في القول الجديد في التفسير.

إنضم
03/09/2008
المشاركات
221
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
إذا أجمع السلف على معنى آية ...إذا كان القول الجديد مضادا له فهو باطل مردود..وإذا كان لايعارضه فهو مقبول.ويمكن أن نقعد قاعدة كما قيل: "لا توجد آية لايعرف السلف لها معنى"،قال لي صاحبي وهو طالب علم جيد:لا توجد آية لايعرف السلف لها معنى أوافقك عليها،ولكن لايصح أن نقول :لايوجد معنى لا يعرفه السلف.
 
" لا يوجد معنى لا يعرفه السلف " عبارة غير صحيحة ؛ لأن كلام الله مطلق وكلام البشر نسبي ، مصداقا لقوله تعالى : {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[لقمان:27] .

والله أعلم وأحكم
 
كلام في ذروة الدقة إلا أنه مشكل...
لأنه ليس كل ما يعرفه السلف هم تكلموا به، أو أنهم دونوه.
حتى ذكر ابن رجب رحمه الله في كتاب(فضل علم السلف على علم الخلف) عن قلة كلامهم فقال:"وانظر إلى أكابر الصحابة رضي الله عنهم،وعلماءهم؛كأبي بكر،وعمر،وعلي،ومعاذ،وابن مسعود،وزيد بن ثابت كيف كانوا؛كلامهم أقل من كلام ابن عباس،وهم أعلم منه.
وكذلك كلام التابعين أكثر من كلام الصحابة ،والصحابة أعلم منهم.
وكذلك تابعوا التابعين كلامهم أكثر من كلام التابعين،والتابعون أعلم منهم.
فليس العلم بكثرة الرواية،ولابكثرة المقال ،ولكنه نور يقذف في القلب،يفهم به العبد الحق،ويميز به بينه وبين الباطل،ويعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصلة للمقاصد".(ص 84).
أما اللطائف المستنبطة ،والأسرار المتأملة، فهذه لاتحتويها الأزمان،ولاتستغرقها الأجيال.
فالقرآن الكريم بحر لاينتهي عجائبه.
كما قال شوقي:
آياته كلما طال المدى جدد.....
يزينهن جلال العتق والقدم.
 
الأستاذ/ محمد الصاعدي
سلام الله عليك

هل العبارة
لايصح أن نقول :لايوجد معنى لا يعرفه السلف
تطابق العبارة
لايصح أن نقول :لايوجد معنى لم يصل إلينا عن السلف

فإن طابَقْتَ بينهما، لم تسلم لك المطابقة لأنك لا تستطيع التدليل على يقينها (بحسب المداخلة #3).

وإن وافقت على عدم المطابقة بالضرورة، وكان هناك من علم السلف ما لم يصل إلينا،
فماذا تنصحنا أن نفعل؟
أنجتهد أم نمتنع (بحسب مرادك مما جئت به)؟!

وإن أردت منا أن نمتنع، أفلا تكون قد منعتنا عن فعل (ولو بعض) ما أمرنا الله تعالى به وأخذناه بأسبابه، عندما قال سبحانه "
كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ .."(ص:29) ؟!


 
الأستاذ عز الدين وفقك الله ..هذه المشاركة كانت ضمن ندوة شاركت فيها في جامعة الباحة بكلية العلوم والآداب بالمندق عن الإعجاز العلمي ..وقد جعلت مشاركتي في ثمان نقاط ..
1ـ أهل التفسير ليسوا ضد المخترعات الحديثة والعلم التجريبي ولكن الإشكال في الربط بين المكتشفات والنصوص
2ــأهمية ضبط مقدمات العلم حتى لايدخل فيه ما ليس منه
3ــ التفسير العلمي هو تفسير السلف
4ــ أيهما أعم الإعجاز العلمي (التجريبي) أم التفسير العلمي.
5ــ التفسير العلمي التجريبي يدخل في التفسير بالرأي يكون محمودا ويكون مذموما
6ــ من يتكلم في التفسير لابد أن يكون ملما بأصول التفسير
7ـ ضوابط قبول التفسير المعاصر
8ـ إشارات في ختام الندوة: المفسر أقدر على الربط بين ماورد في القرآن وما يرد في البحث التجريبي من الباحث التجريبي ..الإصطلاح إذا حمل معنى باطلا فإن فيه مشاحة...لايوجد في القرآن مالم يعرف السلف له معنى صحيحا ..وقد سألني من أدار الندوة د.عبدالرحمن خليفة ولكن هل يصح أن نقول :لايوجد معنى للآية لايعرفه السلف قلت له:لا .والله أعلم.وفقنا الله لخدمة كتابه.وأنا مدين للشيخ العلامة د. مساعد الطيار فقد أستفدت من أطروحاته وكتبه ،أطال الله في عمره على طاعته.
 
نقاط مهمه وفريدة...
وتستحق النشر...
ليتك تبسطها في المنتدى،فماأثارتها من محاورجديرة بالنقاش والطرح.
وأرى أنك قد طرقت مسائل ملفتة جدا.
نحن في انتظارك يادكتور...
 
