بسم1
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [المائدة:73]
أخي الفاضل الاستاذ محمد وفقه الله
ملحظ جميل يستحث القارئ على التدبر بالفعل ، نعم إن قوله تعالى (
مِنْهُمْ ) تفيد التبعيض ، ولكن ممَّنْ؟ .
أول الآية قرر الحق جل وعلا كفر القائلين بأن الله جل وعلا ثالث ثلاثة ، ثم أنذر فقال (
وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ) فالتبعيض يعود على من لم يتعظ وينتهي عن هذا القول وهم داخلون في جملة أصحاب القول بالتثليث ، فكان تقديرها أنَّ منِ انتهى عَن هذا القول فقد انتفى عنه الوصف بالكفر أما من بقي على قوله ورفض الانصياع للنهي عن هذا القول فليمسنَّ الذين كفروا ممن وصلتهم النذارة -فلم يتعظوا - عذابٌ أليم.
وهناك تبعيض في مثال مشابه في القرآن الكريم ، فالله جل جلاله يقول :
{
إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ } [المائدة:110]
أي بعضٌ مِن بني إسرائيل ممن شاهد البينات وحضر المعجزات وإحياء الموتى بإذن الله فكفروا ولم يلتحقوا بمن آمن واذعن واتبع ، فأصروا على كفرهم ووصفوا هذه المعجزات بأنها سحر مبين ، وفي ذلك إشارة بأن تلك المعجزات استدعت الإيمان في قلوب بني إسرائيل إلا بعضاً منهم ، برغم أننا نشعر بأن تلك المعجزات لم يكن لها اثر في تحقيق الإيمان في قلوب بني إسرائيل ، ولكن صريح الآية يحمل دلالة على تأثر جمع منهم بما رأوا من قدرة الله على يد نبيه عيسى عليه السلام فآمنوا ، وفريق كذب واستكبر.
هذا والله أعلى وأعلم وصلى اللهم على محمد.