هل تصلح الهرمنيوطيقا نهجًا لتفسير القرآن؟!

إنضم
21/03/2013
المشاركات
562
مستوى التفاعل
5
النقاط
18
الإقامة
....
هل تصلح الهرمنيوطيقا لتفسير القرآن؟!
يتنازع القرآن غربيًا منهجيات مختلفة متباينة، وكل يدعي وصلًا بالقرآن، ولا يقر لهم القرآن بذلك، وحتى يكون كلامنا منهجيًا وثرثرتنا فاعلة متفاعلة يُقتصر الحديث على الهرمنيوطيقا باعتبارها اتجاه فلسفي تحليلي نشأ في أحضان اللاهوت المسيحي، لتفسير النص الديني.
واستخدمت الهرمنطيقيا في البداية بمعنى "التأويل" ضمن حدود المقدس، وتنسب ل"هرمس" الإله الرسول الذي كان يعبر المسافة بين تفكير الآلهة وتفكير البشر في الأساطير اليونانية، واعتبر هرمس أيضًا مترجم، وكاذب، ولص ومحتال، فتطور الاستعمال الشائع للكلمة بمعنى التأويل ليشير إلى عملية تفسير ديني.
ثم تطور المصطلح باعتباره- مصطلح علمي- تأثر بدلالات جديدة، وتحقق ذلك التأثر تبعاً لتطور الحقل المعرفي الذي ينتمي إليه المصطلح، مما يجعل الهرمنيوطيقا تتسع لحمل مضامين لم تكن مثارة من قبل.
وما شهده مصطلح الهرمنيوطيقا على وجه الخصوص من تطور كبير في الدلالة يستوجب نظرة خاصة، تتجاوز المعنى الحرفي والدلالة الشكلية للكلمة؛ وذلك لأن الهرمنيوطيقا في دلالتها الأولى لا تتجاوز الوصف المرحلي للمصطلح، وهي دلالة بالتأكيد ذات معنى محدود، تكتسب وجودها الاصطلاحي من خلال ارتباطها المنهجي مع غيرها من المصطلحات في الدائرة المعرفية الواحدة.
كل منهج رهين لأيديولوجيته التي أنتجته، ودعمته، وروجته....
هل تصلح الهرمنيوطيقا نهجًا لتفسير القرآن؟!
 
لا حاجة إليها في تفسير القرآن الكريم.
وقد كان التأويل الفاسد عند بعض الفرق الإسلامية سبباً في تحريف معاني القرآن الكريم.
يُنظر أسباب الخطأ في التفسيرلطاهر محمود يعقوب.
 
يقول :
لا حاجة إليها في تفسير القرآن الكريم.
وأقول : الهرمنيوطيقا هو من المناهج الرئيسة من عصر اليونان عبر القرون الوسطى حتى اليوم في سبيل إلى البحث والمعرفة للنص بفروعه التنوعة ، وذلك ستعلق بالبحوث في النصوص الواردة المكتوبة . ... جميع النصوص....
 
التحريف قد يكون في المعنى كما هو في المبنى!
ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا.
لاحاجة لنا في أن نتابع خطى اليهود والنصارى في تعاملهم مع كتبهم وإن كان عليه الصلاة والسلام قد أشار إلى أن هذه الأمة ستتبع اليهود والنصارى حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب . الأسلم مخالفتهم بل هو المأمور به .
 
الهرمنيوطيقا الكلاسيكية وما فعلته بالكتاب المقدس؟!


كنت أتناقش مع صديقي البروفيسور فيركلر حول كتابه المثير الهرمنيوطيقا: مبادئ وتطبيقات ...
الأليغورية allegorism
الألغورية استخدمت كأنموذج لتفسير الكتاب المقدس، منهجية تم تطويرها من قبل الإغريق في القرن الذي عاش فيه المسيح على الأرض، كان للإغريق عديد من الأساطير حول مختلف آلهتهم، أحيانًا صورت الآلهة في هذه الأساطير كما لو تفعل أشياء قاسية جدًا أو أنانية، من أجل تجنب المعنى الحرفي لبعض هذه القصص، تعاملوا مع هذه القصص بطريقة رمزية بدلًا من اعتبارها قصصًا صحيحة حرفيًا، واقترحوا أنه يمكن أن يعطوا لهذه القصص تنميطًا ألغوريًا (يمكن أن يعطى معاني جديدة لهذه القصص) ثم بعد ذلك شرعوا في تطوير سلسلة من التفسيرات المجازية التي تجعل مثل هذه القصص مقبولة لتفكيرهم المعاصر.
ولأن قادة الكنيسة تأثروا في وقت مبكر بالثقافة الأسطورية المحيطة حولهم، بدئوا باستخدام تفسير استعاري لقصص توراتية معينة، أو كلما مروا بشيء اختلفوا معه، في كثير من الأحيان تقدم الناس المختلفة تفسيرات مجازية مختلفة لنفس النص، وكل منهم يرتكز على إبداعه، وليس على ما يقوله النص في الواقع، استخدمت الأليغورية وعلى نطاق واسع من قبل المترجمين الفوريين للكتاب المقدس وحتى 1500سنة.
هل وضحت المعنى الحقيقي لنص الكتاب أم انحرفت به بعيدًا؟
واليهود كانوا أفظع من ذلك، معهم نبيهم موسى، تجاوز بهم البحر في معجزة كبرى قالوا له: (قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ) .. (سورة الأعراف الآية 138)


هل تأثر الصحابة رضوان الله عليهم بالثقافة الجاهلية المحيطة بالبيئة من حولهم، وطلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم شُئيئًا جاهليًا أو استخدموا تفاسير استعارية ولو لشطر آية من القرآن؟
 
يقول: الهرمنيوطيقا هو من المناهج الرئيسة من عصر اليونان عبر القرون الوسطى حتى اليوم في سبيل إلى البحث والمعرفة للنص بفروعه التنوعة ، وذلك ستعلق بالبحوث في النصوص الواردة المكتوبة . ... جميع النصوص....
هل هذا التعريف كاف شاف للهرمنيوطيقا يا سيد موراني؟!
 
"الهرمنيوطيقا herméneutique " ترجع في الثقافة الغربية الى جذور وثنية تتصل بما كان يسميه اليونان بـ"الاله هرميس" الذي يرجعون اليه في أساطيرهم تزويد البشر باللغة والحذق باعتبارهما وسيلتا الفهم والعلم، واليونان هؤلاء أمة عاشت في ضلال وظلمة وثنية بدائية،فكان عندهم من الأصنام:أبولو (اله الفنون) وأريس (اله الحرب)وهرميس و...و زيوس (ملك الآلهة).
فلما كان عصر "فلسفة الأنوار" الأوربية،اراد الأوربيون أن يتحرروا من قيود وأغلال الكنائس ورجالها فاتخذوا لذلك سبلا تتمثل في اخضاع نصوصهم الدينية لأنواع من التأويلات فاستدعوا لذلك الهرمنيوطيقا ثم فلسفة الظواهر phénoménology ثم النزعة التاريخية ثم السيميوطيقا...الى آخر هذا السديم العبثي...للتخلص مما يسمونه (تعاليم)المسيحية المتمسكة بحرفية "الكتاب المقدس"بزعمهم.
وللعلم فان الهرمنيوطيقا وغيرها في دولة غربية كفرنسا لا تطبق على النصوص المسيحية الا في الحلقات الدراسية اللائكية...أما في المؤسسات التابعة للكنيسة الكاثوليكية فلا يسلم لهذه المناهج في دراسة النصوص الدينية...
انه صراع "التأويل interprétation"بين العلمانيين واللائكيين الذين يريدون رد فهم المسيحية الى أصول وثنية يونانية للتخلص من التعاليم والوصايا،وبين سدنة المسيحية القديمة ممن يدافعون عن (الفهم الحرفي) للأناجيل biblical literalism ...هذا وقد أدى تعدد مناهج فهم الدين المسيحي تبعا لهذا التصور الى ظهور مئات الطوائف الدينية المسيحية ومئات الكنائس المستقلة اليوم التي لا يجمعها شيء.
 
لدي بعض الملاحظات على هذا الكلام:
1- "القرآن غربيًا منهجيات مختلفة متباينة، وكل يدعي وصلًا بالقرآن، ولا يقر لهم القرآن بذلك"..
كيف لا يقر لهم القرآن بذلك؟ هل فرض القرآن منهجية لقراءته، ومنع كل خلاف لها؟
2- لماذا اعتماد الرفض المطلق لمناهج قابلة للأخذ والترك منها، بل هي أقرب للأطر الفكرية العامة التي تقبل التحوير والتعديل والإضافة؟
3- أليس من الأفضل، بدل الأحكام التعميمية والإطلاقية بفساد المنهج، أن نعطي أمثلة عملية لذلك، ونناقشه؟ أليس الأولى مثلا أن نأخذ مثلا لسورة من القرآن، أو لقضية ما أو موضوع ما في القرآن، ونرى كيف تم تطبيق هذا المنهج في فهمه، ثم مناقشة ذلك، وبيان الأخطاء المرتكبة؟
هذا الملتقى يفترض أن يكون ملتقى للأكاديمين بالأساس.. والمنهجية الأكاديمية تفترض أن يكون الكلام دقيقا وعمليا، بالأمثلة والمقالات والبحوث والكتب، وليس بمجرد إطلاق الأحكام التعميمية.
مع خالص التحية.
 
ما أتحفنا به سيد موراني قديم جدًا
مفاده ربط يجمع الهرمنيوطيقا يهوديًا وإسلاميًا مع ترجيح كفة الأول تلميحًا وتصريحًا
وهذا الربط في عضويته نصر أبو زيد وعبد القادر توليب
قديم جدًا واستجاباته واهية وضعيفة ونكرة ومنكره
هناك الأحدث الأجدر بالمطالعة والمتابعة للفحص والمراجعة...
وفي البيئة الألمانية وليس منك ببعيد..........
 
«ما هكذا تورد يا بن جماعة الإبل»
موضوع عويص عميق
بحاجة لتمهيد وتمهيد وتمهيد ينطبق عليه كل ما طالبت بالالتزام به
«سَتُبْدِي لَكَ الأَيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِلا وَيَأْتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ»
 
ومن أدراك أني جاهل بالموضوع؟ :)
أنا طلبت فقط إعطاء أمثلة والنقاش حولها، بدل الأحكام الإطلاقية التي لا تفيد علميا.
 
لعلي أكثر منك جهلًا
الاختزال الذي طرحته في هذا السؤال
2- لماذا اعتماد الرفض المطلق لمناهج قابلة للأخذ والترك منها، بل هي أقرب للأطر الفكرية العامة التي تقبل التحوير والتعديل والإضافة؟
 
"... المنهجية الأكاديمية تفترض أن يكون الكلام دقيقا وعمليا، بالأمثلة والمقالات والبحوث والكتب، وليس بمجرد إطلاق الأحكام التعميمية...."

