'لماذا ذكر اسم مريم ولم يذكر اسم امرأت فرعون؟

إنضم
1 نوفمبر 2012
المشاركات
169
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
القاهرة
قال الله سبحانه وتعالى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ }
لماذا لم يصرح باسم امرأت فرعون وصرح باسم مريم ابنت عمران وهل هذا له علاقة بسبب نزول السورة ؟
أتحفونا بردكم يا أهل الملتقى المبارك ..
 
من شدة حياء المرأة لم يتم ذكر أي اسم امرأة في القرآن الكريم ما عدا مريم ابنة عمران لأنّ قضيتها عقدية؛ فعيسى عليه السلام ولد من غير أب فلتصحيح عقيدة النصارى من أنّه ابن الله، رُدَّ عليهم بأنّه ابن امرأة اسمها مريم والله أعلم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
قد اختلف مع الاخ الفاضل الكريم عادل البقاعي فيما ذهب إليه من أن سبب عدم ذكر اسماء النساء في القرآن هو شدة الحياء ، فلا عيب ولا نقيصة من ذكر اسماء النساء وليس هذا هو السبب في اعتقادي ، بينما اتفق معك في أن ذكر مريم بالإسم لتشديد وتأكيد امومتها ومعجزة الله فيها حين حملت عيسى من غير اب فكانت نسبة عيسى لأمه فوجب ابراز اسمها فكان اسم سورة وفي سياق الآيات أيضا.
وفقنا الله واياكم
 
جزاك الله خيرا أخي عادل على مبادرتك ولكن ما ذهب إليه أخى الحبيب عدنان هو ما أميل إليه فذكر أسماء النساء ليس عيب ولا نقيصة بدليل ما ورد عن الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب الناس إليه فقال عائشة فقال عمرو من الرجال فقال عليه الصلاة والسلام أبوها ( ليت الشيعة يقرؤن هذا الحديث ) وهناك أدلة قوية غير هذا على أن ذكر أسماء النساء لا علاقة لها بمسألة شدة الحياء خاصة إذا كن من الشهرة بمكان كأمهات المؤمنين وغيرهم من الصحابيات وزوجات الأنبياء كسارة وهاجر زوجتا إبراهيم عليه الصلاة والسلام
ولكن هل سبب نزول السورة الكريمة في أم المؤمنين زينب أم مارية فإني قرأت فى بعض التفاسير أنها مارية والبعض أنها زينب بنت جحش فما هو الصحيح فى الأمر يا ملتقانا المبارك ؟
 
يمكن أن يقال أيضا أن مريم ابنت عمران قد تقدم ذكر اسمها والتصريح به، فهي معروفة به؛ لكن لو ذكر اسم امرأت فرعون لما عرفت إلا بتقييده باسم زوجها، فكان كافيا للتعريف بها دون اسمها.
زد على هذا أنه لما لم يكن لها زوج تنسب إليه كالأخريات، ذكرت باسمها منسوبة إلى والدها.
والله أعلم
 
الحكام الذين هم مثل فرعون كثيرون والنساء اللائي هن مثل امرأة فرعون كثيرات ، لذا فقد ذكر الله فرعون بلقبه ولم يسمه ولم يسم امرأته كذلك ، حتى يكون ما قيل فيهما صادقا على كل من هم مثلهما .
أما مريم فهي واحدة في النساء ليس لها كفاء ولا مثيل ، فذكرها باسمها.
فإذا ذكر في القرآن فرعون ، فسوف تتذكر كل الطغاة والجبابرة ، أما إذا ذكرت مريم فلن يكون في خلدك غير "مريم".
هذا ما خطر لي
والله أعلم
 
جاء في روح البيان لإسماعيل حقي المولى أبوالفداء الإسلامبولي:
ان الذكر لا يتعلق بالأعيان ومريم بمعنى العابدة ... قال بعض العلماء فى حكمة ذكر مريم باسمها دون غيرها من النساء ان الملوك والاشراف لا يذكرون حرائرهم فى ملأ ولا يبتذلون اسماءهن بل يكنون عن الزوجة بالعرس والعيال والأهل ونحو ذلك فاذا ذكروا الإماء لم يكنوا عنهن ولم يصونوا اسماءهن عن الذكر والتصريح بها ... لما قالت النصارى فى حق مريم ما قالت وفى ابنها صرح الله تعالى باسمها ولم يكن عنها تأكيدا للاموّة والعبودية التي هى صفة لها واجراء للكلام على عادة العرب فى ذكر امائها ومع هذا فان عيسى عليه السلام لا اب له واعتقاد هذا واجب فاذا تكرر ذكره منسوبا الى الام استشعرت القلوب ما يجب عليها اعتقاده من نفى الأب عنه وتنزيه الام الطاهرة عن مقالة اليهود لعنهم الله تعالى كذا فى التعريف والاعلام للامام السهيلي وقال فى اسئلة الحكم سميت مريم فى القرآن باسمها لانها اقامت نفسها فى الطاعة كالرجل الكامل فذكرت باسمها كما يذكر الرجال من موسى وعيسى ونحوهما عليهم السلام وخوطبت كما خوطب الأنبياء كما قال تعالى يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ولذا قيل بنبوتها.


لا أعلم من أين جاء بمريم بمعنى العبادة، والظاهر إسم علم، كذلك في الآرامية مَريآم، وفي العبرية مِريآم، وفي اليونانية القديمة مريم، ومنها إنتقل الإسم إلى اللاتينيىة مريا. في كل الألسنة هذه كرر فقهاء الإشتقاق أنه إسم علم. أما ربط عادة العرب في ذكر امائها بالحياء أو ربط تفشي ألقاب أم فلان بنت فلان في كلامهم بالحياء يحتاج إلى دليل خارجي. عرب الجاهلية بعد إنتشار الشرك وقبل الإسلام كانت لهم نظرة "سلبية" تجاه الأنثى. أما تقييد إسم المرأة بإسم الزوج فهذا ربما في دين الكنيسة حيث يرتبط إسم المرأة بإسم الزوج بعد عقد الزواج، أعني كما ذكره أخي سمير ولا أدري من أين جاء بعمران والد مريم عليها السلام؟؟ الظاهر أن الحكمة قد إرتبطت بالإعتقاد في المسيح عليه السلام، ولعل فيها شبه بالتأكيد على الإيمان بالملائكة كركن من أركان الإيمان علما أن الإيمان بالغيب واجب وكل غيب أتى به الوحي، فلم إنفردت الملائكة بهذه المكانة في أصول الإعتقاد؟ هذه بتلك. وقد نتوقف عند نظرة الفقهاء تجاه إنتساب المسيح لأمه، وما فاعليته في حل مشكلة الإبن الغير الشرعي الذي لا يعرف أباه ؟ لا مجال للقياس!! لكن هل الإستنباط به حصرا؟ وما ذكره أخي علي حسين يحتاج إلى نظر لأن الركيزة الأساسية التي تشمل الخطاب القرآني ككل حددها القرآن وهي متكررة بأكثر من لفظ وتعبير ومعنى أن القرآن بيان للناس وموعظة للمتقين، فلو كان ذكر فرعون باللقب لما ذكره، فماذا نقول فيمن عُيّن في الآية (تبت يدا أبي لهب وتب) مثلا؟
الله أعلم.
 
