نايف الزهراني
New member
في قرية حالِمة من قرى زهران, عزم أبو إبراهيم على إعادة بناء مسجده الذي أنشأه عام 1396, ففعل .., وبعد عام كاملٍ انتهى من مسجده الجديد, فأسرعت إليه لأسعد بالصلاة فيه, ولتهنئةِ مؤذنه أبي إبراهيم – وقد كان يحب أن أصلي معه-, فلمَّا وصلته دلَّني جمال ظاهره على جمال باطنه, وقد قيل قديماً: اطلبوا الخير عند حِسان الوجوه.
فدخلته على عجل, فرأيته يشعُّ حُسناً وبَهاءً, فصليت وجلست, وتناولت مصحفاً شبيه الإخراج بمصاحف مجمع الملك فهد, مع فخامة طباعته, وجودة إخراجه, وازداد أنسي بوجود تفسير مختصر في هامشه, فبينا أنا أتصفحه إذ وقع بصري على قوله تعالى {الرحمن على العرش استوى}, فالتفت إلى تفسيرها في الهامش فإذا بالمفسر يقول: (استولى على المُلك), فذُهِلت, وغارت الأحرف في ناظِرَيَّ فلم أعد أرى من المصحف إلا هذه الكلمات, فقربت المصحف وبعدته, وأعدت النظر إليه وصوبته, وإذا بالجملة على حالها, فاسترجعت ذاكرتي استحثها في البحث عن مواضع صفة الاستواء في القرآن, وإذا بالتفسير يتكرر بألفاظه في سورتي يونس والرعد: (استولى على المُلك), فاسترجعتُ لمُصيبتي, ولم أستفق إلا على صوت أبي إبراهيم مسلِّماً, فرددت السلام على غير ما يعهده مني, وألهمني الله مناسبة المسجد, فتبسمت له, وأخذت في الثناء والدعاء, ثم سألته عن هذه المصاحف الجديدة: من أين أخذها؟ وبكم؟ وكيف .., فأخبرني, وقال: ولم السؤال؟ فأردت أن أذكر له ما رأيته من تفسير الجهمية, فخشيت أن يسمعها (محو الأمِّية), أو (خمسميَّة), أو نحوها ممَّا يحب أن يسمعه كبار السنّ, فقلت: هذا التفسير الذي مع المصحف سيِّء, وفيه أشياء غير صحيحة, فرُدَّه إلى المكتبة, وخذ بدله من الأوقاف مصحف المجمَّع. ففعلَ وفقه الله, وأحسن خاتمته.
وبعد زمان .. صليَّتُ في مسجد جديد من مساجد تهامة, فرأيتُ نفس المصحف فيما يُخَيَّلُ إليّ, فذهبت إلى آيات الاستواء, فإذا هو هو, فعلمتُ أن الداء قد استشرى وتعيَّن البيان على المستطيع, فأخذت نسخة منه وعزمت على تَفَحُّصِه, وبينا أنا صاعِدٌ من تهامة إلى قريتي في السَّراة, وقد دخل فرض الظهر, فصلَّيت في مسجد جديد قبل قريتا, فما إن فرغت من الراتبة حتى رأيت هذا المصحف بشحمه ولحمه يملأ رفوف المسجد, فأخبرت الإمام عن بلاياه, فوعد خيراً, وعدت للصلاة عنده بعد يومين فإذا به قد جمعه في كرتونٍ آخر المسجد ليتلفه, ووضع مكانه مصحف المجمَّع, وأخبرني أنه ذهب إلى مدير الأوقاف وأخبره بأمر هذا المصحف, فلم يجد منه تفاعلاً, وإنما أعطاه مصاحف المجمع, وقال له: تصرف في مصاحفكم هذه بالحرق أو الإتلاف, إنما نحن لا نستلمها, ولا علاقة لنا بها. فخففتُ عن الإمام وأخبرته أني قد فرغت من قراءة هذا التفسير, وكتبت ما عليه من ملاحظات, وأرفقتها بخطابات لسماحة المفتي العام, ووزير الشؤون الإسلامية.
وبعد . . . . إخواني الكرام في الملتقى
فإليكم مُلخَّصاً لأهم الملاحظات والانحرافات الواردة في هذا التفسير, لنحذر منه, ونُنَبِّه إخواننا عليه, ولتعلموا مدى انتشار هذا التفسير فإن مؤلفه فرغ منه عام 1423, وأنا أكتب ملاحظاتي على الطبعة الثالثة التي طبعت عام 1423 أيضاً!!
- اسم التفسير: «صفوة البيان في تفسير كلمات القرآن».
- مؤلفه: محمد حسين بن جعفر الدُّجيلي.
- مطبوع بهامش المصحف الشريف في دار الفرزدق لعلوم القرآن بجدة, عام 1423هـ.