أخي المكرم محمد بن جماعة:
الأمثلة والكتب والبحوث موجودة منذ قريب من 50 سنة...ها هي بواكيرها:
في أوائل الستينيات كانت أطروحة حسن حنفي للدكتوراه في جامعة باريس الرابعة في هذا الموضوع وقد طبع القسم الثاني منها في باريس عام 1966م تحت عنوان:
"la phénoménologie de l exege:essai d une herméneutique existentielle a partir du nouveau testament "
والأطروحة أنجزت باشراف روبير برونشفيج تـ1991م،وفيها انطلق حنفي من تطبيقات هذا المنهج على الأناجيل وسعى لنقله الى مجال فهم القرآن قبل خمسين سنة كما أسلفت.
وفي سنة 1981م نشر حنفي ملخصا وجيزا لما قدمه في أطروحته بالعربية ضمن كتابه "التراث والتجديد"فصل (اعادة بناء العلوم) مبحث (نظرية في التفسير)...
بعد ذلك شهدت الجامعات الفرنسية خاصة باريس 3 و4 تقديم رسائل أخرى يمكن للمتتبع الوقوف عليها...وان كان ذلك مضيعة للعمر الذي يحاسب المرء فيما أنفقه وأبلاه...نسأل الله التجاوز.
 
كل أمر مصبوغ بالأكاديمية يفيد بدقته وعمقه ومنهجيته في عرض الفكرة، أو الاستدلال عليها أو نقدها.
 
لا أراها إلا السنن ! ومن قبيل اجعل لنا آلهة كما لهم آلهة!

على كل سأنقل كلام الأستاذ الخراشي، لعل فيها فائدة .
====================

[TABLE="width: 98%"]
[TR]
[TD]
نصر حامد أبو زيد ... و ( الهرمنيوطيقا ) ..!
[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD][/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]سليمان بن صالح الخراشي[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]
هذه حلقة جديدة من حلقات " نظرات شرعية في فكرٍ منحرف " تتناول الدكتور نصر حامد أبوزيد ، أحد المفكرين المعاصرين ؛ من الذين جل بضاعتهم نقل ماعند الغرب من نظريات سلطوها على دينهم المحرف فهمشوه بها ؛ فأراد بنو جلدتنا من أمثال أبوزيد تطبيقها بالمثل على خاتم الأديان . ولكن : هيهات لهم ؛ فالله حافظ دينه ، ولكن المنافقين لا يفقهون .

ترجمته : من مواليد 1/7/1943م ، طنطا – محافظة الغربية ، حاصل على دكتوراه من قسم اللغة العربية وآدابها ، كلية الآداب ، جامعة القاهرة ، في الدراسات الإسلامية 1972 ، عين سنة 1995 أستاذًا بقسم اللغة العربية وآدابها نفس الكلية .

تلقى في سنة 1975 - 1977 منحة من مؤسسة فورد (!) للدراسة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة ، وفي سنة 1978 - 1979 منحة من مركز دراسات الشرق الأوسط ، جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية ، ومن سنة 1985 - 1989 عين في اليابان ، جامعة أوساكا للغات الأجنبية كأستاذ زائر ، أما في سنة 1195 وحتى هذه الساعة فيعمل كأستاذ زائر ( أستاذ دكتور ) في جامعة ليدن بهولندا . من مؤلفاته : " الإمام الشافعي وتأسيس الإيدلوجية الوسطية " ، " نقد الخطاب الديني " ، " البحث عن أقنعة الإرهاب " ، " التراث بين الاستخدام النفعي والقراءة العلمية " ، " إهدار السياق في تأويلات الخطاب الديني " ، " مفهوم النص " ، " التفكير في زمن التكفير " ، " إشكاليات القراءة وآليات التأويل " .

رد عليه كثيرون : منهم : الأستاذ محمد جلال كشك في " قراءة في فكر التبعية " ، وعبدالصبور شاهين في " قصة أبوزيد وانحسار العلمانية في جامعة القاهرة " ، و الدكتور رفعت عبدالمطلب في " نقض كتاب نصر أبوزيد ودحض شبهاته " ، والدكتور سيد العفاني في " أعلام وأقزام " ، والدكتور محمد سالم أبوعاصي في رسالته " مقالتان في التأويل - معالم في المنهج ورصد للإنحراف " ، و الدكتور عواد العنزي في رسالته " المعاد الأخروي وشبهات العلمانيين " - لم تُطبع بعد - .. وغيرهم . ومن أفضل من رد عليه وكشف حقيقة أفكاره : الأستاذ طارق منينه في رسالته " أقطاب العلمانية في العالم العربي والإسلامي " ، ومنه ألخص الآتي لأهميته مع إضافات :

فكرته : نادى أبوزيد بإخضاع القرآن لنظرية غربية مادية تنكر الخالق وتؤول الوحي الإلهي على أنه إفراز بيئوي أسطوري ، ناتج عن المعرفي التاريخي الغارق في الأسطورة .

اسم هذه النظرية « الهرمنيوطيقا » ، و « مصطلح الهرمنيوطيقا » مصطلح قديم بدأ استعماله في دوائر الدراسات اللاهوتية ليشير إلى مجموعة القواعد والمعايير التي يجب أن يتبعها المفسر لفهم النص الديني « الكتاب المقدس » .. يشير المصطلح إلى « نظرية التفسير » ويعود قدم المصطلح للدلالة على هذا المعنى إلى عام 1654م وما زال مستمرًا حتى اليوم خاصة في الأوساط البروتستانتية . وقد اتسع مفهوم المصطلح في تطبيقاته الحديثة ، وانتقل من مجال علم اللاهوت إلى دوائر أكثر اتسـاعًا تشمل كافة العلوم الإنسانية ؛ كالتاريخ وعلم الاجتماع والأنثروبولوجى وفلسفة الجمال والنقد الأدبي والفلوكلور.

والقضية الأساسية التي تتناولها « الهرمنيوطيقا » بالدرس هي معضلة تفسير النص بشكل عام ، سواء كان هذا النص نصًا تاريخيًا ، أم نصـًا دينيًا .

من علماء « الهرمنيوطيقا » المفكر الألمانى شلير ماخر ( 1843م ) و « ويلهلم ديلش » ( 1833م – 1911 ) و « مارتن هيدجر » و « جادامر » . يقول نصر أبو زيد : « وتعد الهرمنيوطيقا الجدلية عند جادامر بعد تعديلها من خلال منظور جدلي مادي ، نقطة بدء أصيلة للنظر إلى علاقة المفسر بالنص لا في النصوص الأدبية ونظرية الأدب فحسب ، بل في إعادة النظر في تراثنا الديني حول تفسير القرآن منذ أقدم عصوره وحتى الآن » ، إشكاليات القراءة وآليات التأويل لنصر حامد أبو زيد ص49 ، وما قبلها .

يقول الدكتور عبدالوهاب المسيري عن الهرمنيوطيقا : " هي مشتقة من الكلمة اليونانية "Hermeneuin" بمعني يُفسِّر أو يوضِّح - من علم اللاهوت - حيث كان يقصد بها ذلك الجزء من الدراسات اللاهوتية المعني بتأويل النصوص الدينية بطريقة خيالية ورمزية تبعد عن المعنى الحرفي المباشر، وتحاول اكتشاف المعاني الحقيقية والخفية وراء النصوص المقدسة " - كما تزعم -

( للزيادة عن الهرمنيوطيقا يُنظر : " مدخل إلى الهرمنيوطيقا : نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر " للأستاذ عادل مصطفى . وللفائدة فإن مفكري وفلاسفة الشيعة يحتفون كثيرًا بهذه الفكرة التي تخدم باطنيتهم وتأويلاتهم ! ؛ ولهم أبحاث كثيرة عنها ) .

لقد طالب أبوزيد بالتحرر من سلطـة « النصوص » وأولهـا « القرآن الكريم » الذي قال عنه : « القرآن هو النص الأول والمركزي في الثقافة »(1) . « لقد صار القرآن هو « نص » بألف ولام العهد »(2) « هو النص المهيمن والمسيطر في الثقافة »(3) « فالنص نفسه - القرآن - يؤسس ذاته دينًا وتراثًا في الوقت نفسه »(4) .

وقال مطالبًا بالتحرر من هيمنة القرآن : « وقد آن أوان المراجعة والانتقال إلى مرحلة التحرر لا من سلطة النصوص وحدها ، بل من كل سلطة تعوق مسيرة الإنسان في عالمنا ، علينا أن نقوم بهذا الآن وفورًا قبل أن يجرفنا الطوفان »(5) .

وهو نفسه ما فعلته أوروبا مع « الوحي » و « الدين » باعتبارهما إنتاج مجتمعات قديمة وبيئات ثقافية متخلفة ، وينقل « نصر أبو زيد » المعركة مع « الوحي » إلى ساحة العالم الإسلامي فيقول : « بأن النص في حقيقته وجوهره منتج ثقافي »(6) ! .

ويقول « إن القول بأن النص منتج ثقافي يكون في هذه الحالة قضية بديهية لا تحتاج إلى إثبات »(7) .

سوف نستدعى دكتورًا علمانيًا يشترك مع د. نصر في « الإلحاد المشترك » هو د. على حرب ، وفقط سندعه يعلق على موقف د. نصر في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ « العلمانية » في عالمنا العربي والإسلامي ، سندعه يوضح لنا هدف د. نصر حامد أبو زيد . يقول حرب : « يستهدف أبو زيد ، بالنقد والتحليل ، خطاب الوحي ، بجعله مادة لمعرفة نقدية عقلانية ، شأنه بذلك شأن أي خطاب بشرى وأي إنتاج معرفي .. مستلهمًا موقف طه حسين الذي اعتبره أبو زيد الفدائي الأول في مقاومته للنظرة التقديسية إلى النصوص الدينية »(8) .

ويعلق على كتابه « مفهوم النص » بالقول : « كان أولى به أن يسمي هذا الكتاب « نقد النص » إذ هو يتناول فيه القرآن وعلومه تناولاً تحليليًا نقديًا .. أجل إنها لجرأة بالغة أن يتعامل باحثنا مع النص القرآني
بوصفه « منتجًا ثقافيًا » ، أنتجه واقع بشري تاريخي »(9) !! .

إن د. على حرب نفسه كان قد طالب بالتحرر – أيضًا - من النصوص الدينية ومن وصاية الشريعة ! وهو يحب هذه الجرأة ! و يمدح هذه الطائفة العلمانية الجريئة في نقد الوحي القرآني من أمثال أركون وأبو زيد وأدونيس وغيرهم ويعتبرهم كما ذكر في الكتاب نفسه الذي علق فيه على كلام « نصر أبو زيد » المتقدم : نقاد الوحي والشريعة « أهل التذكرة » وأنهم « ذوى البصيرة ، أي ذوى الألباب »(10) !!

إن مشروع « نصر أبو زيد » ، هو وضع التصورات الماركسية والمضامين المادية الجدلية وتفسيراتها للحياة والكون والإنسان والوحي والنبوة والغيب والعقيدة في المعنى القرآني فيصير القرآن ماركسيًا ينطق باسم ماركس وفلاسفة المادية الجدلية والهرمنيوطيقا ( نظرية تفسير مادية ) فيغير بذلك المفاهيم الرئيسة للقرآن ، ويلغي المعاني الحقيقية للسور والآيات ، ويطمس الحقائق الدينية التي رسخها القرآن وبينتها السنة .

وهو لا يفعل في معركته مع الإسلام وتاريخه وعلمائه المحدثين والقدامى إلا ما يفعله الماركسيون العرب إحياء للموقف اللينيني الذي وظف التراث في الصراع الأيديولوجي ، فلينين – كما يقول جورج طرابيشي – هو أول من دعا إلى التعاطي مع التراث بمنهج البضع والبتر من خلال مناقشاته في مطلع القرن مع الشيوعيون الروس ... فلينين .. لم يكن يهمه من التراث حقيقته التاريخية ، بل قابليته للتوظيف في الصراع الأيديولوجي »(11) .