لا يزال الجواب الصحيح عن سؤال الشيخ إسماعيل عزيز المنال
وللعلم فإن سؤاله ذاك ليس عاديا أو سهلاً بالمرة كما قد يتبادر إلى ظن البعض
إنه سؤال عميق ، ولم أجد أحدأ من الأخوة الأفاضل قد سبر غوره وأدرك مدى عمقه
لماذا أقول هذا ؟
إليكم الأسباب :
أولاً : لأننا نجد أن النبى صلى الله عليه وسلم قد صرح بإسم إمرأة فرعون ، وذلك فيما رواه عنه الإمام البخارى فى صحيحه في بدء الخلق في باب قوله تعالى " وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأت فرعون " من حديث مرة الهمداني عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم إبنة عمران وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام . انتهى
والسؤال الذى يطرح نفسه الآن : إذا كان النبى صلى الله عليه وسلم قد صرح بالإسم العلم لإمرأة فرعون ، فلماذا لم يصرح به القرآن ؟
ثانيأ : لأننا نجد أن الآية الكريمة موضع السؤال قد صرحت بالإسم والكنية معأ فى حالة مريم عليها السلام فقالت " ومريم ابنت عمران " ، وقياسأ على هذا كان من المناسب أن تفعل الشىء نفسه مع الحالة الأخرى فتقول " آسية إمرأت فرعون " ، لكنها اقتصرت على إضافتها إلى زوجها فقط ، فقالت " إمرأت فرعون " ، فلماذا خالفت الآية هذا القياس ؟
هل علمنا الآن لماذا قلت : إنه سؤال عميق
أما الجواب عنه فإنه أشد عمقأ ، ولكن قبل بيانه أرى أنه لا بأس من الإستماع إلى مزيد من الآراء ، فلعل أحد الأفاضل يسبقنى إلى ذكر الجواب الصحيح ، وفق الله الجميع
 
ذكر ابن عاشور رحمه الله تعالى لفتة جميلة في هذا المجال حيث وهي أن في ذكر اسمها بيان أنها أمة لله تعالى وليس زوجة فذكرها باسمها ليلغي أي احتمال للنصارى في تأليهها وولدها عليهم السلام.
 
أسعدتني كثيراً هذه المداخلات التي لا تخلو جميعا من فائدة وأخص منها مداخلة أستاذنا الأديب العليمي وأنا على لهفة من إخراج مافي العمق إلى السطح أسأل الله أن يفتح علينا وعليك والقارئين اللهم ءامين ،،،
 
في ذكر اسمها بيان أنها أمة لله تعالى وليس زوجة فذكرها باسمها ليلغي أي احتمال للنصارى في تأليهها وولدها عليهم السلام.
رحم الله الإمام إبن عاشور رحمة واسعة. لعل تلك اللفتة، والسؤال عن ذكر مريم عليها السلام بالإسم عموما، ما يثير الحاجة إلى تدبر الأسلوب القرآني في تصحيح العقائد والتصورات. الإيمان بالجن مثلا واجب، وهذا ضمن الإيمان بالغيب وبما جاء به الوحي عموما، ورغم ذلك لا تنصيص عليه في "أركان الإيمان"، على عكس الملائكة. الإيمان بالملائكة واجب وهو ركن من أركان الإيمان، لكن الذكر الحكيم خص ملائكة دون أخرى بتعيينها .. وقس على ذلك ذكر إسم زيد رضي الله عنه، وأبي لهب، .. الخ.
 
لا يزال الجواب الصحيح عن سؤال الشيخ إسماعيل عزيز المنال
ولكن قبل بيانه أرى أنه لا بأس من الإستماع إلى مزيد من الآراء ، فلعل أحد الأفاضل يسبقنى إلى ذكر الجواب الصحيح ، وفق الله الجميع
المسألة ليس فيها جواب صحيح وجواب خطأ، هذه آراء من الإخوان وهي تتكامل فيما بينها، وليس لأحدنا حجة قوية يمكن أن يصوب بها جوابه دون جواب الآخرين. والله أعلم.
 
الاخوة الكرام ، وخاصة الأخ الكريم سمير عمر
أعتذر منكم إن كانت العبارة قد خانتنى أو خذلتنى بعض الشىء
والله وحده يعلم إنى ما قصدتُ أبدأ تعريضأ بأحد أو انتقاصأ من شأنه أو تسفيهأ لرأيه ، ومعاذ الله أن يكون هذا قصدى على الإطلاق
وإنما كان قصدى أن الآراء تتفاوت فى مدى قوتها ، فهناك رأى راجح وهناك رأى مرجوح ، والفيصل يكون للحُجة والدليل ، فالرأى المؤيد بالدليل ، المعزز بالبرهان ، يكون ولا شك أقوى من الذى يفتقر إليهما
وقد بدا لى أنى قد وُفقتُ إلى مثل هذا الرأى القوى المعزز بالدليل والبرهان
هذا هو كل ما فى الأمر، فأرجو ألا يُساء فهمى
كما ارجو من أخى العزيز الشيخ إسماعيل أن يقبل اعتذارى عن المشاركة بهذا الموضوع فى الوقت الحالى ، مع وعد بالعودة إليه فى وقت آخر إن شاء الله
أطيب التحيات للجميع
والسلام عليكم ورحمة الله
 