أولاً: رَتَّب المؤلف في أوَّل المصحف دعاءين:
أحدهما: (دعاءٌ قبل تلاوة القرآن ونشره), والآخر: (دعاءٌ عند تلاوة بعض القرآن الكريم), ولا أصلَ لكُلِّ ذلك, وفي ترتيب دعاءٍ بصيغة معينة في أحوالٍ معينة والتزامه تَعَبُّدٌ بما لم يشرع, ونحو ذلك يُقال في (دعاء ختم القرآن) الذي أثبته المؤلف في آخر المصحف, مع ما في صيغته من مجافاة أدب الدعاء.
ثانياً: حَرَّف المؤلفُ معاني أسماء الله وصفاته تحريفاً عظيماً, وافق فيه رؤوس المبتدعة المؤولة من جهميةٍ ومعتزلةٍ, وهذه جُملةٌ من تحريفاته:
1- تلاعب المؤلف بصفة الاستواء في قوله تعالى {ثم استوى على العرش}, وقوله {الرحمن على العرش استوى} على وجوهٍ عدَّةٍ لم يُثبِت في أحدٍ منها قولَ أهل السنة, بل قال فيها:
- (قصد إلى خلق العرش) صـ157.
- (استوى على الملك) صـ208.
- (استولى على المُلك) صـ249.
- (استولى على المُلك) صـ415.
وهذا التأويل الأخير المتكرر هو محضُ تأويل الجهمية والمعتزلة, بل زاد عليهم بتحريف معنى العرش إلى الملك كما سيأتي.
2- حَرَّف معنى العرش في جميع مواضع الآيات السابقة وفي غيرها إلى معاني باطلة فقال إضافةً إلى ما سبق في آيات الاستواء:
- في قوله تعالى {ذو العرش المجيد}: (ذو المُلك) صـ590.
- وفي قوله تعالى {وكان عرشه على الماء} قال: (ما كان خلق تحته إلا ماء) صـ222.
3- أَوَّل صفة اليد في قوله تعالى {لِمَا خلقتُ بِيَدَيَّ} بالقدرة, فقال: (خلقته بقدرتي) صـ457.
4- أَوَّل صفة النور في قوله تعالى {الله نور السماوات والأرض} بقوله: (هادي أهل السماوات والأرض إلى ما فيه مصالحهم) صـ354.
هذه أبرز الملاحظات والانحرافات في هذا التفسير, وأرجو أن أكون أديتُ الأمانة إلى أهلها في هذا الملتقى المبارك, ومن أراد الاحتساب ومراسلة أهل الشأن في هذا الأمر فلعلي أعينه بإرفاق صورة خطابي في تعليق لاحق على الموضوع, وبالله تعالى التوفيق, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فدخلته على عجل, فرأيته يشعُّ حُسناً وبَهاءً, فصليت وجلست, وتناولت مصحفاً شبيه الإخراج بمصاحف مجمع الملك فهد, مع فخامة طباعته, وجودة إخراجه, وازداد أنسي بوجود تفسير مختصر في هامشه, فبينا أنا أتصفحه إذ وقع بصري على قوله تعالى {الرحمن على العرش استوى}, فالتفت إلى تفسيرها في الهامش فإذا بالمفسر يقول: (استولى على المُلك), فذُهِلت, وغارت الأحرف في ناظِرَيَّ فلم أعد أرى من المصحف إلا هذه الكلمات, فقربت المصحف وبعدته, وأعدت النظر إليه وصوبته, وإذا بالجملة على حالها, فاسترجعت ذاكرتي استحثها في البحث عن مواضع صفة الاستواء في القرآن, وإذا بالتفسير يتكرر بألفاظه في سورتي يونس والرعد: (استولى على المُلك), فاسترجعتُ لمُصيبتي, ولم أستفق إلا على صوت أبي إبراهيم مسلِّماً, فرددت السلام على غير ما يعهده مني, وألهمني الله مناسبة المسجد, فتبسمت له, وأخذت في الثناء والدعاء, ثم سألته عن هذه المصاحف الجديدة: من أين أخذها؟ وبكم؟ وكيف .., فأخبرني, وقال: ولم السؤال؟ فأردت أن أذكر له ما رأيته من تفسير الجهمية, فخشيت أن يسمعها (محو الأمِّية), أو (خمسميَّة), أو نحوها ممَّا يحب أن يسمعه كبار السنّ, فقلت: هذا التفسير الذي مع المصحف سيِّء, وفيه أشياء غير صحيحة, فرُدَّه إلى المكتبة, وخذ بدله من الأوقاف مصحف المجمَّع. ففعلَ وفقه الله, وأحسن خاتمته.