إنه منهج الإسقاط الأيديولوجي ، الذي يستخدم القرآن للأيديولوجية المسبقة !

يقول طرابيشي [ العلماني ] : « منهج الإسقاط الأيديولوجي يتنطع أكثر من الفهم أو عدم الفهم ، فهو ينصب نفسه جراحًا يريد إخضاع التراث لعملية جراحية ليستأصل منه ما يعتقد أنه أورامه الخبيثة ، وتراءى لنا ، من وجهة نظر تاريخية ، أن قصب السبق في مداورة المنهج البضعي أو البتري يعود إلى المثقفين والباحثين الملتزمين بالرؤية الماركسية للعالم »(12) .

هذه « خبرة » طرابيشي من داخل الماركسية يقول عن نفسه : « فلقد كان لكاتب هذه السطور ، هو أيضًا طور ماركسي في تطوره الفكري »(13) ! . ولا يعنى ضبط طرابيشي هؤلاء الماركسيين متلبسين بالتلاعب بالتراث أنه معنا داخل الأسوار فهو أولا نصراني ثم ماركسي ثم أخيرًا فرويدي فاحش .

إن « القرآن » عند المستترين بالإسلام من المتلاعبين بالنصوص من فئة العلمانيين الذين اتخذت طريق الهدم من الداخل وسيلة لتهديم المجتمع الإسلامي ومقدساته الإسلامية إن « القرآن » عندهم « قالب وإناء » « فارغ » ، لاينطق بما أنزل به من عند الله على محمد – صلى الله عليه وسلم - رسول الله وخاتم النبيين وإنما ينطق بأيديولوجياتهم المسبقة ، فهم يحاولون أن يجعلوه بحسب هذه الأيديولوجيات الحديثة ناطقًا رسميًا لهم وحسب ! يقول ما يقولونه ويتكلم بما يتكلمون به ، وهو عندهم كما قال « أبو زيد » و « على حرب » ينطق بكل المذاهب والفلسفات ؛ أي أنه ليس له معنى ثابت ، فمن شاء أن يجعله وجوديًا فلا حرج ، وماركسيًا لا مانع ، صهيونيًا ما المشكلة ، وجوديًا ما الاعتراض ، عبثيًا ما الخلل ؟!

هذا هو إعجازه عندهم ، يقول د. على حرب في وقاحة متناهية : « ليس إعجازه إذًا مجرد كونه ينطوي على تشريع أو تسنين ، وإنما كونه ينفتح على كل معنى بحيث يمكن أن تتمرأى فيه كل الذوات ( ! ) وأن تُقرأ فيه مختلف العقائد والشرائع »(14) .

إذن : فأبوزيد يتهم الوحي بأنـه ليس له مصدر سماوي مقدس ، وينفي عنه صفه الفوقية – إن صح التعبير - لأنه عنده خرج من الواقع ورجع إلى الواقع وليس هناك إلا الواقع ! وهو ينص على ذلك في قوله : « فالواقع أولاً والواقع ثانيًا ، والواقع أخيرًا »(15) !! الواقع فقط !!

وهو يظن أنه بهذه الاتهامات يستطيع أن ينزع صفة الوحي الإلهي عن القرآن ، ويظن أنه قد حطم بذلك الأسطورة الدينية وكشف عن حقيقة رموزها – والرموز بزعم الماركسية هي الله – تعالى عن قوله - ، الملائكة ، الجن ، الوحي ، الغيب ، اليوم الآخر ، وما إلى ذلك - إن النص التالي له يكشف لنا عن الأدوات التي يمكنه هو وغيره استخدامها بجانب فلسفة الهرمنيوطيقا في تحليل القرآن ، يقول : « يركز « بول ريكور » اهتمامه على تفسير الرموز ، وهو يفرق بين طريقتين للتعامل مع الرموز، الأولى هي التعامل مع الرمز باعتباره نافذة نطل منها على عالم من المعنى ، والرمز في هذه الحالة وسيط شفاف عما وراءه ( ! ) هذه الطريقة يمثلها « بولتمان » في تحطيمه للأسطورة الدينية في العهد القديم والكشف عن المعاني العقلية التي تكشف عنها هذه الأساطير . وهذه الطريقة يطلق عليها « ريكور » « Dymythologizing » والطريقة الثانية يمثلها كل من « فرويد » و « ماركس » و « نيتشه » وهي التعامل مع الرمز باعتباره حقيقة زائفة لا يجب الوثوق به ، بل يجب إزالتها وصولا إلى المعنى المختبئ وراءها Dymystification إن الرمز في هذه الحالة لا يشف عن المعنى ، بل يخفيه ويطرح بدلاً منه معنى زائفًا ، ومهمة التفسير هي إزالة المعنى الزائف السطحي وصولاً إلى المعنى الصحيح . لقد شككنا فرويد في الوعي باعتباره مستوى سطحيًا يخفي وراءه اللاوعي ، وفسر كل من ماركس ونيتشه(*) الحقيقة الظاهرة باعتبارها زائفة ووضعا نسقًا من الفكر يقضى عليها ويكشف زيفها ، وإذا كان تفسير الرموز عند بولتمان أو فرويد أو نيتشه أو ماركس ينصب على الرموز بمعناها العام اللغوي والاجتماعي فإن تعريف ريكور للرمز معبرًا عنه باللغة ، ومن ثم ينصب التفسير عنده على تفسير الرموز في النصوص اللغوية ، وهذه هي غاية الهرمنيوطيقا »(16) !! .

إذن فغاية الهرمنيوطيقا - التي هي نظرية في التفسير غربية المبنى والمعنى - تحطيم الأسطورة الدينية ، والرمز لا يعنى شيئًا قط ، وإنما هو وسيط شفاف - أو حقيقة زائفة - ينم عما وراءه من موروثات لغوية بيئية معرفية تاريخية أسطورية !

ينقل « نصر أبو زيد » هذه النظرية ، ليقوم بنفس الغاية التي توصل إليها هؤلاء الملاحدة مع الكتب اليهودية والمسيحية ، وبدل أن يكتفوا بإظهار أساطير القوم ، الأساطير التي أظهرها الإسلام من قبلهم ! ، أقبل نيتشه مثلاً وأعلن « أن الله قد مات » ! وقال ماركس بأن الحياة مادة ولا إله ! وغير ذلك من خرافات وترهات الماديين الماركسيين . وبهذه الأدوات حاول « أبو زيـد » أن يتعـامل مع « القرآن » وبهـذه العيون الغربيـة التي كلما وجدت - أو قرأت أو سمعت ! – اسم الله اشمأزت منه ، اشمأزت منه قلوب الذين كفروا ، واعتبرته رمزًا لا يقول شيئًا ولا يعنى شيئًا إنما هو حقيقة زائفة أو نافدة نطل منها على معان مناقضة لحقيقتها تمامًا !

بهذه الموازين المـادية التي تنفي وجـود الله وتلغي عالم الغيب لصالح عالم الحس انتهج « نصر ابو زيد » طريقًا في تحليل القرآن وتفسيره أي بأفق الماركسية والمادية الجدلية والهرمنيوطيقا الجدلية . بهذه الموازين نظر إلى القرآن وآياته وإلى التفسير والمعاني المستنبطة منه ، ويؤكد على ذلك بقوله : « وتعد الهرمنيوطيقا الجدلية عند جادامر بعد تعديلها من خلال منظور جدلي مادي ، نقطة بدء أصلية للنظر إلى علاقة المفسر بالنص لا في النصوص الأدبية ، ونظرية الأدب فحسب ، بل في إعادة النظر في تراثنا الديني حول تفسير القرآن منذ أقدم عصوره وحتى الآن ؛ لنرى كيف اختلفت الرؤى ( ! ) ، ومدى تاثير كل عصر - من خلال ظروفه - للنص القرآني »(17) .

إنه يجعل هذه الأدوات الإلحادية هي نقطة الانطلاق لتأويلاتها ، فينزع عن القرآن مضمونة باعتبار أن مضمون القرآن أسطوري غيبي ، ويعطيه دلالات ومضامين أخرى يزعم أنها الوعي بالتاريخ والعالم والنصوص !

يقول عن وعيه الجديد إنه : « وعي ينقل الثقافة ، كما نقل المواطن من حالة إلى حالة ، ومن مرحلة « الوعي الديني الغيبي الأسطوري » إلى مرحلة « الوعي العلمي »(18) .

وهو هنا يعطي للنظرية المادية التي تنكر الله سبحانه وتعالى وترفض الوحي ، يعطيها صفة « العلمية » و « الهيمنة » على القرآن ! ويريد أن ينقل الثقافة الإسلامية والحقائق الإسلامية إلى حالة أخرى مغايرة لها تمامًا ، حالة الوعي الماركسي والفرويدي اللعين ، والذي أدى في عالم الغرب إلى فصل الإنسان عن ربه وخالقه ومبدعه في نفس الوقت الذي أنزله إلى مرتبة الحيوان [ دارون ] وحلل نفسيته بأنها حيوان أشد ولوغًا في الجنس من الحيوان .

إن هذا الوعي العلمي المتطرف في حكمه على الدين أدى إلى خلل كبير : « إن التصور الغربي للإنسان يشتمل على خلل أساسيين : الخلل الأول هو اعتبار أن الإنسان هو ذلك الحيوان الدارويني المتطور ، الذي قدمته نظرية دارون في القرن الماضي ، وما تزال تغذيه في كثير من مجالات الدراسة ، والدراسات الاجتماعية بصفة خاصة ، والخلل الثاني هو دراسة الإنسان بمعزل عن خالقه الذي أنشأه وأخرجه إلى الوجود »(19) .

وكان قد ادعى ماركس وفرويد ونيتشه وريكور وجادامر وشليرماخر وبولتمان وغيرهم كثير أن ليس للإنسان في ظل التطورات الفكرية والفلسفية الغربية الحديثة ، ليس له مرجعية خارج حدود نفسه ، أي إقامة الإنسان نفسه مرجعًا بدلاً من الله ، وراحوا ينظرون إلى الوحي الإلهي على أنه أسطورة ، ونقلها نصر حامد أبو زيد معركة ضارية مع القرآن عازلاً عنه مضمونه الحقيقي ومضيفًا إليه مضمونًا ماديًا بحتًا ، ماركسيًا في غايته ، ماديًا في نظرته ، مدعيًا أن ذلك هو التأويل الحقيقي المحترم للقرآن !! وأنه يؤمن بثوابت الإسلام !! تقول بروتوكولات حكماء صهيون : " لاحظوا أن نجاح دارون وماركس ونيتشه قد رتبناه من قبل ، وأن الأثر الأخلاقي لاتجاهات هذه العلوم في الفكر الأممي ( غير اليهودي ) سيكون واضحًا لنا بكل تكيد " ! وليس هناك أوضح من ذلك التأثير غير الأخلاقي الذي جعل نصر أبو زيد يجلب تلك النظريات المادية ومضامينها الإلحادية ليغير بها معاني القرآن وحقائق القرآن وثوابت القرآن : ( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ) .