جاء في كتاب "المفصل في الرد على شبهات أعداء الإسلام":
.. ولذلك وقفت إجابات القرآن عند حد قالوا ربُّكم أعلمُ بما لبثتُم قُلْ ربّي أعلمُ بِعِدَّتهم . (آيتا 19 ، 22)، فلم يبين لنا الحق سبحانه عددهم الحقيقي، وأمرنا أن نترك هذا لعلمه سبحانه، ولا نبحث في أمر لا طائل منه، ولا فائدة من ورائه، فالمهم أن يثبت أصل القصة وهو: الفتية الأشداء في دينهم والذين فروا به وضحوا في سبيله حتى لا يفتنهم أهل الكفر والطغيان، وقد لجأوا إلى الكهف ففعل الله بهم ما فعل، وجعلهم آية وعبرة ومثلاً وقدوة.
أما فرعيات القصة فهي أمور ثانوية لا تقدم ولا تؤخر؛ لذلك قال تعالى بعدها:{فلا تمار فيهم إلا مراءً ظاهراً .. "22"}(سورة الكهف) أي: لا تجادل في أمرهم.
ثم يأتي فضول الناس ليسألوا عن زمن القصة ومكانها، وعن أشخاصها وعددهم وأسمائهم، حتى كلبهم تكلموا في اسمه. وهذه كلها أمور ثانوية، العلم بها لا ينفع وجهلها لا يضر، ويجب هنا أن نعلم أن القصص القرآني حين يبهم أبطاله يبهمهم لحكمة، فلو تأملت إبهام الأشخاص في قصة أهل الكهف لوجدته عين البيان لأصل القصة؛ لأن القرآن لو أخبرنا مثلاً عن مكان هؤلاء الفتية لقال البعض: إن هذا الحدث من الفتية خاص بهذا المكان؛ لأنه كان فيه قدر من حرية الرأي.
ولو حدد زمانهم لقال البعض: لقد حدث ما حدث منهم؛ لأن زمانهم كان من الممكن أن يتأتى فيه مثل هذا العمل، ولو حدد الأشخاص وعينهم لقالوا: هؤلاء أشخاص لا يتكررون مرة أخرى.
لذلك أبهمهم الله لتتحقق الفائدة المرجوة من القصة، أبهمهم زماناً، أبهمهم مكاناً، وأبهمهم عدداً، وأبهمهم أشخاصاً ليشيع خبرهم بهذا الوصف في الدنيا كلها لا يرتبط بزمان ولا مكان ولا أشخاص، فحمل راية الحق، والقيام به أمر واجب وشائع في الزمان والمكان والأشخاص، وهذا هو عين البيان للقصة، وهذا هو المغزى من هذه القصة.
فالامر لم يقتصر على أصحاب الكهف فقط
فانظر إلى قوله تبارك وتعالى:
{قال رجل مؤمن من آل فرعون .. "28"} (سورة غافر) هكذا (رجل مؤمن) دون أن يذكر عنه شيئاً، فالمهم أن الرجولة في الإيمان، أياً كان هذا المؤمن في أي زمان، وفي أي مكان، وبأي اسم، وبأي صفة. كذلك في قوله تعالى: {وضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوطٍ .. "10"} (سورة التحريم) ولم يذكر عنهما شيئاً، ولم يشخصهما؛ لأن التشخيص هنا لا يفيد، فالمهم والمراد من الآية بيان أن الهداية بيد الله وحده، وأن النبي المرسل من الله لم يستطع هداية زوجته وأقرب الناس إليه، وأن للمرأة حرية عقيدة مطلقة. وكذلك في قوله: {وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون .. "11"} (سورة التحريم)
ولم يذكر لنا من هي، ولم يشخصها؛ لأن تعينها لا يقدم ولا يؤخر، المهم أن نعلم أن فرعون الذي ادعى الألوهية وبكل جبروته وسلطانه لم يستطع أن يحمل امرأته على الإيمان به.
إذن: العقيدة والإيمان أمر شخصي قلبي، لا يجبر عليه الإنسان، وهاهي امرأة فرعون تؤمن بالله وتقول:
{رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين "11"} (سورة التحريم)
أما في قصة مريم ، فيقول تعالى: {ومريم أبنت عمران .. "12"} (سورة التحريم)
فشخصها باسمها، بل واسم أبيها، لماذا؟ قالوا: لأن الحدث الذي ستتعرض له حدث فريد وشيء خاص بها لن يتكرر في غيرها؛ لذلك عينها الله وعرفها، أما الأمر العام الذي يتكرر، فمن الحكمة أن يظل مبهماً غير مرتبط بشخص أو زمان أو مكان، كما في قصة أهل الكهف، فقد أبهمها الحق سبحانه لتكون مثالاً وقدوة لكل مؤمن في كل زمان ومكان.

وقال الشعراوي: لم يحدد الحق هنا اسم أي امرأة من هاتين المرأتين ، بل ذكر فقط الأمر المهم وهو أن كلا منهما كانت زوجة لرسول كريم ، ومع ذلك لم يستطع نوح عليه السلام أن يستلب العقيدة الكافرة من زوجته، ولم يستطع لوط عليه السلام أن يستلب العقيدة الكافرة من زوجته، بل كانت كل من المرأتين تتآمر ضد زوجها - وهو الرسول - مع قومها ، لذلك كان مصير كل منهما النار ، والعبرة من القصة أن اختيار العقيدة هو أمر متروك للإنسان ، فحرية العقيدة أساس واضح من أسس المنهج .
وأيضا قال سبحانه في امرأة فرعون : { وَضَرَبَ الله مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ امرأت فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابن لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الجنة وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ القوم الظالمين } [ التحريم : 11 ]
لم يذكر اسمها؛ لأنه لم يهمنا في المسألة المهم أنها امرأة من ادعى الألوهية، ومع ذلك لم يستطع أن يقنع امرأته بأنه إله. لكن حينما أراد أن يشخص قال في مريم عليها السلام : { وَمَرْيَمَ ابنت عِمْرَانَ التي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ القانتين } [ التحريم : 12 ] لقد ذكرها الحق وذكر اسم والدها ، ذلك لأن الحدث الذي حدث لها لن يتكرر في امرأة أخرى ..
 
وهذه مداخلة لطيفة سمعتها -وإن كانت لا علاقة لها بالموضوع-: أن مريم حيثما ذكرت في القرآن فهي مفخمة -ففخمها الله في كتابه - ، أما فرعون فحيثما ذكر في القرآن فهو مرقق .
 
