العليمى المصرى
New member
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً - مضمون هذا البحث :
يقوم هذا البحث على التحليل اللغوى والبيانى للمفردات والعبارات والأساليب النحوية التى ترد فى فواتح السور غير القصيرة
مع تطبيق المنهج الإحصائى المقارن فى كل سور القرآن على تلك المفردات والأساليب اللغوية لمعرفة درجة ترددها فى كل سورة على حدة
وقد نتج عن هذا المنهج اللغوى الإحصائى اكتشاف مذهل ، هو أن السور غير القصار تتميز فواتحها دائما بذكر ألفاظ أو عبارات محددة أو حتى أدوات بعينها ، ثم يتكرر ذكرها فى ثنايا السورة من بعد ذلك ، وهذا ما أطلقت عليه اسم : مثانى فواتح السور
حتى الآن يبدو الأمر وكأنه عادي ومألوف ، فالتكرار هو أحد خصائص القرآن باعتباره " كتاباً متشابها مثانى " ، ومن معانى المثانى : المكررات ، أو ما يعاد ذكره ثانيةً
ولكن الشىء غير العادى بالمرة والذى يجعل من هذه المسألة معجزة حقيقية هو أن نجد معدل تكرار مثانى الفواتح فى سورتها ككل قد حقق أعلى معدل تكرار لها على الإطلاق بالمقارنة بباقى سور القرآن جميعا ، وذلك بتطبيق المنهج الإحصائى المقارن ، أى الذى يقارن إحصاء الألفاظ فى إحدى السور بإحصائها فى بقية سور القرآن
والآن إذا ما ثبت لنا أن هذه الظاهرة موجودة بصورة ثابتة ومطردة فى فواتح كل السور غير القصيرة ، أفلا تكون تلك معجزة حقيقية وبدون أدنى شك ؟
أقول : إذا كان القرآن لا تنقضى عجائبه ، فأعتقد يقينا أن تلك هى إحدى عجائبه
ثانياً - قصة هذا البحث :
هذا البحث هو امتداد وتكملة من جهة ، وتصويب وتقويم من جهة أخرى للدراسة التى أعدها الباحث الإسلامى اللواء مهندس أحمد عبد الوهاب رحمه الله ،والمسماة : " إعجاز النظام القرآنى " والتى صدرت طبعتها الأولى عن مكتبة غريب بالقاهرة سنة 1400 هـ / 1980 م
وقد تركها صاحبها رحمه الله دون تكملة قائلا : " ونكتفى بهذا القدر الآن ، على أن يُترك استكمال دراسة بقية السور الأخرى كثيرة العدد من الآيات لفرصة أخرى قد تتاح قريباً لى أو لغيرى " أنظر ص 76 من " إعجاز النظام القرآنى "
ثم حدث فى سنة 1994م أن ألتقيت سيادته ، وتناقشنا طويلاً فى بعض المسائل العلمية ، ثم تطرق الحديث إلى دراسته المذكورة ، فأخبرته بأنى قد عكفت على إستكمالها عكوفاً تاماً لمدة سبع سنين متصلة ، من سنة 1987 حتى 1994 ، حتى تمكنت بفضل الله تعالى وتوفيقه من تطبيق نظريته على أكثر من خمسين سورة بنجاح تام - وكان رحمه الله قد اقتصر فى دراسته على 19 سورة فحسب - وقد فرح رحمه الله بهذا الخبر وأهدانى أحد أعماله المنشورة مع توقيعه عليها
تلك هى قصة هذه الدراسة الرائدة فى إعجاز فواتح السور ، غفر الله لصاحبها وعامله بما هو أهل له ، وهو أهل التقوى وأهل المغفرة
ثالثاً - منهج العرض :
سوف أبدأ فى عرضى لهذه المعجزة بذكر نموذج لها من دراسة " إعجاز النظام القرآنى " وهو نموذج سورة البقرة باعتبارها أول السور الطوال فى المصحف ، ثم أتلو هذا بعرض نماذج السور التى تركها المؤلف ولم يتناولها ، أو السور التى لم يوفق فى تحديد مثانيها الإعجازية ، إما نتيجة خطأ فى إحصائه لها ، أو نتيجة غفلته عن المثانى الحقيقية التى تسبق ما ذكره هو وتتقدم عليها فى الذكر ، ومن هنا قلتُ أن بحثى هذا يشمل التكملة من جهة ، كما يشمل التقويم والتصويب من جهة أخرى
يتبع إن شاء الله