تطبيقات الهرمنيوطيقا :

نأتي هنا إلى تطبيقاته لهذه الفلسفة على القرآن وإعطاؤه مضامينها المجازية التي تنكر وجود الله وتنفي ما أثبته القرآن من حقائق . فالهدف من الهرمنيوطيقا هو - حسب قوله : « أن يعاد فهم النصوص وتأويلها بنفي المفاهيم التاريخية الاجتماعية الأصلية ( ! ) وإحلال المفاهيم المعاصرة الأكثر إنسانية وتقدمًا ( ! ) ، مع ثبات مضمون النص ( ! ) . إن الألفاظ القديمة لا تزال حية مستعملة لكنها اكتسبت دلالات مجازية »(20) .

قلتُ : كيف يكون ثبات مضمون النص مع تغيير مضمون النص ؟!

وفي النص التالي يقدح في مضمون ما سماه النص ويقدح – ويسخر كذلك - في إيمان العالم الإسلامي المتمسك به – يقول : « بصورة الإله الملك بعرشه وكرسيه وصولجانه ( ! ) ومملكته وجنوده الملائكة وما زال يتمسك بالدرجة نفسها من الحرفية بالشياطين والجن والسجلات التي تدون فيها الأعمال والأخطر من ذلك تمسكه بحرفية صور العقاب والثواب(*) وعذاب القبر ونعيمه ومشاهد القيامة والسير على الصراط ... إلى آخر ذلك كله من تصورات أسطورية »(21) !! .

فهو يحذف وينفي هذا المضمون القرآني وهذه الحقائق القرآنية ويجعلها أسطورية !! وطبعًا لا يستسيغ ما سماه « ظاهرة الوحي » « ظاهرة النص » وفوقيته وثوابته التي نبذها منذ هنيهة ، فقد أنكر هذه « الحقائق » واعتبرها « مزيفة » .

الأدهى من ذلك ، هو أنه ادعى أن أساس « الوحي » ليس هو التنزيل السماوي ، وأنه ليس تبليغ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى الناس « وحيًا من الله » وإنما أساسه هو ما كان يعتقده العربي من إمكانية الاتصال بين البشر والجن - وقد قال بأن هذه الإمكانية أسطورية كما سيأتي بعد قليل ، بالإضافة إلى حضور وبروز ظاهرتي الشعر والكهانة في المعرفي / التاريخي عند العرب وارتباطهما بالجن : « لقد كان ارتباط ظاهرتي ( الشعر والكهانة ) بالجن في العقل العربي وما ارتبط بهما من اعتقاد العربي بإمكانية الاتصال بين البشر والجن هو الأساس الثقافي لظاهرة الوحي الديني ذاتها »(22) !!

كل ذلك عند أبو زيد ظواهر اجتماعية ، أفرزها الواقع وطورتها الكهانة والشعر والوحي ، واخترعتها مخيلة الأساطير !

الوحي عنده هو « ظاهرة » في « الثقافة » والثقافة عنده إفراز ونتائج التطورات المادية والبنى الاقتصادية والاجتماعية !

فـ « ظاهرة النص » و « ظاهرة الوحي » و « ظاهرة النبوة » و « الظاهرة الدينية » – وهى أوصاف نصر أبو زيد - نتاج البيئة ، والنبوة عنده ليست ظاهر فوقية مفارقة(23) وإنما هي فاعلية خلاقة لم تتجاوز الآفاق المعرفية للجماعة التاريخية ، وهى آفاق تحكمها طبيعة البنى الاقتصادية والاجتماعية لهذه الجماعة »(24) .

فظاهرة الوحي - بحسب وصفه للوحي وزعمه عنه - لم تكن غريبة عن الرسول فهو : « كان يعانى دون شك إحساسًا طاغيًا بالإهمال والضياع »(25) ولأنه - بحسب زعم نصر أبو زيد - لم يكن يعزل نفسه عن الواقع ولا عن استخدام إمكانياته وتطويرها لصالحه وما يدعو إليه فقد كرر في النص القرآني ، الذي يبدأ بـ ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) الفعل « خلق » ليعوض عن إحساسه بالإهمال الذي لقيه من المجتمع وليختلق له ربا !!

يقول : « ولا شك أن إحساس محمد الذي تتوجه إليه هذه الرسالة - بأن ربه هو الذي خلق ، يتصاعد بذاته وبقيمته وأهميته ، ويداوي إحساس اليتم والفقر في أعماقه . ولأن محمدًا لا يعزل نفسه من الواقع وعن إنسان مجتمعه فإن النص يكرر الفعل « خلق » كاشفًا لمحمد عن تساؤلاته عن الإنسان »(26) « إن المتحدث إلى محمد بالوحي ليس غريبًا عنه »(27) ! .

فهو هنا يجعل النص من إنتاج محمد – صلى الله عيه وسلم – الذي لا يعزل نفسه عن الواقع ولذلك ، ولسبب إحساسه بالفقر واليتم ، كرر الفعل « خلق » في هذه السورة مرات ليشعر بأن له كفيلاً وعائلاً ووكيلاً .

وليس المتحدث بالوحي إلى محمد – صلى الله عيه وسلم – في فلسفة « نصر أبو زيد » المادية إلا محمد نفسه – صلى الله عيه وسلم – فالوحي ليس غريبًا عنه من هذا الوجه !

وبدلاً من معالجة هذه العزلة وهذا الإحساس باليتم والفقر بالدخول في عالم الكهانة والاتصال بالجن ، فإن محمدًا – صلى الله عيه وسلم – اتخذ وسيلة أخرى للتعبير عن نفسه فيما سمي « الوحي » هكذا يفكر نصر أبو زيد تقليدًا للملاحدة من الغربيين !

وقد طور هذا الوحي الواقع وأعاد صياغته من جديد بما يتلاءم مع ظروف النبي – صلى الله عيه وسلم – ! « إن النصوص وإن تشكلت من خلال الواقع والثقافة تستطيع بآلياتها أن تعيد بناء الواقع ولا تكتفي بمجرد تسجيله أو عكسه عكسًا آليًا مرآويًا بسيطًا »(28) . كل ذلك يتماشى مع فلسفة المادية الجدلية التي تدعى أن الواقع هو منشئ الوعي والدين والأخلاق وليس العكس ؛ وأن الوحي ما هو إلا من خيال الأنبياء ناتج عن ظروف الفقر واليتم والاضطهاد !

أخيرًا : يدعي الدكتور نصر أبو زيد أن : « اعتماد حل المشكلات على مرجعية النصوص الإسلامية من شأنه أن يؤدى إلى إهدار حق المواطن بالنسبة لغير المسلمين »(29) .

- إن فلسفة نصر أبوزيد تنتهج نهج الفكر الغربي في تطوير كل شيئ ؛ حتى عقيدة المسلمين ، وعنده أن تغيير العالم لا يتم حتى ينال التطوير عقائد المسلمين التي نزل بها الروح الأمين جبريل – عليه السلام – وحيًا قرآنيًا .

====================
الهوامش :
( 1 ) النص ، السلطة ، الحقيقة ، ص19
(2-3) مفهوم النص ، ص27
(4) النص ، السلطة ، الحقيقة ، ص16
(5) الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية ص146
(6) مفهوم النص ، ص24
(7) المرجع السابق ويقول « الأوضاع والظروف التي أنتجت النص » نقد الخطاب الديني ، ص145
(8) نقد النص لعلى حرب ، ص201
(9) نقد النص ، ص200
(10) المرجع السابق ، ص24
(11) مذبحـة التراث ، ص11 ، ولينين كان شـديـد الإنكار على اختصـار الطريق بالقفز مباشرة إلى الهدف ! وقد رفض « نظرية الهجوم » التي وضعها الزعماء الشيوعيون الألمان الذين تسببوا في انهيار أكبر وأقوى الأحزاب الشيوعية في العالم أجمع وقتذاك – 24 آذار 1921 كانت بداية النهاية ! – ومن الأحزاب الشيوعية العربية من حذا حذوهم فانهاروا كالحزب الشيوعي العراقي الذي كان له تواجد قديم في الساحة السياسية ونفوذ في أوساط الشباب جعله أقوى الأحزاب لسنوات طويلة ، إلا أنه استعجل بعض الاستعجال في أعقاب ثورة 1958م ، وباشر التصفيات الدموية ضد أعدائه فسقط ، وكرهه الناس ، وأصبح حزبًا ثانويًا ، ودفع الثمن غاليًا ، كذلك الحزب الشيوعي السوداني كان قويًا ، فورطه هشام العطا سنة 1971م ، ورفع الرايات الحمراء فجأة ، فدفع ثمنًا باهظًا أيضًا ، وأطيح برؤوسه ، انظر المسار لمحمد أحمد الراشد ، ص231 – 233
(12) مذبحة التراث ، ص 11
(13) مذبحة التراث ، ص 11
(14) نقد النص ، ص87
(15) نقد الخطاب الديني ، ص130
(*) عن نيتشه يقول د. فؤاد زكريا « ففي رأيه بين الله والإنسان في الخلق تعارضًا ، ولا بد لكي يتسع الطريق أمام قوة الإنسان أن تزاح كل العقبات من طريقه » نيتشه ، ص46 ، وانظر ، ص133 ، ويقول « فلم يكن نقد نيتشه لفكرة الألوهية لا يدع مجالاً للشك في أنه تخلى تمامًا عن هذه الفكرة » ص133
(16) إشكاليات القراءة وآليات التأويل ، ص44 ، 45
(17) إشكاليات القراءة ، ص49
(18) النص ، السلطة الحقيقة 41 قبل ذلك قليلاً قال « إن خطاب التنوير فشل في إحداث التنوير » وذلك أنه لم يحدث وعي علمي – على نمط وعي أبو زيد – بالتراث !!
( 19) حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية ، ص51
(20) نقد الخطاب الديني ، ص133
( * ) ومع ذلك زعم أنه مسلم يؤمن باليوم الآخر [ الأهرام ] 19/6/1995 ، و [ المصور ] 23/6/1995 انظر التفسير الماركسي للإسلام ، ص53
( 21) النص ، السلطة ، الحقيقة ، ص135
( 22 ) مفهوم النص ، ص2
(23 ) المرجع السابق ، ص52
( 24 ) المرجع السابق ، ص63
( 25 ) المرجع السابق ، ص67
( 26 ) المرجع السابق ، ص67
( 27)المرجع السابق ، ص67
( 28 ) المرجع السابق ، ص69
( 29 ) النص ، السلطة ، الحقيقة ، ص143 ، وانظر أيضًا التفكير في زمن التكفير ، ص153

[/TD]
[/TR]
[/TABLE]
 
مثل هذه الاتهامات لا تفيد، وإنما هي مجرد استفزاز للآخرين..
وإلا فيمكن القول أن ما تظنه شرعيا، هو مجرد جمود، وتقديس لجهد بشري في فهم القرآن.
وأكتفي بهذا تجنبا للجدال الفارغ.
 