بمناسبة ذكر هذه الآية
هل مريم معطوفة على امرأة فرعون أي أنها ضربت أيضا مثلا للذين آمنوا؟
أم أنها منصوبة على المدح أو على تقدير محذوف (وأخص بالذكر مريم ابنت عمران) وليست داخلة في المثل؟
 
لكن المثل ضرب بامرأتين كافرتين ..
فلماذا لا يضرب بامرأتين مؤمنتين خاصة وأن الآية الأخيرة ليس لها مناسبة بما قبلها إلا أن تدخل في ضرب المثل ..
فيكون الأمر مناسب .
 
وأيضاً: لعله فيه إشارة وتنبيه إلى أنها زوجة (فرعون) الطاغية الكافر؛ وبالرغم من ذلك آمنت بالله؛ ففيه تنبيه لفضلها وعظم إيمانها.
 
في رأيي :أن الوجوه كثيرة،ومنها أن منزلة مريم ابنت عمران_عليها السلام_ الأسرية عالية ،فهي من بيت إيمان وإحسان. وأيضا في إنعام الله_سبحانه وتعالى_بها لوالديها قصة كرامة وردت في القرآن الكريم. فلإيمانها واسمها لطائف وعظات.
 
شد انتباهي امراة فرعون و لم يقل الله تعالى زوجة فرعون لان الكافر تسقط عنه صفة الزوجية في اطار شرع الله لانه كافر كما قال الله تعالى في (وضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوطٍ) و هنا نرى الاعجاز اللغوي عبر الازمنة و الامكنة و فهم الناس لكلمة -(امراة) - و يظهر للعيان ان لفظ الزوجة اقوى من لفظ امراة - و قد تعمد القران في ذكر ذلك لان كل النساء المذكورات هن محرمات شرعاعلى ازواجهم (امرأة نوح وامرأة لوطٍ و ) او زوجاتهم (امراة فرعون)
- فيما يخص ذكر قوله تعالى: (ومريم أبنت عمران ..) (سورة التحريم) هنا اشارة انسانية عالية من الرافة و الرحمة بالمولود حيث ذكر له اسم امه و جده لكي لا يشعر بنقص في النسب .
والله اعلى و اعلم.
 
اخي الكريم شريف احمد السلام عليكم
لا اعتقد بدقة ما تفضلت به ، فقد اطلقت تسمية المرأة على الزوجة في حالات أخرى منها امرأة ابراهيم عليه السلام في غير موضع منها قوله تعالى {وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} هود 71
وقال تعالى {وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا} مريم 5
وكذلك أطلقت تسمية المرأة على زوجة عزيز مصر إذ قال تعالى {وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه}
فلا يبدو أن خلع هذا الوصف عن المرأة لانكار حالة الزوجية والله أعلى وأعلم.
 
وماذا عن قوله جل وعلا ( وامرأته حمالة الحطب ) مع العلم أن هذه المرأة هى أم جميل الكافرة امرأة أبو لهب
الواضح أن كل اسم له استعمال معين
 
ذكر الإمام السيوطي في الحكمة بتصريح اسم (مريم) في القرآن الكريم ؛ فهي المرأة الوحيدة التي صرَّح الله باسمها في القرآن الكريم:
قال: (قال السهيلي: وإنما ذكرت مريم باسمها على خلاف عادة الفصحاء لنكتة: وهو:أن الملوك والأشراف لا يذكرون حرارئرهم في ملأ، ولا يبتذلون أسماءهن، بل يكنون عن الزوجة بالفرش والعيال ونحو ذلك؛ فإذا ذكروا الإماء لم يكنوا عنهن ولم يصونوا أسماءهن عن الذكر؛ فلما قالت النصارى في مريم ما قالوا، صرَّح الله باسمها، ولم يكن إلا تأكيداً للعبودية التي هي صفة لها، وتأكيداً لأن عيسى لا أب له، وإلا لنُسِب إليه).
 
أفيدوني _يارعاكم الله_ ألاترون أن عبارة زوجة إنما هي عبارة خاصة بالملة الإسلامية الخاتمة؟
 
