بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما،
الحمد لله رب العالمين.. اشكر الإخوة على التفاعل.. و أنا مسرور بكم أن نجتمع في هذا المحراب.. محراب القرآن الكريم.. و أتمنى أن نبتعد عن المشادات و نهتم بما يفيدنا.. و يقوي إيماننا.. فإنا التقينا هنا لتجديد الإيمان الذي يبلى كما يبلى الثوب.. و إني غلتقيكم إخوة لي أعزاء على قلبي.. شكر الله لكم و جزاكم عني كل خير..
و لعلي أبدأ من هذه الكلمات للأخ أبو الحسنات الدمشقي
وإنما هو سؤال لأئمة الإعجاز العددي الذي يعرفون أسرار كتاب الله تعالى ويغفل علماء الأئمة ( الجهلة ! ) عنها !! .
.
فأقول..
سيدي الكريم.. أترى هذا الكلام يفيدنا في الجواب على أسئلتنا.. و هل هو من تدبر القرآن.. لعلك أخي الحبيب تقول هذا الكلام توهما منك أن تظهر ضعف الدليل عندنا و قوته عندك.. أو أنه من قبيل الإستهزاء الذي لا ينفع بين المسلمين.. أو أنه من باب تأليب هؤلاء علينا و ليس ذلك من جميل الفعل..
أخي الحبيب.. أنا أسألك لماذا نتدبر القرآن ؟
لماذا نثور القرآن ؟
لماذا نستنطق القرآن ؟
لماذا نبحث عن تفسير القرآن ؟
أنا أقول لك شيئا لأن في القرآن أسرار متجددة.. و فيه قوة دائمة تثبت الإيمان في قلوبنا و تزرعه في قلوب الآخرين ممن أقبل على الحق..
و أسرار القرآن ليست بالضرورة ما كان علمه أسلافنا منه..
و لعلك تحتج علي بقول شيخ الاسلام
وقد حكى شيخ الإسلام الإجماع على بطلان قول من قال : ليس في القرآن ما لا يُعلم معناه .
.
فالواضح من كلامه.. أنه ليس هنالك ما لا يُعلم لا ما لم يُعلم .. و الفرق واضح هنا و لعله الرد الأنسب على كلامك
لأنك قد حذفت المعنى أصلا.. و هو أبعد من القول أننا نجهل المعنى فافهم ترشد..
ثم إني أزيدك على كلام شيخ الإسلام كلام السيد المصطفى محمد صلى الله عليه و سلم، حين قال في الحديث المشهور..
ستكون فتنة . قلت : فما المخرج منها يا رسول الله ؟ قال : كتاب الله, فيه نبأ ما قبلكم, و خبر ما بعدكم, و حكم ما بينكم, هو بالفصل ليس بالهزل, من تركه من جبار قصمه الله, و من ابتغى الهدى في غيره أضله الله, وهو حبل الله المتين, وهو الذكر الحكيم, وهو الصراط المستقيم, وهو الذي لا تزيغ به الأهواء, و لا تلتبس به الألسن, و لا يخلق على كثرة الرد, و لا تنقضي عجائبه, من قال به صدق, ومن عمل به أجر, ومن حكم به عدل, ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم.
فالواضح أن فيه خبر من قبلنا و قد نعلمه بالتاريخ.. و خبر ما بيننا و قد نعلمه بالمعايشة و خبر ما بعدنا.. فافهم أخي الحبيب.
فليس الأمر تجهيل لأئمة المسلمين و عدولهم.. و لا تطفيل لمن رام التدبر في كتاب الله من خلال العدد..
ثم لعلي أرشدك إلى ما يطمئن له قلبك..
سئل علي كرم الله وجهه : هل عندكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء سوى القرآن ؟ فقال : لا ، والذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة ، إلا أن يعطي الله عبدا فهما في كتابه ، وما في الصحيفة ، قلت : وما في الصحيفة ؟ قال : العقل وفكاك الأسير ، وألا يقتل مؤمن بكافر.
فافهم قوله و ما في الصحيفة.. و لعل ذلك الذي يفرق بين الحواسيب التي هي من صنع الانسان و اختراعه و العقل الذي هو من صنع الله الذي أتقن كل شيء خلقه.
أم أنك تريدنا أن نكون من هؤلاء الذين قيل فيهم :
يظهر هذا الدين حتى يجاوز البحار ، وحتى تخاض بالخيل في سبيل الله ، ثم يأتي أقوام يقرأون القرآن ، فإذا قرأوا قالوا : قد قرأنا القرآن ، فمن أقرأ منا ؟ من أعلم منا ؟ ! ثم التفت إلى أصحابه ، فقال : هل ترون في أولئك من خير ؟ قالوا : لا . قال : فأولئك منكم ، وأولئك من هذه الأمة ، وأولئك هم وقود النار.