لم نتهمك بشيء أيها الأخ الفاضل.
إنما ذكرت رأيي في مسألة هذه النظرية لا أكثر.
================
وإن كنت قائلاً بشيء، فسأذكر هذا الحديث عنه عليه الصلاة والسلام.
فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال
((كنَّا معَ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- فشخصَ ببصرِهِ إلى السَّماءِ ثمَّ قالَ هذا أوانٌ يُختَلَسُ العِلمُ منَ النَّاسِ حتَّى لا يقدِروا منهُ علَى شيءٍ فقالَ زيادُ بنُ لَبيدٍ الأنصاريُّ كيفَ يُختَلَسُ العِلمُ منَّا وقد قَرأنا القرآنَ فواللَّهِ لنَقرأنَّهُ ولنُقرِئنَّهُ نساءَنا وأبناءَنا فقالَ ثَكِلَتكَ أمُّكَ يا زيادُ إن كُنتُ لأعدُّكَ مِن فُقَهاءِ أهلِ المدينةِ هذهِ التَّوراةُ والإنجيلُ عندَ اليَهودِ والنَّصارَى فَماذا تُغني عَنهم قالَ جُبَيرٌ فلَقيتُ عُبادةَ بنَ الصَّامتِ قلتُ ألا تسمَعُ إلى ما يقولُ أخوكَ أبو الدَّرداءِ فأخبَرتُهُ بالَّذي قالَه أبو الدَّرداءِ قالَ صدقَ أبو الدَّرداءِ إن شئتَ لأحدِّثنَّكَ بأوَّلِ عِلمٍ يُرفَعُ منَ النَّاسِ الخشوعُ يوشِكُ أن تدخُلَ مسجدَ جماعةٍ فلا ترَى فيهِ رجلًا خاشعًا))

فعبادة رضي الله عنه عد ( الخشوع ) علماً.
لكن أنى يدرك هذا إلا من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
 
وما دخل الخشوع في الكلام هنا؟

مثل هذه الاستشهادات تؤدي إلى مزيد الاستفزاز بدل الفائدة في ذات الموضوع..
وأن تقول إن الأكاديمية أو الهرمونيطيقا هي اتباع للسنن هو اتهام وليس رأي في النظرية.
الرأي أن تفصل النقد وتحدده في الأدوات والإجراءات المنهجية أو في التطبيقات..
 
أخي الفاضل...رويدك ... لا تتكلف النوايا، هو كما قلت رأي ولا زلت عنده.

الحديث النبوي بكله يدعو للتخلي بل يحذر من فعل اليهود والنصارى وطريقة تعاملهم مع كتبهم!
وهذه النظرية " الأكاديمية" تدعوك للتخلي عن الإيمان في تعاملك مع القرآن لأن هذا الإيمان يعتبر شيء " أسطوري "! وقد تتهم " بالجمود وتقديس فهم البشر" لو تعاملت معه بهذه الطريقة!

بينما الصحابي الجليل عبادة رضي الله عنه ، عد الخشوع الذي هو لزام التعامل مع القرآن، عده علماً! لكن السؤال هل يُقر عبادة رضي الله عنه بتفسيره هذا من قبل أولئك ؟ كلا ولا شك
بل سيعد في درك " الأكاديمية " بل هو خارجها!

ثانياً : قد أحلتك على مليء! ومن أحيل على مليء فليحتل! أظن الأستاذ الخراشي قد أوضح النظرية ولزام تطبيقاتها.

================
 
ليست لدي رغبة في الابتعاد عن الموضوع. وأكتفي بما يلي:
الخشوع صفة أخلاقية تصحب العلم، وليست علما.
وعلك تظن أن الأكاديميا ليس فيها أخلاقيات أو "خشوع"..
 
ما هي الهرمنيوطيقا تاريخيا و إشتقاقيا بعد إخضاع المعلومة التاريخية (هرمس إله رسول إنتقال نقل) و المشتقات (ترجمة تأويل) للهرمنيوطيقا، وقبل إخضاع هذا السؤال نفسه لها، وعندما نفترض عدم ثبوت المعنى إلا من داخل السياق الذي يتغير بإستمرار بتغير الذات المتفاعلة أو المنفعلة؟

عندما تفكر في السؤال قليلا بالتفكير الفطري سترى كما أظن أن الهرمونيطيقا وجه آخر من أوجه السفسطة. إذا كانت السفسطة بشكل عام تستهدف إما معرفة الواقع وإما ثبوت أو قيمة هذه المعرفة في حالة إمكانها، فإن السفسطة الهرمنيوطيقية تستهدف معرفة الكلام (المقروء/المكتوب). وبسبب التنطع أو المبالغة في حفر المركبات يتم إستخدام مصطلح "الدائرة الهرمنيوطيقية" لتحاشي مصطلح آخر أوضح وهو "الإستدلال الدائري".

المقولة الهرمنيوطيقية غير قابلة للإمتحان الذاتي، فهي غير علمية، ولا تستحق - لولا التجاذبات السياسية والفكرانية - إلحاقها بالفلسفة فضلا عن غيرها من العلوم الإنسانية.

ولكن هذا كلام عام، ولابد من أمثلة عملية لتوضيح الفكرة الشخصية.
 
الأحمد: (سؤال: هل كل أمر مصبوغ ب" الأكاديمية " يفيد بشرعيته؟)
بن جماعة: (كل أمر مصبوغ بالأكاديمية يفيد بدقته وعمقه ومنهجيته في عرض الفكرة، أو الاستدلال عليها أو نقدها. )
ثمة ملاحظة على إجابة بن جماعة
ليس كل أمر مصبوغ بالأكاديمية يفيد بدقته وعمقه ومنهجيته، تعميمك خطا عظيم
أتذكر كنت اتناقش مع فرد دونر حول الهاجرية لكرونه وكوك ما أحدثاه بإيجاز خيبة أكاديمية
بن جماعة: (وما دخل الخشوع في الكلام هنا؟)
ثمرة من ثمار العلم
قال تعالى: ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) ..سورة فاطر- الآية 28
ولا تقتصر على المسلمين، ثمرة يمكن أن يستشعرها حتى غير المسلم بشروطها الثلاثة:
أن يكون له قلب، ويلقي السمع، ويشهد التجربة،
وفرصة للسيد موراني أن يخوض غمارها بشروطها...
قال تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)﴾. ( سورة ق )
أتذكر -إن لم تخني الذاكرة- قرأت ذلك في كتاب القرآن يتحدي لوحيد الدين خان أيام الصبا ما اختصاره أن عالمًا بريطانيًا كان يجري بعض البحوث في أعماق البحر، فوقه موج، ومن فوقه موج، ومن فوقه سحاب، لاحظ أن مساعده الهندي يحرك شفتيه يتمتم بعض الكلمات، طلب منه أن يسمعها، قال له في القرآن: أوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُور (40)سورة النور.
قال على الفور العالم البريطاني وهو تسبقه دموعه: هذه الآية ما ينبغي أن يكتبها إلا الله، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
آمنت بالقرآن كتاب الله.

ثم ليتسع صدرك للأحمد ولي ، حتى لغير المسلمين
في الوقت الذي يهدأ فيه سيد موراني تتشنج يا بن جماعة : (
وتحية تقدير لك فعلت في سير الحوار تدفقًا
 
ليست القضية متعلقة بضيق الصدور واتساعها، وإنما برفض الاستفزاز عند النقاش في القضايا العلمية.. وإلا فصدري متسع للحوار الطويل والسماع والاستفادة..
للأسف، تطرح قضايا هامة ومفيدة متعلقة بالدراسات القرآنية والمناهج المختلفة، وفي كل مرة يُتعرض فيها للمناهج البحثية الحديثة يتحول الكلام إلى محاكمة بالظنون والتعميم والتخوين العلمي والتحذير.
بعض الإخوة يتعاملون في الدراسات القرآنية بعقلية وأسلوب الحسبة، بدل النقاش العلمي.
- نعم ليس كل أمر مصبوغ بالأكاديمية يفيد بدقته وعمقه ومنهجيته.. وكذلك ليس كل أمر مصبوغ بالشرعية يفيد بصوابه وصحته.
وما نحتاج إليه هو الانفتاح في بحث المناهج الحديثة برغبة الفهم السليم والنقد الإيجابي من أجل تطويرها وأخذ ما يمكن أخذه وترك ما لا يفيد..
أما الهرسلة الدائمة بخطر هذه المناهج ووجوب تركها كاملة وتحقير العاملين بها فهذا لا يفيد البحث العلمي ولا يخدم القرآن.
 
عند الاستقراء كل من السؤال المرفوع في البداية وسير الحوار حول "الهرمنيوطيقا " تبيّن بوضوح عدم التفريق بين :
الهرمنيوطيقا كمنحج البحث
هذا من ناحية .
ومن ناحية أخرى :
الهرمنيوطيقا في الفلسفة .
أمّا الهرمنيوطيقا كمنحج البحث فهو يتركز على فهم النصوص في الأدب والشعر وكذلك في العلوم الاجتماعية وفي الحقوق وهو "فنُّ فهم النصوص" خارج المعايير الدينية وغير مرتبط بها في هذا العصر .
ونظرا إلى عدم التفريق الدقيق بين هذا وذاك أولا وكوْن طبيعة الحوار في الإطار الديني المرسوم أصلا ثانيا ، لن يصل الحوار إلى نتيجة تُذْكر .
 
عند الاستقراء كل من السؤال المرفوع في البداية وسير الحوار حول "الهرمنيوطيقا " تبيّن بوضوح عدم التفريق بين :
الهرمنيوطيقا كمنحج البحث
هذا من ناحية .
ومن ناحية أخرى :
الهرمنيوطيقا في الفلسفة .
أمّا الهرمنيوطيقا كمنحج البحث فهو يتركز على فهم النصوص في الأدب والشعر وكذلك في العلوم الاجتماعية وفي الحقوق وهو "فنُّ فهم النصوص" خارج المعايير الدينية وغير مرتبط بها في هذا العصر .
.
سؤالي إلى الدكتور موراني هل يمكن أن نعد ما ذكرته تعريفاً للهرمنيوطيقا بوصفها منهجاً للبحث؟
 
إذا كانت الهرمنيوطيقا منهجاً لتفسيرالنصوص بعيداً عن المعايير الدينية فهي قطعاً لا تصلح لتفسير القرآن، لأنها ستكون تفسيراً بظاهر اللغة، والسؤال الأهم هل الهرمنيوطيقا منهج واحد؟ أم أنها مناهج؟
 
صراحة : إنني اخشي أن وراء هذه التساولات يكمن عدم فهم هذا المنهج في البحوث المعاصرة إذ هو بعيد عن الاقتراب الديني من النصوص التراثية أدبا كان او شعرا أو تفسيرا لأي نص آخر (!) من اجل فهمه وعرضه


[تمت المشاركة باستخدام تطبيق ملتقى أهل التفسير]
 
قال تعالى: ( إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) سورة المدثر. )


يذكرني بابن المغيرة
وضع السؤال بدقة موضوعية وعلمية
وكل من يدعي غير ذلك يراجع نفسه وليتهم فهمه.
ولا تقتصر الهرمنيوطيقا كمنهج فيما زعم اقتصارها عليه.

يقول: صراحة : إنني اخشي أن وراء هذه التساولات يكمن عدم فهم هذا المنهج في البحوث المعاصرة..
: اطمئن ولا تخشى...لا زال المنهج في ميزان التقييم يقيم ...


:(طبيعة الحوار في الإطار الديني المرسوم أصلا ثانيا، لن يصل الحوار إلى نتيجة تُذْكر.) .
: لا يُحجم الحوار في الإطار الديني، وكلام بن جماعة شاهد على ذلك!
براهين بن هرماس والأحمد والشايب وبعض ما ذكر في سياق د.موراني، والأخت سهاد قنبر، دلائل تلوح باقتراب النتيجة.
 