نقل عن الشيخ الدكتور مساعدالطيار حفظه الله :
لماذا نحرص على معرفة أقاويل السلف؟
هذه مسألة يطول ذكرها، لكن من أهمها ـ وأريد أن ننتبه إلى هذه القاعدة لأننا قد لا نستطيع أن نشرحها كاملة ـ:لا يمكن أن يوجد آية لم يفهم السلفُ معناها.هذه قاعدة يُبنى عليها أن معنى ذلك أن ما من آية وإلا وللسلف فيها كلام ، ختى إنهم تكلموا عن الحروف المقطعة التي ظنَّ بعض المتأخرين أنها من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله ، وتفصيل مذهبهم في الحروف المقطعة وما ينتج عنه من فوائد له محل آخر .والمقصود أنه ما دام السلف تكلموا عن آيات القرآن ، فإنه لا يمكن أن يكون هناك آية لم يفهموا معناها، ؛ لأنه يلزم منه أن في القرآن ما لم تفهمه الأمة في وقتهم ، وهذا محالٌ .إذن هم فهموا معاني القرآن من حيث الجملة، وما من آية إلا ولهم فيها فهم صحيح على وجه معتبر من وجوه التفسير .وعلى هذا الوجه من تقرير هذه المسألة يترتب قولنا :بأن تفسيرهم حجة ، ومعنى ذلك أن ما قالوا من حيث الجملة حجة .فإن كانوا قد أجمعوا عليه فلا ريب في حجيته.وإن كانوا اختلفوا اختلافًا محققًا (أي : ليس اختلافًا يمكن غئتلاف الأقاويل فيه على معنى) ، فإنه لابدَّ أن يكون أحد أقوالهم حق يوافق المراد ، وعملنا نحن أن نعمل بأرائنا في تتبع أقوالهم ، واختيار الرأي الذي نراه هو الصحيح بناءًا على القواعد العلمية المعتبرة ، وهي قواعد الترجيح وقرائنه التي عَمِل بها بعض علماء التفسير من المحققين ، ثم إن وصولنا إلى القول الصحيح ظنِّيٌّ ، لكن عندنا يقين بأن ما قاله الصحابة والتابعون وأتباع التابعين فيه المعنى الصحيح.لكن بعد اجتهادنا في اختيار القول ، واعتمادنا على وجوه الترجيح ، فإنه قد يكون القول الآخر هو الصحيح ، وليس ما اخترناه ، وإنما سبيلنا في هذا أن نعمل بالأسلوب الأمثل في طريقة التفسير والترجيخ فيه ، وهذا لا يعني أن التنازع سينقطع ، بل سيبقى موجودًا .الحرص على معرفة الأقاويل الصحيحة المحتملة في الآية التي جاءت بعد السلف:هذه المسألة مهمة جدًّا ؛ لأنها تدلنا على كيفية إضافة هذه الأقوال إلى ما قاله السلف ، وقد سبق أن فصلت فيها في مقال مستقل ، وهذه المسألة تدل على أنه يوجد عندنا أقوال قالها من جاء بعدهم، وهي صحيحة والآية تحتملها ولا تنقض أقوال السلف، فكيف نستطيع أن نرتبها على الآية؟!ونقول:إذا كانت قد حصلت فيها هذه الضوابط ، فإنه يمكن القول بالأقوال الجديدة التي أتت بعدهم ، لكن لا يمكن ـ بحال ـ أن تكون هذه الأقوال أصح من أقوالهم ؛ لأنه يلزم من ذلك أن يكون القرآن لم يُفهم على وجهه الصحيح خلال تلك الأزمان ، وتلك فيها مشكلة أخرى ، وهي أن بيان الله سبحانه لهؤلاء كان ناقصًا ، وهذا محالٌ أيضًا .
 
مهم مانقلته.
وأنا أستحضر للشيخ في هذا الباب مداخلته التي تقدم بها في لقاء ملتقى أهل التفسير مع الشيخ حاتم الشريف وكان الموضوع عن (التجديد في التفسير)
فقد ناقش الشيخ مساعد بأن مفهوم التفسير يختلف عن مفهوم الاستنباط.
لأن بيان معنى الآية هو التفسير.(نقلته بمعناه) (المداخلة في الدقيقة121).
وأما هل يمكن أن يكون هناك معنى ماعرفه السلف ؟
فهذا سؤال يحتاج إلى سبر وتأمل.
فبعضهم يظن في معنى ما أن السلف لم يعرفوه أو لم يتكلموا به.
وهم في الحقيقة قد كانوا عرفوه ولكن لم يحرصوا على نشره لانتشاره وعدم حاجة ذلك في زمانهم.
أو كانوا قد تكلموا به وثابتا في كتب العلماء إلا أنه لم يقف عليه القارئ ،أو لم يفهمه الباحث.
 