قال الله سبحانه وتعالى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ }
لماذا لم يصرح باسم امرأت فرعون وصرح باسم مريم ابنت عمران وهل هذا له علاقة بسبب نزول السورة ؟
أتحفونا بردكم يا أهل الملتقى المبارك ..
بسم الله الرحمن الرحيم​
يمكن قسمة هذا السؤال إلى شقين منفصلين :
الأول : لماذا لم يُسم ِالقرآن إمرأة فرعون واكتفى فقط بإضافتها إلى زوجها ؟
الثانى : لماذا ذكر القرآن مريم علها السلام فى هذا الموضع بإسمها وكنيتها معأ ؟
وفيما يلى جواب مُفصّل عن كلا السؤالين
أولاً : الجواب عن الشق الأول : لماذا لم يُسم ِالقرآن إمرأة فرعون ، بالرغم من ذكر إسمها - وهو آسية - فى كتب السنة الصحاح ؟
والجواب : لأن اسلوب القرآن الكريم معهود فيه " الإيجاز المُعجِز "
ولو أنه ذَكَرها بإسمها ، لكان هذا حشواً لا يليق بإسلوبه الإعجازى الموجز
ولمزيد بيان نقول : توجد ثلاث طرق رئيسة للتعريف بالأشخاص ، هى : الإسم والكُنية واللقب
وتتفاوت تلك الطرق الثلاث فى درجة اشتهار الشخص بها ، فقد نجد شخصأ مشتهرأ بكنيته مثلاً أكثر من اشتهاره بإسمه العلم ، بينما نجد شخصأ أخر يشتهر بلقبه أكثر من اشتهاره بإسمه وكنيته معاً ، وهكذا
والتدبر فى إسلوب القرآن الإعجازى الموجز يدلنا على أنه يقتصر على ذكر الطريقة الأقرب إلى تعيين الشخص المراد والأكثر تحديدأ لهويته بحسب ما يقتضيه المقام والسياق ، وهنا نجد أنه لا خلاف على أن " فرعون " هو الإسم الأكثر شهرة من " آسية " ، بحيث تُغنى إضافتها إليه عن ذكر إسمها ، فالقليل من الناس هم الذين يعرفونها بإسمها الشخصى ، بينما الناس جميعأ يعرفون دلالة الإسم " فرعون " ، وعلى هذا فإن الإشارة إلى " آسية " بوصفها " إمرأة فرعون " فحسب ، تصبح كافية جدأ للتعريف بها والدلالة عليها أكثر مما لو ذَكَرَها بإسمها فقط لا غير
وهنا قد يقول قائل : ولماذا لا يذكرها بالإثنين معأ ؟ بأن يقول مثلأ : " آسية إمرأة فرعون " ؟
وهو سؤال وجيه ، ولكن الجواب عنه هو أكثر وجاهة ، لأنه يكشف عن إعجاز القرآن الكريم من وجهين :
الوجه الأول : لو أنه قال " آسية إمرأة فرعون " لكان الاسم " آسية " حشواً يتنزه عنه اسلوب القرآن الموجز ، وذلك لكفاية " إمرأة فرعون " فى الدلالة عليها ، فالذكر كما قلنا من قبل يكون للطريقة الأقرب إلى تعيين الشخص المراد ، فإذا دلت إضافة المرأة إلى زوجها على تحديد هويتها بيسر ، لم تعد هناك حاجة بعد ذاك للتصريح بإسمها ، وخاصةً إذا كان إسمها مجهولأ لأكثر الناس
بل لقد لوحظ أن إضافة المرأة إلى اسم زوجها تكون فى بعض الأحيان هى الطريقة الوحيدة لتحديد هويتها بدقة ، وأن الإكتفاء بذكر اسمها قد لا يكفى مطلقأ للوقوف على شخصيتها وتحديد من تكون
ولدينا فى السنة النبوية الشريفة دليل حاسم وبرهان قاطع يشهد بصحة هذا
انظروا مثلاً إلى ذلك الحديث الشريف الوارد فى الصحيحين وفى غيرهما ، ونظرأ لطوله فإنى أقتطف منه ما له صلة بموضوعنا ، وهو هذا :
(( ثُمَّ انْصَرَفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم , فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ , جَاءَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ تَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ. فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ , هَذِهِ زَيْنَبُ تستأذن عليك. فَقَالَ : أَىُّ الزَّيَانِبِ هى ؟ فَقِيلَ : امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ. قَال : نَعَمِ , ائْذَنُوا لَهَا , فَأُذِنَ لَهَا.))
فأنظروا إلى قوله صلى الله عليه وسلم : أى الزيانب هى ؟ بما يدل على أن تعيين المرأة بإسمها فحسب قد لا يفيد شيئأ بالمرة فى معرفة هويتها ، فلما قيل له " إنها إمرأة ابن مسعود " عرف صلى الله عليه وسلم من تكون زينب المقصودة ، وهذا يؤكد ما سبق ذكره من أن ذكر اسم إمرأة فرعون يمكن أن يكون حشوأ لا طائل منه ، إذا كان يوجد ما هو أقوى منه فى الدلالة عليها ويمكن الإكتفاء به وحده ، أعنى بذلك " إمرأة فرعون "
الوجه الثانى : وكذلك يتجلى لنا هنا إعجاز القرآن الكريم فى عدم تصريحه بالإسم " آسية " ولكن من طريق آخر غير طريق الإيجاز المُعجز ، ذلك هو طريق رفع الإلتباس
فالإسم " آسية " هو اسم أعجمى ، لكنه قد يلتبس فى العربية بمعنى " الأسى " ، أى الحزن والغم ، والمقام هنا مقام تطويب وبشارة لإمرأة فرعون ومن على شاكلتها من المؤمنات ، فكيف تكون البشرى لمن قد يلتبس إسمها بمعانى الأسى والحزن ؟
ولهذا عدل القرآن عن ذكر هذا الإسم رفعأ للإلتباس ورفعأ للتناقض معأ
وهذا الأمر له نظائره فى القرآن الكريم ، فمن ذلك مثلاً : عدول القرآن عن تسمية المسيح عليه السلام بإسمه العلم المعروف به " يسوع " إلى الاسم الجديد الذى اختاره له " عيسى " ، وسبب ذلك يوضحه لنا العلامة "رؤوف أبو سعدة " فى كتابه القيّم " من إعجاز القرآن فى أعجمى القرآن " بقوله :
" قد عَلِم القرآن أن نصارى العرب يقولونها " يسوع " . فلماذا تحول بها إلى " عيسى " ؟ .... لأن يسوع هذه تعنى فى العربية " السائع الهالك " وما كان الله ليُسمِّى المسيح بهذا المعنى المذموم يوم البشرى به ، وإلا لأنقلبت البشرى إلى فاجعة .... فجاء القرآن بالاسم " عيسى " على غير مثال فى العربية ، مقلوبأ لاسم " يسوع " لإفادة عكس معناه ، فليس هو السائع الهالك وإنما هو المُخَلَّص الناجى "
ويمكن أن نعطى مثالاً آخر على تحاشى القرآن لذكر الاسم العلم الأعجمى إذا كان يؤدى إلى لبس أو يُوهم معانى غير لائقة ، ذلك هو مثال " ذو الكفل " ، النبى الإسرائيلى الذى عدل القرآن عن ذكره بإسمه الصريح ، إلى ذكره بلقبه فقط " ذو الكفل " ، والسبب فى ذلك – كما يقول العلامة أبو سعدة أيضا – هو :
" ذو الكفل هو ترجمة القرآن للإسم العبرى " حِلقِيَّا " ، وهو النبى الذى عثر على التوراة بخط موسى فى عهد يوشيا ملك يهوذا ، وقد عدل القرآن عن تعريب هذا الاسم إلى ترجمته ، لأنه إن تركه على أصله العبرى التبس معناه عند القارىء العربى بمعانى الجذر العربى " حلق " غير المرادة من التسمية ، ولو عدل به إلى الخاء على جهة التعريب المفسر للمعنى ( حيث "حلق" العبرى هو مكافىء "خلق" العربى بالخاء ) لانبهم على القارىء العربى المراد منه ، أهو " الخَلق " أم " الخُلُق " أم " الخلاق " ؟ . وأبعدها عن الذهن هو هذا الأخير ، رغم أنه هو وحده المراد ( حيث " الخلاق " بتخفيف اللام تعنى فى العبرية والعربية معاً : الكفل ، أى الحظ والنصيب والقسمة ، ومنه قوله تعالى : " أولئك لا خلاق لهم فى الآخرة " أى لا نصيب لهم ولا حظ فى نعيم الآخرة ) " انتهى
مما سبق ذكره يتبين لنا أن القرآن الكريم يتحاشى أحيانأ ذكر الاسم الأعجمى حين يؤدى ذكره إلى حدوث التباس فى المعنى عند الناطقين بالعربية
وبهذا نكون – بحمد الله وتوفيقه – قد أجبنا عن الشق الأول من السؤال
ويبقى الشق الثانى منه والذى يقول :
لماذا ذكر القرآن مريم عليها السلام بإسمها وكنيتها معاً فى هذا الموضع على وجه الخصوص ، من دون جميع مواضع ذكرها فى القرآن ؟
ولهذا حديث آخر ، أو قل : إعجاز آخر ، عسى أن نُبينه قريبأ ، وشكرأ على صبركم
( يُتبَع إن شاء الله )​
 