الأخت سهاد قنبر
: (إذا كانت الهرمنيوطيقا منهجاً لتفسير النصوص بعيداً عن المعايير الدينية فهي قطعاً لا تصلح لتفسير القرآن، لأنها ستكون تفسيراً بظاهر اللغة)
: ولأسباب أخرى تعجز، ولا تصلح لتفسير القرآن
:(والسؤال الأهم هل الهرمنيوطيقا منهج واحد؟ أم أنها مناهج؟)
:مناهج... أركون اتخذ من المنهج الإنساني، والسيميائية الفرنسية جناحين للتحليق بهرمنيوطيقاته، وأبو زيد اتخذ من شلاير ماخر أنموذجًا، ووجد فيه ما وجد وهمًا وليس أصلًا!
 
صراحة : إنني اخشي أن وراء هذه التساولات يكمن عدم فهم هذا المنهج في البحوث المعاصرة إذ هو بعيد عن الاقتراب الديني من النصوص التراثية أدبا كان او شعرا أو تفسيرا لأي نص آخر (!) من اجل فهمه وعرضه

[تمت المشاركة باستخدام تطبيق ملتقى أهل التفسير]
سأفترض جدلاً أننا نستطيع فصل الهرمنيوطيقا بوصفها فلسفة عن الهرمنيوطيقا بوصفها منهجاً لتأويل النصوص(وهذا طبعاً غير ممكن لأن كل منهج يعتمد في أساسه على العمود الفلسفي المتحيز لجوهر نشأته والذي يمد المناهج بالحيوية لأن استبعاد الجانب المعرفي الذي أنتج المنهج يؤدي إلى تشويهه وإفراغه من طاقته الإجرائية ). وسأفترض جدلاً أنني لا أفهم الهرمنيوطيقا بوصفها منهجاً لتأويل النصوص، فهل يمكنك شرح هذا المنهج حتى نستطيع الحكم بأنه ملائم لتفسير القرآن أم لا؟؟ مع العلم أن إمكان فهم المناهج ليس صعباً فأنا استطعت فهم مناهج تأويل النصوص في الغرب مثل المنهج الفيلولوجي أو البنيوي أو التفكيكي. فهل الهرمنيوطيقا منهج عصي على الفهم أو على الشرح؟؟ مالذي يمنع أن نتعرف على وصف المنهج وخطواته الإجرائية هنا إن كان له خطوات؟
 
سهاد قنبر المحترمة ،
الاتجاهات داخل منهج الهرمنيوطيقا مختلفة . إنْ كان هذا المنهج متركزا على النص وتأويله وفهمه فإنّ نص القرآن (نصا ولا وحيا!) وتفسيره بما في ذلك نصوص كتب التفسير لدى القدماء لا تُستثنى من هذا المنهج .
وأنا أتساءل : ما هو الدافع لرفع مثل هذا السؤال حول صلاحية هذا المنهج في البحوث القرآنية ؟
هل يجب أن نستثني هذا التراث من هذا المنهج ؟ لا أظن ذلك . فليُنظر الموقع الذي وضعته أعلاه بوصف ملخص للمحاضرات وكذلك الخطوات المبدئية في المشروع "كوربوس " في برلين .
 
المنهج الذي يطالبنا أن نعامل القرآن
على أساس كونه ليس ( وحياً ) ، فمكانه أقرب سلة مهملات.
النبي عليه الصلاة والسلام يحذرنا من حذو اليهود والنصارى ، وبعد كل هذا نرى من يصر على صبغ هذه المنهج أو الأحرى هذه الهرطقة ب" العلمية "!!
أَ وَ بعد كلام محمد صلى الله عليه وسلم؟!! عجبي

بل ياليتها اقتصرت على يهود ونصارى ، وكأن ضلالهم ليس بكافٍ ! حتى أصبح هناك مطالبة لاجترار لوثة عباد الأصنام من الإغريق فيُتخذ من سفسطتهم حاكمية على القرآن !، وكل ذلك تحت شعار
" الأكاديمية والبحث العلمي " عجبي لا ينقض!

نعوذ بالله من الخذلان والضلال بعد الهدى.

لا غرو ! قالها النبي العدناني صلى الله عليه وسلم
( حذو القذة بالقذة )!
 
د. موراني المحترم،
(( وكذلك الخطوات المبدئية في المشروع "كوربوس " في برلين .))
لوسمحت،
ارجو توضيح المقصود اعلاه : الخطوات المبدئية في "المشروع " كوربوس في برلين.
مع اعطاء رابط في موقع كوربوس يوضح المقصود، إذا امكن ذلك.مع جزيل الشكر.
 
سهاد قنبر المحترمة ،
الاتجاهات داخل منهج الهرمنيوطيقا مختلفة . إنْ كان هذا المنهج متركزا على النص وتأويله وفهمه فإنّ نص القرآن (نصا ولا وحيا!) وتفسيره بما في ذلك نصوص كتب التفسير لدى القدماء لا تُستثنى من هذا المنهج .
وأنا أتساءل : ما هو الدافع لرفع مثل هذا السؤال حول صلاحية هذا المنهج في البحوث القرآنية ؟
هل يجب أن نستثني هذا التراث من هذا المنهج ؟ لا أظن ذلك . فليُنظر الموقع الذي وضعته أعلاه بوصف ملخص للمحاضرات وكذلك الخطوات المبدئية في المشروع "كوربوس " في برلين .
الدكتور موراني المقال في الرابط أعلاه لا يخدم ما نحن بصدده في هذا الموضوع وهو فحص مدى ملاءمة مناهج الفكر الغربي لتأويل القرآن وهو أقرب إلى مقال صحفي، أما بالنسبة لقولك: (ما هو الدافع لرفع مثل هذا السؤال حول صلاحية هذا المنهج في البحوث القرآنية ؟) فهذا تساؤل مشروع إذ إن التساؤل عن ملاءمة المنهج لموضوع البحث سؤال يدور حتى في دوائر الفكر عندكم أليس الاختلاف بين هابرماس ودريدا سينشأ عنه اختلاف المناهج في فهم النصوص؟
-الدكتور موراني عندي سؤال لك هل تؤمن بأن في النصوص معنى كامن قصده المؤلف ومهمة التأويل هي الكشف عن هذا المعنى؟؟
-إن كنت تعتقد أن عندنا لبساً في مفهوم الهرمنيوطيقا فلماذا لا تقوم بتوصيف هذا الفن لنا والذي أسميته فن فهم النصوص وتسمية الاتجاهات التي فيه حتى نلتقي على مورد واحد، أم أن الهرمنيوطيقا مفهوم مائع في أرضه عصي على الفهم والضبط المصطلحي.
 
الهرمنيوتك : علم يمكن من تفكيك النص وبسطه ليتضح المعنى منه في إطار سياقه الذي جاء فيه .
فإن كان المسلمون في حاجة الآن إلى إعماله لفهم القرآن فماذا كان يصنع علمائهم منذ نزول الوحي إلى يومنا هذا ؟!!
 
ولما كان الشيء بالشيء يذكر لماذا لا نطرح هنا في الملتقى موضوعاً عن الاتجاهات التأويلية في التراث الإسلامي للكشف عن مدى توازنها وشموليتها وكفاءتها في التعامل مع القرآن بوصفه خطاباً للشارع.
 
سهاد قنبر المحترمة ،
يجب أن نترك Habermas وأمثاله جانبا . هذا باب من أبواب الفلسفة والعلوم الاجتماعية .
أما الهرمنيوطيق القرآني فهو منهج جديد نسبيا في البحث العلمي . أنا شخصيا لم أنضمّ أبدا إلى فر قة مثل الأستاذ الحنفي أو أركون أو نصر حامد أبو زيد .
الهرمنيوطيق القرآني في الأبحاث القرآنية المعاصرة منفصل عن كون القرآن وحيا ويتركز على معنى النص وعلى معنى تفسيره لدى القدماء (الذين من جانبهم قاموا بتأويل النص وتفسيره حسب معايير الدينية والعقائدية فقط !) ـ وهنا وصلنا إلى مفرق الطرق : إما يتم شرح النص وفهمه في الإطار الديني أو في إطاره الأوسع وهو البحث الشامل لمعاني النص وتأريخيته في المجتمع الذي نشأ فيه بعلاقته بالبيئة المحيطة به . ملخصا : الهرمنيوطيق القرآني لا يبحث النص "بعزلته وحيا فحسب " ، بل يبحثه نصا له تأريخ .
إن كان " القرآن بوصفه خطاباً للشارع " فهذا الموقف خارج هذا المنهج .
 
سهاد قنبر المحترمة ،
يجب أن نترك Habermas وأمثاله جانبا . هذا باب من أبواب الفلسفة والعلوم الاجتماعية .
أما الهرمنيوطيق القرآني فهو منهج جديد في البحث العلمي . أنا شخصيا لم أنضمّ أبدا إلى فر قة
الدكتور موراني سأضع هابرماس جانباً ولن أتحدث عن شلاير ماخر ولاغاداميير سأسال سؤالاً واحداً ما هو الهرمنيوطيق القرآني؟ هل هو قائم على مقارنة النصوص؟ أم أنه يراعي صاحب الخطاب، والخطاب، والمتلقي؟ أم أنه ينحي صاحب الخطاب، والمتلقي، وظروف الخطاب جانباً ويجعل المعنى كامناً في النص ولا شيء سوى النص؟ أم أن الهرمنيوطيق القرآني هو فهم المتلقي بلا ضوابط يفهم ما شاء كيف شاء تبعاً لزمنه وبيئته وثقافته؟
ملاحظة لقد كتبت تعليقي على الدكتور موراني لكنه قام بتعديل مشاركته وكان في التعديل الجواب على أسئلتي لهذا يمكن عد هذه مشاركتي ملغية.
 
في المشاركة أعلاه " الهرمنيوطيق القرآني في الأبحاث القرآنية المعاصرة منفصل عن كون القرآن وحيا "
اذا كان منفصلا عن ذلك فهو اذن كلام البشر أو أساطير الأولين أو...هذا بالضبط هو المطلوب من herméneutique في الدراسات اللاهوتية الغربية...الغاء حتى نبوة موسى وعيسى عليهم السلام...ورفع أصنام الاغريق فوق رؤوسهم ورؤوس من انتسب اليهم؟؟؟
ثم هناك وهم أو خطأ وهو القول بـ"...يتركز على معنى النص وعلى معنى تفسيره لدى القدماء (الذين من جانبهم قاموا بتأويل النص وتفسيره حسب معايير الدينية والعقائدية فقط !) "
من القدامى الذين فسروا القرآن:أبوزكريا الفراء تـ207هـ والزجاج تـ311هـ والأخفش الأوسط تـ221هـ...وغيرهم كثير
من عنده مسكة عقل هل يقول بأن هؤلاء فسروا القرآن "حسب معايير دينية وعقدية صرف"؟؟؟

هل المراد أن يفهم المسلمون القرآن كما يفهم العلمانيون واللائكيون المتسورون على المسيحية الأناجيل؟؟؟
قلت سابقا ان هؤلاء في دولة كفرنسا لا يعيرهم الكاثوليك الفرنسيون اهتماما ويعتبرونهم ممن يقوم بـ"التجديف" aviron في المسيحية.
 