أثابك الله أخ محمد بن حمود...المعنى الصحيح الذي لايضاد ما أجمع عليه السلف رضوان الله عليهم في بيان معنى الآية يكون من باب توسيع مدلولات الآية وهو موافق لكون القرآن الكريم لاتنقضي عجائبه..وكونه معجزة خالدة..ولكن يحتاج إلى دقة واستقراء وإلمام بالأصول حتى لايقع في مزالق.
 
لا يمكن الحكم على المفقود، إذ لا يسمى علما، وإنما العبرة بالموجود.
ولو فُتح باب الاعتبار بالمفقود لضاع العلم، فكل باب من أبوابه يمكن أن يقال هذا فيه، وإنما قامت الحجة بما أبقاه الله للناس من معاني وأحكام عليها يبنون فهمهم بشرع الله ودينه.
والعلماء نقلوا عن السلف أقاويلهم في التفسير، ووراء من نُقل عنه أمم لا يحصون، ولو وجد لقول أحدهم قول مخالف لقول الأول لنُقل أيضا.
فتحصَّل أن المنقول هو جماع أقوال السلف في التفسير، وعلى هذا بنى العلماء ترجيحاتهم في التفسير، واستدلالتهم فيه، وردوا الأقوال المخالفة بناء عليه، وهو منهج مطّرد سارت عليه القرون دون نزاع.

هذه خاطرة عجلى أتت تعليقا على الإشكال الوارد في مشاركات الفضلاء أعلاه، وللدكتور مساعد تعليقات متعددة نبه فيها على هذا الشأن، وكثير منها مبثوث في تعليقه على تفسير الطبري.

 
أستاذ محمد العبادي...
أنا أعني بالذي عرفوه ولم ينقل لنا: تلك التفسيرات التي يفهمه من بعدهم بسبيل التفسير بالمثال.
أما التفسير بالمطابقة فهذا حتما هم أعلم به منا.
ومناط التفسير بالمثال هم أيضا أعلم به منا،
ولكن التفسيرات بالمثال تتجدد بتجدد الأزمان وتنوع الأمصار.
لذلك مافسرناه نحن بالمثال يجب علينا أن نرجع فيه إلى لسان السلف ونتبين هل يوافق قولنا الجديد مافهموه وما(عرفوه) ؟
فإن وافق فهمهم وعلمنا أنهم قالوا(بمثله) فهذا حري أن يلحق بما(عرفوه).
إذن ليس كل مالم نجده أطلقنا عليه بالمفقود.
وكما ذكرت سابقا بأنه قد يكون وجه ما ربماهو من الوجوه المسلمة عند السلف لذلك هم قد يغفلونه ويتكلمون بماهو أهم عندهم.
فإذا رأينا ذلك ووجدنا كلامهم في الذي كان هو الأهم عندهم فمن الخطأ أن أسمي (المغفول) ب(المفقود).
والله المستعان.
 
“فإنه يمكن القول بالأقوال الجديدة التي أتت بعدهم ، لكن لا يمكن ـ بحال ـ أن تكون هذه الأقوال أصح من أقوالهم ؛ لأنه يلزم من ذلك أن يكون القرآن لم يُفهم على وجهه الصحيح خلال تلك الأزمان ، وتلك فيها مشكلة أخرى ، وهي أن بيان الله سبحانه لهؤلاء كان ناقصًا ، وهذا محالٌ أيضًا . “

إن البيان المطلوب للناس هو بيان التوضيح الذي به يستدل الإنسان على الله وكيف يعبده. أما الفهم الكامل لجميع الحِكم في القرآن فهذا -أتصور- أن العقل البشري لا يمكن أن يحيط به.
(وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ )
(بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ)

و تأمل نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم وهو أكمل الخلق إيماناً ومعرفة بالله وعليه أنزل القرآن. يعاتبه الله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ).

و تأمل: (وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ) ثم يذكر الله أنه امتن على سليمان بفهم ما لم يفهمه داوود عليه السلام (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ) ، وهؤلاء كلهم أنبياء الله ويخبر الله عن علمهم (وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ) ويقول سبحانه (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ۖ) و لا إنكار أن لدواود عليه السلام فضل و أن لسليمان عليه السلام فضل. بل إن لكيهما فضلاً عظيماً. (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا)
فلو قلنا أن الله امتن على غير السلف ممن تبعهم بفهم لم يسبقوا إليه فلا ننكر فضل السلف و لا ننكر فضل من تبعهم.

ونبي الله موسى عليه السلام ذهب ليبحث عن من هو أعلم منه ، الذي علْمُه تعليم من عند الله: (فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا).

فهذه النبوة و الإيمان والعلم والفضل لم تصل إلى العلم الكامل بالله عز وجل ولم تصل إلى الفهم الكامل لكل شيء.

والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها. كان ذلك في القرن الخامس أم في القرن العشرين..
ولا ينبغي إذا تبين لنا صحة قول أن نرفضه لأن قولاً سابقاً خالفه: (قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ )
(قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ)
(قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ)
(وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ۗ)
(قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا)
( وَمَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ)
(قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا)
(بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ)
(وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) وهذا في كل من يرد قولاً و يطلب أن يؤتى بقول لمن سبقه. فتكون حجته في رد القول البين أن الهدى في متابعة أثر السابقين. وكل من أتى بقول جديد فلابد أن يثبته بقول سابق و إلا كان كاذباً.
و تأمل لمَ يكرر الله هذا إن لم يكن لأهميته؟


أرجو ألّا يفهم أحد أنني أقلل من فضل السلف أو انتقصهم ، فلو كان عدم العلم الكامل نقص أو عدم فضل ، لكان داوود عليه السلام دون فضل.

