نقاش حول حكم زواج المسلم من اليهودية والنصرانية

المقاتل7

New member
إنضم
26/08/2003
المشاركات
16
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الآية ( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم و طعامكم حل لهم ،و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهم محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان و من يكفر بالإيمان فقد حبط عمله و هو في الآخرة من الخاسرين )
لا تدل على جواز زواج المسلم من اليهودية أو النصرانية ، على خلاف الفهم الشائع بين الناس ..
فما الدليل على ذلك ؟
أولا :
حرم على المسلم نكاح المشركة ( و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ) البقرة 221
و اليهود و النصارى يحملون صفة الشرك ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله و المسيح بن مريم و ما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ) التوبة 31
فدل الجمع بين الآيتين على تحريم زواج المسلم من اليهودية أو النصرانية .

ثانيا :
ما المقصود بقوله تعالى ( المحصنات من الذين أتوا الكتاب ) ؟
المقصود به من أسلمن من الذين أوتوا الكتاب !!
فإن قال قائل و هل يُطلق لفظ الذين أتوا الكتاب على من أسلم منهم ؟
قلنا نعم و الدليل ( و إن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله و ما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله ) آل عمران 199
و لاحظ قوله ( وما أنزل إليكم ) أي إلى الرسول ، ورغم إيمانهم به إلا أن صفة أهل الكتاب لم تسقط عنهم لأن ليس فيها دلالة على إنكار رسالة محمد صلى الله عليه وسلم .
و يؤيد ذلك الفهم هو صفة ( المحصنات ) فهذه الصفة لا تطلق إلا على المسلمات فقط دون اليهود والنصارى :
1/ ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء …..) النور4
2/ ( و من لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات …….. ) النساء 25

ثالثا :

انتهت الآية بقوله تعالى ( و من يكفر بالإيمان فقد حبط عمله و هو في الآخرة من الخاسرين ) و لا شك أن اليهود و النصارى كفروا بالإيمان فكيف يعقل أن يبيح الله للمسلم الزواج بالخاسرات المحبطة أعمالهن ؟

خاتمة :
قال تعالى عن الأزواج ( وجعل بينكم مودة ورحمة ) بينما نفى هذه المودة عن من حاد الله ورسوله ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله و لو كانوا …..) الآية ، فكيف يجمع المسلم بين المودة و نقضيها في زوجة غير مسلمة ؟
و قال تعالى ( لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض و من يتولهم منكم فإنه منهم ) و النكاح من أكبر صور المولاة .
و الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج غير المسلمين من جزيرة العرب ، فهل سيطرد المسلمون زوجاتهم الكافرات من البلاد ؟
 
الاخ مقاتل 7

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تعقيبا على موضوعك هذا ، والجدير بالمناقشة أقول:

لقد أجمع المفسرون خلفا وسلفا على جواز نكاح الكتابية التي بقيت على دينها وذلك لدلالة الآية. وهنا نكتب الآية لنتمكن من تدبر أحكامها الواردة فيها

قال تعالى " اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم و طعامكم حل لهم ،و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهم محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان و من يكفر بالإيمان فقد حبط عمله و هو في الآخرة من الخاسرين "

ولنتدبر من الآية قوله تعالى " و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم "

فهنا فرق الله بين المؤمنات وبين الكتابيات ، ولو كان المقصود في التفريق اللفظي فقط لما كان ثمة داع الى شرط عدم السفاح واتخاذ الأخدان. فدل هذا الشرط الى أن المقصود بالتفريق في الآية التفريق العقدي الديني.


أما إستدلالك بآية تحريم نكاح المشركات على تحريم نكاح الكتابية ، فقد رد ذلك بن كثير في تفسيره بأن آية التحريم في البقرة مخصوصة بآية المائدة

ولعلك تتطلع - غير مأمور - على كتب التفسير للإستزادة

والله أعلم
 
المسكين مسكين

المسكين مسكين

الأخ المسكين
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

لقد أجمع المفسرون خلفا وسلفا على جواز نكاح الكتابية التي بقيت على دينها وذلك لدلالة الآية.

ليس هناك إجماعا لقد اختلف الصحابة في هذه المسألة


ولنتدبر من الآية قوله تعالى " و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم "
فهنا فرق الله بين المؤمنات وبين الكتابيات ، ولو كان المقصود في التفريق اللفظي فقط لما كان ثمة داع الى شرط عدم السفاح واتخاذ الأخدان. فدل هذا الشرط الى أن المقصود بالتفريق في الآية التفريق العقدي الديني.
1/ شرط عدم السفاح و اتخاذ الأخدان ليس فيه دلالة قطعية على التفريق العقدي ..
2/ ما الدليل أن الضمير في ( آتيتموهن ) يعود المعطوف وحده ( المحصنات من الذين أوتوا الكتاب ) و ليس المعطوف عليه معه ( المحصنات من المؤمنات ) ؟؟؟

أما إستدلالك بآية تحريم نكاح المشركات على تحريم نكاح الكتابية ، فقد رد ذلك بن كثير في تفسيره بأن آية التحريم في البقرة مخصوصة بآية المائدة
هذا ليس الاستدلال الوحيد ، هناك أربعة ، أولا وثانيا وثالثا و الخاتمة ، وكان الأولى أن تناقشها جميعا لأنها تساند بعضها بعضا ، و ربما كان قولك مقبولا في التخصيص إذا تجاهلنا باقي الأدلة كما فعلت حضرتك .

هل المسكين اسمك الوحيد هنا ؟
 
تعقيب

تعقيب

السلام عليكم ورحمة الله
إن من فقه العبد عدم تناول المسائل الاجتهادية الخلافية بالقطع فيها بحكم معين
وإني لأرجو من أخي المقاتل سدده الله أن يسعه ما وسع من قبله
خصوصا في صياغة عنوان مقاله حيث أنه يثير حفيظة القارئ بهذا القطع الجازم في المسألة
وآمل منه أن ينقل لنا أقوال أئمة الفقه ومفسري آيات الأحكام في هذه المسألة،
والله الموفق.
 
جواب مختصر :

جواب مختصر :

الأخ المقاتل رعاه الله .. نسأل الله لك التوفيق والسداد في جميع أمورك ..
أولاً : هذه المسألة : مسألة نكاح الكتابية : كما ذكرتم محل خلاف بين العلماء :
ذهب جمهور العلماء إلى صحة نكاح الكتابية استدلالاً بالآية التي ذكرت ، حيث جمع الله فيها بين المحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب فدل على الإباحة ، وفرق الله بينهما فدل على التفريق .
قال ابن قدامة : " ليس بين أهل العلم ، بحمد الله ، اختلافٌ في حل حرائر نساء أهل الكتاب . وممن روي عنه ذلك : عمر وعثمان وطلحة وحذيفة وسلمان وجابر وغيرهم . قال ابن المنذر : ( ولا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك ) ... وبه قال سائر أهل العلم" المغني : ( 9 / 545 ).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " نكاح الكتابية جائز بالآية التي في المائد’ ... وهذا مذهب جماهير السلف والخلف من الأئمة الأربعة وغيرهم " . ( المجموع : 32 / 178 ) .
وذهب الصحابي الجليل ابن عمر وجمع من العلماء إلى عدم الجواز قالوا : لا فرق بين المشركات وبين من جعلت عيسى إلهاً . وقال به الإمامية .