الأستاذ هرماس المحترم ،
لم أظنّ بكم أنكم من أصحاب المجادلة ... غير أنني أحترم رأيك بغير قبوله ، ولكم أيضا قبول الرأيَ الآخرَ . لم أتحدث عن النبوة كما لم أرفع أصنام الاغريق فوق رؤوس أحدٍ . وكذلك لم أطلب من المسلمين - معاذ الله - أن يفهموا القرآن كما يفهم الناس الكتب الأخرى التي ذكرتموها .
أما اللغويون الذين فسروا ألفاظ القرآن فهم كثيرون ، وفسروها باعتمادهم حتى على الشعر الجاهلي أيضا .
وكذلك لم أتحدث عن " الدراسات اللاهوتية الغربية" ، بل عن طرق فهم النص كنص وعرْضه في البحث من طريق هذا المنهج بعيدا عن أركون وأمثاله في طُرُقهم الفلسفية .
السؤال الذي يطرح نفسه : كيف أعرض هذا النص القرآني لغير المسلمين (مثلا في التدريس) لكي يفهموا هذا كتاب نصا ؟ لا إيمانَ لهم ، ولا معرفة لديهم بالنبوة وما إلى ذلك من "الكتاب المنزل" ؟
ربما تفكّرون في الإجابة مشكورا .
وتصبح على الخير أينما كنت .
 
شكرا د.موراني...
لكنني لست من أصحاب المجادلة...بل من الذين يسبحون ربهم بكرة وعشيا أن وهب لي عزوجل عقلا جعله لي من وسائل الادراك والمعرفة...
ولن أقف سوى عند سؤالك:" كيف أعرض هذا النص القرآني لغير المسلمين (مثلا في التدريس) لكي يفهموا هذا كتاب نصا ؟ لا إيمانَ لهم ، ولا معرفة لديهم بالنبوة وما إلى ذلك من "الكتاب المنزل" ؟"
الجواب يدرس القرآن كما درسه القوم الذين أنزل فيهم وكما درسته أقوام الأعاجم -ممن لم يكونوا عربا ولم يكونوا في أول أمرهم مسلمين حين عرفوا القرآن- ...
فمدخل فهم القرآن ودراسته هو "اللسان العربي" الذي يقرأ به.
لا أطلب من هؤلاء الذين ذكرتم الايمان ولا الاعتقاد بالنبوة...المطلوب فقط أن يأتوا هذا الفهم من بابه...

وللتوضيح بالمثال:
دولة الفاتيكان التي يرأسها البابا وتوجد فوق رقعة من تراب مدينة روما تأسست بمعاهدات "لاتران" في 7/6/1929،وهذه المعاهدات مكتوبة باللغة الايطالية... لو أنتخب أحد البابوات من البرتغال وكان يجهل الايطالية،فهل يحتج على الحكومة الايطالية بما قد يفهمه من ترجمة برتغالية لمعاهدات لاتران؟؟؟
أما اذا قال هذا البابا البرتغالي أنه سيستعين بمتخصص في الهيرمنيوطيقا لتفسير معاهدات لاتران فلا أدري ماذا سيقع؟؟؟

أرجع هنا الى موضوع ثان هو تحصيل اللغات فلن تختلف معي أنت ولا غيرك أن هذا التحصيل في الديداكتيك الحديث مراتب ثلاث:
مرتبة المبتدئين وفيها A1+A2
مرتبة المتوسطين وفيها B1+B2
ثم المرتبة الأخيرة.
عندما يريد الطالب الغربي أن يتخصص في اللاهوت المسيحي،يطلب منه مرتبة B1 أو B2 في اللاتينية مثلا،على اعتبار أن اللاتينية مثل الرومانية القديمة كتبت بها النسخ القديمة من "الكتاب المقدس"،لكن نفس الطالب اذا أراد أن يتخصص -أقول اليوم- في علوم الاسلام يكتفى منه بأقل من ذلك في العربية...أي أنه DÉBUTANT،ومن كان كذلك لن يفهم حتى شعر أحمد شوقي تـ1936م كما لن يحسن قراءته...
لذلك جاء هذا التوجه في الدراسات الغربية المعاصرة المتصلة بالقرآن بالتركيز على الهيرمنيوطيقا أو الفينومنولوجيا أو التفكيك... (باعتبارها مناهج)...للتعويض عن الضعف اللغوي الشديد...

وتتمة للجواب عن السؤال أقول:ما دام د.موراني أفنى سنوات من عمره في الاشتغال على جوانب من التراث الفقهي المالكي،أحيله على مبحث (الدلالات) في أصول فقه المالكية،وأسأل د.موراني:
أليست مباحث الدلالات هذه -وهي نفسها عند الأحناف والشافعية - منهجا لفهم النصوص ومنها القرآن؟؟؟ ثم هل مباحث الدلالات مؤسسة على معايير دينية وعقائدية كما ذكرتم أعلاه أم أنها مؤسسة على منطق اللغة العربية التي تكلم بها عرب الجاهلية قبل الاسلام ثم نزل بها القرآن؟؟ولذلك اعتمد عليه اللغويون كما ذكرتم أعلاه في فهم القرآن...
الذي يحز في النفس يا د.موراني أن الهرمنيوطيقا انما يهتم بها من أسميهم (الاستشراق الجديد) الذي لا تعتبره استشراقا... أما الاستشراق الكلاسيكي فلا زال وفيا لخدمة النصوص وتتبعها وجمعها...ولا يشتغل بالهيرمنيوطيقا الا المتسلقون من أمثال ج بيرك من الغربيين وأبوزيد من المرجفين...والله غالب على أمره.
 
3- أليس من الأفضل، بدل الأحكام التعميمية والإطلاقية بفساد المنهج، أن نعطي أمثلة عملية لذلك، ونناقشه؟ أليس الأولى مثلا أن نأخذ مثلا لسورة من القرآن، أو لقضية ما أو موضوع ما في القرآن، ونرى كيف تم تطبيق هذا المنهج في فهمه، ثم مناقشة ذلك، وبيان الأخطاء المرتكبة؟
مهم جدا، للإجابة على سؤال: عن أي هرمنيوطيقا نتحدث، في الفلسفة أم في الأدب، ثم أي إتجاه فلسفي أو أي مقاربة أدبية ؟ التعميم فلسفة وربما سفسطة وعدمية إن كان الهدف هو إثبات اللامعنى وبشكل مستمر.
ولما كان الشيء بالشيء يذكر لماذا لا نطرح هنا في الملتقى موضوعاً عن الاتجاهات التأويلية في التراث الإسلامي للكشف عن مدى توازنها وشموليتها وكفاءتها في التعامل مع القرآن بوصفه خطاباً للشارع.
في غاية الأهمية، للإجابة على سؤال: ما الجديد في هذه أو تلك الآلية "الحديثة" ؟
 