جزاك الله خيرا على ما قدمت فوالله مايسر القلب إلا بمثل هذه الدقائق أسأل الله أن يفتح على يديك المغلق من الأمور ونحن بانتظار المزيد ..
بل في انتظار كل ما عندك ..
وفقك الله يا أستاذنا
 
ثانيأ : الجواب عن الشق الثانى من السؤال
يوجد أمران ملفتان للنظر يتعلقان بذكر مريم عليها السلام فى القرآن :
الأمر الأول : أن مريم كانت هى المرأة الوحيدة التى ذكرها القرآن بإسمها ، فلماذا ؟
الأمر الثانى : أن الاسم " مريم " مذكور فى القرآن 34 مرة موزعة على 12 سورة ، ولكن موضع ذكرها فى سورة التحريم كان هو الوحيد الذى قرن اسمها بكنيتها ، فلماذا أيضأ ؟
الجواب عن الأول : كانت مريم هى الوحيدة من النساء المذكورة بإسمها فى القرآن ، وذلك لأنها هى الوحيدة كذلك التى قص علينا القرآن قصتها كاملة ، بينما النساء الأخريات جاء ذكرهن فى القرآن عرضأ لا قصدأ ، ومن أمثلة ذلك ملكة سبأ التى جاء ذكرها عارضأ فى سورة النمل ، لأنه ورد فى سياق قصة سليمان أصلا ، ولم تكن هى المعنية بالذكر منذ البداية ، وكذلك إمرأة العزيز ، حيث جاء ذكرها عرضأ فى سياق قصة يوسف .. وهكذا
أما مريم عليها السلام فوردت قصتها مستقلة بذاتها ، وذلك فى قوله تعالى : " وأذكر فى الكتاب مريم ... " فهى قصة قائمة بذاتها ، مثلها فى ذلك مثل قصة إبراهيم عليه السلام ، حيث اُستهلت كذلك بقول مماثل : " وأذكر فى الكتاب إبراهيم ... " ، أو مثل قصة موسى عليه السلام : " وأذكر فى الكتاب موسى ... " وبالمثل إسماعيل وادريس عليهما السلام
وباختصار يمكن القول أن الضرورة اقتضت ذكرها بالاسم
كما أنه توجد ضرورة أخرى استوجبت ذكر اسمها ، وهى تتمثل فى ارتباط قصتها بقصة ابنها المبارك عيسى عليه السلام ، حيث نجد القرآن بالغ الحرص على نسبة عيسى إلى أمه وعلى اقتران اسمه بإسمها ، فهو أما أن يقول : " عيسى ابن مريم " أو يقول : " المسيح ابن مريم ، أو يقول : " المسيح عيسى ابن مريم "
وقد كان هذا ضروريأ للتأكيد على الميلاد الإعجازى للمسيح من عذراء ، وعلى أنه لا ينتسب إلى أب من البشر

ثم نأتى إلى السؤال الثانى : لماذا انفردت آية سورة التحريم بالجمع بين اسم مريم وكنيتها " ابنت عمران " ؟
والجواب عنه : إن مقام ذكر مريم فى آية التحريم هو مقام المدح والثناء عليها ، وضرب المثل بها فى عظيم إيمانها بكلمات الله التى سبقت وأعلنت البشرى بميلاد المسيح المنتظر من فتاة عذراء
ومقام المدح والثناء يقتضى الذكر الكامل لمن نمدحه ونثنى عليه ، أى التحديد الدقيق لشخصه وهويته حتى لا يلتبس لدى السامعين بشخص سواه قد يحمل نفس اسمه الأول
وهنا نلاحظ أن آية التحريم قد ذكرت أكثر من محدد واحد من محددات الشخصية ، تلك هى :
1 – الاسم العلم : مريم
2 – الكنية : ابنت عمران
3 – الصلة : التى أحصنت فرجها
سبحان الله !!
لا مجال بعد هذا التحديد الدقيق لحدوث أدنى لبس حول هوية مريم ، أما لو أنه قد اكتفى بذكر اسمها فقط " مريم " فإن المريميات كثيرات فى تاريخ الديانة اليهودية بحيث لا يتبين معه من تكون مريم المقصودة من بينهن جميعأ
وكذلك لو أنه قال : " ابنت عمران " فقط دون أن يذكر اسمها " مريم " فإن المراد لا يتحقق مطلقأ ، لأنه من غير المعروف لدى النصارى أن والد مريم يُدعى "عمران" ، فالأناجيل الأربعة المعتمدة لديهم قد خلت من ذكر اسم والد مريم على الإطلاق ، بل العهد الجديد كله لا يوجد به أى ذكر له ، بل على العكس يوجد اسم مغاير لعمران ورد فى أحد أناجيلهم غير القانونية ، هو المسمى " إنجيل يعقوب " ، حيث يذكر أن اسم والد مريم هو " يواقيم " وليس " عمران "
وحتى يومنا هذا فإن النصارى يستغربون جدأ من تسمية القرآن لوالد مريم " عمران " ويجحدون ذلك ولا يقرونه
بل لعل البعض يعجب حين يعلم أن فى التراث اليهودى توجد " مريم ابنت عمران " أخرى غير مريم أم المسيح وأنها لا تقل عنها شهرة ، تلك هى مريم أخت موسى وهارون عليهما السلام ، وهو أمر قد يدعو فى نظر البعض إلى الخلط والالتباس
وهنا يتجلى لنا إعجاز القرآن الكريم ، حيث نجده قد رفع هذا اللبس بين المريمتين الشهيرتين المنتسبتين إلى عمران
كيف هذا ؟
أقول إن اعجاز القرآن يتجلى هنا فى رفعه لهذا الالتباس ، وذلك حين أضاف إلى " مريم ابنت عمران " محدد آخر من محددات شخصيتها التى تميزها هى بوجه خاص ، ذلك المحدد هو " التى أحصنت فرجها "
كان لا بد أن يضيف القرآن ذلك المحدد الأخير بعد أن ذكر كنيتها " ابنت عمران " ، وذلك حتى يرفع اللبس بين المريمتين الشهيرتين
سبحان الله !! ، إنه كلام إله حكيم
ولا يزال للحديث بقية
فالاعجاز لم ينته ِ بعد !!​
 