ثانياً : المحصنات :
أطلقت في القرآن ثلاثة إطلاقات :
الأول : بمعنى العفائف ومنه قوله تعالى : ( محصنات غير مسافحات ) أي عفائف غير زانيات .
الثاني : بمعنى الحرائر ومنه قوله تعالى : ( فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) أي على الإماء نصف ما على الحرائر من الجلد .
الثالث : أن يراد بالإحصان التزوج . ومنه على التحقيق قوله تعالى : ( فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة ) . أي : فإذا تزوجن .قال ابن كثير : " والأظهر والله أعلم أن المراد بالإحصان ههنا التزويج "
( أضواء البيان : 1 / 318 ) .

ثالثاً : ما ذكرته رعاك الله من تحريم نكاح المشركة صحيح :
وفيه نقطتان :
أ ـ روي عن ابن عباس أن قوله تعالى : ( ولا تنكحوا المشركات ) منسووخ بآية المائدة . قال ابن قدامة : " وكذلك ينبغي أن يكون ذلك في الآية الأخرى لأنهما متقدمتان والآية التي أول المائدة متأخرة عنهما ". المغني : ( 9 / 545 ) .
ب ـ وقال بعض العلماء : ليس هذا نسخاً فإن لفظة المشركين بإطلاقها لا تتناول أهل الكتاب بدليل قوله تعالى : ( لم يكن الذي كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين ) وقوله : ( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ) ، قال ابن قادمة : " وسائر آي القرآن يفصل بينهما ، فدل على أن لفظة المشركين بإطلاقها غير متناولة لأهل الكتاب ".

رابعاً : لا يجوز تحكيم شرع الله تعالى لحكم العقل . فلا يقال فيما أبحاه الله تعالى كيف يُعقل ذلك ولا فيما حرمه كذلك . ولعل هذا من فضل علمكم رعاكم الله .

وأخيراً أحيل القارئ إلى بحث منشور في موقع الإسلام اليوم في حلقات وهو على هذا الرابط :
http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?id=102&catid=103&artid=740
 
عجبا لك أيه المقاتل كيف تصادم النصوص وتأولها هكذا على رأيك .
وقولك : المحصنات لا تطلق إلا على المسلمات . من أين لك هذه القول ؟
وكأن من قبلك ليس لديهم من الفهم شيء حيث قالوا إن المحصنات تطلق في القرآن على الحرائر والعفيفات والمسلمات .
واعلم أن تتبع الغرائب والشواذ من أقوال أهل العلم صفة ذميمة حذر منها العلماء ، أسأل الله لك الهداية .
 
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى ( 14 / 91 )
عن قوله تعالى : { ولا تنكحوا المشركات } وقد أباح العلماء التزويج بالنصرانية واليهودية ; فهل هما من المشركين أم لا ؟ .
فأجاب :
الحمد لله نكاح الكتابية جائز بالآية التي في المائدة , قال تعالى : { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } . وهذا مذهب جماهير السلف والخلف من الأئمة الأربعة وغيرهم.
وقد روي عن ابن عمر أنه كره نكاح النصرانية , وقال : لا أعلم شركا أعظم ممن تقول : إن ربها عيسى ابن مريم . وهو اليوم مذهب طائفة من أهل البدع وقد احتجوا بالآية التي في سورة البقرة , وبقوله : { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } .
والجواب عن آية البقرة , من أوجه :
أحدها : أن أهل الكتاب لم يدخلوا في المشركين , فجعل أهل الكتاب غير المشركين , بدليل قوله : { إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا } . فإن قيل : فقد وصفهم بالشرك بقوله : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون } . قيل : أهل الكتاب ليس في أصل دينهم شرك , فإن الله إنما بعث الرسل بالتوحيد , فكل من آمن بالرسل , والكتب , لم يكن في أصل دينهم شرك , ولكن النصارى ابتدعوا الشرك , كما قال : { سبحانه وتعالى عما يشركون } بحيث وصفهم بأنهم أشركوا , فلأجل ما ابتدعوه من الشرك الذي لم يأمر الله به وجب تميزهم عن المشركين ; لأن أصل دينهم اتباع الكتب المنزلة التي جاءت بالتوحيد لا بالشرك . فإذا قيل : أهل الكتاب لم يكونوا من هذه الجهة مشركين , فإن الكتاب الذي أضيفوا إليه شرك فيه , كما إذا قيل : المسلمون وأمة محمد لم يكن فيهم من هذه الجهة , لا اتحاد , ولا رفض , ولا تكذيب بالقدر , ولا غير ذلك من البدع , وإن كان بعض الداخلين في الأمة قد ابتدع هذه البدع , لكن أمة محمد صلى الله عليه وسلم لا تجتمع على ضلالة , فلا يزال فيها من هو متبع لشريعة التوحيد , بخلاف أهل الكتاب , ولم يخبر الله عز وجل عن أهل الكتاب أنهم مشركون بالاسم , بل قال { عما يشركون } بالفعل , وآية البقرة قال فيها المشركين والمشركات بالاسم , والاسم أوكد من الفعل .
الوجه الثاني : أن يقال : إن شملهم لفظ المشركين في سورة البقرة , كما وصفهم بالشرك فهذا متوجه بأن يفرق بين دلالة اللفظ مفردا , ومقرونا , فإذا أفردوا دخل فيهم أهل الكتاب , وإذا قرنوا أهل الكتاب لم يدخلوا فيهم , كما قيل , مثل هذا في اسم الفقير والمسكين ونحو ذلك , فعلى هذا يقال : آية البقرة عامة , وتلك خاصة , والخاص يقدم على العام . الوجه الثالث : أن يقال : آية المائدة ناسخة لآية البقرة ; لأن المائدة نزلت بعد البقرة باتفاق العلماء . وقد جاء في الحديث : { المائدة من آخر القرآن نزولا فأحلوا حلالها وحرموا حرامها } . والآية المتأخرة تنسخ الآية المتقدمة إذا تعارضتا .
وأما قوله : { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } فإنها نزلت بعد صلح الحديبية , لما هاجر من مكة إلى المدينة , وأنزل الله سورة الممتحنة , وأمر بامتحان المهاجرين , وهو خطاب لمن كان في عصمته كافرة , واللام لتعريف العهد , والكوافر المعهودات هن المشركات .
 