والله تعالى أعلم ،
و الحمد لله رب العالمين ..
 
(تعقيباً على مداخلة الأخت الباحثة)

لو أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه بيننا اليوم، وعضواً في هذا الملتقى، لما منعه مانع من أن يقول: [أصابت امرأة وأخطأ عمر] لو كان ممن يزعمون الإحاطة بكتاب الله لغير النبي صلى الله عليه وسلم، وربما قال أيضاً: [رحم الله من أهدى إلي عيوبي] - أو كما قال فيما أُثر عنه.
فما بالنا ونحن أدنى منه درجات؛ في الفطنة، وفي التواضع، وفي طلب علم كتاب الله تعالى مما نجهله، هذا إن كنا نعترف بأننا نجهل فيه شيئاً أصلاً، وفي عدم الانشغال بالذات، وفي البحث عن العيوب ... إلخ؟!

وربما نكون - بسبب هذه العيوب - قد حُرمنا من علم هذا الزمان والحُجَّة فيه! - وأهلية الشهادة على الناس، وهي كارثة ماحقة لو كنا ناكصون عنها، لأن الله تعالى قد قضى بها.
إذ كيف لمن يزعم بلوغه غاية العلم أن يتعلم ما يستدعيه زمانه؟! - لا سبيل!!!

___​

ومن ظن أن الله تعالى قد أنزل كتابه للسلف، وجعلهم وحدهم المستهدفين بتخريج كل معانيه، فقد أنكر - من حيث لا يحتسب - رسالة الله تعالى للناس حتى قيام الساعة، وأن بيان معانيه للثقافات المتتابعة منهم، إنما يبثها الله وحده دون شراكة من تفرد فاهم بالفهم. فالذي يفتق المعاني هو الله وحده، كما قال تعالى "ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ"، لا عربية عربي، ولا صحبة صحابي، ولا تابعية تابع، ولا تحكّم سلفي، ولا ولاية فقيه. ومن أشرك مع الله أحداً في تخريج المعاني للناس، حتى ولو كانت على أيدي الناس، كان كمن زعم لقارون شيئاً من الفضل في غناه الذي لم يُغن عنه شيئا.

وعلى ذلك فالاحتجاج بأن بيان الله عز وجلا للناس لكل معاني القرآن لا بد أن يكون واقعاً، فنقول أنه حقٌ لا يُمارَي فيه، ولكن ليس مع نهاية عصر السلف أو أئمة أهل البيت بالضرورة، بل مع نهاية وجود الإنسان على الأرض.
___​
الأخ محمد الصاعدي
لم أحصل على إجابة سؤالي في مداخلة #4
مع ملاحظة أن من يقول أن تدبر كتاب الله تعالى في قوله سبحانه "كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ" يكون بالترجيح بين أقوال السلف فقط، أو أقوال أهل البيت فقط، يكون قد أخطأ، وذلك من جهتين:
1- أن هذا تدبر كلام السلف أو كلام أهل البيت في فهمهم لكلام الله تعالى، وليس تدبر كلام الله العليم الحكيم.
2- أن وساطة كلام أحد بين المجتهد وبين كلام الله ليست من الاجتهاد، بل من الاتباع، حتى وإن كانت عوناً للفهم وشحذاً لآلياته. ومن قصر العلم على أخذه عن السلف فقط عند أهل السنة، أو عن أهل البيت فقط عند الشيعة، فقد أغلق باب الاجتهاد في فهم كلام الله، وحوله إلى الاجتهاد في فهم كلام السلف أو كلام أهل البيت. ويُخشى أن يصبح ذلك من اتخاذ غير الله معصوماً متبوعاً، فينخدش توحيده حتى وإن زعم براءته.
 
وتوسيع الدلالة في المعنى غير متعارض مع قول الطبري رحمه الله في مقدمته :غير جائز أن يخاطبَ جل ذكره أحدٌا من خلقه إلا بما يفهمه المخاطَبُ، ولا يرسلَ إلى أحد منهم رسولا برسالة إلا بلسانٍ وبيانٍ يفهمه المرسَلُ إليه. لأن المخاطب والمرسَلَ إليه، إن لم يفهم ما خوطب به وأرسل به إليه، فحالهُ -قبل الخطاب وقبل مجيء الرسالة إليه وبعدَه- سواءٌ، إذ لم يفدْه الخطابُ والرسالةُ شيئًا كان به قبل ذلك جاهلا. والله جل ذكره يتعالى عن أن يخاطب خطابًا أو يرسل رسالةً لا توجب فائدة لمن خُوطب أو أرسلت إليه، لأن ذلك فينا من فعل أهل النقص والعبث، والله تعالى عن ذلك مُتَعالٍ. ولذلك قال جل ثناؤه في محكم تنزيله: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ } [سورة إبراهيم: 4]. وقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { وَمَا أَنزلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [سورة النحل: 64]. فغير جائز أن يكونَ به مهتديًا، منْ كانَ بما يُهْدَى إليه جاهلا.
 
