قومه الذين بعث فيهم وتقلب بين ظهرانيهم داعيا ومبشرا ونذيرا دون سواهم من الأمم ، ذلك أن الشهادة تقتضي التزامن واللقاء بين الشاهد والمشهود ، لذلك فنبينا صلى الله عليه وسلم شهيد على كل من بلغته دعوته ممن عاصره وسمع منه ولكنه ليس بشهيد على سواهم من المتأخرين إذ لم تتحقق الشهادة بمعناها الشرعي ، يقول تعالى على لسان عبده عيسى عليه السلام { مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } [المائدة:117]
فالشهيد لا تنسحب عليه هذه الصفة مالم يكن حاضرا معاينا سامعا يقول تعالى :
{ وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا } [النساء:72]
ويقول جل شأنه:
{ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } [ق:37]
ومن فضل الله تعالى على هذا الأمة أنه أنزلها منزلة الأنبياء في الشهادة ، فبرغم انقطاع شهادة نبينا صلى الله عليه وسلم بوفاته وموته فإن شهادة أمته قائمة إلى يوم القيامة ، كلما ذهب منهم قرن قام قرن يشهدون على الناس ويبلغون أمر ربهم ويحملون رسالة نبيهم من بعده ، يقول تعالى :
{ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ..الآية)
فالشهادة مقام رفيع يوم القيامة جعلنا الله وإياكم أهلا لها على الوجه الذي يرضيه تعالى عنا والله أعلم