الأخوة الأفاضل

الهدف من النقاش الوصول للحق و لذا يرجى التركيز على ما أكتبه و مناقشته حرفيا بدلا من إحالتي إلى روابط أو نقل أقوال للعلماء لا تتناول الرد على كل ما أقوله فيصبح الحوار بلا طائل . كما أن هذه المسألة ليس فيها إجماعا فلا يحاول أحد أن يوهم أن هذا الكلام خروج عن الإجماع .

المتفق عليه بين العلماء أنه لا يجوز القول بالنسخ مادام هناك سبيلا للتوفيق بين النصوص و الجمع بينها !

وقد قلت أن لفظ ( الذين أوتوا الكتاب ) و( أهل الكتاب ) يدل على من أسلم منهم ومن كفر ، و دليل ذلك :

1/ (و إن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله و ما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله )
آل عمران 199
و لاحظ قوله ( وما أنزل إليكم ) أي إلى الرسول ، ورغم إيمانهم به إلا أن صفة أهل الكتاب لم تسقط عنهم لأن ليس فيها دلالة على إنكار رسالة محمد صلى الله عليه وسلم .

2/ ( ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله ءاناء الليل و هم يسجدون ) آل عمران 113

3/ في آية الجزية ( و لا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب ) التوبة 29 فدل ذلك على أن الذين أوتوا الكتاب منهم المسلمون الذين يدينون دين الحق و منهم من لا يدين دين الحق .
و الأمثلة كثيرة .. و نخرج من ذلك بقاعدة مؤداها أن وصف ( الذين أوتوا الكتاب ) يشمل من آمن منهم ومن كفر .

نعود إلى آية سورة المائدة :

(اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم و طعامكم حل لهم ،و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهم محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان و من يكفر بالإيمان فقد حبط عمله و هو في الآخرة من الخاسرين )

ما الذي يجعلنا نقول أن المراد في الآية ب (المحصنات من الذين أو توا الكتاب) هو من آمن منهن فقط ؟

1/ وصف المحصنات لم يأت قط إلا في وصف المؤمنات ( كما أوضحت في ثانيا بالموضوع الأساس ) ، الحرائر منهن والمتزوجات و العفيفات . فأنا لم أقل أن المراد بالمحصنات هو المؤمنات كما ظن الأخ فهد الوهبي و لكني قلت أن هذه الصفة اختصت كل الآيات المؤمنات بها فأصبحت تدل عليهن . فدل ذلك على أن ( المحصنات من الذين أوتوا الكتاب ) تعني من آمن منهن .

و قد يسأل سائل :
إذا كان الذين أوتوا الكتاب منهم من آمن ومنهم من كفر (اليهود والنصارى) فلم دلت الآية على المحصنات المؤمنات منهن ، بينما اكتفت بلفظ ( الذين أوتوا الكتاب ) رغم عدم اقتصاره على المؤمنين منهم ؟
لماذا لم يقل الله مثلا ( و المحصنات من الذين أتوا الكتاب ويدينون دين الحق ) لرفع هذا اللبس ؟
و الجواب :
إن المرأة من الذين أوتوا الكتاب قد تؤمن بينما تبقى أسرتها على الكفر ، و لكنها رغم إيمانها تحمل صفة ( أهل الكتاب ) و أهلها يحملون نفس الصفة رغم بقائهم على الكفر ، و ربما وجد المسلمون حرجا في الزواج بمن كانت هذه حالها . فجاءت الآية لرفع هذا الحرج .
وكذلك ربما وجد المسلم حرجا في الزواج بمن أسلمن من المشركين و المجوس والصابئين مع بقاء أسرهن على الكفر و لذلك قال تعالى (والمحصنات من المؤمنات ) و لم يقل ( من المؤمنين ) ليشمل ذلك تلك الفئة التي بقيت أسرتها على الكفر ؟


2/ انتهت الآية بقوله تعالى ( ومن يكفر بالإيمان فقط حبط عمله و هو في الآخرة من الخاسرين ) فكأن الله تعالى ينبه إلى أن إباحة النكاح من المؤمنات من الذين أوتوا الكتاب لا يعني إسقاط البراء من الكافرين منهم ( اليهود والنصارى) خاصة في حال بقاء أسرة المرأة على الكفر .

3/ القول بالنسخ لن يعني نسخ قوله تعالى (و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ) فقط ، بل سيعني نسخ عقيدة الولاء والبراء بالكامل ، و على هذه الآية يلعب العصرانيون و أصحاب المدرسة العقلية ومن لف لفهم محاولين التنصل من عقيدة الولاء والبراء ، لأن الزواج بالكتابية لن يعزلها عن أسرتها و سيجد المسلم نفسه مضطرا إلى مخالطة اليهود أو النصارى وموالاتهم من باب صلة الرحم .

و لمزيد من التوضيح نقول :

# في الأثر المرفوع ( أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ) فهل سيخرج المسلم زوجة الكتابية ؟

# ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء بعض و من يتولهم منكم فإنه منهم ) المائدة ، فهل سيتبرأ المسلم من زوجه وأهلها ؟

# ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ) المجادلة
و لا حظ (ولو كانوا ) مما يدل على عدم الاستثناء مهما بلغت صلة القرابة كحال الآباء والأبناء فكيف بالزوجات وأسرهن .

# ( و لا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم ) الأحزاب

# ( الأخلاء بعضهم يومئذ لبعض عدو إلا المتقين ) الزخرف ، فإن عادى المسلم زوجته الخليلة يوم القيامة فهو ليس من المتقين !!

# ( و أعرض عن الجاهلين ) الأعراف

و الآيات كثيرة ، لا يمكن القول بالتخصيص مادام هناك سبيلا للجمع بين النصوص كما بينت .

و الآن سنقوم بالرد على بعض ما أورده الأخوة المشاركون :


إن من فقه العبد عدم تناول المسائل الاجتهادية الخلافية بالقطع فيها بحكم معين
للصواب واحد ، و في المسائل الخلافية يكون الصواب قولا واحدا ، والباقي خطأ ، و إذا قبلنا قولين في مسألة واحدة فهذا يخرج عن حدود المعقول .
قال الإمام المزني
يقال لمن جوز الاختلاف و زعم أن العالمين إذا اجتهدا في الحادثة فقال أحدهما حلال والآخر حرام أن كل واحد منهما في اجتهاده مصيب الحق : ( أبأصل هذا أم بقياس ) فإن قال: بأصل ، قيل له : كيف يكون أصلا والكتاب ينفي الاختلاف ، و إن قال : بقياس ، قيل له : كيف تكون الأصول تنفي الخلاف ويجوز أن تقيس عليها جواز الخلاف ؟ هذا ما لا يجوزه عاقل فضلا عن عالم ) جامع بيان العلم لابن عبد البر ( 2/89)
و لذا لابد من القطع بالحكم في المسائل الخلافية لأن إقرار الخلاف غير جائز أصلا .



ذهب جمهور العلماء إلى صحة نكاح الكتابية استدلالاً بالآية التي ذكرت ، حيث جمع الله فيها بين المحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب فدل على الإباحة ، وفرق الله بينهما فدل على التفريق
.