الأخت الباحثة...
وفقك الله وسددك...
ماأردنا أن نقرره: هو أن هناك فرقا بين مايعرفه السلف،وبين ماقد قالوه.
وكان موضوعنا :هل هناك معنى لم (يعرفه)السلف؟.
لذلك ذكرنا ذلك التفريق.
ونحن حينما نشدد في ذلك لانحاول أن نحرج فيمن أجاز ذلك الوصف.
إلا أننا نرى أن فيمن قال:لقد أتيت بمعنى جديد لم يعرفه السلف.
بأنه قد أقبل على مادونه خرط القتاد.
لأن السلف رحمهم الله-ونحن حينما نقول السلف أي ذلك الرعيل بأكمله- قد أوتوا قوة عارضة،ودقة فهم ،ومتانة لسان.
وأن من يدعي أنه أتى بمعنى جديد لم (يعرفه) السلف-ولم يقصد أقالوه أم لا-
هو زعم بأن ماجاء به غاب عن السلف كلهم.
وهذا القول فيه تعالي وتقدم على مقام السلف رحمهم الله.
وإليك هذا المثال:
هل عندما قرر عبد القاهر الجرجاني رحمه الله نظرية النظم في البلاغة،وفصلها وأبرز مزاياها ،ومعانيها ،وكان في هذا البيان والتقرير هو سابق على غيره بالإجماع.
هل بعد ذلك زعم عبدالقاهر رحمه الله أن العرب لم (تعرف) تلك المقاصدالبيانيه التي هو قررها؟
وأن في تقديم ((إياك نعبد)) معنى لم تعرفه العرب؟
أم أن عبدالقاهررحمه الله أكد (معرفتهم) بذلك في أذهانهم ثم استشهد بكلام سيبويه :في أنهم يقدمون الذي بيانه أهم لهم وهم به أعنى. ؟
أيتها الكريمة نحن لانحاول إغلاق باب الفهم والاستنباط .
لكن الذي ندندن حوله هو التزام شدة التحري على من يدعي سبقا في معنى تفسيري.
فربما القوم قد تكلموا بنحوه لكن لم يبحث،أويفهم قولهم.
وإن لم يكن ذلك فأخلق بأن السلف قد عرفوا أصل ذلك المعنى وعنى لمن بعدهم استغراق معرفة أفانينه وفروعه.
أخيرا أطرح سؤالا مهما:
وهو لماذا قل سؤال الصحابة رضوان الله عليهم للنبي صلى الله عليه وسلم في معاني القرآن؟
تعلمين حتما بأن الجواب هو أن القرآن الكريم نزل بلسان القوم.
وممالايماري فيه أولوالألباب هو أن اللسان العربي يمتاز باقتدار أهله على الإبانة، و متانتهم في الاستبانه.
والله المستعان.
 
احداث قول في التفسير بعد السلف
١_إذا نصوا على فساد ماعداها : لا يجوز الخروج عن قولهم
٢ _إذا لم ينصوا على ماعداها : فيها قولان.
والتفصيل : ١_الجواز إذا لم يعارض القول المحدث(إذا جاء بالشروط ) اقوال السلف .٢_وعدم الجواز اذا عارضه
ولا يدخل في ذلك :
١_إذا كان المعنى لم يتعرض له السلف ( لو هناك آية لم يتكلم فيها السلف )
٢ _إذا كان من قبيل الاستنباط.(معنى خفى )
٣_إذا كان استدلالا بالآية على أمر لم يستدل عليه السلف بها ( استدلوا بأمر معين على أمر ما)(استدلوا على وجوب الصلاة بكذا فيزيد آخر شئ زائد)
وهذه المسألة مفيدة في باب الاجماع والاختلاف في التفسير.والله اعلم
 