فى الحلقة الأولى من ردى على السؤال الرئيس للموضوع وقفنا على اعجاز القرآن فى إعراضه عن ذكر الاسم " آسية " ، ورأينا كيف أنه يوجد أكثر من سبب وراء هذا الإعراض ، مثل تجنب الحشو والزيادة ، ومثل رفع الإلتباس الذى يمكن أن يؤدى إليه ذكر هذا الاسم
وفى الحلقة الثانية وقفنا على سر استئثار مريم عليها السلام بالذكر فى القرآن من دون سائر النساء ، والذى كان له كذلك أكثر من سبب
ثم وقفنا على اعجاز القرآن فى تحديده الدقيق لشخصية مريم بثلاثة محددات رئيسية ميزتها عمن شاركنها نفس الاسم والكنية ، كأخت موسى بن عمران
وفى هذه الحلقة – الثالثة والأخيرة – نكشف عن اعجاز آخر لآية سورة التحريم فى حديثها عن مريم
هذا الاعجاز يظهر لنا من خلال مقارنتها بآية شبيهة جدأ بها وردت فى سورة الأنبياء
فلنقرأ الآيتين معأ ، ثم نقارن بينهما
قال تعالى في سورة الأنبياء : ( وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ {91}
وقال في سورة التحريم (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ {12
إن أول ما نلحظه هو خلو آية الأنبياء من ذكر مريم ، سواء بالاسم أو بالكنية ، وذلك فى مقابل ذكرهما معأ فى آية التحريم
كما نلحظ أيضأ اختلاف التعبير بين الآيتين فى مسألة النفخ ، فهو فى آية الأنبياء " فنفخنا فيها " ، بينما فى الأخرى " فنفخنا فيه "
فما هو السبب وراء هذين الملحظين ؟ وما هو وجه الاعجاز الذى يمكن تلمسه فى كل منهما ؟
لنستمع إلى الجواب من أحد علماء اللغة المرموقين ، هو الدكتور فاضل السامرائى ، حيث قارن بين الآيتين على نحو دقيق ، فى كتابه " الأسئلة والأجوبة المفيدة في لطائف بعض الآيات القرآنية " ، فقال :
(( بين هاتين الآيتين أكثر من نقطة يجب الإلتفات إليها وهي كما يلي:
في سورة الأنبياء لم يذكر اسم مريم عليها السلام بينما ذكره في سورة التحريم. والسبب في ذلك هو أن السياق في سورة الأنبياء كان في ذكر الأنبياء ( إبراهيم، لوط، موسى، وزكريا ويحيى ) ثم قال (والتي أحصنت فرجها) دون أن يُصرّح باسمها ، لأن السياق في ذكر الأنبياء وهي ليست نبيّة ، أما في سورة التحريم فذكر اسمها لأن السياق كان في ذكر النساء ومنهم ( امرأة فرعون ، امرأة لوط وامرأة نوح ) فناسب ذكر اسمها حيث ذكر النساء. والتصريح بالاسم يكون للمدح إذا كان في المدح وللذمّ إذا كان في الذّم. ونلاحظ في سورة التحريم أنها من أعلى المذكورات في سياق النساء ، ولهذا ذكر اسمها من باب المدح. أما في سورة الأنبياء فهي أقلّ المذكورين في السورة منزلة ، أي الأنبياء ، فلم يذكر اسمها.....ونسأل أيهما أخصّ في التعبير ( ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها ) فى سورة التحريم أو ( والتي أحصنت فرجها ) فى سورة الأنبياء ؟. فنقول أن الأخصّ ( مريم ابنت عمران ) ، وقوله تعالى (ونفخنا فيها من روحنا) فى الأنبياء أعمّ من ( نفخنا فيه ) وأمدح. إذن مريم ابنت عمران أخصّ من التي أحصنت فرجها فذكر الأخصّ مع الأخصّ (فنفخنا فيه) وجعل العام مع العام (ونفخنا فيها ) . )) انتهى
بهذا نكون قد وقفنا على سر جديد من أسرار تخصيص مريم عليها السلام بالاسم والكنية معأ فى آية التحريم ، هو كونها أعلى النساء المذكورات شأناً ، فجاء هذا التخصيص لها من باب الزيادة فى مدحها والثناء عليها
هذا ما وسعنى ادراكه من اعجاز الآية الكريمة ، والله أعلم
 

لماذا لم يصرح باسم امرأت فرعون وصرح باسم مريم ابنت عمران وهل هذا له علاقة بسبب نزول السورة ؟ ..
.... ولكن هل سبب نزول السورة الكريمة في أم المؤمنين زينب أم مارية فإني قرأت فى بعض التفاسير أنها مارية والبعض أنها زينب بنت جحش فما هو الصحيح فى الأمر يا ملتقانا المبارك ؟
عزيزى الشيخ إسماعيل ، يبدو لى من الإقتباسين أعلاه أن لديك وجهة نظر تربط فيها خاتمة سورة التحريم مع سبب نزولها ، ولم أجد أحدأ من المشاركين الأفاضل قد علق على هذه المسألة أو تطرق لسبب نزول السورة ، ومن هنا رأيتُ أن أثيرها معك لعلّى استخرج ما قد يكون فى جعبتك
كما دعانى إلى ذلك اشارتك الموحية إلى احتمال نزول السورة فى السيدة مارية رضى الله عنها ، وهو ما جعلنى أُحدّس بأنك ربما تربط هذا بذكر السيدة مريم عليها السلام ، وذلك على سبيل التكريم و رد الإعتبار للسيدة مارية القبطية الأصل ، هذا إن ثبت قطعأ أن السورة قد نزلت فيها هى
فهل حدسى هذا صحيح ؟ أم انك ترى رابطأ آخر بين سبب النزول وخاتمة السورة ؟
مع تحياتى
 