التفريق هنا لاختلاف الحال و ليس لاختلاف العقيدة كما أوضحت ، فحال المؤمنة في الأسرة المسلمة تختلف عن حال المؤمنة من أهل الكتاب و التي قد تبقى أسرتها أو عشيرتها على الكفر .

وذهب الصحابي الجليل ابن عمر وجمع من العلماء إلى عدم الجواز قالوا : لا فرق بين المشركات وبين من جعلت عيسى إلهاً . وقال به الإمامية .
و هل ابن عمر وهؤلاء العلماء من الإمامية ؟


وقال بعض العلماء : ليس هذا نسخاً فإن لفظة المشركين بإطلاقها لا تتناول أهل الكتاب بدليل قوله تعالى : ( لم يكن الذي كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين ) وقوله : ( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ) ، قال ابن قادمة : " وسائر آي القرآن يفصل بينهما ، فدل على أن لفظة المشركين بإطلاقها غير متناولة لأهل الكتاب ".
و هل العطف في هذه الآيات يقتضي المغايرة التامة فقط أم المغايرة الجزئية أيضا ؟
وصف من كفر من أهل الكتاب بالشرك ثابت ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله و المسيح بن مريم و ما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ) التوبة 31
ولذا عند إطلاق لفظ المشركين فلا ريب أنه يشمل كل من وُصف بالشرك مادام جاء مفردا . و ليس مقرونا كما في الآيات السابقة .

لا يجوز تحكيم شرع الله تعالى لحكم العقل . فلا يقال فيما أبحاه الله تعالى كيف يُعقل ذلك ولا فيما حرمه كذلك . ولعل هذا من فضل علمكم رعاكم الله
.
نعم لقد أخطأت في قولي ( فهل يعقل ) .. لا بأس ..

أن أهل الكتاب لم يدخلوا في المشركين , فجعل أهل الكتاب غير المشركين , بدليل قوله : { إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا } . فإن قيل : فقد وصفهم بالشرك بقوله : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون } . قيل : أهل الكتاب ليس في أصل دينهم شرك , فإن الله إنما بعث الرسل بالتوحيد , فكل من آمن بالرسل , والكتب , لم يكن في أصل دينهم شرك , ولكن النصارى ابتدعوا الشرك , كما قال : { سبحانه وتعالى عما يشركون } بحيث وصفهم بأنهم أشركوا , فلأجل ما ابتدعوه من الشرك الذي لم يأمر الله به وجب تميزهم عن المشركين ; لأن أصل دينهم اتباع الكتب المنزلة التي جاءت بالتوحيد لا بالشرك . فإذا قيل : أهل الكتاب لم يكونوا من هذه الجهة مشركين , فإن الكتاب الذي أضيفوا إليه شرك فيه
و لذا قلت أن أهل الكتاب يطلق على من آمن منهم و من كفر ، فهذا القول يؤيد ما أدرجته سالفا .
و لكن من كفر منهم يدخل في المشركين و هم اليهود والنصارى و الأية ( و قالت اليهود عزير بن الله و قالت النصارى المسيح ابن الله …………… سبحانه عما يشركون ) ، و لا يشرك إلا المشرك ، فعندما يقول الله تعالى ( يشركون ) فقد حسم الله الأمر في إشراك اليهود والنصارى ، ولا يجوز أن نقول عليهم ليسوا مشركين .

قال { عما يشركون } بالفعل , وآية البقرة قال فيها المشركين والمشركات بالاسم , والاسم أوكد من الفعل .
( الإسم أوكد من الفعل ) لا تعني أن الفعل لا يثبت الصفة كما يثبتها الاسم . و من ادعى أن الفعل لا يثبت الصفة فعليه الدليل .

وأما قوله : { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } فإنها نزلت بعد صلح الحديبية , لما هاجر من مكة إلى المدينة , وأنزل الله سورة الممتحنة , وأمر بامتحان المهاجرين , وهو خطاب لمن كان في عصمته كافرة , واللام لتعريف العهد , والكوافر المعهودات هن المشركات .
لم أستشهد بهذه الآية أصلا .
 
هذا الموضوع كنت قد طرحته قبل أكثر من سنة في منتديات أخرى،
وإليكم ما تبين لي فيه:

هل أحل الله نكاح المحصنات من (أهل الكتاب )أم من الذين (أوتوا الكتاب)؟
إن كن من أهل الكتاب فذلك يعني النصارى واليهود،وإن كن من الذين أوتوا الكتاب فذلك يعني اليهود فقط.
الذين أوتوا الكتاب قبل الإسلام هم اليهود والذين أوتوا الكتاب من بعد اليهود هم العرب.
ولقد جعل الله النبوة والكتاب في ذرية إبراهيم،قال تعالى :أم يحسدون الناس على ما ءاتاهم الله من فضله فقد ءاتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وءاتيناهم ملكا عظيما). وحتى المسيح عليه السلام كان من ذرية إسرائيل ورسولا إلى بني إسرائيل وكان يحكم بالتوراة بالإضافة إلى الإنجيل الذي آتاه الله.
والله سبحانه حينما يطلق كلمة (أهل الكتاب ) فإنه يعني بذلك اليهود والنصارى،أما إذا قال :الذين( أوتوا الكتاب) فلا يعني بذلك إلا اليهود . ونفس الشيء نقوله عن القرآن فأهل القرآن هم كل المسلمين من عرب وفرس وترك وغيرهم أما الذين أوتوا القرآن فهم العرب.
ونقرأ في سورة البينة:لم يكن الذين كفروا من (أهل الكتاب) والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة، وما تفرق الذين (أوتوا الكتاب )إلا من بعدما جاءتهم البينة).
فأهل الكتاب هنا هم اليهود والنصارى.أما الذين تفرقوا من بعدما جاءتهم البينة فهم اليهود الذين فهمواالنبوءات التي تتكلم عن رسول الله ولما تحققت تفرقوا إلى فريقين قلة منهم أسلمت والباقي كفروا بما استيقنت أنفسهم واستحقوا غضب الله.

أما الآية التي فسرها العلماء أنها تحل للمسلم طعام النصارى واليهود وتحل له نكاح المحصنات من نسائهم فهي : اليوم أحلت لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم....)
هذه الآية تحل طعام الذين (أوتوا الكتاب) والمحصنات من نسائهم وهم بلا شك اليهود فقط ،فهم الذين يذبحون مثل المسلمين ويذكرون على ذبائحهم اسم الله ،ونجد اليهوديات االمتدينات يرتدين الحجاب مثل كثير من المسلمات. أما إذا قلنا إن كلمة(الذين أوتوا الكتاب) هنا تعني أيضا النصارى فإننا بذلك نناقض الآية التي تقول:حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقودة والمتردية والنطيحة....) . وكل الذي ذكر في هذه الآية هو طعام النصارى،فموائدهم لا تخلو من لحم الخنزير بالإضافة إلى الخمر واللحم لا يذبح ولا يذكر اسم الله عليه،فكيف يحرم الله علينا هذا الطعام هنافي الآية 2 من سورة المائدة ثم يحله لنا في الآية 4 من نفس السورة!!! لا شك أننا نحن الذين لم نفهم مدلول الآية.
وأما نساء النصارى فلم نر فيهن من ينطبق علهن وصف المحصنات ،هن متبرجات ومشركات والله حرم على المؤمنين نكاح المشركات في قوله تعالى:ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم...) والنصارى يعتقدون في المسيح اعتقادا مزدوجا :أنه ابن الله وأن الله هو المسيح، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا،فأي شرك أعظم من ذلك وأي كفر أكبر من قولهم إن الله هو المسيح!!
 