فهاهو الدين قد ظهر و جاوز البحار..
ثم أنك أخذت عنا في الشدات التي طارت.. و أين طارت أخي الحبيب.. نحن في الرياضيات و في نظرية الكلمات theorie des mots نتكلم عن ألفبائية.. التي هي مجموعة الحروف التي تكتب الكلمة بها.. فمثلا ألفبائية الكلمات التي تفقهها أجهزة الحواسيب هي الألفبائية الثنائية المتكونة من حرفين و هما 0 و 1.
الفبائية الأعداد العشرية هي مجموعة الأرقام من 0 إلى 9، و ليس بعدها إلا كلمات تكتب بهذه الحروف العشرة..
و كذلك الكلمة في العربية تكتب بواسطة ألفبائية ذات 28 حرفا.. و لعلك تحتج علي أني لم أحسب الشدة و الهمزة لأن هذا الكلام ليس كلامي بل كلام من سبقوني في هذه القواعد.. و لك أن تعود غلى كتب الأولين الذين ذكروا من لطائف القرآن أن حروف الفواتح نصف الحروف فاسألهم لماذا لم يحسبوا الشدة.. ثم لماذا لم يحاججهم أحد على ذلك ؟
و قد نبهتك أن الكتابة ثلاثة أنواع، العروضية و الإملائية و القرآنية التي هي كتابة الوحي، و لا ينبغي أن نحمل كتابة القرآن على كتابة الوحي؟
فإن قلت
التزام الرسم العثماني لا يكون على إطلاقه ، فالتزام الرسم العثماني لا يكون في اللفظ وإنما في الخط والكتابة فحسب .
أي أن من التزم الرسم العثماني في القراءة ، لا تصح قراءته ، وهذا لا ينازع فيه أحد .
أما هؤلاء الذين يكتبون في ما يسمونه بالإعجاز العددي ما بالهم تركوا عد الحروف اعتمادا على اللفظ - وهو المعتمد عند أهل الأداء مثلاً ، إذ هم يُعرِّفُون الحرف بأنه الصوت المعتمد على مخرج محقق أو مقدر - ما بالهم تركوه ، وأخذوا يعدون بناء على الخط ، أو الرسم العثماني ، مع أن الرسم العثماني لا يصح الأخذ به في كل مجال كالقراءة مثلاً ؟!
.
فسأقول لك إن الحرف عند أهل الخط ليس هو الحرف عند أهل القراءة فلماذا تخلط الأمرين.. ثم إني أسألك متى ظهر الحديث عن الشدة كحرف.. أقبل القرآن ام بعده ؟
أعني أقبل أن يستعجم القرآن على أهله أم حين استعجم عليهم نطقه و قراءته ؟
ثم لعل سؤالك أنك تدفعنا إلى البحث في اللفظ مثلما ما بحثنا في المكتوب.. و هو أمر تشكر عليه.. و لعلك تبحث معنا فيه.. ثم لماذا لا يحسب الحرف أربعة حروف باعتبار نطقه فليس النطق بالكسر كالنطق بالنصب و الرفع و الجزم.. و ليس النطق بالمد نفسه.. فهل المد القصير و الطويل كلاهما حرف واحد عند أهل القراءة ؟ فافهم ترشد..
ثم أراك تستشهد بالبقاعي فتقول..
ولتوضيح هذا أضرب مثالاً ذكره البقاعي رحمه الله في البسملة ، - ولعل في جواباً على سؤال الأخ جلغوم – قال : " وكون البسملة تسعة عشر حرفًا خطية وثمانية عشر لفظية إشارة إلى أنَّها دوافع للنقمة بالنار التي أصحابها تسعة عشر ، وجوالب للرحمة بركعات الصلوات الخمس وركعة الوتر اللاتي هنَّ اعظمُ العبادات "
.
و لعلك تطمئن إلى كلان البقاعي.. فكيف لا تطمئن إلى كلامنا و تعلم أننا نبحث في العدد الخطي البين للناس..
ثم لعلك تقتحم علم الرياضيات لتعرفنا بقواعده.. فتقول
أقول : من ضرورات العقل أن الجمع ليس كالطرح بل هو ضده
.
و متى كان الجمع ضد الطرح.. كلاهما علاقة ثنائية لها خصائصها.. فكيف تجعل من ضرورات العقل أنهما ضدين.. و ماذا تعني بالضدية هنا ؟
ثم تقول..
عنا إلى المثال السابق الذي ذكره الأخ وهو : "سورة الإنسان هي السورة رقم 76 في ترتيب المصحف وقد جاءت مؤلفة من 31 آية " .
فتأمل العلاقة التي سأعطيك إياها :
76-31 = 45 .
لكنها علاقة فاشلة ، لأننا نريد تحصيل الرقم 46 لندعي أن هناك إعجازاً لذلك نضيف رقماً : فنقول 76-31 +1 = 46.
