من المشار إليهم باسم الإشارة في قوله تعالى:(وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاء شهيدا)؟

إنضم
18/05/2011
المشاركات
1,237
مستوى التفاعل
1
النقاط
38
من المشار إليهم باسم الإشارة (هؤلاء) في قوله تعالى:(فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا)؟
 
قومه الذين بعث فيهم وتقلب بين ظهرانيهم داعيا ومبشرا ونذيرا دون سواهم من الأمم ، ذلك أن الشهادة تقتضي التزامن واللقاء بين الشاهد والمشهود ، لذلك فنبينا صلى الله عليه وسلم شهيد على كل من بلغته دعوته ممن عاصره وسمع منه ولكنه ليس بشهيد على سواهم من المتأخرين إذ لم تتحقق الشهادة بمعناها الشرعي ، يقول تعالى على لسان عبده عيسى عليه السلام { مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } [المائدة:117]
فالشهيد لا تنسحب عليه هذه الصفة مالم يكن حاضرا معاينا سامعا يقول تعالى :
{ وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا } [النساء:72]

ويقول جل شأنه:
{ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } [ق:37]

ومن فضل الله تعالى على هذا الأمة أنه أنزلها منزلة الأنبياء في الشهادة ، فبرغم انقطاع شهادة نبينا صلى الله عليه وسلم بوفاته وموته فإن شهادة أمته قائمة إلى يوم القيامة ، كلما ذهب منهم قرن قام قرن يشهدون على الناس ويبلغون أمر ربهم ويحملون رسالة نبيهم من بعده ، يقول تعالى :

{ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ..الآية)
فالشهادة مقام رفيع يوم القيامة جعلنا الله وإياكم أهلا لها على الوجه الذي يرضيه تعالى عنا والله أعلم
 
ومما يؤيد ماذهبت إليه أخي العزيز عدنان ماجاء في التحرير والتنوير:
وشهيد كلّ أمّة هو رسولها، بقرينة قوله: { وجئنا بك على هؤلاء شهيداً }.
و { هؤلاء } إشارة إلى الذين دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم لحضورهم في ذهن السامع عند سماعه اسم الإشارة، وأصل الإشارة يكون إلى مشاهد في الوجود أو منزّل منزلتَه، وقد اصطلح القرآن على إطلاق إشارة (هؤلاء) مراداً بها المشركون، وهذا معنى ألهمنا إليه، استقريْناه فكان مطابقاً.
ومن أضعف الاحتمالات أن يكون { هؤلاء } إشارة إلى الشهداء، الدالّ عليهم قوله: { كل أمةٍ بشهيد } وأن ورد في «الصحيح» حديث يناسبه في شهادة نوح على قومه وأنّهم يكذّبونه فَيشهد محمّد صلى الله عليه وسلم بصِدقه، إذ ليس يلزم أن يكون ذلك المقصودَ من هذه الآية.
وذُكر متعلّق (شهيدا) الثاني مجروراً بعلى لتهديد الكافرين بأنّ الشهادة تكون عليهم، لأنّهم المقصود من اسم الإشارة.
 
إلا أن عددا من أئمة المفسرين ذهبوا إلى تغليب وجه آخر ومنهم الطبري إذ قال رحمه الله:
يعني بذلك جلّ ثناؤه: إن الله لا يظلم عباده مثقال ذرّة، فكيف بهم { إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ } يعني: بمن يشهد عليها بأعمالها، وتصديقها رسلها، أو تكذيبها، { وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـؤُلاء شَهِيداً } يقول: وَجِئْنَا بك يا محمد على هؤلاء: أي على أمتك شهيداً، يقول: شاهداً. كما:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدّي: { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـؤُلاء شَهِيداً } قال: إن النبيين يأتون يوم القيامة، منهم من أسلم معه من قومه الواحد والاثنان والعشرة وأقلّ وأكثر من ذلك، حتى يؤتى بقوم لوط صلى الله عليه وسلم لم يؤمن معه إلا ابنتاه، فيقال لهم: هل بلغتم ما أرسلتم به؟ فيقولون: نعم، فيقال: من يشهد؟ فيقولون: أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فيقال لهم: أتشهدون أن الرسل أوْدَعوا عندكم شهادة، فبم تشهدون؟ فيقولون: ربنا نشهد أنهم قد بلغوا كما شهدوا في الدنيا بالتبليغ! فيقال: من يشهد على ذلك؟ فيقولون: محمد صلى الله عليه وسلم. فيدعى محمد عليه الصلاة والسلام، فيشهد أن أمته قد صدقوا، وأن الرسل قد بلَّغوا. فذلك قوله:
(فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا).
 
وجاء في تفسير الهداية إلى بلوغ النهاية:
قال السدي: يأتي النبي يوم القيامة منهم من أسلم معه من قومه واحد والاثنان، والعشرة، وأقل وأكثر من ذلك حتى يأتي لوط صلوات الله عليه وسلم لم يؤمن معه إلا بنتاه فيقال للنبيين: هل بلغتم ما أرسلتم به؟ فيقولون: نعم فيقال له: من يشهد لكم؟ فيقولون: أمة محمد عليه السلام. فتدعى أمة محمد عليه السلام فيقال لهم: إن الرسل ادعوا عندكم شهادة فبم تشهدون؟ فيقولون: يا ربنا نشهد أنهم قد بلغوا كما شهدوا في الدنيا في التبليغ، فيقال: من يشهد على ذلك؟ فيقولون: محمد صلى الله عليه وسلم، فيشهد محمد صلى الله عليه وسلم أن أمته قد صدقت، وأن الرسل قد بلغوا فذلك قوله { لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً }.
 
ويرد سؤال آخر حول قول من قال بأن المراد أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو: أأمة الدعوة والتكليف هي المرادة أم أمة الإستجابة أي أتباعه صلى الله عليه وسلم؟
 
عودة
أعلى