أريد أن أضيف توضيحا لما جاء في رد أحد الإخوة حيث أورد بعض اجتهادات العلماء الذين يروا أن النصارى ليسوا مشركين فقال:
أن أهل الكتاب لم يدخلوا في المشركين , فجعل أهل الكتاب غير المشركين , بدليل قوله : { إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا } .
وبدليل قوله تعالى: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة)

أقول : إن العطف في اللغة إما أن يكون عطف مغايرة= عطف ضد على ضد ، كأن نقول : الخير والشر ، الصالح والفاسد، هذا عطف مغايرة.
أو عطف مماثلة ، مثلا :
أمرت خالذا وكل كسلاء القسم بمذاكرة دروسهم،
هنا عطفت الكسلاء على خالد. هل في هذا العطف ما يفيد أن خالدا ليس بكسول؟
كلا، بل خالد أحد هؤلاء الكسلاء ولكنني خصصته بالذكر للأهمية نظرا لأنه مكرر للقسم ورسوبه قد يتسبب في طرده، ولذلك فخالد جدير هنا أن أخصه بالذكر.
كذلك إذا عطف المشركين على أهل الكتاب أو عطف المشركين على النصارى فذلك يعني المماثلة في الشرك.

أما بالنسبة للآية :
( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله و لو كانوا …..) الآية ،
لاحظ كلمة ( حاد الله ورسوله) التي تعني حارب الله ورسوله ، عادى الله ورسوله، قاتل أهل الإسلام....
هؤلاء نهانا الله أن نوادوهم ولو كانوا آباءنا).
أما إذا لم يعادوا الله ورسوله ولم يقاتلونا في الدين فإن الله لم ينهانا أن نبروهم ونقسط إليهم.
 
الأخ أبو علي :
أعتقد أن المسألة الخاصة بالمقصود بالذين أوتوا الكتاب بحاجة إلى مزيد من البحث حول أصل تسمية النصارى ، ومتى بدأ إطلاقها ، و أصل الحواريين ، و هل النصارى كانت في الأصل طائفة من اليهود قبل رسالة عيسى عليه السلام ، و هل هم بذلك ورثوا الكتاب أم أوتوا الكتاب؟


و أرجو من الأخوة إثراء هذه النقطة التى طرحها أبو علي ..


الأخ أبو علي ..

كلامك لم يتناول أصل الموضوع بالكامل عن أن المقصود بالذين أوتوا الكتاب هو من آمن منهم فقط و قد سقت الحجة في ذلك و لكنك قمت بالرد على جزء يسير منها و لي عودة للتعقيب ..

كما أنك طرحت نقطة تؤيد ما قلته ..
فقوله تعالى ( اليوم أحل لكم الطيبات و طعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم )
و لا يمكن أن يكون المقصود بطعام الذين أوتوا الكتاب إلا طعام الذين آمنوا منهم !!
لأنه لو كان المقصود طعام اليهود والنصارى لكان معنى ذلك نسخ آيات تحريم الخمر و تحريم ما لم يذكر اسم الله عليه من الذبائح !!
 
[الأخ أبو علي

( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله و لو كانوا …..) الآية ،
لاحظ كلمة ( حاد الله ورسوله) التي تعني حارب الله ورسوله ، عادى الله ورسوله، قاتل أهل الإسلام....
هؤلاء نهانا الله أن نوادوهم ولو كانوا آباءنا).
أما إذا لم يعادوا الله ورسوله ولم يقاتلونا في الدين فإن الله لم ينهانا أن نبروهم ونقسط إليهم.
من هو من يحادد الله ورسوله ؟
كما في قوله تعالى ( ألم يعلموا انه من يحادد الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدا فيها )
يقال حاد الشيء الشيء أي صار بينهما حدا فاصلا ( راجع معاجم اللغة )
و من حاد الله ورسوله هو كل من جعل بينه وبين شرائع الإسلام حدا و لا يشترط أن تكون هناك معاداة ظاهرة أو قتال للمسلمين ، ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب إذا استندنا إلى أسباب النزول .
 
الأخ المقاتل:
الذي يصح أن نقول عنه أنه حاد الله ورسوله هو الذي وقف حاجزا وحدا أمام دعوة الإسلام بكل ما أتي من قوة، ولنأخذ مثلا أعمام رسول الله : أبو لهب وأبو طالب.
أبو لهب وقف أمام الدعوة وتصدى لها بكل ما يملك من قوة ودهاء،وهو بذلك يعتبر محادا للإسلام لأنه صار خصما للدعوة، فاستحق بذلك أن يلعن في القرآن ويلعنه الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما أبو طالب فهو لم يهتد للإسلام ولكنه لم يقف أمام الدعوة ولم يظاهر المشركين على الإسلام، فهل لعن النبي صلى الله عليه وسلم أبا طالب لأنه لم يسلم؟
كلا بل صاحبه في الدنيا معروفا وتمنى له الهداية، ونزل قرآن في ذلك
: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) ، لاحظ كلمة ( أحببت) ، لو كان أبا طالب قد حاد الله ورسوله لما أحبه رسول الله لأن الحب من الود، لكن أبا طالب كانت منه مواقف نبيلة تجاه ابن أخيه ودعوته أحبها فيه رسول الله. فمن العدل والإنصاف أن نقابل الإحسان بالإحسان.
والله سبحانه يقول : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين).
نعود إلى آية سورة المائدة:
إقرأ الآية إلى أن تصل إلى قوله تعالى : ... والمحصنات من المؤمنات.
الآية هنا ( المحصنات من المؤمنات) تعني أية محصنة آمنت بالله ورسوله سواء كانت يهودية أو نصرانية أو بوذية أو مجوسية أو هندوسية أو وثنية أو مهما كانت ديانتها قبل الإسلام إن أسلمت يحل نكاحها.
لكن الآية لم تتوقف هنا بل عطف عليها : والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم....).
كيف يعطف (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم....).!!!
إذا كان نكاح هؤلاء يستوجب بالضرورة الإيمان بالإسلام وقد مضى بيان ذلك قبل العطف!!،
ما فائدة العطف إذن؟
نلاحظ أن ( المحصنات) الأولى جاءت بعدها ( المؤمنات)، أما (محصنات الذين أوتوا الكتاب) جاءت مجردة بدون أن تتبع كلمة (المؤمنات) لنعلم بذلك أن الله قد أحل للمؤمنين نكاح المؤمنات الإيمان الكامل ( بكل الرسل بمن فيهم رسول الإسلام) وأحل أيضا نكاح المحصنات من الذين أوتوا الكتاب اللاتي يؤمن فقط بما أنزل عليهن
ولذلك جاء ذكر ( محصنات الذين أوتوا الكتاب ) مجردة دون أن يوصفن ب ( المؤمنات).
ويجب أن نأخذ في الاعتبار آية سورة البقرة :
( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن).
اليهود الذين أوتوا الكتاب قص علينا القرآن أنهم وقعوا في ضلالات كثيرة عبر تاريخهم : عبدوا العجل، أشركوا بالله بقولهم : عزير ابن الله ، اتخذوا أحبارهم أربابا من دون الله.....
هذا كله عبر عنه القرآن بصيغة الماضي ، ولا يلزم استمراره إلى الآن إلا إذا ثبت ذلك في القرآن، وحيث لم يرد في القرآن نهي لليهود عن ذلك نفهم أن ذلك الشرك صححه لهم أنبياءهم وانتهوا عن ذلك.
أما النصارى فإن القرآن قص علينا من أنباءهم بصيغة الماضي والمضارع أنهم قالوا ويقولون : المسيح ابن الله، ولذلك ينهاهم القرآن عن قول ذلك بقوله تعالى : انتهوا خيرا لكم.
إذن شرك النصارى واضح ومبين في الكتاب وواقع حالهم يثبت ذلك،
أما اليهود فحصل منهم ذلك في الماضي عبر تاريخهم وصحح لهم ذلك أنبياءهم.
 