الأخت الباحثة...
وفقك الله وسددك...
ماأردنا أن نقرره: هو أن هناك فرقا بين مايعرفه السلف،وبين ماقد قالوه.
وكان موضوعنا :هل هناك معنى لم (يعرفه)السلف؟.
لذلك ذكرنا ذلك التفريق.
ونحن حينما نشدد في ذلك لانحاول أن نحرج فيمن أجاز ذلك الوصف.
إلا أننا نرى أن فيمن قال:لقد أتيت بمعنى جديد لم يعرفه السلف.
بأنه قد أقبل على مادونه خرط القتاد.
لأن السلف رحمهم الله-ونحن حينما نقول السلف أي ذلك الرعيل بأكمله- قد أوتوا قوة عارضة،ودقة فهم ،ومتانة لسان.
وأن من يدعي أنه أتى بمعنى جديد لم (يعرفه) السلف-ولم يقصد أقالوه أم لا-
هو زعم بأن ماجاء به غاب عن السلف كلهم.
وهذا القول فيه تعالي وتقدم على مقام السلف رحمهم الله.
وإليك هذا المثال:
هل عندما قرر عبد القاهر الجرجاني رحمه الله نظرية النظم في البلاغة،وفصلها وأبرز مزاياها ،ومعانيها ،وكان في هذا البيان والتقرير هو سابق على غيره بالإجماع.
هل بعد ذلك زعم عبدالقاهر رحمه الله أن العرب لم (تعرف) تلك المقاصدالبيانيه التي هو قررها؟
وأن في تقديم ((إياك نعبد)) معنى لم تعرفه العرب؟
أم أن عبدالقاهررحمه الله أكد (معرفتهم) بذلك في أذهانهم ثم استشهد بكلام سيبويه :في أنهم يقدمون الذي بيانه أهم لهم وهم به أعنى. ؟
أيتها الكريمة نحن لانحاول إغلاق باب الفهم والاستنباط .
لكن الذي ندندن حوله هو التزام شدة التحري على من يدعي سبقا في معنى تفسيري.
فربما القوم قد تكلموا بنحوه لكن لم يبحث،أويفهم قولهم.
وإن لم يكن ذلك فأخلق بأن السلف قد عرفوا أصل ذلك المعنى وعنى لمن بعدهم استغراق معرفة أفانينه وفروعه.
أخيرا أطرح سؤالا مهما:
وهو لماذا قل سؤال الصحابة رضوان الله عليهم للنبي صلى الله عليه وسلم في معاني القرآن؟
تعلمين حتما بأن الجواب هو أن القرآن الكريم نزل بلسان القوم.
وممالايماري فيه أولوالألباب هو أن اللسان العربي يمتاز باقتدار أهله على الإبانة، و متانتهم في الاستبانه.
والله المستعان.

أخي الكريم ، جزاك الله خيراً ..
ربما ظهر لك أنني تكلمت خارج الموضوع وتوسعت في غير المقصد المذكور ..
لكن هذا القول فيه إشكال كبير ويولد إشكالات أكبر خطيرة:
ماأردنا أن نقرره: هو أن هناك فرقا بين مايعرفه السلف،وبين ماقد قالوه.
وكان موضوعنا :هل هناك معنى لم (يعرفه)السلف؟.
لذلك ذكرنا ذلك التفريق.
إننا بهذا السؤال نفرض علماً "كمالياً" للسلف ، إن لم يكن مطلقاً.. علماً لم يكن الأنبياء من قبل وصولوا إليه لأنهم تفاوتوا في علمهم وفهمهم ..
وهذا ما جعلنا نتساءل هل كل ما (عرفوه) (قالوه)؟
فهنا نفترض كمال معرفتهم التي إن لم يصلنا شيء منها كان ذلك بسبب أنهم لم يقولوه ، -معذرة لكن هذا ما أفهمه-.
ثم خرج هذا السؤال بإشكال آخر فلو فرضنا أن كل من أتى بجديد خالف فيه السلف أو كان الجديد شيئاً لم يذكروه فإنه يرفض بحجة أن هذا إنقاص لفضلهم أو طعن في كمال توضيح الله لهم!

و تأمل: لا النبوة ولا الإيمان ولا تنزيل القرآن ولا الفضل ولا العبادة ولا السبق يمنح صاحبها علماً كاملاً ، بل أن البشر بشر يقع في الأخطاء ويمنُّ الله بالفهم على بعض دون بعض ..
ولا نقص في فضلهم و لا في نبوتهم ولا شك في ذلك ..

لأن السلف رحمهم الله-ونحن حينما نقول السلف أي ذلك الرعيل بأكمله- قد أوتوا قوة عارضة،ودقة فهم ،ومتانة لسان.
وأن من يدعي أنه أتى بمعنى جديد لم (يعرفه) السلف-ولم يقصد أقالوه أم لا-
هو زعم بأن ماجاء به غاب عن السلف كلهم.
وهذا القول فيه تعالي وتقدم على مقام السلف رحمهم الله.
وهذا ما ذكرتُ ، إن عدم العلم ليس نقص فضل إلا إذا كان علم الخضر تعالياً على مقام نبوة النبي موسى عليه السلام ..
إن المشكلة الخطيرة تكمن في التوقف عند قول السابقين وعدم الخروج عن قولهم ، فهل كان لهم علم كامل مطلق؟ أم كانوا غير البشر دون خطأ ..
وهذا ما حذرنا الله منه ، لا تظن أن الهدى هو في آثار السابقين فقط..(وإنا على آثارهم مهتدون)
فالهدى من عند الله ، والعلم من عند الله ..

إن القضية ليست إغلاق باب البحث والاستنباط ، بل ماذا لو أتى هذا البحث والاستنباط بنتيجة مختلفة.. إننا نطالب بشكل أو بآخر بالبحث والاستنباط لنصل إلى نتيجة متوافقة فهل هذا هو البحث والاستنباط الحقيقي؟
إنني أتصور أنه حتى لو أتى البحث بنتيجة معارضة فهذه فرصة للبحث والتأكيد ، وهذا كله يجعلك تزداد إيماناً ويقيناً وعلماً..
بل حتى الشُّبه التي تطرح من قبل غير المسلمين ، وقصدهم فيها الطعن في الإسلام ، هي فرصة للعلم والبحث ..
يقول تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا).

