قطعا ليست ثابتة ولا هي قراءة صحيحة متواترة، بل هي مثال لما لا ينبغي أن يذكر إلا لبيانه على سبيل الخطأ والشذوذ في مثله تلك القراءة.
فلا هي في القراءات العشر الصغرى ولا الكبرى ولا في الأربع الزائدة
وقد انفردت المصادر بنسبتها في الشواذ لعمرو بن فائد الإسواري المعتزلي
ذكر ذلك الإمام ابن الجزري في غاية النهاية ج 1 ص 602 في ترجمته وكذا في كتاب الشواذ للكرماني ص 42 وبعض كتب التفسير كما في معجم القراءات القرآنية للدكتور عبد العال ص 154 ج1
ومعجم الدكتور الخطيب ص 14 وفي بعض المصادر أن عمرا هذا نسبها لأبي وحاشاه فها هي القراءات المتواترة التي تنتهي إليه ليس فيها هذا الخطأ البين
فهي قراءة منكرة
قال القرطبي ج 1 ص 108 طبعة الكتب العلمية
الخامسة والعشرون: الجمهور من القرّاء والعلماء على شدّ الياء من «إياك» في الموضعين. وقرأ عمرو بن فائد: «إيَاك» بكسر الهمزة وتخفيف الياء، وذلك أنه كره تضعيف الياء لثقلها وكون الكسرة قبلها. وهذه قراءة مرغوب عنها، فإن المعنى يصير: شمسَك نعبد أو ضوءك؛ وإيَاةُ الشمس (بكسر الهمزة): ضوءها؛ وقد تُفتح. وقال:
سَقَتْهُ إيَاةُ الشّمس إلا لِثاتِه
أُسِفَّ فلم تَكْدِم عليه بإثمد
فإن أسقطت الهاء مددت. ويقال: الإياة للشمس كالهالة للقمر، وهي الدّارة حولها.
اهـ
اما عمرو بن فائد
فتجد ترجمته في اللسان ج 4 ص 321
ونقل قول الدارقطني أنه متروك.
قال ابن المديني: ذاك عندنا ضعيف، يقول بالقدر.
وقال العُقَيلي: كان يذهب إلى القَدَرِ والاعتزال، ولا يقيم الحديث.
وقال ابن عديّ: بصري منكر الحَديث،
وقال يحيى بن سعيد: ليس بشيء.
وقال النَّسَائِي في «الجرح والتعديل»: ليس بثقة، لا يكتب حديثه.
اه
وفي الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث ص 371 لسبط ابن العجمي قال:
ذكره ابن الجوزي في الموضوعات في فضل عثمان ثم قال عن ابن المديني: إنه كان يضع الحديث انتهى
بل إن الحاكم روى حديثا وقال بعده ليس في إسناده مطعون فيه سوى عمرو بن فائد
وبعد ذلك وأهم منه أن القراء لم يرتضوه ولم يعتمدوا على رواياته فلا هو من رجال الصغرى ولا الكبرى ولا من رجال الكتب المشهور كما تعلم ذلك من غاية ابن الجزري
فانفراده بقراءتها أو رفعها لسيدنا أبي باطل لا يقول به مسلم
والحاصل أن إياك بالتخفيف تفسد المعنى
وعلى قول الشافعي وجماعة إن قرأها بدون تشديد بطلت صلاته،
وقال بعضهم إن تعمد فيخشى عليه الشرك لأن الإيا هو ضوء الشمس فيصير معناها نعبد ضوء شمسك بدل نعبدك والعياذ بالله.
وهذه بعض النقول كنت جمعتها لبعض الإخوة تتعلق بموضوع الاعتناء بتشديدات الفاتحة وأقوال الفقهاء رضي الله عنهم
========================================
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين
هذه بعض أقوال أئمة الدين من السادة الفقهاء التي يسر الله لي نقلها إليكم، وفيها التأكيد على مراعاة جميع التشديدات في سورة الفاتحة على وجه الخصوص.