نلاحظ أن ( المحصنات) الأولى جاءت بعدها ( المؤمنات)، أما (محصنات الذين أوتوا الكتاب) جاءت مجردة بدون أن تتبع كلمة (المؤمنات) لنعلم بذلك أن الله قد أحل للمؤمنين نكاح المؤمنات الإيمان الكامل ( بكل الرسل بمن فيهم رسول الإسلام) وأحل أيضا نكاح المحصنات من الذين أوتوا الكتاب اللاتي يؤمن فقط بما أنزل عليهن
ولذلك جاء ذكر ( محصنات الذين أوتوا الكتاب ) مجردة دون أن يوصفن ب ( المؤمنات).
1/ العطف هنا كما يظهر لتأكيد و توضيح إباحة الزواج ممن آمنت من أهل الكتاب وبقيت أسرتها أو عشيرتها على الكفر و أصبحت تشترك معهم في صفة ( الذين أوتوا الكتاب). لأن ( المحصنات من المؤمنات )وحدها ليس فيها الدلالة على ذلك .
2/ تعبير ( الذين أوتوا الكتاب ) ليس فيه دلالة قطعية على الكفر كما أوضحت فهذا وصف من آمن منهم ومن بقي على كفره ، فما الذي يجعلنا نحمله على الكفر خاصة وقد قال الله تعالى في بداية الآية (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم و طعامكم حل لهم ) ، فإذا كان طعام الذين أوتوا الكتاب حل لنا فهذا تمهيد ليدل على أن المقصود بالذين أوتوا الكتاب هو من آمن منهم فقط ، لأن اليهود يشمل طعامهم على لحم الخنزير و الخمور حتى المتدينين منهم ( الحاخامات ) إذا هو ليس محرما في ما يزعمون أنه التوراة ـ والمعروف أن اليهود يملكون العديد من مصانع الخمور في العالم، و لو كان طعامهم حل لنا لأبيح لنا الخمر و لحم الخنزير ، إذا فقوله تعالى ( و طعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ) لا يمكن أن يفهم إلا أن يكون المقصود به من آمن منهم فقط .
3/ لا يمكن التوفيق بين النصوص التي ذكرتها إلا بهذا الفهم ، لأن كلامك ربما كان مقبولا لو استبعدنا كل الأدلة و النصوص التي تنقض ما ذهبت إليه والتي لم تفندها بالكامل .


ويجب أن نأخذ في الاعتبار آية سورة البقرة :
( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن).
اليهود الذين أوتوا الكتاب قص علينا القرآن أنهم وقعوا في ضلالات كثيرة عبر تاريخهم : عبدوا العجل، أشركوا بالله بقولهم : عزير ابن الله ، اتخذوا أحبارهم أربابا من دون الله.....
هذا كله عبر عنه القرآن بصيغة الماضي ، ولا يلزم استمراره إلى الآن إلا إذا ثبت ذلك في القرآن، وحيث لم يرد في القرآن نهي لليهود عن ذلك نفهم أن ذلك الشرك صححه لهم أنبياءهم وانتهوا عن ذلك.
أما النصارى فإن القرآن قص علينا من أنباءهم بصيغة الماضي والمضارع أنهم قالوا ويقولون : المسيح ابن الله، ولذلك ينهاهم القرآن عن قول ذلك بقوله تعالى : انتهوا خيرا لكم.
إذن شرك النصارى واضح ومبين في الكتاب وواقع حالهم يثبت ذلك،
أما اليهود فحصل منهم ذلك في الماضي عبر تاريخهم وصحح لهم ذلك أنبياءهم
أنت تحاول هنا أن تقول أن اليهود لا يحملون صفة الشرك مثل النصارى ، ولكن الله تعالى قال ( سبحانه عما يشركون ) في سورة التوبة وهي آخر ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم ، و يشركون هنا بصيغة المضارع ، أي أن شركهم كان واقعا وقت نزول الآية التى نزلت بعد آية المائدة ( اليوم أحل لكم ….).

.
 
( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم و طعامكم حل لهم )
هذه الآية نعيشها واقعيا الآن.
نحن المسلمين الذين نعيش في الغرب نشتري اللحم من عند الجزار المسلم لأنه يذبح حسب الطريقة الشرعية، ومن لم يكن في مدينته جزار مسلم فإنه يشتري اللحم Kocher المذبوح على الطريقة اليهودية لأنه حلال ذبحه الراباي وذكر اسم الله عليه ، وكذلك اليهود الملتزمين فإنهم لا يأكلون إلا اللحم الحلال المذبوح على طريقتهم، أو
يشترون اللحم من عند الجزار المسلم لأنه حلال عندهم ( وطعامكم حل لهم).
اليهود الملتزمون لا يشترون اللحم من السوبر ماركت لأنه غير مذبوح.
الآية اتي ختمت ب (سبحانه عما يشركون) فعل يشركون ( مضارع)
لأنه:
1) هذا حكم عام لكل من أشرك بالله، الله منزه عما أشرك به الأولون وما يشرك به كل مشرك إلى الأبد.
2) لا تنسى أن الآية تتكلم عن اليهود والنصارى (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم من دون الله والمسيح بن مريم) والنصارى مازالوا يشركون بالله فمن الطبيعي أن تختم الآية ب : سبحان الله عما يشركون)، فهم الذين قال الله عنهم : كبرت كلمة تخرج من أفواههم..)
تخرج : فعل مضارع يفيد الاستمرار.