الهرمنيوطيقا هي عملية فكرية تختلف من فيلسوف لآخر، لتفسير أي نص، ولو مقدس أو مُنزل على أنه بشري من تجارب البشرية في تعاملها مع الظواهر الإنسانية أو الكونية أو الحياتية.
تم تجربة النظريات أو المواقف التفسيرية في تفسير الهرمنيوطيقيين أو حتى من هو خارج دائرتهم، في حيز التأليف العام،انما هي كل أنواع النصوص، ومنها الروايات العادية (الأدبية)
إنها في الحقيقة تأويلات العلمانيين الدنيويين لكل حدث فكري أو عقلي، شفوي أو مكتوب، لكنهم غالباً يركزون على المكتوب.
بالنسبة للنصوص الأدبية يمكن القول إن خبرة التعامل مع نصوصها مفهومة، ويمكن لأي أحد أن يكون هرمنيوطيقي، أي مفسر للرواية، بمعنى أنه يفسرها من ناحية البلاغة(وهذا الأمر لاتقف عنده نظريات أو تحليلات الهرمنيوطيقا كثيرا) ويمكن أن يفسرها من ناحية القارئ للحياة والمجتمع والإنسان الذي أحبك تفسيره بعملية سرد روائية حديثة (وهو المؤلف، مؤلف الرواية) ويمكن أن يفسرها بصورة ربما أعمق فيقول إن هناك عدة عوامل شكلت النص الأدبي، منها مثلا، كما في موضوع فلوبير، الموقف الحداثي الصاعد لا السائد، لأن الموقف السائد كان للكنيسة وعملاءها، أما الموقف الحداثي فحديث وجديد، وله تفسير للكون، فيه من المنهج التجريبي والعقلي وفيه من الفكرة المسبقة من رفض أي فكرة تجريبية ناتجة من الأديان أياً كانت، أي رفض الخبرة الدينية أو الخلقية أو المعرفية، خصوصاً الكنسية، لأن هذه الأخيرة كانت محل حوار عنيف مع التيار العلماني الصاعد الذي كان فلوبير -على سبيل المثال -يمثله_ مع العلم أن كثير من معارف هذا التيار الجديد المعرفية كان مأخوذ من منهجية العلم الإسلامي، لكن أخذوا المنهجية وحرروها من أصولها كما ومن أخلاقيتها، فظهرت العلمانية رويدا رويداً، متحررة من اي ضوابط دينية أو قيمية، مسيحية أو إسلامية، اللهم إلا ما أُخذ من الإسلام مما تأثر به أصحاب المنهجيات الأشهر مثل روجر بيكون وغيره، ولاشك أن تأثير تلك الأنوار العقلية على أهل الفلسفة الذين حاربوا الكنيسة في الغرب كان هائلاً.
وعلى كل بدأت في الغرب محاولة تفسير النصوص على أساس التجربة الحياتية داخل إطار النموذج المادي، وداخل عملية التجريب، لكن التي تنتهي في كل مرة إلى التصور المادي.
وأما إرجاع نص الرواية أي مفاهيمه إلى شخص الكاتب أو المؤثرات المحيطة به أو التي شكلت فكره فهذا لاينكره الإسلام، ذلك أنه نص بشري يمكن تفسيره من خلال ظروف المؤلف العلمية او المعرفية أو النفسية.
أما النص الديني المسيحي أو اليهودي فنظريات التفسير الغربية(يمكن تسميتها في حالة تفسير تلك النصوص: الهرمنيوطيقا) تناولته من خلال مجموعة من الأدوات والمناهج، أود هنا أن لا أنسيكم تأثير المنهج الإسلامي على تحليل ونقد الفكر الكنسي واليهودي من خلال نصوصه المقدسة، هذه كانت أداة أيقظت الفكر الغربي على رؤية النصوص المقدسة في الغرب من خلال عمليات المقارنة والتفسير( مثل ماقام به البيروني في كتابه ما للهند من مقولة مقبولة أو مرذولة"، وعلى سبيل المثال مقارنته بين نص أخو الزوج في اليهودية ونص هندي أو بعض معتقدات اليونان وبعض معتقدات الهند) ، من المناهج أيضا التي تطورت في الغرب تحت ظلال عملية الفهم(تجربة المعاش أو الحياة أو سبر غور القصص أو المفاهيم التي شكلت اللاهوت المسيحي أو اليهودي أو نصوصهما)، سواء مانسب تأليفه لشخص، أو لنص اختلف في مؤلفه، أو نصوص داخل النص(عملية التركيب أو تداخل النصوص(كما فعل الدكتور المسلم موريس بوكاي مع النص اليهوي -نسبة ليهوه-ونص أخر توراتي، في كتابه المشهور عن العلم في التوراة والإنجيل والقرآن) لكن علماء الغرب لم يتجردوا في البحث، وإنما كانت تحدوهم الفكرة المادية دوما، فكانوا يرجعون الحقائق والأباطيل في النصوص المقدسة لتشكيلات ثقافية للزمنكان التاريخي المعين أو لفكر المؤلف أو لتأثيرات نفسية أو خارجية، فنفوا حقائق مع نفي الأباطيل التي اكتشفوا إنسانيتها أو تاريخيتها أو بيئتها وأصلها المادي.
الأمر زاد تعقيدا فكل فيلسوف كان يقوم بعمل تفسيري للنص، فمن ناف لظاهر النص لأن الظاهر مزيف أو شفاف يستر تحته زيفه، والمفسر كاشفّ، ومن مفسر ماركسي يرجع النص لعوامل اقتصادية وأخر افرازات مادية أصل الفكر فيها مادي، أما نصر أبو زيد فقال إن الهرمنيوطيقا الخاصة بجادامر يمكن تعديلها تحت هذا الفكر المادي الجدلي للماركسية وماتطور بعدها.
والنص كنت قد وضعته في كتابي أقطاب العلمانية ج1 ونقله الشيخ سلمان الخراشي، كما تقدم في مشاركة أخي عبد الله الأحمد.
هل ذهب نصر حامد ليقوم بعمل تطبيقات الخبرات الأدبية والتاريخية على نصوص روائية كما فعل مثلا بيار بورديو في كتابه عن الفن ودرس فلوبير وديدرو وخليفيات نصوصهما!، كما درس معهما أخرين.
الإجابة لا
هل ذهب نصر ابو زيد ليقوم بعمله هذا داخل الدائرة الكتابية كما فعل علماء الإسلام مع زيادة التطبيق المادي الإختزالي على ماهو حق فيها وباطل.؟
الإجابة لا.
إنما راح يقوم بعملية تأويلية مادية مجردة على نصوص القرآن.
أي يؤول القرآن بنظرات فلاسفة يحللون النصوص أيا كانت من خلال فكر تجريبي لكن يرد كل شيء إلى المادة والبيئة أو المجتمع أو الفرد أو عوامل وظواهر حياتيه، وينفي أي حقيقة منزلة.
والسؤال الآن بالنسبة لي هو: ماذا تعني الهرمنيوطيقا بإطلاق؟
لكن قبل الإجابة على السؤال، يمكن أن نسأل سؤالاً آخر: ماهو موضوع البحث؟
إن كانت الروايات الأدبية فأهلا وسهلا.. مع أن رؤية كل شيء في الرواية على أنه خارج من المادة الصماء العمياء هو خلل في البحث، راجع للمنطلق المادي وتصوراته عن الإنسان، وحواسه، وروحه، وعلاقته بالكون.
لكن على كل فغالب مافي الروايات يمكن رده لعناصر مجتمعية أو فكرية أو تحليل لظواهر البشر في شكل أدبي منمق أو له هدف استراتيجي كرواية الذباب أو العثيان لسارتر مثلا!
اما أسفار العهد القديم والجديد للمسيحية أو اليهودية والمسيحية فقد قام علماء الإسلام، بإرجاع أساطيرها الدخيلة إلى كل ما أرجعته الهرمنيوطيقا الحديثة لخلفية النصوص، لكن علماء الإسلام لم ينفوا حق لأجل باطل أو بالإعتماد على المادة العمياء.
أما القرآن فمن يقوم بعملية تفسيره علمانيا يصرح بأنه يقوم بنقده!
أي تأويله ماديا، أي رؤيته في صورة تاريخ بشري، سواء تاريخ مؤلف بشري أو نفسيته أو ماادعوا أنه أثر عليه من شعر وأدب ، ودين وفرق دينية ، وأسواق وجماعات، بل زادوا أساطير لفقوها لمن زعموا أنه المؤلف(هشام جعيط، تيزيني، خليل عبد الكريم، وهلم جرا) وهذا موضوع مقالاتي المسماة(انهيار شرفات الإستشراق، كما أنه موضوع كتابي(مخطوط) أقطاب العلمانية ج3.
نرجع لنصر أبو زيد فالرجل كما في مقدمة كتابه إشكاليات.. استعان بريكور وجادامار ونيتشه وفرويد وغيرهما بالإضافة إلى ماقاله بالمادية الجدلية، لتفسير أو تأويل القرآن ورد كل شيء فيه إلى مجازات أو صور خيالية، منها ماهو من إختراع المؤلف البشري بزعمه أو تأثير ماضيه الطفولي عليه، أو مؤثرات أخرى، وهكذا دواليك.
فالهرمنيوطيقا تستخدم نتائج البحث الإستشراقي في موضوع الأصول والإقتباسات وغيرها مما رموا النبي به زورا، بالإضافة لنتائج الفكر المادي مما طُبق على الرواية الأدبية ثم النص المسيحي واليهودي.
أي أن المسيطر على الفكرة الهرمنيوطيقية هو تفسير كل شيء تفسيرا ماديا ونفي الوحي المنزل أو العلاقة بين النبي والرب خالقه وخالق الإنسان ، وهذا يعني أن الهرمنيوطيقا جمعت بين التجربة والخرافة، التحليل التاريخي المغموس في الفكرة العلمانية غير المحايدة بل الأيدولوجية المغلقة داخل سراديبها الخاصة.
ماذا يعني لي هذا أنا المسلم
يعني لي أن كل العناصر العليا في الوحي الحقيقي المنزل والخالية من أي اسطورة تتأبى على تلك التفسيرات الإختزالية المتحيزة للفكرة المادية التي استعملتها الهرمنيوطيقا.
الهرمنيوطيقا تفسر التجارب بتأويلات مختلفة ومتعارضة داخل منظومتها، وهذا لابأس به إذا تعلق الأمر بتفسير عملية الفكر والتأليف في عالم البشر، لكنها أبت إلا أن تُدخل علوم النفس والمجتمع والإنسان وعلوم الأركيولوجيا والرموز وغيرها في تفسير قرآن تنزل من السماء وجاء في نصوصه بكثير من الحقائق العلوية المنزلة التي أخبرت عن أمور فوق ثقافة وتاريخية وقت نزوله(أمور كثيرة في الإعجاز العلمي والكوني، والإنساني والتاريخي واللغوي )
إن الهرمنيوطيقا على الرغم مما تبدوا عليه من تفسير عميق لحركة الفكر داخل النص الأدبي أو الديني الأسطوري ومشاركة المؤلف فيه، بدرجة ما، لتعجز عن تفسير كثير من صور الغيب التي اكتشفت أخيرا في صورة علوم كونية، كما أنها تعجز عن تفسير كيف نشأت حضارة أمدت الإنسانية كلها بمناهج ومبتكرات وإنجازات علمية وعقلية ومنهجية، من شخص أمي أو من بيئة فيها الكتابي والوثني مما زعموا أنه أثر عليه، في تطوير-زعموا النص أو تأليفه، ولايمكن أن يصنع اقتصاد مادي أو رأسمال معنوي ذلك العلم الذي أنشأ حضارة وعلوم لم تعرفها البشرية لاقبل رسول الله ولابعده، اللهم(فيما يخص: مابعده وماعرفته البشرية أخيرا من حقائق تنزلت منذ 15 قرن) إلا بعد تطور علوم كونية وطبيعية كان الإسلام أصلا، هو من دفع عجلتها للأمام، وطبق نموذج استمر أكثر من عشرة قرون أي مدة طويلة لم تحدث مثلها في البشرية ولابعدها(أوروبا الآن 3 قرون ربما في العلم مع أن أصل العلم هو أسلامي كما أخذوه واعترفوا به)
الإسلام مهيمن على الهرمنيوطيقا وليست الهرمنيوطيقا مهيمنة على الإسلام
(لم يتوفر لي الوقت لاصلاح اخطاء النص وربما غدا أفعل إن شاء الله لكن على كل هذا هو مااردت قوله الآن)
 
جزاكم الله خيراً أعتقد أن الأمر أصبح واضحاً الآن؛ الهرمنيوطيقا منهج غربي لتأويل النصوص نشأ وتطور في دوائر الفكر الغربي، وهذا المنهج لا يصلح بحال لفهم القرآن لأنه ينطلق من افتراضات مسبقة مادية إلحادية وهذه الافتراضات هي:
-القرآن نص لغوي تم تأليفه في القرن السابع الميلادي وبقطع النظر عن مؤلفه إلا أنه ليس وحياً إلهياً بل هو نتاج بشري.
-نتيجة لأن القرآن نتاج بشري فهو ليس متعالياً على الزمان والمكان ولهذا ينبغي فهمه ضمن البيئة والتاريخ الذي أحاط بمؤلفه، وبحسب لغة العصرفقط.
-نظراً للفرض المسبق بأن القرآن نتاج بشري فإن كل محاولة للفهم ستكون أغلوطة فاختلاف القراءات سيكون خطأ في الحفظ والتدوين أو خللاً من الكاتب، وأي ظاهرة مخالفة للنحو التقليدي ستُفسر على أنها خطأ من كاتب القرآن.
والحق أن النظرة الإلحادية للقرآن تسبب خللاً في الفهم لأن مقاصد المتكلم معتبرة في فهم الخطاب، والقرآن كلام الله عندنا، وعند أصحاب الهرمنيوطيقا القرآن كلام بشر فكيف نستدل بمقصد المتكلم على المعنى في هذه الحالة؟
ماسبق يكشف أن الهرمنيوطيقا لا تصلح منهجاً لكتاب الله إلا للكفار بمصدره فمن يعتقد جازماً أن القرآن كتبه بشر فلا ضير أن يستخدم الهرمنيوطيقا في الكشف عن معانيه، ومن يعتقد جازماً ان القرآن من عند الله فلا يمكن أن يستخدم الهرمنيوطيقا لأنه سيجمع بين النقيضين الإلحاد والإيمان.
 
لكن الرفض المطلق لمنهج الهرمنيوطيقا الغربي لا يعني بالضرورة عدم الإفادة من بعض الجزئيات في المناهج الغربية لتطوير المنهج الإسلامي الأمثل للتفسير بحيث يكون مستوعباً لمناهج المتقدمين مفيداً منهم ومتجاوزاً لهم، فالإقرار بأن القرآن متعالي على الزمان والمكان يحمل على القول بأن السعي للوصول لأحسن الفهم هدف متجدد.
 
شاكر لجهودكم ومطارحاتكم التي أنارت جوانب كثيرة
وزادت المرء فخرًا بالوجود في هذا الملتقى بينكم
شكر خاص لزميلي وخصمي العنيد د.موراني
الحق أنه عبر بموضوعية ودقة بغض النظر عما قاله في السياق....
درجة الوعي والقلق تستشف في كثير من كلمات الزملاء المتوترة المشحونة بخوف نسبي...
الحمد لله أجرى الحق بإيجاز وبوضوح جلي على لسان أختنا الفاضلة المتميزة د.سهاد قنبر
الإجابة بإيجاز لا تنفع إطلاقًا أن تستخدم الهرمنيوطيقا منهجية في تفسير القرآن
لأنها من حيث المنهج يشترط في النصوص التي تعمل عليها أن تكون إنسانية
والقرآن كلام الله غير المخلوق...
منهجيًا لا تصلح إطلاقًا
لأن القرآن كلام الله
شكرًا لكم
 
عودة
أعلى