============================
قال السادة الشافعية
كما في الكتاب الأم للشافعي ج1/ص107
قال الشَّافِعِيُّ وَإِنْ تَرَكَ من أُمِّ الْقُرْآنِ حَرْفًا وَاحِدًا نَاسِيًا أو سَاهِيًا لم يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ لِأَنَّ من تَرَكَ منها حَرْفًا لَا يُقَالُ له قَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ على الْكَمَالِ
وفي مختصر المزني ص18
قال (أي الشافعي) فإن ترك من أم القرآن حرفا وهو في الركعة رجع إليه وأتمها وإن لم يذكر حتى خرج من الصلاة وتطاول ذلك أعاد باب طول القراءة وقصرها
في الحاوي الكبير للإمام الماوردي ج2/ص235
فأما تشديد آيات الفاتحة فهي أربع عشرة تشديدة فإن ترك التشديد لم يجز لأن الحروف المشددة تقوم مقام حرفين فإذا ترك التشديد صار كأنه قد ترك حرفاً فلذلك لم يجز فإن حكي عن الشافعي غير هذا فليس بصحيح
مسألة
قال فإن ترك من أم القرآن حرفاً وهو في الركعة رجع إليه وأتمها وإن لم يذكر حتى خرج من الصلاة وتطاول ذلك أعاد قال الماوردي وقد مضيت هذه المسألة واستوفينا الكلام واستوفينا فروعها
وفي الوسيط للإمام الغزالي ت 505 هـ ج2/ص115
كل حرف من الفاتحة ركن فلو ترك تشديدا فهو ترك حرف ولو أبدل حرفا بحرف لم يجز
وقال أبو شجاع ت 592 هـ في تقويم النظر ص285
نص الشافعي رضي الله عنه على أنه من ترك حرفا في فاتحة الكتاب متعمدا بطلت صلاته هذه مقدمة ولا خلاف أن الحرف المشدد بحرفين هذه مقدمة تنتج أن من خفف حرفا مشددا عمدا بطلت صلاته
ولذلك أثبتنا فاتحة الكتاب وفيها 14 تشديدة أعلمنا عليها
منهاج الطالبين للإمام النووي ص10
وتتعين الفاتحة كل ركعة لا ركعة مسبوق والبسملة منها وتشديداتها ولو أبدل ضادا بظاء لم تصح في الأصح
وقال في ص17
ولا (يصح الإئتمام ) بمن تلزمه إعادة كمقيم تيمم ولا قارىء بأمي في الجديد وهو من يخل بحرف أو تشديدة من الفاتحة ومنه أرت يدغم في غير موضعه وألثغ يبدل حرفا بحرف وتصح بمثله
وفي الأذكار للإمام النووي ص38
وتجب قراءة جميع الفاتحة بتشديداتها وهي أربع عشر تشديدة ثلاث في البسملة والباقي بعدها فإن أخل بتشديدة واحدة بطلت قراءته
وقال في روضة الطالبين للنووي ج1/ص242
فرع تجب قراءة الفاتحة بجميع حروفها وتشديداتها
فلو أسقط منها حرفا أو خفف مشددا أو أبدل حرفا بحرف لم تصح قراءته
وفي المجموع للنووي ج3/ص347
تجب قراءة الفاتحة في وهن أربع عشرة تشديدة في البسملة منهن ثلاث فلو أسقط حرفا منها أو خفف مشددا أو أبدل حرفا بحرف مع صحة لسانه لم تصح قراءته
وقال ابن حجر الهيتمي في المنهج القويم ج1/ص178
والتشديدات التي فيها وهي أربع عشرة منها لأنها هيئات لحروفها المشددة فوجوبها لهيئاتها فإن خفف مشددا بطلت قراءته بل قد يكفر به في إياك أن نعلم وتعمد لأنه بالتخفيف ضوء الشمس وإن شدد مخففا أساء ولم تبطل صلاته
وفي حاشية الرملي ج1/ص150
قوله لو خفف حرفا مشددا من الفاتحة إلخ في الحاوي والبحر لو ترك الشدة من إياك فإن تعمد وعرف معناه كفر لأن إياك ضوء الشمس وإن كان ناسيا أو جاهلا سجد للسهو
وفي الإقناع للشربيني ج1/ص134
ويجب رعاية تشديداتها الأربع عشرة منها ثلاث في البسملة فلو خفف منها تشديدة بطلت قراءة تلك الكلمة لتغييره النظم ولو شدد المخفف أساء وأجزأه كما قاله الماوردي
==================================
أما أقوال السادة فقهاء الحنابلة:(وتنبه إلى عدم عدهم للبسملة كآية)
فقد قال ابن قدامة (620 هـ) في الكافي في فقه ابن حنبل ج1/ص131
ويأتي فيها بإحدى عشرة تشديدة فإن أخل بحرف منها أو بشدة لم تصح لأنه لم يقرأها كلها والشدة أقيمت مقام حرف وإن خففت الشدة صح لأنه كالنطق به مع العجلة
قال محمد بن مفلح (ت 762 هـ) في الفروع ج1/ص365
وفي الْفَاتِحَةِ إحْدَى عشر تَشْدِيدَةً فَلَوْ تَرَكَ وَاحِدَةً ابْتَدَأَ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ لِأَنَّهُ صِفَةٌ في الْكَلِمَةِ يَبْقَى مَعْنَاهَا بِدُونِهِ كَالْحَرَكَةِ وَيُقَالُ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ
وقال إبراهيم ابن مفلح ت 884 هـ في المبدع ج1/ص437
وفيها إحدى عشرة تشديدة فإن ترك ترتيبها أو تشديدة منها أو قطعها بذكر كثير أو سكوت طويل لزمه استئنافها بعض العلماء أن الفاتحة تتعين في ركعة ويأتي حكم المأموم في قراءتها
.. وفيها إحدى عشرة تشديدة بغير خلاف وهذا على المذهب وعلى أن البسملة آية منها فيصير فيها أربعة عشرة تشديدة لأن فيها ثلاثة ويلزمه أن يأتي بقراءتها مرتبة مشددة غير ملحون فيها لحنا يحيل المعنى مثل كسر كاف إياك أو ضم تاء أنعمت أو فتح همزة الوصل في اهدنا فإن ترك ترتيبها أو تشديدة منها أو قطعها بذكر كثير أو سكوت طويل لزمه استئنافها
وفي كشاف القناع ج1/ص336
ثم يقرأ الفاتحة مرتبة متوالية مشددة أي بتشديداته ..