قف عند قوله تعالى : (و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم )
المحصنات المؤمنات تفيد أية محصنة مؤمنة على الإطلاق سواء كانت كتابية أم غير كتابية إذا آمنت فإنها تصبح حلالا للنكاح،
لماذا جاء العطف إذن : (و المحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم )
مادام حكم المؤمنات منهن قد سبق في : ( المحصنات المؤمنات ) !!!
إذن لا يستقيم التعبير إلا إذا كان العطف عطف شيء مغاير لما قبله، فيكون المعنى هو أن الله قد أحل للمؤمنين نكاح المؤمنات إيمانا كاملا : بما أنزل إلى محمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل من قبله،
وأحل نكاح المؤمنات إيمانا ناقصا : يؤمنون فقط بما جاء به أنبياؤهم.
وهؤلاء هم بنو إسرائيل الذين ( أوتوا الكتاب) .
 
كاتب الرسالة الأصلية : أبو علي
قف عند قوله تعالى : (و المحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم )
المحصنات المؤمنات تفيد أية محصنة مؤمنة على الإطلاق سواء كانت كتابية أم غير كتابية إذا آمنت فإنها تصبح حلالا للنكاح،
لماذا جاء العطف إذن : (و المحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم )
مادام حكم المؤمنات منهن قد سبق في : ( المحصنات المؤمنات ) !!!
إذن لا يستقيم التعبير إلا إذا كان العطف عطف شيء مغاير لما قبله، فيكون المعنى هو أن الله قد أحل للمؤمنين نكاح المؤمنات إيمانا كاملا : بما أنزل إلى محمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل من قبله،
وأحل نكاح المؤمنات إيمانا ناقصا : يؤمنون فقط بما جاء به أنبياؤهم.
وهؤلاء هم بنو إسرائيل الذين ( أوتوا الكتاب) . [/B]

أنت نفسك قمت بالرد على هذه النقطة عندما قلت أن العطف لا يقتضي المغايرة دائما بل قد يدل على المماثلة
و مثال ذلك :
(و إذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون ) ، البقرة
فالكتاب هو الفرقان و هو التوراة ،
و عطف المماثلة يكون لبيان المعنى ، فالتوراة كانت فرقانا لأنها تفرق بين الحق والباطل
و العطف في آية سورة المائدة إما أن يكون عطف مماثلة ، أو عطف مغايرة لاختلاف الحال بين المؤمنة في العشيرة الإسلامية والمؤمنة في عشيرة أهل الكتاب الذين نجد منهم من آمن ومنهم من كفر .

كما لا يوجد شئ اسمه إيمان ناقص للذين أوتوا الكتاب ، فهم كفار والكفر لا يجتمع مع إيمان كامل أو ناقص
 
(و إذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون ) ، البقرة
هنا عطف صفة على موصوف ، كلمة الفرقان ليست مرادفة للكتاب وإنما هي وصف للكتاب ، فليس كل كتاب فرقان وإنما كتاب الله هو الذي يأخذ ذك الوصف.
مثلا : إذا قلت : عمر تلميذ مجتهد ومؤدب، هنا عطف صفة على موصوف، ليست كلمة ( مؤدب) مرادفة ل ( مجتهد) ، قد يكون التلميذ مجتهدا وغير مؤدب ، وقد يكون مؤدبا وغير مجتهد.
أقصد بالإيمان الناقص للمحصنات من بني إسرائيل عدم الإيمان بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان فقط بما أنزل على بني إسرائيل.
هذه المسألة التي نحن بصددها ذهب أكثر العلماء إلى أن الله قد رخص نكاح الكتابيات حتى ولو بقين على دينهن ، كلامهم صحيح وسياق الآية يتبين منه ذلك، أختلف معهم فقط في أن المحصنات المعنيات بالترخيص هن فقط نساء الذين أوتوا الكتاب ( بني إسرائيل) ولسن نساء أهل الكتاب ( اليهود والنصارى).
 
أخي الكريم المقاتل :
الذي فهمته من كلامك أن المراد بالمحصنات في الآية هن المسلمات المؤمنات ( ويشمل الحرائر منهن والمتزوجات والعفيفات )
إذن يكون معنى الآية على قولك هو : ( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمؤمنات من المؤمنات والمؤمنات من الذين أوتوا الكتاب .... )
بمعنى أنه أحل لكم المؤمنات من المؤمنات ، والمؤمنات من الذين أوتوا الكتاب ، ولا يخفى أن هذا المعنى ركيك للغاية ، وينبغي أن تصان عنه الآية .
فلم يبق إلا أن يكون المراد بالمحصنات هن العفيفات أو الحرائر حتى لا يكون هناك تكرار في الآية دون فائدة .
وأما وصف « الذين أوتوا الكتاب » و « أهل الكتاب » فالأصل فيه أن المراد بهم الذين لم يسلموا ، ولو تأملت خطابات القرآن الكريم لأهل الكتاب لوجدت أن الغالب فيها نداء الذين لم يسلموا منهم ، ولو خرجنا عن هذا الأصل لوقعنا في لبس شديد ، ولا يجوز العدول عن الأصل إلا بدليل ، وما ذكرته أنت من أمثله هو خروج عن الأصل لوجود الدليل وهو السياق .
وقولك : و نخرج من ذلك بقاعدة مؤداها أن وصف ( الذين أوتوا الكتاب) يشمل من آمن منهم ومن كفر.
أقول : هذه الدعوى تحتاج إلى دليل ؛ لأنها خلاف الأصل وخلاف الظاهر ، والمتقرر في قواعد التفسير : أنه يجب حمل نصوص القرآن على المعنى الظاهر المتبادر ، ولا يجوز العدول عن الظاهر إلا بدليل .
 
أخي الكريم أبا علي :
قلت حفظك الله :
« والله سبحانه حينما يطلق كلمة (أهل الكتاب ) فإنه يعني بذلك اليهود والنصارى ، أما إذا قال : الذين ( أوتوا الكتاب) فلا يعني بذلك إلا اليهود » أ.هـ
أقول :
هذه الدعوى تحتاج إلى دليل ، وينقضها عدة آيات منها :
1- قوله تعالى : { يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا(153) } [ النساء ]
على قولك يكون المراد بأهل الكتاب في الآية هم اليهود والنصارى ، وهل النصارى هم الذين سألوا موسى ؟ أم هم اليهود فقط ؟
2- وقال تعالى : { وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا(159)} [ النساء ]
قال ابن عباس : يعني اليهود خاصة ، ذكره ابن كثير في تفسير الآية .
3- وقال تعالى : { يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا(171) } [ النساء ]
فهل يدخل اليهود في هذه الآية ؟

والتحقيق أن « أهل الكتاب » و « الذين أوتوا الكتاب » لفظ عام إذا أطلق في القرآن فإنه يشمل اليهود والنصارى ، إلا أنه قد يراد به « اليهود خاصة » أو « النصارى خاصة » وذلك عند وجود قرينة في الآية ، أو دليل آخر . والله تعالى أعلم .
 