بسم1 و الصلاة و السلام علي أشرف المرسلين سيدنا و نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أما بعد؛
فإن التصريح بذكر مريم و تحديدها اسماً و نسباً و صفةً من شأنه سد أي باب أمام النصاري بالإدعاء علي نسب عيسي عليه السلام و نسبته إلي رب العالمين ولداً - حاشا لله - . لذا كان التصريح باسم مريم علي النحو الذي نعرفه نحن و يعرفونه هم حجة لنا و حجة عليهم.
أما امرأة فرعون فجاء ذكر قصتها في القرآن في معرض الثناء علي من آمنوا برب العالمين و هم تحت وطأة الظالمين و عرضتهم للبطش و النكال و التعذيب. فبالرغم من كونها امرأة فرعون؛ مدعي الألوهية في عصره؛ إلا أنها آمنت بالله تبارك وتعالى، فعظمة القصة في الإشادة بإيمان زوجة مدعي الإلهية بغض النظر عن تعيين اسمها. و علي ذلك النحو جاء ذكر مؤمن آل فرعون في القرآن دون تسميته لنا لمثل تلك الغاية و الله تعالي أعلي و أعلم
 
يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنه وعن أبيه ما قال أبي أظن كذا قط إلا كان ما يظن
فوالله لقد صدق حدسك يا أستاذنا
وما حاد عن ما كنت سأقوله قيد أنملة
فجزاك الله خيرا على ما قدمت وأسأل الله أن يفتح علينا جميعا من أسرار كتابه
وحدسك صحيح في هذا الترابط بين سبب نزول السورة وبين ذكر مريم خاصة في هذا الموضع وأسأل الله جل وعلا أن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى
 
فوالله لقد صدق حدسك يا أستاذنا
وما حاد عن ما كنت سأقوله قيد أنملة
أسعدنى صواب حدسى ، أنظر كيف أقرأ أفكارك يا شيخ !! ( ابتسامة )
وبهذه المناسبة أهدى إليك ملاحظات الإمام البقاعى الرائعة حول المناسبة بين افتتاحية سورة التحريم وخاتمتها ، ومن المعروف أن الإمام البقاعى يُعد من أبرع من كتبوا فى علم المناسبات
قال رحمه الله : (( افتتحت سورة التحريم بأمرين واختتمت بإشارتين إلى نفس هذين الأمرين !! ، وذلك كما يلى :
الأمر الأول : افتتحت السورة بالحديث والتهديد للمتظاهرتين وهما قرينتا أحب خلق الله إلى الله ، وأشارت الخاتمة إلى زوجي نبيين عندما خالفتاهما في العقيدة ﴿ فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ﴾ التحريم : 10
فلن ينفعهما قربهما من الصالحين- وفي ذلك إشارة وتهديد- ، يقول صديق خان (... يلوح أبلغ تلويح إلى أن المراد تخويفهما مع سائر أمهات المؤمنين وبيان أنهما وإن كانتا تحت عصمة خير خلق الله وخاتم رسله فإن ذلك لا يغني عنهما شيئاً )
الأمر الثانى : أتم سبحانه الأمثال في الآداب بالثيبات والأبكار ، الأخيار والأشرار فانعطف آخر السورة على أولها في المعاني والآداب، وزاد ذلك حُسنأ كونها في النساء في الذوات والأعيان بزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - لآسية امرأة فرعون ومريم ابنة عمران في الجنة دار القرار السالمة عن الأكدار، الزواج الأبدي ، فصار أول السورة وآخرها في أزواجه - صلى الله عليه وسلم ))
 
بارك الله فيكم على هذه الفوائد القيمة، والاجتهادات الموفقة، والتأملات النافعة.
وبارك فيكم فضيلة المشرف العام
أسعدنى مروركم وتعليقكم العذب الجميل
وهذا هو المأمول منكم أخى العزيز ، جزاك الله خيرأ
 
فوالله لقد صدق حدسك يا أستاذنا
وما حاد عن ما كنت سأقوله قيد أنملة
وحدسك صحيح في هذا الترابط بين سبب نزول السورة وبين ذكر مريم خاصة في هذا الموضع وأسأل الله جل وعلا أن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى
رغم أنى سررت بصدق حدسى ، لكن سرورى سيكون أكبر من هذا إذا قرأت لك ما كنت ستقوله أنت أخى العزيز بتعبيرك وأسلوبك الخاص ، لا سيما وأنى لم أتناول هذا الترابط بين سبب النزول والخاتمة بتفصيل وبيان ، وإنما اكتفيت بإشارة عابرة إليه ، وهى إشارة سريعة لا تكفى مَن أراد الفهم الدقيق
لذا أترك لك البيان والتفصيل وأنتظر أن أسمع منك أخى المكرم
 
السلام عليكم
ذكر الله تعالى اسم مريم عليها السلام لان ليس كمثلها سيدة بمثل قصتها
ولم يذكر امراة فرعون لان حالتها تتكرر مع نساء الظلمة والفجرة ونساء اصحاب السلطة الغاشمة
والحمد لله
تقبلوا مني مروري


[تمت المشاركة باستخدام تطبيق ملتقى أهل التفسير]
 
ذكرت آسيه في القرآن بامرأة فرعون دون التصريح بإسمها لعله(حتى نتذكر باستمرار انها ءامنت وهي في قعر الظلم والجبروت ..فنتوصل بذلك مدى صبرها ومالاقته من عذاب بلا أدنى شك من أكبر طاغية )
 
النساء اللائي ذكرن بتعريف وليس بإسم مثل (امرأة فرعون) (أم موسى) (امرأة ابراهيم) هو أنهن استمدين شهرتهن ممن إضفن إليه ، فمثلاً لولا فرعون لما جاء ذكر لأمرأته فكانت دلالة الإضافة مرتبطة بموضع العَلَمِ من القصَّة ، بينما مريم ليس لها زوج تضاف إليه ، وابنها نبي الله عيسى عليه السلام ينسب إليها وليس إلى أب لانتفاء وجوده فكان لزاماً ذكر اسمها وترديده لتأكيد نسبة ابنها إليها ، ولأنها ركن ركين في معجزة عيسى عليه السلام وبالتالي فلا وجه للمقارنة بينها وبين النساء اللائي ذكرن بالإضافة إلى أزواجهن.
والله تعالى أعلم
 
عودة
أعلى