وفيها أي الفاتحة إحدى عشرة تشديدة وذلك في لله ورب والرحمن والرحيم والدين وإياك وإياك والصراط والذين وفي الضالين ثنتان وأما البسملة ففيها ثلاث تشديدات فإن ترك ترتيبها أي الفاتحة بأن قدم بعض الآيات على بعض لم يعتد بها لأن ترتيبها شرط صحة قراءتها فإن من نكسها لا يسمى قارئا لها عرفا وقال في الشرح عن القاضي وإن قدم آية منها في غير موضعها عمدا أبطلها وإن كان غلطا رجع فأتمها أو ترك حرفا منها أي الفاتحة لم يعتد بها لأنه لم يقرأها وإنما قرأ بعضها أو ترك تشديدة منها لم يعتد بها لأن التشديدة بمنزلة حرف فإن الحرف المشدد قائم مقام حرفين فإذا أخل بها فقد أخل بحرف قال في شرح الفروع وهذا إذا فات محلها وبعد عنه بحيث يخل بالموالاة أما لو كان قريبا منه فأعاد الكلمة أجزأه ذلك لأنه يكون بمثابة من نطق بها على غير الصواب فيأتي بها على وجه الصواب قال وهذا كله يقتضي عدم بطلان صلاته ومقتضى ذلك أن يكون ترك التشديدة سهوا أو خطأ أما لو تركها عمدا فقاعدة المذهب تقتضي بطلان صلاته إن انتقل عن محلها كغيرها من الأركان فأما ما دام في محلها وهو حرفها لم تبطل صلاته اه وفيه نظر فإن الفاتحة ركن واحد محله القيام لأن كل حرف ركن تتمة إذا أظهر المدغم مثل أن يظهر لام الرحمن فصلاته صحيحة لأنه إنما ترك الإدغام وهو لحن لا يحيل المعنى ذكره في الشرح
==================================
أما السادة فقهاء الأحناف
فقد قال الشيخ عمر الغزنوي الحنفي (ت 773 هـ) في الغرة المنيفة ج1/ص201
مذهبهم من ترك تشديدة من الفاتحة لا تجوز صلاته وذلك يعسر على أكثر العوام فلا تجوز صلاة القراء خلفهم ولا يجوز للعامة إلا بتقليد أبي حنيفة رضي الله عنه في جواز الصلاة بما تيسر من القرآن
وفي حاشية ابن عابدين ج1/ص631
قوله أو تخفيف مشدد قال في البزازية إن لم يغير المعنى نحو وقتلوا تقتيلا الأحزاب 61 لا يفسد وإن غير نحو برب الناس الناس 1 وظللنا عليهم الغمام الأعراف 160 إن النفس لأمارة بالسوء يوسف 53 واختلفوا والعامة على أنه يفسد ا ه
وفي الفتح عامة المشايخ على أن ترك المد والتشديد كالخطإ في الإعراب فلذا قال كثير بالفساد في تخفيف رب العالمين و إياك نعبد لأن إيا مخففا الشمس والأصح لا يفسد وهو لغة قليلة في إيا المشددة
وعلى قول المتأخرين لا يحتاج إلى هذا وبناء على هذا أفسدوها بمد همزة أكبر على ما تقدم ا ه
قوله وعكسه قال في شرح المنية وحكم تشديد المخفف كحكم عكسه في الخلاف والتفصيل فلو قرأ أفعيينا بالتشديد أو اهدنا الصراط بإظهار اللام لا تفسد ا ه
أقول وجزم في البزازية بالفساد إذا شدد فأولئك هم العادون
============================================
ملحق من أمهات كتب اللغة في معنى إيا بالتخفيف:
قال الفيروزبادي في القاموس المحيط ج1/ص1739
وإيا الشمس بالكسر والقصر وبالفتح والمد وإياتها بالكسر والفتح نورها وحسنها
جزى الله خيراً الدكتور أنمار على تلك النقولات المفيدة .
ولكن لي رأي حول نقل الدكتور لآراء علماء الحديث في عمرو بن فائد ، فأرى أنها لا تعتبر جرحاً من حيث هو قارئ من القراء ، بل هو جرح من حيث هو راوٍ من رواة الحديث .
لأننا لو طبقنا أقوالهم على بعض القراء كالإمام حفص لوجدنا مثل هذا الجرح يصدق عليه أيضاً ، فالكلام على القراء تعديلاً وتجريحاً يرجع فيه إلى كتب القراءات وكتب رجال القراءات .
أكرر الشكر للدكتور أنمار والإخوة المشاركين ، وتقبل الله منا صالح الأعمال ، وبلغنا رمضان ورزقنا صيامه وقيامه .