إذن يكون معنى الآية على قولك هو : ( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمؤمنات من المؤمنات والمؤمنات من الذين أوتوا الكتاب .... )
بمعنى أنه أحل لكم المؤمنات من المؤمنات ، والمؤمنات من الذين أوتوا الكتاب ، ولا يخفى أن هذا المعنى ركيك للغاية ، وينبغي أن تصان عنه الآية .
لا بالطبع لم أقصد ذلك ، لكن قصدت أن المحصنات صفة لم ترد في الآيات إلا في وصف المؤمنات فقط ، و هي هنا بمعني العفيفات كما هو ظاهر أو ربما الحرائر إذا كانت (من ) للتبعيض

فلم يبق إلا أن يكون المراد بالمحصنات هن العفيفات أو الحرائر حتى لا يكون هناك تكرار في الآية دون فائدة
لا ليس تكرارا دون فائده ، بل لاختلاف بين حال المعطوف والمعطوف عليه ، فالمعطوف عليه يشمل المؤمنات في العشيرة المسلمة ، والمعطوف يشمل المؤمنات في العشيرة من الذين أوتوا الكتاب والذين قد يسلم بعضهم و يبقي الآخرون على الكفر و يشتركون جميعا في صفة ( الذين أوتوا الكتاب)



وأما وصف « الذين أوتوا الكتاب » و « أهل الكتاب » فالأصل فيه أن المراد بهم الذين لم يسلموا ، ولو تأملت خطابات القرآن الكريم لأهل الكتاب لوجدت أن الغالب فيها نداء الذين لم يسلموا منهم ، ولو خرجنا عن هذا الأصل لوقعنا في لبس شديد ، ولا يجوز العدول عن الأصل إلا بدليل ، وما ذكرته أنت من أمثله هو خروج عن الأصل لوجود الدليل وهو السياق .
وقولك : و نخرج من ذلك بقاعدة مؤداها أن وصف ( الذين أوتوا الكتاب) يشمل من آمن منهم ومن كفر.
أقول : هذه الدعوى تحتاج إلى دليل ؛ لأنها خلاف الأصل وخلاف الظاهر ، والمتقرر في قواعد التفسير : أنه يجب حمل نصوص القرآن على المعنى الظاهر المتبادر ، ولا يجوز العدول عن الظاهر إلا بدليل .



لقد ذكرت الدليل على ذلك و هو ( إعاده ) :
أن لفظ ( الذين أوتوا الكتاب ) و( أهل الكتاب ) يدل على من أسلم منهم ومن كفر ، و دليل ذلك :

1/ (و إن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله و ما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله )
آل عمران 199
و لاحظ قوله ( وما أنزل إليكم ) أي إلى الرسول ، ورغم إيمانهم به إلا أن صفة أهل الكتاب لم تسقط عنهم لأن ليس فيها دلالة على إنكار رسالة محمد صلى الله عليه وسلم .

2/ ( ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله ءاناء الليل و هم يسجدون ) آل عمران 113

3/ في آية الجزية ( و لا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب ) التوبة 29 فدل ذلك على أن الذين أوتوا الكتاب منهم المسلمون الذين يدينون دين الحق و منهم من لا يدين دين الحق .
و الأمثلة كثيرة .. و نخرج من ذلك بقاعدة مؤداها أن وصف ( الذين أوتوا الكتاب ) يشمل من آمن منهم ومن كفر .

ظاهر النص أن نكاح الذين أوتوا الكتاب من آمن منهم ومن كفر جائز ، و لكن بذلك سنقع في تعارض للنصوص كما أوضحت من قبل ، و لا يمكن تجنب التعارض الذي ينقض عقيدة الولاء والبراء إلا بهذا الفهم ، وفي مطلع الآية أن طعام الذين أوتوا الكتاب حل لنا ، وطعامهم ( إن كان المقصود من كفر منهم ) فيه الخمر ولحم الخنزير ، فلم أباح العلماء الزواج من نساء الكافرين من أهل الكتاب ولم يبيحوا الخمر ولحم الخنزير ؟لابد أن المقصود طعام من آمن منهم حل لنا .
 
أخي الأستاذ الكريم أحمد القصير حفظه الله
أردت أن أقول أن صفة أهل الكتاب تطلق على اليهود والنصارى لأنهم ينتسبون إلى كتاب واحد .
كتاب اليهود هو التوراة.
وكتاب النصارى هو التوراة + ما يسمونه بالعهد الجديد الذي يحتوي على 4 روايات ( إنجيل) + رسائل بولس ويوحنا ورؤيا يوحنا اللاهوتي.
وبما أنهم يشتركون في الانتساب إلى الكتاب فيصح إذا وجه الخطاب إلى اليهود والنصارى معا أن يخاطبهم ب : يا أهل الكتاب كما في قوله تعالى: قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل.
وإذا خاطب اليهود فقط أو تكلم عنهم فإنه يصفهم بأهل الكتاب كما في قوله تعالى:
{ يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنْ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا(153) } [ النساء ]
وإذا خاطب الله النصارى فقط أو تكلم عنهم فإنه يخاطبهم ب (يا أهل الكتاب) كما في قوله تعالى : يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم....) النساء 171.
إذن قد يخاطب الله اليهود والنصارى معا بقوله ( ياأهل الكتاب) أو يخاطب كلا منهم على حدة ب ( يا أهل الكتاب) لأنهم يجمعهم كتاب واحد.
أما قوله تعالى ( الذين أوتوا الكتاب) وقوله تعالى ( الذين آتيناهم الكتاب) فلا تنصرف إلا لبني إسرائيل.
والله تعالى جعل النبوة والكتاب في ذرية إبراهيم عليه السلام، وآل إبراهيم هم بنو إسرائيل وبنو إسماعيل.
 
عندي سؤالان ، من فضلكم :
الأول : لو كان موطن الزوج خارجَ جزيرة العرب ، فهل يجوز له ذلك؟ أقصد الزواج منها؟
الثاني : فيمن نزل فيه قوله ، تعالى : ( إنك لا تهدي مَن أحببتَ ) ؟
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

فصلا للنقاش في هذا المجال يحضرني ما قاله الشعراواي رحمه الله في شأن النصرانيات، قال سلها: ما تقولين في المسيح بن مريم؟ فإن قالت هو عبد الله ورسوله، تزوجها فهي من أهل الكتاب المذكورين في القرآن، وإن قالت هو ابن الله، فلا تتزوجها فهي من المشركات المذكورات في القرآن وقد حرم الله نكاح المشركات.

والله الهادي إلأى سبيل الرشاد
 
عودة
أعلى