وبعد زمان .. صليَّتُ في مسجد جديد من مساجد تهامة, فرأيتُ نفس المصحف فيما يُخَيَّلُ إليّ, فذهبت إلى آيات الاستواء, فإذا هو هو, فعلمتُ أن الداء قد استشرى وتعيَّن البيان على المستطيع, فأخذت نسخة منه وعزمت على تَفَحُّصِه, وبينا أنا صاعِدٌ من تهامة إلى قريتي في السَّراة, وقد دخل فرض الظهر, فصلَّيت في مسجد جديد قبل قريتا, فما إن فرغت من الراتبة حتى رأيت هذا المصحف بشحمه ولحمه يملأ رفوف المسجد, فأخبرت الإمام عن بلاياه, فوعد خيراً, وعدت للصلاة عنده بعد يومين فإذا به قد جمعه في كرتونٍ آخر المسجد ليتلفه, ووضع مكانه مصحف المجمَّع, وأخبرني أنه ذهب إلى مدير الأوقاف وأخبره بأمر هذا المصحف, فلم يجد منه تفاعلاً, وإنما أعطاه مصاحف المجمع, وقال له: تصرف في مصاحفكم هذه بالحرق أو الإتلاف, إنما نحن لا نستلمها, ولا علاقة لنا بها. فخففتُ عن الإمام وأخبرته أني قد فرغت من قراءة هذا التفسير, وكتبت ما عليه من ملاحظات, وأرفقتها بخطابات لسماحة المفتي العام, ووزير الشؤون الإسلامية.
وبعد . . . . إخواني الكرام في الملتقى
فإليكم مُلخَّصاً لأهم الملاحظات والانحرافات الواردة في هذا التفسير, لنحذر منه, ونُنَبِّه إخواننا عليه, ولتعلموا مدى انتشار هذا التفسير فإن مؤلفه فرغ منه عام 1423, وأنا أكتب ملاحظاتي على الطبعة الثالثة التي طبعت عام 1423 أيضاً!!
- اسم التفسير: «صفوة البيان في تفسير كلمات القرآن».
- مؤلفه: محمد حسين بن جعفر الدُّجيلي.
- مطبوع بهامش المصحف الشريف في دار الفرزدق لعلوم القرآن بجدة, عام 1423هـ.
أولاً: رَتَّب المؤلف في أوَّل المصحف دعاءين:
أحدهما: (دعاءٌ قبل تلاوة القرآن ونشره), والآخر: (دعاءٌ عند تلاوة بعض القرآن الكريم), ولا أصلَ لكُلِّ ذلك, وفي ترتيب دعاءٍ بصيغة معينة في أحوالٍ معينة والتزامه تَعَبُّدٌ بما لم يشرع, ونحو ذلك يُقال في (دعاء ختم القرآن) الذي أثبته المؤلف في آخر المصحف, مع ما في صيغته من مجافاة أدب الدعاء.
ثانياً: حَرَّف المؤلفُ معاني أسماء الله وصفاته تحريفاً عظيماً, وافق فيه رؤوس المبتدعة المؤولة من جهميةٍ ومعتزلةٍ, وهذه جُملةٌ من تحريفاته:
1- تلاعب المؤلف بصفة الاستواء في قوله تعالى {ثم استوى على العرش}, وقوله {الرحمن على العرش استوى} على وجوهٍ عدَّةٍ لم يُثبِت في أحدٍ منها قولَ أهل السنة, بل قال فيها:
- (قصد إلى خلق العرش) صـ157.
- (استوى على الملك) صـ208.
- (استولى على المُلك) صـ249.
- (استولى على المُلك) صـ415.
وهذا التأويل الأخير المتكرر هو محضُ تأويل الجهمية والمعتزلة, بل زاد عليهم بتحريف معنى العرش إلى الملك كما سيأتي.
2- حَرَّف معنى العرش في جميع مواضع الآيات السابقة وفي غيرها إلى معاني باطلة فقال إضافةً إلى ما سبق في آيات الاستواء:
- في قوله تعالى {ذو العرش المجيد}: (ذو المُلك) صـ590.
- وفي قوله تعالى {وكان عرشه على الماء} قال: (ما كان خلق تحته إلا ماء) صـ222.
3- أَوَّل صفة اليد في قوله تعالى {لِمَا خلقتُ بِيَدَيَّ} بالقدرة, فقال: (خلقته بقدرتي) صـ457.
4- أَوَّل صفة النور في قوله تعالى {الله نور السماوات والأرض} بقوله: (هادي أهل السماوات والأرض إلى ما فيه مصالحهم) صـ354.
هذه أبرز الملاحظات والانحرافات في هذا التفسير, وأرجو أن أكون أديتُ الأمانة إلى أهلها في هذا الملتقى المبارك, ومن أراد الاحتساب ومراسلة أهل الشأن في هذا الأمر فلعلي أعينه بإرفاق صورة خطابي في تعليق لاحق على الموضوع, وبالله تعالى التوفيق, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.