.
و قد أجبتك على هذا غير أن ذلك أضحكك أخي الحبيب..
فهذا جواب مضحكٌ جداً ، لأن المراد حساب كروموسومات الإنسان الطبيعي وليس الخارق ولا ( المنغولي ) ..
وهل الإنسان المذكور في سورة الإنسان هو الإنسان الخارق أصلاً قال تعالى : " إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه " وهذا لفظ عام يدخل فيه الخارق والعادي !
.
و أنا أقول لك ك اضحك الله سنك اخي الحبيب..
و لعلك أخي الحبيب لم تفهم كلامي أصلا.. فأضحكك.. و أنا فرحت لك كثيرا.. و الآن أنبهك اخي.. انظر كلامي
لعدد 46 هو عدد كروموسومات الإنسان العادي أما ما يكون خارقا فمنه ما ينقص عن ذلك فيكون 45 و منهم من يزيد بواحد وهي 47.. فالذي وقفت عله و ظننت ان ذلك يبطل ما ذهبت إليه و هو إشارة إلى ما يسميه العلماء بالخارقة العلمية و هي تحدث عندما تنقسم الخلية في المرحلة الأولى.. فافهم ترشد
.
نا لم أقل إنسانا طبيعيا و إنسانا غير طبيعي.. فكلهم طبيعيون و قابلون للحياة.. أنا قلت الإنسان العادي و هذا بنظرة أهل العلم.. و الواقع الخارق الذي يقع حين تنقسم خلية 46كروموسوما فتنتج خلية ذات 45 كروموسوما أو خلية ذات 47 كروموسوما.. و هذا واقع العلم و تسمية العلماء.. و كلهم مخلوقون من نطفة أمشاج فانظر تعبير القرآن الكريم.. إن ظهور الخلية ذات العدد الاكبر أو الأصغر يأتي بتدبير من الله و أمر منه تعالى لخلية ذات 46 فأصلهم كلهم خلية ذات 46 فإذا انقسمت ظهرت الفوارق.. فافهم ترشد فكلهم طبيعيون..
ثم تقول..
لو فرضنا أن الناس بعد لم يعرفوا ان عدد كرموسومات الإنسان 46 ، وجاء صاحبك إلى الاطباء وأهل البيولوجيا بهذا الاكتشاف الذي اكتشفه من آية : " ولقد علمتم الذي اعتدوا .. " الآية ، فهل ستكون هذه طريقة علمية يعتمدها الاطباء وأهل البيولوجيا ؟!
أم أنه سيضربون بكلامه عرض الحائط ؟! بل سيضربونه أيضاً ؟! .
.
سيدي الحبيب..
البارحة كنت أمام التلفاز و استوقفني مشهد للأخ عبد العزبز الفوزان :
قال كنت و أنا صغير يسمونني عزوز فلا أعرف أني عبد العزيز.. أعرف نفسي فقط عزوز.. و لما دخل الإبتدائية سأله احد معلميه عن اسمه فغضب منه و سأله ثانية و كان المسكين يقول عزوز و لا يعرف أين الخطأ و يحملق في وجوه بقية الفصل علهم يساعدونه و دون جدوى.. و هو كذلك إذ يصفعه المعلم صفعة شديدة كادت تسقطه على الارض..
و هذا المشهد نفسه وقع لقريب لي يتيم و يقوم أجداده بتربيته فهو لا يعرف نسبة إلا إليهم و يجهل نسبة أبيه.. فكانت نفس الواقعة له استقبل صفعة من المعلم و استهزاء من التلاميذ لأنه لا يعلم لقبه و ظن أن لقبه من لقب جده الذي رباه..
هذان الواقعتان يجيبانك عن قولك بل يضربانه..
أما عن قولك هل بالإمكان أن يسألهم عن 46 ما معناها.. فله ذلك
و أنا الآن أطرح بعض الأسئلة عليكم.. و لا أكتفي بل أطرحها على غيركم من المختصين في الجانب العلمي.. و الجميل أني أجد اصغاء كبيرا من البولوجيين لأسئلتي..
و لعلك ترى ذلك في قادم الأيام..
ثم اقول لاخي الحبيب أبو عمرو البيراوي
أنا مثلكم أحياناً لا أقتنع بما يطرحه بعض القائلين بالإعجاز العددي، ولكنني في المقابل أقدّر بعض الملاحظات وأجعلها للدراسة.
.
جزاك الله خيرا.. فإن ذلك مما يمتن الفكرة و يصقلها..
و أقول للأخ الحبيب عبد الله جلغوم
ما زلنا بانتظار إجابة أبي الحسنات الدمشقي على سؤالنا البسيط :
ما عدد حروف البسملة ؟
.
لعل الأخ أبا الحسنات قد قالها في معرض كلامه عن البقاعي..
يغفر الله لي و لكم