إن المثال الذي طرحته توافقيٌ ، لكن دعني أطرح مثالاً آخر غير ذلك:
ماذا لو قال قائل إن المحرمات من الرضاعة فقط الأم والأخت ، مستنبطاً ذلك من قوله تعالى:(وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ) ولا يصح أنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب بدلالة أنها لم ترد في المحرمات.
فهل يجاب عليه بأن هذا مجمع عليه ، وهي قاعدة وانتهى؟
أظن أن الصواب يكون في الرد على هذا بطريقة تفصيلية توضح كيف استنبط الرأي الأول ، وأوجه الصواب والخطأ في كليهما.

وهو لماذا قل سؤال الصحابة رضوان الله عليهم للنبي صلى الله عليه وسلم في معاني القرآن؟
تعلمين حتما بأن الجواب هو أن القرآن الكريم نزل بلسان القوم.
وممالايماري فيه أولوالألباب هو أن اللسان العربي يمتاز باقتدار أهله على الإبانة، و متانتهم في الاستبانه.
والله المستعان.
دعني أطرح السؤال بطريقة أخرى:
لماذا لم يفسر الرسول الكريم القرآن كاملاً؟
وما أحب أن أجيب به ليبقى للناس في كل زمان ، كلما تقدم العلم والزمن فإن لهم ما يجدونه ..
إنني أتصور أن في القرآن من الإعجاز والإحكام الباقي الذي لم يكتشف بعد الشيء الكثير والعظيم ،
وفيه من الفهم الذي لم نصل إليه بعد -بأشخاصنا- ..
و أن هذا كله موجود للهدى و (ليزداد الذين آمنوا إيماناً)..
ولتصل إلى الهدى لابد أن تبحث عنه .. (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ)
و إذا كان القرآن هو الهدى ، وهو المعين الأول .. فلن يضل من استمسك به والله ..(وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ)
ولا شك أن معرفة الصحابة والسابقين باللغة العربية وقربهم من الرسول صلى الله عليه وسلم كان له أثر كبير على معرفتهم وعلمهم بكتاب الله .. فلهذا ينبغي أن ننهج منهجهم وأن نحاول أن نكون أقرب لكتاب الله وللغته..


والله تعالى أعلم ،
والحمد لله رب العالمين..
 
وتوسيع الدلالة في المعنى غير متعارض مع قول الطبري رحمه الله في مقدمته :غير جائز أن يخاطبَ جل ذكره أحدٌا من خلقه إلا بما يفهمه المخاطَبُ، ولا يرسلَ إلى أحد منهم رسولا برسالة إلا بلسانٍ وبيانٍ يفهمه المرسَلُ إليه. لأن المخاطب والمرسَلَ إليه، إن لم يفهم ما خوطب به وأرسل به إليه، فحالهُ -قبل الخطاب وقبل مجيء الرسالة إليه وبعدَه- سواءٌ، إذ لم يفدْه الخطابُ والرسالةُ شيئًا كان به قبل ذلك جاهلا. والله جل ذكره يتعالى عن أن يخاطب خطابًا أو يرسل رسالةً لا توجب فائدة لمن خُوطب أو أرسلت إليه، لأن ذلك فينا من فعل أهل النقص والعبث، والله تعالى عن ذلك مُتَعالٍ. ولذلك قال جل ثناؤه في محكم تنزيله: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ } [سورة إبراهيم: 4]. وقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { وَمَا أَنزلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [سورة النحل: 64]. فغير جائز أن يكونَ به مهتديًا، منْ كانَ بما يُهْدَى إليه جاهلا.

هذا كله حسنٌ ، لكن الهدى يزداد كما أن الإيمان يزداد و الكفر يزداد..
فالهدى المقصود هنا هو جزء من الهدى ، وهناك من الهدى الذي لو سعى الإنسان إليه سيمنحه الله إياه:
(نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى)
(وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ۗ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا)
(وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ)
(وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ)
فالقرآن فيه هدى ، وفيه من الهدى الذي يحتاج الباحث إلى طلبه والبحث عنه ، وسيهدى إليه بإذن الله.

والله تعالى أعلم ،
والحمد لله رب العالمين..
 
