوف من الله عز وجل أن يصيبك بما يشاء

والمطلوب فيه:

أن يحملك على فعل المأمورات،
واجتناب المنهيات والمحظورات.

وهذا الخوف يجب أن يكون مقترنا
بالرجاء والمحبة؛

بحيث لا يكون خوفا باعثا على القنوط من رحمة الله،
أو اليأس من روح الله عز وجل؛

فالمؤمن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء؛

بحيث لا يذهب مع الخوف فقط
حتى يقنط من رحمة الله،

ولا يذهب مع الرجاء فقط
حتى يأمن من مكر الله؛

لأن القنوط من رحمة الله،
والأمن من مكر الله

ينافيان التوحيد
.

قال تعالى:

{أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ
فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}

[الأعراف: 99] ،

وقال تعالى:

{إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}

[يوسف: 87] ،

وقال تعالى:

{وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ}

[الحجر: 56] " ( 1 ).




2- خوف طبيعي ( 2 ):

وهو الخوف مما يخاف منه طبعا؛
كالخوف من السبع، كالأسد ونحوه،
والعدو المبغت، وغير ذلك،
مع اعتقاد أن النفع والضر
بيد الله وحده
.
وهذا الخوف مباح، وهو غير مذموم.

وقد وقع لموسى عليه السلام،
يقول تعالى حاكيا عنه:
{فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ
قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
}

[القصص: 21] .


```````````````````
1 - الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد للشيخ صالح الفوزان ص69-70.

2 - انظر: فتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن ص489.
والإرشاد للفوزان ص67.



 
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

**************

[ 74 ]



من أنواع الخوف:



3- الخوف المحرم:

وهو قسمان:
الأول: الخوف السري "الاعتقادي"،

وسمي اعتقاديا لأن محله القلب وهو:
الخوف من غير الله أن يؤثر فيه،
أو يصيبه بما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل؛
من مرض، أو منع رزق، أو إصابة بفقر،
أو نحو ذلك .....،

كما قال الله عن قوم هود عليه السلام
إنهم قالوا له:
{إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ
قَالَ إِنّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا
أَنّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ}

[هود: 54] ( 1 ).

وهذا الخوف هو
الخوف الشركي؛
فمن وقع فيه وقع في الشرك الأكبر.




ودليله:

قول الله عز وجل:

{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ
إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ
فَزَادَهُمْ إِيمَانًا
وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
}

[آل عمران: 173] ؛

فاخشوهم:
أي واتركوا الجهاد،

ويشهد لهذا القسم أيضا
قوله صلى الله عليه وسلم:

"إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة:

ما منعك إذ رأيت المنكر أن لا تغيره؟
فيقول: رب خشية الناس؛

فيقول:
إياي كنت أحق أن تخشى"
( 2 ).




خاتمة :

أنواع الشرك في الألوهية كثيرة
تتعلق بعبادته عز وجل ومعاملته؛

فمن صرف شيئا من العبادة
لغير الله عز وجل؛
فقد وقع في هذا النوع من أنواع الشرك،

سواء أكانت العبادة المصروفة لغير الله:
نذرا،
أو ذبـحًا،
أو سجودا،
أو حبا،
أو ذلًا،
أو توكلا،
أو رجاء،
أو خوفًا،
أو دعاء،
أو غير ذلك.





```````````````````
1 - انظر: فتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن ص488.
والأسئلة والأجوبة في العقيدة للشيخ صالح الأطرم ص39.
والإرشاد للشيخ صالح الفوزان ص66.




2 - أخرجه الإمام أحمد في مسنده 3/ 27، 29، 77،
وابن ماجه في السنن، كتاب الفتن، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع رقم 1814.
وانظر فتح المجيد ص489.
 
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
[
عبد القادر عطا صوفي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html

**************

[ 75 ]



تعريف الشرك الأصغر

يعرف الشرك الأصغر بأنه:
مساواة غير الله بالله في هيئة الفعل وأقوال اللسان.

أو: كل ما أطلق عليه الشرع وصف الشرك،
لكنه لا يخرج من الملة ( 1 ).




يقول الشيخ عبد الرحـمن بن سعدي
رحـمه الله:

وأما الشرك الأصغر؛
فهو جميع الأقوال والأفعال التي
يتوسل بها إلى الشرك؛
كالغلو في المخلوق الذي لا يبلغ رتبة العبادة؛
وكالحلف بغير الله،
وكيسير الرياء،
ونحو ذلك ( 2 ).




``````````````````
1- انظر: المجموع الثمين من فتاوى الشيخ ابن عثيمين 2/ 27.
والإخلاص والشرك الأصغر لعبد العزيز العبد اللطيف ص30.



2- انظر القول السديد شرح كتاب التوحيد لابن سعدي ص24.

 
عودة
أعلى