الاختلاف بين أقوال السلف والخلف في تفسير القرآن ليس بالضرورة اختلاف تضاد بحيث إذا صحّ هذا أخطأ ذاك. لأنّ الصواب في تفسير بعض آيات القرآن قد يختلف باختلاف الأزمان، فيكون تفسير السلف أو الراجح من تفسيراتهم صوابا في زمانهم، وتفسير الخلف صوابا في زمانهم كذلك.
إنّ اختلاف السلف أنفسهم في تفسير بعض آيات القرآن الكريم دليل على جواز مخالفة المتأخر للمتقدّم؛ إذ لو تتبعنا اختلافهم سنجد -لا محالة- كثيرا من تابعي التابعين خلفوا من قبلهم، وكذلك فعل التابعون مع الصحابة، وبعض صغار الصحابة خالف الكبار منهم رضي الله عنهم أجمعين.
ثمّ إنّ مسألة الإجماع في التفسير تحتاج إلى مزيد من التحليل والنقاش. لأنّ جلّ من تناول هذه المسألة إنّما ألحق الإجماع في التفسير بإجماع الفقهاء وقاسه عليه – بشروطه ومفهومه وحكمه- ولكن هل الاجتهاد الفقهي حيث الحقّ فيه واحد (...) مثل علم تفسير كلام الله تعالى الذي لا تنقضي عجائبه...؟؟؟ سؤال أعتقد أنّه يحتاج إلى وقفة وشيء من التّأمل – والله أعلم – .
 
الأخت الباحثة الفاضلة..
عندما أبين لك عن أس الموضوع لم أقصد أنك قد خرجت عنه!
ولكن ما رمته هو أن أذكرك بالأصل الذي أبني أنا عليه كلامي ورؤيتي.
وماتقولينه وتدلين به أجله وأحترمه.
وأرى أنه ليس بخطأ يحتمل الصواب بل هو صواب عندي وأعلم ما ترمين إليه.
وسأوضح مرة أخرى موضوعنا .فإياكم والظن!
عندما نقول:ليس هناك معنى لايعرفه السلف.
سنر بأن المقصود لايخرج عن هذه الأوجه.
الأول:أنه لم يحدد المقصود: هل المعني به هم أحاد السلف أم المعني هم جميعهم؟
لذلك سنظل على أنه يعم جميع السلف بكل قرونه ،وبكافة رجاله.لأن الأصل في ذلك العموم.
ثانيا: استعمل كلمة (لايعرفه) والمعرفة في العرب كانت على صورة ملكات وفهم بالأذهان،ونقل بالسماع إذ أنها كانت أمة أمية لاتكتب،"حتى صارت (المعارف) علوما" فيما بعد. كماقال ابن خلدون.
ثالثا:قد بينا في المداخلة الأولى بأننا لانقصد اللطائف،والاستنباطات المعتبرة. عندما نحن نتمسك بشمول معرفة السلف.
فإن اللطائف القرآنية وأسرارها لا تحيط به أمة ولا تبلغ آنه الأجيال. لكن هل يعن لمن استنبط معرفة أن يجازف في ذلك ويزعم بأنه" أتى بمالم تعرفه الأوئل".أم أنه يثبت ماتوصل له بالاجتهاد المعتبر ،ثم يفوض أمر هل السلف عرفوه أم لا ؟
رابعا:لو أنك احتجيت علينا بأن هناك علوما وفوائد قد استخرجت من القرآن الكريم ويقينا بأنهم كانوا بعد ماوصلوا لها. نقول لك: أنهم قد عرفوا مدلول سياق آياتها العام،وأن ماأثبت الآن حتما سينطلق من أصل معرفتهم و منطقهم.
خامسا: نحن لا نغلق باب الفهم والبحث.
لكن أن ننشغل(بالجديد) ونهمل(التجديد) في طرحنا،نراه دأبا حسيرا،وعسيرا.
عسير لأنه من الصعب الوصول إلى معنى كلي ماوصلت له تلك الأفهام الراجحة بعامتها.
وحسير لأننا انشغلنا بالبعيد وتخلينا عن الأجدى لنا والأحرى بنا.
 
يجب تحديد الاختلاف بين الخلف والسلف أولا . ما هو الاختلاف الذي نعنيه في هذا الموضوع .
اختلاف في الأصول أم اختلاف في الفروع وتدقيقها بما يظهر من جديد في ميدان المعرفة الإنسانية . يقول تعالى : " {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة:3] .
والرسول صلى الله عليه وسلم بين القرآن الكريم بسنته القولية والفعلية والتقريرية ، مصداقا لقوله تعالى : {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[النحل:44] .
ورغم كل ذلك بقي القرآن مفتوحا للأفهام الإنسانية في كل وقت وحين شريطة أن نلتزم في فهمه بالطرق الصحيحة في ذلك ؛ من تفسير القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بالسنة وتفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين ، كل ذلك في إطار اللسان العربي المبين .
وعندما يبين العلماء شروط تفسير القرآن ، فهذا يعني أن عملية التفسير لا تتوقف ، والشاهد على ذلك هو هذا الكم الهائل من التفاسير على اختلاف أنواعها وكمياتها .
إن التفسير يتأرجح بين التابث والمتغير من خلال خصائصه الذاتية التي تؤكد أن من بينها صلاحية هذا القرآن لكل زمان ومكان . لذلك فالاختلاف بين السلف والخلف في المتغير شيء مشروع ولا ضرر فيه ، بخلاف الاختلاف في الأصول الثابتة التي لا تتغير ولا تتبدل.

والله أعلم وأحكم
 
عودة
أعلى